Professional Documents
Culture Documents
نسخة منقحة لغويا
نسخة منقحة لغويا
المقدمـــــــــة
إن األعم ال القانوني ة المتمثل ة في الق رارات اإلداري ة ،ال تي تجريه ا اإلدارة بإرادته ا
المنفردة والتي تعبر فيها عن سلطتها اآلمرة ،ليست هي الوحيدة التي تمثل هذه األعم ال،
بل تلجأ اإلدارة أحيان ًا عند مباشرتها ألوجه نشاطها إلى إجراء نوع آخر من التصرفات
القانونية ،وذلك في شكل عقود واتفاقيات تبرمها مع األفراد أو الشركات أوجهات إدارية
أخ رى وه و م ا يع رف بالص فقات العمومي ة ،وإ ن ه ذه الص فقات العمومي ة تختل ف عن
الق رارات اإلداري ة في الش كل والمض مون ،كم ا تختل ف عن العق ود المدني ة بط ابع خ اص
أساسه السعي وراء تحقيق احتياجات المرافق العامة والتي يستهدف العقد اإلداري تسييرها
بناء على رغبة الدولة ؛لذلك نجدها تختلف اختالف كليًا عن العقود المدنية التي تعتبر إن
مراكز المتعاقدين متكافئة ،ومن ثم تخضع هذه العقود (العقود المدنية ) لقاعدة العقد شريعة
المتعاقدين ،ونجد بالمقابل مركز المتعاقدين في الصفقات العمومية غير متكافئ حيث تعل و
المصلحة العامة التي تمثلها جهة اإلدارة والمتمثل ة في الدولة على مص لحة المتعاقد معها
الص فقات العمومي ة عق ود تبرمه ا ألش خاص العمومي ة إلنج از أو القي ام بخ دمات أو تس ليم
1
توريدات وتخضع عموما لنظام القانون اإلداري.
وك انت نتيجة ه ذا االختالف الشاس عة بين الن وعين من العقود أن الص فقات العمومية
تمت از ببعض االمتي ازات من حيث إنش ائها وتنفي ذها وإ نهائه ا ،وتخض ع لمجموع ة من
القواع د القانوني ة ال تي تختل ف عن تل ك ال واردة في الق انون الم دني والتج اري وال تي تحكم
العقود المدنية التي يبرمها األفراد واألشخاص االعتبارية الخاصة فيما بينهم.
ويخض ع العق د اإلداري ألسس وأرك ان العقد الم دني ذاته ا ،من حيث ض رورة توافر
الرضا والمحل وقيام السبب ،وذلك على الرغم من اختالف النظام القانوني الذي يخضع له
كل منها حيث يعزى هذا االختالف إلى تضمين الصفقات العمومية شروطًا غير مألوفة
-مليكة الصروخ :الصفقات العمومية بالمغرب ،دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط ،2009 ،ص .142 1
1
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
بالنسبة للعقود المدنية ،الغرض منها تمكين اإلدارة من تحقيق األهداف التي ألجلها قامت
ب إبرام العق د اإلداري ،أو جع ل كف تي المتعاق دين غ ير متكافئ ة على خالف األم ر بالنس بة
للعقود المدنية التي تضمن شروطها التوازن بين مصلحتي طرفي العقد.
وبالت الي ف إن التقس يم والتص نيف للعق ود اإلداري ة ي أتي حس ب الزاوي ة المنظور منه ا،
ومن التقس يمات تقس يم الص فقات العمومي ة إلى عق ود إداري ة مس ماة وعق ود إداري ة غ ير
مس ماة وتك ون اإلدارة مقي دة عن د إبرامه ا له ذه العق ود ،فليس له ا الحري ة الكافي ة والواس عة
عن د التعاق د كم ا ه و الح ال في إب رام األف راد لعق ودهم إذ ف رض المش ِّر ع جمل ة من القي ود
واإلجراءات التي تلتزم بها اإلدارة عند إبرامها للعقد اإلداري ،ويجب عليها اتباع الوسائل
ال تي تم فرض ها من قب ل المش ِّر ع كم ا ذكرن ا ،وذل ك من أج ل الحف اظ على الم ال الع ام
والمصلحة العامة.
إن مهمة تحديد وحصر أنواع الصفقات العمومية ،ليست مهمة سهلة؛ وذلك لوجود
صور من الصفقات العمومية المحددة المعالم من السهل تحديد أنها صفقات عمومية ،فإنها
تتداخل فيما بينها وبين عقود القانون الخاص.
2
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
فل ذلك توج د عق ود تبرمه ا اإلدارة ش بيهة في بعض جوانبه ا بعق د ال تزام المراف ق
العامة ،ولكنها من جوانب أخرى ،لها خصائص متميزة تبعدها عن عقود التزام المرافق
العامة.
كم ا إن نظري ة الص فقات العمومي ة نظري ة حديث ة النش أة ،وال دليل على ذل ك أن
الص فقات ال تي ك انت تبرمه ا اإلدارة لم تكن في تكييفه ا الق انوني إال عق ودًا بين متعاق دين
أركانها؛ الرضا ،والمحل ،و السبب بذات الشروط واألوصاف التي تشترط في العقود التي
يتم إبرامها بين أفراد عاديين ،وفي دائرة عالقات القانون الخاص ،ويرجع ذلك إلى ثالثة
عوام ل :أوله ا ،ض يق دائ رة النش اط اإلداري ،وثانيه ا ،أن ه لم يكن في الس احة إال نظ ام
القانون الخاص والذي دخلت تحت عباءته كل العقود على اختالفها وأًّي ا كان أطرافها وما
ك انت اإلدارة إال طرف ًا في ه ،وثالثه ا ،اختص اص المح اكم العادي ة بك ل العق ود أًّي ا ك ان
أطرافها.
ودون ال دخول في تفاص يل تاريخي ة ،يمكن الق ول إن ه رغب ة من الث ورة ال تي ش هدتها
فرنس ا في منتص ف الق رن الث امن عش ر في ض رورة إح داث تغي يرات ألج ل المجتم ع
وإ ص الح أحوال ه ،ق امت ه ذه الث ورة بإلغ اء المح اكم ال تي ك انت قائم ة قبله ا ،وال تي ك انت
تسمى البرلمانات وإ يمانًا من الثورة الفرنسية بمبدأ الفصل بين السلطات بمفهوم أنه فصل
جامد ومطلق فقد حرصت الثورة على المحاكم التي أنشأتها النظرية في تعريفات اإلدارة
أًّيا كانت ،وبأي درجة ،وألي سبب ،وإ ن تعرض القضاء ألعمال اإلدارة يعتبر تدخًال من
الس لطة القض ائية في أعم ال الس لطة اإلداري ة مم ا يع د خروج ًا على مب دأ الفص ل بين
الس لطات ،وال ذي اعتبرت ه الث ورة الفرنس ية الض مانة الرئيس ية لحق وق الم واطن الفردي ة
وحرياته العامة ،حيث كان من الطبيعي أن يضيق الناس ذرع ًا بعدم وجود طريق للطعن
في أعمال اإلدارة الضارة بهم ،وخروجًا من هذا المأزق قررت الثورة فتح باب الطعن في
القرارات والتصرفات اإلدارية أمام هيئات مكونة من كبار الموظفين باإلدارة ،وبهذا تكون
3
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الثورة الفرنسية أنشأت وأوجدت هيئات للفصل في المنازعات بشان تصرفات اإلدارة وفي
ذات الوقت تكون قد حافظت على مبدأ الفصل بين السلطات بشكل جامد ومطلق؛ إذ تكون
األحكام صادرة من اإلدارة وضد اإلدارة دونما تدخل من أي سلطة أخرى ،وقد كانت هذه
بداي ة لظه ور القض اء اإلداري ال ذي يختص بالفص ل في المنازع ات اإلداري ة ،وال ذي أدى
أيض ًا إلى وج ود جه تين للفص ل في النزاع ات ،تتمث ل األولى في المح اكم العادي ة وال تي
حرمها المشِّر ع من النظر في النزاعات اإلدارية ،والثانية المتمثلة في اللجان اإلداري ة ال تي
عقد لها المشِّر ع االختصاص بالفصل في المنازعات اإلدارية.
وال ننكر أن فكرة العقد نشأت أساسًا في كنف القانون المدني بصدد عالقات األفراد
بعض هم ببعض ،حيث تن اول فقه اؤه ك ل م ا يتعل ق بالعق د من ش روط انعق اده وص حته
واآلث ار المترتب ة عن ه ،ح تى أص بحت فك رة العق د وأحكام ه مرتبط ة بأحك ام ه ذا الق انون
مصطبغة بصبغته.
ويقوم العقد بصفة عامة على أساس توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني ،ومن ثم
فإن العقد عمل رضائي بين طرفيه ،بقصد تحقيق غاية هي إحداث أثر قانوني محدد يتمثل
في إنشاء التزام أو تعديله ،كما أنه إذا ما تم و أبرم العقد اإلداري فإنه يترتب عليه جملة
من اآلث ار على طرفي ه المتعاق دين ،تتمث ل في الحق وق وااللتزام ات ال تي تتمت ع به ا اإلدارة
من جهة وما يقابلها من حقوق والتزامات يتمتع بها المتعاقد معها من جهة أخرى .وبسبب
الطبيعة الخاصة للعقود اإلدارية كما سبق وذكرنا فإن ما تملكه اإلدارة من امتيازات يفوق
م ا يتمتع به المتعاقد اآلخر ،وذلك للسبب الذي سبق ذكره وهو أنه ا تسعى نحو تحقيق
الصالح العام ،ومن قبيل هذه االمتيازات سلطتها في الرقابة والتوجيه وسلطتها في توقيع
الجزاءات على المتعاقد وسلطة تعديل شروط العقد بإرادتها المنفردة.
4
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
العام الذي يستهدف العقد تسييره ،وتغليب المصلحة العامة على مصلحة المتعاقد األصل
فيها أال تتكافأ مصالح الطرفين المتعاقدين حيث تعلو المصلحة العامة وتمثلها اإلدارة على
مص لحة المتعاق د معه ا ،وأن لإلدارة س لطة تع ديل العق د تع ديَال من اط باحتياج ات المراف ق
العام ة وأن له ا أن تح ل مح ل المتعاق د المقص ر متعاق د آخ ر إذا ك ان التقص ير جس يمًا ف إن
المتعاقد مع اإلدارة بالمقابل يسعى وراء التعاقد الحصول على الربح كما أنه يعاون اإلدارة
في تسيير المرفق العام بانتظام واطراد فإن من حقه المطالبة بالتعويضات كاملة ) 2وتعد
أس اليب وأحك ام إب رام الص فقات العمومي ة القاعـدة القانونيـة المنظمـة للعقـود،
والمناقص ات ،والمزاي دات ،وكأنه ا حجـر األسـاس فـي عمـل المؤسـسات الحكومي ة ،نظ رًا
لكونها أداة الجهات اإلدارية والحكومية للقيام بأعمالهـا فـي تنظيم وتسيير المرافق العامة،
من خالل تمكين اإلدارة من الحص ول على مـا تحتاج ه من س لع وخ دمات ،أو تمكينه ا مـن
إدارة األمـوال العامـة بـشكل اقتصادي فعال بالتصرف فيها بيعًا أو إيجارًا تحقيقًا لمقتض يات
الص الح الع ام ،ل ذا عكفت أغلب تش ريعات ال دول على خل ق تنظيم تش ريعي تتحـدد بموجبـه
األسس العامة إلحاطة العمليات اآلنفة ب التنظيم ،والتفصيل تحاشيًا ألي اجتهاد شخصي،
أو ج زافي في التنفي ذ نظ رًا ل دقتها ،وعلى ال رغم مـن ذلـك ،فقـد تص احب عملي ات الش راء
الحكومي وإ حاط ة المناقص ات والمزايـدات العديـد من المش اكل اإلجرائية ،والموض وعية
ب دًء ا من أولى مراحله ا ،ووص وًال إلـى إب رام العق ود المتعلق ة به ا وتنفي ذها ،األم ر ال ذي
يتطلب معرف ة الجه ات المعنيـة وإ لمامه ا بالقواع د واألس س القانوني ة ال تي تحكم إحال ة
المناقصات والمزايـدات وإ برام العقود ،تفادي ًا ألي مخالفة مالية ،أوإ دارية ترافق العمليات
المـذكورة ال تي توص ف بأنه ا األك ثر اتس اعًا الرتك اب ح االت الفس اد الم الي فض ًال عـن
مساسها بالثقة في اإلدارة وتقويضها للبناء القانوني في الدولة ومن خالل بحثنا هذا تبين لنا
بأن النظام القانوني ألساليب إبرام الصفقات العمومية يعتبر حجر الزاوية بالنسبة للقانون
حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة ،جلس ة ،16/2/1978طعن 20/19ق مجموع ة عم رو الفه رس ج 2ق ،281ص 2
.388
5
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
اإلداري ،يس تقل تمام ًا عن ذلـك النظـام المعم ول ب ه بالنس بة للعق ود المدني ة حيث أن عملية
إبرام العقد اإلداري تعتمد أساس ًا على مدى التزام اإلدارة بتنفيذ النصوص الحاكمة لعمليـة
التعاقـد وللمب ادئ واألحك ام المتعلق ة به ا،هن اك العدي د من األس اليب ال تي تل تزم اإلدارة من
خالله ا ب إبرام العقـد اإلداري ،وق د وردت ه ذه األس اليب بنص الم ادة الثامن ة من الئح ة
الصفقات العمومية رقم 563لسنة 2007في ليبيا ،وتعد هذه الالئحة واجبة االتباع فيما
يتعل ق ب البث في المناقص ات وال دعوة إليه ا وتحري ر العق ود وإ برامه ا وتوقيعه ا وتغييره ا
وتنفيذها 3وتأسيس ًا على ذلك تتبع اإلدارة أساليب عدة في إبرام عقودها اإلدارية وفي هذا
المجال بينت لوائح الصفقات العمومية طرق أساسية إلبرام الصفقات العمومية هي :
- 1المناقصة
- 2الممارسة
-3المزايدة
-4االتفاق المباشر.
وال يج وز ب أي ح ال تحوي ل المناقص ة إلى ممارس ة عام ة ،أو محـدودة ففي جمي ع
الح االت يتم التعاق د في الحـدود ،ووفقـًا للـشروط ،والقواعـد ،واإلج راءات ال واردة به ذا
الالئحة التنفيذية ،ونجد أن اإلدارة ال تتقيد باتباع أسلوب معين من أساليب التعاقـد إال إذا
أوجب القانون صراحة أتباع طرق معينة في التعاقد ،ففي هذه الحالة يجب على اإلدارة إن
تل تزم ب ه ،وإ ال وق ع تص رفها ب اطًال ،أم ا إذا لم يقي دها القـانون بش يء من ذل ك ،فله ا حري ة
اختي ار أس لوب التعاق د المالئم وإ ن ك انت تظ ل مقيـدة في ه ذا الش أن في ك ل األح وال
بمقتضيات المصلحة العامة ،والمبادئ العامـة التي تحكم نظام الصفقات العمومية .
ويعد أسلوب المناقصات والمزايدات من أهم وسائل اإلدارة في اختيار المتعاقد معها،
فالمناقصة تعبير عن أمر سلبي مفاده إرساء المناقصة على من يقدم أقل ثمن من الناحية
المادة 8من الئحة العقود اإلدارية الليبية ( )563لسنة .2007 3
6
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المالي ة ،م ع االحتف اظ بمس ألة الج ودة الفني ة في الس لع والخ دمات المطل وب تق ديمها ،فهن ا
يكون من مصلحة الدولة اختيار المتعاقد الذي يقوم بهذه األعمال مقابل أقل األسعار التي
تدفعها اإلدارة كعقود التوريد وعقود االشتغال العامة ،وال أرى أن المناقصة أمرًا س لبيًا ب ل
هي أمٌر إيجابٌي ألنها تصب في النهاية في مصلحة الدولة.
أم ا المزاي دات فتحم ل مفهوم ًا إيجابي ًا مف اده أن مص لحة اإلدارة في بي ع أو إيج ار
أمالكها لمن يدفع أكثر ،ولهذا الغرض يتسابق مقدمو العطاءات في عرض أكبر لألسعار
للفوز بالعقد مع اإلدارة.
كما أن هذا األسلوب يفتح أكبر قدر ممكن من المنافسة مما يضمن تحقيق المساواة
بين المتنافس ين وتك افؤ الف رص ،ل ذلك اهتمت التش ريعات في معظم دول الع الم بوض ع
األسس التي تقوم عليها تلك المناقصات والمزايدات.
ويمكن لإلدارة أن تلجأ إلى طريق آخ ر في إب رام عقودها هو طري ق الممارسة ويتم
تقديم العروض أو االتصال بجهات أو أشخاص متخصصين والتفاوض معهم للوص ول إلى
أفضل الشروط واألسعار للتعاقد ،ويتميز هذا األسلوب باختصار اإلجراءات الطويلة التي
يس تغرقها غالب ا طري ق المناقص ة ،باإلض افة إلى ط ابع العلني ة من خالل معرف ة جمي ع
الراغبين بالتعاقد باألسعار التي يقدمها المنافسون ،والتفاوض العلني للوصول إلى االتفاق
وهو ما يتفق مع صفقات القانون الخاص ،واإلدارة حرة في إجراء الممارسة باتباع إحدى
طريق تين األولى ،الممارس ة عن طري ق تق ديم الع روض وفق ًا لإلج راءات ال تي تتب ع بش أن
المناقص ات المح دودة لتق ديم دع وات عروض هم ح ول موض وع الممارس ة ،وتتض من ه ذه
الدعوات تاريخ االجتماع إلجراء المفاوضات للوصول إلى أفضل األسعار والشروط ،وفي
الحالتين تعلن لجنة العطاءات بحضور مقدمي العروض عن األسعار المقدمة من كل منهم
في اليوم المحدد للممارسة وتمنح المتقدمين مهلة ال تتجاوز أسبوعًا لتقديم إق رارات مكتوب ة
تتضمن أسعارهم وشروطهم.
7
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كم ا نالح ظ جلي ًا أن الص فقات العمومي ة تتف ق م ع عق ود الق انون الخ اص في أنه ا
تنش ي بين األط راف حقوق ًا والتزام ات متبادل ة ،غ ير أنه ا تختل ف من حيث ع دم تس ليمها
بقاع دة أو مب دأ المس اواة بين المتعاق دين ،فتتمت ع اإلدارة بحق وق وامتي ازات ال يتمت ع بمثله ا
المتعاق د ترجيح ًا للمص لحة العام ة على المص لحة الخاص ة ،ويظه ر الف رق الكب ير بينهم في
ك ون العق ود المدني ة تحكمه ا بعض المب ادئ وأهمه ا ض رورة المس اواة بين ط رفي العالق ة
العقدية ،حيث تقوم هذه العقود على أساس من التوازن بين مصالح أطراف العقد.
ومن ه ذا المنطل ق ف إن اإلدارة تمل ك الرقاب ة على تنفي ذ العق د اإلداري والتوجي ه
لضمان سير تنفيذه على النحو المتفق عليه ،كما تملك تعديل شروط هذا العقد بما يحقق
المصلحة العامة ،إضافة إلى ما تملكه من حق في توقيع جزاءات على المتعاقد معها ،وإ ذا
م ا اخ ل بالتزامات ه التعاقدي ة ،وق د تص ل إلى ح د فس خ التعاق د مع ه في حال ة ارتكاب ه لخط أ
جس يم ال يس تقيم مع ه س ريان العق د ،وه ذه الج زاءات ته دف إلى ت أمين س ير المرف ق الع ام
بض مان تنفي ذ العق د المرتب ط ب ه بدق ة ،بإجب ار المتعاق د على الوف اء بالتزام ه التعاق دي على
الوجه األمثل.
وت زداد أهمي ة العق ود نتيج ة ازدي اد مس ئولية الدول ة في تحقي ق التنمي ة االجتماعي ة
واالقتص ادية ،وإ نش اء المزي د من المنش ئات والبني ة التحتي ة وإ ج راء العدي د من الدراس ات
العملية المهمة لعمليات تصدير واستيراد مختلف البضائع والمستلزمات الحديثة التي تس اهم
في دفع عجلة التقدم والتطور ،وال تستطيع الدولة تحقيق أهدافها تلك وهي توظف النفقات
المخصصة لها إال إذا قامت باإلنفاق في القنوات القانونية التي خصصت لها االعتمادات
وفق ا لقواع د ومع ايير دقيق ة تحق ق من افع ك برى بتكلف ة اق ل ،ف اإلدارة تس عى إلى تحقي ق
المصلحة العامة من خالل قيام المتعاقد بتنفيذ التزاماته بكل دقة وإ تقان ،وفي الوقت ذاته
يس عى ه ذا األخ ير إلى تحقي ق ال ربح ال ذي يمث ل منفع ة شخص ية ل ه وتتع دد أس اليب إب رام
8
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الصفقات العمومية وتبرز أهميتها لكونها تحتوي على أساليب متنوعة في إبرام عقودها
وقد تشترك هذه األساليب في ميزات خاصة وتختلف في نواحي أخرى.
وتع د س لطة ف رض الج زاءات أخط ر الس لطات ال تي تتمت ع به ا اإلدارة في مواجه ة
المتعاق د معه ا بق رار تص دره دون اللج وء إلى القض اء وتخض ع ه ذه الس لطة لنظ ام ق انوني
خاص هو نظام القانون العام في الصفقات العمومية إذ أن ضرورة الحرص على سير
المرافق العامة بانتظام واطراد تستلزم التشدد في التعامل مع المتعاقد إلجباره على تنفيذ
العقد بدقة .
فالقانون في معظم الدول عندما منح اإلدارة سلطات استثنائية في الصفقات العمومية،
كتطبيقها قواعد غير مألوفة في عقود القانون الخاص بقصد فإنه أعطى للمتعاقد معها حق
المطالبة بالتعويض.
ومثلم ا تمل ك اإلدارة حقوق ًا في مواجه ة المتعاق د معه ا ،ف إن األخ ير يتمت ع بحق وق
متماثل ة وتتمث ل ه ذه الحق وق في حق ه في الحص ول على المقاب ل الم ادي أو النق دي ،وه و
المقاب ل لم ا أداه المتعاق د من أعم ال أو توري دات لص الح جه ة اإلدارة المتعاق دة وحق ه في
اقتض اء بعض التعويض ات ج برا لم ا ق د لحق ه من أض رار أثن اء أو بس بب تنفي ذ العق د أو
تنتج ه خط ا اإلدارة ،كم ا ل ه ح ق ض مان الت وازن الم الي للعق د ويع ني وج ود تناس ب بين
التزامات المتعاقد وحقوقه حتى يتمكن من تنفيذ العقد على النحو المتفق عليه .لذلك نج د أن
المتعاق د يس عى إلى الحص ول على المقاب ل الم الي المتف ق علي ه في العق د ،فاله دف األول
للمتعاقد من إبرام العقد اإلداري هو الحصول على الربح ،لذلك كان الحصول على المقابل
النقدي أهم ما يهدف إليه المتعاقد مع اإلدارة.
إال أنه قد تكون الصفقات العمومية على عكس هذا الغرض ،حيث يلتزم المتعاقد
م ع اإلدارة بتق ديم مقاب ل نق دي كم ا ه و الش أن في عق ود تق ديم المعاون ة أو ش راء ش يء أو
9
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
اس تئجاره من اإلدارة ،إال أن معظم العق ود األخ رى يس تهدف المتعاق د من خالل إبرامه ا
الحصول على مقابل نقدي من اإلدارة.
ويتخذ المقابل النقدي صورًا متعددة ،فقد يكون مرتبًا شهريًا في حالة عقود التوظيف،
وقد يكون ثمنا للبضائع الموردة أو الخدمة المطلوبة أو األشغال المتعاقد على تنفيذها.
أما إذا كان المتعاقد يؤدي الخدمة للجمهور مباشرة كما هو الشأن في عقد االمتياز
فإنه يحصل على المقابل النقدي في صورة رسم يتقاضاه من المنتفعين ،ولَّم ا كانت اإلدارة
تمل ك من االمتي ازات والس لطات م ا ُيَم ِّك ُنه ا من إجب ار المتعاق د معه ا على ع دم اإلخالل
بالتزامات ه العقدي ة ف إن المتعاق د يمل ك ح ق المطالب ة ب التعويض إذا أخلت اإلدارة ب أٍّي من
التزاماتها التعاقدية ،والغالب أن نصوص العقد اإلداري ال ينظم تفصيل الجزاءات المترتبة
على إخالل اإلدارة بالتزاماته ا ،وإ نم ا يحص ل المتعاق د على ح ق التع ويض بوس يلة اللج وء
إلى القضاء برفع دعوى أو التعويض لالتفاق المسبق في بنود العقد .
كم ا أن للمتعاقد م ع اإلدارة الح ق في أن يتقاض ى منه ا مب الغ مالي ة قد يك ون أساس ها
المس ؤولية العقدي ة ،وذل ك عن دما تخ ل اإلدارة بالتزاماته ا التعاقدي ة وت رتكب أخط اء تنجم
عنها أضرار للمتعاقد معها وذلك عندما تقوم اإلدارة بفسخ العقد أو سحب العمل في غير
الح االت ال تي تنص عليه ا الق وانين وك ذلك عن دما تق وم ب إجراء ج زائي ض د المتعاق د دون
إنذار في المجاالت التي يشترط فيها مثل هذا اإلنذار.
وإ ن االعتراف لإلدارة بسلطة تعديل شروط العقد وزيادة أو إنقاص التزامات المتعاقد
معه ا بإرادته ا المنف ردة الب د أن يقابله ا من ج انب آخ ر ح ق للمتعاق د يتمث ل بمنح ه من
10
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
االمتي ازات المالي ة م ا يس اوي الزي ادة في التزامات ه فالعدال ة تقتض ي أن يك ون من طبيع ة
الص فقات العمومي ة أن تحق ق بق در اإلمك ان توازن ًا بين األعب اء ال تي يتحمله ا المتعاق د م ع
اإلدارة وبين المزايا التي ينتفع بها ،واصطلح على هذه الفكرة بالتوازن المالي للعقد.
ويهدف البحث إلى التوصل إلى عدة نتائج لمعالجة اإلشكاالت التي قد تنجم عن تنفيذ
وتط بيق أحك ام العق د اإلداري ،وط رح الحل ول التش ريعية والقض ائية والفقهي ة المقارن ة
لالس تفادة منه ا ،وال تي تس هم في مس اعدة المش ِّر ع اللي بي على وض ع تنظيم دقي ق وفع ال
ومتميز للعقود اإلدارية ،وتسهم في ابتكار قوانين قد تكون مفيدة ونافعة ،وذلك باالستفادة
من التجارب التي أخذت بها التشريعات األخرى المنظمة إلبرام الصفقات العمومية ،كما
تعين المتعاق دين و اإلدارة و المق اول أو الم ورد على إيج اد الحل ول القض ائية والقانوني ة
للمش كالت ال تي يواجهونه ا عن د الس ير في إج راءات إب رام الص فقات العمومي ة ،وللوق وف
س نوات من التط بيق العملي من حيث الض مانات ال تي يوفره ا ألس اليب إب رام الص فقات
العمومية ،وكذلك المساهمة ولو بصورة يسيرة في توفير مادة عملية وعلمية للباحثين ؛
محاولة إلثراء المكتبة العربية بشكل عام والمكتبة الليبية بشكل خاص .
الحقيقي وراء غي اب ش ركات عالمي ة ك برى في ليبي ا ،ومعرف ة س ر ه ذا الع زوف إال في
مجال النف ط ،وألن الدراسات الس ابقة تناولت موضوع الص فقات العمومية بشكل موجز
وأَّي عم ل ال ب د أن تعترض ه عوائ ق وتواجه ه ص عوبات ،ون درة المراج ع في ليبي ا،
وفق ر المكتب ة القانوني ة الليبي ة في بعض المواض يع المتعلق ة بالص فقات العمومي ة ك انت
تمثل أكبر العوائق وخاصة عندما نعلم أنه ال يوجد قانون موحد ينظم الصفقات العمومية
في ليبيا ،وترك األمر للوائح اإلدارية المرنة الغير مستقرة ،ومما زاد األمر تعقيدًا أنني لم
أج د م ا أحتاج ه من ص ور االتفاقي ات المبرم ة بين الحكوم ة الليبي ة والش ركات األجنبي ة
لالطالع على هذه العقود ،ودراستها واالستشهاد بها في التطبيقات العملية للعق ود اإلداري ة،
رغم ك ثرة ع دد الجه ات الحكومي ة ال تي قمت بزيارته ا ،وص عوبة التنق ل في ليبي ا نتيج ة
الح روب ال دائرة بين المليش يات المس لحة ،لكن ذل ك لم يثِن ع زمي على إتم ام انج از ه ذا
واإلش كالية تتمث ل في م دى اس تطاعة الئح ة الص فقات العمومي ة الليبي ة الص ادرة عن
الس لطة التنفيذي ة تنظيم إب رام الص فقات العمومي ة بش كل يل بي تطلع ات المش ِّر ع وض مان
حق وق المتعاق دين م ع اإلدارة والق راءة ال تي سنس تعملها س تكون بالض رورة ق راءة نقدي ة
لتوض يح وتفكي ك مك امن الخل ل في ه الالئح ة به دف تقويمه ا وتص حيحها وتج اوز س لبياتها
وإ ن تحلي ل ه ذه اإلش كالية ومحاول ة اإلجاب ة عنه ا جعلن ا نط رح مجموع ة من االس ئلة
الفرعية من قبيل:
* م ا هي الح االت العاجل ة ال تي قص دها المش ِّر ع وال تي ت برر اللج وء إلى االتف اق
المباش ر للتعاق د ب دًال من المناقص ة والمزاي دة العام ة؟ و ه ل يمكن اعتب ار االتف اق المباش ر
قرارًا إداريًا؟
*ه ل تس ري نظري ة عم ل األم ير في الص فقات العمومي ة المبرم ة بين األش خاص
االعتباري ة العام ة ،إذ أن اإلج راء المك ون لعم ل األم ير يمكن أن يص در عن أح د ط رفي
العقد؟
* ق د يك ون الظ رف الط ارئ متوقع ًا لكن تتج اوز أث اره ك ل التوقع ات ،فه ل تطب ق
* لَّم ا ك ان العق د اإلداري يتض من بن ودًا وش روطًا تنظم العالق ة العقدي ة بين اإلدارة
والمتعاقد ،فهل يمكن إن يتضمن العقد شرطًا يعفي اإلدارة من تعويض المتعاقد؟
* ال يوج د خالف شاس ع بين التش ريعات الحديث ة في األس اليب والمب ادئ ال تي تتبعه ا
* تعت بر الش روط ال واردة الالحق ة في العق د واجب ة االتب اع ألنه ا تعت بر معدل ة لتل ك
13
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
* الحالة العاجلة هي التي من شأنها إحداث أضرار ال يمكن تداركها إذا ما تأخرت
اإلدارة في التعاق د ويك ون الس بيل الوحي د لت دارك ه ذا الض رر المحتم ل ه و التعاق د عن
* إذا تج اوزت آث ار الظ روف الطارئ ة وف اقت ك ل التوقع ات تبقى اإلدارة ملتزم ة
* في حال ة تض من العق د اإلداري ش رطًا يعفي اإلدارة من المس ؤولية مطلق ًا فه و-
وتس تمد ه ذه الدراس ة أهميته ا في تع اظم دور الص فقات العمومي ة في إنش اء وتس يير
المرافق العامة ،فضًال عن أنها كأي عمل نظامي آخر يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة.
وتك ون مهم ة للجمي ع س واء على مس توى اإلدارة أو على مس توى المتعاق دين
أوالمس تفيدين من الخ دمات ،نظ رًا ل دور ه ذه العق ود في المس اهمة في تحقي ق التنمي ة
االقتص ادية وك أداة للتنمي ة االجتماعي ة ،من خالل توف ير ف رص العم ل وحماي ة الي د العامل ة
وتوفير المناخ المناسب للمنافسة والمبادرة الحرة اضطرت الدولة باعتبارها شخص عام
مكلف بتسيير الشؤون العامة لمواطنيها إلى الدخول في عالقات تعاقدية مع األفراد .فض ًال
14
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
عن ندرة الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع في ليبيا ،وإ ن وجدت فتهدف إلى ذكر المزايا،
وسوف أعتمد في بحثي المنهج التحليلي الذي يقوم على تحليل النصوص التشريعية،
كما اعتمدت المنهج المقارن وقد شملت عينة المقارنة التشريع الليبي والمصري مع إطاللة
مبس طة على الق انون الفرنس ي والمغ ربي ،وك ان ال دافع من بح ثي واختي ار الق وانين بي ان
اإليجابي ات والس لبيات ال تي تض منتها النص وص التش ريعية مح ل المقارن ة ،وص وًال إلى
تقييمها وبيان الرأي حولها ،وكل ذلك بما ال يخل بمبدأ الحياد العلمي المتعارف عليه في
إعداد الرسائل والبحوث العلمية وباألمانة العلمية في نقل واستنباط المعلومة وإ رجاعها إلى
أصلها الذي استقيناها منه سواء كان ذلك األصل مؤلف ًا متخصص ًا ،أو أبحاث ًا ،أو مقاالٍت ،
القس م األول (المب ادئ الحاكم ة لوس ائل إب رام الص فقات العمومي ة بين النظري ة
والتطبيق).
القس م الث اني (االلتزام ات والحق وق ال تي تتول د عن الص فقات العمومي ة بين النظري ة
والتطبيق).
15
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
القسم األول
16
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
17
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
تعد الصفقات العمومية واحدة من أبرز وسائل اإلدارة ،حيث تستخدمها في تسيير
وتنظيم مرافقه ا العام ة ،إذ تلج أ اإلدارة في س بيل القي ام بوظائفه ا وتق ديم الخ دمات العام ة
للمواطنين ،إلى إبرام العقود ،وهي على نوعين مدنية وإ دارية ،والذي يهمنا النوع الثاني
الذي تظهر فيه مظاهر السلطة العامة وامتيازاتها المستمدة من القانون العام ،إال أن لتلك
االمتيازات حدودا وقيود البد من مراعاتها عند إبرام العقود ،وتتمثل بمجموعة من المبادئ
ال تي ي ترتب عن د األخ ذ به ا مص لحة اإلدارة من جه ة ومص لحة المتعاق د معه ا من جه ة
أخ رى فاألخ ذ بمب ادئ ،العلني ة والمس اواة بين المتنافس ين وحري ة المنافس ة وذل ك بإعط اء
الحرية لجميع من تتوفر فيهم الشروط للدخول في التنافس لغرض التعاقد ،إضافة إلى مبدأ
الشفافية ،فكل ذلك من شأنه يوصل اإلدارة إلبرام العقد مع أشخاص هم أهل له وأصحاب
ق درة على الوف اء بالتزام ات العق د بم ا يوص لها في النهاي ة إلى تحقي ق المص لحة العام ة
وإ ضافة لتلك المبادئ هناك أساليب تتبعها اإلدارة عندما تتعاقد مع أحد األشخاص-
سواء كان من األشخاص العامة أو الخاصة – فإنها تتعاقد بهدف تحقيق نفع ع ام ،كما أنها
تتف ق م ع المتعاق دين في س بيل حماي ة الم ال الع ام ،وله ذا ك ان من الض روري ع دم ت رك
الحرية الكاملة لإلدارة للتعاقد باألسلوب الذي ترغبه ،لذلك ألزم المش ِّر ع جهة اإلدارة عند
إبرام العقد اإلداري .اتباع طرق وأساليب تعاقدية محددة الختيار المتعاقد معها ،تتمثل في
ثالثة أساليب وهي:
أسلوب المناقصة أو المزايدة.
أسلوب الممارسة.
أسلوب االتفاق المباشر.
كما أن المش ِّر ع أعطاها الكثير من االمتيازات أثناء تنفيذ العقد اإلداري تختلف على
تلك التي يتمتع بها الطرف اآلخر من العقد ومرد ذلك كونها الطرف األقرب إلى تحقيق
18
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
النف ع الع ام وتوف ير الخ دمات للمواط نين والحريص ة على المص لحة العام ة دائم ا .وه ذه
الس لطة ال تتع دي المظ اهر األربع ة المتف ق عليه ا في ك ل التش ريعات الحديث ة من س لطة
التع ديل والرقاب ة والتوجي ه وس لطة توقي ع الج زاءات إذا م ا أخ ل المتعاق د معه ا بالتزامات ه
وس لطة إنه اء العق د إذا دعت المص لحة العام ة إلى ذل ك كم ا تمل ك ح ق اإلش راف والتوجي ه
على تنفيذ العقد والتعديل شروطه وتغييرها وإ ضافة شروط جديدة بما قد يتراءى لهما أنه
أك ثر مالئم ًة واتفاق ًا للوص ول إلى الص لح الع ام ودون أن يحتج الط رف اآلخ ر "المتعاق د"
بقاعدة "العقد شريعة المتعاقدين".
كما جعل المشرع اإلدارة تتبع أساليب معينة الختيار المتعاقد معها لكي يكون إبرام
العق د ص حيحًا وغ ير قاب ل لإلبط ال ألي س بب من أس باب البطالن لكن ذل ك إذ م ا وض ع
المش ِّر ع إح دى ه ذه الط رق واجب اإلدارة اتباعه ا ،أم ا إذا لم ي وجب المش ِّر ع على اإلدارة
طريق ة وأس لوب معي نين فله ا حري ة اختي ار األس لوب ال ذي ت راه يوص ل إلى تحقي ق إب رام
العق د ،ولك ل م ا س بق س نقوم بتقس يم ه ذا القس م إلى فص لين ؛الفص ل األول :مب ادئ إب رام
الصفقات العمومية ،والفصل الثاني :كيفية اختيار اإلدارة المتعاقد معها
19
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
20
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الفصل األول
مبادئ إبرام الصفقات العمومية
لق د اس تقر الفق ه والقض اء والتش ريع ،على أن تخض ع المناقص ة العام ة والممارس ة
العام ة ألحك ام ومب ادئ مهم ة تع د ض مانات تكف ل دقته ا وص حتها وس المتها ،وتتمث ل ه ذه
األحكام في مبدأ العالنية ،وتكافؤ الفرص ،والمساواة ،والشفافية ،وحرية المنافسة ،ويضاف
إلى هذه المبادئ مبدأ آخر يعد ضروريًا تتكامل به قيمتها وهو مبدأ سرية العطاءات ،والبد
من اإلشارة إلى وجود صيغة من صيغ المناقصة ،وهذه الصيغة هي المزايدة وتقوم على
نفس المب ادئ ال تي تق وم عليه ا المناقص ة العام ة ،كم ا تخض ع إلى إج راءات ه ذه األخ يرة
نفسها ،مع وجود بعض االختالفات البسيطة التي سوف ُنَبِّيُنها الحقًا في هذه الدراسة.
ويترتب على تطبيق هذه المبادئ نتيجة قانونية هامة ،وهي أنه ال يجوز لإلدارة أن
تخل ق وس ائل قانوني ة تم يز به ا بين المتق دمين للمناقص ة ،كم ا ال يج وز له ا منح امتي ازات
أووض ع عقب ات أم ام بعض المتق دمين للمناقص ة ،حيث أن ه ذه الوس ائل غ ير مش روعة،
ومن وس ائل التمي يز القانوني ة إعف اء أح د مق دمي العط اءات من دف ع الت أمين ،أو من تق ديم
األوراق المطلوب ة ،ومن وس ائل التمي يز الواقعي ة خل ق وض ع واقعي يض ع المتق دمين في
المناقصة في وضع أفضل ،أو أسوأ من غيرهم .
وبناء على ما سبق ذكره نجد تعدد األحكام والمبادئ العامة التي تخضع لها كل من
المناقص ة العام ة ،والممارس ة العام ة في المب ادئ العالني ة ،والمس اواة ،والمنافس ة ،وس وف
نتن اول ه ذه المب ادئ بالدراس ة من خالل مبح ثين؛ المبحث األول :مب دأ العالني ة والمس اواة،
والمبحث الثاني :مبدأ المنافسة الحرة.
21
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المبحث األول
مبدأ العالنية والمساواة في إبرام الصفقات العمومية
يقص د بالعالني ة المعرف ة الكاف ة أن الدول ة س وف ت بيع أو تش تري أو ت أجر أو تق وم
بشغل عام ...إلخ .فال يصح أن يكون إبرام العقد اإلداري بطريقة سرية في أجواء تشوبها
الريبة ويحوم حولها الشك ،إذ البد أن تكون كافة المعلومات المتعلقة بالعملية المعلن عنها
متاحة للجميع ،وبشكل علني ،بحيث ال يؤدي إخفاء بعض المعلومات إلى مصادقة آلليات
السوق.
فمن غ ير العالني ة أال تك ون أم ام مج ال حقيقي بين الراغ بين في التعاق د م ع الجه ة
اإلدارية.
كم ا يجب على اإلدارة أن ت راعي المس اواة بين جمي ع الراغ بين بالتعاق د؛ بمع نى أن
لك ل من يمل ك الح ق قانون ًا أن يتق دم إلى المناقص ات العام ة ،فل ه الح ق في االش تراك فيه ا
على قدم المساواة مع باقي المتنافسين ،وليس لها حق تمييز غير مشروع بين المتنافسين،
كم ا أن ه ذه المس اواة من أهم الس مات األساس ية لك ل الق وانين ال تي تنظم المناقص ات
والمزاي دات العام ة ،وبن اء على م ا س بق س نقوم بتقس يم ه ذا المبحث إلى مطل بين؛ المطلب
األول :مبدأ العالنية ،والمطلب الثاني :مبدأ المساواة والشفافية .
المطلب األول
مبدأ العالنية في المناقصة والممارسة العامة
يعد مبدأ العالنية أحد المبادئ الهامة والرئيسة الحاكمة للمناقصة العامة والممارسة
العامة ،والعالنية تضع المنافسة الحرة موضع التطبيق الفعلي4؛ ألنها هي التي تؤدي إلى
إثارة المنافسة ضمن مناخ المساواة والشفافية .5وعليه ال يتصور قيام منافسة حرة كاملة
-د .هاني عبد الرحمن غانم ،أساليب التعاقد اإلداري «دراسة مقارنة» ،رسالة ماجستير ،مقدمة إلى معهد البحوث 4
،2007ص .365
22
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
إال إذا أعلنت المناقصة للكافة6؛ ألن غاية اإلدارة من التعاقد هي تحقيق المصلحة العامة،
وليس ت المص لحة الشخص ية ؛ل ذا فإنه ا تح رص على إعالن أك بر ع دد ممكن من األف راد
والش ركات برغبته ا في التعاق د ،ومن هن ا نظم الق انون أحك ام اإلعالن عن المناقص ة لتقديم
األفضل من العروض ،والتأكد من عدم المحاباة ،أو تفضيل أشخاص بقدراتهم للتعاقد مع
اإلدارة.
ولك ل م ا س بق س نبحث في ه ذا المطلب مب دأ العالني ة في ف رعين ؛الف رع األول:
اإلعالن عن المناقصات والممارسات العامة ،والفرع الثاني :تحديد شروط المناقصة.
الفرع األول :اإلعالن عن المناقصات والممارسات العامة.
يقص د ب اإلعالن عن المناقص ة «إيص ال العلم إلى جمي ع الراغ بين بالتعاق د وإ بالغهم
7
عن كيفية الحصول على شروط التعاقد ونوعية المواصفات المطلوبة»
ونفهم مما سبق أنه عن طريق هذا المبدأ تتم جميع عمليات المناقصة والممارسة في
نط اق عل ني ،ابت داء من اإلعالن عنه ا ،وب الطرق المح ددة قانون ًا م رورًا بانعق اد جلس ات
للج ان المختص ة في المك ان والزم ان المح ددين له ا ،وبش كل عل ني على األق ل فيم ا يتعل ق
بلجان الممارسة ،وكذلك إتاحة الفرصة أمام كافة المعنيين بالمناقصة في حضور جلسات
تل ك للج ان ،والس يما لج ان فتح المظ اريف ،وق راءة العط اءات وترتيبه ا .8وال تزام اإلدارة
بنش ر كاف ة الق رارات المتعلق ة بالعملي ة التعاقدي ة في المك ان والزم ان المح ددين ل ذلك.
والتزامها كذلك ببيان أسباب كافة القرارات الصادرة عنها بشأن تلك العملية.9
-د .حسين درويش عبد العال ،وسائل تعاقد اإلدارة ،.الطبعة األولى مكتبة اإلنجلو المصرية ،القاهرة ،1959 ،ص 6
.45
-د .ماجد راغب الحلو ،القانون اإلداري ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية 1994م ،ص .583 7
-د .ع اطف س عدي ،عق د التوري د اإلداري بين النظري ة والتط بيق رس الة دكت وراه ،كلي ة الحق وق جامع ة عين ش مس 8
2005م ص .204
-المادة 40من قانون المناقصات والزيادات المصري رقم 89لسنة 1998م. 9
23
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ويع د اإلعالن عن إج راءات المناقص ة وس يلة يتمكن من خالله ا ذوو الش أن مراقب ة
اإلدارة ،والمتابعة لمدى احترامها لإلجراءات التي فرضها عليها القانون.10
ل ذلك يعت بر اإلعالن أح د القواع د األساس ية ال تي تس بق وتق وم عليه ا المناقص ة ،فه و
بمثابة الخط الرئيسي المميز لها ،ويعد اإلعالن عن أي مناقصة دليًال على أنها ستتم وفق ًا
للشروط التي أعلن عنها ،وهذا بدوره يؤدي إلى تسهيل الرقابة على اإلدارة ،سواء كانت
الرقابة ذاتية أو قضائية.11
ل ذا يجب على اإلدارة أن ت راعي -وفق ًا لم ا ج اءت ب ه النص وص التش ريعية – وإ ال
كان الجزاء هو البطالن ،بعكس األخطاء المادية التي يمكن بسهولة تداركها ،فإنها ال تعد
إج راءات ،أو إش كاليات جوهري ة ي ترتب عليه ا ه ذا الج زاء ،12وتحق ق العالني ة فوائ د ع دة
منها:
تجنب اإلدارة أج واء الش ك والتربي ة في التعام ل النزي ه في عملي ة إب رام .1
العقود.
تحقيق المنفعة المادية من خالل خلق أجواء من المنافسة المشروعة بين عدد .2
غير محدود من الراغبين بالتعاقد ،مما يؤدي إلى إحالة العقد إلى أنسب العروض
من حيث األسعار وأفضلها من الناحية الفنية.
تعزيز مبدأ حرية التجارة والعمل ومساواة األفراد في ذلك. .3
وتختل ف درج ة العلني ة من مناقص ة إلى أخ رى ،ففي المناقص ات العام ة تك ون عام ة و
مطلق ة ،وفي المناقص ات المح دودة تك ون أق ل عمومي ة ،خاص ة في المناقص ات المحلي ة،
-د .عص مت عب د اهلل الش يخ ،مب ادئ ونظري ات الق انون اإلداري ،ب دون دار نش ر جامع ة حل وان ، 2003 ،ص 10
.209
-د .مطيع علي حمود ،العقد اإلداري بين التشريع والقضاء في اليمن ،بدون سنة نشر و ال دار نشر .ص .261 11
-د .عصمت عبد اهلل الشيخ ،مبادئ أساسية في العقود اإلدارية ،ص .63 12
24
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أما المناقصات القائمة على أساس توجيه دعوات خاصة فتكون محدودة جدًا أو بقدر ما
توصل به اإلدارة العلم إلى من توجه إليهم دعوة المناقصة.13
كم ا أن اإلعالن في ه مص لحة لألف راد و الش ركات ؛ألن ه يش عرهم باالطمئن ان بش أن
سالمة العطاءات من أي تواطؤ يمكن أن ينشأ بين اإلدارة وأحد المتنافسين للتعاقد ،حتى
ال تقتصر اإلدارة عقودها على طائفة معينة من األفراد ،أو الشركات بحجة أنهم وحدهم
تقدموا للعطاء.14
ونظرا ألهمية اإلعالن عن المناقصة ،فإن القوانين التي تنظمها دائم ًا تحرص على
النص عليه صراحة ،15فلقد نص عليه المش ِّر ع الفرنسي 16في قانون الصفقات العمومية،
وتطلب توافره في عقود الدولة في المادة « »84أو بالنسبة للعقود التي تبرمها المحليات،
وك ذلك نص علي ه المش ِّر ع المص ري في الم ادة الثاني ة من ق انون المناقص ات والمزاي دات
رقم 89لسنة 1998م السابق ذكرها.17
كما أن قاعدة اإلعالن عن المناقصة تعتبر قاعدة أساسية وهي تتضمن عنصرين:
األول :يجب اإلعالن عن المناقص ة س لفًا ،وه ذا اإلعالن ه و ال ذي يس مح بإعم ال
مبدأ المساواة ،ومبدأ حرية المنافسة.
الثاني :يتعلق بعالنية اإلجراءات المؤدية إلى إبرام العقد.18
-د .محمود الجبوري ،النظام القانوني للمناقصات العامة ،مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع سنة1999م ،ص 72 13
-د .عصمت عبد اهلل الشيخ .مبادئ أساسية في العقود اإلدارية .مرجع سابق ،ص .63 14
-نظ رًا ألن العالني ة هي المعي ار الموض وعي واألساس ي لمب دأ المنافس ة الح رة ،فق د تبناه ا المش رع الفرنس ي بش كل 15
واضح في كل التشريعات التي تحكم إبرام عقود الشراء ....المادتين " "12-11من مرسوم 1942-4-6م الملغي
16
- (R) ROMEUF : La Justice administrative، J. Paris، 1989
-وهو نص المادة الثانية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الملغي رقم 9سنة 1985م والذي جاء فيه " تخضع 17
كل من المناقصة العامة والممارسة العامة لمبدأ العالنية وتكافؤ الفرص والمساواة وحرية المنافسة".
-د .سعاد الشرقاوي ،العقود اإلدارية ،دار النهضة ،العربية ،سنة ،2003ص .271 18
25
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وعلى النهج نفس ه س ار المش رع اللي بي ،باعتب ار أول خط وة في عملي ة التعاق د
بالمناقص ة ،أو المزاي دة ويقص د ب ه «إعالن اإلدارة عن رغبته ا بالتع اون بتع يين مش روع
معين أو طلب سلعة ،أو خدمة من المقاولين ذوي الخبرة واالختصاص والكفاءة».
فق د نص ت الم ادة " "28من الئح ة الص فقات العمومي ة على أن ه يتم اإلعالن عن
األعم ال الم راد تنفي ذها ،وعن توري د األص ناف ،أو م واد المطلوب ة في وقت مناس ب،
بحيث يكون هناك وقت كاف إلعادة المناقصة إذا اقتضى األمر ذلك.
وترتيب ًا على م ا س بق س وف نتن اول فيم ا يلي :محت وى اإلعالن ،وكيفي ة اإلعالن،
والتكييف القانوني لإلعالن عن المناقصات والممارسات في كل من مصر وليبيا في
النقاط اآلتية:
أوال -محتوى اإلعالن عن المناقصات والممارسات العامة.
يقص د بمحت وى اإلعالن ،جمل ة البيان ات الالزم ة ال تي تمكن المخ اطبين ب إجراءات
المناقص ة من العلم به ا .19وأن القاع دة العام ة يجب أن يتض من اإلعالن عن العط اءات
البيانات اآلتية:
موضوع العطاء ،موقع المشروع ،ثمن نسخة العطاء وفئات المقاولين أو المستشارين
المسموح لهم باالشتراك في العطاء ،وتاريخ آخر موعد لشراء نسخ العطاء و بي ان الس اعة
و التاريخ المحددين لموعد إيداع العروض 9ومكان إيداعها ،وقيمة التمويل ،ومصدره
بالنسبة للمشاريع التي يتم تمويلها من جهات معينة.20
وهن اك من ي رى أن ه ذه البيان ات ال تش كل ك ل م ا يجب معرفت ه ح ول العق د الم راد
إبرامه ،وإ نما تشكل الحد األدنى لتكوين فكرة عامة أولية عن اإلدارة والتعاقد ومحل العق د،
-د .ماجد راغب الحلو ،الق انون اإلداري الطبع ة األولى ،دار الكتب للطباعة والنشر ،الكويت ،سنة ، 1977ص 20
.146
26
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ومواعيد تسليم العروض ،ومكان التسليم لهذه العروض ،وهذا الحد األدنى يمثل البيانات
الجوهرية التي يجب أن تصل إلى علم المتنافسين المحتملين.21
ل ذلك نج د المش ِّر ع نص على وج وب م ا يتض منه اإلعالن م ع ت رك س لطة تقديري ة
لإلدارة في إض افة م ا تش اء إليه ا من بيان ات مهم ة ؛ل ذلك نج د اله دف من محت وى اإلعالن
ه و إعالم المتنافس ين عن فتح المناقص ة ،وإ عط ائهم معلوم ات عن الش روط العام ة للعق د،
ولهذا نجد اإلعالن يتكون من مضمون المناقصة ،واألجزاء الرئيسية المكونة للعقد الم راد
إبرامه.
ونس تنتج من خالل ذل ك أن اإلدارة بإرادته ا المنف ردة تح دد مح ل العق د ،وموض وعه
وشروطه ،وتعرضه لجميع األشخاص المهتمين ،أو المعنيين به ،فلكل شخص تتوافر فيه
الش روط المطلوب ة ح ق االش تراك في المناقص ة وتق ديم ع رض خ اص للتعاق د مبين ًا في ه
األس عار ال تي يقب ل به ا ،وألهمي ة اإلعالن عن العط اءات ك إجراء أولي إلب رام العق د
اإلداري فقد نصت التشريعات المقارنة على ما يلي:
ففي مص ر ،وفق ًا لم ا ج اء بالم ادة " "12من الالئح ة التنفيذي ة لق انون المناقص ات
والمزاي دات رقم 89لس نة 1998م 22ف إن اإلعالن عن المناقص ة اس تلزم أن يتض من
اإلعالن عما يلي:
-الجهة التي تقدم إليها العطاءات. 1
المادة " "12من الالئحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 89لسنة 1998م 22
27
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كما يشترط قانون الصفقات العمومية في المغرب أن يتضمن اإلعالن بيان ات إلزامي ة
ح ددها و ض بطها في نص الم ادة 46من ه ،وتتمث ل ه ذه البيان ات اإللزامي ة في اآلتي- :
العنوان التجاري و عنوان المصلحة المتعاقدة .
-كيفية المناقصة (مفتوحة ،محدودة ،وطنية و /أو دولي ة ) ،أو المزايدة ،أو عند
اإلقتضاء المسابقة .
-موضوع العملية
-الوثائق التي تطلبها المصلحة المتعاقدة من المترشحين .
-تاريخ آخر أجل و مكان إيداع العروض .
-إلزامية الكفالة عند االقتضاء .
-التقديم في ظرف مزدوج مختوم تكتب فوقه عبارة ال يفتح ،ومراجع المناقصة
-ثمن الوثائق عند االقتضاء ،وعلى ذلك فإن اإلدارة ملزمة بالشروط التي يتطلبها
المشِّر ع في اإلعالن ،فيتعين عليها احترام أوضاع اإلعالن من حيث المدة وكيفية إجرائه،
وعدد مراته و إال ترتب على ذلك بطالن المناقصة .
أما في ليبيا فقد نصت المادة " ،"27من الئحة الصفقات العمومية على أن ه يجب أن
23
يتضمن اإلعالن عن المناقصات البيانات اآلتية:
ملخصًا وافيًا لموضوعها وشروطها. .1
المدة المعدة لتقديم العروض فيها. .2
المدة التي يظل مقدم العطاء ملتزمًا خاللها بعطائه. .3
الجهة التي تقدم إليها العطاءات. .4
28
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
يس تلزم الق انون أن يتم اإلعالن عن المناقص ة بكيفي ة معين ة تتص ل بمك ان النش ر،
وعدد مراته ،و اللغة التي ينشر بها ،وميعاده "مدد اإلعالن".
أ -وسائل النشر وعدد مراته ولغته.
29
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
في ليبي ا طبق ًا لنص الم ادة " "29من الئح ة الص فقات العمومي ة رقم 563لس نة
2007م والتي تنص على أنه يجري اإلعالن عن المناقصات العامة المحلية والعالمية وفق ًا
24
لما يلي.
يعلن عن المناقص ات العام ة بالنش ر في وس ائل اإلعالم المحلي ة، ب-
ويح دد م رات النش ر تبع ًا ألهمي ة المناقص ة من حيث قيمته ا ،وغ ير ذل ك من
االعتبارات ،ويجوز باإلضافة إلى ذلك اإلعالن عن المناقصات في لوحة تعد لهذا
الغرض بمقر الجهة طالبة التعاقد.
يعلن عن المناقص ات العالمي ة عن طري ق النش ر في وس ائل اإلعالم ت-
المحلية والعالمية ،وتزَّو د المكاتب الشعبية «السفارات» الليبية في الخارج وما في
حكمه ا وف ق طلبه ا – بالع دد الالزم من نس خ اإلعالن ،وش روط المناقص ة،
والمواص فات والق وائم وملحقاته ا ،وذل ك لتس ليمها مقاب ل الثمن المح دد لمن ي رغب
في االشتراك فيها.
أم ا المناقص ات العام ة العالمي ة فيعلن عنه ا عن طري ق النش ر في وس ائل اإلعالم
المحلي ة و العالمي ة ،بينم ا توج ه ال دعوة لالش تراك في المناقص ات المح دودة برس ائل
مسجلة.25
أما في مصر فتنص المادة " "12من الالئحة التنفيذية للقانون رقم 89لسنة 1998م
على أن يتم اإلعالن عن المناقص ة العام ة في ال وقت المناس ب على م رتين في ص حيفة،
26
أوصحيفتين يوميتين واسعتي االنتشار.
-المادة () 42من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم( ) 563لسنة 2007م. 25
31
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلوب ة في وقت مناس ب ،بحيث يك ون هن اك وقت ك اف إلع ادة المناقص ة إذا اقتض ى
األمر ذلك.
وي راعي بالنس بة لمناقص ات التوري د الس نوية أن يتم اإلعالن قب ل بداي ة الس نة المالي ة
بثالث ة أش هر على األق ل ،و بالنس بة لمناقص ات التوري د الموس مية يتم اإلعالن في وقت
يسمح بتوريد المواد ،أو األشياء المطلوبة في الموسم دون تأخير.
كم ا يجب أن ال تق ل م دة تق ديم العط اء عن ثالثين يوم ًا من ت اريخ اإلعالن ألول
مرة ،ويجوز موافقة الجهة المختصة إصدار اإلذن في إجراء ومباشرة التعاقد تقليل هذه
المدة إذا كان ثمة مقتضى يتطلب ذلك ،على أن ال تقل عن خمسة عشر يومًا.
وفي مص ر أوجب المش ِّر ع بالم ادة " "41من الئح ة التنفيذي ة للق انون رقم 89لس نة
1998م أن تحديد مدة ثالثين يومًا على األقل لتقديم العطاءات في المناقصة العامة ،على
أن تحس ب ه ذه الم دة اعتب ارًا من ت اريخ أول إعالن في الص حف اليومي ة؛ أي أن حس اب
الم دة يب دأ من ي وم اإلعالن وليس من الي وم الت الي لإلعالن .وم ع ذل ك أج ازت الالئح ة
التنفيذية تقصير هذه المدة بموافقة السلطة المختصة بحيث ال تقل عن عشرين يومًا.28
أم ا في المغ رب فيجب أن يتم ه ذا اإلعالن قب ل الت اريخ المح دد الس تالم الع روض
يوم ًا ك امًال من الي وم الم والي لنش ر اإلعالن في ث اني ص حيفة. ب)21( -
و يمكن تمدي د األج ل لإلعالن إلى 40يوم ًا على األق ل في ح التين فق ط ؛األولى بالنس بة
لصفقات األشغال التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر 65مليون درهم دون احتساب الرسوم،
والثانية بالنسبة لصفقات التوريدات و الخدمات التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر مليون و
29
ثمانمائة ألف درهم دون احتساب الرسوم.
-أش ارت الم ادة " "41من الالئح ة التنفيذي ة إلى أن ه «يجب اإلعالن عن الممارس ة العام ة في ال وقت المناس ب طبق ًا 28
إلج راءات النش ر عن المناقص ة العام ة المبين ة به ذه الالئح ة ،إال ان ه ال يمن ع وج ود بعض القواع د الخاص ة بأس لوب
الممارسة كالمدة المحددة لتقديم العروض حيث يجوز في حالة االستعجال وموافقة اللجنة المختصة تقصير المدة المحددة
لتقديم العروض على األقل تلك المدة عن عشرة أيام من تاريخ أول إعالن عن الممارسة».
.المرسوم رقم 2.12.349الصادر في 20مارس 2013المتعلق بالصفقات العمومية. 29
32
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
و يمكن تغي ير الح دين المش ار إليهم ا س ابقًا بم وجب ق رار لل وزير المكل ف بالمالي ة بع د
اس تطالع رأي لجن ة الص فقات ،ومن المالح ظ أن المش ِّر ع المغ ربي ق د وس ع من آج ال
اإلعالن عن الص فقات الض خمة لم ا تتطلب ه من إع داد تق ني و ف ني على ق در كب ير من
30
األهمية ،مما يستلزم توسيع آجال إعداد الملفات من أجل المشاركة
ونالح ظ أن المش ِّر ع اللي بي والمش ِّر ع المص ري لم يبين ا الح االت ال تي يج وز أن
تنخفض بموجبه ا ه ذه الم دة بالتحدي د ،وبقائ ه خاض عًا لمحض تق دير الس لطة المختص ة من
شأنه أن يمس بمبدأ الشفافية ،لذلك سيكون من األفضل لو أن المشِّر عان الليبي والمص ري
قيدا هذا التخفيض بوجود حالة الضرورة ،وإ ن كان مصطلح الضرورة مصطلحًا واسعًا.
ثالثا -األثر المترتب على مخالفة إجراءات اإلعالن عن المناقصة.
لكي ينتج اإلعالن عن المناقص ة أث اره القانوني ة يجب أن ي أتي في ش كله ومض مونه
موافقًا ألحكام القانون ،وهنا البد من عرض االتجاهات التي طرحت.
االتج اه األول :ي رى أن ه أي مخالف ة لش روط اإلعالن عن العط اءات تبط ل إج راءات
العطاء ،وبالتالي تلغيه ليطرح العطاء من جديد بإجراءات إعالن سليمة.31
االتج اه الث اني :يف رق بين م ا إذا تحق ق أث ر اإلعالن من عدم ه ،ف إذا ك ان ق د تق دم
للعط اء ع دد كب ير من أص حاب العط اءات فق د تحققت الغاي ة من اإلعالن طبق اً لقاع دة
البطالن ال ذي ال يق ع إذا تحققت الغاي ة من اإلج راء ،وأن ني أرى هن ا ت رجيح االتج اه األول
على االتج اه الث اني على اعتب ار أن ه إذا تخل ف أي ش رط من ش روط اإلعالن ي ؤدي إلى
بطالنه فحجة االتجاه الثاني غير سلمية ،وال يعتبر تبريرًا كافي ًا لحل المسألة ألن اإلعالن
عن المناقص ة يعتبر قمة اله رم ال ذي يحكم المناقص ات العام ة والممارسات العام ة ،وعليه
تعت بر العالني ة مب دًأ أساس يًا من المب ادئ ال تي تحكم نظ ام المناقص ات والممارس ات العام ة،
-د .محمد كرامي ،القانون اإلداري ،بدون مطبعة ،طبعة ، 2000ص 259 30
د .إب راهيم ط ه الفي اض ،العق ود اإلداري ة (النظري ة العام ة وتطبيقاته ا في الق انون الكوي تي المق ارن م ع ش رح ق انون 31
المناقصات الكويتي رقم 37لسنة ،)1964ط ،1مطبعة الفالح للنشر والتوزيع ،الكويت1981 ،ص .81
33
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وال تي نص عليه ا الق انون اللي بي ،والق انون المص ري كم ا أنه ا من قبي ل القواع د اآلم رة،
يؤدي الخلل فيها إلى عدم مشروعية هذه المناقصات والممارسات.
رابعا -التكييف القانوني لإلعالن عن المناقصات و المزايدات العامة.
إن اإلعالن عن المناقص ة ،أو المزاي دة ،أو الممارس ة ،ال يع دو أن يك ون مج رد
دعوة إلى التعاقد ،ومن ثم فإنه ال يمثل إيجابًا تتقدم به اإلدارة إلى المتعاقد معها.32
وعلى ذل ك اس تقر القض اء اإلداري المص ري ،حيث ذهبت المحكم ة اإلداري ة العلي ا
إلى أن « إعالن اإلدارة عن إجراء مناقصة أو مزايدة أو ممارسة لتوريد بعض األصناف
عن طري ق التق دم لعط اءات ليس إال دع وة إلى التعاق د ،وأن التق دم بالعط اءات وفق ًا
للمواص فات واالش تراطات المعلن عنه ا ه و اإليج اب ال ذي ينبغي أن يتلقي عن ده قب ول
اإلدارة لينعقد العقد».33
د .ج ابر ج اد نص ار ،المناقص ات العام ة ،الطبع ة الثاني ة( ،دراس ة مقارن ة في الق انونين المص ري والفرنس ي )،دار 32
الطبعة رقم 314لسنة 46ق جلسة 2005-2-1م مشار إليها عند – د -عاطف سعدي محمد ،مرجع سابق ،ص .283
34
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
د .وليد خليل هيكل ،العقود اإلدارية (دراسة مقارنة مع التعمق مع دراسة خاصة للقانون رقم 89لسنة 1998بشأن 34
المناقصات والمزايدات) ،دار النهضة العربية ،بدون سنة نشر ،ص .54
د .مهند نوح مختار ،مرجع سابق ،ص .327 35
35
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
إذًا كراسة الشروط تتضمن الشروط العامة والخاصة ،والمواصفات الفنية ،وقوائم
األصناف ،واألعمال وملحقاتها ،وكلما كانت الشروط الواردة في كراسة الشروط عامة
ومجردة كان ذلك تطبيقًا عمليًا لمبدأ المنافسة في إجراءات الشراء.37
والش ك أن كراس ة الش روط وم ا تتض منه من بيان ات تمث ل أهمي ة ك برى في تش كيل
موق ف المق اول ،أو المتعه د ال ذي ي رغب للتق دم بالتعاق د م ع اإلدارة ،والب د من توف ير
كراس ات لجمي ع المناقص ين « ال ذين يطلبونه ا وي دفعون ثمنه ا إن ك انت بمقاب ل » م ا لم
يكونوا خاضعين لقرارات الحرمان أو االستبعاد.
