You are on page 1of 122

‫وال تقربوا‬

‫الفواحش‬
‫تأليف‬
‫جمال عبد الرحمن إسماعيل‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫تقديم‬
‫فضيلة الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني‬
‫الحمد هلل رب العالمين وصلى هللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم وبعد‪:‬‬
‫فلقد أصلح هللا األرض بالرساالت التي تضمنت تحريم الفواحش ما‬
‫ظهر منها وما بطن حتى تنت ظم حركة الكون والحياة وحتى يعيش‬
‫اإلنسان حياة عفيفة طاهرة سليمة من األقذار واألرجاس‪.‬‬
‫وقد تضمنت الرسالة الخاتمة والشريعة المهيمنة (اإلسالم) تض منت‬
‫الوسائل الكفيلة بالقضاء على جميع الفواحش وقطع دابر الفساد‪،‬‬
‫بمجموعة عظيمة من التدابير الوقائية واألساليب العالجية التي لو‬
‫طبقتها األمة لعاشت حياة كريمة عامرة باألهداف النبيلة والغايات‬
‫السليمة‪ .‬وما هذه الرسالة القيمة التي ألفها أخي الكريم‪ /‬جمال بن عبد‬
‫الرحمن إسماعيل بعنوان (وال تقربوا الفواحش) إال محاولة جيدة‬
‫وبأسلوب جذاب لبيان تلك التدابير الوقائية‪ ،‬وتلك األساليب ال عالجية‬
‫التي تضمنتها الشريعة الغراء في مصدرها الرئيس الكتاب والسنة‬
‫للقضاء على الفواحش الممثلة في الزنا واللواط والسحاق وإتيان المرأة‬
‫في دبرها وإتيانها وهي حائض وإتيان البهائم وممارسة العادة المسماة‬
‫بالسرية‪.‬‬
‫ولقد ا طلعت على هذه الرسالة وأعجبت بالطريقة الفريد ة التي تناول‬
‫األخ الكريم الحديث بواسطتها‪ .‬وفي نظري أن هذه الرسالة تلبي حاجة‬
‫ماسة في المكتبة اإلسالمية‪ ،‬وال يستغني عنها بيت مسلم؛ لحماية بيوتنا‬
‫وأسرنا وأجيالنا من الهجمة الشرسة التي يشنها أعداء الدين والملة عن‬
‫طريق إشاعة الفواحش وتسهيل الوقوع فيها كخطوة أول ى إلبعاد‬

‫‪2‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫المسلمين عن دينهم‪ ،‬فإذا ما وقعوا في الفواحش واقتحموا محارم هللا‬


‫سهل اختراق صفوفهم وزعزعة عقائدهم وإفساد دنياهم وآخرتهم‪.‬‬
‫فجزى هللا األخ الكريم كل خير‪ .‬وأنصح كل أخ مسلم أن يسارع إلى‬
‫اقتناء هذه الرسالة وقراءتها على أهله وتحصين أوالده وبناته‬
‫ومحارمه‪.‬‬
‫وصلى هللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫سعيد بن مسفر القحطاني‬
‫‪ 1417 / 8 / 21‬هـ‬

‫‪3‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫تقديم‬
‫فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم‬
‫الحمد هلل وحده والصالة والسالم على من ال نبي بعده‪ ،‬وبعد‪...‬‬
‫فقد قرأت ما رقمه األخ في هللا الشيخ أبو محمد جمال بن عبد الرحمن‬
‫إسماعيل في كتابه الموسوم بـ " وال تقربوا الفواحش " والذي ضمنه جوانب‬
‫متعددة من أنواع الفواحش التي حرمها الشارع الحكيم سواء ما كان منها متعلقا‬
‫بجنس الذكور وجنس اإلناث والتي هي بالء أينما حلت ال لعًا لها (‪ )‬وكفى هللا‬
‫المسلمين شرها‪.‬‬
‫ولقد أحسن المؤلف في اختيار هذا العنوان الذي وافق به نص الكتاب‬
‫‪)(‬‬
‫}‬ ‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫العزيز كما في قوله تعالى‪{ :‬‬

‫[ األنعام‪.] 151 :‬‬


‫وهذا اللفظ أبلغ في الزجر من لفظ اإلتيان ليقطع ويسد ذريعة الفاحشة حتى‬
‫في القرب منها‪ ،‬وقد رأيت المؤلف قد ُوفِّق في جمع مادة الكتاب في عبارات‬
‫سليمة المبنى مفهومة المعنى خالية من الحشو الممل واإلطناب المخل مدعما ما‬
‫ذكره باألدلة الشرعية من الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح ومقاالت‬
‫متنوعة عن سلف هذه األمة‪.‬‬
‫كما أنه قد عقد ورقات من هذا الكتاب ذكر فيها رأي الطب المعاصر تجاه‬
‫هذه الفواحش وما ينجم عنها من أضرار بالغة على األمم والمجتمعات‪ ..‬فجزاه‬
‫هللا خير الجزاء وضاعف له المثوبة واألجر وجعل ما َّ‬
‫خطه قلمه حجة له يوم‬
‫القيامة‪ ،‬وأن ينفع به وبكتابه المسلمين‪ ..‬إنه سميع مجيب‪ ،‬وباهلل التوفيق وهو‬
‫المستعان‪.‬‬

‫(‪ )1‬ال ل ًعا لها‪ :‬ال انتشار لها‪.‬‬


‫(‪ )2‬سورة األنعام آية‪.151 :‬‬

‫‪4‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫قاله مقيده‬
‫سعود بن إبراهيم بن محمد الشريم‬
‫‪ 1417 / 9 / 27‬هـ‬
‫تقديم‬
‫فضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين‬
‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فإن أمة اإلسالم التي متعها هللا بدينه وحباها برسالته قامت على دعائم‬
‫إذا اعتنت بترسيخها قويت عزيمتها وارتفع لواؤها وساد أهلها‪ .‬وإذا فرطت‬
‫في تلك الدعائم فعصت ربها وخالفت نبيها ‪ ‬هانت على عدوها‪ .‬بل ظهر‬
‫البأس بينهم شديدا‪.‬‬
‫وإن من دعائم اإلسالم تحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬ولما كان‬
‫لباس التقوى خيرا جعله هللا ينزع عمن نزع عن نفسه اللباس الساتر للعورات‬
‫‪       ‬‬ ‫كما ذكر ربنا في سورة األعراف {‬
‫‪                ‬‬

‫‪             ‬‬

‫‪[ )( }                          ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫األعراف‪.] 27 ،26 :‬‬


‫فإذا انتصر العبد على شهواته طاعة هلل وامتثاال ألمره نصره هللا تعالى‬
‫على عدوه ورد كيده في نحره‪ .‬وإذا انغمس العبد في شهواته فإن هللا‬
‫‪       ‬‬ ‫لمجرمه من تأييده ونصره {‬

‫(‪ )1‬سورة األعراف آية‪.27 - 26 :‬‬

‫‪5‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫} (‪ [ )‬محمد‪ ،] 7 :‬وفي الحديث‪ { :‬احفظ هللا يحفظك }‬ ‫‪  ‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫( ‪)‬‬

‫لذا كانت شريعة هللا تنزل بالتطهير لألمة من دنس الشرك وبعث التوحيد‬
‫ثم بقية الفواحش بعد‪ .‬والناظر يرى أن سورة األحزاب نزلت بعد غزوة‬
‫األحزاب وسورة النور نزلت بعد غزوة بني المصطلق وهما متقاربتان‬
‫حتى أن كثيرا من جهابذة أهل العلم بالسيرة اختلفوا في األسبق منهما‪ .‬لكن‬
‫هما آخر غزوة تغزى فيها المسلمون في ديارهم وأول غزوة يخرجون فيها‬
‫إلى عدوهم في بالده فنزل الشرع بالتطهير لهم من الفواحش في السورتين‬
‫الكريمتين ليعد هذه األمة لمالقاة عدوها مؤيدا بنصر هللا تعالى لمن روض‬
‫نفسه على الطاعة وأبعدها عن الفواحش بدءا من غض البصر وحفظ‬
‫الصوت وحجاب النساء حتى حفظ الفرج وحد الزاني والقاذف‪.‬‬
‫أيها القارئ الكريم وهذه الرسالة القيمة بين يديك تحذير من الفواحش‪،‬‬
‫وأمر باالستقامة‪ ،‬فاعلم أن لزوم ذلك فيه نصر هللا لعبده في الدارين فال‬
‫تحرم نفسك من ذلك الخير العميم‪ .‬وال توقع نفسك في العذاب األليم‪ ،‬فضال‬
‫عن حرمانك من السعادة التي يغرسها هللا في قلب من أحب دينه وعمل به‪.‬‬
‫أيها القارئ الكريم فكن في هذه الرسالة مطالعا متدبرا وكن لخيرها ناقال‬
‫وال تكن كالغراب ال يقع إال على الديدان والحشرات‪ ،‬ولكن كن كالنحل‬
‫يسعى في البستان بين أزهاره وينقل من رحيقه فيحيله هللا تعالى إلى شراب‬
‫مختلف ألوانه فيه شفاء للناظر‪ .‬وهللا من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء‬
‫السبيل‪.‬‬
‫وكتبه‪ /‬محمد صفوت نور الدين‬

‫(‪ )1‬سورة محمد آية‪.7 :‬‬


‫(‪ )2‬الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (‪ ،)2516‬أحمد (‪.)308/1‬‬

‫‪6‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫المسجد الحرام‬
‫مغرب الثامن والعشرين من رمضان ‪ 1417‬هـ‬

‫‪7‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫تقديم المؤلف‬
‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا‬
‫ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال مضل له ومن يضلل فال هادي له‪،‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫أما بعـد‪:‬‬
‫لقد حرصت الشريعة اإلسالمية الغراء على تكريم اإلنسان ورعاية‬
‫مصالحه خاصة فيما يتعلق بالضروريات الخمس وهي الدين والنفس والمال‬
‫والعرض والعقل‪ ،‬وجعلت االعتداء على شيء منها جريمة في حق المعتدى‬
‫عليه تستوجب العقوبة على المعتدي‪ ،‬ولوال ذلك لكانت الفتنة في األرض‬
‫وال فساد العريض‪ ،‬وإذا نظرنا إلى هذه الضروريات الخمس وجدنا أن‬
‫الحفاظ على العرض يعد من الضروريات التي قد حازت أهمية عظمى‬
‫وأولوية كبرى بعد الدين من بين سائر الضروريات‪ ،‬فنجد اإلنسان يضحي‬
‫بنفسه وبماله بتدبير عقله من أجل عرضه وشرفه وكرامته‪ ،‬وقد أقر اإلسالم‬
‫ذلك فجعل المقتول دون عرضه شهيدا‪.‬‬
‫وقد قال أحد الغيورين على عرضه‪:‬‬
‫أصووووو عرضووووي بمووووالي ال أبوووودد ‪ ‬ال بووارهللا ب بعوود العوورل فووي المووال‬
‫العرض بسياج قوي للحفاظ عليه ووضع‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬كذلك فقد أحاط اإلسالم العظيم‬
‫الضوابط والحدود التي تحول دون انتهاك األعراض‪.‬‬
‫ولما كان فعل الفواحش بل واالقتراب منها هو معول الهدم في العرض‬
‫والشرف؛ فقد حرم اإلسالم الفواحش ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬والطرق‬
‫الموصلة إليها وجعل أقسى العقوبات لمن اقترفها‪.‬‬
‫وفي هذا الكتاب نعرض بإيجاز لهذه الفواحش واألخطار الناجمة عن‬
‫اقترافها‪ ،‬وأسبابها وعقوبتها وعالجها بدءا بأشدها خطرا وفتكا على البشر‪،‬‬

‫‪8‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫فأول ما ذكر فاحشة الزنا ثم اللواط حيث هما أكثر الفواحش التي يوقع‬
‫الشيطان فيها كثيرا ممن تساهلوا وفرطوا ولم يلتزموا بالتعاليم اإلسالمية‪،‬‬
‫ونظرا لما يبثه الغرب من سموم الفاحشة التي تؤثر على شباب المسلمين‪،‬‬
‫فلعل هللا تعالى أن ينفع به‪ ،‬وأسأله سبحانه وتعالى اإلخالص والقبول إنه‬
‫خير مرتجى وأكرم مسؤول‪.‬‬
‫المؤلف‬
‫جمال بن عبد الرحمن بن إسماعيل‬

‫‪9‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫شكر وعرفا‬
‫(‪)( )‬‬
‫يقول رسولنا الكريم ‪ { ‬من لم يشكر الناس لم يشكر هللا }‬

‫ومن هذا المنطلق القويم فإني أتوجه ‪ -‬بعد شكر هللا تعالى ‪ -‬بالشكر والدعاء‬
‫لكل من ساهم بجهد في هذا الكتاب‪ ،‬ومن أسبق من عاونني أثناء تأليفه‪:‬‬
‫‪ - 1‬الرائد سعد بن سليمان العكوز ‪ -‬حفظه هللا ‪ -‬مدير الشئون الدينية‬
‫بشرطة العاصمة المقدسة بمكة الكرمة‪ ،‬وكان له توجيهات رشيدة وآراء‬
‫سديدة ومتابعة دائمة لتطور الكتاب‪ ،‬غفر هللا له ولوالديه ولجميع المسلمين‪.‬‬
‫‪ - 2‬األخ الفاضل الطبيب‪ /‬أحمد عبد الحميد ندا ‪ -‬حفظه هللا ‪ -‬أخصائي‬
‫األمراض التناسلية والمسالك البولية بمستشفى أجياد بمكة المكرمة‪ ،‬وقد أمد‬
‫الكتاب بتقريره الطبي الموفق عن األمراض التي تسببها الفواحش‪.‬‬
‫ثم أوجه الشكر الجزيل واالعتراف بالجميل ألصحاب الفضيلة العلماء‬
‫الذين تكرموا وتفضلوا بمراجعة الكتاب وتنقيحه وتهذيبه وتصحيحه‪ ،‬وهم‬
‫بترتيب تداولهم للكتاب‪:‬‬
‫‪ - 1‬الداعية اإلسالمي فضيلة الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني ‪ -‬حفظه‬
‫هللا ‪.-‬‬
‫‪ - 2‬فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم إمام وخطيب المسجد‬
‫الحرام ‪ -‬حفظه هللا تعالى ‪ ،-‬وقد راجع الكتاب في أحرج أوقاته انشغاال في‬
‫شهر رمضان من عام ‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪ - 3‬فضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين الرئيس العام لجماعة أنصار‬
‫السنة المحمدية بمصر‪ ،‬وكان يؤدي العمرة في رمضان من نفس العام‪،‬‬
‫ورأى الكتاب فتصفحه‪ ،‬وكانت فرصة لمراجعته‪ ،‬ونعم ما أسدى من نصح‪،‬‬

‫(‪ )1‬الترمذي البر والصلة (‪ ،)1955‬أحمد (‪.)32/3‬‬


‫(‪ )2‬حديث حسن صحيح أخرجه الترمذي وغيره‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫ش َكر لهم‬
‫وما أهدى من إرشاد‪ - ،‬حفظه هللا تعالى ‪ -‬غفر هللا لهم جميعا‪ ،‬و َ‬
‫جميعا وحفظهم وأيدهم‪ ،‬وبعونه أمدهم‪ ،‬وجعلهم مباركين أينما كانوا؛ دعاة‬
‫للهدى وأئمة ألهل التقى‪.‬‬
‫‪ - 4‬األستاذ أبو عبد الرحمن أحمد بن محمد آل خليفة بدار طيبة بمكة‬
‫المكرمة لجهده المشكور في نشر هذا الكتاب‪.‬‬
‫والحمد هلل رب العالمين‪..‬‬

‫‪11‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الفصل األول‬
‫جريمة الزنا‬
‫الفساد الناتج عن الزنا‬
‫لقد دعا اإلسالم الحنيف إلى الزواج ورغب فيه؛ ألنه هو أسلم طريقة‬
‫لتصريف الغريزة الجنسية وهو الوسيلة المثلى إلخراج ساللة يقوم على‬
‫تربيتها الزوجان ويتعهدانها بالرعاية‪ ،‬وغرس عواطف الحب والود‬
‫والطيبة‪ ،‬والرحمة والنزاهة‪ ،‬والشرف واإلباء‪ ،‬وعزة النفس‪ ،‬ولكي تستطيع‬
‫هذه الساللة أن تنهض بتبعاتها وتسهم بجهودها في ترقية الحياة وإعالئها‪،‬‬
‫وكما وضع اإلسالم الطريقة المثلى لتصريف الغريزة منع في المقابل‬
‫تصريفها في غير الطريق المشروع‪ ،‬فلذلك حرم هللا تعالى مجرد االقتراب‬
‫‪     ‬‬ ‫من الزنا ألنه فاحشة وسبيل سيئ فقال تعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }  ‬اإلسراء‪.] 32 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫قال العلماء‪ " :‬ذلك أبلغ من أن يقول‪ :‬وال تزنوا فإن معناه ال تدنوا من‬
‫الزنى " (‪.)‬‬
‫* الفساد الناتج عن الزنا‪:‬‬
‫وإن ممارسة هذه الجريمة وشيوعها لَ َيتْ ُركُ آثارا وأضرارا تشيب منها‬
‫الرؤوس وتقشعر منها األبدان‪ ،‬وأول هذه األضرار‪:‬‬
‫‪ - 1‬تدنيس العرض والشرف ونزع شعار الطهر والعفاف والفضيلة‬
‫وتلطيخ فاعله بالعار والشنار‪.‬‬
‫‪ - 2‬يكسو صاحبه ثوب المقت بين الناس‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة اإلسراء آية‪.32 :‬‬


‫(‪ )2‬تفسير القرطبي ج ‪ 10‬وص ‪.253‬‬

‫‪12‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ - 3‬يشتت القلب ويمرضه إن لم يمته‪.‬‬


‫‪ - 4‬يفسد نظام البيت ويهز كيان األسرة ويقطع العالقة الزوجية‪،‬‬
‫ويعرض األوالد لسوء التربية مما يتسبب عنه التشرد واالنحراف‬
‫والجريمة‪.‬‬
‫‪ - 5‬وفي الزنا ضياع األنساب واختالطها وتمليك األموال لغير أصحابها‬
‫عند التوارث‪ ،‬وقد قال النبي ‪ ‬فيمن يخلط النسب حينما أراد رجل أن يطأ‬
‫جارية وكانت حامال فلما رآه رسول هللا ‪ ‬قال‪ { :‬لقد هممت أن ألعنه لعنا‬

‫يدخل معه قبره‪ ،‬كيف يورثه وهو ال يحل له‪ ،‬كيف يستخدمه وهو ال يحل له‬
‫قال ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪ " :-‬يعني إن استلحقه وشركه في‬ ‫(‪)( )‬‬
‫}‬

‫ميراثه ال يحل له ألنه ليس بولده‪ ،‬وإن أخذه مملوكا يستخدمه لم يحل له ألنه‬
‫(‪) ‬‬
‫قال‪ " :‬وفي هذا داللة ظاهرة‬ ‫قد شرك فيه لكون الماء يزيد في الولد "‬
‫على تحريم نكاح الحامل " (‪ ..)‬انتهى‪.‬‬
‫فإذا كان نكاح الحامل محرما سواء كانت حرة فتزوجها‪ ،‬أو من السبايا‬
‫فوطأها؛ فما بالك إذا زاد الطين بال فزنى‪ ،‬والزاني ال يُفَ ِّت ُ‬
‫ش فيمن يزني بها‪،‬‬
‫وهي إما أن تحمل منه فتدخل على قومها من ليس منهم‪ ،‬وإما أن تكون‬
‫حامال فماء الزاني يزيد في ولدها‪ ،‬وإما ال يُ ْعلَم أ َ ِّم ْن زوجها الحمل أم من‬
‫غيره‪ ،‬ومن هنا تختلط األنساب والنُّ َ‬
‫طف‪.‬‬
‫وفي الحديث‪ { :‬أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من‬

‫هللا في شيء ولن يدخلها هللا جنته‪ ،‬وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه‬

‫(‪ )1‬مسلم النكاح (‪ ،)1441‬أبو داود النكاح (‪ ،)2156‬أحمد (‪ ،)446/6‬الدارمي السير (‪.)2478‬‬
‫(‪ )2‬الحديث أخرجه مسلم (‪ )1441‬في النكاح‪ ،‬باب تحريم وطء الحامل المسببة‪.‬‬
‫(‪ )3‬زاد المعاد‪ :‬ج ‪ 5‬وص ‪.155‬‬
‫(‪ )4‬زاد المعاد‪ :‬ج ‪ 5‬وص ‪.155‬‬

‫‪13‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫احتجب هللا منه وفضحه على رؤوس األولين واآلخرين } (‪.)( )‬‬

‫‪ - 6‬الزنا عالقة مؤقتة ال مسؤولية بعدها‪ ،‬لذا فهي عملية حيوانية بحتة‬
‫ينأى عنها اإلنسان الشريف‪.‬‬
‫‪ - 7‬والزنا أحد أسباب جريمة القتل فقد ال يجد الغيور على عرضه‬
‫وسيلة يغسل بها العار الذي لحقه ولحق أهله إال سفك الدم‪.‬‬
‫‪ - 8‬يحطم المجتمعات ويفكك روابطها ويكثر فيها اللقطاء والضائعون‬
‫حيثما يولد الولد وهو ال يدري أباه وال أمه‪.‬‬
‫‪ - 9‬الزنا يجلب الهم والحزن والخوف ويجعل الزانية والزاني بين‬
‫خطرين‪ ،‬فإن المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها وزوجها وأقاربها‬
‫ونكست رؤوسهم‪ ،‬فإن حملت من الزنا وقتلت ولدها جمعت بين جريمتي‬
‫الزنا والقتل‪ ،‬وإن أمسكته أضافت إلى زوجها غير ولده‪.‬‬
‫‪ - 10‬ظهور الزنا من أمارات خراب العالم‪ ،‬فقد ورد في الصحيحين من‬
‫خطبة الرسول ‪ ‬في صالة الكسوف أنه قال‪ { :‬يا أمة محمد‪ ،‬وهللا إنه ال‬

‫أحد أغير من هللا أن يزني عبده أو تزني أمته‪ ،‬يا أمة محمد وهللا لو تعلمون‬
‫ما أعلم لضحكتم قليال ولبكيتم كثيرا‪ ،‬ثم رفع يديه وقال‪ :‬اللهم هل بلغت؟ }‬
‫(‪) ‬‬
‫قال ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ " :-‬وفي ذكر هذه الكبيرة بخصوصها‬
‫عقب صالة الكسوف سر بديع لمن تأمله‪ ،‬وظهور الزنا من أمارات خراب‬
‫العالم " (‪ .)‬إذًا تغير حال الشمس وذهاب ضوئها بالكسوف عالمة من‬
‫عالمات تغير الحال من األحسن إلى األسوأ وقد يكون بسبب المعاصي‬

‫(‪ )1‬النسائي الطالق (‪ ،)3481‬أبو داود الطالق (‪ ،)2263‬الدارمي النكاح (‪.)2238‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬فتح الباري ‪.45 /8‬‬
‫(‪ )3‬البخاري الجمعة (‪ ،)997‬مسلم الكسوف (‪ ،)901‬النسائي الكسوف (‪ ،)1474‬أحمد‬
‫(‪ ،)164/6‬مالك النداء للصالة (‪.)444‬‬
‫(‪ )4‬الجواب الكافي ص ‪.186‬‬

‫‪14‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫والذنوب‪ ،‬لذلك أشار النبي ‪ ‬إلى هذا المعنى في صالة الكسوف‪.‬‬


‫‪ - 11‬الزنا سبب مباشر في األمراض الخطيرة التي تفتك بالبدن وتنتقل‬
‫بالوراثة من اآلباء إلى األبناء وأبناء األبناء‪ ،‬وسيأتي تقرير مفصل في نهاية‬
‫الكتاب عن هذه األمراض‪.‬‬
‫‪ - 12‬الزنا يستجلب غضب هللا ويستمطر عذابه‪ ،‬فقد جرت سنة هللا‬
‫تعالى أنه عند ظهور الفواحش يغضب هللا سبحانه وتعالى ويشتد غضبه‪،‬‬
‫وفي عصرنا فتح كل باب إلى الفاحشة‪ ،‬وسهل الشيطان الطريق بمكره‬
‫ومكر أوليائه‪ ،‬واتبعه العصاة والفجرة ففشا التبرج والسفور وعم انفالت‬
‫البصر والنظر المحرم إال من شاء هللا‪ ،‬وانتشر االختالط وراجت مجالت‬
‫الخنا وأفالم الدعارة والفحش‪ ،‬وكثر السفر إلى بالد الفجور والفسق‬
‫واإللحاد والكفر والعري واإلباحية‪ ،‬وقام سوق تجارة الدعارة‪ ،‬وكثر انتهاك‬
‫األعراض باالغتصاب أو بالتراضي‪ ،‬وازداد عدد أوالد الحرام وحاالت قتل‬
‫األجنة‪ ،‬وهذا كله من دواعي غضب هللا تعالى ومقته وعذابه‪ ،‬فإذا غضب‬
‫سبحانه فإن غضبه ال بد أن يؤثر في األرض عقوبة‪ ،‬قال عبد هللا بن‬
‫مسعود‪ " :‬ما ظهر الزنا في قرية إال أذن هللا بهالكها "‪.‬‬
‫‪ - 13‬كذلك فإن الزنا من الفتنة والبالء الذي هو من أشراط الساعة‪،‬‬
‫وذلك كما جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك ‪ ‬أنه قال‪ :‬ألحدثنكم حديثا‬
‫ال يحدثكموه أحد بعدي سمعته من النبي ‪ { ‬أن من أشراط الساعة أن يُرفع‬

‫العلم ويظهر الجهل ويُشرب الخمر ويظهر الزنا ويقل الرجال وتكثر النساء‬
‫حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد } (‪.)‬‬

‫(‪ )1‬البخاري الحدود (‪ ،)6423‬مسلم العلم (‪ ،)2671‬الترمذي الفتن (‪ ،)2205‬ابن ماجه الفتن‬
‫(‪ ،)4045‬أحمد (‪.)176/3‬‬

‫‪15‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الحيوانات تأبى الزنا وترفضه‪:‬‬


‫(‪)‬‬
‫}‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬‬

‫[ اإلسراء‪.] 32 :‬‬
‫فأخبر تعالى عن فحش الزنا في نفسه وهو القبيح الذي قد تناهى قبحه‬
‫حتى استقر في العقول فحشه‪ ،‬حتى عند كثير من الحيوان‪.‬‬
‫فلو نظر المرء منا إلى حيوان ضعيف أليف وديع مثل الحمام فإنه يجد‬
‫أن أنثى الحمام ال تسمح لغير ذكرها أن يعلوها وكذلك ال يسمح ذكرها لغيره‬
‫أن يمتطيها‪ ،‬بل ال يفكر أصال أي ذكر أن ينزو على غير أليفته؛ بما فطره‬
‫هللا عليه فحافظ على هذه الفطرة بال اختالل‪ ،‬فأين الشهامة يا رجال‪..‬؟ !‬
‫ذكر البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون األودي قال‪ " :‬رأيت‬
‫في الجاهلية قردا زنى بقردة‪ ،‬فاجتمع القرود عليهما فرجموهما حتى ماتا "‪.‬‬
‫فليتعلم أهل اإلباحة من القرود وسائر الحيوانات إن لم يتعلموا من شرع‬
‫هللا‪ ،‬ليتعظ الذين تأثروا بالغرب وانسلخوا من هويتهم اإلسالمية ورأوا في‬
‫حدود هللا وعقوباته ‪ -‬بزعمهم ‪ -‬شيئا من الشدة والقسوة ال تتفق مع روح‬
‫العصر‪ ،‬وتعارض الحرية الشخصية وخاصة حرية المرأة التي أطلقها‬
‫الغرب باسم التحرر والمساواة وتحت شعار الديموقراطية التي قررها لها‬
‫القانون‪.‬‬
‫إلى هؤالء الذين جعلوا الزنا حين يكون بالتراضي فال جناح عليه وال‬
‫غبار إال إذا كان إكراها أو اغتصابا‪ ،‬فالزنا في نظر الغربيين ليس جريمة‬
‫وإن كان عيبا‪ ،‬فإذا زنى الرجل البكر بامرأة بكر فإن فعلهما ليس بفاحشة‬
‫مستلزمة للعقوبة إال إذا كان ذلك باإلكراه فإنه يعاقب لإلكراه بعقوبة خفيفة‪،‬‬

‫(‪ )1‬سورة اإلسراء آية‪.32 :‬‬

‫‪16‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وأما إذا زنى بامرأة متزوجة فللزوج أن يطالبه بتعويض مالي ألنه أفسد‬
‫عليه زوجته‪.‬‬
‫بئست النظرة وبئست العقيدة وبئس من ساروا وراء الغرب يلهثون‬
‫خلفهم ويتبعون سننهم حذو القذة بالقذة‪ ،‬شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو‬
‫دخلوا جحر ضب لدخ لوه خلفهم‪ ،‬وهل بقيت مسحة خير أو حياء أو دين‬
‫فيمن يلهث وراء المفسدين العابثين ويعرض عن شرع العزيز الحكيم؟‬

‫‪17‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫فعل الفواحش سلف ودين‬


‫أرأيت الذي يأتي الفواحش ويطلق العنان لشهواته في بنات الناس‬
‫وأوالدهم ونسائهم يكون في معزل ومأمن من عقوبة هللا تعالى له من جنس‬
‫آخ ُر من يعلم ثم يصير‬
‫عمله؛ فيرتد فعله على أهله وولده؟ وهو بالطبع ِّ‬
‫حديث الناس والمجالس وهو ال يعلم وقد خرب بيته وتنجست أركانه وهو ال‬
‫يعلم‪.‬‬
‫فليحافظ المتهور الذي ال يبالي بالعواقب على عرضه وبيته أن يكون‬
‫نهبة لكل الهث وهو ال يدري‪ ،‬وصدق اإلمام الشافعي ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬حين‬
‫قال‪:‬‬
‫َوتَ َجنَّبفوووووووا َمووووووا ال يَ ِليوووووو ف ب فمس ِ‬
‫وووووولم‬ ‫وور ِم‬
‫سوووا فكم فوووي المحو َ‬ ‫ِعفُّووووا تَعو ُّ‬
‫ووف نِ َ‬
‫َكوووا َ ال َوفَوووا ِمووون أَهووو ِل بَيتِووو َ فَووواع َل ِم‬ ‫وووووون فَووووووو ِ أَ َرضوووووووتَهف‬
‫الزنَوووووووا دَيو َ‬
‫ِإ َّ ِ‬
‫َمووون يَوووز ِ يفوووز َ بوووه َولَوووو بِ ِجووود َِار ِ ‪ ‬إِ كفنووووواَ يَوووووا َهووووواَا لَبِيبوووووا فَووووواف َه ِم‬
‫‪ ‬وهذه قصة حدثت حول هذا المعنى ‪‬وهي قصة الرجل الساقي مع امرأة‬
‫الصائغ‪:‬‬
‫بخارى كان يحمل الماء إلى دار صائغ‬
‫َ‬ ‫سقَّاء بمدينة‬
‫" حكي أن َر ُجال َ‬
‫مدة ثالثين سنة‪ ،‬وكان لذلك الصائغ زوجة صالحة في نهاية الحسن والبهاء‪،‬‬
‫فجاء السقاء يوما على عادته وأخذ بيدها وعرها ‪ -‬أي مسها بشهوة ‪ -‬فلما‬
‫جاء زوجها من السوق قال‪ :‬ما فعلت اليوم خالف رضا هللا تعالى؟ فقال‪ :‬ما‬
‫صنعت شيئا‪ ،‬فأَلَ َّحت عليه‪ ،‬فقال‪ :‬جاءت امرأة إلى دكاني وكان عندي سوار‬
‫فوضعته في ساعدها فأعجبني بياضها فعصرتها‪ ،‬فقالت‪ :‬هللا أكبر هذه حكمة‬
‫خيانة السقَّاء اليوم ‪ ،‬فقال الصائغ‪ :‬أيتها المرأة إني تبت فاجعليني في حل فلما‬
‫كان الغد جاء السقاء وقال‪ :‬يا صاحبة المنزل اجعليني في حل فإن الشيطان‬
‫ض فإن الخطأ لم يكن إال من الشيخ الذي في الدكان‪،‬‬ ‫قد أضلَّني‪ ،‬فقالت‪ْ :‬‬
‫ام ِّ‬

‫‪18‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫فإنه لما غيَّر حاله مع هللا بمس األجنبية غيَّر هللا حاله معه بمس األجنبي‬
‫زوجته " (‪.)‬‬
‫و صة أخرى‪ :‬فلما قيل لبعض الملوك إن الزنى يؤخذ بمثله من ذرية‬
‫الزاني فأراد تجربته بابنة له وكانت في غاية الحسن فأنزلها مع امرأة‬
‫وأمرها أال تمنع أحدا أراد التعرض لها بأي شيء شاء‪ ،‬وأمرها بكشف‬
‫وجهها‪ ،‬فطافت بها في األسواق فما مرت على أحد إال وأطرق حياء وخجال‬
‫منها‪ ،‬فلما طافت بها المدينة كلها ولم يمد أحد نظره إليها رجعت إلى دار‬
‫الملك‪ ،‬فلما أرادت الدخول أمسكها إنسان وقبلها ثم ذهب عنها‪ ،‬فأدخلتها‬
‫المرأة على الملك وذكرت له القصة فسجد شاكرا وقال‪ :‬الحمد هلل تعالى‪ ،‬ما‬
‫وقع مني في عمري قط إال قبلة ألجنبية وقد قوصصت بها اآلن‪ ،‬أي وقع‬
‫القصاص به في ابنته (‪.)‬‬
‫والقصة وإن كانت ليست محال للقدوة ‪ -‬فلو سأل ربه العافية لكان أوسع‬
‫له ‪ -‬لكنها يؤخذ منها عبرة‪ ،‬فهل يُصدِّق اآلن من يزني أن بيته مصاب ال‬
‫محالة؟! ويزداد األمر قب ًحا وفح ً‬
‫شا إذا استمر الزاني في زناه مع كبر سنه‬
‫وشيب شعره واقترابه من القبر‪ ،‬قال رسول هللا ‪ { ‬ثالثة ال يكلمهم هللا‬

