You are on page 1of 127

12

‫الفكر الباطني الحديث‬


‫المراد بالفكر الباطني الحديث وسبب التسمية‬

‫• أ‪ -‬المراد به‪ :‬هو الفكر الذي يعتقد بأن للظواهر حقائق باطنة ال‬
‫يطلع عليها اإال خواص الناس‪ ،‬سواء ظواهر الحقائق الكونية‪ ،‬أو‬
‫ظواهر النصوص الشرعية‪.‬‬
‫• ب‪ -‬سبب التسمية‪ :‬نسبة لعلم الباطن الذي يدعونه‪ ،‬وهو العلم‬
‫الذي يقول بأن لكل ظاهر باطنًا‪ ،‬وأن الباطن هو الحكمة المخفية‬
‫والمقصودة‪.‬‬
‫أبرز معتقدات الفكر الباطني الحديث‬
‫•تقوم معتقدات الفكر الباطني الحديث على‬
‫األصول التالية‪:‬‬
‫•‪ -1‬عقيدة وحدة الوجود‪:‬‬
‫•فالكون ظاهره التعدد‪ ،‬وباطنه الوحدة‪،‬‬
‫• فظاهره مخلوق‪ ،‬وباطنه الخالق‪.‬‬
‫أبرز معتقدات الفكر الباطني الحديث‬
‫•‪ -2‬عقيدة الشرارة اإللهية بداخل اإلنسان‪:‬‬
‫• فاإلنسان ظاهره البشرية‪،‬‬
‫• وباطنه األلوهية والقدسية‪.‬‬
‫أبرز معتقدات الفكر الباطني الحديث‬
‫•‪ -3‬عقيدة االتحاد‪ :‬فاإلنسان والخالق‪،‬‬
‫• الظاهر هو االنفصال‪،‬‬
‫• والحقيقة هي االتحاد‪،‬‬
‫• ومتى حصل ذلك حصلت االستنارة واإلشراق المعرفي‪ ،‬وحصلت‬
‫الخوارق‪ ،‬التصاف اإلنسان عندئذ بالصفات اإللهية‪ ،‬كما يدعون‪.‬‬
‫أبرز معتقدات الفكر الباطني الحديث‬

‫•‪ -4‬عقيدة وحدة األديان‪:‬‬


‫• فاألديان ظاهرها التعدد‪،‬‬
‫• وباطنها أنها شيء واحد‪.‬‬
‫أبرز معتقدات الفكر الباطني الحديث‬

‫عقيدة نسبية الحقائق والقيم‪:‬‬ ‫•‪-5‬‬


‫• فالحقائق والقيم ظاهرها التعدد والتميز‪،‬‬
‫• وباطنها النسبية‪،‬‬
‫• فالحقائق نسبية ليست ثابتة وال متميزة‪.‬‬
‫أبرز معتقدات الفكر الباطني الحديث‬
‫• تقوم معتقدات الفكر الباطني الحديث على األصول التالية‪:‬‬

‫عقيدة وحدة الوجود‪ :‬فالكون ظاهره التعدد‪ ،‬وباطنه الوحدة‪ ،‬فظاهره مخلوق‪ ،‬وباطنه الخالق‪.‬‬ ‫• ‪-1‬‬

‫عقيدة الشرارة اإللهية بداخل اإلنسان‪ :‬فاإلنسان ظاهره البشرية‪ ،‬وباطنه األلوهية والقدسية‪.‬‬ ‫• ‪-2‬‬

‫• ‪ -3‬عقيدة االتحاد‪ :‬فاإلنسان والخالق‪ ،‬الظاهر هو االنفصال‪ ،‬والحقيقة هي االتحاد‪ ،‬ومتى حصل ذلك‬
‫حصلت االستنارة واإلشراق المعرفي‪ ،‬وحصلت الخوارق‪ ،‬التصاف اإلنسان عندئذ بالصفات اإللهية‪ ،‬كما‬
‫يدعون‪.‬‬

‫عقيدة وحدة األديان‪ :‬فاألديان ظاهرها التعدد‪ ،‬وباطنها أنها شيء واحد‪.‬‬ ‫• ‪-4‬‬

‫• ‪ -5‬عقيدة نسبية الحقائق والقيم‪ :‬فالحقائق والقيم ظاهرها التعدد والتميز‪ ،‬وباطنها النسبية‪ ،‬فالحقائق‬
‫نسبية ليست ثابتة وال متميزة‪.‬‬
‫أبرز المعتقدات‬ ‫المؤسس والظهور‬ ‫الجمعية أو الحركة‬

‫‪ .1‬وحدة الوجود‬
‫‪ .2‬وحدة األديان‪.‬‬
‫‪ .3‬ال دين أعلى من الحق‬ ‫امرأة روسية‬
‫(‪)1‬‬
‫والحق‪ :‬الفكر الباطني‬ ‫هلينا بالفتسكي‬
‫جمعية‬
‫في نيويورك ‪ 1875‬ومعتقداته‬
‫الثيوصوفي‬
‫‪ .4‬اإلخوة اإلنسانية‬ ‫م‬
‫‪ .5‬عقيدة الكارما‬
‫‪ .6‬تناسخ األرواح‬
‫أبرز المعتقدات‬ ‫المؤسس والظهور‬ ‫الجمعية أو الحركة‬
‫يضاف لمعتقدات الثيوصوفية‬
‫امتداد للثيوصوفية ظهرت ‪ .1‬تعظيم القدرات البشرية‬ ‫(‪)2‬‬
‫حركة الفكر الجديد في أمريكا آخر القرن ‪ 19‬م ‪ .2‬قدرة الفكر على خلق الواقع من‬
‫خالل قانون الجذب‬
‫‪ .1‬وجود الشرارة اإللهية الكامنة‬
‫التي تولد قدرات بشرية غير‬ ‫(‪)3‬‬
‫في ستينيات القرن ‪20‬‬
‫محدودة‬ ‫حركة القدرات‬
‫معهد إيسالن‬
‫‪ .2‬تخلط بين العلوم النفسية والعلوم‬ ‫البشرية الكامنة‬
‫الفلسفية الباطنية‬
‫أبرز المعتقدات‬ ‫الجمعية أو الحركة المؤسس والظهور‬

‫إضافة صبغة‬
‫آخر مظاهر‬ ‫(‪)4‬‬
‫علمية على‬
‫الفكر‬ ‫حركة‬
‫التطبيقات‬
‫الباطني‬ ‫العصر‬
‫التدريبية‬
‫الحديث‬ ‫الجديد‬
‫واإلستشفائية‬
‫أبرز رموز الفكر الباطني في العالم الغربي‬

‫متصوف هندي‪ ،‬باطني‬ ‫‪.1‬‬


‫‪ .1‬أمريكي‪ ،‬هندي األصل‪ ،‬طبيب‬ ‫‪ .1‬ألماني‪ ،‬باطني‪ ،‬مقيم في كندا‬ ‫يقول بوحدة الوجود‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ .2‬يمزج بين الفلسفات الشرقية‬ ‫‪ .2‬صاحب كتاب "قوة اآلن"‬ ‫االستنارة‪ :‬أن تدرك بأنك أنت اإلله‬ ‫‪.3‬‬
‫اإللحادية مع العلوم العصرية‬ ‫وكتاب "األرض الجديدة"‬ ‫يشجب األديان المنظمة‬ ‫‪.4‬‬
‫جمع بين فساد المعتقد وفساد‬ ‫‪.5‬‬
‫األخالق‬

‫ديباك شوبرا‬ ‫إكهارت تولي‬ ‫أوشو‬


‫‪1990 - 1931‬‬
‫أبرز رموز الفكر الباطني في العالم الغربي‬

‫طبيب نفسي‪ ،‬أمريكي‪ ،‬متصوف‪ ،‬باطني‬ ‫‪.1‬‬


‫‪ .1‬صاحب الداوزينق‪ ،‬وحركة‬ ‫مستشار في عدد من المعابد البوذية‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪ .1‬أمريكي‪ ،‬مهتم بتطوير الذات بالفكر‬
‫العصي‪ ،‬واألثقال المعلقة بخيط‬ ‫يقول بوحدة الوجود‪ ،‬وبتأليه النفس‬ ‫‪.3‬‬ ‫الباطني‬
‫‪ .2‬تشخيص األمراض‬ ‫البشرية‬ ‫‪ .2‬تأليه الذات‬
‫‪ .3‬استطالع األمور الغيئبية‬ ‫مشهور بمقياس هوكنز للوعي عبر‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪ .3‬إنكار التدين المنظم‬
‫الداوزينق أو استجابة العضالت‬

‫إليزابيث براون‬ ‫ديفيد هوكنز‬ ‫واين داير‬


‫أبرز تطبيقات الفكر الباطين احلديث‬
‫أولا‪ :‬التطبيقات املتعلقة ابلصحة والشفاء وهي تطبيقات كثرية منها‪:‬‬

‫• ‪ -1‬الريكي‪ :‬ويقصدون هبا طاقة احلياة املستمدة من الروح‬


‫الكونية‪.‬‬
‫• ‪ -2‬األيور فيدا‪ :‬ويقصدون هبا علم إطالة العمر‪ ،‬أو فن احلياة‪ ،‬أو‬
‫علم احلياة‪.‬‬
‫• ‪ -3‬املاكرو بيوتيك‪ :‬ويقصدون هبا احلياة الكبرية‪.‬‬
‫أولا‪ :‬التطبيقات املتعلقة ابلصحة والشفاء وهي تطبيقات كثرية منها‪:‬‬

‫• فهذه التطبيقات وما شاهبها تقوم على معتقد وحدة الوجود‪،‬‬


‫• فهم يعتقدون بوجود طاقة مبثوثة يف كل ذرة من ذرات الكون‪ ،‬مىت‬
‫استطاع اإلنسان تسليكها يف داخل جسده‪ ،‬فمارس الرايضات الروحية‬
‫املهيئة لذلك حصل على الشفاء‪،‬‬
‫• وارتقى حىت تتقوى قدراته الشفائية فيشفي غريه أيضا عن قرب وعن‬
‫بعد هبذه الطاقة‪ ،‬لكونه قد اقرتب من أصله اإلهلي‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬التطبيقات املتعلقة ابلقدرات البشرية اخلارقة منها‬
‫• ‪ -1‬التخاطر ( البارا سيكولوجي)‪ :‬يراد به التواصل مع اآلخرين دون الوسائل‬
‫املعتادة‪ ،‬فتنتقل املعلومات بني الكائنات احلية دون الستعانة أبي حاسة من‬
‫احلواس اخلمس‪ ،‬كالتمكن من قراءة خواطر اآلخرين‪ ،‬وما جيول يف نفوسهم‪.‬‬

‫• ‪ -2‬الستبصار‪ :‬معرفة األمور الغيبية‪ ،‬الغيب النسيب‪ ،‬فرياها أمامه‪ ،‬واملقصود‬


‫منو قدراته يف السمع والبصر والعلم‪ ،‬فيصل للمعرفة بغري الطرق املعتادة‪ ،‬فريى ما‬
‫ل يراه غريه‪ ،‬ويسمع ما ل يسمعه غريه‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬التطبيقات املتعلقة ابلقدرات البشرية اخلارقة منها‬

‫•‪ -3‬اإلسقاط النجمي‪ :‬يقصد به اخلروج اإلرادي‬


‫من اجلسد‪ ،‬والذهاب إىل أماكن أخرى‪ ،‬واللتقاء‬
‫أبرواح أخرى سواء كانت ميتة أو حية‪ ،‬واجلولن‬
‫يف عوامل أخرى‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬التطبيقات املتعلقة ابلقدرات البشرية اخلارقة منها‬
‫• وهذه التطبيقات وحنوها مبنية على أن اإلنسان مىت استطاع‬
‫أن يتحد مع الطاقة املبثوثة يف الكون‪ ،‬مبمارسة الرايضات‬
‫الروحية‪ ،‬فإنه سيصل إىل قدرات إهلية‪ ،‬وتتحول صفاته من‬
‫البشرية إىل اإلهلية يف معارفه ويف قدراته‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬التطبيقات املتعلقة جبلب املنافع ودفع املضار منها‬

‫• ‪ -1‬الفونغ شوي‪ :‬أي علم طاقة املكان‪ ،‬أو هندسة املكان‪،‬‬


‫لتحسني مسارات الطاقة الكونية فيه‪ ،‬لتحصيل السعادة‬
‫والثراء‪.‬‬
‫• ‪ -2‬أسورة أو قالئد الطاقة‪ :‬وهي متائم يعتقدون أن فيها‬
‫ذبذابت من شأهنا حتسن الصحة ومتد اجلسم ابحليوية والنشاط‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬التطبيقات املتعلقة جبلب املنافع ودفع املضار منها‬
‫• ‪ -3‬قانون اجلذب‪ ،‬والرتكيز‪ ،‬والمتنان‪:‬‬
‫• ويقصد به أن اإلنسان يستطيع أن يتحكم يف قدره بنفسه من خري أو شر ومن عافية أو‬
‫بالء عن طريق الفكر والنية والشعور‪،‬‬
‫شرا‪ ،‬سيجعل طاقتك ترسل ذبذابت بذلك مباشرة‬‫خريا أو ا‬
‫• فعندهم أن ما تركز فيه سواء ا‬
‫أو عن طريق العقل الالواعي‪ ،‬تعرب عن ذلك‪ ،‬وستبحث تلك الذبذابت عن ما يشاهبها يف‬
‫الكون من ذبذابت‪ ،‬فتجذهبا لك‪ ،‬فيتحقق لك ما أرسلت من سعادة وصحة وثراء وحب‪،‬‬
‫أو عكس ذلك إن كانت ذبذابتك سلبية‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬التطبيقات املتعلقة جبلب املنافع ودفع املضار منها‬

‫• فهذه التطبيقات كلها قائمة على الفكر الباطين املتعلق‬


‫بفلسفة الطاقة الكونية اليت يستمد منها السعادة والرزق‬
‫والعافية سواء عن طريق الفكر أو األسورة أو هندسة املكان‪،‬‬
‫فكل ما نطلبه حنن من هللا‪ ،‬ونلح على هللا يف طلبه‪ ،‬هم يفعلونه‬
‫مع إهلهم الطاقة املبثوثة يف الكون‪ ،‬نسأل هللا العافية‪.‬‬
13
‫درجات التصوف‬
‫‪25‬‬
‫كلمة التصوف‬

