Professional Documents
Culture Documents
بحث حول ختم النبوة و دور الانبياء و سمة الوضع عند بعثهم
بحث حول ختم النبوة و دور الانبياء و سمة الوضع عند بعثهم
ختم النبوة هو عقيدة إسالمية أساسية ُت فيد بأّن النبي محمد صلى هللا عليه وسلم هو آخر األنبياء والرسل ،وأن ال نبي بعده.
ولختم النبوة دالالٌت عظيمٌة ،منها:
.1اكتمال الدين اإلسالمي:
مع ختم النبوة ،أكمل هللا تعالى دينه اإلسالمي وبّين أحكامه ،ولم يبَق مجاٌل لنبٍّي جديٍد يأتي بنسٍخ أو تغييٍر في الدين.
.2مسؤولية البشرية:
مع ختم النبوة ،انتقلت مسؤولية فهم الدين وتطبيقه إلى البشرية جمعاء.
.3خلود القرآن الكريم:
مع ختم النبوةُ ،حفظ القرآن الكريم من التحريف والتغيير ،فهو معجزٌة خالدٌة إلى يوم القيامة.
.4اجتهاد العلماء:
مع ختم النبوة ،ظهر دور العلماء في االجتهاد واستنباط األحكام من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
.5التنوع والتعدد:
مع ختم النبوة ،ظهرت الحضارة اإلسالمية ِبتنوعها وتعددها ،فكان ذلك من ثمار اكتمال الدين.
.6رحمة هللا تعالى:
ختم النبوة هو رحمٌة من هللا تعالى للبشرية ،حيث وّف ر لهم الدين الكامل والواضح ،وجعلهم مسؤولين عن فهمه وتطبيقه.
.7إثبات نبوة محمد صلى هللا عليه وسلم:
ختم النبوة هو إثباٌت قاطٌع على نبوة محمد صلى هللا عليه وسلم ،فلو كان هناك نبٌّي بعده ،لكان ذلك نقًضا ِلما ورد في
القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
.8التحدي:
ختم النبوة هو تحٍّد للبشرية ،حيث دعاهم هللا تعالى إلى إثبات صدق نبٍّي بعد محمد صلى هللا عليه وسلم ،ولم ُيثبت أحٌد ذلك
على مر التاريخ.
.9الوحدة اإلسالمية:
ختم النبوة هو أحد أهم عوامل الوحدة اإلسالمية ،حيث اتفقت جميع المذاهب اإلسالمية على هذه العقيدة.
.10االبتالء:
ختم النبوة هو ابتالٌء من هللا تعالى للبشرية ،حيث اختبرهم ِبإيمانهم ِبهذه العقيدة ،وبّين لهم أّن الدين اإلسالمي هو الدين
الحّق .
ختاًم ا:
ختم النبوة هو عقيدٌة إسالميٌة أساسيٌة لها دالالٌت عظيمٌة على الدين اإلسالمي والحضارة اإلسالمية.
دور األنبياء في تغيير واقع اإلنسان في اإلسالم
لعب األنبياء دوًر ا محورًيا في تغيير واقع اإلنسان في اإلسالم ،وذلك من خالل:
جاء األنبياء حاملين رسالة هللا تعالى التي ُت نير عقول البشر وُت رشدهم إلى الصراط المستقيمُ .ت قدم هذه الرسالة منظومة
أخالقية وقانونية ُت نظم حياة اإلنسان وُت ساعده على تحقيق الفضيلة والسعادة.
.2إصالح العقائد:
حارب األنبياء الشرك والوثنية ،ونشروا التوحيد واإليمان باهلل الواحد األحد .ساعد ذلك في تحرير اإلنسان من عبادة
األصنام واألوهام ،وجعله ُيدرك عظمة هللا ورحمته.
.3إصالح األخالق:
دعى األنبياء إلى األخالق الفاضلة مثل الصدق واألمانة والعدل واإلحسان .ساعد ذلك على بناء مجتمعات إنسانية أكثر
تماسًك ا وتعاوًن ا ،وقّلل من الظلم والفساد.
جاء األنبياء لهداية الناس من عبادة األصنام والوثنية إلى عبادة هللا تعالى وحده ال شريك له ،وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح
المجتمع ،حيث أن من يعبد هللا تعالى يبتعد عن الظلم والفساد.
