Professional Documents
Culture Documents
Courszekri
Courszekri
هن إعداد:
د .هرين زكري
السنة الجاهعية
9191-9102
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
مقدمة
ترتبط التطورات االقتصادية بغيرىا من التطورات األخرى و ذلك بحكم ان الفكر
االقتصادي يشكل جزءا من الفكر اإلنساني الذي يكون نتاج زمان و مكان محددين .
و ىكذا ،فإن تحميل المجتمع أو تناول الظروف الخاصة بدولة يوجب عمينا التطرق الى
التحميل او الفكر االقتصادي ،و ىذا األخير يتناول ظروف و أحوال البالد السياسية عامة
و االقتصادية خاصة .
و بطبيعة الحال فإن التحميل االقتصادي ىمو ىو البحث في كيفية إثراء الدولة
بإتباعو لمتحميل التطبيقي و العممي معا حيث تطرق في ذلك الى دراسة مجموعة من
الظواىر االقتصادية لغرض المعرفة و التوصل الى حمول تغني االقتصاد كعمم ال يمكن
عزلو عن الواقع و ال عن العموم األخرى حيث توصمت النتائج العممية الى مجموعة من
الظواىر منيا االيجابية و السمبية و تميزت بوجود عوائق أبرزىا مشكمة االقتصادية و التي
واجيت حتى اكبر دول العالم و اكبر القوات االقتصادية .ىذا ما دفعنا الى إقامة البحث
التالي و الذي يتمركز حول المشكمة االقتصادية و ىذا بيدف إيجاد حمول مثالية ليا و
التوسع أكثر في مفيوميا و ذلك بإتباع المنيج االستداللي ذلك نتيجة مجموعة من التساؤالت
التي اجبر العقل البشري عمى طرحيا .
1
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
إن المشكمة االقتصادية تشكل جزءا من المشكمة اإلنسانية العامة ،اذ االقتصاد يمثل
جانبا من شؤون الحياة ال كميا ،غير ان تحديد ىوية و حقيقة ىذه المشكمة ال زالت نقطة
اختالف بين المذاىب المختمفة .
فالرأسمالية تعتبر ان المشكمة االقتصادية ىي نقص الموارد الطبيعية نسبيا ،نظ ار الى
محدودية الطبيعة نفسيا و التي ال تفي بالحاجات المادية الحياتية لإلنسان ،التي تبدو في
تزايد مستمر ،فتنشأ المشكمة حول كيفية التوفيق بين اإلمكانات الطبيعية المحدودة و
الحاجات اإلنسانية المتزايدة .1
في حين ان الماركسية تؤمن ان المشكمة االقتصادية تتمثل بالتناقص المستمر بين
الشكل و النظام الذي يتم بو اإلنتاج في المجتمع و بين نظام التوزيع .
أما اإلسالم فيو يكشف عن حقيقة المشكمة بنحو آخر و بخالف ما تطرحو الرأسمالية
2
و االشتراكية ،فإن المشكمة االقتصادية تكمن في اإلنسان نفسو.
كما تعرف عمى أنيا '' :محدودية الموارد ،و كثرة الحاجات التي تفرض عمى
المجتمع االختيار و وضع األولويات ،و من ثم التضحية فالموارد محدودة عبر الزمن
3
بالمقارنة بين حاجات و رغبات اإلنسان المتعددة و المتجددة.
1جالل أحمد أمين ،مبادئ التحميل االقتصادي .القاىرة :مكتبة وىبة ، 1968،ص.16
2ىايل عبد المولى طشطوش ،المشكمة االقتصادية بين التوصيف و الحل ،من منظور اقتصادي اسالمي .بحث مقدم
لمنتدى االقتصاد االسالمي ،دبي ،2015 ،ص. 6
3المشكمة االقتصادية بين التوصيف و الحل ،المرجع نفسو ،ص. 8
2
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
فقد واجيت المشكمة االقتصادية المجتمعات منذ نشأتيا ،ألنيا مشكمة إشباع الحاجات
و من الطبيعي ان يتناول اإلنسان المشكمة بالتفكير و االىتمام و من ثم فقد كان الفكر
االقتصادي قديما قدم اإلنسان ذاتو ،1ألن المشكمة االقتصادية ىي مشكمة سموكية بالدرجة
األولى يتسبب فييا اإلنسان و ذلك من عدة وجيات:
يكون النشاط اإلنساني نشاطا اقتصاديا عندما يسعى الى مقاومة الندرة النسبية
لمموارد ، 3فكل انسان لو حاجات او رغبات تتمثل في إحساس أليم يريد إزالتو أو إحساس
بالراحة يريد زيادتو .و ىناك وسائل قادرة عمى إشباع ىذه الحاجات بجمب اإلحساس بالرضا
و االرتياح.
و ىذه الحاجات اإلنسانية حاجات شخصية ،فكل فرد ىو الذي يقرر دون تدخل من
جانب غيره ما اذا كان لديو حاجة يريد إشباعيا و مدى ىذه الحاجة .
1حازم الببالوي ،دليل الرجل العادي الى الفكر االقتصادي ، ،دار الشروق ،القاىرة ،ط،1995 ،1ص.11
2المشكمة االقتصادية بين االقتصاد االسالمي و الوضعي ،ص.62
3عادل أحمد حشيش ،أصول االقتصاد السياسي .االسكندرية :دار الجامعة الجديدة لمنشر ،2003،ص.40
3
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
و الحاجات اإلنسانية متعددة بعضيا مادي و بعضيا غير مادي ،بعضيا جسدي و
اآلخر نفسي و ىي تتزايد و تتشعب دون توقف ألن طموحات اإلنسان ليس ليا حد ألنو
يكتشف بحد ذاتو أىداف جديدة كما ان حياة نظرائو تعطيو دوافع متجددة لالنتقال ....
اما الحاجة الفردية ،فيي تمك التي تتصل مباشرة بشخصية االنسان و حياتو الخاصة
كالحاجة لمأوى ،أما الحاجة الجماعية فيي التي تولد و تظير بوجود الجماعة و حياة الفرد
مثل الحاجة لألمن و الدفاع. 3
و أخيرا ،الحاجة المستقبمية ىي تمك المتوقع ظيورىا مستقبال كما لو قامت الدولة
باستصالح األراضي و إقامة السدود و ذلك بغية إشباع حاجة مستقبمية ...أما الحاجة
الحالة او الحاضرة فيي تمك اإلحساس او الشعور الحال باأللم و عدم الرضا مثل استيالك
المزارع لما ينتجو من غمة ...
1عادل أحمد حشيش و آخرون ،أساسيات االقتصاد السياسي .بيروت :منشورات الحمبي الحقوقية ،2003،ص.69
2حازم الببالوي ،أصول االقتصاد السياسي .مصر :االسكندرية :دار المعارف ،ط،1996، 1ص.3
3حازم الببالوي ،النظام االقتصادي الدولي الجديد .الكويت :عالم المعرفة ،2000،ص78.
4
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
كانت الوسائل التي يممكيا اإلنسان إلشباع حاجاتو محدودة دائما ،بمعنى أن اإلنسان
يعيش في عالم ندرة ،فالموارد التي يتصرف فييا إما تكون غير كافية إلشباع كل حاجاتو في
وقت معين أو موزعة توزيعا مكانيا حيث تتوافر في أماكن معينة و تشح في أماكن أخرى،
حتى لو كانت ىذه الموارد وفيرة فإن اإلنسان يظل محصو ار بعامل الوقت ،1و ىو أكثر نعم
اهلل عمى اإلنسان ندرة. 2
فندرة الوسائل و االختيار بين الغايات ،و التكمفة ىي االفكار الرئيسية التي تسمح
بفيم جوىر النشاط االقتصادي او المشكمة االقتصادية حيث ان حياتنا االقتصادية تتكون من
مجموعة من الق اررات المتشابية التي تيدف الى تحقيق التوازن بين الوسائل و الحاجات
و انطالقا من ىذه الوجية من وجيات النظر نستخدم دخمنا و ندير صفقاتنا و ننظم إنتاجنا
و نوزع وقت عممنا و فراغنا بين اليقظة و النوم .
تعبر القوانين االقتصادية عن جوىر العمميات او الظواىر االقتصادية الجارية ،و ىي
عمميات تجرى في دائرة عالقات اإلنتاج ،و لكن الجوىر او الظاىرة ليسا متطابقين و لو كانا
كذلك لما كانت ىناك حاجة لعمم االقتصاد ،و لكانت تكفي قوة المالحظة و التجربة و
الرصد في الحياة لمكشف عن جوىر العمميات او الظواىر االقتصادية و اكتشاف القوانين
بصفة عامة ،ال يتطمب الموىبة او القدرة العممية فحسب و إنما يتطمب قد ار كبي ار من
الشجاعة الشخصية ،3و يصدق ىذا القول في حالة قوانين الحياة االقتصادية ....
و مضمون قانون االستمرار ىو ا ناي رغبة يوالي إشباعيا دون توقف ،تتناقص
حدتيا حتى تنتيي باالنعدام ...و مضمون قانون التكرار ىو ان اإلحساس المريح عندما
1رفعت محجوب ،االقتصاد السياسي .ج ، 2القاىرة :دار النيضة العربية ،1981،ص-ص .80-75،
2بن عصمان محفوظ ،مدخل في االقتصاد الحديث .الجزائر :دار العموم لمنشرو التوزيع ،2003،ص.10
3عبد النعيم محمد مبارك ،مبادئ االقتصاد السياسي .ط ، 1مصر :الدار الجامعية ،1997،ص19.
5
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
يتكرر تتناقض درجة حدة الرغبة و مدتيا ،و يكون ذلك كمما كان التكرار متعاقبا عمى فترات
قصيرة .1
تقوم عمميات اإلنتاج عمى تجميع العوامل الطبيعية او األدوات الفنية مع العمل من
اجل الحصول عمى سمع و خدمات تخصص لالستيالك ،فاإلنتاج يتضمن عمميات تحويل
و عمميات نقل الموارد االقتصادية .
و اإلنتاج يكون إما إنتاج سمع مادية او خدمات غير مادية ،و قد استبعد الفكر
االقتصادي في وقت من األوقات الحصول عمى خدمات من نطاق اإلنتاج .ففي كتاب
'' ثروة االمم '' وضع آدم سميث بين المين غير المنتجة الجيش و الحكومة و بعض المين
األخرى ...و نتيجة لذلك يمكن القول إن كل تصرف يوجد منفعة يعتبر تصرفا منتجا و
العمل المنتج قوامو الحصول عمى تيار من المنافع و عوامل اإلنتاج.
و فكرة المنفعة فكرة محايدة في عالقاتيا باألخالق او الصحة ،فأي سمعة او خدمة
تعد نافعة طالما ان ىناك مستيمكا يرغبيا إلشباع حاجة لو و لو كان ىذا اإلشباع متعارضا
مع االعتبارات الصحيحة او األخالقية ،فالخمور و السجائر تعتبر سمعا نافعة من وجية
نظر مستيمكييا ألنيم يضحون في سبيل الحصول عمييا رغم أنيا سمع ضارة .
خامسا :النقود
تعتبر النقود من المسائل اليامة ذات الصمة بالمشكمة االقتصادية ،و قد ادى استخدام
النقود الى تسييل المبادالت بإحالل التبادل غير المباشر محل التبادل المباشر او المقايضة
فالنقود أدت الى زيادة مرونة الصفقات االقتصادية و لكن النقود ليست سمعة تبادل فقط ،و
ذلك لما ليا من منفعة خاصة تتمثل في كونيا ىي السيولة في ذاتيا ،فكل فرد تتكون ثروتو
6
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
في سمع حقيقية عقارية (كاألرض و العمارات) او من صكوك (كأسيم الشركات) عميو ان
يحوليا إلى ماىو سائل اذا اراد سمعة دون الحاجة لسمعة اخرى .
أما النقود يمكن استخداميا لشراء اي سمعة دون الحاجة لسمعة أخرى او الحاجة
لعميمة تحويل .
سادسا :االستيالك
االستيالك ىو العممية التي تشبع بيا الحاجات االقتصادية و الذي يأخذ صورة أنيا
سمعة او خدمة و استفادة ما فييا من منفعة ،فالخبز يستيمك بأكمو ليخفف إحساسنا بالجوع.
و باإلضافة الى سمع االستيالك المعمرة او غير المعمرة و المخصصة لإلشباع عن
طريق استنفاذ ما فييا من منفعة توجد كسمع المتعة كالموحات و التحف و ىي بطبيعتيا سمع
دائمة تساىم في إشباع جانب من حاجات اإلنسان .
يعالج النظام الرأسمالي المشكمة االقتصادية عن طريق زيادة السمع و الخدمات ألنيا
عبارة عن صراع بين الحاجات الالنيائية و الموارد المحدودة فمن الطبيعي ان يرتكز عالج
المشكمة االقتصادية عمى كيفية زيادة السمع و الخدمات و لو فرضنا ان السمع و الخدمات
المنتجة في مجتمع ما ممثمة بمنحى إمكانيات اإلنتاج فسيكون ذلك بزيادة عناصر اإلنتاج او
التكنولوجيا. 1
و ذلك يتم باكتشاف موارد جديدة او بالتطور التكنولوجي و ىذا ما يسعى لتحقيقو
النظام الرأسمالي لعالج المشكمة االقتصادية و يرى الباحثون ان ىناك توافق بين االقتصاد
اإلسالمي و الوضعي ،فزيادة التكنولوجيا تقمل من حدة المشكمة االقتصادية و ذلك من حيث
1صديقي شفيقة ،محاضرات في تاريخ الوقائع االقتصادية .جامعة الجزائر:3عمية العموم االقتصادية و التجارية و عموم
التسيير ،قسو العموم االقتصادية ،2017/2016،ص.29
7
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
ضرورة التنمية االقتصادية ألنيا من ضروريات االستخالف و إعمار األرض و كذلك من
حيث ضرورة استخدام جميع الموارد و عدم ىدرىا دون فائدة.
يقوم النظام االشتراكي عمى فمسفة اجتماعية ىدفيا األساسي ىو المصمحة العامة
و ليس المصمحة الخاصة ،حيث تسود ىذا النظام مجموعة من المبادئ تتماشى مع فمسفتو
الجماعية األساسية فعوامل اإلنتاج ممموكة بالكامل أو تكاد لمدولة ،كما ان الممكية الخاصة
محصورة في أضيق نطاق .فيي ببساطة تقوم بحل المشكمة االقتصادية عن طريق ما يعرف
باسم جياز التخطيط الذي يأخذ شكل ىيئة او لجنة و يقوم بدارستيا و أبحاث مستفيضة
مسبقة قبل ان يقدم عمى اقتراح السياسات التي تصدر بيا بعد ذلك ق اررات مركزية لمتنفيذ. 1
فجياز التخطيط ىو الذي يحدد نوعيا و كميا تمك السمع كما انو يقوم بتنظيم عممية
اإلنتاج بتعبئة الموارد االقتصادية الالزمة لترجمة رغبات أفراد المجتمع الى سمع و خدمات
متاحة و إتاحتيا لمختمف استخداماتيا البديمة. 2
كما ان ىذا النظام ييدف الى تحقيق مجتمع '' الكفاية و العدل '' .الكفاية بمعنى
حسن استغالل الموارد االقتصادية النادرة المتاحة ،و العدل بمعنى عدالة توزيع الدخول و
3
الثروات في المجتمع بين مختمف أفراده.
1عادل أحمد حشيش ،أصول االقتصاد السياسي ،مرجع سبق ذكره ،ص.96
2أحمد جامع ،االقتصاد االشتراكي ( .دراسة نظرية تحميمية) .القاىرة :دار النيضة العربية ،1969،ص.192
3محمد دويدار ،مدخل االقتصاد السياسي ،بيروت :منشورات الحمبي الحقوقية ،2009،ص.72
8
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
دراسة عمم االقتصاد تيدف أساسا لمسايرة و تصدي اإلنسان لمعرفة و استنباط أسس
او باألحرى نظم اقتصادية سواء في رفع مستواه المعيشي أو مواجية الظروف السياسية
و االجتماعية المفروضة في إطار مسايرة العصر من جية ،و من جية أخرى استنباط
او وضع حمول لممشاكل االقتصادية حديثة الماضي ،الحاضر او المستقبل. 1
إذ تعنى دراستنا التاريخية االقتصادية بدراسة و تحميل الظواىر االقتصادية خالل
فترات تطور المجتمعات من وجية نظر تاريخية ،و عمى ىذا فكثي ار ما يطمق عمى عمم
التاريخ االقتصادي اصطالح التطور االقتصادي او تاريخ األحداث و الوقائع االقتصادية .
من خالل المالحظة ،يعتقد ان دراسة تاريخ الوقائع االقتصادية ليست أكثر من مجرد
سرد ألحداث اقتصادية و حقائق عممية متباينة انبثقت خالل تطور المجتمعات اإلنسانية
بينما او يعتقد آخرون انيا عبارة عن دراسة النظم االقتصادية التي ظيرت في المجتمعات
المختمفة النظريات االقتصادية التي ظيرت في المجتمعات المختمفة النظريات االقتصادية و
عبر األزمنة المتوالية لبيان الكيفية و االتجاىات التي اتخذىا نشاط اإلنسان االقتصادي في
عالجو لممشكمة االقتصادية من واقع التجارب المختمفة .2فمدراسة التاريخ االقتصادي أبعاد و
آفاق أكبر من ذلك و ىكذا أمكن لدراسة التطور االقتصادي او تاريخ الوقائع االقتصادية ان
ترصد حركة التغيير التي تمر بيا المجتمعات المختمفة من حيث مسيرتيا في سبيل التقدم
االقتصادي ،اذ انو كمما ظيرت عالقات إنتاج جديدة و تم نضجيا في إطار نظام قديم
و حيث يبمغ النمو االقتصادي حده في ظرف زمني معين أوجب عميو مزاحمة النظام القديم
ألنو أصبح يعكس حالة اقتصادية تم تخطييا مثال '' النظام اإلقطاعي و النظام الرأسمالي ''
1اسماعيل أحمد الشناوي ،أسامة أحمد الفيل ،النظرية االقتصادية الجزئية .جامعة االسكندرية ،ص.7
2السيد محمد السريتي ،عمي عبد الوىاب نجا ،النظرية االقتصادية الكمية،ص.6
9
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
اختمف االقتصاديون بشأن تعريف عمم االقتصاد تعريفا اصطالحيا يحدد نطاقو
تحديدا جامعا لمموضوعات التي ييتم بمعالجتيا مانعا لما ال يدخل في دائرة اىتماماتو .
و لقد ترتب عمى ىذا االختالف ان تعددت التعريفات المعطاة في ىذا الشأن ،األمر الذي
يصعب معو تقديم بيان حصري ليا .و اذا كان تعريف العمم يأتي الحقا عميو و ال يسبقو
فإن الخالف بين االقتصاديين عمى التعريف ليس خالفا لفظيا او عمى التغيير ،بقدر ما ىو
خالف عمى المفيوم المبدئي لموضوع عمم االقتصاد. 1
تعريف بعض المصطمحات االقتصادية :كثير من الكممات التي يرد ذكرىا في مجال
الدراسات االقتصادية و كبد اية لدراستيا في االقتصاد سنقوم بتفسير مبسط لبعض و ليس
كل الكممات عمى ان نتبادليا بالشرح في مواضعيا فيما بعد :
الطمب : Demandeالطمب في المعنى العادي يعني مجرد الحاجة أيا كانت ىذه
الحاجة حتى لو كانت مجرد سؤال أما في االقتصاد فمعنى الطمب حاجة أو الرغبة
المسندة إلى قوة شرائية.