‫اسم جامد‬ ‫اسم مشتق‬

‫كلمة غير عربية‬ ‫ال تعليل له وال‬


‫سوفيه‪ :‬حكماء هنود‬ ‫أقوال أخرى‬ ‫من اسم صوفة‬ ‫من الصوف‬
‫اشتقاق ويجري‬
‫يتبعون مذهب‬ ‫على غير قياس‪.‬‬
‫الجيمنو صوفيا‪.‬‬
‫‪1‬ـ أهل الصفة‪.‬‬ ‫زهدا يف‬ ‫تشبها برهان‬
‫‪2‬ـ الصفاء‪.‬‬ ‫الدنيا‪.‬‬ ‫النصارى‪.‬‬
‫‪3‬ـ الصف املقدم بني يدي هللا‪.‬‬
‫‪4‬ـ صوفانة‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫الراجح‬

‫لطريقتهم في تلقي‬
‫المعرفة‪ ،‬والوصول‬ ‫لظاهر لبسهم‪:‬‬
‫النقطاعهم عن الدنيا‪:‬‬
‫للسعادة‪ ،‬والرجوع‬ ‫الصوف‬
‫صوفة‪.‬‬
‫لالتحاد مع الخالق‪:‬‬ ‫«صوفية»‬
‫سوفيه‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫متهيد‬
‫املسألة األوىل‪-‬تعريف التصوف‬ ‫ا‬

‫يوجد خالف كبري يف تعريف التصوف‪ ،‬وسببه الرئيس هو‬


‫يف كون التصوف درجات ثالثة‪ ،‬وليس درجة واحدة‪ ،‬فكل‬
‫قوم يعرفون التصوف بتعريفهم الدرجة اليت يروهنا متثل‬
‫التصوف‪ ،‬وأفضل تعريف للتصوف هو التعريف الذي جيمع‬
‫التصوف جبميع درجاته‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬

‫لقد قام القشريي (ت‪ 465 :‬هـ) بتعداد درجات‬


‫التصوف‪ ،‬وعرف بكل درجة على حدة‪ ،‬وبني أن جمموع‬
‫هذه الدرجات ميثل حقيقة التصوف‪ ،‬وأن من مل يكن من‬
‫أهل هذه الدرجات فهو منتسب للتصوف‪ ،‬وليس‬
‫بصويف على احلقيقة‪ ،‬وهذه الدرجات هي‪:‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫الدرجة األوىل‪ :‬إفناء الصفات الذميمة‪ ،‬لتظهر عليه الصفات احملمودة‪:‬‬

‫مذموم أفعاله بلسان الشريعة يقال‪ :‬إنه فين عن شهواته‪ .‬فإذا فين عن‬
‫َ‬ ‫يقول‪( :‬فمن ترك‬
‫شهواته بقي بنيته وإخالصه يف عبوديته‪ .‬ومن َزهد يف دنياه بقلبه‪ ،‬يقال‪ .‬فين عن رغبته‪ :‬فإذا‬
‫فين عن رغبته فيها بقي بصدق إانبته‪ .‬ومن عاجل أخالقه فنفى عن قلبه احلسد واحلقد‪،‬‬
‫والبخل‪ ،‬والشح والغضب‪ ،‬والكرب‪ ،‬وأمثال هذا من رعوانت النفس‪ ،‬يقال‪ :‬فين عن سوء‬
‫اخللق‪ .‬فإذا فين عن سوء اخللق بقي ابلفتوة والصدق)‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫الدرجة األوىل‪ :‬إفناء الصفات الذميمة‪ ،‬لتظهر عليه الصفات احملمودة‪:‬‬

‫وقد يعربون عن هذه الدرجة‪ :‬إبفناء اإلرادة‬


‫البشرية‪ ،‬لتحل حملها اإلرادة اإلهلية‪ ،‬فيسموهنا‬
‫بوحدة اإلرادة‪ ،‬أي‪ :‬يفىن عن إرادة نفسه‪ ،‬ويبقى‬
‫إبرادة احلق كما يزعمون ‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫الدرجة الثانية‪ :‬فناؤه عن نفسه وعن اخللق‪ ،‬بشهوده احلق‪:‬‬

‫يقول‪ (:‬ومن شاهد جراين القدرة يف تصاريف‬


‫األحكام‪ ،‬يقال‪ :‬فين عن حسبان احلداثن من اخللق‪.‬‬
‫فذا فين عن توهم اآلاثر من األغيار بقي بصفات‬
‫احلق) ‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫الدرجة الثانية‪ :‬فناؤه عن نفسه وعن اخللق‪ ،‬بشهوده احلق‪:‬‬

‫وهذا الفناء يسمونه بوحدة الشهود‪ ،‬أو وحدة الصفات‪،‬‬


‫فهنا تفىن الصفات البشرية لتحل حملها الصفات اإلهلية‪ ،‬كما‬
‫يدعون‪،‬‬
‫فيشعر أبنه هللا حل فيه‪ ،‬أو احتد معه‪ ،‬وتتغري صفاته من بشرية إىل‬
‫إهلية كما يدعي‪ ،‬وتظهر عليه خوارق العلم والسمع والبصر والقدرات‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫الدرجة الثالثة‪ :‬الفناء عن شهود احلق‪ ،‬ابلستهالك يف وجود احلق‪:‬‬

‫يقول‪( :‬ومن استوىل عليه سلطان احلقيقة‬


‫حىت مل يشهد من األغيار ال عيناً وال أثراً؛ وال‬
‫رمساً‪ ،‬وال طلالً؛ يقال‪ :‬إنه فين عن اخللق وبقي‬
‫ابحلق)‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫الدرجة الثالثة‪ :‬الفناء عن شهود احلق‪ ،‬ابلستهالك يف وجود احلق‪:‬‬

‫وهذا الفناء يسمى بفناء الذات البشرية‪ ،‬لتحل حملها الذات اإلهلية‪،‬‬
‫فاألول‪ :‬فناء اإلرادة‪،‬‬
‫والثاين فناء الصفات مع بقاء الذات البشرية‪،‬‬
‫والثالث فناء الذات البشرية‪ ،‬لتحل حملها الذات اإلهلية‪ ،‬ويرى حلوهلا يف‬
‫مجيع املخلوقات‪ ،‬وهذا ما يسمى بوحدة الوجود‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬

‫وختم ذكر الدرجات الثالث بقوله‪( :‬فاألول فناء عن‬


‫نفسه وصفاته ببقائه بصفات احلق‪ .‬مث فناؤه عن صفات‬
‫احلق بشهود احلق‪ .‬مث فناؤه عن شهود فنائه ابستهالكه‬
‫يف وجود احلق)‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬

‫وقد نقل الكالابذي (ت‪380 :‬ه) يف كتابه التعرف ملذهب أهل التصوف عدة‬
‫تعريفات للصوفية والتصوف‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫‪.1‬قَ َال أَبُو َعلي الروذابري (ت‪322 :‬ه) َو ُسئ َل َعن الصويف؟ فَـ َق َال‪ :‬من لبس‬
‫اْل َفاء‪َ ،‬وَكانَت ا ُّلدنْـيَا مْنهُ على الْ َق َفا‪،‬‬
‫الصوف على الصفاء‪َ ،‬وأطْعم ا ْهلوى ذوق ْ‬ ‫ُّ‬
‫صطَفى‪.‬‬ ‫وسلك منهاج الْ ُم ْ‬
‫الصويف؟ فَـ َق َال‪ :‬من صفا من‬ ‫‪َ .2‬و ُسئ َل سهل بن عبد هللا التسرتي (ت‪283 :‬ه) من ُّ‬
‫الذ َهب واملدر‪.‬‬ ‫الكدر‪ ،‬وامتأل من الْفكر‪َ ،‬وانْقطع إ َىل هللا من الْبشر‪ ،‬واستوى عْنده َّ‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬

‫احلسني النوري (ت‪295 :‬ه) َما التصوف؟ فَـ َق َال‪ :‬ترك كل َحظ‬ ‫‪َ .1‬و ُسئ َل أَبُو ْ‬
‫للنَّفس‪.‬‬
‫اْلُنَـْيد (ت‪297 :‬ه) َعن التصوف فَـ َق َال‪ :‬تصفية الْقلب َعن ُم َواف َقة‬ ‫‪َ .2‬و ُسئ َل ْ‬
‫َّواعي‬ ‫َ‬ ‫الد‬ ‫وجمانبة‬ ‫ية‪،‬‬‫ر‬ ‫البش‬ ‫ات‬‫ف‬‫َ‬ ‫الص‬ ‫وإمخاد‬ ‫الطبيعية‪،‬‬ ‫ق‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫َخ‬
‫ْ‬ ‫األ‬‫ْ‬ ‫ومفارقة‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬
‫َّ‬‫رب‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫است ْع َمال َما ُه َو‬ ‫احلَقيقيَّة‪َ ،‬و ْ‬
‫النفسانية‪ ،‬ومنازلة الص َفات الروحانية‪ ،‬والتعلق ابلعلوم ْ‬
‫الر ُسول‬
‫احلَقي َقة‪َ ،‬واتبَاع َّ‬ ‫أوىل على األبدية‪ ،‬والنصح ْلَميع ْاألمة‪َ ،‬والْ َوفَاء هلل على ْ‬
‫‪-‬ﷺ ‪-‬يف الشَّر َيعة‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬

‫ال رجل لسهل بن عبد هللا التسرتي من أصحب من‬ ‫قَ َ‬


‫ال‪َ :‬علَْيك ابلصوفية فَإ َّهنُم َال يستكثرون َوَال‬
‫طوائف النَّاس؟ فَـ َق َ‬
‫يستنكرون َشْيئا‪َ ،‬ول ُكل فعل عْندهم َتْويل فهم يعذرونك على‬
‫كل َحال)‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫املالحظ يف هذه التعريفات وتعريفات القشريي‪ ،‬وغريه مما مل يذكر هنا‪ ،‬أهنا تدور حول ثالثة أمور‪:‬‬

‫األمر األول‪:‬‬

‫القيام إبفناء اإلرادة البشرية‪ ،‬حبيث يصبح ال يريد شيئا من أمور‬


‫الدنيا من أكل وشرب ومال ونكاح وسكن‪ ،‬وال يبايل بشيء مما‬
‫حيصل له من خري أو شر‪ ،‬لتحل حملها اإلرادة اإلهلية‪-‬كما يزعمون‪-‬‬
‫‪ ،‬فهناك من يعرف التصوف هبذه األمور‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬

‫األمر الثاين‪:‬‬
‫القيام برتك سبل العلم املعروفة‪ ،‬واالعتماد على اخلواطر واإلهلامات واهلواتف‬
‫واملنامات‪ ،‬اعتقادا أبهنا من هللا‪ ،‬جزاء على ما قام به من إفناء اإلرادة‪ ،‬فأشرقت روحه‪،‬‬
‫وصفت نفسه‪ ،‬فأعطي أنواعا من املعارف بال تعلم‪ ،‬وهنا صار عنده علم احلقيقة‪ ،‬وعلم‬
‫الباطن‪ ،‬فيزعمون هنا أنه أفىن الصفات البشرية لتحل حملها الصفات اإلهلية‪ ،‬مث يعود‬
‫مرة أخرى متصفا ابلصفات البشرية‪ .‬فهناك من يعرف التصوف هبذه األمور ابلكشف‪،‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫أو ابخلوارق‪ ،‬أو بوحدة الشهود‪ ،‬أو ابحللول‪ ،‬أو ابالحتاد‪.‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬

‫األمر الثالث‪:‬‬

‫القيام إبفناء الذات البشرية‪ ،‬واالتصاف ابلذات اإلهلية‪ ،‬مث قد يعود إىل ذاته‬
‫البشرية‪ ،‬وقد يبقى فتفىن ذاته متاما‪ ،‬وذوات مجيع املخلوقات فريى نفسه‪ ،‬وكل‬
‫املخلوقات إهلا دائما‪ ،‬فيقول بوحدة الوجود‪ ،‬فهناك من يعرف التصوف هبذه‬
‫األمور‪ .‬ويرى أبن كل ما تقدم من إفناء اإلرادة مث إفناء الصفات إمنا هو‬
‫درجات لبلوغ هذه الغاية‪ ،‬وهي إفناء الذات‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫وهناك تعريفات للتصوف من بعض الباحثني يف التصوف من خارج الصوفية؛ يعرف التصوف‬
‫مستحضرا هذه الدرجات الثالثة مثل‪:‬‬
‫‪-1‬تعريف د فالح مندكار ( ت‪1442 :‬ه)‪ ،‬يقول‪( :‬هو مجلة من الرايضات النفسية والعملية‪،‬‬
‫واليت يقصد هبا قتل النفس وما فطرت عليه ابملخالفة‪ ،‬ومحلها على املكروهات الدينية والدنيوية‪،‬‬
‫للوصول هبذه النفس إىل مجلة من العقائد والطقوس اليت تفتح له اباب من اخلياالت الفاسدة‪ ،‬واالتصال‬
‫ابلشياطني اليت توحي إليه أنه يشاهد ما يزعمونه ابحلضرة اإلهلية‪ ،‬والدخول يف حبر املناجاة‪ ،‬مث الرتقي يف‬
‫املقامات‪ ،‬حىت يصل يف النهاية إىل درجة االحتاد مع هللا تعاىل بزعمهم‪ ،‬تعاىل هللا عن ذلك علوا كبريا) ‪.‬‬
‫فنالحظ يف التعريف ذكر الدرجات الثالثة‪ :‬درجة الزهد الصويف‪ ،‬مث درجة الكشف الصويف واحللول‬
‫واالحتاد مث درجة وحدة الوجود‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬

‫‪ -2‬تعريف د نومسوك‪ ،‬يقول‪( :‬إن الصوفية فرقة دينية أخالقية‬


‫فلسفية‪ ،‬تقوم على الزهد والتقشف واالنصراف إىل الروح‪ ،‬وتعتمد‬
‫على أنواع من اجملاهدات والرايضات‪ ،‬وذلك للوصول إىل الغاية‪،‬‬
‫وهي االتصال ابلذات اإلهلية‪ ،‬والفناء فيها)‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫ومن هنا فإن النظر الصحيح للتصوف يكون من انحية الدرجات اليت يظهر هبا‪ ،‬ال من‬
‫انحية املراحل‪ ،‬فالقول ابملرحلية غري دقيق‪ ،‬من وجهة نظري؛ ألن من املراحل اليت تذكر ما ال‬
‫يدخل يف التصوف‪ ،‬وهي مرحلة الغلو يف العبادة‪ ،‬وإمنا التصوف وجدها البيئة املناسبة له‪،‬‬
‫لكي ينطلق منها‪ ،‬وكذلك يذكرون مرحلة الزهد الصويف‪ ،‬إفناء اإلرادة‪ ،‬أو‪( :‬وحدة اإلرادة)‪،‬‬
‫مث يتبني ظهور أعالم للصوفية يف هذه املرحلة ممن يصنفون يف املرحلة األخرية‪ ،‬وهي مرحلة‬
‫وحدة الوجود‪ ،‬فمن هنا كان القول ابملرحلية غري منضبط‪ ،‬وأيضا هل اختفى يف املرحلة‬
‫األخرية أهل الغلو يف التعبد‪ ،‬أو أهل إفناء اإلرادة‪ ،‬أو أهل الكشف ووحدة الشهود‪ ،‬بل ما‬
‫زال هلم وجود‪ ،‬وكل يدعي أنه على التصوف احلق‪ ،‬فالذي خيتاره الباحث هو القول‬
‫بدرجات التصوف ال املراحل‪ ،‬لألسباب التالية‪:‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫‪ -1‬أن التصوف أمر قدمي معروف‪ ،‬وحقيقته معروفة قبل اإلسالم‪ ،‬بل قبل اليهودية‬
‫والنصرانية‪ .‬فالقول ابملرحلية معناه أنه حادث يف األمة اإلسالمية مث تطور‪ ،‬وهذا غري‬
‫صحيح‪ ،‬لكن الصحيح أنه تدرج يف الظهور يف األمة اإلسالمية‪ ،‬فالتصوف ميكن‬
‫متثيله‪-‬عند أهله‪ -‬مبراتب الدين اإلسالمي‪ :‬إسالم وإميان وإحسان‪ ،‬فالتصوف‬
‫عندهم‪ :‬انقص وهو وحدة اإلرادة‪ ،‬وواجب وهو وحدة الصفات‪ ،‬وكامل وهو وحدة‬
‫الذات‪ ،‬وجمموع هذه الدرجات يسمى‪ :‬تصوف‪ ،‬وكل درجة من هذه الدرجات يصح‬
‫إطالق التصوف عليها‪ ،‬وإن مل يصعد للدرجة اليت هي أعلى منها‪ ،‬ومن مل يصعد‬
‫الدرجة األوىل‪ ،‬فهو ليس بصويف‪ ،‬بل منتسب إىل التصوف‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة األوىل‪ :‬تعريف التصوف‬
‫‪ -2‬من الصوفية من ال يعرف إال الزهد البدعي ال الصويف‪ ،‬غلو يف العبادة ال‬
‫مفين لإلرادة البشرية‪ ،‬فهذا منتسب أو منسوب هلم وليس بصويف‪ ،‬ومن الصوفية من‬
‫صعد درجة الزهد الصويف ومل يصل للقول ابلكشف الصويف‪ ،‬فهذا صويف لكن‬
‫تصوفه انقص عندهم‪ ،‬ومن الصوفية من وصل للكشف الصويف لكنه ينكر البقاء‬
‫الدائم ابلصفات اإلهلية‪ ،‬فهذا يسمونه صويف سين‪ ،‬أي ليس بفلسفي‪ ،‬ألنه يقول‬
‫ابإلثنينية‪ :‬خالق وخملوق‪ ،‬يقول بوحدة الشهود‪ ،‬وال يقول بوحدة الوجود‪ ،‬فعنده‬
‫كمال التصوف الواجب‪ ،‬ومن الصوفية من يرى البقاء ابلصفات اإلهلية ويفين‬
‫الذات البشرية؛ فهذا يقول بوحدة الوجود‪ ،‬فهذا عندهم وصل للتصوف الكامل‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫وحدة‬
‫وحدة‬ ‫الذات‬
‫وحدة‬ ‫الصفات‬
‫اإلرادة‬
‫‪48‬‬
‫درجة الحلول‬
‫واالتحاد‬
‫درجة الكشف‬ ‫ووحدة الوجود‬
‫الصوفي‬
‫درجة الزهد‬
‫الصوفي‬

‫‪49‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫تقدم يف بيان معىن التصوف؛ أنه على درجات ثالث‪:‬‬


‫درجة إفناء اإلرادة البشرية‪ ،‬ودرجة إفناء الصفات البشرية‪،‬‬
‫ودرجة إفناء الذات البشرية‪ ،‬وهنا سنذكر مبعىن اإلحسان‬
‫الشرعي؛ لنرى الفرق بينه وبني التصوف‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫اإلحسان يف الشرع‪:‬‬
‫معناه التعبد هلل تعاىل كأنك ترى هللا أمامك‪ ،‬أو مستشعراً ومستحضرا رؤيته لك‪.‬‬
‫أخرج اإلمام مسلم بسنده حديث جربيل –عليه السالم‪-‬املشهور؛ وفيه قول النيب‬
‫‪( :‬اإلحسان‪ :‬أن تعبد هللا كأنك تراه‪ ،‬فإن مل تكن تراه فإنه يراك)؛ فاإلحسان‬
‫الشرعي درجة عليا من درجات التمسك ابلدين اإلسالمي؛ فيصعد على درجة‬
‫اإلسالم‪ ،‬مث يصعد إىل درجة اإلميان‪ ،‬مث يصعد للدرجة العليا وهي درجة اإلحسان‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫وميكن للمؤمن أن يصل لدرجة اإلحسان؛ بتعلمه لصفات هللا تعاىل املتعلقة بسعة علمه‪ ،‬ومشول إحاطته‪ ،‬وتربية نفسه‬
‫على ذلك‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪ /1‬اليقني بعلم هللا الواسع لكل شيء؛ حىت تساقط األوراق من األشجار‪ ،‬وتربية النفس على أن املكلف من ابب‬
‫أوىل؛ فاهلل يعلم مجيع أحواله من احلركات والسكنات‪ ،‬قال تعاىل‪َ  :‬وع َندهُ َم َفات ُح الْغَْيب َال يَـ ْعلَ ُم َها إَّال ُه َو َويَـ ْعلَ ُم َما يف‬
‫ني ‪‬‬ ‫اب ُّمب ٍ‬ ‫س إَّال يف كتَ ٍ‬ ‫ب َوَال َايب ٍ‬‫ط من ورقٍَة إَّال يَـ ْعلَم َها وَال َحبَّ ٍة يف ظُلُمات ْاأل َْرض وَال رطْ ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫الَْرب َوالْبَ ْحر َوَما تَ ْس ُق ُ َ َ‬
‫[األنعام‪.]59 :‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫وميكن للمؤمن أن يصل لدرجة اإلحسان؛ بتعلمه لصفات هللا تعاىل املتعلقة بسعة علمه‪ ،‬ومشول إحاطته‪ ،‬وتربية نفسه‬
‫على ذلك‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪ /2‬العلم أبن هللا يعلم تنقالت الدواب السارحة يف حبثها عن رزقها؛ من أين تيت به‪ ،‬وأين تضعه‪ ،‬فكيف ابملكلف؛‬
‫فعلم هللا به من ابب أوىل‪ ،‬ويريب نفسه على ذلك‪ ،‬قال تعاىل‪َ  :‬وَما من َدابٍَّة يف ْاأل َْرض إَّال َعلَى َّ‬
‫اَّلل رْزقُـ َها َويَـ ْعلَ ُم‬
‫مستَـ َقَّرَها ومستَـوَد َعها ُكلٌّ يف كتَ ٍ‬
‫اب ُّمب ٍ‬
‫ني‪[ ‬هود‪.]6 :‬‬ ‫َُ ْ ْ َ‬ ‫ُْ‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫وميكن للمؤمن أن يصل لدرجة اإلحسان؛ بتعلمه لصفات هللا تعاىل املتعلقة بسعة علمه‪ ،‬ومشول إحاطته‪ ،‬وتربية نفسه‬
‫على ذلك‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪ /3‬تربية النفس على دوام استشعار رؤية هللا له؛ يف أدائك ألعماله‪ ،‬ومسعه له يف أقواله ودعائه‪ ،‬وسعة علمه بنيته‬
‫ين • إنَّهُ ُه َو‬
‫الساجد َ‬ ‫وم • َوتَـ َقلُّبَ َ‬
‫ك يف َّ‬ ‫الرحيم • الَّذي يَـَر َاك ح َ‬
‫ني تَـ ُق ُ‬ ‫ومقصده؛ قال تعاىل‪َ  :‬وتَـ َوَّك ْل َعلَى الْ َعزيز َّ‬
‫يع الْ َعل ُيم‪[ ‬الشعراء‪.]220 – 217 :‬‬ ‫السم ُ‬
‫َّ‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫يضو َن فيه‬
‫ُ‬ ‫ف‬‫ُ‬‫ت‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫ود‬ ‫ه‬ ‫ش‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬
‫َ ْ ْ ُُ ً‬‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫َّا‬
‫ن‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬
‫ْ ََ‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ـ‬
‫َ‬
‫ْ َ َْ‬‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫آن‬ ‫ر‬ ‫ـ‬
‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫و‬‫ُ‬‫ل‬‫ـ‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫ـ‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫وقال تعاىل‪َ :‬وَما تَ ُكو ُن يف َشأْ َ َ‬
‫م‬‫و‬ ‫ن‬
‫ني‪[ ‬يونس‪:‬‬ ‫اب ُّمب ٍ‬‫ك وَال أَ ْك َرب إَّال يف كتَ ٍ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫غ‬ ‫َص‬ ‫أ‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫اء‬ ‫م‬ ‫الس‬ ‫يف‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫َر‬ ‫األ‬ ‫يف‬ ‫ك من مثْـ َقال َذ َّرٍ‬
‫ة‬ ‫ب َعن َّرب َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َوَما يَـ ْعُز ُ‬
‫‪.]61‬‬
‫إن الوصول إىل درجة اإلحسان الشرعي مطلب عظيم من املطالب الشرعية‪ ،‬وهو أعظم معني على فعل الطاعات‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وترك املعاصي واملنكرات؛ واإلخالص هلل تعاىل يف ذلك كله‪ ،‬مع احلرص على اتباع النيب ‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫وأما اإلحسان يف كتب الصوفية فيفسر على ثالث تفسريات‪:‬‬

‫أوهلا‪ :‬التفسري الشرعي‪:‬‬


‫فيفسرون اإلحسان أبنه‪ :‬استشعار رقابة هللا على العبد؛ مما يولد مراقبة العبد لنفسه يف مجيع أعماله‪.‬‬
‫اَّللُ َعلَى ُكل َش ْي ٍء َّرقيبًا‪‬‬
‫يقول السراج الطوسي ( ت‪377 :‬ه)‪( :‬املراقبة حال شريف؛ قال هللا تعاىل‪َ  :‬وَكا َن َّ‬
‫الس َم َاوات‬
‫يب َعتي ٌد‪[ ‬ق‪ ،]18 :‬وقال‪ :‬يَـ ْعلَ ُم َما يف َّ‬ ‫ق‬
‫ر‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫د‬‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ال‬ ‫إ‬ ‫ظ من قَـوٍ‬
‫ل‬ ‫[األحزاب‪ ،]52:‬وقال عز وجل‪َّ  :‬ما يَـ ْلف ُ‬
‫ْ َ ٌ‬ ‫ْ‬
‫الص ُدور‪[ ‬التغابن‪]4 :‬؛ ومثله يف القرآن كثري‪ ،‬وروي عن النيب ‪‬‬ ‫اَّللُ َعل ٌيم ب َذات ُّ‬
‫َو ْاأل َْرض َويَـ ْعلَ ُم َما تُسُّرو َن َوَما تُـ ْعلنُو َن ۚ َو َّ‬
‫أنه قال‪( :‬اعبد هللا كأنك تراه‪ ،‬فإن مل تكن تراه فإنه يراك)‪.)..،‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫وأما اإلحسان يف كتب الصوفية فيفسر على ثالث تفسريات‪:‬‬

‫اثنيها‪ :‬تفسري اإلحسان ابلرؤية القلبية هلل تعاىل‪:‬‬


‫بل بعضهم ابلرؤية البصرية‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫وأما اإلحسان يف كتب الصوفية فيفسر على ثالث تفسريات‪:‬‬

‫اثلثها‪ :‬تفسري مدرسة وحدة الوجود‪:‬‬

‫رؤية الرب يف العبد‪ ،‬ورؤية العبد يف الرب‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫اإلحسان‪ :‬هو‪( :‬شهود هللا تعاىل‪ ،‬واحلضور معه يف كل شيء‪ ،‬ومشاهدة جتليه يف كل شيء)‪.‬‬
‫ب أ َْو أَلْ َقى َّ‬
‫الس ْم َع‬ ‫قال الطوسي‪( :‬ابب حال املشاهدة‪ :‬وقد قال هللا تعاىل‪ :‬إ َّن يف َذل َ‬
‫ك لَذ ْكَرى ل َمن َكا َن لَهُ قَـ ْل ٌ‬
‫ود‪[ ‬الربوج‪ ،]3 :‬وقال أبو بكر‬ ‫وهو َشهي ٌد‪[ ‬ق‪]37 :‬؛ يعين حاضر القلب‪ ،‬وقال أيضاً‪ :‬و َشاه ٍد وم ْشه ٍ‬
‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََُ‬
‫الواسطي –رمحه هللا‪( -‬ت‪243 :‬ه)‪ :‬فالشاهد‪ :‬الرب‪ ،‬واملشهود‪ :‬الكون؛ أعدمهم مث أوجدهم‪)..‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املسألة الثانية‪ :‬الفرق بني التصوف واإلحسان‬