ففي ليبي ا ،يحيلن ا اإلعالن عن المناقص ات إلى خط وات إع داد وث ائق المناقص ات
وال دعوات التنافس ية ال تي يجب أن تش مل وث ائق المناقص ة على المعلوم ات التفص يلية
اآلتية.38
-1قائم ة بالس لع والخ دمات ،أو األش غال العام ة ال تي تري د اإلدارة تنفي ذها من خالل
المناقص ة أو ال دعوات التنافس ية ،متض منة تفص يًال دقيق ًا م ع الخرائ ط والتص اميم والمس تندات
المتعلقة بها.
-2تحديد زمان ومكان تقديم العطاءات والموعد النهائي واإلشعار "التنبيه" بعدم قبول
عطاء بعد ذلك الموعد والملحق رقم " "6يوضح نموذج المواد المطلوبة.
-3قائم ة باألحك ام والقواع د والش روط األساس ية ،وال تي يجب على مق دمي العط اء
العلم بها وفهمها بشكل كامل ،وكذلك التعليمات الخاصة بالمناقصة التي تمثل أساس العقد
-د .جابر جاد ناصر ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .151 37
-د .خالد عبداهلل كرفاش ،أحكام ووسائل إبرام العقود اإلدارية ،رسالة دكتوراه جامعة القاهرة.2014 ،ص64 38
36
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أم ا في مص ر فنص ت الم ادة " "7من الالئح ة التنفيذي ة للق انون رقم 89لس نة 1998م
على أن ه «يجب أن تع د ك ل جه ة قب ل اإلعالن أو ال دعوة لالش تراك في المناقص ة أو
الممارسة بجميع أنواعها كراسة خاصة بمستندات الطرح تشمل الشروط العامة والخاصة،
والشروط والمواصفات الفنية ،وقوائم األصناف أو األعمال وملحقاتها» .
39
ويتم طب ع الكراس ة المش ار إليه ا وتوزيعه ا بع د ختمه ا واعتم اد م دير المش تريات له ا
على من يطلبها وفق ًا للقواعد وبالثمن الذي تحدده الجهة اإلدارية بشرط أن يكون بالتكلفة
الفعلية لجميع المستندات مضافًا إليها نسبة مئوية ال تزيد عن" "20%كمصروفات إدارية.
كم ا نص ت الكراس ة على أن ه في الح االت ال تي يتطلب فيه ا موض وع التعاق د توف ير
أعم ال الص يانة وقط ع الغي ار ،فيجب تض مين ش روط الط رح الم دة الالزم ة لتوف ير ه ذه
اإلعم ال ،وتحدي د ن وع الص يانة المطلوب ة «عادي ة -ش املة قط ع الغي ار» على أن يؤخ ذ في
40
االعتبار عند تقديم العروض الناحية الفنية والمالية.
وقد بينت المادة " "3من الالئحة ذاتها كيفية تحديد هذه الشروط إذ نص ت على أن "
يكون الطرح على أساس مواصفات فنية دقيقة ومفصلة يتم وضعها بمعرفة لجن ة فني ة ذات
خ برة باألص ناف أو األعم ال المطلوب ة ،وت راعي المواص فات ال تي تص درها أو تعتم دها
الجه ات الفني ة المختص ة .وفي الح االت ال تي يتم فيه ا الط رح على أس اس عين ات فيجب
النص على وزنها ،أو مقاسها ،أو حجمها ،وفي األصناف التي يلزم توريدها داخ ل عب وات
يجب بي ان ن وع ه ذه العب وات ،وس عتها ،ومواص فاتها ،ويك ون الط رح على أس اس العين ات
النموذجية الخاصة بالجهة اإلدارية في الحاالت التي يتعذر فيها توصيف موضوع التعاقد
توصيفًا
.المادة " "7من الالئحة التنفيذية للقانون رقم 89لسنة 1998م بمصر 39
-د .عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،دار النهضة العربية ،2005 ،ص 132 40
37
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
دقيق ًا ويجوز في ه ذه الحالة بيع نموذج منه ا لمقدمي العط اءات ،ويجب بالنسبة إلى
41
مقاوالت األعمال إعداد الرسومات الفنية الالزمة».
وتعتبر كراسة الشروط التي تعدها الجهة اإلدارية بيان ًا لقوائم األصناف أو اإلعمال
موض وع المناقص ة وجزًء ا ال يتج زأ من العق د وتمث ل الش روط والمواص فات ال تي تحتويه ا
أساس ا للتعاق د ،بين الجه ة ومق دم العط اء ح تى ول و لم ينص على ذل ك في مض مون العق د
الذي تم إبرامه بين جهة اإلدارة والمتعاقد معها ،كما يتطلب استفتاء مجلس الدولة حول
42
كراس ة الش روط والموص فات ،وذل ك في المرحل ة الس ابقة على توزيعه ا على الراغ بين في
االشتراك بإجراءات التعاقد ،وعلة ذلك تكمن في أن هذه الكراسة ستصبح جزاًء ا من العقد
المزمع إبرامه ،مما يحضر التعديل فيها بعد مراجعتها من مجلس الدولة ،وان تم ذلك
فيجب إعادة عرضها على المجلس من جديد .
43
ومن ثم الب د من معرف ة الطبيع ة القانوني ة لكراس ة الش روط ،وحكم الق انون في حال ة
التعارض بين نصوص العقد وما ورد في كراسة الشروط ،وكما يلزم البحث حول جواز
تعديل كراسة الشروط بعد اإلعالن عنها ،وهذا ما سوف نتناوله من خالل ما يأتي :
-د .عليوه فتح الباب ،الموسوعة العلمية ،في المناقصات والمزايدات وعقود الجهات اإلدارية ،الطبعة األولى ،مكتبة 42
المختصة لمجلس الدولة ،ال تقف عند حد بنود مشروع العقد ،إنما تمتد لتشمل اإلجراءات التي سبقته وجميع ما يعتبر
جزًء ا من ه ،للوق وف على م دى مطابقته ا بحكم الق انون ،وم دى تأثيره ا على ص حة العقد أن ك ان لذلك وجه ......فت وى
147ملف رقم .54/1/344جلسة 21.1.1998م،
38
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
لتحدي د الطبيع ة القانوني ة لكراس ة الش روط أهمي ة في مج ال التط بيق ،ذل ك ألن تحدي د
هذه الطبيعة القانونية يعتمد النظام القانوني الذي يطبق على ما احتوته الكراسة من شروط
في إطار عملية تعاقدية معينة .
44
وبعض هذه الشروط تكون أكثر أهمية بهدف تحديد القواعد العامة التي على أساسها
يك ون تنفي ذ العق د ،وتعت بر ه ذه الش روط بمثاب ة مش اركة يتض منها العق د وتص بح من بن ود
العقد وإ ن كان هناك رأي يعتبرها في حقيقة أمرها تنظيمية ،ومعنى هذا أنه يوجد نوعان
من الشروط.
النوع األول :الشروط األكثر أهمية السابق ذكرها ،والتي بمقتضاها ينفذ العقد وتحق ق
ه ذه الش روط مب دأ المس اواة وتك افؤ الف رص أم ام جمي ع المتق دمين بالعط اءات س واء في
المناقصة أو المزايدة.
الن وع الث اني :ويتعل ق بالنص وص واألحك ام الخاص ة ب إجراءات إب رام عق د بذات ه،
ولكي نوضح أكثر الطبيعة القانونية لكراسة الشروط يجب أن نستطلع آراء الفقه اء في ه ذا
الخصوص حيث ذهب جانب من الفقهاء إلى أنها تعد جزًء ا ال يتجزأ من العقد ،حتى ولو
لم ينص على ذلك في االتفاقات الموقعة بين اإلدارة والمتعاقد معها .
45
وقد أيدت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع هذا االتجاه حيث قررت طرح
األص ناف الم راد ش راؤها في مناقص ة أو ممارس ة إنم ا يك ون على أس اس مواص فات فني ة
دقيقة ومفصلة ،واشتراطات عامة وخاصة تستقل جهة اإلدارة بوضعها ،وبمجرد اإلعالن
-د .جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ،ص .59 45
39
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
عن المناقصة أو الممارسة تعتبر هذه الشروط والمواصفات هي قانون التعاقد الذي يتعين
االلتزام بها وعدم الفكاك منها .
46
بينم ا ذهب رأي آخ ر إلى ض رورة التفرق ة بين الش روط الخاص ة التعاقدي ة ،وبين
الش روط العام ة التنظيمي ة ،وأن األولى فق ط دون الثاني ة هي ال تي تع د ج زًء ا من العق د
وواجبة التطبيق كحكم من أحكامه .
47
وال يك ون لكراس ة الش روط الق وة القانوني ة في مواجه ة المتعاق د إال من ت اريخ إب رام
العقد ،فبعد التعاقد يكون للشروط الواردة في الكراسة ما للشروط التي تضمنها بنود العقد
من ق وة قانوني ة ،حيث تص بح ج زًء ا ال يتج زأ من العق د نفس ه ،وبعب ارة أخ رى تص بح له ا
طبيع ة تعاقدي ة ،وي ترتب عن التفرق ة أهمي ة عملي ة بالغ ة مؤداه ا أن اإلخالل بالش روط
التعاقدي ة يك ون مث اًر ا للطعن من ج انب األط راف التعاقدي ة فق ط في مواجه ة بعض ها،
ويختص في نظ ر ه ذا الطعن قاض ي العق د ،في حين ال يك ون للغ ير س وى ح ق الطعن في
الش روط العام ة التنظيمي ة إذا م ا تض منت إخالًال بمب ادئ العالني ة والمس اواة والمنافس ة
الحرة .
48
أما موقف التشريع الليبي فلقد نصت الئحة الصفقات العمومية على تضمن عقود
األش غال العام ة أحكام ًا تل زم تط بيق ش روط المق اوالت ألعم ال الهندس ة المدني ة ،وش روط
المقاوالت ألعمال الهندسة الكهربائية ،والميكانيكية ،والكيميائية المعتمدة من الئحة اللجنة
للتخطي ط ،واإلس كان المعم ول به ا داخ ل ليبي ا ،واعتباره ا ج زًء ا ال يتج زأ من تل ك العق ود،
فيما لم يرد فيه نص خاص فيها ،ومراعاة أحكام القوانين النافذة ذات العالقة بالعقود العامة
وتوجيهات اللجنة الشعبية للتخطيط واإلسكان "سابقا" .
49
-إفتاء الجمعية العمومية رقم 692بتاريخ 2002-7-22م ملف رقم 1154/392المجموعة ،المدة من فبراير سنة 46
-نص الفقرة األولى والثانية من المادة " "20من الئحة العقود اإلدارية بليبيا 563لسنة .2007 49
40
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أم ا في حال ة تع ارض الش روط ال واردة بكراس ة الش روط ،وتل ك ال تي تض منها العق د
النه ائي ال ذي تم إبرام ه بين المتعاق د واإلدارة ،حيث تعت بر الش روط ال واردة الالحق ة في
العق د واجب ة االتب اع ؛ألنه ا تعت بر معدل ة لتل ك الش روط ال تي وردت في كراس ة الش روط،
فيعتبر قبول المتعاقد مع اإلدارة إبرام العقد مع وجود هذه الشروط قبوًال منه بالتعديل ما
لم تق ف فك رة النظ ام الع ام ح ائًال دون ذل ك بطبيع ة الح ال ،وق د اتف ق الق انون اللي بي م ع
القانون المصري في هذا االتجاه ،فإن العقد يبرم على أساس آخر نموذج صادر من أحد
طرفي العقد وبما يتضمنه من شروط.
الق انون يق دم الق ول الفص ل بالنس بة للش روط التعاقدي ة للق ول األخ ير في سلس لة
المراسالت بين الطرفين ،إذا قام الطرف الذي يستلم النموذج أو الوثيقة بتنفيذ العقد دون
االعتراض على ما جاء فيها من شروط مخالفة لشروطه التعاقدية ُع َّد ذلك قبوًال ضمنيًا
لإليجاب الجديد أو المضاد « .وذلك بعد انتهاء المدة المقررة في اإلعالن» كما يجب هنا
50
أن نبين النتائج القانونية لطبيعة كراسة الشروط في تنفيذ العقد وهي اآلتية:
ال تكتسب كراسة الشروط الطبيعة القانونية على عقد إال إذا تعين هذا العقد .1
بذات ه؛ بمع نى أن ه طالم ا لم يتح دد عق د معين ال يك ون لكراس ة الش روط أي ة قيم ة
قانونية.
يمكن أن تفسر نصوص الكراسة بنصوص كراسات شروط سابقة. .2
يكون لما ورد في كراسة الشروط من نصوص الطبيعة القانونية لنصوص .3
العقد نفسها ،وإ ذا حصل تعديل في نصوص الكراسة فال يسري هذا التعديل على
العقود المبرمة قبل التعديل.
-د .حسن محمد عواضة ،المبادئ األساسية للقانون اإلداري ،الطبعة األولى المؤسسة الجامعية للدراسات ،لبنان ، 50
لكن ه ذا يقودن ا إلى ط رح س ؤال ،وه و م ا الحكم في حال ة تع ارض األحك ام
المنص وص عليه ا في كراس ة الش روط عن تل ك ال تي وردت في ق انون المناقص ات
والمزايدات والئحته التنفيذية؟
في هذه الحالة نكون أمام حالتين:
الحالة األولى :أن يتض من العق د الم برم بين اإلدارة والمتعاق د معه ا م ا يفي د ص راحة
لإلحالة إلى قانون المناقصات والمزايدات والئحته التنفيذية ،والتي تعتبر جزًء ا مكمًال لهذه
الشروط وتكون هذه الشروط أساس التعاقد ،فعلى أساسها وبناء على أحكامها تقدم المتعاقد
بعطائه .
51
الحال ة الثاني ة :خل و العق د من اإلحال ة على نص وص ق انون المناقص ات والمزاي دات
والئحته التنفيذية ،فهنا ال تعتبر هذه النصوص جزًء ا من العقد إال بالقدر الذي ال تتخالف
فيه مع نصوص العقد وما ورد بكراسة الشروط ،فإذا خالفته وجب تغليب نصوص العقد
و ما ورد في كراسة الشروط ،وقد أكدت ذلك الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس
الدولة «بأن الئحة المناقصات والمزايدات جزًء ا من العقد ما لم يتضمن العقد أحكامها أو
اإلحال ة عليه ا باعتباره ا ج زًء ا مكمًال ل ه ،وأن ه إذا تض من العق د مخالف ة ص ريحة ألحك ام
52
الالئحة فتكون العبرة بأحكام العقد نفسه».
ثانيا -تعديل كراسة الشروط بعد أبرام العقد .
وكم ا س بق وذكرن ا أن كراس ة الش روط ال تي تع دها الجه ة اإلداري ة ت بين الق وائم
واألص ناف أو األعم ال موض وع المناقص ة وج زًء ا ال يتج زأ من العق د وتمث ل الش روط
والمواصفات التي تحتويها أساس ًا للتعاقد بين الجهة ومقدم العطاء ،فذهب الرأي الراجع
في الفق ه المص ري 53إلى ح ق الجه ة اإلداري ة في أن تع دل من دف تر الش روط أو ش رط
د -جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ،ص .60 51
-فت وى رقم 417في 1967-4-15الموس وعة اإلداري ة الحديث ة الج زء 18ص 973مش ار إلي ه عن د د.الس الل 52
سعيد الهويدي ،أسلوب المناقصة في إبرام العقود اإلدارية ،رسالة دكتوراه ،جامعة طنطا ،سنة ،1998ص .126
-د .جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ص . 62 53
42
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المناقص ة أو كراس ة الش روط بع د إعالنه ا ،لكن س لطة اإلدارة بالتع ديل مقي دة بش رطين
وهما:
ضرورة إعادة اإلعالن مرة أخرى و باإلجراءات التي يتم بها اإلعالن أول .1
مرة ذاتها.
ض رورة اح ترام الم دة ال تي ح ددها الق انون بين النش ر وبين تق ديم العط اءات .2
وذلك حتى يستطيع المتقدمون في المناقصة تكييف عطاءاتهم مع الشروط الجديدة
التي أعدتها اإلدارة وما يؤكد وجهة النظر هذه – ما ذهب إليه المش َّر ع في المادة "
"39من الالئحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 89لسنة 1998م التي
تقتض ي بأن ه ال يج وز إض افة ،أوح ذف ،أو تع ديل أي ش رط أو م ادة في
االشتراطات العامة أو الخاصة التي يتعين إقرارها من الجهات المختصة بمراجعة
العقود بمجلس الدولة إال بعد الرجوع إليها وموافقتها ،وبذلك يفهم من النص إمكانية
التعديل لإلدارة.
أم ا في ليبي ا فنج د أن غي اب النص ال ذي ينظم تع ديل كراس ة الش روط ،وع دم نص
المش َّر ع على ذل ك بنص ص ريح ،وأرى أن ه ال يوج د م ا يمن ع من األخ ذ بم ا أخ ذ ب ه
المش َّر ع المص ري من إمكاني ة إع ادة اإلعالن نظ ًر ا لغي اب النص بالئح ة الص فقات
العمومية .
وذهب رأي آخ ر في الفق ه إلى أن ه يمن ع على جه ة اإلدارة تع ديل المواص فات ال واردة بكراس ة الش روط بع د طبعه ا
وتوزيعها على المناقصين حتى وإ ن ظهرت مواصفات أحدث في السوق على أساس أن ذلك سيؤثر على مبدأ المساواة
وتكافؤ الفرص ،أما إذا أرادت اإلدارة أن تعدل في المواصفات فيتعين عليها إلغاء المناقصة أو الممارسة ثم تعيد طرحه ا
مرة ثانية بكراسة شاملة لكافة التعديالت المطلوبة.
43
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب الثاني
مبدأ المساواة والشفافية في إبرام الصفقات العمومية
يعد مبدأ المساواة بين المواطنين بصورة عامة من المبادئ والقواعد الدستورية التي
نصت عليها جميع الدساتير ،كما أكدت التشريعات على ضرورة احترام هذا المبدأ سواء
على ص عيد الس لطة اإلداري ة أو على ص عيد الس لطة القض ائية ،وجع ل ب اب التن افس في
الحص ول على فرص ة التعاق د م ع اإلدارة مفت وح لك ل المواط نين وبك ل ش فافية .كم ا أن
الش فافية كالعالني ة يؤدي ان إلى غاي ة واح دة هي المكاش فة ،والص راحة ،والوض وح ،وإ زال ة
مناخ الضبابية والتعتيم ،وعدم الثقة التي تولدت بين الحكومة والقطاع الخاص فيم ا مض ى،
وبه ذا المع نى فالعالني ة تع د ص ورة مع برة لم دلول الش فافية ،وه و أم ر معن وي يلمس ه
المس تثمرون من وس ائل العالني ة المتاح ة لهم ،وهي به ذا ناجم ة عن الفحص واالختب ار
للشيء وبيان ما فيه من عيوب.
ل ذلك س وف نبحث ه ذا المطلب في ف رعين ،الف رع األول :مب دأ المس اواة وتك افؤ
الفرص والفرع الثاني :مبدأ الشفافية.
44
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-عبد اهلل حداد ،صفقات األشغال العمومية ودورها في التنمية ،منشورات عكاظ ـ الرباط ،2000 ،ص .25 54
-د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية .دار الفكر العربي ،لسنة ،2011ص.237 : 55
45
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المتنافسين ،والذي يمنح المتنافسين الفرصة نفسها لكل من يتقدم إلى المناقص ة أو المزاي دة
دون أي تفرقة بين واحد وآخر؛ وذلك بأنه ال يتم إعفاء بعض المتنافسين من شروط معينة
دون البعض اآلخر ،أو إضافة شروط ،أو حذفها ،أو تعديلها بالنسبة للبعض اآلخر.56
فالنتيجة القانونية المترتبة عن المساواة هي أن الجهة اإلدارية ال يجوز لها أن تخل ق
وسائل وأساليب قانونية للتفرقة بين المتقدمين ،كما ال يجوز لها أن تمنح امتيازات أو تضع
عقبات أمام المتنافسين ،فتعتبر وسائل التمييز غير مشروعة تلك التي تضعها اإلدارة سواء
كانت قانونية أو واقعية؛ ومن أمثلة وسائل التمييز القانونية إعفاء أحد المتنافسين من تقديم
األوراق المطلوب ة ،وأيض ًا خل ق وض ع واقعي يض ع بعض المتنافس ين في وض ع أس وأ من
غيرهم.
ويحص ل ه ذا ع ادة بط رق غ ير مباش رة عن طري ق ع دم اتب اع وس ائل اإلعالن في
المناقص ة باألس اليب ال تي نص عليه ا الق انون ،57وك ذلك وض ع عقب ات مادي ة كإعف اء أح د
المتق دمين للمناقص ة من دف ع الت أمين ،أو أن تقتص ر اإلدارة من م دة المناقص ة بطريق ة
عمديه يكون الهدف منها وضع أحد األفراد أو إحدى الشركات بوضع أفضل من غيره،
وبمقتض ى مب دأ المس اواة قب ول جه ة اإلدارة لجمي ع الطلب ات المقدم ة إليه ا من الراغ بين
بالتعاقد ،فليس لها أن تستبعد بعض هذه الطلبات بقرارات عامة أو فردية.58
ويعد تحقيق مبدأ المساواة – قاعدة دستورية – ضمانة لألداء األفضل في المشاريع
اإلنشائية ،ذلك أن الشعور الذي ينشأ عنه في نفوس اآلخرين يجعلهم يقدمون على التنافس
وهم مطمئنون إلى عدالة اإلجراءات وسالمة القرار اإلداري الذي سوف يتخذ.59
- 56د .محمود خلف الجبوري ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص.52 :
-د سعاد الشرقاوي ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص.281 : 57
-د .حسين درويش عبد العال ،وسائل تعاقد اإلدارة ،مرجع سابق ،ص.468 : 58
-د .عبد الرؤوف جابر ،النظرية العامة في إجراءات المناقصة والعقود ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،سنة 59
،2003ص .24
46
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وللوصول إلى تطبيق سليم لهذا المبدأ – دون أن يكون هناك تجاوزات أو انحرافات
عملي ة -ينبغي على اإلدارة أن تض ع قواع د تنظيمي ة للتثبت من م دى ص الحية المتن افس
للتق دم بعطائ ه ،وه ذه القواع د تك ون عام ة ومج ردة ،س واء م ا يتعل ق منه ا بش روط منح
الترخيص بممارسة مهنة معينة ،أو ما يتعلق بتصنيف المقاولين من حيث الدرجة ،وأيض ًا
المنظم ة لعم ل الغ رف التجاري ة ،باإلض افة إلى القواع د القانوني ة ال تي تس مح للمتق دمين
لغرض التعاقد بالتنفس في مجاالت معينة.60
ونظ رًا ألهمي ة مب دأ المس اواة بين المتنافس ين للتعاق د م ع اإلدارة ،نص ت التش ريعات
المقارنة بإبرام العقد اإلداري على وجوب التزام اإلدارة بهذا المبدأ عند اختيار المتعاقدين
معها ،وأكد ذلك القضاء اإلداري المقارن بأحكامه ،ذلك أن العقد اإلداري يختلف عن غيره
من العق ود المدني ة في أن حري ة اإلدارة في اختي ار المتعاق دين معه ا تك ون مقي دة بمب دأ
المساواة بين المتنافسين للحصول على أفضل العروض ،أما الفرد في عقوده الخاصة فهو
يخت ار من يتعاق د مع ه بحري ة كامل ة ،فيك ون ح رًا في التعاق د من عدم ه ،وإ ن ك ان مفض ًال
للتعاقد فهو يملك الحرية أيض ًا في اختيار المتعاقد اآلخر .وهذا األمر ال يحمل على وجه
التعجب ،ذل ك أن الف رد هن ا يتعام ل في أموال ه الخاص ة فه و إن أخط أ في اختي ار المتعاق د،
فالمسؤولية تقع عليه وحده إذا ما أهمل في ذلك أو تسرع في االختيار.
والمث ال على ذل ك أن رغب ة الش خص الع ادي في بن اء مس كن خ اص ب ه والتعاق د م ع
مق اول له ذا الغ رض ولكن األخ ير ك ان مق اوًال تنقص ه الكف اءة في األداء ،فهن ا يك ون على
ذلك الشخص تحمل كافة ما يترتب على سوء اختياره من ضياع األموال وإ هدار للوقت،
ولكن األم ر مختل ف على المس توى اإلداري ف إذا م ا ابتغت اإلدارة إنش اء جامع ة مثًال
وتعاق دت له ذا الغ رض م ع مق اول ،وت بين بع د ذل ك أن ه ذا المق اول ال يمل ك الكف اءة في
العم ل ،هن ا ت ترتب مجموع ة من اآلث ار الناجم ة عن ه ذا الخط أ وال تي تص يب الخزان ة
العامة ،وتسبب ضياع األموال ،واإلضرار بالمجتمع بشكل عام ،من حيث أن سوء اإلنش اء
-د .مازن ليلو راضي ،العقود اإلدارية في القانون الليبي ،منشأة المعارف ،سنة ،2003ص.75 60
47
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
له ذا المرف ق الع ام س يؤدي إلى اإلض رار ب المنتفعين ب ه ،وتالفي ًا ل ذلك ال يمكن اإلدارة أن
تعتمد على متنافس دون غيره ألسباب شخصية ال تحقق المصلحة العامة ،ومن هنا تأتي
فائ دة ال تزام اإلدارة بمب دأ المس اواة بين المتنافس ين للتعاق د معه ا والمتش ابهين في مراك زهم
القانونية والشروط المطلوبة.61
وب الرغم من أن تط بيق ه ذا المب دأ يك ون مفي دًا لإلدارة في اختي ار المتعاق دين معه ا
وبالتالي تحقيق المصلحة العامة .إال أن مدى اعتماد مبدأ المساواة يختلف "من وسيلة إلى
أخرى من وسائل اختيار المتعاقدين".
حيث تتس ع مج االت إعم ال ه ذا المب دأ في المناقص ات والمزاي دات العام ة المفتوح ة
وال تي أعلنت عنه ا اإلدارة ،أم ا المناقص ات المح دودة "المقي دة" أو قص رها على األش خاص
والش ركات الوطني ة في المناقص ات المحلي ة ،فمب دأ المس اواة يجب ت وافره في ه ذه أو تل ك،
فالمناقصة المحددة هي التي تتطلب طبيعتها قصر االشتراك فيها على موردين ،أو مقاولين
أو استش اريين أو فن يين أو خ براء ب ذواتهم س واء في ال داخل أو الخ ارج ،فتل تزم بالمس اواة
بين هؤالء المقاولين أو الموردين ،بينما يقل مجال أعماله في طريقه لممارسة في اختيار
المتعاقد.
ل ذا يجب على اإلدارة أن تل تزم طريق ة اح ترام ش روط المناقص ة ومواعي دها بالنس بة
لكافة المتناقصين أو الممارسين دون تفرقة ،فال يقبل أي شخص أو شركة أًّي ا كانت إذا لم
تت وافر في ه الش روط أو تق دم بع د الميع اد ،أو تق دم في الميع اد ،ول و يس توف اإلج راءات
الض رورية لالش تراك في المناقص ة أو الممارس ة حس ب اإلعالن والتعاق د م ع اإلدارة ،كم ا
ال يج وز لإلدارة كقاع دة عام ة أن تتف اوض مع أحد المناقص ين في ش أن تعديل عطائ ه في
خارج االستثناءات ،التي يقررها المشرع على هذه القاعدة العامة.
-د.ن واف كنع ان ،الق انون اإلداري ،الكت اب الث اني ،الطبع ة األولى ،دار الثقاف ة للتوزي ع والنش ر ،س نة ،1996ص: 61
.323
48
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وعموم ًا أي اس تثناءات ت رد على قاع دة عام ة من القواع د ال تي يتض منها النظ ام
القانوني للمناقصات والمزايدات يجب أن يرتبط أعمالها بمقتضاها ،ويتساوى في تطبيقها
جميع المتقدمين الذين يوجدون في مركز قانوني واحد ،ويعد هذا المبدأ مكمًال لمبدأ حرية
المنافسة.62
كم ا يجب أن تس ري األحك ام القانوني ة الخاص ة بالمناقص ات العام ة أو المزاي دات
العام ة على المتق دمين على ق دم المس اواة فيم ا بينهم ابت داء من الح ق في االش تراك وتق ديم
العطاء حتى لحظة إبرام العقد على من رست عليه المناقصة أو المزايدة.63
وقد أخذ المشَّر ع المصري بهذا المبدأ من خالل النص عليه صراحة في قانون تنظيم
المناقصات والمزايدات رقم 89لسنة ،1998حيث أخضع المناقصة العامة له.64
أم ا في ليبي ا ف إن اإلدارة تعتم د عن د إبرامه ا للعق د اإلداري على تعليم ات وش روط
تنظيم عملي ة اإلب رام للعق ود اإلداري ة حس ب الالئح ة المعم ول به ا والص ادرة عن اللجن ة
الش عبية العام ة -س ابقا -وبع د االطالع على تل ك الالئح ة لم أج د نص ًا ص ريحًا يش ير إلى
تقرير مبدأ المساواة بين المتنافسين بالرغم من أن تلك الالئحة وضعت في موادها األولى
مبادئ أساسية كان األجدر بها اإلشارة إلى المبادئ التي تحكم إبرام العقد اإلداري ،ومن
ضمنها مبدأ المساواة بين المتنافسين.
بل على العكس وجدت أن اإلدارة تستطيع أن تفرض شروطًا إضافية على المتقدمين
إليه ا تض من ت وافر خ برات خاص ة ،أو تطلب وث ائق أو ش هادات معين ة ال تت وافر إال لفئ ة
معين ة من الراغ بين في التعاق د ،ناهي ك عن أن اإلدارة تمل ك إعف اء بعض المتق دمين من
بعض الش روط ،كإعف اء الش ركات الوطني ة من الت أمين االبت دائي ال واجب تقديم ه ،أو ش رط
ت وافر الق درة المالي ة وال دليل كم ا ورد في الم ادة 55من الالئح ة الس ابقة ال ذكر "يج وز
-د .محمد فؤاد عبد الباسط، ،العقد اإلداري ،دار الجامعة الجديدة ،سنة ،2005ص .126 62
-المادة " "2السابق ذكرها من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المصري رقم 89لسنة 1998م. 64
49
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
بموافقة الجهة المختصة باعتماد إجراءات التعاقد إعفاء الشركات الوطنية من تق ديم الت أمين
االبتدائي والتامين النهائي ،كما يجوز لها إعفاء الشركات المشتركة وذلك بمناسبة مشاركة
الجانب العربي الليبي فيها"...
50
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-المادة رقم 64من الئحة العقود اإلدارية ،رقم 363سنة 2007م. 66
51
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
األول :وج وب أن تتم مث ل ه ذه العق ود في جمي ع أنح اء الع الم تحت إش راف وعلم
الحكومة المركزية ومنها ليبيا ،وال يعطى فيها المجال لحكومات األقاليم أو المحافظات من
إب رام ما يش اءون من عق ود دون علم وإ شراف وسيطرة الحكومة المركزية ،وإ َّال ُع َّد هذا
العمل من العوامل التي تساهم بضياع ثروة ليبيا النفطية ،وبالتالي تحقيق غايات شخصية
بحثه ،دون النظر إلى المصلحة العامةّ مصلحة المجتمع الليبي" وخاصة إذا علمنا أن عقود
االس تثمارات النفطي ة تع د من أهم عق ود االمتي از في ليبي ا الرتباطه ا ب الثروة النفطي ة
بص ورها س واء ك انت عق ود االمتي از أو المش اركة ،فإنه ا بالحص يلة عق ود تس توجب أن
تش رف عليه ا لج ان تتس م بالنزاه ة والحيادي ة في تط بيق جمي ع التعليم ات واألنظم ة ال تي
يض عها أه ل االختص اص في ه ذا المي دان ويجب أن تأخ ذ ص فة القاع دة القانوني ة وهي
العمومية والتجريد عند تعاقدها مع الشركات.
الثاني :إعطاء الحكومة أو اإلدارة سلطة تقديرية واسعة في اختيار الشركة المتعاقدة
معه ا أو الشركات ال تي توجه إليها ال دعوة لغرض االس تثمار في مجال النفط أو ال ثروات
-د ،محمد علي محمد ،عقد امتياز المرفق العام . ،رسالة دكتوراه ،جامعة القاهرة ،سنة ،2014ص .151 67
52
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الطبيعي ة األخ رى ،دون أن ي ؤثر ذل ك على مب ادئ العالني ة والش فافية والمس اواة بين
المتعاقدين عند الرغبة في التعاقد مع اإلدارة .هذا من جانب ،ومن جانب آخر فإن إعطاء
الحكومة أو اإلدارة الحرية في اختيار الشركة التي تريد إبرام عقد االمتياز معها وخاصة
في جانب االستثمارات النفطية له أهمية في الحفاظ على سيادة الدولة وهيبتها ،والتي يجب
فيه ا خض وع ه ذه الش ركات في أدائه ا لعمله ا وتحدي د نظامه ا الق انوني للق انون الوط ني
وتغليب المص لحة الوطني ة على المص لحة الخاص ة للش ركة م ع الحف اظ على الحق وق
واالمتيازات التي تم التعاقد عليها بموجب االتفاقية.
يع د ه ذا ال رأي موفق ًا ألن ه ينظ ر إلى المص لحة الوطني ة العلي ا في البالد ومركزي ة
الق وانين ،وع دم الس ماح لنش وب نزاع ات متعلق ة بعق ود مهم ة بعي دة عن المظل ة القض ائية
الليبية مما يحول دون تجزئة ليبيا إلى كيانات صغيرة بفعل هذه االتفاقيات التي تبرم دون
علم السلطة المركزية بالبالد ،وبالتالي يمنع تشتيت القوانين وربما استغالل الشركات لحالة
البالد السياسية واالجتماعية واالقتصادية بعد أحداث ثورة السابع عشر من فبراير.
أم ا في مص ر فلقد بينت المذكرة اإليض احية لق انون المناقص ات والمزاي دات رقم 89
لس نة 1998بأن ه ق د ح دثت في الس نوات األخ يرة العدي د من التط ورات االقتص ادية وك ثر
الح ديث فيه ا على الش فافية والعالني ة والمس اواة وغيره ا من المب ادئ ال تي أص بحت عرف ًا
مستقرًا في االقتص اد العالمي ال ذي تت أثر به وبمتغيرات ه في سياسة الدول ة الرامية إلرساء
مناخ االقتصاد والربح.68
وقد نهج المشِّر ع المصري نهج المشِّر ع الفرنسي في ضرورة إيضاح طبيعة التعامل
بين اإلدارة واألفراد بعد أن كانت وراء أبواب مغلقة وسرية ،وهذا ما يمكن أن نلمسه من
نص الم ادة 40من ق انون 89لس نة 1998من قواع د تف رض إعالن أس باب إرس اء
المناقصات والممارسات العامة والمحدودة أو بإلغاء أي منها وأسباب استبعاد العطاءات،
-د .إبراهيم الدسوقي عبد اللطيف ،عقد امتياز المرافق العامة ،أطروحة دكتوراه ،كلية الحقوق جامعة عين شمس، 68
سنة ،2003ص.102
53
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .إبراهيم الدسوقي عبد اللطيف ،المرجع السابق ،ص.103 : 69
54
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المبحث الثاني:
مبدأ المنافسة الحرة في إبرام الصفقات العمومية
تع د المنافس ة إح دى أهم وس ائل التق دم والتط ور للحي اة التجاري ة بش كل خ اص وكاف ة
ج وانب الحي اة بش كل ع ام ،وأن المنافس ة القانوني ة ال تي تج ري على أس س ص حيحة وح رة
إنم ا تعت بر بح د ذاته ا مس اواة بين المتنافس ين ،وبالت الي تلغي فك رة المحاب اة ال تي هي ض د
المس اواة ،إذن هي ظ اهرة إنس انية عام ة وتجاري ة على وج ه الخص وص ،وتع ني الس عي
لتقديم األفضل من قبل اآلخرين ،وقد ظهر هذا المبدأ منذ القدم عندما بدء اإلنسان يتناول
موضوع البيع والشراء والعمل ولذكر هذه الداللة في القرآن الكريم حيث قال تع الى﴿ :
55
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب األول
حرية التقدم للمنافسة
يقتض ي ه ذا المب دأ إعط اء الح ق لك ل المق اولين أو الم وردين المنتمين للمهن ة ال تي
تختص بنوع النشاط الذي تريد اإلدارة التعاقد عليه أن يتقدموا بعطائهم بقصد التعاقد مع
أحدهم وفق الشروط التي تضعها هي.
ويق وم أس اس المنافس ة الح رة على فك رة الليبرالي ة االقتص ادية القائم ة على حري ة
المنافسة وفكرة المساواة بين األفراد في االنتفاع من خدمات المرافق العامة .باإلضافة إلى
أن ه ذا المب دأ يق وم على أس اس وق وف اإلدارة موقف ًا حيادي ًا إزاء المتنافس ين ،فهي ليس ت
حرة في استخدام سلطتها التقديرية بتقرير فئات المقاولين التي تدعوها وتلك التي تبعدها.
ولكي نك ون في الطري ق الص حيح لع رض ه ذا المب دأ في ه ذا المطلب س نبحث في الف رع
األول ماهية مبدأ المنافسة الحرة ،والفرع الثاني حدود مبدأ المنافسة الحرة.
الفرع األول :ماهية مبدأ المنافسة الحرة
إن المنافس ة الح رة هن ا نقص د به ا أن يعام ل ك ل المتنافس ين على ق دم المس اواة ،فال
يج وز إعط اء م يزة ألح دهم لم تع ِط ألقران ه ،أو على حس ابهم .وه ذا يع ني أن الش روط
المطلوبة لالشتراك في المناقصة يجب أن تكون واحدة للجميع.
أوال -تعريف مبدأ المنافسة الحرة .
حرية المنافسة تعني حرية دخول المناقصة التي تعلن عنها اإلدارة في الحدود التي
يح ددها الق انون .70ويع ني فتح المج ال لتق دم أك بر ع دد ممكن من الع روض للعط اء الم راد
طرحه من قبل األفراد ،كل من هو قادر ومؤهل للدخول في هذا العطاء لتنفيذ األشغال أو
تقديم الخدمة ،وهذا من شأنه أن يؤدي إلى نتائج إيجابية سواء لصالح الدولة أو المشروع
أو االقتص اد الوط ني بش كل ع ام ،71وب ذلك تس تطيع اإلدارة أن تخت ار من بينهم األكف اء
-د .جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ،ص .14 70
-د .عبد الرؤوف جابر ،النظرية العامة في إجراءات المناقصات والعقود ،مرجع سابق ،ص.31 71
56
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
واألقل سعرًا ،مما ينعش الحياة االقتصادية ويشغل األيدي العاملة ،ويضمن مصالح الدول ة
ويحف ظ الم ال الع ام ويط ور قط اع المق اوالت واإلنش اءات ،كم ا يط ور البحث العلمي
والدراسات المتعلقة بالمشاريع اإلنشائية ويحقق العدالة ،72ويتحقق ذلك من خالل فتح ب اب
التزاحم الشريف أمام كل من يود االشتراك فيها.73
وب ذلك ت تيح الفرص ة لك ل من تت وافر في ه ش روط المناقص ة أو الممارس ة لكي يتق دم
بعطائ ه أو يعرض ه للتعاق د م ع اإلدارة ،وه ذا ه و القص د األساس ي من جع ل أس لوبي
المناقصة العامة والممارسة العامة األصل الع ام في تعاقدات اإلدارة حتى تتسع أم ام هذه
األخ يرة ف رص اختي ار أفض ل المتعاق دين ،في حين أن ه في المناقص ات والممارس ات
المحدودة والمحلية فإن المنافسة وإ ن كانت غير غائبة فيها ،إال أنها تقتصر في النهاية على
أشخاص معينين ومعروفين سلفا لإلدارة.74
والمنافسة الحرة بهذا المعنى تقتضي أن يعامل كل المتنافسين على قدم المساواة فال
يجوز إعط اء م يزة ألح دهم لم تع َط ألقران ه ،أو على حس ابهم ،وذل ك إذا تمت المنافس ة في
غ رض العط اء بالطريق ة ال تي فرض ها الق انون ،فإن ه يحق ق ش فافية في تع امالت اإلدارة
وإ زكاء حرية المنافسة.75
بما يعني اتساع قاعدة المناقصة العامة كلما أمكن ذلك لضمان وجود منافسة حقيقية
بين المتق دمين ،وانعك اس ذل ك على المص لحة المالي ة لإلدارة .76وترتيب ًا على ذل ك ،ف إن
اإلدارة ال تس تطيع أن تمن ع أح د األف راد أو الش ركات من التق دم إلى المناقص ة ال تي أعلنت
عنه ا طالم ا أن المتق دم ق د اس توفى الش روط ال تي تطلبه ا الق انون ،كم ا أن اتج اه اإلدارة
-د .أنس جعفر ،العقود اإلدارية ،دار النهضة العربية ،الطبعة الثالثة ،سنة ،2003ص .34 72
-د .مهند مختار نوح ،اإليجاب والقبول في العقد اإلداري ،مرجع سابق ،ص.368 73
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،العقد اإلداري ،مرجع سابق ،ص .130 74
-د .عبد العزيز عبد المنعم خليفة ، ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .153 75
57
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
لتفضيل أحد المتقدمين على حساب اآلخرين يؤدي إلى بطالن هذا اإلجراء إال إذا ك ان ه ذا
التفضيل مستندًا على أساس قانوني.77
نستخلص من ذلك أنه ليس لإلدارة أن تقيم أي تمييز غير مشروع بين المتنافسين،78
كما أنها ملزمة باستبعاد كل من لم يستوِف تلك الشروط المعلن عنها مسبقا.79
ويق وم أس اس المنافس ة الح رة في نظ ر األس تاذ ال دكتور لوب دار على فك رة الليبرالي ة
االقتص ادية القائم ة على حري ة المنافس ة ،و فك رة المس اواة بين األف راد في االنتف اع من
خدمات المرافق العامة ،باإلضافة إلى أن هذا المبدأ يقوم على أساس وقوف اإلدارة موقفا
حيادي ًا إزاء المتنافس ين ،فهي ليس ت ح رة في اس تخدام س لطتها التقديري ة قب ل ميع اد فتح
مظاريف العطاء والمناقصة بتقرير فئات المقاولين الذين تدعوهم وغيرهم لتصرف النظر
عن التعاقد معهم.80
وه ذا المب دأ يعت بر انعكاس ًا لل روح الليبرالي ة ال تي س ادت الق رن التاس ع عش ر ويرج ع
ظهور هذا المبدأ إلى مجموعة من األسباب النظرية والعلمية.81
أ -األسباب النظرية:
تشمل األسباب النظرية التي أدت إلى ظهور هذا المبدأ على ما يأتي:
-1مبدأ حرية المنافسة الذي هو دعامة االقتصاد الحر.
-2تأكيد مبدأ المساواة التي قامت عليه الثورة الفرنسية.82
-3ينبغي على اإلدارة اس تدعاء ك ل المق اولين والمتعه دين ،كم ا ينبغي عليه ا
عدم استبعاد أحدهم.
-د .جابر نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ،ص .14 77
-د .عبد العزيز الخوري ،مذكرات في العقد اإلداري ،مرجع سابق ص .31 – 30 78
-د .حمد محمد الشلماني ،امتيازات السلطة العامة في العقد اإلداري .،دار المطبوعات ،جامعة اإلسكندرية،2007 ، 80
ص 60
-د .عبد الفتاح صبري أبو الليل ،أساليب التعاقد اإلداري،رسالة دكتوراه ،جامعة طنطا ،سنة ،1993ص .194 81
58
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-1المص لحة المالي ة لإلدارة ال تي تس تلزم توس يع قاع دة التن افس بالس ماح لك ل
الراغ بين في التق دم إلى المناقص ة العام ة .ولق د أثبتت التجرب ة دائم ا أن اس تقطاب
أكبر عدد ممكن من المتنافسين على العقد محل المناقصة يؤدي إلى الحصول على
أقل سعر ممكن ،مما يؤدي إلى تحقيق المصلحة المالية لإلدارة.
-2احتمال عدم الثقة بين اإلدارة وموظفيه ا ،فإن المنافسة من ش أنها أن تحافظ
على النزاه ة في عملي ات إب رام العق د وتمن ع ش بهة المحاب اة على اإلدارة وموظفيه ا
ال ذين ينهض ون بعبء عملي ة اإلب رام ،فق د أثبتت التج ارب والخ برات التاريخي ة أن
فتح باب السلطة التقديرية أمام اإلدارة ألجل اختيار متعاقديها قد أدى إلى كثير من
الفساد.
-3مص لحة المتنافس ين ذاتهم ال تي تس تلزم ك ل الض مانات ال تي تتمث ل في حري ة
دخولهم إلى المناقصة ،إذ أن المنافسة تحرك كل القوى االقتصادية الموجودة ،فهي
تج يز ال دخول إلى الطلب الع ام للكاف ة وال س يما المش اريع المتوس طة والص غيرة
بحسب شروط العطاء.
-4أن المنافسة تجعل اإلدارة ملمة بكل معطيات السوق مما يفسح المجال لها
لالختيار الدقيق والمتنور.
معنى ذلك أن اإلدارة تقف أمام جميع الراغبين باالشتراك في المناقصة موقفا حياديا
إزاء المتنافسين ،فهي ليست حرة في استخدام سلطتها التقديرية باستبعاد المقاولين إال وفق
ش روط المناقص ة ،وإ ال فلتتحم ل االنتق اد والمحاكم ة والطع ون ب ل وتعطي ل المش روعات
أحيانًا.
وتنص الق وانين والنظم الخاص ة بالمناقص ات على تط بيق مب دأ المنافس ة وإ عط اء
فرص متكافئة للجهات القادرة والمؤهلة للقيام بتنفيذ األشغال ،أو تقديم الخدمة الفنية وتلزم
59
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
القوانين اإلدارية الجهة المختصة بضرورة التقيد بأفضل العروض المستوفاة لشروط دع وة
العطاء أو أنسب األسعار ،مع مراعاة درجة الجودة وإ مكانية التنفيذ ضمن المدة المحددة،
ومدى قدرة المقاول والمستشار للقيام بالعمل حسب الشروط والمواصفات ،كما أن هناك
بعض التشريعات التي أوجبت إعالن أسعار المناقصة في لوحة اإلعالنات لغرض اطالع
المنافسين ،مع وجوب نشر جميع قرارات لجنة المناقصات المركزية في الجريدة الرسمية،
وأن هذا االتجاه يعكس الشفافية في عمل اإلدارة.
وأن حرية المنافسة تبعد عن الفساد اإلداري بالرغم من أننا لم نجد نظام ًا للمناقصات
العامة اليوم يخلو تمامًا من جميع أشكال الفساد ،إال أن النظام الذي يتبنى الشفافية والكفاءة
واالقتصاد والمحاسبة والنزاهة ،هو النظام الذي يصعب على الفساد أن يختبئ فيه ؛لذلك
ف إن حري ة المنافس ة تعطي الح ق لألط راف المتض ررة ح ق االع تراض على اإلج راءات
والتصرفات الخاطئة بأي شكل قانوني مدعم باألسانيد.
وإ ذا كانت تعليمات الالئحة اإلدارة النافذة في ليبيا نصت على حرية المنافسة إال أن
هناك من يرى أن هذه الحرية مقيدة بالعرض الوحيد والدعوة المباشرة؛ لهذا فإن اإلدارة
قد تكون مجبرة على اللجوء إلى هذه الدعوات بسبب حاجة المرفق العام ،لذلك ينتفي هذا
المبدأ عند توجيه الدعوة المباشرة أو العرض الوحيد.83
ونظرًا ألهمية مبدأ المنافسة الحرة في إجراءات المناقصة العامة والممارسة العامة،
84
فقد حرصت التشريعات المختلفة على النص عليه في صلب قوانين الشراء العام.
ونستخلص مما سبق ،أن هذا المبدأ يعتبر من المبادئ الرئيسة التي تحكم الصفقات
العمومية ،سواء على المستوى النظري – أي ما تعلق بالقواعد المنظمة لعملية اإلبرام –
أو على المستوى العلمي – أي اإلجراءات التي تحكم إبرام العقد فهو يعتبر بهذا الوصف
-د .عب دالفتاح خليفة عب د الحمي د ،العق ود اإلداري ة وأحك ام إبرامه ا في القانون اللي بي ،دار المطبوع ات الجامعية ، 83
،2008ص.99 :
84
-Vedel (G) et Delvolve (P) droit administrative. P.U.F 7 Edition 1980. P 120
60
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
يع د مكمًال لمب دأ المس اواة بين المتنافس ين ال ذي نص ت علي ه التش ريعات المقارن ة وأك ده
القضاء اإلداري المقارن بأحكامه المتواترة.85
وهنا يثور تساؤل :هل حرية التقدم للمناقصات مطلقة أم مقيدة بشروط معينة؟
إن التق دم للعط اءات بحري ة مطلق ة ال يع ني في ال وقت ذات ه التعاق د م ع المتق دم ب أدنى
األس عار؛ ألن ه ق د ي ترتب على ذل ك إل زام اإلدارة بالتعاق د م ع أش خاص ليس ل ديهم المق درة
الحقيقية إلنجاز االلتزامات موضوع التعاقد ،ولذلك وجدت مجموعة من القيود والضوابط
ال تي تح دد م دى التط بيق الح رفي لمب دأ حري ة المنافس ة ،وذل ك من خالل س لطة اإلدارة
باس تبعاد بعض المتنافس ين ال ذين يثبت ع دم إمك انيتهم إلنج از المش روع موض وع العق د أو
من المتنافس ين غ ير األكف اء ،أو غ ير األمن اء على مص لحة اإلدارة واألم وال العام ة .فمن
خالل هذا االستبعاد تتحقق مصلحة اإلدارة وكذلك المصلحة المالية للمرافق العامة.86
وقد يثور تساؤل آخر ،وهو ما هي الشروط الحاكمة لمبدأ حرية المنافسة؟
إن أهمي ة تنظيم حري ة المنافس ة ،يمكن التماس ها بش كل واض ح وجلي عن د إب رام
الص فقات العمومي ة ال تي تتعل ق بمب الغ كب يرة وض خمة ،أو العق ود ال تي تنص ب على
التخص ص بمج االت مح دودة ،فيق ع على ع اتق اإلدارة مس ؤولية كب يرة وجم ة ،أال وهي
الرغبة للوصول إلى أفضل العروض المقدمة صالحيًة للتعاقد معها ،فاإلدارة بهذه الحالة
تقارب وتوازن بين العروض المقدمة لتتمكن من اختيار األصلح منها.
ومن ناحي ة أخ رى ،نج د أن من أك ثر المق اولين أو الم وردين كف اءة ق د ال يق دم على
االشتراك أو الدخول في العطاءات الضخمة ،إذا وجد تنافسًا واسعًا جدًا ال حصر له ال بد
مث ل ه ذه الحال ة ت ؤدي إلى دخ ول أع داد كب يرة من المتنافس ين ممن ال يملك ون الق درة أو
الكفاءة ،ومنهم من يقدمون عروض ًا مالية تكاد تكون غير معقولة بالمقارنة مع العروض
األخرى ،ولهذا السبب هناك مجازفة للدخول في مثل هذه العطاءات.
-د .عبد الغني بسيوني عبد اهلل ،القانون اإلداري ،الدار الجامعية للطباعة ،بدون سنة نشر ،ص .804 86
61
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وألج ل ذل ك ال ب د من ت وفر ش رطين ألج ل الوص ول إلى تط بيق ص حيح لمب دأ حري ة
المنافسة ،يتمثل األول بأن يكون هناك تنافس حقيقي ال تقف خلفه مجموعة من االتفاقيات
غ ير المش روعة بين المق اولين تنعكس س لبيًا على مص لحة اإلدارة والمص لحة العام ة .أم ا
الش رط الث اني ،فه و أن يك ون هن اك تن افس ص حيح مب ني على أس س س ليمة ،فالغاي ة ال تي
تس عى اإلدارة الى تحقيقه ا هي الحص ول على أنس ب األس عار ال تي يجب أن يؤخ ذ من
خاللها بنظر االعتبار التنفيذ الجيد ،وعدم اعتماد السعر األدنى في جميع الحاالت .وعليه
يمكن أن نج د أس عارًا تق ل ح تى عن الح د المعق ول ال ذي ي ؤدي الس تبعاد العط اءات الجي دة
والمعقولة في سعرها ،وهذا كله يتعارض مع مبدأ حرية المنافسة ،لذلك ال بد من التعرف
األصل أن تكون المنافسة حرة ،وال سيما في نطاق المناقصة العامة ،غير أن جهة
اإلدارة تم ارس س لطة جه ة في ه ذا الخص وص ،وهي س لطة حرم ان بعض األش خاص أو
وهو ما يسمى بالحرمان الجزئي ،وإ ما بهدف تهيئة الجو المناسب للمنافسة وهو الحرمان
الوقائي.87
-د.حم دي حس ن الحلف اوي ،ركن الخط اء في.مس ؤولية اإلدارة الناش ئة عن العق د اإلداري ،رس الة دكت وراه ،كلي ة 87
وعالوة على س لطة اإلدارة في حرم ان بعض األف راد والمش روعات من دخ ول
المناقصات العامة ،فان القانون قد ينص في حاالت محددة على الحرمان كعقوبة تبعية.88
ومن ناحي ة أخ رى ،ف إن لإلدارة الح ق في اس تبعاد العط اءات غ ير المطابق ة للش روط
المق ررة .89ش روط المناقص ة أو ك أثر لص دور ق رار حرم ان س ابق ،90وك ذلك لع دم ت وافر
ويعد الحرمان من أهم مظاهر السلطة العامة التي تتمتع اإلدارة بها في مرحلة تكوين
العق د ،إذ يخ ول لإلدارة س لطات اس تثنائية تتع ارض م ع المب ادئ األساس ية في الق انون
الخاص ،وال تتيسر مباشرتها إال لها وحدها.91
وفي كل حال من األحوال يترتب على قرار اإلدارة بالحرمان عدم قبول العطاءات
ال تي يتق دم به ا الش خص المحروم ،ح تى ل و ك انت ه ذه العط اءات مس توفية مكان ة الش روط
ال تي تطلبته ا اإلدارة ،ويبقى مب دأ المنافس ة الح رة قائم ًا ومنتج ًا آلث اره في خ ارج س لطة
اإلدارة في الحرمان واالستبعاد.92
.-د سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ص247 88
-توجد فروق جوهرية بين الحرمان واالستبعاد ،فالحرمان إجراء شخصي ينصب على شخص معين بالذات طبيعي 89
أو معن وي ،على عكس االس تبعاد فه و إج راء موض وعي يلح ق عط اًء معني ًا وليس شخص ًا من األش خاص ،ومن جه ة
أخ رى فالحرم ان ق رار ع ام وقد يك ون مؤقت ًا وقد يك ون غ ير محدد المدة ،كم ا قد يك ون في حدود مالي ة معين ة أو بغ ير
حدود ،وقد يكون مانعا للشخص من التقدم إلى جميع المناقصات والمزايدات العامة التي تجريها اإلدارة وقد يقتصر على
بعضها ،أما االستبعاد فهو إجراء فردي يصدر في كل حالة على حدة ،وبمناسبة مناقصة أو ممارسة واحدة معينة بالذات
ويكون محله استبعاد أحد العطاءات المقدمة لمخالفته للشروط المقررة كإجراء وقائي.
-د .حمدي حمد الحلفاوي ،مرجع سابق ،ص .147 90
-د .أحمد عثمان عياد ،مظاهر السلطة العامة في العقود اإلدارية ،مرجع سابق ص .150 91
63
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
فالحرم ان ه و إج راء ي تيح لإلدارة من ع الش خص المح روم من ال دخول في تعاق دات
معها ،93وقد يكون الحرمان جزئيًا ،كما قد يكون وقائيا وذلك على النحو اآلتي:
أوال -الحرمان الجزئي من التعاقد مع اإلدارة .
يوق ع الحرم ان الج زئي على ش خص معين طبيعي ًا ك ان أو معنوي ًا إم ا بنص
قانوني ،أو إلخالله بالتزامات تعاقدية سابقة.94
ا.الحرمان الجزئي بنص القانون.
يمكن أن يكون في صورة عقوبة أصلية 95أو عقوبة تبعية 96عن أفعال ارتكبها
الش خص المح روم ،ومن تم ال يع د تفعيل س لطة اإلدارة في توقيع ج زاء الحرم ان في ه ذه
الحالة سوى مجرد تطبيق للنصوص القانونية.
أم ا الحرم ان الج زئي كعقوب ة أص لية بم وجب الق انون اللي بي ه و إج راء تتخ ذه
اإلدارة بقرار إداري بمقتضاه يستبعد أحد المقاولين ،أو المتعهدين ،أو الشركات من التقدم
للمناقص ات أو المزاي دات العلني ة العتب ارات معين ة ش ريطة أن تس بب اإلدارة قراره ا
بالحرمان ،ويخضع ذلك إلى رقابة القضاء حسب ظروف كل قضية ووقائعها ،فقد يكون
الحرمان كعقوبة بنص القانون منها على سبيل المثال حرمان مقدم لعطاء لمخالفته أنظمة
الضرائب والجمارك.
-د .أحمد فتحي سرور، ،الوسيط في قانون العقوبات ،الجزء األول ،القسم العام ،طبعة ،1981ص .817 93
-د .هاني عبد الرحمن غانم ،أساس إبرام العقود اإلدارية ،مرجع سابق ص .94 94
-ومثال الحرمان كعقوبة أصلية ما نص عليه تقنين عقود الشراء العام .الفرنسي من حرمان األشخاص الطبيعية أو 95
المعنوية الذين لم يقدموا إقراراتهم الضريبية حتى 31ديسمبر من السنة السابقة التي جرى فيها اإلعالن عن المناقصة
Chapus : La Pratique du Contentieux administratif، montchrestien، Paris، 1982
-د .عاطف سعدي ،مرجع سابق ،ص 184 96
64
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
فاألصل في االستبعاد أن يكون وجوبيًا مقررًا بموجب القوانين واألنظمة والتعليم ات،
وذلك حتى ال يتقدم للمناقصة إال الص الحون من األفراد والق ادرون منهم لكي توفر الجهد
97
والوقت على لجان الفحص البت.
ولكن من جانب آخر تخضع قرارات الحرمان أو االستبعاد لرقابة القضاء اإلداري،
ويجوز الطعن فيها باإللغاء إلساءة استعمال السلطة لعدم قيام األسباب المبررة لالستبعاد
وكذلك الحال بالنسبة للمشرع الليبي ال ذي أخذ بنفس االتجاه الذي أخذ به المشرع
أورد ق انون العقوب ات المص ري نص ًا عام ًا ،حيث تقتض ي الم ادة 4 – 25من ه
بأن "كل حكم بعقوبة جنائية يستلزم حتمًا حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا اآلتية:
أوال -ـ القب ول في أي خدم ة في الحكوم ة مباش رة أو بص فته متعه دًا أو ملتزم ًا أًّي ا
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،العقد اإلداري ،مرجع سابق ،ص .135 97
-د .عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص211 98
65
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كما يستبعد العطاء المقدم من شخص حكم عليه باإلفالس أو التجريد ،99وذلك كنتيج ة
ففي ه ذه الح االت يس تند الحرم ان إلى نص وص الق انون .100ومن ثم ال تع دو س لطة
اإلدارة في ممارسة هذا الحق أن تكون مجرد تطبيق وتنفيذ لهذه النصوص القانونية.101
أم ا الق انون اللي بي فق د نص ق انون العقوب ات في الم ادة 95على الحرم ان من بعض
الحق وق والمزاي ا كعقوب ة تبعي ة تلح ق المحك وم علي ه بحكم الق انون دون الحاج ة إلى نص
الحكم ،ونصت المادة 96من الحرمان من الوظائف والخدمات التي كان يتوالها.102
ج -الحرمان الجزائي الموقع من قبل اإلدارة .
في هذه الحالة يكون الحرمان الجزائي الموقع من جهة اإلدارة ،فهو جزاء يوقع
على المتعاقد مع اإلدارة نتيجة إخالله بالتزامات تعاقدية سابقة مع اإلدارة.103
وال ب د لن ا هن ا من معرف ة م ا ه و المقص ود به ذا القي د ال ذي يح رم المتعاق د من إب رام
العقد مع اإلدارة ومعرفة صوره و المقصود به هو ،حرمان كل من سبق له التعامل مع
اإلدارة ووق ع من ه أثن اء ذل ك التعام ل إخالل جس يم بااللتزام ات التعاقدي ة مم ا يجعل ه غ ير
ج دير بثق ة اإلدارة في التع امالت المس تقبلية واس تبعاده من بين المتق دمين للتعاق د .104أم ا
-تنقسم العقوبات إلى أقسام مختلفة منها أصلية وتبعية وتكميلية ،فالعقوبات األصلية هي التي يجوز الحكم بها بصفة 99
أصلية أساسية ،أي منفردة بغير أن يكون الحكم بها معلقًا على الحكم بعقوبة أخرى ال يحكم تنفيذها إال إذا قضى بها في
الحكم ،أما العقوبات التبعية فهي التي تتبع العقوبات األصلية من تلقاء نفسها==
==أي بقوة القانون ولو لم ينص عليه ا القاضي في منطوق حكمه ،فمجرد الحكم بالعقوبة األصلية يتضمن حتم ًا الحكم
بالعقوبة التبعية وعلى سلطة التنفيذ أن تنفذها من تلقاء نفسها.
-د .سليمان الطاوي، ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .260 100
-د .جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ،ص .17 101
-المادة 95و 96من قانون العقوبات الليبي بالعدد 111لسنة 1981م وتعديالته. 102
-د.خالد خليل الظاهر ،القانون اإلداري (دراسة مقارنة) ،ط ،1ك ،2دار المسيرة للنشر والطبع ،عمان،1997 ، 104
ص .245
66
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .نواف كنعان ،القانون اإلداري ،مرجع سابق ،ص .226 105
-حكم الحكم ة اإلداري ة العلي ا المص رية في القض ية رقم ،954لس نة 6ق ،الص ادر بت اريخ 1962-12-23م، 106
مجموعة األحكام القضائية التي قررتها المحكمة في عشر سنوات ،مرجع سابق ،ص .1754
-حكم المحكم ة اإلداري ة العلي ا المص رية في القض ية رقم ،954لس نة ،954الص ادر بت اريخ ،1962-12-23 107
مجموعة األحكام القضائية التي قررتها المحكمة في عشر سنوات ،مرجع سابق ،ص .1754
-ينظ ر حكم محكم ة القض اء اإلداري المص رية في 1956-3-30م ،إذ تق ول في ه "إذا ثبت من وق ائع ال دعوى أن 108
تأخير المقاول كان ناشئًا عن تراخيه ."...مما اضطر وزارة األشغال قرارها بمنعه من القيام بعمليات المقاوالت التي
تطرحه ا ."...فه و ق رار ص حيح ال تش وبه ش ائبة مجموع ة أحك ام المحكم ة في خمسة عش ر عام ًا ،الج زء الث اني ،مرجع
سابق ،ص .890
-د .حمدي حسن الحلفاوي ،مرجع سابق ،ص .149 109
67
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وسلطة اإلدارة في توقيعه على التعاقد معها تخضع لرقابة القضاء وتستطيع تطبيق
هذا الجزاء بقرارات إدارية استنادا إلى امتياز التنفيذ المباشر الذي تمارسه اإلدارة إعماال
للسلطة العامة المخولة لها قبل األفراد.110
وقد يكون العقد أو دفاتر الشروط قد تضمنا النص على هذا الجزاء بشروط معينة،
وفي ه ذه الحال ة يتعين ع دم توقي ع ه ذا الج زاء إال إذا ت وافرت ش روطه ومبررات ه فاألص ل
أن الحرم ان الج زائي ال يج وز توقيع ه إذا لم تتحق ق أس بابه ،111أم ا إذا لم يوج د مث ل ه ذا
النص في العق د أو في دف اتر الش روط ف إن الالئح ة المنظم ة للعق ود اإلداري ة في ليبي ا .رقم
"... 2007 – 563تنص على الحرم ان كعقوب ة توقعه ا اإلدارة على المتعاق د معه ا في
الحالتين:
األولى :إذا ما استعمل المتعاقد بنفسه أو بواسطة غيره الغش أو التالعب في تعامله
م ع الجه ة المتعاق دة في حص وله على العق د ويش طب اس م المتعاق د في الحال ة المنص وص
عليها في البند األول من سجل الموردين أو المقاولين وشباك الرخص الموحد ،ويتم بناء
على طلب المتعاقد الذي شطب اسمه إعادة قيده في السجل إذا انتفى سبب الشطب بصدور
قرار من النيابة العامة باألوجه إلقامة الدعوى الجنائية ضده أو بحفظها إداري ًا أو بصدور
حكم ببراءته مما نسب إليه على أن يعرض قرار إعادة القيد على الهيئة العامة للخدمات
الحكومية لنشره بطريق النشرات المصلحية.112
الثاني ة :وهي الخاص ة بع دم ص حة البيان ات المتعلق ة بمكان ة إنت اج األص ناف مح ل
العقد.113
-د .أحمد عثمان عياد ،..مرجع سابق ،ص .153 110
-د .جابر جاد نصار ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .143 – 142 111
-لقد كانت الالئحة رقم 813لسنة 1994م ،الملغى .في المادة 58تنص على الحرمان الجزئي كعقوبة تبعية على 112
المقاول أو المتعهد في حالتين إذا استعمل الغش أو التالعب في معاملته مع المصلحة أو الس الح ب ،إذا أثبت أن المتعه د
أو المقاول ش رح بنفسه أو بواسطة غيره بطري ق مباشر ،أو غير مباشر يشوه أحد م وظفي الحكوم ة أو مستخدميها أو
عمالها أو التواطؤ معه أضرارًا بالسالح أو الوزارة.