‫يوم القيامة وال يزكيهم وال ينظر إليهم ولهم عذاب أليم‪ ،‬شيخ زان‪ ،‬وملك‬
‫فمن يزكيهم وينظر إليهم بعين الرحمة‬ ‫( ‪) ( ) ‬‬
‫كذاب‪ ،‬وعائل مستكبر }‬

‫إذا لم يفعل هللا ذلك؟!‬


‫أيها الزاني‪ :‬هل تعلم لماذا أنت منغمس في الزنا مكثر منه؟‬

‫(‪ )1‬تفسير روح البيان للبروسوي‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه المعاني لأللوسي ج ‪ 15‬ص ‪.68‬‬
‫(‪ )3‬مسلم اإليمان (‪.)107‬‬
‫(‪ )4‬رواه مسلم من حديث أبي هريرة ج ‪ ،1‬ص ‪.102‬‬

‫‪19‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫إنه بسبب موت الغيرة عندك على نسائك فال تبالي بهن‪ ،‬وأنت قد‬
‫استغنيت باألجنبية الحرام عن امرأتك الحالل‪ ،‬فأصبحت ترى امرأتك‬
‫تتزين وال حاجة لك بها‪ ،‬وال تشعر باإلقبال عليها كما تقبل على غيرها‪،‬‬
‫فصارت تتزين هذه المرة ولكن ليس لك‪ ،‬وتخرج من بيتك ليال ونهارا‬
‫وتركب مع أي سائق وتذهب إلى حيث ال تعلم أنت‪ ،‬وتدخل على أي خياط‬
‫وأي طبيب بدعوى العالج‪ ،‬فهي ترى رجاال أجمل منك وأقوى منك وأحلى‬
‫كالما منك‪ ،‬فهذا يحادثها وذاك يسامرها وآخر يغازلها وكثيرا ما تمتد إليها‬
‫األيدي الخائنة‪ ،‬وهي ليست حجرا وإنما هي تشتهي من الرجال غيرك مثلما‬
‫اشتهيته أنت من النساء غيرها‪ ،‬فهل سترد الدَّيْن أيها الزاني؟!‬
‫أيها الزاني ببنات الناس ونسائهم أفتحبه ألمك؟ أفتحبه البنتك؟‬
‫أفتحبه ألختك؟ أفتحبه لعمتك؟ أفتحبه لخالتك؟ طبعا ال !!‬
‫فكذلك الناس ال يحبونه ألمهاتهم وال لبناتهم وال ألخواتهم وال لعماتهم‬
‫وال لخاالتهم‪.‬‬
‫فإذا كنت ال تحبه لقرابتك فَ ِّل َم رضيت أن يُ ْزنَى بقرابتك بزناك قَ َرابة‬
‫الناس؟‬
‫وووووون فَووووووو ِ أَ َرضوووووووتَهف‪َ ‬كوووا َ ال َوفَوووا ِمووون أَهووو ِل بَيتِووو َ فَووواعلَ ِم‬
‫الزنَوووووووا دَيو َ‬
‫إِ َّ ِ‬
‫‪‬‬ ‫‪‬ا ترا الزنا بالشرهللا‪:‬‬
‫قال اإلمام أحمد ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ " :-‬وال أعلم بعد قتل النفس شيئا أعظم‬
‫‪       ‬‬ ‫من الزنا" وقد أكد سبحانه حرمته بقوله‪{ :‬‬
‫‪                 ‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪20‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ [ )( }   ‬الفرقان‪.] 70 - 68 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫فقرن الزنا بالشرك وقتل النفس وجعل جزاء ذلك الخلود في العذاب‬
‫المضاعف ما لم يرفع العبد موجب ذلك بالتوبة واإليمان والعمل الصالح‬
‫( ‪. )‬‬
‫ا ترا الزاني بالمشركة وبالزانية‪:‬‬
‫‪        ‬‬ ‫معلوم أن هللا تعالى قال‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }           ‬النور‪.] 3 :‬‬


‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫والمعنى أن الزاني ال ينبغي له أن يتزوج إال زانية مشركة وال يقترن‬


‫‪ [ )( }  ‬النور‪،] 26 :‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫بالعفيفة الشريفة الطيبة { ‪  ‬‬
‫‪   ‬‬

‫فيقع الزاني على من هي مثله وتقع الزانية على من هو مثلها زان أو مشرك‪،‬‬
‫فاقتران الزاني بالمشركة والزانية بالمشرك إشارة إلى عظيم خطر الزنا وكبير‬
‫ضرره‪.‬‬
‫} (‪[ ...)‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫قال العالمة األلوسي في قوله تعالى‪{ :‬‬

‫النور‪:] 3 :‬‬
‫" وفي هذا كله تقبيح أشد تقبيح ألمر الزاني ببيان أنه مقابل رصا بالزنا‬
‫ال يليق أن ينكح العفيفة المؤمنة‪ ،‬والزانية بعد أن رضيت بالزنا ال يليق أن‬

‫(‪ )1‬سورة الفرقان آية‪.70 - 68 :‬‬


‫(‪ ) 2‬ويتضح اقتران الزنى والقتل بالشرك أيضا في حديث ابن مسعود قال‪ :‬سألت رسول هللا أي‬
‫الذنب أعظم فقال‪ " :‬أن تجعل هللا ندا وهو خلقك "‪ .‬قلت‪ :‬ثم أي؟ قال‪ " :‬أن تقتل ولدك خشية‬
‫أن يأكل معك "‪ ،‬قلت‪ :‬ثم أي؟ قال‪ " :‬أن تزاني حليلة جارك أخرجه البخاري ومسلم وأبو‬
‫داود والترمذي والنسائي‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة النور آية‪.3 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة النور آية‪.26 :‬‬
‫(‪ )5‬سورة النور آية‪.3 :‬‬

‫‪21‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫ينكحها إال من هو مثلها وهو الزاني أو من أشد حاال منها وهو المشرك‪،‬‬
‫سدُ غيرته يأبى ورود جفرتها " (‪ ..)‬اهـ‪.‬‬
‫فأما المسلم العفيف فَأ َ‬
‫ووووووِب َولَ و َ‬
‫وووووون فِيووووووو ِه‬ ‫ف‬ ‫‪ ‬إِذَا َكوووووووا َ ال ِكو‬ ‫َوتَجتَنِوووووووو ف األ ف ف‬
‫سووووووووو فد فو فرو َد مووووووووا‬
‫حد الزنا وشدة نكاله من بين سائر الحدود ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫وقد خص هللا سبحانه حد الزنى من بين الحدود بثالث خصائص‪:‬‬
‫األولى‪ :‬القتل فيه بأشنع القتالت في حالة الزاني المحصن‪ ،‬وعندما يكون‬
‫جلدا ‪ -‬أي للزاني غير المحصن ‪ -‬فقد جمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد‬
‫وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة‪.‬‬
‫جاء في الصحيحين‪ { :‬أن أعرابيا أتى النبي ‪ ‬فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬إن‬

‫ابني كان عسيفا (أجيرا) على هذا فزنى بامرأته وإني أُخبرت أن على ابني‬
‫الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة (جارية)‪ ،‬فسألت أهل العلم فأخبروني أن‬
‫على ابني (جلد مائة وتغريب عام) وأن على امرأة هذا الرجل الرجم‪ ،‬فقال‬
‫النبي ‪ " ‬والذي نفسي بيده ألقضين بينكما بكتاب هللا‪ ،‬الوليدة والغنم ردٌّ عليك‪،‬‬
‫وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام‪َ ،‬وا ْغد ُ يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت‬
‫فارجمها "‪ ،‬فغدا عليها فاعترفت فأمر بها النبي ‪ ‬فرجمت } (‪.)‬‬

‫الثانية‪ :‬نهى هللا تعالى عباده المؤمنين أن تأخذهم بالزناة رأفة في دين‬
‫‪         ‬‬ ‫هللا عند إقامة الحد‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }                     ‬النور‪.] 2 :‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬

‫(‪ )1‬روح المعاني لأللوسي‪ :‬ج ‪ ،18‬ص ‪.84‬‬


‫(‪ )2‬البخاري الشروط (‪ ،)2575‬مسلم الحدود (‪ ،)1698‬الترمذي الحدود (‪ ،)1433‬النسائي آداب‬
‫القضاة ( ‪ ،)5411‬أبو داود الحدود (‪ ،)4445‬ابن ماجه الحدود (‪ ،)2549‬أحمد (‪،)115/4‬‬
‫مالك الحدود (‪ ،)1556‬الدارمي الحدود (‪.)2317‬‬
‫(‪ )3‬سورة النور آية‪.2 :‬‬

‫‪22‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الثالثة‪ :‬أنه سبحانه أوجب عليهما الفضيحة رغم أنه تعالى " ِّستِّير "‬
‫يحب الستر وعفو يحب العفو‪ ،‬لكن لقبح الزنا وبشاعته أوجب ذلك رد ًعا‬
‫للغير‪ ،‬فأمر أن يكون الحد بمشهد من المؤمنين‪ ،‬وال يكون في خلوة بحيث ال‬
‫‪ ‬‬ ‫يراهما أحد‪ ،‬وذلك أبلغ في مصلحة الحد وحكمة الزجر‪{ ،‬‬

‫‪ [ )( }               ‬النور‪.] 2 :‬‬

‫وحدُّ الثيب مشتق من عقوبة هللا تعالى لقوم لوط باإلمطار بالحجارة‬
‫وذلك الشتراك الزنا واللواط في الفحش‪ ،‬ونعوذ باهلل من ذلك‪.‬‬
‫شدة معاناة المرجوم دليل على عظم ما ا ترفا يدا ‪:‬‬
‫انظر هداني هللا وإياك إلى حالة من يوضع على سمع الناس وبصرهم‬
‫يشاهد ه المقيم والزائر والبر والفاجر‪ ،‬بل ويساهم كل الحضور في التنكيل‬
‫به‪ ،‬فيحمل كل واحد ما جمع من أحجار ويرمي به ذلك المرجوم في المكان‬
‫الذي يختاره‪ ،‬ومن رأسه وعينيه التي أبصرت ما حرم هللا ورسوله‪ ،‬وأنفه‬
‫الذي شم عطر الزانية وريحها‪ ،‬وشفتيه التي قبلت شريكته في الفاحشة‪،‬‬
‫وبدنه التي احتضنها وتلذذ بضمها إليه‪ ،‬ويديه التي لمست وتحسست‬
‫وتلذذت‪ ،‬إن كل هذا البدن وكل هذه الجوارح التي سعدت وتلذذت‪ ،‬ها هي‬
‫اآلن ترجم وتلقى العذاب األليم‪ ،‬وتستقبل مكان كل قبلة حجرا بال هوادة وال‬
‫رأفة‪ ،‬وال شفقة أو رحمة‪.‬‬
‫وها هو الوجه الذي لم يستح من هللا وقد بدا اآلن شاحب اللون قد استحى‬
‫أن يواجه الناس خزيا إنه ‪ -‬وهللا ‪ -‬لمشهد رهيب تشخص إليه العيون‪،‬‬
‫‪   ‬‬ ‫وتخفق منه األفئدة‪ ،‬إنه الوبال والنكال والعار والشنار {‬

‫(‪ )1‬سورة النور آية‪.2 :‬‬

‫‪23‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ [ )( } ‬النور‪.] 2 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬

‫حدث نفسك وقل لها‪ :‬يا نفس أما‬


‫وأنت يا من ستر هللا عليك جريمتك ِّ‬
‫تستحين‪ ،‬أما تخجلين‪ ،‬وماذا ستقولين لرب العالمين؟ معيشتك يا نفس على‬
‫األرض حرام‪ ،‬طعامك وشرابك وأنفاسك عليك حرام‪ ،‬يا نفس أنت اآلن في‬
‫حكم المقتول الذي حكم عليه باإلعدام لكنه أفلت‪ ،‬فإن كنت قد أَ ْفلَ ِّ‬
‫ت يا نفس‬
‫من اإلعدام والفضيحة فماذا ستفعلين أمام من ال تخفى عليه خافية‪ ،‬إن أجل‬
‫عذابك وفضيحتك إلى يوم تبدو فيه الفضائح والقبائح والمخازي بين األنام؟‬
‫!‬
‫أعظم الزنا وأشد ‪:‬‬
‫قال ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ :-‬وأعظم أنواع الزنا أن يزني بحليلة‬
‫جاره‪ ،‬فإن مفسدة الزنا تتضاعف بتضاعف ما ينتهكه من الحرمة‪ ،‬فالزنا‬
‫بالمرأة التي لها زوج أعظم إثما وعقوبة من التي ال زوج لها إذ فيه انتهاك‬
‫حرمة الزوج وإفساد فراشه‪ ،‬وتعليق نسب غيره عليه‪ ،‬وغير ذلك من أنواع‬
‫أذاه‪ ،‬فهو أعظم إث ًما وجر ًما من الزنا بغير ذات البعل‪ .‬فإن كان زوجها جارا‬
‫له‪ ،‬انضاف إلى ذلك سوء الجوار (‪.)‬‬
‫وقد مر بك أن النبي ‪ ‬لما سئل‪ :‬أي الذنب أعظم فذكر الشرك ثم القتل ثم‬
‫الزنا بحليلة الجار‪ ،‬وقد ثبت عنه ‪ ‬أنه قال‪ { :‬ال يدخل الجنة من ال يأمن‬

‫جاره بوائقه } (‪.)( )‬‬

‫وال بائقة أعظم من الزنا بامرأته فإن كان الجار أ ًخا أو قريبًا من أقاربه‬

‫(‪ )1‬سورة النور آية‪.2 :‬‬


‫(‪ )2‬أورد ذلك صاحب موارد الضمان‪ :‬ج ‪ 5‬وص ‪.108‬‬
‫(‪ )3‬مسلم اإليمان (‪ ،)46‬أحمد (‪.)373/2‬‬
‫(‪ ) 4‬أخرجه البخاري بلفظ‪ " :‬وهللا ال يؤمن‪ ،‬وهللا ال يؤمن‪ ،‬وهللا ال يؤمن قالوا من يا رسول هللا؟‬
‫قال‪ :‬الذي ال يأمن جاره بوائقه "‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫انضم إلى ذلك قطيعة الرحم فيتضاعف اإلثم‪ ،‬فإن كان الجار غائبا في‬
‫طاعة هللا كالصالة وطلب العلم والجهاد تضاعف اإلثم‪.‬‬
‫حتى إن الزاني بامرأة الغازي في سبيل هللا يوقف له يوم القيامة ويقال‬
‫خذ من حسناته ما شئت‪ ،‬قال النبي ‪ { ‬ما ظنكم؟ } (‪ )‬أن يترك له من‬

‫حسنات قد ُح ِّك َم في أن يأخذ منها ما شاء على شدة الحاجة إلى حسنة واحدة‬
‫حيث ال يترك األب البنه وال الصديق لصديقه حقا يجب عليه‪.‬‬
‫فإذا اتفق أن تكون المرأة حليلة جاره َر ِّح ًما منه انضم إلى ذلك قطيعة‬
‫رحمها‪ ،‬فإن اتفق أن يكون الزاني محصنا‪ ،‬كان اإلثم أعظم‪ ،‬فإن كان شيخا‬
‫كان أعظم إثما وهو أحد الثالثة الذين ال يكلمهم هللا يوم القيامة وال يزكيهم‬
‫ولهم عذاب أليم فإن اقترن وقوعه في شهر حرام‪ ،‬أو بلد حرام أو وقت‬
‫معظم عند هللا كأوقات الصلوات وأوقات اإلجابة تضاعف اإلثم والعقوبة‪،‬‬
‫وهللا المستعان (‪.)‬‬
‫جا في تفسير روح البيا للبروسوي االستنابولي‪:‬‬
‫" وأشد الزنى الرجل يطلق امرأته وهو يقيم معها بالحرام وال يقر عند‬
‫الناس مخافة الفضيحة فكيف ال يخاف فضيحة اآلخرة يوم تبلى السرائر‬
‫يعني تظهر األسرار‪ ،‬فاحذر فضيحة ذلك اليوم واجتنب الزنا وال تصر عليه‬
‫فإنه ال طاقة لك على عذاب هللا‪ .‬وتب إلى هللا فإن هللا يقبل التوبة عن عباده‬
‫‪ [ )( )( }   ‬النساء‪.] 16 :‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫{ ‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫(‪ )1‬مسلم اإلمارة (‪ ،)1897‬النسائي الجهاد (‪ ،)3191‬أبو داود الجهاد (‪ ،)2496‬أحمد (‪.)355/5‬‬
‫(‪ )2‬موارد الظمآن‪ :‬ج ‪ ،5‬ص ‪ .109‬والحديث أخرجه مسلم عن بريدة قال‪ :‬قال رسول هللا "‬
‫حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم‪ ،‬ما من رجل من القاعدين يخلف رجال‬
‫من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إال وقف له يوم القيامة فيأخذ من حسناته ما شاء حتى‬
‫يرضى "‪ ،‬ثم التفت إلينا رسول هللا فقال‪ " :‬ما ظنكم "؟‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة النساء آية‪.16 :‬‬
‫(‪ )4‬تفسير روح البيان للبروسوي‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫زنا المحارم وعقوبته‪:‬‬


‫عن ابن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ { ‬من وقع‬

‫على ذات محرم فاقتلوه } (‪.)( )‬‬

‫ورفع إلى الحجاج رجل اغتصب أخته على نفسها فقال‪ :‬احبسوه وسلوا‬
‫من هاهنا من أصحاب رسول هللا ‪ ‬فسألوا عبد هللا بن مطرف فقال‪:‬‬
‫سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪ { :‬من تخطى حرم المؤمنين فخطوا وسطه‬

‫بالسيف } (‪ )‬وفيه دليل على القتل بالتوسيط وهذا دليل مستقل في المسألة‬

‫وأن من ال يباح وطؤه بحال فحد وطئه القتل‪ ،‬دليله من وقع على أمه أو‬
‫ابنته‪ ،‬كذلك يقال في وطء ذوات المحارم ووطء من ال يباح له وطؤه بحال‪،‬‬
‫فكان حده القتل كاللوطي‪.‬‬
‫وقد اتفق المسلمون على أن من زنى بذات محرمه فعليه الحد‪ ،‬وإنما‬
‫اختلفوا في صفة الحد هل هو القتل بكل حال أو حده حد الزاني (‪.)‬‬
‫ومعلوم أن المحارم كل من يحرم على الرجل الزواج منها حرمة أبدية‬
‫ال يحللها شيء‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن ماجه الحدود (‪.)2564‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه ابن ماجه (‪ )2564‬في الحدود وفي سنده إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة‬
‫األنصاري وهو ضعيف‪ ،‬لكن يشهد له حديث ابن أبي خيثمة في تاريخه من حديث معاوية بن‬
‫قرة عن أبيه عن جده أن رسول هللا بعثه إلى رجل أعرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس‬
‫ماله " قال يحيى بن معين هذا حديث صحيح‪.‬‬
‫(‪ )3‬أورده الهيثمي في " المجمع " ‪ ، 269 /6‬وقال‪ :‬رواه الطبراني‪ ،‬وفيه رفدة بن قضاعة‪ ،‬وثقه‬
‫هشام بن عمار‪ ،‬وضعفه الجمهور‪.‬‬
‫(‪ )4‬الجواب الكافي‪ :‬ص ‪.200 - 199‬‬

‫‪26‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫هل من توبة‬
‫أوال صة ماعز األسلمي‬
‫سبحان من يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب‬
‫مسيء النهار‪.‬‬
‫قال العبد المذنب الذليل‪:‬‬
‫يوووووووووووا رب هووووووووووول مووووووووووون توبوووووووووووة‪ ‬تمحوووووووووووو الخطايوووووووووووا والوووووووووووانوب‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬قال هللا التواب الجليل‪:‬‬
‫‪ [ )( }  ‬طه‪.] 82 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{ ‪     ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪          ‬‬ ‫وقال‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }   ‬الفرقان‪.] 70 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫ولكي يكون األمر جليا نذكر قصتين عن توبة من ابتلي بالوقوع في هذه‬
‫الفاحشة على عهد النبي ‪ ‬لنرى كيف كانت التوبة فيهما‪ ،‬وهل قبلت أم‬
‫ال؟‪.‬‬
‫أوال‪ :‬صة ماعز األسلمي‪:‬‬
‫وهي عند أبي داود من طريق نعيم بن هزال قال‪ { :‬كان ماعز بن مالك‬

‫يتيما في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي‪ :‬أئت رسول هللا ‪‬‬
‫فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك ورجاء أن يكون لك مخرج‪ ،‬فأتاه فقال‪:‬‬
‫وفي لفظ البخاري من‬ ‫(‪) ‬‬
‫يا رسول هللا إني زنيت‪ ،‬فأقم علي كتاب هللا }‬

‫حديث أبي هريرة { فناداه يا رسول هللا إني زنيت‪ ،‬يريد نفسه‪ ،‬فأعرض‬

‫(‪ )1‬سورة طه آية‪.82 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة الفرقان آية‪.70 :‬‬
‫(‪ )3‬أبو داود الحدود (‪ ،)4419‬أحمد (‪.)217 /5‬‬

‫‪27‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫عنه النبي ‪ ‬فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله‪ ،‬فقال يا رسول هللا إني‬
‫زنيت‪ ،‬فأعرض عنه فجاء لشق وجه النبي ‪ ‬الذي أعرض عنه‪ ،‬فلما شهد‬
‫على نفسه أربع شهادات دعاه النبي ‪ ‬فقال‪ " :‬أبك جنون؟ " قال‪ :‬ال يا‬
‫رسول هللا‪ ،‬فقال‪ " :‬أحصنت؟ " قال‪ :‬نعم يا رسول هللا‪ ،‬قال‪ " :‬اذهبوا‬
‫وفي حديث ابن عباس عند البخاري أيضا‪ ،‬أن رسول هللا‬ ‫(‪)‬‬
‫فارجموه" }‬

‫وفي رواية أبي‬ ‫( ‪)‬‬


‫‪ ‬قال له‪ { :‬لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت }‬

‫هريرة المذكورة أن النبي ‪ ‬سأله باللفظ الصريح الذي معناه الجماع (‪...‬؟)‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ { :‬حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ " قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪" :‬‬

‫كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟ " قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ " :‬أتدري‬
‫ما الزنا؟ " قال‪ :‬نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حالال‪ ،‬قال‪:‬‬
‫" فماذا تريد بهذا القول؟ " قال‪ :‬تطهرني‪ ،‬فأمر به فرجم } (‪ )‬وعند أبي‬

‫داود من حديث جابر بن عبد هللا قال‪ :‬كنت فيمن رجم الرجل‪ ،‬إنا لما خرجنا‬
‫به فرجمناه فوجد مس الحجارة صرخ بنا‪ :‬يا قوم ردوني إلى رسول هللا فإن‬
‫قومي قتلوني وغروني من نفسي وأخبروني أن رسول هللا غير قاتلي‪ ،‬فلم‬
‫ننزع عنه حتى قتلناه‪ ،‬فلما رجعنا إلى رسول هللا ‪ ‬وأخبرناه قال ‪{ ‬‬

‫ليستثبت رسول هللا ‪ ‬فأما لترك حد‬ ‫(‪) ‬‬


‫فهال تركتموه وجئتموني به }‬

‫فال‪.‬‬
‫وفي رواية له أيضا عن أبي هريرة قال‪ { :‬فأمر به رسول هللا ‪ ‬فرجم‪،‬‬

‫(‪ )1‬البخاري الحدود (‪ ،)6439‬مسلم الحدود (‪ ،)1691‬أبو داود الحدود (‪ ،)4428‬أحمد‬


‫(‪.)450/2‬‬
‫(‪ )2‬البخاري الحدود (‪ ،)6438‬أحمد (‪.)270/1‬‬
‫(‪ )3‬أبو داود الحدود (‪.)4428‬‬
‫(‪ )4‬أبو داود الحدود (‪ ،)4420‬أحمد (‪.)381/3‬‬

‫‪28‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫فسمع النبي ‪ ‬رجلين من أصحابه يقوله أحدهما لصاحبه‪ :‬انظر إلى هذا الذي‬
‫ستر هللا عليه‪ ،‬فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب‪ ،‬فسكت عنهما ‪ ‬ثم سار‬
‫ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله‪ ،‬فقال‪ " :‬أين فالن وفالن " فقاال‪ :‬نحن‬
‫ذان يا رسول هللا‪ ،‬فقال‪ " :‬انزال فكال من جيفة هذا الحمار " فقاال‪ :‬يا نبي هللا من‬
‫يأكل هذا‪ ،‬قال‪ " :‬فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من أكل منه‪ ،‬والذي نفسي‬
‫بيده إنه اآلن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها } (‪.)‬‬

‫هللا أكبر ! ما أجمل التوبة الصادقة النصوح ولو كان ثمنها قتل النفس‪،‬‬
‫وإنها للحظات ثم ينغمس في أنهار الجنة‪ ،‬وصحيح أن الرجم عذاب ولكنه‬
‫يطهر كما قال ماعز للنبي ‪ .." ‬فطهرني " فالتطهير في الدنيا يقي عذاب‬
‫‪ [ )( }                  ‬القلم‪.] 33 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫اآلخرة { ‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫جاء في حديث عبادة بن الصامت عن النبي ‪ { ‬ومن أصاب من ذلك‬

‫شيئا ‪ -‬أي من السرقة والزنى والقتل وغيره ‪ -‬فعوقب به ‪ -‬أي في الدنيا ‪-‬‬
‫فهو كفارة له‪ ،‬ومن أصاب من ذلك شيئا فستره هللا عليه فهو إلى هللا إن شاء‬
‫فهل يدري من مات ولم يحد إلى أي‬ ‫( ‪) ( ) ‬‬
‫غفر له وإن شاء عذبه }‬

‫مشيئة سيصير؟‬
‫ثانيا صة ال امدية‬
‫وروى مسلم في صحيحه عن بريدة { أن امرأة تسمى الغامدية جاءت‬

‫إلى رسول هللا ‪ ‬فقالت يا رسول هللا إني زنيت فطهرني فردها رسول هللا‬
‫‪ ‬فلما كان الغد قالت‪ :‬يا رسول هللا لم تردني؟ لعلك تردني كما رددت‬

‫(‪ )1‬أبو داود الحدود (‪.)4428‬‬


‫(‪ )2‬سورة القلم آية‪.33 :‬‬
‫(‪ )3‬البخاري الحدود (‪ ،)6402‬مسلم الحدود (‪ ،)1709‬الترمذي الحدود (‪.)1439‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري ومسلم وأحمد‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫) فاذهبي حتى تلدي " فلما ولدت‬( ‫ " إما ال‬:‫ فقال‬،‫ماعزا؟ فوهللا إني لحبلى‬
‫ " اذهبي فأرضعيه حتى‬:‫ قال‬،‫ هذا قد ولدته‬:‫أتته بالصبي في خرقة قالت‬
‫ هذا يا نبي هللا‬:‫تفطميه " فلما فطمته أتت بالصبي في يده كسرة خبز فقالت‬
‫ فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها‬،‫قد فطمته وقد أكل الطعام‬
‫فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها فيقبل خالد بن الوليد بحجر‬
‫ سبه إياها‬ ‫ فسمع نبي هللا‬،‫فرمى رأسها فنضخ الدم على وجه خالد فسبها‬
‫ " مهال يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس‬:‫فقال‬
.)( } ‫) لغفر له ثم أمر بها فصلي عليها ودفنت‬(

‫ أما آن لك أن تتوب فيتوب عليك غفار‬:‫أيها المسرف على نفسك‬


‫الذنوب؟‬
                {
                

              

              

              

             

[ ) ( }  
  
 
   
    
  
  
      
 
     
    
 
  
   

.] 59 - 53 :‫الزمر‬

،‫ معناه إذا أبيت أن تستري على نفسك وتتوبي وترجعي عن قولك فاذهبي حتى تلدي‬:‫ ) إما ال‬1(
.‫فترجمين بعد ذلك‬
،‫ الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار‬:‫ المكس‬:‫ قال ابن األثير‬:‫ ) صاحب مكس‬2(
.‫ النهاية في غريب الحديث‬،‫ انتقاص الثمن واستحطاطه‬:‫والمماكسة في البيع‬
.‫) رواه مسلم وأصحاب السنن‬3(
.59 - 53 :‫) سورة الزمر آية‬4(

30
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الفصل الثاني‬
‫جريمة اللواط‬
‫فظاعة اللواط وعظيم فحشه و بحه‬
‫جريمة اللواط من أشنع الجرائم وأقبحها وهي تدل على انحراف في‬
‫الفطرة وفساد في العقل وشذوذ في النفس‪.‬‬
‫ومعنى اللواط‪ :‬أن ينكح الرجل الرجل‪ ،‬ويأتي الذكر الذكر‪ ،‬كما قال‬
‫‪         ‬‬ ‫تعالى عن قوم لوط‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }  ‬الشعراء‪.] 166 - 165 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬

‫وسميت باللواط نسبة إلى قوم (لوط) ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬الذين ظهرت فيهم‬
‫هذه الفعلة الشنيعة التي ال يفعلها إال من انطمست بصيرته واسودت سريرته‬
‫وانقلبت فطرته التي فطر هللا الناس عليها‪ ،‬وصار مثله كمثل من آتاه هللا‬
‫ورزقه لحما طيبا نضيجا شهيا فصار يعرض عنه ويبحث عن اللحم النيئ‬
‫المنتن العفن ويأكل منه‪ ،‬ورضي لنفسه أن يغوص في أوحال القذر والوسخ‬
‫والخراءة وبئست النجاسة‪ ،‬حقا إنها الفطرة المنكوسة والطبيعة المعكوسة‬
‫صل من‬
‫والنفس الشريرة الخبيثة‪ ،‬ثم إن المفعول به هذه الفعلة الحقيرة قد ح َّ‬
‫المفاسد ما يفوق الحصر والتعداد‪ ،‬قال ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪( :-‬وألن يُقتل‬
‫المفعول به خير له من أن يؤتى (يالط به) فإنه يفسد فسادا ال يُرجى بعده‬
‫صالح أبدًا‪ ،‬ويذهب خيره كله‪ ،‬وتمص األرض ماء الحياء من وجهه‪ ،‬فال‬
‫يستحيي بعد ذلك من هللا وال من خلقه وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل‬
‫ما يعمل السم في البدن) (‪ ..)‬اهـ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة الشعراء آية‪.166 - 165 :‬‬


‫(‪ )2‬الجواب الكافي‪ :‬ص ‪.188‬‬

‫‪31‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وقد قال العلماء أنه ‪ -‬أي المفعول به فعل قوم لوط ‪ -‬شر من ولد الزنا‬
‫وأخبث وأقبح‪ ،‬وهو جدير أال يوفق لخير‪ ،‬وأن يحال بينه وبينه‪ ،‬وكلما عمل‬
‫خيرا قيض هللا له ما يفسده عقوبة له‪ ،‬وال يوفق إلى علم نافع وال عمل‬
‫صالح وال توبة نصوح إال أن يشاء هللا شيئا‪.‬‬
‫فظاعة اللواط وعظيم فحشه و بحه‪:‬‬
‫هذه الجريمة النكراء غاية في القبح والشناعة‪ ،‬تعافها حتى الحيوانات‪،‬‬
‫فال نكاد نجد حيوانا من الذكور ينزو على ذكر؛ وإنما يظهر هذا الشذوذ بين‬
‫البشر الذين تفسد منهم العقول حيث يستخدمونها في استجالب الشر وتوسيع‬
‫دائرته ورقعته‪.‬‬
‫ومما يظهر فظاعة اللواط وعظيم فحشه أن هللا تعالى سمى الزنا‬
‫(فاحشة)‪ ،‬وس مى اللواط (الفاحشة)‪ ،‬والفرق بين التسميتين عظيم‪ ،‬فكلمة‬
‫فاحشة بدون األلف والالم نكرة‪ ،‬ويعني ذلك أن الزنا فاحشة من الفواحش‪،‬‬
‫لكن عند دخول األلف والالم عليها فتصير معرفة ويكون حينئذ لفظ‬
‫(الفاحشة) جامعا لمعاني اسم الفاحشة‪ ،‬ومعبرا عنها بكل ما فيها من معنى‬
‫‪        ‬‬ ‫قبيح لذلك فإن قوله تعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( } ‬األعراف‪.] 80 :‬‬

‫يعني تأتون الخصلة التي استقر فحشها وخبثها عند كل أحد من الناس‪.‬‬
‫‪       ‬‬ ‫لكنه ‪ -‬جل وعال ‪ -‬قال عن الزنا‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }  ‬اإلسراء‪.] 132 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫فاستحق وصف الزنا أنه فاحشة من الفواحش واستحق وصف اللواط أنه‬

‫(‪ )1‬سورة األعراف آية‪.80 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة اإلسراء آية‪.32 :‬‬

