You are on page 1of 12

‫كلية العلوم القانونية و االقتصادية و‬ ‫جامعة الحسن الثاني‬

‫االجتماعية عين السبع‬ ‫الدار البيضاء‬


‫ماستر التوثيق و المنازعات العقارية‬

‫عرض حول األمالك الغابوية‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطالب‪:‬‬


‫موالي هشام جاز‬ ‫اشرف فصال‬

‫الموسم الجامعي ‪2023 - 2022‬‬


‫إن الملك الغابوي بالمغرب كان يخضع قبل االستعمار لألعراف والتقاليد الجاري بها العمل‬
‫على الصعيد المحلي‪ ،‬ونظرا لألدوار االقتصادية واالجتماعية والبيئية التي تلعبها الغابات‬
‫بالنسبة للمجتمع وجهت أول دورية بتاريخ فاتح نونبر ‪ 1912‬إلى العمال والقياد والقضاة‬
‫للحفاظ على الغابات ومنع استغاللها‪ ،‬والتي نصت على "توجد بعض األمالك التي ال يمكن‬
‫التصرف فيها إال بعد الحصول على ترخيص مسبق من المخزن ألن له حقوق الملكية‬
‫عليها أو حقوق المراقبة ‪ ".....‬وذكر من بين هذه األمالك األحباس واألراضي الجماعية‬
‫ثم الغابات مهما كان موقعها‪.‬‬

‫ومن أجل توطيد هذا المبدأ‪ ،‬صدر الظهير الشريف في ‪ 17‬يوليوز ‪ 1914‬بشأن تنظيم‬
‫تقويت العقارات التي ال يكمن ألحد أن ينفرد يتملكها وال تفويتها من بينها الغابات مع إبقاء‬
‫حق االستغالل الذي أعطي للقبائل المجاورة لها سواء بالرعي أو الحطب‪.‬‬

‫كما منع على العمال والقياد إعطاء الرخص التي بواسطتها يمكن إثبات ملكية أراضي‬
‫غابوية وإقرار البيع والهبة والقسمة والمقايضة‪.‬‬

‫ومن أجل تكريس مفهوم العقارات المخزنية صدر ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬الذي أشار إلى‬
‫كيفية تأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد األمالك المخزنية وأوجب وضع حدود واضحة‬
‫لهذه األمالك حتى ال يقع نزاع مع األمالك المجاورة لها بهدف حفظ حقوق الدولة في شأن‬
‫مادة العقار ورسم حدود نهائية للملك الغابوي‪.‬‬

‫بعد ذلك صدر أول نص خاص بتنظيم الملك الغابوي في المغرب يوم ‪ 10‬أكتوبر ‪،1917‬‬
‫الذي عدل عدة مرات‪ .‬ثم جاء بعد ذلك ظهير ‪ 20‬شتنبر ‪ 1976‬المتعلق بتنظيم مساهمة‬
‫السكان في تنمية االقتصاد الغابوي‪.‬‬

‫يطرح هذا الموضوع إشكالية رئيسية أال وهي كيف نظم المشرع المغربي األمالك الغابوية‬
‫وماهي أهم خصوصياته؟‬

‫ولإلجابة عن هذه اإلشكالية ال بد من الوقوف عند دراسة مسطرة التحديد اإلداري‬


‫وخصوصياتها وآثارها وعالقتها بالقواعد العامة للتحفيظ العقاري‪ ،‬لذلك ارتأينا معالجة هذا‬
‫الموضوع من خالل تقسيمه إلى مبحثين عبر التصميم اآلتي‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬اإلطار القانوني لالمالك الغابوية‬


‫المطلب األول‪ :‬التشريع الغابوي المغربي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم الملك الغابوي و طبيعته‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مسطرة التحديد اإلداري للملك الغابوي‬
‫المطلب األول‪ :‬إجراءات تقديم الطلب و إشهاره‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات التحديد الخاصة بالعقار والمصادقة النهائية على الطلب‬
‫المبحث األول ‪ :‬اإلطار القانوني لالمالك الغابوية‬

