You are on page 1of 97

‫جامعة أبو بكر بمقايد – تممسان‪-‬‬

‫كمية الحقوق والعموم السياسية‬

‫قسم العموم السياسية‬

‫سلسلة هحاضرات هىجهة لطلبة السنة األولى ليسانس علىم سياسية‬

‫هن إعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬هرين زكري‬

‫السنة الجاهعية‬
‫‪9191-9102‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫مقدمة‬
‫ترتبط التطورات االقتصادية بغيرىا من التطورات األخرى و ذلك بحكم ان الفكر‬
‫االقتصادي يشكل جزءا من الفكر اإلنساني الذي يكون نتاج زمان و مكان محددين ‪.‬‬

‫و ىكذا‪ ،‬فإن تحميل المجتمع أو تناول الظروف الخاصة بدولة يوجب عمينا التطرق الى‬
‫التحميل او الفكر االقتصادي‪ ،‬و ىذا األخير يتناول ظروف و أحوال البالد السياسية عامة‬
‫و االقتصادية خاصة ‪.‬‬

‫و بطبيعة الحال فإن التحميل االقتصادي ىمو ىو البحث في كيفية إثراء الدولة‬
‫بإتباعو لمتحميل التطبيقي و العممي معا حيث تطرق في ذلك الى دراسة مجموعة من‬
‫الظواىر االقتصادية لغرض المعرفة و التوصل الى حمول تغني االقتصاد كعمم ال يمكن‬
‫عزلو عن الواقع و ال عن العموم األخرى حيث توصمت النتائج العممية الى مجموعة من‬
‫الظواىر منيا االيجابية و السمبية و تميزت بوجود عوائق أبرزىا مشكمة االقتصادية و التي‬
‫واجيت حتى اكبر دول العالم و اكبر القوات االقتصادية‪ .‬ىذا ما دفعنا الى إقامة البحث‬
‫التالي و الذي يتمركز حول المشكمة االقتصادية و ىذا بيدف إيجاد حمول مثالية ليا و‬
‫التوسع أكثر في مفيوميا و ذلك بإتباع المنيج االستداللي ذلك نتيجة مجموعة من التساؤالت‬
‫التي اجبر العقل البشري عمى طرحيا ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫المحور األول‪ :‬المشكمة االقتصادية ‪.‬‬

‫الموضوع األول‪ :‬طبيعة المشكمة االقتصادية ‪.‬‬

‫إن المشكمة االقتصادية تشكل جزءا من المشكمة اإلنسانية العامة‪ ،‬اذ االقتصاد يمثل‬
‫جانبا من شؤون الحياة ال كميا‪ ،‬غير ان تحديد ىوية و حقيقة ىذه المشكمة ال زالت نقطة‬
‫اختالف بين المذاىب المختمفة ‪.‬‬

‫فالرأسمالية تعتبر ان المشكمة االقتصادية ىي نقص الموارد الطبيعية نسبيا‪ ،‬نظ ار الى‬
‫محدودية الطبيعة نفسيا و التي ال تفي بالحاجات المادية الحياتية لإلنسان‪ ،‬التي تبدو في‬
‫تزايد مستمر‪ ،‬فتنشأ المشكمة حول كيفية التوفيق بين اإلمكانات الطبيعية المحدودة و‬
‫الحاجات اإلنسانية المتزايدة ‪.1‬‬

‫في حين ان الماركسية تؤمن ان المشكمة االقتصادية تتمثل بالتناقص المستمر بين‬
‫الشكل و النظام الذي يتم بو اإلنتاج في المجتمع و بين نظام التوزيع ‪.‬‬

‫أما اإلسالم فيو يكشف عن حقيقة المشكمة بنحو آخر و بخالف ما تطرحو الرأسمالية‬
‫‪2‬‬
‫و االشتراكية‪ ،‬فإن المشكمة االقتصادية تكمن في اإلنسان نفسو‪.‬‬

‫كما تعرف عمى أنيا ‪ '' :‬محدودية الموارد‪ ،‬و كثرة الحاجات التي تفرض عمى‬
‫المجتمع االختيار و وضع األولويات ‪ ،‬و من ثم التضحية فالموارد محدودة عبر الزمن‬
‫‪3‬‬
‫بالمقارنة بين حاجات و رغبات اإلنسان المتعددة و المتجددة‪.‬‬

‫و من ىنا فإنو يرى ان موضوع المشكمة االقتصادية و عالجيا ىو موضوع االقتصاد‬


‫كمو‪ ،‬ممثال في ضرورية كفاية اإلنتاج‪ ،‬و تكافؤ التبادل‪ ،‬و سالمة التوزيع و رشادة‬
‫االستيالك‪.‬‬

‫‪1‬جالل أحمد أمين ‪ ،‬مبادئ التحميل االقتصادي‪ .‬القاىرة ‪:‬مكتبة وىبة ‪، 1968،‬ص‪.16‬‬
‫‪ 2‬ىايل عبد المولى طشطوش ‪ ،‬المشكمة االقتصادية بين التوصيف و الحل‪ ،‬من منظور اقتصادي اسالمي‪ .‬بحث مقدم‬
‫لمنتدى االقتصاد االسالمي‪ ،‬دبي‪ ،2015 ،‬ص‪. 6‬‬
‫‪3‬المشكمة االقتصادية بين التوصيف و الحل‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪. 8‬‬

‫‪2‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫فقد واجيت المشكمة االقتصادية المجتمعات منذ نشأتيا‪ ،‬ألنيا مشكمة إشباع الحاجات‬
‫و من الطبيعي ان يتناول اإلنسان المشكمة بالتفكير و االىتمام و من ثم فقد كان الفكر‬
‫االقتصادي قديما قدم اإلنسان ذاتو‪ ،1‬ألن المشكمة االقتصادية ىي مشكمة سموكية بالدرجة‬
‫األولى يتسبب فييا اإلنسان و ذلك من عدة وجيات‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬حين يفرط باالستيالك بشكل ال قيود لو فيغرق في الترف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حينما يسود الظمم و الطغيان فيحدث نيب الدول ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫ثالثا‪ :‬حين يركن اإلنسان الى الكسل و الخضوع و ترك العمل‪.‬‬

‫و يبقى مفيوم المشكمة االقتصادية بين االقتصاد اإلسالمي و االقتصاد الوضعي‬


‫مختمفا بينما ىناك اتفاق حول وجودىا عمى المستوى الكوني‪.‬‬

‫الموضوع الثاني ‪ :‬عناصر المشكمة االقتصادية‬

‫تتمثل عناصر المشكمة االقتصادية فيما يمي ‪:‬‬

‫أوال ‪:‬الحاجات االقتصادية و اإلنسانية األخرى ‪.‬‬

‫يكون النشاط اإلنساني نشاطا اقتصاديا عندما يسعى الى مقاومة الندرة النسبية‬
‫لمموارد‪ ، 3‬فكل انسان لو حاجات او رغبات تتمثل في إحساس أليم يريد إزالتو أو إحساس‬
‫بالراحة يريد زيادتو‪ .‬و ىناك وسائل قادرة عمى إشباع ىذه الحاجات بجمب اإلحساس بالرضا‬
‫و االرتياح‪.‬‬

‫و ىذه الحاجات اإلنسانية حاجات شخصية‪ ،‬فكل فرد ىو الذي يقرر دون تدخل من‬
‫جانب غيره ما اذا كان لديو حاجة يريد إشباعيا و مدى ىذه الحاجة ‪.‬‬

‫‪1‬حازم الببالوي ‪ ،‬دليل الرجل العادي الى الفكر االقتصادي‪ ، ،‬دار الشروق‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪،1995 ،1‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬المشكمة االقتصادية بين االقتصاد االسالمي و الوضعي‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪3‬عادل أحمد حشيش ‪،‬أصول االقتصاد السياسي‪ .‬االسكندرية ‪:‬دار الجامعة الجديدة لمنشر ‪،2003،‬ص‪.40‬‬

‫‪3‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫فالحاجة االقتصادية تختمف عن الحاجة الشخصية الطبيعية و عن الحاجة‬


‫االجتماعية و األخالقية‪ ،‬ألن الحاجة االقتصادية تعبر عن عدد السعرات الح اررية الالزمة‬
‫لمفرد‪ ،‬و الحاجة االجتماعية‪ 1‬التي تأخذ في الحسبان المستوى الحضاري و األوساط التي‬
‫ينتمي إلييا الفرد ‪.‬‬

‫و الحاجات اإلنسانية متعددة بعضيا مادي و بعضيا غير مادي‪ ،‬بعضيا جسدي و‬
‫اآلخر نفسي و ىي تتزايد و تتشعب دون توقف ألن طموحات اإلنسان ليس ليا حد ألنو‬
‫يكتشف بحد ذاتو أىداف جديدة كما ان حياة نظرائو تعطيو دوافع متجددة لالنتقال ‪....‬‬

‫و تقسم الحاجات االقتصادية الى الحاجات الضرورية و الحاجات الكمالية‪ ،‬فالحاجة‬


‫الضرورية ىي الحاجة التي تتوقف حياة الفرد عمى إشباعيا كالشراب و العالج و الطعام أما‬
‫الحاجة الكمالية فيي تمك التي تزيد متعة الحياة و لذتيا كالتنويع في المالبس و االستماع‬
‫لمموسيقى‪.2‬‬

‫اما الحاجة الفردية‪ ،‬فيي تمك التي تتصل مباشرة بشخصية االنسان و حياتو الخاصة‬
‫كالحاجة لمأوى‪ ،‬أما الحاجة الجماعية فيي التي تولد و تظير بوجود الجماعة و حياة الفرد‬
‫مثل الحاجة لألمن و الدفاع‪. 3‬‬

‫و أخيرا‪ ،‬الحاجة المستقبمية ىي تمك المتوقع ظيورىا مستقبال كما لو قامت الدولة‬
‫باستصالح األراضي و إقامة السدود و ذلك بغية إشباع حاجة مستقبمية ‪ ...‬أما الحاجة‬
‫الحالة او الحاضرة فيي تمك اإلحساس او الشعور الحال باأللم و عدم الرضا مثل استيالك‬
‫المزارع لما ينتجو من غمة ‪...‬‬

‫‪1‬عادل أحمد حشيش و آخرون ‪ ،‬أساسيات االقتصاد السياسي ‪.‬بيروت ‪:‬منشورات الحمبي الحقوقية ‪،2003،‬ص‪.69‬‬
‫‪ 2‬حازم الببالوي ‪،‬أصول االقتصاد السياسي‪ .‬مصر ‪:‬االسكندرية ‪:‬دار المعارف ‪،‬ط‪،1996، 1‬ص‪.3‬‬

‫‪3‬حازم الببالوي ‪،‬النظام االقتصادي الدولي الجديد‪ .‬الكويت ‪:‬عالم المعرفة ‪،2000،‬ص‪78.‬‬

‫‪4‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ثانيا ‪:‬األموال و الموارد االقتصادية المحدودة ‪.‬‬

‫كانت الوسائل التي يممكيا اإلنسان إلشباع حاجاتو محدودة دائما‪ ،‬بمعنى أن اإلنسان‬
‫يعيش في عالم ندرة‪ ،‬فالموارد التي يتصرف فييا إما تكون غير كافية إلشباع كل حاجاتو في‬
‫وقت معين أو موزعة توزيعا مكانيا حيث تتوافر في أماكن معينة و تشح في أماكن أخرى‪،‬‬
‫حتى لو كانت ىذه الموارد وفيرة فإن اإلنسان يظل محصو ار بعامل الوقت‪ ،1‬و ىو أكثر نعم‬
‫اهلل عمى اإلنسان ندرة‪. 2‬‬

‫فندرة الوسائل و االختيار بين الغايات‪ ،‬و التكمفة ىي االفكار الرئيسية التي تسمح‬
‫بفيم جوىر النشاط االقتصادي او المشكمة االقتصادية حيث ان حياتنا االقتصادية تتكون من‬
‫مجموعة من الق اررات المتشابية التي تيدف الى تحقيق التوازن بين الوسائل و الحاجات‬
‫و انطالقا من ىذه الوجية من وجيات النظر نستخدم دخمنا و ندير صفقاتنا و ننظم إنتاجنا‬
‫و نوزع وقت عممنا و فراغنا بين اليقظة و النوم ‪.‬‬

‫ثالثا ‪:‬القوانين االقتصادية ‪.‬‬

‫تعبر القوانين االقتصادية عن جوىر العمميات او الظواىر االقتصادية الجارية‪ ،‬و ىي‬
‫عمميات تجرى في دائرة عالقات اإلنتاج‪ ،‬و لكن الجوىر او الظاىرة ليسا متطابقين و لو كانا‬
‫كذلك لما كانت ىناك حاجة لعمم االقتصاد‪ ،‬و لكانت تكفي قوة المالحظة و التجربة و‬
‫الرصد في الحياة لمكشف عن جوىر العمميات او الظواىر االقتصادية و اكتشاف القوانين‬
‫بصفة عامة‪ ،‬ال يتطمب الموىبة او القدرة العممية فحسب و إنما يتطمب قد ار كبي ار من‬
‫الشجاعة الشخصية‪ ،3‬و يصدق ىذا القول في حالة قوانين الحياة االقتصادية ‪....‬‬

‫و مضمون قانون االستمرار ىو ا ناي رغبة يوالي إشباعيا دون توقف‪ ،‬تتناقص‬
‫حدتيا حتى تنتيي باالنعدام ‪ ...‬و مضمون قانون التكرار ىو ان اإلحساس المريح عندما‬

‫‪1‬رفعت محجوب ‪ ،‬االقتصاد السياسي ‪ .‬ج‪ ، 2‬القاىرة ‪ :‬دار النيضة العربية ‪،1981،‬ص‪-‬ص ‪.80-75،‬‬
‫‪ 2‬بن عصمان محفوظ‪ ،‬مدخل في االقتصاد الحديث ‪.‬الجزائر ‪:‬دار العموم لمنشرو التوزيع ‪،2003،‬ص‪.10‬‬

‫‪3‬عبد النعيم محمد مبارك ‪،‬مبادئ االقتصاد السياسي ‪.‬ط‪ ، 1‬مصر ‪ :‬الدار الجامعية ‪،1997،‬ص‪19.‬‬

‫‪5‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫يتكرر تتناقض درجة حدة الرغبة و مدتيا‪ ،‬و يكون ذلك كمما كان التكرار متعاقبا عمى فترات‬
‫قصيرة ‪.1‬‬

‫رابعا ‪:‬اإلنتاج ‪.‬‬

‫تقوم عمميات اإلنتاج عمى تجميع العوامل الطبيعية او األدوات الفنية مع العمل من‬
‫اجل الحصول عمى سمع و خدمات تخصص لالستيالك‪ ،‬فاإلنتاج يتضمن عمميات تحويل‬
‫و عمميات نقل الموارد االقتصادية ‪.‬‬

‫و اإلنتاج يكون إما إنتاج سمع مادية او خدمات غير مادية‪ ،‬و قد استبعد الفكر‬
‫االقتصادي في وقت من األوقات الحصول عمى خدمات من نطاق اإلنتاج‪ .‬ففي كتاب‬
‫'' ثروة االمم '' وضع آدم سميث بين المين غير المنتجة الجيش و الحكومة و بعض المين‬
‫األخرى ‪ ...‬و نتيجة لذلك يمكن القول إن كل تصرف يوجد منفعة يعتبر تصرفا منتجا و‬
‫العمل المنتج قوامو الحصول عمى تيار من المنافع و عوامل اإلنتاج‪.‬‬

‫و فكرة المنفعة فكرة محايدة في عالقاتيا باألخالق او الصحة‪ ،‬فأي سمعة او خدمة‬
‫تعد نافعة طالما ان ىناك مستيمكا يرغبيا إلشباع حاجة لو و لو كان ىذا اإلشباع متعارضا‬
‫مع االعتبارات الصحيحة او األخالقية‪ ،‬فالخمور و السجائر تعتبر سمعا نافعة من وجية‬
‫نظر مستيمكييا ألنيم يضحون في سبيل الحصول عمييا رغم أنيا سمع ضارة ‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬النقود‬

‫تعتبر النقود من المسائل اليامة ذات الصمة بالمشكمة االقتصادية‪ ،‬و قد ادى استخدام‬
‫النقود الى تسييل المبادالت بإحالل التبادل غير المباشر محل التبادل المباشر او المقايضة‬
‫فالنقود أدت الى زيادة مرونة الصفقات االقتصادية و لكن النقود ليست سمعة تبادل فقط‪ ،‬و‬
‫ذلك لما ليا من منفعة خاصة تتمثل في كونيا ىي السيولة في ذاتيا‪ ،‬فكل فرد تتكون ثروتو‬

‫‪1‬رفيقة حروش ‪ ،‬االقتصاد السياسي ‪،‬الجزائر ‪:‬المؤسسة الوطنية لمفنون المطبعية‪،‬ط‪،2،2015‬ص‪.259‬‬

‫‪6‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫في سمع حقيقية عقارية (كاألرض و العمارات) او من صكوك (كأسيم الشركات) عميو ان‬
‫يحوليا إلى ماىو سائل اذا اراد سمعة دون الحاجة لسمعة اخرى ‪.‬‬

‫أما النقود يمكن استخداميا لشراء اي سمعة دون الحاجة لسمعة أخرى او الحاجة‬
‫لعميمة تحويل ‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬االستيالك‬

‫االستيالك ىو العممية التي تشبع بيا الحاجات االقتصادية و الذي يأخذ صورة أنيا‬
‫سمعة او خدمة و استفادة ما فييا من منفعة‪ ،‬فالخبز يستيمك بأكمو ليخفف إحساسنا بالجوع‪.‬‬

‫و باإلضافة الى سمع االستيالك المعمرة او غير المعمرة و المخصصة لإلشباع عن‬
‫طريق استنفاذ ما فييا من منفعة توجد كسمع المتعة كالموحات و التحف و ىي بطبيعتيا سمع‬
‫دائمة تساىم في إشباع جانب من حاجات اإلنسان ‪.‬‬

‫الموضوع الثالث‪ :‬حل المشكمة االقتصادية‬

‫اوال ‪ :‬حميا وفق النظام الرأسمالي‬

‫يعالج النظام الرأسمالي المشكمة االقتصادية عن طريق زيادة السمع و الخدمات ألنيا‬
‫عبارة عن صراع بين الحاجات الالنيائية و الموارد المحدودة فمن الطبيعي ان يرتكز عالج‬
‫المشكمة االقتصادية عمى كيفية زيادة السمع و الخدمات و لو فرضنا ان السمع و الخدمات‬
‫المنتجة في مجتمع ما ممثمة بمنحى إمكانيات اإلنتاج فسيكون ذلك بزيادة عناصر اإلنتاج او‬
‫التكنولوجيا‪. 1‬‬

‫و ذلك يتم باكتشاف موارد جديدة او بالتطور التكنولوجي و ىذا ما يسعى لتحقيقو‬
‫النظام الرأسمالي لعالج المشكمة االقتصادية و يرى الباحثون ان ىناك توافق بين االقتصاد‬
‫اإلسالمي و الوضعي‪ ،‬فزيادة التكنولوجيا تقمل من حدة المشكمة االقتصادية و ذلك من حيث‬

‫‪1‬صديقي شفيقة ‪ ،‬محاضرات في تاريخ الوقائع االقتصادية‪ .‬جامعة الجزائر‪:3‬عمية العموم االقتصادية و التجارية و عموم‬
‫التسيير ‪،‬قسو العموم االقتصادية ‪،2017/2016،‬ص‪.29‬‬

‫‪7‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ضرورة التنمية االقتصادية ألنيا من ضروريات االستخالف و إعمار األرض و كذلك من‬
‫حيث ضرورة استخدام جميع الموارد و عدم ىدرىا دون فائدة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬حميا وفق النظام االشتراكي‬

‫يقوم النظام االشتراكي عمى فمسفة اجتماعية ىدفيا األساسي ىو المصمحة العامة‬
‫و ليس المصمحة الخاصة‪ ،‬حيث تسود ىذا النظام مجموعة من المبادئ تتماشى مع فمسفتو‬
‫الجماعية األساسية فعوامل اإلنتاج ممموكة بالكامل أو تكاد لمدولة‪ ،‬كما ان الممكية الخاصة‬
‫محصورة في أضيق نطاق‪ .‬فيي ببساطة تقوم بحل المشكمة االقتصادية عن طريق ما يعرف‬
‫باسم جياز التخطيط الذي يأخذ شكل ىيئة او لجنة و يقوم بدارستيا و أبحاث مستفيضة‬
‫مسبقة قبل ان يقدم عمى اقتراح السياسات التي تصدر بيا بعد ذلك ق اررات مركزية لمتنفيذ‪. 1‬‬

‫فجياز التخطيط ىو الذي يحدد نوعيا و كميا تمك السمع كما انو يقوم بتنظيم عممية‬
‫اإلنتاج بتعبئة الموارد االقتصادية الالزمة لترجمة رغبات أفراد المجتمع الى سمع و خدمات‬
‫متاحة و إتاحتيا لمختمف استخداماتيا البديمة‪. 2‬‬

‫كما ان ىذا النظام ييدف الى تحقيق مجتمع '' الكفاية و العدل ''‪ .‬الكفاية بمعنى‬
‫حسن استغالل الموارد االقتصادية النادرة المتاحة‪ ،‬و العدل بمعنى عدالة توزيع الدخول و‬
‫‪3‬‬
‫الثروات في المجتمع بين مختمف أفراده‪.‬‬

‫‪1‬عادل أحمد حشيش ‪ ،‬أصول االقتصاد السياسي ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪ 2‬أحمد جامع‪ ،‬االقتصاد االشتراكي ‪( .‬دراسة نظرية تحميمية) ‪.‬القاىرة ‪:‬دار النيضة العربية ‪،1969،‬ص‪.192‬‬
‫‪ 3‬محمد دويدار‪ ،‬مدخل االقتصاد السياسي‪ ،‬بيروت ‪ :‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،2009،‬ص‪.72‬‬

‫‪8‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫المحور الثاني ‪ :‬مفيوم عمم االقتصاد السياسي و موضوعاتو ‪.‬‬

‫دراسة عمم االقتصاد تيدف أساسا لمسايرة و تصدي اإلنسان لمعرفة و استنباط أسس‬
‫او باألحرى نظم اقتصادية سواء في رفع مستواه المعيشي أو مواجية الظروف السياسية‬
‫و االجتماعية المفروضة في إطار مسايرة العصر من جية‪ ،‬و من جية أخرى استنباط‬
‫او وضع حمول لممشاكل االقتصادية حديثة الماضي‪ ،‬الحاضر او المستقبل‪. 1‬‬

‫إذ تعنى دراستنا التاريخية االقتصادية بدراسة و تحميل الظواىر االقتصادية خالل‬
‫فترات تطور المجتمعات من وجية نظر تاريخية‪ ،‬و عمى ىذا فكثي ار ما يطمق عمى عمم‬
‫التاريخ االقتصادي اصطالح التطور االقتصادي او تاريخ األحداث و الوقائع االقتصادية ‪.‬‬

‫من خالل المالحظة‪ ،‬يعتقد ان دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية ليست أكثر من مجرد‬
‫سرد ألحداث اقتصادية و حقائق عممية متباينة انبثقت خالل تطور المجتمعات اإلنسانية‬
‫بينما او يعتقد آخرون انيا عبارة عن دراسة النظم االقتصادية التي ظيرت في المجتمعات‬
‫المختمفة النظريات االقتصادية التي ظيرت في المجتمعات المختمفة النظريات االقتصادية و‬
‫عبر األزمنة المتوالية لبيان الكيفية و االتجاىات التي اتخذىا نشاط اإلنسان االقتصادي في‬
‫عالجو لممشكمة االقتصادية من واقع التجارب المختمفة‪ .2‬فمدراسة التاريخ االقتصادي أبعاد و‬
‫آفاق أكبر من ذلك و ىكذا أمكن لدراسة التطور االقتصادي او تاريخ الوقائع االقتصادية ان‬
‫ترصد حركة التغيير التي تمر بيا المجتمعات المختمفة من حيث مسيرتيا في سبيل التقدم‬
‫االقتصادي‪ ،‬اذ انو كمما ظيرت عالقات إنتاج جديدة و تم نضجيا في إطار نظام قديم‬
‫و حيث يبمغ النمو االقتصادي حده في ظرف زمني معين أوجب عميو مزاحمة النظام القديم‬
‫ألنو أصبح يعكس حالة اقتصادية تم تخطييا مثال '' النظام اإلقطاعي و النظام الرأسمالي ''‬

‫‪1‬اسماعيل أحمد الشناوي ‪،‬أسامة أحمد الفيل ‪،‬النظرية االقتصادية الجزئية‪ .‬جامعة االسكندرية ‪،‬ص‪.7‬‬

‫‪2‬السيد محمد السريتي ‪ ،‬عمي عبد الوىاب نجا ‪ ،‬النظرية االقتصادية الكمية‪،‬ص‪.6‬‬

‫‪9‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫الموضوع األول‪ :‬تعريف عمم االقتصاد ‪.‬‬

‫اختمف االقتصاديون بشأن تعريف عمم االقتصاد تعريفا اصطالحيا يحدد نطاقو‬
‫تحديدا جامعا لمموضوعات التي ييتم بمعالجتيا مانعا لما ال يدخل في دائرة اىتماماتو ‪.‬‬
‫و لقد ترتب عمى ىذا االختالف ان تعددت التعريفات المعطاة في ىذا الشأن‪ ،‬األمر الذي‬
‫يصعب معو تقديم بيان حصري ليا‪ .‬و اذا كان تعريف العمم يأتي الحقا عميو و ال يسبقو‬
‫فإن الخالف بين االقتصاديين عمى التعريف ليس خالفا لفظيا او عمى التغيير‪ ،‬بقدر ما ىو‬
‫خالف عمى المفيوم المبدئي لموضوع عمم االقتصاد‪. 1‬‬

‫تعريف بعض المصطمحات االقتصادية‪ :‬كثير من الكممات التي يرد ذكرىا في مجال‬
‫الدراسات االقتصادية و كبد اية لدراستيا في االقتصاد سنقوم بتفسير مبسط لبعض و ليس‬
‫كل الكممات عمى ان نتبادليا بالشرح في مواضعيا فيما بعد ‪:‬‬

‫‪ ‬الطمب ‪ : Demande‬الطمب في المعنى العادي يعني مجرد الحاجة أيا كانت ىذه‬
‫الحاجة حتى لو كانت مجرد سؤال أما في االقتصاد فمعنى الطمب حاجة أو الرغبة‬
‫المسندة إلى قوة شرائية‪.‬‬
‫‪ ‬المنفعة ‪ : Utility‬ىي قوة اي شيء في إشباع حاجة ما‪ ،‬بصرف النظر عن طبيعة‬
‫الرغبة المشبعة و األشياء النافعة تنقسم الى قسمين ‪:‬‬
‫‪ -‬السمع ‪ :‬و ىي األشياء النافعة التي تأخذ شكال ماديا ممموسا ‪.‬‬
‫‪ -‬الخدمات ‪ :‬و ىي األشياء النافعة و التي ال تأخذ شكال ماديا لخدمات النقل و الطمب‬
‫و التعميم و تعتبر غير اقتصادية او حرة اذا كان يمكن الحصول عمييا يكون مقابل‬
‫ثمن‪ .‬و تعتبر غير اقتصادية او حرة اذا كان يمكن الحصول عمييا بدون مقابل ‪.‬‬
‫‪ ‬الندرة ‪ : Scarcity‬المقصود بالندرة في المعنى االقتصادي الندرة السمبية و ليس‬
‫الندرة المطمقة و طالما إن الموارد محدودة فيي نادرة‪ ،‬و إن كان من المحتمل أن‬
‫يكون لبعضيا ندرة أكثر من األخرى ‪.‬‬

‫‪1‬غزالن سعيد ‪،‬محاضرات في االقتصاد الجزئي ‪.‬جامعة الجزائر ‪، 3‬كمية العموم االقتصادية و التجاري وعموم التسيير‪ ،‬قسم‬
‫العموم االقتصادية‪،7105/7104،‬ص‪.7‬‬

‫‪10‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ ‬الثروة ‪ : Wealth‬الثروة ىي المخزون من الموارد االقتصادية‪ ،‬و لكن قد يدخل‬


‫الرجل العادي النقود و األسيم القديمة في عداد الثروة و ىذا غير صحيح في المعنى‬
‫االقتصادي‪ ،‬فالنقود ليست ثروة في حد ذاتيا‪ ،‬و إنما ىي وسيمة المتالك الثروة و‬
‫كذلك شراء األسيم القديمة ال يعتبر إضافة لمثروة و إنما ىو مجرد نقل ممكية ثروة‬
‫قائمة ‪.‬‬

‫الموضوع الثاني ‪ :‬موضوعات االقتصاد السياسي ‪.‬‬


‫أوال‪ :‬تعريف االقتصاد باعتباره عمم الثروة ‪:‬‬
‫يختمف االقتصاديون بشأن تعريف االقتصاد السياسي تعريفا اصطالحيا ‪ ،‬فيناك من‬
‫يحدد موضوع االقتصاد بالبحث في الثروة وىذا االتجاه ىو االتجاه القوي في االقتصاد و‬
‫عمى األخص "آدم سميث" في كتابو الشيير "ثروة األمم" ليس فقط بما يدل عمى ذلك‬
‫‪،‬فالموضوع األساسي لالقتصاد في كل دولة ىو في زيادة ثروتيا و قوتيا‪ .1‬و من بعده نجد‬
‫االنجميزي "ألفرد مارشال" يعرف االقتصاد باعتباره دراسة ألحوال البشر فيما يتعمق بالشؤون‬
‫العادية لحياتيم ‪ ،‬و عمم االقتصاد في مفيومو ىو دراسة لمثروة من ناحية ‪ ،‬كما أنو يكون‬
‫جزءا من دراسة االنسان من ناحية أخرى‪.2‬‬

‫أما الفرنسي "جون باتيست ساي" نظر في االقتصاد عمى أنو مجرد معرفة بالقوانين‬
‫المتعمقة بانتاج الثروة و توزيعيا و استيالكيا ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف االقتصاد باعتباره عمم المبادلة ‪.‬‬
‫من أبرز االقتصاديين الذين يحددون موضوع االقتصاد السياسي" بالنظر الى الوسيمة‬
‫و ىو التبادل ىو "جيتون بيرو" فنجده يعرف االقتصاد السياسي عمى أنو دراسة عمميات‬
‫التبادل التي يتخمى الفرد بموجبيا عن ما ىو بحوزتو ليحصل بالمقابل و من فرد آخر عمى‬

‫‪1‬روبرت غيمبين ‪،‬االقتصاد السياسي لمعالقات الدولية‪ .‬ترجمة و نشر مركز الخميج لألبحاث ‪،،‬ص‪.52،2004‬‬

‫‪2‬آدم سميت ‪ ،‬ثورة االمم ترجمة حسني زينة ‪،‬بغداد ‪ :‬معيد الدراسات االستراتيجية‪،‬ط‪،2008 ،1‬ص‪.5‬‬

‫‪11‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ما يحتاجو و أن عممية التبادل ىي التي تسمح بقيام صمة بين انتاج األموال و السمع و‬
‫اشباع الحاجات‪. 1‬‬

‫ثالثا ‪ :‬تعريف االقتصاد باعتباره عمم االختيار ‪.‬‬


‫من أىم االقتصاديين الذين أولوا اىتمام كبير بفكرة االختيار في تحديد موضوع‬
‫االقتصاد السياسي ىو االنجميزي " ليونيل روبنز " اذ يحدد منشأ ىذه الفكرة بالنظر الى‬
‫الغايات و الوسائل معا ‪ ،‬ومنو فيو يحصر موضوع االقتصاد في درجة نشاط األفراد الناتج‬
‫عن ندرة الوسائل التي تضعيا الطبيعة تحت تصرفيم لتحقيق الغايات التي يسعون الييا‪.2‬‬

‫رابعا ‪:‬تعريف االقتصاد باعتباره عمم ادارة الموارد النادرة ‪.‬‬


‫يعتبر االقتصاد السياسي عمما اجتماعيا ييتم بإدارة الموارد النادرة ‪3‬ىذا االتجاه يصدر‬
‫متأثر بتعريف االقتصادي الفرنسي "ريمون بار" اذ يعرف االقتصاد بأنو " عمم ادارة الموارد‬
‫النادرة في المجتمع البشري و دراسة طرق التكييف التي يجب عمى البشر اتباعيا كي يعادلوا‬
‫بين حاجاتيم غير المحدودة و بين وسائل تحقيق ىذه الحاجات المحددة و النادرة "‪.4‬‬
‫خامسا‪ :‬تعريف االقتصاد باعتباره العمم الذي يدرس ظواىر االنتاج و التوزيع ‪.‬‬
‫يتحدد موضوع االقتصاد السياسي وفق تعريف البولندي " أوسكار النج " فيو يعرفو‬
‫بأنو " العمم الذي يعنى بقوانين االنتاج و االستيالك االجتماعية فيعالج من ناحية القوانين‬
‫التي تحكم انتاج السمع و توزيعيا عمى المستيمكين ‪ ،‬أي عمى الذين يستخدمون السمع‬
‫إلشباع حاجاتيم الفردية و الجماعية ‪ ،‬فيو يصل الى التقرير بأن االقتصاد السياسي ىو عمم‬
‫قوانين النشاط االقتصادي االجتماعية "‪.5‬‬