أرسل هللا تعالى األنبياء لتعليم الناس األخالق الفاضلة مثل الصدق واألمانة والعدل والتسامح ،وهذه األخالق هي أساس
بناء المجتمعات الصالحة.
سعى األنبياء إلى إصالح المجتمع من الظلم والفساد ،ونشر العدل والمساواة بين الناس ،وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح
المجتمع.
كان األنبياء مصدًر ا للعلم والمعرفة ،حيث علموا الناس العلوم المختلفة مثل الطب والفلك والرياضيات ،وهذه العلوم تساعد
اإلنسان على فهم الدين واألخالق بشكل أفضل.
أعاد األنبياء إحياء الفطرة اإلنسانية التي فطر هللا تعالى الناس عليها ،ودعواهم إلى التخلص من الرذائل والصفات السيئة،
وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح المجتمع.
.4إصالح المجتمع:
سعى األنبياء إلى إصالح المجتمع من خالل محاربة الظلم والفساد ،ونشر العدل والمساواة .ساعد ذلك على بناء مجتمعات
أكثر عدًال ورحمة ،ووّفر بيئة مناسبة لنمو اإلنسان وتطوره.
جاء األنبياء لهداية الناس من عبادة األصنام والوثنية إلى عبادة هللا تعالى وحده ال شريك له ،وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح
المجتمع ،حيث أن من يعبد هللا تعالى يبتعد عن الظلم والفساد.
أرسل هللا تعالى األنبياء لتعليم الناس األخالق الفاضلة مثل الصدق واألمانة والعدل والتسامح ،وهذه األخالق هي أساس
بناء المجتمعات الصالحة.
سعى األنبياء إلى إصالح المجتمع من الظلم والفساد ،ونشر العدل والمساواة بين الناس ،وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح
المجتمع.
كان األنبياء مصدًر ا للعلم والمعرفة ،حيث علموا الناس العلوم المختلفة مثل الطب والفلك والرياضيات ،وهذه العلوم تساعد
اإلنسان على فهم الدين واألخالق بشكل أفضل.
أعاد األنبياء إحياء الفطرة اإلنسانية التي فطر هللا تعالى الناس عليها ،ودعواهم إلى التخلص من الرذائل والصفات السيئة،
وهذا بدوره يؤدي إلى إصالح المجتمع.
نبي هللا نوح عليه السالم :نهى قومه عن الكفر والفساد ،ودعاهم إلى عبادة هللا تعالى واألخالق الفاضلة.
نبي هللا إبراهيم عليه السالم :حطم األصنام ودعا الناس إلى عبادة هللا تعالى واألخالق الفاضلة.
نبي هللا موسى عليه السالم :أنقذ بني إسرائيل من فرعون وجاءهم بالتوراة ،التي تحتوي على تعاليم أخالقية
عظيمة.
نبي هللا عيسى عليه السالم :عالج المرضى وأحيا الموتى ونشر الدين المسيحي ،الذي يدعو إلى األخالق
الفاضلة.
نبي هللا محمد ﷺ :ختم النبوة وجاء بالقرآن الكريم ،الذي يحتوي على تعاليم أخالقية عظيمة ،وبلغ الرسالة
الخاتمة للبشرية.
الخالصة:
كان لألنبياء دور عظيم في إصالح المجتمع في اإلسالم ،وذلك من خالل هداية الناس إلى عبادة هللا تعالى وتعليمهم
األخالق الفاضلة وإصالح المجتمع ونشر العلم والمعرفة وإحياء الفطرة اإلنسانية.
وإليك بعض األمثلة من القرآن الكريم والسنة النبوية على دور األنبياء في إصالح المجتمع:
قال هللا تعالىَ" :و َلَقْد َأْر َس ْلَن ا ُرُس َلَن ا ِباْلَبِّي َن اِت َو َأْنَز ْلَن ا َمَع ُهُم اْلِك َت اَب َو اْل ِميَز اَن ِلَي ُقوَم الَّن اُس ِباْل ِقْس ِط " (الحديد:
.)25
قال رسول هللا ﷺ" :إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق" (رواه البخاري).
وبهذا نرى أن دور األنبياء في إصالح المجتمع دور عظيم وهام ،وأن تعاليمهم األخالقية هي أساس بناء المجتمعات
الصالحة.
باإلضافة إلى ما سبق ،إليك بعض النقاط اإلضافية حول دور األنبياء في إصالح المجتمع:
كان األنبياء قدوة حسنة للمجتمع في جميع جوانب حياتهم ،من العبادة إلى األخالق إلى المعامالت.
حث األنبياء على التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع ،وهذا من أهم أسس بناء المجتمعات الصالحة.
حارب األنبياء الظلم والفساد بكل أشكاله ،ودعوا إلى العدل والمساواة بين الناس.
كان األنبياء مصدًر ا للعلم والمعرفة ،ونشروا العلم بين الناس لرفع مستوى وعيهم وفهمهم للدين واألخالق.
.5التربية والتوجيه:
قام األنبياء بتربية وتوجيه الناس ،وشرح لهم معاني القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة .ساعد ذلك على نشر المعرفة
والفهم بين الناس ،وجعلهم أكثر قدرة على تطبيق تعاليم الدين اإلسالمي في حياتهم.
.6القدوة الحسنة:
كان األنبياء قدوة حسنة للناس في أقوالهم وأفعالهم .ساعد ذلك على جذب الناس إلى الدين اإلسالمي ،وتشجيعهم على
االقتداء بسلوك األنبياء.
.7التبشير واإلنذار:
بّش ر األنبياء الناس بالجنة ونعيمها ،وأنذروهم من النار وعذابها .ساعد ذلك على تحفيز الناس على العمل الصالح ،وتجنب
المعاصي والذنوب.
حّررت تعاليم األنبياء اإلنسان من عبودية البشر ،وجعله ُيدرك أّن العبودية هلل تعالى وحده .ساعد ذلك على بناء مجتمعات
أكثر إنسانية وعدًال.
خالصة:
لعب األنبياء دوًر ا هاًما في تغيير واقع اإلنسان في اإلسالم من خالل تبليغ الرسالة اإللهية ،وإصالح العقائد واألخالق،
وإصالح المجتمع ،والتربية والتوجيه ،والقدوة الحسنة ،والتبشير واإلنذار ،وإحياء الفطرة اإلنسانية ،وتحرير اإلنسان من
العبودية ،وربط اإلنسان باهلل تعالى.
سمة الوضع هي إحدى الصفات التي تميز بعثة األنبياء والرسل في اإلسالم ،وتشير إلى أن األنبياء والرسل ُيبعثون في
أوقات عصيبة يزداد فيها الظلم والفساد ،وتنتشر فيها األمراض والفتن.
بعض األمثلة على سمة الوضع عند بعثة األنبياء والرسل:
بعثة النبي نوح عليه السالم:
ُبعث النبي نوح عليه السالم في قوٍم كافرين يعبدون األصنام. o
ُبعث النبي موسى عليه السالم في قوٍم مستعبدين من قبل فرعون وجنوده. o
ُبعث النبي عيسى عليه السالم في قوٍم ضّلوا عن طريق الحق. o
ُبعث النبي محمد صلى هللا عليه وسلم في قوٍم جاهليين يعبدون األصنام. o
الختبار إيمان المؤمنين :اختبار إيمان المؤمنين و صبرهم في ظل الظروف الصعبة.
إلظهار رحمة هللا تعالى :إظهار رحمة هللا تعالى بعباده ،وإرسال من ُيرشدهم إلى طريق الصواب.
ُيبعث األنبياء والرسل في أوقاٍت يزداد فيها الظلم والفساد في المجتمع. o
قد يكون هذا الظلم من ِقبل الحكام أو من ِقبل أفراد المجتمع. o
ُيرسل هللا تعالى األنبياء والرسل إلصالح المجتمع ونشر العدل. o
قد تكون هذه األمراض طبيعية أو ناتجة عن الحروب أو الكوارث الطبيعية. o
ُيرسل هللا تعالى األنبياء والرسل ِلتخفيف معاناة الناس ونشر الخير والسالم. o
قد يكون هذا الضالل بسبب الجهل أو بسبب التأثيرات الخارجية. o
ُيرسل هللا تعالى األنبياء والرسل ِلهداية الناس إلى طريق الصواب. o
.
كان منهج األنبياء في االصالح يتثمل في المحاور اآلتية- :
أوًال :تحقيق التوحيد الخالص :لكي يتحقق وعد هللا باالستخالف في األرض ،والتمكين ونشر
األمن بعد الخوف ،البد من تحقيق التوحيد الخالص ،كما قال تعالىَ ﴿ :وَع َد الَّلُه اَّلِذ يَن آَم ُن وا ِم ْن ُك ْم
َوَع ِم ُلوا الَّصاِلَح اِت َلَيْس َتْخ ِلَف َّنُه ْم ِفي اَأْلْرِض َكَم ا اْس َتْخ َلَف اَّلِذ يَن ِم ْن َقْب ِلِه ْم َوَلُيَم ِّكَنَّن َلُه ْم ِد يَنُهُم
اَّلِذ ي اْر َتَضى َلُه ْم َوَلُيَبِّد َلَّنُه ْم ِم ْن َبْع ِد َخ ْو ِفِه ْم َأْم ًن ا َيْع ُبُد وَنِني اَل ُيْش ِرُكوَن ِبي َش ْي ًئ ا َوَمْن َكَف َر َبْعَد
َذِلَك َف ُأوَلِئَك ُه ُم اْلَف اِسُق وَن ﴾ [النور]55 :
(ولقد بعث هللا األنبياء لمهمة واحدة ،هي عبادة هللا وحده ال شريك له كما جاء في كتاب هللا
تعالى:
َل ِم ُكَل
َه َم ْم ْن ِإ ٍها َّلال وا ا َقا
َل َي ْو ِم ْع ُبُدَقا َف ِمِه ْو َق ىَل ا و ا ْل َأ
ْد ْر َس َن ُن ًح ِإ َقَل ﴿ والسالم الصالة عليه نوح -1
َأ
َغ ْي ُر ُه ِإِّني َخ اُف َع َلْي ُك ْم َع َذاَب َيْوٍم َع ِظ يٍم ﴾ [األعراف]59 :
- 2هود عليه الصالة والسالمَ ﴿ :وِإَلى َع اٍد َأَخ اُهْم ُه وًد ا َق اَل َياَقْو ِم اْع ُبُد وا الَّلَه َم ا َلُك ْم ِم ْن ِإَلٍه
َغ ْي ُر ُه َأَفاَل َتَّتُق وَن ﴾ [األعراف.]65 :
- 3صالح عليه الصالة والسالمَ ﴿ :وِإَلى َثُم وَد َأَخ اُهْم َصاِلًح ا َق اَل َياَقْو ِم اْع ُبُد وا الَّلَه َم ا َلُك ْم ِم ْن ِإَلٍه
َغ ْي ُر ُه ﴾ [األعراف.]73 :
- 4إبراهيم عليه الصالة والسالم ﴿ َوِإْبَراِه يَم ِإْذ َق اَل ِلَق ْو ِمِه اْع ُبُد وا الَّلَه َواَّتُق وُه َذِلُك ْم َخ ْي ٌر َلُك ْم ِإْن
ُك ْن ُت ْم َتْع َلُم وَن ﴾ [العنكبوت.]16 :
- 5شعيب عليه الصالة والسالم ﴿ َوِإَلى َمْد َيَن َأَخ اُهْم ُش َعْيًبا َق اَل َياَقْو ِم اْع ُبُد وا الَّلَه َم ا َلُك ْم ِم ْن
ِإَلٍه َغ ْي ُر ُه ﴾ [األعراف.]85 :
- 6موسى عليه الصالة والسالم ﴿ ِإَّنَم ا ِإَلُه ُك ُم الَّلُه اَّلِذ ي اَل ِإَلَه ِإاَّل ُهَو َوِسَع ُك َّل َش ْي ٍء ِع ْلًم ا ﴾
[طه.]98 :
- 7عيسى عليه الصالة والسالم ﴿ ِإَّن الَّلَه َرِّبي َوَر ُّبُك ْم َفاْع ُبُد وُه َه َذا ِص َراٌط ُم ْس َتِق يٌم ﴾ [آل
عمران]51 :
- 8محمد صلى هللا عليه وسلمُ ﴿ :ق ْل ِإَّنَم ا َأَنا َبَش ٌر ِمْثُلُك ْم ُيوَح ى ِإَلَّي َأَّنَم ا ِإَلُه ُك ْم ِإَلٌه َواِح ٌد
َف اْس َتِق يُم وا ِإَلْي ِه َواْس َتْغِف ُر وُه َوَوْيٌل ِلْلُم ْش ِرِكيَن ﴾ [فصلت ]6 :ويجب على المسلم أن يفرق بين
توحيد األنبياء وتوحيد المشركين .فالتوحيد الذي جاء به األنبياء هو توحيد األلوهية ،وهو :توحيد
هللا بأفعال العباد .وأفعال العباد هي :الدعاء والركوع والسجود والذبح والنذر واالستغاثة
واالستعانة.
فال ندعو إال هللا ،وال نركع إال هلل ،وال نسجد إال هلل ،وال نذبح إال هلل ،وال نستغيث إال باهلل ،وال
نستعين إال باهلل ،فمن حقق هذا التوحيد فقد حقق التوحيد الذي جاء به األنبياء -عليهم الصالة
والسالم ،-قال هللا تعالىُ ﴿ :ق ْل ِإَّن َصاَل ِتي َوُنُس ِكي َوَمْح َياَي َوَمَم اِتي ِلَّلِه َر ِّب اْلَع اَلِم يَن * اَل
َش ِريَك َلُه َوِبَذِلَك ُأِم ْر ُت َوَأَنا َأَّوُل اْلُم ْس ِلِم يَن ﴾ [األنعام]163 ،162 :
وأما التوحيد الذي آمن به المشركون ولم ُيدخلهم في اإلسالم فهو توحيد الربوبية ،أي :توحيد
هللا بأفعاله .وأفعال هللا هي :الخلق والرزق وتدبير األمور واإلحياء واإلماتة .وهذا التوحيد ال يدخل
به المرء في اإلسالم ،وال ينفعه يوم القيامة ،إال إذا آمن بتوحيد األنبياء؛ ألن مشركي العرب
كانوا يؤمنون بتوحيد الربوبية كما قال تعالىُ ﴿ :ق ْل َمْن َيْرُز ُقُك ْم ِم َن الَّس َم اِء َواَأْلْرِض َأَّمْن َيْم ِلُك
الَّس ْم َع َواَأْلْبَص اَر َوَمْن ُيْخ ِرُج اْلَحَّي ِم َن اْلَمِّيِت َو ُيْخ ِرُج اْلَمِّيَت ِم َن اْلَح ِّي َوَمْن ُيَدِّبُر اَأْلْمَر َفَس َيُق وُلوَن
الَّلُه َفُق ْل َأَفاَل َتَّتُق وَن ﴾ [يونس]31 :
فاإلصالح السياسي البد أن يبدأ من الحاكم بإقامة دين هللا وتحري العدل وأن الدعائم التي
تقوم عليها الدولة هي :الشورى ،والعدالة ،والمساواة ،ووجود القوة والهيبة للدولة ،مع
االهتمام ببطانة الحاكم وموظفيه .فقام األنبياء بإصالح هذه األشياء.
وقال عليه الصالة والسالم بعد أن نهاهم عن التطفيف في الكيل والوزن ﴿ ِإْن ُأِريُد ِإاَّل اِإْل ْص اَل َح َم ا
اْس َتَطْع ُت ﴾ [هود .]88 :أي :ليس لي من المقاصد إال أن تنصلح أحوالكم وتستقيم منافعكم،
وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي شيء بحسب استطاعتي .وقد توعد هللا تعالى
هؤالء المطففين بالويل والهالك فقال تعالى ﴿ َوْيٌل ِلْلُم َطِّفِف يَن * اَّلِذ يَن ِإَذا اْك َت اُلوا َع َلى الَّن اِس
َيْس َتْو ُفوَن * َوِإَذا َكاُلوُهْم َأْو َوَزُنوُهْم ُيْخ ِس ُر وَن * َأاَل َيُظُّن ُأوَلِئَك َأَّنُه ْم َم ْب ُع وُثوَن * ِلَيْوٍم َعِظ يٍم * َيْوَم
َيُق وُم الَّن اُس ِلَرِّب اْلَع اَلِم يَن ﴾ [المطففين.]6 - 1 :
وقام سيدنا يوسف عليه الصالة والسالم في عالج األزمة االقتصادية بوضع خطة خمس عشرية
كما أخبر القرآن الكريم قال تعالىُ ﴿ :يوُس ُف َأُّيَه ا الِّصِّد يُق َأْف ِتَن ا ِفي َس ْبِع َبَق َراٍت ِس َم اٍن َيْأ ُكُلُهَّن
َس ْب ٌع ِع َج اٌف َوَس ْبِع ُس ْن ُباَل ٍت ُخ ْض ٍر َوُأَخ َر َياِبَس اٍت َلَعِّلي َأْر ِج ُع ِإَلى الَّن اِس َلَع َّلُه ْم َيْع َلُم وَن * َق اَل
َتْزَرُع وَن َس ْب َع ِسِنيَن َدَأًبا َفَم ا َحَصْد ُتْم َف َذ ُر وُه ِفي ُس ْن ُبِلِه ِإاَّل َقِلياًل ِم َّم ا َتْأ ُكُلوَن * ُثَّم َيْأ ِتي ِم ْن َبْع ِد
َذِلَك َس ْب ٌع ِش َد اٌد َيْأ ُك ْلَن َم ا َق َّدْم ُت ْم َلُهَّن ِإاَّل َقِلياًل ِم َّم ا ُتْح ِص ُن وَن * ُثَّم َيْأ ِتي ِم ْن َبْع ِد َذِلَك َع اٌم ِفيِه
ُيَغاُث الَّناُس َوِفيِه َيْع ِص ُر وَن ﴾ [يوسف.]49 - 46 :
وقد وضع هللا تعالى الحوافز الذاتية التي تجعل اإلنسان يسعى لتحقيق التنمية االقتصادية من
خالل المنهج اإلسالمي.
فهناك حوافز روحية ،وذلك من خالل النصوص القرآنية والنبوية التي تحث علي ذلك فيقول هللا
تعالى ﴿ َوِلُك ٍّل َدَرَج اٌت ِم َّم ا َع ِم ُلوا َوِلُيَوِّفَيُه ْم َأْع َم اَلُه ْم َوُهْم اَل ُيْظَلُم وَن ﴾ [األحقاف.]19 :
ويقول تعالىِ ﴿ :إَّنا اَل ُنِض يُع َأْج َر َمْن َأْح َس َن َع َم اًل ﴾ [الكهف.]30 :
ويقول تعالىِ ﴿ :إَلْي ِه َيْص َع ُد اْلَكِلُم الَّطِّيُب َواْلَع َم ُل الَّصاِلُح َيْر َفُعُه ﴾ [فاطر.]10 :
ويقول النبي صلى هللا عليه وسلم "ما من مسلم يغرس غرًس ا ،أو يزرع زرًع ا ،فيأكل منه طير أو
إنسان ،أو بهيمة ،إال كان له به صدقة" .رواه البخاري ومسلم.
وفي مجال الحوافز الدنيوية ،فقد وردت أحاديث كثيرة ،فمثًال في مجال األعمال المخصوصة
كالزراعة ،جاءت أحاديث تجعل العمل الزراعي في األراضي غير المملوكة سبًبا في التملك،
وهذا الحافز يتسم مع طبيعة اإلنسان المجبولة على حب المال والتملك.
ومن ذلك قول النبي صلى اله عليه وسلم" :من أحيا أرًضا ميتة فهي له ،وما أكلت العافية منه
له به صدقة".رواه الدارمي.
فلما جاء نوح عليه الصالة والسالم دعاهم إلى التوحيد ،ثم أنكر عليهم فعلهم ﴿ َوَم ا َأَنا ِبَطاِرِد
اَّلِذ يَن آَم ُن وا ﴾ [هود ]29 :وأما المأل من قومي عاد وثمود فقد استخدموا البنايات العظيمة ليصدوا
الناس عن عبادة هللا ،فلما أرسل هللا هودًا عليه الصالة والسالم -إلى عاد دعاهم إلى التوحيد،
ثم قال لهمَ ﴿ :أَتْبُن وَن ِبُك ِّل ِريٍع آَيًة َتْع َبُث وَن ﴾ [الشعراء.]128 :
وكذلك ما قام به صالح عليه الصالة والسالم من دعوة قومه إلى التوحيد ،ثم قال لهم ﴿ َوَتْن ِح ُت وَن
ِم َن اْلِجَباِل ُبُيوًتا َف اِرِه يَن ﴾ [الشعراء.]149 :
وقال أيضا والحسرة في قلبه على قومهَ ﴿ :فَتَوَّلى َع ْن ُه ْم َوَقاَل َياَقْو ِم َلَق ْد َأْبَلْغ ُت ُك ْم ِرَس اَلَة َرِّبي
َوَنَصْح ُت َلُك ْم َوَلِكْن اَل ُتِحُّبوَن الَّناِصِح يَن ﴾ [األعراف .]79 :أي أنه :أبان عن نفسه أنه لم يأل جهدًا
في إبالغهم الرسالة ومحض النصح.
