You are on page 1of 14

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التربية والتعليم‬

‫ثانوية الشهيد مؤذن بوزيان‬

‫شعبة تسيير واقتصاد‬ ‫السنة‪ :‬الثالثة ثانوي‬

‫بحث بعنوان‪:‬‬

‫عوامل النهضة العربية ومظاهرها‬


‫واعالمها‬

‫تحت اشراف األستاذة‪:‬‬ ‫بحث من اعداد‪:‬‬

‫‪ -‬نصر هللا سعاد‬ ‫‪ -‬بودالي امير خالد‬


‫‪ -‬سويح عبد القادر‬

‫السنة الدراسية‪2024-2023 :‬‬

‫‪1‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫النهضة العربية الحديثة فترة مهمة جدا في حياة شعوبنا العربية‪ ،‬إذ تمتد ألكثر‬
‫من ‪ ٢٠٠‬عام من فترة دخول نابليون مصر إلى وقتنا الحاضر‪ ،‬حيث تم إحياء اللغة‬
‫العربية من جديد وإعادة بعثها بعد التخلص من القيود والعوائق التي وقفت في سبيل‬
‫تقدمها‪ ،‬فكان ال بد من وجود حل لهذا اإلشكال الذي مس الحياة االجتماعية‬
‫والسياسية والثقافية فكانت عوامل النمو األدبي في البالد العربية كثيرة‪ ،‬منها ما ابتكر‬
‫بها‪ ،‬ومنها ما استمد من ثقافات وحضارات أخرى أجنبية وهذا ما يعرف بالنهضة‬
‫األدبية العربية في العصر الحديث‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫قادة النهضة العربية‪:‬‬ ‫‪)1‬‬
‫‪ -‬رفاعة رافع الطهطاوي (‪ 1216‬هـ‪ 1290 – 1801/‬هـ‪:)1873/‬‬
‫ويلحقون نسبهم‬
‫هو رفاعة بك بن بدوي بن علي بن محمد بن علي بن رافع‪ُ ،‬‬
‫الحسين بن فاطمة الزهراء‪ ،‬من قادة‬
‫بمحمد الباقر بن علي زين العابدين بن ُ‬
‫النهضة العلمية في مصر في عهد محمد‬
‫علي باشا‪ُ .‬ولد رفاعة رافع الطهطاوي في‬
‫‪ 15‬أكتوبر ‪ ،1801‬بمدينة طهطا إحدى‬
‫مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر‪ ،‬يتصل‬
‫نسبه بالحسين السبط‪.‬‬
‫نشأ في عائلة ملحوظة من القضاة ورجال‬
‫الدين فلقي رفاعة عناية من أبيه‪ ،‬فحفظ‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬وبعد وفاة والده رجع إلى‬
‫موطنه طهطا‪ ،‬ووجد من أخواله اهتماماً كبي اًر حيث كانت زاخرة بالشيوخ‬
‫والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر‪ ،‬وق أر‬
‫شيئا من الفقه والنحو‪ .‬التحق رفاعة وهو في السادسة عشرة من عمره‬
‫عليهم ً‬
‫باألزهر في عام ‪ 1817‬وشملت دراسته في األزهر الحديث والفقه والتفسير‬
‫إماما في الجيش النظامي الجديد‬
‫والنحو والصرف‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬خدم بعدها ً‬
‫عام ‪ .1824‬من كتبه ودراساته‪:‬‬
‫ديوان رفاعة الطهطاوي‪ :‬جمع ودراسة‪ ،‬طه وادي‪ ،‬الهيئة المصرية العامة‬
‫للكتاب‪.1979 ،‬‬
‫توفي رفاعة الطهطاوي سنة ‪ 1290‬هـ‪1873/‬م‪ .‬عن عمر ناهز اإلثنين‬
‫وسبعين سنة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬جمال الدين األفغاني (‪:)1897 - 1838‬‬
‫األعمال البارزة‪ :‬فكر في التجديد الديني والسياسي‬
‫وشجع على التحرر من االستعمار‪.‬‬
‫التأثير‪ :‬أثر في الفكر السياسي واالجتماعي والديني‬
‫في العالم العربي‪.‬‬
‫‪ -‬محمد عبده (‪:)1905 - 1849‬‬
‫األعمال البارزة‪ :‬ناقش قضايا التجديد الديني‬
‫والتأثير الغربي على العالم اإلسالمي‪.‬‬
‫التأثير‪ :‬أثر في تحفيز النقاش حول التجديد‬
‫الديني والفكري في العالم العربي‪.‬‬