‫‪1‬الحامض الخالد ‪،‬االقتصاد السياسي (أسس و مبادئ)‪.‬سوريا ‪:‬منشورات جامعة حمب ‪، 2006،‬ص‪.33‬‬
‫‪2 Robbins Lionel, An Essay on the Nature and significance of economic Science .Ed.‬‬
‫‪Macmillan and Co. limited London 1946 ,p75‬‬
‫‪ 3‬عبد المطيف بن اشنيو ‪ ،‬مدخل الى االقتصاد السياسي‪ .‬الجزائر ‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬ط‪،2007،6‬ص‪.21‬‬

‫‪4 Raymond Barre Economie politique .tom 2,ED :P.U.F ,Paris ,196,p-p,1-22.3‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Lang Oskar ,Essays on Economic planning. Asia publishing house ,Bombay ,1960,p34.‬‬
‫‪12‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫الموضوع الثالث ‪:‬االقتصاد السياسي و عالقاتو بباقي العموم األخرى‬

‫‪-1‬عمم االقتصاد و عمم السياسية ‪:‬‬


‫ينصب موضوع السياسية كعمم عمى دراسة الحكم و السمطة ‪ ،‬و تنظيم العالقة بين‬
‫أفراد المجتمع و بعضيم البعض و بينيم و بين الحكومة و بين المجتمع و المجتمعات‬
‫األخرى ‪ ،‬و بالتالي فيو يتناول دراسة أشكال و ىياكل المؤسسات و التنظيمات العامة‬
‫و الخاصة و دور كل منيا في منظومة الحكم داخل المجتمع بمستوياتو المختمفة بدءا من‬
‫القواعد الشعبية وصوال الى قمة السمطة‪.1‬‬
‫فاذا ما تيقنا من الطبيعة االجتماعية لمظواىر االقتصادية من انتاج و توزيع و‬
‫استيالك و ادخار و استثمار الى غير ذلك ‪ ،‬ألدركنا مدى أىمية أن يأتي التنظيم عمى‬
‫مستوى المجتمع بمختمف طبقاتو و فئاتو معب ار عن رغبة الغالبية من أفراده ‪ ،‬و قاد ار عمى‬
‫تحقيق مصالحيم‪.2‬‬
‫من ىنا ال يمكن لالقتصاد اال ان يكون سياسيا فكل الق اررات االقتصادية التي تؤثر‬
‫عمى مصالح افراد المجتمع في انتاجيم و استيالكيم و ادخارىم و اشباع حاجاتيم اليومية و‬
‫نصي ب كل منيم في توزيع الدخل القومي ‪ ،‬انما تصدر عن مؤسسات سياسية من المفروض‬
‫أنيا نابعة منيم و تعمل بكفاءة لصالحيم‪.‬‬
‫‪ -2‬عالقة االقتصاد السياسي وعمم االجتماع ‪:‬‬
‫يعتبر االنتاج و التوزيع في مقدمة اىتمامات عمم االقتصاد لذلك يصب اىتمامو عمى‬
‫عالقات و متغيرات اقتصادية ‪.‬كالعالقة بين العرض و الطمب و ارتفاع األسعار ‪ ،‬ولكن‬
‫بالرغم من تضيق مجال عمم االقتصاد اال أن ذلك أعطاه قدرة عمى معالجة ظواىره بطريقة‬
‫منظمة و حدد مصطمحاتو و مبادئو ‪،‬قدرة االقتصاد السياسي ساىم في تحويل النظرية‬
‫االقتصادية الى التطبيق العممي ىذا ما جعمو مساىما أساسيا في رسم السياسة العامة‪ ،‬و‬
‫التشابو بين العمميين االقتصاد و االجتماع نجده في طابع التفكير ‪ ،‬فاالقتصادي‬

‫‪1‬عبد اهلل ساقور ‪،‬االقتصاد السياسي ‪.‬الجزائر‪ :‬دار العموم لمنشر و التوزيع‪،2004،‬ص‪.34‬‬

‫‪2‬مرجع نفسو ‪،‬ص‪.33‬‬

‫‪13‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫كاالجتماعي ييتم بالعالقات بين األجزاء و السيطرة و التبادل و المتغيرات و يستعين بالطرق‬
‫الرياضية في تحميل بيانتو‪.1‬‬
‫‪-3‬عالقة االقتصاد السياسي وعمم القانون ‪:‬‬
‫ت قوم في المجتمعات االنسانية في وقتنا مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم‬
‫عالقات األفراد بعضيم ببعض ‪ ،‬و يعتبر القانون االطار الذي يتم داخل النشاط االقتصادي‬
‫لممجتمع ‪ ،‬فعممية بيع و شراء سمعة معينة ليا مضمونيا االقتصادي الذي يتمثل في الكمية‬
‫المتعامل بيا و نوع السمعة و الثمن الخاص بيا ‪ ، 2‬كما أن ليا في نفس الوقت اطارىا‬
‫القانوني المتعمق بمدى شرعيتيا‪ ،‬و بتنظيم حقوق أطراف المتعاقدين ‪.‬‬
‫‪-4‬االقتصاد السياسي و عمم التاريخ ‪:‬‬
‫يعتبر التاريخ موضوعا معينا لممسائل االقتصادية التي ليا عالقة باإلنسان كائن‬
‫اجتماعي ‪ ،‬ودراسة تطور ما يحتويو من أفكار و أحداث و مواقف و يعد وسيمة ىامة‬
‫يستعين بيا االقتصادي في دعم الدراسات التي يقوم بيا ‪،3‬كما أنو يدعم مكانة االقتصاد‬
‫السياسي في المجتمع من خالل الحرص عمى ربطو بالزمان و التاريخ‪.‬‬
‫‪-5‬عالقة االقتصاد السياسي بعمم النفس ‪:‬‬
‫طالما أن عمم االقتصاد ييتم بسموك االنسان و كيفية اشباع رغباتو ‪ ،‬فان عمم النفس‬
‫عن طريق وسائمو يساعد االقتصادي في التعرف عمى الخصائص النفسية و التصرفات‬
‫الشخصية لألفراد داخل المجتمع ‪ ،‬فالمواقف االيجابية و السمبية لإلنسان تجاه الق اررات‬
‫االقتصادية التي تتخذىا الدولة ليا دور كبير عمى النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫‪ -6‬االقتصاد السياسي و الجغرافيا ‪:‬‬


‫الجغرافيا ىي دراسة العالم كوسط يعيش فيو االنسان ‪ ،‬أي كبيئة طبيعية لمجنس‬
‫البشري‪ ،‬أما الجغرافيا البشرية فيتعمق موضوعيا بالعالقة بين سموك الجماعات البشرية و‬
‫الوسط الطبيعي و المناخي ‪،‬و يتمثل موضوع الدراسة في الجغرافيا في العالقات المتبادلة‬

‫‪ 1‬محمد دويدار ‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي ‪.‬بيروت ‪:‬منشورات الحمبي الحقوقية ‪،2009،‬ص‪.59‬‬

‫‪2‬عبد اهلل ساقور ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪36‬‬


‫‪3‬عادل أحمد حشيش و آخرون ‪ ،‬أساسيات االقتصاد السياسي‪،‬ص‪-‬ص‪.45-43،‬‬

‫‪14‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫بين الجماعات البشرية و البيئة ‪ .1‬و يمتقي الفرعين االقتصاد السياسي و الجغرافيا في نقطة‬
‫و ىي تمك التي تتعمق بتوطن النشاط االقتصادي ‪ ،‬فعمم الجغرافيا يزودنا بالمعرفة الخاصة‬
‫بالوسط الطبيعي لمنشاط االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -7‬عمم االقتصاد و الرياضيات و االحصاء ‪:‬‬
‫يعتمد االقتصادي في أحيانا كثيرة عمى أساليب رياضية في البراىين و التحميل‪ ،‬فمثال‬
‫عند حساب تكاليف المشاريع أو الدخل أو الربح فانو يستخدم بعض المعادالت الرياضية‬
‫إلثبات ذلك ‪ .‬و مع تزايد استخدام األساليب الرياضية في االقتصاد ظير االقتصاد الرياضي‬
‫و االقتصاد القياسي اي يجمع كال من الرياضيات و االحصاء ‪ .‬فاإلحصاء ىو العمم الذي‬
‫يبحث في أساليب جمع البيانات و تحميميا و تحويميا الى نوع من المعرفة و اتخاد الق اررات ‪،‬‬
‫فمن ىنا يظير الربط حيث أن دراسة الظواىر و المشاكل االقتصادية يحتاج في الكثير من‬
‫األحيان الى بيانات احصائية و تحميل ىذه البيانات الستخالص النتائج منيا‪.2‬‬

‫المحور الثالث ‪ :‬االقتصاد السياسي في العصور القديمة و الوسطى‪.‬‬

‫قبل ميالد عمم االقتصاد في منتصف الثامن عشر تقريبا‪ ،‬لم يكن لمفكر االقتصادي‬
‫وجود مستقل‪ ،‬و إنما نجده في أحضان أشكال أخرى لمفكر في أحضان الفمسفة في اإلغريقي‬
‫في أحضان الفكر الالىوتي في العصور الوسطى األوروبية‪ ،‬و في أحضان دراسة التاريخ و‬
‫فمسفتو عند المفكرين العرب في القرن الرابع عشر‪. 3‬‬

‫الموضوع األول ‪:‬الفكر االقتصادي في الحضارات القديمة ‪:‬‬

‫ظل الفكر االقتصادي و حتى بداية العصر الحديث مختمطا بالفكر الديني و الفمسفي‬
‫و األخالقي‪ ،‬و كانت ميزة الفكر اإلنساني حول الظواىر االجتماعية مرتبطا بأفكار غيبية و‬

‫‪1‬محمد دويدار ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.63‬‬


‫‪2‬عبد المطيف بن اشنيو ‪ ،‬مدخل الى االقتصاد السياسي‪،‬ص‪.28‬‬
‫‪3‬عبد اهلل ساقور ‪،‬االقتصاد السياسي‪،‬مرجع سبق دكره ‪،‬ص‪.87‬‬

‫‪15‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫جممة من االنطباعات البسيطة التي حاولت أن تقدم وصفا لمواقع االقتصادي في كل مرحمة‬
‫معينة‪ ،‬و لذلك يصعب القول أن ثمة فكر اقتصادي عممي قد قام في ىذه المرحمة‪.1‬‬

‫الحضارات الشرقية ‪:‬‬

‫عرفت الحضارات القديمة في الشرق ازدىا ار اقتصاديا كبي ار عمى الصعيد العممي‪ ،‬ناتج‬
‫عن وجود تنظيم اقتصادي و اجتماعي دقيق‪ .‬فقد عرفت الحضارة المصرية القديمة و‬
‫حضارة البابميين و الحضارة الصينية نوعا من الزراعة المتقدمة و المنظمة‪ ،‬الى جانب ىذا‬
‫فقد تبمورت مالمح بسيطة لفكر اقتصادي ساد في ىذه المرحمة‪ ،‬و من أىم ىذه األفكار نذكر‬
‫ما يمي ‪:‬‬

‫‪ -‬ذكر بعض األفكار حول الممكية و تنظيميا في قانون حمورابي غير ان ىذه التنظيمات قد‬
‫تناولت بصفة أساسية الجانب القانوني و الديني‪ .‬و لم تتعرض لمجوانب االقتصادية ‪.‬‬
‫‪ -‬نجد مالمح لفكر اقتصادي في القانون الموسوي و العيد القديم الذي أجاز العمل بالتجارة‪ ،‬و‬
‫حرم اقتضاء فائدة عمى القروض فيما بين العبرانيين و لكنو يجيزىا فيما بين العبرانيين ‪.‬‬

‫الحضارة اليونانية ‪:‬‬

‫عند اإلغريق وجد الفكر االقتصادي في أحضان الفمسفة‪ ،‬و في ىذه المرحمة عرف‬
‫االقتصاد بأنو عمم إدارة المنزل (اقتصاد عائمي)‪ ،‬و بالرغم من ازدىار الفمسفة و السياسة و‬
‫األخالق لدى االغريق‪ ،‬فإننا ال نجد بناءا فكريا متكامال عن المشاكل االقتصادي‪ ،‬و يرجع‬
‫السبب في ذلك الى ان االقتصاد االغريقي كان عبوديا قائما عمى اساس الرق‪ ،‬و كانت‬
‫النظرة الى العمل بشكل عام نظرة احتقار من طرف المفكرين‪ .2‬عمى العموم يمكن التماس‬
‫معالم فكر اقتصادي لدى الفالسفة اليونان‪:‬‬

‫‪ 1‬زينب حسين عوض اهلل ‪ ،‬سوزي عدلي ناشد ‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي ‪.‬بيروت ‪:‬منشورات الحمبي الحقوقية ‪،‬‬
‫‪،2007‬ص‪.67‬‬
‫‪2‬ابراىيم مشورب ‪ ،‬االقتصاد السياسي مبادئ‪-‬مدارس‪-‬أنظمة‪ .‬بيروت‪ :‬دار المنيل المبناني ‪،‬ط‪،2002 ،1‬ص‪-‬ص‪-24،‬‬
‫‪.26‬‬

‫‪16‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫افالطون (‪: )427-374‬‬

‫تناول بعض المشاكل االقتصادية في كتاباتو الفمسفية و بوجو خاص في كتاب ''‬
‫الجميورية'' و '' القوانين ''‪ ،‬و يرجع أفالطون سبب نشأة الدولة الى اعتبارات اقتصادية‬
‫فحاجات اإلنسان متعددة‪ ،‬و البد من اجتماع األفراد في جماعة سياسية حتى يمكن إشباع‬
‫ىذه الحاجات ‪.‬‬

‫دعا أفالطون في '' الجميورية '' الى إقامة مدينة مثالية قواميا تقسيم العمل و‬
‫االختصاصات و المزايا بين طبقات المجتمع و العمل عمى تحقيق المساواة بين المواطنين‬
‫و قد قس م أفالطون المجتمع الى ثالثة طبقات تختص كل منيا في تأدية عمل محدد حسب‬
‫فكرتو حول تقسيم العمل‪ ،‬فالحكم يجب ان يترك لطبقة الفالسفة و الحكماء‪ ،‬و يدخل في‬
‫طائفة الحكام أيضا النبالء و المحاربون الذين يشكمون الطبقة الثانية‪ ،‬اما طبقة المحكومين‬
‫فتتضمن العمال اليدويين و الزراعيين و الصناع ‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة ىنا ان فكرة تقسيم العمل عند أفالطون ليس داخل العممية اإلنتاجية‬
‫كما دعا لذلك آدم سميت الحقا‪ ،‬بل بين فئات المجتمع المثالي ألن العممية اإلنتاجية أصال‬
‫لم تكن متسعة حتى تقتضي التقسيم ‪.‬‬

‫و يدعو أفالطون الى إلغاء الممكية الخاصة و الميراث و األسرة بالنسبة لمطبقة‬
‫الحاكمة حتى تتوفر لدييم الرغبة في االستمرار في أداء و الحفاظ عمى المصمحة العامة ألن‬
‫من أسباب انحراف البشر حب الممكية الفردية و الرغبة في توريث األوالد‪.‬‬

‫بينما أكد في المقابل عمى أىمية الممكية الخاصة بالنسبة لطبقة الصناع و الحرفيين و‬
‫المزارعين ألنيم ييدفون إلى تحقيق مصالحيم الخاصة‪ .‬كما يعتبر الرق عند أفالطون‬
‫‪.‬‬
‫عنصر دائم و ضروري لبقاء اإلنسانية‬

‫ارسطو (‪: )384-322‬‬

‫في إطار الفكر اإلغريقي ينفرد أرسطو بمقدرة فائقة عمى التغمغل في تحميل الظواىر‬
‫االقتصادية‪ ،‬و قد ضمن أرسطو أفكاره اال قتصادية في كتابو القيم '' السياسات '' الذي وقف‬

‫‪17‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫فيو وقفات تحميمية عميقة لبعض المشكالت و الظواىر االقتصادية‪ ،‬و لذلك يعتبر لدى‬
‫البعض اول القدماء الذين وضعوا ما يمكن تسميتو '' ببذور نظرية اقتصادية '' تقوم عمى‬
‫تحميل الظواىر و المشكالت‪ ،‬بل يذىب البعض أبعد من ذلك بالقول أن الفضل يرجع‬
‫ألرسطو في دفع عمم االقتصاد دفعة قوية و ألول مرة في التاريخ اإلنساني‪ ،‬ليصبح عمما‬
‫مستقال عن العموم الفمسفية و المنطقية التي سادت في عصره ‪.1‬‬

‫و يرتكز التحميل االقتصادي ألرسطو مباشرة عمى الحاجات و إشباعيا عن طريق‬


‫الحصول عمى األموال‪ ،‬عبر ممارسة الزراعة و الصناعة و تربية المواشي و الصيد‪ ،‬الى‬
‫جانب التجارة‪ .‬و يعتقد أرسطو ان العائمة ىي الوحدة اإلنتاجية التي تعمل عمى تحقيق‬
‫اكتفاءىا الذاتي ‪.‬‬

‫أقر ارسطو حق الممكية الخاصة منددا بما ذىب إليو أفالطون‪ ،‬و بيذا يعتبر أرسطو‬
‫اول من أرسى دعائم الرأسمالية‪ ،‬و قد استخدم أرسطو في دفاعو عن الممكية الخاصة ثالث‬
‫براىين ‪:‬‬

‫‪ ‬الممكية سبب في تحقيق السعادة البشرية ‪.‬‬


‫‪ ‬الممكية تؤدي الى االرتقاء و النيوض بالنفس البشرية‬
‫‪ ‬الممكية الخاصة ترتبط ارتباطا وثيقا بالحرية كأرقى مطمب تسعى اليو النفس البشرية ‪.‬‬

‫و يرى ارسطو انو من الممكن التوفيق بين المصالح الخاصة و العامة‪ ،‬و أن‬
‫البواعث الشخصية ىي من أقوى البواعث و قد تكون من اىم األسس لتحقيق المصمحة‬
‫العامة كما رفض فكرة إلغاء األسرة ‪.‬‬

‫كما ناقش ارسطو موضوع '' النقود '' من حيث نشأتيا فيي ظيرت نتيجة عيوب‬
‫المقايضة‪ ،‬و من حيث وظائفيا باعتبارىا الوسيمة الطبيعية لمتبادل و مخزن لمقيمة‪ ،‬بطريقة‬
‫تحميمية تشبو الطرق الحديثة ‪.‬‬

‫‪1‬ابراىيم مشورب ‪ ،‬االقتصاد السياسي مبادئ‪-‬مدارس‪-‬أنظمة‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.26‬‬

‫‪18‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫كما فرق ارسطو بين قيمة االستعمال التي تعني منفعة الشيء لممستيمك‪ ،‬و قيمة‬
‫الم بادلة التي تيدف الى تحديد معدل التبادل بين السمع بعضيا ببعض‪ .‬و فيما يتعمق بتحديد‬
‫قيمة التبادل فقد اىتم ارسطو بتحديد فكرة الثمن العادل بالرجوع الى اعتبارات اخالقية و ليذا‬
‫السبب أدان أثمان االحتكار باعتبارىا غير أخالقية و غير عادلة‪.1‬‬

‫كما تطرق ارسطو الى موضوع الربا‪ ،‬فانتقده اشد االنتقاد فالنقود عنده ال تمد النقود‬
‫اي انيا غير منتجة لذاتيا‪ ،‬و لذلك فإن الفوائد مذمومة اخالقيا‪ ،‬ألن الربا اشد الطرق مجافاة‬
‫لمطبيعة البشرية ‪.‬‬

‫يتفق ارسطو مع افالطون حول قضية العبيد‪ ،‬و ال ينادي بإلغاء الرق اذ يعتبره جزء‬
‫ال يتج أز من تكوين المجتمع اليوناني القديم‪ ،‬بل ىو نوع من الممكية الخاصة و يضيف بأنو‬
‫ال مناص من وجود فئة من الناس قضت الطبيعة عمييم منذ ميالدىم ان يكونوا خاضعين‬
‫لسيطرة اآلخرين ‪.‬‬

‫الحضارة الرومانية‪:‬‬

‫تتميز الثقافة الرومانية بالغموض بالمفيوم الفمسفي‪ ،‬فقد ظمت روما تابعة لميونان من‬
‫الناحية المعرفية و الفكرية باستثناء بعض األعمال القانونية ال نجد فك ار رومانيا خالصا ‪.‬‬

‫و عمى الصعيد االقتصادي حدثت بعض التحوالت ادت الى ظيور أوضاع جديدة أدت‬
‫الى تحول االقتصاد العائمي الى اقتصاد زراعي مغمق‪ ،‬ثم اقتصاد استعماري إمبراطوري‪ ،‬ىذا‬
‫عمى الصعيد العم مي‪ ،‬اما عمى الصعيد الفكري فمم يصاحب ظيور مشكالت اقتصادية مثل‬
‫التضخم‪ ،‬إسيامات و أعمال فكرية اقتصادية او نظريات لحل المشكالت االقتصادية‪ ،‬فال‬
‫نجد سوى بعض اإلشارات عن الفن اإلنتاجي في مجال الزراعة‪ ،‬و اثر تنظيم األسواق عمى‬
‫التضخم مع معارضة صور االستغالل الكبير لألرض و اثره عمى توافر المواد الغذائية‪،‬‬
‫إضافة إلى استنكار أسعار الفائدة ‪.‬‬

‫عبد اهلل اسماعيل صبري ‪،‬دروس في االقتصاد السياسي ‪،‬جامعة االسكندرية ‪،‬ص‪.33‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪19‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫الموضوع الثاني ‪ :‬االقتصاد السياسي اإلسالمي‬

‫أوال‪ :‬تعريف االقتصاد اإلسالمي‬

‫ىناك تعاريف كثيرة وضعيا كتاب اقتصاديون مسممون و لكل تعريف خصائص تميزه‬
‫عن غيره ‪.‬و ظاىرة تعدد التعاريف في مجال العموم االجتماعية أمر مألوف ‪،‬و يعبر عن‬
‫اختالف وجيات نظر القائمين بيا حول أي الجوانب أكثر أىمية من غيرىا و أييا اكتر تعبي ار‬
‫عن كنو الشيء المراد تعريفو ‪ .‬إن أفضل تعريف ىو الذي يكون مختص ار من حيث الكممات‬
‫شامال من حيث المعاني‪ .1‬و سوف نقدم التعريف اآلتي لعمم االقتصاد اإلسالمي لعمو يكون‬
‫كذلك ‪ .‬عمم االقتصاد اإلسالمي (ىو العمم الذي يدرس سموك المسمم االقتصادي كما يجب‬
‫أن يكون )‬

‫نرى ىذا التعريف جامعا لألسباب التالية‪: 2‬‬

‫‪ -1‬يؤكد عمى دراسة سموك اإلنسان المسمم و بذلك سوف يخرج من اىتمامو سموك‬
‫اإلنسان غير المسمم ‪.‬‬
‫‪ -2‬إن تأكيده عمى سموك اإلنسان المسمم دون غيره يعني االىتمام و التركيز عمى‬
‫الجانب العقيدي و االلتزام بالقيم و المبادئ اإلسالمية التي جاءت بيا الشريعة‬
‫‪3‬‬
‫اإلسالمية ‪.‬‬
‫‪ -3‬اىتمامو بالسموك االقتصادي يعني إخراج السموك االقتصادي من دائرة اىتماماتو‬
‫األساسية فمثال الصالة و الصيام و الحج ال تدخل ضمن اىتمامات االقتصاد‬
‫اإلسالمي إال بقدر تأثرىا أو تأثيرىا عمى السموك االقتصادي لمفرد و المجتمع المسمم‬
‫أما الزكاة و الصدقات التطوعية و الكفارات المادية و استغالل األرض و المعادن و‬
‫تنظيم التجارة و التنمية االقتصادية ‪ ...‬فإنيا تكون من صمب اىتمام عمم االقتصاد‬
‫اإلسالمي ‪.‬‬

‫‪1‬أحمد عمي جرادات ‪ ،‬النظام االقتصادي في االسالم ‪.‬ط ‪ ،1‬عمان ‪ :‬دار الثقافة لمنشر و التوزيع ‪،2015،‬ص‪.33‬‬
‫‪ 2‬محمد رامز عبد الفتاح العزيزي ‪،‬مبادئ النظام االقتصادي في االسالم و مميزاتو ‪.‬عمان ‪:‬جيينة لمنشر و التوزيع‬
‫‪،2003،‬ص‪.34‬‬
‫‪3‬سعيد عمي العبيدي‪ ،‬االقتصاد االسالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬دار دجمة‪ ،‬ناشرون و موزعون‪ ،2011 ،‬ص‪. 32‬‬

‫‪20‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ -4‬إن التأكيد عمى سموك المسمم االقتصادي ال يعني المسمم كفرد فقط ‪ ،‬بل يشمل‬
‫السموك االقتصادي لممنشأة و المجتمع أيضا ‪.‬‬
‫‪ -5‬إن عبارة كما يجب أن يكون تعني التأكيد عمى الجانب المعياري ‪ ،‬حيث إن االقتصاد‬
‫اإلسالمي ييتم بالسموك االقتصادي الصحيح الذي يتفق مع أحكام و مبادئ شريعة‬
‫اإلسالم ‪ . 1‬و ال ييتم بدراسة ما ىو كائن فعال إال بقدر تشخيصو و العمل عمى‬
‫تغييره بحيث يتالءم في أدائو االقتصادي مع مبادئ و قواعد شريعة اإلسالم مثال‬
‫عمى ذلك تتعامل اغمب الوحدات االقتصادية المعاصرة بالتمويل الربو ي أي التعامل‬
‫بالفائدة و بالطبع يكون لمعدل الفائدة أثر عمى االدخار و االستثمار و االستيالك و‬
‫تعد الفائدة أداة ميمة بيد السمطة النقدية في الدولة تستخدميا لمتأثير عمى المتغيرات‬
‫عمم االقتصاد‬ ‫االقتصادية الكمية ‪ . 2‬إن ىذه المواضيع ال تدخل ضمن اىتمام‬
‫اإلسالمي ‪ .‬بل ييتم بتبيان و توضيح اآلثار االقتصادية و االجتماعية السمبية‬
‫لمتمويل الربوي و ييتم بإيجاد البديل اإلسالمي لمشكمة التمويل و تجميع المدخرات و‬
‫محاربة االكتناز و صيغ االستثمار االقتصادي التي تتفق و ال تعارض مع أحكام‬
‫الشرع اإلسالمي‪. 3‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرة االسالم لمسياسة االقتصادية‪.‬‬

‫السياسة االقتصادية في اإلسالم ىي ضمان تحقيق اإلشباع لجميع الحاجات األساسية‬


‫لكل فرد إشباعا كميا‪ ،4‬و تمكينو من إشباع الحاجات الكمالية بقدر ما يستطيع باعتباره‬
‫يعيش في مجتمع معين‪ ،‬لو طراز خاص من العيش فيو ينظر إلى كل فرد يعنيو ال إلى‬
‫مجموع األفراد الذين يعيشون في الدولة‪ ،‬كما ينظر إليو باعتباره إنسانا أوال ال بد من إشباع‬

‫‪1‬محمود عبد الكريم ارشيد ‪ ،‬المدخل الى االقتصاد االسالمي ‪.‬ط‪،1‬األردن ‪:‬دار النفائس لمنشر و التوزيع ‪،2012،‬ص‪.66‬‬
‫‪2‬مجمود حسن صوان ‪ ،‬أساسيات االقتصاد االسالمي ‪.‬ط‪،1‬عمان ‪ :‬دار المناىج لمنشر و التوزيع ‪،2014،‬ص‪.13‬‬
‫‪3‬خالد سعيد البحيصي ‪ ،‬سمسمة محاضرات "التطور في تاريخ الفكر االقتصادي"‪ .‬فمسطين ‪:‬كمية التجارة ‪ ،‬الجامعة‬
‫االسالمية ‪.‬‬

‫‪ 4‬أحمد عبد الرحمان يسري ‪،‬تطور الفكر االقتصادي ‪.‬االسكندرية ‪:‬الدار الجامعية لمطباعة و النشر و التوزيع‬
‫‪،1997،‬ص‪.63‬‬

‫‪21‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫جميع حاجاتو األساسية إشباعا كمي ا‪ ،‬ثم باعتبار فرديتو المشخصة ثانيا بتمكينو من إشباع‬
‫حاجاتو الكمالية بقدر ما يستطيع ‪ .‬و ينظر إليو في نفس الوقت باعتباره مرتبطا مع غيره‬
‫بعالقات معينة ‪،‬تسير سي ار معينا حسب طراز خاص و عمى ىذا فان السياسة االقتصادية‬
‫في اإلسالم ليست لرفع مستوى المعيشة في البالد فحسب ‪،‬دون النظر إلى ضمان انتفاع كل‬
‫فرد من ىذا العيش‪ 1،‬و ال ىي لجمب الرفاىية لمناس و تركيم أح ار ار في األخذ منيا بقدر ما‬
‫و إنما ىي لمعالجة‬ ‫يتمكنون ‪،‬دون النظر إلى ضمان حق العيش لكل فرد منيم أيا كان‬
‫و تمكينو من رفع‬ ‫المشاكل األساسية لكل فرد باعتباره إنسانا يعيش طبق عالقات معينة‬
‫مستوى معيشتو و تحقيق رفاىية نفسو ‪ ،‬و بيذا تختمف عن غيرىا من السياسات‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫إن اإلسالم في الوقت الذي يشرع أحكام االقتصاد لإلنسان يجعل التشريع موجيا لمفرد‪،‬‬
‫وفي الوقت الذي يعمل لضمان حق العيش‪ ،‬و التمكين من الرفاىية يجعل ذلك يتحقق في‬
‫مجتمع معين ‪ ،‬لو طراز خاص من العيش‪ ،‬فيو ينظر إلى ما يجب أن يكون عميو المجتمع‬
‫في الوقت الذي ينظر فيو إلى ضمان العيش و التمكين من الرفاىية و يجعل نظرتو إلى ما‬
‫يجب أن يكون عميو المجتمع أساسا في نظرتو إلى العيش و الرفاىية و لذلك تجد األحكام‬
‫الشرعية ق د ضمنت توفير إشباع الحاجات األساسية إشباعا كميا لكل فرد من األفراد رعية‬
‫الدولة اإلسالمية‪ ،2‬من مأكل و ممبس و مسكن و ذلك بفرض العمل عمى الرجل القادر‪،‬‬
‫حتى يوفر لنفسو الحاجات األساسية لو و لمن تجب عمييم نفقتيم و فرضيا عمى المولود لو‪،‬‬
‫و عمى الوارث إن لم يكن قاد ار عمى العمل‪ ،‬أو عمى بيت المال إن لم يوجد من تجب عمييم‬
‫نفقتيم‪ ،‬و بيذا ضمن اإلسالم لكل فرد بعينو أن يشبع الحاجات التي البد لإلنسان من حيث‬
‫ىو إنسان من أن يشبعيا و ىي المأكل و الممبس و المسكن ‪.3‬‬

‫ثم حث بعد ذلك ىذا الفرد عمى التمتع بالطيبات و األخذ من زينة الحياة الدنيا ما‬
‫يستطيع‪ ،‬و منع الدولة أن تأخذ من مالو ضرائبا مما ىو فرض عمى جميع المسممين إال مما‬

‫‪1‬سعيد عمي العبيدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.44‬‬


‫‪2‬محمد رامز عبد الفتاح العزيزي‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪-‬ص ‪.18-17،‬‬
‫‪3‬أبو زيد عبد الرحمن ‪،‬المقدمة ‪،‬ج‪،1‬ط‪،2‬مكتبة المدرسة و دار الكتاب المبناني ‪،‬بيروت ‪،1979،‬ص‪.682‬‬

‫‪22‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫يزيد عمى كفاية حاجياتو التي يشبعيا فعال في حياتو العادية و لو كانت حاجات كمالية و‬
‫ذلك ضمن توفير حق العيش لكل فرد بعينيو‪ ،‬و أتاح لو الرفاىية في الحياة ‪.‬كما انو في‬
‫نفس الوقت حدد طرق كسب المال ليذا الفرد في إشباع حاجاتو األساسية و الكمالية في‬
‫حدود معينة ‪ ،‬فحرم إنتاج الخمر و استيالكيا عمى كل مسمم و حرم أكل الربا و التعامل بو‬
‫عمى كل من يحممون التبعية اإلسالمية ‪،‬و لم يعتبرىا بالنسبة ليم مادة اقتصادية‪ ،‬سواء كانوا‬
‫مسممين أم غير مسممين ‪،‬فجعل الوضع الذي يجب عميو أن يكون عميو المجتمع حين‬
‫االنتفاع بالمال أم ار أساسيا عند االنتفاع بالمادة االقتصادية ‪.‬‬