‫وسيأيت تفصيل الكالم على معتقد وحدة الوجود الحقاً‪ ،‬واملراد هنا أن التصوف‬
‫له معان عدة‪ ،‬خيلط فيها احلق مع الباطل؛ وهم وإن عرفوا اإلحسان أحياان مبا هو‬
‫معروف يف الشرع‪ ،‬إال إهنم ال يقصدون به ما يقصده أهل السنة واْلماعة‪ ،‬بل‬
‫يفسرونه برؤية قلبية هلل‪ ،‬أو برؤية بصرية‪ ،‬أو برؤية الرب يف العبد‪ ،‬ورؤية العبد يف‬
‫هللا‪.‬‬
‫ومن هنا؛ فينبغي احلذر كل احلذر من تسمية اإلحسان الشرعي ابلتصوف‪،‬‬
‫وكذلك حيذر من يريد بتصوفه اإلحسان الشرعي من قبول هذا اللقب‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
14
‫املبحث األول‪ -‬درجة الزهد الصويف‬
‫املطلب األول‪-‬املراد ابلزهد الشرعي‬

‫أولا‪ :‬املراد ابلزهد يف اللغة‪:‬‬

‫الزهد يف اللغة معناه‪ :‬قلة الرغبة يف الشيء‪ ،‬والرضا منه ابلقليل‪ ،‬كما قال تعاىل –عن‬
‫ين‪[ ‬يوسف‪:‬‬ ‫د‬ ‫اه‬
‫الز‬
‫َّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫يه‬ ‫ف‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫ك‬‫َ‬‫و‬ ‫ٍ‬
‫ة‬ ‫ود‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫م‬‫اه‬
‫ر‬ ‫د‬ ‫ٍ‬
‫س‬ ‫َب‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ب‬ ‫ه‬‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫‪‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪-‬‬ ‫يوسف‬ ‫إخوة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫‪]20‬؛ أي غري راغبني يف مقابل لبيعه‪ ،‬ألن مقصدهم هو التخلص منه‪ ،‬ال أخذ الثمن‬
‫على بيعه‪ ،‬وسواء كان املراد ابلبائع هم إخوة يوسف أو السيارة؛ فمعىن الزهد يف يوسف‬
‫هو قلة الرغبة يف مثنه‪ ،‬ولذلك قبلوا فيه أَبس األمثان‪ ،‬وهذا هو معىن الزهد لغة‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب األول‪-‬املراد ابلزهد الشرعي‬

‫شرعا‪:‬‬
‫أولا‪ :‬املراد ابلزهد ا‬

‫يقول ابن تيمية –رمحه هللا‪( -‬ت‪728:‬ه )‪( :‬الزهد املشروع‪:‬‬


‫هو ترك الرغبة فيما ال ينفع يف الدار اآلخرة‪ ،‬وهو فضول املباح‬
‫اليت ال يستعان هبا على طاعة هللا)‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫الزهد الشرعي‬
‫يقوم على األسس التالية‪:‬‬
‫‪ /1‬اعتقاد سرعة انقضاء الدنيا‪:‬‬
‫كماء انزلنه من السماء‬
‫ٍ‬ ‫قال هللا تعالى ‪ { :‬واضرب لهم مثل الحياة الدنيا‬
‫فاختلط به نبات األرض فأصبح هشيما ً تذروه الرياح وكان هللا على كل شيء‬
‫مقتدرا ً } [الكهف‪]45 :‬؛ فهذه مدة بقاء الحياة الدنيا كمدة بقاء النبات‪.‬‬
‫‪ /2‬اعتقاد قصر عمر اإلنسان في الدنيا‪:‬‬
‫فالدنيا في ذاتها قصيرة زائلة‪ ،‬ومع هذا فمدة بقاء اإلنسان فيها إنما هو‬
‫ساعة‪ ،‬أو عشية‪ ،‬أو ضحوة‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫الزهد الشرعي‬

‫‪ /3‬اعتقاد أن نعيم الدنيا مهما عظم فهو ال شيء بالنسبة لنعيم اآلخرة‪:‬‬
‫قال تعالى‪ { :‬بل تؤثرون الحياة الدنيا * واآلخرة خير وأبقى }[األعلى‪.]17 – 1٦ :‬‬
‫َاخالً ِم ْن‬ ‫وق؛ د ِ‬ ‫س ِ‬ ‫َّللا ‪َ ‬م هر ِبال ُّ‬ ‫سو َل ه ِ‬ ‫َّللا أ َ هن َر ُ‬
‫ع ْب ِد ه ِ‬‫أخرج مسلم بسنده ع َْن َجا ِب ِر ْب ِن َ‬
‫اولَهُ فَأ َ َخ َذ ِبأُذُنِ ِه ث ُ هم قَا َل‪( :‬أَيُّ ُك ْم‬‫س هك َم ِيتٍ؛ فَتَنَ َ‬‫اس َكنَفَتَهُ‪ ،‬فَ َم هر ِب َج ْد ٍى أ َ َ‬ ‫ض ا ْلعَا ِليَ ِة‪َ ،‬والنه ُ‬ ‫بَ ْع ِ‬
‫ون‬‫صنَ ُع ِب ِه‪ ،‬قَا َل‪( :‬أَت ُ ِحبُّ َ‬ ‫ب أَنههُ لَنَا بشيء‪َ ،‬و َما نَ ْ‬ ‫ب أ َ هن َه َذا لَهُ ِبد ِْر َه ٍم)‪ ،‬فَقَالُوا‪َ :‬ما نُ ِح ُّ‬ ‫يُ ِح ُّ‬
‫ف َو ُه َو َم ِيت! فَقَا َل ‪:‬‬ ‫س ُّك‪ ،‬فَ َك ْي َ‬‫ع ْيبًا فِي ِه؛ ألَنههُ أ َ َ‬
‫َان َ‬ ‫َان َحيًّا ك َ‬ ‫أَنههُ لَ ُك ْم؟)‪ ،‬قَالُوا‪َ :‬و ه ِ‬
‫َّللا لَ ْو ك َ‬
‫علَ ْي ُك ْم) ()‪.‬‬‫َّللا ِم ْن َه َذا َ‬
‫علَى ه ِ‬ ‫َّللا لَل ُّد ْنيَا أ َ ْه َو ُن َ‬
‫(فَ َو ه ِ‬

‫‪66‬‬
‫الزهد الشرعي‬

‫‪ /4‬اغتنام العمر وفترة الشباب باألعمال الصالحة‪:‬‬


‫أخرج الحاكم في مستدركه بسنده عن ابن عباس ‪-‬‬
‫رضي هللا عنهما‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول هللا ‪ ‬لرجل و‬
‫هو يعظه‪( :‬اغتنم خمسا ً قبل خمس‪ :‬شبابك قبل‬
‫هرمك‪ ،‬وصحتك قبل سقمك‪ ،‬وغناك قبل فقرك‪،‬‬
‫وفراغك قبل شغلك‪ ،‬وحياتك قبل موتك)‬
‫‪67‬‬
‫اغتنام الحياة والعمر والشباب والصحة‬
‫والفراغ‪ ،‬قبل زوالها‬
‫الزهد‬
‫باألعمال الصالحة المنيلة لنعيم اآلخرة‬
‫الشرعي‬
‫وترك كل ما من شأنه أن يعيق عن ذلك‬
‫من فضول المباح‬
‫‪68‬‬
‫‪2‬‬
‫اعتقاد قصر عمر‬
‫اإلنسان في الدنيا‬

‫‪3‬‬
‫اعتقاد أن نعيم‬ ‫‪1‬‬
‫الدنيا مهما عظم‬ ‫أسس الزهد‬
‫اعتقاد سرعة‬
‫فهو ال شيء‬ ‫الشرعي‬ ‫انقضاء الدنيا‬
‫بالنسبة لنعيم‬
‫اآلخرة‬

‫‪4‬‬
‫اغتنام العمر وفترة‬
‫الشباب باألعمال‬
‫الصالحة‬
‫‪69‬‬
‫املطلب الثاين‪-‬املراد ابلزهد عند الصوفية‬

‫يصف الكالابذي الصوفية أبهنم‪ُ ( :‬ملُوك َحتت أطمار)‬


‫فالزهد الصويف هو‪:‬‬

‫وترك ُّ‬
‫الدنْـيَا ابلكلية‪ :‬ابخلروج عن األوطان‪ ،‬وهجر‬ ‫التخلي عن األمالك‪ُ ،‬‬
‫الزوجات‪ ،‬واألوالد‪ ،‬واألحباب‪.‬‬
‫وقد بني الطوسي مكانة هذا الزهد يف التصوف أبنه أول درجة فيه‪ ،‬فمن‬
‫مل يصعدها فال يصح له شيء من التصوف ‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫الزهد الصوفي‬
‫قائم على األمور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الغلو في التعبد؛ بحيث يقوم وال ينام‪ ،‬ويواصل الصيام؛ فعبادة عظيمة‬
‫مع عدم التزام بالسنة‪ ،‬ومن هنا ظهرت البدع العبادية عندهم‪.‬‬
‫‪ -2‬الغلو في تخلية القلب من الطمع؛ فأخلوه حتى من الطمع فيما عند هللا‬
‫من خيري الدنيا واآلخرة‪ ،‬فحصل لهم الخلل في أركان التعبد هلل بالحب‬
‫والخوف والرجاء‪ ،‬فأهملوا الخوف والرجاء‪ ،‬وحولوا الحب إلى عشق‬
‫يخرجهم عن حقيقة التعبد هلل‪ ،‬كما ظهر ذلك جليا ً في الدرجات التالية من‬
‫درجات التصوف‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫الزهد الصوفي‬

‫‪ -3‬الخروج بحسن الخلق مع اآلخرين من المفهوم‬


‫الشرعي إلى اللين المذموم‪ ،‬بعدم إنكار منكرات الناس‪،‬‬
‫وعدم السعي في إصالحهم‪ ،‬وإهانة النفس لهم‪.‬‬
‫‪ -4‬تعذيب البدن بالجوع والسهر‪ ،‬وعدم العناية بالنظافة‬
‫واللباس‪ ،‬وإهمال التداوي‪.‬‬
‫‪ -5‬ترك اكتساب المال‪ ،‬وعدم ادخاره حين حصوله‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫الزهد الصوفي‬

‫‪ -٦‬إهمال الزوجة واألبناء‪ ،‬وبر الوالدين وصلة‬


‫األرحام‪ ،‬وإيثار العزلة واالنقطاع‪.‬‬
‫‪ -7‬إهمال إصالح المجتمع واألمة‪ ،‬وعدم المباالة بمن‬
‫له السلطة؛ سواء من أهل اإليمان أو من أهل الكفر‪،‬‬
‫أو من الفسق والعصيان‪ ،‬وعدم االهتمام بالجهاد في‬
‫سبيل هللا‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫الزهد الشرعي‬ ‫الزهد الصوفي‬
‫قائم على الغلو‪ ،‬ومجاوزة الحد في العبادة‪.‬‬
‫قائم على االعتدال في العبادة‪ ،‬والتزام السنة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫قائم على تحقيق أعمال القلوب كما جاءت في الوحي‬


‫قائم على االنحراف في أعمال القلوب‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫اإللهي‪.‬‬
‫األخالق الحسنة في الزهد الشرعي؛ قائمة على الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬مبنية على العدل‪ ،‬واالحترام‪ ،‬والصدق‪،‬‬ ‫قائم على االنحراف في مفهوم األخالق الحسنة؛‬
‫‪3‬‬
‫والمواالة‪ ،‬والنصيحة‪ ،‬واألمر بالمعروف والنهي عن‬ ‫غير ملتزم فيها بهدي النبي ‪ ‬في الجملة‪.‬‬
‫المنكر‪.‬‬
‫قائم على االهتمام بالبدن من ناحية نظافته‪ ،‬وأكله‪،‬‬
‫وشربه‪ ،‬ولباسه‪ ،‬وإبعاده عن كل ما يضره من السهر‬
‫قائم على تعذيب البدن بالجوع والسهر‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫والمأكوالت الخبيثة؛ فالزهد الشرعي يقوي البدن وال‬
‫يضعفه‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫الزهد الشرعي‬ ‫الزهد الصوفي‬
‫قائم على اكتسابه من الحالل‪ ،‬وانفاقه في‬
‫قائم على ترك اكتساب المال‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫وجوه الحالل‪.‬‬
‫قائم على إعطاء كل ذي حق حقه؛ ففيه‪:‬‬
‫إهمال الزوجة واألوالد واآلباء وقطع‬
‫بر الوالدين‪ ،‬وصلة األرحام‪ ،‬واإلحسان‬
‫األقارب واألرحام‪.‬‬ ‫‪٦‬‬
‫للزوجة‪ ،‬والتربية لألبناء؛ وهو مأجور‬
‫على ذلك كله‪.‬‬
‫القيام بإصالح المجتمع واألمة اإلسالمية؛‬ ‫الزهد الصوفي قائم على إهمال‬
‫فهو مما ينفع في اآلخرة‪ ،‬ومما يجب‬ ‫المجتمع‪ ،‬واألمة اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫التعبد به هلل تعالى‬
‫‪75‬‬
‫املطلب الثالث‪ -‬احلكم على أهل الزهد الصويف‬

‫إن أهل الزهد الصويف هم أهل بدعة واحنراف؛ فمما ال شك فيه أن ترك‬
‫العمل أبسباب الدنيا كلية‪ ،‬واالنقطاع للعبادة بدعة يف دين اإلسالم‪،‬‬
‫ولكنهم ليسوا سواء يف بدعهم العبادية أو بدعهم العقدية‪ ،‬وليسوا سواء يف‬
‫املصدر الذي انطلقوا منه يف هذا الزهد االصطالحي وابلتايل؛ ف َّ‬
‫إن إعطاء‬
‫حكم واحد على مجيع أهل الزهد االصطالحي جمانب للصواب‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب الثالث‪ -‬احلكم على أهل الزهد الصويف‬

