You are on page 1of 27

‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬

‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الغاز الجزائري والتصور الطاقي ألاوروبي‪ :‬قراءة في الراهن ِّ‬
‫والرهان‬

‫‪The Algerian Gas and the European Energy Concept: Reality and Bet‬‬

‫أي ـ ـمــن‪1‬‬ ‫الباحث‪ .‬بوكردون‬

‫‪1‬باحث دكتوراه‪ .‬املدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية‬

‫‪Aymen.enssp@gmail.com‬‬

‫تاريخ القبول‪8181/88/11 :‬‬ ‫تاريخ الاستالم‪8181/81/81 :‬‬

‫الملخص‪:‬‬

‫توسعت الجزائر في إطار سياستها الطاقية من تصدير غازها –كأحد أهم مواردها االستراتيجية‪ -‬نحو فرنسا فترة‬
‫ّ‬
‫عزز ذلك بعد توقيع اتفاق الشراكة مع‬
‫الضفة الشمالية للمتوسط‪ ،‬ليت ّ‬
‫ما بعد االستقالل إلى تعميم ذلك على معظم دول ّ‬
‫أهم محاور البعد االقتصادي في هذه الشراكة‪ ،‬سواء لما‬
‫أن الملف الطاقي كان ّ‬
‫االتحاد األوروبي نهاية عام ‪2000‬م‪ ،‬حيث ّ‬
‫تجسد بعدها بشكل جلي‬
‫ُيمثّله من عوائد مالية بالنسبة للجزائر أو لالعتبارات االقتصادية والصناعية لدول االتحاد‪ ،‬والذي ّ‬
‫حين إبرام الطرفين اتفاقهما االستراتيجي للطاقة منتصف عام ‪2002‬م‪ ،‬وما أعقبه من مشاريع وحوارات حملت آفاقا واسعة‬
‫لكل جانب‪.‬‬
‫الراهنة بالنسبة ّ‬
‫التحديات الطاقية ّ‬
‫ّ‬ ‫بغاية مجابهة مجمل‬

‫تطرقت إشكالية الدراسة إلى محاولة تحليل التّجاذبات الطاقية في عالقات الطرفين من حيث أمن الطلب وأمن العرض‬
‫الدولي حول كسب السوق األوروبية في مجال‬
‫خاصة ما تعلّق بالتنافس ّ‬
‫ّ‬ ‫ومجمل التّحديات التي تُواجه الغاز الجزائري‬
‫تصور االتحاد األوروبي‬
‫ّ‬ ‫إمداداته‪ ،‬كما هدفت للبحث في مستقبله والخيارات الطاقي ة البديلة أو المرافقة له السيما في ظ ّل‬
‫وكذا تطلعه لتحقيق انتقاله الطاقي‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬أمن الغاز‪ ،‬الغاز الجزائري‪ ،‬السياسة الطاقية األوروبية‪ ،‬االنتقال الطاقي‪.‬‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪Algeria has expended its energy policy from the export of gas -as one of the most‬‬
‫‪important strategic resource- to France in period of post-independence to generalize it to most‬‬
‫‪of the countries of the northern bank of the Mediterranean, To be strengthened after the‬‬
‫‪signing of the partnership agreement with the European Union in December 2001, which the‬‬
‫‪energy file was the most important axes of the economic dimension in this partnership, both‬‬
‫‪in terms of financial returns for Algeria or for economic and industrial needs and widgets for‬‬
‫‪the European Union.‬‬
‫‪The problematic of this study was to try to analyze the energy interactions in the relation‬‬
‫‪between the two parties in terms of security of demand and supply security and the overal‬‬
‫‪challenges facing by Algerian gas, especially with regard to the international competition on‬‬
‫‪winning the European market in the field of gas supplies, it also aimed to research on the‬‬
‫‪future of Algerian gas and alternative or accompanying energy options, especially in light of‬‬
‫‪the European Union's vision as well as its aspiration to achieve its energy transition.‬‬

‫‪Keywords: Gas security- Algerian gas- European energy policy- Energy transformation.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫تماشيا مع معطيات سياق التنظير الذي جاء به مؤتمر برشلونة عام ‪0991‬م‪ ،‬سعى االتحاد األوروبي‬
‫إلى توقيع جملة من الشراكات الثنائية مع عديد دول شرق وجنوب المتوسط‪ ،‬فاالتحاد كان َسّباقا إلطالق‬
‫شراكته بمنطقة المغرب العربي مع ك ّل من تونس والمغرب في تسعينيات القرن العشرين‪ ،‬قبل أن ُيباشر‬
‫ألول مرة مفاوضاته مع الطرف الجزائري في جوان ‪0991‬م‪ ،‬غير ّأنها عرفت نوعا من التأخير بسبب‬
‫تمسكها بمراعاة خصوصيات اقتصادها الذي كان مح ّل إعادة هيكلة واصالح في‬
‫إصرار الجزائر على ّ‬
‫تضمنت اثنى عشرة جولة كاملة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الجهاز اإلنتاجي‪ ،‬فمنذ سنة ‪0991‬م شهدت المفاوضات مسيرة طويلة‬
‫التطرق إلى كافة القطاعات السياسية‪ ،‬األمنية‪ ،‬االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬لتخلُص‬
‫ّ‬ ‫عرفت هذه المفاوضات‬
‫ثم الوصول إلى اتفاق‬
‫بعدها إلى المصادقة على اتفاق الشراكة في الـ‪ 02‬ديسمبر ‪2000‬م ببروكسل‪ّ ،‬‬
‫حيز التنفيذ بعدها شهر سبتمبر من عام ‪2001‬م‪.1‬‬
‫نهائي في الـ‪ 22‬أفريل ‪2002‬م وتدخل ّ‬

‫أن البعد االقتصادي كان األكثر أهمية في اتفاق األطراف‪ ،‬فالجزائر هدفت إلى إيجاد تكتل‬
‫يبدو جليًّا ّ‬
‫السوداء وكذا‬
‫خاصة بعد العزلة التي عاشتها ّإبان عشريتها ّ‬
‫ّ‬ ‫اقتصادي بإمكانه أن ُيتيح لها متنفسا دوليا‬
‫أما اإلتحاد‬
‫تقوية فرص جذب المستثمر األجنبي –في حالة توحيد المعايير المالية‪ ،‬الجمركية والقانونية‪ّ ،-‬‬
‫النهائي للتعريفة الجمركية في تعامالت الطرفين‬
‫وجه تدريجيا نحو اإلسقاط ّ‬
‫األوروبي فكان يهدف إلى التّ ّ‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫أما األمر األكثر أهمية من ذلك هو ديمومة استفادة‬


‫حرة بين الطرفين ‪ّ ،‬‬
‫‪i‬‬
‫والوصول بالتالي إلى خلق سوق ّ‬
‫االتحاد األوروبي من القدرات الغازية والبترولية التي تحوزها الجزائر وتمتين عالقات الطرفين في المجال‪.‬‬

‫تعزز هذا البعد أكثر من خالل االتفاق االستراتيجي الطاقي األورو‪-‬جزائري‪ ،‬حيث كان ذلك بالجزائر‬
‫ّ‬
‫السيـد "جوزي مانويل باروسـو ‪ "José Manuel Barroso‬إلى‬
‫وبقدوم رئيس اللّجنة األوروبية آنذاك ّ‬
‫الجزائر يوم ‪ 01‬جويلية ‪2002‬م قصد اإلمضاء على اتفاق من أجل تأسيس شراكة استراتيجية بين‬
‫الطّرفين في المجال‪ ،‬تبعها بعد ذلك لقاءات من أجل إيجاد سبل تنفيذ هذا االتفاق‪.‬‬

‫يعد الغاز الطبيعي أهم مورد استراتيجي للجزائر‪ ،‬فاألهمية الجيوسياسية والجيواقتصادية التي يحوزها‬
‫ّ‬
‫جعلت من محور الطاقة صميم العالقات االقتصادية الجزائرية مع االتحاد األوروبي وجوهر مختلف‬
‫حوارات ونقاشات الطرفين‪ ،‬وك ّل هذا بسبب ما يمثّله الغاز من حيث العوائد بالنسبة للجزائر باعتبارها دولة‬
‫الزالت تُعاني من تبعيتها الريعية وأُحادية صادراتها وكذا لالعتبارات والمتطلبات الصناعية لدول االتحاد‪،‬‬
‫الدولي حول سوق‬
‫كرسها التنافس ّ‬
‫تحديات ورهانات عديدة ّ‬
‫لكن هذا المورد الحيوي أضحى اليوم أمام ّ‬
‫التوجه نحو طاقات جديدة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الطاقة األوروبي من جهة‪ ،‬وكذا المسعى األوروبي لتحقيق التّحول الطاقي أو‬
‫متجددة ونظيفة‪ .‬وهو ما يطرح غموضا حول واقع وآفاق الغاز الجزائري والرهانات البديلة في ظل‬
‫المتغيرات الطاقية الدولية الجديدة‪ ،‬التي بإمكانها زعزعة المشهد الطاقي الحالي‪ ،‬منه فإشكالية الدراسة‬
‫التحديات الراهنة للغاز الجزائري والخيارات‬
‫ّ‬ ‫حاولت التركيز على هذا الجانب والتّعرض للبحث في‬
‫االستراتيجية المرافقة أو البديلة له على ضوء آفاق السياسة الطاقية األوروبية‪ .‬وبغرض البحث في‬
‫طي المحاور‬ ‫ِ‬
‫الموضوع ومحاولة اإلجابة عن هذه اإلشكالية فقد ُهندست الدراسة وُنظّمت أبرز أفكارها ّ‬
‫التالية‪:‬‬

‫أمن الغاز في العالقات األورو‪-‬جزائرية‬ ‫‪.I‬‬


‫الغاز الجزائري والمنافسة في الفضاء األورومتوسطي‬ ‫‪.II‬‬
‫السياسة الطاقية لالتحاد األوروبي‪ :‬التشخيص والتّصور‬ ‫‪.III‬‬
‫االنتقال الطاقي في إطار العالقات األورو‪-‬جزائرية‪ :‬دراسة في المشاريع والبرامج‬ ‫‪.IV‬‬

‫أن األمر لم يحدث لعدم جاهزية‬


‫السلع مع االتفاق عن اإلسقاط النهائي مطلع سنة ‪2001‬م غير ّ‬
‫بدأ ذلك بإسقاط تدريجي للتعريفة في بعض ّ‬
‫‪i‬‬

‫حيز العمل إلى غاية سنة ‪2020‬م‪.‬‬


‫الحر ّ‬
‫تم التفاوض بشأن ذلك وتأجيل دخول التبادل ّ‬
‫الطرف الجزائري‪ ،‬حيث ّ‬
‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫تحديات الغاز الجزائري في ِّ‬


‫ظل المشهد الطاقي الدولي الراهن‬ ‫ّ‬ ‫‪.V‬‬
‫ضرورة إيجاد الخيار االستراتيجي األمثل‪ :‬قراءة في مقومات الطرف الجزائري ورهاناته‬ ‫‪.VI‬‬

‫أمن الغاز في العالقات األورو‪-‬جزائرية‬ ‫‪.I‬‬

‫ستمد أهمية الطاقة بالنسبة لالتحاد األوروبي من كونه يستهلك ما نسبته ‪ %01‬إلى ‪ %01‬من‬ ‫تُ َ‬
‫االستهالك العالمي للطاقة‪ ،‬كما يستورد ‪ %01‬من الغاز الطبيعي المتداول في السوق الدولية أي ما يمثّل‬
‫‪ 110‬مليار متر‪.2‬‬