‫‪32‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الفاحشة (المعروفة المعرفة)‪ ،‬ويمكن القول أيضا أن الزنا طرفاه الرجل‬


‫والمرأة‪ ،‬حيث يوجد الميل الفطري الغريزي بينهما‪ ،‬وجاء اإلسالم ليهذب‬
‫هذا الميل ويحدد له حدوده الشرعية ومصارفه الحقيقية‪ ،‬فأحل اإلسالم‬
‫‪     ‬‬ ‫النكاح وحرم الزنا والسفاح‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪ [ )( }        ‬المؤمنون‪.] 7 - 5 :‬‬

‫فأي عالقة بين الرجل والمرأة خارج هذا اإلطار الشرعي هي الزنا‪،‬‬
‫إذن فالعالقة بين الرجل والمرأة هي نداء الفطرة بينهما ومصرفة إما في‬
‫حالل وإما في حرام‪.‬‬
‫لكن أن تكون بين الرجل والرجل‪ ،‬بين الذكر والذكر فهذا غير وارد‬
‫على الفطرة ولم يحل اإلسالم منه شيئا‪ ،‬ألنه ليس في الفطرة وال الغريزة‬
‫ميل الرجل إل ى الرجل‪ ،‬فحين يحدث شيء من هذا فهو التجاوز لحدود‬
‫‪‬‬ ‫الفطرة وحدود الطبيعة البشرية ومن ثم التجاوز لحدود الواحد األحد {‬

‫‪ [ )( }        ‬األعراف‪.] 80 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬

‫ومما يهول أمر تلك الفاحشة‪ :‬ما أخرجه ابن أبي الدنيا وغيره عن‬
‫مجاهد ‪ -‬رحمه هللا ‪( :-‬أن الذي يعمل ذلك العمل لو اغتسل بكل قطرة من‬
‫السماء وكل قطرة من األرض لم يزل نجسا)‪ ،‬وعن الفضيل بن عياض قال‪:‬‬
‫(لو أن لوطيا اغتسل بكل قطرة من السماء لقي هللا غير طاهر) إسناده‬
‫حسن‪ ،‬أي أن الماء ال يزيل عنه ذلك اإلثم العظيم الذي أبعده عن ربه‪،‬‬

‫(‪ )1‬سورة المؤمنون آية‪.7 - 5 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة األعراف آية‪.80 :‬‬

‫‪33‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫والمقصود تهويل أمر تلك الفاحشة (‪.)‬‬


‫أوصاف أهل اللواط‪:‬‬
‫‪ - 1‬فطرتهم مقلوبة ومعكوسة عن الفطرة التي فطر هللا عليها الرجال‪،‬‬
‫وكذلك فإن طبيعتهم مغايرة للطبيعة البشرية التي ركبها هللا تعالى في‬
‫الذكور وهي اشتهاء النساء وليس الرجال‪.‬‬
‫‪ - 2‬لذتهم وسعادتهم في قضاء شهوتهم بين النجاسات واألوساخ‬
‫والخراءة‪ ،‬وإلقاء ماء الحياة هنالك‪.‬‬
‫‪ - 3‬هم دون الحيوانات حياء وطبيعة ونخوة؛ غريزية كانت أو مكتسبة‪.‬‬
‫‪ - 4‬يظهر عليهم دائما الفكر والشرود والرغبة في الفاحشة كل لحظة‬
‫ألن الرجال أمامهم في كل وقت كلما حلوا أو ارتحلوا أو خرجوا ودخلوا ال‬
‫تغيب عنهم صور الرجال‪ ،‬فإذا رأى الواحد منهم طفال أو شابا أو رجال‬
‫أراده فاعال أو مفعوال به‪.‬‬
‫‪ - 5‬وتجد أحدهم قليل الحياء قد مصت األرض ماء الحياء من وجهه فال‬
‫يستحي من هللا تعالى وال من خلقه ومثل هذا ال فائدة فيه وال خير منه‪.‬‬
‫‪ - 6‬ليس فيه قوة الرجال وال بأسهم وال صرامتهم فهو ضعيف دائما أمام‬
‫كل ذكر ألنه محتاج إليه‪ ..‬وغير ذلك مما قبح هللا به تلك الوجوه التي شاهت‬
‫وبالمقت باءت‪.‬‬
‫‪   ‬‬ ‫‪ - 7‬وقد وصفهم هللا تعالى بأنهم فساق وأهل سوء {‬

‫‪ [ )( }     ‬األنبياء‪.] 74 :‬‬

‫‪ [ )( }  ‬األعراف‪81 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬ ‫‪ - 8‬وأنهم مسرفون { ‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫(‪ )1‬روح المعاني لأللوسي‪ :‬ج ‪ 8‬وص ‪.172‬‬


‫(‪ )2‬سورة األنبياء آية‪.74 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة األعراف آية‪.81 :‬‬

‫‪34‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫]‪ ،‬أي جاوزوا حد هللا تعالى‪.‬‬


‫‪    ‬‬ ‫‪ - 9‬وسماهم مفسدين في قول نبيهم {‬

‫‪ [ )( }  ‬العنكبوت‪.] 30 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪       ‬‬ ‫‪ - 10‬وسماهم سبحانه ظالمين {‬

‫‪ [ )( }  ‬العنكبوت ‪.] 31‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪‬‬

‫فتأمل إلى من وصفهم هللا بهذه المواصفات وذمهم بتلك المذمات‪ ..‬وهم‬
‫أهل لها‪ ،‬فإنهم يرتكبون جريمة غريبة على الطباع والعقل واألذهان‬
‫والغرائز حتى قال عبد الملك بن مروان‪( :‬لوال أن هللا تعالى ذكر آل لوط في‬
‫القرآن ما ظننت أن أحدا يفعل هذا)‪.‬‬
‫عااب وم لوط وعقوبتهم‪:‬‬
‫ذُ ِّك َر أن هللا تعالى أمطرهم بالحجارة التي لم تدع حاضرا وال غائبا إال‬
‫أتت عليه (‪ ...‬حتى إن تاجرا منهم كان في الحرم فوقفت له حجرا أربعين‬
‫يوما حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه‪.)( )..‬‬
‫وشدة العذاب دليل على أن اللواطة من أعظم الفواحش كما دللت بذلك‬
‫اآليات‪ .‬وجاء في خبر أخرجه البيهقي في شعب اإليمان عن أبي هريرة ‪‬‬
‫وصححه الحاكم عن النبي ‪ ‬قال‪ { :‬لعن هللا تعالى سبعة من خلقه فوق‬

‫سبع سماوات‪ ،‬فردد لَ ْعنَهُ على واحد منها ثالثا ولعن بعدُ ُك َّل واحد لعنة لعنة‬
‫الحديث‪،‬‬ ‫(‪)( )‬‬
‫فقال ملعون ملعون ملعون من َع ِّم َل َع َمل قوم لوط‪} ..‬‬

‫(‪ )1‬سورة العنكبوت آية‪.30 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة العنكبوت آية‪.31 :‬‬
‫(‪ )3‬روح المعاني لأللوسي ‪ ،8‬ص ‪.172‬‬
‫(‪ )4‬أحمد (‪.)317/1‬‬
‫(‪ )5‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫واللعن هو المقت والطرد من رحمة هللا ‪ ‬أعاذنا هللا من ذلك‪.‬‬


‫قال الشوكاني ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ -‬في نيل األوطار باب الحدود‪( :‬وما‬
‫أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة‬
‫يصير بها عبرة للمعتبرين‪ ،‬ويعذب تعذيبا يكسر شهوة الفسقة المتمردين‪،‬‬
‫فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلى من‬
‫العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشبها لعقوبتهم‪ .‬وقد خسف هللا تعالى‬
‫بهم واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم) اهـ‪.‬‬
‫وقد عاقب هللا تعالى أهل هذه الجريمة النكراء بأقسى عقوبة ليكونوا‬
‫‪  ‬‬ ‫عبرة ألسالفهم‪ ،‬وليس ما حدث للسلف ببعيد عن الخلف {‬

‫‪ [ )( }      ‬هود‪.] 83 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫فخسف هللا تعالى بهم األرض وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود‪.‬‬
‫قال الجوهري‪( :‬حجارة من طين طبخت بنار جهنم مكتوب فيها أسماء‬
‫القوم‪ ،‬ومعنى منضود‪ :‬أي متتابع يتبع بعضه بعضا) (‪.)‬‬
‫كل هذا جزاء فعلتهم الشنيعة‪ ،‬قال ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪( :-‬وإذا‬
‫بديارهم قد اقتلعت من أصلها ورفعت نحو السماء حتى سمعت المالئكة‬
‫نباح الكالب ونهيق الحمير‪ ..‬بأن قلبها عليهم كما أخبر به في محكم التنزيل‬
‫‪        ‬‬ ‫فقال ‪ -‬عز من قائل ‪{ :-‬‬

‫‪ [ )( }   ‬هود‪.] 82 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫فجعلهم هللا آية للعالمين وموعظة للمتقين ونكاال وسلفا لمن شاركهم في‬

‫(‪ )1‬سورة هود آية‪.83 :‬‬


‫(‪ )2‬لسان العرب‪ :‬مادة سجل‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة هود آية‪.82 :‬‬

‫‪36‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫{ ‪   ‬‬ ‫أعمالهم من المجرمين‪ ،‬وجعل ديارهم بطريق السالكين‪:‬‬

‫‪ [ )( }            ‬الحجر‪:‬‬


‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬

‫‪.] 77 - 75‬‬
‫أخذهم على غرة وهم نائمون‪ ،‬وجاءهم بأسه وهم في سكرتهم يعمهون‪،‬‬
‫فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فقلبت تلك اللذات آالما‪ ،‬فأصبحوا بها‬
‫يعذبون ‪ -‬فصارت مآربهم العذبة الحلوة في الدنيا عذابا في الممات (‪.)‬‬
‫ع واَابَا‬
‫وارت فووي الممووات َ‬
‫صو َ‬‫رب كانوووا فوووي الحيووواة أله ِلهوووا‪ِ  ..‬ع واَابا فَ َ‬
‫مووو ف‬
‫وانقضت الشهوات وأورثت الشقوات‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬ذهبت اللذات وأعقبت الحسرات‬
‫تمتعوا قليال وعذبوا طويال‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬فلو رأيت األعلى واألسفل من هذه‬
‫الطائفة والنار تخرج من منافذ وجوههم وأبدانهم وهم بين أطباق الجحيم‪ ،‬وهم‬
‫يشربون بدل لذيذ الشراب كؤوس الحميم‪ ،‬ويقال لهم وهم على وجوههم‬
‫‪        ‬‬ ‫يسحبون ذوقوا ما كنتم تكسبون {‬

‫‪ [ )( }               ‬الطور‪.] 16 :‬‬

‫ولقد قرب هللا تعالى مسافة العذاب بين هذه األمة ‪ -‬قوم لوط ‪ -‬وبين‬
‫‪   ‬‬ ‫إخوانهم في العمل‪ ،‬فقال مخوفا لهم أن يقع الوعيد {‬

‫‪ [ )( }     ‬هود‪.] 83 :‬‬

‫(‪ )1‬سورة الحجر آية‪.77 :‬‬


‫(‪ )2‬الجملة االعتراضية من أسلوب المؤلف تمهيدا وشرحا لبيت الشعر‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة الطور آية‪.16 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة هود آية‪.83 :‬‬

‫‪37‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫النووواَّ إِ َّ لكوووم أجووورا‬


‫ِ‬ ‫فيووووم معوووا ِد‬ ‫البشورى‬
‫َ‬ ‫فيا ناكحي الاكرا يهنيك فم‬
‫لكوووم زفوووا إلوووى الجنووو ِة ال َحمووورا‬ ‫فووو‬ ‫كلوووووا واشووووربوا وازنوووووا ولوطوووووا‬
‫عجلفوووووا لكووووم بفشوووورا‬
‫و ووووالوا إلينووووا ِ‬ ‫وأبشووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووروا‬
‫وار الكفبوورى‬
‫وار فووي نو ِ‬
‫سوويجمعنا الجبو ف‬ ‫وودار وووبلَكم‬
‫فووو خوانكم ووود م َّهووودوا الو َ‬
‫ي يبوووو عووونكم بووول تووورونهم َجهووورا‬ ‫أسِف لكم فوي انتظواركم‬
‫َ‬ ‫وها نحنف‬
‫ويشوووقَى بوووه المحوووزو فوووي ال َكووو َّر ِة‬ ‫فووووِ تحسووووبوا أ الوووواين نَكَحت ف فموووووا‬
‫ويلعوووووووونف كوووووووول منكمووووووووا لخليلوووووووو ِه ‪ ‬األفخووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووورى‬
‫را‬‫‪197‬ز ‪-‬‬ ‫ص ف الو ِو‬‫وجو‬ ‫فوي لواة ت ف‬
‫الكافي ِ‬ ‫(الجواب‬ ‫كما ‪-‬اشوتركا‬ ‫رحمه ِك ِههللا تعالى‬
‫بشووووووووري‬ ‫منهمووووووووا‬
‫القيم ‪-‬‬ ‫يفعَوووووووواَّب‬
‫انتهى فكوووووووول‬
‫كالم ابن‬
‫‪‬‬ ‫‪.)198‬‬
‫إذ كا عاابهم‪:‬‬
‫‪ - 1‬اإلهالك‪.‬‬
‫‪ - 2‬قلب ديارهم عليهم‪.‬‬
‫‪ - 3‬الخسف بهم‪.‬‬
‫‪ - 4‬رجمهم بالحجارة الممطرة عليهم من السماء‪.‬‬
‫‪ - 5‬التنكيل بهم نكاال لم ينكله هللا تعالى بأمة سواهم وذلك لعظم مفسدة‬
‫هذه الجريمة‪ ،‬فليحذر كل من سار في هذا الطريق المظلم وامتطى تلك‬
‫المطية‪ ،‬ونعوذ باهلل من ذلك‪.‬‬
‫الجاهلية واللواط‪:‬‬
‫والجاهلية التي يضرب بها المثال السيء في الحكم والعادات والتقاليد‬
‫والمظاهر االجتماعية وفي كل بلية كانت تعتبر اللواط معرة‪ ،‬فكانوا يقولون‬
‫في الذم (فالن مصفر إسته) (‪ )‬كناية عن أنه يالط به‪.‬‬

‫(‪ )1‬روح المعاني لأللوسي‪ :‬ج ‪ 8‬ص ‪.174‬‬

‫‪38‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫عقوبة وعااب كل لوطي بعد وم لوط‪:‬‬


‫نقل ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ -‬أن أصحاب رسول ‪ ‬أطبقوا على‬
‫قتله لم يختلف فيه منهم رجالن‪ ،‬وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله‪.‬‬
‫ونقل بعض الحنابلة إجما ع الصحابة على أن حد اللواط القتل‪ ،‬واستدلوا‬
‫بالحديث‪ { :‬من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به‬

‫وهذا الحديث رواه أهل السنن وصححه ابن حبان وغيره‪،‬‬ ‫(‪)( )‬‬
‫}‬

‫واحتج به اإلمام أحمد وإسناده على شرط الشيخين‪.‬‬


‫واستدلوا كذلك بما ُروي عن علي ‪ ‬أنه رجم من عمل هذا العمل‪ ،‬قال‬
‫الشافعي ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ :-‬وبهذا نأخذ برجم من يعمل هذا العمل محصنا‬
‫كان أو غير محصن‪.‬‬
‫وأيضا بما ثبت عن خالد بن الوليد أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجال‬
‫ينكح كما تنكح المرأة فكتب إلى أبي بكر الصديق ‪ ‬فاستشار أبو بكر الصديق‬
‫الصحابة ‪ -‬رضي هللا عنهم ‪ -‬فكان علي بن أبي طالب أشدهم قوال فيه فقال‪ :‬ما‬
‫فعل هذا إال أمة من األمم واحدة وقد علمتم ما فعل هللا بها‪ ،‬أرى أن يحرق‬
‫بالنار‪ ،‬فكتب أبو بكر إلى خالد فحرقه‪.‬‬
‫وقال عبد هللا بن عباس‪( :‬ينظر إلى أعلى بناء في القرية فيرمى اللوطي‬
‫منه منكبا ثم يتبع بالحجارة‪ ،‬وأخذ عبد هللا بن عباس هذا الحد من عقوبة هللا‬
‫لقوم لوط‪ ،‬وابن عباس هو الذي روى عن النبي ‪ ‬قوله‪ { :‬من وجدتموه‬

‫(‪ )1‬الترمذي الحدود (‪ ،)1456‬أبو داود الحدود (‪ ،)4462‬ابن ماجه الحدود (‪ ،)2561‬أحمد‬
‫(‪.)300/1‬‬
‫(‪ )2‬رواه أهل السنن األربعة وإسناده صحيح‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به } (‪.)( )‬‬

‫إذن فمن قائل يحرق بالنار ‪ -‬ومن قائل يرجم بالحجارة ‪ -‬ومن قائل يلقى‬
‫من أعلى شاهق ويتبع رجما بالحجارة ‪ -‬ومن قائل تحز رقبته وهو مروي‬
‫عن أبي بكر وعلي ‪ -‬ومن قائل يهدم عليه جدار‪ ،‬وقد رجح العالمة‬
‫الشوك اني مذهب قتل اللوطي وضعف ما سواه‪ ،‬وإنما ذكروا كل هذه‬
‫‪‬‬ ‫الوسائل في قتله ألن هللا تعالى عذب أسالفهم قوم لوط بكل ذلك {‬
‫‪              ‬‬

‫‪ [ )( }      ‬هود‪.] 83 - 82 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫والمنضود هو المتتابع الذي يتبع بعضه بعضا كقطر المطر‪ ،‬والمسومة أي‬
‫المعلمة ال تشبه حجارة الدنيا‪ ،‬أو معلمة باسم صاحبها الذي تصيبه ويرمى بها‪،‬‬
‫وما ذلك العقاب إال تناسب مع الجرم الفظيع القبيح‪ ،‬فليختر اللوطي ما شاء من‬
‫وجوه القتل المتعددة هذه‪ ،‬ثم بعد قتله ال يدري ما هللا فاعل فيه‪ ،‬فقد جاء أن‪{ :‬‬

‫أربعة يصبحون في غضب هللا تعالى ويمسون في سخط هللا‪ ،‬قال أبو هريرة‪:‬‬
‫من هم يا رسول هللا؟ قال‪ " :‬المتشبهون من الرجال بالنساء‪ ،‬والمتشبهات من‬
‫النساء بالرجال والذي يأتي البهيمة‪ ،‬والذي يأتي الرجل } (‪.)( )‬‬

‫تحاير إلى اللوطي‪:‬‬

‫(‪ )1‬الترمذي الحدود (‪ ،)1456‬أبو داود الحدود (‪ ،)4462‬ابن ماجه الحدود (‪ ،)2561‬أحمد‬
‫(‪.)300/1‬‬
‫(‪ )2‬رواه اإلمام أحمد ‪ ،300 /1‬وانظر صحيح الجامع‪.6565 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة هود آية‪.83 - 82 :‬‬
‫(‪ )4‬البخاري اللباس (‪ ،)5546‬الترمذي األدب (‪ ،)2784‬أبو داود األدب (‪ ،)4930‬ابن ماجه‬
‫النكاح (‪ ،)1904‬أحمد (‪ ،)251/1‬الدارمي االستئذان (‪.)2649‬‬
‫(‪ ) 5‬أخرجه الطبراني والبيهقي بسند فيه محمد بن سالم الخزاعي‪ ،‬ال يعرف عن أبيه عن أبي‬
‫هريرة‪ .‬قال البخاري‪ :‬محمد بن سالم ال يتابع على حديثه‪ ،‬انظر ميزان االعتدال للذهبي (‪/3‬‬
‫‪.)567‬‬

‫‪40‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وهذا التحذير لمن ابتلي بهذا الداء السام القتال‪ ،‬خاصة لمن ينتسب إلى‬
‫اإلسالم منهم نقول‪:‬‬
‫(أوال)‪ :‬اعلم ‪ -‬هداك هللا ‪ -‬أن الرسول ‪ ‬قال‪ { :‬لعن هللا من عمل عمل‬

‫قوم لوط‪ ،‬لعن هللا من عمل عمل قوم لوط‪ ،‬لعن هللا من عمل عمل قوم لوط‬
‫} (‪.)( )‬‬

‫ثالثا ولم يأت عنه ‪ ‬لعنه الزاني ثالث مرات في حديث واحد‪ ،‬وقد لعن‬
‫جماعة من أهل الكبائر فلم يتجاوز بهم في اللعن مرة واحدة‪ ،‬وكرر لعن‬
‫اللوطية وأكد ثالث مرات كما ذكر ذلك ابن القيم في الجواب الكافي‪.‬‬
‫(ثانيا)‪ :‬احذر أن تتمكن تلك الفاحشة من قلبك فتفسده‪ ،‬تماما فلربما جرك‬
‫ذلك إلى الكفر الصريح كما حدث ألخ لك من قبل في تلك الفاحشة‪ ،‬وهذه‬
‫قصته التي نقلها ابن القيم في‪( :‬الجواب الكافي ص ‪ )191‬أحكيها بأسلوبي‪:‬‬
‫(يروى أن رجال تعلق بشاب اسمه " أسلم " وتمكن حبه من قلبه وكان‬
‫هذا الشاب يتمنع وينفر من ذلك الرجل حتى مرض ولزم الفراش‪ ،‬فتدخل‬
‫وسطاء حتى أخذوا من الشاب موعدا بأن يعود الرجل‪ ،‬ففرح الرجل فرحا‬
‫شديدا وزال همه وألمه‪ ،‬وبينما هو في غمرة فرحة انتظاره جاءه الوسيط‬
‫ثانية ليخبره أن الشاب جاء إلى بعض الطريق ورجع حتى ال يعرض نفسه‬
‫للتهم بالدخول عندك‪ ،‬فلما سمع الرجل البائس ذلك علته الحسرة وجاءه من‬
‫المرض نكسة‪ ،‬وبدت عليه عالمات الموت وجعل ينشد مناديا الشاب "‬
‫أسلم" ويقول‪:‬‬

‫(‪ )1‬أحمد (‪.)317/1‬‬


‫(‪ ) 2‬أخرجه الطبراني في األوسط والحاكم وقال صحيح اإلسناد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ‪:‬‬
‫"‪ ...‬ملعون من عمل عمل قوم لوط‪ " ...‬كررها ثالثا‪ ،‬إلى آخر الحديث‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫ويوووووا شوووووفا المووووودنف(‪ )‬النحيووووول‬ ‫أسوووووووووولم يووووووووووا راحووووووووووة العليوووووووووول‬


‫رضووووووواهللا أشوووووووهى إلوووووووى فوووووووؤادي‪ ‬مووووووون رحموووووووة الخوووووووال الجليووووووول‬
‫ومات من ساعته‪ ،‬ونعوذ باهلل من سوء‬ ‫‪ ‬فقيل له‪ :‬اتق هللا فقال‪ " :‬قد كان " ‪‬‬
‫الخاتمة وش ؤم العاقبة‪ .‬فيا من ابتليت بهذا المرض؛ على أي شيء مات‬
‫صاحبك؟!‬
‫لقد بين ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ -‬أن هذا المرض وهذا العشق تارة‬
‫كفرا كمن اتخذ معشوقه ندا يحبه كما يحب هللا‪ ،‬فكيف إذا كانت محبته‬
‫يكون ً‬
‫أعظم من محبة هللا في قلبه؟ فهذا عشق ال يُ ْغفَ ُر لصاحبه فإنه من أعظم‬
‫الشرك‪ ،‬وهللا ال يغفر أن يشرك به‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬وربما صرح العاشق منهم‬
‫( ‪)‬‬
‫بأن وصل معشوقه أحب إليه من توحيد ربه كما قال العاشق الخبيث‬
‫وكما صرح الخبيث اآلخر أن وصله أشهى إليه من رحمة ربه كما مر‪.‬‬

‫(‪ )1‬المدنف‪ :‬أي المريض مرضا مالزما حتى أثقله وأد نفه (مختار الصحاح ‪ 233‬مادة دنف)‪.‬‬

‫(‪ )2‬والمقصود بذلك هو المتنبي الشاعر يزعم أن ريق محبوبه أحلى من التوحيد‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫هوووووووون فووووووووي أحلووووووووى موووووووون التوحيوووووووود‬ ‫يترشووووووووووووفن موووووووووووون فمووووووووووووي رشووووووووووووفات‬

‫‪42‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫تقرير طبي عن أضرار فاحشة اللواط‬


‫الرغبة عن المرأة‬
‫(‪)‬‬
‫‪ :-‬وإنما شدد اإلسالم في عقوبة‬ ‫قال الشيخ سيد سابق ‪ -‬رحمه هللا‬
‫هذه الجريمة آلثارها السيئة وأضرارها على الفرد والجماعة‪ ،‬وهذه‬
‫األضرار نذكرها ملخصة من كتاب اإلسالم والطب للدكتور محمد وصفي‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬الرغبة عن المرأة‪:‬‬
‫من شأن اللواطة أن تصرف الرجل عن المرأة وقد يبلغ به األمر إلى حد‬
‫العجز عن مباشرتها‪ ،‬وبذلك تتعطل أهم وظيفة من وظائف الزواج‪ ،‬وهي‬
‫إيجاد النسل‪.‬‬
‫فلو قدر لمثل هذا الرجل أن يتزوج فإن زوجته تكون ضحية من‬
‫الضحايا فال تظفر بالسكن ‪ -‬أي السكينة ‪ -‬وال بالمودة وال بالرحمة التي هي‬
‫دستور الحياة الزوجية فتقضي حياتها معه معذبة معلقة‪ ،‬ال هي متزوجة وال‬
‫مطلقة‪.‬‬
‫‪ -2‬التأثير على األعصاب‪:‬‬
‫وإن هذه العادة تغزو النفس وتؤثر في األعصاب تأثيرا خاصا أحد‬
‫نتائجه اإلصابة باالنعكاس النفسي في خلق الفرد فيشعر في صميم فؤاده أنه‬
‫ما خلق ليكون رجال‪ ،‬وينقلب الشعور إلى شذوذ‪ ،‬به ينعكس شعور الالئط‬
‫انعكاسا غريبا‪ ،‬فيشعر بميل إلى بني جنسه وتتجه أفكاره الخبيثة إلى‬
‫أعضائهم التناسلية‪.‬‬
‫وال يقتصر األمر على إصابة الالئط باالنعكاس النفسي‪ ،‬بل هنالك ما‬
‫تسببه هذه الفاحشة من إضعاف القوى النفسية الطبيعية في الشخص كذلك‪،‬‬

‫(‪ )1‬كتاب فقه السنة ج ‪ 2‬ص ‪ 365 - 363‬وقد اختصرت قليال من التقرير‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وما تحدثه من جعله عرضة لإلصابة بأمراض عصبية شاذة وعلل نفسية‬
‫شائنة تفقده لذة الحياة‪ ،‬وتسلبه صفة اإلنسانية والرجولة‪ ،‬فتحيي فيه لوثات‬
‫وراثية خاصة‪ ،‬وتظهر عليه آفات عصبية كامنة تبديها هذه الفاحشة‪ ،‬وتدعو‬
‫إلى تسلطها عليه‪.‬‬
‫ومثل هذه اآلفات العصبية النفسية‪ :‬األمراض السارية‪ ،‬والماسوشية‪،‬‬
‫والفيتشزم‪ ..‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -3‬التأثير في المخ‪:‬‬
‫واللواط بجانب ذلك يسبب اختالال كبيرا في توازن العقل للمرء‪،‬‬
‫وارتباكا عاما في تفكيره‪ ،‬وركودا غريبا في تصوراته‪ ،‬وبالهة واضحة في‬
‫عقله وضعفا شديدا في إرادته‪ ،‬وإن ذلك ليرجع إلى قلة اإلفرازات الداخلية‬
‫التي تفرزها الغدة الدرقية والغدد فوق الكلى وغيرها مما يتأثر باللواط‬
‫تأثيرا مباشرا فيضطرب عملها وتختل وظائفها‪ ،‬وإنك لتجد هناك عالقة‬
‫وثيقة بين (النيورستانيا) واللواط‪ ،‬وارتباطا غريبا بينهما‪ ،‬فيصاب الالئط‬
‫بالبله والعبط وشرود الفكر وضياع العقل والرشاد‪.‬‬
‫‪ -4‬السويدا ‪:‬‬
‫واللواط إما أن يكون سببا في ظهور مرض السويداء (‪ )‬أو يغدو عامال‬
‫قويا على إظهاره وبعثه‪ ،‬ولقد وجد أن هذه الفاحشة وسيلة شديدة التأثير على‬
‫هذا الداء من حيث مضاعفتها له وزيادة تعقيدها ألعراضه‪ ،‬ويرجع ذلك‬
‫للشذوذ الوظيفي لهذه الفاحشة المنكرة وسوء تأثيرها على أعصاب الجسم‪.‬‬
‫‪ - 5‬عدم كفاية اللواط‪:‬‬
‫واللواط علة شاذة وطريقة غير كافية إلشباع العاطفة الجنسية وذلك‬
‫ألنها بعيدة األصل عن المالمسة الطبيعية‪ ،‬ال تقوم بإرضاء المجموع‬

‫(‪ )1‬السويداء‪ :‬اإلست‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة‪ :‬سود‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫العصبي‪ ،‬شديدة الوطأة على الجهاز العضلي سيئة التأثير على سائر أجزاء‬
‫البدن‪.‬‬
‫‪ - 6‬ارتخا عضِت المستقيم وتمز ه‪:‬‬
‫من ناحية أخرى فإن اللواط سبب في تمزق المستقيم وهتك أنسجته‬
‫وارتخاء عضالته وسقوط بعض أجزائه وفقد السيطرة على المواد البرازية‬
‫وعدم استطاعة القبض عليها‪ ،‬ولذلك تجد الفاسقين دائمي التلوث بهذه المواد‬
‫المتعفنة بحيث تخرج منهم بال إرادة وال شعور‪.‬‬
‫‪ - 7‬عِ ة اللواط باألخِق‪:‬‬
‫تج د جميع من يتصفون به سيئي الخلق‪ ،‬فاسدي الطباع‪ ،‬ال يكادون‬
‫يميزون بين الفضائل والرذائل‪ ،‬ضعيفي اإلرادة‪ ،‬ليس لهم وجدان يؤنبهم‬
‫وال ضمير يردعهم‪ ،‬ال يتحرج أحدهم وال يردعه رادع نفسي عن السطو‬
‫على األطفال والصغار واستعمال العنف والشدة إلشباع عاطفته الفاسدة‬
‫والتجرؤ على ارتكاب الجرائم‪.‬‬
‫‪ -8‬اللواط وعِ ته بالصحة العامة‪:‬‬
‫واللواط فوق ما ذكرت يصيب مقترفيه بضيق في الصدر ويرزأهم‬
‫بخفقان في القلب‪ ،‬ويتركهم بحال من الضعف العام يعرضهم لإلصابة بشتى‬
‫األمراض‪.‬‬
‫‪ -9‬التأثير على أعضا التناسل‪:‬‬
‫ويضعف اللواط كذلك مراكز اإلنزال الرئيسة في الجسم ويعمل على‬
‫القضاء على الحيوانات المنوية فيه‪ ،‬ويؤثر على تركيب مواد المني‪ ،‬ثم‬
‫ينتهي األمر بعد قليل من الزمن بعدم القدرة على إيجاد النسل واإلصابة‬
‫بالعقم‪.‬‬
‫‪ - 10‬التيفود والدوسنتاريا‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫ونستطيع أن نقول‪ :‬إن اللواط يسبب بجانب ذلك؛ العدوى بالحمى‬


‫التيفودية والدوسنتاريا وغيرهما من األمراض الخبيثة التي تنتقل بطريقة‬
‫التلوث بالمواد البرازية المزودة بمختلف الجراثيم والمملوءة بشتى العلل‬
‫واألمراض‪.‬‬
‫وقد أضاف فضيلة الشيخ‪ /‬صفوت نور الدين ‪ -‬حفظه هللا تعالى ‪ -‬هذه‬
‫المعلومة قال‪:‬‬
‫‪ -11‬اللواط يسب مرل فقد المناعة المكتس ‪:‬‬
‫(حيث إن امتصاص السائل المنوي في المستقيم بما فيه من أجسام‬
‫المناعة الطبيعية يجعل الدم يفرز مضادات تفسد أجسام المناعة‪ ،‬ومعدل نقل‬
‫األمراض بسبب اللواط يقترب من ( ‪ )100%‬اهـ‪ ،‬وال شك أنه يقصد‬
‫مرض " اإليدز "‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫هل يتوب اللوطي ويدخل الجنة‬


‫قال ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪:-‬‬
‫(والتحقيق في هذه المسألة أن يقال‪ :‬إن تاب المبتلى بهذا البالء وأناب‬
‫ورزق توبة نصوحا وعمال صالحا وكان في كبره خيرا منه في صغره‪،‬‬
‫وبدل سيئاته حسنات‪ ،‬وغسل ذلك عنه بأنواع الطاعات والقربات‪ ،‬وغض‬
‫بصره وحفظ فرجه عن المحرمات‪ ،‬وصدق هللا في معاملته؛ فهذا مغفور له‬
‫وهو من أهل الجنة‪ ،‬فإن هللا يغفر الذنوب جميعا‪ ،‬وإذا كانت التوبة تمحو كل‬
‫ذنب حتى الشرك باهلل وقتل أنبيائه والسحر والكفر وغير ذلك‪ ،‬فال تقصر ‪-‬‬
‫أي التوبة ‪ -‬عن محو هذا الذنب‪ ،‬وقد استقرت حكمة هللا تعالى به عدال‬
‫وقد ضمن هللا‬ ‫(‪)‬‬
‫وفضال‪ ،‬وأن { التائب من الذنب كمن ال ذنب له }‬