‫فمنهم من وقع يف هذه البدع بسبب جهله حبقيقة دين‬


‫اإلسالم‪ ،‬وفهمه اخلاطئ للزهد يف الدنيا‪ ،‬واستدل على بدعه‬
‫بفعل النيب ‪ ‬قبل النبوة؛ من التحنث يف غار حراء‪،‬‬
‫وابألحاديث احلاثة على العزلة حني الفنت‪ ،‬ولذلك فقد انطلق‬
‫يف بدعه من نصوص اشتبهت عليه؛ فظن أهنا أدلة على زهده‬
‫االصطالحي‪،‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املطلب الثالث‪ -‬احلكم على أهل الزهد الصويف‬
‫وهو يف ابب األمساء والصفات وغريه على معتقد السلف الصاحل لكنه على بدع يف ابب‬
‫العبادة‪،‬‬
‫فهؤالء هم الذي يوصفون أبهنم على معتقد أهل احلديث‪ ،‬وعلى معتقد اإلمام أمحد‪،‬‬
‫وهؤالء هم الذين ميدحهم بعض أهل العلم يف مقاومتهم احللولية واْلهمية‪،‬‬
‫فهم زهاد الزهد االصطالحي الفاسد البدعي‪،‬‬
‫ولكنهم يف ابب الصفات يوافقون أهل احلديث‪،‬‬
‫واخلطأ أن يقال عنهم أبهنم أهل احلديث املتصوفة‪ ،‬أو السلفية الصوفية‪ ،‬بل هم صوفية‪،‬‬
‫أو زهاد الزهد الفاسد‪ ،‬ووافقوا أهل احلديث يف بعض أبواب العقيدة‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املطلب الثالث‪ -‬احلكم على أهل الزهد الصويف‬

‫وقد ذكرهم ابن تيمية‪-‬رمحه هللا‪ -‬يف معرض الرد على احللولية‬
‫واالحتادية‪ ،‬وأثىن عليهم أبهنم مييزون بني القدمي واحملدث‪ ،‬وذكر أمثلة‬
‫عليهم‪ :‬كالفضيل بن عياض‪ ،‬واْلنيد‪ ،‬وسهل بن عبد هللا التسرتي‪،‬‬
‫وعمرو بن عثمان املكي‪ ،‬وذكر أبهنم ليسوا على اعتقاد صوفية أهل‬
‫الكالم‪ ،‬وال على اعتقاد صوفية الفالسفة‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب الثالث‪ -‬احلكم على أهل الزهد الصويف‬
‫فهنا نؤكد أبنه ال يوجد تصوف ألهل السنة واْلماعة‪،‬‬
‫فوصفهم ابلتصوف هو وصفهم بضد تلك الصفات‪،‬‬
‫وإمنا الذي يصح هو وصف بعض املتصوفة مبوافقتهم هلم يف ابب الصفات‪،‬‬
‫فيقال صوفية أهل احلديث‪ ،‬ضد اْلهمية‪ ،‬وضد احللولية‪ ،‬ويصح وصفهم ابلسنة‪،‬‬
‫ضد الشيعة‪ ،‬وضد التصوف الفلسفي‪،‬‬
‫فهم صوفية لكنهم ليسوا جهمية وال شيعة وال فالسفة‪ ،‬بل يوافقون أهل‬
‫احلديث يف إثبات الصفات‪ ،‬وابلتايل مييزون بني اخلالق واملخلوق‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املبحث الثاين‪ -‬درجة الكشف الصويف‬
‫املطلب األول‪-‬املراد ابلكشف‪ ،‬وأنواعه‬

‫أولا‪ :‬املراد ابلكشف‬


‫الكشف لغة‪:‬‬

‫عما يغطيه‪.‬‬
‫رفع الشيء َّ‬
‫صُرَك الْيَـ ْوَم َحدي ٌد ‪[‬ق‪ ،]22 :‬أي‪ :‬يعين‪ :‬رفعنا‬ ‫ب‬ ‫ـ‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫اء‬‫َ‬‫ط‬‫غ‬ ‫نك‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ا‬‫َ‬‫ن‬‫ف‬‫ْ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ذ‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫قال تعاىل‪ :‬لََّق ْد ُكنت يف َغ ْفلَ ٍ‬
‫ة‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫احلجاب عن بصرك‪ ،‬فصار انفذا تبصر به ما كان خيفى عليك يف الدنيا‪.‬‬
‫أظهره)‪.‬‬
‫كشف األَمر ي ْكشفه َك ْشفاً‬
‫ف رفعُك الشيء عما يُواريه ويغطيه‪ ...،‬و َ‬ ‫يقول ابن منظور (ت‪ 711 :‬هـ)‪( :‬الك ْش ُ‬
‫الشيء‪ ،‬كالثَّوب‬ ‫ويقول ابن فارس (ت‪ 395 :‬ه)‪( :‬الكاف والشني والفاء أصل صحيح؛ ُّ‬
‫يدل على َس ْرو الشيء عن َّ‬ ‫ٌ‬
‫وغريه أ ْكشفه)‬
‫ت الثوب َ‬ ‫يُ ْسَرى عن البدن‪ ،‬ويقال َك َش ْف ُ‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املطلب األول‪-‬املراد ابلكشف‪ ،‬وأنواعه‬

‫أولا‪ :‬املراد ابلكشف‬


‫اصطالحا‪:‬‬
‫ا‬ ‫الكشف‬

‫هو ادعاء انكشاف املغيبات النسبية؛ فريى ما ال يراه غريه‪ ،‬ويسمع ما ال‬
‫يسمعه غريه‪ ،‬ويعلم ما ال يعلمه غريه‪.‬‬
‫يقول اْلرجاين (ت‪ 816 :‬هـ) عن الكشف‪ ،‬هو‪( :‬االطالع على ما وراء احلجاب من املعاين الغيبية واألمور احلقيقية‬
‫وجودا وشهودا)‪.‬‬
‫وقال السراج‪( :‬الكشف‪ :‬بيان ما يسترت على الفهم‪ ،‬فيكشف عنه للعبد كأنه رأي العني)‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب األول‪-‬املراد ابلكشف‪ ،‬وأنواعه‬

‫اثنيا‪ :‬املراد بدرجة الكشف عند الصوفية‬


‫درجة الكشف‪:‬‬

‫هي الدرجة العلمية عندهم؛ التالية للدرجة العملية؛ ألن تلك األعمال املذكورة يف‬
‫الدرجة األوىل العملية من‪ :‬اْلوع‪ ،‬والسهر‪ ،‬والفقر‪ ،‬وغري ذلك؛ تورث أحواالً‪ ،‬هذه‬
‫األحوال هي خوارق جتعل صاحبها‪-‬كما يزعمون‪-‬يرى ما ال يراه غريه؛ فتسمى‬
‫مشاهدات‪ ،‬ويسمع ما ال يسمع غريه؛ فتسمى خماطبات‪ ،‬ويعلم ما ال يعلمه غريه؛‬
‫فتسمى مكاشفات‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املطلب األول‪-‬املراد ابلكشف‪ ،‬وأنواعه‬

‫َح َوال َم َواريث‬


‫الصوفيَّة عُلُوم ْاألَ ْح َوال‪َ ،‬و ْاأل ْ‬
‫يقول الكالابذي‪ْ ( :‬اعلَم أَن عُلُوم ُّ‬
‫َح َوال إَّال من صحح ْاأل ْ‬
‫َع َمال)‪.‬‬ ‫َع َمال‪َ ،‬وَال يَرث ْاأل ْ‬
‫ْاأل ْ‬
‫يقول ابن اْلوزي (ت‪ 656 :‬ه)‪( :‬والتصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد‬
‫الكلي)‪.‬‬
‫ويقول ابن خلدون (ت‪ 808 :‬ه)‪( :‬وصار علم التصوف يف امللة علماً مدوانً‪،‬‬
‫بعد أن كانت الطريقة عبادة فقط‪ ،‬وكانت أحكامها إمنا تتلقى من صدور‬
‫الرجال‪ ،‬كما وقع يف سائر العلوم)‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املطلب األول‪-‬املراد ابلكشف‪ ،‬وأنواعه‬

‫فهذه الدرجة صاحبها يصبح عندهم عاملاً من علماء الصوفية‪ ،‬وال حيتاج بعد ذلك للكتب‬
‫وال ملدارسة العلم؛ ألنه وصل للعلم فال حيتاج ألسبابه‪ ،‬فهو يزعم أبن العلم يصل لقلبه مباشرة‬
‫من مصادره؛ من غري حاجة للوسائط‪ ،‬فهو قد ُرفعت عنه احلجب البشرية؛ فيتلقى اترة عن‬
‫هللا‪ ،‬واترة عن رسول هللا ‪ ،‬واترة عن اخلضر‪ ،‬واترة عن شيوخه‪ ،‬ويكون التلقي يقظة أو‬
‫مناماً‪ ،‬مباشرة‪ ،‬أو إهلاماً‪ ،‬أو خاطراً‪ ،‬أو هاتفاً‪ ،‬أو إسراءً‪ ،‬أو معراجاً‪ ،‬أو فراسةً‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬
‫وهذه الدرجة يسميها الغزايل (ت‪ 505 :‬هـ)‪ :‬بـ "علم املكاشفة"‪ ،‬ويعرفه بقوله‪( :‬أن يرتفع‬
‫الغطاء حىت تتضح له جلية احلق يف هذه األمور؛ اتضاحاً جيري جمرى العيان الذي ال يشك‬
‫فيه)‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املطلب األول‪-‬املراد ابلكشف‪ ،‬وأنواعه‬
‫اثلثا‪ :‬أنواع الكشف عند الصوفية‬

‫فهذه مجلة من أهم أنواع الكشف عند الصوفية‪ ،‬وهم جيعلوهنا مصادر لتلقي‬
‫الدين‪ ،‬ويعتمدوهنا أعظم من اعتمادهم على الوحي اإلهلي‪ ،‬ويقدمون ما دلت عليه‬
‫على كالم هللا وكالم رسوله ‪ ،‬بل جيعلون الوحي اإلهلي ميزاانً ملا وصلوا إليه من‬
‫معارف عن طريق الكشف أبنواعه املتعددة‪ ،‬وهم هبذا خيالفون قوله تعاىل‪َ  :‬اي أَيـُّ َها‬
‫يع َعل ٌيم‪‬‬ ‫مس‬
‫َ ٌ‬‫َ‬ ‫اَّلل‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫اَّلل‬
‫َّ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫و‬ ‫س‬‫ر‬‫و‬ ‫اَّلل‬
‫َّ‬ ‫ي‬‫د‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ني‬
‫َ‬
‫ُ َ َ‬‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫آم‬
‫َ َ‬‫ين‬ ‫ذ‬‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫[احلجرات‪ ،]1 :‬وهللا املستعان‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب األول‪-‬املراد ابلكشف‪ ،‬وأنواعه‬
‫رابعا‪ :‬املوقف من درجة الكشف عند الصوفية‬

‫‪-1‬القول أبن الزهد‪ ،‬ورايضة النفس‪ ،‬وتصفية القلب؛ توجب حصول العلم الشرعي النافع مبجردها؛ كالم ابطل‪،‬‬
‫ولكن الزهد وتصفية القلب‪-‬وفق الشرع‪-‬له أثر يف فهم األدلة الشرعية والعقلية‪.‬‬

‫‪-2‬أن العبادات والرايضات اليت يقومون هبا بدعية‪ ،‬وليست هي من الزهد الشرعي‪ ،‬أو التطهري الصحيح للقلب‬
‫من اخلبائث‪ ،‬فهم مجعوا بني فسادين‪ :‬فساد العمل‪ ،‬وفساد من انحية نقص العلم‪ ،‬برتك العلم الشرعي‪ ،‬فشاهبوا‬
‫النصارى يف ضالهلم‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب األول‪-‬املراد ابلكشف‪ ،‬وأنواعه‬
‫رابعا‪ :‬املوقف من درجة الكشف عند الصوفية‬

‫‪-3‬استدرجهم الشيطان من التعبد ابلبدع‪ ،‬إىل الرايضة من غري تعبد؛ وإمنا جوع وسهر وعزلة وفقر ومذلة ْلمع‬
‫النفس حىت حيصل هلا الكشف‪ ،‬فوقعوا يف أعظم الضالل واالحنراف عن دين اإلسالم‪ ،‬وتلبستهم الشياطني‪.‬‬

‫‪-4‬استدرجهم الشيطان من مجع النفس ليحصل هلا الكشف‪ ،‬حىت لو برتديد كلمة ليس فيها أي ذكر‪ ،‬إىل‬
‫القول‪-‬زعما‪-‬أبهنم حيصل هلم من جنس ما حيصل لألنبياء من الوحي؛ فهذا تدرج يف االحنراف والضالل؛ ليصل‬
‫للكفر‪ ،‬والتعدي على مقام النبوة‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب األول‪-‬املراد ابلكشف‪ ،‬وأنواعه‬
‫رابعا‪ :‬املوقف من درجة الكشف عند الصوفية‬

‫‪-5‬الرايضات اليت متارس للوصول للكشف فيها خطورة على اْلسم والعقل والدين‪ ،‬فقد تذهب العقل والدين‪،‬‬
‫وتضر ابلبدن؛ فهؤالء مجعوا بني فساد الدين وفساد الدنيا‪ ،‬بني فساد الروح وفساد البدن؛ وهللا املستعان‪.‬‬

‫‪-6‬استدرجهم الشيطان يف الرايضات؛ بسبب ما حصل لبعضهم من الكشف‪ ،‬إىل القول بعدم الفائدة من‬
‫العبادات‪ .‬فهم يرون الفائدة من العبادات إمنا هو صقل النفوس وجتردها؛ لتصبح مستعدة لنزول العلوم عليها من املأل‬
‫األعلى‪ ،‬فإذا حصل ألحدهم ما يعتقد أنه علم أو معرفة؛ بقي خمرياً يف حفظ العبادة‪ ،‬أو ردها‪ ،‬أو االشتغال ابألوراد‬
‫عنها‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املطلب األول‪-‬املراد ابلكشف‪ ،‬وأنواعه‬
‫رابعا‪ :‬املوقف من درجة الكشف عند الصوفية‬

‫‪ -7‬استدرجهم الشيطان يف هذا الباب حىت ربطوا بني الوالية وبني الكشف‪ ،‬فمن مل حيصل له الكشف؛ مل يصل –‬
‫يف زعمهم‪-‬لدرجة الوالية‪.‬‬