‫عتمد اإلمدادات الطاقية لالتحاد أساسا على الطاقات األحفورية‪ ،‬التي تمثّل ‪ %17‬من استهالكه‪ ،‬نجدها‬
‫ت ُ‬
‫مقسمة كاآلتي‪ %10 :‬بترول‪ %22 ،‬غاز طبيعي و‪ %01‬فحم‪ ،‬وهذا ما يطرح مشكل التبعية الطاقية‬
‫ّ‬
‫أن اإلنتاج المشترك غير كاف لضمان الحاجات الطاقية‪،‬‬
‫لدوله‪ ،‬واألكثر من ذلك ّأنها تبعية متزايدة‪ ،‬ذلك ّ‬
‫خاصة بعد أن‬
‫ّ‬ ‫وهو ما جعل االتحاد يعيش عج از في تغطية إمداداته النفطية بداية من سنة ‪0999‬م‪،‬‬
‫السنة ارتفاع أسعار النفط بحوالي ثالثة أرباع‪ .2‬ما يزيد في تبعية االتحاد األوروبي لمصادر‬
‫شهدت تلك ّ‬
‫أن ‪ %12‬من حاجيات االقتصاد األوروبي هي إحصائيات ال تُدرج ضمنها قطاع النقل‪ ،‬هذا‬
‫الطاقة هو ّ‬
‫األخير ش ِهد في الفترة ما بين ‪2007‬م إلى غاية ‪2000‬م ُنموا في نقل األشخاص بنسبة ‪ ،%09‬وهو ما‬
‫اضطرريا زيادة اعتماده على الطاقة من أجل تلبية الحاجيات الضرورية المواكبة لهذا االرتفاع‪.‬‬
‫ا‬ ‫يعني‬

‫أن استهالك دول االتحاد من‬


‫بالنظر إلى ّ‬
‫قطاع الكهرباء بدوره ُيش ّكل عبئا طاقيا آخر لالتحاد األوروبي‪ّ ،‬‬
‫الكهرباء في تزايد مستمر نسبته ‪ %2‬سنويا والحصيلة مر ّشحة لالرتفاع وفق دالة حسابية إلى غاية‬
‫حصة الغاز المستخدم من أجل توفير الكهرباء يمثّل ما‬
‫أن ّ‬
‫ومما يزيد من تعميق هذه التبعية هو ّ‬
‫‪2020‬م‪ّ ،‬‬
‫نسبته ‪ %27‬الغاز‪ ،3‬ما يجعله ثاني الموارد المستخدمة أوروبيا في إنتاج الكهرباء بعد الطاقة النووية‪.i‬‬

‫أن الطاقة األحفورية تُمثّل النسبة األعظم من‬


‫طرف الجزائري فهو معني بأمن الطلب خصوصا و ّ‬
‫أما ال ّ‬
‫ّ‬
‫الموارد المالية للدولة‪ ،‬كيف ال وعائدات المحروقات تُعادل ‪ %91‬من ايرادات التصدير‪ %10 ،‬من‬
‫السياق تشهد الجزائر ارتفاعا‬
‫إيرادات المالية العامة‪ ،‬و‪ %10‬من الناتج المحلي اإلجمالي ‪ .‬في نفس ّ‬
‫‪4‬‬

‫إنتاج الكهرباء يكلّف اإلتحاد األوروبي ما نسبته ‪ %21‬من الطاقة النووية‪ %21 ،‬من الغاز و‪ %7‬من البترول‪.‬‬ ‫‪i‬‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫الدول األكثر دعما لالستهالك‬


‫عد من ّ‬
‫خص االستهالك المحلي من الطاقة زيادة عن كونها تُ ّ‬
‫متناميا فيما ّ‬
‫المدعمة في البالد تعتمد في‬
‫ّ‬ ‫فإن أسعار الكهرباء‬
‫المحلي من المنتجات الطاقية‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك ّ‬
‫النمو الديمغرافي الذي يعرفه‬
‫خاصة و ّ‬
‫ّ‬ ‫إنتاجها بصورة أساسية على الغاز‪ ،‬وهذا ما ُي ِّ‬
‫هدد صادرات الجزائر‬
‫الدور االجتماعي للدولة‪.‬‬
‫ترسخ ّ‬
‫المجتمع الجزائري زيادة عن ّ‬
‫انخفاض أسعار الطّاقة بداية من سنة ‪ 2001‬م جعل الحكومة الوطنية تنظر بحزم لمعضلة دعم المواد‬

‫الطاقية‪ ،‬حيث عرفت بداية سنة ‪2001‬م خفض نِ َس ِب ّ‬


‫الدعم على بعض المواد ومنها الكهرباء‪ ،‬وكذا‬
‫ضرائب إضافية وصلت إلى ‪ %20‬على الواردات الكهرومنزلية المستهلكة للطاقة‪ ،‬وهو تقريبا نفس المسار‬
‫خصت مختلف أنواع‬
‫ّ‬ ‫اتخذته الحكومة الوطنية الحالية بحيث استُ ِهلت ّ‬
‫السنة المالية لـ ‪2007‬م بزيادات‬
‫أن هناك مسعى من أجل تعزيز استخدامه في‬
‫أن األمر لم يشمل أسعار الغاز‪ ،‬األخير يبدو ّ‬
‫الوقود ولو ّ‬
‫محليا كوقود للسيارات وبديل ألنواع الوقود األخرى‪ .‬والجدول التالي يوضح أحجام استهالك الغاز الطبيعي‬
‫محليا في السنوات األخيرة‪.‬‬
‫جدول زمني يمثل تطور استهالك الجزائر المحلي من الغاز (الوحدة مليار م‪)3‬‬

‫المصدر‪BP Statistical Review 2018 :‬‬

‫نالحظ من خالل الجدول الزمني لالستهالك المحلي للجزائر من الغاز ‪-‬ما بين سنتي ‪2001‬م إلى غاية‬
‫‪2‬‬
‫أن هناك ارتفاع تدريجي منذ سنة األساس التي استهلكت الجزائر خاللها حوالي ‪ 23,4‬م‬
‫‪2001‬م‪ّ -‬‬
‫ليستمر ارتفاع االستهالك المحلي للغاز متجاو از عتبة ‪ 20‬مليار م‪ 2‬سنة ‪2002‬م مواصال تطّوره‬
‫المحسوس الذي وصل نهاية سنة ‪2001‬م ليحقق أعلى مستوياته باستهالك قُ ّدر بـ ‪ 27.9‬مليار م‪ ،2‬بنسبة‬
‫نموا استهالكي قُ ِّدر بـ ‪5,4‬‬
‫المعدل االستهالكي آلخر سنة ‪2001-‬م‪ ،-‬و ّ‬
‫نمو بلغت الواحد بالمائة مقارنة ب ّ‬
‫تم التطرق إليه آنفا‬‫بالمائة في العشرية ما بين ‪2001‬م إلى غاية ‪2001‬م‪ ،‬وهذا ما قد يسمح مستقبال كما ّ‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫الحصة األوروبية من اإلمدادات الغازية من جهة‪ ،‬وهاجسا أمام الحكومة الجزائرية في ظ ّل‬
‫ّ‬ ‫إلى تهديد‬
‫جراء‬
‫استمرار دعمها للمواد الطاقية‪ ،‬ما سيساهم في تقليص العائدات المالية من الغاز وفق دالة حسابية‪ّ ،‬‬
‫الصادرات وتوجيهها نحو تلبية الطلب المحلي المتزايد‪.‬‬
‫سيناريو خفض جزء من ّ‬
‫صدر الجزائر حاليا أكثر من ‪ 10‬مليار م‪ 2‬سنويا من الغاز تجاه االتحاد األوروبي‪ ،i‬بالخصوص نحو‬
‫تُ ّ‬
‫دول إسبانيا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬البرتغال وفرنسا‪ ،‬ومع وضع أنابيب جديدة كأنبوب ميدغاز‪ ،‬سكيكدة‪ ،‬غاسي‬
‫ورد الجزائر ما قيمته ‪ 70‬مليار م‪ 2‬سنويا‪ 5‬وهو ما سيسمح‬
‫فإن هناك مسعى أن تُ ِّ‬
‫الطويل‪ ،‬وغالسي‪...‬إلخ‪ّ ،‬‬
‫لكن هذا المسعى قد يصعب على‬
‫موردي الدول األوروبية‪ّ ،‬‬
‫للجزائر بلعب دور أكثر من محوري بين ّ‬
‫قدر بـ ‪ 91,2‬مليار م‪ 2‬سنويا‪،‬‬
‫السنوي حسب آخر اإلحصائيات ُي ّ‬
‫أن إنتاجها ّ‬
‫الجزائر تحقيقه حاليا ذاك ّ‬
‫الداخل‪ ،‬من جهة أخرى ُيعتبر االتحاد األوروبي شريكا هاما للجزائر كونه‬
‫وجهة الستهالك ّ‬
‫‪ %10‬منها ُم ّ‬
‫ب له الجزائر التي تعمل على‬ ‫حس ُ‬
‫ُيهيمن على ما يفوق ‪ %70‬من صادرات الغاز الجزائرية‪ ،‬وهو ما تَ ُ‬
‫تعزيز اكتشافاتها وانتاجها من البترول والغاز بهدف زيادة صادراتها تجاه أوروبا إلى حوالي ‪ 71‬مليار‬
‫دوالر‪ .‬تُمثّل الخريطة أسفله مختلف مشاريع أنابيب الغاز المتجهة من الجزائر نحو دول االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫‪ 11‬مليار م‪ 2‬سنة ‪2001‬م وحوالي ‪ 11‬مليار م‪ 2‬السنة الفارطة‪.‬‬ ‫‪i‬‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫خريطة توضيحية ألنابيب الغاز الجزائري المتجه نحو دول االتحاد األوروبي‬

‫المصدر‪:‬‬
‫‪MARK H. Hayes : ALGERIAN GAS TO EUROPE: THE TRANSMED PIPELINE‬‬
‫‪AND EARLY SPANISH GAS IMPORT PROJECTS‬‬
‫حيز الخدمة‪،‬‬
‫تصدر نحو كل من إسبانيا وايطاليا عبر أنابيب غاز ّ‬
‫ّ‬ ‫أن الجزائر‬
‫من خالل الخريطة نلحظ ّ‬
‫أن أنبوب الغاز ‪ Trans-Med‬يعبر نحو إيطاليا مرو ار على تونس‪ ،‬نفس األمر بالنسبة‬
‫مع مالحظة ّ‬
‫ألنبوب ‪ Maghreb-Europe‬الذي يربط إسبانيا بالجزائر مرو ار على المغرب‪ ،‬وهذا يعود أساسه إلى‬
‫التكلفة الكبيرة التي يكلّفها تمرير أنبوب الغاز عبر مياه المتوسط‪ ،‬نلحظ كذلك من خالل الخريطة وجود‬
‫مشروع أنبوب مقترح يربط بين ميناء مدينة أرزيو الجزائرية ومدينة ألميريا اإلسبانية‪.‬‬

‫الغاز الجزائري والمنافسة في الفضاء األورومتوسطي‪:‬‬ ‫‪.II‬‬

‫يتمثل العمق الجيوسياسي الطاقي للجزائر في موقعها الجغرافي بالغ األهمية في نظر دول الضفة الجنوبية‬
‫لالتحاد‪ ،‬وكذا كونها ُعضوا بمنظمة الدول المصدرة للنفط "‪ ،"OPECi‬وكذا جهودها المبذولة من أجل‬

‫‪i‬‬
‫‪Organization of Petroleum Exporting Countries.‬‬
‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫تعزيز دور الكارتل الغازي على مستوى منتدى الدول المصدرة للغاز "‪ "GESFi‬وذلك في إطار مشاورات‬
‫فإن الربط بين الجزائر واالتحاد األوروبي كما هو الشأن مع‬
‫تجمعها مع كل من روسيا وايران ‪ ،‬كذلك ّ‬
‫‪6‬‬

‫جدية اإلمدادات وضمانها مستقبال‪- 7‬وهو ما ال‬ ‫روسيا وليبيا بأنابيب الغاز‪ُ ،‬ي ُّ‬
‫عد ضمانا هو اآلخر عن ّ‬
‫أن ما ُيميِّز الجزائر كشريك طاقوي لالتحاد‬
‫يتوفّر في الغاز القطري مثال رغم استثماراته الباهظة‪ -‬حيث ّ‬
‫ِ‬
‫أن هذه اإلمدادات لم تتوقف ولم تنقطع حتى في عِّز األزمة الكبرى التي ّ‬
‫مرت بها الجزائر‬ ‫األوروبي هو ّ‬
‫ّإبان العشرية األخيرة هو أمر يحسب لألخيرة‪.‬‬