‫سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنى أن يبدل سيئاته حسنات‪،‬‬
‫‪  ‬‬ ‫وهذا حكم عام لكل تائب من كل ذنب‪ ،‬وقد قال هللا تعالى‪{ :‬‬
‫‪                 ‬‬

‫‪ [ )( }   ‬الزمر‪.] 53 :‬‬


‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬

‫فال يخرج من هذا العموم ذنب واحد‪ ،‬ولكن هذا في حق التائبين خاصة‪.‬‬
‫وأما المبتلى به إن كان في كبره شرا مما كان في صغره لم يوفق لتوبة‬
‫نصوح وال لعمل صالح وال استدراك ما فات‪ ،‬وال أبدل السيئات بالحسنات‪،‬‬
‫فهذا بعيد أن يوفق عند الممات لخاتمة يدخل بها الجنة عقوبة له على عمله‪،‬‬
‫فإن هللا سبحانه وتعالى يعاقب على السيئة بسيئة أخرى وتتضاعف عقوبة‬
‫السيئات بعضها ببعض كما يثيب على الحسنة بحسنة أخرى) (‪.)‬‬

‫(‪ )1‬ابن ماجه الزهد (‪.)4250‬‬


‫(‪ )2‬سورة الزمر آية‪.53 :‬‬
‫(‪ )3‬الجواب الكافي‪ :‬ص ‪.188‬‬

‫‪47‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الفصل الثالث‬
‫فواحش أخرى‬
‫‪ -1‬السحاق‪:‬‬
‫وهو ما يكون بين المرأة والمرأة من تدالك الفرجين‪:‬‬
‫قال صاحب اللسان‪ )( :‬السحق هو الدق الرقيق ومساحقة النساء لفظ‬
‫مولد‪.‬‬
‫وقال ابن قدامه في المغني (‪ :)162 /10‬وإذا تدالكت امرأتان فهما‬
‫زانيتان ملعونتان لما روي عن النبي ‪ ‬أنه قال‪ { :‬إذا أتت المرأة المرأة‬

‫فهما زانيتان } وال حد عليهما ألنه ال يتضمن إيالجا‪ ،‬فأشبه المباشرة دون‬

‫الفرج وعليهما التعزير ألنه زنا ال حد فيه‪ ،‬فأشبه مباشرة الرجل المرأة من‬
‫غير جماع‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وقال األلوسي في روح المعاني ج ‪ 8‬ص ‪ 173 - 172‬بعدما تحدث عن‬
‫اللواطة وخبثها قال‪ " :‬وألحق بها السحاق وبدا أيضا في قوم لوط‪ ،‬فكانت‬
‫المرأة تأتي المرأة‪ ،‬فعن حذيفة ‪ -‬رضي هللا تعالى عنه ‪ { -‬إنما حق القول‬

‫على قوم لوط ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال‬
‫} ( ‪. )‬‬

‫وعن أبي حمزة ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ -‬قال‪ " :‬قلت لمحمد بن علي عذب‬
‫هللا تعالى نساء قوم لوط بعمل رجالهن‪ ،‬فقال‪ :‬هللا أعدل من ذلك‪ ،‬استغنى‬
‫الرجال بالرجال والنساء بالنساء " (‪ ..)‬انتهى كالم األلوسي‪.‬‬

‫(‪ )1‬لسان العرب‪ :‬مادة سحق‪.‬‬


‫(‪ )2‬رجاله موثقون‪ ،‬أخرجه البيهقي في شعب اإليمان والسيوطي في الدر المنثور (‪.)100 / 3‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البيهقي وابن أبي الدنيا وابن عساكر‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫عقوبة السحاق‪:‬‬
‫قد رأينا ما نقله البعض عن عقاب هللا لنساء قوم لوط مع رجالهن حيث‬
‫استغنى الرجال بالرجال فكانت العقوبة المعروفة التي ال تخفى على أحد‪.‬‬
‫وإن كان ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬قال‪ " :‬ولكن ال يجب فيه الحد ‪ -‬أي في‬
‫(‪)‬‬
‫اسم الزنا العام كزنى العين‬ ‫السحاق ‪ -‬لعدم اإليالج وإن أطلق عليهما‬
‫واليد والرجل والفم " [ الجواب‪ :‬ص ‪ ] 201‬وكذلك قال غيره‪ :‬أنه ليس فيه‬
‫إال التعزير‪.‬‬
‫فال يكون ذلك داعيا لالستخفاف بالذنب واالستهانة به فإن المرأة إذا‬
‫سلكت ذلك السبيل فهي قد وضعت قدميها على طريق الفاحشة وهي لفعل ما‬
‫سوى ذلك أسرع لو أتيحت الفرصة‪ ،‬وإذا كانت العقوبة تعزيرا فهل كل من‬
‫تفعل ذلك تذهب لتعزر وتتطهر‪ ،‬أم أن العقوبة مؤجلة إلى يوم الحسرة‬
‫‪ [ )( }       ‬الرعد‪.] 34 :‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫والندامة { ‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬إتيا المرأة في دبرها (التحميض) ‪:‬‬


‫رغم أن هللا تعالى أحل الزوجة لزوجها يأتيها أنى شاء‪ ،‬لكنه سبحانه لم‬
‫يجعل ذلك مطل قا‪ ،‬فمباح للرجل إتيان زوجته في فرجها عند صالحها لذلك‬
‫وخلوها من حيض أو نفاس سواء أتاها من جهة األمام أو من الخلف‪ ،‬المهم‬
‫أنه ال يتجاوز قبلها إلى دبرها كما قال النبي ‪ ‬لألنصارية‪ { :‬صماما‬

‫أي‪ :‬الفرج فقط‪ .‬وقال أيضا‪ { :‬أقبل وأدبر واتق الدبر‬ ‫(‪)  ( ) ‬‬
‫واحدا }‬

‫(‪ )1‬قصد ابن القيم بقوله " عليهما "‪ :‬أي مباشرة الرجل الرجل بالقبل من غير إيالج‪ ،‬ومباشرة‬
‫المرأة المرأة وال إيالج فيه‪.‬‬
‫(‪ )2‬سورة الرعد آية‪.34 :‬‬
‫(‪ )3‬الترمذي تفسير القرآن (‪ ،)2979‬أحمد (‪ ،)310/6‬الدارمي الطهارة (‪.)1119‬‬
‫(‪ )4‬رواه أحمد والترمذي‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫(‪ . )‬يعني ائت امرأتك من قدام أو من وراء وابتعد عن‬ ‫(‪)‬‬


‫والحيضة }‬

‫الدبر‪ ،‬وابتعد أثناء الحيض عن الفرج أيضا‪ ،‬وقال أيضا ‪ { ‬ائتها على‬

‫(‪ .)‬إال أن بعض الشاذين ال‬ ‫( ‪)‬‬


‫كل حال إذا كان ذلك في الفرج }‬

‫يتورعون عن إتيان الزوجة في دبرها رغم تحذير الرسول ‪ ‬ولكن‬


‫لضعف اإليمان والنفوس فإن الوعيد الشديد ال يثنيهم عن ممارسة الكبيرة‬
‫الشنيعة‪ .‬وعن سعيد بن يسار قال‪ :‬قلت البن عمر‪ :‬ما تقول في الجواري‬
‫أَيُ َح َّم ُ‬
‫ض لهن؟ قال‪ :‬وما التحميض؟ فذكر الدبر فقال‪ :‬وهل يفعل ذلك أحد من‬
‫المسلمين؟ [ رواه الدارمي في مسنده ]‪.‬‬
‫حكم اإلسِم فيمن يفعل ذل ‪:‬‬
‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا تعالى عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ { ‬ملعون‬

‫من أتى امرأة في دبرها } (‪ )( )‬وقال أيضا ‪ { ‬من أتى حائضا أو امرأة‬

‫في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد } (‪ .)( )‬وهذا محمول على‬

‫من استحل ذلك‪ .‬وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ‪ { ‬الذي‬

‫يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى } (‪ [ )‬رواه أحمد ]‪.‬‬

‫(‪ )1‬الترمذي تفسير القرآن (‪ ،)2980‬أحمد (‪.)297/1‬‬


‫(‪ )2‬رواه أحمد‪.‬‬
‫(‪ )3‬أحمد (‪.)268/1‬‬
‫(‪ )4‬رواه أحمد‪.‬‬
‫(‪ )5‬أحمد (‪.)479/2‬‬
‫(‪ )6‬رواه أحمد وهو في صحيح الجامع برقم‪.5865 :‬‬
‫(‪ )7‬الترمذي الطهارة (‪ ،)135‬أبو داود الطب (‪ ،)3904‬ابن ماجه الطهارة وسننها (‪ ،)639‬أحمد‬
‫(‪ ،)476/2‬الدارمي الطهارة (‪.)1136‬‬
‫(‪ )8‬رواه الترمذي وهو في صحيح الجامع برقم‪.5918 :‬‬
‫(‪ )9‬أحمد (‪.)210/2‬‬

‫‪50‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وقال أيضا مسويا ذلك باللواط‪ { :‬ال ينظر هللا إلى الرجل أتى رجال أو‬

‫امرأة في الدبر } (‪ )( )‬وسئل عمر ‪ ‬عن ذلك فقال‪ { :‬وهل يفعل ذلك‬

‫أحد من المسلمين } (‪ )‬وهذا إسناده صحيح ونصه صريح بتحريم ذلك‪.‬‬

‫وسأل رجل عليا عن إتيان المرأة في دبرها؟ فقال‪ :‬سفلت سفل هللا بك‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬ ‫ألم تسمع قول هللا تعالى‪{ :‬‬ ‫(‪) ‬‬

‫‪ [ )( }       ‬األعراف‪.] 80 :‬‬

‫وال يفعل ذلك إال من دخل إلى الحياة الزوجية النظيفة الطاهرة وهو‬
‫يحمل جاهليات قذرة وممارسات شاذة محرمة‪ ،‬أو رصيدا من المشاهدات‬
‫في أفالم الفاحشة‪.‬‬
‫‪ -3‬إتيا الزوجة حال حيضها أو نفاسها‪:‬‬
‫‪        ‬‬ ‫قال هللا ‪ -‬جل وعال ‪{ :-‬‬

‫‪ [ )( }         ‬البقرة‪.] 222 :‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫وفي اآلية أمر صريح وداللة واضحة على عدم وطء النساء أثناء‬
‫الحيض حتى تغتسل المرأة وتطهر من الحيض‪.‬‬
‫وقد بين النبي ‪ ‬قبح وشناعة هذه الفعلة في قوله‪ { :‬من أتى حائضا أو‬

‫(‪ )1‬الترمذي الرضاع (‪.)1166‬‬


‫(‪ )2‬الترمذي والنسائي وإسناده حسن‪ ،‬وابن ماجه برقم‪.1923 :‬‬
‫(‪ )3‬الدارمي في مسنده‪.‬‬
‫(‪ )4‬روح المعاني لأللوسي‪ :‬ج ‪.2‬‬
‫(‪ )5‬سورة األعراف آية‪.80 :‬‬
‫(‪ )6‬سورة البقرة آية‪.222 :‬‬

‫‪51‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد } (‪.)( )‬‬

‫وقد أجمع العلماء على تحريم المباشرة في الفرج أثناء الحيض‪ ،‬ثم من‬
‫فعل ذلك فقد أثم‪ ،‬فيستغفر هللا ويتوب إليه وعليه كفارة عند من صحح حديث‬
‫الكفارة‪.‬‬
‫روى اإلمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس عن النبي ‪ { ‬في الذي‬

‫يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار } (‪.)‬‬

‫وذلك على حسب درجة لون الدم كما في رواية الترمذي‪ { :‬إذا كان‬
‫(‪) ‬‬
‫دما أحمر فعليه دينار وإن كان دما أصفر فنصف دينار }‬

‫والدينار يعادل من الذهب أربعة جرامات وأربعة أسباع الجرام‪.‬‬


‫قال ابن كثير ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ -‬في تفسيره بعد أن ذكر قول القائلين‬
‫بالكفارة‪ :‬والقول الثاني " وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي وقول‬
‫الجمهور أنه ال شيء في ذلك (أي في الكفارة) بل يستغفر هللا ‪( ‬أي من‬
‫هذا الذنب العظيم) ألنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث‪ ،‬فإنه قد روي‬
‫مرفوعا كما تقدم وموقوفا وهو الصحيح عند الكثير من أئمة الحديث "‪.‬‬
‫وقال ‪ { ‬اصنعوا كل شيء إال النكاح } (‪.)( )‬‬

‫(‪ )1‬الترمذي الطهارة (‪ ،)135‬أبو داود الطب (‪ ،)3904‬ابن ماجه الطهارة وسننها (‪ ،)639‬أحمد‬
‫(‪ ،)476/2‬الدارمي الطهارة (‪.)1136‬‬
‫(‪ )2‬الترمذي عن أبي هريرة‪ ،‬وهو في صحيح الجامع برقم ‪.5918‬‬
‫(‪ )3‬النسائي الطهارة (‪ ،)289‬أبو داود النكاح (‪ ،)2168‬ابن ماجه الطهارة وسننها (‪ ،)640‬أحمد‬
‫(‪ ،)339/1‬الدارمي الطهارة (‪.)1105‬‬
‫(‪ )4‬الترمذي الطهارة (‪.)137‬‬
‫(‪ )5‬مسلم الحيض (‪ ،)302‬الترمذي تفسير القرآن (‪ ،)2977‬النسائي الحيض واالستحاضة‬
‫(‪ ،)369‬أبو داود النكاح (‪ ،)2165‬ابن ماجه الطهارة وسننها (‪ ،)644‬أحمد (‪،)133/3‬‬
‫الدارمي الطهارة (‪.)1053‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه أحمد‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وقد سئل الشيخ ابن جبرين ‪ -‬حفظه هللا ‪:-‬‬


‫َّ‪ :‬هل يجوز للزوج أ يأتي زوجته بعد الوالدة بل أ تكمل األربعين‬
‫يوما؟ وإذا أتاها في الثِثين أو الخمسة والثِثين وهي نظيفة ولكنها لم‬
‫تكمل األربعين فهل عليه شي ؟‬
‫ج‪ :‬ال يجوز وطء الزوجة مدة النفاس الذي هو جريان الدم بعد الوالدة‪،‬‬
‫فإن طهرت قبل األربعين يوما كره وطؤها لكنه جائز ال إثم فيه ‪ -‬إن شاء‬
‫هللا ‪ -‬بشرط أن ترى الطهر الكامل الذي تلزمها معه الصالة والصوم ونحو‬
‫ذلك (‪.)‬‬
‫ولكن‪ ،‬ما هو األذى الناجم عن جماع الحائض؟‬
‫يقول الدك تور أحمد ندا‪ ،‬أخصائي األمراض التناسلية بمستشفى أجياد‬
‫بمكة المكرمة‪:‬‬
‫" تحدث تغيرات شهرية في الغشاء المبطن لرحم المرأة من الداخل‪،‬‬
‫استعدادا الستقبال البويضة الملقحة التي تنمو وتكون الجنين‪ ،‬فإذا لم يحدث تلقيح‬
‫للبويضة‪ ،‬فإن تلك التغيرات والخاليا المبطنة لجدار الرحم تسقط وتنهار وتتحلل‬
‫ويخرج الدم‪ ،‬وهذا ما يعرف بالحيض أو الدورة الشهرية‪ .‬وهذا الوضع المتكرر‬
‫شهريا (الحيض) يصاحبه تغيرات في مزاج المرأة‪ .‬فقد تكون أكثر عصبية‬
‫وانفعاال‪ ،‬وتشعر بالضعف والتعب‪ ،‬وتحتقن منطقة الحوض‪ ،‬بما تحتويه من‬
‫أعضاء‪ ،‬فيحتقن الرحم والمثانة والمهبل واألعضاء األنثوية األخرى‪ ،‬ولهذا‬
‫} ‪[ )(‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫حرم اإلسالم وطء المرأة أثناء الحيض‪{ :‬‬

‫البقرة‪ ،] 222 :‬فإذا ما وقع جماع أثناء الحيض حدث األذى الذي حذر هللا‬

‫(‪ )1‬فتاوى المرأة‪ :‬ص ‪ ،135‬محمد المسند‪.‬‬


‫(‪ )2‬سورة البقرة آية‪.222 :‬‬

‫‪53‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫تعالى منه‪ [ )( }       { :‬البقرة‪.] 222 :‬‬

‫ويتمثل األذى في اآلتي‪:‬‬


‫أوال‪ :‬عند المرأة‪:‬‬
‫‪ - 1‬التهابات مهبلية ورحمية‪.‬‬
‫‪ - 2‬تقرحات في عنق الرحم‪ ،‬وجروح مؤلمة‪ ،‬وذلك بسبب احتقان‬
‫وضعف جدار المهبل وعنق الرحم في تلك الفترة‪.‬‬
‫‪ - 3‬وقد ترتفع حرارة المرأة وتصاب بحمى ميكروبية حادة نتيجة‬
‫لدخول الدم الفاسد إلى جدار المهبل مرة أخرى‪ ،‬حيث أن الدم الفاسد في‬
‫حالة خروج‪ ،‬وإيالج الفرج يعيد دخوله مرة أخرى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عند الرجل‪:‬‬
‫فالرجل عرضة لإلصابة بهذه األمراض كلها أو بعضها‪:‬‬
‫‪ - 1‬تضخم حاد في األعضاء الذكرية ومنطقة العانة‪.‬‬
‫‪ - 2‬التهابات وآالم وصعوبة في التبول‪.‬‬
‫‪ - 3‬التهابات في مجرى البول والبروستاتا والمثانة يصاحبه ألم شديد‪.‬‬
‫‪ - 4‬تقرحات وبثورات مؤلمة على جلد القضيب‪ ،‬وقد يشكو من حمى‬
‫ميكروبية حادة‪.‬‬
‫‪ - 5‬هذا باإلضافة إلى الرائحة الكريهة وتلوث األعضاء التناسلية بالدم‬
‫الفاسد المتلوث المتعفن‪ ،‬ولو أن الذي يفعل مثل هذا الفعل أعطى نفسه‬
‫فرصة ليشم رائحة هذا الدم الفاسد المتعفن‪ ،‬العتزل نساءه في المحيض ولم‬
‫يقربهن حتى يطهرن كما أمر بذلك هللا العليم الخبير‪ ،‬ولفكر مرارا قبل أن‬
‫يقدم على ذلك‪ ،‬هذا إذا كانت فطرته نقية وسليمة‪ ،‬أما إذا كانت الفطرة ملوثة‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة آية‪.222 :‬‬

‫‪54‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫ومريضة فليصنع ما يشاء‪ ،‬ثم ليلق جزاء ذلك‪.‬‬


‫‪ -4‬إتيا البهائم‪:‬‬
‫أيض ا مما يعد من التلوث في الفطرة واالرتكاس إلى الخلف والتراجع‬
‫إلى الوراء هو أن يقضي إنسان شهوته من بهيمة عجماء ال تنطق‪ ،‬فتراه‬
‫يرجع بآدميته إلى الخلف وينزل بها إلى الحضيض فيجد نفسه على صلة‬
‫جنسية إما مع الحمير أو مع القرود أو ما وافق طبعه وواقعه من سائر‬
‫الحيوانات فيطؤها ويقضي شهوته ونهمته معها‪ .‬وقد قال النبي ‪ ‬فيما رواه‬
‫عنه أبو هريرة ‪ { ‬ملعون من أتى شيئا من البهائم‪ )( } ..‬الحديث (‪.)‬‬

‫قال ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪ " :-‬وال ريب أن الزاجر الطبعي عن إتيان‬
‫البهيمة أقوى من الزاجر الطبعي عن التلوط " (‪.)‬‬
‫وال شك أن الذي يفعل مثل هذا خليق بأال يتردد عن فعل سائر أنواع‬
‫الفواحش‪ ،‬بل في أغلب األحوال فإنه ال يطأ البهيمة إال لعجزه عن وطء‬
‫غيرها في زنا أو في لواط‪ ،‬أو أنه كالحاطب بليل‪ ،‬فال تقابله فاحشة إال‬
‫فعلها‪.‬‬
‫حكم واطئ البهيمة‪:‬‬
‫قال ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪ :-‬للفقهاء فيه ثالثة أقوال‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬يؤدب وال حد عليه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬حكمه حكم الزاني‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬حكمه حكم اللوطي‪.‬‬
‫والذين قالوا بقتله احتجوا بحديث ابن عباس الذي رواه أبو داود عن‬

‫(‪ )1‬الترمذي الحدود (‪ ،)1455‬أبو داود الحدود (‪.)4464‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه الطبراني في األوسط والحاكم وقال صحيح اإلسناد‪.‬‬
‫(‪ )3‬الجواب الكافي‪ ،‬ص‪.201 :‬‬

‫‪55‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫قالوا ألنه‬ ‫(‪)( )‬‬


‫النبي ‪ ‬قال‪ { :‬من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه }‬

‫وطء ال يباح بحال فكان فيه القتل كحد اللوطي‪ ،‬ومن لم ير عليه حدا قالوا‪:‬‬
‫(‪) ‬‬
‫وقال‬ ‫" لم يصح الحديث‪ ،‬ولو صح لقلنا به ولم يحل لنا مخالفته "‬
‫األوزاعي‪ :‬عليه الحد‪ ،‬وقال غيره يعزر (‪.)‬‬
‫وتعليقا على حديث ابن عباس قال الشوكاني ‪ -‬رحمه هللا ‪ " :-‬وفي‬
‫الحديث دليل على أنه تقتل البهيمة والعلة في ذلك ما رواه أبو داود والنسائي‬
‫أنه قيل البن عباس‪ :‬ما شأن البهيمة؟ قالت‪ :‬ما أراه قال ذلك إال أنه يكره أن‬
‫يؤكل لحمها وقد عمل بها ذلك العمل "‪.‬‬
‫وقد تقدم أن العلة أن يقال هذه التي فعل بها كذا وكذا‪ ..‬إلى أن قال‪ :‬قال‬
‫في البحر إنها تذبح البهيمة ولو كانت غير مأكولة‪ ،‬لئال تأتي بولد مشوه‪،‬‬
‫كما روي أن راعيا أتى بهيمة فأتت بمولود مشوه (‪ ..)‬انتهى‪.‬‬
‫والذي يظهر حسب سياق ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬أنه يرجح قتل واطئ‬
‫البهيمة حيث أورد ما يدل على ذلك في كتابه الجواب الكافي ص ‪.128‬‬

‫(‪ )1‬الترمذي الحدود (‪ ،)1455‬أبو داود الحدود (‪.)4464‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أحمد (‪ )2420‬وأبو داود (‪ )4464‬و الترمذي (‪ )1454‬و الحاكم ‪ 355 /4‬والبيهقي‬
‫‪ 234 ،233 /8‬عن ابن عباس وسنده حسن‪ ،‬وأخرجه ابن ماجه (‪ )2565‬عن ابن عباس‬
‫أيضا بلفظ‪ " :‬من وقع على ذات محرم فاقتلوه "‪ ،‬ومن وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة‬
‫"‪ ،‬وفي سنده ضعف‪ ،‬لكن سند هذا الحديث أصح‪ ،‬انظر زاد المعاد ح ‪ 5‬ص‪ 41‬بتحقيق‬
‫األرناؤوط‪.‬‬
‫(‪ )3‬الجواب الكافي‪.‬‬
‫(‪ )4‬أحكام القران للجصاص‪ :‬ج ‪ ،5‬ص ‪.105‬‬
‫(‪ )5‬فقه السنة‪ :‬ج ‪ ،2‬ص ‪.370‬‬

‫‪56‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ - 5‬العادة السرية االستمنا‬


‫( ‪)‬‬
‫ويسمى الخضخضة‪:‬‬
‫‪          ‬‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬‬
‫(‪) ‬‬
‫‪}         ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬

‫[ المؤمنون‪.] 7 - 5 :‬‬
‫قال ابن كثير ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬في تفسيره‪ " :‬وقد استدل اإلمام الشافعي ‪-‬‬
‫رحمه هللا ‪ -‬ومن وافقه على تحريم االستمناء باليد بهذه اآلية الكريمة‪{ :‬‬

‫} (‪ )‬قال‪:‬‬ ‫‪   ‬‬


‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪   ‬‬ ‫فهذا الصنيع خارج عن القسمين‪ ،‬وقد قال هللا تعالى‪{ :‬‬

‫‪ )( }         ‬وقال األلوسي ‪ -‬رحمه هللا ‪ " :-‬فجمهور األئمة‬
‫‪      ‬‬

‫على تحريمه وهو عندهم داخل فيما وراء ذلك " (‪.)‬‬
‫وقال القرطبي‪ :‬وعامة العلماء على تحريمه (أي تحريم االستمناء) وقال‬
‫بعض العلماء‪ :‬إنه كالفاعل بنفسه‪ ،‬وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها‬
‫بين الناس حتى صارت قيلة ويا ليتها لم تقل ولو قام الدليل على جوازها‬
‫لكان ذو المروءة يعرض عنها لدنائتها " (‪.)‬‬
‫وقال ابن العربي‪ " :‬وعامة العلماء على تحريمه وهو الحق الذي ال ينبغي‬

‫(‪ )1‬قال أبو حيان األندلسي في تفسير البحر المحيط ج ‪ ،6‬ص ‪ " :367‬والجمهور على تحريم‬
‫االستمناء ويسمى الخضخضة‪ ،‬وجلد عميرة يكنون عن الذكر بعميرة "‪.‬‬
‫(‪ )2‬سورة المؤمنون آية‪.7 - 5 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة المؤمنون آية‪.6 - 5 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة المؤمنون آية‪.7 :‬‬
‫(‪ )5‬روح المعاني‪ :‬ج ‪ ،18‬ص ‪.11 ،10‬‬
‫(‪ )6‬تفسير القرطبي‪ :‬سورة المؤمنون‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫أن يدان هللا إال به " (‪ )‬فليحذر كل مسلم من استدراج الشيطان له وإن قل الفعل‬
‫في عين فاعله‪ ،‬فإنه استدراج من الشيطان الذي يتبع مع الناس نظام االستدراج‬
‫خطوة بعد خطوة حتى ينتقل باإلنسان مما هو أدق من الشعر إلى ما هو أضخم‬
‫‪  ‬‬ ‫من الجبال وهو ال يدري‪ ،‬لذلك قال الحق ‪ -‬جل وعال ‪ -‬محذرا‪{ :‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪                  ‬‬

‫‪ [ )( }    ‬النور‪.] 21 :‬‬

‫وقال محمد بن عبد الحكم‪ :‬سمعت حرملة بن عبد العزيز قال‪ :‬سألت مالكا‬
‫‪      ‬‬ ‫عن الرجل يجلد عميرة؟ فتال هذه اآلية‪{ :‬‬
‫‪               ‬‬

‫‪ [ )( } ‬المؤمنون‪.] 7 - 5 :‬‬

‫وهذا ألنهم يكنون عن الذكر بعميرة (‪.)‬‬


‫مما تقدم يتبين حرمة استخراج المني باليد والمرأة ممنوعة من مثل ذلك‬
‫أيضا‪.‬‬
‫تلك العادة التي دل الشيطان عليها من قلت حيلته بعد إذ جمحت شهوته‬
‫وقلت بالدين خبرته وضعفت في اإليمان همته فانهارت بعد ذلك عزيمته‪،‬‬
‫وإن االلتزام بتعاليم اإلسالم والبعد عن غوايات أهل الفسق ومكائد الشيطان‬
‫لهو السبيل إلى النجاة‪ ،‬فهل من مجيب؟!‬
‫اآلثار المترتبة على ممارسة العادة السيئة (السرية)‪:‬‬

‫(‪ )1‬أحكام القرآن‪ :‬ج ‪ ،3‬ص‪.1310 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة النور آية‪.21 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة المؤمنون آية‪.7 - 5 :‬‬
‫(‪ )4‬تفسير القرطبي‪ :‬ج ‪ ،12‬ص ‪.105‬‬

‫‪58‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫(أوال)‪ :‬على الوجه‪ :‬فتجد المكثر من ممارستها يظهر أحيانا على وجهه‬
‫احمرار أو اصفرار أو غيره‪.‬‬
‫(ثانيا)‪ :‬على األعصاب‪ :‬فتراه يعاني من االضطراب وضعف التحمل‬
‫وعدم القدرة على االنضباط‪ ،‬وسرعة االرتباك‪.‬‬
‫(ثالثا)‪ :‬على النفس‪ :‬فتجده كثير القلق‪ ،‬كثير الخوف‪ ،‬دائم التفكير‬
‫والشرود‪ ،‬فيه خجل‪ ،‬وعدم قدرة على مواجهة الناس‪ ،‬وعدم استطاعة‬
‫للحديث والطالقة‪.‬‬
‫(رابعا)‪ :‬على الااكرة‪ :‬تضر ممارسة تلك العادة بالذاكرة إضرارا بالغا‬
‫وتكون سببا في التأخر الدراسي بسبب انشغال الذهن باألفكار الجنسية‬
‫والصور المثيرة‪.‬‬
‫(خامسا)‪ :‬على القوة‪ :‬تنهك القوة وتقوض األجهزة التناسلية وقد أثبت‬
‫كثير من األطباء أن صاحب تلك العادة يكون في جهازه التناسلي ضعف‬
‫ووهن مما يؤدي به إلى العجز عن معاشرة زوجته‪.‬‬
‫كما أنها سبيل للولوج في الفواحش األخرى والتعرض لكبائر الذنوب‪..‬‬
‫فاحذر يا أخي !!‬

‫‪59‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الفصل الرابع‬
‫فعل الفواحش وسو الخاتمة‬
‫ال ابن القيم ‪ -‬رحمه ب ‪ -‬في بيا أسباب سو الخاتمة ولمن تكو ‪:‬‬
‫" واعلم أن سوء الخاتمة أعاذنا هللا منها ال تكون لمن استقام ظاهره‬
‫وصلح باطنه‪ ،‬وإنما تكون لمن له فساد في العقد (أي العقيدة) أو إصرار‬
‫على الكبائر وإقدام على العظائم‪ ،‬فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت‬
‫قبل التوبة فيأخذه قبل إصالح الطوية ويصطلم قبل اإلنابة فيظفر به‬
‫الشيطان عند تلك الصدمة ويختطفه عند تلك الدهشة والعياذ باهلل "‪ ..‬اهـ‪.‬‬
‫ويقول‪ " :‬واعلم أن لسوء الخاتمة ‪ -‬أعاذنا هللا منها ‪ -‬أسبابا وطرقا‬
‫وأبوابا؛ أعظمها االنكباب على الدنيا واإلعراض عن األخرى‪ ،‬واإلقدام‬
‫والجرأة على معاصي هللا ‪ ‬وربما غلب على اإلنسان ضرب من الخطيئة‬
‫ونوع من المعصية‪ ،‬وجانب من اإلعراض‪ ،‬ونصيب من الجرأة واإلقدام‬
‫فملك قلبه وسبى عقله‪ ،‬وأطفأ نوره وأرسل عليه حجبه فلم تنفع فيه تذكرة‬
‫وال نجحت فيه موعظة فربما جاء الموت على ذلك فسمع النداء من مكان‬
‫بعيد فلم يتبين المراد وال علم ما أراد وإن كرر عليه الداعي وأعاد " (‪.)‬‬
‫وساق قصصا في سوء الخاتمة نتخير بعضها مما له صلة بالموضوع‪.‬‬
‫(القصة األولى)‪:‬‬
‫قيل لرجل قل‪ :‬ال إله إال هللا ‪ -‬عند موته ‪ -‬فجعل يقول أين الطريق إلى‬
‫حمام منجاب‪ ،‬وقصة ذلك‪ " :‬أن رجال كان واقفا بإزاء داره وكان بابها يشبه‬
‫باب ذلك الحمام فمرت جارية لها منظر‪ ،‬فقالت‪ :‬أين الطريق إلى حمام‬
‫منجاب؟ فقال لها‪ :‬هذا حمام منجاب ‪ -‬مشيرا إلى بيته ‪ -‬فدخلت الدار ودخل‬
‫وراءها‪ ،‬فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه قد خدعها أظهرت له البشرى‬