‫المطلب األول‪ :‬التشريع الغابوي المغربي‬

‫‪ -1‬ظهير ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1917‬المتعلق بالمحافظة على الغابة واستغاللها‬

‫يعتبر هذا الظهير من الناحية القانونية أول نص خاص ينظم الملك الغابوي في المغرب‪،‬‬
‫وقد تضمن ‪ 84‬فصال‪.‬‬
‫و خضع إلى عدة تعديالت بلغت حولي ‪ 20‬تعديال وهمت ضبط المخالفات الغابوية وإقرار‬
‫عقوبات الحبسية أو التشديد فيها أو الرفع من قيمة العقوبات المالية‪ .‬أهم ما جاء به كونه‬
‫صنف المخالفات التي ترتكب في حق الملك الغابوي في ‪ 9‬أصناف جمعها بعض الباحثين‬
‫في خمس مجموعات‪: 1‬‬

‫‪ -‬المجموعة األولى ‪ :‬بعض التصرفات الماسة بالملك الغابوي كتدمير عالمات الغابة‬
‫و إتالف سياجها‪.‬‬

‫‪ -‬المجموعة الثانية ‪ :‬يبين التصرفات الماسة بالمحصوالت و المنتوجات الغابوية كقطع‬


‫األخشاب وصناعة الفحم وحرث الغابة‪ .‬المجموعة الثالثة ‪ :‬مخالفات نظام الرعي‪.‬‬

‫‪ -‬المجموعة الرابعة ‪ :‬مخالفات إضرام النار‪.‬‬

‫‪ -‬المجموعة الخامسة ‪ :‬مخالفات إحداث بناءات أو خيام للسكنى‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالعقوبات التي نص عليها الظهير المذكور بعد التعديالت المدخلة عليه‬
‫فارتكزت باألساس على "الغرامات"‪ ،‬وفرض أيضا عقوبات حبسية على بعض الجنح‬
‫الغابوية‪ .‬وأناط مسؤولية مباشرة حماية الغابة ومنتوجاتها من كل استغالل عشوائي ومفرط‬
‫إلى رجال المياه والغابات وضباط الشرطة القضائية ومنحهم مسؤولية إنجاز المحاضر‬
‫وإجراء المعاينات‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمر دومو ( ‪)1989‬؛ الغابة والعدالة‪ ،‬أشغال األيام الدراسية المنظمة بتاريخ ‪ 15‬و ‪ 16‬ابريل ‪ 1988‬من طرف الجمعية المغربية لقانون البيئة‬
‫بتعاون مع كلية الحقوق بالدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫ويتراوح عدد الجنح والمخالفات السنوية التي يتم التبليغ عنها ما بين ‪ 25.000‬و ‪30.000‬‬
‫محضرا‪ ،‬تتوزع نوعيتها كالتالي‪:2‬‬

‫‪ 37% -‬بالنسبة لقطع وإزالة األعشاب‪.‬‬

‫‪ 30% -‬للتشويهات الحادة ‪.‬‬

‫‪ 13% -‬لقضايا الرعي‪.‬‬

‫‪ 20% -‬لباقي القضايا‪.‬‬

‫‪ -2‬ظهير ‪ 20‬شتنبر ‪ 1976‬المتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية االقتصاد‬


‫الغابوي‬

‫يمكن تلخيص أهم ما جاء به هذا الظهير في شقين‪:3‬‬

‫‪ -‬إشراك السكان في االستفادة من الملك الغابوي بالشيء الذي يضمن استدامتها‪.‬‬

‫‪ -‬إعطاء الجماعات المحلية سلطات في ميدان تسيير تنمية الغابات التي تتواجد بمناطق‬
‫نفوذها‪.‬‬

‫فالقانون سعى إلى تنظيم جديد للملك الغابوي ينبني على مقاربة تتوخى التنمية المستدامة‪،‬‬
‫أي استفادة السكان المجاورين منها دون المساهمة في تدميرها‪.‬‬

‫وتم التأكيد على هذا في الميثاق الجماعي األخير إذ جاء في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 36‬على‬
‫أن المجلس‬

‫"يحدد شروط المحافظة على الملك الغابوي واستغالله واستثماره في حدود االختصاصات‬
‫المخولة له بموجب القانون"‪.4‬‬

