You are on page 1of 10

‫دالالت ختم النبوة في اإلسالم‬

‫ختم النبوة هو عقيدة إسالمية أساسية ُت فيد بأّن النبي محمد صلى هللا عليه وسلم هو آخر األنبياء والرسل‪ ،‬وأن ال نبي بعده‪.‬‬
‫ولختم النبوة دالالٌت عظيمٌة ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ .1‬اكتمال الدين اإلسالمي‪:‬‬
‫مع ختم النبوة‪ ،‬أكمل هللا تعالى دينه اإلسالمي وبّين أحكامه‪ ،‬ولم يبَق مجاٌل لنبٍّي جديٍد يأتي بنسٍخ أو تغييٍر في الدين‪.‬‬
‫‪ .2‬مسؤولية البشرية‪:‬‬
‫مع ختم النبوة‪ ،‬انتقلت مسؤولية فهم الدين وتطبيقه إلى البشرية جمعاء‪.‬‬
‫‪ .3‬خلود القرآن الكريم‪:‬‬
‫مع ختم النبوة‪ُ ،‬حفظ القرآن الكريم من التحريف والتغيير‪ ،‬فهو معجزٌة خالدٌة إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫‪ .4‬اجتهاد العلماء‪:‬‬
‫مع ختم النبوة‪ ،‬ظهر دور العلماء في االجتهاد واستنباط األحكام من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة‪.‬‬
‫‪ .5‬التنوع والتعدد‪:‬‬
‫مع ختم النبوة‪ ،‬ظهرت الحضارة اإلسالمية ِبتنوعها وتعددها‪ ،‬فكان ذلك من ثمار اكتمال الدين‪.‬‬
‫‪ .6‬رحمة هللا تعالى‪:‬‬
‫ختم النبوة هو رحمٌة من هللا تعالى للبشرية‪ ،‬حيث وّف ر لهم الدين الكامل والواضح‪ ،‬وجعلهم مسؤولين عن فهمه وتطبيقه‪.‬‬
‫‪ .7‬إثبات نبوة محمد صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫ختم النبوة هو إثباٌت قاطٌع على نبوة محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فلو كان هناك نبٌّي بعده‪ ،‬لكان ذلك نقًضا ِلما ورد في‬
‫القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة‪.‬‬
‫‪ .8‬التحدي‪:‬‬
‫ختم النبوة هو تحٍّد للبشرية‪ ،‬حيث دعاهم هللا تعالى إلى إثبات صدق نبٍّي بعد محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ولم ُيثبت أحٌد ذلك‬
‫على مر التاريخ‪.‬‬
‫‪ .9‬الوحدة اإلسالمية‪:‬‬
‫ختم النبوة هو أحد أهم عوامل الوحدة اإلسالمية‪ ،‬حيث اتفقت جميع المذاهب اإلسالمية على هذه العقيدة‪.‬‬
‫‪ .10‬االبتالء‪:‬‬
‫ختم النبوة هو ابتالٌء من هللا تعالى للبشرية‪ ،‬حيث اختبرهم ِبإيمانهم ِبهذه العقيدة‪ ،‬وبّين لهم أّن الدين اإلسالمي هو الدين‬
‫الحّق ‪.‬‬
‫ختاًم ا‪:‬‬
‫ختم النبوة هو عقيدٌة إسالميٌة أساسيٌة لها دالالٌت عظيمٌة على الدين اإلسالمي والحضارة اإلسالمية‪.‬‬
‫دور األنبياء في تغيير واقع اإلنسان في اإلسالم‬

‫لعب األنبياء دوًر ا محورًيا في تغيير واقع اإلنسان في اإلسالم‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬‬

‫‪ .1‬تبليغ الرسالة اإللهية‪:‬‬

‫جاء األنبياء حاملين رسالة هللا تعالى التي ُت نير عقول البشر وُت رشدهم إلى الصراط المستقيم‪ُ .‬ت قدم هذه الرسالة منظومة‬
‫أخالقية وقانونية ُت نظم حياة اإلنسان وُت ساعده على تحقيق الفضيلة والسعادة‪.‬‬

‫‪ .2‬إصالح العقائد‪:‬‬
‫حارب األنبياء الشرك والوثنية‪ ،‬ونشروا التوحيد واإليمان باهلل الواحد األحد‪ .‬ساعد ذلك في تحرير اإلنسان من عبادة‬
‫األصنام واألوهام‪ ،‬وجعله ُيدرك عظمة هللا ورحمته‪.‬‬
‫‪ .3‬إصالح األخالق‪:‬‬
‫دعى األنبياء إلى األخالق الفاضلة مثل الصدق واألمانة والعدل واإلحسان‪ .‬ساعد ذلك على بناء مجتمعات إنسانية أكثر‬
‫تماسًك ا وتعاوًن ا‪ ،‬وقّلل من الظلم والفساد‪.‬‬

‫‪ .1‬هداية اإلنسان إلى عبادة هللا تعالى‪:‬‬

‫جاء األنبياء لهداية الناس من عبادة األصنام والوثنية إلى عبادة هللا تعالى وحده ال شريك له‪ ،‬وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح‬
‫المجتمع‪ ،‬حيث أن من يعبد هللا تعالى يبتعد عن الظلم والفساد‪.‬‬