‫‪ -‬طه حسين (‪:)1973 - 1889‬‬


‫وفيلسوف‬ ‫كاتب‬ ‫البارزة‪:‬‬ ‫ألعمال‬
‫مصري‪ ،‬دعم التنوير والتحرر الفكري‬
‫والثقافي‪.‬‬
‫التأثير‪ :‬ركز على تحفيز الفكر‬
‫واإلصالح الثقافي في مصر والعالم‬
‫العربي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -‬رشيد رضا (‪:)1935 - 1865‬‬
‫األعمال البارزة‪ :‬قيادي في الحركة الوطنية‬
‫المصرية‪ ،‬دعم فكرة الوحدة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬التأثير‪ :‬أثر في تحفيز الوعي الوطني والحركات‬
‫الوطنية في العالم العربي‪.‬‬

‫هؤالء الشخصيات كان لهم دور كبير في تعزيز النهضة‬


‫العربية في مختلف المجاالت‪ ،‬وسعوا لتحقيق التقدم واإلصالح في العالم العربي في‬
‫فترات زمنية مختلفة‪.‬‬

‫مفهوم النهضة العربية‪:‬‬ ‫‪)2‬‬


‫اليقظة العربية أو النهضة العربية مصطلح تاريخي يعود إلى حركة عمت‬
‫البالد العربية بين سنة ‪ 1820‬و‪ .1914‬وحسب تعريف الحركة هي تنبه‬
‫العرب إلى ماضيهم‪ ،‬وإدراكهم واقعهم المتخلف‪ ،‬وسعيهم إلحياء الماضي بما‬
‫فيه من أصالة وتراث عربي إسالمي‪ ،‬والعمل على تجاوز التخلف من أجل‬
‫بناء مستقبل أفضل‪.‬‬
‫كما تعرف باسم اليقظة العربية‪ ،‬أو حركة التنوير العربية؛ هي الحالة الفكرية‬
‫أساسا في مصر ولبنان‪ ،‬وامتدت لتشمل عواصم‬
‫ً‬ ‫واالجتماعية التي سادت‬

‫عربية أخرى كدمشق‪ ،‬بغداد‪ ،‬وفاس ومراكش‪ً ،‬‬


‫تماما كما في المهجر‪ ،‬خالل‬
‫مستهل القرن التاسع عشر‪ ،‬ويضع بعض‬
‫ّ‬ ‫القرن التاسع عشر‪ .‬بدأت في‬
‫المؤرخين أمثال ألبرت حوراني تاريخ بدء النهضة عام ‪ 1798‬بالحملة‬
‫ودور‬
‫البونابرتية‪ .‬ومن أبرز مظاهرها انتشار الطباعة‪ ،‬وظهور الصحافة ُ‬
‫النشر‪ ،‬والتوسع في إنشاء المدارس والجامعات‪ ،‬وإحياء التراث العربي‬
‫وتفاعل‬
‫ُ‬ ‫وتحقيُق ُه‪ ،‬ونهوض اللغة من كبوتها التي عرفتها في عصر االنحطاط‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫األدب العربي مع اآلداب الغربية تفاعالً عميقاً أدى إلى ظهور فنون أدبية‬
‫وجود من قبل‪ ،‬كاألقصوصة والرواية والمسرحية‪.‬‬
‫جديدة لم يكن لها في العربية ٌ‬
‫ضافرت عدة عوامل ساعدت على ظهور‬ ‫‪ )3‬عوامل النهضة العربية‪:‬‬
‫اليقظة العربية في منتصف القرن الثامن عشر‪ ،‬واتساع ينابيعها وتنوعها‬
‫خالل القرنين التاسع عشر والعشرين‪ ،‬وهي عوامل داخلية وخارجية‪:‬‬
‫‪ )1‬العوامل الداخلية‪ :‬وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬حركات اإلصالح اإلسالمي‪ :‬شهدت العديد من المجتمعات العربية حركات‬
‫إصالحية دينية تهدف إلى تحفيز الوعي الديني وإحياء العمل الديني بطرق‬
‫تفسيرية جديدة وإعادة النظر في المفاهيم الدينية التقليدية‪.‬‬
‫‪ -‬الجمعيات واألحزاب السياسية‪ :‬نشأت جمعيات وأحزاب سياسية تطالب‬
‫بالتغيير واإلصالح في البنية االجتماعية والسياسية‪ ،‬ودعت إلى التحرر‬
‫تقدما‪.‬‬
‫من االستعمار وبناء مجتمعات أكثر ً‬
‫‪ -‬سياسة التتريك‪ :‬كانت سياسة التتريك ‪ -‬أو التعليم الحديث ‪ -‬هامة لتحفيز‬
‫التقدم والتطور الثقافي والتقني والعلمي في العالم العربي‪.‬‬
‫‪ )2‬العوامل الخارجية‪ :‬وتتمثل في‪:‬‬
‫كبير‬
‫تأثير ًا‬
‫‪ -‬انفتاح الوطن العربي على الفكر األوروبي‪ :‬شهد العالم العربي ًا‬
‫من الفكر والتقنية األوروبية‪ ،‬مما أدى إلى نقل األفكار والمفاهيم الجديدة‬
‫والتقنيات إلى هذه المنطقة‪.‬‬
‫‪ -‬الحملة الفرنسية على مصر وبالد الشام‪ :‬نتيجة لهذه الحملة‪ ،‬جلبت فرنسا‬
‫معها التقنيات الحديثة والثقافة والفكر األوروبي إلى المنطقة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬إصالحات محمد علي‪ :‬شهدت مصر وبالد الشام تحوالت اقتصادية‬
‫وسياسية هامة جاءت نتيجة إصالحات محمد علي‪ ،‬حيث جرى تحديث‬
‫البنية التحتية والنظام االقتصادي والسياسي‪.‬‬
‫‪ -‬البعثات التبشيرية التي ساهمت في تنشيط الحركة التعليمية والثقافية‪:‬‬
‫تأثير البعثات المسيحية في تعزيز التعليم والثقافة وإحياء الحركة التعليمية‬
‫في المنطقة‪.‬‬

‫هذه العوامل كلها ساهمت في تعزيز التقدم والتحول في مختلف الجوانب االجتماعية‬
‫والثقافية واالقتصادية في العالم العربي خالل ذلك الزمن‪ ،‬مما جعلها فترة مهمة في‬
‫تاريخ المنطقة‪.‬‬

‫‪ )3‬مظاهر اليقظة العربية‪:‬‬


‫• حركات اإلصالح اإلسالمي‪ :‬قامت في الوطن العربي حركات إسالمية عدة‬
‫للنهوض بالعرب والمسلمين بإزالة عوامل التخلف التي لحقت بها‪ ،‬من جراء‬
‫انتشار البدع والخرافات التي التصقت باإلسالم‪ .‬وقد ركزت هذه الحركات في‬
‫دعواتها اإلصالحية على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة العودة إلى القرآن والسنة كأساس لوحدة المسلمين‪.‬‬
‫‪ -‬تنقية الدين اإلسالمي من الشوائب التي علقت به عبر العصور‪.‬‬
‫‪ -‬فتح باب الجهاد‪.‬‬
‫‪ -‬الجهاد ضد االستعمار‪.‬‬

‫وقد ساهمت هذه الحركة في إحداث اليقظة الفكرية عند العرب‪.‬‬

‫• االتجاه الوطني‪ :‬من معاني الوطنية حب الوطن والتمسك به واالنتماء إليه‪.‬‬


‫وقد ساعدت مجموعة من العوامل على ظهور هذا االتجاه منها‪:‬‬
‫‪ -‬انتشار التعليم‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬إرسال البعثات العلمية إلى أوروبا‪.‬‬
‫‪ -‬نشاط حركة الترجمة والتأليف‪.‬‬

‫نادى بعض دعاة اإلصالح باالنفتاح على الحضارة الغربية واالستفادة من تفوق‬
‫الغرب في العلم واالقتصاد‪ ،‬وقد شكل دعاة هذا االتجاه عددا من الجمعيات الثقافية‬
‫والعلمية‪ ،‬حاول أعضاؤها عن طريق الخطب والمحاضرات إبراز فضل العرب في‬
‫اآلداب والعلوم‪ ،‬ووجوب عمل العرب على استعادة أمجادهم‪ .‬وأبرز من مثل هذا‬
‫االتجاه‪:‬‬

‫‪ -‬الشيخ رفاعه الطهطاوي الذي أسس مدرسة األلسن في مصر‪،‬‬


‫‪ -‬وبطرس البستاني الذي طرح شعار حب الوطن من اإليمان‪.‬‬
‫‪ )4‬االتجاه العربي اإلسالمي‪ :‬شهد الربع األخير من القرن التاسع عشر مرحلة‬
‫من أخطر المراحل‪ ،‬ذلك أن الدولة العثمانية التي كانت سائرة في طريق‬
‫التدهور واالنحدار‪ ،‬تعرضت لما لم تتعرض له في الماضي من تجزئه‪ ،‬ومن‬
‫انفصال بعض والياتها‪ .‬كما ازداد تدخل الدول األجنبية الكبرى بها‪ ،‬فلجأ‬
‫السلطان إلى التشديد في الرقابة وال سيما على الواليات الغربية‪ .‬اضطر‬
‫السلطان عبد الحميد في بداية ُحكمه إلى قبول دستور مدحت باشا الذي لقب‬
‫(بأبي الدستور) وأصبح لفترة من الوقت حاكما دستوريا‪ ،‬لكنه ما لبث أن أصدر‬
‫األمر بحل البرلمان‪ ،‬وتعليق الدستور إلى أجل غير مسمى‪ .‬طلب من النواب‬
‫المستنيرين (وكان من بينهم عدد من النواب العرب) مغادرة اآلستانة‪ .‬حاول‬
‫السلطان عبد الحميد تثبيت دعائم حكمه بتبني حركة الجامعة اإلسالمية التي‬
‫نادى بها جمال الدين األفغاني‪ ،‬مستهدفا بذلك تقوية مركزه من الداخل والخارج‬
‫‪ -‬داخليا‪ :‬ليلتف حوله المسلمون كرئيس روحي لهم ذي سلطة عليا عليهم‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬خارجيا‪ :‬لتهديد الدول االستعمارية بإثارة الشعوب اإلسالمية الخاضعة لها‬
‫فيما إذا استمرت في سياستها المعادية للدولة العثمانية‪.‬‬

‫إن خوف العرب من األخطار االستعمارية جعلهم يلتفون حول دولة الخالفة‪ ،‬ويؤيدون‬
‫السلطان عبد الحميد‪ ،‬لكنهم لم يقبلوا بسياسته‪ .‬لذا فقد استمرت الدعوة إلى اإلصالح‬
‫والالمركزية‪ .‬وكان من أشهر من سار في هذا االتجاه عبد الرحمن الكواكبي الذي‬
‫انتقد الحكم االستبدادي في كتابه طبائع االستبداد باإلضافة للشيخ عبد الحميد‬
‫الزهراوي الذي أسس جريدة المنير وشارك في تأسيس العديد من األحزاب المناوئة‬
‫ل جمعية االتحاد والترقي أما رشيد رضا فدعا إلى محاربة االستبداد‪ .‬وإعادة العمل‬
‫بالدستور‪ .‬وربط بين العروبة واإلسالم‪ .‬وجسد أفكاره في مجلة المنار‪.‬‬

‫• بداية ظهور مالمح اليقظة الصناعية واالقتصادية والسياسية‪ :‬مع بداية‬


‫القرن العشرين كان في حمص ‪ 5,000‬عامل في قطاع المنسوجات وحده‪،‬‬
‫واشتهرت المدينة بالمصانع حتى أسماها القنصل البريطاني «مانشستر‬

‫السورية»‪ ،‬وكانت عشرون باخرة ً‬


‫سنويا تأتي من فرنسا لتنقل تبغ جبال الالذقية‬
‫إلى أوروبا والذي اشتهر بجودته‪ ،‬وفتحت فروع لبنوك فرنسية وإنكليزية في‬
‫سوريا‪ ،‬وكانت البالد تصدر مختلف أنواع المزروعات والصناعات إلى أوروبا‬
‫والواليات المتحدة وكانت فرنسا على رأس المستهلكين بنحو ثلث الصادرات‪.‬‬
‫وقد كثرت في تلك المرحلة األسواق الشعبية كسوق الحميدية وسوق مدحت‬
‫باشا وخان أسعد باشا وسوق البزورية ولعل آل العظم في سوريا وآل السكاكيني‬
‫في مصر من أهم العائالت التي لعبت دو اًر اقتصادياً وإدارياً كبي اًر في مرحلة‬
‫النهضة العربية‪ .‬ورافق بداية هذه النهضة االقتصادية والصناعية في الوطن‬
‫العربي بداية تشكل نهضة سياسية‪ ،‬حيث برزت الجمعيات السياسية التي‬

‫‪9‬‬
‫توازي األحزاب في يومنا الحالي‪ ،‬ومن منظري السياسة في تلك المرحلة عبد‬
‫الرحمن الكواكبي وساطع الحصري‪.‬‬
‫• بداية إنشاء المكتبات والجامعات والمسرح‪ :‬حيث لم تكن البالد تحوي من‬
‫شيئا سوى ما تحويه مكتبات المساجد الكبرى‪ ،‬وخالل النهضة أعيد‬
‫المكتبات ً‬
‫افتتاح وتنظيم بعض المكتبات السابقة كالمكتبة الظاهرية في دمشق عام‬
‫‪ 1880‬والتي أصبحت «دار الكتب الوطنية»‪ ،‬وتأسست المكتبة الشرقية في‬
‫حجما في سائر‬‫ً‬ ‫بيروت عام ‪ .1880‬وعدد من المكتبات األخرى األصغر‬
‫المدن ورافق ذلك ظهور العديد من المدارس والجامعات في سوريا الشمالية‬
‫تحديداً كالجامعة السورية في دمشق التي أصبحت فيما بعد جامعة دمشق‬
‫والجامعة األمريكية وجامعة القديس يوسف في بيروت باإلضافة لجامعة‬
‫الحكمة في العراق ويعود للفترة ذاتها نشأة المسرح العربي على يد أبو خليل‬
‫القباني‪.‬‬
‫• دور المسيحيين‪ :‬النهضة الثقافية العربية في القرن التاسع عشر بدأت في‬
‫أعقاب خروج محمد علي باشا من بالد الشام عام ‪ 1840‬وتسارعت وتيرتها‬
‫أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬وكانت بيروت والقاهرة ودمشق وحلب مراكزها‬
‫األساسية‪ ،‬وتمخض عنها تأسيس المدارس والجامعات العربية والمسرح‬
‫والصحافة العربيين وتجديد أدبي ولغوي وشعري مميز ونشوء حركة سياسية‬
‫نشطة عرفت باسم «الجمعيات» رافقها ميالد فكرة القومية العربية والمطالبة‬
‫بإصالح الدولة العثمانية ثم بروز فكرة االستقالل عنها مع تعذر اإلصالح‬
‫والمطالبة بتأسيس دول حديثة على الطراز األوروبي؛ كذلك وخالل النهضة‬
‫تم تأسيس أول مجمع للغة العربية وإدخال المطابع بالحرف العربي‪ ،‬وفي‬
‫الموسيقى والنحت والتأريخ والعلوم اإلنسانية عامة فضالً عن االقتصاد وحقوق‬
‫أن النهضة الثقافية التي قام بها العرب أواخر الحكم‬
‫اإلنسان‪ ،‬وملخص الحال ّ‬

‫‪10‬‬
‫العثماني كانت نقلة نوعية لهم نحو حقبة ما بعد الثورة الصناعية‪ ،‬وال يمكن‬
‫حصر ميادين النهضة الثقافية العربية في القرن التاسع عشر بهذه التصنيفات‬
‫يعم االتفاق‬
‫فقط إذ إنها امتدت لتشمل أطياف المجتمع وميادينه برمته‪ ،‬ويكاد ّ‬
‫اء‬ ‫ن‬
‫بين المؤرخين على الدور الذي لعبه المسيحيو العرب في هذه النهضة سو ً‬
‫في جبل لبنان أو‬
‫أو‬ ‫مصر‬
‫أو‬ ‫فلسطين‬
‫سوريا‪ ،‬ودورهم‬
‫في ازدهارها من‬
‫خالل المشاركة‬
‫ليس فقط من‬
‫أيضا‪ .‬إذ كون المسيحيون في العصر الحديث النخبة‬
‫الوطن بل في المهجر ً‬
‫المثقفة والطبقة البرجوازية مما جعل مساهمتهم في النهضة االقتصادية ذات‬
‫أثر كبير‪ ،‬على نحو ما كانوا أصحاب أثر كبير في النهضة الثقافية‪ ،‬وفي‬
‫الثورة على االستعمار بفكرهم ومؤلفاتهم‪ ،‬وعملهم‪ .‬يذكر على سبيل المثال في‬
‫الصحافة سليم العنجوي مؤسس «مرآة الشرق» عام ‪ 1879‬وأمين السعيل‬
‫مؤسس مجلة الحقوق وجرجس ميخائيل فارس مؤسس «الجريدة المصرية»‬
‫عام ‪ 1888‬واسكندر شلهوب مؤسس مجلة السلطنة عام ‪ 1897‬وسليم تقال‬
‫وشقيقه بشارة تقال مؤسسا جريدة األهرام ورزق هللا حسون مؤسس جريدة (مرآة‬
‫االحوال) وعبد المسيح حداد مؤسس جريدة (السائح) من المغترب كما أنه يعد‬
‫مؤسس الرابطة القلمية‪ ،‬وفي فقه اللغة العربية يذكر إبراهيم اليازجي وناصيف‬
‫اليازجي وبطرس البستاني وقسطاكي الحمصي وأديب إسحق وخليل‬

‫‪11‬‬
‫السكاكيني‪ .‬وفي الوقت ذاته دخلت إلى حلب على يد المطران مال تيوس‬
‫نعمة المطبعة األولى بأحرف عربية إلى بالد الشام واستمرت في الطباعة‬
‫حتى ‪ .1899‬من جهة أخرى‪ ،‬ساهم‬
‫المسيحيون العرب في مقارعة سياسة‬
‫التتريك التي انتهجتها جمعية االتحاد‬
‫والترقي وبرز في حلب على وجه‬
‫الخصوص المطران جرمانوس فرحات‬
‫والخوري بطرس التالوي‪ ،‬وتأسست‬
‫المدرسة البطريركية في غزير التي‬
‫افر من أعالم العربية في‬
‫عددا و ًا‬
‫خرجت ً‬
‫الجامعات‬ ‫ولعبت‬ ‫المرحلة‪،‬‬ ‫تلك‬
‫المسيحية كجامعة القديس يوسف‬
‫والجامعة األميركية في بيروت وجامعة‬
‫ياديا في تطوير الحضارة والثقافة العربية‪ .‬وفي‬
‫دور ر ً‬
‫الحكمة في بغداد وغيرها ًا‬
‫العراق نشط األب أنستاس ماري الكرملي‪ ،‬وفي األدب يذكر جبران خليل‬
‫جبران وميخائيل نعيمة ومي زيادة وأمين الريحاني ونسيب عريضة وندرة حداد‬
‫وشفيق المعلوف وإلياس فرحات وفرنسيس مراش واخته مريانا مراش‪ .‬وفي‬
‫السياسة يذكر نجيب العازوري وشكري غانم ويعقوب صروف وفارس نمر‬
‫ونظر لهذا الدور‬
‫ًا‬ ‫وعبد هللا مراش وبطرس غالي في لبنان وسوريا ومصر‪.‬‬

‫المسيحي المتزايد في السياسة والثقافة‪ ،‬بدأت الحكومات العثمانية تحوي ً‬


‫تباعا‬
‫اء من المسيحيين العرب ومنهم آل ملحمة في لبنان‪ .‬وفي المجال‬‫وزر ً‬
‫االقتصادي‪ ،‬برز عدد من العائالت المسيحية ومنهم آل سرسق وآل خازن‬
‫وآل بسترس في الشام وآل السكاكيني‪ ،‬وآل غالي وآل ثابت في مصر‪ ،‬وهكذا‬

‫‪12‬‬
‫فإن الشرق العربي قاد بمسلميه ومسيحييه نهضة ثقافية وقومية بوجه االستبداد‬
‫الذي شكلت ركيزته جمعية االتحاد والترقي وسياسة التتريك‪ ،‬ورسخت هذه‬
‫النهضة كما يرى بولس نعمان «المسيحيين العرب كأحد أعمدة المنطقة وليس‬
‫كأقلية على هامشها»‪.‬‬

‫‪13‬‬
14

You might also like