المنفعة : Utilityىي قوة اي شيء في إشباع حاجة ما ،بصرف النظر عن طبيعة
الرغبة المشبعة و األشياء النافعة تنقسم الى قسمين :
-السمع :و ىي األشياء النافعة التي تأخذ شكال ماديا ممموسا .
-الخدمات :و ىي األشياء النافعة و التي ال تأخذ شكال ماديا لخدمات النقل و الطمب
و التعميم و تعتبر غير اقتصادية او حرة اذا كان يمكن الحصول عمييا يكون مقابل
ثمن .و تعتبر غير اقتصادية او حرة اذا كان يمكن الحصول عمييا بدون مقابل .
الندرة : Scarcityالمقصود بالندرة في المعنى االقتصادي الندرة السمبية و ليس
الندرة المطمقة و طالما إن الموارد محدودة فيي نادرة ،و إن كان من المحتمل أن
يكون لبعضيا ندرة أكثر من األخرى .
1غزالن سعيد ،محاضرات في االقتصاد الجزئي .جامعة الجزائر ، 3كمية العموم االقتصادية و التجاري وعموم التسيير ،قسم
العموم االقتصادية،7105/7104،ص.7
10
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
أما الفرنسي "جون باتيست ساي" نظر في االقتصاد عمى أنو مجرد معرفة بالقوانين
المتعمقة بانتاج الثروة و توزيعيا و استيالكيا .
ثانيا :تعريف االقتصاد باعتباره عمم المبادلة .
من أبرز االقتصاديين الذين يحددون موضوع االقتصاد السياسي" بالنظر الى الوسيمة
و ىو التبادل ىو "جيتون بيرو" فنجده يعرف االقتصاد السياسي عمى أنو دراسة عمميات
التبادل التي يتخمى الفرد بموجبيا عن ما ىو بحوزتو ليحصل بالمقابل و من فرد آخر عمى
1روبرت غيمبين ،االقتصاد السياسي لمعالقات الدولية .ترجمة و نشر مركز الخميج لألبحاث ،،ص.52،2004
2آدم سميت ،ثورة االمم ترجمة حسني زينة ،بغداد :معيد الدراسات االستراتيجية،ط،2008 ،1ص.5
11
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
ما يحتاجو و أن عممية التبادل ىي التي تسمح بقيام صمة بين انتاج األموال و السمع و
اشباع الحاجات. 1
1الحامض الخالد ،االقتصاد السياسي (أسس و مبادئ).سوريا :منشورات جامعة حمب ، 2006،ص.33
2 Robbins Lionel, An Essay on the Nature and significance of economic Science .Ed.
Macmillan and Co. limited London 1946 ,p75
3عبد المطيف بن اشنيو ،مدخل الى االقتصاد السياسي .الجزائر :ديوان المطبوعات الجامعية ،ط،2007،6ص.21
4 Raymond Barre Economie politique .tom 2,ED :P.U.F ,Paris ,196,p-p,1-22.3
5
Lang Oskar ,Essays on Economic planning. Asia publishing house ,Bombay ,1960,p34.
12
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
1عبد اهلل ساقور ،االقتصاد السياسي .الجزائر :دار العموم لمنشر و التوزيع،2004،ص.34
13
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
كاالجتماعي ييتم بالعالقات بين األجزاء و السيطرة و التبادل و المتغيرات و يستعين بالطرق
الرياضية في تحميل بيانتو.1
-3عالقة االقتصاد السياسي وعمم القانون :
ت قوم في المجتمعات االنسانية في وقتنا مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم
عالقات األفراد بعضيم ببعض ،و يعتبر القانون االطار الذي يتم داخل النشاط االقتصادي
لممجتمع ،فعممية بيع و شراء سمعة معينة ليا مضمونيا االقتصادي الذي يتمثل في الكمية
المتعامل بيا و نوع السمعة و الثمن الخاص بيا ، 2كما أن ليا في نفس الوقت اطارىا
القانوني المتعمق بمدى شرعيتيا ،و بتنظيم حقوق أطراف المتعاقدين .
-4االقتصاد السياسي و عمم التاريخ :
يعتبر التاريخ موضوعا معينا لممسائل االقتصادية التي ليا عالقة باإلنسان كائن
اجتماعي ،ودراسة تطور ما يحتويو من أفكار و أحداث و مواقف و يعد وسيمة ىامة
يستعين بيا االقتصادي في دعم الدراسات التي يقوم بيا ،3كما أنو يدعم مكانة االقتصاد
السياسي في المجتمع من خالل الحرص عمى ربطو بالزمان و التاريخ.
-5عالقة االقتصاد السياسي بعمم النفس :
طالما أن عمم االقتصاد ييتم بسموك االنسان و كيفية اشباع رغباتو ،فان عمم النفس
عن طريق وسائمو يساعد االقتصادي في التعرف عمى الخصائص النفسية و التصرفات
الشخصية لألفراد داخل المجتمع ،فالمواقف االيجابية و السمبية لإلنسان تجاه الق اررات
االقتصادية التي تتخذىا الدولة ليا دور كبير عمى النشاط االقتصادي.
1محمد دويدار ،مبادئ االقتصاد السياسي .بيروت :منشورات الحمبي الحقوقية ،2009،ص.59
14
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
بين الجماعات البشرية و البيئة .1و يمتقي الفرعين االقتصاد السياسي و الجغرافيا في نقطة
و ىي تمك التي تتعمق بتوطن النشاط االقتصادي ،فعمم الجغرافيا يزودنا بالمعرفة الخاصة
بالوسط الطبيعي لمنشاط االقتصادي.
-7عمم االقتصاد و الرياضيات و االحصاء :
يعتمد االقتصادي في أحيانا كثيرة عمى أساليب رياضية في البراىين و التحميل ،فمثال
عند حساب تكاليف المشاريع أو الدخل أو الربح فانو يستخدم بعض المعادالت الرياضية
إلثبات ذلك .و مع تزايد استخدام األساليب الرياضية في االقتصاد ظير االقتصاد الرياضي
و االقتصاد القياسي اي يجمع كال من الرياضيات و االحصاء .فاإلحصاء ىو العمم الذي
يبحث في أساليب جمع البيانات و تحميميا و تحويميا الى نوع من المعرفة و اتخاد الق اررات ،
فمن ىنا يظير الربط حيث أن دراسة الظواىر و المشاكل االقتصادية يحتاج في الكثير من
األحيان الى بيانات احصائية و تحميل ىذه البيانات الستخالص النتائج منيا.2
قبل ميالد عمم االقتصاد في منتصف الثامن عشر تقريبا ،لم يكن لمفكر االقتصادي
وجود مستقل ،و إنما نجده في أحضان أشكال أخرى لمفكر في أحضان الفمسفة في اإلغريقي
في أحضان الفكر الالىوتي في العصور الوسطى األوروبية ،و في أحضان دراسة التاريخ و
فمسفتو عند المفكرين العرب في القرن الرابع عشر. 3
ظل الفكر االقتصادي و حتى بداية العصر الحديث مختمطا بالفكر الديني و الفمسفي
و األخالقي ،و كانت ميزة الفكر اإلنساني حول الظواىر االجتماعية مرتبطا بأفكار غيبية و
15
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
جممة من االنطباعات البسيطة التي حاولت أن تقدم وصفا لمواقع االقتصادي في كل مرحمة
معينة ،و لذلك يصعب القول أن ثمة فكر اقتصادي عممي قد قام في ىذه المرحمة.1
عرفت الحضارات القديمة في الشرق ازدىا ار اقتصاديا كبي ار عمى الصعيد العممي ،ناتج
عن وجود تنظيم اقتصادي و اجتماعي دقيق .فقد عرفت الحضارة المصرية القديمة و
حضارة البابميين و الحضارة الصينية نوعا من الزراعة المتقدمة و المنظمة ،الى جانب ىذا
فقد تبمورت مالمح بسيطة لفكر اقتصادي ساد في ىذه المرحمة ،و من أىم ىذه األفكار نذكر
ما يمي :
-ذكر بعض األفكار حول الممكية و تنظيميا في قانون حمورابي غير ان ىذه التنظيمات قد
تناولت بصفة أساسية الجانب القانوني و الديني .و لم تتعرض لمجوانب االقتصادية .
-نجد مالمح لفكر اقتصادي في القانون الموسوي و العيد القديم الذي أجاز العمل بالتجارة ،و
حرم اقتضاء فائدة عمى القروض فيما بين العبرانيين و لكنو يجيزىا فيما بين العبرانيين .
عند اإلغريق وجد الفكر االقتصادي في أحضان الفمسفة ،و في ىذه المرحمة عرف
االقتصاد بأنو عمم إدارة المنزل (اقتصاد عائمي) ،و بالرغم من ازدىار الفمسفة و السياسة و
األخالق لدى االغريق ،فإننا ال نجد بناءا فكريا متكامال عن المشاكل االقتصادي ،و يرجع
السبب في ذلك الى ان االقتصاد االغريقي كان عبوديا قائما عمى اساس الرق ،و كانت
النظرة الى العمل بشكل عام نظرة احتقار من طرف المفكرين .2عمى العموم يمكن التماس
معالم فكر اقتصادي لدى الفالسفة اليونان:
1زينب حسين عوض اهلل ،سوزي عدلي ناشد ،مبادئ االقتصاد السياسي .بيروت :منشورات الحمبي الحقوقية ،
،2007ص.67
2ابراىيم مشورب ،االقتصاد السياسي مبادئ-مدارس-أنظمة .بيروت :دار المنيل المبناني ،ط،2002 ،1ص-ص-24،
.26
16
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
تناول بعض المشاكل االقتصادية في كتاباتو الفمسفية و بوجو خاص في كتاب ''
الجميورية'' و '' القوانين '' ،و يرجع أفالطون سبب نشأة الدولة الى اعتبارات اقتصادية
فحاجات اإلنسان متعددة ،و البد من اجتماع األفراد في جماعة سياسية حتى يمكن إشباع
ىذه الحاجات .
دعا أفالطون في '' الجميورية '' الى إقامة مدينة مثالية قواميا تقسيم العمل و
االختصاصات و المزايا بين طبقات المجتمع و العمل عمى تحقيق المساواة بين المواطنين
و قد قس م أفالطون المجتمع الى ثالثة طبقات تختص كل منيا في تأدية عمل محدد حسب
فكرتو حول تقسيم العمل ،فالحكم يجب ان يترك لطبقة الفالسفة و الحكماء ،و يدخل في
طائفة الحكام أيضا النبالء و المحاربون الذين يشكمون الطبقة الثانية ،اما طبقة المحكومين
فتتضمن العمال اليدويين و الزراعيين و الصناع .
و تجدر اإلشارة ىنا ان فكرة تقسيم العمل عند أفالطون ليس داخل العممية اإلنتاجية
كما دعا لذلك آدم سميت الحقا ،بل بين فئات المجتمع المثالي ألن العممية اإلنتاجية أصال
لم تكن متسعة حتى تقتضي التقسيم .
و يدعو أفالطون الى إلغاء الممكية الخاصة و الميراث و األسرة بالنسبة لمطبقة
الحاكمة حتى تتوفر لدييم الرغبة في االستمرار في أداء و الحفاظ عمى المصمحة العامة ألن
من أسباب انحراف البشر حب الممكية الفردية و الرغبة في توريث األوالد.
بينما أكد في المقابل عمى أىمية الممكية الخاصة بالنسبة لطبقة الصناع و الحرفيين و
المزارعين ألنيم ييدفون إلى تحقيق مصالحيم الخاصة .كما يعتبر الرق عند أفالطون
.
عنصر دائم و ضروري لبقاء اإلنسانية
في إطار الفكر اإلغريقي ينفرد أرسطو بمقدرة فائقة عمى التغمغل في تحميل الظواىر
االقتصادية ،و قد ضمن أرسطو أفكاره اال قتصادية في كتابو القيم '' السياسات '' الذي وقف
17
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
فيو وقفات تحميمية عميقة لبعض المشكالت و الظواىر االقتصادية ،و لذلك يعتبر لدى
البعض اول القدماء الذين وضعوا ما يمكن تسميتو '' ببذور نظرية اقتصادية '' تقوم عمى
تحميل الظواىر و المشكالت ،بل يذىب البعض أبعد من ذلك بالقول أن الفضل يرجع
ألرسطو في دفع عمم االقتصاد دفعة قوية و ألول مرة في التاريخ اإلنساني ،ليصبح عمما
مستقال عن العموم الفمسفية و المنطقية التي سادت في عصره .1
أقر ارسطو حق الممكية الخاصة منددا بما ذىب إليو أفالطون ،و بيذا يعتبر أرسطو
اول من أرسى دعائم الرأسمالية ،و قد استخدم أرسطو في دفاعو عن الممكية الخاصة ثالث
براىين :
و يرى ارسطو انو من الممكن التوفيق بين المصالح الخاصة و العامة ،و أن
البواعث الشخصية ىي من أقوى البواعث و قد تكون من اىم األسس لتحقيق المصمحة
العامة كما رفض فكرة إلغاء األسرة .
كما ناقش ارسطو موضوع '' النقود '' من حيث نشأتيا فيي ظيرت نتيجة عيوب
المقايضة ،و من حيث وظائفيا باعتبارىا الوسيمة الطبيعية لمتبادل و مخزن لمقيمة ،بطريقة
تحميمية تشبو الطرق الحديثة .
18
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
كما فرق ارسطو بين قيمة االستعمال التي تعني منفعة الشيء لممستيمك ،و قيمة
الم بادلة التي تيدف الى تحديد معدل التبادل بين السمع بعضيا ببعض .و فيما يتعمق بتحديد
قيمة التبادل فقد اىتم ارسطو بتحديد فكرة الثمن العادل بالرجوع الى اعتبارات اخالقية و ليذا
السبب أدان أثمان االحتكار باعتبارىا غير أخالقية و غير عادلة.1
كما تطرق ارسطو الى موضوع الربا ،فانتقده اشد االنتقاد فالنقود عنده ال تمد النقود
اي انيا غير منتجة لذاتيا ،و لذلك فإن الفوائد مذمومة اخالقيا ،ألن الربا اشد الطرق مجافاة
لمطبيعة البشرية .
يتفق ارسطو مع افالطون حول قضية العبيد ،و ال ينادي بإلغاء الرق اذ يعتبره جزء
ال يتج أز من تكوين المجتمع اليوناني القديم ،بل ىو نوع من الممكية الخاصة و يضيف بأنو
ال مناص من وجود فئة من الناس قضت الطبيعة عمييم منذ ميالدىم ان يكونوا خاضعين
لسيطرة اآلخرين .
الحضارة الرومانية:
تتميز الثقافة الرومانية بالغموض بالمفيوم الفمسفي ،فقد ظمت روما تابعة لميونان من
الناحية المعرفية و الفكرية باستثناء بعض األعمال القانونية ال نجد فك ار رومانيا خالصا .
و عمى الصعيد االقتصادي حدثت بعض التحوالت ادت الى ظيور أوضاع جديدة أدت
الى تحول االقتصاد العائمي الى اقتصاد زراعي مغمق ،ثم اقتصاد استعماري إمبراطوري ،ىذا
عمى الصعيد العم مي ،اما عمى الصعيد الفكري فمم يصاحب ظيور مشكالت اقتصادية مثل
التضخم ،إسيامات و أعمال فكرية اقتصادية او نظريات لحل المشكالت االقتصادية ،فال
نجد سوى بعض اإلشارات عن الفن اإلنتاجي في مجال الزراعة ،و اثر تنظيم األسواق عمى
التضخم مع معارضة صور االستغالل الكبير لألرض و اثره عمى توافر المواد الغذائية،
إضافة إلى استنكار أسعار الفائدة .
عبد اهلل اسماعيل صبري ،دروس في االقتصاد السياسي ،جامعة االسكندرية ،ص.33 1
19
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
ىناك تعاريف كثيرة وضعيا كتاب اقتصاديون مسممون و لكل تعريف خصائص تميزه
عن غيره .و ظاىرة تعدد التعاريف في مجال العموم االجتماعية أمر مألوف ،و يعبر عن
اختالف وجيات نظر القائمين بيا حول أي الجوانب أكثر أىمية من غيرىا و أييا اكتر تعبي ار
عن كنو الشيء المراد تعريفو .إن أفضل تعريف ىو الذي يكون مختص ار من حيث الكممات
شامال من حيث المعاني .1و سوف نقدم التعريف اآلتي لعمم االقتصاد اإلسالمي لعمو يكون
كذلك .عمم االقتصاد اإلسالمي (ىو العمم الذي يدرس سموك المسمم االقتصادي كما يجب
أن يكون )
-1يؤكد عمى دراسة سموك اإلنسان المسمم و بذلك سوف يخرج من اىتمامو سموك
اإلنسان غير المسمم .
-2إن تأكيده عمى سموك اإلنسان المسمم دون غيره يعني االىتمام و التركيز عمى
الجانب العقيدي و االلتزام بالقيم و المبادئ اإلسالمية التي جاءت بيا الشريعة
3
اإلسالمية .
-3اىتمامو بالسموك االقتصادي يعني إخراج السموك االقتصادي من دائرة اىتماماتو
األساسية فمثال الصالة و الصيام و الحج ال تدخل ضمن اىتمامات االقتصاد
اإلسالمي إال بقدر تأثرىا أو تأثيرىا عمى السموك االقتصادي لمفرد و المجتمع المسمم
أما الزكاة و الصدقات التطوعية و الكفارات المادية و استغالل األرض و المعادن و
تنظيم التجارة و التنمية االقتصادية ...فإنيا تكون من صمب اىتمام عمم االقتصاد
اإلسالمي .
1أحمد عمي جرادات ،النظام االقتصادي في االسالم .ط ،1عمان :دار الثقافة لمنشر و التوزيع ،2015،ص.33
2محمد رامز عبد الفتاح العزيزي ،مبادئ النظام االقتصادي في االسالم و مميزاتو .عمان :جيينة لمنشر و التوزيع
،2003،ص.34
3سعيد عمي العبيدي ،االقتصاد االسالمي ،ط ،1عمان ،دار دجمة ،ناشرون و موزعون ،2011 ،ص. 32
20
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
-4إن التأكيد عمى سموك المسمم االقتصادي ال يعني المسمم كفرد فقط ،بل يشمل
السموك االقتصادي لممنشأة و المجتمع أيضا .
-5إن عبارة كما يجب أن يكون تعني التأكيد عمى الجانب المعياري ،حيث إن االقتصاد
اإلسالمي ييتم بالسموك االقتصادي الصحيح الذي يتفق مع أحكام و مبادئ شريعة
اإلسالم . 1و ال ييتم بدراسة ما ىو كائن فعال إال بقدر تشخيصو و العمل عمى
تغييره بحيث يتالءم في أدائو االقتصادي مع مبادئ و قواعد شريعة اإلسالم مثال
عمى ذلك تتعامل اغمب الوحدات االقتصادية المعاصرة بالتمويل الربو ي أي التعامل
بالفائدة و بالطبع يكون لمعدل الفائدة أثر عمى االدخار و االستثمار و االستيالك و
تعد الفائدة أداة ميمة بيد السمطة النقدية في الدولة تستخدميا لمتأثير عمى المتغيرات
عمم االقتصاد االقتصادية الكمية . 2إن ىذه المواضيع ال تدخل ضمن اىتمام
اإلسالمي .بل ييتم بتبيان و توضيح اآلثار االقتصادية و االجتماعية السمبية
لمتمويل الربوي و ييتم بإيجاد البديل اإلسالمي لمشكمة التمويل و تجميع المدخرات و
محاربة االكتناز و صيغ االستثمار االقتصادي التي تتفق و ال تعارض مع أحكام
الشرع اإلسالمي. 3
1محمود عبد الكريم ارشيد ،المدخل الى االقتصاد االسالمي .ط،1األردن :دار النفائس لمنشر و التوزيع ،2012،ص.66
2مجمود حسن صوان ،أساسيات االقتصاد االسالمي .ط،1عمان :دار المناىج لمنشر و التوزيع ،2014،ص.13
3خالد سعيد البحيصي ،سمسمة محاضرات "التطور في تاريخ الفكر االقتصادي" .فمسطين :كمية التجارة ،الجامعة
االسالمية .