‫‪ .2‬تعليم اإلنسان األخالق الفاضلة‪:‬‬

‫أرسل هللا تعالى األنبياء لتعليم الناس األخالق الفاضلة مثل الصدق واألمانة والعدل والتسامح‪ ،‬وهذه األخالق هي أساس‬
‫بناء المجتمعات الصالحة‪.‬‬

‫‪ .3‬إصالح المجتمع من الظلم والفساد‪:‬‬

‫سعى األنبياء إلى إصالح المجتمع من الظلم والفساد‪ ،‬ونشر العدل والمساواة بين الناس‪ ،‬وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫‪ .4‬نشر العلم والمعرفة‪:‬‬

‫كان األنبياء مصدًر ا للعلم والمعرفة‪ ،‬حيث علموا الناس العلوم المختلفة مثل الطب والفلك والرياضيات‪ ،‬وهذه العلوم تساعد‬
‫اإلنسان على فهم الدين واألخالق بشكل أفضل‪.‬‬

‫‪ .5‬إحياء الفطرة اإلنسانية‪:‬‬

‫أعاد األنبياء إحياء الفطرة اإلنسانية التي فطر هللا تعالى الناس عليها‪ ،‬ودعواهم إلى التخلص من الرذائل والصفات السيئة‪،‬‬
‫وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح المجتمع‪.‬‬

‫‪ .4‬إصالح المجتمع‪:‬‬
‫سعى األنبياء إلى إصالح المجتمع من خالل محاربة الظلم والفساد‪ ،‬ونشر العدل والمساواة‪ .‬ساعد ذلك على بناء مجتمعات‬
‫أكثر عدًال ورحمة‪ ،‬ووّفر بيئة مناسبة لنمو اإلنسان وتطوره‪.‬‬

‫‪ .1‬هداية اإلنسان إلى عبادة هللا تعالى‪:‬‬

‫جاء األنبياء لهداية الناس من عبادة األصنام والوثنية إلى عبادة هللا تعالى وحده ال شريك له‪ ،‬وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح‬
‫المجتمع‪ ،‬حيث أن من يعبد هللا تعالى يبتعد عن الظلم والفساد‪.‬‬

‫‪ .2‬تعليم اإلنسان األخالق الفاضلة‪:‬‬

‫أرسل هللا تعالى األنبياء لتعليم الناس األخالق الفاضلة مثل الصدق واألمانة والعدل والتسامح‪ ،‬وهذه األخالق هي أساس‬
‫بناء المجتمعات الصالحة‪.‬‬

‫‪ .3‬إصالح المجتمع من الظلم والفساد‪:‬‬

‫سعى األنبياء إلى إصالح المجتمع من الظلم والفساد‪ ،‬ونشر العدل والمساواة بين الناس‪ ،‬وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫‪ .4‬نشر العلم والمعرفة‪:‬‬

‫كان األنبياء مصدًر ا للعلم والمعرفة‪ ،‬حيث علموا الناس العلوم المختلفة مثل الطب والفلك والرياضيات‪ ،‬وهذه العلوم تساعد‬
‫اإلنسان على فهم الدين واألخالق بشكل أفضل‪.‬‬

‫‪ .5‬إحياء الفطرة اإلنسانية‪:‬‬

‫أعاد األنبياء إحياء الفطرة اإلنسانية التي فطر هللا تعالى الناس عليها‪ ،‬ودعواهم إلى التخلص من الرذائل والصفات السيئة‪،‬‬
‫وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح المجتمع‪.‬‬

‫أمثلة على دور األنبياء في إصالح المجتمع‪:‬‬

‫نبي هللا نوح عليه السالم‪ :‬نهى قومه عن الكفر والفساد‪ ،‬ودعاهم إلى عبادة هللا تعالى واألخالق الفاضلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫نبي هللا إبراهيم عليه السالم‪ :‬حطم األصنام ودعا الناس إلى عبادة هللا تعالى واألخالق الفاضلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫نبي هللا موسى عليه السالم‪ :‬أنقذ بني إسرائيل من فرعون وجاءهم بالتوراة‪ ،‬التي تحتوي على تعاليم أخالقية‬ ‫‪‬‬
‫عظيمة‪.‬‬
‫نبي هللا عيسى عليه السالم‪ :‬عالج المرضى وأحيا الموتى ونشر الدين المسيحي‪ ،‬الذي يدعو إلى األخالق‬ ‫‪‬‬
‫الفاضلة‪.‬‬
‫نبي هللا محمد ﷺ‪ :‬ختم النبوة وجاء بالقرآن الكريم‪ ،‬الذي يحتوي على تعاليم أخالقية عظيمة‪ ،‬وبلغ الرسالة‬ ‫‪‬‬
‫الخاتمة للبشرية‪.‬‬

‫الخالصة‪:‬‬

‫كان لألنبياء دور عظيم في إصالح المجتمع في اإلسالم‪ ،‬وذلك من خالل هداية الناس إلى عبادة هللا تعالى وتعليمهم‬
‫األخالق الفاضلة وإصالح المجتمع ونشر العلم والمعرفة وإحياء الفطرة اإلنسانية‪.‬‬

‫وإليك بعض األمثلة من القرآن الكريم والسنة النبوية على دور األنبياء في إصالح المجتمع‪:‬‬