‫هذه االختصاصات هي التي نص عليها ظهير ‪ 20‬شتنبر ‪ 1976‬في الجزء الرابع منه في‬
‫فصوله ‪ ،13 ،11،12 ،10‬وهي ‪:5‬‬

‫‪ - 2‬بيان اليوم عدد ‪ 10‬غشت ‪ ،2010‬الجنح الغابوية والشرطة اإلدارية داخل المجال‪.‬‬
‫‪3-‬‬ ‫‪Fay, G. (1984): Un projet agro-sylvo-pastoral pour le Rif Occidental. R.G.M, nº 8 nouvelle série. p 6.‬‬
‫‪ -4‬المديرية العامة للجماعات المحلية (‪)2003‬؛ الميثاق الجماعي ‪ ،2002‬منشورات مركز التوثيق اللجماعات المحلية‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 5‬أسعد عبد المجيد (‪)1989‬؛ الغابة ومالية الجماعات المحلية القروية بالمغرب‪ ،‬أشغال األيام الدراسية المنظمة بتاريخ ‪ 15‬و ‪ 16‬ابريل ‪1998‬‬
‫من طرف الجمعية المغربية لقانون البيئة بتعاون مع كلية الحقوق بالدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ -‬الطلبات المتعلقة باالحتالل المؤقت للملك الغابوي ‪.‬‬

‫‪ -‬الطلبات المتعلقة بإيجار حق الصيد البري و الماني ‪.‬‬

‫‪ -‬الطلبات المتعلقة بما تنتجه الغابة من مواد مختلفة و المقدمة من طرف المستعملين‪.‬‬

‫‪ -‬تنظيم استغالل المراعي الغابوية ‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد البرامج الخاصة بقطع األخشاب و تقويت محصولها وفقا للمقتضيات التي‬
‫يقررها وزير الفالحة‪.‬‬

‫كما يلزم الظهير المذكور الجماعات بنفقات إجبارية اتجاه صيانة الغابة تقتطع من الموارد‬
‫التي تحصل عليها الجماعة المعنية من استغالل المنتوج الغابوي‪ .‬وفي هذا الصدد أجبر‬
‫المشرع الجماعة في نفق ‪ %20‬على األقل مما تذره عليها الغابة‪ ،‬وحددت النفقات‬
‫اإلجبارية في الفصل ‪ 15‬من الظهير في سنة أنواع‪:‬‬

‫‪ -‬تشجير األراضي‪.‬‬

‫‪ -‬تحسين الغابات والمراعي‪.‬‬

‫‪ -‬التهيئة وغراسة األشجار المثمرة‪.‬‬

‫‪ -‬التنقيب عن العيون أو تهيئة نقط الماء‪.‬‬

‫‪ -‬تهيئة المخابئ الجماعية أو المسالك‪.‬‬

‫‪ -‬إحداث الساحات الخضراء وحماية المناظر الطبيعية‪.‬‬

‫في حين مكن الجماعات القروية التي توجد بتراب نفوذها غابات الدولة من االستفادة من‬
‫‪ %80‬من الموارد المالية وهي موارد تعتبر جد مهمة في ميزانياتها‪.‬‬

‫لكن بالرغم من هذه الصالحيات‪ ،‬فإنها تبقى جد محدودة نظرا لخضوعها لسلطة الوصاية‬
‫التي تمارسها وزارة الفالحة‪ ،‬حيث ان مقررات المجلس الجماعي ال تصبح قابلة للتنفيذ إال‬
‫بعد تأشيرها من طرف وزير الفالحة (الفصل ‪ 12‬من ظهير ‪ 20‬شتنبر ‪)1976‬‬

‫إن التطبيق الفعلي والسليم لمختلف التشريعات الغابوية يتطلب بالضرورة تحديد الملك‬
‫الغابوي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم الملك الغابوي و طبيعته‬

‫أول سؤال يطرح هنا هو ماهي األمالك التي تدخل ضمن خانة األمالك الغابوية للدولة‪ ،‬ثم‬
‫ماهي طبيعة هذه األمالك؟ أو بتعبير آخر هل هذه األمالك تدخل ضمن األمالك العامة أم‬
‫ال؟‬