-الفقرة الخامسة من المادة 55من الالئحة التنفيذية للعقود اإلدارية .653لسنة 2007 113
68
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وفي ه ذه الحال ة يك ون الحرم ان بنص الق انون ألش خاص مح ددين بص فاتهم من
دخ ول المناقص ات والممارس ات العام ة ،وذل ك حماي ة للمص لحة العام ة ،من خالل س ن
التشريعات المنظمة إلبرام العقد اإلدارية التي تمنع دخول الموظفين العموميين وموظفي
السلطات المحلية باب المنافسة في المناقصات والممارسات العامة.118
-د .جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،الطبعة الثانية ،مرجع سابق ،ص 27 :وما بعدها. 114
-د .سليمان الطاوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .260 116
-د .جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ،ص .27 118
69
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
يصدر قرار الحرمان من جانب جهة اإلدارة بموجب سلطتها التقديرية ،بما يثبت
لها بأنه غير مؤهل للتعاقد ومن عدم كفاءة بعض األشخاص ،أو ضعف مقدرتهم الفنية أو
المالي ة ألداء األعم ال المرج وة من التعاق د ،وذل ك ك إجراء وق ائي تملي ه دواف ع المص لحة
العامة.119
وتس تطيع اإلدارة اس تعمال ه ذا الح ق في كاف ة مراح ل العملي ة التعاقدي ة س واء قب ل
التقدم بالعطاءات والعروض أو بعد التقدم بها وحتى البث فيها.120
وجدير بالتنويه أن سلطة اإلدارة في هذا الصدد ليست مطلقة بل تمارسها تحت رقابة
القض اء ال ذي يض من ع دم إس اءة اس تعمال اإلدارة له ذه الس لطة وانحرافه ا عن ج ادة
ولحماية المصلحة العامة ،كما يكون لجهة اإلدارة السلطة التقديرية ذاتها في 121
الصواب
إلغاء قرار الحرمان أو الحد من آثاره.122
وفي ليبي ا ،لق د نص المش رع اللي بي في الئح ة الص فقات العمومي ة في الم ادة 20
الفق رة الرابع ة على س لطة اإلدارة باس تبعاد العط اءات غ ير المس توفية للش روط الفني ة
المطلوبة حتى وإ ن كانت أقل العطاءات ،123وحسنا فعل المشرع الليبي باستبعاد العطاءات
الغير متضمنة للمواصفات الفنية والمالية.
-د -محمد فؤاد عبد االباسط،ا لعقد اإلداري ،مرجع سابق ،ص .120 120
-د محم د األع رج ،نظ ام العق ود اإلداري ة والص فقات العمومي ة وف ق ق رارات وأحك ام القض اء اإلداري المغ ربي- 121
منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية – عدد 73الطبعة الثانية .2007ص
112
-د -جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ،ص .32 – 30 122
-نص المادة 20من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم 563لسنة 2007 123
70
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وبذلك نالحظ أن المشرع الليبي متفقا مع المشرع المصري من خالل اتخاذ اإلجراء
الوق ائي باس تبعاد العط اءات غ ير ذات الكف اءة وال تي تلح ق األض رار بالمص لحة العام ة إذا
تمت الترسية عليها.
ثالثا -اآلثار القانونية لقرار الحرمان من التعاقد .
-د .منصور محمد أحمد ،مفهوم العقد اإلداري وقواعد إبرامه ،دار النهضة الحديثة ،القاهرة . 2000 124
71
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أما إذا كان المقاول أو المتعهد يعلمان بحرمانهما من دخول المناقصات والمزايدات
العام ة ،ف إن ه ذا التعاق د يك ون ب اطًال ،وإ ن ك ان ه ذا البطالن مق ررًا لمص لحة اإلدارة
فتستطيع أن تتمسك به في مواجهة هذا المتعاقد ،كما أن لها أن تستمر في تنفيذ العق د ،وفي
كل حالة يكون لإلدارة حق التعويض وفقًا للقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية.126
موق ف التش ريع اللي بي ،نص ت الم ادة 82لق انون العقوب ات اللي بي م ا يلي "إن الحكم
بالس جن المؤب د أو الم ؤقت يس تتبع بحكم الق انون من ي وم ص دوره إلى ت اريخ انته اء تنفي ذ
العقوب ة أو انقض ائها ألي س بب آخ ر حرم ان المحك وم علي ه من إدارة أموال ه أو التص رف
فيها"...
يفهم من هذا النص أعاله أن المحكوم عليه ال يملك أهلية التصرف بأمواله أوإ دارتها
أو القي ام ب أي عم ل باعتب اره محروم ًا من الحق وق والمزاي ا ال تي يتمت ع به ا أي ش خص
ط بيعي ،وبالت الي ال يمل ك أهلي ة التقاض ي أم ام المح اكم بأي ة ص فة ك انت ويمثل ه قّيم على
أموله تعينه المحكمة ،ويكون القيم تابعا لها ويخضع لرقابتها في كل ما يتعلق بقوامتها.
ل ذا ف إن أي عم ل من أعم ال التص رف أو الص ادرة من المحك وم علي ه بأموال ه تعت بر
باطلة فيما عدا الوصية والوقف .أما الحالة الثانية فإن بطالن تصرفاته حق مقرر لمص لحة
اإلدارة بحكم القانون سواء كان الحكم قد صدر قبل التعاقد أو بعد التعاقد ،ويكون موقف
المش ِّر ع الليبي متفق ًا مع التشريع المصري من حيث تملك اإلدارة كامل سلطاتها اإلدارية
بالتصرف تجاه المناقص المحروم.
وقد عرضت هذه المس ألة على إدارة الفت وى لشؤون األظه ر بمجلس الدولة وخلص ت إلى أن هذا الشطب ال ي ؤثر على
سريان التعاقد السابق على صدور قرار الحرمان وهو مرهون بأن يكون التعاقد قد تم قبل صدور القرار بالحرمان فتوى
.رقم 1992 ،12-7-2 ،119ملف رقكم .57-1-27
-د .أحمد منصور ،المشكالت العملية في المناقصات والمزايدات ،بدون دار نشر ،1996ص .245 126
72
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب الثاني
سلطة اإلدارة في استبعاد المتعاقد
إن الص فقات العمومي ة ش ديدة االرتب اط بالمص لحة العام ة ،ومن هن ا وجب على
اإلدارة األخذ بعين االعتبار صالحية المتقدم إليه لغرض التعاقد.
كم ا أن الس لطة التقديري ة ال تي تملكه ا اإلدارة يجب أن تس خر إلى المص لحة العام ة
وذل ك باس تبعاد ك ل من لم تت وفر في ه الش روط أو األش خاص المحروم ون من التعام ل م ع
الجهات اإلدارية سواء كان هذا الحرمان جزئيًا أو وقائيًا.
ويعت بر ه ذا اإلج راء "االس تبعاد" ض مانة أخ رى لإلدارة لالختي ار من ت راه م ؤهًال
للدخول في المناقصة أو التعاقد معها ،ومع ذلك فإن القانون يعتبر متكامل األحكام إلى حد
ما بخصوص الصفقات العمومية إجماًال.
وينص رف االس تبعاد إلى عط اء بعين ه مق دم في مناقص ة أو ممارس ة بعينه ا ويك ون
االس تبعاد في ح االت مح ددة أورده ا المش ِّر ع على س بيل الحص ر؛ ل ذلك س وف نقس م ه ذا
المطلب إلى ف رعين ،الف رع األول االس تبعاد للحرم ان أو لس وء الس معة ،والف رع
الثاني :االستبعاد لعدم توفر الكفاءة أو لعدم استيفاء الشروط .
الفرع األول :االستبعاد للحرمان أو لسوء السمعة .
يعت بر ه ذا اإلج راء ض مانة أخ رى لإلدارة الختي ار من ت راه م ؤهًال لل دخول في
المناقص ة أو التعاق د معه ا ،وم ع ذل ك ف إن الق انون يعت بر متكام ل األحك ام إلى ح د م ا
بخصوص الصفقات العمومية إجماًال ،وان توفرت كافة الشروط المطلوبة من قبل اإلدارة
في عطائه.
73
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
دون أن يكون لها أدنى سلطة تقديرية في هذا الشأن ،سواء أكان حرمان ًا جزئي ًا
127
اإلدارية
أم وقائي ًا ،وح تى ل و ت وافرت في عطائ ه كاف ة الش روط ال تي ح ددتها اإلدارة في كراس ة
الشروط.128
فلق د نص ت الم ادة 14من ق انون المناقص ات والمزاي دات المص ري رقم 89لس نة
1998على ضرورة أن تمسك كل جهة من الجهات التي تسري عليها أحكامه سجًال لقيد
األس ماء والبيان ات الكافي ة للم ورد والمق اولين وبي وت الخ برة واالستش اريين والفن يين وأن
تمس ك الهيئ ة العام ة للخ دمات الحكومي ة س جًال لقي د أس ماء الممن وعين من التعام ل م ع أي ة
جه ة من الجه ات الم ذكورة ،س واء ك ان المن ع بنص الق انون أو بم وجب ق رارات إداري ة
تطبيق ًا ألحكام ه ،وتت ولى الهيئ ة نش ر ه ذه الق رارات بطري ق النش رات المص لحية ويحظ ر
التعامل مع المقيدين في هذا السجل.129
أما موقف المش ِّر ع الليبي فقد درج على ما سار عليه المش ِّر ع المصري ،وذلك من
خالل إع داد س جل تقي د األس ماء لألف راد والش ركات المس تبعدة من دخ ول المناقص ة وفق ًا
لنص الفقرة ب من المادة ،114والتي تنص على أن "إعداد سجل عام لحفظ ونشر أسماء
جميع األفراد والكيانات المستبعدين ونشرها".130
وحسنًا فعل المشِّر ع الليبي فقد سار على غرار ما جرى عليه العمل في دول أخ رى،
فتض منت الالئح ة اإلداري ة المعم ول به ا اآلن فق رات أخ رى نص ت عليه ا التش ريعات
األخرى ،مثل ضرورة إعداد كشف من قبل المتعاقد للتعاقد مع اإلدارة باألعمال المماثلة
-د .جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ،ص .116 128
-المادة 6من قانون المناقصات والمزايدات الملغى رقم 9لسنة .1983 129
-نص المادة 112من الئحة العقود اإلدارية الليبية الفقرة ب. 130
74
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
التي تؤهله لالشتراك في المناقصة ،والتي تؤيد أعماله المنجزة ،والتي تصدر من الجهات
الحكومية.
ويثار التساؤل عن مدى صحة العقد الذي تبرمه جهة اإلدارة مع شخص محروم من
التعامل.
اختل ف الفق ه المص ري به ذا الخص وص ،ف ذهب ج انب من ه إلى التفرق ة بين الحرم ان
الوق ائي وبين الحرم ان الج زائي ،فالحرم ان الوق ائي تنطب ق علي ه القواع د المعم ول به ا في
فرنس ا .131أي أن العق د يك ون ص حيحًا ،أم الحرم ان الج زئي فينبغي التفرق ة بين الحرم ان
المنص وص علي ه وغ ير المنص وص علي ه وينطب ق المب دأ المش ار إلي ه على الحرم ان غ ير
المنص وص علي ه ،أي يأخ ذ حكم الحرم ان في فرنس ا ،أم ا الحرم ان المنص وص علي ه فه و
نهائي ال يجوز لإلدارة العدول عنه أو إلغاؤه.132
وذهب رأي آخ ر في الفق ه ويح ق إلى أن اإلدارة تل تزم بتط بيق ق رار الحرم ان –
خاصة لو كانت هي مصدر القرار – سواء تلك التي أصدرتها استنادًا إلى نص القانون،
أو بمقتضى سلطتها التقديرية باعتبار أن قرارات الحرمان تستهدف أوًال وأخيرًا المصلحة
133
العام ة وتطبيق ًا لمب دأ المنافس ة الح رة ال ذي يحكم المناقص ة العام ة والممارس ة العام ة
134
وبذلك تتحمل اإلدارة مسؤوليات القرار بالحرمان.
ولق د أك د المش ِّر ع المص ري وجه ة النظ ر الثاني ة وذل ك حس ب الم ادة 14من ق انون
المناقصات والمزايدات الحالي والتي حظرت التعامل مع المقيدين في سجل الممنوعين من
التعامل دون تفرقة بين ما إذا كان المنع بنص القانون ،أو بموجب قرارات إدارية.
-استقر الرأي في فرنسا على صحة العقد الموقع مع الشخص المحروم استنادا إلى قرار إبرام العقد يعد في حكم 131
اإللغاء الضمن لقرار الحرمان ،وأن االلتزام بعدم االلتزام بعدم التعاقد مع المحرومين مقرر لمصلحة اإلدارة فقط . ،د.
هاني عبد الرحمن غانم ،مرجع سابق ،ص113 :
. Romeuf : La Justice administrative، J. Delmas
-د .أحمد عثمان عياد ،مرجع سابق ،ص .163 132
-د .جابر جاد نصار ،المناقصات العامة،مرجع سابق ،ص 18 :وما بعدها. 133
75
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أم ا في ليبي ا فق د نص ت الم ادة 59من الئح ة الص فقات العمومي ة في قوله ا "تك ون
ق رارات المن ع أو إدراج المتعه دين أو المق اولين المخلين بالتزام اتهم في القائم ة الس وداء
وعدم التعامل معهم ،تبقى سارية إلى حين رفع األسماء من هذه القائمة.
ل ذا نالح ظ أن المش ِّر ع اللي بي حظ ر التعاق د م ع المق اولين المدرج ة أس ماؤهم بالقائم ة
الس وداء في ح ال ارتك اب أح د األفع ال المنص وص عليه ا في الم ادة ،40وال تي س وف
نوردها بالتفصيل الحقًا.
ثانيا -االستبعاد لعدم توفر شرط حسن السمعة .
نص ت التش ريعات المقارن ة -على ه ذا القي د ال وارد -ـ على مب دأ حري ة المنافس ة،
وذل ك بإمكاني ة قي ام اإلدارة باس تبعاد أي متق دم للتعاق د معه ا ،إذا ك ان غ ير متمت ع بس معة
طيبة .ويعتبر شرط حسن السمعة شرطًا عام ًا في مجال الصفقات العمومية ،وهذا قيد
وض ع المص لحة العام ة واعتب ار ه ذا االستبعاد أيض ًا من مظ اهر الس لطة العام ة في مج ال
الص فقات العمومي ة ،ف اإلدارة هن ا تتمت ع بس لطة تقديري ة ،135وه و ش رط الزم فيمن يتق دم
للتعاق د م ع اإلدارة ،وتحتف ظ اإلدارة دائم ًا بح ق أص يل في اس تبعاد من ت رى اس تبعادهم من
قائمة عمالئها ممن ال يتمتعون بحسن السمعة ،ولها مطلق التقدير في مباشرة هذا الحق،
وال يقي دها في ذل ك س وى عيب إس اءة اس تعمال الس لطة ،136ويك ون للقض اء ح ق ممارس ة
الرقابة عليها ،وضرورة قيام قرار االستبعاد على السبب المبرر لصدوره.
ولما كانت الصفقات العمومية شديدة االرتباط بالمصلحة العامة فمن واجب اإلدارة
هنا التأكد من صالحية المتقدم إليها لغرض التعاقد ،وهذا يجنب اإلدارة التعاقد مع بعض
األفراد أو الشركات الذين يغامرون باالشتراك وبتقديم العطاء ،خصوصا إذا لم يسبق لهم
ممارسة أو إنجاز هذا النوع من األعمال المطلوب التعاقد من أجلها مما يؤدي إلى رسوء
العط اء عليهم ،وبالت الي اإلض رار بالمص لحة العام ة ،في أتي هن ا دور اإلدارة وس لطتها
-د .محمد فؤاد عبد الباسط، ،العقد اإلداري ،مرجع سابق ،ص .120 136
76
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
التقديرية في االستبعاد المرتبط بقيد حسن السمعة .137وتستطيع جهة اإلدارة تقصي مدى
توفر حسن السمعة من عدمه ،من خالل جملة اعتبارات؛ أهمها ما إذا كان صاحب العط اء
قد أهمل في تنفيذ أعمال سابقة ،أو نفذها على غير الوجه المتفق عليه ،أو كان دائم اللج وء
إلى القض اء ،وم ا ي ترتب على ذل ك من ت أخير تنفي ذ العق ود ،أو لجوئ ه إلى الغش والتالعب
في تعامالته مع اإلدارة ،أو قيامه ،أو شروعه بنفسه ،أو بواسطة غيره ،وبطريقة مباشرة
أو غير مباشرة برشوة أحد م وظفي الحكومة أو عمالها ،أو اتخاذه من المناقصات ستارًا
الرتكاب أعمال ال تتفق والمصلحة العامة.138
فه ذه االعتب ارات تش ير إلى س وء س معة مق دم العط اء وتس تطيع جه ة اإلدارة اس تبعاد
العطاء المقدم من هذا الشخص لهذا السبب.
وق د ذهبت محكم ة القض اء اإلداري من ذ بواك ير أحكامه ا إلى تحدي د المقص ود بش رط
حسن الجهة بأنه يعني..." :أن يكون من يتولى هذه األعمال محمود السيرة ولم يسمع عنه
م ا يش ينه ،أو يح ط من ق دره بين الن اس ،ح ائزًا لم ا يؤهل ه لالح ترام ال واجب للمهن ة ال تي
يرغب في مزاولتها.139
وتحرص كراسات الشروط على اشتراط تقديم شهادة حسن السمعة ،وذلك للتأكد من
أهلية المتقدم للمناقصة العامة ،وشرط حسن السمعة ،نصت عليه المادة الثالثة من القانون
رقم 89لسنة 1998على "...أن يكون التعاقد بطريقة المناقصة المحددة في الحاالت ال تي
تتطلب طبيعتها قصر االشتراك في المناقصة على موردين أو مقاولين ،أو استشاريين ،أو
-د .سليمان محمد الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .222 137
-د .جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ،ص .114 138
-محكم ة القض اء اإلداري ،قض ية رقم ،5الس نة األولى ،بت اريخ 1947-3-18م .وفي ه ذا المع نى اس تقر قض اء 139
المحكمة اإلدارية العليا على أن المقصود بحسن السمعة هو تلك المجموعة من الصفات التي يتحلى بها الشخص فتكسبه
الثقة بين الناس وتجنبه قاله السوء وما يمس الخلق"...الطعن رقم ،600لسنة 16بتاريخ 1972-2-9
77
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
فنيين ،أو خبراء بذواتهم"...على أن تتوفر في شأنهم شروط الكفاية الفنية والمالية وحسن
السمعة.140
وق د نص ت ه ذه الم ادة الس ابق ذكره ا على أن يك ون لإلدارة -ـ إذا ثبت له ا ع دم
الق درة في المتق دم من الناحي ة المادي ة والفني ة على إنج از المش روع ؛وألج ل توف ير ال وقت
والجه د -اس تبعاد بعض المتق دمين ،على أن ح ق االس تعباد ه ذا يبقى للس لطة التقديري ة
لإلدارة حسب مقتضيات المصلحة العامة ،وفي كافة مراحل العملية التعاقدية ،سواء كان
ذلك بعد التقدم بالعطاءات ،أو خالل مرحلة فتح العطاءات أو في مرحلة البث فيها.
ونالح ظ مم ا س بق أن التش ريعات إم ا أن تق وم ب النص بش كل ص ريح على س لطة
اإلدارة في استبعاد المنافس الذي ال يتمتع بالسمعة الحسنة ،أو تضرب أمثلة ألعمال تعتبر
ممارس تها من قبي ل المتق دم للتعاق د تع بر عن الخ روج الص ريح على المب ادئ العام ة ال تي
تحكم إبرام الصفقات العمومية والتي من ضمنها مبدأ حرية المنافسة ،وبشكل محدد ما
تعل ق منه ا بش رط حس ن الس معة ،وعرض نا فيم ا س بق الح االت ال تي تع د من قبي ل س وء
الس معة للمتق دم لمتعاق د م ع اإلدارة ،ويمكن إض افة حال ة أخ رى كس بب الس تبعاد المتق دمين
ال ذين لهم تع امالت س ابقة أو حالي ة م ع إس رائيل ،ويك ون س بب االمتن اع عن ال دخول في
تعاقدات مع مثل هؤالء األشخاص أو تلك الشركات ،لذلك نصت التشريعات العربية على
هذا القيد في تنظيمها إلجراءات إبرام الصفقات العمومية .
ومن ه ذه التش ريعات ،التش ريع المص ري ال ذي نص ت في ه الم ادة 42من الالئح ة
المنظم ة إلج راءات المناقص ة الملغ اة على وج وب ع دم التعام ل ،يجب على الش ركات
أواألف راد المتق دمين للتعاق د أن يق دموا تعه دًا بع دم وج ود أي تعام ل م ع إس رائيل ومن أي
نوع ،سواء كان بإقامة مشاريع مع إسرائيل ،أو كان لتلك الجهات وكالء داخل إسرائيل،
-نص المادة الثالثة من القانون رقم 89لسنة " 1998عرض العطاءات على لجنة البث مشفوعًا بمالحظات رئيس 140
المص لحة أو الف رع المختص ،ويجب أن تتضمن ه ذه المالحظ ات إب داء ال رأي في أص حاب العط اءات من حيث كف اءتهم
المادية والفنية ،وحسن السمعة...إلخ".
78
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .سليمان محمد الطماوي ،..األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .238 141
-ا لمادة األولى من قانون 28شباط ،المصري رقم 66لسنة .1980 142
79
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أعاله؛ من حاالت رشوة وتزوير وتقديم معلومات كاذبة أو مخالفة آداب المهنة ،بل األكثر
من ذلك هو إحالة المقاول أو الشركة المقاولة إلى القائمة السوداء.
لكن هن ا يجب أن نجيب عن تس اؤل يط رح نفس ه وه و م ا أث ر ص دور حكم جن ائي
بإدانة المورد أو المقاول على شرط حسن السمعة؟
ولإلجابة عن هذا التساؤل ال بد من التفرقة على النحو اآلتي:
الفرضية األولى :في حالة األحكام المخلة بالشرف واألمانة سواء أكان الحكم بجناية
أم جنحة ،فإنها ذات تأثير مباشر على حسن السمعة تؤدي إلى إهداره.143
الفرضية الثانية ،أما إذا كان الحكم ال يمس الشرف واألمانة فلقد ذهبت إدارة الفتوى
في مصر إلى أنه ال يمكن القول بأن إدانة المورد في قضية سياحية من قبل ما يمس حسن
السمعة مما يبني عليه أال يكون هناك وجه إللغاء المناقصة استنادًا إلى هذا السبب وحده،
كما ال يمنع ذلك من إبرام العقد مع المورد ما لم تقرر السلطة المختصة إلغاؤها ،الصالح
العام – أي أن الحكم الجنائي -الذي يؤدي إلى انتفاء شرط حسن السمعة ينبغي أن يتضمن
اتهام ًا وثي ق الص لة بطبيع ة العملي ة موض وع التعاق د .ويتض ح لن ا أن م ا ذهبت إلي ه إدارة
الفتوى لرئاسة الجمهورية في مصر ال يتعارض مع المادة 25من قانون العقوبات التي
تقضي بأن كل حكم بعقوبة جنائية يستلزم حتمًا حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا
اآلتية:
القبول في أي خدمات في الحكومة مباشرة أو بصفة متعهد أو ملتزم أًّي ا كانت أهمية
الخدمة ،وذلك كعقوبة تبعية حيث أن نص المادة 25واضح الداللة على حرمان المحكوم
عليه بجناية من دخول المناقصات والمزايدات بصفة عامة ،إال أنه يمكن التس ليم بم ا ذهبت
-د .جابر جاد نصار ،المناقصات العامة ،مرجع سابق ،ص .113 143
80
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
"الحكم بالس جن المؤب د أو الم ؤقت يس تتبعه بحكم الق انون من ي وم ص دوره ،وح تى
إخالء سبيل المحكوم عليه من السجن حرمانه من الوظائف والخدمات التي كان يتوالها".
ومن النص وص الس ابقة نفهم أن ه يح رم المحك وم علي ه من دخ ول المناقص ات
والمزايدات بصفة عام وكذلك األحكام بالجنح المخلة بالشرف.
نستخلص أن الموقف الليبي مشابه للمصري ،وإ ن كنت أميل إلى األخذ برأي الفتوى
لرئاس ة الجمهوري ة المص رية ب أن الجنح ة إن لم تكن ت ؤثر على س معة الم ورد فلن تك ون
سببًا إللغاء المناقصة.
إن المتق دم للعط اء س واء ك ان شخص ًا طبيعي ًا ،أم ش ركة يجب أن يتمت ع بالمق درة
الفنية والمالية التي تمكنه من إنجاز التزاماته التعاقدية من جهة اإلدارة ،كما تعمل اإلدارة
-فت وى رئاس ة الجمهوري ة ،مل ف رقم 1991-13-93م ،س جل رقم 2001 – 514بت اريخ ،2001-10-29لم 144
ينشر بعد وك انت بمناسبة إبداء ال رأي القانوني حول م ا إذا ك ان الحكم الصادر ضد الم ورد في مزاولة أعم ال سياحية
دون ترخيص يعتبر مانعا يحول دون إبرام عقد توريد أغذية لمستشفيات مديرية الصحة واإلسكان باإلسماعيلية.
وأوضحت إدارة الفتوى أن الحكمة المبتغاة من الشرط المتضمن في دراسة الشروط تطلب حسن السمعة" .تتعلق بطبيعة
العملي ة ذاته ا ونوعي ة الص نف الم ورد من حيث كون ه م واد غذائي ة ،ل ذلك يتعين االس تيثاق .من الم ورد ومن كون ه لم
يسبق==
== اتهامه في أي قضايا تموينية لضمان جودة الصنف المورد ،إن كانت ثبوت اإلدانة في قضايا من نوع آخر كقضايا
مزاولة أعمال سياحية دون ترخيص فإنها وإ ن كانت محل تأثيمهم من المشرع إال أنه ال يمكن القول باعتبارها مم ا تمس
حسن السمعة والشرف واالعتبار ،إذ لكل من تلك القضايا مجال مختلف يؤثر فيه ويتم الحكم على فاعله بناء عليه".
81
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
على وض ع مجموع ة ش روط الزم ة إلنج اح العملي ة ال تي تري د التعاق د عليه ا في كراس ة
الشروط.
يجب أن يتمت ع مق دم العط اء بالمق درة الفني ة والمالي ة ال تي تمكن ه من إنج از التزامات ه
ومن مص لحة اإلدارة أن ال ي دخل إلى المنافس ة إال متنافس ون على درج ة كافي ة من
االستعداد التقني والمالي فال جدوى من السعر ألقل إذا كانت أهلية المتعاقد الفنية أو المالية
على درجة من السوء ،145إذ ينعكس ذلك على حسن تنفيذه اللتزاماته في النهاية ،مما يؤثر
القانوني ة المقارن ة على أن مب دأ ال دخول مفت وح الى المناقص ات العام ة يجب أن ي وازن مع
ولجه ة اإلدارة الس لطة التقديري ة في تحدي د م دى ت وافر الكف اءة الفني ة والمالي ة لتقم
العطاء ،وذلك بالنظر إلى عدة اعتبارات مثل مالئمة الشخص مقدم العطاء ،وقدرته الفنية
ب النظر إلى طبيع ة موض وع التعاق د وحجم األداءات المطلوب ة وم ا يتطلب ه من ق درة مالي ة
وخبرة فنية.147
وعلى ذل ك يمكن الق ول :إن ش رط الكف اءة الفني ة والمالي ة ه و ش رط خ اص يتعل ق
بشخص مقدم العطاء وقدرته على تنفيذ عقد بعينه ،فقد يملك المقدرة الفنية والمالية على
تنفيذ عقدًا ما ،ولكنه ال يملك هذه المقدرة على تنفيذ عقٍد آخر.148
82
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ففي مصر أوجب قانون المناقصات والمزايدات المصري ضرورة تمتع مقدم العطاء
بالمقدرة الفنية والمالية التي تمكنه من إنجاز التزاماته التعاقدية مع جهة اإلدارة.149
ولق د أوجبت الم ادة 8من الالئح ة التنفيذي ة للق انون رقم 89لس نة 1998على "ك ل
مرشح أن يقدم ضمن المظروف التي يحتوي على العرض الفني البيانات والمستندات التي
ترى الجهة اإلدارية ضرورة توافرها للتحقق من توافر الكفاءة الفنية والمالي ة المطلوب ة من
المتنافسين ،وقد أوجب المش ِّر ع على مقدمي العطاءات ضرورة تضمين المظروف الفني
جميع البيانات الفنية عن العرض المقدم ،والبرنامج الزمني للتنفيذ ،وبيان أسماء ووظائف
وخ برات الك وادر ال تي سيس ند إليه ا اإلش راف على تنفي ذ العملي ة والمس تندات الدال ة على
سابقة الخبرة والقيد في المكاتب ،أو السجالت أو النقابات ،أو االتحادات ،التي يكون القيد
فيها واجبًا قانونًا .150وهذا حتى تستظهر الجهة اإلدارية مدى توافر الكفاية الفنية والمالية
لمقدم العطاء.
وموضوعية ،دون إساءة استعمال تلك السلطة ،فإذا ما توافرت الكفاية الفنية والمالية لمقدم
العط اء ،ورغم ذل ك ق امت اإلدارة باس تبعاده ف إن ه ذا االس تبعاد يك ون غ ير مش روع ،مم ا
أي عطاء -ولو كان األقل سعرًا – إذا لم تطمئن إلى كفاءة مقدمه أو سابق خبرته ،وذلك
-المواد 8من الالئحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 89لسنة 1998م. 150
-فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع جلسة ،1985-3 – 20ملف رقم 252-1-54مجموعة مبادئ 151
أم ا في ليبي ا نج د الم ادة 55من الئح ة الص فقات العمومي ة س ابقة ال ذكر هي من
نظمت كيفية إرساء اللجنة للمناقصة مراعية في ذلك الناحية الفنية والمالية وفق اآلتي :أ-
ـ توص ي لجن ة العط اءات بإرس اء المناقص ة على ص احب أق ل العط اءات س عرا من بين
العطاءات التي لم يتقرر استبعادها وتمنح األولوية في إرساء المناقصة عند توافر الكفاءة
الفني ة وتس اوي األس عار – للعط اءات المقدم ة من أدوات التنفي ذ الوطني ة ،ويليه ا في ذل ك
ب -على أنه يجوز للجنة أن توصي بإرساء المناقصة على مقدم أصلح العروض
ولو لم يكن أقلها سعرًا ،وذلك ألسباب قوية تتعلق بالمصلحة العامة ومع مراعاة ما يلي:
.1أن تتمث ل ه ذه األس باب على عوام ل جدي ة ذات أث ر بالنس بة لطبيع ة األعم ال
موضوع المناقصة وجدواها وقيمتها كتقديم نسبة أقل من التحوالت الخارجية ،أو عرض
شروط بديلة أفضل ،أو مواصفات أجود أو اقتراح مدة أقصر للتنفيذ ،أو أية مزايا إضافية
أخ رى ،أو أن تت وفر في المتن اقص ص احب الع رض األص لح عوام ل أفض لية إض افية
152
ظاهرة ،من حيث الكفاءة واألهلية والقدرة المالية والسمعة وسابقة التنفيذ...
ونالحظ أن التشريع الليبي به ذا النص أعطى اإلدارة حق تحديد العطاء ألفضل من
الناحية الفنية والمالية و يسعى إلى الوصول إلى أحسن العطاءات المقدمة الختيار المقاول
الذي يحمل كافة الضمانات الكافية لتقديم الخدمة المطلوبة وعلى أحسن وجه.
ثانيا -االستبعاد لعدم استيفاء العطاءات للشروط الواردة بكراسة الشروط .
تعمل اإلدارة على أن تتضمن كراسة الشروط مجموعه الشروط العامة والخاصة
الالزم ة إلنج اح العملي ة ال تي تري د التعاق د عليه ا .وه ذه الش روط إنم ا تكتس ب أهميته ا من
84
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كونها تعمل على تحقيق المصلحة العامة ،والتي تتمثل في كفالة حسن تنفيذ العقد وتحقيق
صالح المرفق .واألصل أن جهة اإلدارة تلتزم استبعاد أي عطاء مخالف لما ورد بكراسة
الشروط ،كما أنها تلتزم بقبول كافة العط اءات المستوفية لتلك الشروط ما لم تقرر إلغاء
المناقص ة ألس باب أخ رى ،ففي مص ر أوجب المش ِّر ع في الم ادة 16من ق انون تنظيم
المناقصات والمزايدات الحالي استبعاد العطاءات غير المطابقة للشروط والمواصفات ،ثم
غير أن مجلس الدولة الفرنسي يسمح لجهة اإلدارة بهامش من السلطة التقديرية من
خالل التفرق ة بين المخالف ة الجوهري ة والمخالف ة غ ير الجوهري ة ،حيث يس تبعد من نط اق
المجال متى كانت تؤدي إلى منح مقترفها أفضلية معينة ،يتميز بها عن باقي المتنافسين،
مما يعط ل المنافس ة ويزيفها ،ومثال ذلك قب ول العط اء المت أخر عن الموعد المح دد لتقديم
العطاءات.154
وتش ير المحكم ة اإلداري ة العلي ا في مص ر على ض رورة اس تبعاد العط اء المخ الف
للشروط والمواصفات ،أيا كانت المخالفة – جوهرية أو غير جوهرية – حيث قررت بأن
-قضى مجلس الدولة في هذا الحكم بأن "قواعد المنافسة والمساواة هي جوهر المناقصة مشار إليه عند ،د .عاطف 154
المشرع قد ألزم مقدمي العطاءات بتقديم بيان عن سابقة األعمال ونوعها وقيمتها ،ورغم
أن ه لم ينص على اس تبعاد العط اء إذا لم يق دم ص احبه ه ذا البي ان ،ف إن ذل ك ال يحت اج إلى
نص ص ريح إذ الجه ة اإلداري ة له ا الح ق في اس تبعاد العط اء المخ الف للش روط
والمواص فات ،ويجب عليه ا ذل ك وعلى األخص إذا ك انت تتعل ق بالمق درة الفني ة على تنفي ذ
األعم ال ،ومن ثم فال يج وز قب ول ه ذا العط اء ،ول و تعه د ص احبه كتابي ا بتقديم ه ،تس تلزم
جهة اإلدارة باستبعاد العطاء إذا كان غير مستوف للشروط ،ولو كان هو ألقل سعرا.155
أم ا في ليبي ا ف إن األص ل في االس تبعاد وجوبي ًا مق ررًا بم وجب الل وائح اإلداري ة
واألنظم ة والتعليم ات ،وأن ه من النظ ام الع ام ال يج وز االتف اق على مخالف ة أحكام ه ،ل ذا ال
تتمت ع اإلدارة بص دده ب أي س لطة تقديري ة إذا خ الفت النظ ام فال تس تطيع قب ول عط اء غ ير
مشمول بالشروط الخاصة بالعطاء أو غير مشمول مقدما بشروط العطاء ،ألنها ال تنظر
إلى األس عار والمواص فات ،وه ذا إج راء تتخ ذه اإلدارة بش كل موض وعي ال ينص ب على
مقدم العطاء وإ نما يوجه للعطاء ذاته ،ولكنه يجوز لها العدول عن قرار االستبعاد في حالة
وبن اء على م ا تق دم س وف ن درس ح االت االس تبعاد لع دم اس تيفاء العط اء للش روط
الواردة بكراسة الشروط وهي على سبيل المثال ال الحصر في كل من مصر وليبيا.
-حكمه ا في الطعن رقم – 3008لس نة 36ق ،جلس ة 1994-12-10الموس وعة اإلداري ة الحديث ة الج زء ،49 155
ص ،90وذهب جانب من الفقه المصري إلى أن المخالفة التي تستوجب االستبعاد هي المخالفات الجوهرية التي يتعذر
قبول العرض مع وجودها دون المخالفات الثانوية.
86
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
في مص ر :أوجبت الم ادة 63من الالئح ة التنفيذي ة للق انون رقم 89لس نة 1998
في ليبيا :ال يستلم أي عطاء يقدم بعد انتهاء الموعد المحدد وألي سبب كان ،وبذلك
الشروط.
يحق للجنة البث وفقا لقانون المناقصات والمزايدات المصري استبعاد العطاء المقدم
من أكثر من متعهد ال تجمعها رابطة قانونية ،حيث أن القانون ال يمنع اشتراك أكثر من
شخص طبيعي أو معنوي في عطاء واحد ،إال أنه يجب أن تكون هناك رابطة قانونية بين
مقدمي العطاء الواحد أيا كان الشكل القانوني لهذه الرابطة بشرط أن تكون مشهرة وفقا
ألحك ام الق انون ،كم ا أن ه يجب أن يس تدل من ه ذه الرابط ة على قي ام المس ؤولية التض امنية
أم ا في ليبي ا فلم تتط رق الالئح ة اإلداري ة له ذه المس ألة ،ومن ثَّم فال م انع من أن
.1حال ة ع دم إي داع الت أمين االبت دائي يس تبعد العط اء وفق ًا للق انون المص ري
بالحاالت التالية:
-ويستثنى من ذلك أي تعديل لصالح الجهة اإلدارية يقدم من صاحب أقل العطاءات المطابقة للشروط والمواصفات 156
طالما أنه ال يؤثر في أولية العطاء – راجع البند الثاني من المادة المشار إليه.
-البند ((أ ))من المادة 59من الئحة العقود اإلدارية رقم 2007 – 563م 157
-د .رمض ان بح ر بطيخ ،إب رام العق د اإلداري فقه ا وقض اء في ض وء ق انون المناقص ات والمزاي دات الجدي د ،دار 158
إذا كان العطاء مصحوبًا بالتأمين االبتدائي لكنه غير كامل م ا لم يكن النقص
.1إذا كان العطاء مصحوباً بخطاب ضمان مقترنًا بأي قيد أو شرط.
ت اريخ فتح المظ اريف ،أو لم توج د ض مانات كافي ة واحتس اب الف روق الطارئ ة في أس عار
أما في ليبيا فتقوم لجنة تحليل وتقويم العطاءات وفق المادة 59من الالئحة السابقة
بالتأمينات األولية.
.1حيث اشترط المشرع الليبي بالتأمينات األولية أن تكون مقدمة على شكل خطاب
ضمان أو صك مصدق.159
ضمان وجب أن يكون هذا الخطاب صادرًا من أحد المصارف التجارية العالمة في ليبيا ،أو أن يكون مصدقًا منها وأن
يك ون غ ير مق ترن ب أي قي د أو ش رط وغ ير قاب ل لإللغ اء ،وأن يق ر في ه الص رف أن ه يض ع تحت تص رف الجه ة الطالب ة
التعاقد مبلغًا يساوي قيمة التامين االبتدائي...إلخ.
88
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وأوجبت الم ادة 16من ق انون المناقص ات والمزاي دات المص ري رقم 89لس نة
1998على ضرورة استبعاد العطاء غير المطابق لشروط و مواصفات كراسة العط اء ،و
ال تي من ض منها الش روط الفني ة لموض وع التعاق د ،وطبق ًا لنص الم ادة 13من الق انون
المش ار إلي ه ،يج وز للجن ة البث أن تش كل لجن ة فرعي ة من بين أعض ائها أو ممن ت رى
االستعانة به من أخل الخبرة لدراسة النواحي الفنية في العطاءات المقدمة ،ومدى مطابقتها
للمواص فات المعلن ة ،وعلى اللجن ة أن ت بين في تقريره ا أوج ه ع دم المطابق ة للمواص فات
العمومية سابقة الذكر إلى ضرورة استبعاد العطاءات الغير مستوفية للشروط والمواصفات
الفني ة المطلوب ة ،وتق وم لجن ة الدراس ة وتحلي ل العط اءات بمهم ة االس تبعاد للعط اءات الغ ير
مطابقة للشروط الفنية المعلن عنها بعد إجراء التقويم للعطاءات من الجوانب الفنية والمالي ة
-رأي اللجن ة الفرعي ة الفني ة يعت بر مج رد توص ية تع رض على الجن ة ب البث ال تي له ا أن تق رر ع دم األخ ذ به ذه 160
التوصيات بقرار مسبب تصدره لجنة البث ،راجع في ذلك د .أحمد منصور ،مرجع سابق ،ص .299
-نص المادة 55من الئحة العقود اإلدارية ،أوًال من الفقرة ب -سابقة الذكر 161
89
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
بما أن المشرع جعل المناقصة العامة والممارسة العامة تخضع لعدة مبادئ أساسية
تعد ضمانات تكفل دقتها وسالمتها ،والمتمثلة في مبدأ العالنية وتكافؤ الفرص والمساواة
والشفافية وحرية المنافسة ،وأضاف مبدأ آخر يعد مكمًال وهو مبدأ سرية العطاءات
ويترتب على تطبيق هذه المبادئ وااللتزام بها نتيجة قانونية هامة جدًا وهي أنه ال
يجوز لإلدارة أن تخلق وسائل قانونية تميز بها بين المتقدمين للمناقصة ،كما ال يجوز لها
منح امتيازات أو وضع عقبات أمام بعض المتقدمين للمناقصة ،دون البقية .
وبينا كيف كان اإلعالن أحد القواعد األساسية التي تقوم عليها المناقصة ،وأنه الخط
الرئيسي المميز لها ،وما يلعبه من دور في كونه يمنح الفرصة لمقدم العطاء ال وقت الك افي
للرد وانه يتيح لمقدم العطاء فرصة طلب أي إيضاحات بشأن المناقصة وتمديد فترة الرد
عليها إذا اقتضى األمر ذلك
كم ا أثبتت الدراس ة أن اإلعالن عن المناقص ة أو المزاي دة أو الممارس ة ال يع دو أن
يك ون مج رد دع وة إلى التعاق د ،ومن ثم فإن ه ال يمث ل إيجاب ًا تتق دم ب ه اإلدارة إلى المتعاق د
معها.
كم ا بَّين ا القص ور الواض ح في الئح ة الص فقات العمومي ة في ليبي ا في غي اب النص
الذي ينظم تعديل كراسة الشروط ولم ينص على ذلك بنص صريح .
وكيف غفلت عن حماية مبدأ المساواة بين المتنافسين؛ الذي يقضي بحق كل من يملك
قانونًا أن يتقدم إلى المناقصات العامة ،بحقه في االشتراك فيها على قدم المساواة مع باقي
المتنافس ين ،وج اء ه ذا الخ رق له ذا المب دأ في نص الم ادة 72ال ذي ع د خروج ًا على مب دأ
المس اواة بين المتنافس ين عن دما منحت األولوي ة في قب ول العط اءات عن د تس اوي األس عار
للعطاءات المقدمة من الشركات والمنشآت والتشاركيات الوطنية ،يليها في ذلك العطاءات
المقدمة من الشركات المشتركة من الجانب الليبي ،ولم تنوه إلى الكفاءة المالية والفنية .
90
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كم ا بينت الدراس ة في ه ذا الفص ل أن الحرم ان من أهم مظ اهر الس لطة العام ة ال تي
تتمت ع به ا اإلدارة في مرحل ة تك وين العق د ،إذ أن المش ِّر ع يخ ِّو ل لإلدارة س لطات اس تثنائية
تتع ارض م ع المب ادئ األساس ية في الق انون الخ اص ،وم ا ينتج عن ه ذا الحرم ان من ع دم
قبول العطاءات التي يتقدم بها الشخص المحروم ،حتى لو كانت هذه العطاءات مستوفية
الشروط التي تطلبها اإلدارة .
و األصل في االستبعاد وجوبي مقرر بموجب اللوائح اإلدارية واألنظمة والتعليمات،
وأن ه من النظ ام الع ام ال ذي ال يج وز االتف اق على مخالف ة أحكام ه ،ل ذا ال تتمت ع اإلدارة
بص دده ب أي س لطة تقديري ة إذا خ الفت النظ ام ،فال تس تطيع قب ول عط اء غ ير مش مول
بالش روط الخاص ة بالعط اء ،أو غ ير مش مول مق دمًا بش روط العط اء؛ ألنه ا ال تنظ ر إلى
األس عار والمواص فات ،وه ذا إج راء تتخ ذه اإلدارة بش كل موض وعي ال ينص ب على مق دم
العط اء ،وإ نم ا يوج ه للعط اء ذات ه ،ولكن ه يج وز له ا الع دول عن ق رار االس تبعاد في حال ة
شرط إكمال الوثائق ،أو شرط إعادة الفحص.
91
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الفصل الثاني
كيفية اختيار اإلدارة للمتعاقد معها
تتعدد أساليب إبرام الصفقات العمومية في ظل القوانين المقارنة - ،ـ سواء كانت
أصلية أم استثنائية – في أساليب المناقصة والمزايدات بصورها المختلفة واالتفاق المباشر
وهذا ما رسم المشرع لكل أسلوب منها حدوده وبين حاالته واإلجراءات التي يجب األخذ
بها من خالله ،ولكل من هذه الطرق مجال إعماله فال يجوز أن يختلط بغيره من الطرق
األخ رى ،وال تتقي د اإلدارة بحس ب األص ل باتب اع أس لوب معين من أس اليب التعاق د إال إذا
أوجب القانون اتباع طريق بعينه في التعاقد ،ففي هذه الحالة يجب أن تلتزم به ،وإ ال وقع
تص رفها ب اطًال ،أم ا إذا لم يقي دها الق انون بش يء من ذل ك ،فله ا الحري ة في اختي ار أس لوب
التعاقد المالئم ،وإ ن كانت تظل مقيدة في هذا الشأن في كل األحوال بمقتضيات المصلحة
العامة ،وبالمبادئ العامة التي تحكم نظام الصفقات العمومية .
األص ل في كيفي ة إب رام الص فقات العمومي ة وال تي يس تند فيه ا القي د على حري ة جه ة
اإلدارة عن د تعاق دها يرج ع إلى أن المش ِّر ع ه و ال ذي يس تقل ببي ان طريق ة إب رام الص فقات
العمومية وأنه من ذلك يسعى إلى إدراك هدفين مهمين هما.
األول :تحقيق أكبر وفر مالي للخزينة العامة ،وهذا يستلزم بداهة التزام جهة اإلدارة
اختيار المتعاقد الذي يقدم أفضل الشروط والضمانات المالية.
الث اني :مراع اة المص لحة اإلداري ة ،ويتطلب تبع ًا ل ذلك تمكين جه ة اإلدارة من أن
تختار أكفأ المتقدمين ألداء الخدمة التي تحرص هي على تحقيقها.
ليس ه ذا فق ط ب ل أوجب المش ِّر ع على اإلدارة م ع م ا ذك ر س ابقًا أن تل تزم ببعض
اإلج راءات الش كلية ال تي تس بق التعاق د ،حيث يتعين على اإلدارة مراع اة ه ذه اإلج راءات،
والتي تتمثل في االعتماد المالي ودراسة الجدوى والحصول على تصريح بالتعاقد ،إال أن
دراستنا هنا تنصب على األسلوب المعتمد من المشرع في اختيار المتعاقد والتي ال تختلف
92
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كث يرا عن أس اليب التعاق د في جمي ع دول الع الم ،وب األخص دول ة الدراس ة ،وهي ليبي ا
وقانون الدول المقارنة مثل مصر وفرنسا والمغرب.
ل ذا س وف نتن اول كيفي ة اختي ار اإلدارة للمتعاق د معه ا ،حس ب التقس يم اآلتي :المبحث
األول :المناقص ات والمزاي دات كوس يلة للتعاق د ،المبحث الث اني :التعاق د بغ ير المناقص ة
والمزايدة .
93
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المبحث األول
المناقصات والمزايدات كوسيلة للتعاقد
إن غاية وهدف اإلدارة من وراء اتباع األساليب المحددة من قبل المش ِّر ع في اختيار
المتعاقد معها هو تكبد الخزينة العامة أقل النفقات ،في حال رغبة اإلدارة بالشراء ،أما في
حالة البيع فيكون الهدف هو الوصول إلى أكبر وفر مالي ،وكذلك الحال بالنسبة إليجار
ممتلكات الدولة ،ومن أهم وسائل اإلدارة في اختيار المتعاقد معها هو أسلوب المناقصات
والمزايدات.
فالمناقصة هي تعبير عن أمر سلبي مفاده إرساء المناقصة على من يقدم أقل عطاء
من الناحي ة المالي ة ،م ع االحتف اظ بمس ألة الج ودة الفني ة في الس لع والخ دمات المطل وب
تقديمها ،وهنا يكون من مصلحة الدولة اختيار المتعاقد الذي يقوم بهذه األعمال مقابل أقل
األسعار التي ت دفعها اإلدارة كعقود التوريد وعقود االشتغال العامة ،وإ ن كنت ال أرى أن
المناقصة أمرًا سلبيًا ،بل هي أمرًا إيجابيًا ؛ألنها تصب في النهاية في مصلحة الدولة.
أما المزايدات فهي تحمل مفهومًا إيجابي ًا ،مفاده أم مصلحة اإلدارة في بيع أو إيجار
أمالكها لمن يدفع أكثر ،ولهذا الغرض يتسابق مقدمو العطاءات في عرض أكبر لألسعار
للفوز بالعقد مع اإلدارة.
كما أن هذا األسلوب يفتح أكبر قدر ممكن من المنافسة ،مما يضمن تحقيق المساواة
بين المتنافس ين م ع تك افؤ الف رص ،ل ذلك اهتمت التش ريعات في معظم دول الع الم بوض ع
األسس التي تقوم عليها تلك المناقصات والمزايدات.
وبن اء على ذل ك س وف نق وم بدراس ة ه ذا المبحث في مطل بين ،المطلب األول:
المناقصات والمزايدات ،المطلب الثاني :فحص العطاءات وإ رساء المزاد والمناقصة.
94
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب األول
المناقصات والمزايدات العامة
المزايدة و المناقصة هي طريقة بمقتضاها تلتزم اإلدارة باختيار أفضل من يتقدمون
التعاقد معها ،سواء من الناحية المالية أو من ناحية الخدمة المطلوب أداؤها.
والمناقصة عكس المزايدة ،فاألولى تستهدف اختيار من يتقدم بأقل عطاء ويكون ذلك
ع ادة إذا أرادت اإلدارة القي ام بأعم ال معين ة كأش غال عام ة مثًال ،أم ا المزاي دة ف ترمي إلى
التعاقد مع الشخص الذي يقدم أعلى عطاء وذلك إذا أرادت اإلدارة مثًال أن تبيع أو تؤجر
شيئًا من أمالكها.
رغم أن معظم التش ريعات تل زم اإلدارة بااللتج اء إلى طريق ة المزاي دة أو المناقص ة
إلبرام عقودها ،فإن القاعدة في فرنسا ال تزال هي حرية اإلدارة في التعاقد ،إذا لم يوجد
نص يفرض عليها االلتجاء إلى طريقة المناقصة.
و أيضًا في مصر تطبق القاعدة السابقة ،فال تلتزم اإلدارة بااللتجاء إلى المناقصة
أو المزايدة إال إذا وجد نص تشريعي بهذا المعنى.
ولع رض ه ذا المطلب تَّم تقس يمه إلى ف رعين :الف رع األول ،المقص ود بالمناقص ات
والمزايدات ،أما الفرع الثاني فصور المناقصات والمزايدات.
الفرع األول :المقصود بالمناقصات والمزايدات .
162
كأص ل ع ام تق رر أن المش رعين يعتم دون على المناقص ة والمزاي دة العام ة،
ومرد هذا وجدود جملة من األسباب والدواعي التي تتطلب اهتمام المشرعين ،ومنها إبعاد
ق رار اإلرس اء عن ك ل محاب اة وتح يز يعطي للمتق دمين للش عور باالطمئن ان ب أنهم على ق دم
المس اواة في امتالك فرص ة الف وز بالمناقص ة والتعاق د م ع اإلدارة ،إض افة إلى ذل ك أن
اعتم اد المناقص ة ي ؤدي إلى تهيئ ة فرص ة المنافس ة بين المتق دمين وبالت الي تحم ل أق ل
95
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المصاريف والتكاليف لتنفيذ العقد ،والمحصلة ضمان حماية المال العام من اإلسراف في
إنفاقه.163
ووفق ًا لك ل ذل ك يجب أن تت وفر العالني ة والمنافس ة بين المناقص ين ،وال تزام اإلدارة
بع دم إس ناد المناقص ة إال على المناقص ة األق ل س عرًا فه ذا س يحقق الموض وعية في اختي ار
المتعاق د م ع اإلدارة ،وع دم التعاق د م ع ش خص معين بذات ه؛ العتب ارات أغلب م ا تك ون
شخص ية ،وفي كلت ا العملي تين س واء المناقص ة أو المزاي دة ،يه دف المش ِّر ع إلى تحقي ق
المساواة والمزاحمة الشريفة والعادلة في التعامل والتعاقد.164
المقصود بالمناقصة العامة أنها طريقة تلتزم اإلدارة بمقتضاها باختيار أفضل شروط
من يتق دمون للتعاق د معه ا ،س واء من الناحي ة المالي ة أو من ناحي ة الخدم ة المطل وب
أداؤها ،165وفي الزم ان والمكان األكثر مالءمة ،و عادة يكون ذلك في مق اوالت األشغال
العامة أوالتوريد أو شراء بعض المواد.
وتجدر اإلشارة إلى أنه توجد صيغة من صيغ المناقصة هي المزاي دة وهي تق وم على
المبادئ التي تقوم عليها المناقصة العامة ،كما تخضع إلى إجراءات هذه األخيرة نفسها،
ولكن وجد خالف بينهما يتعلق بتحديد قيمة العطاء بأعلى سعر ،و رغم االختالف بينهما
في المضمون إال أن هدفها واحد ،وهو تحقيق المصلحة العامة لذلك تسري عليهما أحكام
واح دة ،166على عكس الح ال في نط اق المناقص ة العام ة ال تي يتم اإلرس اء فيه ا على األقل
سعرًا ،كما أن مصلحة اإلدارة المالية في نطاق المزايدة العامة تكون هي األساس ،بغض
-د .توفيق شحاته ،مبادئ القانون اإلداري ،دار الجامعة العربية ،1954،.ص .771 163
-د .حس ن محم د عواض ه ،المب ادئ األساس ية في الق انون اإلداري ،الطبع ة األولى ،المؤسس ة الجامعي ة للدراس ات 164
-د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .102 166
96
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
النظ ر عن ص فة األش خاص المتعاق دين وأهليتهم ،على عكس المناقص ة العام ة ال تي تلعب
فيها صفة األشخاص المتعاقدين وأهليتهم التقنية دورًا مهمًا.167
وفي ك ل األح وال ف إن المناقص ة تس تخدم في حال ة م ا إذا أرادت اإلدارة تنفي ذ أعم ال
معينة عن طريق الغير ،أما المزايدة فتستخدم في حالة م ا إذا أرادت التص رف في بعض
ممتلكاتها إلى الغير.168
وتكون اإلدارة قابضة مثل بيع أو إيجار ،169ويتم تقديم السعر في المزايدة إما بطريق
سري ،والمتمثل بالمظروفات المغلقة ،أو بطريق علني أمام الجمهور ،وفي كلتا الحالتين
هناك لجنة تبث في المزايدة لتحديد الشخص الذي سيتم التعاقد معه.170
كم ا أن اختص اص جه ة اإلدارة في اختي ار المتعاق د معه ا بطريق ة المناقص ة العام ة
اختصاصًا مقيدًا بالنظر إلى التزامها – دائمًا – بضرورة التعاقد مع صاحب العطاء األقل
سعرًا وهو ما يعرف بمبدأ ألية اإلرساء المناقصات والمزايدات العامة في التشريع الليبي
وف ق الئح ة الص فقات العمومي ة رقم 563لس نة 2007م ،والمعم ول به ا والواجب ة
اإلتب اع ،حيث نظمت المناقص ات والمزاي دات العام ة في الم ادة 8حيث ع رفت المناقص ة
العام ة هي ال تي يعلن فيه ا لجمي ع أدوات التنفي ذ المؤهل ة للتعاق د والمس جلة ل دى الجه ة
المختصة بالقيد والتصنيف ووفق التخصص والفئة المناسبة للمشروع حسبما تنظمه الئحة
قيد وتصنيف المقاولين بقصد الوصول إلى أصلح عرض ،وتكون المناقصة العامة داخلية
يعلن عنها في ليبيا أو عالمية ُيعلن عنها في الداخل والخارج.
-د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .112 168
-يالحظ أن اإلدارة ال تستطيع القيام بأخذ التصرفات الناقلة للملكية بالنسبة لممتلكاتها العامة تأسيسًا على قاعدة عدم 169
جواز التصرف في األموال العامة ،وبالتالي يقتصر تصرف اإلدارة في ممتلكاتها بالبيع على أمالكها الخاصة ،والخاصة
على السواء طالما أنه ال يتعارض مع التخصيص للمنفعة العامة ،ولهذا فإن المش ِّر ع في العديد من الدول أجاز للجهات
اإلداري ة أن تتص رف في األم وال العام ة س واء عن طري ق ال ترخيص أو العق د .أنس جعف ر .العق ود اإلداري ة ،مرج ع
سابق ،ص .288
-د .عبد اهلل حنفي ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .188 170
97
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أم ا المزاي دة العام ة هي ال تي تج ري ب بيع األش ياء وتتم عن طري ق تق ديم عط اءات
للشراء أو بطريق المناداة للوصول إلى أعلى األسعار.
والمناقصة العامة هي الطريقة العادية ،واألصل العام في إبرام العقد اإلدارية حيث
ال يج وز لإلدارة إتب اع طريق ة إب رام الص فقات العمومي ة ،حيث ال يج وز اتب اع طريق ة
غيرها إال بناًء على نص قانوني يسمح لها بذلك طبقًا لنص المادة 9من الالئحة النافذة.171
وتق ديري لم ا س ار علي ه المش ِّر ع اللي بي في ه ذا الخص وص ،أرى أن ه وجب على
المشِّر ع الليبي أن يجعل تنظيم الصفقات العمومية بصفة عامة في قانون موحد وشامل ؛
ألن ه لألس ف أن الص فقات العمومي ة في ليبي ا تنظم بل وائح يطل ق عليه ا ل وائح الص فقات
العمومية تصدرها السلطة التنفيذية ،وليست السلطة التشريعية ،لذلك ال يوجد قانون موحد
ينظم المناقص ات والمزاي دات كم ا ه و الح ال في دول أخ رى ،فبالنس بة للمناقص ات العام ة
هن اك نص وص قانوني ة في ه ذه الل وائح اإلداري ة متن اثرة وغ ير دقيق ة البعض منه ا خ اص
ببعض الوزارات ،والبعض اآلخر جاء على شكل تعليمات وتوجيهات.
ومن هنا ال بد من ضرورة وضع قانون خاص بالصفقات العمومية تتوحد بموجبه
جمي ع النص وص القانوني ة المتعلق ة بالمناقص ات العام ة ،تس هيًال لمهم ة الجه ات اإلداري ة
المختصة وضمانة أكيدة لألفراد الراغبين في التعاقد معها ،وكذلك الحال بالنسبة للمزاي دات
-تنص المادة 9من الئحة العقود اإلدارية السابقة الذكر ،أ -تبرم عقود األشغال العامة وعقود التوريد وغيرها من 171
العقد اإلدارية – بصفة عامة – بطريق المناقصة العام ة ،وال يجوز العدول عن المناقصة العام ة إلى طريق آخر من
طرق التعاقد المشار إليها بالمادة الثامنة السابقة الذكر إال بمقتضى يستند إلى أحكام هذه الالئحة.
ب -استثناء مما جاء في الفقرة السابقة يجوز التعاقد بطريق المناقصة المحدودة أو الممارسة في األحوال اآلتية -1 ...
األعمال والتوريدات المحتكر صنعها أو استيرادها ،أو التي ال توجد إال لدى أشخاص أو شركات معينة -2 ،الخدمات
االستشارية - 3 ،غير ذلك من األحوال التي ال تسمح فيها طبيعة العقد أو ظروف إبرامه بإتباع طريقة المناقصة العامة،
ويجري تحديد هذه األحوال بقرار مسّب ب من الجهة المختصة بإصدار قرار الترسية واإلذن بالتعاقد.
ج -يش ترط للتعاق د في األح وال المش ار إليه ا في الفق رة الس ابقة بالنس بة للوح دات اإلداري ة الحص ول على إذن ب إجراء
مناقصة محدودة أو ممارسة من الجهة اإلدارية المختصة بإصدار قرار الترسية واإلذن بالتعاقد ،وأن يدعي للتعاقد عدد
كاف من أدوات التنفيذ ال يقل عن ثالثة.
د -تبرم بطريق المزايدات العامة عقود بيع األشياء التي يستغنى عنها أو التي يتقرر بيعها وفقا للقانون.
98
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
العام ة ،فق د ك انت النص وص القانوني ة الخاص ة بتنظيم المزاي دات مبع ثرة بين ع دد من
اللوائح.
وبتعب ير آخ ر ،ف إن القاع دة العام ة في تعاق د اإلدارة لل بيع واإليج ار ه و اعتماده ا
أس لوب المزاي دة العلني ة العام ة إال إذا نص المش رع على وج وب إتب اع أس لوب أخ ر في
التعاق د له ذه األغ راض ،أي أن إتب اع المزاي دة العام ة في التعاق د ه و مل زم لإلدارة ،وال
يج وز له ا الخ روج علي ه م ا دام المش ِّر ع ق د نص علي ه ،إال إذا وج د نص ق انوني يس مح
باللجوء إلى األساليب األخرى لغرض التعاقد.
أم ا في مص ر ،فلق د نظم المش رع المص ري أحك ام المناقص ات والمزاي دات العام ة
بق انون تنظيم المناقص ات والمزاي دات رقم 89لس نة 1998م ،حيث نص ت على أن يك ون
التعاق د على ش راء المنق والت أو مق اوالت األعم ال أو النق ل أو تلقي الخ دمات والدراس ات
االستشارية واألعمال الفنية عن طريق مناقصات عامة أو ممارسات عامة ويصدر باتباع
أي من الطريقتين قرار من السلطة المختصة وفقًا لظروف وطبيعة التعاقد.172
ونالح ظ أن المش ِّر ع به ذا النص ح دد أنواع ًا معين ة من العق ود يجب بش أنها اتب اع
أس لوب المناقص ة العام ة عن د التعاق د ،ويج وز اس تثناًء وبق رار من اإلدارة التعاق د بطري ق
آخ ر ...وهي المناقص ة المح دودة أو المناقص ة المحلي ة أو الممارس ة المح دودة أو االتف اق
المباشر ،كما ذكر في قانون رقم 89سنة 1998م ،أسلوب المزايدة العامة عندما يكون
موض وع التعاق د ه و بي ع أو إيج ار العق ارات والمنق والت والمش روعات ال تي ليس له ا
الشخص ية االعتباري ة وال تراخيص باالنتف اع أو باس تغالل العق ارات بم ا في ذل ك المنش آت
السياحية والمقاصف.
-نص المادة األولى من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المصري رقم 89لسنة ،1998وهذا ما أكدته المحكمة 172
اإلداري ة العلي ا ،حيث ذهبت إلى أن "كمب دأ أص يل يك ون تعاق د اإلدارة س طرين لمناقص ة واألخ ذ بأس لوب الممارس ة ال
يكون إال في حاالت معينة أوفي أضيق الحدود ،طبقا لألوضاع والشروط المرسومة قانونا...وذلك أن المناقصة تحقق
ضمانات أكثر للمصلحة العامة" .حكمها في الطعن رقم 1558سنه 6ق جلسة ،1962-11-24سبق اإلشارة إليه في
هامش ص.13 :
99
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وك ان المش ِّر ع المص ري موفق ًا في إيج اد ه ذا التحدي د ال ذي يتب نى في ش أنها أس لوب
المناقصة أو المزايدة العامة ،والغاية من ذلك ال يعطي لإلدارة السلطة التقديرية في اختيار
أي من الص فقات العمومي ة ال تي س يعتمد في إبرامه ا على ه ذا األس لوب ألنه ا ت ؤدي إلى
التض ارب في اختي ارات اإلدارة ال تي س يكون قراره ا مبني ًا بش كل أس اس على األش خاص
متخ ذي الق رار ،وبالت الي يك ون ُع رَض ة للتغ ير كلم ا تغّي ر األش خاص المس ئولون عن ه ذا
الموضوع ،وتكون النتيجة االرتباك في عمل اإلدارة وعدم استقرارها.
وبالرجوع إلى اتجاه المش ِّر ع الليبي جاء مختلف ًا عن التشريعات المقارنة ،فلم يجعل
من المزاي دة العام ة األص ل الع ام في أس اليب تعاق د اإلدارة ،ولم ي أت بنفس التحدي د ال ذي
نص علي ه المش رع المص ري .ه ذا م ا يخص المزاي دة العام ة ،أم ا فيم ا يتعل ق بالمناقص ات
العامة فوجدنا أن المشرع الليبي ذكر أسلوب المناقصة العامة من ضمن األساليب للتعاقد
مع اإلدارة ،لغرض إنجاز أعمال ومشاريع خطط التنمية.
مع أن المشِّر ع أورد المناقصات العامة من أبرز الوسائل التي تلجأ إليها في تنفيذها
أعمالها والحصول على السلع والخدمات باعتماد أسلوب العمومية والعالنية والمنافسة ،إال
أننا لم نلمس نصًا تشريعيًا يعطي األفضلية للمناقصة العامة على األساليب األخرى.
أما في خصوص بيع وإ يجار أموال الدولة بشأن المزايدة العامة التي جعلها األصل
الع ام للتعاق د م ع األش خاص ،وك ان األج در بالمش رع أن يواص ل نهج ه في تمي يز أس لوب
المناقصات والمزايدات العامة خصوصا وأن كاًّل منهما ال يختلف في أهدافه وإ جراءاته و
امتيازاته عن اآلخر.
100
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-ماجد راغب الحلو ،العقود اإلدارية والتحكيم ،دار جامعة االسكندرية ،سنة 2002م ،ص.63 – 62 : 173
-د .عبد الرؤوف جابر ،النظرية العامة في إجراءات المناقصات والعقود ،مرجع سابق.ص165 174
101
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وتعتم د على اإلرس اء التلق ائي على الس عر األق ل ،ولكن المنافس ة فيه ا تك ون مقي دة
بحيث ال ي دخلها إال المرش حون ال ذين اخت ارتهم اإلدارة نظ رًا لكف اءتهم الفني ة والمالي ة في
موضوع التعاقد ،وذلك ال بد محل العقد يكون ذا طبيعة تقنية خاصة.175
كما أجاز القانون لإلدارة وضع شروط معينة يجب توافرها في المتقدمين بالعطاءات
كم ا أج از له ا أحيان ًا ال ذهاب إلى أبع د من ذل ك بقص ر المناقض ة على األش خاص ال ذين
تختارهم اإلدارة مقدمًا ،وتدوين أسمائهم في قوائم معدة لهذا الغرض .وليس القصد من
176
-الصيروفي محمد ،إدارة الموارد البشرية ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،سنة ، 2007ص49 176
-د .حمد محمد الشلماني ،امتيازات السلطة العامة في العقد اإلداري ،مرجع السابق ،ص .65 177
-د .عادل السعيد أبو الخير ،القانون اإلداري ،بال دار نشر ،سنة ،.2008ص .638 179
102
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المقاولين في القائمة ،وبعد شرائه وثائق المناقصة فعًال شطب اسمه من القائمة طالما كان
بضرر ما. 180
هذا الشطب يستهدف المصلحة العامة
ومن مميزات أسلوب المناقصة المحدودة ،أن اإلدارة تقوم بدعوة المناقصين بإرسال
الدعوة إليهم بالبريد المسجل أو بالتسليم المباشر ،وذلك بسبب معرفة اإلدارة بهذه الجهات
حكومية أو مكاتب استشارية أو منظمات دولية.181
والمناقص ات المح دودة وإ ن ك ان اللج وء إليه ا بمثاب ة اس تثناء من أص ل ع ام يقتض ي
األخذ بأسلوب المناقصة العامة في التعاقد اإلداري ،إال أنها تشكل تطويرًا للمناقصة العامة
تستطيع اإلدارة من خالله اختيار مرشحيها ممن ترى كفاءتهم الفنية للتعاقد معها.182
وال يتطلب أس لوب المناقص ة المح دودة اإلعالن عن ه ،ذل ك لم ا ي ترتب على ه ذا
اإلعالن من حص ول اإلدارة على أع داد كب يرة من الع روض الغ ير ص الحة ،وال تي تص در
من أش خاص ال يحمل ون الق درة الجدي ة على التنفي ذ ،ل ذلك توج ه ال دعوة إلى الجه ات
المعروف ة بخبراته ا لض مان الحص ول على ع روض جي دة وبق درة مالي ة كب يرة على التنفي ذ
الكفء.