‫و من ذلك يتبين أن اإلسالم لم يفصل الفرد عن كونو إنسانيا ‪ ،‬و لم يفصمو كانسان‬
‫عن فرديتو ‪ ،‬بل جعل إشباع الحاجات و ما يجب أن يكون عميو المجتمع أمرين متالزمين‬
‫ال ينفصل احدىما عن اآلخر ‪ ،1‬و لكن بحيث يجعل ما يجب أن يكون عميو المجتمع أساسا‬
‫إلشباع الحاجات ‪ .‬إن الصعوبات الكثيرة و المشاكل المتعددة و إن كانت عامال من عوامل‬
‫التعكير إال انو يجب أن ال تكون عاتقا أمام حركة االقتصاد اإلسالمي الصاعد تم لقد طرح‬
‫القرآن مجموعة من اآليات الشريفة الدالة عمى عناصر االقتصاد اإلسالمي كأسس و بنى‬
‫أساسية و أخالقية خاصة‪ ،‬إذا ما عرفنا أن االقتصاد و المال في نظر اإلسالم ليما بالغ‬
‫األىمية الن االقتصاد من عناصر تحقيق الخالفة الربانية في األرض‪ ،‬عند توفر العدالة في‬
‫ذلك ‪ ،‬يربط االقتصاد في النواحي األخرىّ ‪ ،‬باعتبار اإلسالم وحدة واحدة ال تنفك أجزائو عن‬
‫بعضيا البعض ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حقيقة المشكمة االقتصادية‬

‫إن االقتصاد اإلسالمي يرفض فكرة شح أو بخل الطبيعة و ال يقر بأن الندرة أصال‬
‫من أصول الخمق ‪ .‬بل إن األصل في الخمق الوفرة النسبية قال تعالى " و أتاكم من كل ما‬
‫سألتموىم و إن تعدو نعمت اهلل ال تحصوىا إن اإلنسان لظموم كفار" أي أعطاكم كل ما من‬
‫شأنو أن يسأل الحتياج الناس آلية سواء سئل بالفعل أم لم يسأل ‪ .‬و السؤال ىنا بمسان‬

‫‪1‬محمد دويدار مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.116‬‬

‫‪23‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫"و جعل فييا‬ ‫الحال و ليس بمسان المقال ‪ .‬قال تعالى عن األرض و مواردىا االقتصادية‬
‫‪1‬‬
‫رواسي من فوقيا و بارك فييا و قدر فييا أقواتيا في أربعة أيام سواء لمسائمين "‪.‬‬

‫من اجل إشباع جميع الحاجات األساسية إشباعا كميا و التمكين من إشباع الحاجات‬
‫إشباع‬ ‫الكمالية ‪،‬البد من أن تتوفر المادة االقتصادية لدى الناس ‪ ،‬حتى يتمكنوا من‬
‫الحاجات ‪ ،‬و ال يتأتى أن تتوفر لدييم إال إذا سعوا لكسبيا و ليذا حث اإلسالم عمى الكسب‬
‫و عمى طمب الرزق ‪ ،‬و عمى السعي و جعل السعي لكسب الرزق فرضنا عمى الرجل‬
‫القادر عمى العمل ‪ ،‬المحتاج لمنفقة عمى نفسو ‪ ،‬و عمى من تجب عميو نفقتو ‪ .‬قال تعالى "‬
‫فامشوا في مناكبيا و كموا من رزقو " إال انو ليس معنى ذلك انو تدخل في إنتاج الثروة أو‬
‫بين كيفية زيادة إنتاجيا ‪ .‬أو مقدار ما ينتج ألنو ال عالقة لو بذلك بل ىو حث عمى العمل‬
‫و عمى كسب المال فحسب و عند النبي انو قال " ما أكل احد طعاما قط خي ار من أن يأكل‬
‫من عمل يده "‪.2‬‬

‫و ىكذا نجد اآليات و األحاديث تحث عمى السعي لطمب الرزق و عمى العمل لكسب‬
‫المال‪ ،‬كما تحث عمى التمتع بيذا المال و أكل الطيبات‬

‫قال تعالى " قل من حرم زينة اهلل التي اخرج لعباده و الطيبات من الرزق قل ىي لمذين‬
‫‪3‬‬
‫آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل اآليات لقوم يعممون"‬

‫و قال تعالى " و ال يحسبن الذين يبخمون بما ءاتاىم اهلل من فضمو ىو خي ار ليم بل ىو شر‬
‫ليم سيطوقون ما بخمو بو يوم القيامة ‪"4‬‬
‫‪5‬‬
‫و قال تعالى " يا أييا الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم و مما أخرجنا لكم من األرض"‬

‫‪1‬القرآن الكريم ‪،‬سورة فصمت ‪ ،‬اآلية ‪.10‬‬


‫‪2‬رفيقة حروش ‪ ،‬االقتصاد السياسي‪.‬ط‪،2‬الجزائر ‪:‬دار األمة لمطباعة النشر‪،2016،‬ص‪.45‬‬

‫‪ 3‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.32‬‬


‫‪ 4‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية ‪.180‬‬
‫‪5‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة البقرة ‪ ،‬اآلية ‪.267‬‬

‫‪24‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫أ‪ -‬سبب المشكمة االقتصادية ‪ :‬إن سبب تفاقم المشكمة االقتصادية ىو االنسان نفسو و‬
‫ذلك ما عبرت عنو اآلية الكريمة ‪ '' :‬و أتاكم من كل ما سألتموه و إن تعدوا نعمة اهلل‬
‫ال تحصوىا إن اإلنسان لظموم كفار ''‪ 1‬فظمم اإلنسان يتحقق في عدم العدالة في‬
‫توزيع الناتج االقتصادي المتحقق بحيث يأخذ البعض أكثر مما يسحق و يأخذ‬
‫البعض اآلخر أقل مما يستحق‪ .‬أما كفر االنسان لمنعمة فيتمثل في تقصيره عن‬
‫االستغالل االمثل و الكفء لمموارد االقتصادية المتاحة و تكاسمو عن السعي‬
‫الكتشافيا و استثمارىا و كذلك تخصيصو نسبة كبيرة من ىذه الموارد لغير ما خمقت‬
‫لو أو مجانية االستخدام األولى مثال ذلك تخصيص نسبة كبيرة من الموارد لصناعة‬
‫وسائل الدمار الشامل‪ ،‬و اتالف المحاصيل لغرض التقميل من عرضيا و من ثم رفع‬
‫أسعارىا أو تخصيص الموارد إلشباع حاجات كمالية و ترفيو لفئة قميمة و ترك‬
‫حاجات ضرورية ممحة لعموم الناس‪.‬‬
‫حل المشكمة االقتصادية‪ :‬إن المشكمة االقتصادية تمثل جانب أىم و أخطر‬ ‫ب‪-‬‬
‫لمحياة االجتماعية لما ليا من تأثير مباشر عمى سموك اإلنسان و تصرفاتو سمبا و‬
‫إيجابا و من ىنا نجد ان اإلسالم قد وجو نظر اإلنسان الى خطورة ىذه المشكمة و‬
‫وضع لحميا أسسا واقعية تشكل الخطوط الرئيسية لنظامو االقتصادي المتكامل مع‬
‫األنظمة األخرى و تتمثل ىذه األسس في ثالث جوانب ىي ‪:‬‬
‫‪ ‬السعي و العمل لزيادة اإلنتاج لقولو تعالى ‪ '' :‬ىو الذي جعل لكم االرض ذلوال‬
‫فامشوا في مناكبيا و كموا من رزقو‪ ،‬و إليو النشور''‪ 2‬فالقانون اإلليي لحصول الرزق‬
‫ىو السعي لمعمل الصالح لمحصول عميو ‪.‬‬
‫‪ ‬العدالة في توزيع الناتج االقتصادي المتحقق و تتضمن ىذه العدالة توزيع الناتج أو‬
‫الدخل وفق معايير مقبولة مثل مساىمة الفرد في تكوين ىذا الناتج و مدى حاجاتو‬
‫من ىذا الدخل ليشبع حاجاتو اإلنسانية المعتدلة و في النظام اإلسالمي نظم فرعية‬

‫‪1‬القرآن الكريم ‪ ،‬سورة ابراىيم ‪ ،‬اآلية ‪.43‬‬


‫‪2‬القرآن الكريم ‪،‬سورة الممك ‪،‬اآلية ‪.15‬‬

‫‪25‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫كثيرة لمتوزيع من شأنيا أن تقمل الفجوة بين الدخول العالمية و المنخفضة و تحد من‬
‫ارتفاع الدخول و تركز الثروة لدى فئة قميمة من المجتمع ‪.1‬‬

‫تنمية الجانب الشخصي لسموك اإلنسان أي أن اإلسالم ينمي طاقات المسمم‬


‫الروحانية بحيث يجعمو قاد ار عمى االستمتاع بصورة أفضل أي يحصل عمى مستوى أعمى‬
‫من اإلشباع بنفس القدر المادي المتاح من الموارد االقتصادية مقارنة مع المستيمك الغير‬
‫المسمم‪. 2‬‬

‫المحور الرابع ‪ :‬مدارس االقتصاد السياسي ‪.‬‬

‫الموضوع االول ‪:‬المدرسة المركنتيمية (التجارية)‪.‬‬


‫لقد نشا النظام الرأسمالي التجاري في اوروبا وقد استند ىذا المذىب عمى اساس من‬
‫اجل تنظيم اقتصاداتيا و االىتمام بالمعادن الثمينة باعتبارىا ثروة الدولة االساسية و عماد‬
‫تقدميا ثروة الدولة االساسية و عماد تقدميا ففي نياية القرن الخامس عشر بدا الوسط‬
‫التاريخي و االقتصادي و االجتماعي في التحول نحو مرحمة جديدة من مراحل التغيرات‬
‫االقتصادية تسودىا العممانية حيث ك انت العموم الدينية ىي السائدة في العصور الوسطى اما‬
‫االتجاه العمماني فمعناه االىتمام بالعموم الطبيعية و االنسانية و االبتعاد عن العموم الدينية‬
‫كأساس لتفسير الظواىر االقتصادية و قد ادى ىذا االتجاه الى احداث تغيرات الييكل‬
‫االجتماعي و االقتصادي لممجتمعات االوربية مما كان لو االثر االكبر في انعاش تمك‬
‫المجتمعات و ظيور فكرة الرفاىية االقتصادية و غيرىا من االفكار االقتصادية اليامة‬
‫التي اصبحت بمثابة مطالب طبيعية ليذا العصر‪.3‬‬

‫يطمق مصطمح التجاريون عمى جميع الكتاب الذين ساىموا في وضع السياسة‬
‫االقتصادية التي سادت في عصر الرأسمالية التجارية في بمدان أوروبا الغربية من بداية‬

‫‪1‬عبد اهلل ساقور ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.95‬‬


‫‪2‬ابراىيم مشورب ‪ ،‬االقتصاد السياسي مبادئ‪-‬مدارس‪-‬أنظمة‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.34‬‬
‫‪3‬وسام مالك ‪ ،‬تطور الفكر االقتصادي ‪.‬ج‪ ، 0‬لبنان ‪ :‬دار المنيل المبناني ‪،7115،‬ص‪.057‬‬

‫‪26‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫القرن السادس عشر الى نياية الربع الثالث من القرن الثامن عش‪1‬ر‪ .‬فقد حل عصر‬
‫الرأسمالية التجارية في اعقاب النظام االقطاعي و ظل حتى بداية عصر الرأسمالية‬
‫الصناعية ‪.‬‬

‫إن ذىب التجاريين جعل الثروة متمثمة بالمعادن النفيسة (الذىب ‪،‬الفضة) و جعل ىدف‬
‫السياسة القومية ىو ان تدير الدولة عالقتيا مع العالم الخارجي بحيث تجمب اكبر نصيب‬
‫ممكن من المعادن النفيسة كما ان االكتشافات الجغرافية العظيمة لعبت دو ار في توسيع‬
‫التجارة و االنتاج واصبح التجار الرأسماليون ميمون في عالم االعمال كما ان الصناع كان‬
‫ليم دو ار في زيادة االرباح التي يحققيا التجار و ىكذا ظيرت و ازدادت اىمية النقود‬
‫‪2‬‬
‫والرأسمالية في االنتاج و التوزيع و تحقيق الرفاىية‪.‬‬
‫عوامل بروز الرأسمالية التجارية‬

‫يمكن اجمال العوامل العديدة التي ميدت لنشوء الرأسمالية التجارية و الفكر التجاري‬
‫بما يمي ‪:‬‬

‫‪-1‬انييار النظام االقطاعي و الحرفي في أوروبا ‪.‬‬


‫‪-2‬ازدياد اىمية التجارة الخارجية و ذلك الن تحرير العبيد و الفالحين من سطوة‬
‫النظام االقطاعي في أوروبا ادى الى توجو معظم المتحررين الى الخارج النشاط‬
‫الزراعي ليعمموا في التجارة و خاصة الخارجية منيا و التي توسعت بصورة مضطردة‬
‫و ادت الى ثراء التجار و زيادة اىميتيم ‪.‬‬
‫‪-3‬نمو السكان في المدن و زيادة االنتاج الذي ساعد عمى انتشار النشاط التجاري‬
‫عبر المسافات الطويمة و ترك اثره في ظيور الدولة القومية كمركز لمسمطة ‪.‬‬

‫‪1‬سوزي عدلي ناشد ‪ ،‬االقتصاد السياسي النظريات االقتصادية ‪.‬بيروت ‪ :‬منشورات الحمبي الحقوقية ‪.2009،‬‬

‫‪ 2‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬سمير محمد السيد حسن‪ ،‬تطور الفكر و الوقائع االقتصادية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مؤسسات شباب الجامعة‪،‬‬
‫ب‪.‬ط‪ ،2000 ،‬ص‪. 20‬‬

‫‪27‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪-4‬ان ظيور الدولة القومية الحديثة في أوروبا او تشكل الدول التي كانت اداة رأى‬
‫فييا المنشغمون بالتجارة و أوروبا ب الحرف قوة لحماية مصالحيم و تنميتيا التي‬
‫كانت تشكل بالنسبة لمتجار و ارباب العمل انيا قرة‪.‬‬
‫‪-5‬ان زيادة اىمية النقود و تكوين رؤوس االموال و التي اصبحت قوة ليا اثرىا في‬
‫السياسة و في النظام السياسي جعل ليا مكانة في البنيان االقتصادي و كذلك ادى‬
‫الى زيادة اىمية التجارة الخارجية باعتبارىا افضل وسيمة لجمب اكبر كمية ممكنة من‬
‫‪1‬‬
‫النقود‪.‬‬
‫‪ -6‬ان عصر النيضة االوربية ‪.‬الذي صاحب الرأسمالية التجارية و قد ساعد عمى‬
‫احياء الفمسفات اليونانية و دراستيا بعقل‪.‬‬
‫‪-7‬كما ساعدت الكشوفات الجغرافية الكبرى التي تفجرت قبيل انتياء القرن الخامس‬
‫عشر حيث ثم اكتشاف العالم االمريكي في عام ‪ 1492‬وكذلك الطريق البحري الى‬
‫اليند عام ‪ 1498‬مما ادى الى نشاط التجارة و ثراء المشتغمين بيا ‪.‬‬
‫و بفضل المعادن النفيسة التي تدفقت من العالم الجديد زادت ثروة اسبانيا ووفرت‬
‫االرباح المتراكمة رساميل ال بد منيا لتمويل االستثمارات الجديدة ‪.2‬‬
‫‪-8‬ادى كل ذلك الى تطور الحياة االجتماعية و االقتصادية وذلك ما ادى الى زيادة‬
‫حجم الدخل القومي و الفردي و الذي ساعد عمى زيادة الطمب عمى السمع و‬
‫‪3‬‬
‫الخدمات و تحقيق االنتعاش االقتصادي‪.‬‬

‫مميزات المدرسة التجارية ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مبادئ المدرسة التجارية‬

‫تدور افكار التجاريين حول عدد من المبادئ يمكن اجماليا فيما يمي ‪:‬‬

‫‪-1‬السكان ‪.‬‬

‫‪1‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬سمير محمد السيد حسن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ 2‬حازم الببالوي ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.92‬‬
‫‪ 3‬مرجع نفسو‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫‪28‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ -2‬ثروة االمة تتمخص بما لدييا من المعادن النفيسة ‪ :‬فاذىب و الفضة ىما عماد‬
‫االمة تكون بتمجيد المعادن النفيسة ‪.‬‬
‫‪ -3‬تحقيق ميزان تجاري فائض‪ :‬كانت نظرية المركنتيميين عن التجارة الدولية نتيجة‬
‫منطقية لنظرتيم حول ثروة االمة و كما قمنا سابقا فان الذىب و الفضة يشكالن ثروة‬
‫االمة و بالتالي فان الحصول عمى ىذين المعدنين يتم عن طريق التجارة الدولية و‬
‫ىذا ال يتحقق اال اذا باع البمد سمعا لمعالم الخارجي بقيمة تزيد عمى كمية ما يشتريو‬
‫‪1‬‬
‫اي اذا حقق فائضا في ميزانو التجاري‪.‬‬
‫‪ -4‬تدخل الدولة في الحياة االقتصادية ‪ :‬لعبت الدولة دو ار ال يستيان بو في دعم راس‬
‫المال التجاري من خالل تدخميا في منح التمويل و االمتيازات و المراسيم و‬
‫االحتكارات لمتجار المغامرين و الشركات التجارية عبر البحار شركة اليند الغربية و‬
‫‪2‬‬
‫شركات الشرق و الشمال‪.‬‬

‫فقد كان الفكر المركنتيمي الذي عبر آنذاك عن مصالح وامن المال التجاري نصي ار‬
‫قويا لمتدخل الحكومي في النشاط االقتصادي فراح ىذا الفكر يبرر كافة الوسائل التي يمكن‬
‫ان تمجا الييا الدولة لغرض الييمنة عمى البالد و من اجل تحقيق فائض في الميزان التجاري‬
‫و لعل السبب في تأييد التدخل الحكومي في االقتصاد عند المركنتيميون يعود الى ان‬
‫"‪...‬التنافس الحاد بين الدول االوربية عمى فتح مناطق جديدة لتجارتيا و كذلك الحاجة الى‬
‫توسيع السوق المحمية امام المنتجين المحميين يتطمبان درجة عالية من التدخل الحكومي‬
‫ألكثر من سبب من ذلك فرض سياسة حمائية تضمن توفير سوق متسعة امام الوطنيين‬
‫و القيام بمشروعات البنية االساسية الالزمة لتسييل التجارة و تشجيعيا‪ ،‬كإنشاء الطرق و‬
‫الموانئ وتحسينيا و استتباب االمن و القضاء عمى الحواجز الجمركية القائمة بين مقاطعات‬
‫الدولة الواحدة ‪،‬و منح االعانات لممصدرين ‪،‬بل و تشجيع انتاج مختمف السمع الصالحة‬

‫‪1‬ابراىيم مشورب‪ ،‬الوجيز في االقتصاد السياسي‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار المنيل المبناني‪ ،‬ط‪ ،2‬د‪.‬س‪ ،‬ص‪.89-88‬‬
‫‪2‬عبد اهلل ساقور ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.98‬‬

‫‪29‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫لمتصدير و تخفيض نفقة انتاجيا ‪،‬و تشجيع صناعة السفن و تجييز جيش قوي قادر عمى‬
‫‪1‬‬
‫ضم اراضي جديدة و الدفاع عن االراضي ثم اكتسابيا‪."..‬‬

‫‪-5‬اوجو المفاضمة بين الصناعة و التجارة ‪ :‬كما تقوم سياسة التجاريين التي‬
‫تستيدف الحصول عمى اكبر قدر من المعدنيين الذىب و الفضة و االحتفاظ بو او‬
‫زيادتو باالعتماد عمى عدة وسائل‪.‬‬

‫اىم التيارات االقتصادية المدرسة المركنتيمية‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التيار االسباني (السياسة المعدنية )‪.‬‬

‫كان البرتغاليون و االسبان من اوائل البمدان االوربية التي استطاعت الحصول عمى‬
‫الذىب الوارد من القارة الجديدة (امريكا) نظ ار التساع تجارتيا ووجود المستعمرات ليا في‬
‫امريكا الجنوبية و التي يسرت ليا زيادة معدالت التبادل و تسويق منتجاتيا في االسواق‬
‫الجديدة ‪.2‬و قد عرفت ىذه السياسة بالسياسة المعدنية ألنيا تقوم عمى مبدا الحصول عمى‬
‫الذىب و الفضة بطريق مباشر (من خالل استغالل مناجم الذىب و الفضة الموجودة في‬
‫مستعمراتيا في العالم الجديد) و بطريق غير مباشر (من خالل التجارة الخارجية) بطريقة‬
‫تكفل منع خروج الذىب و الفضة ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ ‬وتحقيق لميدف المذكور فقد طبقت اسبانيا االج ارءات االتية ‪:‬‬
‫ا‪-‬الزام السفن التي تنقل البضائع االسبانية بإعادة قيمة تمك البضائع بالذىب و‬
‫الفضة الى داخل اسبانيا ‪.‬‬
‫ب‪-‬حرمان االجانب الذين يبيعون سمعا داخل اسبانيا من اخراج ثمنيا نقدا خارج‬
‫اسبانيا ‪.‬‬

‫‪1‬ابراىيم مشورب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬


‫‪ 2‬عمر ىشام محمد ‪ ،‬مدخل في مدارس الفكر االقتصادي ‪.‬نظرة تحميمية لمتطورات المعاصرة من المنظور االقتصادي‬
‫االسالمي و االقتصاد الرأسمالي ‪ .‬دمشق ‪،2009:‬ص‪.52‬‬
‫‪ 3‬فضل اهلل محمد سمطح‪ ،‬الفكر السياسي االقتصادي‪ ،‬الغربي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬دار الوفاء لمطباعة و النشر‪ ،‬ط‪،2008 ،1‬‬
‫ص‪.120‬‬

‫‪30‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ج‪-‬السماح ‪،‬و عمى سبيل المثال او االستثناء بخروج الذىب و الفضة في بعض‬
‫الحاالت لتسديد ديون الممك‪.‬‬

‫و كان االسبان من االوائل التجاريين في العالم الذين طالبوا بمنع تصدير السبائك‬
‫الذىبية لمخارج لغرض عدم المساس برصيد البمد من ثروتو الذىبية‪ ،‬غير ان ىذا الراي كان‬
‫غاية في السذاجة الن الحفاظ عمى القوة االقتصادية ألي بمد يتطمب العمل عمى زيادة الثروة‬
‫و ليس فقط تثبيتيا عند مستوى معين ‪.‬‬

‫و قد ترتب عمى زيادة كمية المعادن الثمينة في اسبانيا ان ازدادت كمية النقود و‬
‫ارتفعت االسعار بشكل كبير ‪،‬وقد قدم المفكر االقتصادي جون بودان تفسي ار ألسباب ارتفاع‬
‫‪1‬‬
‫االسعار من خالل نظرية كمية النقود‪.‬‬

‫ثانيا ‪:‬التيار االنجميزي (السياسة التجارية)‪.‬‬

‫اعتمدت ىذه السياسة عمى تطوير و تشجيع التجارة الخارجية لمحصول عمى المعادن‬
‫الثمينة عن طريق تصدير السمع المحمية الى الخارج و تقديم الخدمات التجارية لباقي بمدان‬
‫العالم ‪.‬مقابل الحصول عمى اثمانيا من الذىب و الفضة و قد ساعد انجمت ار في تنفيذ ىذه‬
‫السياسة اسطوليا التجاري التقميدي و التميز فقد انشات انجمت ار ليذه الغاية شركات خاصة لم‬
‫تتدخل الحكومة في تكوينيا و ذلك بيدف تشجيع النشاط التجاري الذي يقدم لحساب جميع‬
‫بمدان العالم مقابل اجور تقاضاىا بالذىب و الفضة مما يحقق ليا فائضا في المي ازن‬
‫التجاري‪.‬‬

‫و يجب ان ال يفيم من ذلك بان انجمت ار قد اىممت الصناعة الوطنية ‪ ،‬بل عمى‬
‫‪2‬‬
‫العكس ‪،‬لكن اىتمام انجمت ار الرئيسي كان منصبا عمى النشاط التجاري بالدرجة االولى‪.‬‬

‫‪1‬مرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.122‬‬


‫‪2‬فضل اهلل محمد سمطح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.125‬‬

‫‪31‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ثالثا ‪ :‬التيار الفرنسي (السياسة الصناعية)‪.‬‬

‫عرفت ىذه السياسة بالسياسة الصناعية ‪،‬و تنسب ىذه السياسة الى الوزير الفرنسي‬
‫"جون باتيست كولبير" الذي قام بتطبيقيا بيدف الحصول عمى الذىب و الفضة من الخارج‬
‫حيث اتجيت لزيارة الصادرات عمى الواردات ‪ ،‬عمى ان تكون الصادرات من المنتجات‬
‫الصناعية و ليس من العامالت الزراعية و ذلك الن قيمة المنتجات الصناعية تكون عادة‬
‫اكبر‪ .1‬و انيا ال تخضع لتقمبات العوامل الطبيعية كما ىو الحال مع المنتجات الزراعية ‪.‬‬

‫ولذلك قامت الدولة بتشجيع الصناعة من خالل الوسائل االتية ‪:2‬‬

‫ا‪-‬قيام الدولة نفسيا بتأسيس صناعات حكومية ‪.‬‬

‫ب‪-‬قيام الدولة بتشجيع الصناعة الوطنية من خالل فرض الرسوم الجمركية المرتفعة‬
‫عمى السمع المستوردة المنافسة لإلنتاج الوطني ‪(.‬اي حماية الصناعة الوطنية )‪.‬‬

‫ج‪-‬قيام الدولة بإنشاء شركات ميمتيا الرئيسية تسويق منتجات الصناعة الفرنسية الى‬
‫الخارج ‪ .‬وكذلك تشجيع االفراد و الشركات عمى االكتساب في رؤوس اموال تمك‬
‫الشركات ‪.‬‬

‫د‪-‬و لكي تستطيع الصناعة الوطنية الفرنسية من زيادة صادرتيا الى الخارج فقد عممت‬
‫الحكومة عمى تخفيض تكاليف االنتاج من خالل تخفيض ثمن المواد الخام و اجور‬
‫‪3‬‬
‫العمال‪.‬‬

‫‪ 1‬جون كينيث جالبرت ‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي ‪ ،‬تر أحمد فؤاد بمبع ‪ ،‬الكويت ‪ :‬سمسمة عالم المعرفة ‪،2000،‬ص‪-‬ص‬
‫‪.283-282،‬‬
‫‪ 2‬وسام مالك ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص ‪.185‬‬
‫‪3‬فضل اهلل محمد سمطح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.127‬‬

‫‪32‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ابرز رواد المدرسة التجارية ‪:‬‬

‫‪-1‬توماس مان '' ‪'' Thomas Mun‬‬

‫وىو من الرواد االنجميز و يؤكد (مان) بان الوسيمة المعتادة لزيادة ثروة البمد ىي‬
‫التجارة الخارجية ‪،‬حيث يتعين ان يبيع البمد الى االجانب اكثر مما يشتري منيم ‪ ،‬مما ينتج‬
‫عنو فائض في الصادرات و اجتذاب راس المال الى البمد ‪ ،‬كما يذكر بان ابقاء المعادن‬
‫النفيسة داخل البمد بدال من استغالليا في التجارة الخارجية يؤذي الى ارتفاع االسعار و‬
‫االضرار باالقتصاد الوطني ‪.‬كما يؤكد مان ايضا عمى فائدة التجارة الخارجية و تحقيق الربح‬
‫منيا و ليس عمى استيراد المواد الخام الستخداميا في االنتاج الصناعي ‪،‬ويقول بان انجمت ار‬
‫سوف تكون اغنى اذا استطاعت ان تزرع االرض العاطمة بدال من استيراد المحاصيل من‬
‫الخارج و ان يتم نقل الصادرات عمى السفن االنجميزية‪. 1‬‬

‫الكبيرة انو قدم صورة اولية لما يعرف االن باسم ميزان‬ ‫ومن اسيامات مان‬
‫المدفوعات و الذي يشتمل عمى الصادرات المنظورة و كذلك الواردات المنظورة و غير‬
‫المنظورة ‪.‬والحظ قيام التجار بتسوية المبادالت عن طريق الكمبياالت من شانو ان ييسر‬
‫اعمال االقراض و االقتراض و يعتمد( مان ) بان ىدف السياسة القومية ىو توفير الفائض‬
‫‪2‬‬
‫من االنتاج المحمي لمتصدير و عمى الدولة ان تمعب دو ار رئيسيا في تحقيق ىذا اليدف‪.‬‬

‫‪ -2‬وليام بيتي '' ‪'' William petty‬‬

‫وىو من الرواد االنجميز ‪،‬وقد عرض بعض االفكار الجديدة التي ساىمت او ميدت‬
‫لالقتصاد الكالسيكي فيما بعد ‪ .‬ومن ىذه االفكار سرعة تداول النقود و فكرة تقسيم العمل و‬
‫الريع و اىمية السمع الرأسمالية و نظرية القيمة المستندة لمعمل ‪،‬وكان بيتي يفضل حربة‬
‫التجارة اكثر من غي رة من التجاريين ‪،‬وايد فرض الرسوم المستوردات لجعميا اغمى من المنتج‬

‫‪ 1‬ابراىيم مشورب ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.44‬‬


‫‪2‬ابراىيم مشورب‪ ،‬نفس المرجع ‪،‬ص‪. 135‬‬

‫‪33‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫المحمي وذلك لتشجيع االنتاج المحمي وتخفيض الرسوم عمى المواد الخام المستورد بيدف‬
‫‪1‬‬
‫تخفيض تكاليف االنتاج المحمي و زيادة فرص الصادرات و االرباح‪.‬‬

‫ا‪-‬استغالل ما يممك البمد من امكانيات انتاج كالمحاصيل الزراعية ‪.‬‬

‫ب‪-‬االىتمام بالسمع النادرة التي يشتد عمييا الطمب في الخارج‪.‬‬

‫ج‪-‬الحد من استيراد السمع الكمالية ‪.‬‬

‫د‪-‬استيراد السمع و المنتجات بيدف اعادة تصديرىا و الغاء الرسوم المفروضة عمى‬
‫استيراد مثل ىذه السمع ‪.‬‬

‫ه‪-‬تخفيض الرسوم المفروضة عمى الصادرات او الغائيا ‪.‬‬

‫و‪-‬التركيز عمى تشجيع الصناعات ‪.‬‬

‫ز‪-‬العمل عمى نقل السمع عمى السفن الوطنية ‪.‬‬

‫تقييم أفكار المدرسة التجارية‬

‫توضح دراسة الفكر االقتصادي ان كل مدرسة جاءت بأفكار جديدة مغايرة أحيانا‬
‫لألفكار االقتصادية التي سادت في العصر السابق‪ ،‬و وضعت حموال لمشكالت و ظواىر‬
‫اقتصادية لمعصر الجديد‪ .‬و قد تكون قد أصابت في طرح أفكارىا و سياساتيا أو أخطأت في‬
‫ضوء التقييم الالحق ألحكاميا و من المفيد ىنا استعراض ايجابيات و سمبيات ىذه المدرسة‬
‫‪2‬‬
‫الفكرية‪.‬‬

‫اوال‪ :‬الجوانب االيجابية‬

‫لقد عمل التجاريون عمى تمخيص األبحاث االقتصادية نيائيا من الطابع الديني او‬
‫األخالقي الذي كان يميزىا في العصور الوسطى و لكنيم لم يصموا حد إرساء أسس عمم‬

‫‪1‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 138‬‬


‫‪2‬زينب حسين عوض اهلل‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ ،‬لبنان‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،2007 ،‬ص‪.218‬‬

‫‪34‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫االقتصاد بوصفو عمما مستقال‪ ،‬بسبب ربطيم إياه بخدمة أغراض السياسة حيث قالوا أن‬
‫االقتصاد يدعم قوة الدولة ‪.‬‬