‫إن فلسفة هذا التساؤل ترمي باألساس إلى التأكيد على مبدأ أساسي وهو أن األمالك الغابوية‬
‫ال تدخل كلها في ملكية الدولة بل هناك غابات مملوكة للخواص‪ ،‬والسند التشريعي في ذلك‬
‫هو الفصل األول من ظهير ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1917‬كما عدل بظهير أبريل ‪ 1949‬الذي جاء فيه‪:‬‬

‫" يجري النظام الخاص بالغابات على الغابات واألحراش المبينة أسفله وتدار شؤونها طبق‬
‫مقتضيات ظهيرنا الشريف هذا وهي ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األحراش والغابات التي هي ملك للمخزن الشريف أو للمؤسسات العمومية أو‬
‫لجماعات القبائل التي هي ملك مشاع بين الدولة أو مؤسسات عمومية أو جماعات من ملك‬
‫القبائل من جهة وبعض أفراد الناس من جهة أخرى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األحراش والغابات المتنازع فيها بين دولتنا الشريفة وبين بعض المؤسسات العمومية‬
‫أو بعض جماعات القبائل‪ ،‬وكذا األحراش والغابات الواقع النزاع فيها بين أحد ممن ذكر‬
‫وبين أفراد الناس‪.‬‬

‫تالثا‪ :‬األراضي المحدد غرس أشجارها أو التي ينبغي إعادة غرسها وعند االقتضاء‬
‫األراضي المعدة لرعي المواشي التي ستقوم بتحسينها إدارة المياه والغابات بعد الموافقة مع‬
‫المجلس المكلف بشؤونها والتي هي على ملك جماعات القبائل‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬األراضي التي أعيد غرس أشجارها أو التي ينبغي تجديد غرسها فيها واألراضي‬
‫المعدة لرعي المواشي والتي هي لبعض أفراد الناس الراغبين أربابها في تكليف إدارة المياه‬
‫والغابات إما بحراستها فقط وإما بحراستها وتدبير شؤونها معا"‪.‬‬

‫وقد أكد القانون رقم ‪ 11.03‬المتعلق بحماية واستصالح البيئة الصادر بالظهير الشريف‬
‫بتاريخ ‪ 12‬ماي ‪ 2003‬نفس المبدأ بإقراره وجود غابات مملوكة للدولة وأخرى لألفراد فقد‬
‫نص الفصل ‪ 23‬منه على مايلي‪:‬‬

‫"تعتبر الغابات سواء العمومية أو الخاصة بمثابة ممتلكات ذات منفعة مشتركة من واجب‬
‫اإلدارة والخواص المحافظة عليها بشكل يضمن توازنها واحترام األنظمة البيئية"‪.‬‬
‫بل أكثر من هذا وذلك‪ ،‬فالمشرع قد رخص في بيع الملك الغابوي‪ ،‬وإن كان قد قيد عملية‬
‫البيع بضابطين أولهما أن يتم البيع لفائدة المصلحة العامة‪ ،‬ويتم ذلك بمرسوم يصدر بعد‬
‫استشارة لجنة يحدد تركيبتها وكيفية ممارستها‪ ،6‬وثانيهما أن ثمن البيع يدفع الستعماله في‬
‫شراء أراضي جديدة وغرسها‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن الملك الغابوي يعد في جزئه األكبر مملوكا للدولة‪ ،‬فإنه مع ذلك ال يعد‬
‫ملكا عاما‪ ،‬فالمشرع حدد ما يدخل ضمن هذه الفئة من األمالك‪ ،‬والتي ليس ضمنها الملك‬
‫الغابوي للدولة وذلك طبقا للفصل األول من ظهير فاتح يويلوز ‪ 1914‬كما وقع تعديله‬
‫بظهير ‪ 29‬أكتوبر ‪ ،19197‬وإن كان هذا التعداد اليكفي في نظر البعض الستبعاد صفة‬
‫الملك العام عن مال معين‪ ،‬ألن النص أعاله لم يحدد على سبيل الحصر األموال المعتبرة‬
‫أمواال عمومية بل ذكرها على سبيل المثال فقط‪ ،8‬وبذلك ترك الحرية للقاضي في تحديد ما‬
‫يعد أمواال عامة وما يعد أمواال خاصة حسب الحاالت‪ ،‬الشيء الذي أدى إلى ظهور عدة‬
‫معايير فقهية لتمييز األموال العامة عن األموال الخاصة‪.‬‬