‫‪-8‬استدرجهم الشيطان يف درجة الكشف إىل القول ابالستغناء عن متابعة الرسول ‪ ‬استغناء مبا حصل هلم من‬
‫العلم الكشفي‪ ،‬وإىل القول بسقوط التكاليف عنهم‪ .‬قال اإلمام ابن القيم –رمحه هللا‪(-‬ت‪ 751 :‬ه)‪( :‬فالكشف‬
‫الصحيح‪ :‬أن يعرف احلق الذي بعث هللا به رسله‪ ،‬وأنزل به كتبه‪ ،‬معاينة لقلبه‪ ،‬وجيرد إرادة القلب له؛ فيدور معه وجوداً‬
‫وعدماً‪ ،‬هذا هو التحقيق الصحيح؛ وما خالفه فغرور قبيح)‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املطلب الثاين‪-‬بدع الكشف الصويف املتعلقة مبصادر الدين‪ ،‬ومنهج التلقي‬

‫أولا‪ :‬البدع املتعلقة مبصادر التلقي‬


‫‪-1‬البعد عن املصادر الشرعية‪-‬الوحي اإلهلي‪ :‬الكتاب والسنة‪-‬يف تلقي الدين اإلسالمي‪ ،‬واعتماد مصادر مبتدعة؛‬
‫غري صحيحة؛ يف التلقي‪ .‬كادعاء حمادثة هللا هلم‪ ،‬وادعاء حمادثة النيب ‪ ‬هلم‪ ،‬ورؤية اخلضر‪ ،‬والرؤى واملنامات‪ ،‬واهلواتف‪،‬‬
‫واإلهلامات‪ ،‬واخلواطر‪ ،‬والفراسات‪.‬‬
‫إن من مصادر تلقي الصوفية‪ ،‬مقابلة الشيخ بعد موته؛ إذ إهنم يعتقدون أن مشاخيهم يعودون للحياة يف الدنيا بعد‬
‫موهتم‪ ،‬ويناجون أتباعهم ويوجهوهنم إىل فعل اخلري وحنو ذلك‪ ،‬وأصل هذه العقيدة تلقوها من الرافضة‪ ،‬وتعترب عقيدة‬
‫الرجعة عندهم من شرائط اإلميان الكامل‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب الثاين‪-‬بدع الكشف الصويف املتعلقة مبصادر الدين‪ ،‬ومنهج التلقي‬

‫أولا‪ :‬البدع املتعلقة مبصادر التلقي‬

‫وقد كان الصوفية يقصرون ذلك على النيب ‪ ،‬فهو يقابل مشاخيهم يقظه‪ ،‬ويعلمهم الشرع‪ ،‬وخيصهم ابألوراد‪ ،‬مث‬
‫توسعوا يف ذلك ليعتقدوا الرجعة يف كل األولياء‪.‬‬
‫وقد اعتمد الصوفية كثرياً على هذه اخلرافات‪ ،‬فأخذوا منها عباداهتم وأورادهم‪ ،‬واستغنوا هبذا الطريق عن طلب العلم‬
‫الشرعي من القرآن والسنة على أيدي أهل العلم؛ ألن ما حيتاجون إىل معرفته أيتيهم به أشياخهم ويعلموهنم إايه‪ ،‬نعوذ‬
‫ابهلل من هذا الضالل‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب الثاين‪-‬بدع الكشف الصويف املتعلقة مبصادر الدين‪ ،‬ومنهج التلقي‬

‫أولا‪ :‬البدع املتعلقة مبصادر التلقي‬

‫‪ -2‬اإلعراض عن تعلم العلوم الشرعية؛ وانتقاص قدرها‪ ،‬وانتقاص قدر طالب العلم الشرعي؛ والتحذير منهم‪ ،‬ومن‬
‫جمالستهم‪ ،‬واالستماع هلم‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب الثاين‪-‬بدع الكشف الصويف املتعلقة مبصادر الدين‪ ،‬ومنهج التلقي‬

‫أولا‪ :‬البدع املتعلقة مبصادر التلقي‬

‫‪-3‬االعتقاد أبن الوحي اإلهلي مستمر النزول على األولياء‪ ،‬وإمنا الذي توقف هو إرسال الرسل واألنبياء‪ ،‬وبناء على‬
‫ذلك؛ فللويل أن يفسر النصوص الشرعية َبالف ما بينه الرسول ‪ ‬للصحابة‪ ،‬وقد انتهجوا بسبب ذلك التأويل‬
‫الباطين للنصوص؛ من جنس ما تقوم به طائفة اإلمساعيلية وحنوهم‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب الثاين‪-‬بدع الكشف الصويف املتعلقة مبصادر الدين‪ ،‬ومنهج التلقي‬

‫اثنيا‪ :‬البدع املتعلقة مبنهج التلقي‬

‫‪-‬جعل الوحي اإلهلي موزوانً للكشف‪ ،‬فهم يعتقدون أن العلم ال ُـمتلقي من الكشف؛ يقيين‪ ،‬حق‪ ،‬واجب الطاعة‪،‬‬
‫فما قبله الكشف من الوحي قبلوه‪ ،‬وما خالفه‪ :‬أولوه‪ ،‬أو ردوه‪.‬‬
‫‪-‬االعتماد على النصوص الضعيفة واملوضوعة ملوافقتها ألهوائهم‪ ،‬وبدعهم‪ ،‬واعتماد القصص اخليالية‪ ،‬واخلرافات‬
‫مصادر لتقوية احنرافاهتم‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب الثاين‪-‬بدع الكشف الصويف املتعلقة مبصادر الدين‪ ،‬ومنهج التلقي‬

‫اثنيا‪ :‬البدع املتعلقة مبنهج التلقي‬


‫اعتماد الصوفية على الكشف هو الذي أوقعهم يف التأويل الباطين لنصوص الكتاب والسنة‪ ،‬وجعلهم يرفضون‬
‫النصوص أو يؤولوهنا إذا تعارضت مع معارفهم املتحصلة عن طريق الكشف‪ ،‬وقد دعاهم ذلك إىل الكذب على الرسول‬
‫ﷺ‪ ،‬وصحابته الكرام حني نسبوا ما وصلوا إليه من القول ابلتأويل الباطين للنصوص إليهم‪.‬‬
‫أما أهل السنة واْلماعة‪ ،‬فمصادرهم يف معرفة الدين اإلسالمي هو الوحي اإلهلي‪ ،‬كتاب هللا‪ ،‬وسنة رسوله ‪ ،‬فيؤمنون‬
‫َبربه‪ :‬ابلفهم الصحيح‪ ،‬بال شك‪ ،‬وال تقدم‪ ،‬وال إحلاد‪ ،‬وميتثلون لطلبه‪ :‬ابلفهم الصحيح‪ ،‬بال شرك‪ ،‬وال اعرتاض وال‬
‫َّ‬
‫اَّلل‬
‫ني يَ َدي َّ‬ ‫ابتداع‪ ،‬ويزكون أنفسهم وجمتمعهم‪ ،‬بناء على توجيهاته‪ ،‬عمال بقوله تعاىل‪َ : ‬اي أَيـُّ َها الذ َ‬
‫ين َآمنُوا َال تُـ َقد ُموا بَْ َ‬
‫يع َعل ٌيم ‪[‬احلجرات‪ .]1 :‬وهذا من فضل هللا عليهم‬ ‫اَّللَ إ َّن َّ‬
‫اَّللَ َمس ٌ‬ ‫َوَر ُسوله َواتَّـ ُقوا َّ‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املبحث الثالث‪ -‬درجة وحدة الوجود‬
‫درجة وحدة الوجود‬

‫تعريف وحدة الوجود‬


‫يراد بوحدة الوجود عند الصوفية‪ :‬وحدة الموجود؛ أي أن وجود‬
‫الخالق هو وجود المخلوق‪-‬ما ث هم غير وال سوى‪-‬فالموجود هو هللا‬
‫وحده‪ ،‬وما عداه مجرد أوهام وخياالت‪ ،‬فاهلل تعالى هو الظاهر في‬
‫جميع المظاهر‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ :‬وحدة الوجود‪ :‬هي أن ترى أن الخالق هو المخلوق‪،‬‬
‫والمخلوق هو الخالق‪ ،‬وال تثبت موجودين خلق أحدهما اآلخر‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫ال وجود‬
‫حقيقي‬
‫للمخلوقات‬

‫المخلوقات‬ ‫تعريف‬
‫في الظاهر‬ ‫وحدة‬
‫خلق وفي‬ ‫وحدة‬ ‫الموجود‬
‫الباطن حق‬ ‫الوجود‬

‫الظاهر في‬
‫جميع‬
‫المظاهر واحد‬
‫وهو هللا‬
‫‪100‬‬
‫عقيدة وحدة الوجود –عند القائلين بها من الصوفية‪-‬تتضمن األمور التالية‪:‬‬

‫اعتقادهم أن هللا تعالى هو الذي له الوجود وحده‪ ،‬وال وجود حقيقي‬


‫للمخلوقات‪.‬‬
‫المخلوقات المشاهدة عندهم؛ كالبحار والجبال واألشجار‪ ،‬موجودة لكنها ليست‬
‫مخلوقة‪ ،‬وإنما هي وهللا شيء واحد‪ ،‬فهم ال يرونها خلقاً‪ ،‬ولكنهم يرونها حقاً‪،‬‬
‫أي‪ :‬هللا تعالى‪.‬‬
‫تعدد المظاهر عندهم ال يتنافى مع وحدة الوجود؛ ألن الظاهر في جميع‬
‫المظاهر هو شيء واحد‪ ،‬وهو هللا تعالى‪ ،‬فاهلل –عندهم‪-‬يظهر ويتجلى في‬
‫صور المخلوقات المختلفة‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫عقيدة وحدة الوجود –عند القائلين بها من الصوفية‪-‬تتضمن األمور التالية‪:‬‬

‫يزعمون بأن سبب ظهور هللا عندهم في صور الكائنات هو أن هللا كان وجودا ً مطلقاً؛‬
‫ليس له اسم أو صفة‪ ،‬ثم أراد أن يرى نفسه في مرآة هذا الوجود‪ ،‬فظهر في صور‬
‫الكائنات المعدومة العين‪ ،‬الثابتة في علمه تعالى‪ ،‬فكل ما يرى وما ال يرى هو هللا تعالى‬
‫–تعالى هللا عن قولهم علوا ً كبيرا ً‪.-‬‬
‫الوجود –عندهم‪-‬واحد بالعَين ال بالنوع‪ ،‬فليس في الوجود إال شيء واحد‪ ،‬وهو واجب‬
‫الوجود‪ ،‬فالوجود هو الموجود‪ ،‬والموجود هو هللا‪ ،‬ولكن القول بوحدة الموجود ظاهر‬
‫البطالن؛ فيحرص الصوفية على ترك القول به‪ ،‬ويقولون بوحدة الوجود إمعانا ً في‬
‫التلبيس‪ ،‬وإال فهم ال يثبتون للمخلوق والممكن وجودا ً أصالً‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫فالتوحيد‪- :‬عندهم‪ :-‬إفراد الحق بالوجود‪ ،‬في األزل واألبد‪.‬‬

‫أو هو‪ :‬شهود المو هحد القديم مجردا ً عن الوجود الحادث)‪.‬‬


‫والفردانية عندهم‪( :‬انفراد الحق بالوجود‪ ،‬بانطباق بحر األحدية على الكل‪ ،‬بحيث لم يبق وجود لغيره قط)‪.‬‬
‫والشهود‪ :‬هو‪( :‬رؤية الحق بالخلق)‪.‬‬
‫والحقيقة‪ :‬هي‪( :‬شهود الحق في تجليات المظاهر)‪.‬‬
‫والتحقيق‪ :‬هو‪( :‬شهود الحق في صور أسمائه التي هي األكوان)‪.‬‬
‫والجمع‪ :‬هو‪( :‬إشارة إلى حق بال خلق)‪.‬‬
‫أو‪( :‬إزالة التفرقة بين ال ِقدم وال َحدَث‪ ،‬وارتفاع التمييز بينهما)‪.‬‬
‫و اإلحسان‪ :‬وهو‪( :‬شهود هللا تعالى‪ ،‬والحضور معه في كل شيء‪ ،‬ومشاهدة تجليه في كل شيء)]‬

‫‪103‬‬
‫‪-3‬الشهود‬
‫‪-4‬الحقيقة‬

‫‪-5‬التحقيق‬
‫أسماء‬ ‫‪-1‬التوحيد‬
‫‪-٦‬الجمع‬
‫أخرى لوحدة‬ ‫‪-2‬‬
‫الوجود‬ ‫الفردانية‬

‫‪-7‬اإلحسان‬

‫‪104‬‬
‫الحتاد‬ ‫احللول‬ ‫وحدة الوجود‬
‫اختالط وامتزاج بني‬
‫املخلوق ظرف للخالق‬
‫اخلالق واملخلوق‪ ،‬فيكوان‬ ‫وحدة املوجود‬ ‫‪1‬‬
‫(أثنينية)‬
‫ذاات واحدة‬

‫ألوهية بعض البشر‬ ‫ألوهية بعض البشر‬ ‫ألوهية كل شيء‬ ‫‪2‬‬


‫مرحلة لبلوغ القول بوحدة مرحلة لبلوغ القول بوحدة‬
‫‪ 3‬الغاية من التصوف‬
‫الوجود‬ ‫الوجود‬
‫‪105‬‬
‫أنواع الفناء ثالثة‬

‫النوع األول‪ :‬الفناء عن إرادة ما سوى هللا‬


‫ومعناه‪ :‬أال يحب إال هللا‪ ،‬وال يعبد إال هللا‪ ،‬وال يتوكل‬
‫إال على هللا‪ ،‬وال يطلب غير هللا‬
‫‪106‬‬
‫أنواع الفناء ثالثة‬

‫النوع الثاني‪ :‬الفناء عن شهود السوى‬

‫والمراد به‪ :‬أن تضمحل جميع المخلوقات من ذهن العبد؛ فال يرى إال هللا‪ ،‬وال يرى حتى‬
‫نفسه؛ حتى يصل به األمر إلى أن يظن أنه هو هللا‪ ،‬فال يرى إال هللا‪ ،‬ولكن ذلك كله في حال‬
‫غيبة العقل والتمييز؛ فإذا أفاق وصحا عرف أنه غالط‪ ،‬فهذا فناء يعقبه بقاء‪.‬‬
‫وهذا هو التصوف المنسوب ألهل الكالم‪ ،‬والذي يطلق عليه التصوف السني‪ ،‬وال شك أن‬
‫هذا النوع هو التصوف المعروف عند أهله؛ والذي يسعى المتصوفة إليه‪ ،‬وإن كان األكمل‬
‫منه عند العارفين بحقيقة التصوف هو النوع الثالث‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫أنواع الفناء ثالثة‬