‫قال هللا تعالى‪َ" :‬و َلَقْد َأْر َس ْلَن ا ُرُس َلَن ا ِباْلَبِّي َن اِت َو َأْنَز ْلَن ا َمَع ُهُم اْلِك َت اَب َو اْل ِميَز اَن ِلَي ُقوَم الَّن اُس ِباْل ِقْس ِط " (الحديد‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.)25‬‬
‫قال رسول هللا ﷺ‪" :‬إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق" (رواه البخاري)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وبهذا نرى أن دور األنبياء في إصالح المجتمع دور عظيم وهام‪ ،‬وأن تعاليمهم األخالقية هي أساس بناء المجتمعات‬
‫الصالحة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ما سبق‪ ،‬إليك بعض النقاط اإلضافية حول دور األنبياء في إصالح المجتمع‪:‬‬

‫األنبياء هم قدوة حسنة للمجتمع‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫كان األنبياء قدوة حسنة للمجتمع في جميع جوانب حياتهم‪ ،‬من العبادة إلى األخالق إلى المعامالت‪.‬‬

‫األنبياء يدعون إلى التعاون والتكافل‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫حث األنبياء على التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع‪ ،‬وهذا من أهم أسس بناء المجتمعات الصالحة‪.‬‬

‫األنبياء يحاربون الظلم والفساد‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫حارب األنبياء الظلم والفساد بكل أشكاله‪ ،‬ودعوا إلى العدل والمساواة بين الناس‪.‬‬

‫األنبياء ينشرون العلم والمعرفة‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫كان األنبياء مصدًر ا للعلم والمعرفة‪ ،‬ونشروا العلم بين الناس لرفع مستوى وعيهم وفهمهم للدين واألخالق‪.‬‬

‫**ختاًما‪ ،‬نرى أن دور األنبياء في إصالح المجتمع دوٌر‬

‫‪ .5‬التربية والتوجيه‪:‬‬
‫قام األنبياء بتربية وتوجيه الناس‪ ،‬وشرح لهم معاني القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة‪ .‬ساعد ذلك على نشر المعرفة‬
‫والفهم بين الناس‪ ،‬وجعلهم أكثر قدرة على تطبيق تعاليم الدين اإلسالمي في حياتهم‪.‬‬
‫‪ .6‬القدوة الحسنة‪:‬‬
‫كان األنبياء قدوة حسنة للناس في أقوالهم وأفعالهم‪ .‬ساعد ذلك على جذب الناس إلى الدين اإلسالمي‪ ،‬وتشجيعهم على‬
‫االقتداء بسلوك األنبياء‪.‬‬
‫‪ .7‬التبشير واإلنذار‪:‬‬

‫بّش ر األنبياء الناس بالجنة ونعيمها‪ ،‬وأنذروهم من النار وعذابها‪ .‬ساعد ذلك على تحفيز الناس على العمل الصالح‪ ،‬وتجنب‬
‫المعاصي والذنوب‪.‬‬

‫‪ .8‬تحرير اإلنسان من العبودية‪:‬‬

‫حّررت تعاليم األنبياء اإلنسان من عبودية البشر‪ ،‬وجعله ُيدرك أّن العبودية هلل تعالى وحده‪ .‬ساعد ذلك على بناء مجتمعات‬
‫أكثر إنسانية وعدًال‪.‬‬

‫‪ .9‬ربط اإلنسان باهلل تعالى‪:‬‬


‫ساعدت تعاليم األنبياء على ربط اإلنسان باهلل تعالى من خالل العبادة والدعاء‪ .‬ساعد ذلك على تقوية اإليمان والشعور‬
‫بالطمأنينة والسعادة‪.‬‬

‫خالصة‪:‬‬

‫لعب األنبياء دوًر ا هاًما في تغيير واقع اإلنسان في اإلسالم من خالل تبليغ الرسالة اإللهية‪ ،‬وإصالح العقائد واألخالق‪،‬‬
‫وإصالح المجتمع‪ ،‬والتربية والتوجيه‪ ،‬والقدوة الحسنة‪ ،‬والتبشير واإلنذار‪ ،‬وإحياء الفطرة اإلنسانية‪ ،‬وتحرير اإلنسان من‬
‫العبودية‪ ،‬وربط اإلنسان باهلل تعالى‪.‬‬

‫سمة الوضع عند بعثة األنبياء والرسل‬

‫سمة الوضع هي إحدى الصفات التي تميز بعثة األنبياء والرسل في اإلسالم‪ ،‬وتشير إلى أن األنبياء والرسل ُيبعثون في‬
‫أوقات عصيبة يزداد فيها الظلم والفساد‪ ،‬وتنتشر فيها األمراض والفتن‪.‬‬
‫بعض األمثلة على سمة الوضع عند بعثة األنبياء والرسل‪:‬‬
‫بعثة النبي نوح عليه السالم‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ُبعث النبي نوح عليه السالم في قوٍم كافرين يعبدون األصنام‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫كان قومه ُيقتلون أوالدهم خوًف ا من الفقر‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫انتشرت الفوضى والظلم في المجتمع‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫بعثة النبي موسى عليه السالم‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ُبعث النبي موسى عليه السالم في قوٍم مستعبدين من قبل فرعون وجنوده‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫كان قومه ُيعانون من الظلم واالضطهاد‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫انتشرت األمراض والفتن في المجتمع‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫بعثة النبي عيسى عليه السالم‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ُبعث النبي عيسى عليه السالم في قوٍم ضّلوا عن طريق الحق‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫كان قومه ُيعانون من األمراض والفتن‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫انتشر الفساد والظلم في المجتمع‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫بعثة النبي محمد صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ُبعث النبي محمد صلى هللا عليه وسلم في قوٍم جاهليين يعبدون األصنام‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫كان قومه ُيعانون من الفوضى والظلم‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫انتشرت األمراض والفتن في المجتمع‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫بعض األسباب التي تجعل األنبياء والرسل ُي بعثون في أوقاٍت عصيبة‪:‬‬