و ج دير بالمالحظ ة أن ه ليس هن اك م ا يمن ع اإلعالن في الجري دة الرس مية في طلب
الش ركات واألف راد كب ديل على البري د المس جل ،إال إذا تعل ق موض وع المناقص ة بمش روع
يراد السرية في إنجازه.
ل ذلك نالح ظ أن اإلدارة عن د اعتماده ا أس لوب المناقص ة المح ددة ملزم ة بإع داد
سجالت عامة تقيد فيها األفراد والشركات والمكاتب االستشارية التي تقرر التعامل معها،
وس جالت من اظرة له ا تقي د فيه ا اإلدارة األف راد والش ركات الممن وعين من التعام ل م ع
-د .عبد الفتاح حسن ،مبادئ القانون اإلداري الكويتي ،دار النهضة العربية ،بدون سنة نشر ،ص .472 180
103
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
اإلدارة ،وتتض من ه ذه الس جالت كاف ة المعلوم ات والبيان ات الض رورية عن طبيع ة نش اط
تلك الجهات.183
ونخلص مم ا س بق إلى أن أس لوب المناقص ة المح دودة في التعاق د ه و أيض ًا يش مل
ح االت مح دودة من تعاق دات اإلدارة ،وهي ح االت ك ون اإلنش اءات أو الس لع المطل وب
التعاقد بخصوصها غير متوفرة بسبب طبيعتها المعقدة ،أو لحاجتها للتخصص الدقيق غير
المت وفر إال ل دى ع دد مح دود من األش خاص والجه ات ،فهن ا توج ه ال دعوة إلى المق اولين
والش ركات ال تي تحم ل المزاي ا من االختص اص والق درة ذات الكف اءة على اإلنج از الجي د،
على أن تكون هناك منافسة فعال ة بين الجهات الحاملة لتلك المزايا وتل تزم اإلدارة بمقابل
ذلك بالموضوعية في اختيار األنسب منها .184ولقد أخذ كل من التشريع الليبي والمصري
بالمناقصة المحدودة ففي ليبيا نجد أن هدا النوع من المناقصات قد نظمته الئحة الصفقات
العمومية في نص المادة 8السابقة الذكر.
ومن المالح ظ أن ه ذا الن وع من المناقص ات تلج أ إلي ه اإلدارة في ح االت الض رورة
واالعتبارات تعود إلى طبيعة المشروعات والتي تطلب قدرا كافيا من الخبرة والكفاءة كما
أن المش ِّر ع في ليبي ا اعتبره ا خروج ًا عن القاع دة ،ونص في الفق رة الثاني ة من الم ادة 11
على الحاالت التي يجوز فيها اعتماد طريقة المناقصة المحدودة وهي:
ا .المشروعات اإلنتاجية واالستثمارية.
ب .تق ديم الخ دمات الفني ة كاختي ار المك اتب االستش ارية ومك اتب التف تيش والمس اعدة
الفنية لتشغيل المشروعات.
ج .األعم ال والتوري دات المحتك ر ص نعها أو اس تيرادها أو ال تي ال توج د إال ل دى
أشخاص أو شركات معينة.
-د عبد الفتاح حسن ،مبادئ القانون اإلداري الكويتي ،مرجع سابق ،ص .71 183
104
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
د .غ ير ذل ك من األح وال ال تي ال تس مح طبيع ة العق د اتب اع طريق ة المناقص ة العام ة
ويجري تحديد هذه األحوال بقرار من اللجنة الشعبية العامة بناء على طلب الجهة طالبة
التعاقد.
أم ا في مص ر ،فق د نص المش ِّر ع المص ري في ق انون تنظيم المناقص ات والمزاي دات
رقم 89لسنة 1998على أن "يكون التعاقد لطريق المناقصة المحدودة في الحاالت التي
تتطلب طبيعتها قصر االشتراك على موردين أو مقاولين أو استشاريين أو فنيين أو خبراء
ب ذواتهم ،س واء في مص ر أو في الخ ارج على أن تت وافر في ش أنهم ش روط الكفاي ة الفني ة
والمالية وحسن السمعة.185
وب ذلك نخلص إلى أن كال المناقص تين المح دودة أو العام ة تتفق ان على أن اإلرس اء
يك ون ألق ل عط اء مق دم من قب ل المتعاق دين و يتش ابهان ك ذلك في أن الم وردين والمق اولين
يتقدمون بعطاءاتهم في مظاريف مغلقة يتم فتحها والبث فيها وفق ًا لألحكام المعمول بها في
المناقصة العامة.
ثانيا -المناقصة المحلية:
من األس اليب المعتم دة من قب ل اإلدارة الختي ار المتعاق د معه ا ه و أس لوب المناقص ة
المحلي ة وال تي يقتص ر االش تراك فيه ا بتق ديم العط اءات على األف راد والش ركات المحلي ة
المقي دة أس ماؤهم ل دى اإلدارة ،في قائم ة ق د تم إع دادها له ذا الغ رض ويك ون االش تراك
محصورا عليهم فقط.
والغاية من ذلك في إيجاد المناقصات المحلية هي وجود بعض األفراد أو الشركات
المحلية التي لديها اإلمكانيات الفنية والكفاءة والقدرة المالية إلنجاز المشاريع التي تحتاج
إليه ا اإلدارة والمناقص ة المحلي ة ن وع من المناقص ات المح دودة ،حيث ينص التحدي د على
حدودها الجغرافية وأفراد محددين.
-المادة 3من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات العامة رقم 89لسنة .1998 185
105
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ففي مص ر نص ق انون المناقص ات والمزاي دات المص ري في الم ادة 4من ه ،على أن
يكون التعاقد بطريق المناقصة المحلية فيما ال تزيد قيمته على مائتي ألف جنيه ،ويقتصر
االشتراك فيها على الموردين والمق اولين المحليين الذين يقع نش اطهم في نط اق المحافظة
التي يتم بدائرتها تنفيذ التعاقد.186
أما في ليبيا فنجد أن الالئحة التي تنظم الصفقات العمومية الليبية النافذة قد أغفلت
أس لوب المناقص ة المحلي ة ،وال نج د مانع ًا من األخ ذ به ذا األس لوب خصوص ًا إذا ك انت
هناك جهات إدارية في المحافظات أو األقاليم تحتاج إلى إنجاز مشاريع معينة أو خدمات
فنية يمكن الحصول عليها مباشرة من بعض األفراد أو الشركات المحلية المتواجدة داخل
تلك المحافظة أو تلك األقاليم وبالكفاءة والجودة المطلوبة.
وبالت الي وجب على اإلدارة أن تع د قائم ة بأس ماء ه ؤالء األش خاص ح تى يس هل
الرج وع إليه ا كلم ا تطلبت الض رورة ،خصوص ا أن ه ذا األس لوب ي وفر ال وقت والجه د
والمصروفات التي تحتاج إليها المناقصات العامة ،لذلك كان حري ًا بالمش ِّر ع الليبي األخذ
به ذا األس لوب كوس يلة من وس ائل إب رام الص فقات العمومي ة في ليبي ا ،وخاص ة إذا تعل ق
األمر بالمناقصات الصغيرة عادة.
وهنا وجب علينا إيضاح أوجه االختالف بين المناقصة المحلية والمناقصة المحدودة،
حيث تختلف المناقصة المحلية عن المناقصة المحدودة في كل من.
قيمة المناقصة المحلية محددة بقيمة مالية ال تزيد عن مائتي ألف جنيه ،أما .1
المناقصة المحدودة فليس لها حدود مالية.
تختلف المناقصة المحلية من حيث المدة المحددة التي تترك للمتقدم للمناقصة .2
وهي عش رة أي ام على األق ل قب ل الموع د المح دد لفتح المظ اريف الفني ة ،وفي حال ة
االس تعجال ترس ل ال دعوة قب ل الموع د المح دد بثم ان وأربعين س اعة .أم ا المناقص ة
.المادة 4من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات العامة رقم 89لسنة .1998 186
106
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المح دودة ف إن الف ترة ال تي ت ترك المناقص ة هي خمس ة عش ر يوم ًا على األق ل ،وال
يجوز االنتقاص منها بأي حال من األحوال.
المناقصة المحلية يقتصر االشتراك فيها على الموردين والمقاولين المحليين .3
ال ذين يق ع نش اطهم في نط اق المحافظ ة ال تي ب دائرتها تنفي ذ العق د ،أي على أس اس
إقليمي أو جغ رافي ،أم ا المناقص ة المح دودة فيتم اختي ار المتن اقص على أس اس
مهني.
107
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .ف اروق أحم د خم اس و د .محم د عب د اهلل ال دليمي ،الوج يز في النظري ة العم ة للعق ود اإلداري ة ،دار الكتب 187
المرحلة الثانية :دع وة مق دمي العط اءات ال ذين قبلت عط اءاتهم وف ق مع ايير التأهي ل
في المرحل ة األولى لتق ديم عط اءاتهم المالي ة على أس اس وث ائق المناقص ة المعدل ة ،ووفق ًا
188
للشروط التي تضعها جهة التعاقد.
ولكل ما سبق ،وجب هنا عرض أوجه االختالف وأوجه الشبه بين المناقصة العامة
والمناقصة على مرحلتين.
أوال -أوج ه الش به :تتمث ل أوج ه الش به بينهم ا في أن اإلعالن عنهم ا يتم بطريق ة
واح دة ،كم ا حري ة ال دخول مكفول ة في كلتيهم ا ،ويخض ع ك ل منهم ا إلى ذات اإلج راءات
الخاصة بتقييم العطاءات والمقارنة بينهما وتحديد العطاء الفائز ،وكل منهما يخضع لنفس
أحكام المناقصات العامة ويحق للجهة المشترية أن ترفض االقتراحات بالعطاءات لألس باب
189
ذاتها التي ترفض بها العطاءات المقدمة في المناقصة العامة.
ثاني ا -أوج ه االختالف :وج ه االختالف يظه ر في مرحل ة التق دم بالعط اء ،ففي
المناقص ة على مرحل تين ال يتق دم المن اقص بس عر معين لعطائ ه ،لكن في المناقص ة العام ة
يس تبعد العط اء إذا لم يكن الس عر مح ددًا بطريق ة واض حة ،كم ا يحظ ر اليونس ترال في
المناقصات العامة أي نوع من المفاوضات بين الجهة المشترية وبين مقدمي العطاءات من
190
المقاولين والموردين ،ويجيز ذلك في المناقصة على مرحلتين.
109
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب الثاني
فحص العطاءات و إرساء المزاد والمناقصة
إن نظ ام اإلرس اء بالمناقص ة يق وم على مب دأ أساس ي وه و اإلرس اء على أفض ل مق دم
عطاء الذي يقدم أفضل سعر وأفضل الشروط ،وهذا المبدأ هو ما يعرف بإلية المناقصة
العام ة ألن ه دف اإلدارة الرئيس ي من التعاق د في ه ذه الحال ة المص لحة العام ة ومن ثم
ف اإلدارة ال تمل ك س لطة تقديري ة في اختي ار المتعاق د فاإلرس اء على مق دمي العط اءات دون
مراعاة قواعد اإلرساء التي نظمها القانون يؤدي إلى تعارض سلطة اإلدارة التقديرية مع
وهذه المبادئ تضفي على المناقصة طابعا يمثل 191
المبادئ العامة التي تحكم المناقصات،
ض مانة لمص الح اإلدارة المالي ة ،وان ك انت اإلدارة بنفس ال وقت تمل ك س لطة تقديري ة في
رفض العطاء نهائيا ،هناك ثمة اعتبارات أحدثت تطورا ملموسا في آلية المناقصة العامة،
فلم يعد األمر يقتصر على فكرة اإلسناد أو اإلرساء بمقتضى السعر األقل ،ولم يعد األمر
192
يقتصر على تفضيل العطاء األقل سعرًا بل األفضل شروطًا واألجود فنيًا.
كما أنه ثبت في أحيان كثيرة أن إهمال الجوانب الفنية في اإلرساء يؤدي إلى أضرار
بالغة بمصلحة اإلدارة نفسها لذلك سنبحث هذا المطلب بفرعين :الفرع األول :إجراءات
التعاقد ،والفرع الثاني :اعتماد المناقصة وإ برام العقد.
الفرع األول :إجراءات التعاقد.
في ليبيا أخذت لوائح الصفقات العمومية .193مما ذهب إليه المش ِّر ع الفرنسي حينما
قرر تشكيل لجنة واحدة تختص بفتح المظاريف والبث في المناقصة العامة بإرسائها على
العط اء األق ل س عرا واألنس ب ش روطًا وس ماها لجن ة العط اءات ،194على خالف م ا ذهب
إلي ه المش رع المص ري حيث أوجب ض رورة تش كيل لجن تين للبث في المناقص ة األولى
.د منصور محمد احمد ،مرجع سابق ،ص 311 191
-من المالحظ أن العقود اإلدارية في ليبيا تنظم بلوائح يطلق عليها لوائح العقود اإلدارية تصدرها السلطة التنفيذية 193
ولم يصدر أي قانون ينظمها صادر عن السلطة التشريعية كما هو الحال في معظم دول العالم .
110
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
تختص بفتح المظ اريف والثاني ة تختص ب البث في المناقص ة ،وذل ك طبق ا للم ادة 12من
195
القانون رقم 89لسنة 1998بشأن المناقصات والمزايدات والئحته التنفيذية.
وبه ذا نج د أن الم واد من 64- 33من الئح ة الص فقات العمومي ة الناف ذة تنظم
الش روط العام ة لتق ديم العط اءات ال تي يتعين على الراغ بين في االش تراك في المناقص ة
المعلن عنها احترامها ويمكن إجمال هذه الشروط فيما يلي:
أ -على مقدم العطاء عند إعداده لقائمة األسعار أن يراعي ما يلي:
.1تحدد األسعار بالعملة الليبية وبشكل واضح ،وذلك أما بمقطوع إجمالي العقد
كله أو على أساس سعر لوحدة أو الفئة مضروبًا في عدد الوحدات المطلوبة أو في
الكمية الوارد بيانها في قوائم الكميات أو المقايسة على النحو الذي حدد في اإلعالن
عن المناقص ة على أن ه يج وز في حال ة التعاق د م ع ش ركات أو منش آت أجنبي ة أن
تكتب األس عار إلى ج انب العمل ة الليبي ة بعمل ة أجنبي ة وفي ه ذه الحال ة تك ون الع برة
في المناقص ة بس عر الص رف له ا في ي وم تق ديم الع روض بالنس بة للتعاق د بطري ق
الممارسة و التكليف المباشر.196
تحدي د جمي ع األس عار على أس اس قاع دة واح دة يمكن معه ا إج راء مقارن ة .2
سليمة وعادل ة ،ويجب أن يع د الحساب الخت امي وفق ا لألسعار الفئ ات المتفق عليها
بص رف النظ ر عن أي ة زي ادة أو نقص في أس عار الس وق أو أس عار العمل ة أو
التعريفة الجمركية أو الضرائب أو الرسوم األخرى.
.3شمول السعر لغرض المقارنة لثمن التوريدات ،ومصاريف النقل والشحن،
والتعبئ ة والتغلي ف ،والتفري غ ،والت أمين على البض اعة ،وتك اليف تس ليمها للجه ة
المتعاق دة ،والمحافظ ة عليه ا أثن اء م دة الض مان ،وك ل م ا يتحمل ه مق دم العط اء من
.د ،سالمة اله ادي الغري اني ،أس اليب التعاقد اإلداري ،دراسة مقارنة ،رسالة دكتوراه ،جامعة عين شمس ،سنة 194
2014ص 70
المادة 12من القانون رقم 89لسنة 1998بشأن المناقصات والمزايدات المصرية 195
111
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
د .محمد علي محمد ، ،عقد امتياز المرفق العام ،مرجع سابق 200 199
112
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
في مناقص ات التوري د إذا اغف ل متق دم العط اء تحدي د س عر ص نف من .8
األصناف المكتوب توريدها في قائمة األسعار المقدمة منه فيعتبر ذلك امتناع ًا عن
201
الدخول في المناقصة بالنسبة لهذا الصنف.
في مناقص ات األش غال العام ة إذا اغف ل مق دم العط اء تحدي د الس عر المتعل ق .9
ب أي بن د من البن ود فللجن ة العط اءات أن تض ع للبن د ال ذي أغفل ه مق دم العط اء أعلى
س عر ،وض ع ل ذلك في العط اءات األخ رى المقدم ة وذل ك للمقارن ة بين عطائ ه وبين
س ائر العط اءات األخ رى المقدم ة م ع ع دم اإلخالل بح ق اللجن ة في اس تبعاد
202
العطاء.
على لجن ة العط اءات أن تراج ع األس عار المقدم ة في العط اءات س واء من .10
حيث مفرداته ا أو مجموعه ا ،وله ا إج راء التص حيحات المادي ة إذا اقتض ى األم ر،
وذل ك للمقارن ة بينه ا وبين أس عار الس وق واألس عار ال واردة بالتق ديرات الس ابق
وتنص الم ادة 34من الالئح ة رقم 563 203
إع دادها قب ل اإلعالن عن المناقص ة،
لسنة 2007على «يكتب العطاء على نموذج العطاءات المختوم بخاتم الجه ة طالبة
التعاقد والمؤشر عليه برقم إيصال تحصيل الثمن وتاريخه وجدول الفئات المرفق
ب ه ويوق ع العط اء من ص احبه دون أي ة ص ورة من ص ور الوكال ة وبوض ع داخ ل
مظ روف يغل ق ويختم بالش مع األحم ر ثم يوض ع ه ذا المظ روف في مظ روف أخ ر
ويكتب على المظ روف ال داخلي عب ارة عط اء عن ...الجلس ة ...وعن وان لجن ة
العطاءات المختصة ،وعلى المظروف الخارجي اسم الجهة اإلدارية طالبة التعاقد
مع ذكر عبارة بداخله عطاء عن ...الجلسة ...وترسل العطاءات بالبريد المسجل
كم ا يج وز وض عها في الص ندوق المخص ص للعط اءات ،ف إذا تم تس ليمها إلى قس م
د ،محمد علي محمد ،عقد امتياز المرفق العام ،مرجع سابق 200 203
113
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المحفوظ ات بالجه ة طالب ة التعاق د وجب إعط اء إيص ال يثبت ت اريخ االس تالم
204
وساعته».
و على كل من يقدم عطاء لمقاولة أشغال عامة أن يقدم في كتيب مستقل وفق نص
المادة " "35من الالئحة يرفق بالعطاء ،بيانًا بشأن خبرته الفنية السابقة في األعمال المماثلة
ونوعه ا وقيمته ا وتاريخه ا ،وذل ك م تى ك ان قد ق ام به ذه األعم ال لص الح جه ات عام ة في
ليبيا فإذا لم يكن قد سبق له القيام بمثل هذه األعمال فعليه أن يقدم ما يثبت قيامه بأعمال
ش بيهه لت ك المطروح ة في المناقص ة م ع بي ان مواقعه ا وت واريخ اتمامه ا و علي ه تق ديم
التسهيالت الالزمة لتمكين تكليفهم لجنة العطاءات المختصة من االطالع على تلك األعمال
ومعاينتها وعلى مقدم العطاء أيضًا أن يرفق بعطائه برنامجًا مبدئيًا إلدارة وتنفي ذ المش روع
بمراعاة نص المادة " "111من هذه الالئحة.205
المشروع والذي كان قدم برنامج ًا مبدئيًا له وفق أحكام المادة " "35من هذه الالئحة ويجب أن يشتمل البرنامج على ما
يلي:
....وبرنامج إعداد الرسومات التفصيلية. ا.
المشتريات وبرنامج التفتيش والجودة. ب.
مخطط موقع العمل والمخازن. ج.
منظومة مراقبة وتابعة األعمال. د.
كشف بإعداد وتخصصات القوى العاملة التي سيستخدمها في إنجاز األعمال وبرنامج تشغيلها وقائمة بالمعدات ه.
واآلليات والتجهيزات األساسية التي سيستخدمها في إنجاز األعمال وبرامج تشغيلها.
برنامج إعداد المستندات والرسومات حسب المنفد. و.
برنامج إعداد المستندات وأدلة التشغيل والصيانة الخاصة بالمشروع. ز.
برنامج إجراءات الصحة والسالمة خالل كافة مراحل المشروع. ح.
تق ييم األث ر البي ئي ،ويتن اول ت أثير أعم ال التنفي ذ على البيئ ة المحيط ة "الترب ة ،اله واء ،الم اء .ومس توى ط.
الضوضاء ...إلخ .واقترح الحلول لمنع حدوث هذا األثر أو تخفيفه على البيئة المحيطة.
تقييم األثر المروري ،ويتناول المقترحات لكيفية معالجة تأثير حركة اآلليات الثقيلة والمعدات واألعمال التي ي.
يقوم بتنفيذها على حركة المرور".
114
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ويجب إرفاق بيان بأسماء األشخاص المصرح لهم بالتعاقد نيابة عن مقدم العطاء
وم دة ه ذا التص ريح وح دوده وأس ماء المس ؤولين مباش رة عن تنفي ذ ش روط العق د وإ عط اء
المخالصات وتوقيع اإليصاالت ونماذج من توقيعاتهم على صورة العقد والتوكيل على أن
يك ون ك ل ذل ك في مس تندات موثق ة من الجه ات المختص ة في بل د مق دم العط اء األجن بي
ومصدق عليها وفق القانون.
ويجب عدم االعتداد بالعطاءات المقدمة بعد الميعاد وأحوال مدته فنصت المادة ""38
من الالئحة على «يجب أن يصل العطاء في الميعاد المحدد باإلعالن وال يعتد بالعطاءات
المقدمة بعد هذا الميعاد أيا كانت األسباب .وإ ذا صادف آخر يوم في ميعاد تق ديم العط اءات
عطل ة رس مية امت د الميع اد إلى الموع د نفس ه من الي وم ال ذي يلي ه ذه العطل ة .وم ع ذل ك
يجوز للجنة العطاءات أن تص در قبل انتهاء الميع اد أو بعد انتهائه قرار مسببا غير ذلك
الميعاد ألحد األسباب اآلتية:
إذا كان عدد العطاءات المقدمة قليل في ضوء أهمية المشروع حسب تقدير .1
اللجنة.
إذا طلبت مد الميعاد أغلبية الشركات أو المنشآت التي دعيت للمناقصة. .2
إذا استجدت ظروف تتعلق بالمشروع تحتم مد الميعاد. .3
في جمي ع األح وال يجب أن يص در ق رار الم د قب ل الب دء في فتح المظ اريف .4
وأن يح دد الق رار الم دة اإلض افية الجدي دة وأن يعلن عن م د الميع اد بنفس الوس يلة
التي أعلن بها عن العطاء))206.
و يبقى العط اء ملزم ًا لمقدم ه طبق ا لنص الم ادة 39من نفس الالئح ة " يبقى العط اء
ملزما لمقدمة حتى نهاية المدة المحددة لسريان العطاءات وذلك بصرف النظر عن ميعاد
207
استالمه في لجنة العطاءات أو الجهة طالبة التعاقد "
المادة 38من الئحة العقود اإلدارية رقم 563لسنة 2007م 206
115
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
و أن يرف ق م ع العط اء األمين االبت دائي أو الم ؤقت وال يلتفت إلى العط اءات غ ير
المصحوبة بهذا التأمين في الكثير من التشريعات وبعضها يستعيض عنه بخطاب ضمان
وقد بينت المادة " 40من الئحة الصفقات العمومية في ليبيا انه(( يجب أن يكون العطاء
مص حوبا بت أمين ابت دائي مبل غ ه ذا الت أمين (( )0:5%نص ف في المائ ة) من قيم ة العط اء
ويجوز أن يكون التامين في صورة مبلغ ًا مقطوع ًا يحدد في اإلعالن كما أجازت أن يقدم
التأمين بصك مصدق عليه من أحد المصارف العامة في ليبيا أو خطاب ضمان على أن ال
يقل التأمين بخطاب ضمان فيما تقل قيمته عن عشرين دينارًا ،وهذا الشرط يضمن جدية
التقدم للمناقصة وهو من الشروط األساسية للنظر في العطاء ،ومع ذلك يجوز لمقتضيات
المص لحة العام ة وبموافق ة الجه ة طالب ه التعاق د النظ ر في العط اء غ ير المص حوبة بت أمين
ابت دائي إذا م ا ق دم ص احب العط اء إش عار من المص رف بمباش رته إج راءات إص دار
208
التأمين)).
كما تضمن المادة 41كيفية أداء التأمين االبتدائي بخطاب ضمان وش روطه حيث
نص على أن ه(( إذا ك ان الت أمين بخط اب ض مان وجب أن يك وم ه ذا الخط اب ص ادرًا من
أحد المصارف التجارية العاملة بليبيا وأن يكون مصدقًا منها أن يكون غير مقترن بأي قيد
أو شروط وغير قابل لإللغاء وأن يقر فيه المصرف أنه يضع تحت تصرف الجهة طالبة
التعاق د مبلغ ًا يس اوي قيم ة الت أمين االبت دائي ،وأن ه يل تزم ب أداء ه ذا المبل غ بالكام ل إلى ه ذه
الجه ة عن د أول طلب من جانبه ا دون الحاج ة إلى إن ذار أو مطالب ة قض ائية ،أو اتخ اذ أي ة
إج راءات أخ رى أو إثب ات ض رر دون التف ات إلى أي اع تراض يتق دم ب ه ص احب العط اء
أوغيره إلى المصرف أو الى الجهة طالبة التعاقد))209.
كم ا يجب أن تت وفر كاف ة الش روط المبين ة في الفق رة الس ابقة في خطاب ات الض مان
المصدق عليها والمشار إليها تلك الفقرة.
المادة 40من الئحة العقود اإلدارية رقم 563لسنة 2007م 208
116
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ويجب أال تقل مدة سريان مدة خطاب الضمان عن ثالثين يوم ًا بعد انتهاء المدة
المحددة لسريان العطاء.
ويس قط ح ق مق دم الطلب بمبل غ الت أمين االبت دائي إذا س حب عط اءه قب ل ميع اد فتح
المظاريف دون الحاجة إلى أعذار طبقًا لزمن المادة .21042
وإ ذا لم يكن مقدم العطاء قد قدم مبلغ التأمين وجب أن يقدمه لها وتلتزم جهة اإلدارة
ب رد الت أمين إلى مقدم ه إذا انقض ت م دة س ريان العط اء ولم يبت في ه أو إذا ع دلت اإلدارة
عن إتم ام العق د وفي ذل ك ق ررت المحكم ة العلي ا في 9/6/1985ذل ك في قوله ا( :أن ه إذا
ك ان من ح ق جه ة اإلدارة الع دول عن إتم ام التعاق د ل دواعي المص لحة العام ة ال تي تمل ك
سلطة تقديرها فإنه عليه أعادة خطاب الضمان إلى من قدمه إليها بمجرد عدولها عن إتمام
التعاقد مما يعد معه االحتفاظ به بعد ذلك برغم مطالبة صاحب الشأن برده خطأ من جانبها
موجبًا تعويض ما يترتب على ذلك من ضرر.211
أوال -استالم العطاءات :
ق د نظمت الم ادة 43طريق ة اس تالم العط اءات حيث نص ت على أن (يس تلم ويس جل
أمين س ر اللجن ة العط اءات ال تي ت رد إلى لجن ة العط اءات في مظ اريف مغلف ة ومختوم ة
إذا س حب مقدم العط اء عط اءه قب ل الميع اد المعين لفتح المظ اريف يص بح الت أمين االبت دائي ملك ًا للجه ة طالب ة ا.
لتعاق د وذل ك دون حاج ة إلى إن ذار أو التج اء إلى القض اء أو اتخ اذ أي ة إج راءات أخ رى أو إقام ة ال دليل على
حدوث ض
إذا لم يكن مق دم العط اء ق د أدى ه ذا الت أمين عمًال ب الفقرة (د) من الم ادة " "40من ه ذه الالئح ة فص يلة أداؤه ب.
وعلى الجهة طالبة التعاقد مطالبته بذلك.
إذا انقضت مدة سريان العطاء حاز المقدمة استيراد التأمين االبتدائي وفي هذه الحالة يسقط عطاءه. ج.
على أنه إذا انقضت مدة سريان العطاء دون أن يطلب مقدمه استرداد التأمين االبتدائي اعتبر ذلك قبوًال منه د.
الستمرار االرتباط بعطائه على أن يجدد مدة سريان خطاب الضمان إلى أن يخطر الجهة طالبة التعاقد بس حب
التأمين االبتدائي والعدول عن عطائه.
-حكمها في 9/6/1985طعن إداري .8/29م.م.ع السنة الثالثة والعشرون العددان الثالث والرابع .1986ص.1 211
117
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
بالش مع األحم ر ،و يحفظه ا في خزان ة خاص ة ل ذلك إلى حين موع د فتح المظ اريف ويق وم
بتس ليم إيص ال اس تالم عنه ا المق دم العط اء مبين ًا في ه البيان ات األساس ية من بينه ا ع دد
المظاريف المستلمة وتاريخ االستالم واسم المستلم وصفته واسم المسلم وصفته).
ثانيا -فتح المظاريف ودراسة العطاءات .
على خالف األم ر في مص ر وكم ا س بق الق ول ف إن ل وائح الص فقات العمومي ة في
ليبيا جعلت لجنة واحدة للعطاءات تقوم بقبول طلبات وترسية العطاء على من يكون عطاء
طبقًا لنص المادة " "44يقوم أمين سر لجنة العطاءات بعرض العطاءات عليها خالل الدوام
الرس مي للي وم المح دد لفتح المظ اريف ،وبع د التحق ق من س المة األخت ام تض ع على ك ل
مظ روف يتم فتح ه على العط اء ال وارد بداخل ه رقم ًا على هيئ ة كس ر اعتي ادي بس يط ال رقم
212
المسلسل للعطاء ومقامه في العطاءات المقدمة.
مع إثبات عدد صفحات العطاء ثم يقرأ اسم العطاء وقيمته اإلجمالية بحيث يسمعها
الحاضرون من مقدمي العطاءات أو من ينوب عنهم ويثبت على كل عطاء بالمداد األحمر
قيمته اإلجمالية بالحروف ،وكذلك التأمين االبتدائي المقدم ويوقع رئيس اللجنة وأعضائها
على العط اء ومظروف ه وك ل ورق ة من أوراق ه وت درج ه ذه البيان ات في س جل يع د له ذا
الغرض وتثبت اللجنة بمحضر الجلسة عدد العطاءات المقدمة وبياناتها وتنص المادة 45
((على:
تع د لجن ة العط اءات قائم ة بأس ماء من ق دموا الت أمين االبت دائي ك امًال ومن ا.
قدموه ناقصًا أو غير مستوفي الشروط ومن لم يقدموا تأمينًا ابتدائيًا.
وتس لم التأمين ات إلى أمين س ر اللجن ة ويوق ع باس تالمها على محض ر فتح ب.
213
المظاريف ويقيدها في سجل خاص يعد لهذا الغرض)).
118
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وتنص المادة 46على أن (على رئيس لجنة العطاءات أن يضع دائرة حمراء حول
كل كشط أو تصحيح في العطاء وأن يضع خط ًا ملون ًا أمام كل عمل أو صنف لم يوضع
ل ه س عر وأن يكتب ب الحروف فئ ات األس عار المكتوب ة باألرق ام فق ط ويوق ع رئيس اللجن ة
وأعضاؤها على جميع هذه التأشيرات).214
وعلى لجنة العطاءات وفق المادة ( 47أن تراجع العينات التي يكون قد سبق تقديمها
من مقدمي العطاءات على الكشف الذي ُد ِّو َن به بيان هذه العينات عند ورودها ،وكذلك بعد
التأك د من س المة أختامه ا و أغلفته ا ،وتكتب اللجن ة بيان ًا مفص ًال عن العين ات ال تي وردت
م ع العط اءات ويوق ع رئيس اللجن ة وأعض اؤها على العين ات وتس لم إلى الجه ة
215
المختصة).
كما نصت المادة 48على مراجعة العطاءات قبل تفريغها في قولها.
تراجع العطاءات قبل تفريغها مراجعة حسابية تفصيلية و تصحح أي ة أخط اء ا.
مادية تكشف في أي عطاء ،و يوقع التصحيح من يتولى المراجعة بما يفيد أجراءه
و إذا وجد اختالف بين سعر الوحدة و إجمالي الثمن فيعول على سعر الوحدة ،كما
يعتد بالسعر المبين بالحروف في حالة اختالفه مع السعر المبين باألرقام.
216
ب .يتم تحديد قيمة العطاء وترتيبه بناًء على ما تسفر عنه هذه المراجعة.
كما نصت المادة 49على كيفية مراجعة األسعار ،حيث تقوم لجنة العطاءات بمراجعة
األسعار التي يتض منها ك ل عط اء ومقارنته ا بالتقديرات المالي ة للمشروع سواء من ناحية
بنود األعمال وأصناف التوريدات ،أو مقارنتها بالتقديرات المالية التفصيلية السابق إعدادها
بش أن المش روع ،وعلى اللجن ة أن تسترش د باألس عار الس ابق التعاق د عليه ا ل ذات األعم ال،
أوالتوريدات وأن تتحقق من تناسب األسعار مع تقديرات المشروع ،وإ ذا رأت اللجنة إلغاء
216
119
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المناقص ة الرتف اع األس عار في جمي ع العط اءات المقدم ة فعليه ا أن تثبت في محض رها
اإلجراءات التي اتخذتها للوقوف على أسعار السوق.217
وتنص الم ادة" "50على أن (تراج ع لجن ة العط اء ك ل عط اء من العط اءات المقدم ة
مراجع ة فني ة للتحق ق من مطابقت ه للش روط ،ولمعرف ة م ا ق د يتض منه العط اء من تحفظ ات
أوش روط بديل ة أو اقتراح ات فني ة تغ اير م ا ورد بش روط المناقص ة ،أو تض يف إليه ا أو
تنقص منه ا أو تص ححها أو تع دلها ،ويتم ت رتيب العط اءات فني ا وفق ا لم ا تس فر عن ه ه ذه
المراجعة).218
كما تبين المادة " "51من الالئحة قواعد تفريغ العطاءات في الكشوف ومنها اآلتي.
ا .تكلف لجنة العطاءات من يتولى تحت إشراف رئيسها تفريغ العطاءات على الكشف
المع د ل ذلك من ثالث ص ور على أن ت ودع العط اءات والكش وفات ك ل ي وم عن د انته اء
مواعي د العم ل الرس مية في خزان ة محكم ة اإلغالق إلى حين االنته اء من تفري غ وت دوين
السابقة باألجهزة الفنية في الجهة طالبة التعاقد أو غيرها ولها أن تشكل لذلك لجان ًا
فنية فرعية.
المادة 49من الئحة العقود اإلدارية رقم 563لسنة 2007م 217
120
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ب .على اللجن ة أن تثبت في محاض رها ك ل إج راء اتخذت ه بش أن دراس ة العط اءات
ومراجعته ا وفق ًا ألحك ام الم واد الم ذكورة م ع بي ان وس ائلها في البحث والتح ري والجه ات
التي استعانت بها في ذلك ،كما تثبت نتيجة الفحص الفني أو الكيميائي للعينات في الحاالت
التي تستلزم ذلك فضال عن نتائج الفحص الفني والحسابي والمالي للعطاءات).219
الفرع الثاني :اعتماد المناقصة وإ برام العقد.
إن الس لطة المختص ة باعتم اد نتيج ة المناقص ة تتمت ع بس لطة تقديري ة في ه ذا
المجال ،220فهناك قضاء ثابت لسلطة اإلدارة التقديرية في اعتماد أو عدم اعتماد المناقصة
إال أن ه ال يمكن للس لطة المختص ة باعتم اد المناقص ة إص الح نتيج ة مناقص ة ص حيحة
ومطابقة لإلجراءات ،221ولكن لها سلطة تقديرية واسعة في إبرام العقد أو في العدول عنه
أص اًل بإلغ اء المناقص ة العام ة من أساس ها إذ رأت أن دواعي المص لحة العام ة تقتض ي
وي ترتب على اعتم اد المناقص ة ال ذي يع ني تالقي قب ول اإلدارة بإيج اب المتعاق د 222
ذل ك
المتمثل في عطائه إبرام العقد ،والنتائج المترتبة على هذه الفكرة مهمة تتمثل في:
.1يبرم العاقد بمجرد اعتماد المناقصة.
.2ترتب ط اإلدارة ب دورها تعاق ديا م ع المتعاق د ،وي ترتب على ذل ك أن ه ال يمكن
سحب اعتماد المناقصة.
.3يحدد اعتماد المناقصة تاريخ إبرام العقد وقد يكون الحق ًا العتماد المناقصة،
ولكن اعتم اد المناقص ة ي رتب التزام ًا على الط رفين في إب رام العق د ،وبالت الي ف إن
إب رام العق د ه و اإلج راء األخ ير من إج راءات المناقص ة العام ة ،إذ أن ق رار لجن ة
العطاءات بإرساء المناقصة ليس إال إجراًء تمهيديًا ال يؤدي في حد ذاته إلى إتمام
-د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق .ص .340 222
121
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
العملي ة التعاقدي ة ،223إذًا الب د من إج راء الح ق يتمث ل في اعتم اد الس لطة المختص ة
ال تي تمل ك دون غيره ا إب رام العق د نهائي ًا ويع د قراره ا في ه ذا الش أن ه و القب ول
أما تحرير العقد اإلداري وتوقيعه فان المواد " 80و 81و 82و 224
النهائي للعقد
83و 84و "85من الئح ة الص فقات العمومي ة س ابقة ال ذكر بينت كيفي ة تحري ر
العق د وتوقيع ه وإ ب رام العق د اإلداري ه و اإلج راء األخ ير من إج راءات المناقص ة
العام ة ،إذ أن ق رار لجن ة العط اءات بإرس اء المناقص ة ليس إال إج راًء تمهي ديًا ال
في اعتماد السلطة المختصة التي تملك دون غيرها إبرام العقد نهائي ًا ،ويعد قرارها
في ه ذا الش أن ه و القب ول النه ائي للعق د ،226وعلى الجه ة طالب ة التعاق د وف ق نص
الم ادة " "16من الئح ة الص فقات العمومي ة أن تتأك د من المتعاق د معه ا ب أن يتعه د
بمراع اة أحك ام مقاطع ة الع دو الص هيوني والق رارات الص ادرة بمقتض اه،227وخالل
أس بوع من اعتم اد نتيج ة المناقص ة ،تباش ر الجه ة طالب ة التعاق د إخط ار من رس ت
-د .محمد عبد اهلل حنفي ،أصول القانون اإلداري الجزء األول الطبعة الثالثة المركز القومي للبحوث والدراسات 223
-د .د ،سالمة الهادي الغرياني ،مرجع سابق ،ص 88 225
-المادة 16من الئحة العقود اإلدارية " "563سنة 2007الخاصة بمقاطعة العدو الصهيوني على: 227
على من يتق دم للتعاق د م ع جه ة اإلدارة أن يتعه د بمراع اة أحك ام ق انون مقاطع ة الع دو الص هيوني والق رارات ا.
الصادرة.
يجب أن يضمن كل عقد إداري تعهدًا من جميع األطراف أيًّا كانت جنسياتهم -تنفيذ أحكام المقاطعة. ب.
وفي حالة ثبوت مخالفة التعهدات المشار إليها في الفقرتين السابقتين يكون من حق اإلدارة المتعاقدة أن تلغي ج.
العق د بع د أخط ار المتعاق د بخط اب مس جل م ع ع دم اإلخالل بحقه ا في المطالب ة ب التعويض ،كم ا يك ون للجه ة
اإلدارية المتعاقدة بدًال من إلغاء العقد سحب المشروع ولتنفيذ على حساب المتعاقد إذا اقتضت المصلحة العام ة
ذلك .
122
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
عليه المناقصة وتطلب إليه في هذا اإلخطار إيداع مبلغ التأمين النهائي خالل ثالثين
يوم ًا من اليوم التالي إلخطاره أو إكمال مبلغ التأمين االبتدائي بما يعادل %2من
قيم ة مق اوالت األش غال العام ة و %5من قيم ة م ا رس ا علي ه للمص انع وم ا في
حكمها ،وتحتفظ الجهة المتعاقدة التامين النهائي في عقود األشغال العام ة إلى أن يتم
التس ليم النه ائي وإ لى أن يتم تنفي ذ العق د في الص فقات العمومي ة األخ رى ،ثم ي رد
الت أمين أو م ا تبقى من ه إلى مقدم ه ،وذل ك لض مان التنفي ذ الكام ل للعق د من جه ة
ولضمان حص ول اإلدارة على الجزاءات المالية التي قد تفرض ها على المتعاقد إذا
تقديم التأمين النهائي وتوقيع العقد في المدة المحددة تعمد اإلدارة إلى إلغاء إرساء
المناقص ة وتص ادر الت أمين االبت دائي ،ومن ثم تعي د ط رح الموض وع في مناقص ة
أخرى أو إرساء المناقصة على صاحب العطاء الذي يليه في المرتبة ،كما أجازت
المحكمة العليا في ليبيا لإلدارة أن تتمسك بالعقد وتنفيذه على حساب من رسا عليه
العطاء على أن ال تجمع بين هذا اإلجراء وإ لغاء المناقصة ومصادرة التأمين حيث
العطاء المقبول عن إيداع التأمين النهائي المقرر خالل المدة المحددة يكون للجهة
اإلداري ة المتعاق دة أن تخت ار بين أم رين إم ا إلغ اء العق د ومص ادرة الت أمين الم ؤقت
طبق ا لنص الم ادة " ،"46وإ م ا التمس ك بالعق د وتنفي ذه على حس اب من رس ا علي ه
على عدم التنفيذ ،ولكن ال يجوز لها الجمع بين األمرين في وقت واحد ؛ألن إلغاء
123
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
العقد يعني انحالله وزوال اآلثار المترتبة عليه باعتباره واقعة قانونية ،في حين أن
قيام الجهة اإلدارية المتعاقدة إحالل شخص آخر محل المتعاقد الذي قصر في تنفيذ
التزاماته ال ينهي العقد بالنسبة للمتعاقد المقصر بل يظل قائمًا ومنتجًا ألثاره.228
ومع ذلك فإن إرساء المناقصة ال يعني إلزام اإلدارة بإبرام العقد مع من رسا عليه
العط اء فال يع د ق رار اإلرس اء آخ ر إج راءات التعاق د ،وإ نم ا ه و إج راء تمهي دي ينتهي
بص ورة ق رار باعتم اد اإلرس اء من الجه ة المختص ة ،وتك ون س لطة توقي ع الص فقات
العمومية التي تكون للجنة الشعبية العامة للقطاع -سابقًا -طرف ًا فيها من أمين اللجنة
الش عبية بحس ب األح وال ،ويت ولى أمين اللجن ة الش عبية للهيئ ة العام ة أو المؤسس ة العام ة
القائمة بذاتها ،أو من في حكمها التوقيع نيابة عن هذه الجهة ويجري التوقيع على العقود
طبق ًا لنص الم ادة " "80من الالئح ة وال تي 229
الالئح ة من قب ل من وَّق ع على العقد األص لي
تنص على «ت ولي أمين اللجن ة الش عبية للجه ة المتعاق دة أو من ل ه ص الحياته التوقي ع على
230
العقود أو تمديدها نيابة عنه».
وعلى الجهة طالبة التعاقد التحقيق قبل التوقيع على العقد من شخصية المتعاقد معه و
جنس يته ،وم دى س لطته في إب رام العق د ،وص فته في النياب ة عن الش ركة أو المنش أة ال تي
يتعاقد بنيابة عنها ،وتذكر بمقدمة العقد هذه البيانات وترفق به المستندات المثبت لذلك طبق ًا
لنص المادة " "81من الالئحة والتي تنص على «أن يجب على الجهة المتعاقدة التحقق قبل
-طعن إداري رقم " 10/24في 1980-3-26م.م.ع لسنة السابعة عشر العدد األول أكتوبر 1998م ص.18 228
124
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
التوقيع على العقد من شخصية المتعاقد معه وجنسيته ومدى سلطته في إبرام العقد وسلطته
في النيابة عن الشركة أو المنشاة التي يتعاقد نيابة عنها ،وتذكر بمقدمة العقد هذه البيانات،
وت ذكر في العق د البيان ات المتعلق ة بم وطن المتعاق د ومرك زه الرئيس ي إن ك ان ش ركة
أومنشأة .وعنوانه الذي يمكن مكاتبته عليه في ليبيا ،مع تعهده باإلبالغ عن أي تغيير يط رأ
كما تذكر في العقد البيانات المتعلقة بموطن المتعاقد ومركزه الرئيسي إن ك ان شركة
أو منش أة وعنوان ه ال ذي يمكن مكاتبت ه علي ه م ع تعه ده ب اإلبالغ عن أي تغي ير يط رأ على
ذلك العنوان وإ ال جازت مخاطبته وإ عالنه في العنوان المذكور بالعقد ،وتكون الصفقات
العمومي ة ومالحقه ا مح ررة باللغ ة العربي ة ،ويج وز في ح االت التعاق د م ع ش ركات أو
منشآت أجنبية أن يحرر عقد إلى جانب العقد المحرر باللغة العربية بلغة أجنبية ،ولم يحدد
المشِّر ع لغة معينة من اللغات األجنبية فترك األمر لإلدارة في ذلك فربما يكتب العقد بلغة
الش ركة أو المنش أة المتعاق دة أي ك انت جنس يتها ،ولكن المش ِّر ع اش ترط أن يك ون النص
كما نصت الالئحة على اختصاص القضاء الليبي بالنظر فيما ينشأ من منازعات في
الصفقات العمومية بصفة أساسية231.على اختصاص القضاء الليبي ب النظر في المنازع ات
التي تنشأ عن هذه العقود على أنه إذا اقتضت الضرورة في حاالت التعاقد مع جهات غير
وطني ة وبموافق ة اللجن ة الش عبية العام ة أن ينص في العق د على االلتج اء للتحكيم بمش ارطة
تحكيم خ اص ،ويجب في ه ذه الح االت أن تح دد مش ارطة التحكيم أوج ه ال نزاع ال تي يلج أ
د خالد عبداهلل كرفاش ،مرجع سابق ،ص 130 231
125
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
فيه ا إلى التحكيم وإ جراءات ه وقواع د اختي ار المحكمين بم ا يكف ل للج انب اللي بي فرص ة
متكافئ ة في اختي ارهم وم دى م ا للمحكمين من س لطة واختص اص والج وانب األخ رى
المتطلبة لهذا الغرض ويراعى في كل ذلك عدم االتف اق على التحكيم بواسطة ُم َح ِّك م فرد
ا .ي راعى النص في الص فقات العمومي ة بص فة أساس ية اختص اص القض اء
وطني ة وبموافق ة اللجن ة الش عبية العام ة – أن ينص في العق د على االلتج اء للتحكيم
بمش ارطة تحكيم خاص ة ويجب في ه ذه الح االت أن تح دد مش ارطة التحكيم أوج ه
ال نزاع ال تي يلج أ فيه ا إلى التحكيم وإ جراءات ه وقواع د اختي ار المحكمين بم ا يكف ل
للج انب اللي بي فرص ة متكافئ ة في اختي ارهم وتحدي د م دى م ا المحكمين من س لطة
ج .وعلى الجهة اإلدارية المتعاقدة مسؤولية مراجعة هذه الملحقات قبل التوقيع
على العق د والتحق ق من مطابق ة محتويات ه لنص وص العق د وش روطه وألحك ام ه ذه
الالئح ة وعلى الجه ة اإلداري ة المتعاق دة التث بيت من أن نص وص العق د وبن ود
وش روطه وملحقات ه تط ابق م ا أقرت ه بص فة نهائي ة الجه ة المختص ة بإص دار اإلذن
126
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
يتعين تحري ر العق د بطريق ة تح دد موض وع التعاق د واألس عار م دى التنفي ذ .وس ائر
الشروط والحقوق وااللتزامات المالية والفنية وغيرها على النحو الذي يفصح عما التقت
233
عليه إرادة الطرفين.
ويحرر العقد من ست نسخ ويوَّقع جميع األطراف على كل نسخة منها ،وترسل جهة
اإلدارة المتعاق دة نس خة موقع ة من العق د إلى ك ل من اللجن ة الش عبية العام ة لجه از الرقاب ة
كم ا يجب إبالغ الجه ات الم ذكورة جميع ًا بأي ة تع ديالت تط رأ على ش روط العق د أو
مدة تنفيذه أو قيمة اإلجمالية ،ويقيد العقد في السجل المعد لذلك بمصلحة الضرائب ويؤشر
عليه بما يفيد أداء ضريبة الدمغة المستحقة عنه وفقًا للقانون.234
د .نعيمة علي الدرهوب ،العقد االداري وقضاء االلغ اء ،رسالة دكت وراه ،جامعة وادي الني ل ،لسنة 2014ص 234
44
127
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المبحث الثاني
التعاقد بغير المناقصة والمزايدة
إن التعاقد عن طريق المناقصة أو المزايدة بأنواعها المختلفة ليس األصل في معظم
دول الع الم ،ب ل الممارس ة ال ت زال هي الوس يلة األولى واألص ل في التعاق د ،وإ ذا ك انت
المناقصات والمزايدات العامة يهيمن عليها مبدأ اآللية في الحدود السابقة فإن مبدأ التعاقد
عن طريق الممارسة أو االتفاق المباشر يخضع لقاعدة حرية اإلدارة في اختيار المتعاقد.
وه ذه الحري ة في اختي ار المتعاق د ،ال يتن افى معه ا إخض اع عملي ة الممارس ة لتنظيم
ق انوني معين ،ب ل س نرى أن التعاق د عن طري ق الممارس ة يخض ع لنظم مح ددة يتعين على
ولكن مهم ا ك انت دق ة النظ ام المق رر إلح دى ط رق التعاق د عن طري ق 235
اإلدارة اتباعه ا
الممارسة ،فإنه ال توجد طريقة واحدة تجبر اإلدارة على اختيار متعاقد بعينه ،وبهذا تمتاز
طرق التعاقد عن طريق الممارسة عن طريق المناقصات العامة .وبالتالي فحرية اإلدارة
في ه ذا المج ال ليس ت إال س لطة تقديري ة بطبيع ة الح ال ،ومن ثم يتعين عليه ا أن تس تعملها
في ح دود الص الح الع ام ،236بمع نى أنه ا إذ ت ركت التعاق د م ع ف رد بذات ه لإلض رار ب ه أو
لمحاب اة غ يره ف إن عمله ا يك ون مش وب بعيب النح راف بالس لطة وبالت الي يخض ع لرقاب ة
اإللغاء.
ونقس م ه ذا المبحث إلى مطل بين :المطلب األول :الممارس ة كوس يلة للتعاق د (طلب
العروض)،أما المطلب الثاني :االتفاق المباشر كأسلوب للتعاقد .
-د .محمد سعيد بالل :سلوك التنظيمي بين النظرية والتطبيق ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية 2005.ص195 235
-د .عب دالعزيز اش رقي ،الش رطة اإلداري ة الممارس ون له ا والنص وص القانوني ة والتنظيمي ة المتعلق ة به ا .،ط، 1 236
128
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب األول
الممارسة كوسيلة للتعاقد «طلب العروض»
يمكن لإلدارة أن تلج أ إلى طري ق آخ ر في إب رام عقوده ا ه و طري ق الممارس ة ،ويتم
تقديم العروض أو االتصال بجهات أو أشخاص متخصصين والتفاوض معهم للوص ول إلى
أفضل الشروط واألسعار للتعاقد ،ويتميز هذا األسلوب باختصار اإلجراءات الطويلة التي
يس تغرقها غالب ا طري ق المناقص ة ،باإلض افة إلى ط ابع العلني ة من خالل معرف ة جمي ع
الراغبين بالتعاقد باألسعار التي يقدمها المنافسون ،والتفاوض العلني للوصول إلى االتفاق
مثلم ا هو الش أن بالنس بة العق ود الق انون الخ اص واإلدارة ح رة في إج راء الممارس ة بإتب اع
احد طريقتين األولى .الممارسة عن طريق تقديم العروض وفقا لإلجراءات التي تتبع بشأن
المناقصات المحدودة لهم دعوات لتقديم عروضهم حول موضوع الممارسة ،وتتضمن هذه
ال دعوات ت اريخ االجتم اع اإلج راء المفاوض ات للوص ول إلى أفض ل األس عار والش روط،
وفي الحالتين تعلن لجنة العطاءات بحضور مقدمي العروض عن األسعار المقدمة من كل
منهم في الي وم المح دد للممارس ة وتمنح المتق دمين مهل ة ال تتج اوز أس بوعا لتق ديم إق رارات
مكتوب ة تتض من أس عارهم وش روطهم .ولك ل م ا س بق س وف نبحث أس لوب الممارس ة أو
طلب الع روض بف رعين الف رع األول تعري ف أس لوب الممارس ة والف رع الث اني أحك ام و
صور الممارسة
الفرع األول :تعريف أسلوب الممارسة.
سبق أن ذكرنا أن اإلدارة تملك حق اللجوء إلى طريق آخر إلبرام عقودها اإلدارية
وه و طري ق الممارس ة ويتم تق ديم الع روض أو االتص ال بجه ات أو أش خاص متخصص ين
والتفاوض معهم للوصول إلى أفضل الشروط واألسعار للتعاقد .لذلك سوف نتعرف على
نظرة المشِّر ع في ليبيا وفي القانون المقارن لتعريف هذا األسلوب "الممارسة" .لقد عرفت
الئحة الصفقات العمومية النافذة سابقة الذكر في المادة " "8فقرة "ج" على أن الممارسة
129
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .منصور محمد احمد ،مفهوم العقد اإلداري ،مرجع سابق ،ص .342 237
-د .مهند مختار نوح ،اإليجاب والقبول في العقد اإلداري ،مرجع سابق ،ص .590 238
130
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
معه ا ليس ت مطلق ة من ك ل قي د ،فهي تتمت ع في ه ذا المج ال بس لطة تقديري ة يتعين عليه ا
239
استخدامها في حدود الصالح العام.
وهي أيض ًا تتميز بأنها ال تخضع لكل اإلجراءات الطويلة التي يتطلبها المش ِّر ع في
المناقصات العامة والتي سبق بيانها ،كما أن األسعار في الممارسة ال تقسم بالِّس ِّر َية التي
هي المب دأ الع ام في عط اءات المناقص ات فك ل متن افس في الممارس ة يك ون على علم
باألسعار التي تقدم بها المتنافسون اآلخرون.
ولق د اس تحدث المش ِّر ع المص ري في ق انون المناقص ات والمزاي دات الح الي و جع ل
لألول م رة ض من أس لوب الممارس ة العام ة في التعاق د طريق ة أص لية ورئيس ية تطب ق
بالتوازي مع أسلوب المناقصة العامة.240
فقد نصت المادة األولى على أن يكون التعاقد على شراء المنقوالت أو على مق اوالت
األعمال أو النقل،أو على تلقي الخدمات والدراسات االستشارية واألعمال الفنية عن طري ق
مناقص ات عام ة أو ممارس ة عام ة ،ويص در باتب اع أٍّي من الطريق تين ق رار من الس لطة
كاملة 241
المختصة وفقًا للظروف وطبيعة التعاقد ،وبذلك يكون لجهة اإلدارة سلطة تقديرية
في اختيار أٍّي من األسلوبين إلبرام العقود المشمولة به ذه الم ادة مع مالحظ ة أن المش ِّر ع
أخض ع الممارسة العامة بمقتضى المادة الثانية من الق انون السالف الذكر لمب ادئ العالنية
د .نعيمة على الدرهوب .مرجع سابق ،ص 153 239
-ه ذه الخط وة ال تع بر مخالف ة لم ا اس تقرت علي ه الق وانين واألنظم ة ال تي حكمت المناقص ات والمزاي دات في مص ر 240
فحسب ،بل هي رائده على مستوى القوانين المقارنة أيض ًا ،حيث الحظنا أن تقنية العقد المفاوض في فرنسا التي تماثل
في مفهومها تقنية الممارسة في
241مصر ما زالت تقنية استثنائية ليس على مستوى القانون الوطني فقط ،إنما على مستوى القانون األوروبي أيض ًا ،وفي
تق ديرنا أن ه ذه الخط وة الجوهري ة والجريئ ة ال تي خطاه ا المش ِّر ع المص ري تعت بر س الحًا ذا ح دين ،فهي تتالءم م ع
السياس ات المتبع ة في مص ر وال تي ت رمي إلى تش جيع القط اع الخ اص وإ رس اء من اخ االقتص اد الح ر ألنه ا تض في على
عملية اإلبرام مرونة أكبر بما يتالءم في النهاية مع مقتضيات السوق ومنطقه ،كما أنها تتالءم مع مبادئ اإلدارة العامة
الحديثة التي تشجع العاملين في اإلدارة على اإلبداع واالبتكار والمبادرة بعيدًا عن القوالب اإلجرائية الجامدة التي تنط وي
عليها المناقصة في صيغتها التقليدية.
Coud ville : Contribution la Théorie Général du Service Public communal، Thèse 1976
Bordeaux
131
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وتك افؤ الف رص والمس اواة وحري ة المنافس ة ،وذل ك على النح و المتب ع بالنس بة للمناقص ات
العامة.242
وه ذا األسلوب يعت بر تط ورًا ج ذريًا وتاريخي ًا بش أن كيفي ة تعام ل اإلدارة م ع أس اليب
اإلب رام في الص فقات العمومي ة ،ليس على المس توى المص ري فق ط ،ب ل على مس توى
القوانين المقارنة والقانون الفرنسي.243
أم ا عن األحك ام الخاص ة بأس لوب الممارس ة العام ة فهي ذات األحك ام الخاص ة
بالمناقص ات العام ة فيم ا لم ي رد في ه نص خ اص في ه ذا الق انون ،ولق د اختلفت آراء الفق ه
ح ول جع ل الممارس ة العام ة أس لوبًا أص يًال للتعاق د اإلداري ،فق د ذهب ج انب منهم إلى أن
ه ذا االتج اه وس يلة للتعس ف وإ س اءة اس تعمال الس لطة والمحاب اة ،مم ا يتن اقض م ع مب ادئ
المساواة والمنافسة والشفافية التي تعتبر المبادئ الجوهرية للقانون الجديد.244
وي ذهب ج انب آخ ر من الفق ه إلى أن ه ذا التخ وف ال مح ل ل ه ،حيث أح اط المش رع
الممارسة العامة بضمانات عديدة تتمثل في جوهرها بإخضاعها للقواعد العامة التي تحكم
المناقص ة العام ة ،من حيث ض رورة ال تزام اإلدارة بمب ادئ العالني ة والمنافس ة وتك افؤ
الف رص والش فافية ،وق د ح ددت معظم التش ريعات والمتعلق ة ب إبرام العق د اإلداري الح االت
ال تي يمكن فيه ا لإلدارة أن تس تخدم أس لوب الممارس ة في تنفي ذ تل ك العق ود ،وتتمث ل تل ك
الحاالت في اآلتي:245
.1ح االت االس تعجال القص وى في الق وة الق اهرة ،ك أن يح ل خط ر م ا نتوقع ه على
وش ك الحل ول أو الوق وع ،ومن ش أن ذل ك أن يه دد أم واال مس تخدمة في مش روع ق ائم ،ال
يمكن م ع حل ول ه ذا الخط ر انتظ ار االلتج اء إلى وس يلة المناقص ات أو المزاي دات العام ة،
-د .رمضان محمد بطيخ ،الجديد في إبرام العقد اإلداري ،مرجع سابق ،ص325 242
-د .عبد الفتاح صبري ،أساليب التعاقد اإلداري ،مرجع سابق ،ص .362 245
132
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
حيث يكون اللجوء إلى األخيرة غير عملي بسبب طول الوقت الذي يتطلبه استخدام هذا
األسلوب
.3ح االت األش غال واألعم ال والتوري دات ال تي تحتم الظ روف تنفي ذها وإ نجازه ا
بصورة سرية.
.4ح االت ش راء مع دات ول وازم محتك ر ص نعها أو اس تيرادها ل دى ع دد قلي ل من
األشخاص.
.5حال ة األش غال والخ دمات والتوري دات ال تي عرض ت للمنافس ة عن طري ق
المناقصات في شأنها عروض وعطاءات ولكنه ال يمكن قبولها.
.6حالة العقود التي تستهدف تسيير وحدات القطاع العام والتي لها أهمية خاصة،
بحيث تولي لها عناية خاصة في االهتمام من قبل الجهات اإلدارية والتي تحتاج فيها إلى
المفاوضات بشكل دقيق مع المتقدمين للتعاقد.
ومن خالل التج ارب العملي ة أك دت لن ا أن ض وابط اختي ار إلدارة المتعاق دين معه ا
بطريقة أسلوب لممارسة لها عالقة وثيقة بالسعر والجودة لإلنشاءات والخدمات المطلوب
التعاق د بش أنها ،باإلض افة إلى القيم ة الفني ة والض مانات المالي ة ،وه ذه المع ايير بمجموعه ا
تحقق المصلحة المالية للخزانة العامة على نحو أفضل من اتباع وسيلة المناقصة التي تعق د
بش كل أساس ي على أق ل الع روض س عرًا ،كم ا أن التطبيق ات العملي ة أثبتت أن أس لوب
الممارس ة رغم م ا ه و ظ اهر من ه ب أن اإلدارة هي ال تي تخت ار ،وأن المتق دم للتعاق د يفق د
إرادته ،إال أنه عمليا نجد أن المقاولين أو الموردين يرضون بهذا األسلوب في التعاقد مع
اإلدارة ويس اعدون في التنفي ذ ،وذل ك ألن بن ود األعم ال يتم تقريره ا بأس لوب موض وعي
وبلج ان مش تركة م ع اإلدارة والمتق دمين للتعاق د لتحدي د األس عار بعي دًا عن المض اربة ال تي
133
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .ف ؤاد العط ار ،وس ائل تعاق د اإلدارة ،نظري ة المناقص ة والممارس ة ،مجل ة مجلس الدول ة ،الع دد الس ادس ،الس نة 246
الخامسة1954 ،ص
134
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .سليمان محمد الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .303 248
-د .إبراهيم الفياض ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .125 249
135
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
اإلدارة ،س واء ك انت عام ة أو مح دودة ،تلج أ إليه ا اإلدارة عن دما ال يك ون اعتم اد أس لوب
المناقصة العامة مجديًا لألسباب التي حددتها التشريعات في حاالت االحتكار و استعجال
والس رية ودق ة االختصاص ات ل ذلك تك ون اإلدارة ملزم ة بالتج اء إلى الممارس ة بص ورة
عامة أما بالنسبة لتحديد نوع تلك الممارسة من عامة أو محدودة حسب طبيعة العق د الم راد
وقد سلك المش ِّر ع المصري هذا 250
إبرامه فقد ترك ذلك للمشرع بوضع الحدود التفصيلية
المسلك في قانون المناقصات والمزايدات رقم ( )9لسنة 1983الملغى إال أنه تراجع عن
ذلك المسلك في القانون الحالي وجعل الممارسة العامة أسلوبًا أصليًا ورئيسيًا للتعاقد.
الفرع الثاني :أحكام وصور الممارسة
أحك ام الممارس ة في ليبي ا تض منتها الئح ة الص فقات العمومي ة رقم 563س نة
2007تنظيما إلجراءات التعاقد بطريقة المناقصة المحدودة والممارسة حيث تنص المادة
( )65من الالئحة باآلتي (( :بعد صدور اإلذن بالتعاقد عن طريق الممارسة وفقا ألحكام
الالئح ة يجب أن تتخ ذ لجن ة العط اءات المختص ة إج راءات الممارس ة وذل ك بإتب اع إح دى
الطريقتين اآلتيتين:
أ .الممارس ة عن طري ق تق ديم الع روض وفق ًا لإلج راءات ال تي تتب ع بش أن المناقص ة
المحدودة.
ب .الممارس ة المقص ورة على أش خاص أو جه ات معين ة وذل ك باالتص ال بأش خاص
أوجه ات متخصص ة في األعم ال أو الم واد موض وع الممارس ة والحص ول منه ا على
ع روض كتابي ة للبث فيه ا تق وم لجن ة العط اءات المختص ة بدراس ة الع روض المقدم ة
وتنص المادة ()66 251
ومفاوضة مقدمها للوصول إلى أفضل األسعار والشروط للتعاقد ))
من الالئح ة على(( :تعلن لجن ة العط اءات بحض ور مق دمي الع روض في الممارس ة أو من
ينوب عنهم -عن أخر األسعار المقدمة من كل منهم وعن تحفظاتهم وشروطهم اإلضافية
د .نهى الزيني ،بحث بعنوان انعكاس قواعد اتفاقيات التجارة العالمية أحكام قانون المناقصات والمزايدات الجديد. 250
المادة 63من الئحة العقود اإلدارية لسنة رقم 563لسنة .2007 251
136
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أو المعدل ة ،وتمنح المتق دمين مهل ة ال تج اوز أس بوعًا لتق ديم الق رارات مكتوب ة تتض من
أسعارها وشروطهم.252
وتنص الم ادة ( )67من الالئح ة على س ريان أحك ام المناقص ة العام ة وإ جراءاته ا
وأحك ام االعتم اد على الممارس ة ،وذل ك بالق در ال ذي ال يتع ارض م ع طبيعته ا وطبق ا لنص
الم ادة الثاني ة من ق رار اللجن ة الش عبية العام ة (مجلس ال وزراء) رقم 8لس نة 1990تنش أ
بأمانة الخزانة (وزارة المالية) لجنة تسمى (اللجنة المركزية للعطاءات) تختص بالبث في
إج راء التعاق د بطري ق الممارس ة أو المناقص ة المح دودة أو غ ير ذل ك عن طري ق التعاق د
بالنس بة للج ان الش عبية العام ة والنوعي ة أو اللج ان الش عبية للش عبيات أو أي من الجه ات
األخ رى ال تي تخض ع ألحك ام الئح ة الص فقات العمومي ة ،ويش ترط لنف اذ ق رارات اللجن ة
المركزية للعطاءات اعتمادها من اللجنة الشعبية العامة (المادة 5من القرار).