‫إال أنيم قد ميدوا الطريق لمباحثين الالحقين ليقوموا بيذه الميمة‪ ،‬و من أىم الجوانب‬
‫‪1‬‬
‫االيجابية ليذه المدرسة ما يأتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬أدت المدرسة التجارية الدور التاريخي ليا بتقوية الدولة القومية الناشئة لكي تتمكن‬
‫من القضاء عمى سمطات أمراء اإلقطاع و ىيمنة الكنيسة‪ .‬األمر الذي ساعد عمى‬
‫تحقيق األمان من الصراعات و الحروب الداخمية‪ ،‬و أتاح الفرصة لقيام أسواق داخمية‬
‫واسعة و قادرة عمى استيعاب الناتج المحمي‪ ،‬و ليذا قد كانت المعادن الثمينة من أىم‬
‫الوسائل لتقوية الدولة باعتبارىا الثروة الحقيقية عمى وفق أفكارىم االقتصادية آنذاك ‪.‬‬
‫‪ -2‬ساعدت أفكار ىذه المدرسة عمى توفير الرأسمال النقدي و ساعدت عمى خمق البنوك‬
‫األوربية و توسيع نشاطيا المالي مما عزز نشوء النظام الرأسمالي ‪.‬‬
‫‪ -3‬يعتبر البعض ان تدخل الدولة في الحياة االقتصادية‪ ،‬الذي كان من جوىر الفمسفة‬
‫التجارية‪ ،‬قد سعد عمى نشأة المشروعات الخاصة الحديثة‪.‬‬
‫‪ -4‬ساعدت آراء التجاريين عمى تنمية الصناعة و التجارة لكنيا أضرت بالزراعة ‪.‬‬
‫‪ -5‬يعتقد البعض بأن التركيز عمى التنمية او عمى التصدير قد ساعد عمى تخفيض‬
‫تكاليف اإلنتاج من خالل ارتفاع مستوى اإلنتاجية ‪.‬‬
‫‪ -6‬من بين ايجابيات ىذه المدرسة أيضا انيا عممت عمى تطوير مفاىيم ميزان‬
‫المدفوعات بين الدولة و العالم الخارجي و كذلك عممت عمى التأكيد عمى التجارة‬
‫‪2‬‬
‫الدولية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الجوانب السمبية‬

‫يشار في ىذا المجال الى أن التجاريين قد أخطأوا في التحميل االقتصادي و في السياسات‬


‫التي طبقوىا و كما يأتي ‪:‬‬

‫‪1‬عمي سعيدان‪ ،‬الوجيز في االقتصاد السياسي‪ ،‬د‪.‬ب‪ ،‬دار العسيمة‪ ،‬ط‪2008 ،1‬‬
‫‪2‬عمي سعيدان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪91‬‬

‫‪35‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ -1‬أخطأ التجاريون في تحديد معنى الثروة‪ ،‬فالثروة الحقيقية ليست ىي الذىب و الفضة‬
‫و إنما ىي قدرة البمد االنتاجية لمسمع و الخدمات‪ ،‬و ما تحققو فعال من إنتاج ‪.‬‬
‫‪ -2‬أخطأ التجاريون في اعتقادىم بإمكانية استمرار الفائض االيجابي في الميزان التجاري‪،‬‬
‫ذلك ألن وجود فائض ايجابي في الميزان التجاري يؤدي الى ورود النقود الذىبية فيزيد‬
‫من التداول النقدي و يترتب عمى ذلك ارتفاع االسعار في الداخل مما يجعل السمع‬
‫المحمية مرتفعة الثمن فيقل تصديرىا و تزداد بالمقابل االستيرادات مما يترتب عميو‬
‫عجز في الميزان التجاري‪ ،‬و ىكذا يكون من غير الممكن االستمرار الحصول عمى‬
‫الذىب و الفضة من الخارج ‪.‬‬
‫‪ -3‬أخطأ التجاريون في سياساتيم االقتصادية التي طبقوىا من حيث ‪:‬‬
‫‪ ‬إن الحكومة االسبانية اىتمت بجمب المعادن الثمينة‪ ،‬بينما لم تييئ الجو المناسب‬
‫‪1‬‬
‫لزيادة القوى اإلنتاجية‪ ،‬فارتفع مستوى األسعار و أضر ذلك بالطبقات الفقيرة‪.‬‬
‫‪ ‬ترتب عمى سياسة الحكومة الفرنسية االقتصادية انخفاض دخل المزارعين إلجبارىم‬
‫عمى بيع سمعيم بأسعار منخفضة خدمة لمصناعيين و بذلك أضرت ىذه السياسة‬
‫بالمزارعين‪.‬‬
‫‪ ‬يؤاخذ البعض دعاة ىذه المدرسة و روادىا بأنيم فشموا في فيم أن البمد يثري ليس‬
‫من خالل إفقار البمدان المجاورة بل أيضا من خالل اكتشاف كميات أكبر من‬
‫الموارد الطبيعية و إنتاج كميات أكبر من السمع الرأسمالية و استخدام العمل بشكل‬
‫أكثر كفاءة‪.‬‬
‫‪ ‬و كما يذكر الدكتور راشد البرناوي‪ ،‬لعل من أسوء عناصر السياسة التجارية استغالل‬
‫‪2‬‬
‫المستعمرات لصالح الدولة األم‪.‬‬

‫‪ -4‬العدالة في توزيع الناتج االقتصادي المتحقق و تتضمن ىذه العدالة توزيع الناتج أو‬
‫الدخل وفق معايير مقبولة مثل مساىمة الفرد في تكوين ىذا الناتج و مدى حاجاتو من ىذا‬
‫الدخل ليشبع حاجاتو اإلنسانية المعتدلة و في النظام اإلسالمي نظم فرعية كثيرة لمتوزيع من‬

‫‪1‬عبد الرحمان يسرى‪ ،‬تطور الفكر االقتصادي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬الكتب الحديث‪ ،1999 ،‬ص‪.65‬‬
‫‪2‬عبد الرحمان يسرى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪36‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫شأنيا أن تق مل الفجوة بين الدخول العالمية و المنخفضة و تحد من ارتفاع الدخول و تركز‬
‫الثروة لدى فئة قميمة من المجتمع ‪.‬‬

‫‪ ‬تنمية الجانب الشخصي لسموك اإلنسان أي أن اإلسالم ينمي طاقات المسمم‬


‫الروحانية بحيث يجعمو قاد ار عمى االستمتاع بصورة أفضل أي يحصل عمى مستوى‬
‫أعمى من اإلشباع بنفس القدر المادي المتاح من الموارد االقتصادية مقارنة مع‬
‫المستيمك الغير مسمم ‪.‬‬

‫الموضوع الثاني‪ :‬المدرسة الطبيعية‬


‫تعتمد الفكرة الرئيسية ليذه المدرسة الطبيعية آو الفيزيوقراطية عمى وجود نظام طبيعي‬
‫لألشياء أي آن الحياة تسير بموجب قوانين طبيعية منطقية عقالنية ويرجع الفضل إلى‬
‫اعتماد فرنسا لمنمو الصناعي (النسبي )و االبتعاد تدريجيا عن القطاع الفالحي و ىذا ما دفع‬
‫ىذه المدرسة بإعادة االعتبار ليذا القطاع‪. 1‬‬

‫ومن أىم أفكار ىذا المذىب‪:2‬‬

‫‪ ) 1‬فكرة النظام الطبيعي أي خضوع الظواىر االقتصادية لقوانين الطبيعية وتقوم ىذه‬
‫الفكرة عمى مبد آين ‪:‬‬
‫*مبدآ المنفعة الشخصية‬
‫* مبدآ المنافسة‬

‫‪ )2‬فكرة الناتج الصافي‪ :‬بحيث يرى أصحاب ىذا المذىب أن األرض ىي التي‬
‫تحقق الثورة ‪3‬عن طريق تقديم ٳ نتاج الذي يساىم في توزيع الدخول و األجور عمى‬
‫كافة الطبقات‪.4‬‬

‫‪1‬زينب حسين عوض اهلل ‪ ،‬مرجع سبق ذكره نص‪.98‬‬


‫‪2‬سكينة بن حمود ‪،‬دروس في االقتصاد السياسي‪ .‬الجزائر ‪،‬ط‪،2006 ،1‬ص‪-‬ص‪.74- 73،‬‬
‫‪3‬فتح اهلل ولعمو ‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ .‬بيروت ‪:‬الدار الجامعية ‪،1988،‬ص‪.101‬‬

‫‪4‬ابراىيم مشورب ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.50‬‬

‫‪37‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫الناتج الصافي ىو الفرق بين قيمة المنتوج الفالحي السنوي وتكاليف اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ )3‬فكرة تقسيم المجتمع إلى ثالث طبقات ‪:‬‬


‫*الطبقة المنتجة ‪ :‬تتكون من مزارعين و فالحين وتحتاج ىذه الطبقة إلى تسبيقات‬
‫أولية لممساىمة في النشاط الفالحي ‪.‬‬
‫*الطبقة المالكة ‪:‬تتكون من مالك األرضي الفالحية ‪.‬رجال الكنيسة‬
‫*الطبقة العقيمة ‪ :‬تتكون من أفراد ال يساىمون في النشاط الفالحي‬
‫وانطالقا من ىذا التقسيم ظيرت نظرية دوران الثورة «الموحة االقتصادية» لمطبيب فرانسوا‬
‫كيني في ‪ 11977‬التي تمثل حركة توزيع الغمة بين طبقات المجتمع حسب الجدول التالي ‪:‬‬

‫الطبقة‬ ‫الطبقة‬ ‫الطبقة‬


‫المجموع‬ ‫العقيمة‬ ‫المالكة‬ ‫المنتجة‬

‫الطبقة‬
‫المنتجة‬
‫‪ 3‬مالين‬ ‫‪1‬م‬ ‫‪2‬م‬ ‫‪----‬‬

‫الطبقة‬
‫المالكة‬
‫‪2‬م‬ ‫‪1‬م‬ ‫‪---‬‬ ‫‪1‬م‬

‫الطبقة‬
‫العقيمة‬
‫‪2‬م‬ ‫‪---‬‬ ‫‪---‬‬ ‫‪2‬م‬

‫المجموع‬
‫‪7‬م‬ ‫‪2‬م‬ ‫‪2‬م‬ ‫‪3‬م‬

‫‪1‬مدحت القريشي‪ ،‬تطور الفكر االقتصادي‪ .‬ط‪ ،1‬األردن ‪ :‬دار وائل لمنشر و التوزيع ‪،2008،‬ص‪-‬ص‪.110-107،‬‬

‫‪38‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫لنفرض أن الطبقة المنتجة أن نتجت منتوج بقيمة ‪ 5‬مالين (وحدة) واحتفظت لنفسيا بجزء‬
‫(‪ 2‬مميون ) لممعيشة واالعتناء وتجديد أدوات العمل (الحيوانات)‬

‫*الطبقة المنتجة‪ :‬تقوم بشواء سمع ضرورية من الطبقة العقيمة بقيمة (‪1‬مميون )وتدفع مبمغ‬
‫(‪2‬ميمون) لمطبقة المالكة مقابل لحراء األرض ‪.‬‬

‫*الطبقة المالكة ‪ :‬لدييا (‪2‬مميون ) تقوم بشراء سمع من الطبقة العقيمة بقيمة (‪1‬مميون )‬
‫ومواد فالحية من الطبقة المنتجة بقيمة (‪1‬مميون)‬

‫*الطبقة العقيمة ‪ :‬لدييا (‪2‬مميون ) ‪ :‬تقوم بشراء كل مبمغ مواد فالحية وزراعية من الطبقة‬
‫‪1‬‬
‫المنتخبة‬

‫ومن خالل الموحة االقتصادية يجب االستشارة آنيا تعتمد عمى ثالث مبادئ‪: 2‬‬

‫ٲ‪ -‬أن النفقات ىي التي تخمق وتساىم في اإلنتاج‪.‬‬

‫ب‪-‬أن االنتاج ىو الذي ىو يخمق الدخل الصافي‪.‬‬

‫ج‪ -‬أن الدخل ىو الذي يكون النفقات الضرورية في عممية اإلنتاج‪.‬‬


‫وفي االخير يمكن تقييم الفكر االقتصادي الفزيوقراطي من خالل النقاط التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬االعتماد الواسع عمى القطاع الزراعي و اعتباره القطاع الوحيد في خمق الثروة‪.‬‬
‫‪ -2‬ابراز حق الممكية ‪ ،‬حرية العمل و الحرية االقتصادية ‪.‬‬
‫‪ -3‬اظيار عن طريق الموحة االقتصادية قوانين االنتاج و التوزيع و التبادل‪.3‬‬
‫‪ -4‬االعتماد عمى الرأسمال االنتاجي أكثر من الرأسمال التجاري‪.‬‬
‫‪ -5‬الحث عمى ربط العالقة بين االنتاج و التوزيع‪.‬‬
‫‪ -6‬اىمال الحديث عن دور القطاع الصناعي في خمق قيمة المنتوج‪.‬‬

‫‪1‬حازم الببالوي ‪،‬أصول االقتصاد السياسي ‪.‬مصر ‪:‬دار المعارف ‪،‬ط‪،1،1996‬ص ‪-‬ص‪.48-47،‬‬
‫‪ 2‬محمد عمر أبو عميرة ‪ ،‬عبد الحميد محمد شعبان ‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي ‪.‬جامعة القدس ‪:‬ش ع م لمتسويق و التوزيع‬
‫‪،2009،‬ص‪.147‬‬
‫‪ 3‬أنطوان أيوب‪ ،‬دروس في االقتصاد السياسي‪ .‬سوريا ‪:‬مديرية الكتب و المطبوعات الجامعية ‪،‬ط‪،1965، 1‬ص‪.131‬‬

‫‪39‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫الموضوع الثالث ‪:‬المدرسة الميبرالية الكالسيكية ‪:‬‬


‫ظيرت المدرسة التقميدية او الكالسيكية في أواخر القرن ‪ 18‬و بداية القرن ‪19‬‬
‫(‪ )1871-1776‬من طرف مجموعة من الرواد و المفكرين االقتصاديين‪ ،‬و ظيرت ىذه‬
‫المدرسة كنتيجة لمتطورات التي حصمت في الحياة االقتصادية و االجتماعية األوروبية‪ ،‬و‬
‫رافق ظيور ىذه المدرسة ثورتان أساسيتان ىما الثورة العممية (بدأت مع كتابات نيوتن و‬
‫غاليمي) و الثورة الصناعية (‪ .1)1776‬و قد باشر كل من آدم سميث و ريكاردو و جون‬
‫باتيست ساي و جون ستيوارت ميل (أقطاب ىذه المدرسة) في التكوين النظري لممدرسة و‬
‫الذي يتجسد في االتجاه الميبرالي‪ ،‬الذي يرعى من خاللو الكالسيكيون ان المصمحة الفردية‬
‫تمتقي مع المصمحة الجماعية‪ .‬و يعتبر آدم سميث ىو المؤسس الحقيقي لممدرسة الكالسيكية‬
‫(‪ ) 1790-1723‬من خالل كتابو الشيير '' ثروة االمم '' و سوف نتطرق بالتفصيل ألىم ما‬
‫جاء بو من النظريات في ىذا المذىب ‪.‬‬

‫النشأة و الظيور‪:‬‬

‫تختمف ىذه المدرسة عن األفكار السابقة ألنيا تعتمد باألساس عمى فكرة أن العمل‬
‫ىو الوحيد الذي يمكن من تحقيق ثروة أي أمة أو دولة‪ ،‬أي أن العمل ىو مصدر الدخل‬
‫بالنسبة لدولة معينة‪ .2‬و يرجع الفضل إلى تطور الرأسمال التجاري في ظيور ىذا المذىب و‬
‫يعتمد ىذا الرأسمال عمى أساس التبادل و السمع حيث تم تكوينو حسب الشكل التالي ‪:‬‬

‫حيث ىناك ثالث طرق او أساليب من اجل شرح طريقة مساىمة الرأسمال التجاري‪: 3‬‬

‫الطريقة األولى ‪ :‬تتمثل في تحويل التاجر الى أرسمال صناعي (اي االنتقال من شراء سمع‬
‫و بضائع من الخارج الى صنعيا في الداخل)‬

‫‪1‬ابراىيم مشورب ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.60‬‬


‫‪2‬عبد ساقور ‪،‬مرجع سبق ذكره نص‪.108‬‬
‫‪3‬عبد المطيف بن اشنيو ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪-‬ص‪.335-333،‬‬

‫‪40‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫الطريقة الثانية‪ :‬تعتمد عمى التنسيق بين الجانب التجاري و الصناعي من اجل تراكم رأسمال‬
‫(أي اقتطاع من أرباح األموال المتحصل عمييا خالل العممية اإلنتاجية لكن مع فكرة‬
‫استعماليا في العممية اإلنتاجية المقبمة اي االستثمار )‬

‫الطريقة الثالثة ‪ :‬تعتمد عمى سيطرة طبقة التجار عمى كل مراحل العمميات اإلنتاجية ‪.‬‬

‫إن ىيمنة رأسمال التجاري قد كان لو الصدى الواسع و المباشر عمى كل النشاطات‬
‫االقتصادية مثل الزراعة و الصناعة و حتى في تركيبة العمل حيث تم االنتقال من العمل‬
‫الفردي الى العمل الجماعي ‪ .‬و يمكن تمخيص ىذا في المفيوم التالي ‪:‬‬

‫* الفائدة و الربح‬ ‫نقود‬ ‫سمعة‬ ‫نقود‬

‫الرأسمال الصناعي‬ ‫الرأسمال المالي‬ ‫الرأسمال التجاري‬

‫ظيور أشكال جديدة في طريقة اإلنتاج و عميو ظيور ما يسمى بالثورة الصناعية سنة‬
‫‪ ،1776‬و ىو ما تكممنا عميو سابقا‪ .‬و ىذا ما ادى الى تبني الصناعة كأساس النشاط‬
‫االقتصادي‪. 1‬‬

‫الرأسمال المالي‪ :‬ىو عبارة عن منتوج مكون عن طريق تراكم األرباح المتحصل عمييا فقط‬
‫من العمميات التجارية و نفيم من ذلك أن فكرة المدرسة الكالسيكية تعتمد عمى ضرورة توفير‬
‫مصادر رأسم ال و ذلك قصد تحقيق و معرفة طرق و عالقات اإلنتاج داخل المؤسسة التي‬
‫تعتبر وحدة اقتصادية تعمل في نشاط اقتصادي معين‪. 2‬‬

‫الربح‬ ‫وحدة‬ ‫المؤسسة (العمل)‬

‫التجارة الخارجية‬ ‫الذىب (المعدن النفيس)‬ ‫التجارية‬

‫الدخل الصافي‬ ‫الفالحة‬ ‫الطبيعية‬

‫التحويل‬ ‫االنتاج‬ ‫الكالسيكية‬

‫‪ 1‬رفيقة حروش ‪ ،‬االقتصاد السياسي ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪-‬ص ‪.132-130،‬‬


‫‪ 2‬مجدي محمود شياب ‪ ،‬أسامة محمد الفولى ‪،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪.‬مصر ‪:‬دار الجامعة الجديدة ‪2005 ،‬‬

‫‪41‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫اإلنتاج ىو عممية تحويل مواد أولية الى مواد قابمة لالستيالك و طبيعة التحول ىي العمل‪.‬‬
‫و تتمثل وظائف المؤسسة في ‪:‬‬

‫‪ ‬اإلنتاج‬
‫‪ ‬الموارد البشرية‬
‫‪ ‬الموارد المالية‬
‫‪ ‬الموارد التجارية‬

‫أىم مبادئ المدرسة الكالسيكية ‪:‬‬

‫‪ ‬حرية المبادرة الشخصية (الق اررات الشخصية مع تحمل المسؤولية)‬


‫‪ ‬االىتمام بمفيوم القيمة في تحديد األسعار و األثمان‬
‫‪ ‬االعتماد عمى السوق التخاذ الق اررات االقتصادية اليامة ‪.‬‬
‫‪ ‬االعتماد عمى السوق التخاذ الق اررات االقتصادية اليامة‬
‫‪ ‬االعتماد عمى القطاع الصناعي في تحريك االقتصاد و القطاعات األخرى (الفالحة‬
‫و التجارة)‬
‫‪ ‬إعادة النظر في النمط االجتماعي لمعمل (صاحب رأسمال من جية و العمال من‬
‫جية أخرى)‪ .‬و كذلك في العالقات اإلنتاجية (القرار النيائي يرجع لصاحب رأسمال و‬
‫التنفيذ لمعامل)‬
‫‪ ‬توضيح دور الدولة في الجانب االقتصادي (األمني و الوقائي)‪ .‬حيث تتمثل وظيفة‬
‫الدولة عند الكالسيك في إقامة العدل‪ ،‬الدفاع عن إقميم الدولة و إقامة المشاريع‬
‫‪ ‬تعتمد المدرسة الكالسيكية عمى بعض األدوات االقتصادية أكثر فعالية و توضيح‬
‫لمنشاط االقتصادي المعتمد عمى ىدف واحد و ىو تحقيق الفائدة و ىذه األدوات ىي‪:‬‬
‫‪ -1‬األسعار‪ :‬السعر ىو الذي يوفق بين مصمحة البائع و المشتري و ىو الذي يبين قيمة‬
‫السمعة في السوق ‪.‬‬
‫‪ -2‬النقود‪ :‬و ىي وسيمة التعامل‬
‫‪ -3‬نسبة الفائدة (البنوك)‪ :‬البنك لو دور في ربط العالقة بين المستثمر و المدخر‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫لكن يبقى أىم ميزة ليذه المدرسة ىي تقييم دور كل عون اقتصادي ‪:‬‬

‫تحقيق المنفعة العامة‬ ‫‪ ‬المستيمك‬


‫تحقيق الفائدة‬ ‫‪ ‬المنتج‬
‫تحقيق المردودية‬ ‫‪ ‬المستثمر‬
‫تحقيق الرفاىية االجتماعية‬ ‫‪ ‬الدولة‬

‫التوزيع الطبقي لممدرسة الكالسيكية ‪:‬‬

‫‪ -‬طبقة أصحاب رؤوس األموال (مالك عناصر اإلنتاج)‬


‫‪ -‬طبقة العمال البرجوازيين (بيع قوة العمال مقابل اجر محدود)‬

‫الفرق بين الرأسماليين و البرجوازيين ‪:‬‬

‫الرأسمالي ‪ :‬امتالك األموال و المساىمة في العممية اإلنتاجية عن طريق توفير عناصر‬


‫اإلنتاج ‪.‬‬

‫البرجوازي‪ :‬امتالك األموال دون استعماليا في العممية اإلنتاجية‬

‫السوق‪ :‬ىو المكان الطبيعي لاللتقاء بين الطرفين‪ ،‬الطرف الذي يعرض السمع و الطرف‬
‫الذي يطمب ىذه السمع و البضائع لكن التعامل يكون مبني عمى أساس سعر متفق عميو ‪.‬‬

‫السوق‬

‫العرض‬ ‫الطمب‬

‫المنتج (المؤسسة)‬ ‫(المستيمك)‬

‫السعر‬

‫‪43‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ما يمكن استنتاجو من النقاط المذكورة سابقا أن المدرسة الكالسيكية ركزت عمى‬
‫مفيوم المصمحة الذاتية أي أن كل عون اقتصادي يسعى إلى الوصول الى اليدف المرغوب‬
‫فيو باستعمال الوسائل التي يراىا مناسبة بدون إرجاع أسباب الفشل إلى أطراف أخرى و‬
‫بالتالي أىم ما يميز ىذه المدرسة توضيح األمور بالنسبة لممتعاممين و ترك حرية القرار‬
‫المناسب‪.‬‬

‫االقتصاد السياسي عند آدم سميث (‪)1723-1790‬‬


‫يرى ىذا االقتصادي ان موضوع االقتصاد السياسي ييدف إلى الوصول إلى ثراء الشعب‬
‫و الدولة بصفة موازية و أن الثروة ىي مجموعة األموال التي تصمح إلشباع الحاجات‬
‫البشرية و التي يحصل عمييا اإلنسان من عممو مباشرة او بالمبادلة و حسب رأيو‪ ،‬فإن‬
‫العمل ىو اساس ثروة االمم و خاصة االنتاجية بحيث حسب سميث فإن ىذه االنتاجية‬
‫‪1‬تسمح ب ـ ‪:‬‬

‫‪ ‬زيادة ميارة و تخصص كل عامل‬


‫‪ ‬التقميص من الوقت الالزم في تنفيذ عممية إنتاجية‬
‫‪ ‬زيادة في االختراعات و توظيف اآلالت‬

‫و آلدم سميث بعض اآلراء حول بعض المواضيع االقتصادية منيا ‪:‬‬

‫‪ -1‬في النقود ‪ :‬حيث يعتبر سميث ان النقود ىي بضاعة و وسيمة فقط لتسييل التبادل‬
‫(اي تبادل البضائع مقابل بضائع)‬

‫‪1‬صالح الدين نامق ‪،‬قادة الفكر االقتصادي‪ .‬القاىرة ‪:‬دار المعارف ‪،1978،‬ص‪.18‬‬

‫‪44‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ -2‬في القيمة ‪ :‬لقد عمل سميث كثي ار عمى إبراز أىمية نظرية القيمة ليس فقط في تحديد‬
‫النقود‪ ،‬و لكن في تحديد العمل الالزم لتحديد اإلنتاجية ثم األجر لكن ىو يفرق بين‬
‫القيمة االستعمالية و القيمة التبادلية‪.1‬‬

‫االستعمالية‪ :‬القيمة التي تعطي فائدة و نفع لمشخص المتحصل عمى بضاعة ما ‪.‬‬

‫التبادلية‪ :‬القيمة التي تكمن من الحصول عمى بضائع أخرى أي تعتمد أساسا عمى عممية‬
‫تبادل السمع و البضائع ‪.‬‬

‫و عميو يرى سميث ان العمل وحده المقياس الحقيقي لمقيمة التبادلية أي زمن العمل‬
‫(اي كمية العمل المبذولة إلنتاجيا)‬

‫مثال ‪ :‬بضاعة ‪ A‬تستمزم ‪ 10‬ساعات إلنتاجيا‬

‫بضاعة ‪ B‬تستمزم ‪ 5‬ساعات إلنتاجيا‬

‫أي أن قيمة السمعة ‪ A‬تساوي ضعف قيمة السمعة ‪ ،B‬و عند التبادل فإن وحدة واحدة‬
‫من السمعة ‪ A‬تمكن الحصول عمى وحدتين من السمعة ‪. B‬‬

‫إضافة إلى العمل أضاف سميث عنصرين في تحديد القيمة ىما الرأسمال و الربح و‬
‫أعطى اسم ليذه العوامل و ىو '' كمفة البضاعة ''‬

‫و بالتالي‪ :‬قيمة السمعة او البضاعة = العمل ‪ +‬الرأسمال ‪ +‬الربح‬

‫و منو ‪ :‬قيمة السمعة او البضاعة = كمفة البضاعة‬

‫و انطالقا من نظرية القيمة يصل سميث الى نظرية السعر بحيث يرى ان سعر‬
‫البضاعة ىو المظير النقدي لقيمتيا و ىناك نوعين من السعر‪: 2‬‬

‫السعر الطبيعي = كمفة االنتاج‬

‫‪ 1‬كامل وزنو ‪ ،‬آدم سميث قراءة في اقتصاد السوق ‪.‬القاىرة ‪:‬معيد الدراسات االستراتيجية ‪،‬د س ن‪،‬ص‪-‬ص‪.24- 23،‬‬
‫‪2‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪.26‬‬

‫‪45‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫السعر الجاري = سعر البضاعة في السوق و المبني عمى قانون العرض و الطمب‬

‫نظرية سميث في التوزيع ‪:‬‬

‫انطالقا من التوزيع الطبقي (طبقة ال أرسماليين‪ ،‬طبقة العمال و طبقة مالك األراضي)‬
‫يرى سميث ان دخل كل طبقة ىو الذي يكون نظرية التوزيع اي ‪:‬‬

‫طبقة الرأسماليين = الربح‬

‫طبقة العمال = األجر‬

‫طبقة العمال = األجر‬

‫طبقة مالك االراضي = الريع‬

‫‪ -1‬نظرية األجور ‪ :‬يرى سميث أن األجر ىو مقابل بقاء العامل عمى قيد الحياة لتطوير‬
‫قوة عممو و ان البحث عن إنتاجية العمل يكون عن طريق زيادة األجور ‪.‬‬
‫‪ -2‬نظرية األرباح‪ :‬إن الربح عند سميث ىو جزء لمعمل المنتج و أن الربح الصناعي ىو‬
‫الشكل األساسي العام لمربح و يرى سميث ان مصدر الربح ىو العالقة الغير متكافئة‬
‫بين العمل و الرأسمال اي بين العمل المجسد (الرأسمالي) و العمل الحي (العامل)‪،‬‬
‫اي ان الرأسمالي مجبر لدفع قيمة العمل أقل مما ىو مطموب ‪.1‬‬
‫‪ -3‬نظرية الريع‪ :‬يرى سميث أن ىناك ثالث أشكال لمريع ‪:‬‬
‫‪ ‬الريع ىو اقتطاع من ناتج عمل العامل أي ان الريع ىو ما يدفع مقابل استعمال‬
‫األرض و ذلك حسب مبدأ الممكية الخاصة لوسائل اإلنتاج و بالتالي يمكن اعتبار‬
‫ىذا الشكل مثل مصدر الربح عند سميث ‪.‬‬
‫‪ ‬الريع ناتج عن األسعار االحتكارية لممنتجات الفالحية بحيث الطمب يكون عمى‬
‫منتجات فالحية مع وجود عرض نسبي لممنتجات الفالحية (ريع األرض) أين يكون‬
‫الطمب أكبر من العرض ‪.‬‬

‫‪1‬ايمون باتمر ‪ ،‬آدم سميث مقدمة موجزة ‪.‬تر عمي الحارس ‪ ،‬القاىرة ‪ :‬مؤسسة ىنداوي لمتعميم و الثقافة‬
‫‪،‬ط‪،1،2014‬ص‪.30‬‬

‫‪46‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ ‬الريع ناتج لعمل األرض (اي طبيعي) حيث ىو عطاء األرض لمالكيا و ىنا يتوافق‬
‫سميث مع النظرية الفيزيوقراطية ‪.‬‬

‫نظرية سميث في اإلنتاج ‪ :‬يرى سميث أن اإلنتاج ىو الذي يخمق و يزيد المنافع و‬
‫يعتمد أساسا عمى عناصر اإلنتاج مثل (رأسمال‪ ،‬العمل و األرض) لكن خاصة عنصر‬
‫العمل ‪.‬‬

‫و في ىذا ا لصدد يشير سميث إلى أىمية '' تقسيم العمل '' الذي يمكن ان يحقق‪:‬‬

‫‪ -‬زيادة فعالية و إنتاجية كل عامل‬


‫‪ -‬تقميص زمن العمل‬
‫‪ -‬انخفاض تكاليف (األجور)‬

‫نظرية سميث في النظام االقتصادي ‪ :‬يعتبر سميث ان القرار الشخصي و الفردي ىو‬
‫المحرك األساسي ألي نظام اقتصادي بحيث عند البحث عن مصمحتو سوف يعمل ىذا‬
‫الفرد و الشخص تحقيق المصمحة العامة و ىذا ما سماه سميث '' باليد الخفية ''‪.1‬‬

‫نظرية سميث في السياسة االقتصادية ‪ :‬يرى سميث ان المبادرة الشخصية ىي التي‬


‫تؤثر عمى السياسة االقتصادية و ان دور الدولة يكون أكثر لحماية و الدفاع عن الدولة‬

‫االقتصاد السياسي عند دافيد ريكاردو (‪)1772-1823‬‬


‫عاش ريكاردو في فترة ىامة فيما يخص النظام الرأسمالي‪ ،‬حيث كانت االختراعات‬
‫تتالى الواحدة بعد األخرى خالل فترات قميمة من الزمن و كانت اآلالت سريعة االنتشار و‬
‫المصانع اآللية التي تحل محل المشاغل‬

‫و تحولت بريطانيا بذلك الى مصنع لمعمال‪ ،‬فكانت تصرف منتوجاتيا بسيولة في‬
‫جميع البمدان و من ىنا احتمت مكانة ميمة في االقتصاد العالمي و في السياسة العالمية‬

‫أفكار ريكاردو حول االقتصاد السياسي ‪:‬‬

‫‪1‬آدم سميث ‪ ،‬ثروة االمم ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.5‬‬

‫‪47‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫بينما كان سميث يرى ميمة االقتصاد السياسي تتمثل في تحديد شروط النمو‬
‫االقتصادي لثروة المجتمع‪ ،‬كما يرى ريكاردو أن االقتصاد السياسي يعمل عمى شرح مسألة‬
‫توزيع الناتج االجتماعي (اي تحديد أىم القوانين االقتصادية) و بذلك اشتير بنظرية التوزيع‬

‫و يرى أن تحديد القوانين التي تواجو ىذا التوزيع يشكل الميمة الرئيسية لالقتصاد‬
‫السياسي فقد كانت المسألة التي يدور حوليا الصراع الطبقي الذي ولدتو الثورة الصناعية‬
‫تتركز حول كيفية توزيع الثروة بين الطبقات‪. 1‬‬