4أحمد عبد الرحمان يسري ،تطور الفكر االقتصادي .االسكندرية :الدار الجامعية لمطباعة و النشر و التوزيع
،1997،ص.63
21
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
جميع حاجاتو األساسية إشباعا كمي ا ،ثم باعتبار فرديتو المشخصة ثانيا بتمكينو من إشباع
حاجاتو الكمالية بقدر ما يستطيع .و ينظر إليو في نفس الوقت باعتباره مرتبطا مع غيره
بعالقات معينة ،تسير سي ار معينا حسب طراز خاص و عمى ىذا فان السياسة االقتصادية
في اإلسالم ليست لرفع مستوى المعيشة في البالد فحسب ،دون النظر إلى ضمان انتفاع كل
فرد من ىذا العيش 1،و ال ىي لجمب الرفاىية لمناس و تركيم أح ار ار في األخذ منيا بقدر ما
و إنما ىي لمعالجة يتمكنون ،دون النظر إلى ضمان حق العيش لكل فرد منيم أيا كان
و تمكينو من رفع المشاكل األساسية لكل فرد باعتباره إنسانا يعيش طبق عالقات معينة
مستوى معيشتو و تحقيق رفاىية نفسو ،و بيذا تختمف عن غيرىا من السياسات
االقتصادية.
إن اإلسالم في الوقت الذي يشرع أحكام االقتصاد لإلنسان يجعل التشريع موجيا لمفرد،
وفي الوقت الذي يعمل لضمان حق العيش ،و التمكين من الرفاىية يجعل ذلك يتحقق في
مجتمع معين ،لو طراز خاص من العيش ،فيو ينظر إلى ما يجب أن يكون عميو المجتمع
في الوقت الذي ينظر فيو إلى ضمان العيش و التمكين من الرفاىية و يجعل نظرتو إلى ما
يجب أن يكون عميو المجتمع أساسا في نظرتو إلى العيش و الرفاىية و لذلك تجد األحكام
الشرعية ق د ضمنت توفير إشباع الحاجات األساسية إشباعا كميا لكل فرد من األفراد رعية
الدولة اإلسالمية ،2من مأكل و ممبس و مسكن و ذلك بفرض العمل عمى الرجل القادر،
حتى يوفر لنفسو الحاجات األساسية لو و لمن تجب عمييم نفقتيم و فرضيا عمى المولود لو،
و عمى الوارث إن لم يكن قاد ار عمى العمل ،أو عمى بيت المال إن لم يوجد من تجب عمييم
نفقتيم ،و بيذا ضمن اإلسالم لكل فرد بعينو أن يشبع الحاجات التي البد لإلنسان من حيث
ىو إنسان من أن يشبعيا و ىي المأكل و الممبس و المسكن .3
ثم حث بعد ذلك ىذا الفرد عمى التمتع بالطيبات و األخذ من زينة الحياة الدنيا ما
يستطيع ،و منع الدولة أن تأخذ من مالو ضرائبا مما ىو فرض عمى جميع المسممين إال مما
22
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
يزيد عمى كفاية حاجياتو التي يشبعيا فعال في حياتو العادية و لو كانت حاجات كمالية و
ذلك ضمن توفير حق العيش لكل فرد بعينيو ،و أتاح لو الرفاىية في الحياة .كما انو في
نفس الوقت حدد طرق كسب المال ليذا الفرد في إشباع حاجاتو األساسية و الكمالية في
حدود معينة ،فحرم إنتاج الخمر و استيالكيا عمى كل مسمم و حرم أكل الربا و التعامل بو
عمى كل من يحممون التبعية اإلسالمية ،و لم يعتبرىا بالنسبة ليم مادة اقتصادية ،سواء كانوا
مسممين أم غير مسممين ،فجعل الوضع الذي يجب عميو أن يكون عميو المجتمع حين
االنتفاع بالمال أم ار أساسيا عند االنتفاع بالمادة االقتصادية .
و من ذلك يتبين أن اإلسالم لم يفصل الفرد عن كونو إنسانيا ،و لم يفصمو كانسان
عن فرديتو ،بل جعل إشباع الحاجات و ما يجب أن يكون عميو المجتمع أمرين متالزمين
ال ينفصل احدىما عن اآلخر ،1و لكن بحيث يجعل ما يجب أن يكون عميو المجتمع أساسا
إلشباع الحاجات .إن الصعوبات الكثيرة و المشاكل المتعددة و إن كانت عامال من عوامل
التعكير إال انو يجب أن ال تكون عاتقا أمام حركة االقتصاد اإلسالمي الصاعد تم لقد طرح
القرآن مجموعة من اآليات الشريفة الدالة عمى عناصر االقتصاد اإلسالمي كأسس و بنى
أساسية و أخالقية خاصة ،إذا ما عرفنا أن االقتصاد و المال في نظر اإلسالم ليما بالغ
األىمية الن االقتصاد من عناصر تحقيق الخالفة الربانية في األرض ،عند توفر العدالة في
ذلك ،يربط االقتصاد في النواحي األخرىّ ،باعتبار اإلسالم وحدة واحدة ال تنفك أجزائو عن
بعضيا البعض .
إن االقتصاد اإلسالمي يرفض فكرة شح أو بخل الطبيعة و ال يقر بأن الندرة أصال
من أصول الخمق .بل إن األصل في الخمق الوفرة النسبية قال تعالى " و أتاكم من كل ما
سألتموىم و إن تعدو نعمت اهلل ال تحصوىا إن اإلنسان لظموم كفار" أي أعطاكم كل ما من
شأنو أن يسأل الحتياج الناس آلية سواء سئل بالفعل أم لم يسأل .و السؤال ىنا بمسان
23
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
"و جعل فييا الحال و ليس بمسان المقال .قال تعالى عن األرض و مواردىا االقتصادية
1
رواسي من فوقيا و بارك فييا و قدر فييا أقواتيا في أربعة أيام سواء لمسائمين ".
من اجل إشباع جميع الحاجات األساسية إشباعا كميا و التمكين من إشباع الحاجات
إشباع الكمالية ،البد من أن تتوفر المادة االقتصادية لدى الناس ،حتى يتمكنوا من
الحاجات ،و ال يتأتى أن تتوفر لدييم إال إذا سعوا لكسبيا و ليذا حث اإلسالم عمى الكسب
و عمى طمب الرزق ،و عمى السعي و جعل السعي لكسب الرزق فرضنا عمى الرجل
القادر عمى العمل ،المحتاج لمنفقة عمى نفسو ،و عمى من تجب عميو نفقتو .قال تعالى "
فامشوا في مناكبيا و كموا من رزقو " إال انو ليس معنى ذلك انو تدخل في إنتاج الثروة أو
بين كيفية زيادة إنتاجيا .أو مقدار ما ينتج ألنو ال عالقة لو بذلك بل ىو حث عمى العمل
و عمى كسب المال فحسب و عند النبي انو قال " ما أكل احد طعاما قط خي ار من أن يأكل
من عمل يده ".2
و ىكذا نجد اآليات و األحاديث تحث عمى السعي لطمب الرزق و عمى العمل لكسب
المال ،كما تحث عمى التمتع بيذا المال و أكل الطيبات
قال تعالى " قل من حرم زينة اهلل التي اخرج لعباده و الطيبات من الرزق قل ىي لمذين
3
آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل اآليات لقوم يعممون"
و قال تعالى " و ال يحسبن الذين يبخمون بما ءاتاىم اهلل من فضمو ىو خي ار ليم بل ىو شر
ليم سيطوقون ما بخمو بو يوم القيامة "4
5
و قال تعالى " يا أييا الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم و مما أخرجنا لكم من األرض"
24
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
أ -سبب المشكمة االقتصادية :إن سبب تفاقم المشكمة االقتصادية ىو االنسان نفسو و
ذلك ما عبرت عنو اآلية الكريمة '' :و أتاكم من كل ما سألتموه و إن تعدوا نعمة اهلل
ال تحصوىا إن اإلنسان لظموم كفار '' 1فظمم اإلنسان يتحقق في عدم العدالة في
توزيع الناتج االقتصادي المتحقق بحيث يأخذ البعض أكثر مما يسحق و يأخذ
البعض اآلخر أقل مما يستحق .أما كفر االنسان لمنعمة فيتمثل في تقصيره عن
االستغالل االمثل و الكفء لمموارد االقتصادية المتاحة و تكاسمو عن السعي
الكتشافيا و استثمارىا و كذلك تخصيصو نسبة كبيرة من ىذه الموارد لغير ما خمقت
لو أو مجانية االستخدام األولى مثال ذلك تخصيص نسبة كبيرة من الموارد لصناعة
وسائل الدمار الشامل ،و اتالف المحاصيل لغرض التقميل من عرضيا و من ثم رفع
أسعارىا أو تخصيص الموارد إلشباع حاجات كمالية و ترفيو لفئة قميمة و ترك
حاجات ضرورية ممحة لعموم الناس.
حل المشكمة االقتصادية :إن المشكمة االقتصادية تمثل جانب أىم و أخطر ب-
لمحياة االجتماعية لما ليا من تأثير مباشر عمى سموك اإلنسان و تصرفاتو سمبا و
إيجابا و من ىنا نجد ان اإلسالم قد وجو نظر اإلنسان الى خطورة ىذه المشكمة و
وضع لحميا أسسا واقعية تشكل الخطوط الرئيسية لنظامو االقتصادي المتكامل مع
األنظمة األخرى و تتمثل ىذه األسس في ثالث جوانب ىي :
السعي و العمل لزيادة اإلنتاج لقولو تعالى '' :ىو الذي جعل لكم االرض ذلوال
فامشوا في مناكبيا و كموا من رزقو ،و إليو النشور'' 2فالقانون اإلليي لحصول الرزق
ىو السعي لمعمل الصالح لمحصول عميو .
العدالة في توزيع الناتج االقتصادي المتحقق و تتضمن ىذه العدالة توزيع الناتج أو
الدخل وفق معايير مقبولة مثل مساىمة الفرد في تكوين ىذا الناتج و مدى حاجاتو
من ىذا الدخل ليشبع حاجاتو اإلنسانية المعتدلة و في النظام اإلسالمي نظم فرعية
25
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
كثيرة لمتوزيع من شأنيا أن تقمل الفجوة بين الدخول العالمية و المنخفضة و تحد من
ارتفاع الدخول و تركز الثروة لدى فئة قميمة من المجتمع .1
يطمق مصطمح التجاريون عمى جميع الكتاب الذين ساىموا في وضع السياسة
االقتصادية التي سادت في عصر الرأسمالية التجارية في بمدان أوروبا الغربية من بداية
26
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
القرن السادس عشر الى نياية الربع الثالث من القرن الثامن عش1ر .فقد حل عصر
الرأسمالية التجارية في اعقاب النظام االقطاعي و ظل حتى بداية عصر الرأسمالية
الصناعية .
إن ذىب التجاريين جعل الثروة متمثمة بالمعادن النفيسة (الذىب ،الفضة) و جعل ىدف
السياسة القومية ىو ان تدير الدولة عالقتيا مع العالم الخارجي بحيث تجمب اكبر نصيب
ممكن من المعادن النفيسة كما ان االكتشافات الجغرافية العظيمة لعبت دو ار في توسيع
التجارة و االنتاج واصبح التجار الرأسماليون ميمون في عالم االعمال كما ان الصناع كان
ليم دو ار في زيادة االرباح التي يحققيا التجار و ىكذا ظيرت و ازدادت اىمية النقود
2
والرأسمالية في االنتاج و التوزيع و تحقيق الرفاىية.
عوامل بروز الرأسمالية التجارية
يمكن اجمال العوامل العديدة التي ميدت لنشوء الرأسمالية التجارية و الفكر التجاري
بما يمي :
1سوزي عدلي ناشد ،االقتصاد السياسي النظريات االقتصادية .بيروت :منشورات الحمبي الحقوقية .2009،
2أحمد فريد مصطفى ،سمير محمد السيد حسن ،تطور الفكر و الوقائع االقتصادية ،االسكندرية ،مؤسسات شباب الجامعة،
ب.ط ،2000 ،ص. 20
27
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
-4ان ظيور الدولة القومية الحديثة في أوروبا او تشكل الدول التي كانت اداة رأى
فييا المنشغمون بالتجارة و أوروبا ب الحرف قوة لحماية مصالحيم و تنميتيا التي
كانت تشكل بالنسبة لمتجار و ارباب العمل انيا قرة.
-5ان زيادة اىمية النقود و تكوين رؤوس االموال و التي اصبحت قوة ليا اثرىا في
السياسة و في النظام السياسي جعل ليا مكانة في البنيان االقتصادي و كذلك ادى
الى زيادة اىمية التجارة الخارجية باعتبارىا افضل وسيمة لجمب اكبر كمية ممكنة من
1
النقود.
-6ان عصر النيضة االوربية .الذي صاحب الرأسمالية التجارية و قد ساعد عمى
احياء الفمسفات اليونانية و دراستيا بعقل.
-7كما ساعدت الكشوفات الجغرافية الكبرى التي تفجرت قبيل انتياء القرن الخامس
عشر حيث ثم اكتشاف العالم االمريكي في عام 1492وكذلك الطريق البحري الى
اليند عام 1498مما ادى الى نشاط التجارة و ثراء المشتغمين بيا .
و بفضل المعادن النفيسة التي تدفقت من العالم الجديد زادت ثروة اسبانيا ووفرت
االرباح المتراكمة رساميل ال بد منيا لتمويل االستثمارات الجديدة .2
-8ادى كل ذلك الى تطور الحياة االجتماعية و االقتصادية وذلك ما ادى الى زيادة
حجم الدخل القومي و الفردي و الذي ساعد عمى زيادة الطمب عمى السمع و
3
الخدمات و تحقيق االنتعاش االقتصادي.
تدور افكار التجاريين حول عدد من المبادئ يمكن اجماليا فيما يمي :
-1السكان .
1أحمد فريد مصطفى ،سمير محمد السيد حسن ،المرجع السابق ،ص.22
2حازم الببالوي ،مرجع سبق ذكره ،ص.92
3مرجع نفسو ،ص.24
28
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
-2ثروة االمة تتمخص بما لدييا من المعادن النفيسة :فاذىب و الفضة ىما عماد
االمة تكون بتمجيد المعادن النفيسة .
-3تحقيق ميزان تجاري فائض :كانت نظرية المركنتيميين عن التجارة الدولية نتيجة
منطقية لنظرتيم حول ثروة االمة و كما قمنا سابقا فان الذىب و الفضة يشكالن ثروة
االمة و بالتالي فان الحصول عمى ىذين المعدنين يتم عن طريق التجارة الدولية و
ىذا ال يتحقق اال اذا باع البمد سمعا لمعالم الخارجي بقيمة تزيد عمى كمية ما يشتريو
1
اي اذا حقق فائضا في ميزانو التجاري.
-4تدخل الدولة في الحياة االقتصادية :لعبت الدولة دو ار ال يستيان بو في دعم راس
المال التجاري من خالل تدخميا في منح التمويل و االمتيازات و المراسيم و
االحتكارات لمتجار المغامرين و الشركات التجارية عبر البحار شركة اليند الغربية و
2
شركات الشرق و الشمال.
فقد كان الفكر المركنتيمي الذي عبر آنذاك عن مصالح وامن المال التجاري نصي ار
قويا لمتدخل الحكومي في النشاط االقتصادي فراح ىذا الفكر يبرر كافة الوسائل التي يمكن
ان تمجا الييا الدولة لغرض الييمنة عمى البالد و من اجل تحقيق فائض في الميزان التجاري
و لعل السبب في تأييد التدخل الحكومي في االقتصاد عند المركنتيميون يعود الى ان
"...التنافس الحاد بين الدول االوربية عمى فتح مناطق جديدة لتجارتيا و كذلك الحاجة الى
توسيع السوق المحمية امام المنتجين المحميين يتطمبان درجة عالية من التدخل الحكومي
ألكثر من سبب من ذلك فرض سياسة حمائية تضمن توفير سوق متسعة امام الوطنيين
و القيام بمشروعات البنية االساسية الالزمة لتسييل التجارة و تشجيعيا ،كإنشاء الطرق و
الموانئ وتحسينيا و استتباب االمن و القضاء عمى الحواجز الجمركية القائمة بين مقاطعات
الدولة الواحدة ،و منح االعانات لممصدرين ،بل و تشجيع انتاج مختمف السمع الصالحة
1ابراىيم مشورب ،الوجيز في االقتصاد السياسي ،لبنان ،دار المنيل المبناني ،ط ،2د.س ،ص.89-88
2عبد اهلل ساقور ،مرجع سبق ذكره ،ص.98
29
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
لمتصدير و تخفيض نفقة انتاجيا ،و تشجيع صناعة السفن و تجييز جيش قوي قادر عمى
1
ضم اراضي جديدة و الدفاع عن االراضي ثم اكتسابيا."..
-5اوجو المفاضمة بين الصناعة و التجارة :كما تقوم سياسة التجاريين التي
تستيدف الحصول عمى اكبر قدر من المعدنيين الذىب و الفضة و االحتفاظ بو او
زيادتو باالعتماد عمى عدة وسائل.
كان البرتغاليون و االسبان من اوائل البمدان االوربية التي استطاعت الحصول عمى
الذىب الوارد من القارة الجديدة (امريكا) نظ ار التساع تجارتيا ووجود المستعمرات ليا في
امريكا الجنوبية و التي يسرت ليا زيادة معدالت التبادل و تسويق منتجاتيا في االسواق
الجديدة .2و قد عرفت ىذه السياسة بالسياسة المعدنية ألنيا تقوم عمى مبدا الحصول عمى
الذىب و الفضة بطريق مباشر (من خالل استغالل مناجم الذىب و الفضة الموجودة في
مستعمراتيا في العالم الجديد) و بطريق غير مباشر (من خالل التجارة الخارجية) بطريقة
تكفل منع خروج الذىب و الفضة .
3
وتحقيق لميدف المذكور فقد طبقت اسبانيا االج ارءات االتية :
ا-الزام السفن التي تنقل البضائع االسبانية بإعادة قيمة تمك البضائع بالذىب و
الفضة الى داخل اسبانيا .
ب-حرمان االجانب الذين يبيعون سمعا داخل اسبانيا من اخراج ثمنيا نقدا خارج
اسبانيا .
30
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
ج-السماح ،و عمى سبيل المثال او االستثناء بخروج الذىب و الفضة في بعض
الحاالت لتسديد ديون الممك.
و كان االسبان من االوائل التجاريين في العالم الذين طالبوا بمنع تصدير السبائك
الذىبية لمخارج لغرض عدم المساس برصيد البمد من ثروتو الذىبية ،غير ان ىذا الراي كان
غاية في السذاجة الن الحفاظ عمى القوة االقتصادية ألي بمد يتطمب العمل عمى زيادة الثروة
و ليس فقط تثبيتيا عند مستوى معين .
و قد ترتب عمى زيادة كمية المعادن الثمينة في اسبانيا ان ازدادت كمية النقود و
ارتفعت االسعار بشكل كبير ،وقد قدم المفكر االقتصادي جون بودان تفسي ار ألسباب ارتفاع
1
االسعار من خالل نظرية كمية النقود.