من حيث النطاق حددت المادة التاسعة ثاني ًا نطاق التعاقد بطريق المناقصة المحدودة
والممارس ة حيث نص ت على( :يج وز التعاق د بطري ق المناقص ة المح دودة والممارس ة في
األحوال اآلتية:
أ .المش روعات اإلنتاجي ة واالس تثمارية مث ل المص انع ومحط ات الكهرب اء وم ا في
حكمها.
ب .المشاريع التي تتميز باالستعجال .
ج .تق ديم الخ دمات الفني ة كاختي ار المك اتب االستش ارية ومك اتب التف تيش والمس اعدة
الفنية لتشغيل المشروعات.
د .األعمال التي تتجاوز قيمتها التقديرية مبلغ ( )250.000دينار.
هـ .األعم ال والتوري دات المحتك ر ص نفها أو اس تيرادها ،أو ال تي ال توج د إال ل دى
أشخاص أو شركات معينة.
137
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
و .التوري دات أو األعم ال ال تي تتم عن طري ق ش ركات أو منش آت مملوك ة للمجتم ع
وكذلك الشركات والمنشآت التي يملك المجتمع %51من رأس مالها على األقل.
ز .غ ير ذل ك من األحوال ال تي ال تس مح فيه ا طبيع ة العق د أو ظ روف إبرام ه باتب اع
253
طريق المناقصة العامة).
أم ا في مص ر فلق د نص ت الم ادة األولى من ق انون تنظيم المناقص ات والمزاي دات
الح الي على أن الممارس ة تتخ ذ إح دى ص ورتين ،254فأم ا أن تك ون ممارس ة عام ة وإ م ا
ممارسة محدودة .الممارسة العامة وفق ًا للقانون المصري ،تعتبر الممارسة من األساليب
الشائعة التي تلجأ إليها اإلدارة في إبرام عقودها اإلدارية والممارسة العامة هي مجموعة
اإلجراءات التي تتم في إطار من العالنية ووفقًا ألحكام القانون تتيح لجهة اإلدارة مفاوض ة
مقدمي العطاءات بهدف التعاقد مع صاحب العطاء األفضل شروطًا واألقل سعرًا في إطار
المنافس ة الح رة والمس اواة ،255وتتمت ع اإلدارة بس لطة تقديري ة تخض ع لرقاب ة القض اء ل ذا،
256
يتعين استخدامها في حدود الصالح العام.
ولقد أخضع المش ِّر ع الممارسة العامة للمبادئ التي تقوم عليها المناقصة العامة.257
والتي تتمثل في مبادئ العالنية وتكافؤ الفرص والممارسة وحرية المنافسة ،وكذلك القواعد
الحاكم ة والش روط العام ة وباإلض افة إلى الممارس ة العام ة فلق د نص المش رع المص ري
على ن وع آخ ر من الممارس ة ،وهي الممارس ة المح دودة وهي ذات ط ابع اس تثنائي ،كم ا
هو مجال بالنسبة للمناقصة المحددة تماما.
أم ا الممارس ة المح دودة طبق ًا للق انون المص ري .فهي عكس الممارس ة العام ة ،تع د
تقني ة تفاوض ية ذات ط ابع اس تثنائي يك ون اللج وء إليه ا بق رار مس بب وفي ح االت مح ددة،
المادة 9الفقرة الثانية من الئحة العقود اإلدارية ،لسنة رقم 563لسنة .2007م 253
المادة رقم ( )1من قانون المناقصات والمزايدات العامة ،رقم 89السنة .1998 254
-المادة رقم ( )2من قانون المناقصات والمزايدات العامة رقم 89السنة .1998 257
138
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
فاألصل أن يتم اللجوء إلبرام الصفقات العمومية ،بأسلوب المناقصة العامة أو الممارسة
العامة ،واستثناء على ذلك يتم اتباع أسلوب الممارسة المحدودة أو المناقصة المحدودة أو
االتف اق المباش ر ال ذي س نبينه فيم ا بع د ،وهن اك مج االت للتعاق د ع بر طري ق الممارس ة
المحدودة ،إحداهما إلزامي لجهة اإلدارة واآلخر جوازي وذلك كما يلي.
المج ال اإلل زامي للتعاق د بطري ق الممارس ة المح دودة ،ففي مص ر ح ددت الم ادة ()5
من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الحالي حاالت التعاقد من خالل أسلوب الممارسة
المح دودة على س بيل الحص ر ،حيث نص ت على أن يك ون التعاق د بطري ق الممارس ة
المحدودة في الحاالت اآلتية.
أ .األشياء التي ال تصنع أو تستورد أو ال توجد إال لدى أشخاص بذواتهم.
ب .األشياء التي تقتضي طبيعتها أو الغرض من الحصول عليها أن يكون اختيارهما
أو شراؤها من أماكن إنتاجها.
ج .األعم ال الفني ة ال تي تتطلب بحسب طبيعته ا أن يق وم به ا ف نيون أو أخص ائيون أو
خبراء بذواتهم.
د .التعاقدات التي تقتضي اعتبارات األمن القومي أن تتم بطريقة بسرية تامة
ففي كاف ة ه ذه الح االت يجب على جه ة اإلدارة أن تلج أ إلى أس لوب الممارس ة
المح دودة ،ال لش يء إال ألن أس لوب المناقص ة العام ة أو الممارس ة العام ة غ ير ذي ج دوى
بالنس بة له ا ،حيث تتعل ق ب أمور يحتك ر ص ناعتها أو توري دها بعض األف راد دون غيره ا،
ومن ثم فإن اإلعالن عنها لن يأتي إال بهؤالء األفراد فقط ،ولذا توفير للنفقات العامة يتم
طرحها في ممارسة محدودة.258
- 258يالحظ أن الممارسة العامة ليس لها حاالت بذاتها ،كما هو الشأن بالنسبة للممارسة المحدودة ،وإ نما تقف الممارسة
العامة على قدم المساواة مع المناقصة العامة في هذا الشأن وتختلف مع المناقصة العامة في حضور مقدمي العروض
وتق ديم أس عارها النهائي ة في جلس ة الممارس ة ،أم ا المناقص ة بك ل ص ورها فتخض ع لقاع دة ع دم ح دوث أي تع ديل في
األسعار بعد تقديمها كأصل عام.
139
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المج ال الج وازي للتعاق د بطري ق الممارس ة المح دودة :فق د أج از المش ِّر ع على س بيل
االس تثناء ،وبق رار مس بب من الس لطة المختص ة ،أن يتم ال بيع أو الت أجير أو ال ترخيص
باالنتف اع أو باس تغالل العق ارات عن طري ق الممارس ة المح دودة ،وإ ن ك ان األص ل أن تتم
عن طريق المزايدة ،وال يجوز إذا تقرر من قبل إجراء مزايدة فال يجوز تحويل المزاي دة
في ممارسة محدودة ،259إال في الحاالت اآلتية:
أ.التعاقدات الخاصة بالتسليح التي تجريها وزارة الدفاع واإلنتاج الحربي في حاالت
الضرورية.
ب.التعاق دات ال تي يص رح به ا رئيس مجلس ال وزراء لجه ة معين ة في ح االت
الضرورة وذلك العتبارات يقدرها ترتبط بطبيعة عمل ونشاط تلك الجهات.
ج.التعاقدات التي تجري بخصوص:
.1األشياء التي يخشى عليها من التلف ببقاء تخزينها.
.2حاالت االستعجال الطارئة التي ال تحتمل اتباع إجراءات المزايدة.
.3األص ناف ال تي لم تق دم عنه ا أي ة ع روض في المزاي دات أو ال تي لم يص ل ثمنه ا
إلى الثمن األساسي.
.4الحاالت التي ال تتجاوز قيمتها األساسية خمسين ألف جنيه.
أم ا في المغ رب فنظمت المرس وم الص ادر في 30م ارس 2013في الب اب الراب ع
الفص ل األول ،فق د يك ون طلب الع روض مفتوح ا وذل ك عن دما تفتح اإلدارة مل ف
الترشيحات أمام الجميع وقد يكون محدودًا وذلك عندما ألتسمح اإلدارة بتق ديم الع روض أال
260
لمرشحين تتوفر فيهم بعض المواصفات .
-د .ماجد راغب الحلو ،العقود اإلدارية ،دار الجامعة الجديدة ،إسكندرية ،سنة 2009ص .106 259
.المادة 17من المرسوم رقم 2.12.349الصادر في 20مارس 2013المتعلق بالصفقات العمومية . 260
140
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ويكمن إب رام الص فقات بن اًء على طلب الع روض باالنتق اء المس بق عن دما تتطلب
األعم ال الموض وعة للص فقة بحكم تعاق دها أو طبيعته ا الخاص ة ،261القي ام بانتق اء مس بق
للمرشحين الذين يقدمون المؤهالت الكافية ال سيما من الناحية التقنية والمالية .في مرحلة
أولى قب ل دع وة المقب ولين من ه بإي داع الع روض وحس ب الفق رة الثاني ة من الم ادة عش رون
لمدونه الصفقات العمومية فانه ال يمكن أبرام الصفقات بناًء على طلب عروض مح دود إال
بالنس بة لإلعم ال ال تي يق ل أو يس اوي مبل غ ملي وني درهم وال تي ال يمكن تنفي ذها إال من
طرف عدد محدود من المقاولين أو الموردين اعتبارا إلى طبيعتها أو لتعقدها أو ألهمية
المعدات التي يتعين استعمالها ويجب أن يوجه طلب العروض المحدود إلى ثالثة مرشحين
على األقل بوسعهم االستجابة على أحسن وجه للحاجيات المراد سدها .
أم ا الفق رة الثالث ة من نفس الم ادة فتنص على (أن يتم طلب الع روض المح دود بن اًء
على (تخفيض ) أو (بع روض أثم ان ) فبالنس بة لطلب ات الع روض الم دعوة ( بن اًء على
تخفيض ) وقع المرشحون التزام بإنجاز األشغال أو الخدمات أو تسليم الواردات التي يتم
إع داد ثمنه ا التق ديري من ط رف ص احب المش روع قاب ل تخفيض (أو زي ادة ) يع بر عنه ا
بنسبة مئوية .
بالنس بة إلى طلب ات الع روض ( بع روض أثم ان ) ال ي بين مل ف طلب الع روض
للمتنافسين إال طبيعة وأهمية األشغال أو التوريدات أو الخدمات التي يتولى المتعهد بنفسه
تحديد أثمانها وحصر مبالغها .262
فطلب الع روض به ذه الطريق ة يتم يز باحترام ه لمب ادئ أساس ية ق د تختل ف عن ب اقي
طرق إبرام العقود وقد تجتمع مع الطرق األخرى في نفس المبادئ .
-د .محمد باهي ،دليل الصفقات العمومية ،مطبعة النجاح الجديدة ،طبعة 2002ص.211 261
-د .عبدالحق عقلة ،القانون اإلداري ،الجزء الثاني ،نشاط اإلدارة ووسائلها ،طبعة 2002دار القلم ،الرباط ،ص 262
113
141
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
فاعتب ار أن طلب الع روض ه و من ط رق إب رام العق ود العادي ة وال تي تتم يز كله ا
بمبادئ معينة تصبغ عليها الصبغة العادية ،لكن ما يميز طلب العروض عن ب اقي الطرق
األخ رى ه و أن ه يق دم لإلدارة س لطة كب يرة في اختي ار المتعاق د معه ا ويتجلى ذل ك في
المبادئ التي تقوم عليها .
ونستخلص بعد عرضنا ألسلوب الممارسة في التشريعات المقارنة أنها قد أخذت
بهذا األسلوب ،ألن اإلدارة ال تتمكن دائما من إنجاز المشاريع أو الحصول على الخدمات
في المناقصات أو المزايدات العامة ،فهناك حاالت استثنائية سرية أو مستعجلة أو مرتبطة
باالحتك ار لجه ات معين ة يجب في ه ذه الحال ة اتب اع أس لوب ال دعوة المباش رة أو الخاص ة
لبعض األش خاص والتف اوض معهم بغي ة وص ولنا إلى أفض ل الع روض بغض النظ ر عن
الجه ة المتقدم ة للتعاق د أو عن الس عر المق دم ويع د ه ذا األس لوب أفض ل ض مانة لتحقي ق
المصلحة العامة وبالرغم أن أسلوب الممارسة العامة ،ليس باألسلوب الجديد في التشريع
المق ارن ورغم الحاج ة الماس ة إلي ة في الح االت االس تثنائية ،نالح ظ أن التش ريع اللي بي لم
يعط االهتمام الالزم لفرض وضع نظام قانوني خاص به أسوة بباقي البل دان التي أص درت
تشريعات قانونية خاصة لبيان كيفية إبرام العقود بإتباع طريقة الممارسة ،ونجد أن غالبية
التش ريعات القانوني ة ومنه ا الق انون المص ري ح دد أس لوب المناقص ة العام ة والممارس ة
العامة إلبرام الص فقات العمومية منها عقود المقاوالت وعقد النقل وعقود االستشارات
الهندسية.
كما نخلص إلى أن االختالف الجوهري بين الممارسة العامة باعتبارها طريق ًا أصليا
ورئيس يا ،وممارس ة المح ددة باعتباره ا اس تثناء على األص ل إنم ا يك ون في خض وع
الممارس ة العام ة إلى قواع د العالني ة العادي ة ،ال تي تنطب ق على المناقض ة في حين أن
الممارسة المحددة ال تخضع إلى هذه القواعد أنها تتم العالنية المؤدية للمنافسة فيها عبر
طريق إرسال خطابات موصى عليها ،إلى أكثر عدد من المشتغلين بنوع النشاط موض وع
142
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .عبد الرؤوف جابر ،دور رقابة ديوان المحاسبة ،مؤسسة دار الثقافة اإلدارية ،سنة 1997م ،ص .66 263
-د ،محم د عبداهلل الح راري ،أص ول الق انون اإلداري اللي بي ،الج زء األول ،الطبع ة الثالث ة ،المرك ز الق ومي 264
143
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
144
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
تتعاق د مع ه ومن ثم فال ي رخص ب ه الق انون إال على س بيل االس تثناء وفي مج االت معين ة
وبالتعاق د مباش رة م ع من ت رغب من الم وردين أو المق اولين دون التقي د ب إجراءات
المناقص ات والممارس ات بأنواعه ا وتتمت ع اإلدارة في ه ذا األس لوب من أس اليب التعاق د
بحرية كاملة في اختيار من تتعاقد معه دون اتخاذ إجراءات سابقة ،ولهذا يطلق على هذا
األسلوب ،االتفاق المباشر أو الشراء المباشر لذا نالحظ في هذا النوع من التعاقد تبرز
266
في ه حري ة اإلدارة في اختي ار المتعاق د معه ا ،فبمقتض ى ه ذه الص ورة من ص ور التعاق د ال
تلتزم اإلدارة بقبول العطاء األقل حتى ولو أعلنت عن العمل موضوع التعاقد ،وناقشت
267
وهنا وجب علينا أن نذكر الحاالت والشروط التي يجوز في ظلها لإلدارة إبرام العقد
اإلداري بطريقة االتفاق المباشر أال وهي.
.1حالة االستعجال.
.2حال ة االحتك ار لبعض األعم ال ل دى ع دد مح دود ج دًا من المعه دين
أوالمصدريين.
.3حالة استخدام براءة االختراع ،أو الحق الذي تقرر لمالك واحد.
-د عادل السعيد أبوا لخير ،القانون اإلداري ،مرجع سابق ص .651 266
-د جابر جاد نصار ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ص .214 267
-د محمد سعيد حسين أمين ،دراسة وجيزة في فكرة العقود اإلدارية وأحكام أبرمها ،ص .293 268
-د سعاد الشرقاوي ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .216 269
145
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-المادة ( )2الفقرة ( )2من القانون النموذجي الشتراء السلع واإلنشاءات والخدمات الذي وضعته لجنة األمم المتحدة 270
العتب ارات خاص ة أن الش راء من مص در واح د ه و الس بيل األمث ل ،بالنس بة إلى
ظروفه ا ونوعي ة المش تريات ال تي تري د الحص ول عليه ا ،كمش تريات وزارة ال دفاع
بالنس بة إلى بعض األس لحة ،ومش تريات وزارات التم وين بالنس بة لبعض الس لع
التموينية في ظروف معينة.271
ويث ور هن ا تس اؤل ح ول العاجل ة ال تي يقص دها المش ِّر ع وال تي ال تحتم ل إج راءات
المناقصة أو الممارسة فما هي هذه الحالة ؟.
الحالة العاجلة تتحقق كلما كان من شأن التأخير في التعاقد إحداث أضرار ال يمكن
تداركها ،وعندها يكون التعاقد بطريق االتفاق المباشر هو األسلوب المناسب لدفع الضرر
الن اجم عن الت أخير في التعاق د ،وحال ة االس تعجال هي ال تي ت برر الخ روج على القواع د
272
العام ة ال واجب اتباعه ا في األح وال العادي ة ،وق د ذهبت المحكم ة اإلداري ة العلي ا في مص ر
إلى أن المعي ار االس تعجال ه و معي ار موض وعي تق دره جه ة اإلدارة تحت رقاب ة القض اء،
ذلك في ضوء الظروف المحيطة بعملية التعاقد والتي تعكس ضررًا محتمل لحدوث فيما
وق د ذهب ج انب من الفق ه 273
ل و ت أخر إب رام العق د إلى أج ل تس تلزمه اإلج راءات األخ رى
المصري إلى أن حالة االستعجال التي تتيح لإلدارة اللجوء إلى االتفاق المباشر ال تتحقق
-المادة ( )22البند الثاني القانون النموذجي الشتراء السلع وإلنشاءات والخدمات الذي وضعته لجنة األمم المتحدة 271
-حكم المحكمة اإلدارية العليا مصر في الطبعة رقم ،813السنة 34ق ،جلسة 1989.12.9المجموعة الس نة 35 273
ص 429وقد صدر هذا الحكم في نطاق في نطاق م ا ك انت تنص عليه المادة ( )5من القانون رقك ( )9لسنة 1983
حول إمكانية اللجوء إلى الممارسة في حالة االستعجال ولكن هذا المعيار الموضوعي من جانب المحكمة يصلح للتطبيق
على حالة االس تعجال المطلوبة الستخدام تقنية اإلنفاق المباش ر ،وال سيما أن تقري ر اللجن ة المشتركة " من لجنة الخطة
والميزاني ة ،ومكت بي لجن تي لش ؤون الدس تورية والتش ريعية ولش ؤون االقتص ادية " ع بر مش روع ق انون إص دار ق انون
المناقصات ولمزايدات قد ذكر صراحة أن حالة االستعجال لم تذكر في نطاق حاالت الممارسة المحدودة ،ألنها أضيفت
إلى المادة السابعة الخاصة باإلنفاق المباشر ،راجع د .صالح الدين فوزي مرجع سابق ص .493
147
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .عليوه فتح الباب ،الموسوعة العلمية ،في المناقصات والمزايدات وعقود الجهات اإلدارية ،الطبعة األولى مكتب ة 274
ولم تنت ه من إس ناد عق د تش غيل وص يانة محط ة طلب ات الطري ق االس تثنائي للتعاق د ،فتواه ا رقم 385.2.3بت اريخ
2005.5.19م.
-د .زكي النج ار ،نطري ة البطالن في العق ود اإلداري ة ،رس الة دكت وراه جامع ة عين ش مس ،الق اهرة 1981ص 276
.102
148
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ال يختل ف هن ا القض اء المص ري والمغ ربي على اعتب ار العق ود ال تي ت برم بطري ق االتف اق
المباشر هي عقود إدارية وليست قرارات إدارية.
149
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الذكرـ في الفقرة (د) على االتفاق المباشر لكنه كان بمصطلح " التكليف المباشر " وعرفت ه
بان ه" إص دار أم ر الش راء أو التكلي ف باألعم ال ألدوات التنفي ذ من قب ل المختص بتوقي ع
وتملك اإلدارة حرية التعاقد مع الجهات بصورة مباشرة دون اتباع إجراءات خاصة
بإص دار أم ر الش راء أو التكلي ف باألعم ال مباش رة من المختص بتوقي ع في الوح دات
اإلدارية وفق ما يسمى بطريقة التكليف المباشر وتلجأ اإلدارة إلى هذا األسلوب في أحوال
معين ة اس تثناء وق د بينت الئح ة الص فقات العمومي ة رقم 563لس نة 2007س ابقة ال ذكر
278
بشأن حاالت التعاقد بطريق اإلنفاق المباشر أو التكليف المباشر.
ويش ترط للتعاق د بطري ق التكلي ف المباش ر جمي ع الح االت الس ابقة وأن يص در اإلذن
بالتعاقد قبل اتخاذ اإلجراءات من الجهة المختصة بإصدار اإلذن بمباشرة إجراءات التعاقد،
280
وبما ال يجاوز المبالغ المرصودة لذلك في الميزانية ،279وذلك طبق ًا لنص المادة ()68
المادة 8الفقرة (د) من الئحة العقود اإلدارية رقم 563لسنة 2007م 277
المادة 8الفقرة (د) من الئحة العقود اإلدارية رقم 563لسنة 2007م 278
تنص الم ادة ()68على ان ه (ا)بع د ص دور اإلذن بالتعاق د بطري ق التكلي ف المباش ر وفق ا إلحك ام ه ذه الالئح ة ،تت ولى 280
إج راءات التعاق د لجن ة تتك ون من رئيس وثالث ة أعض اء من ذوي التخص ص والخ برة ،تش كلها الجه ة مص درة اإلذن
وتك ون اجتماعاته ا ص حيحة بحض ور كام ل أعض ائها ،وتص در اراءه ا بأغلبي ة األص وات ،وفي حال ة التس اوي يرج ع
الج انب ال ذي من ه ال رئيس وت دون اجتماعاته ا في محاض ر (ب)يع د تقري ر بمعرف ة ه ذه اللجن ة يوض ح في ه م دى مناس بة
األس عار ال تي يق ترح التعاق د على أساس ها وم دي موافق ة األش ياء او األعم ال موض وع العق د للش روط والمواص فات (ج)
ويعرض هذا التقرير على الجهة المختصة بإصدار اإلذن وفقا إلحكام هذه الالئحة العتماد إجراءات التعاق د (د) ال يج وز
150
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وبهذا حكمت المحكمة العليا في حكمها " أنه من المتفق في الفقه اإلداري أنه حينما يش ترط
الق انون اس تئذان جه ة معين ة إلب رام التعاق د ف إن الحص ول على ه ذا اإلذن المس بق يص بح
شرطًا ضروريًا لقيام الرابطة التعاقدية أصًال وإ ال كان العقد باطًال ،ومما ال جدال فيه أن
مث ل ه ذا الش رط لم يوض ع عبث ًا ،وإ نم ا يق وم على أس باب جوهري ة تتص ل بالص الح الع ام
اتصاال وثيقا ،وأن المادة الثالثة من الئحة المناقصات والمزايدات تقضي بأن يصدر إذن
بالتعاق د من مجلس ال وزراء في ح االت التكلي ف المباش ر ال تي تح ددها البن ود الس تة األولى
أم ا االتف اق المباش ر في مص ر .فنص ت الم ادة الس ابعة والثامن ة على ح االت لج وء
اإلدارة إلى التعاقد بأسلوب االتفاق المباشر وهي حاالت االستعجال والض رورة القص وى،
وتلج أ اإلدارة إلى ه ذا األس لوب في الح االت ال تي ال يمكن معه ا انتظ ار إج راءات
المناقص ات والممارس ات ،أو في حال ة ع دم ج دوى ه ذه األس اليب األخ يرة بس بب اس تحالة
المنافس ة عمال ،كم ا ل و ك ان التعاق د يتطلب االس تعانة بمنتج ات تحتكره ا ش ركة أو ش خص
معين ،ه ذا باإلض افة إلى بعض العق ود ال تي ت رغب اإلدارة في إبرامه ا وق د تقتض ي
المصلحة العامة أحاطتها بالسرية كعمليات التوريد المتعلقة بشؤون القوات المسلحة ،فهنا
التعاقد بطريق التكليف المباشر قبل صدور قرار من الجهة المذكورة باعتماد اإلجراءات وفقا لحكم الفقرة السابقة (ه )
تسري على التعاقد بطريق التكليف المباشر أحكام المناقصة العامة واجراءاتها وذلك بالقدر الذي ال يتعارض مع طبيعته
وأحكامه
-د عبد الغني بسيوني ،القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،منشأة المعارف اإلسكندرية 1991ص .524 281
151
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
.1حالة االستعجال:
تنص المادة " السابعة " السابق ذكرها على أنه " يجوز في الحاالت العاجلة التي ال
تحتم ل أتب اع إج راءات المناقص ة أو الممارس ة بجمي ع أنواعه ا أن يتم بطري ق االتف اق
282
المباشر بناء على ترخيص"....
وهنا يقصد بالحالة العاجلة هي التي من شأنها إحداث أضرار ال يمكن تداركها إذا ما
تأخرت اإلدارة في التعاقد ،ويكون السبيل الوحيد لتدارك هذا الضرر المحتمل اال التعاقد
.2حالة الضرورة:
أج ازت الم ادة الثامن ة من ق انون المناقص ات والمزاي دات الح الي والمطب ق اآلن في
مص ر ل وزارتي ال دفاع واإلنت اج الح ربي وأجهزتهم ا في حال ة الض رورة التعاق د بطري ق
283
المناقصة المحدودة أو المحلية ،أو الممارسة المحدودة أو االتفاق المباشر.
المادة 7الفقرة (ج)من قانون المناقصات والمزايدات العامة رقم 89لسنة 1998م 282
المادة 8من قانون المناقصات والمزايدات العامة رقم 89لسنة 1998م 283
-الجري دة الرس مية الع دد ( )1103في 31ديس مبر ع ام 1957م ادة ( .)1تعفى جمي ع الض رائب والرس وم 284
الحكوم ات والمؤسس ات األجنبي ة ال تي تتعاق د معه ا وزارة الحربي ة بش أن توري د المع دات واآلالت الالزم ة ألغ راض
التسليح ،وال تخضع وزارة الحربية في إبرام وتنفيذ هذه العقود لجميع القواعد والتعليمات المالية المنصوص عليها في
الق وانين والل وائح وتعفى ال وزارة فيم ا يتعل ق به ذه العق ود من تف تيش ورقاب ة ك ل من دي وان المحاس بة ووزارة المالي ة
واالقتصاد.
152
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
والرس وم والقواع د المالي ة والق وانين المعدل ة ل ه ،وللس لطة المختص ة التف ويض في أي من
اختصاصاتها ،وهذا االستثناء مرده طبيعة تعاقدات هذه الجهة وما تقوم عليه من اعتبارات
تتعل ق ب األمن الق ومي والمجه ود الح ربي ،كم ا أج از المش ِّر ع في الفق رة الثاني ة عن الم ادة
ذاتها برئيس مجلس الوزراء في حالة الضرورة التصريح لجهة بعينها ولالعتبارات التي
يقدرها عن طبيعة عمل ونشاط تلك الجهة أن تتعاقد بطريق المناقصة المح دودة أو المحلي ة
أو الممارس ة المح دودة أو االتف اق المباش ر وبالش روط والقواع د ال تي يح ددها وبن اءا على
اعتب ارات يق درها ترتب ط بطبيع ة عم ل تل ك اللجن ة غ ير أن ذل ك متوق ف في الح التين على
ت وافر حال ة ض رورة حقيقي ة فعلي ة تس تند إلى الواق ع وغ ير مفتعل ة أو غ ير ناش ئة عن فع ل
أجازت الفقرة األخيرة من المادة (السابعة) من القانون الحالي لرئيس مجلس ال وزراء
في حالة الضرورة القصوى أن يأذن بالتعاقد بالطريق المباشر فيما يجاوز الحدود المقررة
للوزير المختص أو من له سلطاته أو المحافظ ،إي فيما تجاوز قيمته مئة ألف جنيه بالنسبة
النق ل ،وثالثمئ ة أل ف جني ه بالنس بة لمق اوالت األعم ال ،ونج د أن المش رع ق د منح ل رئيس
مجلس ال وزراء س لطة اإلذن ب اللجوء إلى االتف اق المباش ر ،في ح االت الض رورة
-د عليوه فتح الباب .الموسوعة العلمية ،مرجع سابق ،ص .91 285
153
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
والضرورة القصوى بدون حد أقصى ،وقد تعرض هذا النص النتقادات شديدة عند مناقشة
مشروع القانون.286
أما من جانب الفقه فإن هذا الحكم يمنح لرئيس مجلس الوزراء الصالحية بالخروج
على أحكام القانون المتعلقة باختيار من تتعاقد معه اإلدارة ،ويتنافى مع مبدأ تكافؤ الفرص
وحرية المنافسة والمساواة ،287وهذا أمر يتنافى مع كون االتفاق المباشر طريق استثنائيا
للتعاق د ،وال س يما أن اعتب ار الض رورة والض رورة القص وى عب ارات فضفاض ة ،ومرج ع
تق ديرها يك ون ل رئيس مجلس ال وزراء ،وليس من حس ن السياس ة التش ريعية في ال دول
وفي رأيي ،أن رئيس مجلس ال وزراء بص فته على رأس الس لطة التنفيذي ة بالدول ة
تكون لدية الصالحية باستخدام سلطاته دون اإلضرار بالمصلحة العامة خاصة في األحوال
الطارئ ة ال تي ال تحتم ل الت أخير ونظ را لخط ورة أس لوب االتف اق المباش ر كاس تثناء على
قاع دة المناقص ة العام ة ،فإن ه يجب أن يق در بق در ل ذلك وجب التقي د بالح االت الم بررة
إلص داره ،فإن ه لم يكن هن اك م برر ق وي إلص دار األم ر المباش ر أو ك ان الم برر واهي ًا
ضعيفًا وغير مقنع ،فإنه البد من تحقيق مبدأ المساءلة العامة وتحميل المسؤولية للشخص
-مض بطة مجلس الش عب – الجلس ة الثاني ة والثم انون في 1991-5-6م .ص 15حيث رأى أخ ذ األعض اء أن 286
السلطة الممنوحة لرئيس مجلس الوزراء هي مدخل من مداخل أوامر التكليف التي حرص رئيس مجلس الوزراء على
إلغائه والتي أضاعت على الدولة والبنوك ومشروعات المقاوالت عشرات المليارات.
-د جابر جاد نصار ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .215 287
-د عليوة فتح الباب ،الموسوعة العلمية ،مرجع سابق ،ص .93 288
154
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أما في المغرب فتبرم الصفقات العمومية باالتفاق المباشر إذا استطاعت اإلدارة أن
289
تلج أ بك ل حري ة إلى المق اول ال ذي ت رى في ه فائ دة وتتف اوض مع ه إلنج از األش غال،
ف اإلدارة ص احبة المش روع بإمكانه ا أن ت برم ص فقات عمومي ة بش كل مباش ر م ع المق اولين
ال ذين ت بين له ا كف اءاتهم في إنج از العم ل المطل وب بطريق ة مرض ية ،ه ذا األس لوب في
التعاقد يسمى في المغرب بالمسطرة التفاوضية وهو أسلوب تعاقدي يمكن اإلدارة صاحبة
المشروع من أن تجري بكل حرية وبالطرق التي تراها مقيدة مع المرشح الذي يقع عليه
اختيارها ،وذلك دون التقيد بالشكليات المسطرية المعقدة التي تتميز بها الطرق األخرى،
فقد جاء في حكم المحكمة اإلدارية بأكادير عدد -99-221بتاريخ 1999-10-4م بأن
عمليات البناء لفائدة شخص من أشخاص القانون العام في نطاق تعهد باالتفاق المباش ر هي
ص ورة من ص ور عق ود الص فقات تكتس ي بحكم طبيعته ا عق ود إداري ة ،وق د تلج أ اإلدارة
رغم ه ذا في بعض األحي ان إلى إج راء ن وع من العلني ة والمنافس ة تطلب بواس طتها من
المقاوالت التقدم بعروضها حول األشغال المراد إنجازها ،ولكنها ال تتقيد بأي إجراء شكلي
الحص ول على إرش ادات لمعرف ة ش روط الص فقة والثمن المق ترح له ا ال ذي ينبغي له ا أن
لق د ت والت الق وانين في المغ رب ال تي تنظم اب رام الص فقات العمومي ة وك ان آخره ا المرس وم الص ادر في 30م ارس 289
فطريقة الصفقة التفاوضية إذن كانت وال زالت طريقة قائمة بذاتها تشكل استثناء من
الطرق العادية إلبرام الصفقات ،ال تلجأ إليها اإلدارة إال في حاالت خاصة حتى ال تتعسف
في استعمال سلطاتها ،ويتم اللجوء إلى طريقة الصفقة التفاوضية في الحاالت اآلتية:290
فعن دما خش ي المش رع على اإلدارة أن ال تت وفر له ا مج ال إلج راء منافس ة بين
مق اولين ب الطرق األخ رى إلب رام ص فقة من الص فقات كحال ة ألش غال ال تي ال يس تطيع
إنجازها إال أصحاب براءة االختراع أو التي ال يمكن انجازها إال من طرف مقاول معين
نظرا لما تقتضيه الحاجات التقنية ،لذلك سمح لها باالتفاق المباشر مع الشخص القادر على
إنجاز الشغل.
فعن دما ال تس تطيع اإلدارة انتظ ار اإلج راءات الطويل ة ال تي يتطلبه ا تنظيم المنافس ة
باتباع الطرق العادية كإجراء إصالحات لتالشي مظاهر الهدم في منشأة آيلة للسقوط مثال
والقانون يوكد هنا على أن االستعجال يجب أن يكون من جراء ظروف غير منتظرة.
.3حالة السرية:
د عبد العالي سمير ،الصفقات العمومية والتنمية ،مطبعة المعارف ،الرباط 2010 ،ص 149 290
156
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ق د تقتض ي المص لحة العلي ا للبالد أن ه يتم انج از بعض األش غال خصوص ًا المتعلق ة
بالدفاع الوطني أو األمن العام بطريقة سرية ،فالمشرع رخص هنا لإلدارة أن تتعاقد مع
المق اول ال ذي تق در بأن ه أألج در أن يق وم باألش غال على أحس ن وج ه ويحاف ظ على الس ر
المهني ال ذي تقتض يه المص لحة العلي ا ،لكن المشرع قي د اإلدارة في ه ذا المج ال بالحصول
على إذن مسبق يصدر على الوزير األول بناء على تقرير خاص من الوزير أو المسئول
وهي الح االت ال تي يج وز لإلدارة ع دم التقي د بش كليات المس طرة و يمكن إجماله ا في
291
اآلتي.
-األعمال التي كانت موضوع مسطرة طلب العروض أو المباراة ولم يقدم بشأنها
عرض أو تم اقتراح عروض اعتبرتها اللجنة غير مقبولة.
-األعم ال ال تي يتعين على ص احب المش روع أن يعه د بتنفي ذها حس ب الش روط
المقررة في دفاتر الشروط على إثر تقصير من صاحب الصفقة وذلك عندما ال تسمح حالة
االستعجال باللجوء إلى طلب العروض.
-اإلعمال اإلضافية التي يعهد بها إلى مقاول أو مورد أو خدماتي سبق أن أسندت
ص فقة إلي ه إذا ك ان من المفي د ب النظر ألج ل التنفي ذ أو حس ن س ير ه ذا التنفي ذ ع دم إدخ ال
157
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
مقاول جديد وعندما يتبين أن هذه األعمال غير المتوقعة وقت إبرام هذه الصفقة الرئيسية
تعتبر تكملة لها وال تتجاوز نسبة %10من مبلغها.
-ص فقات التع رف وهي حس ب المرس وم يمكن أن تك ون س ابقة على ص فقات
الدراس ات وال تي تمكن من تحدي د األه داف والنت ائج الم راد بلوغه ا والتقني ات األساس ية
ال واجب اس تعمالها والوس ائل البش رية والمادي ة المتعين اس تخدامها إلنج از الدراس ات
وعناصر الثمن ومختلف المراحل التي يمكن أن تتضمنها الدراسات.
-األشياء التي ال يمكن الحصول عليها إال من مقاول أو ممون واحد.
-األشغال أو الخدمات التي ال يمكن انجازها إال برسم البحث أو التجربة أو الدراسة
أو االتفاق.
-األعمال التي ال يمكن انجازها نظرا لحاجات األمن بواسطة المناقصة أو الطرق
األخرى.
-األشياء أو المواد التي يستحسن شراؤها من أماكن إنتاجها نظرًا لطبيعتها الخاصة
أو لغاية االستعمال المعدة له.
-عمليات استئجار السفن أو تأمين أعمال الشحن المترتبة عنها.
-أشغال النقل المعهودة بها إلى إدارة السكك الحديدية وإ لى المكتب الوطني للنقل.
ونستنتج بع د البحث في أسلوب االتفاق المباشر في القانون الليبي والمقارن نجد أن
ثم ة اختالف بين ك ٍّل من ليبي ا ومص ر والمغ رب حيث أن الالئح ة اإلداري ة ال تي نظمت
أس لوب االتف اق المباش ر في ليبي ا ش ابها القص ور المتمث ل في ع دم إيض اح الح االت ال تي
يجوز لإلدارة اللجوء إلى هذا األسلوب للتعاقد كما هو الحال في مصر والمغرب كما سبق
وعرضنا كما أن هناك فارق في المصطلح المتداول لدى كل مشرع وكان جدير بالمش ِّر ع
الليبي أن يطلق على أسلوب االتفاق المباشر ما أطلق عليه في مصر وال يطلق على هذا
األس لوب " التكلي ف المباش ر " كم ا أن المش ِّر ع المغ ربي يطل ق علي ه مص طلح " المس طرة
التفاوضية " وبالتالي كان من األجدر توحيد المسمى وهو " االتفاق المباشر "
158
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كما يجب هنا أن نبين أوجه الشبه واالختالف بين الممارسة العامة واالتفاق المباش ر،
حيث يتمث ل وج ه الش به بينهم ا ،أي كليهم ا ال يخض عان لمب دأ ألي ة اإلرس اء ويقوم ان على
مبدأ التفاوض مع مقدمي العروض للتوصل إلى أفضل عطاء شروطًا وسعرًا.
أما أوجه االختالف فتتمثل في اآلتي :
.1تع د الممارس ة وس يلة أص لية وأساس ية للتعاق د تطل ق ب التوازي م ع المناقص ة في
حين أن االتفاق المباشر يعد وسيلة استثنائية للتعاقد.
.2الممارسة تقوم على التفاوض بعد استيفاء إجراءات العالنية وضمن مناخ واٍف
من المنافسة ،في حين أن االتفاق المباشر ال يتم من خالل العالنية أو المنافسة ،ألنه يحق
لإلدارة أن تلجأ إلى متعاقد معين بالذات والتفاوض معه للتوصل إلى أفضل األسعار.
159
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وب رز من خالل الدراس ة اتج اه المش ِّر ع اللي بي ال ذي ج اء مختلف ًا عن التش ريعات
المقارن ة ،فلم يجع ل من المزاي دة العام ة األص ل الع ام في أس اليب تعاق د اإلدارة ،ولم ي أت
بنفس التحديد الذي نص عليه المش ِّر ع المصري .هذا ما يخص المزايدة العامة ،أما فيما
يتعلق بالمناقصات العامة فوجدنا أن المشرع الليبي ذكر أسلوب المناقصة العامة من ضمن
األساليب للتعاقد مع اإلدارة ،لغرض إنجاز أعمال ومشاريع خطط التنمية.
كم ا وج دنا االختالف جلي ًا بين كاًّل من ليبي ا ومص ر والمغ رب ،حيث أن الالئح ة
اإلداري ة ال تي نظمت أس لوب االتف اق المباش ر في ليبي ا ش ابها القص ور المتمث ل في ع دم
إيض اح الح االت ال تي يج وز لإلدارة اللج وء إلى ه ذا األس لوب للتعاق د كم ا ه و الح ال في
مصر والمغرب .
وأجابت الدراسة عن تساؤل مهم وهو هل يعتبر التعاقد المباشر قرارًا إداريًا ؟.
وتوص لت بع د ع رض العدي د من األحك ام القض ائية إلى أن ه ال خالف بين القض اء
اللي بي والمص ري والمغ ربي على اعتب ار العق ود ال تي ت برم بطري ق االتف اق المباش ر هي
عقود إدارية وليست قرارات إدارية.
160
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
161
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
162
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
يمنح الفرص ة لمق دم العط اء ال وقت الك افي لل رد وان ه ي تيح لمق دم العط اء فرص ة طلب أي
إيضاحات بشأن المناقصة وتمديد فترة الرد عليها إذا اقتضى األمر ذلك.
كما بينت أن اإلعالن عن المناقصة أو المزايدة أو الممارسة ال يعدو أن يك ون مج رد
دع وة إلى التعاق د ،ومن ثم فإن ه ال يمث ل إيجاب ًا تتق دم ب ه إلدارة إلى المتعاق د معه ا ،كم ا
أوض حت القص ور الواض ح في الئح ة الص فقات العمومي ة بليبي ا في غي اب النص ال ذي
ينظم تع ديل كراس ة الش روط ولم ينص على ذل ك بنص ص ريح ،وكي ف غفلت عن حماي ة
مب دأ المس اواة بين المتنافس ين ،ال ذي يقض ي بح ق ك ل من يمل ك قانون ًا أن يتق دم إلى
المناقصات العامة ،بحقه في االشتراك فيها على قدم المساواة مع باقي المتنافسين ،وجاء
ه ذا الخ رق له ذا المب دأ في نص الم ادة 72ال ذي ُع َّد خروج ًا على مب دأ المس اواة بين
المتنافس ين عن دما منحت األولوي ة في قب ول العط اءات عن د تس اوي األس عار للعط اءات
المقدمة من الشركات والمنشآت والتشاركيات الوطنية ،يليها في ذلك العطاءات المقدم ة من
الشركات المشتركة من الجانب الليبي ولم تنوه إلى الكفاءة المالية والفنية .
163
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أن يطل ق على أس لوب االتف اق المباش ر م ا أطل ق علي ه في مص ر وال يطل ق على ه ذا
األس لوب " التكلي ف المباش ر " كم ا أن المش ِّر ع المغ ربي يطل ق علي ه مص طلح " المس طرة
التفاوض ية " وبالت الي ك ان من األج در توحي د المس مى وه و " االتف اق المباش ر ،كم ا
أوض حت أوج ه االختالف بين الممارس ة العام ة والممارس ة المح دودة وبينت الدراس ة
الحاالت العاجلة التي يقصدها المشِّر ع في ليبيا والقانون المقارن والتي ال تحتمل إجراءات
المناقص ة أو الممارس ة والنت ائج ال تي ت ترتب عن الت أخير في التعاق د وم ا ق د تحدث ه من
أضرار بالمصلحة العامة ال يمكن تداركها ،وعندها يكون التعاقد بطريق االتفاق المباشر
ه و األس لوب المناس ب إلى دف ع الض رر الن اجم عن الت أخير في التعاق د ،وعرض ت أوج ه
الشبه واالختالف بين الممارسة العامة واالتفاق المباشر
كم ا بينت دراس ة ه ذا القس م أن الحرم ان من أهم مظ اهر الس لطة العام ة ال تي تتمت ع
اإلدارة به ا في مرحل ة تك وين العق د ،إذ تمتل ك اإلدارة س لطات اس تثنائية تتع ارض م ع
المبادئ األساسية في القانون الخاص ،وما ينتج عن هذا الحرمان من عدم قبول العطاءات
ال تي يتق دم به ا الش خص المح روم ،ح تى ل و ك انت ه ذه العط اءات مس توفية الش روط ال تي
تطَّلبتها اإلدارة .
164
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
القسم الثاني
165
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
يلتزم المتعاقد مع اإلدارة ككل طرف في عقد ما ،بأن يوفي بالتزاماته التعاقدية ووفق ا
لش روط العق د وحس ب القواع د العام ة المق ررة في ه ذا الص دد وال يك اد يختل ف ،موق ف
المتعاق د في الص فقات العمومي ة من ه ذه الناحي ة عن موق ف غ يره من س ائر المتعاق دين،
اللهم إال فيم ا يتعل ق بم دى ت أثير ت أخره في التنفي ذ على المرف ق الع ام ،مم ا س نرى أث ره
بالتفص يل عن د دراس ة الج زاءات ال تي يمكن توقيعه ا على المتعاق د المت أخر أو المقص ر في
تنفي ذ التزامات ه التعاقدي ة ،والتزام ات المتعاق دين تختل ف في ص ورها وأوض اعها ب اختالف
عقودهم مع اإلدارة.
كم ا تتمت ع اإلدارة -كط رف في العق د اإلداري -بس لطات ال مقاب ل له ا في الق انون
الخاص ،و مناط هذه السلطات التي ال يمكن أن يتمتع بها األفراد مقتضيات سير المرافق
العام ة ،وتحقي ق الص الح الع ام ويمكن رد س لطات اإلدارة في ه ذا الخص وص إلى مظ اهر
أربعة هي:
أوال -حقها في الرقابة على المتعاقد أثناء تنفيذ العقد.
ثانيا -حقها في تعديل التزامات المتعاقد بالنقص أو الزيادة.
ثالثا -حقها في توقيع جزاءات منوعة على المتعاقد إذا أخل بالتزاماته.
رابعا -حقها في أنها العقد دون خطأ من جانب المتعاقد.
وي ترتب على ذل ك أن لإلدارة س لطة اإلش راف والتوجي ه على تنفي ذ الص فقات
العمومية ،ولها .دائمًا حق تغيير شروط العقد وإ ضافة شروط جديدة بما قد تراه أكثر اتفاقا
م ع الص الح الع ام ،دون أن يحتج الط رف األخ ر بقاع دة أن العق د ش ريعة المتعاق دين ،كم ا
يترتب عليها كذلك أن لإلدارة سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن هذا هو ما يقتضيه الصالح
الع ام ،وال يك ون للط رف اآلخ ر إال الح ق في التع ويض أن ك ان ل ه ح ق ،وذل ك كل ه على
166
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
خالف األصل في العقود المدنية ،ولم تبق هذه المبادئ نظرية بل طبقتها اإلدارة ،وطرحت
على القض اء اإلداري ح االت عدي دة وأعم ل فيه ا المب ادئ الس ابقة وإ ذا ك انت الص فقات
العمومية نادرًا ما تخلو من مظاهر سلطات اإلدارة السابقة وكانت القوانين واللوائح تنص
على تل ك المظ اهر باس تمرار ،ف إن المس لم ب ه أن طبيع ة العق د اإلداري ،واتص اله بالص الح
العام يجعل من تلك المظاهر حقًا أصياًل لإلدارة تتمتع به دون حاجة إلى النص على ذلك
في العقد ويترتب على هذه القاعدة األصلية نتائج بالغة الخطورة والتي تتمثل في أن عدم
النص على أي مظه ر من تل ك المظ اهر ال يع ني أن اإلدارة ال تس تطيع أن تم ارس تل ك
الحق وق ،ألن مرج ع ح ق اإلدارة في ذل ك ه و طبيع ة العق د ،ف إذا ك ان العق د إداري ًا ك ان
لإلدارة أن تمارس من الحقوق السابقة بقدر ما تدعو إليه الحاجة ،كما أن العقد المبرم بين
اإلدارة و األفراد إذا تضمن بعض مظاهر تلك السلطات دون بعضها اآلخر ،فإن لإلدارة
الحق في أن تستعمل السلطات المنصوص عليها ،كما يقابل كل ما سبق من سلطات هناك
حقوق للمتعاقد في مواجهة اإلدارة تقوم على أساسين ؛هما أن المتعاقد إنما يستمد حقوقه
والتزامات ه من العق د اإلداري ،وأن ه إنس ان يس عى إلى ال ربح وبالت الي ف إن أوفى المتعاق د
بالتزامات ه فل ه الح ق في اقتض اء المقاب ل الم الي للعق د ،وض مان توازن ه الم الي أص نافه إلى
حقه في الحصول على تعويض أن كان لذلك موجب ًا ،وإ ن فرض هذه الحقوق ومراعاتها،
والح رص عليه ا مف اده ع دم ع زوف األف راد للتعاق د م ع اإلدارة ألن ه إذا ح دث ذل ك ف إن
اإلدارة تفق د أنجح الوس ائل في تس يير المراف ق العام ة ولك ل م ا س بق س وف نبحث في ه ذا
القس م بفص لين الفص ل األول امتي ازات اإلدارة أثن اء تنفي ذ العق د اإلداري والفص ل الث اني
حقوق المتعاقد في مواجهة اإلدارة.
167
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الفصل األول
امتيازات اإلدارة أثناء تنفيذ العقد اإلداري
إن اإلدارة العام ة تتمت ع بجمل ة من االمتي ازات أثن اء تنفي ذ العق د اإلداري تختل ف على
تلك التي يتمتع بها الطرف اآلخر من العقد ومرد ذلك كونها الطرف األقرب إلى المصلحة
العامة والساعية إلى تحقق النفع العام وتوفير خدمات للمواطنين والحريصة على المصلحة
العام ة دائم ًا ،وه ذه الس لطة ال تتع دى المظ اهر األربع ة المتف ق عليه ا في ك ل التش ريعات
الحديثة من سلطة التعديل والرقابة والتوجيه وسلطة توقيع الجزاءات إذا ما أخل المتعاقد
معه ا بالتزامات ه ،وس لطة أنه ا العق د إذا دعت المص لحة العام ة ذل ك ،وي ترتب على ذل ك أن
لإلدارة س لطة اإلش راف والتوجي ه على تنفي ذ الص فقات العمومي ة ،وله ا دائم ا ح ق تع ديل
وتغي ير ش روط العق د وإ ض افة ش روط جدي دة بم ا ق د ي تراءى له ا أن ه أك ثر مالئم ة واتفاق ًا
للوص ول إلى الص الح الع ام دون أن يك ون للط رف اآلخ ر ح ق في االحتج اج بقاع دة العق د
ش ريعة المتعاق دين ،كم ا أن اإلدارة ال تس تطيع أن تتف ق في العق د ال ذي تبرم ه بينه ا وبين
األف راد على التن ازل عن اس تعمال ه ذه الحق وق والس لطات بعض ها أو كله ا وال ح تى على
تقييد حقها في استعمال تلك السلطات ،ألن هذه السلطات تتعلق باختصاصات اإلدارة التي
ال يمكن أن تك ون مح ل تعاق د أو تص الح بينه ا وبين األف راد ،وك ل اتف اق مح ل تعاق د أو
تصالح بينها وبين األفراد ،وكل اتفاق يتم خالف ذلك فهو باطل ال يعتد به .وأن كل ذلك
مس تقر في قض اء ك ِّل من ليبي ا وق وانين ال دول الحديث ة وس وف نتن اول في ه ذا الفص ل من
الدراسة مبحثين المبحث األول :سلطات اإلدارة في الرقابة وتعديل العقد والمبحث الثاني:
حق اإلدارة في توقيع الجزاءات على المتعاقد.
168
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المبحث األول
سلطة الرقابة وتعديل العقد اإلداري
تتمتع اإلدارة بحق الرقابة واإلشراف على تنفيذ العقد ،و تملك سلطة توجيه المتعاقد
إلى تنفيذ العقد بالطريق األسلم واألصلح ،بإصدار األوامر والتعليمات الالزمة ،وغالب ًا
ما تشترط اإلدارة ضمن نصوص عقودها اإلدارية أو في وفاتر الشروط العامة والخاصة
التي تحيل عليها حقها في إصدار القرارات التنفيذية التي تخضع تنفيذ لتوجيهها وتراقب
المتعاقد في تنفيذ التزاماته.
كما أن الطبيعة الخاصة للعقود اإلدارية التي تنادي إلى عدم مس اواة المتعاقدين لكون
الف رد يس عى لتحقي ق مص لحة الخاص ة بينم ا تس عى اإلدارة لتحقي ق المص لحة العام ة مم ا
يقتضي ترجيح كفة اإلدارة في مواجهة المتعاقد معها ومن مستلزمات ذلك أال تتقيد اإلدارة
بقاع دة العق د ش ريعة المتعاق دين ،وأن تتمكن من تع ديل عقوده ا لتتمكن من تلبي ة التغي ير
المس تمر في المراف ق ال تي ت ديرها ،كم ا ي ترتب على إدخ ال رقاب ة اإلدارة على تنفي ذ
الصفقات العمومية ضمن النظام العام نتيجة هامة تتمثل في بطالن كل نص يرد في العقد
اإلداري ينص على اس تبعادها ،حيث يق ع ه ذا النص ب اطًال بطالن ًا مطلق ًا ،كم ا تمل ك
اإلدارة حق تعديل ما تقوم به مع الغير من عقود إدارية ،مستندة في ذلك على حقها في
الحفاظ على الصالح العام ،أو على بنود العقد ذاته الذي قد ينص فيه على إعطاء اإلدارة
المتعاق دة ه ذا الح ق وس وف نبحث في ه ذا المبحث في مطل بين المطلب األول .س لطة
الرقابة والتوجيه والمطلب الثاني سلطة تعديل العقد.
169
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب األول
سلطة الرقابة والتوجيه
ف اإلدارة عن دما تتعاق د م ع األش خاص ال تتخلى عن مس ؤوليتها للمتعاق د معه ا إنم ا
تع اون المتعاق د في تس يير المرف ق تحت أش رافها ورقابته ا ويك ون لزام ًا عليه ا الرقاب ة
والتوجيه أثناء عمل تنفيذ العقد ،ولهذا السلطة نظيرها في عقود القانون الخاص ،أما في
الصفقات العمومية فإن اإلدارة تملك سلطات أوسع تتعدى الرقابة إلى توجيه المتعاقد إلى
كيفية التنفيذ والتدخل باختيار الطريقة المناسبة للتنفيذ ،وحق الرقابة والتوجيه يختلف في
م داه من عق د إداري إلى آخ ر ،فهي مح دودة في عق د التوري د وأك ثر اتس اعًا في عق ود
األش غال العام ة إذ أن اإلدارة غالب ًا م ا تم ارس ه ذه الس لطة عن طري ق إرس ال مهندس يها
لزي ارة موق ع العم ل والتأك د من س ير العم ل وس وف نحص ر ه ذا المطلب في عرض ه في
ف رعين :األول؛ التعري ف بس لطة الرقاب ة والتوجي ه ،أم ا الث اني؛ فع رض س لطة الرقاب ة
والتوجيه في القانون الليبي والمقارن.
الفرع األول :التعريف بسلطة الرقابة والتوجيه.
تتمتع اإلدارة بحق الرقابة والتوجيه في تنفيذ العقد اإلداري ولها حق إصدار األوامر
والتعليمات األزمة لهذا التنفيذ ،وغالبا ما تشترط اإلدارة ضمن نصوص عقودها اإلدارية
أو في دفاتر الشروط العامة والخاصة التي تحيل عليها حقها في إصدار الق رارات التنفيذية
التي تخضع التنفيذ لتوجيهها وتراقب المتعاقد في تنفيذ التزاماته.
ويقصد بهذه السلطة ،الوسائل القانونية التي تمتلكها اإلدارة ،في مرحلة تنفيذ العقد،
وال تي من ش أنها أن تجع ل ذل ك العق د محقق ًا للغ رض ال ذي أب رم من أجل ه ف اإلدارة حينم ا
تتعاق د م ع أح د األف راد ال تتن ازل ل ه عن حق وق وامتي ازات الس لطة العام ة ال تي تتمت ع به ا
كوظائف تمارسها في إطار القانون العام.292
-د .محمود خلف الجبوري ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .109 292
170
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وتبرير تلك الخاصية األساسية للعقود اإلدارية هو اتصالها بالمرافق العامة وقيامها
على احتياجاته ا بم ا يكف ل أدائه ا لوظائفه ا وتغليب المص لحة العام ة ،وبم ا يخ ول اإلدارة
س لطة اإلش راف والتوجي ه والرقاب ة في تنفي ذ العق د اإلداري ،فالرقاب ة في ه ذا المج ال له ا
معنيان:
األول :معنى ضيق يتناول سلطة اإلشراف على تنفيذ العقد أو بمعنى أكثر إيضاحا
ح ق اإلدارة في مراقب ة التنفي ذ ،والتأك د من أن يتم وفق ا لم ا تض منه العق د من ش روط وتتم
الرقاب ة في ص ور أعم ال مادي ة أحيان ًا ،مث ال دخ ول أم اكن اس تغالل المرف ق والمخ ازن
وال ورش والمص الح أو ص دور أعم ال قانوني ة كإص دار تعليم ات أو أوام ر تنفيذي ة توجهه ا
293
اإلدارة إلى المتعاقد معها.
الث اني :المع نى الواس ع ويقص د ب ه س لطة التوجي ه أو بمع نى ح ق اإلدارة في توجي ه
أعمال التنفيذ واختيار أنسب الطرق التي تؤدي إليه ،فاإلدارة في هذا ال تقتصر على التأك د
من تنفي ذ العق د بم ا يتف ق والش روط ال واردة ب ه كم ا ه و الش أن في س لطة اإلش راف ،ب ل
تتدخل في توجيه أعمال التنفيذ باختيار أنسب الطرق وأصلح األوضاع التي تراها مناسبة
لحسن سير المرفق العام على أن مدى هذه السلطة تختلف باختالف العقود ،فاألصل العام
ولكن ه يك ون ملتزم ًا في بعض العق ود 294
أن المتعاق د ل ه حري ة اختي ار وس ائل التنفي ذ،
بالخض وع لتعليم ات رج ال اإلدارة وخاص ة فيم ا يتعل ق بعق د األش غال العام ة حيث تحتف ظ
اإلدارة بسلطتها بصفتها صاحبة الحق األصيل في أداء العمل ،وأن المتعاقد نائب عنها في
ه ذا ،وله ذا يتعين اتب اع تعليماته ا .295وأن اإلدارة تبقى ح رة في الت دخل في ال وقت ال ذي
ت راه مناس بًا ،فال أح د يرغمه ا على الت دخل في وقت معين إذا م ا ق ررت ع دم الت دخل،
فاإلدارة منحت سلطة رقابية على تنفيذ العقد اإلداري ،هذه الرقابة التي تتخ ذ وجهين األول
-د ،أحمد بهاء ،مظاهر السلطة العامة ،دار النهضة العربية ،الطبعة الثانية ،2009 ،ص .287 295
171
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
يتعل ق بمهم ة اإلش راف على تنفي ذ العق د بحيث تتأك د من كون ه يتم وف ق م ا يتض منه العق د
وش روطه والوج ه اآلخ ر يهم س لطة التوجي ه بمع نى ح ق اإلدارة في توجي ه أعم ال التنفي ذ
واختيار أنسب الطرق المؤدية إليه.
كما تعتبر سلطة الرقابة في إطار تنفيذ العقد اإلداري من أهم اآلثار التي ت ترتب على
اتصال العقد بنشاط المرفق العام ،وهذه الرقابة هي عبارة عن نشاط تقوم به اإلدارة أثناء
عملي ة تنفي ذ العق د ،مرتك زة في ذل ك ،على توق ع ح دوث األخط اء ومحاول ة منه ا في أيج اد
المخ رج لتجنبه ا والتغلب عليه ا عن طري ق قي اس النت ائج المحقق ة ومقارنته ا بالمع ايير
الموضوعية.296
وتبقى س لطة المراقب ة بمثاب ة امتي از تتمت ع ب ه اإلدارة بالنس بة لجمي ع الص فقات
العمومي ة س واء تم ذكره ا في العق د أو تم التنص يص عليه ا تش ريعيًا وتنظيمي ًا وهن ا
تتصرف اإلدارة مثلها مثل صاحب المشروع.297
وه ذه الرقاب ة ال تس تمدها اإلدارة من س لطتها في الرقاب ة المدرج ة ض من بن ود العق د
فحسب وإ نما من فكرة المرفق العام ،الذي إبرام العقد من أجله ،فإذا كانت اإلدارة غير
ق ادرة على أن ت وفر بنفس ها الم واد والحاج ات ال تي يقتض يها س ير المرف ق وعه دت به ذه
األمور إلى األفراد فإن ذلك ال ينفي مسؤوليتها عن إدارة المرفق العام بانتظام وباضطراد
مما يتطلب منها رقابة النشاط الخاص القائم على تنفيذ العقد.298
-د ،محمد األعرج -القانون اإلداري المغربي -الجزء األول .منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلي ة والتنمي ة " 296
.154
.د .محم د األع رج ،نظ ام العق ود اإلداري ة والص فقات العمومي ة وف ق ق رارات وأحك ام القض اء اإلداري المغ ربي- 298
منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية – عدد 73الطبعة الثانية ، 2007ص
112
172
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
.د ،محمد عبد العال السناري ،.مبادئ أحكام العقود اإلدارية ،في مجال النظرية والتطبيق ،ص .325 299
.د .محمود خلف الجبوري ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .110. 300
173
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
اإلدارة عندما تتعاقد مع األشخاص ال تتخلى عن مسؤوليتها للمتعاقد معها إنما تعاون
المتعاق د في تس يير المرف ق تحت إش رافها ورقابته ا ويك ون لزام ًا عليه ا الرقاب ة والتوجي ه
أثناء عمل المتعاقد في تنفيذ العقد.
وله ذه الس لطة نظيره ا في عق ود الق انون الخ اص ،أم ا في الص فقات العمومي ة ف إن
اإلدارة تمل ك س لطات أوس ع تتع دى الرقاب ة إلى توجي ه المتعاق د إلى كيفي ة التنفي ذ والت دخل
باختيار الطريقة المناسبة للتنفيذ.
وح ق اإلدارة في الرقاب ة والتوجي ه يختل ف في م داه من عق د إداري إلى آخ ر فه و
مح دود في عق د التوري د وأك ثر اتس اعًا في عق ود األش غال العام ة إذ أن اإلدارة غالب ا م ا
تمارس هذه السلطة عن طريق إرسال مهندسيها لزيارة موقع العمل والتأكد من سير العمل
وفقًا للمدى الزمني المحدد ووفقًا للمواصفات المذكورة في العقد وإ صداره لألوامر المناسبة
301
في هذا المجال شريطة أن تكون هذه التعليمات الزمة لتنفيذ العمل.
وفي ه ذا المج ال ذهبت المحكم ة العلي ا في ليبي ا في حكمه ا بت اريخ 1978.2.16م
إلى أنه وإ ن كانت المادتان 12.11من عقد حفر آبار ،المبرم بين جهة اإلدارة والمقاول
تخوالن اإلدارة إصدار األوامر والتعليمات إلى المقاول ووجوب انصياعه إلى هذه األوامر
والتعليم ات ،إال أن ه يش ترط ل ذلك أن تك ون ه ذه التعليم ات الزم ة لتنفي ذ العم ل على الوج ه
الص حيح ،ف إن ت بين أن ه ذه التعليم ات تتض من ،أم ورًا ال تتف ق م ع أص ول الفن ف إذا ك ان
ي بين أن المق اول " الط اعن " اع ترض على أج راء التجزئ ة على الب ئر قب ل تبطينه ا وأن ه
174
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
االنهيار حدث فعًال في البئرين 1و 2وعندما أجريت التجارب قبل التبطين وعندما كان
الط اعن يباش ر الحف ر في الب ئر الث الث ،طلب إلي ه المهن دس المش رف إج راء التجزئ ة قب ل
التبطين فرفض القيام بها حتى ال يتكرر ما حدث في البئرين األولين ،وإ ذا أصرت البلدية
على أن يقوم المقاول بتنفيذ تعليمات المهندس المشرف في هذا الشأن ورفضت أن تكون
ه ذه التعليم ات مكتوب ة ،مم ا ح دى بالط اعن إلى االمتن اع عن تنفي ذ العم ل على ه ذا النح و
مخ الف ألص ول الفن ،وك ان البي ان من تقري ر رئيس الهي دروليكا بكلي ة الهندس ة أن ه يل زم
وضع الشروط والمواصفات التفصيلية الصريحة إلجراء تجربة الضخ حتى يمكن تحديد
إجرائها اتخاذ االحتياطات الالزمة حتى ال تحدث االنهيارات في البئر ،وأن عقد المقاولة
قد خال من ذكر إجراء تجارب ضخ استكشافية وكان ما استند إليه الحكم المطعون فيه ال
يتضمن ردًا على هذا الدفاع الجوهري ،كما بَّين أن الطاعن أشار إلى أن التجارب تمت
بغ ير تبطين وأن ه يش ير في خطاب ه األخ ير إلى ض رورة تبطين الب ئر قب ل إج راء تجرب ة
الض خ ح تى ال يح دث االنهي ار ،وك ان الحكم المطع ون في ه وأن اس تند إلى ت راخي الط اعن
في التنفيذ إال أنه لم يتضمن ردًا سائغًا على ما أثاره الطاعن بشأن وجوب تبطين البئر قبل
175
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
إجراء تجربة الضخ ،كما خالف الثابت في رسالتي الطاعن التي استند الحكم إلى إحداهما
ومن قبي ل رقاب ة اإلدارة وإ ش رافها على تنفي ذ عقوده ا ح ق اإلدارة في الت دخل في
عالقة المتعاقد بمستخدميه وعماله وتنظيم ساعات العمل وتحديد األجور الخاصة بهم.303
لتحقي ق أع راض خاص ة ال تتعل ق بالمص لحة العام ة ،ومن ج انب آخ ر يجب أن ال ت ؤدي
ومن الث ابت أن اإلدارة تتمت ع ،به ذا الح ق س واء أك ان منصوص ًا علي ه ض من ش روط
العقد أم لم يكن منصوصًا عليه ولو أن العمل قد جرى على ذكره في دفتر الش روط العام ة
ومن ذل ك م ا نص ت علي ه الم ادة ( )125من الئح ة الص فقات العمومي ة الليبي ة ال تي ورد
فيها:
أ .يجوز للجهة اإلدارية المتعاقدة -في أي وقت -تصحيح إي خطأ أو سهو يقع في
الرس ومات أو المواص فات أو البيان ات ال تي تق دمها ه ذه الجه ة ،وليس للمق اول أن يط الب
بأي تعويض بسبب ذلك.