‫إلظهار قدرة هللا تعالى‪ :‬إظهار قدرة هللا تعالى على تغيير الواقع‪ ،‬وإصالح المجتمع‪ ،‬ونشر الخير والعدل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الختبار إيمان المؤمنين‪ :‬اختبار إيمان المؤمنين و صبرهم في ظل الظروف الصعبة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إلظهار رحمة هللا تعالى‪ :‬إظهار رحمة هللا تعالى بعباده‪ ،‬وإرسال من ُيرشدهم إلى طريق الصواب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫بعض التفاصيل حول سمة الوضع عند بعثة األنبياء والرسل‪:‬‬


‫الظلم والفساد‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ُيبعث األنبياء والرسل في أوقاٍت يزداد فيها الظلم والفساد في المجتمع‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫قد يكون هذا الظلم من ِقبل الحكام أو من ِقبل أفراد المجتمع‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫ُيرسل هللا تعالى األنبياء والرسل إلصالح المجتمع ونشر العدل‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫األمراض والفتن‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫قد ُت صيب المجتمعات األمراض والفتن في أوقاٍت عصيبة‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫قد تكون هذه األمراض طبيعية أو ناتجة عن الحروب أو الكوارث الطبيعية‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫ُيرسل هللا تعالى األنبياء والرسل ِلتخفيف معاناة الناس ونشر الخير والسالم‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫الضالل عن طريق الحق‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫قد يضّل بعض الناس عن طريق الحق في أوقاٍت عصيبة‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫قد يكون هذا الضالل بسبب الجهل أو بسبب التأثيرات الخارجية‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫ُيرسل هللا تعالى األنبياء والرسل ِلهداية الناس إلى طريق الصواب‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كان منهج األنبياء في االصالح يتثمل في المحاور اآلتية‪- :‬‬
‫أوًال‪ :‬تحقيق التوحيد الخالص‪ :‬لكي يتحقق وعد هللا باالستخالف في األرض‪ ،‬والتمكين ونشر‬
‫األمن بعد الخوف‪ ،‬البد من تحقيق التوحيد الخالص‪ ،‬كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬وَع َد الَّلُه اَّلِذ يَن آَم ُن وا ِم ْن ُك ْم‬
‫َوَع ِم ُلوا الَّصاِلَح اِت َلَيْس َتْخ ِلَف َّنُه ْم ِفي اَأْلْرِض َكَم ا اْس َتْخ َلَف اَّلِذ يَن ِم ْن َقْب ِلِه ْم َوَلُيَم ِّكَنَّن َلُه ْم ِد يَنُهُم‬
‫اَّلِذ ي اْر َتَضى َلُه ْم َوَلُيَبِّد َلَّنُه ْم ِم ْن َبْع ِد َخ ْو ِفِه ْم َأْم ًن ا َيْع ُبُد وَنِني اَل ُيْش ِرُكوَن ِبي َش ْي ًئ ا َوَمْن َكَف َر َبْعَد‬
‫َذِلَك َف ُأوَلِئَك ُه ُم اْلَف اِسُق وَن ﴾ [النور‪]55 :‬‬

‫(ولقد بعث هللا األنبياء لمهمة واحدة‪ ،‬هي عبادة هللا وحده ال شريك له كما جاء في كتاب هللا‬
‫تعالى‪:‬‬
‫َل‬ ‫ِم‬ ‫ُك‬‫َل‬
‫َه َم ْم ْن ِإ ٍه‬‫ا‬ ‫َّل‬‫ال‬ ‫وا‬ ‫ا‬ ‫َق‬‫ا‬
‫َل َي ْو ِم ْع ُبُد‬‫َقا‬ ‫َف‬ ‫ِمِه‬ ‫ْو‬ ‫َق‬ ‫ى‬‫َل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ْل‬ ‫َأ‬
‫ْد ْر َس َن ُن ًح ِإ‬ ‫َق‬‫َل‬ ‫﴿‬ ‫والسالم‬ ‫الصالة‬ ‫عليه‬ ‫نوح‬ ‫‪-1‬‬
‫َأ‬
‫َغ ْي ُر ُه ِإِّني َخ اُف َع َلْي ُك ْم َع َذاَب َيْوٍم َع ِظ يٍم ﴾ [األعراف‪]59 :‬‬

‫‪ - 2‬هود عليه الصالة والسالم‪َ ﴿ :‬وِإَلى َع اٍد َأَخ اُهْم ُه وًد ا َق اَل َياَقْو ِم اْع ُبُد وا الَّلَه َم ا َلُك ْم ِم ْن ِإَلٍه‬
‫َغ ْي ُر ُه َأَفاَل َتَّتُق وَن ﴾ [األعراف‪.]65 :‬‬

‫‪ - 3‬صالح عليه الصالة والسالم‪َ ﴿ :‬وِإَلى َثُم وَد َأَخ اُهْم َصاِلًح ا َق اَل َياَقْو ِم اْع ُبُد وا الَّلَه َم ا َلُك ْم ِم ْن ِإَلٍه‬
‫َغ ْي ُر ُه ﴾ [األعراف‪.]73 :‬‬