‫(‪ )1‬الجواب الكافي ص ‪.189‬‬

‫‪60‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫والفرح باجتماعها معه‪ ،‬وقالت له‪ :‬يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا‬
‫وتقر به عيوننا‪ ،‬قال لها‪ :‬الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين وخرج‬
‫وتركها في الد ار ولم يغلقها فأخذ ما يصلح ورجع فوجدها قد خرجت‬
‫وذهبت ولم تخنه في شيء فهام الرجل وأكثر الذكر لها وجعل يمشي في‬
‫الطرق واألزقة ويقول‪:‬‬
‫ب‬
‫وووام من َجوووا ِ‬ ‫ب َائِلَووووة يَومووووا َو َوووود تَ ِعبَووووا‪ ‬أَي َ‬
‫ووون ال َّط ِريووو ف إِلَوووى َح َّم ِ‬ ‫يَووووا فر َّ‬
‫من طاق‪:‬‬ ‫‪ ‬فبينما يقول ذلك وإذا بجارية أجابته‪‬‬
‫ب‬ ‫علَى الد َِّار أَو ففِ َ‬
‫علَى البَا ِ‬ ‫سو ِووريعا ِإذ َتفَووورتَ ِب َهوووا‪ِ ‬حرزا َ‬‫َهوووِ َج َعلووواَ َ‬
‫ذلك حتى كان هذا البيت آخر كالمه‬
‫‪ ‬فازداد هيمانه واشتد ولم يزل على‪‬‬
‫من الدنيا‪ ..‬اهـ‪.‬‬
‫(القصة الثانية)‪:‬‬
‫وهي قصة الرجل الذي عشق شابا اسمه أسلم وامتنع الشاب عنه فأخذ‬
‫يناديه ويقول‪:‬‬
‫ف النحيووووووو ِل‬
‫ويوووووووا شوووووووفا ال فمووووووودنِ ِ‬ ‫أسوووووووووولم يووووووووووا راحووووووووووةَ العليوووووووووو ِل‬
‫ضووووووواهللا أشووووووو َهى إلوووووووى فوووووووؤادي‪ ‬مووووووون رحمووووووو ِة الخوووووووال ِ الجليووووووو ِل‬ ‫ِر َ‬
‫القصة بتمامها في جريمة اللواط تحت‬ ‫‪ ‬ومات على ذلك‪ ،‬وقد أوردنا هذه ‪‬‬
‫عنوان (تحذير إلى اللوطي)‪.‬‬
‫(القصة الثالثة)‪:‬‬
‫وملخصها أن رجال كان مؤذنا يؤذن على المنارة فأبصر ابنة صاحب‬
‫الدار المجاورة للمسجد وكانت نصرانية‪ ،‬فتعلق بها قلبه تعلقا جعله ال يصبر‬
‫عليها حتى ترك األذان ونزل إليها فطلبها إلى نفسه فامتنعت فطلب الزواج‬
‫منها فأبت ألنها نصرانية وهو مسلم فقال أتنصر فوافقت فتنصر ليتزوجها‬
‫وأقام معها في الدار فلما كان أثناء ذلك اليوم رقى إلى سطح كان في الدار‪،‬‬

‫‪61‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫فسقط منه فمات فلم يظفر بها وفاته دينه " (‪.)‬‬
‫فانظر ‪ -‬عافانا هللا وإياك ‪ -‬إلى العقوبة العاجلة بسوء الخاتمة‪ ،‬والجزاء‬
‫من جنس العمل‪ ،‬فكما ألقى بنفسه من على المنارة‪ ،‬ألقاه هللا تعالى من على‬
‫سطح الدار ميتا خسر الدنيا واآلخرة‪ ،‬ذلك هو الخسران المبين‪.‬‬

‫(‪ )1‬القصة اختصرتها بأسلوبي حكاية عن ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬بالجواب الكافي‪ ،‬ص ‪190‬‬
‫وذكرها أيضا ص ‪ ، 246‬وقال‪ :‬ذكر هذا عبد الحق في كتاب العاقبة له‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الفصل الخامس‬
‫الدا والعِج والو اية‬
‫النوع األول من العِج دوا تحصين للو اية من هاا المرل‬
‫االستئاا عند الزيارة وغض البصر‬
‫وبعدددد‪ ..‬فهدددل مدددن دواء لتلدددك األمدددراض القتالدددة‪ ،‬السدددامة الفتاكدددة‪ ،‬الفاحشدددة‬
‫الفداجرة؟ إن القاعدددة الشدرعية أن { لكددل داء دواء فدإذا أصدداب دواء الدداء بددرأ‬

‫بإذن هللا } (‪.)( )‬‬

‫قال ‪ { ‬إن هللا لم ينزل داء إال أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله‬

‫} (‪.)( )‬‬

‫والدوا نوعا ‪:‬‬


‫‪ - 1‬دواء تحصين واكتساب للمناعة ضد هذا المرض ينتج عنه تحصين‬
‫وحفظ الفرج‪.‬‬
‫‪ - 2‬دواء القتالع المرض بعد حدوثه واستئصال جذوره‪.‬‬
‫أما الدواء األول وهو التحصين ضد المرض يكون برفع الشعار اآلتي قوال‬
‫وعمال وهو [ اإلسِم يحول دو الوصول إلى الفاحشة ] وهذا مما يسمى [‬
‫الوقاية خير من العالج ]‪ ،‬ولإلسالم آدابه وخططه الناجحة الناجعة للحيلولة‬
‫دون الوقوع في الفاحشة وهذه اآلداب متمثلة في‪:‬‬
‫أوال‪ :‬االستئاا عند الزيارة وغض البصر‪:‬‬
‫فلما كان الزنا طريقه النظر‪ ،‬ومبدؤه البصر واالطالع على العورات‪،‬‬

‫(‪ )1‬مسلم السالم (‪ ،)2204‬أحمد (‪.)335/3‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم من حديث جابر‪.‬‬
‫(‪ )3‬ابن ماجه الطب (‪ ،)3438‬أحمد (‪.)443/1‬‬
‫(‪ )4‬رواه أحمد من حديث أسامة بن شريك‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫أرشد هللا الحكيم عباده إلى االستئذان إذا أرادوا دخول البيوت حتى ال تقع‬
‫العين على ما يؤجج الفتنة في القلب‪ ،‬ومازلنا لم يغب عن أذهاننا قصة‬
‫المؤذن الذي أطلق بصره من فوق المنارة في بيت مجاور فوقعت عينه‬
‫على فتاة نصرانية فأوقدت تلك النظرة نار الفتنة في قلبه فترك دينه ليوافق‬
‫دينها ويتزوجها‪ .‬إذن فهناك ارتباط وثيق بين االستئذان والبصر‪.‬‬
‫فعن سهل بن سعد ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ { - ‬إنما جعل االستئذان‬

‫متفق عليه‪ ،‬ويكون االستئذان ثالثا فإن أُذن له وإال‬ ‫(‪)‬‬


‫من أجل البصر }‬

‫فليرجع‪ ،‬فعن أبي موسى األشعري ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ { ‬االستئذان‬

‫ثالث فإن أُذن لك وإال فارجع } (‪ )‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪        ‬‬ ‫وقد قال تعالى‪{ :‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪                 ‬‬

‫} (‪ [ )‬النور‪ .] 28 - 27 :‬واالستئناس هو زوال‬ ‫‪ ‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫الوحشة باإلذن للزائر‪.‬‬


‫وفي شأن البصر خاصة أمر هللا تعالى المؤمنين والمؤمنات بغض‬
‫‪ [ ...)( }    ‬النور‪:‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫البصر‪   { :‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪ ،] 30‬وقدم األمر بغض البصر على حفظ الفرج ألن البصر هو بداية‬
‫طريق خطيئة الفرج وهو الممهد لها والمتفق عليها‪.‬‬

‫(‪ )1‬البخاري االستئذان (‪ ،)5887‬مسلم اآلداب (‪ ،)2156‬الترمذي االستئذان واآلداب (‪،)2709‬‬


‫النسائي القسامة (‪ ،)4859‬أحمد (‪ ،)330/5‬الدارمي الديات (‪.)2384‬‬
‫(‪ )2‬مسلم اآلداب (‪ ،)2153‬أبو داود األدب (‪ ،)5180‬أحمد (‪ ،)403/4‬مالك الجامع (‪.)1798‬‬
‫(‪ )3‬سورة النور آية‪.28 -27 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة النور آية‪.30 :‬‬

‫‪64‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫ومعظم النوار مون مستصو ر الشورر‬ ‫كووول الحووووادب مبووود ها مووون النظووور‬
‫كمبلووا السووهم بووين القوووَّ والوووتر‬ ‫كووم نظوورة بل ووا موون ل و صوواحبها ‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫أيضا فإن النبي ‪ ‬قال‪ { :‬النظرة سهم مسموم من سهام إبليس‪ ،‬فمن‬

‫غض بصره عن محاسن امرأة هلل؛ أورث هللا قلبه حالوة إلى يوم يلقاه }‬

‫وقال ‪ { ‬يا علي ال تتبع النظرة‪ ،‬فإنما لك األولى وليست لك الثانية‬ ‫(‪)‬‬

‫} ( ‪. ) ( ) ‬‬

‫ومما حرم في النظر أيضا وهو هام جدا‪:‬‬


‫‪ -1‬تحريم النظر إلى ما ال يجوز النظر إليه كاألمرد وغير ‪:‬‬
‫" فإن النظر إلى األمرد الحسن ‪ -‬وهو الحليق األجرد‪ ،‬من لم تنبت له‬
‫لحية وقد طر شاربه ‪ -‬من غير حاجةٍ‪ :‬حرام‪ ،‬وسواء كان بشهوة أو بغيرها‪،‬‬
‫سواء أَ ِّمنَ ال ِّفتْنَةَ أو لم يأمنها‪ ،‬هذا هو المذه ب الصحيح المختار عند العلماء‪،‬‬
‫وقد نص على تحريمه اإلمام الشافعي ومن ال يحصى من العلماء‪ ،‬ودليله‬
‫‪           ‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬

‫} (‪ [ )‬النور‪ ،] 30 :‬وألنه ‪ -‬أي األمرد ‪ -‬في‬ ‫‪ ‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫معنى المرأة بل وربما كان بعضهم أو كثير منهم أحسن من كثير من‬
‫النساء‪ ،‬ويتمكن من أسباب الريبة فيه ويتسهل من طرق الشر في حقه ما ال‬
‫يتسهل في حق المرأة‪ ،‬فكان تحريمه أولى‪ ،‬وأقاويل السلف في التنفير منهم‬

‫(‪ )1‬أبو داود والترمذي وأحمد (‪ )315 /5‬وهو في صحيح الجامع برقم (‪.)7830‬‬
‫(‪ )2‬الترمذي األدب (‪ ،)2777‬أبو داود النكاح (‪.)2149‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود والترمذي‪.‬‬
‫(‪ )4‬سورة النور آية‪.30 :‬‬

‫‪65‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫أكثر من أن تحصى وقد سموهم " األنتان "‪ ،‬لكونهم مستقذرين شرعا‪ ،‬وأما‬
‫النظر إليه في حال البيع والشراء واألخذ والعطاء والتطبيب والتعليم‬
‫ونحوها من مواضع الحاجة‪ ،‬فجائز للضرورة‪ ،‬لكن يقتصر الناظر على قدر‬
‫الحاجة‪ ،‬وال يديم النظر من غير ضرورة وكذا المعلم‪ ،‬وإنما يباح له النظر‬
‫الذي يحتاج إ ليه ويحرم عليهم كلهم في كل األحوال النظر بشهوة‪ ،‬وال‬
‫يختص هذا باألمرد بل يحرم على كل مكلف النظر بشهوة إلى كل أحد‬
‫رجال كان أو امرأة‪ ،‬محرما كانت المرأة أو غيرها‪ ،‬إال الزوجة أو المملوكة‬
‫التي يملك االستمتاع بها‪ ،‬حتى قال أصحابنا ‪ -‬والكالم لإلمام النووي ‪:-‬‬
‫يحرم ا لنظر بشهوة إلى محارمه كبنته وأمه‪ ،‬وهللا أعلم " (‪.)‬‬
‫أليس اإلسالم في كل هذا يمنع الوصول إلى الفاحشة؟ بلى‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه هللا ‪ " :-‬ينبغي حسم مادة الشر‬
‫والمعصية‪ ،‬وسد ذريعته ودفع ما يفضي إليه إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة‬
‫‪ -‬إلى أن قال ‪ :-‬فنهى ‪ ‬عن الخلوة باألجنبية والسفر بها ألنه ذريعة إلى‬
‫الشر‪.‬‬
‫وعمر بن الخطاب ‪ ‬لما كان يعس بالمدينة فسمع امرأة تتغنى بأبيات‬
‫تقول فيها‪:‬‬
‫وهل مون سوبيل إلوى خمور فأشوربها‪ ‬هوووول موووون سووووبيل إلووووى نصوووور بوووون‬
‫وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووواج؟ة‪،‬‬
‫حجوفازداد جماال فنفاه إلى البصر‬ ‫‪ ‬فدعي به فوجده شابا حسنا فحلق رأسه‪،‬‬
‫‪‬‬ ‫لئال تفتتن به النساء‪.‬‬
‫وروي عنه أنه بلغه أن رجال يجلس إليه الصبيان فنهى عن مجالسته‪،‬‬
‫فإذا كان من الصبيان من تخشى فتنته على الرجال أو النساء‪ ،‬منع وليه من‬
‫إظهاره لغير حاجة أو تحسينه؛ ال سيما بترييحه في الحمامات وإحضاره‬

‫(‪ )1‬التبيان في آداب حملة القران لإلمام النووي‪ :‬ص ‪.74 - 73‬‬

‫‪66‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫(‪)‬‬
‫فأين‬ ‫مجالس اللهو واألغاني؛ فإن هذا مما ينبغي التعزير عليه‪ .‬انتهى‬
‫أبناؤنا وبناتنا من ترك هذا وصور المردان تعرض عليهم ليال ونهارا بكرة‬
‫وعشيا؟‪.‬‬
‫فليحذر الطالب من إدامة النظر إلى مدرسهم وشيخهم لغير حاجة‪،‬‬
‫خاصة إذا كان ذا منظر‪ ،‬وليحذر المدرسون من إدامة النظر إلى طالب‬
‫وسيم أو تقريبه لغير حاجة‪ ،‬فإن في ذلك فتنة خفية قد تظهر عواقبها فيما‬
‫بعد‪.‬‬
‫وقال الحسن بن ذكوان‪ " :‬ال تجالسوا أوالد األغنياء فإن لهم صورا‬
‫كصور العذارى فهم أشد فتنة من النساء "‪.‬‬
‫وقال بعض التابعين‪ :‬ما أنا بأخوف على الشاب الناسك مع سبع ضار؛‬
‫من الغالم األمرد يقعد إليه‪ .‬وكان يقال‪ :‬ال يبيتن رجل مع أمرد في مكان‬
‫واحد‪ ،‬و ُح ِّرم قياسا على المرأة ألن النبي ‪ ‬قال‪ { :‬ما خال رجل بامرأة إال‬

‫كان الشيطان ثالثهما } (‪ )‬وفي المردان من يفوق النساء بحسنه‪ ،‬فالفتنة به‬

‫أعظم‪ ،‬وأقوال السلف في التنفير منهم والتحذير من رؤيتهم أكثر من أن‬


‫تحصر (‪.)‬‬

‫(‪ )1‬أحكام وفتاوى النساء البن تيمية‪ ،‬تحقيق وتعليق عبد اللطيف عيسى ص ‪.98‬‬
‫(‪ )2‬البخاري النكاح (‪ ،)4934‬مسلم السالم (‪ ،)2172‬الترمذي الرضاع (‪ ،)1171‬أحمد‬
‫(‪ ،)149/4‬الدارمي االستئذان (‪.)2642‬‬
‫(‪ )3‬موارد الظمآن‪ :‬ج ‪ 5‬وص ‪.127‬‬

‫‪67‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ -2‬النهي عن الجلوَّ في الطر ات والو وف على نواصي الشوارع‪:‬‬


‫ألن ذلك يعطي انطالقا للبصر ليرى الذاهب واآليب‪ ،‬وقد نهى النبي ‪‬‬
‫عن ذلك‪ ،‬ففي حديث أبي سعيد الخدري ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ { ‬إياكم‬

‫والجلوس في الطرقات قالوا‪ :‬يا رسول هللا ما لنا من مجالسنا من بد نتحدث‬


‫فيها‪ ،‬فقال رسول هللا ‪ ‬فإذا أبيتم إال المجلس فأعطوا الطريق حقه‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫وما حق الطريق يا رسول هللا؟ قال‪ :‬غض البصر وكف األذى ورد السالم‬
‫واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر } (‪ ..)‬متفق عليه‪.‬‬

‫هللا أكبر‪ ،‬أين شبابنا من هذا األدب النبوي حين يقف على قارعة الطريق‬
‫للمراقبة وإطالق النظر؟!‬
‫‪ -3‬اإلسِم يأمر المرأة بالحجاب ويفصل لها الثياب‪:‬‬
‫عن أسامة بن زيد ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ { ‬ما‬

‫تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء } (‪ )‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪     ‬‬ ‫لذلك أمر اإلسالم المرأة بالحجاب {‬
‫‪)(‬‬
‫}‬ ‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪  ‬‬

‫[ األحزاب‪.] 59 :‬‬
‫واإلدناء‪ :‬من الدنو وهو القرب‪ ،‬والمعنى يغطين بها وجوههن وأبدانهن‬
‫عند الخروج‪ ،‬وأمرها أيضا أال تبدي زينتها ألجنبي‪ ،‬ولكن تبديها لمحارمها‪،‬‬
‫أي الذين يحرم عل يهم نكاحها أبدا‪ ،‬فكل من يحرم عليه الزواج من امرأة‬

‫(‪ )1‬البخاري المظالم والغصب (‪ ،)2333‬مسلم اللباس والزينة (‪ ،)2121‬أبو داود األدب (‪،)4815‬‬
‫أحمد (‪.)36/3‬‬
‫(‪ )2‬البخاري النكاح (‪ ،)4808‬مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار (‪ ،)2740‬الترمذي األدب‬
‫(‪ ،)2780‬ابن ماجه الفتن (‪ ،)3998‬أحمد (‪.)200/5‬‬
‫(‪ )3‬سورة األحزاب آية‪.59 :‬‬

‫‪68‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫حرمة أبدية فهي من محارمه وهو محرم لها‪ .‬أيضا ممن تبدو زينة المرأة‬
‫لهم " التابعين غير أولي اإلربة " وهم األتباع الذين ليسوا بأكفاء وال همة‬
‫لهم إلى النساء وال حاجة‪ ،‬فال يشتهونهن‪ ،‬وكذلك األطفال الذين لصغرهم ال‬
‫يفهمون أحوال النساء وعوراتهن‪ ،‬وملك اليمن الذكر فيه خالف‪.‬‬
‫كذلك فإن اإلسالم ندب إلى ستر الوجه للنساء القواعد الالئي كبرن فلم‬
‫(‪) ‬‬
‫يتشوفن إلى الزواج‪ ،‬ويئسن من الولد‪ ،‬فبعد أن أباح لهن كشف الوجه‬
‫‪          ‬‬ ‫بقوله تعالى‪{ :‬‬
‫‪             ‬‬

‫‪ [ )( } ‬النور‪ ،] 60 :‬فندب إلى العفة بستر الوجه ألن فيها الخير‪.‬‬

‫‪ -4‬تحديد العورات للرجال والنسا ‪:‬‬


‫(أوال)‪ :‬عورة الرجل مع الرجل‪ :‬قال الرازي في التفسير الكبير ج ‪23‬‬
‫ص ‪ " : 176‬فأما الرجل مع الرجل فيجوز له أن ينظر إلى جميع بدنه إال‬
‫عورته‪ ،‬وعورته ما بين السرة والركبة‪ ،‬والسرة والركبة ليستا بعورة "‪.‬‬
‫(ثانيا)‪ :‬عورة المرأة مع المرأة‪ :‬قال أيضا‪ " :‬أما عورة المرأة مع‬
‫المرأة فكعورة الرجل مع الرجل فلها أن تنظر إلى جميع بدنها إال ما بين‬
‫السرة والركبة‪ ،‬وعند خوف الفتنة ال يجوز " انتهى‪ ،‬وهذا القول في عورة‬
‫المرأة عام فيه تفصيل‪ ،‬فإن هللا سبحانه وتعالى حينما بين في سورة النور‬
‫اآلية‪ )31( :‬الفصائل التي يجوز للمرأة أن تبدي زينتها عليهم ذكر منهم "‬
‫أو نسائهن "‪.‬‬
‫فما هي الزينة التي تبديها المرأة على النسا ؟‬

‫(‪ )1‬فتاوى ورسائل للنساء البن عثيمين‪ ،‬ص ‪.147‬‬


‫(‪ )2‬سورة النور آية‪.60 :‬‬

‫‪69‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫قال األلوسي في تفسيره " روح البيان " ج ‪ 17‬ص ‪ " :140‬هذه الزينة‬
‫واقعة على مواضع من الجسد ال يحل النظر إليها إال لمن استثني في اآلية‬
‫بعدُ وهي الذراع والساق والعضد والعنق والرأس والصدر واألذن "‪.‬‬
‫وقال أبو حيان األندلسي في تفسيره " البحر المحيط " ج ‪ 6‬ص ‪" :412‬‬
‫هذه الزينة واقعة على مواضع من الجسد ال يحل النظر إليها لغير هؤالء‬
‫وهي الساق والعضد والعنق والرأس والصدر واآلذان ‪ -‬ثم قال ‪ :-‬وبدأ‬
‫‪ )( } ‬ألن اطالعهم على أعظم من الزينة‪،‬‬
‫‪‬‬ ‫تعالى باألزواج { ‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪‬‬

‫ثم ثنى بالمحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة‪ ،‬ولكن تختلف مراتبهم في‬
‫الحرمة ما في نفوس البشر فاألب واألخ ليسا كابن فقد يبدى لألب ما ال‬
‫يبدى البن الزوج‪.‬‬
‫وقال القرطبي في تفسيره‪ :‬ج ‪ 21‬ص ‪ " 232‬ولما ذكر هللا تعالى‬
‫األزواج وبدأ بهم ثنى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ولكن‬
‫تختلف مراتبهم ما في نفوس البشر‪ ،‬فال مرية أن كشف األب واألخ على‬
‫المرأة أحوط من كشف ولد زوجها "‪.‬‬
‫(ثالثا)‪ :‬عورة الرجل بالنسبة للمرأة‪ :‬فهي من السرة إلى الركبة سواء‬
‫كان الرجل محرما أو غير محرم‪ ،‬وهذا الراجح في شأن غير المحرم‪.‬‬
‫(رابعا)‪ :‬وأما عورة المرأة بالنسبة لألجنبي‪ :‬فجميع بدنها عورة على‬
‫الصحيح وهو مذهب الشافعية والحنابلة‪ ،‬وقد نص اإلمام أحمد على ذلك‬
‫فقال‪ " :‬كل شيء من المرأة عورة حتى الظفر " (‪.)‬‬
‫‪ -5‬اإلسِم ينهى المرأة عن تر ي صوتها والخضوع في القول‪:‬‬

‫(‪ )1‬سورة النور آية‪.31 :‬‬


‫(‪ )2‬زاد المسير البن الجوزي‪ :‬ج ‪ ،5‬ص ‪ ،356‬سورة النور‪.31 - 30 :‬‬

‫‪70‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪     ‬‬ ‫ومعلوم علة ذلك كما بين هللا تعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( } ‬األحزاب‪.] 32 :‬‬


‫‪      ‬‬

‫إذن فاإلسالم يقطع الطريق على ضعاف النفوس‪ ،‬ألن آلتهم السمعية‬
‫جاهزة اللتقاط الموجات الصوتية فتحدث الذبذبات القلبية فتقع الجرائم‬
‫االجتماعية { ‪ ...‬واألذنان زناهما االستماع‪.)( )( } ..‬‬

‫وإذا كان صوت المرأة خاضعا من غير تعمد منها وإنما فيه رقة زائدة‬
‫بحكم أنوثتها وطبيعتها فعليها أن تتقي هللا‪ ،‬وال تخرجه لألجانب إال‬
‫للضرورة الملحة‪ ،‬وفي أضيق الحدود‪ ،‬وبأقل الكالم‪ ،‬ويجوز للمرأة عامة‬
‫التحدث للحاجة من بيع أو شراء أو الرد على طارق البيت وهكذا‪.‬‬
‫قال العالمة األلوسي‪ " :‬والمذكور في معتبرات الشافعية ‪ -‬إليه أميل ‪-‬‬
‫أن صوتهن ليس بعورة فال يحرم سماعه إال إن خشي منه فتنة " (‪.)‬‬
‫‪ -6‬اإلسِم يحرم االختِط ويأمر المرأة أ تقر في بيتها‪:‬‬
‫حيث إن من عواقب االختالط إمعان المرأة نظرها في الرجال‪ ،‬وهي ال‬
‫شك تشتهي من الرجل ما يشتهيه الرجل منها‪ ،‬وكذلك إمعان الرجل نظره‬
‫في المرأة وحجمها وصوتها وكل حركاتها‪ ،‬خاصة في العمل والمدارس‬
‫والجامعات والمستشفيات والسفر وما يستتبع ذلك من أحاديث وحوارات‬
‫ولقاءات ومشاورات ال تحمد عقباها بحال‪ ،‬وما وجد االختالط في بيئة إال‬
‫وكثرت فيها الفواحش‪.‬‬
‫قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ " :-‬واألدلة‬

‫(‪ )1‬سورة األحزاب آية‪.32 :‬‬


‫(‪ )2‬مسلم القدر (‪.)2657‬‬
‫(‪ )3‬البخاري ومسلم واللفظ له من حديث أبي هريرة مرفوعا‪.‬‬
‫(‪ )4‬روح المعاني لأللوسي‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الصريحة الدالة على تحريم الخلوة باألجنبية وتحريم النظر إليها‪ ،‬وتحريم‬
‫الوسائل الموصلة إلى الوقوع في ما حرم هللا‪ ،‬أدلة كثيرة محكمة قاضية‬
‫بتحريم االختالط المؤدي إلى ما ال تحمد عقباه "‪ ،‬وساق أدلة كثيرة من آيات‬
‫وأحاديث ثم قال‪ " :‬وهذه اآليات واألحاديث صريحة الداللة في وجوب‬
‫االبتعاد عن االختالط المؤدي إلى الفساد وتقويض األسر وخراب‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫المجتمعات " (‪ )‬أما عن بقاء المرأة في بيتها فقد قال هللا تعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }          ‬األحزاب‪.] 33 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪ - 7‬اإلسِم يمنع الدخول على األجنبيات والخلوة بهن‪:‬‬


‫فالنبي ‪ ‬يسن الحصانة بين الجنسين فيقول‪ { :‬إياكم والدخول على‬
‫(‪) ‬‬
‫النساء‪ ،‬فقال رجل من األنصار‪ :‬أفرأيت الحمو؟ قال‪ :‬الحمو الموت }‬

‫متفق عليه من حديث عقبة بن عامر‪.‬‬


‫والحمو هو‪ :‬أخو الزوج وقريبه كابن أخيه وابن عمه‪ ،‬وتعبير النبي ‪‬‬
‫عنهم بلفظ " الموت " يعني أن الهالك والمضرة كلها تأتي من هاهنا‪ ،‬حيث‬
‫ال ريبة في دخول هؤالء‪ ،‬وهم أعلم بسر الزوج وموعد دخوله وخروجه‪،‬‬
‫فاحتمال وقوع الفتنة منهم أكبر‪.‬‬
‫وعن ابن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬أن النبي ‪ ‬قال‪ { :‬ال يخلون‬

‫أحدكم بامرأة إال مع ذي محرم } (‪ )‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪ -8‬اإلسِم يمنع مصافحة النسا غير المحارم‪:‬‬

‫(‪ )1‬فتاوى المرأة‪ :‬محمد المسند ص ‪.196‬‬


‫(‪ )2‬سورة األحزاب آية‪.33 :‬‬
‫(‪ )3‬البخاري النكاح (‪ ،)4934‬مسلم السالم (‪ ،)2172‬الترمذي الرضاع (‪ ،)1171‬أحمد‬
‫(‪ ،)149/4‬الدارمي االستئذان (‪.)2642‬‬
‫(‪ )4‬البخاري النكاح (‪ ،)4935‬مسلم الحج (‪ ،)1341‬أحمد (‪.)222/1‬‬

‫‪72‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫قال الشيخ ابن عثيمين ‪ -‬رحمه هللا ‪ " :-‬فمصافحة المرأة للرجل غير‬
‫المحرم سواء كانت من وراء حائل أو مباشرة حرام لما يفضي إليه الملمس‬
‫من الفتنة " (‪.)‬‬
‫وقال الشيخ ابن جبرين ‪ -‬حفظه هللا ‪ " :-‬وتحرم مصافحة الرجل للمرأة‬
‫األجنبية ‪ -‬أي التي ليست من محارمه ‪ -‬لما في ذلك من الفتنة وإثارة‬
‫الشهوة‪ ،‬والنبي ‪ ‬ما مست يده يد امرأة أجنبية قط " (‪ )‬اهـ‪.‬‬
‫وانظر األحاديث الواردة في تفسير ابن كثير لسورة الممتحنة اآلية‪:‬‬
‫(‪ )12‬عن بيعة النساء ففيها كفاية‪ ،‬وفي الحديث‪ { :‬ألن يُطعن في رأس‬

‫أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة ال تحل له } (‪.)‬‬

‫‪ -9‬اإلسِم يمنع المرأة من الخروج متعطرة‪:‬‬


‫وهذا مما فشا في عصرنا رغم التحذير الشديد من النبي ‪ ‬بقوله‪{ :‬‬
‫(‪) ‬‬
‫أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية }‬

‫(‪.)‬‬
‫وعند بعض النساء غفلة أو استهانة تجعلها تتساهل بهذا األمر عند‬
‫السائق والبائع وبواب المدرسة‪ ،‬بل إن الشريعة شددت على من وضعت‬
‫طيبا بأن تغتسل كغسل الجنابة إذا أرادت الخروج ولو إلى المسجد‪ ،‬قال‬
‫رسول هللا ‪ { ‬أيما امرأ ة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد ليوجد ريحها لم‬

‫(‪ )1‬المصدر السابق‪.‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه الطبراني‪ 212 / 20 ،‬وهو في صحيح الجامع برقم (‪.)4921‬‬
‫(‪ )4‬الترمذي األدب (‪ ،)2786‬النسائي الزينة (‪ ،)5126‬أبو داود الترجل (‪ ،)4173‬أحمد‬
‫(‪ ،)418/4‬الدارمي االستئذان (‪.)2646‬‬
‫(‪ )5‬رواه اإلمام أحمد‪ 412 / 1 ،‬وهو في صحيح الجامع برد (‪.)4126‬‬

‫‪73‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫فإلى هللا‬ ‫(‪)( )‬‬


‫يقبل منها صالة حتى تغتسل اغتسالها من الجنابة }‬

‫المشتكى من البخور والعود في األعراس وحفالت النساء قبل خروجهن‪،‬‬


‫واستعمال هذه العطورات ذات الروائح النفاذة في األسواق ووسائل النقل‬
‫ومجتمعات االختالط وحتى في المساجد في ليالي رمضان‪ ،‬وقد جاءت‬
‫الشريعة بأن طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه (‪.)‬‬
‫‪ - 10‬ويمنعها من السفر الطويل بدو محرم ومن الخروج بدو إذ‬
‫زوجها‪:‬‬
‫وفي الصحيحين عن ابن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا‬
‫وهذا يعم جميع األسفار‬ ‫(‪) ‬‬
‫‪ { ‬ال تسافر المرأة إال مع ذي محرم }‬
‫حتى سفر الحج ‪ -‬وقد أقال النبي ‪ ‬رجال من الغزو في سبيل هللا آمرا له أن‬
‫يرجع ليصحب امرأته في الحج حتى ال تسافر وحدها ‪ -‬وسفر المرأة بغير‬
‫محرم يغري الفساق بها فيتعرضون لها ‪ -‬كما يجعل المرأة ضعيفة أمام‬
‫تزيين الشيطان فيكون في ذلك تسهيال للوقوع في الفاحشة ‪ -‬وأقل أحوالها‬
‫أن تؤذى في عرضها وشرفها‪ ،‬وكذلك ركوبها بالطائرة ولو بمحرم يودع‬
‫ومحرم يستقبل ‪ -‬بزعمهم ‪ -‬فمن الذي سيركب بجانبها في المقعد المجاور؟‬
‫ولو حصل خلل فهبطت الطائرة في مطار آخر‪ ،‬أو حدث تأخير واختالف‬
‫موعد فماذا يكون الحال؟ ! والقصص كثيرة " (‪.)‬‬
‫وحتى مع زوال كل هذه العلل فنحن متعبدون بطاعة هللا ‪ -‬جل وعال ‪-‬‬
‫حيث أمر وحيث نهى‪ .‬ويشترط أن يكون المحرم مسلما عاقال بالغا ذكرا‪،‬‬
‫كما قال النبي ‪ { ‬أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها }‬
‫(‪.)( )‬‬

‫(‪ )1‬ابن ماجه الفتن (‪ ،)4002‬أحمد (‪.)444/2‬‬


‫(‪ )2‬رواه اإلمام أحمد‪ 444 /2 ،‬و وانظر صحيح الجامع برقم (‪.)2703‬‬
‫(‪ )3‬محرمات استهان بها الناس‪ ،‬للمنجد‪ ،‬ص‪.44 :‬‬
‫(‪ )4‬البخاري الحج (‪ ،)1763‬مسلم الحج (‪ ،)1341‬أحمد (‪.)222/1‬‬
‫(‪ )5‬المصدر السابق‪ :‬مع زيادة الجمل االعتراضية‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫(‪ )6‬مسلم الحج (‪ ،)1340‬الترمذي الرضاع (‪ ،)1169‬أبو داود المناسك (‪ ،)1726‬ابن ماجه‬
‫المناسك (‪.)2898‬‬
‫(‪ )7‬المصدر السابق‪ :‬ص ‪.45‬‬

‫‪74‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وفي إجابة للجنة الدائمة على سؤال نصه‪:‬‬


‫(َّ)‪ :‬ما حكم نزول المرأة في السوق بدو إذ زوجها؟‬
‫(ج)‪ :‬إذا أرادت المرأة الخروج من بيت زوجها فإنها تخبره بالجهة التي‬
‫تريد الذهاب إليها ويأذن لها في الخروج ما ال يترتب عليه مفسدة فهو أدرى‬
‫‪       ‬‬ ‫بمصالحها لعموم قوله تعالي‪{ :‬‬

‫‪‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪ [ )( }   ‬البقرة‪ ،] 228 :‬وقوله تعالى {‬
‫‪  ‬‬