ب .وعلى المقاول أن يتحرى بنفسه طبيعة األعمال والمقاسات والمقادير والكميات،
وأن يجرى كل ما يلزم لذلك من تحريات واختيارات وغيرها للتأكد من سالمة الرسومات
والتص ميمات والمق ادير والمواص فات والبيان ات ال تي اعتم دت وط رح على أساس ها
-302حكم المحكم ة العلي ا في 1978-2-16طعن إداري -23-14م -م – ع من 14ع 3ق أبري ل .1978ص
.74 -73
-د .ثروت بدوي ،.مبادئ القانون اإلداري ،بدون دار نشر ،سنة ، 1971ص .99 303
-د .سليمان محمد الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .449 304
176
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
177
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كم ا أن الم ادة الس ابعة من الق انون رقم 129لس نة .1947الخ اص بنظ ام التزام ات
المرافق العامة و المعدلة بمقتضى القانون رقم 497لسنة 1954م القانون رقم 85لسنة
306 " 1958تنص على أنه " لمانح االلتزام أن يراقب إنشاء المرفق العام موضوع االلتزام
وس يره من الن واحي الفني ة واإلداري ة والمالي ة ،ول ه في س بيل ذل ك تع يين من دوبين عن ه في
مختل ف الف روع واإلدارات ال تي ينش ؤها المل تزم الس تغالل المرف ق ،ويختص ه ؤالء
المن دوبون بدراس ة تل ك الن واحي ،وتق ديم تقري ر ب ذلك لم انح االل تزام ،ويج وز بق رار من
رئيس الجمهوري ة بن اء على اق تراح ال وزير م انح االل تزام أو المش رف على الجه ة مانح ة
االلتزام ،أن يعهد إلى ديوان المحاسبة بمراقبة إنشاء المرفق وسيره من الناحية المالية ،أو
أن يعه د بالرقاب ة الفني ة واإلداري ة علي ه إلى أي ة هيئ ة عام ة أو خاص ة ،كم ا يج وز لل وزير
المختص أن يق رر تش كيل لجن ة أو أك ثر من بين م وظفي وزارت ه أو غيره ا من ال وزارات
والهيئ ات العام ة لت ولي أم ر من أم ور الرقاب ة على التزام ات المراف ق العام ة ،وفي ه ذه
الحالة يتولى ديوان المحاسبة أو الهيئة أو اللجنة المكلفة بالرقابة دراسة النواحي التي نيط
بها رقابتها ،وتقديم تقرير بذلك إلى كل من الوزير المختص والجهة مانحة االلتزام.
" وعلى الملتزم أن يقدم إلى مندوبي الجهات التي تتولى الرقابة وفق ًا ألحكام السابقة
كل ما قد يطلبون من معلومات أو بيانات أو إحصاءات ،كل ذلك دون اإلخالل بحق مانح
االل تزام في فحص الحس ابات أو التف تيش على إدارة المرف ق في أي وقت ولق د ك ان نص
الم ادة قب ل تعديل ه يقص ر الرقاب ة على الن واحي المالي ة فع دل النص إلى وض عه الجدي د،
وب رزت الم ذكرة اإليض احية للق انون رقم 497لس نة 1954ه ذا التع ديل يقوله ا " وبحكم
الوارد في المادة سالفة الذكر " 7قديما " وأن أبرز حق رقابة الملتزم من الناحية المالية
إال أن ه من المس لم أن ح ق الرقاب ة في أص له ليس قاص رًا " يقص د مقص ورًا " على الرقاب ة
المالي ة دون غيره ا ،ب ل يمت د إلى الن احيتين الفني ة واإلداري ة ،وح ق الرقاب ة يظ ل موج ودًا
.المادة السابعة من القانون 129لسنة 1947المعدل بمقتضى القانون رقم 497لسنة 1954والقانون رقم 85لسنة 306
1958
178
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
طالم ًا وج د المرف ق الع ام ،وبعب ارة أخ رى أن الطبيع ة القانوني ة للمرف ق الع ام هي األس اس
القانوني لسلطة الدولة في الرقابة ،ذلك أن المرفق العام ما هو إال هيئة أو مشروع يعمل
باطراد وانتظام لسد حاجيات الجمهور ،ومن مقتضى مراقبة سير المرفق العام أن يكون
للدولة تعيين مندوبين في جميع إدارات وفروع المرفق العام ،تكون مهمتهم دراسة كيفية
قيام الملتزم بإدارة المرفق وتقديم توصياتهم للدولة في هذا الشأن.307
وحينم ا ال يوج د نص ي بين م دى س لطة اإلدارة في الرقاب ة س واء في العق د أو في
القوانين واللوائح -يثور البحث عن مدى أحقية اإلدارة في التدخل في أوضاع تنفيذ العقد،
أما عن الرقابة بمعناها الضيق الذي حددناه ،فال شك حول حق اإلدارة في ممارستها على
النحو الذي أوضحناه ،وأما عن الرقابة التي تتناول التدخل في اختيار أوضاع التنفيذ ،فإن
األمر بشأنها ،يختلف باختالف العقود ،وفقًا لمدى صلة العقد بالمرفق العام -وهو األساس
الذي تقوم عليه سلطات اإلدارة.308
وقد أكد القضاء اإلداري المصري في عدة أحكام له على وجود هذه السلطة مستقلة
عن العق د ودف اتر الش روط واعتباره ا من النظ ام الع ام ،ومن ع اإلدارة من التن ازل عنه ا-
كما سبق وأن أشرنا ، -فقد قررت محكمة القضاء اإلداري أن شروط العق د اإلداري " هي
مظهر اإلدارة ولها سلطة إلزام من قبل أن يكون خاضعا لقانونها ".
-307كما أن المذكرة اإليضاحية للقانون رقم 185لسنة 1958م بتعديل ذات المادة وهي قد عدلت مرتين كما ذكرنا-
تقول " وحق الرقابة على الملتزم حق أساسي مرده إلى فكرة المرفق العام وما يقتضيه سيره وانتظامه ،وهو حق ثابت
للجه ة مانح ة االل تزام ،ول و لم ينص علي ه في العق د ،ب ل يظ ل موج ودا طالم ا وج د المرف ق الع ام وق د تض من المش روع
المقترح بتعديل نص المادة 7من القانون رقم 129لسنة 1947بما يكفل تحقيق رقابة أدق وأوفى على الملتزم لكفالة
س ير المرف ق الع ام " واس تطردت الم ذكرة نق ول .ولئن ك ان المش روع ق د تض من ص ورا متع ددة من الرقاب ة لكفال ة س ير
المراف ق العام ة وانتظامه ا ،إال أن اختي ار إح دى ه ذه الوس ائل أو الجم ع بينه ا م رده إلى ال وزير المختص " أو الجه ة
المختصة ،إذ يترخص في تقدير مالئمة كل منها الحتياجات المرفق وما يقتضيه نظام سيره بما يحقق المصلحة العامة،
فعلى ضوء احتياجات المرفق العام ،يقرر الوزير اختيار ما يناسبها من وسائل الرقابة وما يتالءم معها من صورها فال
يجمع بين أكثر من صورة منها إال إذا قدر أنها أصلح لتأمين سير المرفق ،وتغليب المصلحة العامة التي تبتغيها العقود
اإلدارية مشار إليه في كتاب الدكتور سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .435
-د .أحمد عياد ،مظاهر السلطة العامة ،مرجع سابق ،ص .287 308
179
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وأن هذا القانون وهو دستور الصفقات العمومية يعطي لجهة اإلدارة سلطة الرقابة
على تنفيذ العقد وسلطة توقيع الجزاءات على المتعاقد معها إذا أخل بالتزاماته.309
وفي فرنس ا أش ارت الم ذكرة اإليض احية للق انون الص ادر في 13ديس مبر 1903
الخاص بالتزامات السكك الحديدية ومجاري المياه إلى أن الحكومة وهي شخص عام تملك
كل سلطات التدخل بالرقابة والتوجيه التي لم يقررها لها قانون أو الئحة مستقلة لها قوة
الق انون ،وي رى الفقه اء الفرنس يون أن ه ذه القاع دة ال تي تق وم بالتأكي د بالنس بة لعق د ال تزام
المرفق العام تمتد -بوحدة األسباب -إلى كل الصفقات العمومية .310
ونجد مظاهر هذه الرقابة اإلدارية في القانون المغربي في عقود األشغال العمومية،
تش مل المس تخدمين ومك ان العم ل والعت اد ،ف اإلدارة تعل ق أس ماء العم ال وع ددهم وص فتهم
وجنسيتهم وص فة تعاق دهم والهدف هو معرفة م دى اإلمكاني ات البشرية ال تي تتوفر عليها
المقاول ة إلنج از األش غال بحجمه ا المطل وب وفي وقته ا المح دد ل ذلك فهي تس تطيع مطالب ة
المقاول بزيادة عدد العمال وكذلك استبدال بعضهم إذا دعت الضرورة .311فالمفروض في
هؤالء العمال أن يكونوا على درجة من الكفاءة والخبرة تؤهلهم لمساعدة المقاول على سير
األشغال وإ نجازها وهذا ما تضمنه المرسوم المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة.312
ونخلص مما سبق أنه مهما كانت سلطة اإلدارة في رقابة التنفيذ وتوجيهه فإنها يجب
أن تق ف عن د ح د ع دم تغي ير طبيع ة العق د وال تتج اوز ح دود المش روعية ،وهي بص دد
ممارسة س لطة الرقابة كم ا ال يجوز له ا أن ت رمي إلى تحقيق ه دف ال يمت للمرفق الع ام
موضوع التعاقد بصلة وال يكون من شأن تلك الرقابة مخالفة موضوع العقد أو تعديله.
-د،عبد الحميد حشيش ،التطور الحديث للمبادئ العامة للعقود اإلدارية ،مجلة العلوم اإلدارية ،السنة الرابعة ،العدد 309
-د.عبد اهلل حداد ،صفقات األشغال العمومية ودورها في التنمية .دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع ،سنة1994 311
ص124
-المرسوم المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة مصدر في الجريدة الرسمية بتاريخ 2000-6-1عدد .4800 312
180
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
181
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب الثاني
سلطة تعديل العقد اإلداري
من المب ادئ الرئيس ية ال تي تق وم عليه ا عق ود الق انون الخ اص قاع دة " العق د ش ريعة
المتعاق دين " ومض مونها أن ه ال يج وز ألي من المتعاق دين التحل ل من التزامات ه بص ورة
منفردة وال يجوز ألي من المتعاقدين تعديل العقد أو نقصه إال باالتفاق مع المتعاقد اآلخر.
لكن الطبيع ة الخاص ة للعق ود اإلداري ة وع دم مس اواة المتعاق دين لك ون الف رد يس عى
لتحقيق مصلحته الخاصة بينما تسعى اإلدارة لتحيق المصلحة العامة مما تقتضي ترجيح
كفة اإلدارة في مواجهة المتعاقد معها ،ومن مستلزمات ذلك إال تتقيد اإلدارة بقاعدة " العقد
ش ريعة المتعاق دين " .وأن تتمكن من تع ديل عقوده ا لتتمكن من تلبي ة التغي ير المس تمر في
المرافق التي تديرها.
ولق د أب اح ك ل من المش ِّر ع والقاض ي اإلداري _ إذا ح دثت ظ روف لم تكن متوقع ة
وقت أب رام العق د الح ق في تع ديل بن ود العق د مم ا يجعله ا مالئم ة للظ روف المس تحدثة ألن
الط رفين المتعاق دين لم يتوقع ا ه ذه الظ روف الجدي دة ،وه ذا يؤك د ح ق اإلدارة في تع ديل
العقد بما يجعله متمشيا مع األوضاع التي طرأت بعد إبرامه وأثناء تنفيذه.
وق د نش أ ج دل فقهي كب ير ح ول مس ألة تمَّت ِع اإلدارة به ذه الس لطة بين مؤي دين
ومعارض ين؛ ل ذلك س نتناول ه ذا المطلب في ف رعين :األول -نش أة فك رة س لطة اإلدارة
في تعديل العقد اإلداري ،و الثاني -قيود تعديل العقد اإلداري.
الفرع األول :نشأة فكرة سلطة اإلدارة في تعديل العقد اإلداري.
لإلدارة الحق في تعديل ما تقوم بإبرامه مع الغير من عقود إدارية ،وحقها هذا
مستمد من العقد اإلداري ذاته الذي ينص فيه على إعطاء اإلدارة المتعاقدة هذا الح ق أو أن
تفرضه المصلحة العامة التي قد تتطلب تغيرًا في بنود العقد.
182
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
إال أن ه في البداي ة لم تكن فك رة العق د اإلداري قد تبل ورت بالق در الك افي ،فك ان ينظ ر
إلى اإلدارة بوصفها مقيدة بما تعهدت به وال تستطيع تعديله بإرادتها المنفردة ولكن يجب
أن يكون هناك نص صريح يجيز لها ذلك تمشيًا مع القوة اإللزامية للعقد المعمول به في
نطاق القانون الخاص.
وق د س اد ه ذا االتج اه ح تى مطل ع الق رن العش رين وإ ن ك ان ثم التخفي ف من ه ب إيراد
بعض التحفظ ات علي ه ،مث ال ذل ك الق ول :إن ه إذا ك انت اإلدارة المتعاق دة ال تمل ك بص فتها
ه ذه إدخ ال أي تع ديل على نص وص العق د إال أنه ا وبوص فها س لطة ض بط إداري مكلف ة
بالمحافظ ة على األمن والس كينة تس تطيع اتخ اذ م ا تش اء من إج راءات ول و أس فر ذل ك عن
تعديل شروط العقد.313
هذا وقد ثار جدال فقهي حول هذه الفكرة وانقسمت اآلراء إلى مؤيدين ومعارضين
لها على النحو اآلتي:
أوال -االتجاه المعارض لسلطة التعديل:
في نهاي ة الق رن التاس ع عش ر ،ك ان فقه اء الق انون الع ام الفرنس ي ي رون وفق ًا لل رأي
السائد آنذاك التزام اإلدارة باحترام العقد ،شأنها في ذلك شأن اإلفراد المتعاقدين معها ذلك
إذا لم ينص القانون بنصوص خاصة ،وبالتالي ال يكون لها مركز متميز عن مرك ز ه ؤالء
اإلف راد ،وال ين ال من ذل ك مش روعية اله دف ال ذي تس عى إلي ه من وراء التع ديل ،وقي ل إن
احترام التعهدات التعاقدية يعتبر الضمان األساسي الستقرار العالقات التعاقدية والقانونية،
وأنه يتعين على الدولة أن تلتزم باحترام تعهداتها التي ضمنتها في عقودها ،وأن الضرر
الذي يترتب على مساس اإلدارة بمبدأ احترام العقود واحترام الحقوق المكتسبة سيكون أش د
وجوبا من النفع العام الذي تهدف إلى تحقيقه من جراء هذا المساس.
وقد ساعد على شيوع هذه األفك ار النظرة التي تبناها مجلس الدولة الفرنسي آنذاك
للعقود اإلدارية ،حيث لم تكن اإلدارة تملك سلطة على المتعاقد معها سوى الحقوق المخولة
-د .عبد الحميد حشيش ،مرجع سابق ،ص . 137 313
183
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
لها بنص القانون أو العقد مثال ذلك أن المحافظ ال يملك الحق في أن يفرض على شركة
ملتزمة إقامة محطات جديدة.
ولع ل الفقي ه الفرنس ي " 314
م ا لم يكن هن اك نص على ذل ك في دف تر االش تراطات
لوليي ه " يع د أب رز من ناهض وا س لطة اإلدارة في تع ديل العق د اإلداري بإرادته ا المنف ردة
حيث ي رى أن س لطة التع ديل االنف رادي المق ررة لإلدارة في عقوده ا اإلداري ة ترتك ز على
فكرة زائفة ابتدعها الفقهاء وأنها لم تتأثر بقضاء مجلس الدولة إذ أن األحكام التي قررت
وجود هذه السلطة يمكن تفسيرها دونما حاجة إلى القول بأن الصفقات العمومية تخرج
عن تل ك القاع دة األساس ية ال تي تقض ي ب أن العق د ش ريعة المتعاق دين كم ا أن ه توج د أحك ام
متعددة تنكر صراحة على اإلدارة المتعاقدة سلطة التعديل االنفرادي المزمعة.
وخلص األستاذ " لولييه " إلى القول إن سلطة التعديل االنفرادي ال توجد في أي عقد
من الصفقات العمومية ،بما في ذلك عقد التزام المرفق العام وهي وإ ن وجدت فإنما تجد
أساسها في نص صريح أو ضمني من نصوص العقد ذاته ،وأن النصوص الصريحة في
ه ذا الش أن كث يرًا م ا توج د في دف اتر الش روط ،وم ع تك رار النص عليه ا في الص فقات
العمومي ة ف إن القض اء ق د اف ترض وجوده ا وقرر أن ه في حال ة س كوت العق د توجد سلطة
اإلدارة في التعديل االنفرادي لصالحها.315
كما يضيف األستاذ " لولبية " أن الحلول القضائية التي تأخذ بسلطة اإلدارة في تع ديل
العقد ليست سوى تطبيقا بحكم المادة " " 1135من التقنين المدني الفرنسي والتي تقتضي
ب أن االتفاق ات ال تقتص ر على إل زام المتعاق دين بم ا ورد فيه ا ب ل تش مل أيض ًا م ا ه و من
مس تلزماتها وفق ًا للع رف والعدال ة والق انون بحس ب طبيع ة االل تزام ،وأن ذل ك ي ترجم في
الق انون اإلداري إلى " الممارس ة اإلداري ة " أي الع ادات ولع رف اإلداري ،ف إذا اقتض ى
-حكم مجلس الدولة الفرنسي ،ب 1890-5-23 :م قضية شركة سكة الحديد االقتصادية. 314
-د عبد السالم المزوغي ،النظرية العامة في العقود اإلدارية ،بدون دار نشر ،سنة ،1993ص .245 315
184
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
العرف المتبع بواسطة اإلدارات العامة أن تدرج عادة في طائفة معينة من العقود نصوص
تحف ظ لإلدارة المتعاق دة س لطة إنه اء العق د اإلداري وه ذه النص وص يف ترض وجوده ا في
العق د عن دما تغف ل اإلدارة عن النص عليه ا ،وطالم ا تج د ه ذه الس لطة مص درها في الع ادة
اإلداري ة أي في الموافق ة الض منية لألف راد فال يمكن اعتباره ا من النظ ام الع ام ولكن رأي
األستاذ " لولييه " في هذا الشأن لم يسلم من النقد حيث تولي األستاذ " دي لوبادير " الرد
على هذا الرأي ويقول إنه غير مقنع ويتعين تصحيح ما جاء به ويؤكد بأن األحكام المؤي دة
لسلطة اإلدارة في التعديل المنفرد متوفرة ،فالقضاء يعترف فيما يتعلق بالتزام المرفق الع ام
بحق السلطة مانحة االلتزام في أن تقرر التعديالت المتعلقة بتنظيم المرفق ،كما ينص علي ه
دفتر االشتراطات ،بل وحتى في الحاالت التي ال ينص هذا الدفتر ص راحة على التعديل
ومن ج انب أخ ر هن اك ص ورة لس لطة التع ديل المنف رد ال تي قلم ا ينتق د وجوده ا في ك ل
الص فقات العمومي ة ،وهي س لطة اإلدارة في إنه اء العق د ال ذي يص ير تنفي ذه غ ير محق ق
للمصلحة العامة ،فيجوز لإلدارة أن توقف التنفيذ إذا اقتصت الحاجة ذلك ،قبل نهاية تنفيذ
موضوع العقد أو قبل حلول أجل نهايته.316
وأن ه تبع ًا ل ذلك ف إن ه ذا التنظيم يمكن تعديل ه في أي وقت طبق ًا للحاج ات االجتماعية
واالقتصادية فكما ذكر مفوض الدول " بلوم " في قضية الشركة العامة الفرنسية لقطارات
الم دن " ال ترام " ال تتخلى الدول ة عن المرف ق الع ام للنق ل إذا منح ه بطري ق االل تزام ،فه و
وإ ن كان قد منح عن طريق االلتزام ،إال أنه ال يزال مرفقًا عامًا فااللتزام يمثل تفويض ًا أي
أنه يكون طريق لإلدارة غير مباشر ومن ثم ال يعد من قبيل لترك أو اإلهمال ،إدا تملك
الدولة التدخل عند الضرورة لتفرض على المل تزم أداء أعلى عن األداء المنصوص عليه
أص ًال وذل ك باس تعمالها لس لطات ال تي تملكه ا بوص فها س لطة عام ة وليس ت تل ك الس لطات
التي خولها لها االتفاق ".
185
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كما ذهب الفقيه (بكيينو) إلى القول إن سلطة التعديل المنفردة المقررة لإلدارة تعتبر
عنصرا من عناصر النظرية العامة للعقود اإلدارية وهي سلطة عامة تشمل جميع العقود
واالش تراطات ف اإلدارة وهي ت برم عق دا إداري ًا ال ينظر إليه ا باعتباره ا متعاق دا عادي ا ذل ك
أنها ال تسعى إلى تحقيق غرض آخر سوى تحقيق الصالح العام وفكرة المصلحة العامة
متغيرة تبعًا للظروف االجتماعية واالقتصادية في المجال المعني.
خالصة القول أن الرأي السائد في الفقه الفرنسي يقر بحق اإلدارة في تعديل عقودها
اإلداري ة بإرادته ا المتف ردة في غي اب نص بن ود العق د وذل ك من خالل ق رار مجلس الدول ة
الش هير ال ذي تتلخص وقائع ه في قي ام اإلدارة ب إبرام عق د م ع أح د الخ واص لت أمين النق ل
العمومي بواسطة (التزام) في مدينة مرسليا الفرنسية لكونها اتخذت بعد ذلك قرارًا يفرض
على الشركة صاحبة االمتياز الزيادة في عدد السفرات المخصصة لفصل الصيف لمواجهة
تزايد الطلب خالل هذه الفترة فقامت هذه الشركة بدعوى قضائية إللغاء قرار اإلدارة نظرا
لتعارضه مع بنود العقد ولكن مجلس الدول الفرنسي رفض هذه الدعوى وأقر حق اإلدارة
-المرجع السابق،ص .248 317
186
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
في إدخ ال التع ديالت الالزم ة لمواجه ة المتطلب ات الجدي دة للمرف ق الع ام اعتم ادا على نص
قانوني يسند لإلدارة اختصاص تحديد السفرات وأوقاتها.
ولقد استنتج معظم الفقهاء من خالل هذا القرار وجود قاعدة قضائية عامة تطبق على
جمي ع الص فقات العمومي ة يمكن بمقتض اها تغ ير بن ود العق د لمالئمت ه بمقتض يات المرف ق
العام.318
لكن تع رض ه ذا الموق ف للنق د الش ديد حيث أق ر الفقي ه (لوليي ه) أن ه ال يمكن اس تنتاج
مب دأ ع ام يق ر لإلدارة ح ق التع ديل من خالل ق رار مجلس ال دول ال ذي ارتك ز على نص
قانوني خاص و قد اعتبر هذا الفقيه أن مبدأ القوة الملزمة للعقد ينطبق على اإلدارة مثلما
هو الشأن بالنسبة لألفراد.319
كم ا أق ر الفقي ه فرانس يس ب ول أن مجلس الدول ة لم يقم في حقيق ة األم ر إال بتط بيق
المب دأ ال ذي بمقتض اه ال يج وز التن ازل عن س لطات الض بط اإلداري بم وجب عق د وأن ه ال
مجال الستخالص مبدأ ع ام يمكن اإلدارة من تعديل العقود التي تبرمها ألن اإلقرار بهذا
المبدأ يؤدي إلى إنكار فكرة العقد من أساسها ولقد أدى هذا الجدل الفقهي إلى إبراز مدى
خط ورة اإلق رار بتمت ع اإلدارة بس لطة عام ة لتع ديل الص فقات العمومي ة حيث ع ارض
بعض الفقهاء هذه النظرية من أجل تضاربها مع مبدأ القوة الملزمة للعقد رغم ذلك فقد قام
مجلس الدول ة الفرنس ي بوض ع ح د له ذا الج دل الفقهي حيث توص ل إلى حس م الموق ف من
خالل قراره الصادر في 2فبراير 1983الذي اقر فيه بكل وضوح أن حق تعديل العقد
بص فة منف ردة ه و امتي از مق رر لفائ دة اإلدارة بمقتض ى القواع د العام ة المنظم ة للعق ود
اإلداري ة هك ذا يمكن الج زم ب أن اإلدارة تمل ك س لطة تع ديل التزام ات المتعاق د معه ا س واء
بالزيادة أو النقصان وذلك حتى في عدم النص على ذلك ضمن بنود العقد.320
-د .سليمان الطماوي ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .438 318
.-د .محمد الشلماني ،العقود اإلدارية وأحكام إبرامها ،مرجع سابق ،ص .142 320
187
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
فالصفقات العمومية التي تنص صراحة ضمن بنودها على حق اإلدارة في تعديل ال
تنش ئ ه ذا الح ق إنم ا تك رس في حقيق ة األم ر قاع دة عام ة ،وت بين ش روطها وكيفي ة
ممارستها.
ثالثا -موقف الفقه العربي:
يأخذ الرأي الراجح في الفقه العربي بحق اإلدارة في تعديل عقودها اإلدارية بإرادتها
المنفردة فيرى األستاذ الدكتور :محمد فؤاد مهنا (أن حق اإلدارة في تعديل العقد اإلداري
بإراداتها المنفردة مسلم به بصفة عامة من جانب الفقه والقضاء ،وهو مقرر لإلدارة كمبدأ
عام بالنسبة لكل الصفقات العمومية ،ولو لم ينص عليه في العقد ،وليس معنى ثبوت حق
اإلدارة في تع ديل العق د اإلداري بإرادته ا المنف ردة أنه ا غ ير ملزم ة ب احترام العق ود ال تي
تبرمها ،ولكن معنى ذلك أن مبدأ عدم جواز تعديل العقد إال برضا الطرفين ،و هو المبدأ
المق رر في الق انون الم دني بالنس بة لعق ود الق انون الخ اص ،ه ذا المب دأ ليس واجب التط بيق
بص فة مطلق ة في الص فقات العمومي ة ؛ألن اإلدارة تمل ك طبق ًا للمب ادئ المس لم به ا في
الق انون اإلداري ح ق تع ديل ش روط الص فقات العمومي ة بض وابط معين ة ،واالتف اق يك اد
يكون تام ًا بين فقهاء القانون العام في فرنسا ،على أن الشروط التي تقرر حقوق المتعاقد
المالية ال يتناولها حق التعديل ،أما ماعدا ذلك من شروط ،وهي الشروط التي تتعلق بسير
المرفق وتنظيمه ،فتخضع لقاعدة التعديل.321
هذا االتجاه ويرى (أن سلطة اإلدارة في التعديل 322
ويؤيد الدكتور سليمان الطماوي
مناطه ا احتياج ات المراف ق العام ة فهي ليس ت مج رد مظه ر للس لطة اإلداري ة تتمت ع به ا
اإلدارة ،ولكنه ا نتيج ة مالزم ة لفك رة المرف ق الع ام ال تي يرج ع إليه ا معظم قواع د الق انون
اإلداري وعلى ذلك يجب أن تكون قد استجدت ظروف بعد إبرام العقد تبرر هذا التعديل
-د .توفيق شحاته ،مبادئ القانون اإلداري ،مرجع سابق ،ص .201 321
188
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
بحيث ال تس تطيع اإلدارة أن تلج أ إلى تع ديل ش روط العق د بإرادته ا المنف ردة ب دون تغ ير
ولكن قد ثار خالف في الفقه العربي حول حالة ما إذا كانت الظروف لم تتغير ،ومع
ذلك رأت اإلدارة أنها قد أخطأت في تقدير مقتضيات سير المرافق العامة فهل تمل ك تع ديل
الحالة أن تتحمل الخطأ الذي وقعت فيه ؛ألنها ال تستطيع أن ت دارك خطأه ا وتفرض على
المتعاق د معه ا تع ديل العق د لتلبي ة احتياج ات الجماع ة بص ورة أفض ل ،ذل ك أن ه ك ان يتعين
عليه ا أن ت درس بص ورة كامل ة مش اريعها قب ل أن تعرض ها على المتعاق د معه ا ،فيم ا ع دا
ذلك يرى األستاذ الدكتور ثروت بدوي أن فكرة السلطة العامة وما تتمتع به اإلدارة من
امتي از اتخ اذ الق رارات الناف ذة من تلق اء نفس ها وامتي از تنفي ذ قراراته ا تنفي ذًا جبري ًا إذا لم
ينف ذها األف راد اختياري ًا ،هي الفك رة ال تي تجع ل س لطة التع ديل س لطة فعلي ة له ا أثاره ا
العملي ة ،ف اإلدارة بمقتض ى حقه ا في اتخ اذ ق رارات ذات ط ابع تنفي ذي ،وبمقتض ى س لطتها
-أما الدكتور /مصطفى كمال وصفي ،فقد خرج عن إجماع هؤالء الفقهاء من حيث تقرير سلطة اإلدارة في التعديل
فقد أنكر الطبيعة التعاقدية على غالبية العقود اإلدارية واعتبرها من األعمال المنظمة الشرطية فعقد االلتزام هو نظام
تنتفي عنه صفة العقد من كل ناحية وعقد األشغال العامة أيض ًا فيه هذا الجانب وهما بهذه الصفة يجوز تعديلها بما ال
يمس الحق وق المالي ة أم ا عق ود التوري د فهي أعم ال ذاتي ة -أي عق ود ؟ وهي باعتباره ا ك ذلك ال يك ون لإلدارة الح ق في
تعديلها وهذا الرأي منشور للدكتور كم ال وصفي بعنوان حول س لطة اإلدارة في تعديل شروط العقد اإلداري بإرادته ا
المنفردة في مجلة العلوم ص ،13ص 143وما بعدها.
189
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
في التنفيذ المباشر تستطيع أن تفرض على المتعاقد التعديالت التي يقتضيها الصالح العام
وتجعل التعديالت نافذة من تلقاء نفسها رغمًا عن المتعاقد أي تلزم المتعاقد بها ولو كرها.
تع ديل العق د ،إال أن ه يلقى معارض ة من فقه اء آخ رين حيث ينك ر على اإلدارة حقه ا في
التعديل تصحيحًا لخطإ وقعت فيه ،ويقول هؤالء الفقهاء ،325أن هذا الرأي يتجاهل األساس
الذي تقوم عليه سلطة التعديل فهي مرتبطة بالقواعد الضابطة لسير المرافق العامة ومن
أولها قاعدة قابلية المرفق العام للتغيير ،والمرفق العام يقبل التغيير في كل وقت حتى ثبت
إن التغي ير من ش أنه أن ي ؤدي إلى تحس ين الخدم ة ال تي يق دمها إلى المنتفعين ،وفك رة
التعديل هي فكرة مالزمة للقاعدة السابقة فسواء أكانت اإلدارة مخطئة في تقديراتها أم غ ير
مخطئة في تقديراتها ،فإنه يجب تكيفها من تنظيم المرفق بالطريقة التي تحقق الصالح العام
على أتم وج ه ممكن رائين أن ذل ك األم ر ال يتص ل بتوقي ع العق اب على اإلدارة لخطئه ا
وإ نما األمر يتصل بتحقيق النفع العام.
وي ذهب ال دكتور ص بيح مس كوني إلى أن اإلدارة تمل ك س لطة تع ديل ش روط العق د،
ويرى أن أساس هذه السلطة هو ضرورة مواجهة متطلبات سير المرافق العامة وُيمِّك ُنها
ذلك من مراجعة شروط العقد تبع ًا لمستلزمات المصلحة العامة التي قد تتغير أثناء تنفيذ
190
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
العقد ،ومن ثم فال حرج من التضحية بالمصلحة الخاصة في سبيل المصلحة العامة بإعادة
326
النظر في شروط العقد.
أما موقف القضاء العربي فمنذ مرحلة مبكرة أخذ بمبدأ تخويل اإلدارة سلطة تعديل
دائم ًا حق تغيير 327
العقد اإلداري فقد قضت محكمة القضاء اإلداري بمصر " أن لإلدارة
شروط العقد وإ ضافة شروط جديدة بما يتراءى لها أنه أكثر اتفاقًا مع الصالح العام "
وتض يف حكم ًا آخ ر " أن لإلدارة س لطة تع ديل العق د من جانبه ا وح دها ،وهي تتمت ع
بهذه السلطة حتى ولو لم ينص عليها العقد ألنها تتعلق بالنظام العام.328
وتؤكد المحكمة العليا الليبية وجهة النظر هذه وتقول " أن الصفقات العمومي ة تتم يز
عن العقود المدنية بطابع خاص أساسه احتياجات المرفق العام الذي يستهدف العقد تسييره
وتغليب المص لحة العام ة على مص لحة المتعاق د وأن األص ل فيه ا أال تتكاف أ مص الح
الطرفين ،حيث تعلو المصلحة العامة التي تمثلها اإلدارة على مصلحة المتعاقد معها ،وأن
لإلدارة سلطة تعديل العقد تعديًال مناطه احتياجات المرفق العام "
والمش ِّر ع الليبي قد حسم هذا األمر بصورة قاطعة بالنص عليه ص راحة في الئحة
العق ود اإلداري .الناف ذة في الم ادة " " 99ال تي ج اء فيه ا للجه ة المتعاق دة الح ق في تع ديل
موض وع العق د بالزي ادة أو النقص في ح دود النس بة ال تي يتف ق عليه ا في العق د على أال
تتجاوز هذه النسبة %15من قيمة العقد وذلك بدون أن يكون للمتعاقد الحق في المطالبة
بأي تعديل في األسعار ".
كما تنص المادة " " 114من الئحة الصفقات العمومية على أن " على المقاول أن
ينهي جميع األعمال المسندة إليه بما في ذلك أية تعديالت أو زيادات أو إضافات تدخلها
الجهة اإلدارية المتعاقدة في حدود ما يكون مخَّو ًال لها بموجب العقد أو بمقتضى أحكام هذه
د .مازن ليلو راضي ،مرجع سابق ،ص 188 326
-حكم المحكمة العليا الليبية جلسة 6/2/1978م طبعة أداري 13/23ق مسجل المحكمة العليا س 19ع 3أبريل 328
1978ص .59
191
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الالئح ة م ع مراع اة المراح ل الزمني ة المتف ق عليه ا ،وبالت الي نخلص إلى أن س لطة اإلدارة
في تعديل العقد اإلداري الذي توقعه ،هو أمر بات مسلم به فقه ًا وقضاًء وتشريعًا ،بيد أن
هذه السلطة ليست مطلقة وإ نما تخضع لضوابط يجب على جهة اإلدارة أن تلتزم بها .كما
سوف نبين في هذه الدراسة الحقًا.
أما في المغرب فإن هذه السلطة مستمدة دورها من المصلحة العامة ،وليست مطلقة،
ف اإلدارة تمل ك ح ق التع ديل في العق د تع ديًال كلي ًا أو نوعي ًا أو زمني ًا كلم ا اقتض ت ذل ك
ظروف المشروع أو تنفيذه "لقد أباح كل من المشرع والقضاء لإلدارة إذا حدثت ظروف
لم تكن متوقع ة وقت إب رام العق د الح ق في تع ديل بن ود العق د بم ا يجعله ا مالئم ة للظ روف
المس تجدة ألن الط رفين المتعاق دين لم يتوقع ا ه ذه الظ روف الجدي دة ،وبالت الي يجب البحث
عن اإلدارة التي كانت من الممكن أن يضعها المتعاقدان نصب أعينهما لو أنهما سبقا إلى
الظروف الجديدة ،وهذا يؤكد حق اإلدارة في تعديل العقد مما يجعله متمشيًا مع األوضاع
التي طرأت بعد إبرامه وأثناء تنفيذه.329
ونستخلص االتفاق التام بين جميع التشريعات المقارنة وذلك بحق اإلدارة في التدخل
لتعديل شروط العقد إذا استحدثت ظروف لم تكن متوقعه وقت إبرام العقد وسلطة اإلدارة
في تع ديل العق د ليس ت مج رد مظه ر للس لطة اإلداري ة ال تي تتحلى به ا وإ نم ا مناطه ا
احتياجات المرفق العام وحسن سير المرفق العام بانتظام واطراد
-د .محم د األع رج ،نظ ام العق ود اإلداري ة وف ق ق رارات وأحك ام القض اء اإلداري المغ ربي ،م م.م.ا.م.ت .سلس لة 329
-حكم محكمة القضاء اإلداري في 1996-9-16مجموعة السنة 11رقم 1960م ص .90 331
-د .ه اني احمد الس اعدي ،الرقاب ة اإلداري ة على أعم ال اإلدارة ،رسالة دكت وراه ،جامعة أسيوط 2014 ،م ص 332
188
193
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الطرفين المتعاقدين حيث تعلو المصلحة العامة وتمثلها اإلدارة على مصلحة المتعاقد معها،
وأن لإلدارة س لطة تع ديل العق د تع ديًال مناط ه احتياج ات المراف ق العام ة وأن له ا أن تح ل
مح ل المتعاق د المقص ر متعاق دًا آخ ر أو ك ان التقص ير جس يمًا ،ف إن للمتعاق د م ع اإلدارة
بالمقاب ل وه و ي رمي من التعاق د الحص ول إلى ال ربح كم ا أن ه يع اون اإلدارة في تس يير
المرفق الع ام بانتظ ام واط راد فإن من حق ه المطالبة بالتعويض ات كامل ة باعتب ار أن سلطة
اإلدارة في التعديل هي إحدى تطبيقات فكرة نظرية عمل األمر ،كما أنه من حقه الحصول
على الت وازن الم الي للعق د ،ويجب على اإلدارة أن تح ترم مقتض يات حس ن الني ة في تنفي ذ
العق د وه ذا األص ل يطب ق في الص فقات العمومي ة كم ا ه و الش أن في العق ود المدني ة وال
يتفق مع حسن النية أن تزيد اإلدارة بعملها في أعباء المتعاقد معها وأن تضع العقبات في
طريقه بدًال من أن تعاونه على التنفيذ ألن سلطة اإلدارة في التعديل ليست مظهرًا للتسلط
وإ نما مناطها المصلحة العامة واحتياجات المرفق العام.333...
كم ا يش ترط أن تك ون تل ك التع ديالت في ح دود معقول ة على أس اس م داها بحيث ال
تؤدي إلى فسخ العقد األصلي أو تبدل موضوعه أو تضع العقبات في طريق تنفيذ العقد.
ثانيا -وجود ظروف قد استجدت بعد إبرام العقد :
فال يمكن تصور سلطة التعديل وكأنها سلطة تقديرية لإلدارة تمكنها عندما تشاء من
التخلص من التزاماته ا التعاقدية ب ل أن استعمال هذه السلطة يفترض تغييرًا في الظروف
ق د ح دث فج أة ،وأن ه ذا التغي ير المس تجد بمقتض ى تع ديل في العق د ،وإ ال يتع رض س ير
المرفق العام في ظل الظروف المستجدة لالضطراب أي أن مقتضيات سير المرفق العام
هي أساس التغيير وسببه.
ولكن تمل ك اإلدارة تع ديل ش روط العق د بإراداته ا المنف ردة ،إذا لم يكن ثم ة تغي يرًا ق د
طرأ على الظروف ولكنها أخطأت في تقدير سير المرفق العام الذي يتعلق به العقد.
-حكم للمحكمة العليا الليبية في 1978-2-16م .موسوعة المبادئ القانونية يونيو 1979ص .358 333
194
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وي ذهب رأي أخ ر إلى أن اإلدارة في ه ذه الحالة عليه ا أن تتحمل نتيجة الخطأ الذي
وقعت فيه ،حيث كان عليها أن تتخذ احتياطاتها من أول األمر وتقدر حاجة المرفق تقديرا
سليما.334
في حين يذهب الدكتور سليمان الطماوي إلى " أن هذا الرأي يتجاهل األساس الذي
تقوم عليه سلطة التعديل فهي مرتبطة بالقواعد الضابطة لسير المرافق العامة ومن أولها "
قاعدة قابلية المرفق العام للتغيير " والمرفق العام يقبل التغيير في كل وقت متى ثبت أن
التغي ير من ش أنه أن ي ؤدي إلى تحس ين الخدم ة ال تي يق دمها إلى المنتفعين ،وفك رة التع ديل
هي فك رة مالزم ة للقاع دة الس ابقة وس واء أك انت اإلدارة مخطئ ة أم غ ير مخطئ ة في
تقديراتها ،فإنه يجب أن تمكنها من تنظيم المرافق بالطريقة التي تحقق الصالح العام على
أتم وج ه ممكن ألنن ا لس نا بص دد عق اب اإلدارة على خطئه ا ولكن بص دد أعم ال القواع د
الضابطة لسير المرفق العام.335
ويبدو لي أن الرأي الثاني وهو رأي الدكتور سلمان الطماوي " أكثر صوابًا ألن ع دم
قدرة اإلدارة على التوقع أو توقعها غير السليم ال يسلب حقها بضرورة مواجهة الظروف
المستجدة التي قد يتعرض لها المرفق.
أما إذا ثبت أن الظروف التي تدعي اإلدارة أنها قد استجدت كانت موجودة عند إبرام
العق د أو أن اإلدارة ال تس تهدف من التغي ير مقتض يات المص لحة العام ة وض رورة تس يير
المراف ق العام ة وإ نم ا تس عى لتحقي ق مص الح خاص ة ،ف إن للمتعاق د أن يلج أ إلى القض اء
القتضاء التعويض المناسب.
-د سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .457 335
195
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ثالثا -ال يجوز أن يؤدي التعديل إلى تغيير طبيعة العقد .
فال يجوز لإلدارة أن تجري من التعديالت ما يجعل المتعاقد أمام عقد جديد ففي ه ذه
الحالة يكون للمتعاقد أن يطلب فسخ العقد ويمتنع عن التنفيذ وقد أوضحت المحكمة العليا
الليبي ة ه ذا االتج اه في حكمه ا .في 1975 -3-6م بقوله ا " أن ه وأن ك انت الص فقات
العمومية تختلف عن العقود المدنية بطابع خاص أساسه احتياجات المرفق العام ،الذي
يستهدف العقد تسييره وتغليب المصلحة العامة على مصلحة اإلفراد فبينما تكون مصالح
الط رفين في العق ود المدني ة متوازن ة ومتس اوية إذا به ا في الص فقات العمومي ة غ ير
متكافئة ،إذ يجب أن يعلو الصالح العام على المصلحة الفردية الخاصة ،وهذه الفكرة هي
التي تحكم الروابط الناشئة عن العقد اإلداري ويترتب على ذلك أن لإلدارة سلطة اإلشراف
والتوجيه على تنفيذ العقود وأن لها دائم ًا حق تغيير شروط العقد وإ ضافة شروط جديدة،
مما قد يتراءى لها أنه أكثر اتفاق ًا مع الصالح العام دون أن يتحدى الطرف اآلخر بقاعدة
أن " العقد شريعة المتعاقدين " كل ذلك بشرط أال يصل التعديل إلى حد فسح العقد كلية ،و
إال ج از للط رف األخ ر فس خه ويش ترط أن يك ون ل ه الح ق في التعويض ات إذا اختلت
الموازنة المالية للعقد كما يجوز لإلدارة دائم ًا سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن هذا يقتضيه
الصالح العام وليس للطرف اآلخر إال الحق في التعويضات.336
وقد جرى القضاء اإلداري في فرنسا إلى عدم جواز تعديل نصوص العقد األساسية
على أس اس أن الش روط غ ير قابل ة للتع ديل إذ أن ذل ك يس تلزم أخ ذ موافق ة الط رف الث اني
وإ قالة العقد القديم وإ نشاء عقد جيد متى توافرت عناصره.337
وه ذا م ا أك دت المحكم ة اإلداري ة بأك ادير بحكمه ا ع دد 2000-52بت اريخ -2-17
2000في قضية بين مقاولة البناء عتيق إبراهيم ضد الغرفة التجارية والصناعية ألكادير،
حيث اعتبرت التعديالت التي أجريت على الصفقة قبل الشروع في تنفيذها يعتبر صياغة
-حكم المحكمة العليا الليبية في 1975-3-6موسوعة المبادئ القانونية -يونيو 1979ص .357 336
196
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
جديدة للصفقة في مواصفاتها وشروطها الفنية وبالتالي يستلزم إعادة النظر في االلتزامات
الناش ئة عن االتف اق األص لي .".....وحيث أن الم دعي عليه ا ال تن ازع في األص ل وأس اس
الدين المترتب بذمتها لفائدة المدعية وال تنكر أنها أجرت تعديالت على الصفقة حتى قبل
الش روع في تنفي ذها الش يء ال ذي يعت بر ص ياغة جدي دة للص فقة في مواص فاتها وش روطها
الفني ة ويس تلزم أع ادة النظ ر في االلتزام ات الناش ئة عن االتف اق األص لي " لتحكم لص الح
المدعى ضد المدعى عليه الذي حكمت عليه بأداء ما عليه من مستحقات للمدعي.
رابعا -احترام قواعد المشروعية .
يجب على اإلدارة في األحوال التي يجوز لها تعديل العقد أن تحترم مب دأ المش روعية
إذ الب د أن يص در ق رار التع ديل من س لطة مختص ة ب ه وف ق الص يغة ال تي ح ددها الق انون،
وينبغي أن يكون قرارها موافقا لألنظمة النافدة.
كما يجب أن تراعي قواعد االختصاص فال يصدر التعديل إال من السلطة التي يحق
له ا قانون ا إص داره ،وأن يتم ذل ك وف ق اإلج راءات الش كلية المق ررة ،وك ذلك اح ترام
النص وص القانوني ة أو الالئحي ة إذا ك انت تطَّلب إج راًء معين ًا من ج انب جه ة اإلدارة في
ح االت التع ديل ،ولكن يجب أن نالح ظ أن أس باب البطالن ال تي يمكن االحتج اج به ا في
مواجهة العقد اإلداري يجب أن تكون مستمدة من شروط الصحة الذاتية للعقد ،فال يجوز
الطعن فيه أمام قاضي اإللغاء
ونخلص هنا أن سلطة التعديل تقتصر حسب الرأي الراجح في التعديل في نصوص
العقد والمتصلة بسير المرفق العام وحاجاته ومقتضياته.
197
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المبحث الثاني
إن اإلدارة تمل ك توقي ع الج زاءات على المتعاق د معه ا في حال ة التقص ير في تنفي ذ
التزاماته على أي وجه من األوجه " سواء تمثل هذا اإلخالل في االمتناع عن تنفي ذ ،أو في
التأخير فيه ،أو في القيام به بصورة غير مرض ية ،أو في حلول غ يره في التزاماته دون
موافق ة اإلدارة...إلخ " وه ذا الح ق مق رر لإلدارة أيض ًا ول و لم ينص علي ه ص راحة في
العقد.
ولو ك انت الجزاءات التي يسمح بها القانون في حال ة اإلخالل بااللتزام ات التعاقدية
بين اإلف راد " كال دفاع بع دم التنفي ذ أو االلتج اء إلى القض اء " ال تغ ني في مج ال الص فقات
العمومي ة ،ف إن المش ِّر ع ق د س مح لإلدارة بتط بيق ج زاءات أخ رى تتماش ى وطبيع ة
الص فقات العمومي ة ألن اله دف من ه ذه الج زاءات ليس تق ويم االعوج اج ال ذي يظه ر في
تنفيذ االلتزامات التعاقدية ،كما هو الشأن في القانون الخاص ،وإ نما الهدف منها هو تأمين
سير المرافق العامة ،وبما أن الهدفين مختلفان في مجال عقود القانون الخاص و الصفقات
العمومية كان من الطبيعي أن تختلف الجزاءات في كل من نوعي العقود.
أم ا ح ق اإلدارة في ح ل الرابط ة العقدي ة " إنه اء العق د " فه و أخط ر الج زاءات ال تي
توقعه ا اإلدارة على المتعاق د وال تلج أ اإلدارة إلى ه ذا الن وع من الج زاءات إال في حال ة
الخطأ الجسيم أو المتكرر الذي يفقدها األمل في حسن تنفيذ المتعاقد اللتزاماته في المستقبل
ل ذلك س وف نبحث في ه ذا المبحث س لطة إيق اع الج زاء وفس خ العق د بمطل بين :المطلب
األول ،حق اإلدارة في توقيع الجزاء ،و المطلب الثاني :حق اإلدارة في إنهاء العقد .
198
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب األول
حق اإلدارة في توقيع الجزاء
تملك جهة اإلدارة باعتبارها سلطة عامة توقيع جزاءات إدارية على المتعاقد معها،
الممتن ع عن تنفي ذ التزام ه التعاق دي أو المت أخر في أدائ ه أو ال ذي نف ذه بص ورة ال تتف ق
وشروط التعاقد.
وتهدف تلك الجزاءات إلى تأمين سير المرفق العام بض مان تنفيذ العقد المرتبط به
بدق ة بإجب ار المتعاق د على الوف اء بالتزام ه التعاق دي على الوج ه األمث ل ،كم ا أن ه ذه
الج زاءات اإلداري ة له ا خص ائص وطوائ ف ع دة تختل ف بحس ب ن وع المخالف ة المنس وبة
للمتعاقد .كما تتفرد هذه الجزاءات عن تلك التي توقع في إطار تنفيذ العقود المدنية حيث
تملك اإلدارة حق توقيعها دون حاجة إلى حكم قضائي ودون حاجة إلى نص يقرر لها ذلك
الحق كما أنها تأخذ صور عدة تتمثل في جزاءات مالية كما في حالتي غرام ات الت أخير أو
مصادرة التأمين أو جزاءات ضاغطة وغيرها.
ل ذلك س وف نبحث ك ل م ا س بق في ف رعين :الف رع األول ،الخص ائص العام ة
للجزاءات اإلدارية ،والفرع الثاني ،صور الجزاءات اإلدارية.
الفرع األول :الخصائص العامة للجزاءات اإلدارية.
إذا أخ ل المتعاق د م ع اإلدارة بالتزامات ه التعاقدي ة الناش ئة عن العق د اإلداري ج از
لإلدارة المتعاق دة اتخ اذ إج راءات جزائي ة ،ففي ليبي ا نص ت الم ادة " " 110من الئح ة
الصفقات العمومية الصادرة سنة 2007م سابقة الذكر على ".
" أ .إذا أخل المتعاقد بالتزاماته كان للجهة اإلدارية المتعاقدة أن توقع من تلقاء نفسها
دون االلتج اء إلى القض اء على المتعاق د الج زاءات اإلداري ة .ول و لم يكن منص وص عليه ا
في العقد ".
199
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وتنف رد الج زاءات ال تي توقعه ا اإلدارة على المتعاق د معه ا إذا م ا أخ ل بالتزام ه
التعاقدي باالمتناع عن التنفيذ أو التقصير فيه ،بعدد من السمات تمييزها عن تلك التي توقع
في إط ار تنفي ذ العق ود المدني ة حيث تمل ك اإلدارة ح ق توقيعه ا دون حاج ة لحكم قض ائي
ودون حاج ة إلى نص يق رر له ا ذل ك الح ق إض افة إلى حقه ا في توقي ع الج زاء في ال وقت
الذي تراه مناسبًا مع عدم تطلب تسبب المخالفة في إصابة اإلدارة بضرر كشرط لتوقيع
الجزاء ويمكن إجمال هذه الخصائص في اآلتي:338
أوال -حق اإلدارة في توقيع الجزاء بنفسها.
ال تحت اج اإلدارة لكي توق ع ج زاء على المتعاق د معه ا إلخالل ه ب أي من التزامات ه
التعاقدية إلى أن تلجأ للقضاء الستصدار حكم بالجزاء ،حيث تملك حق توقيع الجزاء تلقائي ا
بمجرد ثبوت المخالفة لديها وقراراها في هذا الشأن خاضع لرقابة القضاء للتأكد من قيامه
على سبب يبرره وخلوه من الغلو أو االنحراف بالسلطة.
وه ذا الح ق يغطى ،كقاع دة عام ة جمي ع أن واع الج زاءات ال تي توق ع المتعاق د المخ ل
بالتزاماته التعاقدية ،وهذا ما أكدته الئحة الصفقات العمومية المطبقة في ليبيا والصادرة
سابقة الذكر. 339
سنة 2007ولنافذة حاليا بنص المادة " " 110
كم ا أن محكم ة القض اء اإلداري المص ري س لمت به ذه الخاص ية في حكمه ا الص ادر
في 17م ارس 1957حيث تق ول ...:ومن حيث أن ه وإ ن ك ان لإلدارة س لطة توقي ع
جزاءات على المتعاقد إذا ما قصر في تنفيذ التزاماته ،فإنه يتعين اإلفصاح عن رغبة جهة
اإلدارة في استعمال سلطتها هذه والبد من صدور قرار إداري.340
-د عبد اهلل حداد ،صفقات األشغال العامة ،مرجع سابق ،ص 211 338
-القض ية رقم " ،" 1738س نة 10قض ائية ،وزارة الص حة ض د الس يد عب د الحليم محم د عط اء ،مجموع ة أحك ام 340
المحكمة ،السنة 11ص 271مشار إليه د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ص .478
200
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ولكن استثناء من هذه القاعدة العامة فإن مجلس الدولة الفرنسي يستثني عقوبة واحدة
من العقوبات وهي عقوبة إسقاط االلتزام فيجعل توقيعها للقضاء.341
كم ا أن اإلدارة توق ع الج زاء بنفس ها ،وتفع ل ذل ك على مس ئوليتها تحت رقاب ة
القضاء.342
وح ق اإلدارة في توقي ع الج زاء بنفس ها على المتعاق د معه ا مش روط ب أن يتناس ب ه ذا
الجزاء ويتالءم مع الخطأ المنسوب إلى المتعاقد مع جهة اإلدارة ،343بمعنى أن ه يتعين على
األق ل أن يثبت في ح ق المتعاق د ارتك اب خط أ تتناس ب جس امته م ع م ا وقعت ه علي ه اإلدارة
من ج زاء وإ ال اعت بر تص رفها بتوقي ع ه ذا الج زاء من قبي ل االنح راف وإ س اءة اس تعمال
السلطة وذلك لما شابه من غلو.344
ثانيا -يوقع الجزاء اإلداري دون حاجة لنص يقرره.
سلطة اإلدارة في توقيع الجزاءات اإلدارية مستمدة من امتيازات السلطة العامة ال تي
تتمتع بها في مجال تنفيذ الصفقات العمومية ،وبالتالي فإن استعمال اإلدارة لتلك السلطة
ال تحتاج إلى نص يقررها.
لكن الخالف هن ا ي برز فيم ا إذا ك ان بوس ع اإلدارة اختي ار ن وع الج زاء ال ذي توقع ه
على المتعاقد معها ووقع هذا الخطأ بذاته فهل تتقيد اإلدارة بهذا الجزاء المنصوص عليه
في العقد أم ال ؟.
هن اك رأي ي رى ؛أن اإلداري تتقي د به ذا الج زاء ح تى ول و ك ان مخالف ًا لم ا ه و
منص وص علي ه في الئح ة المناقص ات والمزاي دات حيث ي برر ه ذا ال رأي أن األص ل في
-د عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق262. 341
-د .سعاد الشرقاوي ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .459 342
-د .محم د األع رج ،نظ ام العق ود اإلداري ة وف ق ق رارات وأحك ام القض اء اإلداري المغ ربي ،م م.م.ا.م.ت .سلس لة 343
201
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
العق د اإلداري أن ه يتم بتواف ق إرادتين تتجه ان إلى إح داث أث ر ق انوني معين ،وليس عمًال
شرطيا ،يتضمن إسناد مراكز قانونية عامة وموضوعية إلى أشخاص بذواتهم.345
والرأي األخر يرى أن سلطة توقيع الجزاءات هي سلطة مستقلة عن نصوص العقد،
توج د ح تى ول و لم ينص عليه ا في العق د ،وإ ذا نص العق د على بعض ها ف إن ذل ك ال يع ني
تقييد حرية اإلدارة.
وفيما عدا ما نص عليه ،تستطيع اإلدارة تحت رقابة القضاء أن توقع على المتعاقد
جميع أنواع الجزاءات المقررة.346
والجدير بالذكر هنا أن الفقه والقضاء المصري مستقران على أنه إذا توقع المتعاق دان
خطأ معينا ووضعا له جزاءا معين فيجب أن تتقيد اإلدارة بهذا الجزاء ،ومن ثم ال يس ِّو غ
لها قانونًا أن تستبدل به غيره حتى ولو تبين أن الجزاء العقدي غير كاف .347وفي فرنسا
الوض ع يختل ف عم ا ه و علي ه في مص ر ،حيث تطب ق ه ذه القاع دة فيم ا يتعل ق بالغرام ات،
دون أي اس تثناء بحس بان أن الغرام ات تعت بر تعويض ًا جزئي ًا متف ق علي ه مق دما في العق د
وله ذا ال تس تطيع اإلدارة أن تس تبدلها بتع ويض أك ثر ارتفاع ًا ،أم ا فيم ا ع دا الغرام ات من
ج زاءات فتس تطيع اإلدارة توقي ع ج زاءات أخ رى إذا رأت أنه ا أك ثر تناس بًا م ع المخالف ات
ال تي ارتكبه ا المتعاق د ،فج از مجلس الدول ة لإلدارة توقي ع ج زاء أخ ف من الج زاء
المنص وص علي ه كف رض الحراس ة ب دًال من اإلس قاط المنص وص علي ه في العق د أو توقي ع
جزاًء أشد من الجزاء الذي حدده العقد كتوقيع حلول بدال من فرض الغرامات المقررة في
العقد أو توقيع الفسخ بدًال من الحلول.348
-د .على جمع ة مح ارب ،اآلث ار الس لبية ل رفض التعاق د م ع مق دم العط اء األق ل ،مق ال منش ور في مجل ة المق اول 345
-د .توفيق شحاتة ،مبادئ القانون اإلداري مرجع سابق ،ص .797 347
202
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
التعاقدية في مدى زمني معين فإن اإلدارة يكون لها حق اختيار الوقت الذي تراه مناسبًا
لتوقيع الجزاء وفق ما تراه محققا لضمان سير المرفق العام.349
وإ ذا م ا ق ررت اإلدارة توقي ع الج زاء على المتعاق د ،فإنه ا ت ترخص في اختي ار وقت
توقيع ه ،وذل ك إذا الم يح دد العق د ميع ادا ل ذلك ،وال يس تطيع المتعاق د المحاج ة ب أن اإلدارة
ت راخت في توقي ع الج زاء ،وأن تراخيه ا أس اء إلي ه إذ ال يس وغ للمخطئ أن يس تفيد من
تقصيره".350
رابعا -ضرورة إنذار المتعاقد قبل توقيع العقوبة
إن القاع دة العام ة تقتض ي أن تن ذر اإلدارة المتعاق د معه ا المخطئ وأن تنبه ه إلى
خطئه قبل توقيع الجزاء وهذا االلتزام ،ال شك فيه بالنسبة بعض الجزاءات مثل غرامات
الت أخير وفي حال ة الفس خ ،ولكن ه ذه القاع دة له ا اس تثناءات أوله ا -ـ تعفى اإلدارة من
األعذار إذا تض من العقد شرطا بهذا المع نى أو إذا ورد حكم به في دفاتر الشروط أو في
نص من النص وص ،وثانيه ا -ـ إذا ك انت هن اك ظ روف تض في على تنفي ذ العق د ط ابع
الضرورة الملحة.351
كم ا أن اإلن ذار ليس ل ه ش كل مح دد وليس ت اإلدارة ملزم ة ب أن ت ذكر المتعاق د بكاف ة
تفاصيل التزاماته التي قصر في الوفاء بها.352
-د .ري د س ميث :مكافح ة الفس اد في المناقص ات العام ة ،منت دى الحري ة االقتص ادية ،مرك ز المش روعات الدولي ة 349
، 2007ص77
-د سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .480 350
-د عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .263 351
-د سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .285 352
203
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كما أن اإلدارة إذا عدلت عند اإلنذار بعد توجيهه فإنه يتعين عليها أن تعيده من جديد
إذا أرادت الع ودة إلى التمس ك بالخط أ المنس وب إلى المتعاق د ولكن يجب أن يك ون الع دول
ص ريحا ،ونتيج ة موق ف إيج ابي من اإلدارة ،وال يكفي في ه ذا الص دد مج رد ال تراخي أو
مرور وقت طويل بين األعذار وبين توقيع الجزاء.353
خامسًا -خضوع اإلدارة في توقيع الجزاءات لرقابة القضاء .
ففي مواجهة سلطات اإلدارة الواسعة في توقيع الجزاءات على المتعاقد معها وتحقيق ًا
للت وازن تخض ع الج زاءات لرقاب ة القض اء وه ذه الرقاب ة تمث ل ض مانه للمتعاق د م ع اإلدارة
ض د مخالف ة اإلدارة للق انون ،أو إس اءة اس تعمال س لطتها أو التعس ف في توقي ع ج زاء ال
يتناسب مع تقصير المتعاقد أو مخالفته لنصوص العقد.354
وه ذه الرقاب ة واس عة تش مل مش روعية الق رار الص ادر بتوقي ع الج زاء وتغطي أرك ان
الق رار اإلداري وهي االختصاص والشكل ومخالفة القانون واالنحراف .355كما أنها تمتد
إلى أس باب الق رار اإلداري ودافع ه ومع روف أن رقاب ة الس بب تش مل التحق ق من ص حة
الوقائع التي استندت إليها اإلدارة لتوقيع الجزاء وتناسب الخطأ المنسوب إلى المتعاقد مع
وفيما يتعلق بالجزاءات المالية الموقعة على المتعاقد يملك القاضي الحكم بردها 356
الجزاء
أو اإلعفاء منها أوتخفيضها.
أم ا بالنس بة لوس ائل الض غط واإلك راه كالغرام ة التأخيري ة ف إن للقاض ي أن يحكم
بالتعويض عنها ،كما أن له أن يلغيها في بعض الحاالت 357وتمثل هذه الضمانة القضائية
موازنة هامة لسلطات اإلدارة الواسعة في توقيع الجزاءات المعروفة بامتياز المبادرة.
-د سعاد الشرقاوي ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .464 353
-د جم ال أحم د عثم ان ،العق د اإلداري وقض اء اإللغ اء ،رس الة دكتـوراه ،كليـة الحق وق ،جامع ة اإلس كندرية ،دون 354
-د -حمد محمد الشلماني ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص 159 356
د .عبداهلل إدريس ،المقارب ة القض ائية للعق د اإلداري ،مق ال منش ور بالمجل ة المغربي ة اإلدارة المحلي ة والتنمي ة ، 357
وه ذا م ا أك ده الحكم الص ادر عن المحكم ة اإلداري ة بال دار البيض اء حكم ع دد 243
بت اريخ 1996م بين ش ركة تنظي ف ص ناعية ض د الص ندوق الوط ني للض مان االجتم اعي
حيث اعتبرت أن مراقبة القاضي اإلداري للجزاءات المطبقة من طرف اإلدارة ال يقتصر
فقط على الوجود المادي ألسباب الجزاء وتكييفها القانوني ،وإ نما تشمل هذه المراقبة أيض ًا
م دى مالئم ة الج زاء م ع خط ورة األفع ال الص ادرة عن المتعاق د وال ذي اعت بر إخالًال
بااللتزامات التعاقدية.
سادسًا -الضرر ليس شرطا لتوقيع الجزاء اإلداري.
أن جه ة اإلدارة ليس ت ملزم ة بإثب ات أن إخالل المتعاق د معه ا بالتزام ه التعاقدي ة ق د
أصابها بضرر ،كمبرر لتوقيع الجزاء عليه .ورغم عدم ورود هذه الخاص ية في العدي د من
الكتب المختص ة أال أن حكم لمحكم ة القض اء اإلداري المص ري ج اء في ه "...ال يش ترط
لتوقي ع الج زاءات إثب ات وق وع ض رر أص اب المرف ق الع ام ،إذ أن ه ذا الض رر مف ترض
بمجرد تحقق السبب المنصوص عليه بالعقد ذلك أن التراخي في تنفيذ الصفقات العمومية
ينط وي في ذات ه على إخالل بالتنظيم ات ال تي رتبت اإلدارة بش أنها المرف ق وت أمين س يره
. على أساسها
358
-المحكمة اإلداري ة العلي ا ،طبع ة رقم 1211لسنة 10ق ،جلسة .1963-11-30مجموع ة أحك ام السنة ،9ص 358
.161
205
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .سليمان الطماوي ،الوجيز في القانون اإلداري (دراسة مقارنة) ،دار الفكر العربي ،2007 ،ص .489 360
-د .محمد عبد اهلل الحراري ،مرجع سابق ،ص .233 361
206
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ض رورة النص على الج زاءات في بن ود العق د ،وع ادة م ا يك ون الج زاء ه و الغرام ة ال تي
تقدر بمبلغ معين عن كل يوم يوصف بالتأخير وتتميز الغرامة بأنها.
.1اتفاقي ة :ألنه ا تح دد مق دما في االتف اق ،ف إذا لم يكن ق د نص عليه ا في العق د ،فال
يج وز لإلدارة أن تس عى إلى تطبيقه ا على المتعاق د ،وإ ذا ك ان الت أخير مم ا يج وز أن يش به
بحال ة ع دم التنفي ذ أحك ام االل تزام ،ف إن لإلدارة أن تلج أ إلى فس خ العق د ومص ادرة الت أمين،
وتقوم بشراء ما يستلزم المرفق على حساب المتعهد المقصر.
- 2تلقائية :بمعنى أنها تطبق مباشرة دونما حاجة من جانب اإلدارة إلى اإلثبات
ب أن ض ررًا ق د أص ابها وك ذلك ال يمكن رفعه ا إلى فئ ة أعلى ح تى ول و ك ان الض رر يزي د
على قدرها المعين.
ل ذلك فإنه ا تتم يز بكونه ا تطب ق بمقتض ى ق رار إداري دونم ا حاج ة إلى االلتج اء إلى
القض اء للحكم بتوقي ع ه ذا الن وع من الج زاء ،وه و إج راء تتم يز ب ه الص فقات العمومي ة
وح دها مم ا يخ رج على م ا يج ري علي ه في مي دان الق انون الخ اص ،حيث يتعين ت دخل
المح اكم التي تمل ك االنتق اص من التهدي د الم الي إذا قدرت أنه مغالى في ه ،فجه ات اإلدارة
تخ رج عن ه ذا النظ ام عن طري ق الغرام ة بق رار إداري ،كم ا أنه ا تس تحق عن الت أخير
بمج رد انقض اء الف ترة المح ددة في العق د دونم ا حاج ة إلى التنبي ه باس تحقاقها فهي تختل ف
ب ذلك على وض ع الفوائ د ال تي تحص ل عن الت أخير في مي دان الق انون الخ اص ،إذ يتعين
اإلن ذار باس تحقاقها ح تى ول و تض من العق د ش رطا جزائي ا عن الت أخير ،ومن جه ة أخ رى
تجيز مبادئ القانون اإلداري خصم الغرامات عن التأخير بواسطة جهة اإلدارة عن د إج راء
الحساب الختامي مع المتعهد من المبالغ المستحقة بمقتضى عقد االلتزام.