‫و يعتبر ريكاردو أن اإلنتاج ىو الذي يحقق القوانين إضافة الى عامل '' العمل ''‬
‫الذي ىو مصدر المداخيل و األجور لمسكان‪ ، 2‬و االستنتاج الذي يصل اليو ىو '' أن‬
‫مصالح الطبقات تتقارب مع بعضيا و تتناقض‪ ،‬ولكنو ال يحد ىذا التناقض في نطاق‬
‫اإلنتاج و إنما في نطاق التوزيع‪ ،‬حيث يجري الصراع بين الطبقات عمى اقتسام الناتج‬
‫اإلجمالي ‪''.‬‬

‫نظرية القيمة عند ريكاردو‬

‫ينطمق ىذا االقتصادي من فكرة أن القيمة التبادلية ىي األساس عند الحديث عن‬
‫القيمة و بالتالي ىو يفرق بين نوعين من السمع ‪:‬‬

‫‪ ‬السمع القابمة لمتجديد‪ :‬و ىي تشمل غالبية لسمع اليامة التي تشبع حاجات الناس‬
‫كالسمع الغذائية و الصناعية‬
‫‪ ‬السمع الغير قابمة لمتجديد‪ :‬و ىي كالموحات النادرة و الكتب األثرية و التحف‬

‫و يرى أن األولى تتوقف قيمتيا التبادلية عمى كمية العمل الذي بذل إلنتاجيا‪ ،‬أما‬
‫الثانية فيي قميمة و محدودة قيمتيا ال تتحدد بكمية العمل المبذول في إنتاجيا بل ىي مرتبطة‬
‫بندرتيا و تتحدد تبعا لثروة و أذواق الناس الذين يرغبون في شرائيا‬

‫‪1‬عبد عمي كاظم المعموري‪ ،‬تاريخ األفكار االقتصادية‪.‬ط‪ ،1‬عمان ‪ :‬دار حامد لمنشر و التوزيع ‪،2012،‬ص‪.330‬‬
‫‪ 2‬رفيقة حروش ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.122‬‬

‫‪48‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫كما يرى ريكاردو أن قيمة البضاعة ال تقاس فقط بزمن العمل الفردي المبذول في‬
‫إنتاجيا و إنما بزمن العمل االجتماعي (و ىو العمل المبذول في إنتاج السمع و البضائع في‬
‫أسوء الظروف اي العمل المحدد من طرف السوق) ‪.‬‬

‫نظرية ريكاردو في التوزيع‪:‬‬

‫تنقسم ىذه النظرية الى ثالث عناصر ‪:‬‬

‫‪ ‬األجر ‪ :‬يشرح ريكاردو األجر أو الدخل انطالقا من فكرة أو نظرية القيمة الخاصة‬
‫بالسمع و المنتجات و ذلك أن العامل يقوم ببيع قوة عممو مثل اي بضاعة أو سمعة‬
‫عادية و بالتالي فإن قيمتو ىذه القوة المبذولة تتحدد حسب قانون القيمة أي إذا كانت‬
‫قوة العمل المبذولة تعطي فائدة أكثر بالنسبة لممنتج فإن األجر المعروض يكون اكبر‬
‫و بالتالي حسب ريكاردو ىناك نوعين من األجور‪:‬‬
‫‪ -‬األجر االسمي‪ :‬و ىي الكمية المعينة من النقود تدفع لمعامل خالل فترة زمنية محدد‬
‫لمعمل‬
‫‪ -‬األجر الحقيقي‪ :‬و ىي الكمية المعينة من النقود تدفع لمعامل لمسماح لو بالعيش و‬
‫تجديد قوة عممو الالزمة و الضرورية لعممية اإلنتاج‬
‫‪ ‬الربح‪ :‬و ىو ذلك الجزء الذي يقتطع من ناتج عمل العامل اي ذلك الجزء الذي ينتجو‬
‫العامل في خمق القيمة لمسمعة و الذي يذىب الى الرأسمالي‬

‫و يرى ىذا االقتصادي انو من الضروري تقديم مكافئة نقدية و مالية لصاحب أو‬
‫مالك عناصر اإلنتاج و تكون ىذه المكافئة عمى شكل فائدة يتحصل عمييا المنتج من خالل‬
‫العممية اإلنتاجية‬

‫تعد العالقة الموجودة بين ىذه األطراف الثالثة (األجر‪ ،‬الريع و الفائدة) حسب‬
‫ريكاردو ىي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬ارتفاع في األجور يؤدي سمبا في نسبة الفائدة لممنتج‬


‫‪ -‬ارتفاع في الريع يؤدي سمبا في نسبة الفائدة لممنتج‬

‫‪49‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫في ىذه الحالة يرى ريكاردو انو من أحسن العمل عمى تقميص األجور المدفوعة و‬
‫نسبة الريع و ذلك راجع أن ريكاردو يفضل االىتمام اكثر بفائدة المنتج بسبب أن ىذا األخير‬
‫ىو الذي لو القرار بخمق و نشأة ثروة االمم‬

‫‪ ‬نظرية ريكاردو في الريع ‪:‬‬

‫إن نظرية الريع ىي من اىم ما جاء بو ريكاردو ألن ىو الذي أقاميا عمى قاعدة‬
‫عممية و طورىا عمى أساس نظرية القيمة في العمل و يمكن تمخيصيا كالتالي‪: 1‬‬

‫ىي ناتجة عن العالقة بين اإلنتاج الفالحي و زيادة عدد السكان و ترتكز عمى‬
‫العالقة التناقضية بين المنتج الرأسمالي و اإلقطاعي فارتفاع الريع يؤدي بشكل حتمي الى‬
‫انخفاض األرباح و العكس‬

‫و في ىذه النقطة‪ ،‬يرى ريكاردو أن لمريع تأثير سمبي عمى النشاط االقتصادي و ذلك‬
‫أن نشاط المنتج ىو لخمق قيمة مضافة و أما اإلقطاعي فميس لو دور فعال في الحياة‬
‫االقتصادية اي انو يفضل االىتمام بالمنتج الرأسمالي أكثر من اإلقطاعي‬

‫نظرية ريكاردو في النقود ‪:‬‬

‫يؤكد ريكاردو أن النقود ىي وسيمة لمتداول بين األشخاص و المتعاممين و أن الكمية‬


‫مرتبطة أساسا بقيمة ىذه النقود داخل البمد اي كمما كانت الكمية المتداولة زائدة‬

‫نظرية ريكاردو في التجارة الخارجية ‪:‬‬

‫من أىم الفرضيات التي يعتمد عمييا ريكاردو ‪:2‬‬

‫‪ -‬حرية تبادل السمع و البضائع عمى المستوى الدولي‬


‫‪ -‬حركية تنقل عناصر اإلنتاج العمل و رأسمال‬
‫‪ -‬إمكانية مقارنة تكاليف اإلنتاج خاصة ساعات العمل بين دولة و أخرى‬

‫‪1‬عبد اهلل ساقور ‪،‬مرجع سبق ذكره نص‪.107‬‬


‫‪2‬ابراىيم مشورب ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص ‪.67‬‬

‫‪50‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫االقتصاد السياسي عند روبرت مالتوس (‪: )1834-1766‬‬

‫لقد اىتم مالتوس بالمجتمع و مشكالتو و ىو ما دفعو الى التركيز عمى أوضاع‬
‫السكان‪ ،‬و ليا يمكن القول انو أسس لمدرسة فكرية ترى أن سبب التخمف القائم في البمدان‬
‫‪1‬‬
‫النامية‪ ،‬يكمن في التزايد السكاني بمعدالت اكبر من قدراتو االقتصادية ‪.‬‬

‫مالتوس لديو كتاب شيير صدر بعنوان '' بحث في مبدأ السكان '' و قام بنشر‬
‫مؤلفات عديدة أىميا مبادئ االقتصاد السياسي لكن مكانتو برزت بتأليفو ألنو طرح موضوعا‬
‫جديدا ىو '' مشكمة السكان '' و عالقتيا باإلنتاج االقتصادي‪ ،‬و لقد تميز ىذا االقتصادي‬
‫بمعالجة ظاىرة النمو الديمغرافي و عالقتو مع النمو في اإلنتاج الفالحي (خاصة الحبوب)‬
‫عمما بأن ىذا األخير يتميز بقانون تناقض الغمة‬

‫إن نظرية مالتوس لمسكان تقوم عمى ثالث أسس و ىي ‪:‬‬

‫ىندسية‬ ‫لمتتالية‬ ‫تخضع‬ ‫لممجتمعات‬ ‫البشرية‬ ‫‪ ‬الزيادة‬


‫'' ‪ ،''1،2،4،8،16،32،64،128،256‬أين أن كل حد من ىذه المجموعة يضرب‬
‫بنفسو حين انتقالو لفترة ثابتة‬
‫حسابية‬ ‫لمتتالية‬ ‫يخضع‬ ‫الغذائي‬ ‫و‬ ‫الفالحي‬ ‫اإلنتاج‬ ‫في‬ ‫الزيادة‬ ‫‪ ‬أن‬
‫'' ‪''1،2،3،4،5،6،7،8،9‬‬
‫‪ ‬األساس األخير في ىذه النظرية ىو أن عدد السكان يتضاعف كل خمسة و عشرين‬
‫سنة‪ ،‬و بمعنى أن المرور من ‪ 2‬إلى ‪ 3‬في السمسة األولى تحتاج الى ‪ 25‬سنة و‬
‫كذلك من ‪ 3‬إلى ‪ 4‬وىكذا دواليك‬

‫و النتيجة الحتمية ىو أن يأتي يوم لن يكفي اإلنتاج إلطعام السكان الذين يتكاثرون‬
‫عمى الصورة التي ذكرت سابقا فتكون الكارثة و الصدمة و ما يتبعيا من حروب و مجاعات‬
‫و أمراض‬

‫‪1‬نفس المرجع ‪،‬ص‪.73‬‬

‫‪51‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ي رجع الفضل الى ىذا االقتصادي في دراسة تأثير السكان عمى النمو االقتصادي‬
‫الذي أصبح مرجعا لالقتصاديين بعد ذلك و بالتالي العالقة بين األجر الحقيقي و نسبة النمو‬
‫الديمغرافي اي بفضل مالتوس التأثير في جانب األجور لتقميصيا من نسبة النمو السكاني‬

‫السياسة المالتوسية ‪:‬‬

‫نتيجة ليذه النظرية يرى مالتوس أن رغم ارتفاع اإلنتاج‪ ،‬الطريق الوحيد عمى المدى‬
‫الطويل ىو ارتفاع البؤس‪ ،‬و لمحل من ىذه المشكمة االجتماعية يرى روبرت مالتوس انو‬
‫يجب ‪:‬‬

‫‪ ‬تحديد النسل‪ :‬فيعتبر تحديد النسل عند مالتوس ضرورة البد منيا و لكن ىذا التحديد‬
‫يجب أن يكون ال ينا في األخالق و الدين‪ ،‬ذلك ألن معارض صريح الستعمال كل‬
‫الطرق الغير مشروعة لمنع إنجاب األطفال‬
‫‪ ‬يطالب بعدم الزواج أو تأخيره بالنسبة لمطبقة الفقيرة و يطمب منيا أن تمتنع لعدم‬
‫استطاعتيا أن تقوم بتربية األطفال‬
‫‪ ‬يطمب من الطبقة الغنية أن تترك فكرة اإلحسان الى الطبقة الفقيرة ألن ذلك يشجع‬
‫ىذه الطبقة عمى الزواج‬

‫االقتصاد عند جون باتيست ساي '' ‪'' 1832-1767‬‬

‫لقد اشتير ىذا االقتصادي الفرنسي بقانونو '' قانون المنافذ '' أو قانون األسواق‬
‫انطالقا من دراستو لألعوان االساسيون في االقتصاد‪. 1‬‬

‫مبدأ قانون المنافذ أن الفكرة األساسية ليذا القانون أن العرض يخمق الطمب و بالتالي‬
‫يخمق التوازن في األسواق و ذلك انطالقا من فكرة أن اإلنتاج يؤدي الى تبادل السمع و‬
‫البضائع و ىذه العممية يتحصل الناتج عمى مداخيل تسمح لو بدفع أثمان عناصر اإلنتاج و‬
‫خاصة اليد العاممة و بذلك يستطيع الفرد الحصول عمى السمع و البضائع التي تحقق لو‬

‫‪ 1‬رفيقة حروش ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.63‬‬

‫‪52‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫المنفعة اي يكون ىناك خمق لمطمب‪ ،‬و يعتمد ساي عمى فرضيات ىامة في ىذا القانون‬
‫أىميا ‪:‬‬

‫‪ ‬النقود ليا دور الوسيط فقط‬


‫‪ ‬إلزامية تقسيم العمل‬
‫‪ ‬ضرورة تبادل السمع و البضائع‬
‫‪ ‬ضرورة المنافسة‬
‫‪ ‬التقدم التكنولوجي‬

‫االقتصاد عند جون ستيوارت ميل (‪)1873-1806‬‬

‫ىو ابن الفيمسوف الكبير '' جيمس ميل '' و يبدأ ميل تحميمو بالتفرقة بين قانون‬
‫اإلنتاج (الذي يتأثر أكثر بعوامل تقنية) و قانون التوزيع (الذي يتأثر بالعوامل البشرية) و‬
‫بالتالي يرى ميل انو يمكن إحداث تغيير في قانون التوزيع لكن ال يكمن ذلك في اإلنتاج‪.1‬‬

‫تحميل ميل لإلنتاج ‪:‬‬

‫أضاف ميل لإلنتاج رأسمال كعنصر ثالث من عوامل اإلنتاج و يؤكد ميل أن رأسمال‬
‫منتج و انو يأتي من االدخار و حسب ميل فإن التقدم االقتصادي ال يمكن أن يتم اال بتراكم‬
‫رأسمال ‪.‬‬

‫تحميل ميل لمتوزيع ‪:‬‬

‫لم يدرك ميل أن الدخول ىي أسعار عوامل اإلنتاج كما انو لم يميز بين المستحدث و‬
‫الرأسمالي‪ ،‬و يوضح ميل بعض النقاط ‪2‬مثل ‪:‬‬

‫‪ ‬العمل المنتج ىو الذي يخمق القيمة المضافة و يسمح بالتراكم‬


‫‪ ‬يمكن تحقيق توازن ما بين إجمالي المداخيل و إجمالي االستيالك‬
‫‪ ‬الرأسمال ىو مخزون متراكم خالل سنوات إنتاج العمل‬

‫‪1‬نور الدين حاروش ‪ ،‬تاريخ الفكر السياسي ‪.‬ط‪ ،3‬الجزائر ‪:‬شركة دار األمة لمنشر و التوزيع ‪،2012،‬ص‪.238‬‬
‫‪ 2‬محمد عمر أبو عبيدة ‪،‬عبد الحميد محمد شعبان ‪.‬مرجع سبق ذكره ‪.318 ،‬‬

‫‪53‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ ‬الزيادة في الرأسمال ىي التي تؤدي الى الزيادة في العمل ‪.‬‬


‫‪ ‬االدخار يخمق االستيالك‪.‬‬
‫‪ ‬معدل الفائدة يتحدد حسب تكمفة العمل ‪.‬‬
‫‪ ‬نظرية التجارة الخارجية تعتمد عمى مبدأ '' القيم الدولية '' اي أن التجارة ما بين الدول‬
‫تعتمد أساسا حسب الطمب المتبادل ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫الموضوع الرابع ‪ :‬المدرسة الحدية (النيو كالسيكية)‬


‫تعتمد ىذه المدرسة عمى ادماج التحميل الوحدوي في دراسة سموك األعوان االقتصاديين‬
‫خاصة في أخذ الق اررات االقتصادية أي التطرق أكثر الى جانب االقتصاد الجزئي و تنطمق‬
‫الفكرة الرئيسية ليذه المدرسة من ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن االقتصاد ىو عمم يدرس االختيارات الصعبة (أي العالقة بين الندرة و الحاجة ‪،‬‬
‫اليدف و الوسيمة ) في ظروف اقتصادية صعبة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬استعمال أساليب حديثة مثل التحميل الوحدوي‪.‬‬
‫التحميل الحدي ىو استعمال الطرق الحسابية لموصول الى معرفة القرار األخير سواء في‬
‫االنتاج أو االستيالك بالنسبة لممدرسة النيو كالسيكية يعتمد عمى دراسة الفرق الموجود سواء‬
‫عن عمميات االستيالك أو عمميات االنتاج أي أن ىذه المدرسة تعطي أىمية لدراسة ىذه‬
‫المرحمة أو خطوة عمى حدى فيي تستعمل األسموب الحدي لموصول الى دراسة األعوان‬
‫االقتصاديون في حالة كاممة‪.1‬‬
‫يعتبر االقتصاديون أن أفكار المدرسة الحدية ىي امتداد الفكر االقتصادي لممدرسة‬
‫الكالسيكية لكونيا تؤمن بالميبيرالية كأساس لمتصرفات االقتصادية ‪ .2‬و ليذا السبب جرت‬
‫العادة عند االقتصاديين بتسمية الحدين بالكالسيك المحدثين اال أنيا تختمف عنيا في نقطتين‬
‫األولى ‪ :‬تتمثل في طريقة التحميل ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬تتمثل في نظرية القيمة‪.‬‬
‫و تتخمص األسس و المبادئ التي تعتمد عمييا المدرسة الحدية في النقاط التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬استعمال األسموب الحدي في البحث ‪ ،‬حيث جاء الحديون بطريقة جديدة في التحميل‬
‫االقتصادي ‪ ،‬وقد قامت ىذه المجموعة تحميميا عمى فكرة المنفعة الحدية ألي منفعة‬
‫الوحدة االخيرة ‪.‬‬
‫‪ -2‬يعتبر الحديون أن ارتفاع قيمة سمعة ما مقابل سمعة أخرى راجع الى أن منفعة األولى‬
‫ألكبر من منفعة الثانية بالنسبة لممستيمك ‪ .‬وبذلك انتيجوا أسموب التحميل الجزئي‬
‫بدال من التحميل الكمي الذي انتيجو الكالسيك‪.‬‬

‫‪1‬عبد اهلل ساقور ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪.121،‬‬


‫‪ 2‬محمد دويدار ‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪-‬ص‪.230-228،‬‬

‫‪55‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ -3‬جعمت ىذه المدرسة االقتصاد عمما قابال لمقياس اي استعمال الرياضيات ‪.‬‬
‫‪ -4‬الطمب ىو المحدد الرئيسي لمسعر و ليس تكاليف االنتاج ‪.‬‬
‫ومن أىم مبادئ ىذه المدرسة ما يمي ‪:‬‬
‫‪ -1‬االعتماد أساسا عمى التطور في الفكر السياسي لتحديد بعض المفاىيم االقتصادية‬
‫لمنظريات السابقة ‪.‬‬
‫‪ -2‬التأثر بالمحيط الديني و الفمسفي بحيث تعتمد ىذه المدرسة عمى االنتقال من التحميل‬
‫الموضوعي الكمي الى التحميل الذاتي الجزئي ‪.‬‬
‫‪ -3‬التعامل بعنصر التغيرات في النظام االقتصادي أي التغييرات في سموك األفراد‬
‫خاصة كل من المستيمك ‪،‬المنتج أو حتى الدولة‪.‬‬
‫‪ -4‬التعامل بوضعية الحالة االجتماع‪.‬‬
‫و يعتمد ىذا المذىب عمى ثالث مدارس ىامة وىي‪:‬‬
‫أوال المدرسة النمساوية‬
‫تتسم المدرسة النمساوية برفضيا كل التحاليل الكالسيكية التي تعتمد عمى معطيات‬
‫موضوعية‪ ،‬و باستنادىا عمى ذاتية اإلنسان و نفسيتو لتغيير تصرفاتو االقتصادية و تقييمو‬
‫لمثروات لذلك سمت ىذه المدرسة باالتجاه النفسي أو البسيكولوجي ‪ ،‬و لقد اشتير من بين‬
‫المؤلفين الذين ينتمون إلى ىذه المدرسة النمساوية ثالثة أسماء و ىي ‪:‬‬
‫* كارل منجر‪ :Carl Menger‬اىتم ىذا المفكر بنظرية الخيرات و نظرية القيمة‪ ،‬فيو يرى‬
‫أن الخيرات ال يمكن أن يكون ليا وجود ممموس‪ ،‬إال إذا قابمتيا منفعة أو حاجة بشرية ليا ‪.‬‬
‫و من ىذا المنطمق فيو يقسم الخيرات إلى قسمين‪ :‬خيرات حرة [ مجانية ] كاليواء‪ ،‬و خيرات‬
‫اقتصادية [ مربوطة بقيمة ] كالسمع ‪.1‬‬
‫أما قيمة ىذه الخيرات فتقاس حسب رأيو بدرجة األىمية التي يعطييا ليا المستيمك وقد‬
‫تكون لمخيرات قيمة استعماليو دون أن تكون ليا قيمة تبادلية‬
‫أما فيما يخص نظرية القيمة فالسمعة في نظره يجب إلى تكون مييأة إلشباع الحاجة‬
‫اإلنسانية ‪ 2.‬كما قسم السمع إلى سمع المرتبة األولى وىي التي تشبع الحاالت اإلنسانية‬

‫‪ 1‬رفيقة حروش ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص ‪.033‬‬


‫‪2‬مرجع نفسه ‪،‬ص ‪.031‬‬

‫‪56‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫المال)‪.‬‬ ‫(رأس‬ ‫اإلنتاجية‬ ‫السمع‬ ‫وىي‬ ‫عالية‬ ‫مرتبة‬ ‫وفي‬ ‫مباشرة‪،‬‬


‫ويعتبر منجر أن السمعة لن تكون لدييا قيمة اقتصادية ما لم يكن ىناك طمب عمييا أي‬
‫المنفعة‪.‬‬ ‫مبدأ‬ ‫وفق‬ ‫تصرف‬
‫* بوم باورك "‪ :"Bohm Bawerk‬استعمل نفس الطريقة التي استعمميا " مانجر"‪ ،‬و لكنو‬
‫ركز أكثر عمى نظرية المنظم‪ ،‬حيث اعتبر ىذا األخير بمثابة محور النمو االقتصادي و‬
‫قائد التقدم البشري‪ .‬و في ىذا اإلطار‪ ،‬تطرق إلى ضرورة التفرقة بين الربح و الفائدة عمى‬
‫أساس أن الربح عائد خاص بالتنظيم‪ .‬أما الفائدة فيي عائد خاص برأسمال‪.‬‬
‫* فون فيزر ‪ :VON WISER‬جاء ليعطي تفسي ار لإلنتاجية الحديثة لعوامل اإلنتاج ‪ ،‬أي‬
‫إنتاج آخر وحدة مستعممة من رؤوس األموال كالعمل مثال‪ ،‬وأكد عمى معرفة قيمة ىذه‬
‫اإلنتاجية عمى أنيا شيء ضروري ألنو يعرفنا بنسبة كل عامل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدرسة لوزان‬
‫تميز في ىذه المدرسة االقتصادي الفرنسي ليون ولراس ‪ ، Walras Léon‬الذي اشتير بعدة‬
‫أعمال‪ ،‬أشيرىا ‪ :‬نظرية المبادلة و القيمة ‪،‬و نظرية حول التوازن العام ‪.‬‬
‫فيما يخص نظريتو األولى‪ :‬فانو يعتبر أن المبادلة تنشأ عن تداخل بين ظاىرة الندرة و ظاىرة‬
‫المنفعة‪ ،‬أو بمعنى آخر‪ ،‬إن الظاىرتين تمعبان دو ار ىاما في تحديد قيمة المادة‪.‬‬
‫كما يرى أيضا أن المحيط االقتصادي عبارة عن سوق كبيرة يتوسطو أو يسيره المنظمون‬
‫الذين يشترون خدمات اإلنتاج [ فالحون‪ ،‬رأسماليون‪ ،‬عمال]‪ ،‬و من خالل ىذا التعامل‬
‫العفوي أو التمقائي ليذا النشاط يحدث التوازن العام ‪.‬ىذا بالطبع‪ ،‬من خالل تدخل محددات‬
‫السوق و المتمثمة في العرض و الطمب ‪.1‬‬
‫نظرية التوازن العام‬
‫يرجع الفضل في شرح ىذه النظرية الى االقتصادي ليون واراس حيث ينطمق في التحميل‬
‫من الفرضيات التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬ضرورة وجود سوق تنافسي‪.‬‬


‫‪ -2‬االعتماد عمى سموك األعوان االقتصاديين‪.‬‬

‫‪1‬حازم الببالوي ‪،‬تاريخ الفكر االقتصادي ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.55‬‬

‫‪57‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ -3‬االعتماد عمى ثالث عناصر في االنتاج ‪ :‬األرض ‪ ،‬رأسمال و اليد العاممة‬


‫يتخذ والراس أيضا ثالث أنواع من األسواق تؤثر كل واحدة عمى األخرى و تتأثر بيا ‪ ،‬ىذه‬
‫األسواق يشترط التوازن فييا‪ 1‬و ىي ‪ :‬سوق البضائع ‪ ،‬سوق الخدمات ‪ ،‬سوق الرساميل‪.‬‬

‫مثال نأخذ‪ :‬الجدول التالي‪:‬‬

‫االنتاج‬ ‫األسواق (‪)MARCHES‬‬


‫(‪)PRODUITS‬‬ ‫السوق ‪A‬‬ ‫السوق ‪B‬‬ ‫السوق ‪C‬‬
‫المنتوج ‪X‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪10‬‬
‫المنتوج ‪Y‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪10‬‬
‫المنتوج ‪Z‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪20‬‬
‫لكي يحدث التوازن في ىذه األسواق اقترح والراس ما يمي‪ :‬في االنتاج ‪ X‬يعمل والراس عمى‬
‫تحقيق التوازن في األسواق الثالث بحيث ‪:‬‬

‫‪ -1‬يتم تحويل ‪ 10‬وحدات من السوق ‪ A‬الى السوق ‪ C‬ويتم تحويل ‪ 10‬وحدات من‬
‫السوق ‪ B‬الى السوق ‪.C‬و من ىنا يحدث التوازن بحيث يصبح ل السوق ‪30 A‬‬
‫وحدة و السوق ‪ 30 B‬وحدة و لمسوق ‪ 30 C‬وحدة‪.‬‬

‫‪ -2‬أما في االنتاج ‪ Y‬يتم تحويل ‪ 10‬وحدات من السوق ‪ A‬الى السوق ‪ B‬و الى‬
‫السوق ‪ .C‬و من ثم يصبح لدى السوق ‪ 20 A‬وحدة و السوق ‪ 20 B‬وحدة و‬
‫السوق ‪ 20 C‬وحدة و بالتالي يحدث التوازن ‪.‬‬
‫و بيذا‬ ‫‪ -3‬في االنتاج ‪ Z‬تم تحويل ‪ 10‬وحدات من السوق ‪ A‬الى السوق ‪B‬‬
‫يحدث التوازن عمى مستوى األسواق الثالث في المنتوجات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬المدرسة التوافقية‬
‫يعد "ستانمي جيفنس –‪“Stanlay Jevons‬من الكتاب النيوكالسيك [ الحديين ] الثالثة‬
‫الذين دشنوا بدراستيم المدرسة الحدية ‪ .‬و لقد انتقد الكالسيكيين الماركسيين في قوليم أن‬

‫‪1‬سوزي عدلي ناشد ‪ ،‬االقتصاد السياسي النظريات االقتصادية‪ .‬بيروت ‪:‬منشورات الحمبي الحقوقية‪،2009،‬ص‪.109‬‬

‫‪58‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫مصدر القيمة ىو العمل ‪ ،‬و عمل موقفو بحكاية الصياد الذي يقتني وقتا معينا في صيد‬
‫سمكة و لكنو يفاجئ بإخراج قطعة ألماسة من عرض البحر عوض السمكة‬
‫و ىكذا يحصل عمى شيء لو قيمة رفيعة رغم قضاءه نفس الوقت الذي كان عميو أن يقضيو‬
‫لو اصطاد سمكة‪.‬‬
‫أي أن القيمة ال تتأثر بالعمل بل بالمنفعة ‪ .‬فيو بذلك طور المفاىيم االقتصادية عندما أدخل‬
‫عنصر الزمن في التحميل‪ .‬وفرق بين المدة القصيرة والمدة الطويمة‪.‬‬
‫كما يعد "ألفريد مارشال‪ “Alfred Marshall-‬من أكبر و أنضج المفكرين الحديين‪ ،‬فمارشال‬
‫حاول التوفيق بين كافة اتجاىات النيوكالسيك بل اتسع ىذا التوفيق ليشمل التوفيق بين‬
‫الكالسيك والنيوكالسيك ‪.‬فرفض المنيج التجريدي في الفكرين (الكالسيكي والنيوكالسيكي)‬
‫وقام بادخال الحقائق الواقعية في تحميمو االقتصادي (سواء كانت فردية سيكولوجية أو بيئية‬
‫أو اجتماعية)‪ ،.‬فاستطاع أن يجمع في فرضية واحدة كل ما جاء بو الكالسيك و‬
‫النيوكالسيك‪ .‬بحيث أىتم بقضية األسعار و القيمة ‪ .‬فجمع بين فكرة الكالسيكيين و الحديين‪.‬‬
‫فاألولون قالوا ‪ :‬أن القيمة تحدد عمى أساس كمفة اإلنتاج‪ ،‬أي عمى أسس موضوعية‪ .‬و‬
‫اآلخرون قالوا‪ ،‬أن مصدرىا ىو المنفعة‪ ،‬أي أنيا تتحدد عمى أسس ذاتية‪ .‬أما " مارشال"‬
‫‪،‬فانو يرى أن لكمتا الظاىرتين‪ ،‬دو ار في تحديد القيمة‪ ،‬أو باألحرى‪ ،‬ىل التكاليف ىي التي‬
‫تحدد السعر بمفرده‪ ،‬أم المنفعة ىي التي تحدده بمفردىا‪ .‬و لكن بالتأكيد‪ ،‬إن كمييما يساىم‬
‫بقسط في تحديد السعر ‪.‬‬
‫نظرية األسعار ‪:‬‬
‫تنطمق فكرة ىذه النظرية من أن المستيمك يبحث دائما عن تعظيم الفائدة و المنتج في تعظيم‬
‫الفائدة و ليذا و كذلك المنتج في تعظيم الفائدة و ليذا الغرض فان ىذه المدرسة ترى أن‬
‫السعر ىو الذي يمكن أن يحقق ين المصمحتين و ذلك في اطار ما يسمى بالسوق و في‬
‫الجدول التالي سنبين أنواع األسواق التي يتم فييا أخذ القرار سواء بالنسبة لممستيمك أو‬
‫المنتج ‪.‬‬
‫من خالل الجدول التالي يتبين لنا كل أنواع المنافسة و االحتكار‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫العرض‬
‫عدد قميل‬ ‫عدد كبير‬
‫واحد‬
‫الطمب‬
‫االحتكار‬
‫منافسة القمة‬ ‫المنافسة التامة‬ ‫عدد كبير‬

‫احتكار متغير‬ ‫منافسة القمة الثنائية‬ ‫منافسة القمة‬ ‫عدد قميل‬

‫احتكار متغير‬ ‫احتكار‬ ‫واحد‬


‫احتكار ثنائي‬

‫تعتبر األفكار التي جاءت بيا النظريات التقميدية األساس الذي ساعد عمى نشوء‬
‫وتطور الفكر االقتصادي الحديث حيث كان التناقض بين االتجاىين والتعارض في األفكار‬
‫أو التوافق فيما بينيا بمثابة الشبيو والتشجيع لمبحث عن نظرية كاممة تجمع كافة المتغيرات‬
‫التي تتداخل في عالقات داخمية ‪ ،‬فاالتجاه الحدي جاء كرد فعل مضاد لمقصور التي عجزت‬
‫المدرسة الكالسيكية عن تقديم قوانين اقتصادية عممية مضبوطة ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫الموضوع الخامس ‪:‬المدرسة الماركسية(االشتراكية)‬


‫كارل ىانريك ماركس فيمسوف ألماني و اقتصادي و عالم اجتماع‪ ،‬و مؤرخ و صحفي‬
‫و اشتراكي ثوري ‪ ،‬عاش في الفترة(‪. )1818/1883‬لعبت أفكاره دو ار ىاما في تأسيس عمم‬
‫االجتماع و في تطوير الحركات االشتراكية و اعتبر ماركس أحد أعظم االقتصاديين في‬
‫التاريخ نشر العديد من الكتب خالل حياتو ‪ ،‬اىميا بيان الحرب الشيوعي ‪ ،1848‬و رأس‬
‫المال ‪.1867-1894‬‬

‫يبدأ ماركس تحميمو لالقتصاد بنقد موضوع و منيج االقتصاد السياسي الكالسيكي ثم‬
‫يقدم ليما بديال يمكنو من تقديم بناء نظري يتعمق باالقتصاد الرأسمالي و قوانين حركيتو‪. 1‬‬
‫فيثير ماركس اوال التساؤل بالنسبة لموضوع االقتصاد السياسي التقميدي‪ ،‬من حيث طبيعتو و‬
‫حدوده‪ .‬فيو انطمق من بروز بعض االنتقادات‪ ،‬خاصة مع تطور األحوال االقتصادية في‬
‫بريطانيا و فرنسا (‪ ،)1811-1871‬و يمكن تمخيص أىم االنتقادات الموجية لمكالسيك‬
‫فيمايمي ‪:‬‬

‫‪ -1‬اعتماد النظرية الكالسيكية كثي ار عمى التحميل الكمي و تجاىل التحميل الكيفي ‪.‬‬
‫‪ -2‬فكرة الكالسيك أن كل القوانين االقتصادية ىي نتيجة لمحالة النفسية لإلنسان ىي‬
‫خاطئة بحيث تتناسى دور و أىمية العالقات االجتماعية ‪.‬‬
‫‪ -3‬اعتقاد الكالسيك بأن كل الظواىر االقتصادية ىي ظواىر أبدية و ىذا كذلك اعتقاد‬
‫خاطئ حسب ماركس الذي يرى أن ىذه الظاىرة متعمقة بالطبيعة الديناميكية (أي كل‬
‫مظير اقتصادي متعمق باألشكال االجتماعية لإلنتاج)‬
‫‪2‬‬
‫و يجب اإلشارة أن النظرية الماركسية في االقتصاد السياسي قد تأثرت بثالث تيارات ىامة‬
‫‪:‬‬

‫‪1‬نور الدين حاروش ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.335‬‬


‫‪2‬محمد دويدار ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص ‪.208‬‬

‫‪61‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ ‬الفمسفة الكالسيكية‬
‫‪ ‬االقتصاد السياسي البريطاني‬
‫‪ ‬التيارات االقتصادية الفرنسية‬

‫أما بالنسبة لماركس يتعمق موضوع االقتصاد السياسي بعممية االنتاج و التوزيع و بطبيعتيا‬
‫الدياليتيكية (اي الجدلية) ‪ . 1‬فالظواىر االقتصادية التي تحتوييا ىذه العممية ليا طبيعة‬
‫ديناميكية‪ ،‬و من ثم يكون لمقوانين التي تحكميا ذات الطبيعية ‪.‬‬

‫فالحركة من طبيعة ىذه الظواىر التي ىي اجتماعية و من ثم تاريخية‪ ،‬في ىذا المجال‬
‫يتعين التمييز بين ‪:‬‬

‫‪ -‬ظواىر اقتصادية مشتركة بين أكثر من شكل من األشكال االجتماعية لإلنتاج‬


‫‪ -‬ظواىر نوعية يتميز بيا شكل واحد من األشكال االجتماعية لإلنتاج‬

‫و عميو فإن ماركس يعتمد عمى النظرية الدياليتيكية لمعالقة بين االنسان و الطبيعة و ذلك‬
‫حسب نقطتين ‪:‬‬

‫‪ ‬المادية الجدلية ‪ :‬أي أن كل الحركات الطبيعية لإلنسان (األكل‪ ،‬الشرب‪ ،‬البيع و‬


‫الشراء‪ ،‬االستيالك ‪ )....‬ىي مرتبطة أساسا بالمادة و ىي غير منفصمة لكن باإلشارة‬
‫أن ىذه الحركات ىي في استمرار الذي يؤدي إلى تغيير ‪.‬‬
‫‪ ‬المنطق الدياليتيكي ‪ :‬أي أن تفسير العالقة بين االنسان (حركاتو) و الطبيعة ىي‬
‫عالقة منطقية مبنية عمى أن حركة الفكر ليس إال انعكاسا لحركة الواقع ‪.‬‬

‫نظرية القيمة عند ماركس ‪:‬‬

‫في موضوع القيمة فإن كارل ماركس يشترك مع ريكاردو في بعض النقاط‪ ،‬فماركس جعل‬
‫من نظرية القيمة حجر الزاوية في بناءه النظري و تحميمو االقتصادي ‪.2‬‬

‫‪1‬عدناني رزيقة ‪ ،‬الكافي في الفمسفة ‪.‬الجزائر ‪:‬دار الريحانة لمكتب ‪،‬ط‪،2010، 3‬ص‪-‬ص‪.28-26،‬‬
‫‪ 2‬رفيقة حروش ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.146‬‬

‫‪62‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ينطمق ماركس في تحميمو من مفيوم البضاعة التي يرى أن من الضروري فصميا عن‬
‫المنتوج و يرى أن كل بضاعة تحتوي عمى قيمة االستعمال و قيمة التبادل لكن يحث ماركس‬
‫أن تحديد أي نوع من القيمة (استعمالية أو تبادلية) تتعمق أساسا بالعمل ‪.‬‬

‫فالقيمة االستعمالية ‪ :‬ىي صالحية المنتوج إلشباع حاجة معينة‪ ،‬تعود ىذه الصالحية إلى‬
‫المواد التي يتكون منيا المنتوج و العمل الذي يتفق في إنتاج ىذا المنتوج ‪.‬‬

‫القيمة ‪ :‬فالقيمة حسب ماركس ىي ظاىرة تنتمي إلى انتاج المبادلة و مقدار القيمة يقاس‬
‫بكمية العمل الالزمة إلنتاج السمعة ‪.‬‬

‫القيمة التبادلية ‪ :‬ىي عالقة بين قيمتين‪ ،‬و التي تكمن من الحصول عمى بضائع أخرى أي‬
‫تعتمد عمى تبادل السمع و البضائع ‪ .‬و القيمة النسبية لسمعة ما في صورة و السمعة التي‬
‫تمعب دور النقود تكون بصدد لمن ىذه السمعة ‪.1‬‬

‫أما عن فضل القيمة ‪:‬‬

‫ينطمق ماركس من نظرية القيمة لتحميل مفيوم القيمة الزائدة (أو فضل القيمة) خاصة أن‬
‫العمل ىو مثل أي سمعة أي يخضع لعممية العرض و الطمب‪ ،2‬لكن يجب التفرقة بين قوة‬
‫العمل و إنتاج العمل حيث أن ‪:‬‬

‫‪ -1‬قوة العمل ‪ :‬التكاليف الالزمة إلنتاج قوة العمل أو لتجديدىا و ىي كمفة العمل و‬
‫قيمتيا تقاس بالزمن الذي يحتاجو العمل إلنتاج الحاجات ‪.‬‬
‫‪ -2‬ناتج العمل ‪ :‬الوقت الذي استعمل في انتاج السمعة أم بضاعة ما من طرف العامل‬
‫و يكون غالبا أكبر وقت قوة العمل ‪.‬‬

‫و بالتالي فإن حساب فضل القيمة يكون عن طريق الفرق بين ساعات العمل المخصصة‬
‫لقوة العمل و ساعات العمل المخصصة في انتاج العمل أي الفرق بين األجر المقدم‬
‫لساعات قوة العمل و األجر المقدم لساعات انتاج العمل ‪.‬‬

‫‪1‬ابراىيم مشورب ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص ‪.105‬‬


‫‪2‬فريديرك انجمز ‪ ،‬موجز رأس المال ‪.‬لبنان ‪:‬دار الفرابي ‪،‬ط‪،1،2013‬ص‪.44‬‬

‫‪63‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫و بالتالي ‪ :‬القيمة الزائدة ىي الفرق بين القيمة الجديدة المنتجة من اليد العاممة و قيمة‬
‫ىذه اليد العاممة‪ .‬و يمكن شرح ذلك في المثال التالي ‪:‬‬

‫نسبة فضل القيمة‬ ‫عدد ساعات العمل عدد ساعات العمل قيمة فضل القيمة‬
‫النتاج العمل‬ ‫لقوة العمل‬
‫‪%66=100*6/4‬‬ ‫‪ 4‬ساعات‬ ‫‪ 10‬ساعات‬ ‫‪ 6‬ساعات‬
‫‪ 4‬ساعات ‪%83=100*6/5‬‬ ‫‪ 6‬ساعات ‪ 10‬ساعات‬
‫‪ 4‬ساعات ‪%100=100*6/6‬‬ ‫‪ 6‬ساعات ‪ 10‬ساعات‬
‫يرى كارل ماركس أن لمنقود دور أساسي في عممية خمق القيمة الزائدة و يتسم رأسمال إلى‬
‫نوعين ‪:‬‬

‫‪ ‬الرأسمال المتغير‪ :‬المبمغ المخصص لدفع أجور العمال ‪.‬‬


‫‪ ‬الرأسمال الثابت ‪ :‬المبمغ المخصص لشراء و استعمال اآلالت و المواد األولية ‪.‬‬

‫أشكال القيمة الزائدة‪: 1‬‬

‫القيمة الزائدة المطمقة ‪ :‬و يقصد بيا زيادة في المدة الزمنية لمعمل و لكنيا تتأثر‬ ‫‪-1‬‬
‫بالحدود الطبيعية و الفيزيائية لمعامل‬
‫‪ -2‬القيمة الزائدة النسبية ‪ :‬و يقصد بيا الزيادة في انتاجية العمل باالعتماد عمى التأثير‬
‫عمى المدة الزمنية و كذلك عن طريق المكننة ‪.‬‬
‫‪ -3‬القيمة الزائدة االضافية (الفرقية) ‪ :‬و يقصد بيا القيمة الزائدة المتحصل عمييا من‬
‫تحسين فعالية نمط العمل‪ ،‬اي االعتماد عمى االمكانيات الحقيقية لممؤسسة في‬
‫االنتاج بتكاليف أقل لمسمع ‪.‬‬

‫الربح ‪ :‬و ىو المبمغ النقدي الذي يبحث المنتج لتعظيمو و يكون خاصة الفرق بين التكاليف‬
‫المستعممة (اي رؤوس االموال المستعممة) و االيرادات المتحصل عمييا ‪.‬‬

‫‪1‬عبد المطيف بن اشنيو ‪ .‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪-‬ص‪.169-167،‬‬

‫‪64‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ينطمق ماركس من البنية الوسطية لمربح و يؤكد ان المنافسة ىي التي تخمق نوع من التعادل‬
‫في الربح بين كافة المؤسسات الصناعية و ىو يفرق كما ذكرنا سابقا بين نوعين من رأسمال‬
‫(ثابت و متغير)‬

‫و من كل ىذا يتضح ان البناء النظري لكارل ماركس يبدأ من نقده لمبناء النظري الكالسيكي‬
‫او التقميدي بفضل منيجو توصل ماركس في ذات الوقت الى ان يحقق لنفسو نقطة بدء‬
‫صمبة عن طريق االحتفاظ بما في النظرية التقميدية من نتائج اساسية صحيحة و ان يقدم‬
‫النظرية الت ي تمثل نفيا ليذه النظرية التقميدية‪ .‬عمى ىذا النحو يجد االقتصاد السياسي في‬
‫العممية التي يقطعيا من الكالسيك الى ماركس تطوره الدياليكتي ‪.‬‬

‫الموضوع السادس ‪:‬االقتصاد السياسي عند جون مينارد كينز(الكينزية)‪.‬‬


‫ولد جون مينارد كينز في بريطانيا عام ‪ ، 1883‬اقتصادي و رجل دولة ‪ ،‬درس في‬
‫جامعة كامبريدج ‪ ،‬و ىو تمميذ أللفرد مارشال و أصبح أستاذا فييا ‪ ،‬وفي عام ‪ 1919‬عين‬
‫ممثال لو ازرة المالية البريطانية في مؤتمر السالم في باريس‪ .‬أسس النظرية الكينزية من خالل‬
‫كتابو " النظرية العامة في التشغيل و الفائدة و النقود " سنة ‪ 1936‬و عارض النظرية‬
‫الكالسيكية‪ .‬كان لكينز مساىمة كبيرة في أزمة الكساد العالمية سنة ‪ 1929‬نتيجة لعجز‬
‫اإلطار الفكري لمنظرية الكالسيكية والنيوكالسيكية في حل أزمة الفساد العالمية سنة‬
‫‪.1929‬فقد أراد جون مينارد كينز أن يعالج مشكمة النظام ال أرسمالي دون القضاء عميو ‪،‬‬
‫حيث حاول كينز تسميط الضوء عمى سبب ىذه األزمة فظيور النظرية الكينزية كان ثمرة‬
‫الزمة الكساد ‪ 1933-1919‬وبالتالي فان كينز يعبر عن مرحمة جديدة من تطور‬
‫الرأسمالية‪.1‬‬

‫‪1‬جون مينارد كينز ‪،‬النظرية العامة لمتشغيل و الفائدة والنقود ‪.‬تر االمام عبد اروش ‪.‬أبو ظبي ‪:‬ىيئة أبو ظبي لمثقافة و‬
‫التراث ‪،‬ط‪،1،2016‬ص‪.220‬‬

‫‪65‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫السياسة االقتصادية المالية التدخمية الكينزية‬


‫يعتبر كينز البطالة سمة من سمات المجتمع الرأس المالي المتطور‪ ،‬وىي تمثل خط ار‬
‫كبي ار عميو ‪ ،‬ولمقضاء عمى ىذه البطالة ينصح كينز بالتنازل نيائيا عمى سياسة الحرية‬
‫االقتصادية وبتدخل الدولة إلصالح عيوب الرأسمالية‪.1‬‬
‫وبما أن البطالة تنشأ عن عدم كفاية الطمب الكمي الفعال عمى السمم فان السياسة التدخمية‬
‫لدفع حجم الطمب الكمي تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -1‬زيادة الطمب االستيالكي ‪ :‬يتحقق ذلك من خالل إعادة توزيع الدخول بين االفراد‬
‫توزيعا عادال وبالتالي البد من‬
‫‪ -‬فرض الضرائب عمى األغنياء ليتم اتفاقيا عمى الفقراء‪.‬‬
‫‪ -‬قيام الحكومة بتقديم الخدمات الضرورية إلى أصحاب الدخول المحدودة بأسعار‬
‫رمزية‪.‬‬
‫‪ - 2‬زيادة الطمب االستثماري‪ :‬و يتدفق ذلك من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬قيام الدولة بمشاريع استثمارية في حالة البطالة و توسيعيا‪.‬‬


‫‪ -‬قيام الدولة بتخفيض سعر الفائدة حق تشجيع المواطنين عمى االقتراض‪.‬‬
‫‪ -‬القضاء عمى االحتكارات االقتصادية حتى ال ترتفع األسعار ‪.‬‬
‫جاءت النظرية الكينزية لتعكس الظروف االقتصادية الموضوعية لمرأسمالية في مرحمة‬
‫أزمتيا العامة ‪ .‬و لكن تفسير كينز ألسباب حتمية البطالة‪ .‬لم يكن تفسي ار عمميا فيو يركز‬
‫بحثو عن أسباب حتمية البطالة و األزمات إلى عالم غير ممموس‪ ،‬و فيو ال يعتبر البطالة‬
‫نتيجة لمتندم التكنولوجي الذي يحقق في ظروف اإلنتاج الرأسمالي‪ ،‬و إنما ىي الشرط‬
‫الضروري لمتراكم الرأسمالي‪.‬‬

‫‪1‬عبد المطيف بن اشنيو ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.440‬‬

‫‪66‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫المحور الخامس ‪ :‬تعامل الييئات الدولية مع القضايا االقتصادية‪.‬‬

‫الموضوع األول ‪:‬األزمة االقتصادية العالمية ‪ 1929‬و مخمفاتيا ‪:‬‬

‫لقد عرفت الواليات المتحدة األمريكية خالل سنوات العشرينيات نموا و تطو ار اقتصاديا‬
‫سريعا أساسو بالدرجة األولى ارتفاع مستويات اإلنتاج الصناعي‪ ،‬أي ارتفاع وتيرة اإلنتاجية‬
‫لمسمع الصناعية ىذا من جية أولى‪ ،‬من جية ثانية اشتداد حدة المضاربة في البورصة ‪.‬‬

‫و قد انعكست سمات تطور النشاط الصناعي و المالي الذي حضي بو المجتمع‬


‫األمريكي و الذي لم عم أو شمل جميع الفئات المينية و الطبقات االجتماعية باستثناء فئة‬
‫المزارعين التي بقيت بمعزل عن ىذه الرفاىية ‪،‬و يرجع ذلك إلى انخفاض أسعار الجممة‬
‫لممحاصيل الزراعية‪ ،‬أما الدول األوربية التي كانت مصرحا الحرب العالمية الثانية فقد‬
‫واجيت مصاعب اقتصادية كبيرة‪ ،‬فألمانيا المجبرة عمى دفع تعويضات الحرب انيارت‬
‫عممتيا الوطنية و زادت نسبة الضخم بشكل كبير‪ ،‬إما بريطانيا فقد تأخر جيازىا الصناعي‬
‫بسبب المنافسة األمريكية‪ ،‬و لم يعد يتماش مع متطمبات التطور التكنولوجي‪ ،‬فمم تستطيع‬
‫بريطانيا استرجاع عافيتيا االقتصادية التي عاشتيا في القرنين السابقين‪ ،‬في ضل ىذه الضر‬
‫وف اجتاحت البالد موجة من االحتجاجات العمالية لتبمغ ذروتيا في سنة ‪ 1926‬بسبب‬
‫اإلضراب العام الذي حدث في روسيا‪. 1‬‬

‫بالنسبة لفرنسا وبفضل االستثمار في المستعمرات القديمة و نيب ثرواتيا الطبيعية و‬


‫استغالل اليد العاممة ‪،‬حققت ارتفاعا في نسبة النمو الصناعي و فائض في ميزانيا التجاري ‪.‬‬

‫أوال ‪:‬مظاىر األزمة‬

‫انطالق األزمة كان من بورصة وول ستريت بنيويورك يوم ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1929‬بعد طرح‬
‫‪ 19‬مميون سيم لمبيع دفعة راصدة فأصبح العرض أكثر من الطمب فانيارت قيمة األسيم‪،2‬‬

‫‪ 1‬عبد العمي كاظم المعموري ‪ ،‬تاريخ األفكار االقتصادية ‪.‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص –ص‪.392- 390،‬‬
‫‪ 2‬زينب حسين عوض اهلل‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪-‬ص ‪.230-227،‬‬

‫‪67‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫انتشار األزمة لم يكن عاب ار أو حادثا تقنيا بل استقرت األزمة و دامت و بمغت قطاعات‬
‫أخرى من االقتصاد األمريكي (الصناعة –السكك الحديدية – الخدمات العمومية ) تم‬
‫العالم الرأس مالي (أوروبا و‬ ‫انتقمت األزمة من الواليات المتحدة األمريكية إلى باقي‬
‫مستعمراتيا )‪.‬‬

‫المظاىر االقتصادية‪:‬‬

‫‪ -‬تراجع مؤشر اإلنتاج الصناعي العالمي‪ ،‬ما عدا روسيا و اليابان ‪.‬‬

‫‪ -‬إفالس المؤسسات التجارية و الصناعية و سقوطيا في المديونية‪.‬‬


‫‪ -‬بروز ظاىرة فائض اإلنتاج و انخفاض األسعار و إفالس الفالحين‪.‬‬

‫المظاىر االجتماعية‪:‬‬

‫‪ -‬معانات الفالح من انخفاض األسعار وارتفاع األسعار و ارتفاع الضرائب و المديونية و‬


‫اضط ارره الى بيع أراضيو و اليجرة ‪.‬‬

‫‪ -‬انتشار البطالة و ما رافقيا من بؤس وتشرد في المجتمعات الرأس مالية المعرضة لألزمة‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬أسباب انفجار األزمة‬
‫يتفق محممو األزمة العالمية لسنة ‪ 1929‬أن األسباب العميقة النفجار األزمة في الواليات‬
‫المتحدة في أكتوبر ‪ 1929‬ترجع الى ثالث ظواىر رئيسية‪:1‬‬

‫أ‪ -‬اختالف التوازن بين االنتاج و االستيالك‬

‫لقد تميزت فترة العشرينيات بانتشار نموذج حياة الرفاىية االمريكية المعتمدة عمى النمو‬
‫المضطرد لإلنتاج و االستيالك المفرط لممنتجات الصناعية غير انو ابتداء من سنة ‪1928‬‬
‫اصبح من الصعب تصريف بعض السمع بسبب تشبع االسواق الداخمية و الخارجية ‪.‬‬

‫بالنسبة لألسواق الداخمية وصل المستيمكون الى مستويات كبرى من التشبع من ناحية اولى‬
‫ومن ناحية ثانية ان ميل معدل الربح نحو االنخفاض ادى الى تراجع نمو االستيالك امام‬

‫‪ 1‬عبد اهلل ساقور ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.134‬‬

‫‪68‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫تسارع وتيرة نمو االنتاج خاصة في مجال انتاج السيارات و قطاع البناء و قد صاحب ىذا‬
‫كدلك انخفاض اجور بعض الفئات المينية كالمزارعين و العمال الموسميين و الذين بمغ‬
‫عددىم ‪ 02‬مميون عامل مستيم ظاىرة جيود االجور مقابل نمو االنتاج فمثال ارتفع االجر‬
‫االسبوعي في الصناعة بنسبة ‪ %1.4‬مقابل ارتفاع نسبة االنتاج ب ‪.%3.6‬‬

‫ان سوء توزيع نتائج النمو يمكن لمسو بشكل اساسي بين سنتي ‪ 1929-1922‬حيث لم تفع‬
‫االجور الحقيقية في القطاع الصناعي سوى ب‪ %17‬مقابل ارتفاع في االرباح الخاصة باب‬
‫المؤسسات تجاوز ‪% 62‬وىذا ما يفسر تراجع القدرة الشرائية لدى فئة الغالبية العظمى‬
‫العمال ىذا ما كان يحدث اخميا في الواليات المتحدة االمريكية ‪.‬‬

‫ب‪ -‬االفراط و التمادي في منح القروض‬

‫اعتمدت الرفاىية االقتصادية التي ميزت المجتمع األمريكي عمى تعبئة االستيالك الجماىيري‬
‫الواسع مستعممة في ذلك الحمالت االشيارية بجميع وسائل االعالم ضف الى ذلك تعميم‬
‫عمميات القرض االستيالكي اي اقتناء السمع و الخدمات بواسطة عمميات القروض التي‬
‫تمنحيا البنوك بفوائد حسب اجال محددة مسبقا‪ .‬والعممية في حد ذاتيا تعبر عن استالم‬
‫السمع عاجال والدفع يكون اجال وقد ترتب عن ذلك انفاق الدخل قبل حمول موعد قبضو ولكن‬
‫اذا كانت تسييالت القروض تحافظ عمى االستيالك بوتيرة مرتفعة اكثر مما تسمح بو القدرة‬
‫الشرائية وكذلك تشجع التوسع في االنفاق االستيالكي فان ىذه العوامل مجتمعة سوف تعمل‬
‫عمى تحويل القدرة الشرائية و الرفاىية االقتصادية الى مظاىر اصطناعية ليس اال‪...‬و ينتج‬
‫عن ذلك ظيور قوة شرائية مرتفعة ال تعكس حقيقية المستوى المعيشي لألمريكيين‪.‬‬

‫ج‪ -‬المضاربة في البورصة‪:‬‬

‫من المعروف ان المؤسسة االقتصادية تقف دائما امام ثالث خيارات في رسم استراتيجيتيا‬
‫التمويمية اوليا تحقيق التمويل الذاتي اي االعتماد عمى قدرتيا المالية المحضة كإعادة‬
‫استثمار ارباحيا غير موزعة او تخصيص جزء معين من ارادتيا لضمان تحقيق التمويل‬
‫الذاتي ‪،‬الخيار الثاني ىو المجوء الى السوق النقدي اي التمويل عن طريق القروض من‬
‫البنوك التجارية بسعر فائدة محدد مسبقا ‪ ،‬بينما الخيار الثالث فإمكان المؤسسة عمومية‬

‫‪69‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫كانت او خاصة ان تقوم باستصدار االسيم فتحول بذلك السماسرة الى وسطاء ماليين بين‬
‫البنك و المكتتبين في السوق المالي و لقد ادى عن المضاربة بشكل متسارع الى نتائج‬
‫وخيمة ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬نتائج االزمة‬

‫عرف العالم الرأسمالي تحويالت كبرى اثر االزمة العالمية لسنة ‪ 1929‬فاعتبرت ىذه‬
‫التغيرات نتائج ال يمكن االستيانة بيا باعتبارىا تركت اثار عميقة في تاريخ النظام الرأسمالي‬
‫‪،‬نجميا فيما يمي‪: 1‬‬

‫‪ -1‬ضعف االقتصاد العالمي ‪:‬‬

‫رغم تبني سياسيات االنتعاش و اعادة بعث االقتصاديات القومية و عمى راسيا برنامج ''‬
‫العيد الجديد '' اال ان سمة الضعف والركود قد غمبت عمى االقتصاد العالمي ‪ ،‬فمعدالت‬
‫النمو سجمت انخفاضا كبي ار مقارنة مع ما قبل االزمة ‪،‬و الطمب الكمي لم يعد يوازي االنتاج‬
‫الكمي و انعكس ذلك عمى تحقيق العمالة الكاممة و اتجو تنشيط االقتصاد و تطويره الى‬
‫االعتماد عمى الصناعات الحربية و دعم التسمح نظ ار لمستجدات الصراع التي بدأت تظير‬
‫بوادره ‪،‬اما حجم المبادالت التجارية قد تراجع حجمو الى ‪ 22‬مميار‪ $‬سنة ‪1938‬بعدما فاق‬
‫‪ 33‬مميار‪ $‬سنة ‪ 1928‬بسبب انتشار سياسة الحماية و القيود الجمركية عمى السمع‬
‫المستوردة و تبني بعض الدول سياسة االنغالق صراحة كما فعمت المانيا‪. 2‬‬

‫‪ -2‬تسببت األزمة في زعزعة االستقرار النسبي فب النظام الرأسمالي بكاممو‪.‬‬


‫‪ -3‬انسياب األزمة و تعميميا الى كل الدول الرأسمالية األخرى في فترات متتابعة‪ ،‬ىذه‬
‫األزمة التي كادت أن تقضي عمى النظام الرأسمالي في حد ذاتو ‪.‬‬
‫‪ -4‬تميزت األزمة بحدة شديدة حيث ضربت المؤسسات في العمق و بقوة كبيرة‪.‬‬

‫‪1‬ابراىيم عبد العزيز النجار ‪ ،‬األزمة العالمية و اصالح النظام المالي العالمي‪ .‬االسكندرية ‪ :‬الدار الجامعية‬
‫‪،2009،‬ص‪.95‬‬
‫‪2‬أحمد يوسف الشحات ‪،‬األزمات المالية في األسواق الناشئة ‪ ،‬القاىرة ‪:‬دار النيضة العربية ‪،2005،‬ص‪67‬‬

‫‪70‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ -5‬استمرار آثار األزمة حتى قيام الحرب العالمية الثانية ‪ .1939‬ففي الكثير من األحيان‬
‫تكون الحرب ىي الوسيمة الوحيدة لمخروج من المأزق االقتصادي‪ ،‬و ىذه حقيقة لصيقة‬
‫بالنظام الرأسمالي‪.‬‬

‫الموضوع الثاني ‪ :‬منظمة التجارية العالمية‬

‫تعتبر االتفاقية المنشئة لمنضمة التجارة العالمية تتويجا لنتائج التي توصمت إلييا الدول‬
‫الم شاركة في جولة االوروجواي لممفاوضات التجارة متعددة األطراف و التي تم التوقيع عمى‬
‫االتفاق النيائي ليا في مدينة مراكش المغربية في أفريل ‪ 1994‬و دخمت حيز التنفيذ الفعمي‬
‫‪ Gatt‬و لتمكين اكبر عدد ممكن من الدول‬ ‫في جانفي ‪، 1955‬فيي جاءت لتحل محل‬
‫إتمام إجراءات التصديق و ىي تعتبر كمنظمة ليا الشخصية و القدرة القضائية عمى تنفيذ‬
‫مياميا و حل النزاعات التجارية ‪.1‬‬

‫(شممت المنظمة أثناء إنشائيا ‪ 110‬دولة ‪ 85‬دولة نامية و في الدوحة في ‪ 2001‬أوصمت‬


‫العدد إلى ‪ 242‬دولة عضو )‪.‬‬

‫و االنضمام لعضوية المنظمة مفتوح لجميع الدول التي تمتزم بتقديم تنازالت جمركية و غير‬
‫جمركية بيدف تحسين فرص منتجات الدول األخرى مقابل استفادتيا من اإلعفاءات المماثمة‬
‫من الدول األخرى ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لالنسحاب من المنظمة ‪ ،‬نظمت ضوابطو المادة ‪ 15‬من االتفاقية ‪،‬حيث يحق‬
‫ألي و االنسحاب من المنظمة و يصبح ىذا االنسحاب ساريا بعد مضي ‪ 6‬أشير من تاريخ‬
‫إيداع إشعار باالنسحاب يحرر من طرف المدير العام لممنظمة مع إسقاط كافة االلتزامات‬

‫اىداف المنظمة ‪:‬يمكن القول ان اليدف االساسي التي تسعى اليو المنظمة يدور حول‬
‫تحرير التجارة الدولية وىي تسعى لتحقيق االىداف التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬خمق جو تنافسي دولي في التجارة العالمية يعتمد عمى الكفاءة االقتصادية في‬
‫تخصيص الموارد‪ .‬تعظيم الدخل القومي العالمي و رفع مستويات المعيشة‬

‫‪ 1‬بن قانة اسماعيل ‪ ،‬الوجيز في تاريخ الوقائع االقتصادية ‪.‬الجزائر ‪:‬دار الحامد لمنشر و التوزيع ‪،2016،‬ص‪.150‬‬

‫‪71‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ ‬تحقيق التوظيف الكامل لموارد العالم‪ ،‬و زيادة االنتاج بشكل متواصل و المتاجرة في‬
‫السمع و الخدمات مما يؤدي الى االستخدام االمثل لتمك الموارد و دعم الوسائل‬
‫الكفيمة بتحقيق مستويات التنمية المستدامة‬
‫‪ ‬توسيع و خمق أنماط جديدة لتقسيم العمل الدولي و زيادة نطاق التجارة العالمية‬
‫‪ ‬توفير الحماية المناسبة لمسوق الدولي لجعمو يعمل في بيئة مناسبة و مالئمة ‪.‬‬
‫‪ ‬محاولة إقحام الدول النامية في التجارة الدولية بصورة أفضل ‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة التبادل التجاري الدولي و تنشيط التجارة بين دول العالم عمى اسس متفق عمييا‪.‬‬

‫ميام و وظائف المنظمة ‪ :‬في ضوء تمك االىداف تسعى المنظمة لتحقيق الميام التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬متابعة تنفيذ و ادارة االعمال االتفاقية الخاصة بجولة اوروغواي‬


‫‪ ‬تقوم المنظمة بإدارة آلية مراجعة السياسات التجارية لمدول االعضاء‬
‫‪ ‬تييئة االطراف الدولية لمتفاوض بما يتضمنو ذلك من إدارة القواعد و القوانين و‬
‫االجراءات التي تحكم و تنظم تسوية المنازعات ‪.‬‬
‫‪ ‬وضع أسس و محاور التعاون المختمفة بينيا و بين كل من صندوق النقد الدولي و‬
‫البنك العالمي الى اعمى درجة من درجات التناسق في مجال رسم السياسات‬
‫االقتصادية العالمية‬

‫الييكل التنظيمي لممنظمة ‪:‬‬

‫‪ ‬المؤتمر الوزاري ‪ :‬يتألف من ممثمي جميع الدول االعضاء بالمنظمة و يجتمعون كل‬
‫سنتين ‪.‬‬
‫‪ ‬المجمس العام ‪ :‬يتألف من ممثمي جميع االعضاء و يجتمع وقت الحاجة ‪.‬‬
‫‪ ‬المجالس الفرعية ‪ :‬ىناك ثالث مجالس تعمل تحت إشراف المجمس العام و ىي ‪:‬‬
‫مجمس التجارة في السمم‪ ،‬و مجمس التجارة في الخدمات و مجمس النواب المتعمقة‬
‫بالتجارة ‪.‬‬
‫‪ ‬المجان المتخصصة‪ :‬و ىي عبارة عن لجان متخصصة مثل لجنة قيود ميزات‬
‫المدفوعات و المراقبة ‪....‬‬

‫‪72‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ ‬أمانة المنظمة ‪ :‬تنشأ المنظمة أمانة يرأسيا مدير عام يعينو المؤتمر الوزاري و يحدد‬
‫مسؤولياتو و سمطتو و شروط خدمتو ‪.‬‬

‫آثار المنظمة عمى اقتصاديات الدول النامية‬

‫اآلثار االيجابية ‪:‬‬

‫‪ ‬انعكاس أثر انتعاش اقت صاديات الدول الصناعية المتقدمة عمى الدول النامية من‬
‫خالل زيادة التبادل الدولي‬
‫‪ ‬زيادة إمكانية نفاذ صادرات الدول النامية إال أسواق الدول المتقدمة‬
‫‪ ‬انتعاش بعض قطاعات االنتاج في الدول النامية مثل الزراعة‪ ،‬الصناعة و الخدمات‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة الكفاءة االنتاجية في الدول النامية من خالل زيادة المنافسة الدولية ‪.‬‬

‫اآلثار السمبية ‪:‬‬

‫‪ ‬االلغاء التدريجي لمدعم المقدم لممنتجين الزراعيين في الدول المتقدمة الصناعية سيزيد‬
‫من اسعار الواردات الغذائية‪ ،‬و لو بالتالي آثار سمبية عمى ميزان المدفوعات و ارتفاع‬
‫معدالت التضخم‬
‫‪ ‬صعوبة تصدي الدول النامية لمنافسة المنتجات المستوردة من الخارج التي تكون بأقل‬
‫تكمفة و جودة أكبر و ىذا يؤثر عمى الصناعات الوطنية و بالتالي يخمق البطالة ‪.‬‬
‫‪ ‬قد يؤدي االنخفاض التدريجي في الرسوم الجمركية الى عجز او ازدياد عجز الموازنة‬
‫العامة أو زيادة الضرائب مما قد يزيد من تكمفة االنتاج ‪.‬‬

‫و في االخير يمكن القول ان ىذه المنظمات او الوكاالت الدولية تنتقدىا العديد من الدول‬
‫عمى اساس انيا ال تمدىا اال بقدر محدود من احتياجاتيا و كثي ار ما ال توجو مساعدة الى‬
‫الدول االكثر حاجة الييا‪ ،‬و كذلك الدول المتمقية لممساعدة تفتقر في معظم االحوال الى‬
‫السياسات المالئمة التي تمكنيا من تحقيق اقصى فائدة منيا‪. 1‬‬

‫‪1‬عادل أحمد حشيش ‪،‬مجدي محمود سياب ‪ ،‬العالقات االقتصادية الدولية ‪.‬مصر ‪:‬دار الجامعة الحديثة‬
‫‪،2005،‬ص‪.278‬‬

‫‪73‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ ‬تعظيم الدخل القومي العالمي و رفع مستويات المعيشة‬


‫‪ ‬تحقيق التوظيف الكامل لموارد العالم‪ ،‬و زيادة االنتاج بشكل متواصل و المتاجرة في‬
‫السمع و الخدمات مما يؤدي الى االستخدام االمثل لتمك الموارد و دعم الوسائل‬
‫الكفيمة بتحقيق مستويات التنمية المستدامة‬
‫‪ ‬توسيع و خمق أنماط جديدة لتقسيم العمل الدولي و زيادة نطاق التجارة العالمية‬
‫‪ ‬توفير الحماية المناسبة لمسوق الدولي لجعمو يعمل في بيئة مناسبة و مالئمة ‪.‬‬
‫‪ ‬محاولة إقحام الدول النامية في التجارة الدولية بصورة أفضل ‪.‬‬

‫الموضوع الثالث ‪ :‬صندوق النقد الدولي‬

‫يعتبر صندوق النقد الدولي أحد المؤسسات االقتصادية المكونة لمنظام االقتصادي العالمي‬
‫‪،‬بدأ يتكون مع نياية الحرب العالمية الثانية ‪.‬‬

‫انعقد المؤتمر المالي و النقدي العالمي في "بروتن وودز" األمريكية ‪ ،‬و تقرر انشاء صندوق‬
‫النقد الدولي وىو عبارة عن مؤسسة تمثل الحكومات العالمية ‪ ،‬أنشئ بموجب معاىدة دولية‬
‫لإلشراف عمى عمل النظام النقدي الدولي الجديد بعد الحرب العالمية الثانية و ىو وكالة‬
‫دولية متخصصة من وكاالت منظومة األمم المتحدة ‪ ،‬اصبح لو وجود فعمي في ‪1945‬‬
‫‪،‬يعمل عمى تعزيز سالمة االقتصاد العالمي‪. 1‬‬

‫أىداف الصندوق ‪:‬‬

‫‪ -‬تدعيم استقرار أسعار الصرف و منع لجوء الدول الى التنافس عمى تحفيض قيمة‬
‫عمالتيا ‪.‬‬
‫‪ -‬اقامة نظام لممدفوعات متعدد األطراف ‪ ،‬و التخمص من قيود الصرف التي تحول‬
‫دون نمو و تنشيط التجارة الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬تمويل العجز المؤقت في موازين المدفوعات لمدول األعضاء بإتاحة الموارد الالزمة‬
‫لتمكينيم من تصحيح ىذا االختالل ‪.‬‬

‫‪1‬صالح صالحي ‪" ،‬ماذا تعرف عن صندوق النقد الدولي "‪.‬مجمة دراسات اقتصادية ‪،‬العدد ‪،1‬مركز دراسات البحوث و‬
‫الدراسات االنسانية ‪،‬الجزائر ن‪،1999‬ص‪.119‬‬

‫‪74‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ -‬توفير السيولة الدولية الالزمة لتسوية المدفوعات الدولية من خالل زيادة االحتياطات‬
‫الدولية ‪.‬‬
‫‪ -‬التشاور لمدول األعضاء فيما يتعمق باألمور النقدية و االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬التعاون مع البنك الدولي فيما يتعمق بعالج االختالالت الييكمية‪.‬‬

‫أ ما فيما يخص موارده فيحصل صندوق النقد الدولي عمى موارده المالية أساسا من اكتساب‬
‫حصص األعضاء فيو‪ ،‬غير انو يجوز لمصندوق إن يقترض عند الحاجة لتكميل موارده‬
‫والتي يحصل عمييا من الدول الصناعية تحت ما يسمى باالتفاق العام لالقتراض‪.‬‬

‫و يعتبر نظام الحصص أىم ما يميز الصندوق و تكون أىميتو فيما يمي‪:‬‬

‫‪-1‬ىي تحدد مدى مساىمة البمد الراغب في العضوية في تمويل الصندوق‪.‬‬

‫‪-2‬ىي تحدد حق البمد العضو في موارد الصندوق‪.‬‬

‫‪-3‬تحدد القوة التصويتية لكل بمد عضو ‪.‬‬

‫‪-4‬عمى أساس توزيع حقوق السحب الخاصة التي ينظميا الصندوق عمى األعضاء و ال‬
‫تتسم حصص الدول األعضاء بالثبات‪ .‬فمن الممكن تعديميا و قد أورد الصندوق في ميثاقو‬
‫أحكام و مجموعة من القواعد المقيدة و المنظمة لمنع دول األعضاء من اإلسراف في‬
‫استخدام موارده‪.‬ىذه األحكام ىي‪:‬‬

‫‪ -1‬ال يجوز لمدولة العضو أن تسحب في السنة من صندوق النقد عمالت أجنبية‬
‫تتجاوز ربع حصتيا (‪.)%25‬‬
‫‪ -2‬إن البمد العضو يفقد حقو في شراء العمالت األجنبية في الصندوق متى بمغ رصيد‬
‫الصندوق من عممتو ‪ %200‬من حصتو‪.‬‬
‫إن الغاية من إتاحة موارد الصندوق المالية ىي مساعدة البمدان األعضاء عمى حل‬
‫المشكالت المتعمقة بموازين مدفوعاتيا ‪،‬و اإلسيام في تخفيف أثار عممية التصحيح ‪،‬‬
‫و يقدم الصندوق دعمو المالي بواسطة موارده العامة و تسييالتو التمويمية المسيرة ‪.‬و‬
‫يخضع التمويل الذي يقدمو الصندوق لموافقة المجمس التنفيذي و ىو مشروط في معظم‬

‫‪75‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫الحاالت بتعيد البمد العضو باتخاذ الخطوات الالزمة لمعالجة أسباب االختالل في‬
‫مدفوعا تو‪.‬‬

‫أما عن رؤية الصندوق في واقع التنمية االقتصادية في العالم الثالث‬

‫فتتمثل سياسة الصندوق في تقديم عالج واحد يصمح لجميع البمدان بغض النضر عن بنية‬
‫االقتصاد و موارده و ىذ ه السياسة تسمى بالتكييف الييكمي فبمنطق صندوق النقد الدولي ىو‬
‫منطق مالي و تقني ال ييمو الجانب االجتماعي و الجانب التنموي ‪،‬الن االقتصاد في‬
‫منظوره ىو عبارة عن ميكانيك اذا عرف بعض االختالالت يجب العمل عمى معالجتيا و‬
‫الرجوع إلى التوازنات األساسية(توازن الميزان التجاري ‪،‬ميزان المدفوعات ‪،‬توازن ميزانية‬
‫الدولة )‪.‬‬

‫و الواقع أن التنمية ال يمكنيا أن تتحول أو تقحم في التوازن الذي يشكل مفيوما مجددا ‪،‬و‬
‫يتغير محتواه و مدلولو بتغير المعطيات و األوضاع ‪.‬إما التنمية فيي الصراع ضد المرض‬
‫و البطالة و األمية و سوء التغذية ‪،‬و التنمية في استعادة و استرجاع االستقالل الذاتي في‬
‫اتخاذ الق رار ‪ .‬و من ىنا يجب عمى حكومات الدول النامية المعنية برامج التكييف الييكمي‬
‫إلى إعادة النظر في سياساتيا و نيج سياسة مغايرة ‪ ،‬و األخذ بعين االعتبار ضرورة تفادي‬
‫إرىاق القوة الشرائية لممواطنين و استنزافيا ‪،‬سياسة تنتيج نيجا وطنيا أصيال ييدف إلى‬
‫تحقيق التنمية الذاتية ‪،‬سياسة جديدة من شانيا أن تكسر إطار ىذه الحمقة المفرغة ‪.1‬و‬
‫تؤدي سياسة الصندوق إلى اتجاه انكماشي طويل األمد في الدول التي تقبميا ‪ ،‬و كذلك إلى‬
‫إضعاف قدرتيا عمى المنافسة في األسواق الدولية ‪ ،‬و تكفي ىذه الحقائق المادية لتنفيذ إيمان‬
‫الصندوق بفضل آليات السوق ‪ ،‬و يظير إن االعتماد عمييا وحدىا يحد من إمكانيات النمو‬
‫االقتصادي إضافة إلى اآلثار االجتماعية و السياسية السمبية ‪.‬‬

‫اخير يمكن القول ان العالقة بين صندوق النقد الدولي و الدول المتخمفة وخاصة في‬
‫و ا‬
‫العشرية االخيرة وذلك نتيجة تزايد الطمب من طرف ىذه الدول عمى موارد الصندوق نظ ار‬

‫‪ 1‬خالد مصطفى قاسم ‪،‬ادارة البيئة و التنمية المستدامة في ظل العولمة المعاصرة‪ .‬دار جامعة االبراىيمية ‪،2007،‬ص‪-‬‬
‫ص ‪.19- 17،‬‬

‫‪76‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫لألضرار التي لحقتيا من جراء االزمات االقتصادية الدولية التي يعاني منيا العالم الثالث‬
‫مما جعل ىذه الدول تشيد اختالالت في موازين مدفوعاتيا و بالتالي المجوء الى الصندوق‬
‫بغية االستفادة من الموارد‪ .‬ومن اجل ىذا االستغالل يقترح الصندوق جممة من االجراءات‬
‫‪:‬تدعى "سياسات التثبيت" وىي‪:‬‬

‫‪-‬ضرورة تحرير التجارة و الصرف‪.‬‬

‫‪-‬االلتزام بتخفيض العممة ‪.‬‬

‫‪-‬وضع برنامج لمكافحة التضخم عن طريق مراقبة القروض المصرفية ‪.‬‬

‫‪-‬الغاء الدعم عن االسعار لكل السمع و الخدمات‪.‬‬

‫‪-‬الدعوة الى خصخصة القطاع العام‪.‬‬

‫المحور السادس ‪:‬القضايا المعاصرة لالقتصاد السياسي‪.‬‬

‫الموضوع األول ‪:‬االستراتيجيات المختمفة لمتصنيع في البمدان النامية‪.‬‬

‫يعتبر التصنيع حجر الزاوية في عممية التنمية االقتصادية ‪،‬إذ يتوقف عميو تصحيح‬
‫االختالالت الييكمية المرتبطة بظاىرة التخمف ‪ .‬و يعني التصنيع اتساع القاعدة الصناعية‬
‫لممجتمع مما يؤدي إلى رفع مستوى وحجم قوى اإلنتاج المستخدمة ‪.‬‬

‫و يقتضي التصنيع السريع زيادة حجم االستثمارات الموجية إلى القطاع الصناعي مما‬
‫يترتب عميو زيارة حجم القاعدة الصناعية‪ .‬وتؤدي زيادة االستثمار في الصناعة إلى ارتفاع‬
‫معدالت نمو الدخل الصناعي و من ثم ارتفاع معدالت نمو الدخل القومي بصورة تزيد عن‬
‫‪1‬‬
‫معدالت النمو السكاني‪.‬‬

‫‪ 1‬ألفريد ايكس االبن ‪ ،‬االقتصاد العالمي المعاصر ‪.‬تر أحمد محمود ‪ ،‬المركز القومي لمترجمة ‪،‬ص‪.236‬‬

‫‪77‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫وىكذا يؤدي التصنيع إلى تغيير ىيكمي في االقتصاد القومي بموجب تزداد األىمية‬
‫النسبية لمقطاع الصناعي ‪ .‬و قد يأخذ التصنيع أنماطا متعددة و مسارات شتى و من ثم‬
‫عمى الدول النامية أن تحدد سياسة أو استراتيجية لمتصنيع التي تتبناىا ‪.1‬‬

‫فما ىي استراتيجيات التصنيع التي تبنتيا الدول النامية لمقضاء عمى التخمف ؟‬

‫أوال ‪ :‬استراتيجية التصنيع عن طريق إحالل الواردات ‪:‬‬

‫ىي استراتيجية تصنع ذات توجو داخمي‪ ،‬حاولت الدول النامية مع بداية استقالليا‪،‬‬
‫عزل نفسيا عن الظروف غير المالئمة لمسوق الدولية‪ .‬ىذا ما دفعيا إلى تبني سياسة داخمية‬
‫لمتصنيع من خالل إحالل الواردات لتحقيق االكتفاء الذاتي و تقميص التبعية لمخارج‪.‬‬

‫و تعني ىذه االستراتيجية إقامة بعض الصناعات التحويمية لسد حاجات السوق المحمية بدال‬
‫من السمع المصنوعة التي كانت تستورد من الخارج‪ .‬و عمى ذلك فإن ىذه السياسية تيدف‬
‫إلى تخفيض أو منع الواردات من بعض المنتجات الصناعية‪.‬‬

‫و تقدم ىذه االستراتيجية أساسا إلشباع حاجات السوق المحمية لذلك تمثل الصناعات‬
‫االستيالكية األساسية‪ :‬المرحمة األولى من مراحميا‪ .‬و عادة ما توفر الدولة ليذه الصناعات‬
‫حماية تكون كافية لمنع منافسة المنتجات األجنبية من ناحية ‪ ،‬و ضمان القدر الالزم من‬
‫األرباح لممستثمرين لتحفيزىم عمى إقامة ىذه الصناعات من ناحية أخرى‪.‬‬

‫لكن يترتب ىذه االستراتيجية آثار سمبية يمكن تمخيصيا في‪:‬‬

‫‪ -‬تحفيز الطمب الداخمي دون أن تنجح ىذه الدول في تحفيز الطمب الخارجي عمى‬
‫منتوجاتيا‪.‬‬
‫‪ -‬تدىور جودة السمع و الخدمات وذلك لعدم وجود المنافسة األجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬تضخم مشكمة المديونية الخارجية‪.‬‬
‫‪ -‬الفشل في إصالح موازين المدفوعات‪............‬إلخ ‪.‬‬

‫‪ 1‬مدحت القريشي ‪ ،‬التنمية االقتصادية نظريات و سياسات و موضوعات ‪ .‬األردن ‪:‬دار وائل لمطباعة و النشر و التوزيع‬
‫‪،‬ط‪،1،2007‬ص‪.195‬‬

‫‪78‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫ثانيا ‪:‬استراتيجية التصنيع عن طريق التصدير‪:‬‬


‫ىذه االستراتيجية تيتم بالتركيز عمى إنشاء صناعات معنية ‪ ،‬ظيرت نظ ار لالزمات‬
‫التي واجيت استراتيجية التصنيع ذات التوجو الداخمي و ىذا ما أدى بالعديد من ىذه‬
‫الدول إلى إجراء تغيير جذري عمى ىذه االستراتيجية بيدف االىتمام بالتصدير و‬
‫شممت اإلصالحات التي اتخذتيا ما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬منح إعانات ضخمة لممنتجين لمتصدير‪.‬‬
‫‪ -‬تخفيض الحماية الجمركية عمى السمع المستوردة‪.‬‬
‫‪ -‬تعديل أسعار الصرف‪.‬‬
‫‪ -‬عدم وضع قيود عمى أنواع السمع التي ستنتج ‪.‬‬
‫و تجدر اإلشارة أن تعديل استراتيجية التصنيع بيدف تشجيع اإلنتاج لمتصدير ال يعني‬
‫تفضيل التصدير عمى اإلنتاج المحمي و من أجل ذلك فإن الحوافز التي تقدم لمصناعة‬
‫بيدف التصدير تشابو الحوافز التي توضح إلنتاج االستيالك المحمي‪.‬‬

‫أما عن اآلثار أو العيوب الناجمة عن ىذه االستراتيجية يمكن تمخيصيا فيما يمي‪:‬‬

‫‪ -‬قد يصعب عمى الدول النامية إقامة الصناعات التصديرية بسبب شدة المنافسة ‪.‬‬
‫‪ -‬إن الدولة الصناعية قد تقيم جدار الحماية الجمركية‪ ،‬فيما يتعمق بصناعاتيا التي‬
‫تتميز بالبساطة‪.‬‬
‫‪ -‬ىذه الدول التي تعتمد أساسا عمى تصدير منتجاتيا المصنوعة إلى أسواق الدول‬
‫الصناعية فد تعاني من وقت آلخر من أزمات تمر بيا ىذه الدول الصناعية‪.1‬‬
‫ثالثا ‪ :‬خصائص البمد الصناعي ‪:‬‬

‫يمكن تمخيص المواصفات أو الشروط التي يتصف بيا البمد الصناعي فيما يمي ‪:‬‬

‫‪ -0‬أن يكون ربع ¼ الناتج المحمي كحد أدنى يأتي من القطاع الصناعي‬

‫‪1‬مدحت القريشي ‪ ،‬االقتصاد الصناعي ‪.‬األردن ‪:‬دار وائل لمطباعة و النشر و التوزيع ‪،‬ط‪،2،2005‬ص‪.150‬‬

‫‪79‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ -7‬أن تكون نسبة معينة من اإلنتاج الصناعي (‪ %31‬مثال) يأتي من الصناعة التحويمية‬
‫‪ ،‬و ذلك لكي تستعيد حاالت الدول التي يشكل فييا قطاع التعدين فييا معظم أو كل‬
‫النشاط الصناعي ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تكون معينة من القوى العاممة ( ‪ % 01‬كحد ادني ) تعمل في القطاع الصناعي‪.‬‬
‫أما عن المزايا التي تكتسبيا الصناعة عن غيرىا من القطاعات األخرى يمكن تمخيصيا فيما‬
‫يمي‪:‬‬

‫‪ -0‬يتميز القطاع الصناعي بارتفاع متوسط ‪ ،‬إنتاجية العمل بالمقارنة مع القطاعات‬


‫األخرى‪.‬‬
‫‪ -7‬توفير الحجم ينطبق عمى الصناعة أكثر مما ينطبق عمى القطاعات األخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬تتميز الصناعة في إمكانياتيا عمى استيعاب األيدي العاممة و خصوصا الصناعات‬
‫كثيفة العمل‪.‬‬
‫‪ -1‬تتمتع الصناعة بعالقات تشابكية ضمنية مع القطاعات األخرى مما يجعمنا محفزة‬
‫عمى النمو التراكمي‪.‬‬
‫و بيذا يكون ق د اتضح لنا أىمية و ضرورة التصنيع في عممية التنمية االقتصادية و الدور‬
‫البارز الذي يمعبو ىذا القطاع في مساعدة الدول النامية بالنيوض باقتصادياتيا و تحقيق‬
‫النمو االقتصادي‪.1‬‬

‫الموضوع الثاني ‪:‬العولمة‬


‫ظير مصطمح العولمة في التسعينات بعد انييار المعسكر الشيوعي و تراجع الحل‬
‫االشتراكي من الدول النامية و المتطورة عمى حد السواء و برزت السياسة األمريكية في ظل‬
‫الصراع خمفو سقوط االتحاد السوفياتي كسياسة مييمنة تقوم عمى فرض آليات صناعة‬
‫االنصياع في المؤسسات و الييئات الدولية كمنظمة االمم المتحدة و صندوق النقد الدولي ما‬
‫دعا بتسميتيا باألمركة‪ ،‬و لقد ساىم في تجمي ىذه الظاىرة العديد من العوامل منيا ما ىو‬
‫اقتصادي و منيا ما ىو سياسي‪ ،‬و لقد تعددت اآلراء و النقاشات حول نشأتيا‪ ،‬فيناك من‬

‫الدرسات العربية ‪،2016،‬ص‪-‬صن‪.99-96‬‬


‫‪1‬رانيا محمود عبد العزيز عمارة ‪،‬مبادئ االقتصاد السياسي ‪.‬مركز ا‬

‫‪80‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫يراىا قديمة جدا حيث ظيرت في أشكال متعددة منذ بداية التاريخ اإلنساني كانتشار الفكر‬
‫في الفمسفة اليون انية ثم انتشار الحضارة و القوانين الرومانية و تمتيا بعد ذلك ىيمنة الحضارة‬
‫الرومانية‪. 1‬‬

‫فالعولمة ىي االنتشار الثقافي او الحضاري لشعب ما بين الشعوب األخرى‪ ،‬و لقد‬
‫ساىم تفشي ىذه الظاىرة العديد من العوامل منيا ما ىو مفيوم شامل من حيث معانيو و‬
‫مظاىره عمى جميع ال شعوب و األمم و ىكذا و بتعدد اآلراء و االتجاىات كثرت النقاشات‬
‫لذلك سوف نتطرق ليذا الموضوع من خالل اإلجابة عمى األسئمة التالية‪:‬‬

‫مفيوم العولمة و مدلوالتيا ‪:‬‬

‫إن المصطمحات األكثر شيوعا ىو مصطمح العولمة الذي كثر الحديث عنو ليس‬
‫عمى المستوى األكاديمي و أيضا في األواسط السياسية و اإلعالمية المختمفة‪ ،‬فالعولمة‬
‫مشتقة من العالم‪ ،‬و معنى العالمية اي تتحد كل شعوب العالم في جميع أوامرىا عمى نحو‬
‫واحد و في ىذا الصدر يعرف الدكتور صادق العظم ‪ '' :‬العولمة تعني وصول نمط اإلنتاج‬
‫الى نقطة االنتقال من عالمية دائرة التبادل و التوزيع و السوق و التجارة الى عالمية دائرة‬
‫اإلنتاج '' و ىذا يعني حسب رأيو رسممة العالم عمى مستوى العمق بعد أن كانت رسممة‬
‫النمو ‪.‬‬

‫و عرفيا الكاتب الفرنسي دولفوس‪ '' :‬بأنيا تبادل شامل و إجمالي بين مختمف أطراف‬
‫الكون يتحول أساسو الى محطة تفاعمية لإلنسانية بأكمميا و ىي نموذج لمقرية الكونية‬
‫الصغيرة ممغية المسافات و مقدمة المعارف دون القيود" ‪.‬‬

‫أما الدكتور أبو راش فيرى أن ‪ '' :‬العولمة تعني التعبير عن انسحاق اإلنسان أمام‬
‫سطوة اآللة و تمركز رأس المال و انعدام القيم اإلنسانية و األخالقية و سيادة منطق الربح‬
‫الفردي و البقاء لألقوى من خالل ازدىار تجارة السوق المعموماتية و االستالب الثقافي و‬
‫القوميات بغض ثقافة واحدة و أحادية نمط التفكير ''‪.‬‬

‫‪ 1‬بول ىيرست جراىام طومبون ‪،‬ما العولمة االقتصاد العالمي و امكانات التحكم ‪.‬تر فالح عبد الجبار ‪،‬الكويت ‪:‬مطابع‬
‫السياسة ‪،2001،‬ص‪.55‬‬

‫‪81‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫و ميما تنوعت تعريفات العولمة و اختمفت فإن التعريفات األكثر استخداما لدى‬
‫الباحثين العمميين السياسيين تنقسم الى أربعة أقسام‪:‬‬

‫‪ ‬العولمة باعتبارىا مرحمة تاريخية ‪:‬‬

‫حيث يعتبرىا البعض بأنيا مرحمة محددة من التاريخ أكثر منيا ظاىرة اجتماعية أو‬
‫نظريا و ىي تبدأ في نظرىم بشكل عام منذ سيادة الوفاق التي سارت في الستينات بين‬
‫القطبين المتصارعين (الواليات المتحدة االمريكية و االتحاد السوفياتي)‬

‫‪ ‬العولمة باعتبارىا انتصار القيم االمريكية ‪:‬‬

‫أحسن تعبير عن ىذا التعريف ىو كتاب المفكر األمريكي ''فوكوياما'' في كتابو‬


‫'' نياية التاريخ '' و الذي اعتبر فيو سقوط االتحاد السوفياتي و من وراءه الكتمة الشرقية‬
‫انتصا ار حاسما لمرأسمالية ‪.‬‬

‫و بقدر ما نحن بصدد عولمة تحيد تدخل الدولة و تحد من تدخميا و من المعطيات‬
‫االقتصادية و السياسية التي تميز بيا العالم في الفترات األخيرة ما يمي‪: 1‬‬

‫‪ -‬تفكك االتحاد السوفياتي و تراجع النظام االشتراكي كقطب ثان يحاول تحقيق التوازن‬
‫القطبي عمى الصعيد العممي ‪.‬‬
‫‪ -‬بروز سوق عالمي جديد يدعو الى دمج مختمف بمدان الشمال و الجنوب و ىو ما‬
‫يسمى بظاىرة عولمة االقتصاد الذي يسير السيرورات اإلنتاجية و العمميات المالية و‬
‫ان ىذه الظاىرة نجمت عن خصائص اقتصادية أساسية لمرأسمالية تتمثل فيما يمي ‪:‬‬
‫‪ ‬الشركات متعددة الجنسيات التي تييمن عمى اقتصاد العالم و تمعب دو ار أساسيا في‬
‫تدويل االستثمار و اإلنتاج و التجارة‬
‫‪ ‬التوزيع السياسي لمشركات متعددة الجنسيات فمن بين ‪ 500‬شركة متعددة الجنسيات‬
‫‪ 526‬منيا موجودة في و‪.‬م‪.‬أ أو اليابان‪ ،‬فرنسا و ايطاليا و بريطانيا ‪ .‬و قد نتج عن‬
‫ىذه الوضعية تكريس الييمنة عمى االقتصاد العالمي و ذلك بتشكيل اتحادات دولية‬

‫‪ 1‬سمير أمين ‪ ،‬الرأسمالية في عصر العولمة ادارة المجتمع المعاصر ‪.‬الشركة العالمية لمكتاب ‪،‬ط‪،1،2007‬ص ‪-‬‬
‫ص‪.93- 89،‬‬

‫‪82‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫رأسمالية متحركة تتقاسم العالم و ميما يكن من امر فمفيوم العولمة لم يحسم بعد‬
‫فيي تعبر عن واقع اقتصادي‪ ،1‬ثقافي و ايديولوجي مختمف عن الميبرالية ‪.‬‬

‫عوامل و أسباب ظيور العولمة‪:‬‬

‫يمكن إرجاع بروز ظاىرة العولمة الى مجموعة من العوامل ثقافية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬سياسية ‪..‬‬

‫أ‪ -‬العوامل االقتصادية‪:‬‬

‫انخفضت القيود عمى التجارة و االستثمار و كانت بمثابة اول خطوة نحو تحرير‬
‫التجارة المؤلفة من الصناعة و المنتجات الزراعية و الخدمات إلى جانب حقوق الممكية‬
‫الفكرية‪ ،‬و قد لعبت منظمة الجات و بقية المؤسسات الدولية حوالي ‪ 200‬مميار سنويا خالل‬
‫الفترة ‪ 1996-1993‬أما عن الدول العربية فبرامج اإلصالح االقتصادي و التغمب عمى‬
‫مشاكميا االقتصادية مركزة عمى تشجيع االستثمار الخاص المحمي و األجنبي و تطوير‬
‫األسواق المالية‪ ،‬لكن رغم ىذه اإلصالحات بقيت اإلصالحات المالية العربية جد محدودة اذا‬
‫ما قورنت باألسواق المالية الدولية حيث بمغت التدفقات النقدية الصافية لمجموع الدول‬
‫العربية سنة ‪ 1991‬حوالي ‪ 18.9‬مميار في حين بمغت مجموع التدفقات الرأسمالية لدول‬
‫شرق آسيا و أمريكا الالتينية حوالي ‪ 221‬مميار دوالر سنة ‪ . 1998‬و يرجع الباحثون‬
‫تفضيل دول جنوب شرق آسيا عمى حساب الدول العربية إلى ضعف األداء االقتصادي‬
‫لألسواق المالية العربية و حداثة ىذه األسواق الى جانب عدم االستقرار السياسي في تمك‬
‫الدول ‪.‬‬

‫كذلك من أسباب العولمة االقتصادية‪ ،‬التقدم التكنولوجي و انخفاض التكاليف النقل و‬


‫االتصال خالل النصف الثاني من السبعينات و الثمانينات‪ ،‬حيث شيد العالم ثورة تكنولوجية‬
‫و التي نتجت عنيا ثروة جد متطورة في عالم االتصال و اإلعالم اآللي و المعمومات و‬
‫البرامج مما أدى الى انخفاض تكمفة النقل‪ ،‬و ساىم في سرعتو و تطوره بفضل ظيور‬
‫معدالت جديدة مثل شبكات الكمبيوتر التي سامت بدورىا في التقميل من عقبة الحدود‬
‫ال جغرافية و لقد كان لمتكنولوجيا و االنتشار السريع لممعمومات و المكتبات العممية و الفكرية‬

‫‪ 1‬بول ىيرست جراىام طومبون ‪،‬ما العولمة االقتصاد العالمي و امكانات التحكم‪ .‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.197‬‬

‫‪83‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫دو ار ىاما و متزايدا في توسيع نطاق اإلعالم و االتصال فاستخدام احدث ما توصل اليو‬
‫التقدم التكنولوجي في ميدان االتصال و اإلعالم المتمثل في شبكة االنترنيت الذي أصبح‬
‫العالم بفضميا قرية صغيرة تتدفق بين مكوناتيا المعمومات بسرعة كبيرة جدا‪ ،‬فمصال‬
‫انخفضت تكمفة المكالمة الياتفية بحوالي ‪ 60‬مرة منذ عام ‪ 1930‬كما مكن ظيور الفاكس و‬
‫شبكات الكمبيوتر و بيذا يكون التطور التكنولوجي المذىل قد رفع من سيولة األسواق المالية‬
‫و سيولة تدفق رؤوس األموال و الحصول عمييا بسرعة كبيرة‪ ،‬و لقد ساعدت ىذه الظروف‬
‫مجتمعة عمى تكامل االسواق المالية الدولية باعتبارىا القناة التي تتدفق من خالليا األدوات‬
‫المالية عبر مختمف دول العالم‪.1‬‬

‫العوامل السياسية‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫إن السياسة المحصورة دائما ضمن نطاق محمي و معزولة عن التطورات و التأثيرات‬
‫الخارجية‪ ،‬و ىي من أبرز اختصاصات الدول القومية التي تحرص كل الحرص عمى عدم‬
‫التفريط فييا‪ ،‬غير انو كما كان لمعوامل االقتصادية الدور الفعال في ظيور العولمة لعبت‬
‫العوامل السياسية نفس الدور‪ 2‬و يمكن اختصار ىذه األسباب في النطاق التالي ‪:‬‬

‫‪ ‬إعادة النظر في طبيع ة النظم السياسية و التخمي عن النظم الشمولية و تشجيع النظم‬
‫الديمقراطية المتفتحة و التي تعمل عمى تحرير الفرد و احترام حقوق اإلنسان و‬
‫االنفتاح عمى مختمف الثقافات‪.‬‬
‫‪ ‬قبول الدول من تمقاء نفسيا التنازل عن بعض مظاىر سيادتيا المباشر داخل البمد‬
‫المطموب غزوه أو عن طريق االتفاقيات في اطار اتفاقية الجات و جولة االورغواي ‪.‬‬
‫‪ ‬اختراق ممارسة السيادات النقدية و المالية عن طريق تيرب الشركات العالمية مما‬
‫تفرضو الدول من سياسات نقدية و مالية كالتيرب من دفع الضرائب او تيريب‬
‫رؤوس األموال و الفوائد خارج الوطن األم ‪.‬‬

‫‪1‬خباية عبد اهلل ‪،‬بوقرة رابح‪ ،‬الوقائع االقتصادية العولمة االقتصادية ‪ ،‬التنمية المستدامة‪ .‬مؤسسة شباب الجامعة‬
‫‪،‬ط‪،1،2009‬ص ‪-‬ص ‪.238-235‬‬

‫‪84‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ ‬محاولة تعويض السيادة الوطنية بالسيادة اإلقميمية كما في حالة االتحاد األوربي او‬
‫مجموعة ماستريخت و التي تيدف الى إقامة دول أوربية في مواجية القوى الميددة‬
‫ليا من داخل او خارج القارة األوربية‪.‬‬

‫و ىكذا تبدو العولمة السياسية في تقميص دور الدول و فعاليتيا و اعتبار الشركات‬
‫متعددة الجنسيات و المنظمات شريكا لمدولة في صنع ق ارراتيا السياسية‪ .‬فالعولمة السياسية‬
‫تعني نقال لسمطة الدولة و اختصاصاتيا الى مؤسسات عالمية تتولى تسيير العالم و توجييو‬
‫و ىي بذلك تحل محل الدول و تييمن عمييا ‪.‬‬

‫و ليس من باب المصادفة ان يكون مقر األمم المتحدة في نيويورك و البنك الدولي و‬
‫صندوق النقد الدولي في واشنطن‪ ،‬بل ان أمريكا جعمت ليا مرك از لعالقات العالم السياسية و‬
‫الدبموماسية و األمنية و االقتصادية و الثقافية‪ ،‬و ىكذا تتجمى مظاىر العولمة السياسية في‬
‫إخضاع الجميع لسياسة القوة العظمى و القطب الوحيد في العالم و ىو الو‪.‬م‪.‬أ‪ ،‬غير انو‬
‫قيام عالم بال حدود سياسية لن سكون تمقائيا بل يرتبط أساسا ببروز مجموعة من القوى‬
‫العالمية و اإلقميمية و المحمية الجديدة و التي أخذت تنافس الدول في المجال السياسي و‬
‫خاصة في مجال صنع القرار و يمكن ان نمخص لمقول ان العولمة السياسية ىي إعالن‬
‫لنياية سيادة الدول و الحدود و تحقيق تكامل جغرافي و سياسي و ىو ما يجعل الو‪.‬م‪.‬أ‬
‫تتدخل في شؤون الدولة الداخمية باسم االمم المتحدة و حماية حقوق اإلنسان ‪.‬‬

‫ج‪ -‬العوامل الثقافية ‪:‬‬

‫تكمن في ىيمنة الثقافة األمريكية عمى العالم طبقا لما يراه اغمب الباحثين و يبرر‬
‫الكتاب األمريكيون ان ىناك عوامل سمبية في الثقافات األخرى لمبمدان األخرى مما مكن‬
‫الثقافة األمريكية من سيطرتيا عمى ىذه الثقافات‪ ،‬و قد أدركت الواليات المتحدة األمريكية ان‬
‫سوق الثقافة الراقية و الرفيعة محدودة و بالتالي البد من الترويح لثقافة أكثر انتشار لدى‬
‫عيدة ىوليوود و وكاالت اإلعالم لتبني ىذه الميمة و ألنيا تدرك أن لمثقافة المتدنية المستوى‬
‫سوقا أوسع كثي ار من سوق الثقافة الراقية‪ ،‬و ىكذا استطاعت الواليات المتحدة األمريكية أن‬
‫تصل الى شباب اليوم و أن تصنع ثقافة محدودة لمشباب نخب المستقبل ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫د‪ -‬العوامل االتصالية‪:‬‬

‫يرتبط اإلعالم بالبنية السياسية الدولية و البنية االقتصادية و الثقافية‪ ،‬فيو عالم بال‬
‫حدود بال دولة و ال أمة و ال وطن ألن الحكومات فقدت السيطرة عمى فضائيا الجوي‬
‫فأصبح مكانا تتحرك فيو العولمة اإلعالمية حيث يستخدم ما يزيد عن ‪ 500‬قمر صناعي‬
‫تدور حول األرض‪ .1‬و يستقبل بثيا أكثر من مميار أجيزة التمفزيون‪ ،‬لكن نظام اإلعالم ال‬
‫يشكل نظاما متوازنا ألن كل مدخالتو و مراكز تشكيمو و آليات التحكم فيو تأتي من شمال‬
‫الكرة األرضية و ىذا ما أدى إلى ىيمنة الدول المتقدمة في مقابل تبعية الدول النامية و تفيد‬
‫إحصائيات منظمة اليونيسكو ان ىناك ‪ 300‬شركة إعالمية ىي األولى في العالم من بينيا‬
‫‪ 44‬شركة أمريكية و ‪ 80‬أوربية غربية و ‪ 49‬يابانية ‪.‬‬

‫و في قطاع الخدمات (المعموماتية و االتصاالت البعيدة المدى) فمن بين ‪ 88‬االولى‬


‫نجد ‪ 39‬أمريكية و ‪ 19‬أوربية غربية و ‪ 7‬يابانية ‪.‬‬

‫فإعالم العولمة ىو الذي دفع الناس الى السموك االستيالكي و نشر قيمو و ىو الذي‬
‫يضغط عمى الحكومات بحجة حقوق اإلنسان و يصور لمناس ان يدافع عن حقوق األقميات‬
‫و عن الحرية و الديمقراطية و عمى أساس انو إعالم حر بينما في واقع األمر أصبح جزءا‬
‫من األنشطة االقتصادية التي تسعى لتحقيق الربح من جية اولى و تقديم الخدمات األساسية‬
‫في النياية الى القوى العظمى‪ ،‬مما ادى الى ضعف اإلعالم القومي لكل دول حيث أصبح‬
‫تابع لو يعتمد عمى ما يقدمو لو من صور و بيانات و إعالنات‪. 2‬‬

‫آثار العولمة ‪:‬‬

‫‪ ‬إن عولمة االقتصاد تقوم أساسا عمى تحرير التجارة الدولية‪ ،‬أصبحت اليوم حقيقة ال‬
‫يمكن تجاىميا‪ ،‬فاتفاقية منظمة التجارة العالمية تعتبر النظام الوحيد الذي يحكم قواعد‬
‫العالم و إجراءات تحرير التجارة الدولية في إطار عالم متعدد األطراف‪. 3‬‬

‫‪ 1‬خباية عبد اهلل ‪ ،‬الوقائع االقتصادية ‪،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.240‬‬
‫‪ 2‬سمير أمين ‪ ،‬الرأسمالية في عصر العولمة ادارة المجتمع المعاصر‪ .‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص ‪.94‬‬
‫‪3‬زيد بن محمد الرماني‪ ،‬اقتصاد العولمة انبيار أم انييار ‪.‬الرياض ‪ :‬مكتبة الرشد لمنشر و التوزيع‪،‬ط‪،1،2003‬ص‪.10‬‬

‫‪86‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ ‬ظيور الدور األمريكي المييمن بشكل جمي القوة المحورية التي تمثميا الو‪.‬م‪.‬أ في‬
‫صياغة خطط و استراتيجيات المواجية مع الدول العنيدة‪ ،‬و لعل الظاىر أصبحت‬
‫تفسر بما يسمى بعسكرة العولمة االقتصادية ‪.‬‬
‫‪ ‬تستيدف العولمة مثل حركة وظائف الدولة و األمة و تفكيك نظميا اإلنتاجية و‬
‫مؤسستيا اي القفز فوق ميام الدول و االمة و الوطن و المواطنة و تمكين الشركات‬
‫المتعددة الجنسيات و المؤسسات االقتصادية الكونية من إدارة و تسيير شؤون‬
‫االقتصاد العالمي لتحل محل الدول لفرض تعميق اختراق اقتصاديات الجنوب و‬
‫تكريس تبعيتيا لالقتصاد العالمي من موقع مختمف ‪.1‬‬
‫‪ ‬تمعب آليات التطور الرأسمالي جزء من وسائل التوسع المستمر خارج الحدود الوطنية‬
‫ليذا نجد أن العولمة تنحو باتجاه إيجاد نمط جديد غير مسبوق ليذا التوسع و بتنامي‬
‫البعد العالمي لرأسمالية موحدة خالقة بذلك نوعا من القوة االقتصادية المتوترة في‬
‫مختمف جوانب الحياة دون أن تقابميا سمطة سياسية عمى المستوى العالمي‪.‬‬
‫‪ ‬عند العودة الى جذور العولمة نجد انو بعد انتياء الحرب الباردة تجول النظام‬
‫الرأسمالي الى نظام عالمي لقيادة أمريكا اي ظيور نظام أحادي القطبية و غياب‬
‫التوازن في العالم بعد فرض الو‪.‬م‪.‬أ لسياستيا و نفوذىا و فرض الييمنة بدأ مع‬
‫تعاظم القوة االقتصادية ‪.‬‬
‫‪ ‬عودة الييمنة الغربية من جديد محممة عمى أجنحة المعموماتية و العالم المفتوح و‬
‫مدججة بالعمم و الثقافة حتى و إن كانت غير إنسانية و بذلك أصبحت قاعدة جديدة‬
‫تسير العصر تقول أن السريع يأكل البطيء‪ ،‬كما ان غياب نظام لتعديل و إعادة‬
‫توزيع الموارد يؤدي الى تركيز ىائل لمثورة المادية و الثقافية في ايدي فئة قميمة من‬
‫سكان العالم ‪.‬‬

‫و خالصة القول ان ظاىرة العولمة أصبحت ظاىرة حقيقية و ممموسة في عالم اليوم‬
‫فيي لم تعد فكرة مطروحة لمنقاش حول مدى شرعيتيا و عدالتيا و من ىنا فقد أصبح من‬
‫الضروري العمل عمى التعامل معيا و تعظيم آثارىا االيجابية و الحدي من آثارىا السمبية ‪.‬‬

‫‪1‬مرجع نفسو ‪،‬ص ‪-‬ص‪.25-23،‬‬

‫‪87‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫قائمة المراجع ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الكتب‬
‫أ‪ -‬بالمغة العربية‪:‬‬
‫‪ .0‬ابراىيم عبد العزيز النجار ‪ ،‬األزمة العالمية و اصالح النظام المالي العالمي‪.‬‬
‫االسكندرية ‪ :‬الدار الجامعية ‪.7116،‬‬
‫‪ .7‬ابراىيم مشورب ‪ ،‬االقتصاد السياسي مبادئ‪-‬مدارس‪-‬أنظمة‪ .‬بيروت‪ :‬دار المنيل المبناني‬
‫‪،‬ط‪.7117 ،0‬‬
‫‪ .3‬أبو زيد عبد الرحمن ‪،‬المقدمة ‪،‬ج‪،0‬ط‪،7‬مكتبة المدرسة و دار الكتاب المبناني ‪،‬بيروت‬
‫‪.0646،‬‬

‫‪ .4‬أحمد جامع‪ ،‬االقتصاد االشتراكي ‪( .‬دراسة نظرية تحميمية) ‪.‬القاىرة ‪:‬دار النيضة العربية‬
‫‪.1969،‬‬
‫‪ .5‬أحمد عمي جرادات ‪ ،‬النظام االقتصادي في االسالم ‪.‬ط ‪ ،1‬عمان ‪ :‬دار الثقافة لمنشر و‬
‫التوزيع ‪.2015،‬‬
‫‪ .6‬أحمد فريد مصطفى‪ ،‬سمير محمد السيد حسن‪ ،‬تطور الفكر و الوقائع االقتصادية‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،‬مؤسسات شباب الجامعة‪ ،‬ب‪ .‬ط‪.2000 ،‬‬
‫‪ .4‬أحمد يوسف الشحات ‪،‬األزمات المالية في األسواق الناشئة ‪ ،‬القاىرة ‪:‬دار النيضة‬
‫العربية ‪.7112،‬‬
‫‪ .5‬آدم سميت ‪ ،‬ثورة االمم ترجمة حسني زينة ‪،‬بغداد ‪ :‬معيد الدراسات االستراتيجية‪،‬ط‪،0‬‬
‫‪.7115‬‬
‫‪ .6‬اسماعيل أحمد الشناوي ‪،‬أسامة أحمد الفيل ‪،‬النظرية االقتصادية الجزئية‪ .‬جامعة‬
‫االسكندرية‪.‬‬

‫‪ .10‬ألفريد ايكس االبن ‪ ،‬االقتصاد العالمي المعاصر ‪.‬تر أحمد محمود ‪ ،‬المركز القومي‬
‫لمترجمة‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ .00‬أنطوان أيوب‪ ،‬دروس في االقتصاد السياسي‪ .‬سوريا ‪:‬مديرية الكتب و المطبوعات‬


‫الجامعية ‪،‬ط‪.0632، 0‬‬
‫‪ .07‬ايمون باتمر ‪ ،‬آدم سميث مقدمة موجزة ‪.‬تر عمي الحارس ‪ ،‬القاىرة ‪ :‬مؤسسة ىنداوي‬
‫لمتعميم و الثقافة ‪،‬ط‪.7101،0‬‬
‫‪ .03‬بن عصمان محفوظ‪ ،‬مدخل في االقتصاد الحديث ‪.‬الجزائر ‪:‬دار العموم لمنشر و‬
‫التوزيع ‪.7113،‬‬
‫‪ .01‬بن قانة اسماعيل ‪ ،‬الوجيز في تاريخ الوقائع االقتصادية ‪.‬الجزائر ‪:‬دار الحامد لمنشر‬
‫و التوزيع ‪.7103،‬‬
‫‪ .02‬بول ىيرست جراىام طومبون ‪،‬ما العولمة االقتصاد العالمي و امكانات التحكم ‪.‬تر‬
‫فالح عبد الجبار ‪،‬الكويت ‪:‬مطابع السياسة ‪.7110،‬‬
‫‪ .03‬جون كينيث جالبرت ‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي ‪ ،‬تر أحمد فؤاد بمبع ‪ ،‬الكويت ‪:‬‬
‫سمسمة عالم المعرفة ‪.7111،‬‬
‫‪ .04‬جون مينارد كينز ‪،‬النظرية العامة لمتشغيل و الفائدة والنقود ‪.‬تر االمام عبد اروش‬
‫‪.‬أبو ظبي ‪:‬ىيئة أبو ظبي لمثقافة و التراث ‪،‬ط‪.7103،0‬‬
‫‪ .18‬حازم الببالوي ‪ ،‬دليل الرجل العادي الى الفكر االقتصادي‪ ، ،‬دار الشروق‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫ط‪.1995 ،1‬‬
‫‪ .06‬حازم الببالوي ‪،‬أصول االقتصاد السياسي‪ .‬مصر ‪:‬االسكندرية ‪:‬دار المعارف‪،‬ط‪0‬‬
‫‪.0663،‬‬

‫‪ .20‬حازم الببالوي ‪،‬النظام االقتصادي الدولي الجديد‪ .‬الكويت ‪:‬عالم المعرفة ‪.2000،‬‬
‫‪ .21‬الحامض الخالد ‪،‬االقتصاد السياسي (أسس و مبادئ)‪.‬سوريا ‪:‬منشورات جامعة حمب‬
‫‪.2006،‬‬
‫‪ .77‬خالد سعيد البحيصي ‪ ،‬سمسمة محاضرات "التطور في تاريخ الفكر االقتصادي"‪.‬‬
‫فمسطين ‪:‬كمية التجارة ‪ ،‬الجامعة االسالمية ‪.‬‬
‫‪ .73‬خالد مصطفى قاسم ‪،‬ادارة البيئة و التنمية المستدامة في ظل العولمة المعاصرة‪ .‬دار‬
‫جامعة االبراىيمية ‪.7114،‬‬

‫‪89‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ .24‬خباية عبد اهلل ‪،‬بوقرة رابح‪ ،‬الوقائع االقتصادية العولمة االقتصادية ‪ ،‬التنمية‬
‫المستدامة‪ .‬مؤسسة شباب الجامعة ‪،‬ط‪.2009،1‬‬
‫‪ .25‬رانيا محمود عبد العزيز عمارة ‪،‬مبادئ االقتصاد السياسي ‪.‬مركز الدراسات العربية‬
‫‪.2016،‬‬
‫‪ .26‬رفعت محجوب ‪ ،‬االقتصاد السياسي ‪ .‬ج‪ ، 2‬القاىرة ‪ :‬دار النيضة العربية ‪.1981،‬‬
‫‪ .74‬رفيقة حروش ‪ ،‬االقتصاد السياسي‪.‬ط‪،7‬الجزائر ‪:‬دار األمة لمطباعة النشر‪7103،‬‬
‫‪ .75‬روبرت غيمبين ‪،‬االقتصاد السياسي لمعالقات الدولية‪ .‬ترجمة و نشر مركز الخميج‬
‫لألبحاث ‪.7111،‬‬
‫‪ .76‬زيد بن محمد الرماني‪ ،‬اقتصاد العولمة انبيار أم انييار ‪.‬الرياض ‪ :‬مكتبة الرشد‬
‫لمنشر و التوزيع‪،‬ط‪.7113،0‬‬
‫‪ .31‬زينب حسين عوض اهلل ‪ ،‬سوزي عدلي ناشد ‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي ‪.‬بيروت‬
‫‪:‬منشورات الحمبي الحقوقية ‪.7114 ،‬‬
‫‪ .30‬زينب حسين عوض اهلل‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ ،‬لبنان‪ ،‬منشورات الحمبي‬
‫الحقوقية‪.7114 ،‬‬
‫‪ .32‬سعيد عمي العبيدي‪ ،‬االقتصاد االسالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬دار دجمة‪ ،‬ناشرون و‬
‫موزعون‪. 2011 ،‬‬
‫‪ .33‬سكينة بن حمود ‪ ،‬مدخل لعمم االقتصاد ‪ ،‬الجزائر ‪ :‬دار المحمدية العامة ‪.7116،‬‬
‫‪ .31‬سمير أمين ‪ ،‬الرأسمالية في عصر العولمة ادارة المجتمع المعاصر ‪.‬الشركة العالمية‬
‫لمكتاب ‪،‬ط‪.7114،0‬‬
‫‪ .35‬سوزي عدلي ناشد ‪ ،‬االقتصاد السياسي النظريات االقتصادية ‪.‬بيروت ‪ :‬منشورات‬
‫الحمبي الحقوقية ‪.2009،‬‬
‫‪ .33‬السيد محمد السريتي ‪ ،‬عمي عبد الوىاب نجا ‪ ،‬النظرية االقتصادية الكمية‪.‬‬
‫‪ .34‬صالح صالحي ‪" ،‬ماذا تعرف عن صندوق النقد الدولي "‪.‬مجمة دراسات اقتصادية‬
‫‪،‬العدد ‪،0‬مركز دراسات البحوث و الدراسات االنسانية ‪،‬الجزائر ‪.0666،‬‬
‫‪ .35‬صالح الدين نامق ‪،‬قادة الفكر االقتصادي‪ .‬القاىرة ‪:‬دار المعارف ‪.0645،‬‬

‫‪90‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ .36‬عادل أحمد حشيش ‪ ،‬أصول االقتصاد السياسي دراسة تحميمية مقارنة‪ .‬اإلسكندرية‬
‫‪:‬دار الجامعة الجديدة لمنشر ‪.7113،‬‬
‫‪ .11‬عادل أحمد حشيش ‪،‬مجدي محمود سياب ‪ ،‬العالقات االقتصادية الدولية‬
‫‪.‬مصر ‪:‬دار الجامعة الحديثة ‪.7112،‬‬
‫‪ .10‬عادل أحمد حشيش و آخرون ‪ ،‬أساسيات االقتصاد السياسي ‪.‬بيروت ‪:‬منشورات‬
‫الحمبي الحقوقية ‪.7113،‬‬
‫‪ .17‬عبد الرحمان يسري ‪ ،‬تطور الفكر االقتصادي‪ .‬االسكندرية ‪:‬الدار الجامعية لمنشر و‬
‫التوزيع ‪.0664،‬‬

‫‪ .43‬عبد المطيف بن اشنيو ‪ ،‬مدخل الى االقتصاد السياسي‪ .‬الجزائر ‪ :‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية ‪،‬ط‪.6،2007‬‬
‫‪ .11‬عبد اهلل ساقور ‪،‬االقتصاد السياسي ‪.‬الجزائر‪ :‬دار العموم لمنشر و التوزيع‪.7111،‬‬

‫‪ .45‬عبد النعيم محمد مبارك ‪،‬مبادئ االقتصاد السياسي ‪.‬ط‪ ، 1‬مصر ‪ :‬الدار الجامعية‬
‫‪ .1997،‬عبد عمي كاظم المعموري‪ ،‬تاريخ األفكار االقتصادية‪.‬ط‪ ،1‬عمان ‪ :‬دار حامد‬
‫لمنشر و التوزيع ‪.2012،‬‬
‫‪ .46‬عدناني رزيقة ‪ ،‬الكافي في الفمسفة ‪.‬الجزائر ‪:‬دار الريحانة لمكتب ‪،‬ط‪.2010، 3‬‬
‫‪ .14‬عمي سعيدان‪ ،‬الوجيز في االقتصاد السياسي‪ ،‬د‪.‬ب‪ ،‬دار العسيمة‪ ،‬ط‪.7115 ،0‬‬
‫‪ .48‬عمر ىشام محمد ‪ ،‬مدخل في مدارس الفكر االقتصادي ‪.‬نظرة تحميمية لمتطورات‬
‫المعاصرة من المنظور االقتصادي االسالمي و االقتصاد الرأسمالي ‪ .‬دمشق ‪.2009:‬‬
‫‪ .16‬فتح اهلل ولعمو ‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ .‬بيروت ‪:‬الدار الجامعية ‪.0655،‬‬
‫‪ .21‬فضل اهلل محمد سمطح‪ ،‬الفكر السياسي االقتصادي‪ ،‬الغربي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬دار الوفاء‬
‫لمطباعة و النشر‪ ،‬ط‪.7115 ،0‬‬
‫‪ .20‬كامل وزنو ‪ ،‬آدم سميث قراءة في اقتصاد السوق ‪.‬القاىرة ‪:‬معيد الدراسات‬
‫االستراتيجية ‪،‬د س ن‪.‬‬
‫‪ .27‬مجدي محمود شياب ‪ ،‬أسامة محمد الفولى ‪،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ .‬مصر ‪:‬دار‬
‫الجامعة الجديدة ‪،7112 ،‬‬

‫‪91‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪ .53‬محمود حسن صوان ‪ ،‬أساسيات االقتصاد االسالمي ‪.‬ط‪،1‬عمان ‪ :‬دار المناىج‬


‫لمنشر و التوزيع ‪.2014،‬‬
‫‪ .21‬محمد دويدار ‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي (األساسيات)‪.‬ج‪، 0‬الجزائر‪ :‬موفم لمنشر و‬
‫التوزيع ‪.7111 ،‬‬
‫‪ .22‬محمد دويدار ‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي ‪.‬بيروت ‪:‬منشورات الحمبي الحقوقية‬
‫‪.7116،‬‬

‫‪ .56‬محمد رامز عبد الفتاح العزيزي ‪،‬مبادئ النظام االقتصادي في االسالم و مميزاتو‬
‫‪.‬عمان ‪:‬جيينة لمنشر و التوزيع ‪.2003،‬‬
‫‪ .24‬محمد عمر أبو عميرة ‪ ،‬عبد الحميد محمد شعبان ‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي ‪.‬جامعة‬
‫القدس ‪:‬ش ع م لمتسويق و التوزيع ‪.7116،‬‬
‫‪ .58‬محمود عبد الكريم ارشيد ‪ ،‬المدخل الى االقتصاد االسالمي ‪.‬ط‪،1‬األردن ‪:‬دار‬
‫النفائس لمنشر و التوزيع ‪.2012،‬‬
‫‪ .26‬مدحت القريشي ‪ ،‬االقتصاد الصناعي ‪.‬األردن ‪:‬دار وائل لمطباعة و النشر و التوزيع‬
‫‪،‬ط‪.7112،7‬‬
‫‪ .60‬مدحت القريشي ‪ ،‬التنمية االقتصادية نظريات و سياسات و موضوعات ‪.‬األردن ‪:‬دار‬
‫وائل لمطباعة و النشر و التوزيع ‪،‬ط‪.1،2007‬‬
‫‪ .61‬مدحت القريشي‪ ،‬تطور الفكر االقتصادي‪ .‬ط‪ ،1‬األردن ‪ :‬دار وائل لمنشر و التوزيع‬
‫‪.2008،‬‬
‫‪ .62‬نور الدين حاروش ‪ ،‬تاريخ الفكر السياسي ‪.‬ط‪ ،3‬الجزائر ‪:‬شركة دار األمة لمنشر و‬
‫التوزيع ‪.2012،‬‬
‫‪ .33‬وسام مالك ‪ ،‬تطور الفكر االقتصادي ‪.‬ج‪ ، 0‬لبنان ‪ :‬دار المنيل المبناني ‪.7115،‬‬
‫‪ .31‬فريديرك انجمز ‪ ،‬موجز رأس المال ‪.‬لبنان ‪:‬دار الفرابي ‪،‬ط‪.7103،0‬‬
‫‪ .32‬سكينة بن حمود ‪،‬دروس في االقتصاد السياسي‪ .‬الجزائر ‪،‬ط‪.7113 ،0‬‬

‫‪92‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

:‫ بالمغة الفرنسية‬-‫ب‬
66. Agnès Benassy ,Quere ,Benoit Coeure, Pierre Jacquet, Politique
Economique . 3em Ed .De Boeck
67. Pirou, Gaeton ,introduction à l’étude de l’économie politique,
Ed ;Sirey, Paris ,1946. PDF.
68. Raymond Barre, Economie politique .tom 2,ED :P.U.F ,Paris .

:‫ بالمغة االنجميزية‬-‫ج‬
69. Keynes J.M ,The general Theory of Employment, Interest and
Money ,Ed Macmillan, London ,1946,pdf

70. Lang Oskar ,Essays on Economic planning. Asia publishing


house ,Bombay ,1960.
71. Marshall Alfred ,Principles of Economics, Harper International
Edition,London,1966,pdf.
72. Robbins Lionel, An Essay on the Nature and significance of
economic Science .Ed. Macmillan and Co. limited London 1946 .

‫ المحاضرات‬:‫ثانيا‬
."‫ سمسمة محاضرات "التطور في تاريخ الفكر االقتصادي‬، ‫ خالد سعيد البحيصي‬.43
. ‫ الجامعة االسالمية‬، ‫كمية التجارة‬: ‫فمسطين‬
‫كمية العموم‬،3 ‫جامعة الجزائر‬. ‫محاضرات في االقتصاد الجزئي‬، ‫ غزالن سعيد‬.41
.7105/7104،‫ قسم العموم االقتصادية‬،‫االقتصادية و التجاري وعموم التسيير‬
‫عمية‬:3‫ جامعة الجزائر‬.‫ محاضرات في تاريخ الوقائع االقتصادية‬، ‫ صديقي شفيقة‬.42
.7104/7103، ‫قسو العموم االقتصادية‬، ‫العموم االقتصادية و التجارية و عموم التسيير‬
76. Jean Batiste Say, cours complet d’économie politique pratique ,
Volume 5 (livre numérique Google).
93
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫فهرس ادلوضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫ادلوضوع‬
‫‪10‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪10‬‬ ‫احملور األول ‪ 7‬ادلشكلة االقتصادية‬
‫‪10‬‬ ‫طبيعة ادلشكلة االقتصادية‬
‫‪10‬‬ ‫عناصر ادلشكلة االقتصادية‬
‫‪14‬‬ ‫حل ادلشكلة االقتصادية‬
‫‪14‬‬ ‫حل ادلشكلة االقتصادية وفق النظام الرأمسايل‬
‫‪15‬‬ ‫حل ادلشكلة االقتصادية وفق النظام االشرتاكي‬
‫‪16‬‬ ‫احملور الثاين ‪7‬مفهوم علم االقتصاد السياسي و موضوعاته‬
‫‪01‬‬ ‫تعريف علم االقتصاد‬
‫‪00‬‬ ‫موضوعات االقتصاد السياسي‬
‫‪00‬‬ ‫االقتصاد السياسي و عالقته بباقي العلوم األخرى‬
‫‪00‬‬ ‫علم االقتصاد وعلم السياسية‬ ‫‪-0‬‬
‫‪01‬‬ ‫علم االقتصاد و علم االجتماع‬ ‫‪-0‬‬
‫‪01‬‬ ‫علم االقتصاد و علم القانون‬ ‫‪-0‬‬
‫‪01‬‬ ‫علم االقتصاد و علم التاريخ‬ ‫‪-1‬‬
‫‪01‬‬ ‫علم االقتصاد و علم النفس‬ ‫‪-2‬‬
‫‪02‬‬ ‫علم االقتصاد و علم اجلغرافيا‬ ‫‪-3‬‬
‫‪02‬‬ ‫علم االقتصاد و الرياضيات و االحصاء‬ ‫‪-4‬‬
‫‪02‬‬ ‫احملور الثالث ‪7‬االقتصاد السياسي يف العصور القدمية و الوسطى‬
‫‪03‬‬ ‫الفكر االقتصادي يف احلضارات القدمية‬
‫‪00‬‬ ‫االقتصاد السياسي االسالمي‬
‫‪00‬‬ ‫أوال ‪7‬تعريف االقتصاد االسالمي‬
‫‪00‬‬ ‫ثانيا ‪7‬نظرة االسالم للسياسة االقتصادية‬
‫‪94‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪05‬‬ ‫احملور الرابع ‪ 7‬مدارس االقتصاد السياسي‬


‫‪05‬‬ ‫ادلدرسة ادلر كنتيلية (التجارية)‬
‫‪11‬‬ ‫ادلدرسة الطبيعة‬
‫‪10‬‬ ‫ادلدرسة الليربالية الكالسيكية‬
‫‪15‬‬ ‫االقتصاد السياسي عند آدم مسيث‬
‫‪20‬‬ ‫االقتصاد السياسي عند دافييد ريكاردو‬
‫‪22‬‬ ‫االقتصاد السياسي عند روبرت مالتوس‬
‫‪24‬‬ ‫االقتصاد السياسي عند جون باتيست ساي‬
‫‪25‬‬ ‫االقتصاد السياسي عند جون ستيوارت ميل‬
‫‪31‬‬ ‫ادلدرسة احلدية‬
‫‪33‬‬ ‫ادلدرسة ادلاركسية‬
‫‪41‬‬ ‫ادلدرسة الكينزية‬
‫‪40‬‬ ‫احملور اخلامس ‪ 7‬تعامل اذليئات الدولية مع القضايا الدولية‬
‫‪40‬‬ ‫أوال ‪7‬األزمة االقتصادية العادلية ‪0606‬و خملفاهتا‬
‫‪40‬‬ ‫مظاهر األزمة‬
‫‪40‬‬ ‫أسباب انفجار األزمة‬
‫‪42‬‬ ‫نتائج األزمة‬
‫‪43‬‬ ‫ثانيا ‪ 7‬منظمة التجارية العادلية‬
‫‪43‬‬ ‫أهداف ادلنظمة‪.‬‬
‫‪44‬‬ ‫وظائف ادلنظمة‬
‫‪45‬‬ ‫آثار ادلنظمة على اقتصاديات الدول النامية‬
‫‪46‬‬ ‫ثالثا ‪7‬صندوق النقد الدويل‬
‫‪50‬‬ ‫احملور السادس‪ 7‬القضايا ادلعاصرة لالقتصاد السياسي‬
‫‪50‬‬ ‫االسرتاتيجيات ادلختلفة للتصنيع يف البلدان النامية‬
‫‪50‬‬ ‫أوال ‪7‬اسرتاتيجية التصنيع عن طريق احالل الواردات‬

‫‪95‬‬
‫محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي‬

‫‪50‬‬ ‫ثانيا ‪ 7‬اسرتاتيجية التصنيع عن طريق التصدير‬


‫‪51‬‬ ‫ثالثا ‪ 7‬خصائص البلد الصناعي‬
‫‪52‬‬ ‫العودلة‬
‫‪53‬‬ ‫أوال ‪7‬مفهوم العودلة ومدلوالهتا‬
‫‪55‬‬ ‫ثانيا ‪7‬عوامل بروز العودلة‬
‫‪60‬‬ ‫ثالثا ‪ 7‬آثار العودلة‬
‫‪61‬‬ ‫قائمة ادلراجع‬

‫‪96‬‬

You might also like