‫‪ - 4‬إبراهيم عليه الصالة والسالم ﴿ َوِإْبَراِه يَم ِإْذ َق اَل ِلَق ْو ِمِه اْع ُبُد وا الَّلَه َواَّتُق وُه َذِلُك ْم َخ ْي ٌر َلُك ْم ِإْن‬
‫ُك ْن ُت ْم َتْع َلُم وَن ﴾ [العنكبوت‪.]16 :‬‬

‫‪ - 5‬شعيب عليه الصالة والسالم ﴿ َوِإَلى َمْد َيَن َأَخ اُهْم ُش َعْيًبا َق اَل َياَقْو ِم اْع ُبُد وا الَّلَه َم ا َلُك ْم ِم ْن‬
‫ِإَلٍه َغ ْي ُر ُه ﴾ [األعراف‪.]85 :‬‬

‫‪ - 6‬موسى عليه الصالة والسالم ﴿ ِإَّنَم ا ِإَلُه ُك ُم الَّلُه اَّلِذ ي اَل ِإَلَه ِإاَّل ُهَو َوِسَع ُك َّل َش ْي ٍء ِع ْلًم ا ﴾‬
‫[طه‪.]98 :‬‬

‫‪ - 7‬عيسى عليه الصالة والسالم ﴿ ِإَّن الَّلَه َرِّبي َوَر ُّبُك ْم َفاْع ُبُد وُه َه َذا ِص َراٌط ُم ْس َتِق يٌم ﴾ [آل‬
‫عمران‪]51 :‬‬

‫‪ - 8‬محمد صلى هللا عليه وسلم‪ُ ﴿ :‬ق ْل ِإَّنَم ا َأَنا َبَش ٌر ِمْثُلُك ْم ُيوَح ى ِإَلَّي َأَّنَم ا ِإَلُه ُك ْم ِإَلٌه َواِح ٌد‬
‫َف اْس َتِق يُم وا ِإَلْي ِه َواْس َتْغِف ُر وُه َوَوْيٌل ِلْلُم ْش ِرِكيَن ﴾ [فصلت‪ ]6 :‬ويجب على المسلم أن يفرق بين‬
‫توحيد األنبياء وتوحيد المشركين‪ .‬فالتوحيد الذي جاء به األنبياء هو توحيد األلوهية‪ ،‬وهو‪ :‬توحيد‬
‫هللا بأفعال العباد‪ .‬وأفعال العباد هي‪ :‬الدعاء والركوع والسجود والذبح والنذر واالستغاثة‬
‫واالستعانة‪.‬‬

‫فال ندعو إال هللا‪ ،‬وال نركع إال هلل‪ ،‬وال نسجد إال هلل‪ ،‬وال نذبح إال هلل‪ ،‬وال نستغيث إال باهلل‪ ،‬وال‬
‫نستعين إال باهلل‪ ،‬فمن حقق هذا التوحيد فقد حقق التوحيد الذي جاء به األنبياء ‪ -‬عليهم الصالة‬
‫والسالم ‪ ،-‬قال هللا تعالى‪ُ ﴿ :‬ق ْل ِإَّن َصاَل ِتي َوُنُس ِكي َوَمْح َياَي َوَمَم اِتي ِلَّلِه َر ِّب اْلَع اَلِم يَن * اَل‬
‫َش ِريَك َلُه َوِبَذِلَك ُأِم ْر ُت َوَأَنا َأَّوُل اْلُم ْس ِلِم يَن ﴾ [األنعام‪]163 ،162 :‬‬

‫وأما التوحيد الذي آمن به المشركون ولم ُيدخلهم في اإلسالم فهو توحيد الربوبية‪ ،‬أي‪ :‬توحيد‬
‫هللا بأفعاله‪ .‬وأفعال هللا هي‪ :‬الخلق والرزق وتدبير األمور واإلحياء واإلماتة‪ .‬وهذا التوحيد ال يدخل‬
‫به المرء في اإلسالم‪ ،‬وال ينفعه يوم القيامة‪ ،‬إال إذا آمن بتوحيد األنبياء؛ ألن مشركي العرب‬
‫كانوا يؤمنون بتوحيد الربوبية كما قال تعالى‪ُ ﴿ :‬ق ْل َمْن َيْرُز ُقُك ْم ِم َن الَّس َم اِء َواَأْلْرِض َأَّمْن َيْم ِلُك‬
‫الَّس ْم َع َواَأْلْبَص اَر َوَمْن ُيْخ ِرُج اْلَحَّي ِم َن اْلَمِّيِت َو ُيْخ ِرُج اْلَمِّيَت ِم َن اْلَح ِّي َوَمْن ُيَدِّبُر اَأْلْمَر َفَس َيُق وُلوَن‬
‫الَّلُه َفُق ْل َأَفاَل َتَّتُق وَن ﴾ [يونس‪]31 :‬‬

‫ثانيًا‪ :‬إصالح األوضاع الفاسدة‪- :‬‬


‫يتمثل إصالح األوضاع القائمة في مرحلتين مستقلتين عن بعضهما‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬اإلصالح قبل التمكين‪:‬‬
‫بعد أن دعا أنبياء هللا إلى التوحيد الخالص قاموا بإصالح ما أفسده الناس في جميع شؤون‬
‫الحياة‪ ،‬ومن تلك اإلصالحات‪:‬‬
‫إصالح الوضع السياسي‪:‬‬
‫لقد تمكن فرعون وملؤه من صد الناس عن عبادة هللا بالهيمنة على الوضع السياسي القائم‪ ،‬إذ‬
‫أجبروا مجموعة من الشبان على تعلم السحر؛ ليفرضوا سيطرتهم على المجتمع ويصدوهم‬
‫عن عبادة هللا تعالى‪ .‬قال ابن عباس رضي هللا عنه (أخذ فرعون أربعين غالمًا من بني إسرائيل‪،‬‬
‫فأمر أن ُيعَّّلموا السحر‪ ،‬وقال‪ :‬علموهم تعليمًا ال يعلمه أحد في األرض)‪ ،‬فبعث هللا تعالى‬
‫موسى عليه الصالة والسالم فدعاهم إلى وحدانية هللا‪ ،‬وأبطل ما كانوا عليه من السحر‬
‫بالمناظرة التي انتهت بإيمان السحرة‪ ،‬ويتبين ذلك من قول أولئك السحرة لما آمنوا باهلل تعالى‬
‫إذ لم يرهبهم التهديد والوعيد‪ ،‬قال تعالى‪ِ ﴿ :‬إَّنا آَمَّن ا ِبَرِّبَن ا ِلَيْغِف َر َلَنا َخ َطاَياَنا َوَم ا َأْك َرْه َتَن ا َع َلْي ِه ِم َن‬
‫الِّس ْح ِر َوالَّلُه َخ ْي ٌر َوَأْبَقى ﴾ [طه‪]73 :‬‬

‫فاإلصالح السياسي البد أن يبدأ من الحاكم بإقامة دين هللا وتحري العدل وأن الدعائم التي‬
‫تقوم عليها الدولة هي‪ :‬الشورى‪ ،‬والعدالة‪ ،‬والمساواة‪ ،‬ووجود القوة والهيبة للدولة‪ ،‬مع‬
‫االهتمام ببطانة الحاكم وموظفيه‪ .‬فقام األنبياء بإصالح هذه األشياء‪.‬‬

‫إصالح الوضع االقتصادي‪:‬‬


‫استطاع المأل من أهل مدين أن يصدوا الناس عن عبادة هللا وحده بالسيطرة على الوضع‬
‫االقتصادي من خالل تطفيف الكيل والميزان‪ ،‬فبعث هللا إليهم شعيبًا عليه الصالة والسالم‬
‫فدعاهم إلى عبادة هللا الواحد األحد‪ ،‬ثم أبطل ما كانوا عليه من الظلم في تطفيف الكيل‪،‬‬
‫وبخس الناس أشياءهم واإلفساد في األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬ف َأْو ُفوا اْلَكْيَل َواْلِم يَزاَن َواَل‬
‫َتْب َخ ُس وا الَّناَس َأْش َياَءُهْم َواَل ُتْف ِس ُد وا ِفي اَأْلْرِض َبْعَد ِإْص اَل ِح َه ا َذِلُك ْم َخ ْي ٌر َلُك ْم ِإْن ُك ْن ُت ْم ُم ْؤِمِنيَن ﴾‬
‫[األعراف‪]85 :‬‬

‫وقال عليه الصالة والسالم بعد أن نهاهم عن التطفيف في الكيل والوزن ﴿ ِإْن ُأِريُد ِإاَّل اِإْل ْص اَل َح َم ا‬
‫اْس َتَطْع ُت ﴾ [هود‪ .]88 :‬أي‪ :‬ليس لي من المقاصد إال أن تنصلح أحوالكم وتستقيم منافعكم‪،‬‬
‫وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي شيء بحسب استطاعتي‪ .‬وقد توعد هللا تعالى‬
‫هؤالء المطففين بالويل والهالك فقال تعالى ﴿ َوْيٌل ِلْلُم َطِّفِف يَن * اَّلِذ يَن ِإَذا اْك َت اُلوا َع َلى الَّن اِس‬
‫َيْس َتْو ُفوَن * َوِإَذا َكاُلوُهْم َأْو َوَزُنوُهْم ُيْخ ِس ُر وَن * َأاَل َيُظُّن ُأوَلِئَك َأَّنُه ْم َم ْب ُع وُثوَن * ِلَيْوٍم َعِظ يٍم * َيْوَم‬
‫َيُق وُم الَّن اُس ِلَرِّب اْلَع اَلِم يَن ﴾ [المطففين‪.]6 - 1 :‬‬

‫وقام سيدنا يوسف عليه الصالة والسالم في عالج األزمة االقتصادية بوضع خطة خمس عشرية‬
‫كما أخبر القرآن الكريم قال تعالى‪ُ ﴿ :‬يوُس ُف َأُّيَه ا الِّصِّد يُق َأْف ِتَن ا ِفي َس ْبِع َبَق َراٍت ِس َم اٍن َيْأ ُكُلُهَّن‬
‫َس ْب ٌع ِع َج اٌف َوَس ْبِع ُس ْن ُباَل ٍت ُخ ْض ٍر َوُأَخ َر َياِبَس اٍت َلَعِّلي َأْر ِج ُع ِإَلى الَّن اِس َلَع َّلُه ْم َيْع َلُم وَن * َق اَل‬
‫َتْزَرُع وَن َس ْب َع ِسِنيَن َدَأًبا َفَم ا َحَصْد ُتْم َف َذ ُر وُه ِفي ُس ْن ُبِلِه ِإاَّل َقِلياًل ِم َّم ا َتْأ ُكُلوَن * ُثَّم َيْأ ِتي ِم ْن َبْع ِد‬
‫َذِلَك َس ْب ٌع ِش َد اٌد َيْأ ُك ْلَن َم ا َق َّدْم ُت ْم َلُهَّن ِإاَّل َقِلياًل ِم َّم ا ُتْح ِص ُن وَن * ُثَّم َيْأ ِتي ِم ْن َبْع ِد َذِلَك َع اٌم ِفيِه‬
‫ُيَغاُث الَّناُس َوِفيِه َيْع ِص ُر وَن ﴾ [يوسف‪.]49 - 46 :‬‬