‫‪ [ )( )( } ‬النساء‪.] 34 :‬‬


‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ -11‬النهي عن وصف المرأة أمام األجان ‪:‬‬


‫عن ابن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ { ‬ال تباشر المرأة المرأة‬

‫فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها } (‪ )‬متفق عليه‪.‬‬

‫ويكون ذلك كذريعة أن تتفتح عين الزوج على ما خفي عنه بالحجاب‬
‫ويجري الشيطان منه مجرى الدم وربما أدى ذلك إلى احتقار زوجته‪.‬‬
‫‪ -12‬اإلسِم ينهى عن كشف العورة وعن اإلفضا في الثوب الواحد‪:‬‬
‫فعن أبي سعيد ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬قال‪ { :‬ال ينظر الرجل إلى عورة‬

‫الرجل‪ ،‬وال المرأة إلى عورة المرأة‪ ،‬وال يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب‬
‫واحد‪ ،‬وال تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد } (‪ )‬رواه مسلم‪.‬‬

‫والمعنى أال يضطجع ال رجالن متجردين عريانين تحت ثوب واحد أو‬
‫لحاف واحد‪ ،‬وكذلك المرأتان‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة آية‪.228 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة النساء آية‪.34 :‬‬
‫(‪ )3‬فتاوى المرأة‪ :‬ص ‪.211‬‬
‫(‪ )4‬البخاري النكاح (‪ ،)4942‬الترمذي األدب (‪ ،)2792‬أبو داود النكاح (‪ ،)2150‬أحمد‬
‫(‪.)460/1‬‬
‫(‪ )5‬مسلم الحيض (‪ ،)338‬أحمد (‪.)63/3‬‬

‫‪75‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ - 13‬اإلسِم ينهى عن المسامرة بين الرجل والمرأة األجنبية ‪:‬‬


‫عن الحسن في بيعة النساء قال‪ :‬كان فيما أخذ النبي ‪ { ‬أال تحدثن‬

‫الرجال ال أن تكون ذات محرم‪ ،‬فإن الرجل ال يزال يحدث المرأة حتى‬
‫يمذي بين فخذيه } رواه ابن أبي حاتم ‪ -‬تفسير ابن كثير ‪ -‬سورة الممتحنة‪،‬‬

‫والمذي هو ماء أبيض لزج يخرج من الرجل عند التفكير في الجماع أو عند‬
‫المالعبة وكذلك من المرأة وهو نجس باتفاق العلماء ويجزي لتطهيره غسل‬
‫الفرج والمكان المصاب في الثياب وال غسل منه (‪.)‬‬

‫(‪ )1‬فقه السنة‪ :‬سيد سابق‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.25‬‬

‫‪76‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ - 14‬اإلسِم يفرق بين األوالد في المضجع ‪:‬‬


‫عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال‪ :‬قال رسول هللا ‪{ ‬‬

‫مروا أوالدكم بالصالة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء‬
‫رواه أبو داود بإسناد حسن‪.‬‬ ‫(‪)‬‬
‫عشر وفرقوا بينهم في المضاجع }‬

‫وهذا توجيه نبوي عظيم‪ ،‬ذلك أن األوالد قي هذه السن ‪ -‬العاشرة ‪-‬‬
‫يبدأون في معرفة ما يعرفه الكبار وفهم ما يفهمه الكبار وربما سول‬
‫الشيطان لهم حال اختالطهم في المضجع‪.‬‬
‫‪ - 15‬نهى اإلسِم عن ال نا المحرم والموسيقى ومشاهدة المسلسِت‬
‫الهابطة‪:‬‬
‫وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ -‬رحمه هللا ‪:-‬‬
‫(َّ)‪ :‬ما حكم استماع الموسيقى واألغاني؟ وما حكم مشاهدة‬
‫المسلسِت التي تتبرج فيها النسا ؟‬
‫(ج)‪ :‬حكم ذلك التحريم والمنع لما في ذلك من الصد عن سبيل هللا‪،‬‬
‫ومرض القلوب‪ ،‬وخطر الوقوع فيما حرم هللا ‪ ‬من الفواحش‪ ،‬قال هللا ‪‬‬
‫‪              ‬‬ ‫{‬
‫‪               ‬‬

‫‪ [ )( }     ‬لقمان‪ .] 7 - 6 :‬ففي هاتين اآليتين‬


‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪           ‬‬

‫الكريمتين‪ ،‬الداللة على أن استماع آيات اللهو والغناء من أسباب الضالل‬


‫واإلضالل واتخاذ آيات هللا هزوا واالستكبار عن سماع آيات هللا (‪ )‬اهـ‪.‬‬

‫(‪ )1‬أبو داود الصالة (‪ ،)495‬أحمد (‪.)187/2‬‬


‫(‪ )2‬سورة لقمان آية‪.7 :‬‬
‫(‪ )3‬فتاوى المرأة‪ :‬جمع وترتيب محمد المسند‪ ،‬ص ‪.2 - 1‬‬

‫‪77‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وقد أخرج البخاري معلقا (‪ )‬حديث النبي ‪ { ‬ليكونن أقوام من أمتي‬

‫والحر‪ :‬أي الفرج‪،‬‬ ‫( ‪)‬‬


‫يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف }‬

‫والمعازف‪ :‬آالت العزف والموسيقى‪.‬‬


‫‪ -16‬المجِت والصحف النسائية الخليعة والصور الماجنة مما حرمه‬
‫اإلسِم ‪:‬‬
‫ذلك أن تلك المجالت تحمل من الصور السافرة المتبرجة ما يذهب بلب‬
‫الطائشين ومرضى القلوب وتنقل أخبار الفحش والقصص الجنسية في‬
‫المجتمعات‪ ،‬والتي تحرك داعي الشهوة التي ال تجد مصرفا إال بالوسائل‬
‫المحرمة‪.‬‬
‫وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ -‬رحمه هللا ‪:-‬‬
‫(َّ)‪ :‬ما حكم إصدار مجِت تظهر فيها النسا سافرات وبطريقة‬
‫م رية؟ وتهتم بأخبار الممثلين والممثِت؟ وما حكم من يعمل في ها‬
‫المجلة ومن يساعد على توزيعها ومن يشتريها؟‬
‫(ج)‪ :‬ال يجوز إصدار المجالت التي تشتمل على نشر الصور النسائية‬
‫أو الدعاية إلى الزنا واللواط والفواحش أو شرب المسكرات أو نحو ذلك مما‬
‫يد عو إلى الباطل ويعين عليه‪ ،‬وال يجوز العمل في مثل هذه المجالت ال‬
‫بالكتابة وال بالترويج لما في ذلك من التعاون على اإلثم والعدوان ونشر‬
‫الفساد في األرض والدعوة إلى إفساد المجتمع ونشر الرذائل‪ .‬وقد قال هللا‬
‫‪         ‬‬ ‫تعالى في كتابه المبين {‬

‫(‪ )1‬من حديث أبي مالك األشعري أو أبي عامر األشعري‪.‬‬


‫(‪ )2‬أبو داود اللباس (‪.)4039‬‬

‫‪78‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ [ )( }         ‬المائدة‪.] 2 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬

‫وقال النبي ‪ { ‬من دعا إلى هدى كان له من األجر مثل أجور من‬

‫تبعه ال ينقص ذلك من أجورهم شيئا‪ ،‬ومن دعا إلى ضاللة كان عليه من‬
‫أخرجه مسلم‬ ‫( ‪)‬‬
‫اإلثم مثل آثام من تبعه ال ينقص ذلك من آثامهم شيئا }‬

‫في صحيحه‪ ...‬إلى آخر ما قال ‪ -‬رحمه هللا (‪.)‬‬


‫وفي فتوى اللجنة الدائمة إجابة على سؤال‪:‬‬
‫(َّ)‪ :‬ما حكم النسا اللواتي يطلعن على ها المجِت؟‬
‫(ج)‪ :‬يحرم على كل مكلف ذكرا أو أنثى أن يقرأ في كتب البدع‬
‫والضالل والمجالت التي تنشر الخرافات‪ ،‬وتقوم بالدعاية الكاذبة‪ ،‬وتدعو‬
‫إلى االنحراف عن األخالق الفاضلة‪ ،‬إال إذا كان من يقرؤها يقوم بالرد على‬
‫ما فيها من إلحاد وانحراف وينصح أهلها باالستقامة‪ ،‬وينكر عليهم صنيعهم‪،‬‬
‫ويحذر الناس من شرهم " (‪.)‬‬
‫‪ - 17‬رغ اإلسِم في الزواج‪:‬‬
‫حيث إن الزواج عفة ووقاية؛ قال ‪ { ‬يا معشر الشباب من استطاع منكم‬

‫متفق عليه من‬ ‫(‪)‬‬


‫الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج‪} ..‬‬

‫حديث ابن مسعود‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة المائدة آية‪.2 :‬‬


‫(‪ )2‬مسلم العلم (‪ ،)2674‬الترمذي العلم (‪ ،)2674‬أبو داود السنة (‪ ،)4609‬أحمد (‪،)397/2‬‬
‫الدارمي المقدمة (‪.)513‬‬
‫(‪ )3‬فتاوى المرأة‪ :‬جمع وترتيب محمد المسند‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫(‪ )4‬المصدر السابق‪ :‬ص ‪.199‬‬
‫(‪ )5‬البخاري النكاح (‪ ،)4779‬مسلم النكاح (‪ ،)1400‬الترمذي النكاح (‪ ،)1081‬النسائي النكاح‬
‫(‪ ،)3211‬أبو داود النكاح (‪ ،)2046‬ابن ماجه النكاح (‪ ،)1845‬أحمد (‪ ،)378/1‬الدارمي‬
‫النكاح (‪.)2166‬‬

‫‪79‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ - 18‬وصف الدوا لمن لم يقدر على الزواج‪:‬‬


‫أي‪ :‬قاطع‬ ‫(‪)‬‬
‫قال ‪ { ‬فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء }‬

‫للشهوة‪.‬‬
‫ومع الصوم أمر اإلسالم بالتعفف واالستعفاف لمن حيل بينه وبين الزواج‬
‫‪       ‬‬ ‫حتى ييسر هللا عليه‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }    ‬النور‪.] 33 :‬‬


‫‪  ‬‬

‫‪ - 19‬نصح اإلسِم األبوين بتزويج الولد والبنا متى بل ا‪:‬‬


‫‪        ‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }        ‬النور‪.] 32 :‬‬


‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬

‫وإن الرجل وزوجته مسؤوالن أمام هللا تعالى‪ ،‬إذا حبسا ابنهما أو ابنتهما‬
‫عن الزواج ابتغاء عرض الدنيا الزائل‪ ،‬فإذا زنى الولد أو البنت فإن األبوين‬
‫يحمالن من هذا الوزر والذنب العظيم طالما أن الحبس عن الزواج كان‬
‫لغرض دنيوي أو سمعة أو شهرة‪ ،‬فليبحث األبوان عن صاحب الدين‬
‫وصاحبة الدين‪ ،‬وليخففا في المهور إذًا‪ ،‬حتى ال يأتي العنت لهم ولغيرهم {‬

‫‪ [ )( }        ‬النور‪.] 32 :‬‬


‫‪      ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪ -20‬االهتمام باألطفال في التربية ‪:‬‬


‫وذلك عن طريق تدريب األطفال من الصغر وتعليمهم االستئذان وغض‬

‫(‪ )1‬البخاري الصوم (‪ ،)1806‬مسلم النكاح (‪ ،)1400‬الترمذي النكاح (‪ ،)1081‬النسائي الصيام‬


‫(‪ ،)2240‬أبو داود النكاح (‪ ،)2046‬ابن ماجه النكاح (‪ ،)1845‬أحمد (‪ ،)378/1‬الدارمي‬
‫النكاح (‪.)2166‬‬
‫(‪ )2‬سورة النور آية‪.33 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة النور آية‪.32 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة النور آية‪.32 :‬‬

‫‪80‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫البصر عن العورات وتعويدهم على أال يكشفوا عوراتهم‪ ،‬وهذا يوجب على‬
‫األب أال يظهر بمالبس قصيرة أمام األبناء كأن يجلس بينهم بسروال قصير‬
‫مثال‪ ،‬كذلك يعود الطفل على أال يتداول األلفاظ القبيحة وال يحكيها وال‬
‫يرددها‪ ،‬وخاصة ألفاظ العورات وأسماءها‪ ،‬وال يحكي الرجل شيئا مما‬
‫يدور بين الرجل والمرأة أمام األطفال‪ ،‬وإذا تربى األطفال على هذه‬
‫الخصال فباألولى أال يروها عن طريق اإلذاعات المرئية والفيديو والبث‬
‫المباشر‪ ،‬الذي يبث سموم الغرب وفحشهم ورديء أخالقهم في بيوت‬
‫المسلمين‪ ،‬وهنيئا ثم هنيئا ثم هنيئا لمن لم تدخل هذه األجهزة بيته‪ .‬ومن‬
‫الضروري جدا أن أتوجه إلى اآلباء واألمهات بما أسميه‪...:‬‬
‫ندا صارخ وتحاير ل ‪:‬‬
‫أقول لكل أب يقتني هذه األجهزة في بيته إنها كالخمر والميسر إثمهما‬
‫أكبر من نفعهما‪ ،‬واسمع أيها األب وأيتها األم هذه القصة التي تشيب منها‬
‫الرؤوس‪ :‬حدثني بعض المدرسين الثقات أن بعض تالميذه بالمدرسة‬
‫االبتدائية وهم دون البلوغ جاءوا إليه ليقول أحدهم‪ " :‬يا أستاذ‪ :‬لقد اتصل بي‬
‫زميلي فالن بالتلفون ليلة أمس وقال لي‪ :‬يا فالن اضبط الجهاز على القناة‬
‫رقم كذا فسترى امرأة بدون سروال‪ ،‬هيا بسرعة‪ ،‬يعني امرأة عارية تماما‪،‬‬
‫فرد زميله فقال‪ :‬ال يا أستاذ زميلي فالن هو الذي اتصل أوال وقال كذا وكذا‪،‬‬
‫قال المدرس‪ :‬وصار التالميذ يلقون االتهامات على بعضهم مازحين‬
‫ويضحكون واألمر عندهم في غاية البساطة‪ ،‬وأنا بينهم في غاية الدهشة‬
‫والحيرة مما أصاب بيوت المسلمين " انتهى كالم المدرس‪.‬‬
‫أقول لآلباء أهذه األجيال بهذه الحال هي خير أمة أخرجت للناس؟ أهذا‬
‫هو التواصي بالحق والتواصي بالصبر والتناجي بالبر والتقوى؟ أهذا هو‬
‫جيل أبناء الصحابة والتابعين؟‬

‫‪81‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫أهؤالء هم الذين سيعيدون المسجد األقصى الفقيد والمجد اإلسالمي‬


‫التليد؟ أهؤالء هم الذين سيحملون راية ال إله إال هللا محمد رسول هللا‪،‬‬
‫ويدافعون عنها وينشرون خيرها ويقتلون دونها؟‬
‫أنترك صغارنا نهبة وفريسة لكل ما عند الغرب الكافر من أوساخ‬
‫وأمراض؟ أيربى أبناؤنا على الفحش والدعارة والفسوق والعصيان؟ أنحول‬
‫منحة هللا إلى محنة ونستخدم األجهزة التي سخرها هللا لمساعدتنا في‬
‫معصيته سبحانه؟‬
‫لقد كان الصحابة يعلمون أبناءهم المغازي كما يعلمونهم السورة من‬
‫القرآن فشبوا باسم هللا فاتحين‪ ،‬ولكن بعض الناس يعلمون أبناءهم المخازي‬
‫ويعلمونهم الرجس والفحش واأللحان فشبوا باسم الشيطان مخنثين‪:‬‬
‫ورحم هللا من قال‪:‬‬
‫علَّمووووهم ففح َ‬
‫شوووهم بووول الكوووِم‬ ‫ووود َ‬ ‫ووووود أرضوووووعوا األوال َد فوووووي المهووووود‬
‫الحوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووورام ‪ ‬بووول بالفسووووق واألذى عنووود المنوووام‬
‫اآلباء‪ :‬إن الغرب الملحد متربص بنا‪،‬‬ ‫يصنعون؟ووووواأيها ‪‬‬
‫فماذاوووووا ِ بال َخنَو‬
‫شبوا بال ِ نو‬ ‫ووووودو فهم‬ ‫هدهوإذا‬ ‫وووووودحتى‬
‫‪       ‬‬ ‫‪‬كما قال ربنا سبحانه وتعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }       ‬البقرة‪.] 217 :‬‬

‫وقتاله لنا في هذه الجولة ليس بالمدافع والقنابل وإنما بتحويل أجيالنا‬
‫المسلمة إلى أشباح ممسوخة ال تعرف من اإلسالم إال اسمه‪ ،‬وسلخهم من‬
‫هويتهم اإلسالمية فال يعرفون محمدا وصحبه‪ ،‬ولكن يعرفون العشاق‬
‫والفساق ودعاه الفجور‪ ،‬فال يحملون للجهاد راية وال يعرفون لخلقهم غاية‪.‬‬
‫‪    ‬‬ ‫ويكونون فقط كما وصف هللا تعالى‪{ :‬‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة آية‪.217 :‬‬

‫‪82‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ [ )( }           ‬محمد‪.] 12 :‬‬

‫‪   ‬‬ ‫أيها اآلباء اسمعوا النداء‪ ،‬وأجيبوا رب السماء‪{ :‬‬
‫‪             ‬‬

‫‪ [ )( }                  ‬التحريم‪.] 6 :‬‬

‫‪ -21‬إطالة ال ربة وما فيها من أضرار وأخطار ‪:‬‬


‫كثير من النا س في أيامنا هذه إذا وجد عمال فيه ربح في بلد غير بلده‬
‫فإنه ينتقل ويسافر إليه وقد ال يتيسر له اصطحاب أهله معه فيغيب عنهم‬
‫بالعام والعامين‪ ،‬بل وأكثر‪ ،‬وهذا بال شك تضييع لحقوق الزوجة ورعاية‬
‫األبناء وتعريض لنفسه وزوجته للفتنة‪.‬‬
‫وقد رأينا اإلسالم يمنع أن يهجر الرجل امرأته أكثر من أربعة أشهر قال‬
‫‪             ‬‬ ‫هللا تعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( } ‬البقرة‪.] 226 :‬‬

‫فإما أن يعود لفراشها ويضاجعها وإما أن يطلق‪.‬‬


‫وفي قصة عمر بن الخطاب ‪ ‬عبرة‪ ،‬إذ خرج ليلة فسمع امرأة تقول‪:‬‬
‫وأر َنِوووووووووووي أَال خليووووووووووول أفالعبفوووووووووووه‬
‫َّ‬ ‫ووو َّد جانبفوووه‬
‫وواو َل هووواا الليووو فل واسو َ‬
‫تطو َ‬
‫لَ فحو ِوورهللا مووون هووواا السو ِ‬
‫وورير َج َوانِبفوووه‬ ‫فووووووووب لووووووووال ب أنِوووووووي أرا ِبفوووووووه‬
‫وووودهر كاتبفوووووه‬
‫َ‬ ‫وووور الو‬ ‫بَأَنفا ِ‬
‫سووووو َنا ال يَفتفو ف‬ ‫ولكنَّنووووووي أخشووووووى ر يبووووووا فمو َ‬
‫ووووووكَِّ‬
‫َم َخافوووووةف ربوووووي والحيوووووا ف يَ ف‬
‫صووووودُّني‪ ‬وإكووووورا فم بَعلوووووي أ تفنَوووووا َل َم َرا ِكبفوووووه‬
‫‪ ‬فأسرع عمر إلى ابنته حفصة ‪ -‬‬
‫رضي هللا عنها ‪ -‬أكثر ما تصبر المرأة‬

‫(‪ )1‬سورة محمد آية‪.12 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة التحريم آية‪.6 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة آية‪.226 :‬‬

‫‪83‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫عن زوجها؟ فقالت‪ :‬أربعة أشهر‪ ،‬فقال عمر‪ :‬ال أحبس أحدا من الجيوش‬
‫أكثر من ذلك (‪.)‬‬
‫هللا أكبر‪ ..‬عمر يتقي هللا في الناس وبعض الناس ال يتقون هللا في أنفسهم‬
‫ويغيبون بالسنين عن زوجاتهم‪.‬‬
‫‪ - 22‬مِهللا كل ما تقدم مرا بة ب تعالى ‪:‬‬
‫حكي أن رجال بالبصرة معروف بالمسكي ألنه كان يفوح منه رائحة‬
‫المسك‪ ،‬فسئل عن ذلك فقال‪ :‬كنت من أحسن الناس وجها وكان لي حياء‪،‬‬
‫فقيل ألبي‪ :‬لو أجلسته في السوق النبسط مع الناس‪ ،‬فأجلسني في حانوت‬
‫بزاز‪ ،‬فجاءت عجوز فطلبت متاعا فأخرجت لها ما طلبت‪ ،‬فقالت‪ :‬لو‬
‫توجهت معي لثمنه؟ فمضيت معها حتى أدخلتني في قصر عظيم‪ ،‬فيه قبة‬
‫عظيمة عليها سرير‪ ،‬فإذا فيه جارية على فرش مذهبة‪ ،‬فجذبتني إلى‬
‫صدرها‪ ،‬فقلت‪ :‬هللا‪ ،‬فقالت ال بأس‪ ،‬فقلت‪ :‬إني حاقن‪ ،‬ودخلت الخالء‪،‬‬
‫وتغوطت ومسحت به وجهي وبدني‪ ،‬فقيل إنه مجنون‪ ،‬فخلصت‪ ،‬ورأيت‬
‫بمنامي في تلك الليلة رجال قال لي‪ :‬أين أنت من يوسف بن يعقوب؟ فقلت‪:‬‬
‫من أنت؟ قال‪ :‬جبريل‪ :‬ثم مسح يده على وجهي وبدني‪ ،‬فمن ذلك الوقت‬
‫يفوح المسك علي وذلك ببركة العفة والتقوى؟ (‪.)‬‬
‫فمراقبة هللا تعالى وتذكر المصير اآلخر كل هذا فيه دواء يثبت القلوب‬
‫ويقوي اإليمان‪ ،‬ويمنع الوقوع في المعصية‪.‬‬
‫ولكوووووووووون وووووووووول علووووووووووي ر يوووووووووو‬ ‫إذا خلوت الدهر يوما ال تقل خلووت‬
‫والتحسووووووووبن ب ي فوووووووول سوووووووواعة‪ ‬وال أ موووووا تخفووووووي عليووووووه ي يوووووو‬
‫عمر تقول‪:‬‬
‫‪ ‬وقد سبق قصة المرأة التي سمعها ‪‬‬

‫(‪ )1‬موطأ اإلمام مالك بن أنس‪ ،‬عن عبد هللا بن دينار‪.‬‬


‫(‪ )2‬تفسير روح البيان للبروسوي‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫فووووووووب لووووووووال ب أنوووووووي أرا بوووووووه‪ ‬لحووورهللا مووون هووواا السووورير جوانبوووه‬
‫على سرير زوجها أنها تراقب هللا ‪-‬‬ ‫‪ ‬إذًا فالذي منعها من إدخال أجنبي ‪‬‬
‫سبحانه وتعالى ‪.-‬‬

‫‪85‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫النوع الثاني من العِج‬


‫وهو ا تِع المرل بعد و وعه‬
‫أوال‪ :‬الدعا مع الصدق في النية والقوة في العزيمة‪:‬‬
‫والثبات في اإلرادة وصدق التضرع واللجوء إلى هللا تعالى لتكون التوبة‬
‫} (‪[ )‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫نصوحا فيقبلها هللا ‪{ ‬‬

‫‪ [ )( }     ‬النمل‪62 :‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫البقرة‪   { ،] 222 :‬‬
‫‪  ‬‬

‫]‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإل ِ ع عن كل مظاهر ومِبسات المعصية وأسباب الو وع فيها ‪:‬‬
‫ويكون ذلك باالنفصال السريع عن الرفقة السيئة واستبدالها بالرفقة‬
‫الصالحة‪ ،‬وكذلك إلزام الجوارح باآلداب الشرعية فال تنظر العين إلى محرم‬
‫وال تستمع األذن إلى ما يغضب هللا‪ ،‬وهكذا سائر الجوارح‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلخِص في القول والعمل ‪:‬‬
‫فإن هللا تعالى صرف السوء والفحشاء عن يوسف بإخالصه‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫} (‪[ )‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫{‬

‫يوسف‪.] 24 :‬‬
‫وبالجملة فإن من حفظ هللا في لسانه وفرجه حفظه هللا تعالى وأدخله‬
‫( ‪)‬‬
‫الجنة‪ { :‬احفظ هللا يحفظك }‬

‫رابعا‪ :‬محاولة إثارة النخوة والحرارة في النفس من جديد ‪:‬‬


‫بأن يسأل هذا المبتلى نفسه قائال‪ :‬هل من المروءة والرجولة والشهامة‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة آية‪.222 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة النمل آية‪.62 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة يوسف آية‪.24 :‬‬
‫(‪ )4‬الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (‪ ،)2516‬أحمد (‪.)308/1‬‬

‫‪86‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫أن أكون عبدا وتبعا ألقبح خلق هللا وهو الشيطان؟ وأترك عبوديتي هلل‬
‫الواحد األحد‪ .‬ثم يسحبني الشيطان على وجهي إلى النار وأنا مستسلم بال‬
‫أدنى مقاومة؟‬
‫وكيف ال أوقر هللا الجليل‪ ،‬القادر على قبض روحي في لحظة‪ ،‬فال أهنأ‬
‫‪‬‬ ‫بما يزينه الشيطان ويكون مصيري الخذالن والخسران؟ {‬

‫‪ [ )( }         ‬الكهف‪50 :‬‬


‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪                 ‬‬

‫]‪.‬‬
‫أين أذهب لو أراد هللا عذابي في القبر؟ وماذا أفعل لو أراد هللا فضحي‬
‫على رؤوس الخالئق يوم القيامة؟‬
‫وكيف أواجه من خنتهم في أعراضهم ممن يعرفونني؟ وهل أستطيع أن‬
‫أجرب‪ ،‬أفعل الم عصية أمام الناس وأتحمل فضيحتها؟ بالطبع لن أستطيع‪،‬‬
‫إذن فماذا أعددت لمواجهة عذاب القبر؟ والفضيحة يوم تبدو الفضائح‬
‫والقبائح والمخازي بين األنام؟‬
‫إن إثارة مثل هذه التساؤالت والمحاورات كفيلة إن شاء هللا في أن‬
‫يرى العبد برهان ربه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬بال محاولة جادة في التفكر والتاكر والنظر إلى نار الدنيا ‪:‬‬
‫ويتذكر ما يحدث له أحيانا عندما تمس النار يده ويسأل نفسه ماذا أفعل‬
‫‪   ‬‬ ‫لو كنت يا نار مصيري يوم القيامة؟ قال هللا تعالى‪{ :‬‬

‫} (‪[ )‬‬ ‫‪ ‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫} (‪ )‬إلى أن قال‪{ :‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ )1‬سورة الكهف آية‪.50 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة الواقعة آية‪.71 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة الواقعة آية‪.73 - 71 :‬‬

‫‪87‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الواقعة‪.] 73 - 71 :‬‬
‫سادسا‪ :‬حضور محتضر عند وفاته ومحاولة دفن ميا والنزول في بر ‪:‬‬
‫ليحتقر اإلنسان نفسه ويعاين مصيره ومآله فيعلو على الشهوات‬
‫والملذات‪.‬‬
‫رأيت مرة ميتا تأخروا في دفنه حيث لم يكن أحد علم بموته ‪ -‬ووهللا إن‬
‫ما أقوله لحق ‪ -‬لقد رأيته وقد انتفخ بطنه وعال صدره وتضخمت جدا شفتاه‪،‬‬
‫وعيناه مقفولتان ومنت فختان أعلى من أنفه‪ ،‬وخطان أسودان من الدم‬
‫األسود من فتحتي أنفه يسيالن إلى ما بين عينيه وخديه‪ ،‬ومثلهما خطان من‬
‫الدم األسود من جانبي فمه على خديه فأخذت أتأمل المصير المحتوم وأقول‬
‫في نفسي أهذه نهايتي ونهاية كل حي؟!‬
‫فاحتقرت نفسي وهانت علي الحياة‪ ،‬ولم يعد لها لذة‪ ..‬ورحماك ربي‪.‬‬
‫وإذا بي يوما أنظر في المرآة ألمشط شعري وفجأة تذكرت منظر الميت‬
‫فألقيت المشط وقلت لنفسي ماذا تصنع؟ أترجل شعرا وتزين وجها صائرا‬
‫إلى ما قد رأيت؟‬
‫اللهم طهرنا من الدنس وارزقنا النعيم المقيم‪.‬‬
‫ودائما كلما حدثتك نفسك بالمعصية فتذكر قول هللا تعالى في هذه اآليات‪:‬‬
‫‪ [ )( }  ‬العلق‪.] 14 :‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬ ‫{ ‪  ‬‬
‫‪      ‬‬

‫‪ [ )( }    ‬غافر‪.] 19 :‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬ ‫{ ‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ [ )( }  ‬طه‪.] 46 :‬‬


‫‪‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫{ ‪     ‬‬
‫‪ ‬‬

‫(‪ )1‬سورة العلق آية‪.14 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة غافر آية‪.19 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة طه آية‪.46 :‬‬

‫‪88‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

                   {

.] 40 :‫) [ فصلت‬( }   


 

:‫) [ المؤمنون‬( }   
  
   
     
 
      
 
 
  
  
 
   
       {
 

.]115
               {

.] 281 :‫) [ البقرة‬( }      

.] 10 :‫) [ القيامة‬( }                      {

.] 25 :‫) [ الفجر‬( }          


 
          {
 

.‫ سلم‬..‫اللهم سلم‬
: ‫ إ امة الصِة والمحافظة عليها في جماعة‬:‫سابعا‬
‫فإن إقامة الصالة والمحافظة عليها بشرائطها الظاهرة والباطنة من‬
‫ قال هللا‬،‫طه ارة وإتمام ألركانها والخشوع فيها تنهى عن القبائح والمنكرات‬
              { :‫تعالى‬

.] 45 :‫) [ العنكبوت‬( }     


   
    
  

‫ في مصنفه العبودية‬- ‫ رحمه هللا تعالى‬- ‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫ وفيها‬،‫ " فإن الصالة فيها دفع مكروه وهو الفحشاء والمنكر‬: 100 ‫ص‬

.40 :‫) سورة فصلت آية‬1(


.115 :‫) سورة المؤمنون آية‬2(
.281 :‫) سورة البقرة آية‬3(
.10 :‫) سورة القيامة آية‬4(
.25 :‫) سورة الفجر آية‬5(
.45 :‫) سورة العنكبوت آية‬6(

89
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫تحصيل محبوب وهو ذكر هللا "‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫كيف نتعامل مع العِج والدوا ؟‬


‫أوال العِج توجيه رباني وط نبوي‬
‫قال لي أحد الشباب بعد أن قرأ هذا الكتاب‪ ،‬وقبل أن أكتب هذا الباب‪:‬‬
‫(كيف نتعامل مع العِج؟) قال يسألني‪ :‬أنت كاتب هذا الكتاب؟ قلت له‪ :‬نعم‬
‫فقال‪ :‬العرض والوصف جيد‪ ،‬لكني أرى العالج قديما ومكررا ونريد شيئا‬
‫جديدا‪ ،‬وظهر لي من كالمه أنه يعاني من الشهوة‪ ،‬وظهر لي أيضا أنه كان‬
‫منسجما مع عرض الكتاب ووصفه لموضوع الفواحش ظنا منه أنه حينما‬
‫ينتهي أيضا من قراءة العالج والدواء سيجد نفسه عند خاتمة الكتاب قد‬
‫انزاحت عنه كل هموم الشهوة وصار يزهد فيها ويكرهها ويعافها‪ ،‬كما‬
‫يعاف أكل لحم الميتة مثال‪.‬‬
‫والحقيقة أنا أشفقت على هذا الشاب‪ ،‬وعلى كثيرين مثله ودعوت هللا له‬
‫ولهم‪ ،‬وا عتبرت رأيه يطرح مشكلة ضخمة تستحق التركيز عليها‪ ،‬وقلت له‪:‬‬
‫هل يمكن أن تعطيني مجرد تصور لعالج ما تراه مناسبا أو شبه مناسب‪،‬‬
‫ونحاول أن نطور فيه بما يتفق مع روح الشريعة؟ فقال لي‪ :‬خذ عينة من‬
‫الشباب الذين يعانون من مشاكل الشهوة واسألهم هذا السؤال‪ ،‬فقلت‪ :‬إذا‬
‫كانوا هم مصابين‪ ،‬وفاقد الشيء ال يعطيه‪ ،‬فكيف سيعطوننا دواء يعالج‬
‫مرضا هم أصال يشكون منه؟ فقال‪ :‬حاول‪.‬‬
‫وأ ول لهؤال الشباب جميعا‪:‬‬
‫سأبذل قصارى جهدي في مساعدتكم إن شاء هللا‪ .‬وقبل أن أعلن عن‬
‫برنامج المساعدة ال بد أن أنبه على حقائق ال بد من الوقوف عليها‪.‬‬
‫(أوال)‪ :‬إن ما وصفناه من عالج للشهوة ليس من اختراعنا‪ ،‬وإنما هو‬
‫توجيه رباني وطب نبوي‪ ،‬فهل بعد دواء هللا ورسوله من دواء؟! والذي ال‬
‫يرى أو ال يكتفي بما وصف هللا ورسوله من دواء فال دواء له‪ " ،‬أال كل‬