‫إال أنه بتطبيق هذه المعايير على الملك الغابوي يتبين أنها ال تفيد في إضفاء صفة الملك‬
‫العام عليه‪ ،‬فالملك الغابوي للدولة يقبل التصرف عن طريق البيع أو المعاوضة‪ ،‬كما أنه‬
‫غير مخصص الستعمال الجمهور وال لخدمة مرفق عمومي أو منفعة عامة‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مسطرة التحديد اإلداري للملك الغابوي‬


‫بعد تحديد الملك الغابوي عملية تهدف إلى توضيح وضبط النظام العقاري لألراضي‬
‫وتحسين العالقات مع الساكنة المحلية المجاورة للغابات‪ ،‬عبر إرساء حدود قارة وواضحة‬
‫بين الملك الغابوي للدولة وأمالك الخواص‪ .‬وهي العملية التي تضمن حقوق الملكية الخاصة‬
‫وتسمح يتهييئ الظروف المالئمة إلنعاش االستثمار داخل األراضي الخاصة واألمالك‬
‫الغابوية للدولة على حد سواء‪ .‬وتمكن من التصدي لحاالت الترامي على الملك الغابوي‬
‫ومحو القرينة الغابوية بالحرث واالحتالل مما يهدد ديمومة النظم البيئية ويتسبب في‬
‫اختالالت تضر بالتوازنات تخل بالموارد الطبيعية وتسبب صلة في تدهور المياه والتربة‬
‫واالنجراف‪.‬‬

‫‪ - 6‬الفصل الثاني من ظهير ‪.1959-04-17‬‬


‫‪ - 7‬حدد المشرع المغربي األموال العامة أو مايسمى باألمالك العامة بمقتضى الفصل األول من الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 7‬شعبان ‪1332‬‬
‫الموافق لفاتح يوليوز ‪ 1914‬والذي تم تعديله بظهير ‪ 29‬أكتوبر ‪.1919‬‬
‫‪ - 8‬ملكية الصاروخ‪ :‬القانون اإلداري ‪ -‬دراسة مقارنة‪ -‬مطبعة النجاح الجديدة ‪-‬الدار البيضاء ‪ ،1998 -‬ص ‪.316‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إجراءات تقديم الطلب و إشهاره‬

‫‪ -1‬التعريف بالمسطرة ‪:‬‬

‫يقصد بمسطرة التحديد اإلداري للملك الغابوي مجموعة من اإلجراءات التي تقوم بها‬
‫اإلدارة بهدف ضبط حدود ومساحة عقار معين وإدراجه بشكل نهائي وغير قابل للنزاع في‬
‫دائرة األمالك الغابوية‪ ،‬وهو إجراء أولي لتحفيظه‪.‬‬

‫وتجد مسطرة التحديد اإلداري للملك الغابوي مرجعيتها التشريعية ضمن ظهيرين أولهما‬
‫ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬المتعلق بتحديد األمالك المخزنية‪ ،‬وثانيهما ظهير ‪ 10‬أكتوبر ‪1917‬‬
‫المشار إليه أعاله‪ ،‬والذي أحال بشأن تحديد الملك الغابوي على ظهير ‪ 3‬يناير ‪1916‬‬

‫‪ -2‬تقديم الطلب وإشهاره ‪:‬‬

‫ا‪ -‬تقديم الطلب من طرف االدارة الوصية ‪:‬‬

‫طبقا للفصل األول من ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬السابق اإلشارة إليه فإنه يشرع في إجراءات‬
‫التحديد اإلداري للملك الغابوي بطلب يقدم إلى الحكومة من طرف اإلدارة الوصية على‬
‫القطاع الغابوي في شخص رئيسها وهو المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر‪.‬‬
‫ويذكر في الطلب العقار المقصود تحديده واإلسم الذي يشتهر به وحدوده وما يدخل فيه من‬
‫حقوق ومرافق‪ ،‬وبعد دراسة هذا الطلب والموافقة عليه من طرف الحكومة تصدر مرسوما‬
‫بالشروع‪ 9‬في عمليات التحديد‪.‬‬