‫وقد وضع هللا تعالى الحوافز الذاتية التي تجعل اإلنسان يسعى لتحقيق التنمية االقتصادية من‬
‫خالل المنهج اإلسالمي‪.‬‬
‫فهناك حوافز روحية‪ ،‬وذلك من خالل النصوص القرآنية والنبوية التي تحث علي ذلك فيقول هللا‬
‫تعالى ﴿ َوِلُك ٍّل َدَرَج اٌت ِم َّم ا َع ِم ُلوا َوِلُيَوِّفَيُه ْم َأْع َم اَلُه ْم َوُهْم اَل ُيْظَلُم وَن ﴾ [األحقاف‪.]19 :‬‬

‫ويقول تعالى‪ِ ﴿ :‬إَّنا اَل ُنِض يُع َأْج َر َمْن َأْح َس َن َع َم اًل ﴾ [الكهف‪.]30 :‬‬

‫ويقول تعالى‪ِ ﴿ :‬إَلْي ِه َيْص َع ُد اْلَكِلُم الَّطِّيُب َواْلَع َم ُل الَّصاِلُح َيْر َفُعُه ﴾ [فاطر‪.]10 :‬‬

‫ويقول النبي صلى هللا عليه وسلم "ما من مسلم يغرس غرًس ا‪ ،‬أو يزرع زرًع ا‪ ،‬فيأكل منه طير أو‬
‫إنسان‪ ،‬أو بهيمة‪ ،‬إال كان له به صدقة"‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬

‫وفي مجال الحوافز الدنيوية‪ ،‬فقد وردت أحاديث كثيرة‪ ،‬فمثًال في مجال األعمال المخصوصة‬
‫كالزراعة‪ ،‬جاءت أحاديث تجعل العمل الزراعي في األراضي غير المملوكة سبًبا في التملك‪،‬‬
‫وهذا الحافز يتسم مع طبيعة اإلنسان المجبولة على حب المال والتملك‪.‬‬

‫ومن ذلك قول النبي صلى اله عليه وسلم‪" :‬من أحيا أرًضا ميتة فهي له‪ ،‬وما أكلت العافية منه‬
‫له به صدقة"‪.‬رواه الدارمي‪.‬‬

‫إصالح الوضع االجتماعي‪:‬‬


‫كان الصراع الطبقي من األوضاع الفاسدة في قوم نوح‪ ،‬وكان المأل يرفضون االستجابة لدعوة‬
‫نوح عليه الصالة والسالم بحجة أن أتباعه من الفقراء والمساكين‪ ،‬كما قال هللا حكاية عنهم‬
‫﴿ َوَم ا َنَراَك اَّتَبَع َك ِإاَّل اَّلِذ يَن ُهْم َأَراِذ ُلَن ا َباِد َي الَّرْأِي ﴾ [هود‪.]27 :‬‬

‫فلما جاء نوح عليه الصالة والسالم دعاهم إلى التوحيد‪ ،‬ثم أنكر عليهم فعلهم ﴿ َوَم ا َأَنا ِبَطاِرِد‬
‫اَّلِذ يَن آَم ُن وا ﴾ [هود‪ ]29 :‬وأما المأل من قومي عاد وثمود فقد استخدموا البنايات العظيمة ليصدوا‬
‫الناس عن عبادة هللا‪ ،‬فلما أرسل هللا هودًا عليه الصالة والسالم ‪ -‬إلى عاد دعاهم إلى التوحيد‪،‬‬
‫ثم قال لهم‪َ ﴿ :‬أَتْبُن وَن ِبُك ِّل ِريٍع آَيًة َتْع َبُث وَن ﴾ [الشعراء‪.]128 :‬‬

‫وكذلك ما قام به صالح عليه الصالة والسالم من دعوة قومه إلى التوحيد‪ ،‬ثم قال لهم ﴿ َوَتْن ِح ُت وَن‬
‫ِم َن اْلِجَباِل ُبُيوًتا َف اِرِه يَن ﴾ [الشعراء‪.]149 :‬‬

‫وقال أيضا والحسرة في قلبه على قومه‪َ ﴿ :‬فَتَوَّلى َع ْن ُه ْم َوَقاَل َياَقْو ِم َلَق ْد َأْبَلْغ ُت ُك ْم ِرَس اَلَة َرِّبي‬
‫َوَنَصْح ُت َلُك ْم َوَلِكْن اَل ُتِحُّبوَن الَّناِصِح يَن ﴾ [األعراف‪ .]79 :‬أي أنه‪ :‬أبان عن نفسه أنه لم يأل جهدًا‬
‫في إبالغهم الرسالة ومحض النصح‪.‬‬

‫وأما قوم لوط فقد ارتكبوا جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمين‪ ،‬فلما جاءهم لوط عليه الصالة‬
‫والسالم دعاهم إلى التوحيد‪ ،‬ثم أنكر عليهم فعلهم الشنيع ﴿ َأِئَّنُك ْم َلَت ْأ ُتوَن الِّرَج اَل َش ْه َوًة ِم ْن‬
‫ُد وِن الِّنَس اِء َبْل َأْنُت ْم َقْوٌم َتْج َه ُلوَن ﴾ [النمل‪ .]55 :‬واإلصالح في المجتمعات ال يعنى تغيير الجبال‬
‫والبيوت واألشجار إلى لون غير األول‪ ،‬وال تغيير األوجه والمناظر وال نقل األودية‪ ،‬وهكذا ال يعني‬
‫التغيير في أعضاء اإلنسان بالزيادة فيها أوالنقصان‪ ،‬لكن يعنى تغيير الشعور الداخلي في نفس‬
‫اإلنسان وتزويده بالمكارم والفضائل ليصبح عنصرًا ولبنة ذي دور في المجتمع‪.‬‬

‫واإلصالح االجتماعي مرهون بإدراك كل فرد حقوقه وواجباته‪ ،‬فالمجتمع كله مسئول عنه‪ ،‬فإذا‬
‫أّدى إلى خصومة أو نزاع بين أفراد المجتمع فالبد أن يتدخل كل بقدر طاقته‪ ،‬نستطيع أن نشّبه‬
‫األمراض االجتماعية بالحريق‪ ،‬لكن حريق ال يدمر البنيان والحجارة وال يهدم الجبال الرواسي‪ ،‬وال‬
‫يقطع منابع الماء ولكن يأكل القلوب والضمائر ويهدم كل معاني األلفة والمحبة والخير في‬
‫الصدور‪ ،‬فعلى المجتمع أن يقوم إلخماد أي نزاع ولو كان ذلك بين زوج وزوجته‪ ،‬قال تعالى ﴿ َوِإْن‬
‫ِخ ْف ُت ْم ِش َقاَق َبْي ِنِه َم ا َفاْب َعُث وا َح َكًم ا ِم ْن َأْه ِلِه َوَح َكًم ا ِم ْن َأْه ِلَه ا ِإْن ُيِريَد ا ِإْص اَل ًح ا ُيَوِّفِق الَّلُه َبْيَن ُه َم ا‬
‫ِإَّن الَّلَه َكاَن َعِليًم ا َخ ِبيًر ا ﴾ [النساء‪.]35 :‬‬
‫إذا كان المجتمع يطالب باإلصالح في نزاع وقع في أسرة فكيف بنزاع أكبر فيه هدم األسر قال‬
‫تعالى‪َ ﴿ :‬وِإْن َطاِئَفَتاِن ِم َن اْلُم ْؤِمِنيَن اْق َتَتُلوا َف َأْص ِلُح وا َبْيَنُه َم ا ﴾ [الحجرات‪]9 :‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬اإلصالح بعد التمكين‪:‬‬


‫في هذه المرحلة يغلب العدل مع الناس في تحقيق مصالحهم وال يتحقق إال بنصر هللا تعالى‬
‫في األرض كي ينال المصلحون موعود هللا باالستمرار في النصر كما قال هللا تعالى‪َ ﴿ :‬وَلَيْنُصَرَّن‬
‫الَّلُه َمْن َيْن ُص ُر ُه ِإَّن الَّلَه َلَق ِوٌّي َع ِزيٌز * اَّلِذ يَن ِإْن َم َّكَّن اُهْم ِفي اَأْلْرِض َأَق اُم وا الَّصاَل َة َوآَتُو ا الَّزَكاَة َوَأَم ُر وا‬
‫ِباْلَمْع ُر وِف َو َنَهْو ا َع ِن اْلُم ْن َكِر َوِلَّلِه َع اِقَبُة اُأْلُم وِر ﴾ [الحج‪.]41 ،40 :‬‬

‫في هاتين اآليتين أقسم هللا سبحانه وتعالى أنه سينصر‪ ،‬من نصره ثم أكد النصر بقوله ﴿ ِإَّن الَّلَه‬
‫َلَق ِوٌّي َع ِزيٌز ﴾ [الحج‪ ،]40 :‬ويتحقق التمكين واالستمرار في النصر بالشروط األربعة‪:‬‬
‫‪ - 1‬إقامة الصالة أي‪ :‬إقامة شروطها وأركانها وواجباتها وخشوعها والحرص على سننها‬
‫والمحافظة على الجمعة والجماعات وعدم التساهل في ذلك‪ .‬واستتابة تارك الصالة حتى يلتزم‬
‫بأدائها فإن التزم بذلك وإال قتل‪.‬‬

‫‪ - 2‬إيتاء الزكاة أي‪ :‬دفع الزكاة لمستحقيها بطيب نفس حتى لو تطلب األمر أخذها بالقوة من‬
‫األغنياء‪ ،‬وردها إلى الفقراء‪ ،‬كما فعل أبو بكر الصديق رضي هللا عنه‪.‬‬

‫‪ - 3‬األم““ر ب““المعروف أي‪ :‬تط““بيق الش““ريعة اإلس““المية في جمي““ع شؤون الحي““اة السياس““ية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ - 4‬النهي عن المنكر أي‪ :‬كل ما نهى هللا عنه من المنكرات في العقيدة والشريعة واألخالق‪.‬‬

You might also like