اعتمدت ىذه السياسة عمى تطوير و تشجيع التجارة الخارجية لمحصول عمى المعادن
الثمينة عن طريق تصدير السمع المحمية الى الخارج و تقديم الخدمات التجارية لباقي بمدان
العالم .مقابل الحصول عمى اثمانيا من الذىب و الفضة و قد ساعد انجمت ار في تنفيذ ىذه
السياسة اسطوليا التجاري التقميدي و التميز فقد انشات انجمت ار ليذه الغاية شركات خاصة لم
تتدخل الحكومة في تكوينيا و ذلك بيدف تشجيع النشاط التجاري الذي يقدم لحساب جميع
بمدان العالم مقابل اجور تقاضاىا بالذىب و الفضة مما يحقق ليا فائضا في المي ازن
التجاري.
و يجب ان ال يفيم من ذلك بان انجمت ار قد اىممت الصناعة الوطنية ،بل عمى
2
العكس ،لكن اىتمام انجمت ار الرئيسي كان منصبا عمى النشاط التجاري بالدرجة االولى.
31
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
عرفت ىذه السياسة بالسياسة الصناعية ،و تنسب ىذه السياسة الى الوزير الفرنسي
"جون باتيست كولبير" الذي قام بتطبيقيا بيدف الحصول عمى الذىب و الفضة من الخارج
حيث اتجيت لزيارة الصادرات عمى الواردات ،عمى ان تكون الصادرات من المنتجات
الصناعية و ليس من العامالت الزراعية و ذلك الن قيمة المنتجات الصناعية تكون عادة
اكبر .1و انيا ال تخضع لتقمبات العوامل الطبيعية كما ىو الحال مع المنتجات الزراعية .
ب-قيام الدولة بتشجيع الصناعة الوطنية من خالل فرض الرسوم الجمركية المرتفعة
عمى السمع المستوردة المنافسة لإلنتاج الوطني (.اي حماية الصناعة الوطنية ).
ج-قيام الدولة بإنشاء شركات ميمتيا الرئيسية تسويق منتجات الصناعة الفرنسية الى
الخارج .وكذلك تشجيع االفراد و الشركات عمى االكتساب في رؤوس اموال تمك
الشركات .
د-و لكي تستطيع الصناعة الوطنية الفرنسية من زيادة صادرتيا الى الخارج فقد عممت
الحكومة عمى تخفيض تكاليف االنتاج من خالل تخفيض ثمن المواد الخام و اجور
3
العمال.
1جون كينيث جالبرت ،تاريخ الفكر االقتصادي ،تر أحمد فؤاد بمبع ،الكويت :سمسمة عالم المعرفة ،2000،ص-ص
.283-282،
2وسام مالك ،مرجع سبق ذكره ،ص .185
3فضل اهلل محمد سمطح ،المرجع السابق ،ص.127
32
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
وىو من الرواد االنجميز و يؤكد (مان) بان الوسيمة المعتادة لزيادة ثروة البمد ىي
التجارة الخارجية ،حيث يتعين ان يبيع البمد الى االجانب اكثر مما يشتري منيم ،مما ينتج
عنو فائض في الصادرات و اجتذاب راس المال الى البمد ،كما يذكر بان ابقاء المعادن
النفيسة داخل البمد بدال من استغالليا في التجارة الخارجية يؤذي الى ارتفاع االسعار و
االضرار باالقتصاد الوطني .كما يؤكد مان ايضا عمى فائدة التجارة الخارجية و تحقيق الربح
منيا و ليس عمى استيراد المواد الخام الستخداميا في االنتاج الصناعي ،ويقول بان انجمت ار
سوف تكون اغنى اذا استطاعت ان تزرع االرض العاطمة بدال من استيراد المحاصيل من
الخارج و ان يتم نقل الصادرات عمى السفن االنجميزية. 1
الكبيرة انو قدم صورة اولية لما يعرف االن باسم ميزان ومن اسيامات مان
المدفوعات و الذي يشتمل عمى الصادرات المنظورة و كذلك الواردات المنظورة و غير
المنظورة .والحظ قيام التجار بتسوية المبادالت عن طريق الكمبياالت من شانو ان ييسر
اعمال االقراض و االقتراض و يعتمد( مان ) بان ىدف السياسة القومية ىو توفير الفائض
2
من االنتاج المحمي لمتصدير و عمى الدولة ان تمعب دو ار رئيسيا في تحقيق ىذا اليدف.
وىو من الرواد االنجميز ،وقد عرض بعض االفكار الجديدة التي ساىمت او ميدت
لالقتصاد الكالسيكي فيما بعد .ومن ىذه االفكار سرعة تداول النقود و فكرة تقسيم العمل و
الريع و اىمية السمع الرأسمالية و نظرية القيمة المستندة لمعمل ،وكان بيتي يفضل حربة
التجارة اكثر من غي رة من التجاريين ،وايد فرض الرسوم المستوردات لجعميا اغمى من المنتج
33
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
المحمي وذلك لتشجيع االنتاج المحمي وتخفيض الرسوم عمى المواد الخام المستورد بيدف
1
تخفيض تكاليف االنتاج المحمي و زيادة فرص الصادرات و االرباح.
د-استيراد السمع و المنتجات بيدف اعادة تصديرىا و الغاء الرسوم المفروضة عمى
استيراد مثل ىذه السمع .
توضح دراسة الفكر االقتصادي ان كل مدرسة جاءت بأفكار جديدة مغايرة أحيانا
لألفكار االقتصادية التي سادت في العصر السابق ،و وضعت حموال لمشكالت و ظواىر
اقتصادية لمعصر الجديد .و قد تكون قد أصابت في طرح أفكارىا و سياساتيا أو أخطأت في
ضوء التقييم الالحق ألحكاميا و من المفيد ىنا استعراض ايجابيات و سمبيات ىذه المدرسة
2
الفكرية.
لقد عمل التجاريون عمى تمخيص األبحاث االقتصادية نيائيا من الطابع الديني او
األخالقي الذي كان يميزىا في العصور الوسطى و لكنيم لم يصموا حد إرساء أسس عمم
34
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
االقتصاد بوصفو عمما مستقال ،بسبب ربطيم إياه بخدمة أغراض السياسة حيث قالوا أن
االقتصاد يدعم قوة الدولة .
إال أنيم قد ميدوا الطريق لمباحثين الالحقين ليقوموا بيذه الميمة ،و من أىم الجوانب
1
االيجابية ليذه المدرسة ما يأتي :
-1أدت المدرسة التجارية الدور التاريخي ليا بتقوية الدولة القومية الناشئة لكي تتمكن
من القضاء عمى سمطات أمراء اإلقطاع و ىيمنة الكنيسة .األمر الذي ساعد عمى
تحقيق األمان من الصراعات و الحروب الداخمية ،و أتاح الفرصة لقيام أسواق داخمية
واسعة و قادرة عمى استيعاب الناتج المحمي ،و ليذا قد كانت المعادن الثمينة من أىم
الوسائل لتقوية الدولة باعتبارىا الثروة الحقيقية عمى وفق أفكارىم االقتصادية آنذاك .
-2ساعدت أفكار ىذه المدرسة عمى توفير الرأسمال النقدي و ساعدت عمى خمق البنوك
األوربية و توسيع نشاطيا المالي مما عزز نشوء النظام الرأسمالي .
-3يعتبر البعض ان تدخل الدولة في الحياة االقتصادية ،الذي كان من جوىر الفمسفة
التجارية ،قد سعد عمى نشأة المشروعات الخاصة الحديثة.
-4ساعدت آراء التجاريين عمى تنمية الصناعة و التجارة لكنيا أضرت بالزراعة .
-5يعتقد البعض بأن التركيز عمى التنمية او عمى التصدير قد ساعد عمى تخفيض
تكاليف اإلنتاج من خالل ارتفاع مستوى اإلنتاجية .
-6من بين ايجابيات ىذه المدرسة أيضا انيا عممت عمى تطوير مفاىيم ميزان
المدفوعات بين الدولة و العالم الخارجي و كذلك عممت عمى التأكيد عمى التجارة
2
الدولية.
1عمي سعيدان ،الوجيز في االقتصاد السياسي ،د.ب ،دار العسيمة ،ط2008 ،1
2عمي سعيدان ،المرجع السابق ،ص91
35
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
-1أخطأ التجاريون في تحديد معنى الثروة ،فالثروة الحقيقية ليست ىي الذىب و الفضة
و إنما ىي قدرة البمد االنتاجية لمسمع و الخدمات ،و ما تحققو فعال من إنتاج .
-2أخطأ التجاريون في اعتقادىم بإمكانية استمرار الفائض االيجابي في الميزان التجاري،
ذلك ألن وجود فائض ايجابي في الميزان التجاري يؤدي الى ورود النقود الذىبية فيزيد
من التداول النقدي و يترتب عمى ذلك ارتفاع االسعار في الداخل مما يجعل السمع
المحمية مرتفعة الثمن فيقل تصديرىا و تزداد بالمقابل االستيرادات مما يترتب عميو
عجز في الميزان التجاري ،و ىكذا يكون من غير الممكن االستمرار الحصول عمى
الذىب و الفضة من الخارج .
-3أخطأ التجاريون في سياساتيم االقتصادية التي طبقوىا من حيث :
إن الحكومة االسبانية اىتمت بجمب المعادن الثمينة ،بينما لم تييئ الجو المناسب
1
لزيادة القوى اإلنتاجية ،فارتفع مستوى األسعار و أضر ذلك بالطبقات الفقيرة.
ترتب عمى سياسة الحكومة الفرنسية االقتصادية انخفاض دخل المزارعين إلجبارىم
عمى بيع سمعيم بأسعار منخفضة خدمة لمصناعيين و بذلك أضرت ىذه السياسة
بالمزارعين.
يؤاخذ البعض دعاة ىذه المدرسة و روادىا بأنيم فشموا في فيم أن البمد يثري ليس
من خالل إفقار البمدان المجاورة بل أيضا من خالل اكتشاف كميات أكبر من
الموارد الطبيعية و إنتاج كميات أكبر من السمع الرأسمالية و استخدام العمل بشكل
أكثر كفاءة.
و كما يذكر الدكتور راشد البرناوي ،لعل من أسوء عناصر السياسة التجارية استغالل
2
المستعمرات لصالح الدولة األم.
-4العدالة في توزيع الناتج االقتصادي المتحقق و تتضمن ىذه العدالة توزيع الناتج أو
الدخل وفق معايير مقبولة مثل مساىمة الفرد في تكوين ىذا الناتج و مدى حاجاتو من ىذا
الدخل ليشبع حاجاتو اإلنسانية المعتدلة و في النظام اإلسالمي نظم فرعية كثيرة لمتوزيع من
1عبد الرحمان يسرى ،تطور الفكر االقتصادي ،االسكندرية ،الكتب الحديث ،1999 ،ص.65
2عبد الرحمان يسرى ،المرجع السابق ،ص.66
36
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
شأنيا أن تق مل الفجوة بين الدخول العالمية و المنخفضة و تحد من ارتفاع الدخول و تركز
الثروة لدى فئة قميمة من المجتمع .
) 1فكرة النظام الطبيعي أي خضوع الظواىر االقتصادية لقوانين الطبيعية وتقوم ىذه
الفكرة عمى مبد آين :
*مبدآ المنفعة الشخصية
* مبدآ المنافسة
)2فكرة الناتج الصافي :بحيث يرى أصحاب ىذا المذىب أن األرض ىي التي
تحقق الثورة 3عن طريق تقديم ٳ نتاج الذي يساىم في توزيع الدخول و األجور عمى
كافة الطبقات.4
37
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
الناتج الصافي ىو الفرق بين قيمة المنتوج الفالحي السنوي وتكاليف اإلنتاج.
الطبقة
المنتجة
3مالين 1م 2م ----
الطبقة
المالكة
2م 1م --- 1م
الطبقة
العقيمة
2م --- --- 2م
المجموع
7م 2م 2م 3م
1مدحت القريشي ،تطور الفكر االقتصادي .ط ،1األردن :دار وائل لمنشر و التوزيع ،2008،ص-ص.110-107،
38
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
لنفرض أن الطبقة المنتجة أن نتجت منتوج بقيمة 5مالين (وحدة) واحتفظت لنفسيا بجزء
( 2مميون ) لممعيشة واالعتناء وتجديد أدوات العمل (الحيوانات)
*الطبقة المنتجة :تقوم بشواء سمع ضرورية من الطبقة العقيمة بقيمة (1مميون )وتدفع مبمغ
(2ميمون) لمطبقة المالكة مقابل لحراء األرض .
*الطبقة المالكة :لدييا (2مميون ) تقوم بشراء سمع من الطبقة العقيمة بقيمة (1مميون )
ومواد فالحية من الطبقة المنتجة بقيمة (1مميون)
*الطبقة العقيمة :لدييا (2مميون ) :تقوم بشراء كل مبمغ مواد فالحية وزراعية من الطبقة
1
المنتخبة
ومن خالل الموحة االقتصادية يجب االستشارة آنيا تعتمد عمى ثالث مبادئ: 2
-1االعتماد الواسع عمى القطاع الزراعي و اعتباره القطاع الوحيد في خمق الثروة.
-2ابراز حق الممكية ،حرية العمل و الحرية االقتصادية .
-3اظيار عن طريق الموحة االقتصادية قوانين االنتاج و التوزيع و التبادل.3
-4االعتماد عمى الرأسمال االنتاجي أكثر من الرأسمال التجاري.
-5الحث عمى ربط العالقة بين االنتاج و التوزيع.
-6اىمال الحديث عن دور القطاع الصناعي في خمق قيمة المنتوج.
1حازم الببالوي ،أصول االقتصاد السياسي .مصر :دار المعارف ،ط،1،1996ص -ص.48-47،
2محمد عمر أبو عميرة ،عبد الحميد محمد شعبان ،تاريخ الفكر االقتصادي .جامعة القدس :ش ع م لمتسويق و التوزيع
،2009،ص.147
3أنطوان أيوب ،دروس في االقتصاد السياسي .سوريا :مديرية الكتب و المطبوعات الجامعية ،ط،1965، 1ص.131
39
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
النشأة و الظيور:
تختمف ىذه المدرسة عن األفكار السابقة ألنيا تعتمد باألساس عمى فكرة أن العمل
ىو الوحيد الذي يمكن من تحقيق ثروة أي أمة أو دولة ،أي أن العمل ىو مصدر الدخل
بالنسبة لدولة معينة .2و يرجع الفضل إلى تطور الرأسمال التجاري في ظيور ىذا المذىب و
يعتمد ىذا الرأسمال عمى أساس التبادل و السمع حيث تم تكوينو حسب الشكل التالي :
حيث ىناك ثالث طرق او أساليب من اجل شرح طريقة مساىمة الرأسمال التجاري: 3
الطريقة األولى :تتمثل في تحويل التاجر الى أرسمال صناعي (اي االنتقال من شراء سمع
و بضائع من الخارج الى صنعيا في الداخل)
40
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
الطريقة الثانية :تعتمد عمى التنسيق بين الجانب التجاري و الصناعي من اجل تراكم رأسمال
(أي اقتطاع من أرباح األموال المتحصل عمييا خالل العممية اإلنتاجية لكن مع فكرة
استعماليا في العممية اإلنتاجية المقبمة اي االستثمار )
الطريقة الثالثة :تعتمد عمى سيطرة طبقة التجار عمى كل مراحل العمميات اإلنتاجية .
إن ىيمنة رأسمال التجاري قد كان لو الصدى الواسع و المباشر عمى كل النشاطات
االقتصادية مثل الزراعة و الصناعة و حتى في تركيبة العمل حيث تم االنتقال من العمل
الفردي الى العمل الجماعي .و يمكن تمخيص ىذا في المفيوم التالي :
ظيور أشكال جديدة في طريقة اإلنتاج و عميو ظيور ما يسمى بالثورة الصناعية سنة
،1776و ىو ما تكممنا عميو سابقا .و ىذا ما ادى الى تبني الصناعة كأساس النشاط
االقتصادي. 1
الرأسمال المالي :ىو عبارة عن منتوج مكون عن طريق تراكم األرباح المتحصل عمييا فقط
من العمميات التجارية و نفيم من ذلك أن فكرة المدرسة الكالسيكية تعتمد عمى ضرورة توفير
مصادر رأسم ال و ذلك قصد تحقيق و معرفة طرق و عالقات اإلنتاج داخل المؤسسة التي
تعتبر وحدة اقتصادية تعمل في نشاط اقتصادي معين. 2
41
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
اإلنتاج ىو عممية تحويل مواد أولية الى مواد قابمة لالستيالك و طبيعة التحول ىي العمل.
و تتمثل وظائف المؤسسة في :
اإلنتاج
الموارد البشرية
الموارد المالية
الموارد التجارية
42
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
لكن يبقى أىم ميزة ليذه المدرسة ىي تقييم دور كل عون اقتصادي :
السوق :ىو المكان الطبيعي لاللتقاء بين الطرفين ،الطرف الذي يعرض السمع و الطرف
الذي يطمب ىذه السمع و البضائع لكن التعامل يكون مبني عمى أساس سعر متفق عميو .
السوق
العرض الطمب
السعر
43
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
ما يمكن استنتاجو من النقاط المذكورة سابقا أن المدرسة الكالسيكية ركزت عمى
مفيوم المصمحة الذاتية أي أن كل عون اقتصادي يسعى إلى الوصول الى اليدف المرغوب
فيو باستعمال الوسائل التي يراىا مناسبة بدون إرجاع أسباب الفشل إلى أطراف أخرى و
بالتالي أىم ما يميز ىذه المدرسة توضيح األمور بالنسبة لممتعاممين و ترك حرية القرار
المناسب.
و آلدم سميث بعض اآلراء حول بعض المواضيع االقتصادية منيا :
-1في النقود :حيث يعتبر سميث ان النقود ىي بضاعة و وسيمة فقط لتسييل التبادل
(اي تبادل البضائع مقابل بضائع)
1صالح الدين نامق ،قادة الفكر االقتصادي .القاىرة :دار المعارف ،1978،ص.18
44
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
-2في القيمة :لقد عمل سميث كثي ار عمى إبراز أىمية نظرية القيمة ليس فقط في تحديد
النقود ،و لكن في تحديد العمل الالزم لتحديد اإلنتاجية ثم األجر لكن ىو يفرق بين
القيمة االستعمالية و القيمة التبادلية.1
االستعمالية :القيمة التي تعطي فائدة و نفع لمشخص المتحصل عمى بضاعة ما .
التبادلية :القيمة التي تكمن من الحصول عمى بضائع أخرى أي تعتمد أساسا عمى عممية
تبادل السمع و البضائع .
و عميو يرى سميث ان العمل وحده المقياس الحقيقي لمقيمة التبادلية أي زمن العمل
(اي كمية العمل المبذولة إلنتاجيا)
أي أن قيمة السمعة Aتساوي ضعف قيمة السمعة ،Bو عند التبادل فإن وحدة واحدة
من السمعة Aتمكن الحصول عمى وحدتين من السمعة . B
إضافة إلى العمل أضاف سميث عنصرين في تحديد القيمة ىما الرأسمال و الربح و
أعطى اسم ليذه العوامل و ىو '' كمفة البضاعة ''
و انطالقا من نظرية القيمة يصل سميث الى نظرية السعر بحيث يرى ان سعر
البضاعة ىو المظير النقدي لقيمتيا و ىناك نوعين من السعر: 2
1كامل وزنو ،آدم سميث قراءة في اقتصاد السوق .القاىرة :معيد الدراسات االستراتيجية ،د س ن،ص-ص.24- 23،
2نفس المرجع ،ص .26
45
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
السعر الجاري = سعر البضاعة في السوق و المبني عمى قانون العرض و الطمب
انطالقا من التوزيع الطبقي (طبقة ال أرسماليين ،طبقة العمال و طبقة مالك األراضي)
يرى سميث ان دخل كل طبقة ىو الذي يكون نظرية التوزيع اي :
-1نظرية األجور :يرى سميث أن األجر ىو مقابل بقاء العامل عمى قيد الحياة لتطوير
قوة عممو و ان البحث عن إنتاجية العمل يكون عن طريق زيادة األجور .
-2نظرية األرباح :إن الربح عند سميث ىو جزء لمعمل المنتج و أن الربح الصناعي ىو
الشكل األساسي العام لمربح و يرى سميث ان مصدر الربح ىو العالقة الغير متكافئة
بين العمل و الرأسمال اي بين العمل المجسد (الرأسمالي) و العمل الحي (العامل)،
اي ان الرأسمالي مجبر لدفع قيمة العمل أقل مما ىو مطموب .1
-3نظرية الريع :يرى سميث أن ىناك ثالث أشكال لمريع :
الريع ىو اقتطاع من ناتج عمل العامل أي ان الريع ىو ما يدفع مقابل استعمال
األرض و ذلك حسب مبدأ الممكية الخاصة لوسائل اإلنتاج و بالتالي يمكن اعتبار
ىذا الشكل مثل مصدر الربح عند سميث .
الريع ناتج عن األسعار االحتكارية لممنتجات الفالحية بحيث الطمب يكون عمى
منتجات فالحية مع وجود عرض نسبي لممنتجات الفالحية (ريع األرض) أين يكون
الطمب أكبر من العرض .
1ايمون باتمر ،آدم سميث مقدمة موجزة .تر عمي الحارس ،القاىرة :مؤسسة ىنداوي لمتعميم و الثقافة
،ط،1،2014ص.30
46
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
الريع ناتج لعمل األرض (اي طبيعي) حيث ىو عطاء األرض لمالكيا و ىنا يتوافق
سميث مع النظرية الفيزيوقراطية .
نظرية سميث في اإلنتاج :يرى سميث أن اإلنتاج ىو الذي يخمق و يزيد المنافع و
يعتمد أساسا عمى عناصر اإلنتاج مثل (رأسمال ،العمل و األرض) لكن خاصة عنصر
العمل .
و في ىذا ا لصدد يشير سميث إلى أىمية '' تقسيم العمل '' الذي يمكن ان يحقق:
نظرية سميث في النظام االقتصادي :يعتبر سميث ان القرار الشخصي و الفردي ىو
المحرك األساسي ألي نظام اقتصادي بحيث عند البحث عن مصمحتو سوف يعمل ىذا
الفرد و الشخص تحقيق المصمحة العامة و ىذا ما سماه سميث '' باليد الخفية ''.1
و تحولت بريطانيا بذلك الى مصنع لمعمال ،فكانت تصرف منتوجاتيا بسيولة في
جميع البمدان و من ىنا احتمت مكانة ميمة في االقتصاد العالمي و في السياسة العالمية
47
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
بينما كان سميث يرى ميمة االقتصاد السياسي تتمثل في تحديد شروط النمو
االقتصادي لثروة المجتمع ،كما يرى ريكاردو أن االقتصاد السياسي يعمل عمى شرح مسألة
توزيع الناتج االجتماعي (اي تحديد أىم القوانين االقتصادية) و بذلك اشتير بنظرية التوزيع
و يرى أن تحديد القوانين التي تواجو ىذا التوزيع يشكل الميمة الرئيسية لالقتصاد
السياسي فقد كانت المسألة التي يدور حوليا الصراع الطبقي الذي ولدتو الثورة الصناعية
تتركز حول كيفية توزيع الثروة بين الطبقات. 1
و يعتبر ريكاردو أن اإلنتاج ىو الذي يحقق القوانين إضافة الى عامل '' العمل ''
الذي ىو مصدر المداخيل و األجور لمسكان ، 2و االستنتاج الذي يصل اليو ىو '' أن
مصالح الطبقات تتقارب مع بعضيا و تتناقض ،ولكنو ال يحد ىذا التناقض في نطاق
اإلنتاج و إنما في نطاق التوزيع ،حيث يجري الصراع بين الطبقات عمى اقتسام الناتج
اإلجمالي ''.
ينطمق ىذا االقتصادي من فكرة أن القيمة التبادلية ىي األساس عند الحديث عن
القيمة و بالتالي ىو يفرق بين نوعين من السمع :
السمع القابمة لمتجديد :و ىي تشمل غالبية لسمع اليامة التي تشبع حاجات الناس
كالسمع الغذائية و الصناعية
السمع الغير قابمة لمتجديد :و ىي كالموحات النادرة و الكتب األثرية و التحف
و يرى أن األولى تتوقف قيمتيا التبادلية عمى كمية العمل الذي بذل إلنتاجيا ،أما
الثانية فيي قميمة و محدودة قيمتيا ال تتحدد بكمية العمل المبذول في إنتاجيا بل ىي مرتبطة
بندرتيا و تتحدد تبعا لثروة و أذواق الناس الذين يرغبون في شرائيا
1عبد عمي كاظم المعموري ،تاريخ األفكار االقتصادية.ط ،1عمان :دار حامد لمنشر و التوزيع ،2012،ص.330
2رفيقة حروش ،مرجع سبق ذكره ،ص.122
48
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
كما يرى ريكاردو أن قيمة البضاعة ال تقاس فقط بزمن العمل الفردي المبذول في
إنتاجيا و إنما بزمن العمل االجتماعي (و ىو العمل المبذول في إنتاج السمع و البضائع في
أسوء الظروف اي العمل المحدد من طرف السوق) .
األجر :يشرح ريكاردو األجر أو الدخل انطالقا من فكرة أو نظرية القيمة الخاصة
بالسمع و المنتجات و ذلك أن العامل يقوم ببيع قوة عممو مثل اي بضاعة أو سمعة
عادية و بالتالي فإن قيمتو ىذه القوة المبذولة تتحدد حسب قانون القيمة أي إذا كانت
قوة العمل المبذولة تعطي فائدة أكثر بالنسبة لممنتج فإن األجر المعروض يكون اكبر
و بالتالي حسب ريكاردو ىناك نوعين من األجور:
-األجر االسمي :و ىي الكمية المعينة من النقود تدفع لمعامل خالل فترة زمنية محدد
لمعمل
-األجر الحقيقي :و ىي الكمية المعينة من النقود تدفع لمعامل لمسماح لو بالعيش و
تجديد قوة عممو الالزمة و الضرورية لعممية اإلنتاج
الربح :و ىو ذلك الجزء الذي يقتطع من ناتج عمل العامل اي ذلك الجزء الذي ينتجو
العامل في خمق القيمة لمسمعة و الذي يذىب الى الرأسمالي
و يرى ىذا االقتصادي انو من الضروري تقديم مكافئة نقدية و مالية لصاحب أو
مالك عناصر اإلنتاج و تكون ىذه المكافئة عمى شكل فائدة يتحصل عمييا المنتج من خالل
العممية اإلنتاجية
تعد العالقة الموجودة بين ىذه األطراف الثالثة (األجر ،الريع و الفائدة) حسب
ريكاردو ىي كالتالي:
49
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
في ىذه الحالة يرى ريكاردو انو من أحسن العمل عمى تقميص األجور المدفوعة و
نسبة الريع و ذلك راجع أن ريكاردو يفضل االىتمام اكثر بفائدة المنتج بسبب أن ىذا األخير
ىو الذي لو القرار بخمق و نشأة ثروة االمم
إن نظرية الريع ىي من اىم ما جاء بو ريكاردو ألن ىو الذي أقاميا عمى قاعدة
عممية و طورىا عمى أساس نظرية القيمة في العمل و يمكن تمخيصيا كالتالي: 1
ىي ناتجة عن العالقة بين اإلنتاج الفالحي و زيادة عدد السكان و ترتكز عمى
العالقة التناقضية بين المنتج الرأسمالي و اإلقطاعي فارتفاع الريع يؤدي بشكل حتمي الى
انخفاض األرباح و العكس
و في ىذه النقطة ،يرى ريكاردو أن لمريع تأثير سمبي عمى النشاط االقتصادي و ذلك
أن نشاط المنتج ىو لخمق قيمة مضافة و أما اإلقطاعي فميس لو دور فعال في الحياة
االقتصادية اي انو يفضل االىتمام بالمنتج الرأسمالي أكثر من اإلقطاعي
50
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
لقد اىتم مالتوس بالمجتمع و مشكالتو و ىو ما دفعو الى التركيز عمى أوضاع
السكان ،و ليا يمكن القول انو أسس لمدرسة فكرية ترى أن سبب التخمف القائم في البمدان
1
النامية ،يكمن في التزايد السكاني بمعدالت اكبر من قدراتو االقتصادية .
مالتوس لديو كتاب شيير صدر بعنوان '' بحث في مبدأ السكان '' و قام بنشر
مؤلفات عديدة أىميا مبادئ االقتصاد السياسي لكن مكانتو برزت بتأليفو ألنو طرح موضوعا
جديدا ىو '' مشكمة السكان '' و عالقتيا باإلنتاج االقتصادي ،و لقد تميز ىذا االقتصادي
بمعالجة ظاىرة النمو الديمغرافي و عالقتو مع النمو في اإلنتاج الفالحي (خاصة الحبوب)
عمما بأن ىذا األخير يتميز بقانون تناقض الغمة
و النتيجة الحتمية ىو أن يأتي يوم لن يكفي اإلنتاج إلطعام السكان الذين يتكاثرون
عمى الصورة التي ذكرت سابقا فتكون الكارثة و الصدمة و ما يتبعيا من حروب و مجاعات
و أمراض
51
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
ي رجع الفضل الى ىذا االقتصادي في دراسة تأثير السكان عمى النمو االقتصادي
الذي أصبح مرجعا لالقتصاديين بعد ذلك و بالتالي العالقة بين األجر الحقيقي و نسبة النمو
الديمغرافي اي بفضل مالتوس التأثير في جانب األجور لتقميصيا من نسبة النمو السكاني
نتيجة ليذه النظرية يرى مالتوس أن رغم ارتفاع اإلنتاج ،الطريق الوحيد عمى المدى
الطويل ىو ارتفاع البؤس ،و لمحل من ىذه المشكمة االجتماعية يرى روبرت مالتوس انو
يجب :
تحديد النسل :فيعتبر تحديد النسل عند مالتوس ضرورة البد منيا و لكن ىذا التحديد
يجب أن يكون ال ينا في األخالق و الدين ،ذلك ألن معارض صريح الستعمال كل
الطرق الغير مشروعة لمنع إنجاب األطفال
يطالب بعدم الزواج أو تأخيره بالنسبة لمطبقة الفقيرة و يطمب منيا أن تمتنع لعدم
استطاعتيا أن تقوم بتربية األطفال
يطمب من الطبقة الغنية أن تترك فكرة اإلحسان الى الطبقة الفقيرة ألن ذلك يشجع
ىذه الطبقة عمى الزواج
لقد اشتير ىذا االقتصادي الفرنسي بقانونو '' قانون المنافذ '' أو قانون األسواق
انطالقا من دراستو لألعوان االساسيون في االقتصاد. 1
مبدأ قانون المنافذ أن الفكرة األساسية ليذا القانون أن العرض يخمق الطمب و بالتالي
يخمق التوازن في األسواق و ذلك انطالقا من فكرة أن اإلنتاج يؤدي الى تبادل السمع و
البضائع و ىذه العممية يتحصل الناتج عمى مداخيل تسمح لو بدفع أثمان عناصر اإلنتاج و
خاصة اليد العاممة و بذلك يستطيع الفرد الحصول عمى السمع و البضائع التي تحقق لو
52
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
المنفعة اي يكون ىناك خمق لمطمب ،و يعتمد ساي عمى فرضيات ىامة في ىذا القانون
أىميا :
ىو ابن الفيمسوف الكبير '' جيمس ميل '' و يبدأ ميل تحميمو بالتفرقة بين قانون
اإلنتاج (الذي يتأثر أكثر بعوامل تقنية) و قانون التوزيع (الذي يتأثر بالعوامل البشرية) و
بالتالي يرى ميل انو يمكن إحداث تغيير في قانون التوزيع لكن ال يكمن ذلك في اإلنتاج.1
أضاف ميل لإلنتاج رأسمال كعنصر ثالث من عوامل اإلنتاج و يؤكد ميل أن رأسمال
منتج و انو يأتي من االدخار و حسب ميل فإن التقدم االقتصادي ال يمكن أن يتم اال بتراكم
رأسمال .
لم يدرك ميل أن الدخول ىي أسعار عوامل اإلنتاج كما انو لم يميز بين المستحدث و
الرأسمالي ،و يوضح ميل بعض النقاط 2مثل :
1نور الدين حاروش ،تاريخ الفكر السياسي .ط ،3الجزائر :شركة دار األمة لمنشر و التوزيع ،2012،ص.238
2محمد عمر أبو عبيدة ،عبد الحميد محمد شعبان .مرجع سبق ذكره .318 ،
53
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
54
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
55
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
-3جعمت ىذه المدرسة االقتصاد عمما قابال لمقياس اي استعمال الرياضيات .
-4الطمب ىو المحدد الرئيسي لمسعر و ليس تكاليف االنتاج .
ومن أىم مبادئ ىذه المدرسة ما يمي :
-1االعتماد أساسا عمى التطور في الفكر السياسي لتحديد بعض المفاىيم االقتصادية
لمنظريات السابقة .
-2التأثر بالمحيط الديني و الفمسفي بحيث تعتمد ىذه المدرسة عمى االنتقال من التحميل
الموضوعي الكمي الى التحميل الذاتي الجزئي .
-3التعامل بعنصر التغيرات في النظام االقتصادي أي التغييرات في سموك األفراد
خاصة كل من المستيمك ،المنتج أو حتى الدولة.
-4التعامل بوضعية الحالة االجتماع.
و يعتمد ىذا المذىب عمى ثالث مدارس ىامة وىي:
أوال المدرسة النمساوية
تتسم المدرسة النمساوية برفضيا كل التحاليل الكالسيكية التي تعتمد عمى معطيات
موضوعية ،و باستنادىا عمى ذاتية اإلنسان و نفسيتو لتغيير تصرفاتو االقتصادية و تقييمو
لمثروات لذلك سمت ىذه المدرسة باالتجاه النفسي أو البسيكولوجي ،و لقد اشتير من بين
المؤلفين الذين ينتمون إلى ىذه المدرسة النمساوية ثالثة أسماء و ىي :
* كارل منجر :Carl Mengerاىتم ىذا المفكر بنظرية الخيرات و نظرية القيمة ،فيو يرى
أن الخيرات ال يمكن أن يكون ليا وجود ممموس ،إال إذا قابمتيا منفعة أو حاجة بشرية ليا .
و من ىذا المنطمق فيو يقسم الخيرات إلى قسمين :خيرات حرة [ مجانية ] كاليواء ،و خيرات
اقتصادية [ مربوطة بقيمة ] كالسمع .1
أما قيمة ىذه الخيرات فتقاس حسب رأيو بدرجة األىمية التي يعطييا ليا المستيمك وقد
تكون لمخيرات قيمة استعماليو دون أن تكون ليا قيمة تبادلية
أما فيما يخص نظرية القيمة فالسمعة في نظره يجب إلى تكون مييأة إلشباع الحاجة
اإلنسانية 2.كما قسم السمع إلى سمع المرتبة األولى وىي التي تشبع الحاالت اإلنسانية
56
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
57
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
-1يتم تحويل 10وحدات من السوق Aالى السوق Cويتم تحويل 10وحدات من
السوق Bالى السوق .Cو من ىنا يحدث التوازن بحيث يصبح ل السوق 30 A
وحدة و السوق 30 Bوحدة و لمسوق 30 Cوحدة.
-2أما في االنتاج Yيتم تحويل 10وحدات من السوق Aالى السوق Bو الى
السوق .Cو من ثم يصبح لدى السوق 20 Aوحدة و السوق 20 Bوحدة و
السوق 20 Cوحدة و بالتالي يحدث التوازن .
و بيذا -3في االنتاج Zتم تحويل 10وحدات من السوق Aالى السوق B
يحدث التوازن عمى مستوى األسواق الثالث في المنتوجات.
ثالثا :المدرسة التوافقية
يعد "ستانمي جيفنس –“Stanlay Jevonsمن الكتاب النيوكالسيك [ الحديين ] الثالثة
الذين دشنوا بدراستيم المدرسة الحدية .و لقد انتقد الكالسيكيين الماركسيين في قوليم أن
1سوزي عدلي ناشد ،االقتصاد السياسي النظريات االقتصادية .بيروت :منشورات الحمبي الحقوقية،2009،ص.109
58
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
مصدر القيمة ىو العمل ،و عمل موقفو بحكاية الصياد الذي يقتني وقتا معينا في صيد
سمكة و لكنو يفاجئ بإخراج قطعة ألماسة من عرض البحر عوض السمكة
و ىكذا يحصل عمى شيء لو قيمة رفيعة رغم قضاءه نفس الوقت الذي كان عميو أن يقضيو
لو اصطاد سمكة.
أي أن القيمة ال تتأثر بالعمل بل بالمنفعة .فيو بذلك طور المفاىيم االقتصادية عندما أدخل
عنصر الزمن في التحميل .وفرق بين المدة القصيرة والمدة الطويمة.
كما يعد "ألفريد مارشال “Alfred Marshall-من أكبر و أنضج المفكرين الحديين ،فمارشال
حاول التوفيق بين كافة اتجاىات النيوكالسيك بل اتسع ىذا التوفيق ليشمل التوفيق بين
الكالسيك والنيوكالسيك .فرفض المنيج التجريدي في الفكرين (الكالسيكي والنيوكالسيكي)
وقام بادخال الحقائق الواقعية في تحميمو االقتصادي (سواء كانت فردية سيكولوجية أو بيئية
أو اجتماعية) ،.فاستطاع أن يجمع في فرضية واحدة كل ما جاء بو الكالسيك و
النيوكالسيك .بحيث أىتم بقضية األسعار و القيمة .فجمع بين فكرة الكالسيكيين و الحديين.
فاألولون قالوا :أن القيمة تحدد عمى أساس كمفة اإلنتاج ،أي عمى أسس موضوعية .و
اآلخرون قالوا ،أن مصدرىا ىو المنفعة ،أي أنيا تتحدد عمى أسس ذاتية .أما " مارشال"
،فانو يرى أن لكمتا الظاىرتين ،دو ار في تحديد القيمة ،أو باألحرى ،ىل التكاليف ىي التي
تحدد السعر بمفرده ،أم المنفعة ىي التي تحدده بمفردىا .و لكن بالتأكيد ،إن كمييما يساىم
بقسط في تحديد السعر .
نظرية األسعار :
تنطمق فكرة ىذه النظرية من أن المستيمك يبحث دائما عن تعظيم الفائدة و المنتج في تعظيم
الفائدة و ليذا و كذلك المنتج في تعظيم الفائدة و ليذا الغرض فان ىذه المدرسة ترى أن
السعر ىو الذي يمكن أن يحقق ين المصمحتين و ذلك في اطار ما يسمى بالسوق و في
الجدول التالي سنبين أنواع األسواق التي يتم فييا أخذ القرار سواء بالنسبة لممستيمك أو
المنتج .
من خالل الجدول التالي يتبين لنا كل أنواع المنافسة و االحتكار.
59
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
العرض
عدد قميل عدد كبير
واحد
الطمب
االحتكار
منافسة القمة المنافسة التامة عدد كبير
تعتبر األفكار التي جاءت بيا النظريات التقميدية األساس الذي ساعد عمى نشوء
وتطور الفكر االقتصادي الحديث حيث كان التناقض بين االتجاىين والتعارض في األفكار
أو التوافق فيما بينيا بمثابة الشبيو والتشجيع لمبحث عن نظرية كاممة تجمع كافة المتغيرات
التي تتداخل في عالقات داخمية ،فاالتجاه الحدي جاء كرد فعل مضاد لمقصور التي عجزت
المدرسة الكالسيكية عن تقديم قوانين اقتصادية عممية مضبوطة .
60
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
يبدأ ماركس تحميمو لالقتصاد بنقد موضوع و منيج االقتصاد السياسي الكالسيكي ثم
يقدم ليما بديال يمكنو من تقديم بناء نظري يتعمق باالقتصاد الرأسمالي و قوانين حركيتو. 1
فيثير ماركس اوال التساؤل بالنسبة لموضوع االقتصاد السياسي التقميدي ،من حيث طبيعتو و
حدوده .فيو انطمق من بروز بعض االنتقادات ،خاصة مع تطور األحوال االقتصادية في
بريطانيا و فرنسا ( ،)1811-1871و يمكن تمخيص أىم االنتقادات الموجية لمكالسيك
فيمايمي :
-1اعتماد النظرية الكالسيكية كثي ار عمى التحميل الكمي و تجاىل التحميل الكيفي .
-2فكرة الكالسيك أن كل القوانين االقتصادية ىي نتيجة لمحالة النفسية لإلنسان ىي
خاطئة بحيث تتناسى دور و أىمية العالقات االجتماعية .
-3اعتقاد الكالسيك بأن كل الظواىر االقتصادية ىي ظواىر أبدية و ىذا كذلك اعتقاد
خاطئ حسب ماركس الذي يرى أن ىذه الظاىرة متعمقة بالطبيعة الديناميكية (أي كل
مظير اقتصادي متعمق باألشكال االجتماعية لإلنتاج)
2
و يجب اإلشارة أن النظرية الماركسية في االقتصاد السياسي قد تأثرت بثالث تيارات ىامة
:
61
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
الفمسفة الكالسيكية
االقتصاد السياسي البريطاني
التيارات االقتصادية الفرنسية
أما بالنسبة لماركس يتعمق موضوع االقتصاد السياسي بعممية االنتاج و التوزيع و بطبيعتيا
الدياليتيكية (اي الجدلية) . 1فالظواىر االقتصادية التي تحتوييا ىذه العممية ليا طبيعة
ديناميكية ،و من ثم يكون لمقوانين التي تحكميا ذات الطبيعية .
فالحركة من طبيعة ىذه الظواىر التي ىي اجتماعية و من ثم تاريخية ،في ىذا المجال
يتعين التمييز بين :
و عميو فإن ماركس يعتمد عمى النظرية الدياليتيكية لمعالقة بين االنسان و الطبيعة و ذلك
حسب نقطتين :
في موضوع القيمة فإن كارل ماركس يشترك مع ريكاردو في بعض النقاط ،فماركس جعل
من نظرية القيمة حجر الزاوية في بناءه النظري و تحميمو االقتصادي .2
1عدناني رزيقة ،الكافي في الفمسفة .الجزائر :دار الريحانة لمكتب ،ط،2010، 3ص-ص.28-26،
2رفيقة حروش ،مرجع سبق ذكره ،ص.146
62
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
ينطمق ماركس في تحميمو من مفيوم البضاعة التي يرى أن من الضروري فصميا عن
المنتوج و يرى أن كل بضاعة تحتوي عمى قيمة االستعمال و قيمة التبادل لكن يحث ماركس
أن تحديد أي نوع من القيمة (استعمالية أو تبادلية) تتعمق أساسا بالعمل .
فالقيمة االستعمالية :ىي صالحية المنتوج إلشباع حاجة معينة ،تعود ىذه الصالحية إلى
المواد التي يتكون منيا المنتوج و العمل الذي يتفق في إنتاج ىذا المنتوج .
القيمة :فالقيمة حسب ماركس ىي ظاىرة تنتمي إلى انتاج المبادلة و مقدار القيمة يقاس
بكمية العمل الالزمة إلنتاج السمعة .
القيمة التبادلية :ىي عالقة بين قيمتين ،و التي تكمن من الحصول عمى بضائع أخرى أي
تعتمد عمى تبادل السمع و البضائع .و القيمة النسبية لسمعة ما في صورة و السمعة التي
تمعب دور النقود تكون بصدد لمن ىذه السمعة .1
ينطمق ماركس من نظرية القيمة لتحميل مفيوم القيمة الزائدة (أو فضل القيمة) خاصة أن
العمل ىو مثل أي سمعة أي يخضع لعممية العرض و الطمب ،2لكن يجب التفرقة بين قوة
العمل و إنتاج العمل حيث أن :
-1قوة العمل :التكاليف الالزمة إلنتاج قوة العمل أو لتجديدىا و ىي كمفة العمل و
قيمتيا تقاس بالزمن الذي يحتاجو العمل إلنتاج الحاجات .
-2ناتج العمل :الوقت الذي استعمل في انتاج السمعة أم بضاعة ما من طرف العامل
و يكون غالبا أكبر وقت قوة العمل .
و بالتالي فإن حساب فضل القيمة يكون عن طريق الفرق بين ساعات العمل المخصصة
لقوة العمل و ساعات العمل المخصصة في انتاج العمل أي الفرق بين األجر المقدم
لساعات قوة العمل و األجر المقدم لساعات انتاج العمل .
63
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
و بالتالي :القيمة الزائدة ىي الفرق بين القيمة الجديدة المنتجة من اليد العاممة و قيمة
ىذه اليد العاممة .و يمكن شرح ذلك في المثال التالي :
نسبة فضل القيمة عدد ساعات العمل عدد ساعات العمل قيمة فضل القيمة
النتاج العمل لقوة العمل
%66=100*6/4 4ساعات 10ساعات 6ساعات
4ساعات %83=100*6/5 6ساعات 10ساعات
4ساعات %100=100*6/6 6ساعات 10ساعات
يرى كارل ماركس أن لمنقود دور أساسي في عممية خمق القيمة الزائدة و يتسم رأسمال إلى
نوعين :
القيمة الزائدة المطمقة :و يقصد بيا زيادة في المدة الزمنية لمعمل و لكنيا تتأثر -1
بالحدود الطبيعية و الفيزيائية لمعامل
-2القيمة الزائدة النسبية :و يقصد بيا الزيادة في انتاجية العمل باالعتماد عمى التأثير
عمى المدة الزمنية و كذلك عن طريق المكننة .
-3القيمة الزائدة االضافية (الفرقية) :و يقصد بيا القيمة الزائدة المتحصل عمييا من
تحسين فعالية نمط العمل ،اي االعتماد عمى االمكانيات الحقيقية لممؤسسة في
االنتاج بتكاليف أقل لمسمع .
الربح :و ىو المبمغ النقدي الذي يبحث المنتج لتعظيمو و يكون خاصة الفرق بين التكاليف
المستعممة (اي رؤوس االموال المستعممة) و االيرادات المتحصل عمييا .
64
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
ينطمق ماركس من البنية الوسطية لمربح و يؤكد ان المنافسة ىي التي تخمق نوع من التعادل
في الربح بين كافة المؤسسات الصناعية و ىو يفرق كما ذكرنا سابقا بين نوعين من رأسمال
(ثابت و متغير)
و من كل ىذا يتضح ان البناء النظري لكارل ماركس يبدأ من نقده لمبناء النظري الكالسيكي
او التقميدي بفضل منيجو توصل ماركس في ذات الوقت الى ان يحقق لنفسو نقطة بدء
صمبة عن طريق االحتفاظ بما في النظرية التقميدية من نتائج اساسية صحيحة و ان يقدم
النظرية الت ي تمثل نفيا ليذه النظرية التقميدية .عمى ىذا النحو يجد االقتصاد السياسي في
العممية التي يقطعيا من الكالسيك الى ماركس تطوره الدياليكتي .
1جون مينارد كينز ،النظرية العامة لمتشغيل و الفائدة والنقود .تر االمام عبد اروش .أبو ظبي :ىيئة أبو ظبي لمثقافة و
التراث ،ط،1،2016ص.220
65
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
66
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
لقد عرفت الواليات المتحدة األمريكية خالل سنوات العشرينيات نموا و تطو ار اقتصاديا
سريعا أساسو بالدرجة األولى ارتفاع مستويات اإلنتاج الصناعي ،أي ارتفاع وتيرة اإلنتاجية
لمسمع الصناعية ىذا من جية أولى ،من جية ثانية اشتداد حدة المضاربة في البورصة .
انطالق األزمة كان من بورصة وول ستريت بنيويورك يوم 24أكتوبر 1929بعد طرح
19مميون سيم لمبيع دفعة راصدة فأصبح العرض أكثر من الطمب فانيارت قيمة األسيم،2
1عبد العمي كاظم المعموري ،تاريخ األفكار االقتصادية .مرجع سبق ذكره،ص –ص.392- 390،
2زينب حسين عوض اهلل ،مرجع سبق ذكره ،ص-ص .230-227،
67
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
انتشار األزمة لم يكن عاب ار أو حادثا تقنيا بل استقرت األزمة و دامت و بمغت قطاعات
أخرى من االقتصاد األمريكي (الصناعة –السكك الحديدية – الخدمات العمومية ) تم
العالم الرأس مالي (أوروبا و انتقمت األزمة من الواليات المتحدة األمريكية إلى باقي
مستعمراتيا ).
المظاىر االقتصادية:
-تراجع مؤشر اإلنتاج الصناعي العالمي ،ما عدا روسيا و اليابان .
المظاىر االجتماعية:
-انتشار البطالة و ما رافقيا من بؤس وتشرد في المجتمعات الرأس مالية المعرضة لألزمة.
ثانيا :أسباب انفجار األزمة
يتفق محممو األزمة العالمية لسنة 1929أن األسباب العميقة النفجار األزمة في الواليات
المتحدة في أكتوبر 1929ترجع الى ثالث ظواىر رئيسية:1
لقد تميزت فترة العشرينيات بانتشار نموذج حياة الرفاىية االمريكية المعتمدة عمى النمو
المضطرد لإلنتاج و االستيالك المفرط لممنتجات الصناعية غير انو ابتداء من سنة 1928
اصبح من الصعب تصريف بعض السمع بسبب تشبع االسواق الداخمية و الخارجية .
بالنسبة لألسواق الداخمية وصل المستيمكون الى مستويات كبرى من التشبع من ناحية اولى
ومن ناحية ثانية ان ميل معدل الربح نحو االنخفاض ادى الى تراجع نمو االستيالك امام
68
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
تسارع وتيرة نمو االنتاج خاصة في مجال انتاج السيارات و قطاع البناء و قد صاحب ىذا
كدلك انخفاض اجور بعض الفئات المينية كالمزارعين و العمال الموسميين و الذين بمغ
عددىم 02مميون عامل مستيم ظاىرة جيود االجور مقابل نمو االنتاج فمثال ارتفع االجر
االسبوعي في الصناعة بنسبة %1.4مقابل ارتفاع نسبة االنتاج ب .%3.6
ان سوء توزيع نتائج النمو يمكن لمسو بشكل اساسي بين سنتي 1929-1922حيث لم تفع
االجور الحقيقية في القطاع الصناعي سوى ب %17مقابل ارتفاع في االرباح الخاصة باب
المؤسسات تجاوز % 62وىذا ما يفسر تراجع القدرة الشرائية لدى فئة الغالبية العظمى
العمال ىذا ما كان يحدث اخميا في الواليات المتحدة االمريكية .
اعتمدت الرفاىية االقتصادية التي ميزت المجتمع األمريكي عمى تعبئة االستيالك الجماىيري
الواسع مستعممة في ذلك الحمالت االشيارية بجميع وسائل االعالم ضف الى ذلك تعميم
عمميات القرض االستيالكي اي اقتناء السمع و الخدمات بواسطة عمميات القروض التي
تمنحيا البنوك بفوائد حسب اجال محددة مسبقا .والعممية في حد ذاتيا تعبر عن استالم
السمع عاجال والدفع يكون اجال وقد ترتب عن ذلك انفاق الدخل قبل حمول موعد قبضو ولكن
اذا كانت تسييالت القروض تحافظ عمى االستيالك بوتيرة مرتفعة اكثر مما تسمح بو القدرة
الشرائية وكذلك تشجع التوسع في االنفاق االستيالكي فان ىذه العوامل مجتمعة سوف تعمل
عمى تحويل القدرة الشرائية و الرفاىية االقتصادية الى مظاىر اصطناعية ليس اال...و ينتج
عن ذلك ظيور قوة شرائية مرتفعة ال تعكس حقيقية المستوى المعيشي لألمريكيين.
من المعروف ان المؤسسة االقتصادية تقف دائما امام ثالث خيارات في رسم استراتيجيتيا
التمويمية اوليا تحقيق التمويل الذاتي اي االعتماد عمى قدرتيا المالية المحضة كإعادة
استثمار ارباحيا غير موزعة او تخصيص جزء معين من ارادتيا لضمان تحقيق التمويل
الذاتي ،الخيار الثاني ىو المجوء الى السوق النقدي اي التمويل عن طريق القروض من
البنوك التجارية بسعر فائدة محدد مسبقا ،بينما الخيار الثالث فإمكان المؤسسة عمومية
69
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
كانت او خاصة ان تقوم باستصدار االسيم فتحول بذلك السماسرة الى وسطاء ماليين بين
البنك و المكتتبين في السوق المالي و لقد ادى عن المضاربة بشكل متسارع الى نتائج
وخيمة .
عرف العالم الرأسمالي تحويالت كبرى اثر االزمة العالمية لسنة 1929فاعتبرت ىذه
التغيرات نتائج ال يمكن االستيانة بيا باعتبارىا تركت اثار عميقة في تاريخ النظام الرأسمالي
،نجميا فيما يمي: 1
رغم تبني سياسيات االنتعاش و اعادة بعث االقتصاديات القومية و عمى راسيا برنامج ''
العيد الجديد '' اال ان سمة الضعف والركود قد غمبت عمى االقتصاد العالمي ،فمعدالت
النمو سجمت انخفاضا كبي ار مقارنة مع ما قبل االزمة ،و الطمب الكمي لم يعد يوازي االنتاج
الكمي و انعكس ذلك عمى تحقيق العمالة الكاممة و اتجو تنشيط االقتصاد و تطويره الى
االعتماد عمى الصناعات الحربية و دعم التسمح نظ ار لمستجدات الصراع التي بدأت تظير
بوادره ،اما حجم المبادالت التجارية قد تراجع حجمو الى 22مميار $سنة 1938بعدما فاق
33مميار $سنة 1928بسبب انتشار سياسة الحماية و القيود الجمركية عمى السمع
المستوردة و تبني بعض الدول سياسة االنغالق صراحة كما فعمت المانيا. 2
1ابراىيم عبد العزيز النجار ،األزمة العالمية و اصالح النظام المالي العالمي .االسكندرية :الدار الجامعية
،2009،ص.95
2أحمد يوسف الشحات ،األزمات المالية في األسواق الناشئة ،القاىرة :دار النيضة العربية ،2005،ص67
70
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
-5استمرار آثار األزمة حتى قيام الحرب العالمية الثانية .1939ففي الكثير من األحيان
تكون الحرب ىي الوسيمة الوحيدة لمخروج من المأزق االقتصادي ،و ىذه حقيقة لصيقة
بالنظام الرأسمالي.
تعتبر االتفاقية المنشئة لمنضمة التجارة العالمية تتويجا لنتائج التي توصمت إلييا الدول
الم شاركة في جولة االوروجواي لممفاوضات التجارة متعددة األطراف و التي تم التوقيع عمى
االتفاق النيائي ليا في مدينة مراكش المغربية في أفريل 1994و دخمت حيز التنفيذ الفعمي
Gattو لتمكين اكبر عدد ممكن من الدول في جانفي ، 1955فيي جاءت لتحل محل
إتمام إجراءات التصديق و ىي تعتبر كمنظمة ليا الشخصية و القدرة القضائية عمى تنفيذ
مياميا و حل النزاعات التجارية .1
و االنضمام لعضوية المنظمة مفتوح لجميع الدول التي تمتزم بتقديم تنازالت جمركية و غير
جمركية بيدف تحسين فرص منتجات الدول األخرى مقابل استفادتيا من اإلعفاءات المماثمة
من الدول األخرى .
أما بالنسبة لالنسحاب من المنظمة ،نظمت ضوابطو المادة 15من االتفاقية ،حيث يحق
ألي و االنسحاب من المنظمة و يصبح ىذا االنسحاب ساريا بعد مضي 6أشير من تاريخ
إيداع إشعار باالنسحاب يحرر من طرف المدير العام لممنظمة مع إسقاط كافة االلتزامات
اىداف المنظمة :يمكن القول ان اليدف االساسي التي تسعى اليو المنظمة يدور حول
تحرير التجارة الدولية وىي تسعى لتحقيق االىداف التالية :
خمق جو تنافسي دولي في التجارة العالمية يعتمد عمى الكفاءة االقتصادية في
تخصيص الموارد .تعظيم الدخل القومي العالمي و رفع مستويات المعيشة
1بن قانة اسماعيل ،الوجيز في تاريخ الوقائع االقتصادية .الجزائر :دار الحامد لمنشر و التوزيع ،2016،ص.150
71
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
تحقيق التوظيف الكامل لموارد العالم ،و زيادة االنتاج بشكل متواصل و المتاجرة في
السمع و الخدمات مما يؤدي الى االستخدام االمثل لتمك الموارد و دعم الوسائل
الكفيمة بتحقيق مستويات التنمية المستدامة
توسيع و خمق أنماط جديدة لتقسيم العمل الدولي و زيادة نطاق التجارة العالمية
توفير الحماية المناسبة لمسوق الدولي لجعمو يعمل في بيئة مناسبة و مالئمة .
محاولة إقحام الدول النامية في التجارة الدولية بصورة أفضل .
زيادة التبادل التجاري الدولي و تنشيط التجارة بين دول العالم عمى اسس متفق عمييا.
ميام و وظائف المنظمة :في ضوء تمك االىداف تسعى المنظمة لتحقيق الميام التالية :
المؤتمر الوزاري :يتألف من ممثمي جميع الدول االعضاء بالمنظمة و يجتمعون كل
سنتين .
المجمس العام :يتألف من ممثمي جميع االعضاء و يجتمع وقت الحاجة .
المجالس الفرعية :ىناك ثالث مجالس تعمل تحت إشراف المجمس العام و ىي :
مجمس التجارة في السمم ،و مجمس التجارة في الخدمات و مجمس النواب المتعمقة
بالتجارة .
المجان المتخصصة :و ىي عبارة عن لجان متخصصة مثل لجنة قيود ميزات
المدفوعات و المراقبة ....
72
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
أمانة المنظمة :تنشأ المنظمة أمانة يرأسيا مدير عام يعينو المؤتمر الوزاري و يحدد
مسؤولياتو و سمطتو و شروط خدمتو .
انعكاس أثر انتعاش اقت صاديات الدول الصناعية المتقدمة عمى الدول النامية من
خالل زيادة التبادل الدولي
زيادة إمكانية نفاذ صادرات الدول النامية إال أسواق الدول المتقدمة
انتعاش بعض قطاعات االنتاج في الدول النامية مثل الزراعة ،الصناعة و الخدمات.
زيادة الكفاءة االنتاجية في الدول النامية من خالل زيادة المنافسة الدولية .
االلغاء التدريجي لمدعم المقدم لممنتجين الزراعيين في الدول المتقدمة الصناعية سيزيد
من اسعار الواردات الغذائية ،و لو بالتالي آثار سمبية عمى ميزان المدفوعات و ارتفاع
معدالت التضخم
صعوبة تصدي الدول النامية لمنافسة المنتجات المستوردة من الخارج التي تكون بأقل
تكمفة و جودة أكبر و ىذا يؤثر عمى الصناعات الوطنية و بالتالي يخمق البطالة .
قد يؤدي االنخفاض التدريجي في الرسوم الجمركية الى عجز او ازدياد عجز الموازنة
العامة أو زيادة الضرائب مما قد يزيد من تكمفة االنتاج .
و في االخير يمكن القول ان ىذه المنظمات او الوكاالت الدولية تنتقدىا العديد من الدول
عمى اساس انيا ال تمدىا اال بقدر محدود من احتياجاتيا و كثي ار ما ال توجو مساعدة الى
الدول االكثر حاجة الييا ،و كذلك الدول المتمقية لممساعدة تفتقر في معظم االحوال الى
السياسات المالئمة التي تمكنيا من تحقيق اقصى فائدة منيا. 1
1عادل أحمد حشيش ،مجدي محمود سياب ،العالقات االقتصادية الدولية .مصر :دار الجامعة الحديثة
،2005،ص.278
73
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
يعتبر صندوق النقد الدولي أحد المؤسسات االقتصادية المكونة لمنظام االقتصادي العالمي
،بدأ يتكون مع نياية الحرب العالمية الثانية .
انعقد المؤتمر المالي و النقدي العالمي في "بروتن وودز" األمريكية ،و تقرر انشاء صندوق
النقد الدولي وىو عبارة عن مؤسسة تمثل الحكومات العالمية ،أنشئ بموجب معاىدة دولية
لإلشراف عمى عمل النظام النقدي الدولي الجديد بعد الحرب العالمية الثانية و ىو وكالة
دولية متخصصة من وكاالت منظومة األمم المتحدة ،اصبح لو وجود فعمي في 1945
،يعمل عمى تعزيز سالمة االقتصاد العالمي. 1
-تدعيم استقرار أسعار الصرف و منع لجوء الدول الى التنافس عمى تحفيض قيمة
عمالتيا .
-اقامة نظام لممدفوعات متعدد األطراف ،و التخمص من قيود الصرف التي تحول
دون نمو و تنشيط التجارة الدولية.
-تمويل العجز المؤقت في موازين المدفوعات لمدول األعضاء بإتاحة الموارد الالزمة
لتمكينيم من تصحيح ىذا االختالل .
1صالح صالحي " ،ماذا تعرف عن صندوق النقد الدولي ".مجمة دراسات اقتصادية ،العدد ،1مركز دراسات البحوث و
الدراسات االنسانية ،الجزائر ن،1999ص.119
74
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
-توفير السيولة الدولية الالزمة لتسوية المدفوعات الدولية من خالل زيادة االحتياطات
الدولية .
-التشاور لمدول األعضاء فيما يتعمق باألمور النقدية و االقتصادية.
-التعاون مع البنك الدولي فيما يتعمق بعالج االختالالت الييكمية.
أ ما فيما يخص موارده فيحصل صندوق النقد الدولي عمى موارده المالية أساسا من اكتساب
حصص األعضاء فيو ،غير انو يجوز لمصندوق إن يقترض عند الحاجة لتكميل موارده
والتي يحصل عمييا من الدول الصناعية تحت ما يسمى باالتفاق العام لالقتراض.
و يعتبر نظام الحصص أىم ما يميز الصندوق و تكون أىميتو فيما يمي:
-4عمى أساس توزيع حقوق السحب الخاصة التي ينظميا الصندوق عمى األعضاء و ال
تتسم حصص الدول األعضاء بالثبات .فمن الممكن تعديميا و قد أورد الصندوق في ميثاقو
أحكام و مجموعة من القواعد المقيدة و المنظمة لمنع دول األعضاء من اإلسراف في
استخدام موارده.ىذه األحكام ىي:
-1ال يجوز لمدولة العضو أن تسحب في السنة من صندوق النقد عمالت أجنبية
تتجاوز ربع حصتيا (.)%25
-2إن البمد العضو يفقد حقو في شراء العمالت األجنبية في الصندوق متى بمغ رصيد
الصندوق من عممتو %200من حصتو.
إن الغاية من إتاحة موارد الصندوق المالية ىي مساعدة البمدان األعضاء عمى حل
المشكالت المتعمقة بموازين مدفوعاتيا ،و اإلسيام في تخفيف أثار عممية التصحيح ،
و يقدم الصندوق دعمو المالي بواسطة موارده العامة و تسييالتو التمويمية المسيرة .و
يخضع التمويل الذي يقدمو الصندوق لموافقة المجمس التنفيذي و ىو مشروط في معظم
75
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
الحاالت بتعيد البمد العضو باتخاذ الخطوات الالزمة لمعالجة أسباب االختالل في
مدفوعا تو.
فتتمثل سياسة الصندوق في تقديم عالج واحد يصمح لجميع البمدان بغض النضر عن بنية
االقتصاد و موارده و ىذ ه السياسة تسمى بالتكييف الييكمي فبمنطق صندوق النقد الدولي ىو
منطق مالي و تقني ال ييمو الجانب االجتماعي و الجانب التنموي ،الن االقتصاد في
منظوره ىو عبارة عن ميكانيك اذا عرف بعض االختالالت يجب العمل عمى معالجتيا و
الرجوع إلى التوازنات األساسية(توازن الميزان التجاري ،ميزان المدفوعات ،توازن ميزانية
الدولة ).
و الواقع أن التنمية ال يمكنيا أن تتحول أو تقحم في التوازن الذي يشكل مفيوما مجددا ،و
يتغير محتواه و مدلولو بتغير المعطيات و األوضاع .إما التنمية فيي الصراع ضد المرض
و البطالة و األمية و سوء التغذية ،و التنمية في استعادة و استرجاع االستقالل الذاتي في
اتخاذ الق رار .و من ىنا يجب عمى حكومات الدول النامية المعنية برامج التكييف الييكمي
إلى إعادة النظر في سياساتيا و نيج سياسة مغايرة ،و األخذ بعين االعتبار ضرورة تفادي
إرىاق القوة الشرائية لممواطنين و استنزافيا ،سياسة تنتيج نيجا وطنيا أصيال ييدف إلى
تحقيق التنمية الذاتية ،سياسة جديدة من شانيا أن تكسر إطار ىذه الحمقة المفرغة .1و
تؤدي سياسة الصندوق إلى اتجاه انكماشي طويل األمد في الدول التي تقبميا ،و كذلك إلى
إضعاف قدرتيا عمى المنافسة في األسواق الدولية ،و تكفي ىذه الحقائق المادية لتنفيذ إيمان
الصندوق بفضل آليات السوق ،و يظير إن االعتماد عمييا وحدىا يحد من إمكانيات النمو
االقتصادي إضافة إلى اآلثار االجتماعية و السياسية السمبية .
اخير يمكن القول ان العالقة بين صندوق النقد الدولي و الدول المتخمفة وخاصة في
و ا
العشرية االخيرة وذلك نتيجة تزايد الطمب من طرف ىذه الدول عمى موارد الصندوق نظ ار
1خالد مصطفى قاسم ،ادارة البيئة و التنمية المستدامة في ظل العولمة المعاصرة .دار جامعة االبراىيمية ،2007،ص-
ص .19- 17،
76
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
لألضرار التي لحقتيا من جراء االزمات االقتصادية الدولية التي يعاني منيا العالم الثالث
مما جعل ىذه الدول تشيد اختالالت في موازين مدفوعاتيا و بالتالي المجوء الى الصندوق
بغية االستفادة من الموارد .ومن اجل ىذا االستغالل يقترح الصندوق جممة من االجراءات
:تدعى "سياسات التثبيت" وىي:
يعتبر التصنيع حجر الزاوية في عممية التنمية االقتصادية ،إذ يتوقف عميو تصحيح
االختالالت الييكمية المرتبطة بظاىرة التخمف .و يعني التصنيع اتساع القاعدة الصناعية
لممجتمع مما يؤدي إلى رفع مستوى وحجم قوى اإلنتاج المستخدمة .
و يقتضي التصنيع السريع زيادة حجم االستثمارات الموجية إلى القطاع الصناعي مما
يترتب عميو زيارة حجم القاعدة الصناعية .وتؤدي زيادة االستثمار في الصناعة إلى ارتفاع
معدالت نمو الدخل الصناعي و من ثم ارتفاع معدالت نمو الدخل القومي بصورة تزيد عن
1
معدالت النمو السكاني.
1ألفريد ايكس االبن ،االقتصاد العالمي المعاصر .تر أحمد محمود ،المركز القومي لمترجمة ،ص.236
77
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
وىكذا يؤدي التصنيع إلى تغيير ىيكمي في االقتصاد القومي بموجب تزداد األىمية
النسبية لمقطاع الصناعي .و قد يأخذ التصنيع أنماطا متعددة و مسارات شتى و من ثم
عمى الدول النامية أن تحدد سياسة أو استراتيجية لمتصنيع التي تتبناىا .1
فما ىي استراتيجيات التصنيع التي تبنتيا الدول النامية لمقضاء عمى التخمف ؟
ىي استراتيجية تصنع ذات توجو داخمي ،حاولت الدول النامية مع بداية استقالليا،
عزل نفسيا عن الظروف غير المالئمة لمسوق الدولية .ىذا ما دفعيا إلى تبني سياسة داخمية
لمتصنيع من خالل إحالل الواردات لتحقيق االكتفاء الذاتي و تقميص التبعية لمخارج.
و تعني ىذه االستراتيجية إقامة بعض الصناعات التحويمية لسد حاجات السوق المحمية بدال
من السمع المصنوعة التي كانت تستورد من الخارج .و عمى ذلك فإن ىذه السياسية تيدف
إلى تخفيض أو منع الواردات من بعض المنتجات الصناعية.
و تقدم ىذه االستراتيجية أساسا إلشباع حاجات السوق المحمية لذلك تمثل الصناعات
االستيالكية األساسية :المرحمة األولى من مراحميا .و عادة ما توفر الدولة ليذه الصناعات
حماية تكون كافية لمنع منافسة المنتجات األجنبية من ناحية ،و ضمان القدر الالزم من
األرباح لممستثمرين لتحفيزىم عمى إقامة ىذه الصناعات من ناحية أخرى.
-تحفيز الطمب الداخمي دون أن تنجح ىذه الدول في تحفيز الطمب الخارجي عمى
منتوجاتيا.
-تدىور جودة السمع و الخدمات وذلك لعدم وجود المنافسة األجنبية.
-تضخم مشكمة المديونية الخارجية.
-الفشل في إصالح موازين المدفوعات............إلخ .
1مدحت القريشي ،التنمية االقتصادية نظريات و سياسات و موضوعات .األردن :دار وائل لمطباعة و النشر و التوزيع
،ط،1،2007ص.195
78
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
أما عن اآلثار أو العيوب الناجمة عن ىذه االستراتيجية يمكن تمخيصيا فيما يمي:
-قد يصعب عمى الدول النامية إقامة الصناعات التصديرية بسبب شدة المنافسة .
-إن الدولة الصناعية قد تقيم جدار الحماية الجمركية ،فيما يتعمق بصناعاتيا التي
تتميز بالبساطة.
-ىذه الدول التي تعتمد أساسا عمى تصدير منتجاتيا المصنوعة إلى أسواق الدول
الصناعية فد تعاني من وقت آلخر من أزمات تمر بيا ىذه الدول الصناعية.1
ثالثا :خصائص البمد الصناعي :
يمكن تمخيص المواصفات أو الشروط التي يتصف بيا البمد الصناعي فيما يمي :
-0أن يكون ربع ¼ الناتج المحمي كحد أدنى يأتي من القطاع الصناعي
1مدحت القريشي ،االقتصاد الصناعي .األردن :دار وائل لمطباعة و النشر و التوزيع ،ط،2،2005ص.150
79
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
-7أن تكون نسبة معينة من اإلنتاج الصناعي ( %31مثال) يأتي من الصناعة التحويمية
،و ذلك لكي تستعيد حاالت الدول التي يشكل فييا قطاع التعدين فييا معظم أو كل
النشاط الصناعي .
-3أن تكون معينة من القوى العاممة ( % 01كحد ادني ) تعمل في القطاع الصناعي.
أما عن المزايا التي تكتسبيا الصناعة عن غيرىا من القطاعات األخرى يمكن تمخيصيا فيما
يمي:
80
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
يراىا قديمة جدا حيث ظيرت في أشكال متعددة منذ بداية التاريخ اإلنساني كانتشار الفكر
في الفمسفة اليون انية ثم انتشار الحضارة و القوانين الرومانية و تمتيا بعد ذلك ىيمنة الحضارة
الرومانية. 1
فالعولمة ىي االنتشار الثقافي او الحضاري لشعب ما بين الشعوب األخرى ،و لقد
ساىم تفشي ىذه الظاىرة العديد من العوامل منيا ما ىو مفيوم شامل من حيث معانيو و
مظاىره عمى جميع ال شعوب و األمم و ىكذا و بتعدد اآلراء و االتجاىات كثرت النقاشات
لذلك سوف نتطرق ليذا الموضوع من خالل اإلجابة عمى األسئمة التالية:
إن المصطمحات األكثر شيوعا ىو مصطمح العولمة الذي كثر الحديث عنو ليس
عمى المستوى األكاديمي و أيضا في األواسط السياسية و اإلعالمية المختمفة ،فالعولمة
مشتقة من العالم ،و معنى العالمية اي تتحد كل شعوب العالم في جميع أوامرىا عمى نحو
واحد و في ىذا الصدر يعرف الدكتور صادق العظم '' :العولمة تعني وصول نمط اإلنتاج
الى نقطة االنتقال من عالمية دائرة التبادل و التوزيع و السوق و التجارة الى عالمية دائرة
اإلنتاج '' و ىذا يعني حسب رأيو رسممة العالم عمى مستوى العمق بعد أن كانت رسممة
النمو .
و عرفيا الكاتب الفرنسي دولفوس '' :بأنيا تبادل شامل و إجمالي بين مختمف أطراف
الكون يتحول أساسو الى محطة تفاعمية لإلنسانية بأكمميا و ىي نموذج لمقرية الكونية
الصغيرة ممغية المسافات و مقدمة المعارف دون القيود" .
أما الدكتور أبو راش فيرى أن '' :العولمة تعني التعبير عن انسحاق اإلنسان أمام
سطوة اآللة و تمركز رأس المال و انعدام القيم اإلنسانية و األخالقية و سيادة منطق الربح
الفردي و البقاء لألقوى من خالل ازدىار تجارة السوق المعموماتية و االستالب الثقافي و
القوميات بغض ثقافة واحدة و أحادية نمط التفكير ''.
1بول ىيرست جراىام طومبون ،ما العولمة االقتصاد العالمي و امكانات التحكم .تر فالح عبد الجبار ،الكويت :مطابع
السياسة ،2001،ص.55
81
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
و ميما تنوعت تعريفات العولمة و اختمفت فإن التعريفات األكثر استخداما لدى
الباحثين العمميين السياسيين تنقسم الى أربعة أقسام:
حيث يعتبرىا البعض بأنيا مرحمة محددة من التاريخ أكثر منيا ظاىرة اجتماعية أو
نظريا و ىي تبدأ في نظرىم بشكل عام منذ سيادة الوفاق التي سارت في الستينات بين
القطبين المتصارعين (الواليات المتحدة االمريكية و االتحاد السوفياتي)
و بقدر ما نحن بصدد عولمة تحيد تدخل الدولة و تحد من تدخميا و من المعطيات
االقتصادية و السياسية التي تميز بيا العالم في الفترات األخيرة ما يمي: 1
-تفكك االتحاد السوفياتي و تراجع النظام االشتراكي كقطب ثان يحاول تحقيق التوازن
القطبي عمى الصعيد العممي .
-بروز سوق عالمي جديد يدعو الى دمج مختمف بمدان الشمال و الجنوب و ىو ما
يسمى بظاىرة عولمة االقتصاد الذي يسير السيرورات اإلنتاجية و العمميات المالية و
ان ىذه الظاىرة نجمت عن خصائص اقتصادية أساسية لمرأسمالية تتمثل فيما يمي :
الشركات متعددة الجنسيات التي تييمن عمى اقتصاد العالم و تمعب دو ار أساسيا في
تدويل االستثمار و اإلنتاج و التجارة
التوزيع السياسي لمشركات متعددة الجنسيات فمن بين 500شركة متعددة الجنسيات
526منيا موجودة في و.م.أ أو اليابان ،فرنسا و ايطاليا و بريطانيا .و قد نتج عن
ىذه الوضعية تكريس الييمنة عمى االقتصاد العالمي و ذلك بتشكيل اتحادات دولية
1سمير أمين ،الرأسمالية في عصر العولمة ادارة المجتمع المعاصر .الشركة العالمية لمكتاب ،ط،1،2007ص -
ص.93- 89،
82
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
رأسمالية متحركة تتقاسم العالم و ميما يكن من امر فمفيوم العولمة لم يحسم بعد
فيي تعبر عن واقع اقتصادي ،1ثقافي و ايديولوجي مختمف عن الميبرالية .
يمكن إرجاع بروز ظاىرة العولمة الى مجموعة من العوامل ثقافية ،اجتماعية ،سياسية ..
انخفضت القيود عمى التجارة و االستثمار و كانت بمثابة اول خطوة نحو تحرير
التجارة المؤلفة من الصناعة و المنتجات الزراعية و الخدمات إلى جانب حقوق الممكية
الفكرية ،و قد لعبت منظمة الجات و بقية المؤسسات الدولية حوالي 200مميار سنويا خالل
الفترة 1996-1993أما عن الدول العربية فبرامج اإلصالح االقتصادي و التغمب عمى
مشاكميا االقتصادية مركزة عمى تشجيع االستثمار الخاص المحمي و األجنبي و تطوير
األسواق المالية ،لكن رغم ىذه اإلصالحات بقيت اإلصالحات المالية العربية جد محدودة اذا
ما قورنت باألسواق المالية الدولية حيث بمغت التدفقات النقدية الصافية لمجموع الدول
العربية سنة 1991حوالي 18.9مميار في حين بمغت مجموع التدفقات الرأسمالية لدول
شرق آسيا و أمريكا الالتينية حوالي 221مميار دوالر سنة . 1998و يرجع الباحثون
تفضيل دول جنوب شرق آسيا عمى حساب الدول العربية إلى ضعف األداء االقتصادي
لألسواق المالية العربية و حداثة ىذه األسواق الى جانب عدم االستقرار السياسي في تمك
الدول .
1بول ىيرست جراىام طومبون ،ما العولمة االقتصاد العالمي و امكانات التحكم .مرجع سبق ذكره ،ص.197
83
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
دو ار ىاما و متزايدا في توسيع نطاق اإلعالم و االتصال فاستخدام احدث ما توصل اليو
التقدم التكنولوجي في ميدان االتصال و اإلعالم المتمثل في شبكة االنترنيت الذي أصبح
العالم بفضميا قرية صغيرة تتدفق بين مكوناتيا المعمومات بسرعة كبيرة جدا ،فمصال
انخفضت تكمفة المكالمة الياتفية بحوالي 60مرة منذ عام 1930كما مكن ظيور الفاكس و
شبكات الكمبيوتر و بيذا يكون التطور التكنولوجي المذىل قد رفع من سيولة األسواق المالية
و سيولة تدفق رؤوس األموال و الحصول عمييا بسرعة كبيرة ،و لقد ساعدت ىذه الظروف
مجتمعة عمى تكامل االسواق المالية الدولية باعتبارىا القناة التي تتدفق من خالليا األدوات
المالية عبر مختمف دول العالم.1
إن السياسة المحصورة دائما ضمن نطاق محمي و معزولة عن التطورات و التأثيرات
الخارجية ،و ىي من أبرز اختصاصات الدول القومية التي تحرص كل الحرص عمى عدم
التفريط فييا ،غير انو كما كان لمعوامل االقتصادية الدور الفعال في ظيور العولمة لعبت
العوامل السياسية نفس الدور 2و يمكن اختصار ىذه األسباب في النطاق التالي :
إعادة النظر في طبيع ة النظم السياسية و التخمي عن النظم الشمولية و تشجيع النظم
الديمقراطية المتفتحة و التي تعمل عمى تحرير الفرد و احترام حقوق اإلنسان و
االنفتاح عمى مختمف الثقافات.
قبول الدول من تمقاء نفسيا التنازل عن بعض مظاىر سيادتيا المباشر داخل البمد
المطموب غزوه أو عن طريق االتفاقيات في اطار اتفاقية الجات و جولة االورغواي .
اختراق ممارسة السيادات النقدية و المالية عن طريق تيرب الشركات العالمية مما
تفرضو الدول من سياسات نقدية و مالية كالتيرب من دفع الضرائب او تيريب
رؤوس األموال و الفوائد خارج الوطن األم .
1خباية عبد اهلل ،بوقرة رابح ،الوقائع االقتصادية العولمة االقتصادية ،التنمية المستدامة .مؤسسة شباب الجامعة
،ط،1،2009ص -ص .238-235
84
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
محاولة تعويض السيادة الوطنية بالسيادة اإلقميمية كما في حالة االتحاد األوربي او
مجموعة ماستريخت و التي تيدف الى إقامة دول أوربية في مواجية القوى الميددة
ليا من داخل او خارج القارة األوربية.
و ىكذا تبدو العولمة السياسية في تقميص دور الدول و فعاليتيا و اعتبار الشركات
متعددة الجنسيات و المنظمات شريكا لمدولة في صنع ق ارراتيا السياسية .فالعولمة السياسية
تعني نقال لسمطة الدولة و اختصاصاتيا الى مؤسسات عالمية تتولى تسيير العالم و توجييو
و ىي بذلك تحل محل الدول و تييمن عمييا .
و ليس من باب المصادفة ان يكون مقر األمم المتحدة في نيويورك و البنك الدولي و
صندوق النقد الدولي في واشنطن ،بل ان أمريكا جعمت ليا مرك از لعالقات العالم السياسية و
الدبموماسية و األمنية و االقتصادية و الثقافية ،و ىكذا تتجمى مظاىر العولمة السياسية في
إخضاع الجميع لسياسة القوة العظمى و القطب الوحيد في العالم و ىو الو.م.أ ،غير انو
قيام عالم بال حدود سياسية لن سكون تمقائيا بل يرتبط أساسا ببروز مجموعة من القوى
العالمية و اإلقميمية و المحمية الجديدة و التي أخذت تنافس الدول في المجال السياسي و
خاصة في مجال صنع القرار و يمكن ان نمخص لمقول ان العولمة السياسية ىي إعالن
لنياية سيادة الدول و الحدود و تحقيق تكامل جغرافي و سياسي و ىو ما يجعل الو.م.أ
تتدخل في شؤون الدولة الداخمية باسم االمم المتحدة و حماية حقوق اإلنسان .
تكمن في ىيمنة الثقافة األمريكية عمى العالم طبقا لما يراه اغمب الباحثين و يبرر
الكتاب األمريكيون ان ىناك عوامل سمبية في الثقافات األخرى لمبمدان األخرى مما مكن
الثقافة األمريكية من سيطرتيا عمى ىذه الثقافات ،و قد أدركت الواليات المتحدة األمريكية ان
سوق الثقافة الراقية و الرفيعة محدودة و بالتالي البد من الترويح لثقافة أكثر انتشار لدى
عيدة ىوليوود و وكاالت اإلعالم لتبني ىذه الميمة و ألنيا تدرك أن لمثقافة المتدنية المستوى
سوقا أوسع كثي ار من سوق الثقافة الراقية ،و ىكذا استطاعت الواليات المتحدة األمريكية أن
تصل الى شباب اليوم و أن تصنع ثقافة محدودة لمشباب نخب المستقبل .
85
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
يرتبط اإلعالم بالبنية السياسية الدولية و البنية االقتصادية و الثقافية ،فيو عالم بال
حدود بال دولة و ال أمة و ال وطن ألن الحكومات فقدت السيطرة عمى فضائيا الجوي
فأصبح مكانا تتحرك فيو العولمة اإلعالمية حيث يستخدم ما يزيد عن 500قمر صناعي
تدور حول األرض .1و يستقبل بثيا أكثر من مميار أجيزة التمفزيون ،لكن نظام اإلعالم ال
يشكل نظاما متوازنا ألن كل مدخالتو و مراكز تشكيمو و آليات التحكم فيو تأتي من شمال
الكرة األرضية و ىذا ما أدى إلى ىيمنة الدول المتقدمة في مقابل تبعية الدول النامية و تفيد
إحصائيات منظمة اليونيسكو ان ىناك 300شركة إعالمية ىي األولى في العالم من بينيا
44شركة أمريكية و 80أوربية غربية و 49يابانية .
فإعالم العولمة ىو الذي دفع الناس الى السموك االستيالكي و نشر قيمو و ىو الذي
يضغط عمى الحكومات بحجة حقوق اإلنسان و يصور لمناس ان يدافع عن حقوق األقميات
و عن الحرية و الديمقراطية و عمى أساس انو إعالم حر بينما في واقع األمر أصبح جزءا
من األنشطة االقتصادية التي تسعى لتحقيق الربح من جية اولى و تقديم الخدمات األساسية
في النياية الى القوى العظمى ،مما ادى الى ضعف اإلعالم القومي لكل دول حيث أصبح
تابع لو يعتمد عمى ما يقدمو لو من صور و بيانات و إعالنات. 2
إن عولمة االقتصاد تقوم أساسا عمى تحرير التجارة الدولية ،أصبحت اليوم حقيقة ال
يمكن تجاىميا ،فاتفاقية منظمة التجارة العالمية تعتبر النظام الوحيد الذي يحكم قواعد
العالم و إجراءات تحرير التجارة الدولية في إطار عالم متعدد األطراف. 3
1خباية عبد اهلل ،الوقائع االقتصادية ،مرجع سبق ذكره ،ص .240
2سمير أمين ،الرأسمالية في عصر العولمة ادارة المجتمع المعاصر .مرجع سبق ذكره ،ص .94
3زيد بن محمد الرماني ،اقتصاد العولمة انبيار أم انييار .الرياض :مكتبة الرشد لمنشر و التوزيع،ط،1،2003ص.10
86
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
ظيور الدور األمريكي المييمن بشكل جمي القوة المحورية التي تمثميا الو.م.أ في
صياغة خطط و استراتيجيات المواجية مع الدول العنيدة ،و لعل الظاىر أصبحت
تفسر بما يسمى بعسكرة العولمة االقتصادية .
تستيدف العولمة مثل حركة وظائف الدولة و األمة و تفكيك نظميا اإلنتاجية و
مؤسستيا اي القفز فوق ميام الدول و االمة و الوطن و المواطنة و تمكين الشركات
المتعددة الجنسيات و المؤسسات االقتصادية الكونية من إدارة و تسيير شؤون
االقتصاد العالمي لتحل محل الدول لفرض تعميق اختراق اقتصاديات الجنوب و
تكريس تبعيتيا لالقتصاد العالمي من موقع مختمف .1
تمعب آليات التطور الرأسمالي جزء من وسائل التوسع المستمر خارج الحدود الوطنية
ليذا نجد أن العولمة تنحو باتجاه إيجاد نمط جديد غير مسبوق ليذا التوسع و بتنامي
البعد العالمي لرأسمالية موحدة خالقة بذلك نوعا من القوة االقتصادية المتوترة في
مختمف جوانب الحياة دون أن تقابميا سمطة سياسية عمى المستوى العالمي.
عند العودة الى جذور العولمة نجد انو بعد انتياء الحرب الباردة تجول النظام
الرأسمالي الى نظام عالمي لقيادة أمريكا اي ظيور نظام أحادي القطبية و غياب
التوازن في العالم بعد فرض الو.م.أ لسياستيا و نفوذىا و فرض الييمنة بدأ مع
تعاظم القوة االقتصادية .
عودة الييمنة الغربية من جديد محممة عمى أجنحة المعموماتية و العالم المفتوح و
مدججة بالعمم و الثقافة حتى و إن كانت غير إنسانية و بذلك أصبحت قاعدة جديدة
تسير العصر تقول أن السريع يأكل البطيء ،كما ان غياب نظام لتعديل و إعادة
توزيع الموارد يؤدي الى تركيز ىائل لمثورة المادية و الثقافية في ايدي فئة قميمة من
سكان العالم .
و خالصة القول ان ظاىرة العولمة أصبحت ظاىرة حقيقية و ممموسة في عالم اليوم
فيي لم تعد فكرة مطروحة لمنقاش حول مدى شرعيتيا و عدالتيا و من ىنا فقد أصبح من
الضروري العمل عمى التعامل معيا و تعظيم آثارىا االيجابية و الحدي من آثارىا السمبية .
87
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
أوال :الكتب
أ -بالمغة العربية:
.0ابراىيم عبد العزيز النجار ،األزمة العالمية و اصالح النظام المالي العالمي.
االسكندرية :الدار الجامعية .7116،
.7ابراىيم مشورب ،االقتصاد السياسي مبادئ-مدارس-أنظمة .بيروت :دار المنيل المبناني
،ط.7117 ،0
.3أبو زيد عبد الرحمن ،المقدمة ،ج،0ط،7مكتبة المدرسة و دار الكتاب المبناني ،بيروت
.0646،
.4أحمد جامع ،االقتصاد االشتراكي ( .دراسة نظرية تحميمية) .القاىرة :دار النيضة العربية
.1969،
.5أحمد عمي جرادات ،النظام االقتصادي في االسالم .ط ،1عمان :دار الثقافة لمنشر و
التوزيع .2015،
.6أحمد فريد مصطفى ،سمير محمد السيد حسن ،تطور الفكر و الوقائع االقتصادية،
االسكندرية ،مؤسسات شباب الجامعة ،ب .ط.2000 ،
.4أحمد يوسف الشحات ،األزمات المالية في األسواق الناشئة ،القاىرة :دار النيضة
العربية .7112،
.5آدم سميت ،ثورة االمم ترجمة حسني زينة ،بغداد :معيد الدراسات االستراتيجية،ط،0
.7115
.6اسماعيل أحمد الشناوي ،أسامة أحمد الفيل ،النظرية االقتصادية الجزئية .جامعة
االسكندرية.
.10ألفريد ايكس االبن ،االقتصاد العالمي المعاصر .تر أحمد محمود ،المركز القومي
لمترجمة.
88
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
.20حازم الببالوي ،النظام االقتصادي الدولي الجديد .الكويت :عالم المعرفة .2000،
.21الحامض الخالد ،االقتصاد السياسي (أسس و مبادئ).سوريا :منشورات جامعة حمب
.2006،
.77خالد سعيد البحيصي ،سمسمة محاضرات "التطور في تاريخ الفكر االقتصادي".
فمسطين :كمية التجارة ،الجامعة االسالمية .
.73خالد مصطفى قاسم ،ادارة البيئة و التنمية المستدامة في ظل العولمة المعاصرة .دار
جامعة االبراىيمية .7114،
89
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
.24خباية عبد اهلل ،بوقرة رابح ،الوقائع االقتصادية العولمة االقتصادية ،التنمية
المستدامة .مؤسسة شباب الجامعة ،ط.2009،1
.25رانيا محمود عبد العزيز عمارة ،مبادئ االقتصاد السياسي .مركز الدراسات العربية
.2016،
.26رفعت محجوب ،االقتصاد السياسي .ج ، 2القاىرة :دار النيضة العربية .1981،
.74رفيقة حروش ،االقتصاد السياسي.ط،7الجزائر :دار األمة لمطباعة النشر7103،
.75روبرت غيمبين ،االقتصاد السياسي لمعالقات الدولية .ترجمة و نشر مركز الخميج
لألبحاث .7111،
.76زيد بن محمد الرماني ،اقتصاد العولمة انبيار أم انييار .الرياض :مكتبة الرشد
لمنشر و التوزيع،ط.7113،0
.31زينب حسين عوض اهلل ،سوزي عدلي ناشد ،مبادئ االقتصاد السياسي .بيروت
:منشورات الحمبي الحقوقية .7114 ،
.30زينب حسين عوض اهلل ،مبادئ االقتصاد السياسي ،لبنان ،منشورات الحمبي
الحقوقية.7114 ،
.32سعيد عمي العبيدي ،االقتصاد االسالمي ،ط ،1عمان ،دار دجمة ،ناشرون و
موزعون. 2011 ،
.33سكينة بن حمود ،مدخل لعمم االقتصاد ،الجزائر :دار المحمدية العامة .7116،
.31سمير أمين ،الرأسمالية في عصر العولمة ادارة المجتمع المعاصر .الشركة العالمية
لمكتاب ،ط.7114،0
.35سوزي عدلي ناشد ،االقتصاد السياسي النظريات االقتصادية .بيروت :منشورات
الحمبي الحقوقية .2009،
.33السيد محمد السريتي ،عمي عبد الوىاب نجا ،النظرية االقتصادية الكمية.
.34صالح صالحي " ،ماذا تعرف عن صندوق النقد الدولي ".مجمة دراسات اقتصادية
،العدد ،0مركز دراسات البحوث و الدراسات االنسانية ،الجزائر .0666،
.35صالح الدين نامق ،قادة الفكر االقتصادي .القاىرة :دار المعارف .0645،
90
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
.36عادل أحمد حشيش ،أصول االقتصاد السياسي دراسة تحميمية مقارنة .اإلسكندرية
:دار الجامعة الجديدة لمنشر .7113،
.11عادل أحمد حشيش ،مجدي محمود سياب ،العالقات االقتصادية الدولية
.مصر :دار الجامعة الحديثة .7112،
.10عادل أحمد حشيش و آخرون ،أساسيات االقتصاد السياسي .بيروت :منشورات
الحمبي الحقوقية .7113،
.17عبد الرحمان يسري ،تطور الفكر االقتصادي .االسكندرية :الدار الجامعية لمنشر و
التوزيع .0664،
.43عبد المطيف بن اشنيو ،مدخل الى االقتصاد السياسي .الجزائر :ديوان المطبوعات
الجامعية ،ط.6،2007
.11عبد اهلل ساقور ،االقتصاد السياسي .الجزائر :دار العموم لمنشر و التوزيع.7111،
.45عبد النعيم محمد مبارك ،مبادئ االقتصاد السياسي .ط ، 1مصر :الدار الجامعية
.1997،عبد عمي كاظم المعموري ،تاريخ األفكار االقتصادية.ط ،1عمان :دار حامد
لمنشر و التوزيع .2012،
.46عدناني رزيقة ،الكافي في الفمسفة .الجزائر :دار الريحانة لمكتب ،ط.2010، 3
.14عمي سعيدان ،الوجيز في االقتصاد السياسي ،د.ب ،دار العسيمة ،ط.7115 ،0
.48عمر ىشام محمد ،مدخل في مدارس الفكر االقتصادي .نظرة تحميمية لمتطورات
المعاصرة من المنظور االقتصادي االسالمي و االقتصاد الرأسمالي .دمشق .2009:
.16فتح اهلل ولعمو ،االقتصاد السياسي .بيروت :الدار الجامعية .0655،
.21فضل اهلل محمد سمطح ،الفكر السياسي االقتصادي ،الغربي ،االسكندرية ،دار الوفاء
لمطباعة و النشر ،ط.7115 ،0
.20كامل وزنو ،آدم سميث قراءة في اقتصاد السوق .القاىرة :معيد الدراسات
االستراتيجية ،د س ن.
.27مجدي محمود شياب ،أسامة محمد الفولى ،مبادئ االقتصاد السياسي .مصر :دار
الجامعة الجديدة ،7112 ،
91
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
.56محمد رامز عبد الفتاح العزيزي ،مبادئ النظام االقتصادي في االسالم و مميزاتو
.عمان :جيينة لمنشر و التوزيع .2003،
.24محمد عمر أبو عميرة ،عبد الحميد محمد شعبان ،تاريخ الفكر االقتصادي .جامعة
القدس :ش ع م لمتسويق و التوزيع .7116،
.58محمود عبد الكريم ارشيد ،المدخل الى االقتصاد االسالمي .ط،1األردن :دار
النفائس لمنشر و التوزيع .2012،
.26مدحت القريشي ،االقتصاد الصناعي .األردن :دار وائل لمطباعة و النشر و التوزيع
،ط.7112،7
.60مدحت القريشي ،التنمية االقتصادية نظريات و سياسات و موضوعات .األردن :دار
وائل لمطباعة و النشر و التوزيع ،ط.1،2007
.61مدحت القريشي ،تطور الفكر االقتصادي .ط ،1األردن :دار وائل لمنشر و التوزيع
.2008،
.62نور الدين حاروش ،تاريخ الفكر السياسي .ط ،3الجزائر :شركة دار األمة لمنشر و
التوزيع .2012،
.33وسام مالك ،تطور الفكر االقتصادي .ج ، 0لبنان :دار المنيل المبناني .7115،
.31فريديرك انجمز ،موجز رأس المال .لبنان :دار الفرابي ،ط.7103،0
.32سكينة بن حمود ،دروس في االقتصاد السياسي .الجزائر ،ط.7113 ،0
92
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
: بالمغة الفرنسية-ب
66. Agnès Benassy ,Quere ,Benoit Coeure, Pierre Jacquet, Politique
Economique . 3em Ed .De Boeck
67. Pirou, Gaeton ,introduction à l’étude de l’économie politique,
Ed ;Sirey, Paris ,1946. PDF.
68. Raymond Barre, Economie politique .tom 2,ED :P.U.F ,Paris .
: بالمغة االنجميزية-ج
69. Keynes J.M ,The general Theory of Employment, Interest and
Money ,Ed Macmillan, London ,1946,pdf
المحاضرات:ثانيا
." سمسمة محاضرات "التطور في تاريخ الفكر االقتصادي، خالد سعيد البحيصي.43
. الجامعة االسالمية، كمية التجارة: فمسطين
كمية العموم،3 جامعة الجزائر. محاضرات في االقتصاد الجزئي، غزالن سعيد.41
.7105/7104، قسم العموم االقتصادية،االقتصادية و التجاري وعموم التسيير
عمية:3 جامعة الجزائر. محاضرات في تاريخ الوقائع االقتصادية، صديقي شفيقة.42
.7104/7103، قسو العموم االقتصادية، العموم االقتصادية و التجارية و عموم التسيير
76. Jean Batiste Say, cours complet d’économie politique pratique ,
Volume 5 (livre numérique Google).
93
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
فهرس ادلوضوعات
الصفحة ادلوضوع
10 مقدمة
10 احملور األول 7ادلشكلة االقتصادية
10 طبيعة ادلشكلة االقتصادية
10 عناصر ادلشكلة االقتصادية
14 حل ادلشكلة االقتصادية
14 حل ادلشكلة االقتصادية وفق النظام الرأمسايل
15 حل ادلشكلة االقتصادية وفق النظام االشرتاكي
16 احملور الثاين 7مفهوم علم االقتصاد السياسي و موضوعاته
01 تعريف علم االقتصاد
00 موضوعات االقتصاد السياسي
00 االقتصاد السياسي و عالقته بباقي العلوم األخرى
00 علم االقتصاد وعلم السياسية -0
01 علم االقتصاد و علم االجتماع -0
01 علم االقتصاد و علم القانون -0
01 علم االقتصاد و علم التاريخ -1
01 علم االقتصاد و علم النفس -2
02 علم االقتصاد و علم اجلغرافيا -3
02 علم االقتصاد و الرياضيات و االحصاء -4
02 احملور الثالث 7االقتصاد السياسي يف العصور القدمية و الوسطى
03 الفكر االقتصادي يف احلضارات القدمية
00 االقتصاد السياسي االسالمي
00 أوال 7تعريف االقتصاد االسالمي
00 ثانيا 7نظرة االسالم للسياسة االقتصادية
94
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
95
محاضرات في مدخل الى االقتصاد السياسي
96