‫ب‪ -‬صدور مرسوم التحديد وإشهاره ‪:‬‬

‫مرسوم التحديد اإلداري فإنه بمجرد صدوره يتم الشروع في إجراءات التحديد‪ ،‬وتبدأ عملية‬
‫التحديد بإشهار مرسوم التحديد وطلب اإلدارة المقدم بخصوصه واإلعالن عنها خالل الشهر‬
‫السابق على عملية التحديد وذلك بهدف كفالة علم الجيران والكافة بجريان المسطرة‬
‫ويتعرضوا عليها حالة ادعائهم بحقوق عينية على العقار موضوع التحديد‪ ،‬وقد نص على‬
‫هذا اإلجراء الفصل ‪ 4‬من ظهير ‪ 03‬يناير ‪ 1916‬كما وقع تعديله بظهير ‪.1949-08-17‬‬

‫‪ - 9‬العربي محمد مياد(‪ ،)2012‬الدليل العملي لتدبير الملك الغابوي‪ ،‬سلسلة إعالم وتبخير المستهلك رقم ‪ ،9‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‬
‫‪.6‬‬
‫أما بخصوص وسائل إشهار عملية التحديد فقد أشار إليها نفس الفصل المذكور والذي ينص‬
‫على أنه‪:‬‬

‫"إن إشهار مرسوم التحديد وملخص الطلب يتم من خالل طريقتين أولهما النشر في‬
‫الجرائد‪ ،‬وثانيهما التعليق في أماكن محددة"‪.‬‬

‫ج‪ -‬طريقة النشر ‪:‬‬

‫يعد النشر بالجريدة الرسمية أقوى وسيلة لإلشهار‪ ،‬ألن المشرع أقام قرينة على علم الكافة‬
‫بمضمون عملية النشر‪ ،‬بحيث ال يعذر أحد بجهله لما نشر بالجريدة الرسمية‪ ،‬وهذا األمر‬
‫طبيعي من وجهة نظر التشريع طالما أننا بصدد إعالن غير موجه لشخص بذاته‪ ،‬بل موجه‬
‫إلى الكافة‪ ،‬ومن ثم فإنه ال يتصور عمليا أن يتم تبليغ خاص لكل فرد‪ .‬واشترط إلى جانب‬
‫النشر في الجريدة الرسمية النشر بجرائد أخرى لم يبين عددها‪.‬‬

‫د‪ -‬طريقة التعليق ‪:‬‬

‫إن المشرع حاول كفالة علم األفراد بعملية التحديد من خالل تقنية التعليق لدى مجموعة من‬
‫الجهات اإلدارية والقضائية‪ ،‬وهذه الجهات هي المحكمة والقيادة ومقر المندوبية السامية‬
‫للمياه والغابات ومحاربة التصحر وبالمحافظة على األمالك العقارية والرهون‪ ،‬ويتم إثبات‬
‫القيام بالتعليق بواسطة شهادات صادرة عن الجهات المذكورة ‪.‬‬

‫وإذا حل التاريخ المعلن فيه عن إجراء التحديد‪ ،‬فإننا نكون أمام فرضيتين‪ ،‬فإما أن تكون‬
‫إجراءات اإلعالن عن التحديد المذكور لم تحترم‪ ،‬فهنا يتم تأجيل إجراءات التحديد إلى‬
‫موعد الحق تزيد مدته عن شهر لكي يتم احترام مسطرة اإلشهار واحترام أجلها وهو الشهر‬
‫السابق على عملية التحديد‪ ،‬وإما أن تكون مسطرة اإلعالن عن التحديد قد احترمت وهنا يتم‬
‫المرور إلى المرحلة الموالية وهي إجراء التحديد الخاص بالعقار‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات التحديد الخاصة بالعقار والمصادقة النهائية على‬
‫الطلب‬

‫‪ -1‬إجراءات التحديد‬

‫وقد حدد المشرع تشيكلة اللجنة التي تقوم بعملية التحديد‪ ،‬وهي حسب الفصل الثاني من‬
‫ظهير ‪ 9‬يناير ‪ ،1916‬موظف يمثل إدارة المراقبة‪ ،‬وأحد موظفي المندوبية السامية للمياه‬
‫والغابات ومحاربة التصحر‪ ،‬ومن قائد القبيلة معضدا بأشياخها ومن عدلين عند االقتضاء‪.‬‬

‫وتشرع اللجنة المذكورة بتشكيلتها أعاله في مباشرة أعمال التحديد في اليوم والساعة‬
‫والمحل المعينة في اإلعالنات‪ ،‬وتتخذ الوسائل التي من شأنها إعالم الناس بوصول اللجنة‬
‫حتى يمكن لها وضع الحدود ومحضر أولي للتعرضات‪ ،‬وبعد ذلك يتم إعالم عموم الناس‬
‫بوضع الخريطة والتقرير وذلك من خالل نشر ذلك في الجريدة الرسمية‪.‬‬

‫وقد أعطى المشرع لكل من يدعي حقا على العقار موضوع التحديد اإلداري أن يتعرض‬
‫عليه وذلك إما أمام اللجنة التي تقوم بعملية التحديد نفسها بعين المكان‪ ،‬وإما أمام اإلدارة‬
‫المعنية‪ ،‬وفي الحالتين تكون الجهة المقدم إليها التعرض ملزمة بتضمين التعرض صفة‬
‫المتعرض وماهية الحق المتعرض عليه في تقريرها وعليه فالتعرض هو مطالبة أو دعوى‬
‫الستحقاق العقار موضوع التحديد بشكل كلي أو جزئي أو استحقاق حق عيني عليه‪.‬‬

‫وعموما فإن أجل التعرض يظل مفتوحا خالل األشهر الثالثة الموالية لعملية نشر التحديد‬
‫اإلداري بالجريدة الرسمية‪ ،‬وبعد انصرام هذا األجل يسقط حق كل من يدعي حقا على‬
‫العقار موضوع التحديد اإلداري‪ ،‬وال يقبل منه أي تعرض أو دعوى في العقار‪.‬‬

‫والتعرض في مسطرة التحديد اإلداري حسب الفصل ‪ 6‬من ظهير‪ 03 10‬يناير ‪،1916‬‬
‫يعرف خصوصية إجرائية لقبوله‪ ،‬فال يكفي مجرد التعرض على أعمال التحديد داخل أجل‬
‫الثالثة أشهر الموالية لعملية نشرة في الجريدة الرسمية‪ ،‬بل يلزم المتعرض آن يؤيد تعرضه‬
‫بتقديم مطلب لتحفيظ العقار موضوع التحديد وذلك داخل أجمل الثالثة اشهر الموالية‬
‫االنصرام أجل تقديم التعرض‪ ،‬فإن هو اغفل القيام بهذا اإلجراء فإن تعرضه يلغى‪ ،‬وعليه‬
‫فشكل المسطرة هذا يجعلنا أمام حالة من حاالت التحفيظ اإلجباري‪ ،‬وهو ما يشكل خروجا‬
‫عن المبدأ العام المقرر في قواعد التحفيظ من أن له طابع اختياري‪.‬‬

‫وعموما فإذا قدم التعرض على التحديد اإلداري بطريقة نظامية‪ ،‬فإن ذلك يفتح المجال‬
‫الخيارين‪ ،‬أولهما أن تقبل اإلدارة التعرض كليا أو جزئيا‪ ،‬وهنا فإن التحديد اإلداري يصبح‬
‫غير ذي أساس في حالة قبول التعرض الكلي‪ ،‬وهذا الخيار يبقى جد مستبعد في الواقع إذ‬