وأما قوم لوط فقد ارتكبوا جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمين ،فلما جاءهم لوط عليه الصالة
والسالم دعاهم إلى التوحيد ،ثم أنكر عليهم فعلهم الشنيع ﴿ َأِئَّنُك ْم َلَت ْأ ُتوَن الِّرَج اَل َش ْه َوًة ِم ْن
ُد وِن الِّنَس اِء َبْل َأْنُت ْم َقْوٌم َتْج َه ُلوَن ﴾ [النمل .]55 :واإلصالح في المجتمعات ال يعنى تغيير الجبال
والبيوت واألشجار إلى لون غير األول ،وال تغيير األوجه والمناظر وال نقل األودية ،وهكذا ال يعني
التغيير في أعضاء اإلنسان بالزيادة فيها أوالنقصان ،لكن يعنى تغيير الشعور الداخلي في نفس
اإلنسان وتزويده بالمكارم والفضائل ليصبح عنصرًا ولبنة ذي دور في المجتمع.
واإلصالح االجتماعي مرهون بإدراك كل فرد حقوقه وواجباته ،فالمجتمع كله مسئول عنه ،فإذا
أّدى إلى خصومة أو نزاع بين أفراد المجتمع فالبد أن يتدخل كل بقدر طاقته ،نستطيع أن نشّبه
األمراض االجتماعية بالحريق ،لكن حريق ال يدمر البنيان والحجارة وال يهدم الجبال الرواسي ،وال
يقطع منابع الماء ولكن يأكل القلوب والضمائر ويهدم كل معاني األلفة والمحبة والخير في
الصدور ،فعلى المجتمع أن يقوم إلخماد أي نزاع ولو كان ذلك بين زوج وزوجته ،قال تعالى ﴿ َوِإْن
ِخ ْف ُت ْم ِش َقاَق َبْي ِنِه َم ا َفاْب َعُث وا َح َكًم ا ِم ْن َأْه ِلِه َوَح َكًم ا ِم ْن َأْه ِلَه ا ِإْن ُيِريَد ا ِإْص اَل ًح ا ُيَوِّفِق الَّلُه َبْيَن ُه َم ا
ِإَّن الَّلَه َكاَن َعِليًم ا َخ ِبيًر ا ﴾ [النساء.]35 :
إذا كان المجتمع يطالب باإلصالح في نزاع وقع في أسرة فكيف بنزاع أكبر فيه هدم األسر قال
تعالىَ ﴿ :وِإْن َطاِئَفَتاِن ِم َن اْلُم ْؤِمِنيَن اْق َتَتُلوا َف َأْص ِلُح وا َبْيَنُه َم ا ﴾ [الحجرات]9 :
في هاتين اآليتين أقسم هللا سبحانه وتعالى أنه سينصر ،من نصره ثم أكد النصر بقوله ﴿ ِإَّن الَّلَه
َلَق ِوٌّي َع ِزيٌز ﴾ [الحج ،]40 :ويتحقق التمكين واالستمرار في النصر بالشروط األربعة:
- 1إقامة الصالة أي :إقامة شروطها وأركانها وواجباتها وخشوعها والحرص على سننها
والمحافظة على الجمعة والجماعات وعدم التساهل في ذلك .واستتابة تارك الصالة حتى يلتزم
بأدائها فإن التزم بذلك وإال قتل.
- 2إيتاء الزكاة أي :دفع الزكاة لمستحقيها بطيب نفس حتى لو تطلب األمر أخذها بالقوة من
األغنياء ،وردها إلى الفقراء ،كما فعل أبو بكر الصديق رضي هللا عنه.
- 3األم““ر ب““المعروف أي :تط““بيق الش““ريعة اإلس““المية في جمي““ع شؤون الحي““اة السياس““ية
واالقتصادية واالجتماعية.
- 4النهي عن المنكر أي :كل ما نهى هللا عنه من المنكرات في العقيدة والشريعة واألخالق.