‫وتغير‬
‫لم يكن االعتماد المتبادل بين االتحاد األوروبي والجزائر في مأمن من ديناميكيات أسواق الطاقة ّ‬
‫الضعف لدى كل طرف‪ ،‬فتزايد الطّلب الطاقي المحلي في الجزائر أقلق نوعا ما الدول األوروبية‬
‫مفاهيم ّ‬
‫الصادرات الجزائرية على المدى البعيد تلبية‬
‫بما يعنيه من تعزيز الفرضية التي أشرنا إليها آنفا "تقلّص ّ‬
‫خاصة بعد حالة الفتور التي تُميِّز عالقات االتحاد األوروبي مع روسيا بعد أزمة‬
‫ّ‬ ‫للحاجيات الداخلية"‪،8‬‬
‫هدد بوقف إمداداته من الغاز تجاه أوروبا‪ .‬على عكس من‬
‫القرم مطلع ‪2001‬م‪ ،‬والتي جعلت الكرملين ُي ّ‬
‫السداسي األخير من نفس السنة وتبعية أسعار الغاز‬
‫فإن انخفاض أسعار صادرات البترول بداية من ّ‬
‫ذلك ّ‬
‫إليها سيؤدي إلى حصول االتحاد األوروبي على إمدادات بأسعار تنافسية تؤثر بالتالي على الناتج المحلي‬
‫استمر الوضع على حاله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الوطني إذا ما‬

‫أن‬
‫تواجه صادرات الغاز الجزائري منافسة مباشرة من منافسين فعليين يتمثّالن في روسيا وقطر‪ ،‬حيث ّ‬
‫أن غازها ليس بمقدوره أن يعادل االحتياطات الغازية لهذه الدول وال‬
‫المشكل المطروح بالنسبة للجزائر هو ّ‬
‫حتى المعدالت التي بلغتها إنتاجا وتصديرا‪ ،‬فروسيا تحتل المراتب األولى في كافة األصعدة الثالثة‪ ،ii‬أما‬
‫ميع "‪ "GNL‬واألولى في إنتاجه ‪ ،9‬نحاول‬‫الم ّ‬
‫قطر فتحتل المركز الثالث في احتياطي الغاز الطبيعي ُ‬
‫خالل هذا المحور التّعرض إلى مختلف التّصورات المرسومة للغاز الجزائري في مواجهته ألهم موردي‬
‫المصدرة نحو أوروبا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدول الغازية‬
‫االتحاد األوروبي‪ ،‬وذلك بداية بخريطة توضيحية ألهم ّ‬

‫‪i‬‬
‫‪Gaz Exporting Countries Forum.‬‬
‫ً‬
‫واحتياطا‪.‬‬ ‫‪ ii‬إنتاجً ا‪ ،‬تصديرً ا‬
‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫ِ‬
‫المورَدة للغاز اتجاه القارة األوروبية‬ ‫خريطة توضيحية للدول‬

‫المصدر‪:‬‬

‫‪Commission Européenne : Comprendre la politique de l’Union Européenne‬‬

‫موردة بالنسبة‬
‫تعد دوال استراتيجية تقليدية ّ‬
‫أن الجزائر وروسيا وكذا النرويج ّ‬
‫نالحظ من خالل الخريطة ّ‬
‫للسوق الطاقية األوروبية إضافة إلى دول أخرى عضوة بمنظمة الدول المصدرة للنفط‪ ،‬بينما هناك صعود‬
‫لدول موردة جديدة منها قطر‪ ،‬إيران‪ ،‬العراق‪ ،‬ليبيا والواليات المتحدة األمريكية ‪-‬خصوصا بعد توجهها إلى‬
‫انتاج وتصدير الطاقة الصخرية‪.-‬‬

‫‪ -1‬المنظور الروسي للغاز الجزائري‪:‬‬

‫خاصة في مجال األسلحة‪ ،‬فإّنه ليس من‬


‫ّ‬ ‫بحكم العالقات االستراتيجية التي تجمع الجزائر مع روسيا‬
‫مصلحة أي طرف الدخول في تنافس أو صراع مباشر حول كسب السوق األوروبية في مجال امدادات‬
‫الروسي من أجل‬
‫الجيدة مع الطّرف ّ‬
‫الغاز‪ ،‬على العكس من ذلك‪ ،‬فعادة ما استخدمت الجزائر عالقاتها ّ‬
‫إيجاد أرضية تفاهم في مختلف لقاءات منتدى الدول المصدرة للغاز‪ ،‬وبالتالي فالجزائر تهدف أكثر إلى أن‬
‫مون بالغاز لالتحاد األوروبي‪ ،‬وذلك بتوريدها لكل من فرنسا‪ ،‬البرتغال‪،‬‬
‫تحافظ على مكانتها كثالث ُم ِّ‬
‫أن هذا الفضاء‬‫فإن روسيا ال تُبدي أي انزعاج بهذا الشأن ُخصوصا و ّ‬
‫إيطاليا واسبانيا‪ .‬من هذا المنطلق ّ‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫جغرافيا بعيد نوعا ما عنها –الضفة الشمالية من البحر األبيض المتوسط‪ ،-‬كما ّأنها في نفس الوقت ال‬
‫تعد من أهم الشركاء المستوردين فيما تعلّق بالتّسلّح‪.‬‬
‫تُريد الدخول في تنافس مع أحد الدول التي ّ‬

‫يعد إمضاء مذكرة تفاهم في أكتوبر ‪2000‬م الكامنة فحواها في تجسيد استغالل الشركة الروسية‬
‫ّ‬
‫غاز بروم "‪ "GAZPROM‬لحقل "‪ "EL ASSEL‬بالجنوب الجزائري‪ i‬إيضاح عملي عن عمق العالقات‬
‫تجسد أكثر إثر تعزيز هذا التعاون بعقد تبادل "‪ "SWAP‬في جوان ‪2002‬م‪،‬‬
‫الطاقية بين الطرفين‪ ،‬والذي ّ‬
‫العقد األخير من شأنه أن يسمح للشركة الوطنية سوناطراك "‪ "SONATRACH‬بتصدير الغاز الطبيعي‬
‫بحق التصدير‬
‫ّ‬ ‫ميع ‪ LNG‬للزبائن األوروبيين لـ "‪ ،"GAZPROM‬على أن تتنازل األولى لألخيرة‬
‫الم ّ‬
‫ُ‬
‫أن روسيا ال تريد خوض أي تنافس طاقوي مع الجزائر وهو ما ينطبق‬
‫لزبائنها بآسيا ‪ ،‬منه فما يالحظ ّ‬
‫‪10‬‬

‫كذلك على األخيرة‪.‬‬

‫زيادة عن ذلك فقد سبق وعبَّر الطّرفان عن مواقف مشتركة من بينها انتقاد الطّرف الجزائري خالل جولة‬
‫تنص على منع تصدير الموارد الطاقية مباشرة نحو‬
‫المفاوضات ببروكسل تعليمة المفوضية األوروبية التي ّ‬
‫السوق األوروبية‪ ،‬من خالل طرح االتحاد لفكرة تقسيم نشاطات إنتاج الطاقة نقال وتوزيعا من أجل مكافحة‬
‫ّ‬
‫جد المكثّفة‪ ،‬وهو ما أثار استياء الموزعين التقليديين ألوروبا على غرار الطرف الروسي‪ ،‬ما‬
‫أسواق الطاقة ّ‬
‫يعني أن العالقات بين روسيا والجزائر أقرب إلى أن تكون نوعا من التعاون أكثر من أن تميل إلى الطابع‬
‫الحد فالطرفين كانا قد اغتنما‬
‫إن العالقات الجزائري الروسية في المجال لم تتوقف عند هذا ّ‬
‫التنافسي ‪ّ .‬‬
‫‪11‬‬

‫المؤتمر العلمي الحادي والعشرون للبترول الذي ُعقدا في موسكو من الـ‪ 01‬إلى الـ‪ 09‬جوان ‪2001‬م‪،‬‬
‫ُليمضيا مع بعض "إعالن النوايا الجزائرية الروسية في مجال الطاقة" الذي تعلّق بالتنمية والتعاون في‬
‫مجال المحروقات‪ ،‬الكهرباء ومجال الطاقات المتجددة وقد ُش ِرع في تنفيذ هذا اإلعالن بلقاء جمع الطرفين‬
‫لكن هذا االستقرار في العالقات والذي يبدو ُمرضيا لك ّل من الج ازئر‬
‫يوم ‪ 09‬أفريل ‪2001‬م بالجزائر ‪ّ .‬‬
‫‪12‬‬

‫يضر‬
‫وروسيا‪ ،‬قد ال يبقى على حاله في سيناريو إن حاول طرف ما رفع حصته من السوق األوروبية بما ّ‬
‫بمصالح الطرف اآلخر‪ .‬وهو ما بدأ بالحدوث فعال منذ حوالي السنة من ظهور بوادر أزمة انهيار أسعار‬
‫المحروقات‪ ،‬حيث قامت الشركة الروسية "‪ "GAZPROM‬بالرفع من حصص صادراتها من الغاز تجاه‬
‫‪2‬‬
‫أوروبا وتركيا تدريجيا بداية من ‪2001‬م لتصل هذه الزيادة إلى ما نسبته ‪ %01‬أو ما ُيعادل ‪ 10‬مليار م‬

‫‪ i‬يبعد حوالي ‪ 010‬كلم عن حاسي مسعود‪.‬‬


‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫أن ِكال‬
‫السنة الماضية ‪ ،‬وهو ما من شأنه إزعاج الشركة الوطنية "‪ "SONATRACH‬خصوصا و ّ‬
‫‪13‬‬

‫الطّرفين يبدوان ّأنهما ال يف ّكران بتاتا في اهتزاز وضعيتهما كمصدرين تجاه السوق األوروبي‪ ،‬خصوصا‬
‫تهز عالقاته الطاقية مع الطرف األوروبي‪ ،‬بعد أن أضحت‬
‫الريبة ّ‬
‫الطرف الروسي الذي بدأت بعض ّ‬
‫معظم مشاريع دول اإلتحاد تأخذ في حسبان تخطيطها نوايا محاصرة الغاز الروسي أو إيجاد البديل القادر‬
‫على منافسته من حيث كميات اإلمداد وأسعاره‪ ،‬ومنها المشاريع الضخمة بآسيا الوسطى المتمثلين في‬
‫أنبوبي "‪ "NABUCCO‬و"‪ "SOUTH STREAM‬اللّذان يهدفان إلى تموين االتحاد األوروبي بمعدل ‪20‬‬
‫إلى ‪ 10‬مليار متر مكعب سنويا‪.14‬‬

‫‪ -2‬التغلغل القطري كفاعل استراتيجي في السوق األوروبية للغاز‬

‫كونها تمتلك ثالث احتياطي عالمي من الغاز الطبيعي‪ ،‬أضحت قطر فاعال استراتيجيا ُم ِهما في حسابات‬
‫إن اهتمام الطرف القطري باستخراج الغاز يعود إلى عام ‪0971‬م لكن الصعوبات‬ ‫السوق الدولية للغاز‪ّ .‬‬
‫الجغرافية التي واجهت قطر عرقلت تصديرها لهذا المورد االستراتيجي عن طريق أنابيب الغاز‪ ،‬أمام هذا‬
‫المعطى انطلقت الحكومة القطرية في برنامج ُع ّد "جريئا" باالستثمار في تمييع الغاز ونقله عن طريق‬
‫ُ‬
‫الحامالت‪ ،‬وهدف هذا البرنامج إلى جعل هذه الدولة أكبر ُم ِّ‬
‫صدر للغاز في العالم‪ ،‬حيث ّأنه وفي ظرف‬
‫عشرة سنوات فقط امتلكت قطر ‪ 01‬قطا ار يسمح بتصدير ‪ 11‬مليون طن موجهة نحو السوق اآلسيوية‪،‬‬
‫السوق األوروبية والواليات المتحدة األمريكية‪ .‬كما أّنه ولضمان توجيه وتصريف إنتاجها وفّرت قطر ‪11‬‬
‫ميع "‪ "The LNG Tankers‬موزعة كالتالي‪ :‬تسعة حامالت لبواخر تقليدية قادرة‬
‫الم ّ‬
‫حاملة للغاز الطبيعي ُ‬
‫على حمل ما بين ‪ 011000‬إلى ‪ 011000‬م‪ 20 ،2‬سفينة ‪ Q-FLEX‬قادرة على حمل ما سعته تتراوح‬
‫‪ 211000‬م‪.2‬‬ ‫بين ‪ 200000‬إلى ‪ 201000‬م‪ ،2‬و‪ 01‬سفينة ‪ Q-MAX‬سعتها من ‪ 210000‬إلى‬
‫قطر من خالل هذه الخطوة أضحى لها بعد جيوسياسي تهدف من خالله إلى منافسة الجزائر ليس فقط‬
‫بل حتى التمركز واالنتشار في عرض البحر‬ ‫‪15‬‬
‫من خالل كسب حصص معتبرة من السوق األوروبية‬
‫أن قطر ليس بإمكانها خالل‬
‫األبيض المتوسط بفضل ناقالتها البحرية‪ .‬لكن المعطى الجيوسياسي يرى ّ‬
‫الراهن الدخول في حرب غازية ضد الجزائر وذلك ألربعة عوامل هي كاآلتي‪:‬‬
‫السياق ّ‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫جد‬
‫‪ -1‬االندماج في الفضاء الغازي بين ‪ SONATRACH‬والشركات األوروبية العاملة في المجال ّ‬
‫تعد مصدر إمداد موثوق ومعزز بشبكة من أنابيب الغاز‪.‬‬
‫أن الجزائر ّ‬
‫متقدم‪ ،‬باإلضافة إلى ّ‬
‫الرضا الذي سيجلبه التوسع المشهود للسوق الغازية اآلسيوية للطرف القطري‪ ،‬نظ ار للحاجيات‬
‫‪ّ -2‬‬
‫وجه جهودها نحو هذه السوق الواعدة‪.‬‬
‫المتزايدة لهذه السوق‪ ،‬ما قد ُيغري قطر ويجعلها تُ ّ‬
‫وتعزز فرضية استغاللها لغازها‬
‫ّ‬ ‫الدول المصدرة للغاز‬
‫‪ -3‬دخول الواليات المتحدة األمريكية مصاف ّ‬
‫الصخري‪ ،‬سيجعل دولة قطر غير مهتمة بتكثيف استثماراتها الهيكلية الضخمة من أجل زيادة‬
‫وتعزز انخفاض أسعار‬
‫حصتها من اإلنتاج والتوزيع‪ ،‬في ظ ّل األثمان الباهظة لهذه االستثمارات ّ‬
‫الغاز بناءا على هذا المنطق‪.‬‬
‫‪ -4‬عضوية قطر بمنتدى الدول المصدرة للغاز "‪ "GECF‬يجعلها حريصة على مصالح الدول المنتجة‬
‫للغاز‪.16‬‬

‫أن‬
‫لكن ما قد يصدق في الحاضر قد ال يكون السيناريو األصلح على المستويين المتوسط والبعيد‪ ،‬ذاك ّ‬
‫مشجع لالستثمارات‬
‫ّ‬ ‫أي نجاح قد تحققه دول المنتدى في استقرار أسعار الغاز مستقبال عند مستوى معين‬
‫عول من هذا المنتدى الذي تُهيمن أعضاءه على ما نسبته ‪ %12‬من احتياطي الغاز‬
‫القطرية – نظ ار لما ُي ّ‬
‫في العالم و‪ %12‬من إنتاجه‪ ،17-‬سيجعل لهذا البلد حظوظا أوفر في اقتناص موقع استراتيجي أكبر في‬
‫معدل تطور صادراته من هذه المادة الحيوية تجاه أوروبا في‬
‫أن ّ‬‫استراتيجية الطلب األوروبي‪ ،‬خصوصا و ّ‬
‫المنتظرة‬
‫معدالت صادرات منافسيه‪ ،‬إضافة إلى المخرجات ُ‬
‫العشرية األخيرة هو األعلى بين مختلف ّ‬
‫لالستثمارات الغازية التي باشرتها قطر مع الشريك اإليراني والتي ُينتظر منها أن تُعزز حصص البلدين‬
‫إنتاجا وتصدي ار‪.‬‬

‫السياسة الطاقية لالتحاد األوروبي‪ :‬التشخيص والتّصور‬ ‫‪.III‬‬


‫إن حاجة االتحاد األوروبي إلى انتهاج استراتيجية طاقوية واضحة وكفيلة بضمان أمنه الطاقي هو أمر‬
‫ّ‬
‫الصادر سنة ‪2000‬م عن المفوضية األوروبية‬
‫يؤكده بوضوح التشخيص الذي طرحه الكتاب األخضر ّ‬
‫تحت عنوان‪:‬‬

‫"‪"Vers une stratégie européenne de sécurité d’approvisionnement énergétique‬‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫أن تبعية االتحاد للطاقة األحفورية ستصل إلى ‪%10‬‬


‫الكتاب اعتمد على ُمعطيات إحصائية فحواها ّ‬
‫أن استهالكه المحلي سيكون مش ّكال من ‪ %70‬واردات غازية خصوصا من‬
‫بحلول عام ‪2020‬م‪ ،‬حيث ّ‬
‫بعدة‬
‫طرف روسيا‪ ،‬الجزائر والنرويج ‪ .‬منه وسعيا للتعامل مع هذا المعطى حاول االتحاد األوروبي البعث ّ‬
‫‪i‬‬

‫الصيغة المناسبة لوضع سياسة طاقوية مشتركة منها لقاء ماي ‪2002‬م‬
‫لقاءات وأبحاث من أجل إيجاد ّ‬
‫الذي عرف مشاورات بين اللّجنة المكلّفة‪ ،‬المفوضية والبرلمان األوروبيين‪ ،‬حيث تناولت اللّقاءات المتداولة‬
‫ألح على‬
‫الخطط العامة لهذا المشروع‪ ،‬تاله كتاب أخضر ثان سنة ‪2001‬م للمفوضية األوروبية والذي ّ‬
‫ضرورة إيجاد التوازن بين التنمية المستدامة‪ ،‬التنافسية وأمن اإلمدادات الطاقية‪ ،‬لتتواصل بعدها هذه‬
‫الجهود مع دعوة المجلس األوروبي للدول األعضاء يومي ‪ 9-7‬مارس ‪2001‬م قصد المشاركة في إنجاز‬
‫سياسة طاقوية تعمل على المستوى البعيد‪ ،‬بحيث تدمج في مخططها بين االهتمامات الطاقية والبيئية‪،‬‬
‫يمتد من ‪2001‬م إلى ‪2009‬م‪،‬‬
‫تجسد في شكل الت ازم ّ‬ ‫ِ‬
‫َليليها من بعد ذلك مخطط عمل المجلس والذي ّ‬
‫وتضمن ‪ 01‬مقترحا قُ ّدم من قبل المفوضوية األوروبية‪.18‬‬
‫ّ‬ ‫ضم هذا المخطط خمسة مجموعات عمل‪،‬‬
‫ّ‬
‫لتخلص في األخير هذه اللّقاءات والمشاورات إلى وضع سياسة طاقوية أوروبية مشتركة "‪ "PEEC‬قائمة‬
‫على ثالثة أهداف رئيسية هي‪:19‬‬

‫حرية الوصول إلى مصادر الطاقة‬


‫‪ّ -1‬‬
‫‪ -2‬أمن اإلمدادات الطاقية‬
‫‪ -3‬تشجيع الطاقة البديلة من أجل لعب دور أساسي ثاني‪.‬‬

‫إثر هذه السياسة التطلعية لالتحاد األوروبي من جهة وما سبقها من دراسات متشائمة آنفة ِ‬
‫الذكر من جهة‬
‫عدة دول طاقية قصد الشروع في تجسيد تصور‬
‫تم إبرام مجموعة من العالقات االستراتيجية مع ّ‬
‫أخرى ّ‬
‫المسطّرة‪ ،‬فتجسدت هاته العالقات في‬
‫طاقي أوروبي قادر على تحقيق جملة األهداف االستراتيجية ُ‬
‫حوارات منظمات إقليمية ودولية وأخرى كانت عبارة عن اتفاقات ثنائية مع مجموعة من الدول الطاقية‪ ،‬لذا‬
‫نحاول التّعرض ألهم هذه االتفاقات والشراكات التي كانت كاآلتي‪:20‬‬

‫يخص البترول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ i‬تبعية بنسبة ‪ %90‬فيما‬
‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫‪ -1‬حوار االتحاد األوروبي مع منظمة الدول المصدرة للبترول "‪ُ :"OPEC‬عِقد لقاء بين ممثلي الطرفين‬
‫تبني الشفافية في‬
‫تطرق بالخصوص إلى أسعار النفط‪ ،‬وكذا ضرورة ّ‬
‫يوم ‪ 9‬جوان ‪2001‬م‪ ،‬والذي ّ‬
‫عرض المعلومات الضرورية حول احتياطات النفط وكذا مختلف االستثمارات في المجال‪.‬‬
‫‪ -2‬الحوارات مع دول الشرق األوسط ودول الخليج‪ :‬حيث أبدى االتحاد األوروبي حرصه على التعاون‬
‫مع دول المنطقة من أجل استتباب األمن واالستقرار على مستواها‪ ،‬بما َي ُد ُّ‬
‫ب ومصلحة كل األطراف‬
‫أن ضمان استقرار المنطقة يعني لالتحاد ضمان أمن امداداته الحيوية منها‪ -‬وعليه فقد‬
‫–من قبيل ّ‬
‫كونة لمجلس‬
‫الست الم ّ‬
‫تخص قطاع الطاقة مع دول الخليج ّ‬
‫ّ‬ ‫وقّع االتحاد األوروبي اتفاقيات ثنائية‬
‫التعاون الخليجي "‪."CCG‬‬
‫ظر إليه مشروع برشلونة سنة ‪0991‬م‪ ،‬والذي وضع‬
‫‪ -3‬الشراكات مع دول جنوب المتوسط‪ :‬وهو ما ن ّ‬
‫القاعدة الصلبة للشراكة األورومتوسطية مع كل من دول الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪ ،‬إضافة إلى‬
‫دول أخرى مثل تركيا‪.‬‬
‫‪ -4‬االتفاقات االستراتيجية الطاقية لالتحاد األوروبي (اتفاق الجزائر نموذجا)‪ :‬هي تلك االتفاقات الثنائية‬
‫الدول الطاقية للضفة الجنوبية والغربية للبحر المتوسط ومنها‬
‫التي أبرمها االتحاد األوروبي مع عديد ّ‬
‫االتفاق االستراتيجي الطاقي الذي أُبرم مع الجزائر في ‪ 01‬جويلية ‪2002‬م‪ ،‬حيث كان ذلك بقدوم‬
‫السيـد "جوزي مانويل باروسـو" "‪ "José Manuel Barroso‬إلى‬
‫رئيس اللّجنة األوروبية آنذاك ّ‬
‫الجزائر قصد اإلمضاء على اتفاق من أجل تأسيس شراكة استراتيجية بين الطّرفين في قطاع الطاقة‪،‬‬
‫هذا االتفاق سمح بوجود حوار حول المصالح المشتركة من أجل تنمية الطاقة المتجددة‪ ،‬ودعم الجزائر‬
‫في إطار تطوير البحث العلمي في هذا المجال‪ .21‬يهدف هذا االتفاق كذلك إلى هيكلة العالقات‬
‫الجزائرية األوروبية في مجال الطاقة‪ ،‬وبتطوير الطاقات التقليدية‪ ،‬البتروكيمياوية والمتجددة‪ ،‬وكذا‬
‫تحويل المحروقات عموما‪ .‬من شأن هذا االتفاق كذلك المساعدة على تدفق االستثمارات األوروبية‬
‫صوب الجزائر من خالل الخبرة التقنية والتحويل التكنولوجي الذي طالما طالبت به الجزائر‪.22‬‬

‫تصور شامل للوضع الطاقي الداخلي‪،‬‬


‫ّ‬ ‫تبدو سياسة االتحاد األوروبي واضحة المعالم‪ ،‬فهي مبنية على‬
‫جوة‪ ،‬وهو بالتالي تشخيص م ّكن من وضع سياسات‬‫التحديات الداخلية والخارجية وكذا األهداف المر ّ‬
‫ّ‬
‫تتماشى والطرح االستراتيجي الطاقي بل وتُجسده كذلك من خالل هذه العالقات والشراكات األوروبية مع‬
‫الدول والمنظمات‪.‬‬
‫عديد ّ‬
‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫االنتقال الطاقي في إطار العالقات األورو‪-‬جزائرية‪ :‬دراسة في المشاريع والبرامج‬ ‫‪.IV‬‬