‫‪ - 10‬انظر لنص الظهير منشور في ‪ :‬العربي محمد مياد(‪ ،)2012‬الدليل العملي لتدبير الملك الغابوي‪ ،‬سلسلة إعالم وتبخير المستهلك رقم ‪،9‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫يصعب عمليا أن تعترف اإلدارة بذلك وتلغي عملية التحديد‪ ،‬ليبقى الخيار األقرب إلى الواقع‬
‫هو إمكانية اعتراف اإلدارة بالتعرض الجزئي وهما يتم إخراج الجزء المتعرض عليه من‬
‫عملية التحديد اإلداري‪.‬‬

‫و ثاني الخيارين هو أن ترفض المندوبية السامية للمياه والتصحر التعرض المقدم ضد‬
‫عملية التحديد اإلداري‪ ،‬وهنا يقوم المحافظ على األمالك العقارية بإحالة مطلب التحلفيظ‬
‫المقدم من طرف المتعرض على المحكمة اإلبتدائية التابع لها موقع العقار للبت في مدى‬
‫صحة التعرض‪.‬‬

‫‪ -2‬المصادقة‬

‫المرحلة األخيرة في إجراءات التحديد اإلداري هي المصادقة عليه بمرسوم‪ ،‬وذلك حسبما‬
‫يستفاد من ملتقيات الفصل ‪ 7‬من ظهير ‪ 03‬يناير ‪ 1916‬الذي ينص بعد اإلنتهاء من‬
‫اإلجراءات المسطرية السابقة يحال التقرير على الحكومة للمصادقة عليه بواسطة مرسوم‬
‫وذلك بعد أن تتأكد من الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬احترام اإلجراءات التي تسبق والتي تعقب عمليات التحديد المنصوص‬


‫عليها في الفصول ‪ 4‬و ‪ 5‬و ‪ 7‬من الظهير الشريف الصادر بتاريخ‬
‫‪ 03‬يناير ‪ ،1916‬وقد تم التقيد باألجال المحددة‪ ،‬ويثبت ما ذكر من‬
‫خالل شهادات إدارية صادرة عن الجهات المعنية‪.‬‬

‫‪ -2‬أنه ً لم يقع أي تحفيظ قبل عملية التحديد للعقار موضوع التحديد ولم‬
‫يقدم أي مطلب بخصوصه تأييدا للتعرض المقدم وبتبث ذلك في شهادة‬
‫يسلمها للمحافظ العقاري‪.‬‬

‫فإذا احترمت هذه الشروط أصدرت الحكومة مرسوما بالمصادقة على التحديد اإلداري‪،‬‬
‫بحيث يصنف الملك موضوع التحديد نهائيا ضمن الملك الغابوي للدولة‪ ،‬كما يحدد المرسوم‬
‫نفسه الحقوق التي تعترف بها اإلدارة لألفراد على الملك الغابوي‪ ،‬وبعد ذلك ينشر مرسوم‬
‫المصادقة على التحديد في الجريدة الرسمية‪.11‬‬

‫‪ - 11‬العربي محمد مياد (‪ :)2012‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬


‫خاتمة‬
‫للملك الغابوي أهمية كبيرة حيث أنه يلعب أدوارا اقتصادية واجتماعية وبيئية هامة‪ ،‬فهو‬
‫يوفر المواد األولية الخام المستعملة في عدد من الصناعات كالفلين والورق والفحم‬
‫والنجارة‪ ،‬كما أن عددا من األسر تقوم باستغالل الملك الغابوي إما عن طريق الرعي أو‬
‫الكراء أو الحرث‪ ،‬وهو باإلضافة إلى ذلك يساعد على تلطيف الجو وتنقية الهواء وخلق‬
‫مناخ طبيعي يساهم في تساقط األمطار والمحافظة على التربة من اإلنجراف‪.‬‬
‫ولإلعتبارات السابقة‪ ،‬فقد كان من الضروري الحفاظ على الملك الغابوي وتحديده تفاديا لما‬
‫يمكن أن يطرا ً بشأنه من منازعات مع األفراد‪ ،‬وبالتالي يدمج هذا الملك ضمن خانة‬
‫العقارات األكثر إنتاجية لخلوها من النزاع‪ ،‬ولتحقيق هذه الغاية فقد أوجد المشرع مسطرة‬
‫خاصة لتحديد هذه العقارات تسمى مسطرة التحديد اإلداري‪.‬‬

You might also like