‫‪91‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫شيء ما خال هللا باطل"‪.‬‬


‫ونضرب مثاال‪ :‬إذا كان النبي ‪ ‬قال‪ { :‬يا معشر الشباب من استطاع‬

‫منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج‪ ،‬فمن لم يستطع‬
‫فبين النبي ‪ ‬أن الزواج حصن‬ ‫(‪)( )‬‬
‫فعليه بالصوم فإنه له وجاء }‬

‫ومصرف للشهوة‪ ،‬وفي حالة عدم القدرة عليه فالصيام يكسر الشهوة‪ ،‬فهذا‬
‫دواء نبوي‪.‬‬
‫وأمر هللا تعالى من لم يقدر على الزواج بالصبر والعفة فقال ‪ -‬جل وعال‬
‫} ‪ [ )(‬النور‪:‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫‪{ :-‬‬

‫‪ ،] 33‬فأمر بالعفة والصبر وعدم االنغماس في الشهوات والتعرض لها‪،‬‬


‫وهذا دواء رباني‪.‬‬
‫فهل نقول عن هذه األدوية الربانية والنبوية إنها قديمة ومكررة ال تكفي‬
‫‪ -‬بزعمنا ‪ -‬ونحتاج إلى جديد؟‬
‫وأين تجد هذا الجديد؟!!‬
‫ثانيا العبرة هل هو دوا نافع فعِ أم غير نافع‬
‫العبرة ليست بقدم الدواء وال بحداثته ولكن العبرة هل هو دواء نافع فعال أم‬
‫غير نافع؟ فإن كان نافعا فلله الحمد‪ ،‬وإن لم يكن نافعا‪ ،‬فمن قال ذلك بعد‬
‫تجربته؟ هل جرب أحد الصوم فوجده ال يكسر الشهوة؟ هل وجد أن غض‬
‫البصر يزيد من حدة الشهوة؟ وهل ثبت أن تحجب النساء يزيد الفتنة بهن؟‬
‫وهكذا‪.‬‬

‫(‪ )1‬البخاري النكاح (‪ ،)4779‬مسلم النكاح (‪ ،)1400‬الترمذي النكاح (‪ ،)1081‬النسائي النكاح‬


‫(‪ ،)3211‬أبو داود النكاح (‪ ،)2046‬ابن ماجه النكاح (‪ ،)1845‬أحمد (‪ ،)378/1‬الدارمي‬
‫النكاح (‪.)2166‬‬
‫(‪ )2‬متفق عليه‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة النور آية‪.33 :‬‬

‫‪92‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫إذا فال بد من تعاطي هذه األدوية الشرعية والدخول فيها والتعامل معها‪،‬‬
‫وليس شرطا أن يشفى المريض من أول مرة وعند أول جرعة‪ ،‬بل حتى‬
‫المريض مرضا عضويا إذا شفي منه يبقى عليه بعض آثاره بعض الوقت‪،‬‬
‫ولكن مع التكرار واإلصرار على االستقامة على العالج الرباني يكون‬
‫الشفاء حتميا ولو بعد فترة‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫ثالثا ال بد للتداوي من المرل من المجاهدة والصبر‬


‫‪     ‬‬ ‫وقد ذكر هللا تعالى (الشهوات) بقوله‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }      ‬آل عمران‪.] 14 :‬‬

‫‪   ‬‬ ‫لكنه جل وعال صرفنا عن هذه الشهوات بقوله تعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }            ‬آل عمران‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪ .] 15‬فاهلل ‪ ‬يعالج جموحنا للشهوة بإغرائنا بما هو أعظم منها إذا اتقيناه‪،‬‬
‫والمجاهدة والصبر من لوازم التقوى‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫ولن ندخل الجنة إال بالمجاهدة والصبر ألن الجنة حفت بالمكاره {‬
‫(‪)‬‬
‫‪} ‬‬ ‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪  ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬

‫[ آل عمران‪.]142 :‬‬
‫وليس هناك في باب عالج الشهوة أن نشرب كأسا أو نأكل وجبة أو نقرأ‬
‫بحثا فت زول الشهوة‪ ،‬كذلك فليس معنى التداوي والتوبة هو العصمة من‬
‫الخطأ‪ ،‬فقد يتوب اإلنسان ويقع فيما تاب منه مرة أو مرات‪ ،‬ولكن العبرة أن‬
‫يسرع في العودة إلى هللا ‪ ‬بصدق‪ ،‬وهللا تعالى يقبل التوبة عن عباده‪.‬‬
‫رابعا ب سبحانه وتعالى فتح باب الرحمة للعائدين إليه‬
‫ووعد بمساعدتهم إذا أرادوا الرجوع إليه‪ { :‬ومن أتاني يمشي أتيته‬

‫كما وعد سبحانه بأن يبدل السيئات إلى حسنات لمن تاب‬ ‫(‪) ‬‬
‫هرولة }‬

‫(‪ )1‬سورة آل عمران آية‪.14 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة آل عمران آية‪.15 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة آل عمران آية‪.142 :‬‬
‫(‪ )4‬البخاري التوحيد (‪ ،)6970‬مسلم الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار (‪ ،)2675‬الترمذي‬
‫الدعوات (‪ ،)3603‬ابن ماجه األدب (‪ ،)3822‬أحمد (‪.)251/2‬‬

‫‪94‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وحسنت توبته‪ ،‬بل إن المسرفين على أنفسهم جعل هللا لهم أمال عظيما فيه‬
‫سبحانه بأنه يغفر الذنوب ج ميعا‪ ،‬كذلك فإن هللا تعالى يفرح بتوبة العبد فرحا‬
‫لو فرح العبد جزءا منه ألصابه الذهول ولم يدر ما يقول‪ ،‬فماذا يريد‬
‫العاصي من ربه بعد ذلك؟‬
‫خامسا المبادرة بمجموعة أدوية ريبة وسريعة المفعول‬
‫فبادر بتعاطيها ففيها عافية‪ ،‬فإن لم تنفعك فأنت في بالء وخيم وخطر‬
‫عظيم‪ ،‬وهذه األدوية هي‪:‬‬
‫(‪ ) 1‬قد علمت أن فعل الفواحش سلف ودين وأن بيتك مصاب ال محالة‬
‫بسبب وقوعك في الفواحش فهل مازلت تراهن على أهل بيتك وزوجتك‬
‫وبنتك إن آجال أو عاجال‪ ،‬وهل قتلت فيك الغيرة إلى هذا الحد؟ ونعوذ باهلل‬
‫من ذلك‪.‬‬
‫(‪ )2‬كان بعض الصالحين يحفر لنفسه قبرا وكلما رأى الدنيا استدرجته‬
‫دخله ورقد فيه قليال ليذكر نفسه بمصيرها فتعود لنشاطها‪ ،‬فإن لم تحفر قبرا‬
‫فاذهب إلى القبور وانزل القبر لدفن ميت‪ ،‬أو تجول بين القبور في وقت‬
‫خال‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬ضع قطعة لحم في زيت يغلي وانظر إليها متأمال معتبرا‪ ،‬أو ضع‬
‫قطرة ماء على حديد محمى‪ ،‬وأرقبها وهي تتلظى حتى تجف وال تبقى‪ ،‬كل‬
‫هذا معين لك على الخوف من النار الكبرى‪.‬‬
‫(‪ ) 4‬األمراض التي تصيب أهل الفواحش‪ ،‬هل يأمن فاعل الفاحشة أال‬
‫يصيبه شيء منها فيصير حديث الناس أنه أصيب بمرض كذا بسبب‬
‫الفواحش؟‬

‫‪95‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫برنامج للمساعدة لمن يعاني من آالم الشهوة‬


‫وكما وعدت الشباب الاي يعاني من آالم الشهوة عن برنامج للمساعدة‬
‫أ ول‪:‬‬
‫(‪ ) 1‬يجب محاولة شغل وقت الفراغ وملئه بما يفيد‪ ،‬ويجعل العقل مهتما‬
‫بما يحقق المصالح والمنافع بدال من أن يكون الذهن خاليا ال يشغله شيء‪،‬‬
‫فيبدأ الشيطان من هنا في استغالل هذا الفراغ في الوسوسة والتحريض على‬
‫الفاحشة‪ ،‬فيلتحق اإلنسان بعمل أو يدخل المكتبة ويعمل بعض البحوث أو‬
‫يشترك في لجان ومؤسسات خيرية ويقرأ في قصص الصالحين وسيرة‬
‫األنبياء والمرسلين فهي شيقة جدا تستحوذ على انتباهه وتفكيره‪ ،‬وكذلك‬
‫يمكن االلتحاق بالمراكز الصيفية التي تشغل الشباب بالعلم النافع‪.‬‬
‫(‪ )2‬تجنب لبس السراويل الضيقة فإنها من عوامل اإلثارة‪ ،‬وكذلك ما‬
‫يسمونه بالمايوه‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬تجنب النوم على البطن ألن فيه تحريكا لما كمن في الغريزة‬
‫وإيقاظا للشهوة‪ ،‬وفي الحديث الشريف أن يعيش بن أبي طخفة الغفاري ‪-‬‬
‫رضي هللا عنهما ‪ -‬قال‪ :‬قال أبي‪ { :‬بينما أنا مضطجع في المسجد على‬

‫بطني إذا رجل يحركني برجله فقال‪ " :‬إن هذه ضجعة يبغضها هللا " قال‪:‬‬
‫فنظرت‪ ،‬فإذا رسول هللا ‪ )( } .‬رواه أبو داود بإسناد صحيح‪.‬‬

‫(‪ ) 4‬تجنيب اليد من العبث بالفرج بقصد أو بغير قصد‪.‬‬


‫(‪ )5‬البعد عن االستغراق في التفكير في الشهوات والنساء‪ ،‬ومحاولة طرد‬
‫الشيطان واألفكار‪ ،‬بتغير الفكرة بسرعة بتذكر حادث تصادم سيارة مثال‪ ،‬أو‬
‫حادثة قتل أو مرض مات به األب أو األم أو أحد األقرباء‪ ،‬أو موقف محرج فإن‬

‫(‪ )1‬أبو داود األدب (‪ ،)5040‬أحمد (‪.)430/3‬‬

‫‪96‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫سكن قلبك فتذكر القيامة والحساب والعرض على من ال تخفى عليه خافية‪ ،‬مع‬
‫‪ [ )( }  ‬الرعد‪،] 28 :‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫االستعانة بذكر هللا تعالى { ‪  ‬‬
‫‪ ‬‬

‫واالستعاذة باهلل من الشيطان الرجيم‪.‬‬


‫(‪ ) 6‬من المهم جدا عند االستحمام ودخول الحمام وعند إزالة شعر العانة‬
‫أال يركز اإلنسان بصره إلى عورته متأمال حتى ال تذهب به األفكار يمينا‬
‫ويسارا‪.‬‬
‫(‪ ) 7‬يجب تجنب المجاهرة والمفاخرة بالفاحشة واإلسراع بالتوبة من كل‬
‫فحش وال يذكره إال لربه رجاء المغفرة‪ ،‬وأال يحكي الشاب للناس بلواه‪ ،‬وأن‬
‫يستر على نفسه‪ ،‬كما يجب أال يستمع إلى غيره بل يعرض عنه‪ ،‬ألن في‬
‫ذلك إيقاظا لنار الشهوة ولهيبها‪ ،‬وقد كنا نرى شبابا يتفاخر بأنه يعرف عددا‬
‫من النسوة‪ ،‬وما من امرأة في الحي إال وطئها ويعتبر نفسه صيادا ماهرا في‬
‫نصب الشباك للفتيات وال يدري المسكين أنه يعرض نفسه للغضب واللعن‬
‫من هللا وأنه على خطر عظيم وشر مستطير إذا مات على فخره‪ ،‬ومجاهرته‬
‫بالعص يان‪ .‬ألن المجاهر متجرئ ال يستحي من هللا وال من الناس لذلك حرم‬
‫العافية من دون األمة‪ ،‬عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ { ‬كل‬

‫أمتي معافى إال المجاهرين‪ ،‬وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عمال‬
‫ثم يصبح وقد ستره هللا عليه فيقول‪ :‬يا فالن عملت البارحة كذا وكذا‪ ،‬وقد‬
‫بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر هللا عليه } (‪ [ )‬متفق عليه ]‪.‬‬

‫ومن هذا الصنف المجاهر أيضا الذي يحدث بما يحدث بينه وبين زوجته‬
‫وينشر سرها بين أصدقائه‪ ،‬وكثير من الشباب يتجمع حول زميل لهم حديث‬

‫(‪ )1‬سورة الرعد آية‪.28 :‬‬


‫(‪ )2‬البخاري األدب (‪ ،)5721‬مسلم الزهد والرقائق (‪.)2990‬‬

‫‪97‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫عهد بزواج ويسألونه ماذا فعلت؟ وماذا فُعل بك؟ رأيت وشاهدت؟ فيحكي‬
‫الديوث الذي ال يغار على عرضه وأهله لهم ويصف‪ ،‬حتى لكأنهم يرونه‬
‫يجامع زوجته وربما يحكي لشباب لم يتزوجوا بعد فماذا تكون النتيجة؟‬
‫سبحان هللا؟! وكأننا لم نخلق إال للشهوة ولكل ما يؤدي إليها‪.‬‬
‫شباب فارغ أجوف ال دور له في الحياة إال تخريبها‪ ،‬وكل همه منها‬
‫إرضاء فرجه وشهوته‪ ،‬وأسأل من المسؤول أمام هللا عن ضياع هذا‬
‫الشاب؟!!‬
‫وال عجب أن يتمكن العدو منا وتسبح طائراته فضاء كرامتنا ون حن‬
‫ننظر إليها خاشعين من الذل‪.‬‬
‫(‪ )8‬لتحذر النساء من التكشف غير المشروع في التجمعات النسائية‬
‫كحدائق األلعاب واألفراح وما يسمونه بحمامات النساء‪ ،‬فليس معنى أن‬
‫الحمام نسائي أن تتكشف المرأة كيفما أرادت‪ ،‬فأين تقوى هللا ومراقبة‬
‫الجليل؟ وليراجع ما سبق في باب عورة المرأة على المرأة‪.‬‬
‫(‪ )9‬أخي الشاب‪ :‬تجنب المزح المثير للشهوة مهما خلصت النيات‪،‬‬
‫بالتصريح أو بالكناية‪ ،‬وبعض الشباب بل والنساء يتحسس شعر أخيه أو‬
‫تتحسس المرأة شعر أختها كلما قابلتها كل صباح فإذا وجد به بلل قيل أنت‬
‫اليوم مغتسلة‪ ،‬كناية عن أنها جامعها زوجها البارحة‪ ،‬ويحدث نفس الشيء‬
‫بين الرجال‪ ،‬فماذا يحدث إذا سمع المراهقون والمراهقات هذا المزح‬
‫السخيف؟ وهو بالجملة لغو وكالم باطل ال يليق بالمسلمين وهللا تعالى عن‬
‫‪ [ )( }  ‬المؤمنون‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫يقول عن أهل الفالح { ‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ،] 3‬وإن كثرة المزح تميت القلب حتى يكاد ينزلق اللسان‪ ،‬وينطق بكلمات‬

‫(‪ )1‬سورة المؤمنون آية‪.3 :‬‬

‫‪98‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫من سخط هللا‪ ،‬فيهوي قائلها بها في النار سبعين سنة كما أخبر رسولنا‬
‫الكريم ‪ .‬وقاموس الشباب مليء بآالف من كلمات وعبارات المزح التي‬
‫يمس الكثير منها الشرع الشريف فضال عن إثارة الشهوات وإشاعة الفاحشة‬
‫‪      ‬‬ ‫ولن أضرب أمثلة لقبحها‪ .‬قال تعالى‪{ :‬‬
‫(‪)‬‬
‫‪}              ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪  ‬‬

‫[ النور‪.] 19 :‬‬
‫ويزداد األمر قبحا وحمقا عندما تجد من يفعل المزاح المحرم يبرر‬
‫لنفسه بكل بساطة أنه مرح ويحب النكتة وأنه ينتمي إلى شعب يحب المرح‬
‫وغير معقد‪ ،‬ويعتبر أن ترك اللغو والتأدب في اللفظ والحديث ضرب من‬
‫التعقيد‪.‬‬
‫(‪ )10‬والحذر كل الحذر مما تمادى فيه الناس من السب والشتم والتنابز‬
‫باأللقاب واألسماء القبيحة للعورات والفروج‪ ،‬سواء كان السب في حالة‬
‫الغضب أو المزاح فلقد صار الناس يستبون بفروج األمهات وأدبار اآلباء‬
‫وباالسم القبيح لعملية االتصال الجنسي وألفاظ أخرى كثيرة وقبيحة أصبحت‬
‫على األلسنة أسهل من بلع الريق وشرب الماء‪.‬‬
‫وبعض الناس يسمي نباتا يخرج من األرض باسم (فرج األرض) ولكن‬
‫باالسم القبيح‪ ،‬وبعضهم إذا أراد أن يعبر عن أن فالنا جاءهم خالي اليد ولم‬
‫يعطهم شيئا فيقول جاءنا فالن بفرج الحمار ويذكر الكلمة القبيحة‪ .‬حياة كثير‬
‫من الناس صارت على هذا الغرار‪ ،‬فأين الحياء من هللا؟! ولألسف فإن‬
‫األبناء والبنات يشبون على هذه الضالالت والبذاءات‪.‬‬
‫وينشووووووووأ ناشووووووووئ الفتيووووووووا منووووووووا ‪ ‬علووووووى مووووووا كووووووا عووووووود أبوووووووو‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫(‪ )1‬سورة النور آية‪.19 :‬‬

‫‪99‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫والذنب والوزر كل الوزر على من سن تلك السنة السيئة‪ .‬قال رسول هللا‬
‫‪ { ‬ومن سن في اإلسالم سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من‬

‫بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء } (‪ )‬رواه مسلم عن جرير بن‬

‫عبد هللا‪.‬‬
‫(‪ )11‬أخي الشاب‪ :‬إذا لم تستطع أن تخلو مع ربك بصالة أو بقراءة‬
‫القرآن أو أي عبادة فحاول جاهدا أال تجلس أو تسكن أو تبيت أو تسافر‬
‫وحدك‪ ،‬فإن الوحدة في هذه الحال تجعل الشيطان يجد منك الفريسة السهلة‬
‫واللقمة السائغة فيلعب بك األالعيب ويذهب بك كل مذهب‪ ،‬فال تسافر‬
‫وحدك وال تنم وحدك وخاصة في الليل‪ ،‬وقد قال النبي ‪ { ‬لو أن الناس‬

‫يعلمون من الوحدة ما أعلم ما سافر راكب بليل وحده } (‪ )‬رواه البخاري‬

‫عن ابن عمر‪.‬‬


‫(‪ )12‬إذا كنت تقيم في مكان تحاصرك فيه المعصية فال دواء في هذه‬
‫الحال أنجح وأنفع من ترك هذا المكان بسرعة مهما كان فيه من مغريات‬
‫ومنافع فكلها ال تعادل غضب هللا وال تضاهي عذاب القبر لحظة واحدة أو‬
‫‪   ‬‬ ‫غمسة في النار كذلك‪ ،‬وقد قال يوسف الصديق ‪{ ‬‬

‫‪ [ )( }             ‬يوسف‪.] 33 :‬‬

‫وكذلك الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا؛ حينما أراد أن يتوب كانت‬
‫النصيحة له بأن يترك القرية التي هو فيها وينتقل إلى غيرها فإن فيها أهل‬

‫(‪ )1‬مسلم الزكاة (‪ ،)1017‬الترمذي العلم (‪ ،)2675‬النسائي الزكاة (‪ ،)2554‬ابن ماجه المقدمة‬
‫(‪ ،)203‬أحمد (‪ ،)359/4‬الدارمي المقدمة (‪.)514‬‬
‫(‪ )2‬البخاري الجهاد والسير (‪ ،)2836‬الترمذي الجهاد (‪ ،)1673‬ابن ماجه األدب (‪،)3768‬‬
‫أحمد (‪ ،)120/2‬الدارمي االستئذان (‪.)2679‬‬
‫(‪ )3‬سورة يوسف آية‪.33 :‬‬

‫‪100‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫صالح يعينونه على أال يقع في المعصية‪.‬‬


‫(‪ )13‬يجب الحذر من اآلراء التي تشيع أن عدم إنزال المني ضرر‬
‫وخطر على المني والصحة النفسية‪ ،‬ويدلل أصحابهما على ما يقولونه‬
‫عندما يرون الملتزمين بأدبهم وحيائهم ووقارهم معتبرين أن ذلك نوعا من‬
‫األمراض النفسية الناجمة عن الكبت وعدم إخراج المني الزائد‪ ،‬والدين‬
‫والطب يكذب ذلك كله‪.‬‬
‫}‬ ‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬‬

‫(‪ [ )‬النور‪ .] 33 :‬فأمرهم سبحانه وتعالى بالعفة والصبر وتقوى هللا حتى‬
‫يجعل هللا لهم مخرجا‪ ،‬وأمر النبي ‪ ‬بالزواج لمن قدر عليه لتحصين‬
‫الفرج‪ ،‬ثم وصف الصوم لمن لم يقدر على الزواج فإن الصوم ينهي تطلعه‬
‫إلى الشهوة وإثارتها‪.‬‬
‫(‪) ‬‬
‫والمبدأ الشرعي َبيَّنه النبي ‪ ‬بقوله‪ { :‬ال ضرر وال ضرار }‬

‫فهل يترك ربنا سبحانه وتعالى ورسوله ‪ ‬الضرر والخطر واألذى يلحق‬
‫بالناس دون أن يشير إليه أدنى إشارة؟ وهو القائل سبحانه في دفع األذى عن‬
‫‪[ )( }  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫الناس { ‪  ‬‬
‫‪    ‬‬

‫البقرة‪] 222 :‬؟ وهل بقي مجال للمدعين أنهم علماء الصحة النفسية‬
‫والجنسية ليستدركوا على هللا ورسوله ويفتحوا الطريق لالنحراف‬
‫والمعصية‪.‬‬
‫رأي الط ‪:‬‬
‫وبسؤال المتخصصين الحاذقين في هذا المجال سألنا الدكتور‪ /‬أحمد ندا‪،‬‬

‫(‪ )1‬سورة النور آية‪.33 :‬‬


‫(‪ )2‬مالك األقضية (‪.)1461‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة آية‪.222 :‬‬

‫‪101‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫استشاري جراحة المسالك البولية والتناسلية بمستشفى أجياد العام بمكة‬


‫المكرمة فقال باختصار شديد‪:‬‬
‫إن هللا سبحانه وتعالى جعل الجسم يعادل نفسه بنفسه‪ ،‬وليس في الجسم‬
‫شيء اسمه (يتراكم)‪ ،‬فالزائد عن حاجة الجسم من المني يخرج في صورة‬
‫احتالم‪ ،‬والزائد في الماء يخرج بوال وعرقا‪ ،‬والزائد في الطعام يخرج‬
‫غائطا‪ ،‬وهكذا فإنها معادلة أجراها الخالق العليم‪.‬‬
‫وطالما أن المسلم يعمل فإن الطاقة تتحول من احتقان في البروستاتا إلى‬
‫طاق ة عملية نافعة‪ ،‬لذلك تجد الشخص الذي ال يعمل يحتلم بنسبة أكبر من‬
‫الذي يبذل جهدا وطاقة‪ ،‬وبالجملة فال ضرر من ترك األمر على طبيعته‪ ،‬بل‬
‫الضرر في عكس ذلك‪ ،‬فإذا حاول اإلنسان اإلنزال بيده فإنه عرضة‬
‫لإلصابة بالتهاب البروستاتا‪ ،‬بل التأثير على المخ والذهن والحالة النفسية‬
‫يكون من جراء ممارسة هذه األعمال‪ .‬فهل وافق الطب الدين أم بقيت‬
‫وصفة للعرافين؟ !‬
‫(‪ ) 14‬التعلق بما عند هللا سبحانه من النساء الحور العين وأوصافهن‬
‫المذهلة‪ ،‬وقد أعد الرحمن ذلك للمتقين‪ ،‬فكلما رأى الشاب امرأة حسناء فقال‬
‫إن لي في الجنة أفضل منك آالف المرات مع دوام العشرة في الجنة ودوام‬
‫اللذة والمتعة‪ ،‬فال أريد أن أضيع نصيبي في الجنة وحورها بنظرة أو لذة‬
‫محرمة‪ ،‬مقطوعة وممنوعة‪.‬‬
‫وهذه بعض األسئلة‪ ،‬يطرحها الشاب على نفسه ويطلب من نفسه اإلجابة‬
‫عليها‪ ،‬وسأساعده بوضع ثالث إجابات على كل سؤال وعليه هو فقط أن‬
‫يختار اإلجابة الصحيحة‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫أسئلة لمن يعاني آالم الشهوة يجي عليها بنفسه‬


‫السؤال األول‪ :‬أمرني ب تعالى ورسوله ‪ ‬باجتناب الفواحش فلم‬
‫أستج ؟‬
‫‪ - 1‬فأنا أحب هللا ورسوله‪.‬‬
‫‪ - 2‬أدعي فقط حبهما‪.‬‬
‫‪ - 3‬ال أحبهما‪.‬‬
‫السؤال الثاني‪ :‬زين لي الشيطا الفواحش فأو عني فيها‪ ،‬فأنا؟‬
‫‪ - 1‬ولي للشيطان‪.‬‬
‫‪ - 2‬ولي هلل‪.‬‬
‫‪ - 3‬ولي هلل وولي للشيطان‪.‬‬
‫السؤال الثالث‪ :‬لو لنا إ الفواحش بئر ملي بالقاذورات والخبائث‬
‫الشيطا ‪:‬‬ ‫والنجاسات‪ ،‬ف‬
‫‪ - 1‬يلقي بي في هذا البئر‪.‬‬
‫‪ - 2‬ال يرميني فيه‪.‬‬
‫‪ - 3‬يحذرني من الوقوع فيه‪.‬‬
‫السؤال الرابع‪ :‬كلما تهر لي فاحشة فعلتها‪ ،‬مع تركي للواجبات‬
‫الشرعية؟‬
‫‪ - 1‬فأنا إنسان متواضع‪.‬‬
‫‪ - 2‬إنسان حقير‪.‬‬
‫‪ - 3‬أستحق الحياة‪.‬‬
‫السؤال الخامس‪ :‬الحيوانات بالفطرة ال تعصي ب‪ ،‬وأنا أعصيه الليل‬
‫والنهار؟‬
‫‪ - 1‬فأنا أفضل من الحيوان‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ - 2‬فأنا حيوان‪.‬‬
‫‪ - 3‬الحيوان أفضل مني‪.‬‬
‫السؤال السادَّ‪ :‬علما أ فعل الفواحش سيرتد على أهل بيتي ولم‬
‫أبتعد عنها؟‬
‫‪ - 1‬فأنا إنسان غيور‪.‬‬
‫‪ - 2‬ديوث ال يغار‪.‬‬
‫‪ - 3‬طويل البال‪.‬‬
‫السؤال السابع‪ :‬مظهري أمام الناَّ إنسا محترم وفي الخفا غير‬
‫ذل ؟‬
‫‪ - 1‬فهذه أمانة‪.‬‬
‫‪ - 2‬شجاعة‪.‬‬
‫‪ - 3‬خيانة‪.‬‬
‫السؤال الثامن‪ :‬إذا لم ألتزم بتعاليم اإلسِم التي تبعد عن الفاحشة‬
‫فسيش أوالدي؟‬
‫‪ - 1‬على الفضيلة‪.‬‬
‫‪ - 2‬على الرذيلة‪.‬‬
‫‪ - 3‬على الدعوة إلى هللا‪.‬‬
‫السؤال التاسع‪ :‬صاح الفاحشة والعِ ات المشبوهة؟‬
‫‪ - 1‬يزداد حبه المرأته‪.‬‬
‫‪ - 2‬يزهد فيها‪.‬‬
‫‪ - 3‬ينصحها في هللا‪.‬‬
‫السؤال العاشر‪ :‬الوا ع في الفواحش تجد بيته؟‬
‫‪ - 1‬أقرب إلى االلتزام‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ - 2‬أقرب إلى الضياع‪.‬‬


‫‪ - 3‬أقرب إلى الناس‪.‬‬
‫ثم مع اختيار اإلجابة الصحيحة بإنصاف سيجد الواقع في الفواحش أن‬
‫شخصيته هي أدنى شخصية؛ فهو إنسان‪:‬‬
‫‪ - 1‬يدعي حب هللا ورسوله ولو صدق في حبهما ألطاعهما‪.‬‬
‫‪ - 2‬ولي للشيطان‪.‬‬
‫‪ - 3‬يلقي به الشيطان في األوحال والنجاسات ويمرغه فيها‪.‬‬
‫‪ - 4‬إنسان حقير‪.‬‬
‫‪ - 5‬الحيوان أفضل منه‪.‬‬
‫‪ - 6‬ديوث ال يغار على أهل بيته‪.‬‬
‫‪ - 7‬خائن ينتهك أعراض اآلخرين وهم يحسبونه صديقا‪.‬‬
‫‪ - 8‬يتربى أوالده على الرذيلة‪.‬‬
‫‪ - 9‬يزهد في امرأته ألنه وجد البديل‪.‬‬
‫‪ - 10‬بيته عرضة للضياع واالنحراف‪.‬‬
‫فقل لي برب ‪ :‬هل يقبل إنسان أن تجتمع فيه هذه الخصال؟!‬

‫‪105‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الفصل السادَّ‬
‫تقرير طبي‬
‫عن األمرال التي تسببها الفواحش‬
‫مدخل‬
‫" الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على المبعوث رحمة‬
‫للعالمين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فقد طلب مني مؤلف الكتاب ‪ -‬حفظه هللا ‪ -‬أن أكتب تقريرا مصغرا عن‬
‫األمراض التي تسب بها الفواحش فوافقت على الفور ألن هذا من باب التعاون‬
‫على البر والتقوى ونشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة‪ .‬وأقدم بين يدي حديثي‬
‫بحديث رسول هللا ‪ ‬الذي رواه ابن ماجه وصححه األلباني (‪ )106‬في‬
‫السلسلة الصحيحة‪ :‬عن عبد هللا بن عمرو بن العاص ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪-‬‬
‫قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ { ‬يا معشر المهاجرين‪ :‬خمس خصال إذا ابتليتم‬

‫بهن وأعوذ باهلل أن تدركوهن‪ ،‬لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها‬
‫إال فشا فيهم الطاعون واألوجاع التي لم تكن مضت في أسالفهم الذين‬
‫الحديث‪ ،‬وهذا هو القدر من الحديث الذي نريد أن نتحدث‬ ‫(‪)‬‬
‫مضوا‪} ..‬‬

‫عنه‪ ،‬وأستعين باهلل فأقول‪:‬‬


‫األمراض التناسلية في المقام األول محصلة ‪ -‬أو قد تقول فاتورة ‪-‬‬
‫الفوضى الجنسية‪ ،‬وأقصد االختالط والتساهل والدعارة والبغاء‪ ،‬تلك الباليا‬
‫التي تجتاح العالم إال من رحم هللا‪ ،‬ولقد وضعت الشرائع السماوية قوانين‬
‫وقيما تحمي بها اإلنسان من هذه الفوضى وتحافظ على كرامته‪ ،‬فطوبى لمن‬
‫يتمسك بالدين‪ ،‬وخير األديان وأبقاها وأشملها هو ديننا اإلسالمي الحنيف‪،‬‬

‫(‪ )1‬ابن ماجه الفتن (‪.)4019‬‬

‫‪106‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫والزواج المبكر يؤدي إلى العفة والبعد عن كل هذه األمراض‪ ،‬والحالل‬


‫يجعل العالقة بين الذكر واألنثى عالقة مرتبة‪ ،‬نظيفة بعيدة عن‬
‫االضطرابات‪ ،‬عالقة شرعها هللا تعالى‪ ،‬تقوم على التفهم والثقة وعدم‬
‫الخوف وكذلك االحترام المتبادل بين الزوجين‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ال تنتشر األمراض‪ ،‬وإذا أصيب أحد الطرفين فيمكن محاصرة‬
‫المرض وعالجه بدون خجل وبالتالي نحافظ على النشء واألجيال المتعاقبة‬
‫من البشر‪.‬‬
‫الفواحش واإلصابة باألمرال‪:‬‬
‫تنتقل األمراض التناسلية أساسا وبنسبة عالية عن طريق االتصال‬
‫الجنسي غير المشروع‪ ،‬ومنها‪ :‬اإليدز‪ ،‬الزهري‪ ،‬السيالن‪ ،‬التهاب مجرى‬
‫البول الحاد والمزمن‪ ،‬التهاب البروستاتا الحاد والمزمن‪ ،‬التهاب المهبل‬
‫واألعضاء التناسلية لألنثى‪ ،‬والهربز‪ ،‬والجرب‪ ،‬وقمل العانة‪ ،‬والفطريات‬
‫الجلدية‪ ..‬وغير ذلك‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإليدز‪ ( :‬تعريفه ‪ -‬كيفية انتقاله – مضاعفاته )‬
‫كلمة اإليدز باإلنجليزية‪ ،‬والسيدا بالفرنسية‪ ،‬وبالعربية‪( :‬متالزمة العوز‬
‫المناعي المكتسب) يعني‪ :‬فقدان جسم اإلنسان القدرة على مقاومة األمراض‬
‫في الطبيعية ويصبح جسم اإلنسان عرضة لإلصابة بعديد من الجراثيم‬
‫والفطريات واألورام‪.‬‬
‫ويوجد فيروس اإليدز في أنسجة وسوائل الجسم المصاب وخاصة في‬
‫الدم والمني واإلفرازات المهبلية‪.‬‬
‫أما عن انتقال المرض فعن طريق االتصال الجنسي المحرم بين الذكور‬
‫والذكور‪ ،‬وبين الذكور واإلناث‪.‬‬
‫وهناك عوامل وممارسات تزيد من خطر العدوى مثل تعدد قرناء السوء‬