‫النوع الثاني‪ :‬الفناء عن وجود السوى‬

‫والمراد به‪ :‬أن يشهد‪ :‬أال موجود إال هللا‪ ،‬وأن وجود الخالق هو وجود المخلوق‪،‬‬
‫ووجود المخلوق هو وجود الخالق؛ فال فرق بين الرب والعبد()‪.‬‬
‫وهذا هو الغاية عند العارفين بحقيقة التصوف‪ ،‬وهو أن يصلوا إلى مرحلة الفناء‬
‫والسعادة‪ ،‬واالتحاد بالخالق؛ فتذوب نفسه وتنتهي‪ ،‬وتتحول إلى اإللهية‪ ،‬فال يرى إال‬
‫هللا‪ ،‬ويرى نفسه أنها هي هللا‪ ،‬والكون كله هو هللا‪ ،‬وهذا هو القول بوحدة الوجود‪،‬‬
‫وهو غاية التصوف الحقيقي‬
‫‪108‬‬
‫الفناء الذي يدور عليه كالم الصوفية من أهل هذه الدرجة؛ هو‬
‫نفسه عقيدة "النيرفانا" التي يصبو إليها البوذية‪،‬‬

‫يقول الباحث الدكتور عبد هللا نومسوك ‪-‬في بحثه النفيس عن البوذية‪-‬ملخصا ً معتقد البوذية في‬
‫"النيرفانا"‪:‬‬
‫(إن "نرفانا" هي أعلى درجات الصفاء الروحاني؛ التي يبلغها البوذي بعد مصارعاته‪ ،‬وجهوده‬
‫النفسية‪ ،‬عن طريق تجريد النفس‪ ،‬وقمع جميع الشهوات والرغبات‪ ،‬وممارسة الضغط على الذاتية‬
‫واألنانية‪.‬‬
‫وإذا وصل البوذي إلى هذه الدرجة؛ زالت من نفسه رغباته‪ ،‬وانعدمت مطامعه وأهدافه – على حد‬
‫زعمهم‪ ،-‬فال يحس بأية مشاعر تدفعه لفعل خير‪ ،‬أو ارتكاب شر‪ ،‬ويصل إلى أعلى درجة من‬
‫الصفاء‪ ،‬ثم تنطلق قواه الحيوية بعد الموت إلى حالة "نرفانا"؛ حيث الخمود المطلق‪ ،‬والفناء‬
‫النهائي الذي ال يعود بعده إلى عالم األرض على أي وجه من الوجوه) ()‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫عقيدة الفناء ناشئة مع التصوف ابتداء‪ ،‬وهي هي عقيدة‬
‫"النيرفانا"؛ مع اختالفات يسيرة في التعبير‪ ،‬ولكن‬
‫المتقدمين ال يصرحون‪ ،‬وأما المتأخرون ففيهم الوضوح‬
‫والصراحة بالقول بالمذهب‪ ،‬إضافة إلى إدراج نوع من‬
‫الفناء ‪-‬وهو الفناء الحق‪-‬ضمن الفناء المأخوذ من‬
‫المذهب الهندي؛ جعل بعض الناس يتوقف في القول بأن‬
‫الفناء كله مأخوذ من المذهب الهندي‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫مكانة وحدة الوجود عند الصوفية‬

‫التدرج من الزهد الصوفي‪ ،‬إلى الكشف الصوفي‪،‬‬


‫ومنه إلى بلوغ الحقيقة؛ وهي اعتقاد وحدة‬
‫الوجود‪ ،‬فهذه أعظم غاية عند صوفية هذه‬
‫الدرجة‪ ،‬وأعظم لذة‪ ،‬وأعظم سعادة‪ ،‬وهي عندهم‬
‫كمال اإليمان‪ ،‬ورأس التوحيد‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫ومن األمور المهمة في هذه الدرجة أمران يتعلقان بالكتمان لها‪ ،‬أو‬
‫التصريح بها‪:‬‬
‫‪ /1‬وجوب كتمان هذه الدرجة عن اآلخرين‬

‫‪112‬‬
‫‪ /2‬يجوز التصريح بها في حال الشطح‪ ،‬أو في حال التعليم والدعوة لألتباع‬
‫والشطحات‪ :‬عبارات‪ ،‬والعبارات عند القوم هي األقوال الصريحة في وحدة الوجود‪.‬‬
‫تصدر الشطحات بسبب ضعف قلب الصوفي؛ عن حمل ما يرد على قلبه من اعتقاد وحدة‬
‫الوجود‪ ،‬وتوهمه أنه هو هللا‪.‬‬
‫الشطحات مستبشعة عند غير الصوفية‪ ،‬لكنها مقبولة عند الصوفية‪.‬‬
‫يحذر الصوفية من إنكار الشطحات‪ ،‬أو الطعن في األشخاص الذين صدرت عنهم‪.‬‬
‫يرى الصوفية أن أصحاب الشطحات معذورون في تصريحهم بالعقيدة الصوفية‪.‬‬
‫وقد مثل الصوفية الشطحات بأمثلة كثيرة منها‪:‬‬
‫قول أبي يزيد البسطامي‪" :‬سبحاني ما أعظم شأني"‬
‫قول أبي الحسين النوري لما سمع نباح الكالب‪" :‬لبيك وسعديك"‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫وأما القسم الثاني؛ التصريح بها في حال التعليم والدعوة‬
‫لألتباع‬
‫من أقوال الصوفية الصريحة في العبارات الصادرة عن أئمتهم‬
‫ال بسبب عاطفة قوية‪ ،‬ووجد عنيف‪ ،‬بل هي أقوال تنظيرية؛‬
‫الهدف منها تقعيد المذهب وإيضاحه‪.‬‬
‫وهذا القسم غير مذموم عند الصوفية؛ إن كان الحامل عليه‬
‫دعوة السالكين‪ ،‬والمبتدئين من الصوفية –إلى وحدة الوجود‪،-‬‬
‫ومحاولة تجلية المعتقد وكشف أسراره ألهله"‬
‫‪114‬‬
‫أصحاب هذه الدرجة من الصوفية؛ مالحدة‪ ،‬ينكرون أن يكون‬
‫لهذا الكون خالقا ً مالكا ً ُم َد ِبراً؛ ألنهم ينكرون وجود مخلوقات‬ ‫‪-1‬البدع المتعلقة‬
‫كانت مسبوقة بعدم‪ ،‬فيرون العالم قديم واجب الوجود‪،‬‬ ‫بتوحيد الربوبية‬
‫ويقولون‪ :‬بأن هللا مبثوث في كل ذرة من ذراته‪ ،‬فهم مالحدة‬
‫متألهة‪.‬‬
‫ليس هناك توحيد عبادة عند صوفية وحدة الوجود؛ لعدم‬
‫وجود ثنائية عابد ومعبود‪ ،‬فال معنى للعبادة؛ لعدم وجود عابد‪،‬‬ ‫‪-2‬البدع المتعلقة‬
‫بل الكل معبود‪ ،‬ولذا يقولون‪ :‬بأن من وصل هذه الدرجة تسقط‬ ‫بتوحيد األلوهية‬
‫عنه التكاليف الشرعية‪ ،‬ويصح له عبادة كل شيء‪ ،‬ويصح له‬
‫التدين بأي شيء‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫جمعوا بين أقصى أنواع التعطيل‪ ،‬وأعلى أنواع التمثيل‪ ،‬وأقبح أنواع‬
‫الوصف‪.‬‬
‫‪-3‬البدع المتعلقة‬
‫فعطلوا هللا عن جميع األسماء والصفات؛ من حيث أنه حق‪ ،‬فوصفوه‬
‫بتوحيد األسماء‬
‫بالوجود المطلق بشرط األطالق‪،‬‬
‫ووصفوه من حيث هو خلق بجميع صفات المخلوقين‪ ،‬ولم يكتفوا‬ ‫والصفات‬
‫بوصفه بصفات الموجودات؛ بل تجاوزوا ذلك فوصفوه بصفات المعدومات‬
‫والممتنعات‪.‬‬
‫‪-4‬البدع المتعلقة‬
‫ال فاعل إال هللا؛ ألنه ال موجود إال هللا‪.‬‬
‫بالقدر‬
‫إباحية وزندقة‪ ،‬وأخالق دنيئة‪ ،‬وسلوكيات رذيلة؛ فال دين يردعهم‪ ،‬وال‬ ‫‪-5‬البدع المتعلقة‬
‫خلق يلجمهم‪ ،‬ويزعمون أن ما يقومون به من ممارسة الفواحش هو‬ ‫بالنواحي األخالقية‬
‫من الدين‪.‬‬ ‫‪116‬‬
15
‫املبحث الرابع‪ -‬الطرق الصوفية‬
‫متهيد‪ -‬التعريف ابلطرق الصوفية‬

‫أ‪ -‬الطريقة الصوفية‪:‬‬


‫النوع الثالث‪ :‬الفناء عن وجود السوى‪.‬‬
‫اعما أهنا توصلهم إىل هللا تعاىل‪.‬‬
‫يراد هبا جمموع األعمال واألذكار والعقائد اليت يضعها الشيخ ألتباعه‪ ،‬ز ً‬

‫ب‪ -‬يذكر َّ‬


‫أن املهيين‪ ،‬الصويف اإليراين (ت‪440:‬ه)‬

‫هو أول من وضع نظام الطرق الصوفية‪ ،‬وانتقلت بعد ذلك من إيران إىل العراق ومصر مث إىل بقية الدول اإلسالمية‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫متهيد‪ -‬التعريف ابلطرق الصوفية‬

‫ج‪ -‬أبرز عقائد الطرق الصوفية‪:‬‬


‫النوع الثالث‪ :‬الفناء عن وجود السوى‪.‬‬
‫تلميحا‪.‬‬
‫‪ -1‬القول بوحدة الوجود‪ ،‬تصرحيًا أو ً‬
‫‪ -2‬الشرك يف التوحيد‪ :‬سواء الربوبية أو األلوهية أو األمساء والصفات‪.‬‬
‫‪ -3‬الدعوة إىل وحدة األداين‪.‬‬
‫‪ -4‬القول ابْلرب يف القدر‪ ،‬وبسقوط التكاليف الشرعية‪.‬‬
‫‪ -5‬ادعاؤهم جمالسة النيب ‪ ‬يقظة‪ ،‬واألخذ عنه‪.‬‬
‫‪ -6‬ادعاؤهم للمعرفة الدينية من غري الكتاب والسنة‪.‬‬
‫‪ -7‬اخرتاعهم األوراد واألذكار وتفضيلها على القرآن‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب األول‪ -‬الطريقة القادرية‬
‫سبب التسمية نسبة ملؤسسها عبد القادر اجليالين‪ ،‬وتسمى كذلك ابجليالنية‪.‬‬
‫هو أبو حممد عبد القادر بن عبد هللا اْليالين‪ ،‬ولد جبيالن العراق عام ‪ 471‬ه‪ ،‬وكانت وفاته عام ‪ 561‬ه ببغداد‪ ،‬وقد نسب إليه أتباعه من الكرامات‬ ‫املؤسس‬
‫كتدبري‪.‬الكون‪ ،‬وإغاثة املستغيثني‪ ،‬واملشي يف اهلواء‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬ويرجح مجع من الباحثني أن اْليالين ال يقول بعقيدة‬‫العظيم‪،‬السوى‬
‫للتوحيدعنالشيءوجود‬ ‫الثالث‪:‬‬
‫املناقضةالفناء‬ ‫النوعواألقوال‬
‫وحدة الوجود‪َ ،‬بالف أتباعه‪.‬‬
‫أبرز الشخصيات ‪ -1‬أبناؤه‪ :‬عيسى وعبد الوهاب وعبد الرزاق وعبد العزيز‪.‬‬
‫‪ -2‬أبو مدين شعيب بن احلسن التلمساين (ت‪594:‬ه)‪.‬‬
‫أماكن الوجود أفريقيا ويف اهلند وابكستان وأندنوسيا وماليزاي ومنتشرة يف البلدان العربية ويف تركيا‪.‬‬
‫‪ -1‬الرابطة‪ :‬ويقصد هبا استحضار املريد لصورة شيخه أثناء الذكر والقراءة‪ ،‬وكلما ازداد من االستحضار زادت الفيوضات اإلهلية يف نفسه‪ ،‬وإذا فين يف شيخه‬
‫وصل للفناء يف هللا بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬هلا جانبان نظري وعملي‪ :‬النظري يف احلث على التمسك ابلسنة‪ ،‬والعملي فيه بدع الطرق الصوفية املعروفة‪.‬‬
‫أبرز اآلراء والعقائد ‪ -3‬لديهم ورد "املح" على طريقة الطالسم "بسم هللا الرمحن‪ .‬اللهم (حمًا‪ ،‬حمًا‪ ،‬حمًا)‪ ،‬و(حا‪ ،‬حبا‪ ،‬حم) ال ينصرون‪"..‬‬
‫‪ -4‬تعتقد بوحدة الوجود‪.‬‬
‫‪ -5‬تدعي القدرة على التدبري الكوين‪ ،‬والقول للشيء كن فيكون‪.‬‬
‫‪ -6‬تدعي أن أولياءهم مطلعون على الغيب والنيات‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب الثاين‪ -‬الطريقة الرفاعية‬
‫أحياان "األمحدية" نسبة لسم املؤسس األول أمحد‪ ،‬وتسمى أحي ااان "البطائحية" نسبة‬‫سبب التسمية نسبة للرفاعي‪ ،‬لقب مؤسس الطريقة‪ ،‬وتسمى ا‬
‫لبلد الرفاعي "البطائح" يف العراق‪ .‬وتعد من أوائل الطرق الكربى بعد القادرية‪.‬‬
‫أمحد بن علي الرفاعي املغريب البطائحي‪512( ،‬ه – ‪578‬ه)‬ ‫املؤسس‬
‫بن جعفر الصادق‪.‬‬ ‫السوى‪.‬‬ ‫عنإىلوجود‬
‫موسى الكاظم‬ ‫الفناءنسبه‬ ‫النوع الثالث‪:‬‬
‫ويوصل أتباعه‬
‫‪ -1‬أبو املهدي الصيادي‪ ،‬وقد ألف عدة كتب يف الطريقة الرفاعية‪.‬‬ ‫أبرز‬
‫الشخصيات ‪ -2‬أمحد البدوي‪ ،‬مؤسس الطريقة البدوية‪.‬‬
‫‪ -3‬أبو احلسن الشاذيل‪ ،‬مؤسس الطريقة الشاذلية‪.‬‬
‫أماكن الوجود العراق‪ ،‬بالد الشام‪ ،‬مصر‪ ،‬وتركيا‪ .‬ومن فروعها‪ :‬البدوية‪ ،‬والصيادية‪.‬‬
‫‪ -1‬استخدام اْلن يف إظهار اخلوارق للداللة على صحة طريقتهم‪ :‬كالدخول يف النار‪ ،‬وإدخال السيف داخل اْلسد‪ ،‬وأكل احليات‬
‫وهي حية‪ ،‬ومالعبتها‪.‬‬
‫‪ -2‬االستفاضة‪ :‬ربط قلب املريد بقلب الشيخ طلبًا إلفاضة العلم الباطين إليه‪.‬‬
‫أبرز اآلراء ‪ -3‬التشيع‪ :‬تؤمن إبمامة األئمة االثنا عشر‪ ،‬وابملهدي املنتظر عند الشيعة‪.‬‬
‫‪ -4‬ينتشر فيها كغريها من الطرق الصوفية‪ :‬االستغاثة أبوليائهم‪ ،‬وطلب العون واملدد منهم‪ ،‬وصرف أنواع من العبادة هلم كالطواف‬
‫والعقائد‬
‫والذبح‪.‬‬
‫‪ -5‬يعتقدون أن رسول هللا ‪ ‬أخرج يده اليمىن من القرب‪ ،‬بناء على طلب الرفاعي منه ذلك فقبلها على مرأى من الناس‪.‬‬
‫‪ -6‬يعتقدون ختم الوالية ابلرفاعي‪.‬‬
‫‪ -7‬من عقائدهم الزهد يف اْلنة‪ ،‬وعدم اخلوف من النار‪.‬‬
‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬
‫املطلب الثالث‪ -‬الطريقة الشاذلية‬

‫سبب التسمية نسبة للشاذيل‪ ،‬أيب احلسن املغريب‪.‬‬


‫النوع الثالث‪ :‬الفناء عن وجود السوى‪.‬‬
‫املؤسس هو أبو احلسن‪ ،‬علي بن عبد هللا الشاذيل املغريب (‪591‬ه – ‪656‬ه)‪.‬‬
‫‪-1‬أمحد البدوي‪ ،‬صاحب الطريقة البدوية‪.‬‬ ‫أبرز‬
‫الشخصيات ‪ -2‬أبو العباس املرسي‪ ،‬تلميذ الشاذيل‪ ،‬وخليفته بعده‪.‬‬
‫‪ -3‬البوصريي‪ ،‬وابن عطاء هللا السكندري‪ ،‬وعبد الوهاب الشعراين‪ ،‬وغريهم كثري من مشاهري الطرق الصوفية‪.‬‬
‫انتشارا يف العامل اإلسالمي‪ ،‬وهي موجودة يف مصر واملغرب والشام وغريها‪.‬‬
‫ً‬ ‫أماكن الوجود من أكثر الطرق‬
‫‪ -1‬كثرة الشركيات يف مجيع أقسام التوحيد‪ ،‬فينسبون ملشاخيهم علم الغيب‪ ،‬وتدبري أمور الناس‪ ،‬واستحقاق‬
‫أبرز اآلراء‬
‫التوجه هلم ابلدعاء واالستغاثة‪.‬‬
‫والعقائد‬
‫‪ -2‬التصريح بوجود علوم ابطنية تسمى ابحلقائق‪ ،‬وهي عندهم أكمل من علوم الشريعة‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب الرابع‪ -‬الطريقة البكتاشية‬
‫نسبة إىل "بكتاش"‪ ،‬وهو لقب أطلق على حممد بن إبراهيم النيسابوري اخلراساين‪ ،‬فهو ينادى ابحلاج بكتاش ويل‪ ،‬ومعىن بكتاش يف‬
‫سبب التسمية‬
‫الرتكية رئيس اجلماعة‪ ،‬أو العزيز‪.‬‬
‫ابحلاج‪.‬بكتاش‪ ،‬ولد يف النيسابور عام ‪645‬ه وتويف عام ‪738‬ه‪ ،‬ويدعي االنتساب إىل آل البيت‪ ،‬وأنه‬ ‫املعروفالسوى‬
‫خنكار‪،‬وجود‬ ‫الثالث‪:‬هو‪:‬الفناء‬
‫حممد عن‬ ‫النوع‬
‫املؤسس‬
‫من نسل موسى الكاظم‪.‬‬
‫أبرز الشخصيات ‪ -1‬مؤسس البكتاشية يف مصر‪ ،‬عبد هللا املغاوري‪ ،‬وهو ألباين امسه قيفوس سلطان‪ ،‬لقب ابملغاوري‪ ،‬لوفاته يف مصر ودفنه يف املغارة اليت‬
‫جببل املقطن‪ ،‬مث خلفه ‪ 35‬خليفة بعد ذلك‪.‬‬
‫أماكن الوجود تركيا‪ ،‬وألبانيا‪ ،‬ومصر‪ ،‬وقد انقسمت إىل قسمني‪:‬‬
‫أ‪ -‬صوفية نصريية (علوية)‪ ،‬موجودة يف تركيا على وجه اخلصوص‪.‬‬
‫ب‪ -‬صوفية اثنا عشرية‪ ،‬منتشرة يف دول البلقان ومصر‪.‬‬
‫‪ -1‬فرقة شيعية اثنا عشرية متصوفة‪.‬‬
‫‪ -2‬الدعوة إىل املساواة بني مجيع األداين‪.‬‬
‫‪ -3‬يبيحون اخلمر‪ ،‬وحيتفلون مبا يشبه العشاء الرابين عند النصارى‪ ،‬ويوزعون فيه اخلبز واْلنب‪.‬‬ ‫أبرز اآلراء‬
‫‪ -4‬ميزجون بني عقائد الرافضة وبني عقائد النصريية‪.‬‬ ‫والعقائد‬
‫‪ -5‬التصريح بعقيدة وحدة الوجود‪.‬‬
‫‪ -6‬السجود بني يدي مرشد الطريقة عند أخذ العهود واملواثيق وعند الذكر‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب اخلامس‪ -‬الطريقة النقشبندية‬
‫نسبة لنقشبند‪ ،‬وهو وصف أطلقه األتباع على طريقتهم‪ ،‬ومعناه‪ :‬ربط النقش وثباته‪ ،‬فهم يزعمون متيز طريقتهم بقوة نقش‬
‫سبب التسمية‬
‫الصفات اإلهلية يف قلوب أتباعها‪ ،‬ودميومته‪ ،‬خبالف الطرق األخرى‪ ،‬مث صار هذا الوصف لقباا ملؤسسها‪ :‬حممد النقشبندي‪.‬‬
‫السوى‪.‬هباء الدين البخاري‪ ،‬ولد عام ‪ 717‬ه‪ ،‬وكانت وفاته عام ‪ 791‬ه‪.‬‬ ‫وجودبن حممد بن‬
‫بن حممد‬‫الفناءحممدعن‬
‫هو‪:‬‬ ‫الثالث‪:‬‬
‫المؤسس‬‫النوع‬
‫حاال بني إسطنبول ولندن‪ ،‬ويقوم وينشر اخلرافة بني املسلمني اإلجنليز اْلدد‪ ،‬وبني املهاجرين‬
‫‪ -1‬حممد انظم احلقاين‪ ،‬وهو يتنقل ً‬ ‫أبرز‬
‫من الباكستانيني واهلنود يف لندن‪.‬‬ ‫الشخصيات‬
‫‪ -2‬حممد عثمان سراج الدين الكردي‪.‬‬
‫تركيا‪ ،‬العراق‪ ،‬الشام‪ ،‬مصر‪ ،‬اهلند‪ ،‬والصني‪.‬‬ ‫أماكن الوجود‬
‫‪َ -1‬حْبس النَّـ َفس‪ :‬وذلك بذكر هللا كما يزعمون بلسان القلب بدون استعمال اللسان مع تغميض العني‪ ،‬وحبس النفس‪ ،‬مثل‬
‫رايضة اليوغا‪.‬‬
‫‪ -2‬الرابطة‪ :‬أي ابستحضار صورة الشيخ أمامه‪ ،‬وربط قلبه به ليصله ابهلل كما يدعون‪.‬‬
‫أبرز اآلراء‬
‫‪ -3‬التشيع‪.‬‬
‫والعقائد‬
‫‪ -4‬التصريح بعقيدة وحدة الوجود‪.‬‬
‫‪ -5‬عقيدة االتصال ابملوتى الروحانيني (األويسية)‪ ،‬نسبة إىل أويس القرين‪ ،‬فهم يزعمون أبنه تلقى علمه من النيب ‪ ‬رغم عدم‬
‫اجتماعه به‪ ،‬وهكذا أيخذ احلي من امليت عندهم‪ ،‬وجيتمعون هبم عند قبورهم وجيالسوهنم وأيخذون منهم كما يزعمون‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب السادس‪ -‬الطريقة التجانية‬
‫سبب التسمية نسبة إىل التجاين‪ ،‬لقب املؤسس‪ ،‬نسبة إىل أخواله "بين جتني"‪ ،‬وتسمى ابألمحدية‪.‬‬
‫السوى‪.‬لد يف قرية عني ماضي ابْلزائر عام ‪1150‬ه‪ ،‬وأسس الطريقة عام ‪1196‬ه يف قرية أيب‬ ‫التجاين‪ ،‬و‬ ‫املختار‬
‫وجود‬ ‫حممدعن‬
‫أمحد‪ :‬بنالفناء‬ ‫املؤسس‬
‫النوع الثالث‬
‫مسغون ابْلزائر‪ ،‬مث انتقل إىل فاس ابملغرب واختذها قاعدة لنشر الطريقة‪ ،‬وتوىف عام ‪1230‬ه‪.‬‬
‫‪ -1‬علي حرازم الفاسي املغريب‪ ،‬أكرب خلفاء املؤسس‪ ،‬وتلميذه‪.‬‬ ‫أبرز‬
‫الشخصيات ‪ -2‬حممد التازي اْلزائري‪.‬‬
‫خصوصا‪ ،‬ودخلت مصر والشام‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أماكن الوجود أفريقيا ً‬
‫عموما‪ ،‬واْلانب الغريب منها‬
‫‪ -1‬إمكانية مقابلة النيب ﷺ مقابلة مادية‪ ،‬واللقاء به لقاء حسيًا يف هذه الدنيا‪.‬‬
‫‪ -2‬أن النيب ﷺ خصهم بصالة الفاتح ملا أغلق‪ ،‬وهي عندهم أفضل من تالوة القرآن‪ ،‬وهي‪" :‬اللهم صل على سيدان‬
‫أبرز اآلراء حممد‪ ،‬الفاتح ملا أغلق‪ ،‬واخلامت ملا سبق‪ ،‬انصر احلق ابحلق‪ ،‬اهلادي إىل صراطك املستقيم‪ ،‬وعلى آله حق قدره‪ ،‬ومقداره‬
‫العظيم"‪.‬‬ ‫والعقائد‬
‫‪ -3‬التصريح بعقيدة وحدة الوجود عند خواصهم‪.‬‬
‫‪ -4‬الغلو يف أوليائهم‪ ،‬ويف علي ‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬


‫املطلب السابع‪ -‬الطريقة اخلتمية‬
‫سبب التسمية نسبة للختم‪ ،‬وهو لقب مؤسس الطريقة‪ ،‬مبعىن أنه خامت األولياء‪ ،‬وطريقته خامتة الطرق الصوفية‪.‬‬
‫هو حممد عثمان بن حممد أبو بكر بن عبد هللا املريغين احملجوب‪ ،‬ولد يف الطائف عام ‪1208‬ه‪ ،‬ونشأ يف مكة‪،‬‬ ‫املؤسس‬
‫طرق‪:‬السوى‪.‬‬
‫النقشبندية‪ ،‬والقادرية‪ ،‬واْلنيدية‪ ،‬وطريقة جده‪ :‬املريغنية‪ ،‬واإلدريسية الشاذلية‪ ،‬ومن خالل‬ ‫النوع الثالث‪:‬واخنرط‬
‫الفناء يفعنعدةوجود‬
‫هذه الطرق اخلمسة اخرتع الطريقة اخلتمية‪ ،‬كانت وفاته ابلطائف عام ‪1268‬ه‪.‬‬
‫أبرز الشخصيات أبناؤه وأحفاده‪ ،‬ومنهم‪ :‬ابنه احلسن‪ ،‬وحفيده حممد عثمان بن احلسن‪ ،‬وعلي املريغيين بن حممد عثمان بن احلسن‪.‬‬
‫ابتدأت يف مكة والطائف‪ ،‬وامتدت وقويت يف السودان ومصر‪.‬‬ ‫أماكن الوجود‬
‫‪ -1‬أهنا طريقة صوفية رافضية‪ ،‬فقد أخذت مبعتقدات الشيعة االثنا عشرية يف اإلمامة واإلمام‪ ،‬وما ترتب على ذلك‬
‫من عقائد متعلقة آبل البيت والصحابة والقرآن واحلديث يف اْلملة‪ ،‬وصرحوا ابرتباطهم هبم يف العصر احلاضر من‬
‫الناحية السياسية‪.‬‬
‫أبرز اآلراء والعقائد‬
‫‪ -2‬ادعاء أخذهم ألسس الطريقة واآلراء والتعاليم من الرسول ﷺ يقظة حقيقة‪.‬‬
‫‪ -3‬الطلب من املريد يف اخللوة استحضار صورة مؤسس الطريقة حممد عثمان أمامه حىت تظهر له روحانية أمامه‪،‬‬
‫ومن مث حتصل له االستنارة‪ ،‬وحتضر له روحانية النيب ﷺ‪ ،‬كما يزعمون‪.‬‬

‫درجات التصوف والطرق الصوفية‬

You might also like