‫تنقسم المشاريع االقتصادية للجزائر في إطار عالقاتها مع االتحاد األوروبي إلى مستويين‪ ،‬األول ثنائي‬
‫جسد في‬
‫يندرُج في إطار "اتفاق الشراكة" وكذا "سياسة الجوار األوروبية"‪ ،‬أما الثاني فهو جهوي نجده يت ّ‬
‫البرامج التي تندرج تحت مظلّة مشروع "االتحاد من أجل المتوسط"‪ ،‬في هذا المستوى األخير أُبرمت عدة‬
‫التحول الطاقي‪ ،‬نستهلها بالشرح فيما يلي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫خصت مواضيع‬
‫مشاريع كانت الجزائر طرفا فيها ّ‬

‫‪ -1‬مشروع تعزيز وتنمية الطاقات المتجددة في مدن البحر األبيض المتوسط "‪:"CES MED‬‬

‫يضم هذا‬
‫هو برنامج جهوي طرحه االتحاد األوروبي بداية من سنة ‪2002‬م يمتد إلى غاية ‪2001‬م‪ّ ،‬‬
‫البرنامج كل من االتحاد األوروبي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬المغرب‪ ،‬فلسطين‪ ،‬سوريا‪ ،‬تونس‪ ،‬واسرائيل‪ ،‬بكلفة‬
‫قدرت بـ ‪ 1,4‬مليون أورو‪ .‬هدف هذا البرنامج إلى‪:‬‬
‫مادية ّ‬

‫‪ ‬تعزيز قدرات الدول المتوسطية في تطوير قطاع الطاقات البديلة‬


‫النفايات الصناعية‪ ،‬وانبعاثات‬
‫التحديات البيئية المتمثلة في تلوث المياه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬تطوير قدرات مواجهة‬
‫السامة‪.‬‬
‫الغازات ّ‬
‫‪ ‬العمل على وضع شبكة تواصل جهوية للتعاون في المجال‪.‬‬
‫‪ -2‬تقييم إنتاج واستغالل الطاقة في المتوسط‪ ،‬ومدى قابلية الدول للتحول نحو االعتماد على طاقات‬
‫جديدة ‪:"«JATRO MED‬‬
‫ط ِرح هذا البرنامج من طرف االتحاد األوروبي كذلك بال ّشراكة مع الجزائر وبالضبط مركز تنمية الطاقات‬
‫ُ‬
‫المتجددة "‪ ،"CDER‬إلى جانب كل من مصر والمغرب‪ ،‬قدرت قيمة المشروع بـ ‪ 0,8‬مليون أورو‪،‬‬
‫وتلخصت أهدافه في التالي‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬تطوير قدرات الدول العضوة في مجال الفالحة والزراعة‪.‬‬
‫‪ ‬اختيار األنماط اإلنتاجية األكثر احتراما للمعايير البيئية‪.‬‬
‫‪ ‬العمل على تقليص انبعاثات الغازات السامة والتلوث الصناعي‪.‬‬
‫‪ ‬التبادل المعرفي والخبراتي في قطاع اإلنتاج الفالحي والفالحي‪.‬‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫‪ -3‬مشروع التعاون في مجال الكهرباء المتجددة "‪:"REEL COOP‬‬


‫ضم كل من الجزائر‪ ،‬االتحاد األوروبي‪،‬‬
‫متد لمدة أربع سنوات‪ّ ،‬‬
‫أُطلق البرنامج في سبتمبر ‪2002‬م وا ّ‬
‫أن هناك أكثر من ‪ %01‬من سكان العالم يعيشون بدون كهرباء‪،‬‬‫المغرب‪ ،‬تونس‪ ،‬وتركيا‪ .‬فاعتبا ار من ّ‬
‫أن ثلثين منهم يتواجدون بقارتي إفريقيا وآسيا‪ ،‬جاء هذا البرنامج الذي قُ ِّدرت قيمته بـ ‪ 1.476.500‬مليون‬
‫وّ‬
‫أورو‪-‬كانت حصة مساهمة االتحاد األوروبي منها ‪ 1.270.500‬مليون أورو‪ -‬والذي سعى إلى تحقيق‬
‫جملة األهداف التالية‪:23‬‬
‫‪ ‬العمل على تطوير تقنيات إنتاج الكهرباء باالعتماد على الطاقة الشمسية والحيوية‪.‬‬
‫الدول األعضاء في المشروع‪ ،‬وتمويل مشاريع‬
‫‪ ‬العمل على تناقل تكنولوجيات الطاقات البديلة بين ّ‬
‫البحث في هذه الدول‪.‬‬
‫تم الحصول عليها من الموارد المتجددة من الطاقات‬
‫‪ ‬تطوير نموذج ّأولي للجمع بين الطاقات التي ّ‬
‫الشمسية والحيوية األخرى‪.‬‬
‫‪ -4‬رابطة المنظمون المتوسطيون للطاقة والغاز "‪:"MEDREG‬‬
‫تضم ‪ 21‬دولة منها ‪ 20‬دولة‬
‫ّ‬ ‫الرابطة عام ‪2002‬م بدعم من االتحاد األوروبي‪،‬‬
‫أُنشأت هذه ّ‬
‫متوسطية تهدف ألن يكون لديها موقف سياسي صريح في مجال تنظيم واستغالل الطاقة‪ ،‬من خالل‬
‫مجموعة من األهداف‪:‬‬

‫‪ ‬التنسيق التدريجي من أجل وضع إطار تنظيمي وتشريعي أورومتوسطي يهدف إلى استقرار أسواق‬
‫الطاقة‪ ،‬وكذا آليات االستثمار في القطاع بالمنطقة‪ ،‬وتوفير احتياجات الدول من اإلمدادات‪.‬‬
‫‪ ‬إيجاد مسار تعاوني بين دول المتوسط فيما بينها أو على المستوى الدولي من أجل مواجهة تقلّبات‬
‫أسعار الطاقة‪.‬‬
‫طاقة ذات نظرة استراتيجية تقوم على توافق اآلراء بين أعضاء‬
‫‪ ‬العمل على إنشاء منظمة متوسطية لل ّ‬
‫المنظمة ومصالحهم‪.‬‬

‫أن معظم المشاريع عرفت التوقيع‬


‫مفعلة‪ ،‬فرغم ّ‬
‫إ ّن النظر في هذه المشاريع عمليا يجعلنا نالحظ ّأنها غير ّ‬
‫خص تطوير وتنمية الطاقات‬
‫أن الطرف الجزائري لم يستفد من حصصه فيما ّ‬
‫عنها بداية األلفية الثانية إالّ ّ‬
‫المتجددة‪ ،‬بل في أحسن الحاالت كانت عبارة عن توأمات عمل وتبادل خبرات بين المراكز البحثية التابعة‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫لك ّل طرف والمتخصصة في تطوير الطاقة المتجددة‪ ،‬فال هذه المبادرات كانت ذات مردود يعكس تطلّع‬
‫الطرفين لتجسيد تحول طاقوي حقيقي قائم على االستثمار الحقيقي في الطاقات البديلة‪ .‬يمكن القول كذلك‬
‫أن هذه البرامج كانت عبارة عن سياسات جهوية قد تخدم طرف أو مجموعة أطراف عن خالف البقية‬
‫ّ‬
‫منها‪ ،‬وهي نظرة بخالف ما هو دائر حول الطاقة األحفورية التي سعى االتحاد األوروبي إلى تعزيز‬
‫الحوار وتفعيله بشأنها‪ ،‬ما أسهم في ابرامه اتفاق استراتيجي ثنائي مع الجزائر‪ ،‬األمر الذي قد يدفع إلى‬
‫القول بازدواجية المعايير في العالقات الطاقية األورو‪-‬جزائرية‪.‬‬

‫لعل‬
‫أن هناك سمات تعاون ثنائي ظهرت مؤخ ار جمعت الجزائر مع بعض دول االتحاد األوروبي‪ّ ،‬‬
‫ُيذكر ّ‬
‫الدولي حول‬
‫أبرزها إبداء ّنية الشراكة بين الجزائر وألمانيا بتاريخ ‪ 21‬مارس ‪2001‬م على هامش المؤتمر ّ‬
‫نقل الطاقة "حوار برلين لنقل الطاقة"‪ ،‬والذي هدف إلى رفع مستوى الحوار بشأن مواضيع التنويع الطاقي‪،‬‬
‫تنمية الطاقات المتجددة وحماية البيئة‪ ،‬في سيناريو إعادة رسم تفاهم جديد بين الجزائر وألمانيا بعد فشل‬
‫أن المشروع لم يكن طموحا في‬
‫صرح ّ‬
‫أن الطّرف الجزائري كان قد ّ‬
‫مشروع "ديزرتيك" في مهده‪ ،‬حيث ّ‬
‫أن الطرف األلماني ربط ذلك بمشاكل مالية‬
‫مجال جلب التكنولوجيا الالّزمة في مجال الطاقة في حين ّ‬
‫وكذا –إمكانية تلبية االتحاد األوروبي لحاجياته من الطاقة الشمسية محليا دون اللجوء إلى االستثمار‬
‫الخارجي‪.-24‬‬

‫تحديات الغاز الجزائري في ِّ‬


‫ظل المشهد الطاقي الدولي الراهن‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.V‬‬

‫أن الجزائر ليست وحيدة في السوق األوروبية‪ ،‬فحسب السيد "عبد الرحمان مبتول" الخبير‬
‫من المتفق عليه ّ‬
‫تحديات‬
‫فإن هناك أربع ّ‬
‫الدولي في المناجمنت االستراتيجي ومدير الدراسات السابق بو ازرة الطاقة الجزائرية ّ‬
‫اجه الغاز الج ازئري حاليا وهي‪: 25‬‬
‫تو ّ‬

‫‪ -1‬االكتشافات الغازية الجديدة التي عرفتها بعض دول حوض المتوسط بداية من سنة ‪2009‬م ‪-‬منها‬
‫إسرائيل واليونان‪ -‬قد م ّكنت من توفير نسب احتياطات معتبرة‪.‬‬
‫‪ -2‬قدرات الواليات المتحدة األمريكية على أن تصبح نهاية العشرية الحالية أكبر مصدري العالم فيما‬
‫خاصة وامكانية ذلك في خفض أسعار الغاز حسب الدراسات‬
‫ّ‬ ‫خص الغاز والبترول الصخريين‪،‬‬
‫ّ‬
‫التقديرية نفسها التي تعرضت للقدرات األمريكية واحتياطاتها في المجال‪.‬‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫‪ -3‬حيازة الثالثي مجتمعا –روسيا‪ ،‬قطر وايران‪-‬على أكثر من ‪ 10‬بالمائة من االحتياطات العالمية من‬
‫الغاز‪.‬‬
‫‪ -4‬ضعف أداء ومردودية المؤسسة الجزائرية سوناطراك "‪ "SONATRACH‬من حيث نشاطها وكذا‬
‫استثماراتها األجنبية‪.‬‬

‫تحدي آخر ُيواجه الغاز الجزائري في الوقت الراهن‪ ،‬أال وهو ما تعلّق بالخالف الدائر حول مدة العقود‬
‫الحساسة‬
‫ّ‬ ‫المبرمة بين الجزائر والشركات البترولية التابعة لدول التحاد األوروبي‪ ،‬والتي كانت أحد المحاور‬
‫أن الطرف األخير يريد أن‬
‫في ملتقى الطاقة الجزائري األوروبي المنعقد بالجزائر عام ‪2001‬م‪ ،‬بحيث ّ‬
‫السيد‪Pierre Charrière :‬‬
‫تُستبدل هاته العقود بعقود قصيرة أو متوسطة األجل حجته في ذلك حسب ّ‬
‫‪i‬‬

‫أن‪..." :‬العقود الطويلة أضحت غير تنافسية وال‬


‫المدير العام لشركة الكهرباء والغاز الفرنسية "‪ّ "ENGIE‬‬
‫فإن هاته السوق تحتاج إلى صيغ من العقود‬
‫تعكس واقع السوق في أوروبا "‪ ،‬فحسب الشريك األوروبي ّ‬
‫‪26‬‬

‫صرح عبر الكلمة‬


‫أن الطرف الجزائري كان قد ّ‬
‫قصيرة األجل والتي تتمتّع بالتنافسية والمرونة‪ ،‬في حين ّ‬
‫السيد "صالح خبري" خالل نفس الملتقى بضرورة اإلبقاء على هذا النوع من العقود التي تُشجع‬
‫التي ألقاها ّ‬
‫الطرف الجزائري في االستثمار أكثر في مجال البحث والتنقيب‪ ،‬منبها في نفس الوقت من خالل طرحه‬
‫الستفهام منطقي حول إمكانية وجود هيئات تقبل تمويل مشاريع طويلة األمد في حين ّأنها تعتمد على‬
‫أن ثبات الجزائر على هذا الموقف قد م ّكنها من إبرام‬
‫البد من التنويه إلى ّ‬
‫عقود قصيرة األجل ‪ ،‬لكن ّ‬
‫‪27ii‬‬

‫عقد جديد طويل األمد مؤخ ار مع الشركة اإلسبانية "‪ "Gaz Natural Vinoza‬سيمتد من عام ‪2009‬م‬
‫إلى غاية عام ‪2020‬م‪ ،‬بغالف مالي إجمالي قارب ‪ 20‬مليار أورو‪.28‬‬

‫السياق وحسب دراسة أُجريت من طرف األستاذ "عبد المجيد عطار" سنة ‪2001‬م بعنوان‪:‬‬
‫بنفس ّ‬
‫" ‪"L’Algérie face aux grands défis énergitiques du 3eme millinaire‬‬

‫فإن هناك مجموعة عوامل تُؤثر في السياسة الطاقية الجزائرية وفي صادراتها من الغاز البترول‪ ،‬والتي‬
‫ّ‬
‫ُيمكن التّطرق إليها مع محاولة إعطائها شروحات واسقاطات على العالقات الطاقية األورو‪-‬جزائرية‪:29‬‬

‫‪ i‬ستعرف هاته العقود انقضاء مُددها تواليا ابتداءا من السنة الجارية أمّا أطول هاته العقود المبرمة بين الطرفين فسوف تنقضي سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫المبرمة‬
‫أن الجزائر تُريد أمننة عرضها من الغاز ألكبر ُم ّدة ممكنة إضافة إلى تمكينها من تغطية تكاليف مجمل المشاريع اإلستثماراتية ُ‬ ‫من َقبيل ّ‬
‫‪ii‬‬

‫لمسايرة ما قد يط أر من‬ ‫أما اإلتحاد األوروبي ُّ‬


‫فيود هو اآلخر أن تكون العقود المستقبلية قصيرة األجل من باب ّأنها ستكون بالتالي قابلة ُ‬ ‫في المجال‪ّ ،‬‬
‫خص أسعار الغاز أو بروز طاقات أخرى بديلة له بإمكانها دحرجته في سلّم األولويات الطاقية لإلتحاد‪.‬‬
‫تقلبات مستقبلية فيما ّ‬
‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫أن تفعيل الواليات المتحدة‬


‫‪ .1‬سيناريو خريطة عالمية جديدة لإلنتاج والتبادالت الطاقية‪ :‬بحيث ّ‬
‫األمريكية لغازها الصخري إنتاجا وتصديرا‪ ،‬سُيحولها من دولة مستوردة إلى مصدرة باعتبارها أحد‬
‫المسوحات‪ ،i-‬وهو ما من‬
‫الدول األربع صاحبة أكبر احتياطي عالمي للغاز الصخري –حسب آخر ُ‬
‫شأنه أن ُيؤثر بشكل عميق في آليات السوق وأسعارها‪ ،‬كما سيسمح ببروز أسواق جديدة‪ ،‬خاصة إذا‬
‫أن هناك دراسات تؤكد لجوء دول العالم على المدى المتوسط إلى االعتماد أكثر على الطاقات‬
‫سلّمنا ّ‬
‫المتجددة وكذا الغاز غير التقليدي في الصناعة العالمية ُمقارنة بالطاقة األحفورية‪ ،‬كما يوضحه هذا‬
‫ُ‬
‫الرسم البياني‪:‬‬

‫رسم بياني لمستقبل استخدام الموارد الطاقية في التصنيع – وقود المركبات وطاقة تشغيل اآلالت‪-‬‬

‫المصدر‪:‬‬

‫" ‪Abdelmadjid Attar, "l’Algérie face aux grand défis énergétiques du 3eme millénaire‬‬

‫المتجددة سوف يمثّل قرابة ثلث اإلنتاج العالمي‪ ،‬مطلع‬


‫أن االستهالك الطاقة ُ‬
‫يوضح الرسم البياني كيف ّ‬
‫ّ‬
‫أن الطلب العالمي على وقود المركبات وطاقة تشغيل آالت التصنيع‬‫‪2021‬م‪ ،‬بحيث تُشير األرقام إلى ّ‬
‫المولَّدة من الطاقات النظيفة سوف يصل إلى قرابة عتبة الـ‪ 07‬مليار طن نفط مكافئ بعد حوالي ‪ 01‬سنة‬‫ُ‬
‫أن الغاز سيح ّل في المرتبة الخامسة وقبل األخيرة من الموارد المعتمد عليها مستقبال‬
‫من اآلن‪ .‬في حين ّ‬

‫‪ i‬عرفت سنة ‪2202‬م تصدير أولى حموالت الغاز األمريكي تجاه اإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫أن الغاز الطبيعي‬


‫بنسبة استهالك سنوي ال تتعدى التسع مليارات طن نفط مكافئ‪ ،‬وبالتالي يعني ذلك ّ‬
‫سوف يفقد ترتيبه كثاني الموارد المعتمد عليها كما هو عليه في الوقت الحالي وسيشهد تراجعا رهيبا في‬
‫االستخدام خاصة إذا لم تحصل اكتشافات الحتياطات جديدة ذات تكلفة استخراج تنافسية‪.‬‬

‫‪ .2‬التكنولوجيات الجديدة في االستخراج والنقل‪ :‬هذا العامل يمكن إسقاطه على قطر التي قطعت أشواطا‬
‫كبيرة من أجل تحدي المعيقات الجغرافية بفضل استثمارات قاعدية وشبكة نقل متطورة م ّكنتها من‬
‫حادة بالنسبة للغاز الجزائري إن‬
‫الوصول إلى األسواق الدولية الثالث‪ ،‬وهو ما قد يش ّكل منافسة ّ‬
‫استمرت هذه التكنولوجيا في إيجاد البديل األكثر فعالية وفاعلية من شبكات أنابيب الغاز‪.‬‬
‫‪ .3‬رؤى واستراتيجيات مستقبلية جديدة‪ :‬هذا ما ينطبق على االتحاد األوروبي الذي ُيحاول من خالل‬
‫استراتيجيته الطاقية إلى إنشاء سوق محلية‪ ،‬تنويع مصادر التموين‪ ،‬والتوجه نحو إبرام ُعقود مع‬
‫منتجين جدد‪.‬‬
‫أن الدول األعضاء في االتحاد األوروبي‬
‫‪ .4‬الضغوط البيئية والتّوجه نحو الطاقات المتجددة‪ :‬بحيث ّ‬
‫أضحت تنادي بضرورة احترام المقاييس األوروبية والعالمية للحفاظ على البيئة وعدم تلويث الهواء‪،‬‬
‫البد للجزائر‬
‫فإن التوجه نحو الطاقات البديلة أضحى مطلبا ينادي به االتحاد‪ ،‬وهو تحدي ّ‬
‫وبالتالي ّ‬
‫االقتداء بمعاييره ان هي أرادت عدم إفالت حصتها من هذه السوق التقليدية‪ .‬والجدول التالي ُيمثّل‬
‫معدالت استهالك االتحاد األوروبي من الغاز في العشرية األخيرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫جدول زمني يمثل استهالك االتحاد األوروبي من الغاز (الوحدة مليار متر مكعب)‬

‫المصدر‪BP Statistical Review 2018 :‬‬

‫سنتي ‪2001‬م‬
‫ّ‬ ‫ُيمثِّل الجدول الزمني حجم الغاز المستهلك سنويا من ِقبل االتحاد األوروبي ما بين‬
‫أن هذه النسب تأرجحت بين االنخفاض واالرتفاع النسبيين بين سنوات ‪2001‬م‬
‫و‪2001‬م‪ ،‬حيث نلحظ ّ‬
‫معدالتها ‪ 120‬مليار م‪ 2‬وفي أدناها حوالي ‪ 101‬مليار م‪ ،2‬لكن‬
‫إلى غاية ‪2000‬م‪ ،‬محققة في أعلى ّ‬
‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫بعدها عرف استهالك االتحاد ارتفاعا نسبيا مستم ار ومحسوسا ليصل سنة ‪2001‬م إلى قرابة الـ ‪111‬‬
‫مليار م‪ ،2‬بنسبة نمو بلغت ‪ %4,3‬مقارنة بسنة ‪2001‬م‪ ،‬لكن بانخفاض نسبته ‪ % 1,3‬في العشرية ما‬
‫بين ‪2001‬م إلى ‪2001‬م‪ .‬هذا االنخفاض وان كان يبدو ضئيال ّإال ّأنه من الضروري التنبيه له فمسعى‬
‫معدالت أكثر وبشكل متسارع‬
‫ع مستقبال من انخفاض هذه ال ّ‬
‫التّوجه األوروبي نحو الطاقات النظيفة قد ُيسر ُ‬
‫المصدرة للغاز وكذا أسعاره‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وبالتالي سيكون له تأثير ُمباشر في حصص الدول‬

‫‪ .5‬عولمة اقتصاد السوق‪ :‬أي أن األسواق حاليا أضحت عالمية خاضعة لقوى العرض والطلب التي‬
‫تفرضها مختلف الفواعل الرسمية وغير الرسمية ومختلف السياقات واألوضاع الزمانية والمكانية‬
‫المؤثرة في مخرجات هذه األسواق‪ ،‬وهذا ما يعني صعوبة الحفاظ على استقرار أسعار الغاز مستقبال‪.‬‬

‫ضرورة إيجاد الخيار االستراتيجي األمثل‪ :‬قراءة في مقومات الطرف الجزائري ورهاناته‬ ‫‪.VI‬‬
‫فإن الدولة الجزائرية تجد نفسها أمام حتمية مواكبة أحد‬
‫صح القول ّ‬
‫ّ‬ ‫أمام المعطى الطاقي الجديد إن‬
‫األول‬
‫الخيارين االستراتيجيين أو تبنيهما معا إن هي أرادت أن تبقى فاعال طاقويا دوليا بامتياز‪ ،‬فالرهان ّ‬
‫يتمثل في تحقيق انتقال طاقوي يجعل الجزائر تستثمر بفعالية إمكاناتها من الطاقة النظيفة ُمواكبة بالتالي‬
‫الرهان الثّاني فهو‬ ‫ِ‬
‫أما ّ‬
‫لما يبدو ّأنه سيكون أحد المشاهد الطاقية التي ستُرتسم مستقبال ولو بصفة جزئية‪ّ ،‬‬
‫أن أُولى‬
‫الصخري الذي قد تُغلّبه المصالح االقتصادية والمادية على المنافع اإليكولوجية خصوصا و ّ‬
‫الغاز ّ‬
‫الرهان‬
‫شحنات النفط الصخري األمريكي قد بدأت بالتّدفق بأسواق أوروبا منذ حوالي العام‪ .‬فبخصوص ّ‬
‫منا طرح السؤال التالي‪ :‬هل للجزائر المقومات التي تجعلها تواكب التّطلع األوروبي ؟‬
‫األول ُيستلزم ّ‬
‫ّ‬

‫تُعتبر القدرات الجزائرية في مجال الطاقة النظيفة معتبرة ففي مجال الطاقة الشمسية "‪،"Solar Energy‬‬
‫فالجزائر تحوز ضمن رقعتها الجغرافية مساحة معتبرة من أحد أكبر المناطق ال ّساخنة في العالم‪ ،‬أال وهي‬
‫"الصحراء الكبرى" األمر الذي م ّكن من أن يكون لها متوسط توليد من هذه الطاقة ُيعادل الـ‪ 2000‬ساعة‬
‫ّ‬
‫تم تفعيل‬
‫سنويا‪ ،‬وهو معدل معتبر يجعل الجزائر إحدى الدول التي يمكن أن تُصبح رائدة في المجال لو ّ‬
‫الرياح "‪ "Wind Energy‬فللجزائر إمكانات البأس‬
‫خص طاقة ّ‬
‫أما فيما ّ‬
‫االستثمار في الطاقة الشمسية‪ّ ،‬‬
‫بها حيث ّأنه يمكن االستفادة من الرياح العاتية التي تجتاح الواليات الصحراوية كأدرار‪ ،‬الهضاب العليا‪،‬‬
‫وبعض المناطق الساحلية في فترات زمنية معينة‪ ،i‬للجزائر كذلك إمكانية االستفادة من طاقة الكتل الح اررية‬

‫الرياح بالجزائر تتراوح ما بين ‪ 2‬إلى ‪ 1‬متر في الثانية‪.‬‬


‫سرعة ّ‬
‫‪i‬‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي‬


‫"‪ "Energy Biomas‬من خالل المقومات الكبيرة التي تمتلكها ُ‬
‫أن قدراتها في المجال مجتمعة – غابية‪،‬‬
‫"‪ ،"Biodiesel‬الغاز الحيوي "‪ "Biogaz‬وكذا اإليثانول‪ ،‬بحيث ّ‬
‫بإمكانية تدوير تتراوح ما بين ‪ 00‬إلى ‪ 20‬بالمائة‬ ‫‪30‬‬
‫تقدر بأكثر من ‪ 1‬ماليين طن‬
‫حضرية وزراعية‪ّ -‬‬
‫سنويا‪.‬‬

‫الصدد إلى وضع برنامج وطني للطاقات المتجددة انطلق سنة ‪2000‬م ذو آفاق‬ ‫ِ‬
‫َعمدت الجزائر في هذا ّ‬
‫تمتد لسنة ‪2020‬م‪ ،i‬بأهداف تتوزع على المديين المتوسط والبعيد تتلخص في تغطية الطلب المحلي‬
‫وتنويعه‪ ،‬أي الخروج من تبعيته المطلقة الستهالكات الطاقة األحفورية‪.‬‬

‫إن الهدف األساسي من البرنامج الوطني للطاقات المتجددة على المدى الطويل هو الوصول إلى توليد‬
‫ّ‬
‫المتجددة آفاق ‪2020‬م‪ ،‬ما ُيمثِّل نسبة ‪ %21‬من الحصيلة الوطنية إلنتاج‬
‫‪ 22000‬ميغاواط من الطاقة ُ‬
‫الكهرباء‪ ،‬وهو ما يسمح من ادخار ‪ 200‬مليار م‪ 2‬من الغاز الطبيعي‪ ،‬أي ما ُيعادل ‪ 7‬أضعاف‬
‫االستهالك الوطني من هذه المادة الحيوية لسنة ‪2001‬م‪ ،‬هذا الهدف البعيد يسبقه هدف على المستوى‬
‫المتوسط وهو الوصول إلى توليد ‪ 1100‬ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول سنة ‪2020‬م‪ ،‬موزعة كما‬
‫يلي‪ :31‬الطاقة الشمسية ‪ 11102‬ميغاواط‪ ،‬طاقة الرياح ‪ 001‬ميغاواط‪ ،‬الطاقة الح اررية ‪ 2000‬ميغاواط‪،‬‬
‫الكتلة الحيوية ‪ 0000‬ميغاواط‪ ،‬التوليد المشترك للطاقة ‪ 100‬ميغاواط‪ ،‬والطاقة الح اررية األرضية ‪01‬‬
‫ميغاواط‪.‬‬

‫خص إنتاج‬ ‫ِ‬


‫بناءا على هذه المعطيات التي تهتم بالسياسة العمومية المنتهجة من قَبل الدولة الجزائرية فيما ّ‬
‫أن الجزائر ستكون غير قادرة على تصدير‬
‫الكهرباء انطالقا من طاقات متجددة‪ ،‬بإمكاننا استشراف ّ‬
‫تم تجسيد جميع أهداف برنامجها الوطني‬
‫منتوجها من الطاقات المتجددة مطلع ‪2020‬م حتى وان ّ‬
‫أن الهدف من توليد ‪ 22000‬ميغاواط آفاق ‪2020‬م –‬
‫للطاقات المتجددة على أرض الواقع‪ ،‬ذلك لكون ّ‬
‫وان كان بغير باإلنتاج المعتبر‪ -‬ليست الغاية منه التصدير واّنما التقليص من االعتماد المحلي على‬
‫استخدام الغاز في توليد الكهرباء‪ ،‬وذلك ما لم تستثمر الجزائر خالل هذه الفترة في مشاريع استثماراتية‬

‫أن هناك برامج و ازرية لترشيد الطاقة واستهالك الطاقة النظيفة مثل ما أقرته و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية في برنامج‬
‫كما ّ‬
‫‪i‬‬

‫يمتد ما بين ‪2001‬م إلى غاية ‪2020‬م‪.‬‬


‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫جرء تعويضها‬
‫أن ادخار الجزائر لـ ‪ 200‬مليار م‪ 2‬من ّا‬
‫موازية في ذات المجال‪ .‬لكن يتبقى التنويه إلى ّ‬
‫بطاقات نظيفة في توليد الكهرباء أمر يمكن استغالله في توجيه هذا الغاز إلى التصدير مستقبال‪.‬‬

‫الرهان الثاني أو المشهد اآلخر الذي قد يكون أم ار حتميا على الجزائر من أجل الحفاظ على موقعها‬
‫ّ‬
‫ضمن الخريطة الغازية العالمية هو إقدامها على انتاج الغاز الصخري‪ ،‬فالجزائر لها من اإلمكانات في‬
‫يوضح ذلك‪:‬‬
‫هذا المجال ما يسمح أن تكون رائدة فيه‪ ،‬والجدول التالي ّ‬

‫جدول أبرز احتياطات دول العالم من الغاز الصخري (الوحدة مليار متر مكعب)‬

‫المصدر‪KHIER Nacira, RABIA Mimouna, BOUDER Abdelmadjid :‬‬

‫? ‪Le gaz de schiste en Algérie : Quels enjeux et quels impacts pour notre territoire‬‬

‫خص امتالك الغاز الصخري‪ ،‬فرغم ّأنها تبقى دراسات‬


‫ّ‬ ‫يوضح الجدول احتياطات أكبر ِتسع دول فيما‬
‫ّ‬
‫تعد ثالث أكبر دولة من حيث احتياطي الغاز‬
‫أن الجزائر ّ‬
‫ّأولية إالّ ّأنها استطاعت التأكيد على األق ّل في ّ‬
‫الصين بـ ‪ 22000‬مليار م‪ 2‬واألرجنتين بـ ‪22000‬‬
‫الصخري بالعالم بـ ‪ 20000‬مليار م بعد كل من ّ‬
‫‪2‬‬

‫المتجددة وذلك‬
‫مليار م ‪ .‬رغم هذا فقد يكون الغاز الصخري خيا ار استراتيجيا ثانيا في مقابل رهان الطاقة ُ‬
‫‪2‬‬

‫لعاملين أساسيين‪ ،‬تعلّق ّأولها بالمقومات التي تحوزها الجزائر في مجال الطاقة الشمسية التي تُساوي‬
‫لوحدها عشرة أضعاف االحتياطي السنوي ألكبر حقول حاسي الرمل الذي ُيقدر بحوالي ‪ 1000‬مليار م‪،2‬‬
‫أن هذا االحتياطي من الطاقة الشمسية لوحده ُيقارب ‪ 10.000‬مليار م‪32 ،3‬هذا باإلضافة إلى‬
‫حيث ّ‬
‫أما العامل الثاني والذي يبدو‬
‫تجنب عناء االستكشاف والتنقيب‪ّ .‬‬
‫بعض المزايا اإلستثماراتية األخرى ك ّ‬
‫األكثر أهمية هو الفارق في التكلفة المتوقعة ما بين االستثمار في الطاقة المتجددة واالستثمار في الغاز‬
‫سيكلّف‬
‫أن االستثمار في المورد األخير على المستوى البعيد لفترة تمتد لـ‪ 10‬عاما ُ‬
‫الصخري‪ ،‬حيث ّ‬
‫أما بالنسبة لالستثمار في الطاقة المتجددة فلن ُيكلّف الخزينة‬
‫الجزائر إنفاق ما قيمته ‪ 10‬مليار دوالر‪ّ ،‬‬
‫أي ما ُيعادل ‪ 00‬ماليير دوالر فقط‪ ،‬منه فالجزائر إن هي أرادت‬ ‫‪33‬‬
‫العمومية سوى ‪ %21‬من هذه التكلفة‬
‫فعال أن تحقّق قفزة طاقوية نوعية فعليها أن تستثمر في الطاقة البديلة كونها األقل تكلفة واألكثر مردودا‬
‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬
‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫أما لو ّأنها أرادت الحفاظ على موقعها وثقلها في سوق الغاز‬


‫استنباطا من كونها األكثر استدامة‪ّ .‬‬
‫األوروبي فعليها حتى وان استثمرت في مجال الطاقة المستديمة أن تبحث عن استثمارات موازية في الغاز‬
‫تم التّطرق إليه أو تعزيز االستثمار في البحث والتنقيب عن الغاز التقليدي‬
‫سواء في الغاز الصخري مثلما ّ‬
‫أن فتح االستثمار أمام الطاقات‬
‫عزز بها قدراتها انتاجا واحتياطا‪ .‬بيد ّ‬
‫سعيا الستكشاف حقول أخرى تُ ّ‬
‫عدة‬
‫البديلة ال يعني أبدا تجنب شراسة المنافسة التي ستكون في تصدير الطاقة المتولدة عنها مستقبال‪ ،‬ف ّ‬
‫دول قد سارعت لمواكبة آفاق التوجه العالمي في مجال الطاقة البديلة‪ ،‬خصوصا و ّأنها تتميز بميزتين‬
‫التجدد وعدم تلويث البيئة‪ ،‬فدول مثل الصين‪ ،‬ألمانيا والمغرب وغيرها قد قطعت أشواطا‬
‫ّ‬ ‫أساسيتين هما‪:‬‬
‫أن الشريك األوروبي يبدو ّأنه ينظر بحزم للموضوع‪ ،‬حيث ُيمكن‬
‫في هذا النوع من االستثمار‪ ،‬إضافة إلى ّ‬
‫اإلشارة في هذا الصدد إلى تقرير لـ "‪ "World Wide Fund‬حول االتحاد األوروبي الصادر سنة‬
‫‪2002‬م تحت عنوان‪:‬‬

‫‪"Pour une énergie 100 renouvelable à l’horizon 2050 ou comment mettre‬‬


‫"‪l’UE sur les rails d’ici 2030‬‬

‫السبل التي‬
‫تطرق إلمكانات وصول االتحاد األوروبي إلى االستخدام الكلّي للطاقة المتجددة وكذا ّ‬
‫كان قد ّ‬
‫تم تحقيق هذه‬
‫تحدث التقرير عن المزايا التي سوف يستفيد منها االتحاد األوروبي إن ّ‬
‫تم ّكنه من ذلك‪ ،‬و ّ‬
‫القفزة النوعية والتي يرى االتحاد أن تحقيقها سوف يم ّكنه من تحصيل ‪ 100‬مليار أورو من إجمالي تكلفة‬
‫وارداته من الطاقات األحفورية سنويا‪ ،‬وكذا توفير حوالي ‪ 1‬مليون منصب شغل في قطاع الطاقة المتجددة‬
‫خص التدهور‬
‫آفاق ‪2020‬م إلى ‪2020‬م ‪ ،‬باإلضافة إلى تقليص الخسائر التي تعرفها بعض الدول فيما ّ‬
‫‪34‬‬

‫البيئي واإليكولوجي‪ .‬وهو ما يعني قدرته عن تحقيق نوع من االكتفاء وتقليص أكبر نسب ممكنة من‬
‫وارداته الطاقية‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫أن الغاز الطبيعي الجزائري يمثّل أحد أهم‬


‫تم تناوله خالل هذه الدراسة‪ ،‬يمكن استنتاج ّ‬
‫بناءا على ما ّ‬
‫المتغيرات االستراتيجية في الشراكة الجزائرية مع االتحاد األوروبي‪ ،‬ولكن هذا الوضع قد ال يمتد طويال‪،‬‬
‫فإنه من غير الطبيعي‬
‫فإذا حاولنا استشراف المديين المتوسط والطويل بناءا على معطيات الدراسة‪ّ ،‬‬
‫االنتظار من الغاز الجزائري أن يلعب دو ار حاسما في طبيعة هذه العالقات مستقبال‪.‬‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫مضطرة بل على‬
‫ّ‬ ‫أن الجزائر أضحت‬
‫اعتمادا على المعطيات االستشرافية السابق ذكرها‪ ،‬يمكن القول ّ‬
‫عجلة من تحديد نظرتها المستقبلية إزاء سياستها الطاقية خصوصا تحديد المجال الذي يضمن لها موقعا‬
‫أن األمر أضحى ال‬
‫فعدة متغيرات في األفق توحي ّ‬
‫استراتيجيا في خريطة مصدري الطاقة عبر العالم‪ّ ،‬‬
‫لعدة معطيات يمكن العودة لتلخيص أهما في جملة النقاط التالية‪:‬‬
‫يمكن تجاهله‪ ،‬وذلك ّ‬

‫‪ ‬صادرات الجزائر من الطاقة الزالت في تبعية تا ّمة ِلما هو غير متجدد –الغاز والبترول‪.-‬‬
‫المتجددة والنظيفة‪ ،‬كأبرز التحوالت الطاقية التي قد تُهيمن على المشهد المستقبلي‬
‫‪ ‬آفاق الطاقة ُ‬
‫يعد أقل‬
‫أن الغاز الطبيعي ّ‬
‫للطاقة وبالتالي على الجزائر مواكبة هذا الرهان ورفع التحدي ‪-‬ولو ّ‬
‫أن الشريك األوروبي ماض في تجسيد‬
‫الطاقات األحفورية غير المتجددة تلويثا للبيئة‪-‬خاصة و ّ‬
‫مشاريعه في هذا النوع من الطاقات ووصوله إلى تحقيق انتقاله الطاقي بات مسألة وقت ال أكثر‪.‬‬
‫‪ ‬تنويع االتحاد األوروبي لمصادر التموين‪ ،‬وكذا بروز إلى السطح منافسين جدد في المجال بعضها‬
‫حائز على تكنولوجيات نقل وتوزيع متطورة‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة االستهالك المحلي الجزائري من الغاز‪ ،‬وبالتالي إمكانية تقليص تصدير هذه المادة الحيوية‬
‫مستقبال‪.‬‬
‫‪ ‬عدم حرص الطرف الجزائري على التفعيل المحكم للمشاريع والبرامج الجهوية التي أبرمها االتحاد‬
‫األوروبي مع دول المتوسط‪ ،‬والتي تهدف إلى تشجيع وتعزيز إنتاج الطاقات المتجددة‪.‬‬
‫‪ ‬اعتماد الجزائر على السوق األوروبية بصفة شبه كلية بدل محاولة ولوج أسواق أخرى تبدو أكثر‬
‫تنافسية‪ ،‬كالصعود الرهيب لحاجيات السوق اآلسيوية‪.‬‬
‫يخص تحديد الطاقات التي‬
‫ّ‬ ‫لحد اآلن استراتيجية تصدير واضحة المعالم فيما‬
‫تبني الجزائر ّ‬
‫‪ ‬عدم ّ‬
‫عول االستثمار فيها من أجل هذا الغرض على المستويين المتوسط والبعيد‪.‬‬
‫ُي ّ‬

‫البد أن تنظر وبحزم لكل هذه المعطيات حتى تتعامل معها استباقا‪ ،‬كما ّأنه من‬
‫فإن الجزائر ّ‬
‫منه ّ‬
‫تعد رهانا‬
‫الضروري تفعيل برامج ومشاريع إنتاج واستغالل الطاقات المتجددة خاصة الطاقة الشمسية‪ ،‬التي ّ‬
‫اعتبار من ِ‬
‫كون الجزائر إحدى أكثر دول العالم القادرة على توليد طاقة كهربائية‬ ‫ا‬ ‫ُيمكن التعويل عليه‬
‫تم ّكنها من تحقيق اكتفاءها واكتفاء القارة األوروبية بأكملها إذا توفّرت إرادة سياسية تؤمن بضرورة تغليب‬
‫الحتمية االقتصادية‪ ،‬وذلك بوضع تخطيط استراتيجي في مستوى المقومات التي تحوزها الج ازئر في مجال‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
ّ ‫الراهن و‬
ّ ‫ قراءة في‬:‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‬

‫أن‬
ّ ‫ خصوصا و‬،‫ إن هي أرادت الخروج فعليا من التبعية إليرادات الطاقة األحفورية‬،‫الطاقات البديلة‬
‫ي بِنا البحث عن طاقة المستقبل طلبا‬
ٌّ ‫أن الغاز هو طاقة الحاضر وبالتالي حر‬
ّ ‫الدراسات الطاقية توحي إلى‬
.‫كان أو عرضا‬

:‫قائمة المراجع‬
.012 ‫ ص‬،2000 ‫ سنة‬،09 ‫ عدد‬،‫ مجلة الباحث‬،‫ الشراكة األورو جزائرية بين متطلبات اإلنفتاح اإلقتصادي والتنمية المستقلّة‬، ‫سمينة عزيزة‬ 1

2
Nadia Hamour, Les énergies Défis d’hier et d’aujourd’hui, Ellipses, 2008, p031.
3
Nadia Hamour, Ibid, p 131.
4
Darbouche Hakim, Energising EU-Algerian relations, Oxford Institute for Energy Studies, The Maghreb
Center Journal,Britagne, Issue1, 2010, pp 6-8.
5
Hakim Darbouche, Energising EU-Algerian relations, Oxford Institut for Energy Studies, The Maghreb Center
Journal, Issue1, 2010, pp 6-8.
6
Salim Chena. Enjeux géopolitiques au Maghreb : questions globales, intérêts régionaux , Points de mire, vol 11
, no. 5, mars 2010.
7
Le gaz naturel en Europe : Entre libéralisation des marchés et géopolitique, Christophe Defeuilley1,Chaire
Ville Science Po Paris, p4.
8
Darbouche Hakim, Ibid ,p 9.
9
Mansour KEDIDIR, Op Cit, p476.
10
Mansour KEDIDIR, Ibid, pp 479-480.
.‫ مرجع سابق‬،http://www.vitaminedz.com/Article/Articles_18300_888729_0_1.html :‫ الموقع اإللكتروني‬11
http://www.energy.gov.dz/francais/index.php?page=cooperation-bilaterale-et- :‫ الرابط‬،‫و ازرة الطاقة الجزائرية‬ 12

.‫م‬2007 ‫ أوت‬00 :‫ تاريخ التّصفح‬، multilaterale


:‫ تاريخ التصفح‬،www.marsadz.com :‫ الموقع اإللكتروني‬،‫م‬2001 ‫ تنافس روسي جزائري على إمدادات الغاز إلى أوروبا في‬13
.‫م‬2202/22/02
14
Bernard Duhamel et Henri BEAUSSANT, La strtégie énergitique de l’Union dans le sud de la méditerranée,
direction générale des politiques internes, Département thématique A : Politiques économiques et scientifique,
industrie, Recherche et Energie, Bruxelles, Mai 2011, pp 4-5.
15
Mansour KEDIDIR, Op Cit, p 480.
16
Mansour KEDIDIR, Ibid, pp 482-483.
17
Nataliya Esakova, European Energy Security Analysing the EU-Russia Energy Security Regime, in Terms of
Interdependence Theory, Globale Gesellschaft Und Internationale Beziehungen, Springer VS, Germany, 2012,
p150.
18
Jacques BOURRINET, Quelle politique énergitique de l’Union Européenne ?, France, 2006, p 727.
19
Mansour KEDIDIR, Le gaz naturel Algérien dans la sécurité énergitique Européenne : un enjeu géopolitique,
Op Cit, p387.
20
Jean-Pierre Hansen et Jacques percebois, Energie : Economie et Politique, de boeck, Bruxelles, p610.
21
Délégation de l’union européenne en Algérie, Rapport sur la cooperation Union Européenne - Algérie, édition
2013 , p79.
:‫ تاريخ التصفح‬،http://www.vitaminedz.com/Article/Articles_18300_888729_0_1.html :‫ الموقع اإللكتروني‬22
.‫م‬2001/01/20
23
Délégation de l’union européenne en Algérie, Rapport sur la cooperation Union Européenne - Algérie, édition
2013 , pp12-19.
.‫م‬1102 ‫ جانفي‬:‫ تاريخ التّصفح‬، http://www.essalamonline.com/ara/permalink/23352.html :‫ الموقع اإلكتروني‬24
25
Mebtoul Abderrahmen, les réserves d’hydrocarbure en Algérie et les enjeux internationaux, article
électronique, le lien : http://www.lematindz.net/news/12776-quelles-sont-les-reserves-dhydrocarbures-en-
algerie-devant-les-enjeux-multiformes.html , visité: Aout, 2018.
.‫م‬2007 ‫ أوت‬:‫ تاريخ التّصفح‬، http://www.aljazeera.net :‫ الموقع اإللكتروني‬،‫ أوروبا تريد مزيدا من غاز الجزائر بأسعار تنافسية‬26
30-50 ‫ ص‬.50‫العدد‬-50 ‫ المجلد‬.‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‬
EISSN : 2600 - 6480
‫بوكردون أيمن‬ ‫الرهان‬
‫الراهن و ّ‬
‫الغاز الجزائري والتصور الطاقوي األوروبي‪ :‬قراءة في ّ‬

‫أوروبا تريد مزيدا من غاز الجزائر بأسعار تنافسية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬تاريخ التّصفح‪ :‬أوت ‪2007‬م‪.‬‬ ‫‪27‬‬

‫الجزائر تدخل مرحلة جديدة بتوقيع عقود طويلة مع دول أوروبي لتعزيز عائدات صادرات الغاز‪ ،‬الموقع اإللكتروني‪:‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪ ، https://www.albawaba.com‬تاريخ التّصفح‪ :‬أوت ‪2007‬م‪.‬‬


‫‪29‬‬
‫‪Abdelmadjid ATTAR, l’Algérie face aux grand défis énergétiques du 3eme millénaire, étude 14/11/2014.‬‬

‫مواكني سهيلة‪ ،‬اآلثار اإلقتصادية لمصادر الطاقة المتجددة في الجزائر وآفاقها المستقبلية‪ ،‬مجلة الطاقات المتجددة‪ ،‬مركز تنمية الطاقات‬ ‫‪30‬‬

‫المتجددة‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص‪.20‬‬


‫‪31‬‬
‫‪ANDI, http://andi.dz/index.php/ar/les-energies-renouvelables ,Novembre 2017.‬‬
‫‪ 32‬توفيق حسني‪ ،‬الطاقة الشمسية في الجزائر‪ :‬عمالق نائم‪ ،‬منتدى رؤساء المؤسسات‪ ،‬معرض الصحافة‪ ،‬الجزائر‪ 09 ،‬جانفي ‪ ،2001‬ص ‪.07‬‬
‫‪ 33‬توفيق حسني‪" ،‬استغالل الغاز" ُيكلف أربعة أضعاف اإلستثمار من الشمس والريح‪ ،‬منتدى رؤساء المؤسسات‪ ،‬معرض الصحافة‪ ،‬الجزائر‪09 ،‬‬
‫جانفي ‪ ،2001‬ص ‪.07‬‬
‫‪34‬‬
‫‪World Wide Fund, Pour une énergie 100 renouvlable à l’horizon 2050 ou comment mettre l’UE sur les rails‬‬
‫‪d’ici 2030, 2013, p9.‬‬

‫المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪ .‬المجلد ‪-50‬العدد‪ .50‬ص ‪30-50‬‬


‫‪EISSN : 2600 - 6480‬‬

You might also like