‫‪107‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وأماكن البغاء التي يتردد عليها أكثر من شخص ويكون هناك من هو‬
‫مصاب بينهم فتنتشر العدوى‪.‬‬
‫وهناك طرق أخرى مثل استعمال اإلبر غير المعقمة أكثر من مرة‬
‫ويرتفع معدل ال عدوى بين مدمني المخدرات الذين يتعاطون المخدرات عن‬
‫طريق الحقن بإبر ملوثة‪ ،‬وكذلك تحدث العدوى من األم للجنين أثناء الحمل‬
‫أو الوالدة أو بعد الوالدة‪.‬‬
‫ونهاية هذا المرض الحتمية هي الموت ‪-‬بإذن هللا تعالى ‪ -‬والوقاية‬
‫والتمسك بالطرق الشريفة المشروعة ومحاربة الفاحشة هو الحل والعالج‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الزهري‪:‬‬
‫وهذا أيضا مرض خطير ينتج عن ممارسات الجنس الشاذة‪ ،‬ويظهر‬
‫المرض على مراحل وينتشر في الجسم في المراحل الثانوية وتظهر‬
‫بثورات على الجلد وكيس الصفن وقرح كذلك حول الشرج والفم‪ ،‬وخطورة‬
‫هذا المرض أنه ينتشر في جميع أنحاء الجسم‪ ،‬وإذا لم يشخص في مرحلته‬
‫األولى ‪ -‬حيث أنه يتشابه مع بعض األمراض الجلدية األخرى العادية ‪-‬‬
‫فيعالج على أنه مرض بسيط وإذا به يستفحل وينتقل إلى الكبد ويسبب‬
‫أوراما وسرطانا ويمتد إلى العمود الفقري ويسبب شلال‪ ،‬وإلى األعصاب‬
‫ويسبب رعشة دائمة في األطراف وعدم تحكم‪ ،‬وقد ينتشر إلى الرئة والقلب‬
‫ويؤدي إلى الوفاة‪ ،‬وإن كان هذا المرض قد تراجع كثيرا في انتشاره‪ ،‬بعد‬
‫التقدم في سبل التشخيص والعالج‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الهربز‪:‬‬
‫(هربز جينتالس)‬
‫وهذا ال يهدد الحياة‪ ،‬وينتقل عن طريق االتصال الجنسي المحرم‬
‫ويصيب األعضاء التناسلية في الجنسين على القضيب وكيس الصفن‬

‫‪108‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫والمهبل على شكل بثورات وفقاقيع وقروح تسبب آالما مبرحة حتى تنتهي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬السيِ ( أعراضه ‪ -‬كيفية اإلصابة به ‪ -‬مضاعفاته )‬
‫هذا مرض منتشر في أوساط الفسقة والعاهرات‪ ،‬ويسمى عند البعض‬
‫باسم (الردة) ألن المرض يرتد ويعاود الشخص المتردد على عمل الفاحشة‪،‬‬
‫بال رغم من العالج‪ ،‬ويصيب الجهاز البولي والتناسلي للرجل والمرأة‪،‬‬
‫وتنتقل العدوى من المصاب إلى السليم عن طريق اللواط‪ ،‬وعند الزنا ينتقل‬
‫للمرأة‪ ،‬والمرأة بدورها تنقله إلى زان آخر‪ ،‬وال تشعر المرأة بأعراضه إال‬
‫متأخرا وذلك لطبيعتها الفسيولوجية من حيض وإفرازات مهبلية‪ ،‬أما الرجل‬
‫فسرعان ما يشعر بالتهاب في القضيب وإفرازات عفنة‪ ،‬وحرقان شديد‬
‫وكثر اإلفرازات وتكون ذات رائحة كريهة‪ ،‬وإذا لم يكتشف المرض ويعالج‬
‫ويمتنع الشخص من التردد على هذه الفواحش فإن المرض يستفحل وينتقل‬
‫الميكروب إلى غدة البروستاتا والحوصالت المنوية ومجرى البول والمثانة‬
‫ويسبب ضيقا في مجرى البول وأضرارا بالجهاز البولي‪ ،‬وقد يحتاج‬
‫المريض لعدة عمليات معظمها ال يكلل بالنجاح في أحسن مراكز جراحات‬
‫المسالك‪ ،‬فضال عن العقم والحرمان من الذرية‪ .‬والطفل الذي يولد وأمه‬
‫مصابة قد يصاب عند الوالدة‪ ،‬وقد يؤثر هذا المرض على المبيض والرحم‬
‫ويسبب العقم‪ ،‬وهناك مضاعفات أخرى في سائر أنحاء الجسم والمفاصل إذا‬
‫لم يعالج المريض بسرعة وبحكمة‪ ،‬ويجب أال يعود ويرتد لفعلته حتى ال‬
‫تتكرر المشكلة ويزمن المرض ويكون عالجه صعبا وبال فائدة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫مضاعفات سلوكية واجتماعية للسيِ ‪:‬‬


‫المصاب بهذا المرض إذا أدمن الفاحشة ترى المروءة والشجاعة قد‬
‫انعدمت من شخصيته‪ ،‬وتراه يتصرف تصرف الجبناء‪ ،‬ويكذب وال يفي‬
‫بوعد‪ ،‬غير طاهر‪ ،‬ال يصلي‪ ،‬ال يصوم‪ ،‬ال يفرق بين حالل وحرام‪ ،‬نفسيته‬
‫محطمة‪ ،‬يقبل على فعل الجرائم بال مباالة‪ ،‬وإن كان متزوجا ويعول ترى‬
‫الضياع في أسرته‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬التهاب البروستاتا الحاد والمزمن‪:‬‬
‫وهذا المرض خاص بالرجال دون النساء حيث أن غدة البروستاتا ال‬
‫توجد إال في الرجال‪ ،‬وهذه الغدة هي التي تفرز المادة المنوية وتوجد في‬
‫بداية مجرى البول وتحيط به‪ ،‬ونرى كثيرا من حاالت التهاب البروستاتا‬
‫المزمن بين الشباب‪ ،‬وتستمر معهم حتى تنتهي الغدة بالتليف وانسداد مجرى‬
‫البول‪ ،‬وقد تنتهي بفشل كلوي‪.‬‬
‫العادة السرية ومشاركتها في حدوب المرل‪:‬‬
‫والتهاب البروستاتا عقاب سماوي للشخص الذي أسرف على نفسه في‬
‫ممارسة الرذيلة‪ ،‬لواطا أو زنا أو انغماسا شديدا في العادة السرية‪.‬‬
‫ونرى كثيرا من الشباب الذين يسافرون إلى بالد الكفر واإلباحية‬
‫يرجعون مصابين بعدة أمراض منها التهاب البروستاتا والشعور بحرقان‬
‫وصعوبة عند التبول‪ ،‬وسلس بولي وآالم شبه مستمرة بالعضو الذكري‪،‬‬
‫وسرعة القذف‪ ،‬وعدم الشعور بتفريغ المثانة كليا‪ ،‬هذا غير اإلفرازات‬
‫المنفرة‪ ،‬واضمحالل جنسي‪ ،‬وقد يؤدي إلى ارتخاء‪ ،‬وإلى العقم وفقدان‬
‫الذرية‪.‬‬
‫وإذا استمرت اإلصابة بالمرض لسنين عدة رغم العالج فإن العامل‬
‫النفسي يظهر ويؤدي إلى الشعور باإلحباط وعدم السعادة في الحياة‪ ،‬هذا‬

‫‪110‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وقد تصاب المثانة ومجرى البول‪ ،‬وقد يتوغل المرض ويصيب الحالبين‬
‫والمثانة والكليتين وتكون النهاية الفشل الكلوي‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الحالة النفسية الناتجة عن الفواحش‪:‬‬


‫لقد أصبح الشباب يخاف من الزواج‪ ،‬مترددا‪ ،‬والذي مارس الرذيلة في‬
‫شبابه وأسرف على نفسه‪ ،‬أصبح يشك في كل امرأة حوله‪ ،‬وأصبح الشعور‬
‫بعدم االستقرار والتشتت‪ ،‬ضاعت منه المروءة‪ ،‬وكثر منهم حتى بعد‬
‫الزواج يعود ألهوائه وأسفاره وشهواته‪ ،‬ويكون الضياع نصيب أسرته بعد‬
‫ضياعه هو وضعفه الجسدي والعقلي وتشتته النفسي‪ ،‬وتكون النتيجة‬
‫المحتومة‪ :‬شباب منغمس في الفاحشة‪ ،‬بيت ضائع ال رقابة عليه‪ ،‬انحراف‬
‫الزوجة واألبناء‪ ،‬وشابات تهرم وال تجد الموجه والزوج الصالح‪ ،‬فما هو‬
‫المصير؟ يدب الضعف في المجتمع ويكون التقهقر لألمة‪ ،‬وتظهر الجريمة‬
‫والسرقة والقتل واإلدمان‪.‬‬
‫ندا إلى األمة اإلسِمية‪:‬‬
‫ثم وجه الدكتور‪ /‬أحمد ندا‪ ،‬إلى العالم اإلسالمي نداء فقال ‪ -‬حفظه هللا ‪:-‬‬
‫إن هذه األمراض كانت وال تزال نتيجة حتمية لعدم التمسك بالدين‬
‫واتباع سنن المرسلين‪ ،‬وترك األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬أو على‬
‫األقل إهماله‪ ،‬فلو لم يحدث االختالط بين الجنسين في المدارس والجامعات‬
‫واألسواق والمكاتب والمواصالت ما التهبت شهوة الشباب‪ ،‬ولو لم تكن‬
‫وسائل اإلغراء من مجالت خليعة وصور فاضحة وسينما ومسرح‬
‫وعاهرات وراقصات ومالهي ماجنة ما ضل الشباب والشابات طريقهم وما‬
‫أعماهم التقليد‪.‬‬
‫وعالمنا اإلسالمي لألسف أصبح يستورد كل ما هو سهل إلشباع رغباته‬
‫وشهواته وغرائزه‪ ،‬وأصبح عدونا وعدو ديننا من يهود ونصارى ومجوس‬
‫يصدر إلينا كل ما ينأى بنا عن الفضيلة ويدنو بنا إلى الرذيلة من أفالم‬
‫خليعة وغناء محرم وآالت الطرب وأحدث ما أنتجته مصانعه من األشرطة‬

‫‪112‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫والفيديو ورذائل األخالق والموضات واأللبسة الفاسقة‪ ،‬وما ينقله إلينا من‬
‫أشياء تثير الغريزة وتجعل الشباب يهيمون بحثا عن الفريسة بعد أن رأى ما‬
‫أثار شهوته‪ .‬وحظر عنا أعداؤنا العلم النافع كصناعة األسلحة واألدوية‬
‫واإللكترونيات‪ ،‬وأصبحت األ مة المسلمة ال حول لها وال قوة‪ ،‬تتداعى عليها‬
‫األمم في كل مكان ومن كل حدب وصوب ونحن نرى فقط ونسمع وال‬
‫نتحرك ألننا فقدنا القدرة على الحركة‪ ،‬وإلى متى‪ ،‬وما هو الحل؟!‬
‫الحل‬
‫الحل‪ :‬بالرجوع الصحيح العاجل إلى هللا تعالى والتمسك بشرائعه قبل أن‬
‫يفجأنا الجبار بأكثر مما نحن فيه‪ ..‬وهللا الموفق والهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الحميد محمد ندا‬
‫استشاري جراحة المسالك البولية والتناسلية‬
‫مستشفى أجياد العام‪ ،‬مكة المكرمة‬

‫‪113‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫خاتمة‬
‫‪‬‬ ‫وفي خاتمة هذا البحث أذكر نفسي وغيري بقوله سبحانه وتعالى‪{ :‬‬

‫‪ [ )( }                     ‬الكهف‪:‬‬


‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ .] 110‬أال فلنعمل الصالحات ونجتنب الفواحش والموبقات ليرضى عنا رب‬


‫األرض والسماوات‪.‬‬
‫فقد رأينا كيف تكون عاقبة البعد عن هللا وارتياد الطرق المعوجة‬
‫المشبوهة‪ ،‬والعتو عن أمر هللا سبحانه‪ ،‬وسوء الخاتمة والعذاب األليم لمن‬
‫كان هذا شأنه‪.‬‬
‫‪            ‬‬ ‫{‬

‫‪ [ )( }    ‬الطالق‪.] 9 - 8 :‬‬


‫‪ ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪ ‬‬

‫فمن رجى رحمة ربه فإليه يعود‪ ،‬فباب رحمته مفتوح غير موصود‪،‬‬
‫وليكن سعيه من بعد حميدا‪ ،‬وفعله رشيدا‪ ،‬وقوله سديدا‪.‬‬
‫فإذا كان هذا حالنا رفع هللا عنا الذل والضنى‪ ،‬والوبا والخنا‪ ،‬وصب‬
‫علينا البركات صبا‪ ،‬ولم يجعل عيشنا كدا‪ ،‬وكان لنا نصيرا وسندا‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬فهذا جهد المقل وبضاعته المزجاة‪ ،‬قصدت به وجه اإلله‪ ،‬ثم‬
‫النصح لمن كانت الفاحشة بلواه‪ ،‬والتنبيه لمن عافاه مواله‪.‬‬
‫سائال موالي وخالقي أن يسدد قصدي‪ ،‬وينفعني به ومن بعدي‪ ،‬والباب‬
‫مفتوح والصدر مشروح‪ ،‬لمن أراد أن يصحح خطأ‪ ،‬أو يقدم خيرا‪،‬‬
‫وأفضلهم عندي من أهدى إلي عيبي‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة الكهف آية‪.110 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة الطالق آية‪.9 :‬‬

‫‪114‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫وعلووووووى اإللووووووه توووووووكُّلي وثنووووووائي‬ ‫الختوووام مقوووالتي‬


‫ِ‬ ‫ولقووود ختمووواف ِبووواَا‬
‫والعجو ف‬
‫وووووووز للشوووووووويطا واألهوووووووووا ِ‬ ‫إ كوووا َ توفيووو َ فمووون ِ‬
‫رب الوووورى‬
‫يمحوووو ال َخ َطوووا ويزيووو فد فوووي النعموووا ِ‬ ‫فووووي حينهووووا أدعووووو الوووواي بدعائووووه‬
‫وأتوووووب موووون أخطووووائي‬
‫ف‬ ‫سوووووووبحان اللهوووووووم ثوووووووم بحمووووووودكَا ‪ ‬أسووووت فرهللا‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫أبو محمد‬
‫جمال بن عبد الرحمن إسماعيل‬
‫مكة المكرمة‪ :‬ص‪ .‬ب‪2035 :‬‬
‫شعبان ‪ 1417‬هـ‬
‫القاهرة‪2989845 :‬‬
‫منيا القمح ‪ -‬شرقية‪055 /663674 :‬‬

‫‪115‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫فهرَّ اآليات‬
‫إال على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ‪52 ،30 ........................‬‬
‫إال من تاب وآمن وعمل عمال صالحا فأولئك يبدل هللا سيئاتهم حسنات ‪18 ..................‬‬
‫إن في ذلك آليات للمتوسمين ‪33 ............................... ................................‬‬
‫إن في ذلك آلية للمؤمنين ‪33 ................................... ................................‬‬
‫أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ‪27 ........................‬‬
‫أو تقول لو أن هللا هداني لكنت من المتقين ‪27 ............... ................................‬‬
‫بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ‪27 .......................‬‬
‫فإن لم تجدوا فيها أحدا فال تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا ‪59 ............‬‬
‫فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ‪52 ،30 ........... ................................‬‬
‫مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ‪36 ............ ................................‬‬
‫وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه ‪71 ......................‬‬
‫وإنها لبسبيل مقيم ‪33 ............ ................................ ................................‬‬
‫وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم ال تنصرون ‪27 ...............‬‬
‫واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة ‪27 ................‬‬
‫يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا ‪18 ............ ................................‬‬

‫‪116‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫فهرَّ األحاديث‬
‫أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها ‪69 ...................................‬‬
‫إذا كان دما أحمر فعليه دينار وإن كان دما أصفر فنصف دينار ‪47 ......................‬‬
‫أربعة يصبحون في غضب هللا تعالى ويمسون في سخط هللا‪ ،‬قال أبو هريرة من ‪36 ......‬‬
‫أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة ‪44 .......................... ................................‬‬
‫أال تحدثن الرجال ال أن تكون ذات محرم‪ ،‬فإن الرجل ال يزال يحدث المرأة ‪70 .......‬‬
‫أن أعرابيا أتى النبي فقال يا رسول هللا‪ ،‬إن ابني كان عسيفا أجيرا ‪19 ......................‬‬
‫إن هللا لم ينزل داء إال أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله ‪58 ....................‬‬
‫أن امرأة تسمى الغامدية جاءت إلى رسول هللا فقالت يا رسول هللا إني زنيت ‪26 ......‬‬
‫أن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا ‪14 .......‬‬
‫إنما جعل االستئذان من أجل البصر ‪59 ...................... ................................‬‬
‫إنما حق القول على قوم لوط عليه السالم حين استغنى النساء بالنساء ‪43 .............‬‬
‫إياكم والجلوس في الطرقات قالوا يا رسول هللا ما لنا من ‪ 116‬مجالسنا ‪63 ............‬‬
‫إياكم والدخول على النساء‪ ،‬فقال رجل من األنصار أفرأيت الحمو ؟ قال الحمو‬
‫الموت ‪67 ......................... ................................ ................................‬‬
‫أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من هللا في شيء ولن يدخلها ‪12 .....‬‬
‫أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية ‪68 ..................‬‬
‫أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد ليوجد ريحها لم يقبل منها صالة ‪68 ..........‬‬
‫ائتها على كل حال إذا كان ذلك في الفرج ‪44 ................ ................................‬‬
‫احفظ هللا يحفظك ‪79 ،5 ........ ................................ ................................‬‬
‫اصنعوا كل شيء إال النكاح ‪47 ................................ ................................‬‬
‫االستئذان ثالث فإن أذن لك وإال فارجع ‪59 .................. ................................‬‬
‫التائب من الذنب كمن ال ذنب له ‪42 .......................... ................................‬‬
‫الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى ‪45 ......... ................................‬‬
‫النظرة سهم مسموم من سهام إبليس‪ ،‬فمن غض بصره عن محاسن امرأة هلل؛ أورث‬
‫‪60 ................................ ................................ ................................‬‬
‫بينما أنا مضطجع في المسجد على بطني إذا ‪ 156‬رجل يحركني برجله فقال ‪87 .....‬‬
‫ثالثة ال يكلمهم هللا يوم القيامة وال يزكيهم وال ينظر إليهم ولهم عذاب ‪17 ...............‬‬
‫حتى غاب ذلك منك في ذلك منها ؟ قال نعم‪ ،‬قال كما يغيب المرود في المكحلة ‪25 .‬‬
‫صماما واحدا ‪44 ................. ................................ ................................‬‬
‫فأمر به رسول هللا فرجم‪ ،‬فسمع النبي رجلين من أصحابه يقوله أحدهما لصاحبه ‪25 ......‬‬
‫فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ‪73 .................. ................................‬‬
‫فناداه يا رسول هللا إني زنيت‪ ،‬يريد نفسه‪ ،‬فأعرض عنه النبي فتنحى لشق ‪24 .........‬‬
‫فهال تركتموه وجئتموني به ‪25 ................................ ................................‬‬
‫في الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار ‪46 ...................‬‬
‫كان ماعز بن مالك يتيما في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي ‪24 .......‬‬
‫كل أمتي معافى إال المجاهرين‪ ،‬وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل ‪88 ..........‬‬

‫‪117‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫ألن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة ال تحل له ‪68 .‬‬
‫ال تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها ‪70 ................................‬‬
‫ال تسافر المرأة إال مع ذي محرم ‪69 .......................... ................................‬‬
‫ال ضرر وال ضرار ‪91 ........................................ ................................‬‬
‫ال يخلون أحدكم بامرأة إال مع ذي محرم ‪67 ................. ................................‬‬
‫ال يدخل الجنة من ال يأمن جاره بوائقه ‪21 ..................... ................................‬‬
‫ال ينظر الرجل إلى عورة الرجل‪ ،‬وال المرأة إلى عورة المرأة‪ ،‬وال يفضي ‪70 ........‬‬
‫ال ينظر هللا إلى الرجل أتى رجال أو امرأة في الدبر ‪45 .......................................‬‬
‫لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت ‪25 ........................... ................................‬‬
‫لعن هللا تعالى سبعة من خلقه فوق سبع سماوات‪ ،‬فردد لعنه على واحد منها ‪32 .......‬‬
‫لعن هللا من عمل عمل قوم لوط‪ ،‬لعن هللا من عمل عمل قوم لوط‪ ،‬لعن هللا ‪37 .........‬‬
‫لقد هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه قبره‪ ،‬كيف يورثه وهو ال يحل له‪ ،‬كيف ‪12 ........‬‬
‫لكل داء دواء فإذا أصاب دواء الداء برأ بإذن هللا ‪58 ........... ................................‬‬
‫لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم ما سافر راكب بليل وحده ‪90 ...................‬‬
‫ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ‪71 ..................‬‬
‫ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ‪63 ......................................‬‬
‫ما خال رجل بامرأة إال كان الشيطان ثالثهما ‪62 ............ ................................‬‬
‫ما ظنكم ؟ ‪22 ..................... ................................ ................................‬‬
‫مروا أوالدكم بالصالة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ‪71 .....‬‬
‫ملعون من أتى امرأة في دبرها ‪45 .............................. ................................‬‬
‫ملعون من أتى شيئا من البهائم ‪49 ............................ ................................‬‬
‫من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه ‪50 ........................ ................................‬‬
‫من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد ‪46 ،45 ..........‬‬
‫من تخطى حرم المؤمنين فخطوا وسطه بالسيف ‪23 .......................................‬‬
‫من دعا إلى هدى كان له من األجر مثل أجور من تبعه ال ينقص ذلك من أجورهم ‪72‬‬
‫من لم يشكر الناس لم يشكر هللا ‪9 .............................. ................................‬‬
‫من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ‪36 ،35 ...................‬‬
‫من وقع على ذات محرم فاقتلوه ‪23 ........................... ................................‬‬
‫واألذنان زناهما االستماع ‪65 .................................. ................................‬‬
‫ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ‪85 .............................. ................................‬‬
‫ومن أصاب من ذلك شيئا أي من السرقة والزنى والقتل وغيره فعوقب به ‪26 .......‬‬
‫ومن سن في اإلسالم سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من ‪90 .....‬‬
‫وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين ‪45 ............................ ................................‬‬
‫يا أمة محمد‪ ،‬وهللا إنه ال أحد أغير من هللا أن يزني عبده أو تزني أمته‪13 ............ ،‬‬
‫يا علي ال تتبع النظرة‪ ،‬فإنما لك األولى وليست لك الثانية ‪60 .............................‬‬
‫يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ‪،73 .‬‬
‫‪83‬‬

‫‪118‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ باهلل أن تدركوهن‪96 ....... ،‬‬

‫‪119‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫الفهرَّ‬
‫تقديم فضيلة الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني ‪2 ......................................‬‬
‫تقديم فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم ‪4 .......... ................................‬‬
‫تقديم فضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين ‪5 .......... ................................‬‬
‫تقديم المؤلف ‪8 ................ ................................ ................................‬‬
‫شكر وعرفان ‪10 ............. ................................ ................................‬‬
‫الفصل األول جريمة الزنا ‪12 ............................. ................................‬‬
‫الفساد الناتج عن الزنا ‪12 ............................... ................................‬‬
‫الحيوانات تأبى الزنا وترفضه‪16 .................... ................................ :‬‬
‫فعل الفواحش سلف ودين ‪18 ........................... ................................‬‬
‫اقتران الزنا بالشرك‪20 ................................ ................................ :‬‬
‫اقتران الزاني بالمشركة وبالزانية‪21 ................ ................................ :‬‬
‫حد الزنا وشدة نكاله من بين سائر الحدود‪22 ...................................... :‬‬
‫شدة معاناة المرجوم دليل على عظم ما اقترفت يداه‪23 ........................... :‬‬
‫أعظم الزنا وأشده‪24 ................................... ................................ :‬‬
‫زنا المحارم وعقوبته‪26 ............................... ................................ :‬‬
‫هل من توبة ‪27 .......... ................................ ................................‬‬
‫أوال قصة ماعز األسلمي ‪27 ....................... ................................‬‬
‫ثانيا قصة الغامدية ‪29 .............................. ................................‬‬
‫الفصل الثاني جريمة اللواط ‪31 ........................... ................................‬‬
‫فظاعة اللواط وعظيم فحشه وقبحه ‪31 ............... ................................‬‬
‫أوصاف أهل اللواط‪34 ................................ ................................ :‬‬
‫عذاب قوم لوط وعقوبتهم‪35 ......................... ................................ :‬‬
‫الجاهلية واللواط‪38 .................................... ................................ :‬‬
‫عقوبة وعذاب كل لوطي بعد قوم لوط‪39 .......... ................................ :‬‬
‫تحذير إلى اللوطي‪40 .................................. ................................ :‬‬
‫تقرير طبي عن أضرار فاحشة اللواط ‪43 ............ ................................‬‬
‫الرغبة عن المرأة ‪43 ............................... ................................‬‬
‫‪ - 1‬الرغبة عن المرأة‪43 ......................... ................................ :‬‬
‫‪ -2‬التأثير على األعصاب‪43 .................... ................................ :‬‬
‫‪ -3‬التأثير في المخ‪44 ............................. ................................ :‬‬
‫‪ -4‬السويداء‪44 ..................................... ................................ :‬‬
‫‪ - 5‬عدم كفاية اللواط‪44 .......................... ................................ :‬‬
‫‪ - 6‬ارتخاء عضالت المستقيم وتمزقه‪45 ...................................... :‬‬
‫‪ - 7‬عالقة اللواط باألخالق‪45 ................... ................................ :‬‬
‫‪ -8‬اللواط وعالقته بالصحة العامة‪45 .......... ................................ :‬‬
‫‪ -9‬التأثير على أعضاء التناسل‪45 .............. ................................ :‬‬

‫‪120‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ - 10‬التيفود والدوسنتاريا‪45 .................... ................................ :‬‬


‫‪ -11‬اللواط يسبب مرض فقد المناعة المكتسب‪46 ............................ :‬‬
‫هل يتوب اللوطي ويدخل الجنة ‪47 .................... ................................‬‬
‫الفصل الثالث فواحش أخرى ‪48 .......................... ................................‬‬
‫‪ -1‬السحاق‪48 .......... ................................ ................................ :‬‬
‫‪ -2‬إتيان المرأة في دبرها (التحميض) ‪49 ......... ................................ :‬‬
‫‪ -3‬إتيان الزوجة حال حيضها أو نفاسها‪51 ........ ................................ :‬‬
‫‪ -4‬إتيان البهائم‪55 ..................................... ................................ :‬‬
‫‪ - 5‬العادة السرية االستمناء ‪57 ........................ ................................‬‬
‫الفصل الرابع فعل الفواحش وسوء الخاتمة ‪60 ......... ................................‬‬
‫الفصل الخامس الداء والعالج والوقاية ‪63 ................ ................................‬‬
‫النوع األول من العالج دواء تحصين للوقاية من هذا المرض ‪63 ................‬‬
‫االستئذان عند الزيارة وغض البصر ‪63 ........ ................................‬‬
‫‪ -1‬تحريم النظر إلى ما ال يجوز النظر إليه كاألمرد وغيره‪65 ............. :‬‬
‫‪ -2‬النهي عن الجلوس في الطرقات والوقوف على نواصي الشوارع‪68 .. :‬‬
‫‪ -3‬اإلسالم يأمر المرأة بالحجاب ويفصل لها الثياب‪68 ...................... :‬‬
‫‪ -4‬تحديد العورات للرجال والنساء‪69 ......... ................................ :‬‬
‫‪ -5‬اإلسالم ينهى المرأة عن ترقيق صوتها والخضوع في القول‪70 ........ :‬‬
‫‪ -6‬اإلسالم يحرم االختالط ويأمر المرأة أن تقر في بيتها‪71 ................ :‬‬
‫‪ - 7‬اإلسالم يمنع الدخول على األجنبيات والخلوة بهن‪72 ................... :‬‬
‫‪ -8‬اإلسالم يمنع مصافحة النساء غير المحارم‪72 ............................ :‬‬
‫‪ -9‬اإلسالم يمنع المرأة من الخروج متعطرة‪73 ............................... :‬‬
‫‪ - 10‬ويمنعها من السفر الطويل بدون محرم ومن الخروج بدون إذن‬
‫زوجها‪74 ........... ................................ ................................ :‬‬
‫‪ -11‬النهي عن وصف المرأة أمام األجانب‪75 ................................ :‬‬
‫‪ -12‬اإلسالم ينهى عن كشف العورة وعن اإلفضاء في الثوب الواحد‪75 . :‬‬
‫‪ - 13‬اإلسالم ينهى عن المسامرة بين الرجل والمرأة األجنبية ‪76 ......... :‬‬
‫‪ - 14‬اإلسالم يفرق بين األوالد في المضجع ‪77 ............................. :‬‬
‫‪ - 15‬نهى اإلسالم عن الغناء المحرم والموسيقى ومشاهدة المسلسالت‬
‫الهابطة‪77 .......... ................................ ................................ :‬‬
‫‪ -16‬المجالت والصحف النسائية الخليعة والصور الماجنة مما حرمه‬
‫اإلسالم ‪78 ......... ................................ ................................ :‬‬
‫‪ - 17‬رغب اإلسالم في الزواج‪79 ................ ................................ :‬‬
‫‪ - 18‬وصف الدواء لمن لم يقدر على الزواج‪80 ................................ :‬‬
‫‪ - 19‬نصح اإلسالم األبوين بتزويج الولد والبنت متى بلغا‪80 .............. :‬‬
‫‪ -20‬االهتمام باألطفال في التربية ‪80 .......... ................................ :‬‬
‫‪ -21‬إطالة الغربة وما فيها من أضرار وأخطار ‪83 .......................... :‬‬

‫‪121‬‬
‫وال تقربوا الفواحش‬

‫‪ - 22‬مالك كل ما تقدم مراقبة هللا تعالى ‪84 ................................... :‬‬


‫النوع الثاني من العالج وهو اقتالع المرض بعد وقوعه ‪86 ......................‬‬
‫أوال‪ :‬الدعاء مع الصدق في النية والقوة في العزيمة‪86 ...................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلقالع عن كل مظاهر ومالبسات المعصية وأسباب الوقوع فيها ‪:‬‬
‫‪86 .................... ................................ ................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلخالص في القول والعمل ‪86 ........... ................................ :‬‬
‫رابعا‪ :‬محاولة إثارة النخوة والحرارة في النفس من جديد ‪86 ............... :‬‬
‫خامسا‪ :‬بذل محاولة جادة في التفكر والتذكر والنظر إلى نار الدنيا ‪87 .... :‬‬
‫سادسا‪ :‬حضور محتضر عند وفاته ومحاولة دفن ميت والنزول في قبره‪:‬‬
‫‪88 .................... ................................ ................................‬‬
‫سابعا‪ :‬إقامة الصالة والمحافظة عليها في جماعة ‪89 ........................ :‬‬
‫كيف نتعامل مع العالج والدواء؟ ‪91 .................. ................................‬‬
‫أوال العالج توجيه رباني وطب نبوي ‪91 ........ ................................‬‬
‫ثانيا العبرة هل هو دواء نافع فعال أم غير نافع ‪92 ..............................‬‬
‫ثالثا ال بد للتداوي من المرض من المجاهدة والصبر ‪94 ......................‬‬
‫رابعا هللا سبحانه وتعالى فتح باب الرحمة للعائدين إليه ‪94 ....................‬‬
‫خامسا المبادرة بمجموعة أدوية قريبة وسريعة المفعول ‪95 ..................‬‬
‫برنامج للمساعدة لمن يعاني من آالم الشهوة ‪96 .....................................‬‬
‫أسئلة لمن يعاني آالم الشهوة يجيب عليها بنفسه ‪103 ...............................‬‬
‫الفصل السادس تقرير طبي عن األمراض التي تسببها الفواحش ‪106 .............‬‬
‫مدخل ‪106 ................ ................................ ................................‬‬
‫الفواحش واإلصابة باألمراض‪107 ................. ................................ :‬‬
‫أوال‪ :‬اإليدز‪ ( :‬تعريفه ‪ -‬كيفية انتقاله – مضاعفاته ) ‪107 .....................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الزهري‪108 ................................. ................................ :‬‬
‫ثالثا‪ :‬الهربز‪108 ................................... ................................ :‬‬
‫رابعا‪ :‬السيالن ( أعراضه ‪ -‬كيفية اإلصابة به ‪ -‬مضاعفاته ) ‪109 ..........‬‬
‫خامسا‪ :‬التهاب البروستاتا الحاد والمزمن‪110 ................................ :‬‬
‫الحل ‪113 ................. ................................ ................................‬‬
‫خاتمة ‪114 .................... ................................ ................................‬‬
‫فهرس اآليات ‪116 ........... ................................ ................................‬‬
‫فهرس األحاديث ‪117 ....... ................................ ................................‬‬
‫الفهرس ‪120 .................. ................................ ................................‬‬

‫‪122‬‬

You might also like