كم ا أن الغرام ة ال تي تتس م بالخص ائص الس الفة هي ج زاء كم ا ه و واض ح ول ذلك ال
يش ترط لتوقيعه ا قي ام ض رر يص يب اإلدارة ب ل أن ه ذا الض رر مف ترض بقرين ة قاطع ة ال
تقبل الدليل العكسي في ليبيا ورد النص على غرامة التأخير في المادة " " 100من الئحة
207
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الصفقات العمومية الصادرة سنة 2007م ضمن قائمة الجزاءات التي تملك جهة اإلدارة
توقيعها استنادا إلى حقها في التنفيذ المباشر أي من تلقاء نفسها دون االلتجاء إلى القضاء.
واس تثنت الم ادة " " 101فق رة " أ " من الالئح ة غرام ة الت أخير من وج وب اإلن ذار
قب ل توقي ع الج زاء على المتعاق د ،بينم ا تن اولت الم ادة " "102فق رة " أ " أحك ام غرام ة
الت أخير ،فنص ت على أن ه " إذا ت أخر المتعاق د عن تنفي ذ العق د في المواعي د المتف ق عليه ا
سواء كان التأخير متعلقا بالعمل كله أم بمرحلة من مراحله ،استحقت عليه غرامة تأخير
عن المدة التي يتأخر فيها إنهاء العمل كله وتسليمه ،أو التي يتأخر فيها إنجاز مرحلة من
العم ل عن الميع اد المح دد له ا في البرن امج الزم ني التفص يلي للمش روع وتس تحق الغرام ة
بالمبالغ أو النسب التي يحددها العقد ويتم حسابها على أساس من القيمة اإلجمالية للتعاقد،
وذلك إذا رأت الجهة اإلدارية المتعاقدة أن الجزء المتأخر من األعمال أو التوريدات يحول
دون االنتف اع األكم ل بم ا تم عمل ه أو توري ده بطري ق مباش ر أو غ ير مباش ر في المواعي د
المحددة ،أما إذا رأت أن الجزء المتأخر ال يسبب شيئًا من ذلك ،فتحسب الغرامة من قيمة
األعم ال المت أخرة فق ط وال يج وز أن تتج اوز غرام ة الت أخير %5من القيم ة اإلجمالي ة
للتعاقد إال إذا نص العقد على نسبة تجاوز ذلك .ويجوز لجهة اإلدارة أن تؤجل استقطاعها
من المتعاق د إذا اقتض ت مص لحة العم ل ذل ك ،ويش رط أن يك ون للمتعاق د ل دى ه ذه الجه ة
مبالغ مستحقة تكفي لتغطية مبلغ الغرامة ،وال يخل اقتضاء الغرامة بعض جهة اإلدارة في
تعويض عما يصيبها من أضرار بسبب التأخير ويجوز اإلعفاء من كل أو بعض غرامة
التأخير متى اقتنعت الجهة المتعاقدة ،وبعد موافقة الجهة المختص ة باالعتماد بأن التأخير
نشأ عن أسباب خارجة عن إرادة المتعاقد ".
وهن ا يجب أن نن وه إلى أن المتعاق د يعفى من توقي ع غرام ة الت أخير إذا أثبت أن
الضرر الذي أصاب اإلدارة يرجع إلى القوة القاهرة أو إلى فعل اإلدارة المتعاقدة ذاتها وقد
208
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
نص ت على ذل ك الئح ة الص فقات العمومي ة ونم اذج الص فقات العمومي ة الص ادرة
بقرارات من اللجنة الشعبية العامة " سابقًا ".363
ب -مصادرة التأمين:
كما هو معلوم في إطار الصفقات العمومية أنه عند إرساء العطاء يجب على صاحب
العرض المقبول أن يودع تأمينًا نهائيًا ،يختلف عن التأمين المؤقت الذي يودعه عند التقدم
بعرض ه ويمكن ه تكمل ة الت أمين الم ؤقت إلى م ا يس اوي قيم ة الت أمين النه ائي وه و ض مان
لجهة اإلدارة ،تتوقأ به أثار األخطار التي يرتكبها المتعاقد بصدد تنفيذ العقد اإلداري.364
فهو بذلك ضمان لتنفيذ االلتزامات المتولدة عن العقد الصادر إذا فسخ العق د أو إذا نف ذ على
حساب المتعاقد المقصر ،ولكن ال يصادر التأمين النهائي إذا تم بإرادة اإلدارة إحالة مهمة
فالتأمين يختلف عن 365
القيام باألشغال التي لم يتم إنجازها إلى الغير في إطار عقد جديد
التعويض أالتفاقي في القانون المدني في أن اإلدارة توقعه بنفسها دون حاجة لصدور حكم
قض ائي ودون أن تل تزم بإثب ات أن ض ررًا م ا ق د لحقه ا من ج زاء اإلخالل بش روط العق د
وه و يتف ق في ه ذا الحكم تمام ًا م ع غرام ات الت أخير ،إال أن ه يختل ف عن ه في مص ادرة
الت أمين كأح د الج زاءات المالي ة ال تي تعت بر مس تقلة عن فك رة التع ويض ،على أس اس أن
التأمين يمثل الحد األدنى للتعويض الذي يحق لإلدارة اقتضاؤه.
ول ذلك فال يقب ل من المتعاق د المقص ر أن يثبت أن الض رر ال ذي أص اب اإلدارة يق ل
عن مبل غ الت أمين ،ولكن الت أمين ال يمث ل الح د األقص ى للتعويض ات ال تي يج وز لإلدارة
المطالبة بها .فحق مصادرة التأمين المقرر .لإلدارة ال يحرمها من المطالبة بالتعويض عن
األض رار األخ رى ال تي لحقت به ا ،366وال تي تتج اوز مق دار الت أمين ،ويبقى رج وع إلدارة
بالتعويض ات األخ رى على المتعاق د المقص ر في حال ة ع دم كفاي ة الت أمين ،ال يس تند إلى
-د محمد الحراري ،مرجع سابق ،ص 243 363
-د .ماجد راغب الحلو ،القانون اإلداري ،مرجع سابق ،ص .543 365
-د .أحمد عثمان عياد ،مظاهر السلطة العامة مرجع سابق ،ص .352 366
209
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أحك ام العق د وإ نم ا إلى القواع د القانوني ة العام ة أو إلى أحك ام الق انون الخ اص ال تي تقض ي
وه ذه القواع د القانوني ة 367
ب أن ك ل خط أ ي ترتب علي ه ض رر يل زم من ارتكب ه ب التعويض
ومن ثم فيجب على 368
العام ة ال تتع ارض م ع فك رة الت أمين في الص فقات العمومي ة
اإلدارة إذا رأت أن ترج ع على المتعاق د المقص ر بتع ويض يج اوز مبل غ الت أمين أن تثبت
وقوع خطٍإ من المتعاقد إلخالله بالتزاماته التعاقدية وأن تثبت أو ضرر قد لحقه ا من جراء
هذا الخطأ يفوق مقداره قيمة التأمين المودع ،وبهذا تختلف فكرة مصادرة التأمين عن فكرة
توقيع الغرامات.369
وبناء على ما سبق يمكن إجمال خصائص هذا الجزاء في اآلتي:
اإلدارة له ا الح ق في مص ادرة الت أمين عن د التقص ير في التنفي ذ ح تى ول و لم
ينص عليه.
اإلدارة له ا الح ق في توقي ع ج زاء المص ادرة بنفس ها دون انتظ ار حكم
القضاء.
اإلدارة تقوم بتوقيع هذا الجزاء بغير الحاجة إلى إلزامها بإثبات أن ضرر م ا
قد لحقها من جراء إخالل المتعاقد معها.
الت أمين الم ودع لض مان تنفي ذ العق د يمث ل الح د األدنى للتع ويض ال ذي يح ق
لإلدارة اقتناؤه ولكن ال يمثل الحد األقصى.
جزاء المصادرة توقعه اإلدارة في جميع حاالت الفسخ كما أن لها أن توقعه
دون فسخ للعقد.
إذا ارتبطت مص ادرة الت أمين في نص وص العق د أو الق انون لس بب معين فال
محل لتوقيعها لغيره.
-د .عبد المجيد فياض ،نظرية الجزاءات في العقد اإلداري ،دار الفكر العربي سنة ،1975ص .168 367
-د سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .504 369
210
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
اس تعمال اإلدارة لحقه ا في مص ادرة الت أمين أال يش وبه التعس ف أخ ذًا بمب دأ
وجوب توافر حسن النية في تنفيذ الصفقات العمومية .
-د .محمود خلف الجبوري ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .133 370
.د .حمد محمد الشلماني ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص 170 372
211
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
حلول اإلدارة محل المتعاقد معها في تنفيذ التزاماته سواء بنفسها أو بإحالل
غيره محله في تنفيذ التزاماته.
اقتضاء اإلدارة حقوقها مباشرة اللجوء إلى القضاء حيث يمكنها اقتطاع مالها
من حقوق المتعاقد معها من أية مبالغ مستحقة له.
اقتضاء حقوقها دون اتباع طريق حجزها للمدين لكن يجب على اإلدارة هنا
أن تلتزم توفر شرطان أساسيان لكي تمارس هذه السلطة وهما.
.1أن يكون المتعاقد قد ارتكب أخطاء جسيمة في تنفيذ التزاماته التعاقدية.
ومن أمثل ة ذل ك الخط أ الجس يم ال ذي يرتكب ه المل تزم في تنفي ذ االل تزام حال ة التعطي ل
الكلي أو الج زئي للمرف ق ففي ه ذه الحال ة ال يج وز وض ع المرف ق تحت الحراس ة " لعج ز
الملتزم وعدم كفايته ".
والوض ع تحت الحراس ة في عق ود االمتي از يج وز أن تف رض العتباره ا إج راء من
إج راءات الض غط الم ؤقت أي كج زاء مقاب ل خط أ جس يم من المل تزم ولكن كوس يلة وقائي ة
لتأمين سير المرفق العام إذا كان يخشى من تعرضه للخطر بخالف عقد األشغال العامة،
فالفق ه والقض اء يش ترط ت وفر تقص ير على درج ة من الجس امة في أداء ال تزام على درج ة
من األهمية ،فاألخطاء ذات األهمية المحدودة ال تكفي لغرض الحلول.
أم ا في عق د التوري د ف إن األخط اء الجس يمة ال تي ت برر الش راء على حس اب المتعه د
المقصر في تنفيذ التزاماته التعاقدية ،لها أشكال مختلفة فيجوز التنفيذ على حساب المتعهد
أو بسبب االمتناع أو العجز عن تنفيذ التوريد أو بسبب تنفيذ 373
بسبب التأخير في التسليم
العق د على وج ه غ ير م راد أو إحالل المتعه د لغ يره محل ه دون موافق ة الجه ة الرس مية،
أوبسبب اإلهمال في تنفيذ االلتزامات التي يفرضها عليه العقد على وجه يعرض المرفق
للخطر.
-د حسين درويش ،وسائل الضغط في العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .31 373
212
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
.2يجب على اإلدارة أن تن ذر المتعاق د قب ل توقي ع الج زاء .وهن ا يجب على اإلدارة
قب ل اتخ اذ أي أج راء لتوقي ع ه ذا الج زاء " وس ائل الض غط " المش ار إليه ا س ابقًا أن تن ذر
المتعاق د معه ا وه ذا أم ر ب ديهي لوج وب تنبي ه المتعاق د إلى خط ورة النت ائج المترتب ة على
خطئه ويالحظ من كل ما سبق أن أجراء السحب أو أي من وسائل الضغط ال يحول دون
أن تجم ع جه ة اإلدارة بين ه وبين الج زاءات األخ رى ال تي ال تتن افى م ع طبيعته ا كالغرام ة
المالية أو مصادرة التأمين أو المطالبة بالتعويض إن كان له مقتضى.
المطلب الثاني
حق اإلدارة في إنهاء العقد اإلداري
إنهاء العقد اإلداري هو جزاء توقعه اإلدارة المتعاقدة على المتعاقد معها الذي لم يعد
ق ادرًا على الوف اء بالتزام ه التعاقدي ة على نح و م ا ينبغي حيث تنهي اإلدارة به ذا الج زاء
التعاقد معه بصورة ميسرة تفرضها موجبات تحقيق المصلحة العامة في دوام سير المرافق
العامة بانتظام ،والفسخ هو قمة الجزاءات التي تملك اإلدارة حق توقيها على المتعاقد معها
جزاء إخالله بالتزامه التعاقدي بعد أن تكون كافة الوسائل قد أجدبت في إصالحه ،مما يفقد
اإلدارة الثقة في التعامل معه نتيجة لتولد يقين لديها بأن التعامل مع هذا المتعاقد في ضوء
س لوكه في تنفي ذ العق د من ش أنه األض رار بالمص لحة العام ة ال تي ألج ل تحقيقه ا تم إب رام
العقد ،فإذا كانت مقتضيات المصلحة العامة قد تفرض على اإلدارة فسخ العقد حتى ولو لم
ي رتكب المتعاق د خط أ ،ف إن تحقي ق تل ك المص لحة ومن ب اب أولى يمنحه ا خط أ في فس خ
التعاق د إذا م ا أخ ل المتعاق د بالتزام ه التعاق دي ،ولك ل م ا س بق س وف نبحث ه ذا المطلب
سلطة فسخ العقد اإلداري بفرعين :الفرع األول ؛صور سلطة فس خ العق د اإلداري ،والفرع
الثاني؛ شروط سلطة فسخ العقد اإلداري.
213
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .مازن ليلو راضي ،العقود اإلدارية في القانون الليبي ،مرجع سابق ،ص .120 374
-د سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .709 377
-د .الحاج شكرة ،الوظيفة والموظف في القانون اإلداري المغربي ،الطبعة األولى ،ص 137 378
214
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ويترتب على اعتبار سلطة اإلدارة في أنها العقد اإلداري من جانب واحد لدواعي
المصلحة العامة من النظام العام النتائج اآلتية.379
.1هذه السلطة مقررة لصالح اإلدارة حتى في حالة سكوت العقد اإلداري ذاته
عليها.
.2ال يجوز لإلدارة أن تتنازل عن هذه السلطة بإدراج نص يمنعها من ممارس ة
هذا الحق في مواجهة المتعاقد.
.3ال يحق ألطراف العقد االتفاق على ما يخالف ممارسة هذه السلطة.
.4عن دما ي رد نص في العق د اإلداري يس مح لإلدارة بممارس ة س لطة اإلنه اء،
أما المشِّر ع الليبي لم ينظم كما سبق وذكرنا كيفية إبرام الصفقات العمومية ،وألث ار
ال تي ت ترتب عليه ا في ق انون إلى ح د اآلن ب ل ت رك ذل ك للس لطة التنفيذي ة س واء مجلس
ال وزراء الس ابق ،أو اللجن ة الش عبية العام ة -س ابقًا -حيث ت ولت إص دار أول الئح ة
لتنظيم العق ود في ليبي ا س نة 1980وال تي اع ترف فيه ا لإلدارة بس لطة أنه ا العق د اإلداري
ب اإلدارة المنف ردة ،وذل ك من خالل نص ه في الم ادة " "7من أول الئح ة للعق ود اإلداري ة
-د .محمد صالح عبد البديع ،سلطة اإلدارة في إنهاء العقد اإلداري ،دار النهضة العربية ، 1993،ص .425 379
215
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
صدرت عام 1980على أنه " لجهة اإلدارة المتعاقدة أن تنهي العقد اإلداري في أي وقت
تشاء بدون وقوع خطأ من المتعاقد إذا اقتضى ذلك الصالح العام ،بشرط تعويض المتعاقد
تعويضًا كامًال ،وال يجوز اإلنهاء بهذه الطريقة إال بعد موافقة جهة االعتماد ".
كم ا اع ترف لجه ة اإلدارة بإنه اء العق د ب اإلرادة المنف ردة في نم وذج عق د مق اوالت
األشغال العامة في المادة " " 33التي نصت على أنه " يجوز للطرف األول أنها العقد في
أي وقت ،ودون وق وع خط أ من ج انب المتعاق د إذا اقتض ى ذل ك الص الح الع ام ،بش رط
تعويض الطرف الثاني أن كان للتعويض محل ،كما نصت المادة " " 17من نموذج عقد
التوريد على ذلك أيضًا.
كم ا أن ه ذا االع تراف نص ت علي ه جمي ع الل وائح ال تي نظمت الص فقات العمومي ة،
وآخره ا الالئح ة رقم 563لس نة 2007م أو المطبق ة حالي ًا حيث نص ت الم ادة " " 107
منها على أنه " يجوز لجهة اإلدارة المتعاقدة أن تنهي العقد في أي وقت تشاء ودون وقوع
خطأ من جانب المتعاقد إذا اقتضى ذلك الصالح العام ،بشرط موافقة الجهة المصدرة لألذن
بمباش رة إج راءات التعاق د ،وفي ه ذه الحال ة تص رف للمتعاق د مس تحقاته عم ا تم تنفي ذه من
أعمال ،وترد إليه التأمينات التي قدمها مع تعويضه عن ذلك عند االقتضاء" ومن خالل ما
تق دم يت بين لن ا أن س لطة اإلدارة في إنه اء عقوده ا اإلداري ة بإرادته ا المنف ردة هي س لطة
معترف بها لجهة اإلدارة ،وفي جميع أنواع الصفقات العمومية ،شريطة أن يكون هدف
اإلدارة العامة دائمًا المصلحة العامة ،وذلك حرصا على حسن سير مرافق الدولة بانتظام
واط راد ،وه و اتج اه محم ود ،باعتب ار أن ذل ك يمكن اإلدارة من إنه اء اي تعاق د ال تك ون
هن اك ج دوى من اس تمراره طالم ا أن المتعاق د س وف يتحص ل على تع ويض مناس ب نتيج ة
إنهاء عقده.
إذا المصلحة العامة تمثل بالنسبة للعمل اإلداري الباعث والغاية ،فاستهداف المصلحة
العام ة ش رط موض وعي لمش روعية العم ل اإلداري وعلى عكس نش اط األف راد ال ذين
216
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
يس تطيعون العم ل في ح دود الش رعية واألخالق ومن أج ل غاي ات مختلف ة تش مل المص الح
الشخص ية ،ف إن اإلدارة ال تعم ل إال على ض وء المص لحة العام ة وح دها وإ ال ش اب الق رار
عيب االنحراف بالسلطة .380وتجدر اإلشارة إلى أن حاالت تحقيق المصلحة شديدة التنوع
وال يمكن حص رها بدق ة ،م ع ذل ك فق د ح دد القض اء اإلداري في فرنس ا ومص ر بعض
الح االت ال تي اع ترف فيه ا بت وافر ش روط في المص لحة العام ة ال تي ت برر إنه اء العق د
اإلداري ،وحاالت أخرى رفض فيها االعتراف بتوافر هذه المصلحة ،ومن الحاالت التي
اعترف فيه ا مجلس الدول ة الفرنسي والمص ري بتوافر ش رط المص لحة العامة ال ذي يبرر
إنهاء العقد هي.381:
أوال -انتهاء احتياجات المرفق العام التي أبرم العقد اإلداري من أجل توفيرها.
ف إذا ت بين بع د التعاق د أن العق د لم يع د ص الحا أو مفي دا لإلدارة بس بب تغ ير
الظروف الالحقة إلبرام العقد على الظروف التي أحاطت بالعقد وقت إبرامه فإن من حق
اإلدارة إنهاء العقد في هذه الحالة ومن الحاالت التي تندرج تحت هذا الشرط ما يلي:382
.1توق ف القت ال ال ذي يعطي اإلدارة الح ق في إنه اء عق د التوري د وه و م ا ال تزم ب ه
مجلس الدولة الفرنسي في أعقاب الحربين العالميتين األولى والثانية.
حيث أق ر لإلدارة ب الحق في إنه اء ،عق ود التوري د المتعلق ة ب المجهود الح ربي بس بب
توافر شرط المصلحة العامة المتمثل في عدم فائدة استمرار هذه العقود نتيجة توقف القت ال
في أعقاب الحرب وزوال الحاجة إلى هذه العقود نتيجة لذلك.
.2انع دام الفائ دة من العق ود المبرم ة نظ رًا لع دم احتي اج المرف ق الع ام إليه ا ،ويتحق ق
ذلك في حالة إنهاء عقد أشغال عامة مخصص إلصالح وتحسين منشآت توصيل المي اه في
-د محمد مصطفى حسن ،المصلحة العامة في القانون والتشريع اإلسالمي ،مجلة العلوم اإلدارية ،ص .12 380
-د ،سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .523 381
-د .محمد صالح عبد البديع ،مرجع سابق ،ص .507 382
217
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
إحدى المدن نتيجة انضمام هذه المدينة لمشروع عام لتوصيل المياه ،حيث تصبح بالتالي
األشغال المنصوص عليها في العقد غير ذي فائدة.
وقد اعترفت المحكمة العليا في مصر في حكمها الصادر بتاريخ 1957-4-20م
والذي جاء فيه " لإلدارة دائم ًا سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن هذا يقتضيه الصالح العام،
وليس للطرف اآلخر إال الحق في التعويض إذا كان له وجه.383...
وقد أقرت أيض ًا في حكمها بتاريخ 1968.3.2بسلطة اإلدارة في إنهاء عقد توريد
عندما يتبين لها أن األصناف التي تم توريدها ال تفي بالغرض المطلوب من أجله.384
ثاني ا -إلغ اء المرف ق الع ام ال ذي أب رمت العق ود من أج ل تس ييره أو إع ادة تنظيم
المرفق بما يتالءم مع التطورات العلمية الحديثة ،والحاالت التي تدخل ضمن هذا الشرط
هي:
385
أ .إنهاء العقد لتطوير الوسيلة المستخدمة في تسيير المرفق العام
ب .إنهاء عقد التزام المرفق الع ام عن طريق استرداد االلتزام قبل نهاية مدة العقد
المتف ق عليه ا بقص د تحوي ل نظ ام إدارة المرف ق إلى نظ ام اإلدارة المباش رة ،أو إلى ش ركة
ذات اقتص اد مختلط ب دًال من االل تزام أو لرغب ة السلطة مانحة االل تزام في أن تعهد تسيير
المرفق العام إلى مؤسسة عامة محلية بدون قصد الربح أو الِّتباع الملتزم في إدارة المرف ق
لسياسية مختلطة عن السياسية التي تريدها السلطة مانحة االلتزام.
ج .إنه اء العق د بس بب التع ديالت في احتياج ات وطريق ة س ير المرف ق الع ام وك ذلك
تزايد احتياجات المرفق العام محل العقد.
-حكم المحكمة اإلدارية العليا الطعن رقم 1020ق ،جلسة 1957.4.2من 9ص 937مشار إليه وحمدي ياسين 383
-د .ع ادل عب د الرحم ان خلي ل ،المب ادئ العام ة في إنه اء العق د اإلداري ،دار النهض ة العربي ة ،س نة ، 1995ص 385
.384
218
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
387
- C.E.26 OCT 1960 SIEUR RIOUX REC. P 558.
388
- Gestion des contrats administratifs ED M. GIARD 1932 T. 2. P. 278
-د .ثروت بدوي ،مرجع سابق ،ص .67 389
219
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
220
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
السلطة ،فإنها تستعملها تحت رقابة القضاء اإلداري ...وحيث أن عقوبة الفسخ التي لجأت
إليها اإلدارة كجزاء لسوء الصيانة وعدم احترام بنود العقد ال تتالءم مع األخطاء المنسوبة
إلى المتعاق د معه ا ،وحيث أن ه أم ام إخالل اإلدارة بالمس طرة المنص وص عليه ا ولك ون
الجزاء الموقع على المتعاقد ال يتناسب مع اإلخالالت المنسوبة إليهن فإن المحكمة ترى أن
الفس خ ج اء مش وبا بالش طط في اس تعمال الس لطة ومخالف ا للق انون يس تحق مع ه المتعاق د
تعويضا كامال عن األضرار الحاصلة له عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب.391
كما أن القضاء اإلداري الليبي يمارس رقابته على قرار اإلدارة بإنهاء العقد اإلداري
للمص لحة العام ة ف إذا ثبت للمحكم ة أن ق رار اإلنه اء لم يقم على أس باب مش روعة ،حكم
للمتعاق د ب التعويض المناس ب دون أن تمت د س لطة المحكم ة للبحث عن مالءم ة الق رار
وإ لغائه.392
وفي الواق ع ف إنني أرى أن موق ف القض اء اللي بي لم يكن موفق ًا وأرى أن ه يجب أن
يبحث في أس باب ق رار اإلنه اء ويلغيه ا إذا لم تكن مش روعة ،باإلض افة إلى الحكم للمتعاق د
ب التعويض المناس ب ألن اإلدارة يجب إال تتعس ف وتنح رف في ممارس تها لس لطتها في
اإلنهاء االنفرادي للعقد اإلداري ،وأن يكون دافعها ورائدها دائمًا المصلحة العامة.
كما أن اإلدارة يجب أال تجبر على االستمرار في عالقتها التعاقدية مع المتعاقد معها
إذا هي رأت م ا يمنعه ا من التعام ل م ع أح د متعاق ديها ألس باب س ائغة إذ ال يس اغ عقًال
ومنطقًا أن تبقى اإلدارة على عقد بشروط معينة ال يؤتي نفعًا ،ألن ذلك إهدار للمال العام،
وعليه فال ضير من أن تنهي اإلدارة العامة العقد باإلرادة طالما يتم بتعويض المتعاقد معه ا
نتيجة هذا اإلنهاء.
-حكم المحكم ة اإلداري ة بالدار البيض اء عدد 243بت اريخ 1996.9.23ش ركة تنظي ف صناعي ص ندوق الوطني 391
للضمان االجتماعي ،منشور بالدليل العلمي لالجتهاد القضائي .الجزء الثاني ص .424
-حكم المحكمة العليا في ليبيا بتاريخ ،1980.1.2م.م.ع ص .16ع 3أبريل 1980ص .5 392
221
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
222
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أن يك ون الخط أ الم رتكب على درج ة كب يرة من الخط ورة والجس امة ،ح تى يك ون م بررًا
تستند إليه اإلدارة لتوقيع جزاء الفسخ ويعرف الخطأ الجسيم بأنه إخالل صادر من المتعاق د
بالتزام تعاقدي أو قانوني جوهري ،ومن ثم فإن جانب ًا من الفقه الفرنسي يرى أن األفعال
الص ادرة من المتعاق د م ع اإلدارة ،وال تي ت برر ج زاء وض ع األعم ال مح ل العق د تحت
اإلدارة المباشرة ،تكون قابلة لتبرير توقيع جزاء الفسخ ،393واإلنهاء الجزائي أشد جسامة
في أث اره من ج زاء وض ع المش روع تحت اإلدارة المباش رة ،حيث ي ترتب على اإلنه اء
الجزائي للعقد استبعاد المتعاقد نهائيًا من نطاق تنفيذ عقده.394
وتمل ك اإلدارة س لطة واس عة في تق دير م دى جس امة الخط أ وكفايت ه لتقري ر ج زاء
الفسخ ،ويستطيع قاضي العقد ،بناء على طلب المتعاقد مع اإلدارة المفسوخ عقده ،إن يقوم
برقاب ة م دى مالئم ة تق دير جه ة اإلدارة لم دى جس امة الخط أ وكفايت ه إلنه اء الج زائي
للعقد.395
ف إذا ت بين ل ه أن خط أ المتعاق د م ع اإلدارة لم يكن جس يما بدرج ة تكفي لت برير توقي ع
ج زاء اإلنه اء فإن ه ال يس تطيع أن يقض ى بإلغ اء ق رار اإلدارة بفس خ العق د ولكن ه يحكم
بتع ويض مناس ب للمتعاق د م ع اإلدارة ،طبق ا للنظ ام الق انوني إلنه اء العق د المقتض يات
المص لحة العام ة ومن األخط اء ال تي ت برر فس خ العق د اإلداري في ق انون بل د الدراس ة
والقانون المقارن ما يلي:
- Alegtos. Formation et Résolution du Marche des travaux publics paris 1912 pp-157 et
393
158.
- 394د .إبراهيم فياض ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .225
د.حمد محمد الشلماني ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .188 395
223
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أ.إذا تأخر المتعاقد في التنفيذ أو تباطأ فيه ،على نحو ترى معه الجهة المتعاقدة أنه
لن يتمكن من إتمامه في المدة المحدد بالعقد ،وذلك برغم تنبيهه كتابة بذلك.
ب.إذا توقف العمل توقفًا تامًا لمده تجاوز خمسة عشر يوما دون سبب مقبول.
ج.إذا انس حب من العم ل أو ترك ه أو ق ام دلي ل على ع دم مباش رته للتنفي ذ كم ا ه و
مقرر ،أو ثبت اضطراب أعماله ،على نحو ال يرجى معه التنفيذ السليم.
د .إذا تأخر في تنفيذ العقد في المواعيد المتفق عليها أو عج ز عن اإلنج از في المهلة
التي أعطيت له.
هـ .إذا قام ،بنفسه أو بواسطة غيره ،وبطريق مباشر أو غير مباشر باستعمال وسيلة
من وسائل الغش أو التدليس أو التالعب في تنفيذ العقد أو في التعامل مع الجهة المتعاقدة
أثناء ذلك التنفيذ.
و.إذا ثبت أنه قام ،بنفسه أو بواسطة غيره ،وبطريق مباشر أو غير مباشر ،برشوة
أحد موظفي الدولة أو عمالها العاملين بالجهة المتعاقدة أو الهيئة االستشارية المشرفة على
التنفي ذ أو ب التواطؤ م ع أي من ه ؤالء أو ش رع في ش يء من ذل ك ،لإلض رار بالجه ة
المتعاقدة أو بالمصلحة العامة.
ز .إذا أعسر المتعاقد أو أشهر إفالسه أو دخل في صلح مع دائنيه.
ح .إذا أهمل إهماال جسيما في تنفيذ العقد أو أخل بأحد التزاماته الجوهرية المقررة
في العق د ولم يباش ر بإص الح أث ار ذل ك خالل خمس ة عش ر يوم ا من ت اريخ إخط اره كتاب ة
ب إجراء ذل ك اإلص الح ويتعين في حال ة إلغ اء العق د مص ادرة الت أمين ،واقتض اء غرام ة
التأخير المستحقة ،مع المطالبة بالتعويض إذا كان له مقتضى.
كم ا تتف ق معظم التش ريعات فيم ا ذهبت ل ه الم ادة " " 104من الئح ة الص فقات
العمومية الحالية في ليبيا ،حيث نصت على إنهاء العقد في حاالت.
224
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أ.إذا ت وفي المتعاق د ،ج از لجه ة اإلدارة المتعاق دة إنه اء العق د م ع رد الت أمين ،أو
الموافقة على استمرار الورثة في تنفيذه ،إذا طلبوا ذلك وتأكدت الجهة من كفاءتهم المالية
والفنية لالستمرار في تنفيذه.
ب.إذا ك ان العق د مبرم ًا م ع أك ثر من متعاق د ،وت وفي أح دهم فللجه ة المتعاق دة الخي ار
بين إنهاء العقد ورد التأمين ،وتكليف باقي المتعاقدين باالستمرار تنفيذه.
ج.ويتم إنه اء العق د في جمي ع الح االت الم ذكورة بخط اب مس جل دون حاج ة إلى
االلتجاء للقضاء أو اتخاذ أية إجراءات أخرى " وفي مصر ،تضمن القانون رقم 89لسنة
1998بإص دار تنظيم المناقص ات والمزاي دات والئحت ه التنفيذي ة نصوص ًا تح دد الح االت
التي يحق لإلدارة فيها أن تفسخ العقد بمجرد صدور قرار من اإلدارة حيث نصت المادة "
" 24من القانون والتي توجب الفسخ تلقائيا في الحالتين اآلتيتين.
أ.إذا ثبت أن المتعاق د اس تعمل بنفس ه أو بواس طة غ يره الغش أو التالعب في تعامل ه
مع الجهة المتعاقدة أو في حصوله على العقد.
ب.إذا أفلس المتعاقد أو أعسر.
والمادة " " 25من القانون والتي تخول اإلدارة فسخ العقد إذا أخل المتعاقد بأي شرط
من شروط العقد . 396كما أن حق الفسخ تمارسه اإلدارة إذا ما تنازل المتعاقد عن العقد كلي ا
أو جزئيا.397
وفي ك ل األح وال يجب على اإلدارة المتعاق دة عن د توقي ع ج زاء الفس خ إبالغ جه ات
معين ة مث ل وزارة المالي ة ومص لحة الض رائب والجه ة المص درة لألذن بمباش رة التعاق د
والجهة المختصة بالقيد في السجالت.398
-نصت المادة " " 96من الئحة العقود اإلدارية الليبية " ب .إذا تنازل المتعاقد عن العقد كلي ًا أوجزئي ًا بالمخالفة لما 397
225
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وال ش ك أن ح االت الفس خ الج زائي للعق د اإلداري ال تي وردت في الئح ة الص فقات
العمومي ة الليبي ة الحالي ة والق انون رقم 89لس نة 1998في مص ر .وال تي تم ذكره ا ق د
وردت على سبيل المثال ال الحصر ،ألن لإلدارة حق ًا أصيًال في فسخ الصفقات العمومية
إذا أخل المتعاقد مع اإلدارة بالتزاماته العقدية إخالًال جسيمًا ،يعرض المرفق العام للخطر،
ومن ثم يس تلزم ه ذه العقوب ة الص ارمة ،كم ا أن س لطة اإلدارة في ألنه ا الج زائي للعق ود
اإلداري ة هي س لطة قائم ة ب ذاتها ومس تقلة عن نص وص العق د ودف اتر الش روط وتتمت ع به ا
اإلدارة باعتباره ا س لطة تقديري ة منحه ا المش رع له ا لت أمين س ير المراف ق العام ة بانتظ ام
واطراد وحسنا فعل.
ثانيا -إنذار المتعاقد قبل توقيع الجزاء .
يجب على اإلدارة ،قبل اتخاذ قرار جزاء الفسخ ،أن تعذر المتعاقد معها ،وذلك
م ا س ار علي ه المش رع اللي بي حيث نص ت الم ادة " " 101من الئح ة الص فقات العمومي ة
الحالية سابقة الذكر على اآلتي:
أ .فيما عدا غرامة التأخير ،ال يجوز توقيع الجزاء على المتعاقد قبل إنذاره ومضي
مدة كافية لتنفيذ التزاماته ،ما لم ينص العقد على خالف ذلك.
ب .ويكون اإلنذار بخطاب مسجل ،يرسل إليه على عنوانه المبين بالعقد ،دون حاجة
إلى اتخاذ أي إجراء آخر.
ج .يجوز لجهة اإلدارة المتعاقدة توقيع جزاء الفسخ إذا كانت ضرورة تنفيذ العقد في
موعده ال تسمح باإلنذار وانقضاء مدة على هذا اإلنذار ،أو كان هناك ضرر من استمرار
399
المخالفة ".
226
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أم ا في مص ر تل تزم اإلدارة من حيث المب دأ بأع ذار متعاق دها مس بقًا قب ل فس خ العق د
أم ا في المغ رب ه ذه الس لطة ك ذلك تس تمدها اإلدارة من المص لحة العام ة ،وتمارس ها
تحت مراقبة القضاء ،إال أنها تختلف عن السلطتين السابقتين بأنها تبدو سلطة مطلقة ،حيث
ال تتطلب نص ا يجيزه ا أو إع ذارا يس بقها أو قي دا يقي دها كلم ا رأت اإلدارة أن العق د أص بح
غير ذي موضوع وفائدة بالنسبة للمرفق العام.402
أما مجلس الدولة الفرنسي هنا يشترط األعذار قبل توقيع الجزاء بالفسخ وبعد الفسخ
إال إذا نص العقد على خالف ذلك، 403
الذي يتم بدون هذا اإلجراء وهو " األعذار " معيب ًا
أو إذا كانت عقوبة الفسخ نتيجة إلجراء من إجراءات الضغط ،وكان هذا اإلجراء األخير
قد سبقه إعذار بطبيعة الحال.404
وق د أك دت المحكم ة العلي ا في ليبي ا ذل ك بت اريخ 1975.3.6ال ذي ج اء في ه " يتعين
على اإلدارة قب ل توقي ع ج زاءات على المتعاق د معه ا في حال ة تقص يره أو إخالل ه بتنفي ذ
التزاماته إعذاره قبل توقيع الجزاء عليه ،وذلك لكي يكون المقصر على جليه من أن نية
اإلدارة متجهة إلى توقيع هذا الجزاء عليه ،فيعمل على تنفيذ ما هو مطلوب منه ،أو يدفع
التقصير المنسوب إليه ويثبت لإلدارة أنه لم يقصر ،حتى يتفادى توقيع الجزاء ،واألعذار
قبل توقيع الجزاء هو القاعدة وال تحفى اإلدارة من هذا االلتزام إال بنص صريح في العقد
وفي حال ه االس تعجال والض رورة ،وتخض ع جه ة اإلدارة لرقاب ة القض اء فيم ا توقع ه من
جزاءات على المتعاقد معها .405وأرى صواب ما ذهبت له المحكمة العليا الليبية ،فأعذار
-د سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،المرجع السابق ،ص 532 401
-د سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .531 404
-حكم المحكمة العليا في ليبيا ،طبعة رقم 8سنة .21بتاريخ 1975.3.6 405
227
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المتعاق د يعت بر ض مانه مهم ة للتعاق د م ع اإلدارة ،للمحافظ ة على حقوق ه أوًال ولتنبيه ه
لألخطاء ال تي وقع فيه ا فيحاول اس تدراكها ،حتى ال يتم توقيع ه ذا الجزاء الص ارم عليه،
ثانيًا وأخيرًا لكي يظل العمل بالمرفق منتظم ًا بصورة جيدة تقبلها جهة اإلدارة ،ألن هدف
اإلدارة من اإلنه اء الج زائي ه و دائم ًا المحافظ ة على المص لحة العام ة ،وض رورة حس ن
سير المرافق العامة بانتظام واطراد كما يهدف األعذار أيض ًا إلى عدم مفاجأة المتعاقد مع
اإلدارة بفس خ عق ده ولع ل المتعاق د م ع اإلدارة يب دل من إخالل ه ببن ود العق د بالقي ام بأعم ال
إيجابية وذلك في خالل فترة وجيزة ما بين إنذاره وما بين توقيع الجزاء عليه.
وإ ذا أرادت اإلدارة أن تتمتع بامتياز إعفائها من أعذار المتعاقد معها قبل توقيع جزاء
الفسخ فعليها أن تشترط ذلك في العقد أو في كراسة الشروط ،بمقتضى نص صريح يجيز
لها ذلك.
ثالث ا -ال تزام اإلدارة بتس بيب ق رار إنه اء العق د اإلداري قب ل ص دور الق انون من
المش ِّر ع الفرنس ي في 11/7/1979لم تكن لإلدارة في فرنس ا ملزم ة بتس بيب ق رارات
الجزاءات الصادرة ضد المتعاقدين معها ،والتي من بينها قرار فسخ العقد اإلداري ،بسبب
إخالل المتعاقد بتنفيذ التزاماته ،حيث تنص جميع دفاتر الشروط في فرنسا بطريقة واضحة
على األس باب ال تي تس مح لجه ة اإلدارة بتوقي ع ج زاء الفس خ على المتعاق د معه ا ،ولم يل زم
أي من نصوص هذه الدفاتر اإلدارة بتسبيب قرارها بفسخ العقد ،حتى تاريخ صدور هذا
ولكن بعد صدور القانون السابق والخاص بتسبيب قرارات اإلدارة أصبح هناك 406
القانون
إجماع في الفقه الفرنسي على أن يطبق هذا القانون على قرارات اإلدارة بتوقيع الجزاءات
على المتعاقدين معها ،أي كانت هذه الجزاءات.407
406
- Ph. Tetney Pre .op. cit –P.109.
407
- J. DUFAU، MARCHE DE TRAVAUX Publics J.C.H. 1985. FASC. 521.
228
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وباتت اإلدارة ملزمة بضرورة تسبيب قراراتها بفسخ عقودها اإلدارية ،ثم تأكد ذلك
بص فة نهائي ة بع د ص دور مناش ير رئيس ال وزراء الدوري ة في / 1979.8.31
/10.1.1980 /1987.9.28والمتعلق ة بتس بيب جمي ع الق رارات اإلداري ة المتعلق ة
بالص فقات العمومي ة ،ويش ترط أن يك ون التس بيب مكتوب ًا وأن يتض من ش رحًا لألس باب
408
القانونية والفعلية لهذا القرار.
ويستند القول بضرورة تسبيب قرار فسخ العقد إلى أنه يساعد قاضي العقد في رقابت ه
على أس باب الفس خ الص ادر في اإلدارة ض د المتعاق دين معه ا وتمكين ه من القي ام ب واجب
الرقاب ة بك ل دق ة ويس ر ،ومن هن ا فالب د أن يك ون ق رار اإلدارة بفس خ العق د مس ببا .و أن
يك ون هذا التسبيب مكتوب ًا وإ ن يتض من شرحًا وبيان ًا لألس باب القانونية والفعلية التي بني
عليها القرار ،409ولهذا السبب كان المشرع الفرنسي حريص ًا على ضرورة تسبيب اإلدارة
لقرارها ،بفسخ العقد ،لكي يسهل على القاضي تقدير مبررات اإلدارة للفسخ الجزائي للعقد
ومدى كفايتها لتوقيع هذا الجزاء الخطير.410
وفي مصر وليبيا نجد أن جهة اإلدارة غير ملزمة بتسبيب قرار فسخ العقد خالف ًا لما
جرى به العمل في فرنسا ،وفي ذلك تجاهل لضمانة مهمة من ضمانات المتعاقد معها ضد
تعسفها وإ ساءة استعمال سلطتها في توقيع الجزاءات ضده ،وقد درجت المحكمة العليا في
ليبي ا على أن ه " من المتف ق علي ه فقه ًا وقض اًء أن الق انون إذا لم يش ترط ص راحة تس بيب
الق رار اإلداري فإن ه ال ت ثريب على جه ة اإلدارة أن هي أغفلت األس باب ال تي ب ني عليه ا
قرارها.411
-د .محمد صالح عبد البديع ،مرجع سابق ،ص .224 409
-د .عمر حلمي ،أثار العقود اإلدارية مرجع سابق ،ص .164 410
-حكم المحكمة العليا في ليبيا ،الطبعة رقم 15سنة ،25جلسة 1984.6.3م 411
229
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .531 412
-د .سعاد الشرقاوي ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .493 413
-د.سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .533 414
-د .مازن ليلو راضي -العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .131 415
230
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-د .أحم د أب و عش يق ،ال دليل العلمي لالجته اد القض ائي في الم ادة اإلداري ة -منش ورات المجل ة المغربي ة لإلدارة 416
المحلية والتنمية سلسلة دالئل التسيير الجزء الثاني ، .الطبعة االولى ،لسنة ،2004ص71
-د .عبد اهلل حداد -صفقات األشغال العمومية ودورها بالتنمية ،المرجع السابق ،ص43 417
231
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
لإلدارة لكون العقد اإلداري يتعلق موضوعه بتنظيم وتسيير المرفق العام إضافة إلى مبدأ
قابل ة المراف ق العام ة للتغري ر والتع ديل ومس ايرة مقتض يات التج دد لتحقي ق الص الح الع ام
وإ شباع حاجات الجمهور العام ،وإ ن اإلدارة تتمتع بهذه السلطات حتى ولو لم ينص عليها
العقد ،ألنها تتعلق بالنظام إن اختبار المتعاقد مع اإلدارة في عقد األشغال العامة يتم على
ضوء مؤهالته وخبرته وتجربته العامة بسلطات واسعة تنبع من كون اإلدارة مسئولة عن
حسن سير المرفق العام وانتظامه .أي بمعنى اختياره ثم بموجب فكرة االعتبار الشخصي،
عق د األش غال العام ة وال تي ال وج ود له ا كم ا بيَّن ا في عقود الق انون الخ اص والسبب
يعود هو إن اإلدارة تسعى دائم ًا إلى تطوير وتسيير المرافق العامة من أجل تقديم أفضل
الخدمات العامة وإ شباع الحاجات العامة ،وان هذه السلطات تمنح لإلدارة سواء نص عليها
في العقد ،أو لم ينص ولكن يجب على اإلدارة االلتزام بهذه السلطات ضمن حدود معينة.
فس لطة الرقاب ة والتوجي ه الممنوح ة لإلدارة ه دفها مراقب ة التنفي ذ والتأك د من أن ه يتم وفق ًا
للش روط العقدي ة ،ق د تك ون ه ذه الس لطة بص ورة أعم ال مادي ة أو بص ورة أوام ر تنفيذي ة
توجه ا اإلدارة للمتعاق د ،فض ًال عن ح ق اإلدارة ب ان تت دخل لتغي ير أوض اع تنفي ذ التزام ات
المتعاقد وإ صدار أوامر تنفيذية لتوجيه أعمال التنفيذ بما يخدم المرفق العام ،أما عن سلطة
232
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
التع ديل ف إن اإلدارة تس عى دائم ًا لمواكب ة التط ور الحاص ل في المراف ق العام ة وأن أس اس
ه ذا الح ق أي س لطة التع ديل ه و متطلب ات المرف ق الع ام وتلبي ة احتياجات ه ال تي تف رض
التعديالت وعلى المتعاقد االلتزام والتنفيذ وان يقبلها لخدمة احتياجات المرفق العام ،وعلى
اإلدارة أن ت راعي األض رار ال تي ق د تحص ل للمتعاق د ج راء التع ديل وأن يتم تعويض ه بم ا
ي وازي الض رر ،أم ا تمت ع اإلدارة بس لطة ف رض الج زاءات وهي تع د من أخط ر الس لطات
ال تي تمارس ها في مواجه ة المتعاق د وذل ك عن طري ق إص دار ق رار به ذا الش أن ،وأن نظ ام
الجزاءات في النظام اإلداري بالتزاماته وتكون نتيجة اإلخالل بالصالح العام .تختلف عن
الج زاءات في الق انون الم دني ،حيث أن ه ذه الج زاءات ال تكفي دون إخالل المتعاق د
ونخلص ب ان الس لطات الممنوح ة لإلدارة س واء نص عليه ا في العق د أو لم ينص و اله دف
منهابناء مرافق عامة متطورة بكافة األس اليب لتق دیم أفض ل الخ دمات للجمه ور فض ًال عن
الجزاءات التي توقع على المتعاقد مع اإلدارة إذا أخل بالتزاماته العقدية ،إما أن تكون
تستطيع اإلدارة أن ترغم المتعاقد على تنفيذ العقد ،وذلك بأن تحل محله في التنفيذ أو
أن تعهد به إلى غيره ،وهذا الجزاء هو التنفيذ العيني للعقد وتختلف تسميته بحسب العقد،
فيس مى في عق د االل تزام وض ع المرف ق تحت الحراس ة ،وفي عق د األش غال العام ة وض ع
المقاولة تحت الحراسة المباشرة ،وفي عقود التوريد الشراء على حساب المورد.
233
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
234
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الفصل الثاني
حقوق المتعاقد في مواجهة اإلدارة
أن المتعاق د م ع اإلدارة ش خص يس عى إلى تحقي ق ربح مقاب ل القي ام بااللتزام ات ال تي
بفرضها العقد اإلداري سواء أكان عقد مقاولة أشغال أم عقد التزام أم عقد توريد وأًّي ا كان
حجم هذا العقد بدءًا من توريد مواد الى بناء وتشييد محطة كهرباء أو إقامة سد ،فإن حق
المتعاقد في اقتضاء المقابل هو حق تعاقدي ،وبديهي أن االلتزامات التي ينص عليها العقد
سواء التزامات المتعاقد أم التزامات اإلدارة هي حقوق للطرف األخر وعلى ذلك فحقوق
المتعاقد مع اإلدارة تتمثل في وفاء اإلدارة بالتزاماتها المنصوص عليها في العقد ويندرج
تحت هذه الحقوق ،حق المتعاقد في الحصول على المقابل المالي للعقد ،وحق المتعاقد في
أن تحترم اإلدارة التزاماتها التعاقدية والقانونية.
غير أن تنفيذ العقد قد تعترضه صعوبات خارجية تؤدي إلى تعثر التنفيذ أو إرهاق
المتعاق د أو تخ ل بت وازن العق د وهن ا تنش أ للمتعاق د حق وق جدي دة تتناس ب م ع الظ روف
والصعوبات غير المتوقعة ،وأساس هذه الحقوق حق المتعاقد في التوازن المالي للعقد.
كما أن العقد اإلداري هو عقد له قوة ملزمة تطبيقا لمبدأ أساسي هو أن العقد شريعة
المتعاقدين وإ ن كان لإلدارة حق تعديل العقد بشروط وفي حدود وألهداف محددة كما سبق
وذكرن ا كم ا أن أهم حق وق المتعاق د هي حق ه في الحص ول على المقاب ل الم ادي رغم أن
بعض الص فقات العمومي ة ال تول د للمتعاق د حق ًا في مقاب ل م ادي مث ل عق د ش غل ال دومين
الع ام أو االلتزام ات غ ير الدوميني ة أو بي ع أو ت أجير المقاص ف والمق اهي والش واطئ ،في
ه ذه العق ود ،يجب على المتعاق د دف ع مب الغ على النح و المتف ق علي ه وليس على اإلدارة
التزامات مالية.
وللبحث في حق وق المتقاع د م ع اإلدارة في ه ذا الفص ل ،وجب تقس يمه إلى مبح ثين:
المبحث األول :الحقوق المالية للمتعاقد والمبحث الثاني :ضمان التوازن المالي للعقد.
235
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المبحث األول
الحقوق المالية للمتعاقد
المقاب ل الم الي للتعاق د ه و المقاب ل الم ادي لم ا أداه المتعاق د من أعم ال أو توري دات
لص الح جه ة اإلدارة المتعاق دة ،وه و يك ون مس تحقا بمج رد االنته اء من األعم ال أو تس ليم
األصناف الموردة على نحو ما أورده العقد أو دفاتر الشروط.
وتلتزم اإلدارة بأداء هذا المقابل في عقدي األشغال العامة والتوريد حيث يكون ثمن ًا
لألعمال المؤداة أو األصناف الموردة ويكون األمر مختلف ًا في عقد التزام المرافق العامة
حيث يأخ ذ المقاب ل الم ادي ص ورة رس م يؤدي ه المنتف ع بخ دمات المرف ق موض وع عق د
االلتزام للملتزم.
واألصل أن الشروط المتعلقة بتحديد المقابل المادي للعقد ال تخضع لمبدأ حق اإلدارة
في التعديل المنفرد للشروط التعاقدية حيث يلزم موافقة الطرف اآلخر على هذا التعديل،
على اعتب ار أن ه ذا المقابل هو غايت ه من التعاقد ،وي رد على هذا األص ل العام اس تثناءان
يتعل ق أولهم ا بالرس م ال ذي يتقاض اه المل تزم من المنتفعين بخ دمات المرف ق في عق د ال تزام
المرافق العامة ،حيث يعد شرطًا الئحي ًا بوسع اإلدارة تعديله دون الحاجة لموافقة الملتزم،
ويتصل ثانيهما بالعقود التي تحدد مقابلها المادي ،قرارات تنظيمية كعقود الوظيفة العامة،
وإ ذا كان أداء المقابل المادي 418
ذلك أن مركز المتعاقدين فيها يكون أقرب للقرار التنظيمي
للعق د يأخ ذ ص ورة ثمن أو رس م فس وف نبحث في ه ذا المبحث ه ذا الح ق في مطل بين
المطلب األول .حق المتعاقد في الحصول على المقابل المالي والمطلب الثاني حق اقتضاء
المتعاقد للتعويضات.
-د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص 385 418
236
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب األول
حق المتعاقد في الحصول على المقابل المالي
إن المتعاق د ش خص يس عى من وراء ه ذا التعاق د الحص ول على المقاب ل النق دي أو
الم ادي ،ل ذلك ك ان الحص ول على المقاب ل النق دي أو الم ادي ه و أهم م ا يه دف إلي ه
المتعاق د م ع اإلدارة إال أن ه ق د تك ون الص فقات العمومي ة على عكس ه ذا الغ رض حيث
يلتزم المتعاقد مع اإلدارة بتقديم نقدي كما هو الشأن في عقود تقديم المعاونة أو استئجار
من اإلدارة ،إال أن معظم العق ود األخ رى يس تهدف المتعاق د من خالل إبرامه ا الحص ول
على مقابل نقدي من اإلدارة ،ويتخذ هذا المقابل صورًا متعددة ،فقد يكون مرتب ًا شهريًا في
حالة عقود التوظيف ،وقد يكون ثمنًا للبضائع الموردة وغيرها.
ويف رق الفق ه بين ن وعين من المقاب ل النق دي للعق د وذل ك بن اًء على ن وع الخدم ة ال تي
يلتزم المتعاقد بتقديمها فإذا كان المتعاقد يؤدي الخدمة لإلدارة مباشرة فإن اإلدارة هي التي
تلتزم بأداء المقابل النقدي للمتعاقد ،فيتخذ المقابل في هذه الحالة صورًا مختلفًة وفقًا لطبيع ة
العق د ،فه و ثمن في حال ة عق ود التوري د واألش غال والنق ل وم ا ج رى مجراه ا ،وم رتب في
حالة عقود التوظيف وفائدة في حالة عقد القرض.
أما إذا كان المتعاقد يؤدي الخدمة للجمهور مباشرة فإن المقابل هنا يسمى الرسم.
ل ذلك س وف نبحث في ه ذا المطلب كًال من تحدي د الثمن وحس ابه في ف رع أول،
والفرع الثاني أحكام الرسم في عقود االمتياز.
237
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
.د .عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص2 420
-د .حسين درويش ،النظرية العامة في العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .119 421
238
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ال دفع بموجبه ا على النح و الس الف ال ذكر وإ ض افة إلى م ا يتم االتف اق علي ه من مس تندات
أخ رى ،والنص على ح ق الجه ة في الخص م من ال دفعات المس تحقة لم ا عس اه أن يك ون
كما تنص المادة " 98 422
مستحقا لها -طبقًا ألحكام العقد من غرامات وجزاءات وغيرها "
" على اس تثناء من أحك ام الم ادة " " 140يج وز ص رف دفع ة مقدم ة في عق ود التوري د
باألحك ام والش روط المنص وص عليه ا في الم ادة " " 118كم ا تنص الم ادة " " 99من
الالئحة على " في جميع األحوال ال يجوز الصرف إال بعد مصادقة اللجنة الشعبية العامة
لجه از الرقاب ة المالي ة على الص رف ،وتس تثنى من ذل ك العق ود ال تي ال تزي د قيمته ا على "
" 500000أل ف دين ار خمس مائة أل ف دين ار لي بي م ع مالحظ ة أن م ا نص ت علي ه ه ذه
المادة يعتبر نوع من الروتين اإلداري الذي ال داعي لوجوده تسهيًال لإلجراءات وخاصة
أن هذا الجهاز موجودا في وقت إبرام العقد وعلى علم بما يحويه من مبالغ مالية تستحق
423
الدفع عند إتمام العقد.
والجديد هنا والذي لم تسبق أن تناولت اللوائح السابقة لها هو ما نصت عليه المادة "
" 100من الالئحة بقولها " يستحق المقاول غرامة تأخير بواقع %0.5من كل يوم تأخير
تستحق إذا تأخر سداد مستخلص عن " « 15يومًا من تاريخ تسليمه إلى الجهة المتعاقدة".
وتسدد الغرامة أية جهة عامة مختصة بالنظر في المستخلص قبل سداده تكون سببا
في الت أخير بع د الم دة المق ررة ،وفي حال ة إرج اع المس تخلص إلى جه ة اإلداري ة المتعاق دة
من أية جهة عامة يكون من اختصاصها فحص المستخلص قبل صرفه بمالحظات يجب
تص حيحها تب دأ م دة الخمس ة عش ر يوم ا من ت اريخ م ذكرة المالحظ ات ويجب على الجه ة
العام ة وض ع جمي ع مالحظاته ا م رة واح دة ،وال يج وز ب أي ح ال من األح وال رد
المستخلص بمالحظات جديدة لم يسبق كتابتها في مذكرة المالحظات األولى.
.المواد 88و 98و 99من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم 563لسنة 2007م 423
239
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
والقاعدة فيما يخص المقابل المالي تنص على أن (ال يدفع إال بعد انتهاء تنفيذ العقد
وتس وية الحس اب الخت امي إال في بعض الح االت ال تي تتعل ق بطبيع ة العق د ال ذي يتطلب
تنفي ذه م دة طويل ة ) وفي ذل ك ت بين الم ادة " " 118من الالئح ة الناف ذة على ( أن ه يج وز
للجهة اإلدارية المتعاقدة بعد تسجيل العقد لدى مصلحة الضرائب واستالم موقع العمل أن
تص رف للمق اول دفع ة مقدم ة تحت الحس اب ال تزي د عن " " % 15من قيم ة العق د وذل ك
مقاب ل تق ديم خط اب ض مان تت وفر في ه الش روط المبين ة بالم ادة " " 47من ه ذه الالئح ة
424
ويكون ساري المفعول لمدة تنفيذ العقد).
ويجوز أن يتضمن هذا الخطاب نصا يسمح بتناقص قيمته بقدر ما يستوفي من قيمة
الدفعة المقدمة ،وتخصم هذه الدفعة من المبالغ التي تستحق للمقاول على أن يخصم من كل
مبل غ مس تحق بنفس النس بة المئوي ة ال تي منحت به ا الدفع ة المقدم ة ح تى يتم س دادها ،وق د
أوض حت الم ادة " " 125من ه ذه الالئح ة" (على أن تص رف للمق اول مس تحقاته في ش كل
دفع ات تحت الحس اب عن األعم ال المنج زة تبع ا لتق دم العم ل وذل ك على الوج ه اآلتي بع د
أقص ى" " % 95من القيم ة المق ررة بالنس بة لألعم ال ال تي تمت فعًال مطابق ة للش روط
والمواصفات وذلك من واقع الفئات الواردة بالجدول ،كما يجوز صرف الباقي وهو "% 5
" مقاب ل خط اب ض مان تت وفر الش روط المبني ة بالم ادة " " 47يك ون س اري المفع ول ح تى
مضي ثالثة أشهر من التاريخ المحدد لالستالم المبدئي ما لم ينص في العقد على مجاوزة
هذا الميعاد وبحد أقصى " " % 75من القيمة المقررة بالنسبة للمواد التي وردها المقاول
والتي يحتاجها فعًال وذلك بشرط أن يكون بحالة جيدة ومطابقة للشروط ومقبول ة من الجهة
اإلداري ة المتعاق دة ومودع ة بالمخ ازن إي داعًا ص حيحًا تس ري أحك ام البن د الس ابق بالنس بة
لألدوات والمع دات والم واد ال تي ت ورد إلى موق ع العم ل ص الحة لل تركيب إلى أن يتم
تركيبها ،وال تدخل في ذلك اآلالت المملوكة للمقاول التي يستخدمها في إنجاز العم ل ،ومع
ذلك أجازت الالئحة لإلدارة الحق في تنظيم الدفع للمقاول تنظيمًا مغايرًا ألحكام ه ذه الم ادة
المادة 118من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم 563لسنة 2007م. 424
240
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
إذا اقتضت طبيعة األعمال المسندة للمقاول ذلك شريطة احتفاظ اإلدارة بنسبة ال تقل عن "
425
" %5من قيمة األعمال المنجزة لضمان حسن التنفيذ).
وفي مص ر فق د أح اط الق انون عملي ة تحدي د الثمن بض وابط يجب أال تخالفه ا اإلدارة،
وأهم ه ذه الض وابط م ا نص ت علي ه الم ادة " " 61من ق انون المناقص ات بقوله ا .إرس اء
المناقصة على صاحب العطاء األفضل شروطًا واألقل سعرًا بعد توحيد أسس المقارن ة بين
426
العطاءات من جميع النواحي الفنية والمالية.
كم ا نص ت الم ادة " " 55من الالئح ة التنفيذي ة على تحدي د القواع د ال تي تحكم كتاب ة
وتحديد األسعار في العروض المقدمة كما يلي:
* تكتب أس عار العط اء ب الحبر الج اف أو الس ائل أو الطباع ة رقم ًا وحرف ًا باللغ ة
العربية ويكون سعر الوحدة في كل صنف بحسب ما هو بجدول الفئات عددًا أو وزن ًا أو
مقاسًا أو غير ذلك دون تغيير أو تعديل في الوحدة.
* ويج وز في حال ة تق ديم العط اء من ف رد أو ش ركة في الخ ارج أو تكتب األس عار
بالعملة األجنبية وتتم معادلتها بالعملة المصرية بالسعر المحلية في تاريخ فتح المظاريف.
* ويجب أن تكون قائمة األسعار مؤرخة وموقعة من مقدم العطاء.
* ال يج وز الكش ط أو المح و في ج دول الفئ ات وك ل تص حيح في األس عار أو غيره ا
427
يجب إعادة كتابته حروفًا ورقمًا وتوثيقه.
ويح دد الثمن في العق د اإلداري باتف اق بين اإلدارة والمتعاق د معه ا وله ذا ف إن الش رط
الخاص بتحديد الثمن يعتبر شرطا تعاقديا وقد يحدد الثمن بمقتضى شرط يدرج في صلب
العقد أو بمقتضى وثائق مستقلة تلحق بالعقد.
،المادة 125من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم 563لسنة 2007م. 425
.المادة 61من قانون المناقصات والزيادات المصري رقم 89لسنة 1998م. 426
المادة 55من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم 563لسنة 2007م. 427
241
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ويح دد الثمن ب رقم مح دد ،ولكن ق د يح دد الثمن بطريق ة أخ رى كاإلحال ة إلى عناص ر
خارج ة عن العق د ،ومث ال ذل ك االتف اق على اتخ اذ األس عار الس ائدة في وقت مح دد أساس ًا
للمحاسبة.428
وقد يتخذ متوسط السعر في المناسبات السابقة خالل العام السابق على التعاقد كأساس
في عقود معينة.429
وتختلف طريقة تسديد السعر وفق ًا لطبيعة العقد ففي عقد االستغالل العامة ،قد يحدد
المتعاقدان سعرًا إجمالي ًا للعملية كلها ،وقد يحددان سعرًا لكل نوع من األعمال التي يقوم
عليه ا المش روع ،وقد يحدد السعر بحسب وحدة معين ة من وحدات القي اس ك المتر المربع
وفي عقود التوريد قد يحدد سعر الكمية المطلوب توريدها بحيث يحدد سعر كل س لعة على
حدة ومن المقرر أن هذه الشروط والتي تكون شروطا اتفاقية بين الطرفين ال تندرج ضمن
الشروط التي يجوز لإلدارة أن تعدلها بإرادتها المنفردة لما منح لها من امتياز في تعديل
الص فقات العمومي ة ال تي تمس س ير المرف ق الع ام وتتص ل بمقتض ياته ولكن ق د يج ري
تعويض المتعاقد عن الرسم نظرًا العتباره من الشروط الالئحة ال التعاقدية والتي تستطيع
اإلدارة أن تعدلها بإرادتها المنفردة بدون حاجة لرضا المتعاقد ولكن بشرط تعويضه حالي ًا
إذا دعت الحالة إلى ذلك ،أما ما عدا ذلك من شروط تتصل بتحديد المقابل المالي فيمتنع
على اإلدارة أن تع دلها بإرادته ا المنف ردة وذل ك العتب ارين أساس ين ،أولهم ا عملي مرجع ه
نفور األفراد من التعاقد مع اإلدارة فيما لو أمكنها أن تعدل عن المقابل الذي يعتمد عليه
المتعاق د رغم إرادت ه ،وثانيهم ا ق انوني م رده أن أس اس س لطة اإلدارة في التع ديل ه و
مقتضيات المرافق العامة وبالتالي فإنها ال تنصب إال على الشروط المتعلقة بتسيير المرفق
-حكم مجلس الدولة الصادرة في 26أكتوبر ،سنة 1945ق قضية NELLE SAE LA MPERATIONص 428
،215عن ال دكتور ،محم د عب د الع ال الس ناري ،مب ادئ وأحك ام العق ود اإلداري ة في مج ال النظري ة التط بيق ،مرج ع
سابق ،ص .258
-حكم مجلس الدول ة الص ادر في 1937.6.2مش ار إلي ه في كت اب ال دكتور ،محم د عب د الع ال الس ناري ،مرج ع 429
-حكم المحكمة العليا جلسة 1970-1-17م القضية 1222/12ق المجموعة س 115رقم 24ص .146 430
-حكم محكمة القضاء اإلداري ،جلسة ،1957-6-30القضية 7/ 1983ق المجموعة ،ص .608 432
243
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وتعتبر الشروط المتعلقة به من قبيل الشروط الالئحية ،ومن ثم ال يسمى أجرًا ،بل رسمًا
تمييزًا له عن الثمن أو األجر أو الفائدة عن غيره من العقود.
ال دليل على هج ر ه ذا ال رأي في الفق ه المص ري م ا ذهب إلي ه المش ِّر ع المص ري في
الم ادة الخامس ة من الق انون رقم " " 129لس نة 1947حيث يق ول " لم انح االل تزام دائم ا،
ح تى اقتض ت ذل ك المنفع ة العام ة ،أن يع دل من تلق اء نفس ه عق د المرف ق الع ام ،موض وع
االلتزام ...وبوجه خاص قوائم األسعار الخاصة به ".
وبه ذا النص الحاس م قط ع المش ِّر ع المص ري الس بيل على رأي الفق ه الفرنس ي ال ذي
يميز بالنسبة إلى الرسوم بين حالتين.
-د .عبد العزيز عبد المنعم خليفة ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .18 433
-د .محمود خلف الجيوري ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .189 434
244
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أ -في عالقة كل من اإلدارة والملتزم بالمنفعتين وفي هذه الحالة ينضم هذا الفريق
من الفقه اء إلى ال رأي الغ الب ،وال ذي يعت بر الش روط المتعلق ة بتحدي د الرس وم ذات طبيع ة
الئحية.
ب -أم ا في عالق ة اإلدارة ب الملتزم :ي ذهب ه ذا ال رأي إلى أن تل ك الش روط تحتف ظ
435
بطبيعتها التعاقدية وبذلك ال يجوز لإلدارة أن تستقل بتعديل المقابل المتفق عليه.
ومن ثم ف إن اإلدارة 436
وهك ذا ينتهي ه ذا ال رأي إلى ازدواج طبيع ة ه ذه الش روط
تس تطيع أن تغ ير في الرس م حس ب م ا تقتض يه مص لحة المرف ق ،ب ل إن اإلدارة ق د تس تقل
بتحدي ده وتق ديره ،ولكن يجب أن ت راعي في ذل ك تحقي ق المس اواة بين المنتفعين بخ دمات
المرفق فضًال عن ضرورة التزامها بما يحدده المشرع من قواعد في هذا الصدد.437
وتت ولى عق ود االمتي از تحدي د الرس وم ال تي يج وز للمل تزم تقاض يها من المنتفعين،
والع ادة أن تت ولى اإلدارة بنفس ها تحدي د ه ذه الرس وم بع د استش ارة المل تزم ولكن ه ذه
االستش ارة ال تطب ع تل ك الش روط بالط ابع التعاق دي كم ا س لف ذك ره ،وق د يح دد الرس م
بصورة قاطعة وقد يحدد الحد األقصى للرسم.
ولق د 438
بحيث ال يج وز للمل تزم تخطي ه م ع ترك ه ح رًا في نط اق ه ذا الح د األقص ى
ذهب الفقيه " جيز " إلى أن تحديد الحد األقصى للرسم ال يعني استقالل الملتزم المطلق في
االنفراد بتحديد المبلغ الذي يتقاضاه من المنتفعين في نطاق هذا الحد األقصى المنصوص
علي ه في عق د االمتي از ب ل يتعين على المل تزم الحص ول على تص ديق اإلدارة على الرس م
الذي يحدده في هذا النطاق.
-د .محمد عبد العال السناري ،مبادئ وأحكام العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .262 436
-د .جابر جاد نضار ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .256 437
-د .محمد عبد العال السناري ،مبادئ وأحكام العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .263 438
245
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ولكن الفقيه " دي لوبادير " يرى أنه ال محل للشرط السابق الذي قال به جيز ،ويرى
أن القضاء ال يؤيده في ذلك ،وأن مجلس الدولة الفرنسي يخول الملتزم حرية تحدي د الرسم
في نطاق الحد األقصى.439
وت رد على حرية اإلدارة والمل تزم قيودًا فيما تتعل ق بتحدي د الرسم أًّي ا ك انت الطريقة
المتبعة في تحديده ويمكن رد هذه القيود لالعتبارات اآلتية:
.1من أهم القيود التي ترد على حرية اإلدارة والملتزم في تحديد الرسم مبدأ المس اواة
بين المنتفعين في الرس م ال ذي يق رره عق د االمتي از إذ يتعين على اإلدارة حين تح دد الرس م
بمفرده ا ،وعلى المل تزم حين ي ترك ل ه بعض الحري ة في تحدي د الرس وم اح ترام القاع دة
السابقة.
وق د قننت ه ذه القاع دة تش ريعيًا في مص ر فق د نص ت الم ادة 14من الق انون الم دني
المصري على ما يلي:
أ -إذا ك ان ملتزم المرفق محتكرًا ل ه احتكارًا قانوني ًا أو فعلي ًا وجب علي ه أن يحقق
المساواة التامة بين عمالئه سواء في الخدمات أو في تقاضي األجور.
ب -وال تح ول المس اواة دون أن يك ون هن اك معامل ة خاص ة تنط وي على تخفيض
ألجور أو اإلعفاء منها ،على أن ينتفع بهذه المعاملة من يطلب ذلك من توافرت فيه شروط
يعينه ا المل تزم بوج ه ع ام ولكن المس اواة تح رم على المل تزم أن يمنح أح د عمالئ ه م يزات
يرفض منحها لآلخرين.
ج -وكل تمييز يمنح على خالف ما تقضي به الفقرة السابقة يوجب على المل تزم أن
يعوض الضرر الذي قد يصيب الغير من جَّر اء ما يترتب على ذلك هذا التمييز من إخالل
بالتوازن الطبيعي في المنافسة المشروعة.440
-د .جابر جاد نضار ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص.256 439
-د.محمد عبد العال السناري مبادئ وأحكام العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .264 440
246
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وإ ذا ك ان نص الم ادة الس ابقة ق د تح دث عن االل تزام ال ذي يتض من احتك ارًا فعلي ًا
أوقانونيًا وهي الحالة الغالبة في عقود االلتزام فإن المسلم به وفق ًا لقواعد القانون اإلداري
أن قاعدة المساواة تشمل جميع أنواع المرافق العامة وبصرف النظر عن طبيعة المرفق،
بل لقد حاولت اإلدارة أن تستثني من القاعدة السابقة للمرافق االقتصادية والتجارية بحجة
أن ه ذا الن وع من المراف ق ُي دار وفق ًا لظ روف الق انون الخ اص والمش روعات الخاص ة ال
تخض ع لقاع دة التس وية بين العمالء ولكن مجلس الدول ة الفرنس ي رفض وجه ة النظ ر
الس ابقة رفض ًا بات ًا وذل ك في حكم ل ه ص در في أبري ل س نة 1938م في قض ية «
ولكن المساواة ال تغني بطبيعة الحال المساواة الحسابية 441
» ALLOOL- DENATURE
أو المطلقة ولكن يقصد بها توحيد المعاملة متى تماثلت الظروف وبالتالي يج وز التمي يز إذا
اختلفت الظ روف ،أم ا ال ذي تحرم ه قاع دة المس اواة فه و خل ق امتي ازات خاص ة لبعض
المنتفعين ال تس تند إلى أس اس مقب ول ،وبالت الي يج وز تغي ير الرس م وفق ًا لبع د المك ان ال ذي
تؤدى فيه الخدمة المطلوبة أو لنوع الخدمة أو زمانها.
- 2تحديد المشرع صراحة للسعر الذي يتعين أن تقدم به الخدمة كما لو حدد سعر
الكهرب اء أو الغ از ،فحينئ ذ ال تس تطيع اإلدارة وال المل تزم أن يخ رج على نص وص
التشريعات بهذا الصدد.
- 3يجب أن نضيف إلى ما تقدم من قيود في تحديد الرسوم نص المادة الثالثة من
الق انون رقم " " 129لس نة 1947م ال تي تقض ي بأن ه ال يج وز أن تتج اوز حص ة المل تزم
الس نوية في ص افي أرب اح اس تغالل المرف ق الع ام %10من رأس الم ال الموظ ف
والمرخص من مانح االلتزام وذلك بعد خصم مقابل استهالك رأس المال.
وم ا زاد على ذل ك من ص افي األرب اح يس تخدم أوًال في تك وين احتي اطي خ اص
للسنوات التي تقل فيها األرباح عن ،%10وتقف زيادة هذا االحتياطي حتى بلغ ما ي وازي
%10من رأس المال ،ويستخدم ما يبقى من هذا الزائد في تحسين وتوسع المرفق العام أو
-المرجع السابق ،ص .264 441
247
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
في خفض األسعار حسبما يرى مانح االلتزام ،وهذا النص عام يسري على جميع المرافق
العامة سواء التي أنشئت قبله أو التي تنشأ بعده.
ويترتب على ذلك أن اإلدارة ملزمة بأن تعيد النظر في تعريفة األسعار على ضوء
ما يسفر عنه تشغيل المرفق من أرباٍح وفقًا لألسس التي وضعتها المادة الثالثة.442
وهذا ليس مجرد حق لإلدارة ،بل هو واجب عليها يستطيع المنتفعون إجبارها على
ممارسته إذا قصرت أو أهملت فيه.
وإ ذا ك ان الرس م المح دد بمقتض ى عق د االمتي از يل زم المتعاق د بحيث ال يج وز ل ه
المطالبة بالحصول على أكثر منه ،فإن من المسلم به أن جهة اإلدارة المتعاقدة تستطيع أن
تتف ق م ع المل تزم على زي ادة الرس م لمواجه ة ظ روف جدي دة بش رط مراع اة اإلج راءات
المق ررة في ه ذا الص دد وال يج وز للقاض ي أن يح ل مح ل اإلدارة في ه ذا المج ال إذا
رفضت الموافقة على هذه الزيادة ،فهو ال يستطيع أن يحكم بزيادة الرسم المقرر في العقد
إال إذا كان عقد االمتياز ذاته ينص على قواعد تتضمن تغيير السعر وفق ًا لتغيير ظروف
تحديدها ،وذلك إذا حدث خالف بين اإلدارة والملتزم حول نسبة الزيادة التي يجب تقريره ا
لمواجهة الظروف الجديدة ،وهذا بخالف حالة الظروف الطارئة.
وهك ذا تك ون س لطة اإلدارة في ع دم الموافق ة على زي ادة الرس وم من قبي ل الس لطات
التقديري ة الواس عة ،وال يج د منه ا إال م ا ي رد في العق د من نص وص كنص تغي ير األس عار
وفق ًا لتغي ير الظ روف المش ار إليه ا ،أو إذا ض منت اإلدارة للمل تزم أن يغ ل المرف ق نس بة
معين ة من األرب اح ،فحينئ ذ يتعين على اإلدارة أن تواف ق على زي ادة الرس م بم ا يحق ق تل ك
النس بة من األرب اح إال إذا ش اءت أن تتحم ل هي الف رق بين م ا يغل ه من أرب اح وم ا ض منه
العقد منها ،على أنه إذا كان القاضي ال يستطيع أن يعدل الشروط الخاصة بالرسوم رغم
إرادة اإلدارة ،ف إن إص رار اإلدارة على الف رض تعنت ًا ق د ي ؤدي في بعض الح االت إلى
الحكم بالتعويض على أساس بخطأ.
-د .محمد عبد العال السناري ،المرجع السابق .ص .266 442
248
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
249
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب الثاني
حق اقتضاء المتعاقد للتعويض
يح ق للتعاق د م ع اإلدارة مطابقته ا بتع ويض ليج بر الض رر ال ذي لح ق بالتعاق د بس بب
تنفيذه للعقد اإلداري فقد يكون أساس هذا التعويض أما خطأ اإلدارة ،وأما نظرية اإلثراء
بال س بب فبخص وص الخط أ فيس تحق المتعاق د م ع اإلدارة تعويض ًا عم ا أص ابه من ض رر
أثن اء تنفي ذ العق د اإلداري بس بب الخط أ ال ذي ارتكبت ه اإلدارة ،وال تي يك ون الخط أ ثابت ًا في
حقها إذا لم توِف بالتزاماتها تجاه المتعاقد معها أو تأخرت في الوفاء بتلك االلتزامات كما
في حالة تأخر اإلدارة المتعاقدة في تسليم موقع العمل للمقاول خاليا من العوائق التي تع وق
التنفي ذ ،فالعق د اإلداري يض ع على ع اتق اإلدارة التزام ات عقدي ة أخص ها تمكين المتعاق د
معها من البدء في تنفيذ العمل ومن المضي في تنفيذه حتى يتم انجازه ،فإذا لم توفي هذا
االل تزام ،ف إن ه ذا يش كل من جانبه ا خط أ عق ديا يخ ول المتعاق د معه ا الح ق في مطالبته ا
بالتعويض عن الضرر الناجم من جراء ذلك.
أم ا إذا ق ام المتعاق د م ع اإلدارة من تلق اء نفس ه وب دون تكلي ف منه ا ب أداء أعم ال أو
خدمات إضافية غير منصوص عليها بالعقد ،فيكون لهذا المتعاقد الحق في مطالبة اإلدارة
بتع ويض عم ا أنفق ه للقي ام بتل ك األعم ال أو أداء ه ذه الخ دمات ،ش ريطة أن تك ون ه ذه
األعمال.
أو الخ دمات اإلض افية ذات فائ دة والزم ة المرف ق الع ام ،وذل ك على أس اس قاع دة
اإلثراء بال سبب ولكل ما سبق سوف نبحث في هذا المطلب التعويض أالتف اقي والتعويض
القضائي في الفرع األول ومبدأ التعويض الكامل في الفرع الثاني.
250
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
حيث تعتبر سلطة اإلدارة في اإلنهاء االنفرادي للعقد اإلداري امتيازًا استثنائيًا مقررًا
لها في مواجهة المتعاقد معها ومن هنا كان متعينا االعتراف بالمقابل لذلك .ب االلتزام بحف ظ
حقوق هذا المتعاقد في التعويض عن إنهاء اإلدارة لعقده قبل األوان ودون وقوع أي خطأ
من جانب ه في تنفي ذ التزامات ه العقدي ة ،حيث أن إنه اء العق د هن ا ليس لطبيع ة الح ال ج زاء
خط أ ارتكب ه المتعاق د في تنفي ذ العق د ،كم ا وأن إنه اء العق د من ج انب اإلدارة إنم ا يح رم
المتعاقد في هذه الحالة من المزايا المالية التي يجلبها له التنفيذ الكامل للعقد ،كما يمكن أن
يكون من شأن ذلك اإلنهاء االنفرادي أن يضع المتعاقد في موقف صعب لهذا السبب فإنه
لكي ال يحتمل المتعاقد األعباء المالية المترتبة على ممارسة اإلدارة لسلطة إنهاء العقد فإن
القضاء قد اعترف بقيام المسؤولية التعاقدية بدون خطأ على عاتق اإلدارة بما يتيح للمتعاقد
الحق في التعويض عن االلتزام القانوني جانب اإلدارة لسلطتها في إنهاء العقد بشرط أن
يصيب هذا المتعاقد ضرر نتيجة إنهاء عقده.443
وليس من شك في أن التعويض المستحق في هذه الحالة ال يكون مؤسس ًا على وجود
خط ٍإ ث ابت من ج انب اإلدارة ألن اإلدارة لم تقم إال بممارس ة ح ق أق ره له ا العق د بمقتض ى
ولذلك فإن المتعاقد معها يستحق تعويضا كامال عن اإلنهاء لعقده لدواعي 444
المبادئ العامة
المصلحة العامة دون حاجة إلى إثبات صدور أي خطأ من جانب اإلدارة يستوجب تقرير
هذا التعويض فتلك مسؤولية موضوعية غير مؤسسة على الخطأ التقصيري وإ ن اشترط
بصفة عامة في هذه الحالة عدم كون هذا اإلنهاء االنفرادي الصادر عن جهة اإلدارة موقع
443
- C.Gallay، les contrats Entre Personnes Publiques، Thèse Touloise، 1988 P 276.
444
- Vedele- Article precise- Etudes offerts Amestre- P 547.
251
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كج زاء عن خط أ م رتكب من ج انب المتعاق د معه ا ه ذا و يختل ف التع ويض المس تحق
للمتعاق د م ع اإلدارة من حيث تقري ره ،ومق داره واألس س الق ائم عليه ا حس ابه إلى تع ويض
اتفاقي وتعويض قضائي.
أوال -التعويض االتفاقي .
قد ينظم العقد اإلداري محل اإلنهاء ذاته أو القوانين أو للوائح الخاضع لها ذلك العقد.
مقدار التعويض المستحق للمتعاقد عن إنهاء عقده وعناصره وفي هذه الحالة يجب أعمال
ش روط العق د أو مض مون الق وانين والل وائح بص دد إق رار مب دأ التع ويض وأس س حس ابه
ومق داره وسائر م ا يتعلق ب ه من أحك ام ذل ك أن حرية األط راف المتعاقدين في هذا المق ام
كامل ة في مج ال تحدي د التع ويض المس تحق للمتعاق د نتيج ة اإلنه اء االنف رادي من ج انب
اإلدارة لعقده لدواعي المصلحة العامة.
حيث يس تطيع طرف ا العق د أن يح ددا بالض بط عناص ر حس اب التع ويض الممن وح
للمتعاق د في ه ذه الحال ة أي ا ك ان طبيع ة اتفاقهم ا في ه ذا الش أن وبحيث يمكنه ا االتف اق
بمقتضى شرط صريح في العقد على استبعاد منح أي تعويض للمتعاقد عن إنهاء العقد أو
تحديد مبلغ جزافي كتعويض أو قصر التعويض على األضرار التي لحقت بالمتعاقد بالفع ل
م ع اس تبعاد التع ويض عن األرب اح ال تي ف اتت علي ه ،أو اش تمال التع ويض على عنص رين
التعويض أي بتعويض المتعاقد عما لحقه من خسارة ،وعما فاته من كسب .
ثانيا -التعويض القضائي.
إذا لم ينظم العق د أو الق انون أو لل وائح أس س اس تحقاق التع ويض ومق داره وعناص ره
بحيث 445
ف إن القاض ي في ه ذه الحال ة ه و ال ذي يح دد مق دار التع ويض المس تحق للمتعاق د
يك ون التع ويض ال ذي يحكم ب ه في ه ذه الحال ة ه و التع ويض الكام ل ،أي ال ذي يغطي م ا
لحق المتعاقد من خسارة وما فاته من كسب.
.د .مفتاح خليفة عبد الحميد .مرجع سابق ،ص .244 445
252
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الضرر الناشئ للمتعاقد من هذا اإللغاء شامًال الربح الفائت ،وعلى الرغم من ذلك فطبق ًا
لقض اء مجلس الدولة الفرنسي فإن المتعاقد ال ذي أنهى عقده من ج انب اإلدارة من دواعي
المصلحة العامة ال يستحق أي تعويض في حالتين:
أ -إذا نص العق د ص راحة على أن المتعاق د ال يس تحق أي تع ويض في حال ة إنه اء
عقده لدواعي المصلحة العامة.446
ب -إذا لم يلحق بالمتعاقد أي ضرر حقيقي من جَّر اء إنهاء عقده ،حيث أن المبادئ
العامة للحصول على التعويض تقتضي وقوع ضرر فعلي تكبده المتعاقد ،ولذلك ال محل
بالت الي إذا لم يح دث إنه اء العق د أي ض رر للمتعاق د وتطبيق ًا ل ذلك وقض ى مجلس الدول ة
الفرنسي تعويض المتعاقد عن إنهاء عقده ،ألن استمرار تنفيذه له كان في الحقيقة مرهق ًا
ومكلف ًا للمتعاق د ،ول ذلك ف إن إنه اء العق د لم ينتج عن ه أي ض رر للمتعاق د ،ولق د أق ر مجلس
الدول ة المص ري مبدأ ع دم اس تحقاق المتعاقد أي تع ويض إذا لم يلحق ب ه أي ض رر نتيجة
إنه اء عق ده ،حيث ق ررت محكم ة القض اء اإلداري أن التع ويض يخض ع لألحك ام العام ة
المق ررة في ه ذا الص دد ،ومنه ا ش رط حص ول ض رر من ج راء إنه اء العق د ،ف إذا ثبت أن
إنهاء العقد لم يرتب ضررًا فال محل للتعويض.447
-حكم محكمة القضاء اإلداري الصادر .25يونيه 1961م لمجموعة ،س 15رقم 194ص .265 447
253
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كم ا رفض مجلس الدول ة الفرنس ي ك ذلك منح المتعاق د أي تع ويض عن ال ربح الف ائت
من جراء إنهاء اإلدارة لعقده ،طالما استمرار العقد ال يمكن أن يحقق للمتعاقد أية فائدة.448
لكن هنا يثار تساؤل هل يمكن لإلدارة أن تضمن العقد شرطًا يتضمن عدم مسؤوليتها
قبل التعاقد ؟.
ال يتصور من الناحية العملية أن يقبل متعاقد مثل هذا الشرط فيعرض نفسه لمخاطر
ألحد لها ولكن إذا حدث ذلك فعال فيجب في هذه الحالة أن نميز بين حالتين.
األولى :حال ة اإلعف اء المطل ق من المس ئولية ،ويجم ع الفق ه اإلداري على ع دم
مش روعية مث ل ه ذا الش رط وه ذا م ا أعلنت ه محكم ة القض اء اإلداري المص رية في حكمه ا
الصادر في 30يونيه سنة 1957م حيث تقول ":من المقرر في الص فقات العمومي ة أن
جهة اإلدارة ال تملك أن تضع فيها نًّص ا عام ًا بعدم مسئوليتها يعفيها من االلتزام بتعويض
الضرر الحادث للتعاقد معها ،ألن ذلك يتعارض مع المبادئ المقررة في القانون اإلداري
من ثبوت حق المتعاقد مع اإلدارة في التعويض طبقًا للنظريات السائدة في نظام الص فقات
العمومية ومنها حقه في التوازن المالي للعقد " وتطبيق ًا لهذه القاعدة ،ال يمكن لإلدارة أن
تض من عقوده ا ش رطًا عام ًا يقض ي بإعفائه ا من جمي ع األض رار المترتب ة على أعم ال
449
األمير
الثانية :شرط اإلعفاء الذي ينصب على إجراء معين ،وهذا الشرط مشروع فإذا توقع
المتعاق دان إج راء بعين ه من اإلج راءات الس ابقة ،كف رض ض ريبة معين ة ،أو زي ادة
س عرها...إلخ ونًّص ا على تحم ل المتعاق د لم ا ي ترتب عليه ا من آث ار ف إن مث ل ه ذا النص
448
- C.E.D cc 1982. Stc Nersot، Bec- P- 1340.
-راجع أيض ا حكمه ا الص ادر في 14أبري ل سنة 1960م لسنة 14ص .36حيث تؤك د المحكم ة عدم مش روعية 449
الشرط الذي تضمنه اإلدارة عقودها والخاص بحرمان المتعاقد من حق التمسك بالقوة القاهرة أو الظروف الطارئة ألن
ذل ك يتن افى م ع طبيع ة العق ود الق اهرة أو الظ روف الطارئ ة ألن ذل ك يتن افى م ع طبيع ة العق ود اإلداري ة .مش ار إلي ه في
كتاب د ،سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .636
254
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
مش روع ويج ري مجلس الدول ة الفرنس ي على التش دد في تفس ير مث ل ه ذه الش روط
المشروعة.450
وأحيانًا يكون التعويض وفقا للقواعد العامة المقررة في هذا الصدد وذلك م ا لم ينص
المشِّر ع نفسه عن كيفية التعويض أو يفصلها العقد وهو األمر الغالب في الوقت الحاضر.
وأحيانًا أخرى يكون األمر في غاية من اليسر وذلك بالنسبة إلى األعباء التي تترتب
على ف رض رس وم جدي دة أو زي ادة الرس وم القديم ة ،إذ يج رى المجلس في ه ذه الح االت
على الحكم للمتعاقد بالفرق بين سعر الضريبة القديم والجديد.
الفرع الثاني :التعويض الكامل.
من الثابت أنه في الحاالت التي يستحق فيها المتعاقد تعويض ًا عن إنهاء اإلدارة لعقده
ل دواعي المص لحة العام ة أن المب دأ الع ام والمطب ق وال ذي يحكم تق ديره ه و مب دأ التع ويض
الكام ل ،ويجب لكي يك ون التع ويض ك امًال أن يش تمل على عنص رين متالزمين هي:
تعويض المتعاقد عما لحقه من خسارة وتعويضه عما فاته من كسب.
وق د قض ى مجلس الدول ة في ه ذا الحكم أن اس تمرار العق د ال ذي أنهى اإلج راء
الصادر من اإلدارة ال يمكن أن يحقق للمورد أية فائدة ،فإن الشركة المدعية ال تستطيع أن
تطالب بتعويض عن الربح الفائت نتيجة إنهاء العقد.
في أحكام عديدة على ذلك 451
وقد قرر مجلس الدولة الفرنسي مبدأ التعويض الكامل
فإن التعويض الكامل يكون مشتمًال على عنصرين أساسيين هما:
العنص ر األول :تع ويض المتعاق د من لحق ه من خس ارة نتيج ة إنه اء عق ده ،وه ذا
العنصر من عناصر التعويض ال محل للمنازعة فيه ،وال ترد عليه أية استثناءات أو قيود،
يشرط أن تكون رابطة السببية المباشرة ثابتة بطبيعة الحال بين إنهاء العقد .والخسارة التي
-حكم المجلس الص ادر في 16ين اير 1924م في قض ية « » Pigotالمجموع ة ص ،53وفي 17م ارس س نة 450
لحقن بالمتعاقد .452وبالطبع فإن التعويض سوف يشمل كافة النتائج واألحداث الضارة التي
لحقت بالمتعاقد نتيجة اإلنهاء المبتسر لعقده ،وعلى سبيل المثال ،فإنه بالنسبة لعقود أجارة
العمل فإن التعويض يكون في حدود األداءات واإلنجازات التي تم تنفيذها قبل إنهاء العقد،
ويمكن عن د االقتض اء أن ي دخل في نط اق العنص ر األول للتع ويض الكام ل " م ا لح ق
المتعاقد من خسارة".
والتع ويض عن الض رر المعن وي ال ذي لح ق بالمتعاق د نتيج ة إنه اء عق ده إذا م ا أث ر
إنهاء العقد مثال على السمعة التجارية للمتعاقد.453
ومن المع روف أن القاض ي اإلداري ي رفض تع ويض المتعاق د عن األض رار الغ ير
منس وبة مباش رة إلى ف ترة تنفي ذ العق د وبحيث ال يس تطيع المتعاق د أن يط الب على أس اس
تعاقدي بالتعويض عن خسائر االستغالل السابقة على توقيع العقد وإ برامه أو الالحقة على
إنهاء العقد.454
العنصر الثاني :للتعويض الكامل هو تعويض المتعاقد عما فإنه من كسب ،ولقد أقر
مجلس الدول ة الفرنس ي عنص ر ال ربح الف ائت على المتعاق د إلى ج انب عنص ر الخس ارة
المتحققة له كعنصرين للتعويض الكامل الذي يستحقه المتعاقد نتيجة إنهاء عقده.
ولق د طلبت الش ركة المدعي ة الحكم ب التعويض عن الض رر المعن وي ال ذي أص ابها
نتيجة إنهاء عقدها ،إال أن مجلس الدولة الفرنسي رفض الحكم لهذه الشركة ب التعويض ألن
الشركة لم تثبت وجود أي ضرر معنوي.
ويالح ظ أن ال ربح الف ائت يتم حس ابه وتق ديره من الت اريخ ال ذي تم في ه إنه اء العق د
وعلى ال رغم من أن التع ويض الكام ل يش مل كأص ل ع ام عنص رين الخس ارة المتحقق ة
وال ربح الف ائت ،إال أن مجلس الدول ة الفرنس ي ق د اس تبعد التع ويض عن ال ربح الف ائت من
نطاق التعويض المحكوم به للمتعاقد في الحاالت اآلتية:
452
- CE 23 Juili 1952- sto les Avisons lescurve- R ec- P- 390.
453
- C.E 17 Fev 1926 – stc carrette، rec – P- 185.
454
- C.E. 6 Mai 1955. Ste chabal. Rec. P. 244.
256
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الحالة األولى :استبعاد الربح الفائت بسبب الظروف الخارجة عن إرادة اإلدارة.
استبعد مجلس الدولة الفرنسي من التعويض الذي يمنحه للمتعاقد عنصر األرباح
التي تفوت على المتعاقد نتيجة إنهاء عقده في جميع الحاالت التي يثبت فيها أن إنهاء العقد
ك ان راجع ًا إلى ظ روف خارج ة ال ي د لإلدارة فيه ا وال تي جعلت من إنه اء العق د نتيج ة ال
يمكن بالفع ل تجنيه ا -ومن أوض ح األمثل ة على ذل ك ح االت إنه اء العق د نتيج ة لألعم ال
العسكرية الطارئة كنشوب الحرب أو توقعها وانتهائها.455
وقد اختلف الفقه الفرنسي بصدد تبرير ما ذهب إليه قضاء مجلس الدولة السابق
إلى اتجاهين متقابلين .ذهب أحدهما ممثال في رأي كل من الفقيه « » WALINEالذي قال
" إن وق وع الح رب يعت بر حال ه من ح االت الق وه الق اهرة ال تي ت رغم اإلدارة على إنه اء
وهو ما ذهب إليه أنصار الفقيه « » MALDIDIERبقوله " أن توقف القتال 456
عقودها "
يعتبر حالة من حاالت القوة القاهرة التي ترجع إلى ظروف خارجية ومستقلة عن اإلرادة
الخاصة لإلدارة المتعاقدة مما يجبرها على إنهاء عقودها.457
وطبق ا له ذين ال رأيين ف إن وق وع الح رب وتوق ف القت ال يعت بران ح التين من ح االت
القوة القاهرة التي تواجهها اإلدارة ،والتي تجبرها على إنهاء عقودها ،ولذلك يجب استبعاد
األرباح التي تضيع على المتعاقد نتيجة إنهاء عقده من نطاق التعويض الذي يستحقه وعلى
خالف االتج اه الس ابق ذهب أنص ار االتج اه األخ ر ممثال في أراء الفقه اء الثالث ة " ذي
لوبادير ومودرن و ديلفولفي " في مطولهم عن أنه يمتد تطبيق القوة القاهرة إلى الحاالت
ال تي ال يت وافر فيه ا ش رط االس تحالة المطلق ة لتنفي ذ العق د ،فه ذا رأي يق ول باس تبعاد أي
تعويض عن إنهاء العقد بما فيه التعويض عما لحق المتعاقد من خسارة ،أما على صعيد
الفق ه الع ربي فق د ذهب ال دكتور س لمان الطم اوي إلى ع دم ص حة الت برير الس ابق ،ذل ك أن
455
- C.E.6 Jan- 1930- Chantiers marimes Du Mili Rec- P- 610.
456
- G- Maldidiet – La Réalisation sans Faute Marches De Fournitures Passes Par l'état (sans
édition)– P- 14
457
)- ADE LAU BADERE ET Autres- Contrats op- cit- T-2- P- 670. (sans édition
257
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أنها الحرب ليس دائمًا من قبيل القوة القاهرة على األقل إذا أخذناها بمعناها التقليدي كسبب
خارجي يؤدي إلى استحالة تنفيذ االلتزام.
كما أن مجلس الدولة الفرنسي قد خرج على هذا المعنى التقليدي فيما يتعلق بتطبيق
نظري ة الظ روف الطارئ ة ،فليس من المص لحة أن تتوس ع في تطبيق ات ه ذا الغ رض.458
ولذلك فإن التبرير الصحيح لموقف القضاء الفرنسي في نظر الفقهاء دي لوبادير ومودرن
وديلفولفي يكمن في أن هذا القضاء الذي يستبعد الربح الفائت من نطاق التعويض الممنوح
للمتعاق د قض اء مس تمد من االل تزام بتط بيق العدال ة ،حيث يب دو من الع دل عن دما تف رض
أحداث خارجية على اإلدارة إنهاء العقد أن يكون المتعاقد ملزما بالتنازل عن مكاسبه التي
يمكن أن يتوقعه ا من العق د طالم ا أن يع وض عن ك ل خس ارة تلح ق ب ه نتيج ة إنه اء عق ده
وعلى ه ذا األس اس ذهب ال دكتور س لمان الطم اوي إلى أن ه ال يمكن ت برير قض اء مجلس
الدولة الفرنسي سوى باالستناد إلى أساس العدالة المجردة ذلك أنه من العدل حتى فرض
على اإلدارة إنهاء العقد أن يقتصر على ما يتحمله المتعاقد من خسارة فعلية دون حساب
األرباح المحتملة .
ولقد أورد الدكتور سليمان الطماوي حكما لمحكمة القضاء اإلداري المصرية أخذت
فيه بمبدأ رفض التعويض عن الربح الفائت.
وتتلخص وقائع القضية في أن إدارة المشتريات بمصلحة المخازن بوزارة الصحة ق د
طلبت توريد عدد كبير من المباصق الزجاجية ،فتقدم أحد األفراد على أساس توريد الكمي ة
المطلوبة ووفقا لعينة تقدم بها ،ولقد قررت لجنة البث قبول العط اء على أساس أن عينة
قسم الصدر لم يستدل عليها.
ولما طرح النزاع أمام القضاء قررت المحكمة اإلدارية بعد فحص ظروف الحال،
أن أحك ام الم ادتين " " 121-120من الق انون الم دني الخاض عين بتحدي د الغل ط للص نف
المطل وب على ه ذا النح و ال يع د من قبي ل الغل ط لتالقي اإلرادتين على العين ة ال تي ك انت
-د .سليمان الطماوي ،مرجع السابق ،ص .639 458
258
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ولما كانت اإلدارة قد أنهت العقد للصالح العام دون أن يرتكب المتعاقد أي خطأ في
تنفي ذ عق ده ف إن المحكم ة اإلداري ة العلي ا ق د ق ررت تع ويض ه ذا المتعاق د في إنه اء عق ده،
ولكن المحكم ة عن د حس اب مبل غ التع ويض ق درت أن المتعاق د يمكن أن يس تفيد من ط رح
األصناف للبيع في السوق فمنحته مبلغ " " 400جنيه وكان المبلغ المطلوب والذي قضت
به محكمة القضاء اإلداري هو " " 1701جنيها.459
ونحن ب الطبع نؤي د االتج اه األخ ير ال ذي يؤس س اس تبعاد التع ويض عن ال ربح الف ائت
في الحالة السابقة على قواعد العدالة المجردة واخذوا بموقف مجلس الدولة السابق والذي
اس تبعد التع ويض عن ال ربح الف ائت في حال ة إنه اء العق د نتيج ة نش وب الح رب أو توق ف
الحرب والقتال ،وتجدر اإلشارة إلى أن المش ِّر ع الفرنسي قد استبعد التعويض عن الربح
الفائت في حالة إنهاء العقود التي أبرمت أثناء الحرب الحتياجات الدفاع القومي ،وذلك في
حكم المحكمة اإلدارية العليا في 2مارس 1986المجموعة س 13رقم ،83ص 625 459
259
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كل من القانونين الصادرين في 20يونيو 1940م وفي اليوم التالي للهدنة وفي 7أكتوبر
460
1946م وعلى أثر التوقف النهائي للقتال.
الحالة الثانية :استبعاد الربح الفائت بسبب تنازل المتعاقد عن تنفيذ العقد.
استبعد مجلس الدولة الفرنسي باإلضافة للحالة السابقة للتعويض عن الربح الفائت في
حال ة م ا إذا ك ان اإلنه اء للعق د من ج انب اإلدارة راجع ًا إلى تخلي المتعاق د عن تنفي ذ العق د
بموافقة اإلدارة.461
وتج رد اإلش ارة إلى أن ه عن د تق دير عنص ري التع ويض على إنه اء عق ده فإن ه يط ابق
مع هذا التعويض على إنهاء عقده ويضاف إلى هذا التعويض الفوائد المستحقة ما لم ينص
على خالف ذل ك وبحيث تك ون الفوائ د مس تحقة اعتب ارًا من ي وم طلب التع ويض وليس من
يوم إنهاء العقد.462
الحالة الثالثة :استبعاد الربح الفائت إذا كان العقد مبرمًا بين شخصين عامين.
ال مح ل للتع ويض عن ال ربح الف ائت م تى ك ان المتعاق د شخص ًا عام ًا كم ا ه و الح ال
بالنس بة لص احب االمتي از في مج ال عق د االل تزام الم برم بين شخص ين ع امين ،حيث ال
يس تطيع ه ذا الش خص الع ام ص احب االمتي از أن يط الب الش خص الع ام اآلخ ر ص احب
المرفق وم انح االل تزام بتعويض ه عن ال ربح الف ائت ال ذي ح رم من ه نتيجة اإلنه اء المبتسر
للعق د ،ذل ك أن ه ذا المل تزم ال يج ني فائ دة أو م يزة مالي ة من التنفي ذ الكام ل للعق د في مدت ه
العادية.
وبم ا أن الش خص الع ام يه دف دائم ًا من وراء تعاق ده إلى تحقي ق الص الح الع ام،س واء
أك ان ه ذا الش خص الع ام ه و ص احب المرف ق أو المتعاق د مع ه ،ول ذلك يجب على المتعاق د
د.مفتاح خليفة عبدالحميد ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص 234 460
461
- GMALDIDER- These Preciteel – P- 246.
462
- C.E-19 Juill 1930 Ministre- De la Quetre. Rec.P 633.
260
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الحص ول على التع ويض عن د اإلنه اء االنف رادي لعق ده أن يقيم ال دليل على الخس ارة ال تي
لحقت به وعلى الربح الفائت الذي ضاع عليه ،وإ ال فلن يمنح له التعويض.463
463
- C.E 18 NOV IG 88 villed Amine Et C.E 3 Juin 1989.
261
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المبحث الثاني
ضمان التوازن المالي للعقد
الت وازن الم الي للعقد يع ني وجود تناسب بين التزام ات المتعاق د وحقوقه حتى يمكنه
تنفي ذ العق د على النح و المتف ق علي ه فالمتعاق د م ع اإلدارة أق دم على إب رام العق د لكي يحق ق
ربحا وقد ال يمكنه من ذلك استعمال اإلدارة لسلطاتها الواسعة في تعديل شروط العقد ومع
االع تراف لإلدارة به ذا الح ق بوص فها س لطة عام ة إال أن ه ح تى ال يك ون العق د اإلداري
مغرم ًا بالنسبة للمتعاقد فإن اإلدارة تضمن أحداث نوع من التوازن بين التزامات المتعاقد
وحقوقه وهو ما يعرف بضمان التوازن المالي للعقد ،ويعد هذا التوازن قيدًا على سلطة
اإلدارة في تعديل شروط العقد اإلداري ،وفكرة التوازن المالي للعقد هو مجرد توجيه عام
يس تهدف اإلبق اء على طبيعت ه ،كم ا روعيت عن د التعاق د فق د تزي د اإلدارة من االلتزام ات
المترتبة على العقد أو تنقصها ،ولكن يجب عليها أن تحتفظ بتوازن العقد االقتصادي إبقاء
على خواص ه األص لية وال ش ك في أن ه ذا التوجي ه في غاي ة األهمي ة للقاض ي ال ذي س يجد
نفسه مسوقًا إلى االستهداء به في تقديره للتعويض المستحق للمتعاقد.
ولحف اظ على الت وازن الم الي للعق د مرجع ه اعتب ارات العدال ة وم ا يتعين أن يكتن ف
تنفي ذ الص فقات العمومي ة من حس ن ني ة لم ا ي ؤدي إلي ه ه ذا الحف اظ من تحقي ق للمص لحة
العامة في استمرار سير المرافق العامة بانتظام في أداء خدماتها للمنتفعين بها.
ويس توجب الحف اظ على الت وازن الم الي للعق د إل زام اإلدارة بتع ويض المتعاق د معه ا
دون خط أ منس وبة إليه ا وذل ك وفق ًا لنظري ات ثالث هي عم ل األم ير والظ روف الطارئ ة،
والصعوبات المادية غير المتوقعة وسوف نبحث في ه ذا المبحث في المطلب األول نظري ة
عم ل األم ير أم ا المطلب الث اني .نظري ة الظ روف الطارئ ة والص عوبات المالي ة غ ير
المتوقعة.
262
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
263
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب األول
نظرية فعل األمير
القاعدة العامة في تنفيذ الصفقات العمومية هي مرونة التزامات المتعاقد مع اإلدارة
وتحركه ا بالزي ادة أو النقص ان ،إال أن اقتص ار ه ذه القاع دة على التزام ات المتعاق د م ع
اإلدارة يجعلها مرغمة لهذا المتعاقد ،فضًال عما تمثله من إجهاد له وغبن في حقوقه ،ومن
ثم ك ان الب د من أن تش مل ه ذه القاع دة حق وق ه ذا المتعاق د ،وي ترتب على ذل ك أن ه كلم ا
زادت التزامات المتعاقد مع اإلدارة زادت حقوقه أيضا تلك هي فكرة التوازن المالي للعقد.
وفعل األمير هو كل إجراء تتخذه جهة اإلدارة المتعاقدة بقرار فردي خاص تصدره
أو بقواع د تنظيمي ة عام ة يك ون من ش أنه زي ادة األعب اء المالي ة للمتعاق د م ع اإلدارة بحيث
إن فعل األمير هو إجراء خاص أو عام يصدر عن جانب الجهة اإلدارية المتعاق دة لم
يكن متوقعًا وقت التعاقد يترتب عليه إلحاق ضرر خاص بالمتعاقد ال يشاركه فيه س ائر من
يمسهم اإلجراء.
أوال -تعريف نظرية فعل األمير،
تع ددت التعريف ات في الفق ه لنظري ة عم ل األم ير ففي الفق ه الع ربي نج د أن ال دكتور
سلمان الطماوي عَّر فها في قوله " المقصود بعمل األمير هو عمل يصدر عن سلطة عامة
بدون خطأ من جانبها ،ينجم عنه أضرار مركز المتعاقد في عقد إداري ،ويؤدي إلى التزام
264
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
جه ة اإلدارة المتعاق دة بتع ويض المتعاق د المض رور عن جمي ع األض رار ال تي تلحق ه من
جراء ذلك بما يعيد التوازن المالي للعقد.464
كم ا عَّر فه ا ال دكتور توفي ق ش حاتة في قول ه " يقص د بعب ارة فع ل األم ير ك ل إج راء
تتخ ذه الس لطات العام ة من ش أنه أن يزي د من األعب اء المالي ة للمتعاق د م ع اإلدارة أو
االلتزامات التي ينص عليها العقد مما يطلق عليه بصفة عامة بالمخاطر اإلدارية.465
أما األستاذ " دى لوبادير " يشير إلى تطبيقات قضائية لنظرية عمل األم ير ترج ع إلى
منتصف القرن التاسع عشر ،ومع ذلك فإن شروط تطبيقها قد تباينت فكان مجلس الدولة
الفرنسي يسير على تطبيق هذه النظرية ويحكم بتعويض للمتعاقد مع اإلدارة في األحوال
التي يصدر فيها إجراء السلطات العامة ويكون من شأنه األضرار بمصالح المتعاقد ولكن
المجلس اس تقر قض اؤه بع د ذل ك من ذ حكم ة الص ادر في 1999-3-4م في قض ية مدني ة
تول ون على أن ه يش ترط أن يك ون اإلج راء المتخ ذ من الس لطة العام ة ص ادرا عن الس لطة
المتعاقدة ذاتها.466
ونظري ة عم ل األم ير له ا معني ان أح دهما واس ع واآلخ ر ض يق ،أم ا المع نى الواس ع
فيقصد به كل تدخل للسلطة العامة يؤثر بشكل أو بآخر على تنفيذ االلتزامات العقدية ،وهذا
المعنى يشمل مواقف متنوعة وحلوال قانونية متباينة.
ولكن الذي يهمنا في هذه الدراسة هو المعنى الضيق حيث يقوم على النظر إلى عمل
األمير على أنه إجراء تتخذه السلطة المتعاقدة ويؤثر على شروط تنفيذ العقد.
-د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .641ومن المالحظ أن الدكتور سليمان 464
الطم اوي ينق د إطالق اس م " عم ل الح اكم " ب دال عن عم ل األم ير " وي رى أن التس مية مس تقرة في الفق ه وتقاب ل حرفي ًا
االصطالح الفرنسي المأخوذة عنه أحكام النظرية ...واصطالح " األمير " أقرب داللة على المعنى المراد من اصطالح
الحاكم فضال عن أنه جرى منذ القدم في االصطالحات القانونية والشرعية.
-د .توفيق شحاته ،مبادئ القانون اإلداري ،مرجع سابق ،ص .815 465
-د .علي عبد المولى ،الظروف التي تطراء أثناء تنفيذ العقد اإلداري رسالة دكتوراه ،جامعة عين شمس 1991م، 466
ص .45
265
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وعلى ذلك فإن الحديث عن نشأة عمل األمير يتصل بنشأة سلطة اإلدارة في تعديل
عقوده ا بإرادته ا المنف ردة ،م ع مراع اة أن ه ذه النظري ة ق د ازدادت تحدي دًا م ع التطبيق ات
القضائية المطردة لها .كما سبق وذكرنا
ثانيا -شروط أعمال نظرية عمل األمير.
يشترط لتطبيق نظرية عمل األمير توفير الشروط اآلتية:
.1أن يتصل اإلجراء بعقد إداري
حيث أن ال مجال لتطبيق نظرية عمل األمير في مجال العقود الخاصة ويتضح ذلك
في حكم محكم ة القض اء ،اإلداري حيت حكمت ب أن المس ؤولية ال تي ت رتب التع ويض في
نطاق نظرية " أعمال األمير " ال تقوم إال في حالة ما إذا كان المضرور بسبب التشريعات
الجدي دة ترب ط بالدول ة رابط ة تعاقدي ة أث ر فيه ا التش ريع الجدي د ب أن زاد في األعب اء ال تي
يتحمله ا في تنفي ذ التزامات ه بمقتض ى العق د و أن ت ؤدي ه ده الزي ادة في األعب اء المالي ة إلى
اإلخالل بالتوازن المالي للعقد.
وعلى ذل ك ف إن مج ال التط بيق الموض وعي لنظري ة عم ل األم ير يش مل جمي ع
الصفقات العمومية كما يشمل كل اإلجراءات التي تتخذها السلطة المتعاقدة والتي يكون
من شأنها التأثير على شروط تنفيذ العقد وذلك بصرف النظر عما إذا كان اإلجراء الذي
أص اب المتعاق د بالض رر نتيج ة ت دخل اإلدارة المتعاق دة بتع ديل مباش ر نتيج ة ت أثيره على
ظ روف العق د بم ا من ش أنه أن يحم ل المتعاق د بأعب اء جدي دة لم تكن متوقع ة لحظ ة أب رام
العقد.467
ولكن بعض الفق ه في فرنس ا ي رى عكس ه ذا النظ ر حيث يقص ر عم ل األم ير على
ممارسة اإلدارة المتعاقدة الختصاص اتها الخارجة على نطاق التزاماتها التعاقدية بحيث ال
يشمل عمل األمير سلطة اإلدارة في تعديل العقد بإرادتها المنفردة.
.د .مفتاح خليفة عبدالحميد ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص 239 467
266
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
اس تقر قض اء مجلس الدول ة الفرنس ي من ذ محكم ة الص ادر في م ارس 1949م في
قض ية مدين ة تول ون ،حيث أك د في ه أن نظري ة عم ل األم ير ال تش مل إال م ا ينتج عن
اإلج راءات ال تي يتخ ذها الش خص الع ام المتعاق د ويع د ه ذا الحكم ع دوًال من مجلس الدول ة
عن اتجاهه السابق الذي كان يقضي فيه بالتعويض الكامل استنادًا إلى نظرية عمل األمير
عن أعمال صدرت من إدارة أجنبية عن العقد.
ففي الحكم الص ادر في قض ية مدين ة تول ون " أوض ح المجلس أن ه ال يمكن أن يك ون
هناك تطابق عمل األمير بمناسبة تدابير اتخذتها الدولة أثرت على عقد أبرمته المدينة مع
شركة الغاز والكهرباء وقال المجلس إن إجراءات تخفيض اإلضاءة التي تستند إليها شركة
الغ از والكهرب اء وال تي تس ببت في تخفيض إيراداته ا لم تكن من عم ل مدين ة " تول ون ".
ولكنها تدابير فرضتها السلطات العسكرية أثناء الحرب.
وعلى ذل ك فانخف اض اإلي رادات يرج ع فق ط إلى ظ روف اس تثنائية خارج ة عن عم ل
األم ير ،وق د اس تقر ش رط ص دور عم ل األم ير عن جه ة اإلدارة المتعاق دة في القض اء
اإلداري الع ربي ،فنج د في قض اء المحكم ة اإلداري ة العلي ا المص رية ،وفي قض اء المحكم ة
العليا الليبية.
غ ير ال ذي 468
ف األولى تق ول " :أن ه إذا ص در الفع ل الض ار عن ش خص معن وي ع ام
أب رام عق د تخل ف أح د ش روط نظري ة فع ل األم ير وامتن ع ب ذلك تط بيق أحكامه ا ،لكن ذل ك
االمتناع ال يحول دون تطبيق نظرية الحوادث الطارئة إذا ما توفرت شروطها ".
-468حكم المحكم ة اإلداري ة العلي ا ،جلس ة 1968-5-11م القض ية 1567/10ق المجموع ة س 13ق -117ص
.874
267
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-469حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة ،جلس ة 1974-3-21م ،طبع ة إداري 19-3في مجموع ة عم رو المفهرس ة ،ج ا ق
237ص .313
-470يالح ظ أن المحكم ة العلي ا الليبي ة اس تعملت مص طلح " عم ل الح اكم " وق د انتق د .ال دكتور س ليمان الطم اوي له ذا
المصطلح باعتباره يخالف ما هو مستقر في الفقه والقضاء اإلداري في هذا الصدد.
-د ،علي عبد المولى -مرجع سابق ،ص .367 471
268
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الفرض األول :إذا كان العقد مبرمًا " باسم الدولة " فإن نظرية عمل األمير يمكن أن
تج د مج اًال للتط بيق س واء أك ان اإلج راء ال ذي س بب الض رر ص ادرًا عن ذل ك ال وزير "
األمين " أوعن وزي ر آخ ر ،أو ك ان اإلج راء ص ادرًا عن مجلس ال وزراء " اللجن ة الش عبية
العامة سابقًا " وذلك إعماًال لمبدأ " شخصية الدولة ال تتجزأ ".
الف رض الث اني :أم ا إذا ص در العق د اإلداري عن أح د األش خاص المعنوي ة العام ة
اإلقليمية ،فيجب أن يصدر اإلجراء الضار عنه حتى يمكن تطبيق نظرية عمل األمير إذا
توافرت باقي شروطها.
كما أن اإلجراءات الصادرة عن المؤتمرات الشعبية األساسية سابقًا " ال تي ت ؤثر على
العق ود المبرم ة بمعرف ة الدول ة ت دخل أيض ًا في نط اق نظري ة عم ل األم ير نظ را ألن
472
المؤتمرات الشعبية األساسية أحد األعضاء المكونة الشخصية الدولة.
وهكذا فإنه نظرًا لوحدة أجهزة الدولة ،فإن ال عبرة لتعدد تلك األجهزة أو استقالل
ك ل جه از عن اآلخ ر ،حيث ينظ ر إليه ا على أنه ا أوج ه متع ددة لش خص ق انوني واح د م ع
الدولة.
وعلى ذل ك ف إن اإلج راء الص ادر عن أح د أجه زة الدول ة من خالل الرابط ة الرئاس ية
ال تي تهيمن على ه ذه األجه زة يعت بر ص ادرًا عن الدول ة ذاته ا باعتباره ا وح دة شخص ية
الدولة.
والس ؤال ال ذي يث ور في ه ذا الخص وص ه و ه ل تس ري نظري ة عم ل األم ير في
الصفقات العمومية بين األشخاص االعتبارية العامة ،إذ أنه اإلجراء المكون لعمل األمير
يمكن أن يصدر عن أي من طرفي العقد ؟.
لإلجاب ة على ذل ك نق ول :ال يوج د م ا يح ول دون أن تس رى نظري ة عم ل األم ير في
العقود المبرمة بين األشخاص العامة.
د ،مفتاح خليفة عبدالحميد ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص 243 472
269
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-حكم محكمة القضاء اإلداري ،جلسة 1955-1-30م لمجموعة س ،9ص .267 475
270
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ويالح ظ أن ه ال يش ترط في الض رر الم ترتب على عم ل األم ير درج ة معين ة من الجس امة،
فيجوز أن يكون يسيرًا كما قد يكون جسيمًا ،ولكم هل يلزم أن يكون الضرر خاصًا ؟.
والضرر الخاص هو الضرر الذي يصيب فردًا أو مجموعة من األفراد بصفة ذاتية
وكافية ألن يكون اإلخالل بمبدأ المساواة واضحًا وجليًا.
وقد تشعبت اآلراء حول هذه المسألة ،فقد ذهب جانب من الفقه المص ري إلى وج وب
ت وفر الض رر الخ اص لمنح التع ويض ب ل يجعل ه الش رط الوحي د ل ذلك ،وق د تب نى القض اء
بينم ا ذهب رأي آخ ر إلى الض رر ال ذي يص يب المتعاق د 476
اإلداري المص ري ه ذا ال رأي
بن اء على اإلج راء الص ادر عن اإلدارة المتعاق دة ه و دائم ًا ض رر خ اص نظ را للرابط ة
التعاقدية التي تربط المتعاقد بالسلطات العامة والتي تميزه عن سائر المتضررين من تلك
اإلج راءات وأخ يرًا اتج ه رأي ث الث إلى الق ول إن ش رط خصوص ية الض رر ال يض يف
للشروط األخرى للمسؤولية العقدية بدون خطأ. 477
شيئا
وي راعي في ذل ك أن المتعاق د تربط ه ب اإلدارة عالق ة تعاقدي ة ،ول ذا فإن ه يك ون في
وض ع خ اص يقتض ي ع دم تطلب أو تعطي ل ك ل ش رط متعل ق بخصوص ية الض رر ويكفي
إثبات أن الضرر الذي أصابه ناجم عن إجراء اتخذته اإلدارة المتعاقدة لكي يتوافر شرط
الخصوصية.
وفي ه ذا الص دد اس تقر قض اء مجلس الدول ة الفرنس ي على أن ه لكي تنش أ مس ؤولية
تعاقدية بمناسبة اإلجراءات التشريعية يجب أن يكون القانون قد " عدل شروط العقد ذاته
والتي من أجلها أبرم العقد ".478
هذا وإ ذا كان اإلجراء العام لم يمس موضوع العقد ذاته أو أحد عناصره األساسية،
وإ نما يصيب الضرر المتعاقد في ذات الظروف الخاصة بسائر المواطنين.
-د .مفتاح خليفة عبد الحميد ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .244 477
-د .مفتاح خليفة عبد الحميد ،مرجع سابق ،ص .244 478
271
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
فإنه ال يرتب الحق في التعويض ،وأساس ذلك ليس انتفاء خصوصية الضرر وإ نما
مرده إلى عدم تأثير خصوصية الضرر تلحق بطبيعة الضرر.
- 4أن يكون اإلجراء الذي اتخذته اإلدارة غير متوقع
ويش ترط أن يك ون اإلج راء اتخذت ه اإلدارة غ ير متوق ع وقت التعاق د ف إذا ت وقعت
نصوص العقد هذا اإلجراء لم يكن للمتعاقد الحق في طلب التعويض بحجة أنه متضرر.
حيث أن ه ق د أب رم العق د وه و مق در له ذه الظ روف األم ر ال ذي ي ترتب علي ه تع ذر
االس تناد إلى نظري ة عم ل األم ير المتوقع ة -أثن اء تنفي ذ العق د اإلداري إدخ ال بعض
التعديالت بالزيادة أو النقص وفقًا لما تقدره جهة اإلدارة في شأن تأدية المشروع للغرض
ال ذي تري د إنش اءه و أن تك ون التع ديالت في ح دود ض يقة ب دون تغي ير المش روع المتعاق د
عليه من أساسه.
- 5يفترض عدم إخطاء اإلدارة المتعاقدة حين اتخذت عملها الضار.
وأس اس ذل ك أن ال تزام اإلدارة بمقتض ى العق د ال يمكن أن يقي د تص رفاتها كس لطة
عام ة تس تهدف تحقي ق الص الح الع ام ،ف إذا م ا تص رفت جه ة اإلدارة المتعاق دة في ح دود
سلطاتها ،وقد ترتب على هذه التصرفات ضرر للمتعاقد فإن اإلدارة في هذه الحالة تسأل
في نطاق نظرية عمل األمير بصرف النظر عن قيام خطأ من جانبها.
ذلك أن المسؤولية في نطاق تلك النظرية وإ ن كانت مسؤولية عقدية إال أنه مسؤولية
عقدي ة ب دون خط أ ،أم ا إذا انط وى تص رف اإلدارة على خط أ فإنه ا ُتس أل على أس اس ه ذا
الخطأ.479
والخالص ة أن اإلج راءات ال تي تتطلب لتط بيق نظري ة عم ل األم ير يجب أن تك ون
مشروعة ،ذلك أن اإلدارة المتعاقدة تملك تعديل الشروط التنظيمية المتعلقة بالمرفق العام
بدون أن تتجاوز سلطتها أو أن ترتكب خطأ.
272
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وك ذلك أن العق د ال يمكن أن يح رم المش رع من اختصاص اته في إص دار الق وانين
الجديدة التي يقدر أنها الزمة لالقتصاد القومي أو للحياة االجتماعية ،فالمسؤولية هنا تقوم
على تحم ل المخ اطر وتحقي ق المس اواة بين األف راد أم ام األعب اء العام ة وه ذا ينح در من
مركز المتعاقد الخاص حيث يكون أكثر األفراد تعرض ًا لألضرار التي تسببها اإلجراءات
اإلداري ة أو التش ريعات الجدي دة ،وبالت الي يجب أن يش اركه في تحم ل ِع ْب َأَه ا جمي ع األف راد
480
من ممولي الخزانة عن طريق التعويض الذي تتحمله اإلدارة.
الفرع الثاني :نطاق تطبيق نظرية عمل األمير.
تتع دد الص ور ال تي يتحق ق فيه ا عم ل األم ير ويختل ف نط اق تطبيقه ا تبع ًا له ذه
بين م ا إذا ك انت اإلج راءات اإلداري ة الص ادرة ت ؤثر في العق د فتعدل ه تع ديًال الص ور
481
مباشرا أم تعديل غير مباشر ويقصد بالتعديالت المباشرة ،تلك التي تكون نتيجة إلجراءات
تمس نًّص ا من نصوص العقد مًس ا مباشرًا كأن تقرر جهة اإلدارة المتعاقدة زيادة األعمال
التي يعهد بها إلى المتعاقد أو على العكس تضييق نطاقها.
أما التعديالت غير المباشرة ،فتكون نتيجة إلجراءات تنظيمية عامة (قوانين ولوائح)
ال يقص د به ا تع ديل العق د ذات ه ،ولكنه ا ت ؤثر على العق د فتجع ل تنفي ذه أش د عس رًا أو أك ثر
إنفاق ًا أو أق ل ربح ًا .ومثاله ا التش ريعات الض ريبية أو الجمركي ة ،أو التش ريعات المنظم ة
للعمالة أو التأمينات االجتماعية ولوائح الضبط اإلداري .وفي هذا المقام يثور التساؤل عن
م دى انطب اق نظري ة عم ل األم ير في الف روض المختلف ة .وس وف نق وم باإلجاب ة على ه ذا
التساؤل وذلك بطرح الفروض اآلتية:
الفرض األول :عمل األمير في صورة إجراء يعدل مباشرة في شروط العقد
273
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة 15/9/1978م ،المجموعة س ،33ص .732 482
274
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ويرى الفقه في حالة يكون مقرر أعمال الرقابة القضائية على دستورية القوانين أن
على الدولة أن تحترم عقودها ،وأن هذا االلتزام يسري في مواجهة المشرع ذاته.
وأن ه إذا ك ان اح ترام الحق وق المكتس بة من المب ادئ العلي ا في الق انون ،فإن ه يجب
اعتب ار التش ريع ال ذي يمس الحق وق الناش ئة عن العق د تش ريعا غ ير دس توري والقض اء
بالتعويض ،حيث يتم المساس بحقوق المتعاقد مع اإلدارة.
الفرض الثاني :اإلجراء الذي يؤثر في ظروف تنفيذ العقد
هذه اإلجراءات قد تكون إجراءات خاصة أو إجراءات عامة.
275
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الذي يصاب بضرر من اإلجراء العام باعتبار أن تحقق المسؤولية العقدية لإلدارة المتعاقدة
يبدو أضيق نطاق ًا عنها في حالة اإلجراءات الخاصة ،حيث أن األصل الذي قرره مجلس
الدول ة الفرنس ي ه و أن ه ذه اإلج راءات ال تعطي حق ا في التع ويض الكام ل على أس اس
نظري ة عم ل األم ير إال في أض يق الح دود باعتب ار أن ش رط المس ؤولية العقدي ة يكمن في
درجة العالقة بين اإلجراء الذي سبب الضرر والعقد الذي تأثير بهذا اإلجراء.
وعلى هذا األساس درجت أحكام مجلس الدولة على القول بأن للنفقات اإلضافية التي
تكب دها المتعاق د إنم ا أص ابته في ذات الظ روف الخاص ة بس ائر المواط نين ،ومن ثم فإن ه ال
يستحق عنها تعويضا إال إذا أدت إلى قلب اقتصاديات العقد.
وعلى ذل ك رفض المجلس الحكم ب التعويض في حال ة ص دور ت دابير ض ريبية تقض ي
بفرض ضرائب جديدة أو زيادة فئاتها ،باعتبار أن المقصود بها تكاليف عامة على الجميع
إال إذا أدت إلى قلب اقتصاديات العقد ،فهنا تصلح أساسا للتعويض ليس على أساس نظرية
عم ل األم ير ،وإ نم ا طبق ًا لنظري ة الظ روف الطارئ ة والح ال ك ذلك إذا ص درت تش ريعات
ترمي إلى تحسين ظروف العمل بالنسبة للعمال.
وبه ذا أف تى مجلس الدول ة المص ري :حيث رفض ت الجمعي ة العمومي ة للقس م
االستش اري طلب ات التع ويض على التك اليف اإلض افية المترتب ة على تط بيق ق انون العم ل
الموحد رقم 91لسنة 1959م.484
وأعملت المب دأ نفس ه بالنس بة لاللتزام ات المترتب ة على تط بيق ق انون التأمين ات
االجتماعية رقم 63لسنة 1964م.485
وفي إط ار ه ذه القاع دة تظه ر ح االت اس تثنائية حكم فيه ا مجلس الدول ة الفرنس ي
بالتعويض استنادًا إلى نظرية عمل األمير ،وذلك حيث يكون من شأن اإلجراءات العامة
الت أثير على مس ألة يمكن اعتباره ا أساس ية أو حاس مة في إب رام العق د ،أي أن تك ون ه ذه
-راجع فتوى الجمعية العمومية للقسم االستشاري رقم 64صادرة في 20/7/1960م. 484
-راجع فتوى الجمعية العمومية للقسم االستشاري رقم 247بتاريخ 11/3/1965م. 485
276
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المسألة هي التي دفعت الفرد إلى أن يقرر الدخول في هذه الرابطة العقدية ،أو حيث يبدو
أن المتعاق د م ا ك ان ليقب ل أن يرتب ط إال من خالل اعتب ارات وظ روف خاص ة ك انت ماثل ة
أمامه لحظة إبرام العقد ،فإذا ما ترتب على هذا اإلجراء العام أن تغيرت الظروف التي
قب ل فيه ا الف رد المتعاق د ،ف إن النت ائج المالي ة له ذه التع ديالت يجب -تأسيس ًا على فك رة
التع اون بين أط راف الرابط ة العقدي ة -أن تك ون على ع اتق اإلدارة المتعاق دة ،وق د أعم ل
مجلس الدول ة الفرنس ي ه ذا االس تثناء بالنس بة للرس وم ال تي تفرض ها البل ديات والرس وم
الجمركية ،وفي مجال إجراءات االقتصاد الموجه .فقد حكم بالتعويض عن الضرر الناشئ
من إلغاء الدعم للتصدير متى كان هذا الدعم هو الدافع إلى إبرام العقد.486
وك ذلك حكم بأن ه إذا رفعت اإلدارة األس عار الس ائدة وقت التعاق د عن د إب رام عق ود
التوري د ،ف إن ذل ك ي تيح للط رف المتض رر المطالب ة ب التعويض اس تنادًا إلى نظري ة عم ل
األمير.487
وقد كان لهذا االتجاه صداه في القضاء اإلداري العربي ،حيث قضت محكمة القضاء
اإلداري بجلسة 16/6/1963م بأنه لئن كانت الزيادة الطارئة على أسعار الدوالر إجراًء
عامًا ال يمس شروط عقد الشركة المدعية وإ نما يؤثر في ظروف التنفيذ ،فإن القاعدة أنه
رغم عمومي ة اإلج راء ال ذي من ش أنه جع ل تنفي ذ االل تزام أش د ص عوبة وأك ثر تكلف ة ،ف إن
المتعاق د م ع اإلدارة ال يس تحق عن ه تعويض ًا ك امًال إال إذا ك ان ه ذا اإلج راء يمس ش رطًا
جوهري ًا كان هو ال دافع إلبرام العقد .وي راعي مجلس الدول ة أن ضررًا خاص ًا قد أص اب
المتعاق د فيحكم ب التعويض ،والض رر الخ اص يتحق ق إذا م ا أص اب التش ريع الجدي د على
ال رغم من عمومي ة نصوص ه المتعاق د وح ده من دون مجم وع الش عب ،أو إذا م ا أص ابه
-حكم مجلس الدولة الفرنسي ،جلسة ،7/10/1970قضية الفيتي ،المجموعة .1057 487
وحكم مجلس الدولة الفرنسي ،جلسة 28/11/1924م ،قضية تانتي ،المجموعة .940
277
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
و تتعدد آث ار نظري ة بضرر من الجسامة بحيث يتجاوز كثيرا ما أصاب مجموع الشعب
488
-حكم محكمة القضاء اإلداري ،جلسة 30/6/1957م ،القضية 983/11ق ،المجموعة ،ص .72 490
278
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ما يلحق المتعاقد من خسارة يقصد به هنا مراعاة الخسائر الفعلية التي تكون لحقت
بالمتعاق د م ع اإلدارة ،وت رد إلي ه النفق ات ال تي ق د ص رفها ب دون أن يع وض عنه ا وتختل ف
النفقات باختالف األحوال وطبيعة التعديل ونتائجه.
فإذا م ا طلبت اإلدارة سرعة إنج از األعم ال ،فإن ذلك قد ي ؤدي إلى زي ادة التك اليف
على المتعاقد بدفع أثمان مرتفعة أو زيادة في أجور األيدي العاملة ،كما أنه من الجائز أن
ي ترتب على تع ديل العق د -أثن اء تنفي ذه -خس ائر متنوع ة ،في ه ذه الحال ة يجب تق دير ه ذه
الخس ائر م ا دامت عالق ة الس ببية قائم ة بينه ا وبين اإلج راء ال ذي طلبت جه ة اإلدارة من
المتعاقد معها اتخاذه.492
أما بخصوص فاته من كسب فشمل هذا العنصر المبالغ المعقولة التي كان من حق
المتعاقد أن يعول عليها لو لم يختل توازن العقد نتيجة لعمل األمير باعتب ار أن من حقه أن
على أن يغطي التع ويض الكس ب ال ذي ك ان 493
يع وض عن ربح ه عن عمل ه ورأس مال ه
يتوقعه المتعاقد عادة من التنفيذ الكامل للعقد ،إال أنه يجب في حساب الكسب الفائت عدم
مخالفة قاعدة ،أن التعويض ال يمكن أن يتجاوز حجم الضرر الحقيقي ،فال يستطيع أحد أن
يغفل واقعة أن المتعاقد لم يