You are on page 1of 8

‫الفصل‪ :‬الرابع‬

‫وحدة‪ :‬تاريخ الشرق األقصى‬


‫األستاذ‪ :‬دمحم منقاشي‬

‫المحاضرة رقم‪1 :‬‬

‫السنة الجامعية‬

‫‪0202-0200‬‬
‫السنة الجامعية‪2223-2222 :‬‬ ‫جامعة ابن طفيل‬
‫وحدة‪ :‬تاريخ الشرق ألاقص ى‬ ‫كلية العلوم إلانسانية والاجتماعية‬
‫ألاستاذ‪ :‬دمحم منقاش ي‬ ‫شعبة التاريخ والحضارة‬
‫املحاضرة رقم‪1 :‬‬ ‫الفصل الرابع‬

‫البيبليوغرافيا‬

‫‪ -‬إيزرا ؼ‪ .‬فوجل‪ ،‬ادلعجزة الياابنية‪ ،‬ترمجة زنٍن زكرايء‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬اذليئة العامة للكتاب‪. 1996 ،‬‬

‫‪ -‬رشيد عبد الغفار‪ ،‬التقليدية يف التجربة الياابنية ‪ ،‬بًنوت ‪ ،‬مؤسسة األُناث العربية ‪. 1994 ،‬‬

‫‪ -‬عباس رؤوؼ‪ ،‬التنوير بٌن مصر و الياابف ‪ :‬دراسة مقارنة يف فكر رفاعة الطهطاوي وفوكوزاوا يوكيتشي ‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪. 2001‬‬

‫‪ -‬كريل ىػ‪.‬ج‪ ،.‬الفكر الصيين من كونفوشيوس إىل ماوتسي تونغ ‪ ،‬ترمجة عبد احلليم سليم ‪ ،‬القاىرة‪. 1999 ،‬‬

‫‪ -‬دمحم أعفيف ‪ ،‬أصوؿ التحديث يف الياابف ‪ ، 1969-1569 :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بًنوت ‪.2010 ،‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫عرفت الياابف يف خطها التحديثي العاـ من أواسط القرف ‪ 19‬إىل الفرتة ادلعاصرة مرحلتٌن متباينة من حيث األىداؼ‬
‫والغاايت اليت وجهت السياسات الداخلية واخلارجية‪ .‬فإذا كانت ادلرحلة األوىل (‪ )1945-1969‬أكدت مبدأ‬
‫التحديث يف خدمة العسكر‪ ،‬ومحلت شعارات ٕنجيد القوة والعلم‪ ،‬وأنتجت أدنوذج الدولة اإلمربايلية العنصرية بكل ما‬
‫أفرزتو من تدمًن(‪ )Destruction‬البىن االقتصادية للشعوب يف الدوؿ اجملاورة (الصٌن وكوراي وروسيا)‪ ،‬فإف ادلرحلة‬
‫الثانية اليت ابتدأت مع هناية احلرب العادلية الثانية‪ ،‬أعطت الياابف مضموان جديدا يف رلاؿ العالقات الدولية‪ ،‬أتسس‬
‫على منطق (‪ )Logique‬نقدي (‪ )Critique‬للتجربة السابقة القائمة على قيم (‪ )Valeurs‬العنف‪ ،‬وقبوؿ‬
‫مبدأ ي االختالؼ والتعايش السلمي مع القاصي والداين من الدوؿ واألمم‪ .‬ومسح ىذا التوجو اجلديد للياابف ابخرتاؽ‬
‫األدناط االقتصادية احمللية والدولية واألسواؽ العادلية‪ ،‬وأتكيد حضورىا العادلي على مستوى امتالؾ التكنولوجيا‬
‫واالحتياطات النقدية اذلائلة وبتقدمي ادلساعدات اإلنسانية للدوؿ النامية‪ .‬وٕنيزت ىذه ادلرحلة األخًنة أهنا أتثرت يف‬
‫انطالقتها بعهد الوصاية األمريكية اليت مارست وظيفة الكبح أماـ الطموحات التوسعية الياابنية‪ ،‬وتوجهها يف‬
‫تفصيالهتا العامة حنو خدمة االسرتاتيجية األمريكية يف أثناء احلرب الباردة‪ ،‬فنأت الياابف إذ ذاؾ بطاقاهتا اإلبداعية حنو‬
‫اجملاالت ادلدنية‪ ،‬وركزت جهودىا على القضااي التنموية‪ ،‬وحققت بذلك اإلجنازات العلمية والتقنية ابدلستوايت اليت‬
‫يعرفها اجلميع‪.‬‬

‫انطلقت ْنربتا التحديث الياابنية األوىل والثانية مباشرة بعد ٓنديٌن عسكريٌن أمريكيٌن يف عاـ ‪ 1953‬مع محلة‬
‫بًني‪ ،‬وىو البحري األمريكي ماثيو بًني الذي ضغط على الياابف كي تنفتح على التجارة األمريكية‪ ،‬ومت لو ذلك‬
‫بتوقيع اتفاقيو كاانغاوا (اتفاقية السالـ والصداقة) يف ‪ 31‬مارس ‪ .1954‬ويف عاـ ‪ 1945‬عندما ألقت الوالايت‬
‫ادلتحدة قنبلتٌن ذريتٌن على كل من ىًنوشيما وانجازاكي‪ .‬ورّنا يسمح ذلك بربوز مقوالت تؤكد أف زخم التحديث‬
‫الياابين مل يكن ليتحقق لوال العامل ادلوضوعي ادلتمثل يف سؤاؿ القوة األمريكية‪ ،‬وما تطلب فرضو من تقدمي أجوبة‬
‫ايابنية زلددة وموجهة‪.‬‬

‫أمامنا ىنا إشكاؿ أساسي يتعلق نظراي ابرتباط النتائج ّنقدماهتا‪ ،‬وشنكن صياغتو كالتايل‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ىل شنكن دلقدمات رارسنية لبلد ما وّنواصفات ادلوضوعية والذاتية‪ ،‬أف تفرز نتائج تنموية سلتلفة ومتباينة وأحياان‬
‫متعارضة؟ بعبارة أدؽ أنتجت التجربة الياابنية يف مرحلتها األوىل (‪ )1945-1969‬مسًنة تنموية انتهت بتوسع‬
‫دموي على حساب دوؿ اجلوار‪ ،‬وارتبط ذلك َنمعيات فكرية ورلتمعية خاصة‪ ،‬وىي ادلقدمات نفسها اليت منحت‬
‫الياابف قمة العطاء التكنولوجي والتنموي خالؿ ادلرحلة الثانية ‪ 1940‬وما بعدىا‪.‬‬

‫وقد أجنزت يف العامل العريب بعض الدراسات عن ْنربة التحديث الياابنية‪ ،‬وتطرقت إليها برؤى سلتلفة من زوااي‬
‫متباينة‪ ،‬ومن بينها كتاب "الياابف بعيوف عربية" (‪ )2004-1904‬دلسعود ضاىر‪ ،‬الصادر عن مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية ‪ .2005‬وعقدت ندوات مشرتكة بٌن مفكرين عرب وايابنيٌن‪ ،‬حاولت إقامة جسور ثقافية بٌن‬
‫اجلانبٌن‪.‬‬

‫اإلشكالية ادلركزية اليت تطرحها ىذه الوحدة‪:‬‬

‫إذا كان كل من ادلغرب والياابن قد واجها حتدايت خارجية متشاهبة (‪ )4481-4411‬دفعتهما‪ ،‬ظاىراي إىل‬
‫إرسال بعثات تعليمية إىل دول الغرب الرأمسايل وتوظيف نتائجها يف عملية اإلصالح الداخلي والتنمية‪ .‬فلماذا‬
‫جنحت احملاولة الياابنية وفشلت مثيلتها ادلغربية؟‬

‫تدفعنا ىذه ادلالحظات إىل زلاولة تتبع درجة حضور التجربة التنموية الياابنية األوىل يف أذىاف معاصريها من‬
‫النخب الفكرية والسياسية ادلغربية بناءً على طبيعة البحث واإلشكالية اليت زناوؿ تفكيك وحدهتا واإلجابة على بعض‬
‫تفصيالهتا‪ ،‬فال نعثر على ما يفيد ُنثنا يف ىذا اجملاؿ‪ ،‬أو ما شننحنا مادة مصدرية مالئمة تتيح لنا قابلية إجناز زلور‬
‫شنكن أف ننعتو ابلتنمية الياابنية بعيوف مغربية‪.‬‬

‫تعترب تونس ومصر ودوؿ اخلليج من البلداف القليلة اليت حاولت خالؿ الندوات والكتاابت والرحالت وضع عالمات‬
‫مضيئة يف ىذا اجملاؿ‪ ،‬مستفيدة من االنفتاح الثقايف الياابين على العامل العريب‪ ،‬خصوصا بعد تزايد أذنية النفط يف رسم‬
‫مالمح العالقات الدولية‪ .‬ففي الندوة اليت نظمتها اليونسكو يف ابريس بعنواف "أشغاؿ الندوة الدولية التنوع الثقايف‬
‫والعودلة التجربة العربية الياابنية احلوار اإلقليمي اليت عقدت يف السادس والسابع من مايو ‪ ،"2004‬وشارؾ فيها‬
‫العديد من الباحثٌن العرب والياابنيٌن‪ ،‬جرى الرتكيز على ْنربة دمحم علي التحديثية ومقارنتها بتجربة ادليجي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫يف ادلقابل تندر اإلشارة إىل بعد ادلقارنة بٌن ْنربة التحديث يف كل من ادلغرب والياابف‪ .‬فال نعرؼ أية ندوة دولية أو‬
‫وطنية فيها تعميق للنقاش يف رلاؿ ادلقارنة بٌن ْنربة التحديث ادلغربية وْنربة التحديث الياابنية يف النصف الثاين من‬
‫القرف ‪.19‬‬

‫تدفعنا ىذه ادلالحظات إىل تتبع درجة حضور التجربة التنموية األوىل يف أذىاف (‪ )Mentalités‬معاصريها من‬
‫النخب الفكرية والسياسية ادلغربية‪ .‬بناء على طبيعة البحث واإلشكالية فال نعثر على ما يفيد ُنثنا يف ىذا اجملاؿ‪ ،‬أو‬
‫ما شننحنا مادة مصدرية مالئمة تتيح لنا إجناز ُنث شنكنو أف تنعتو "ابلتنمية الياابنية بعيوف مغربية"‪.‬‬

‫من أبرز الواثئق اليت تربز درجة احلضور الياابين يف التصورات اإلصالحية ادلغربية‪ ،‬ما ورد يف الدستور الذي اقرتحو‬
‫الشيخ عبد الكرمي مراد على السلطاف ادلوىل عبد العزيز‪ ،‬والذي يبدو عليو من قراءة أولية مضامينو العامة إدراؾ دلشروع‬
‫التنمية الياابنية ومراميو التحديثية‪ ،‬إذ حاوؿ الشيخ مراد جاىدا تقدمي إجاابت كفيلة بتفسًن النجاح التنموي الياابين‬
‫داعيا من خاللو إىل أتمل التجربة وزلاكاهتا وإنتاج صورة موازية ذلا يف مغرب بداية القرف العشرين‪.‬‬

‫شنكن اعتبار الشيخ مراد الوسيط (‪ )Médiateur‬الذي عرؼ النخب ادلغربية ابلتجربة الياابنية وانتصاراهتا التارسنية‬
‫على روسيا القيصرية‪ ،‬ويتبٌن أننا فقدان القدرة على االتصاؿ ادلباشر ّنصادر (‪ )Source‬اخلرب‪ ،‬وتوسلنا ابدلشرؽ‬
‫إلدراؾ ادلستجدات السياسية يف منطقة الشرؽ األقصى‪ .‬ومل نستطيع‪ ،‬كما فعل ابن بطوطة يف زمن أيب عناف‪ ،‬إنتاج‬
‫معرفة خربية ِنصوص األمم البعيدة‪.‬‬

‫ٓنيلنا ىذه االشارة أيضا إىل قضية ابلغة األذنية‪ ،‬تتعلق ابقتفاء النخبة الفكرية والسياسية يف ادلغرب خالؿ الفرتة‬
‫ادلذكورة خطى التحديث ادلصري والبعثات التعليمية ادلصرية‪ ،‬وابلبحث عن أسباب التمدف الغريب برتمجتو ادلصرية على‬
‫أرض الواقع ادلغريب‪.‬‬

‫تبوء احلضور التنموي الياابين مكانة متميزة لدى ادلؤرخ ادلغريب ابن زيداف‪ ،‬الذي قدـ شكال من أشكاؿ ادلقارنة بٌن‬
‫مآؿ التحديث يف كل من ادلغرب والياابف يف أثناء تقوشنو البعثات ادلغربية اليت أرسلها السلطاف احلسن األوؿ إىل أورواب‪،‬‬
‫فقد ذكر أف "الياابن كانت أحط من ادلغرب بكثري بل ال نسبة إذ ذاك بني ادلغرب والياابن يف االحنطاط‪ ،‬يف ذلك‬

‫‪4‬‬
‫الوقت اجتو ملك الياابن ىذا االجتاه نفسو‪ ،‬فوجو ادلتعلمني من الياابنيني وأعانتو بطانتو احلسنو الطيبة القصد‪،‬‬
‫فحصلت النتيجة ادلنتظرة وصار الياابن تقر بعظمتها أعظم الدول وختشى أبسها"‪.1‬‬

‫يثار أمامنا يف ىذا ادلوضوع سؤاؿ جوىري يتعلق ابدلصادر اليت اعتمدىا ابن زيداف للتوصل إىل ىذا احلكم الذي يبدو‬
‫ألوؿ وىلة أنو حكم متسرع وفاقد لضوابط اخلرب التارسني‪ ،‬فإذا كاف صاحب "العالئق السياسية للدولة العلوية" يلمح‬
‫إىل فساد عناصر اإلدارة البًنوقراطية يف ادلخزف احلسين ودورىا يف إفشاؿ سًنورة التحديث يف ادلغرب‪ ،‬وىو اجلانب‬
‫الذي توافرت لو فيو مادة واثئقية دمسة‪ ،‬فإف حكمو على أتخر الياابف وتقهقرىا احلضاري يف فرتة ما قبل عهد ادليجي‬
‫زنتاج إىل دراسة ونظر‪ ،‬خصوصا أ نو مل تقدـ شواىد دلا ذىب إليو من أحكاـ بشأف أتخر الياابف الفيودالية واحنطاطها‬
‫احلضاري‪.‬‬

‫يدفعنا ىذا االستنتاج كذلك إىل إاثرة مسألة تشابو (‪ )Ressemblance‬ادلقدمات اجملتمعية أو تفاوهتا‪ ،‬فإذا كاف‬
‫ذلك صحيحا ومقبوال ف بأي صفة ومعىن؟ وإذا خضعت ادلقدمات ادلادية دلنطق القياس واالعتبار واالستبصار‪ ،‬فهل‬
‫شنكن رصد اجلانب اخلفي وحركة الالوعي اجلماعي ودوره يف عملية البناء احلضاري وتقوشنها؟ وىل شنكن لعامل القيم‬
‫وادلثل أف سنضع دلنطق ادلقارنة؟‬

‫يف ىذا الصدد يقوؿ دمحم داود "كانت الفرصة ساحنة أمام ادلغرب ليتقدم إىل األمام خطوات لو أنو خطاىا لصار‬
‫أعلم وأقوى حىت من بالد الياابن اليت كانت تغرق يف محأة التخلف واخلرافات والتمسك مبقدسات ومهية كانت‬
‫كالقيود يف األرجل والسالسل واألغالل يف األعناق"‪.2‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬وجبت اإلشارة إىل أطروحة مسعود ضاىر‪ 3‬اليت ذيلها ّنقدمة تشابو ادلقدمات واختالؼ النتائج‪.‬‬
‫فهل شنكن القوؿ بنظرية تشابو ادلقدمات واختالؼ النتائج؟ فهل كانت مصر يف عهد دمحم علي يف وضع مشابو لوضع‬
‫الياابف؟ وما ادلؤشرات اليت اعتمدىا بعض ادلشارقة يف اخلروج هبذا االستنتاج؟ علينا بدءا االشارة إىل أف موضوع‬
‫ادلقارنة يتطلب نوعا من اإلحاطة ّنجمل ادلقدمات اليت نعتقد فعاليتها وأذنيتها يف تناوؿ موضوع البحث‪ ،‬ويف‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمن بن زيدان العالئق السياسية للدولة العلوية‪ ،‬تقديم وتحقيق عبد اللطيف الشاذلي‪ ،‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط ‪ ،9111 ،‬ص ‪.941‬‬
‫‪ -2‬دمحم داود تاريخ تطوان ‪ 9161‬مجلد ‪ 5‬القسم ثالثة ص ‪.951‬‬
‫‪ -3‬مسود ضاهر‪ ،‬النهضة العربية والنهضة اليابانية تشابه المقدمات واختالف النتائج‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬عالم‬
‫المعرفة‪.9111 ،‬‬

‫‪5‬‬
‫مقدمتها التنقيب يف خصوصيات الذىنية الياابنية ودور اجلماعة ‪ /‬الذىنية اجلماعية ( ‪La mentalité‬‬
‫‪ )collective‬يف صوغ اجملتمع اجلديد‪ ،‬وميزة االقتصاد يف اجلهد واستغالؿ الرتاكم التارسني‪ ،‬وتوافر خنبة متنوعة‬
‫ٕنتلك حس االنتماء والقدرة على استثمار ادلادة الداخلية وتوظيفها بذكاء وٕنيز يف عملية البناء احلضاري‪.‬‬

‫ومن جانب آخر مل تنتو التجربة الياابنية نفسها أبدنوذج إمرباييل استعماري‪ ،‬توسل توظيف لغة العنف‬
‫(‪ )Violence‬والتدمًن ْناه الشعوب اآلسيوية القريبة من اجملاؿ احليوي للياابف؟ وىل تصلح التجربة الياابنية‬
‫بنسختها السلبية ىذه أدنوذجا للتمثيل والقياس؟‬

‫إذا انتقلنا إىل الدراسات والبحوث ادلغربية ادلعاصرة اليت حاولت أف تقارف بٌن األدنوذجٌن التحديثيٌن الياابين وادلغريب‬
‫خالؿ النصف الثاين من القرف ‪ ،19‬جند أهنا اقتفت آاثر الدراسات ادلشرقية السابقة‪ ،‬مع أتكيد خالؼ ابن زيداف‬
‫على تباين (اختالؼ) ادلقدمات الياابنية عن مثيلتها ادلغربية‪.‬‬

‫ختم عثماف أشقرا يف كتابو العطب ادلغريب‪ُ :‬نث يف أصوؿ التحديث وإعاقتو ابدلغرب (مطبعة النجاح اجلديدة‬
‫‪ ،2003‬ص ‪ )55‬مقارنتو قائال‪ " :‬بينما يف احلالة ادلغربية ىيمنت السلفية التقليدانية‪ ،‬حبيث جاء التحديث كأنو‬
‫أداه أو قناة جديدة فاعلة للمزيد من صب اجملتمع يف قالب ادلنظومة الفكرية والسلفية ادلهيمنة أصال"‪ .‬وىذا ما‬
‫نعرب عنو ابلتحديث ادلعكوس (‪ .)Réformer à l’inverse‬يبدو أف ىذا االستنتاج جزء يف نظرتو إىل آليات‬
‫اإلعاقة ومرادفات العطب التنموي‪ ،‬ذلك أف الطابع الشمويل يف مقاربة عناصر اخللل ظل غائبا‪ .‬كما أف ادلقارنة‬
‫اكتست طابع السرعة يف استخالص النتائج من دوف ٕنحيصها وتعميق البحث يف إشكاالهتا التارسنية‪ .‬اعتمد الباحث‬
‫أساسا على إنتاجات من سبقو من دارسٌن مشارقة من دوف تقليب النظر يف الكتاابت الياابنية واألجنلوسكسونية‬
‫واألدلانية اليت يصعب على الباحث يف ادلوضوع الياابين االستغناء عنها‪.‬‬

‫ٔنتم ىذه اإلشكاالت العديدة مقاربة ادلوضوع من جديد ابلشكل الذي رنعلو إضافة إىل ادلقارابت السابقة وتوطئة‬
‫للدراسات الالحقة‪ .‬وتتوسل ىذه احملاولة تفكيك النصوص والبحث يف خباايىا وادلقارنة فيما بينها الستنتاج اخليط‬
‫الناظم الذي يربطها ويؤطرىا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫يعترب التحليل االنثربولوجي مفتاحا أساسا لولوج عوامل ادلقارنة بٌن أدنوذجٌن ٓنديثيٌن متباينٌن‪ ،‬من خالؿ مدخل‬
‫البعثات التعليمية حنو دوؿ الغرب الرأمسايل يف فرتة حدثت بٌن سقوطٌن عسكريٌن يف كل من ادلغرب (‪-1944‬‬
‫‪ )1912‬والياابف (‪.)1945-1953‬‬

‫ما ىي مشروعية اختيار األدنوذج الياابين مادة للدراسة ادلقارنة؟‬

‫فيما سنص البعثات التعليمية ادلغربية ال يستغين الباحث عن‪:‬‬

‫‪ ‬مصنفات عبد الرمحن بن زيداف‪،‬‬

‫‪ ‬وإٓناؼ أعالـ الناس َنماؿ حاضرة مكناس‪،‬‬

‫‪ ‬والعز والصولة يف معامل نظم الدولة‪،‬‬

‫‪ ‬والعالئق السياسية للدولة العلوية‪،‬‬

‫‪ ‬والدرر الفاخرة‪ :‬مذكرات بعض الطلبة كالزبًن سكًنج وابن طوجة وأمحد العيدوين ودمحم بن الكعاب الشركي‪.‬‬

‫‪ ‬وادلراسالت ادلخزنية ِنصوص موضوع البعثات التعليمية يف دورية الواثئق‪ ،‬ويف اخلزانة العامة يف تطواف واليت‬
‫تتوفر على رصيد مهم يف موضوع البعثات من خالؿ ادلراسالت ادلخزنية اليت كاف يستقبلها النائب دمحم بن‬
‫العريب الطريس خالؿ عهد احلسن األوؿ وعهد الوصاية وفرتة حكم ادلوىل عبد العزيز‪.‬‬

‫‪ ‬وقد تناوؿ ادلنوين موضوع البعثات ضمن كتابو مظاىر يقظة ادلغرب احلديث‪.‬‬

‫‪7‬‬

You might also like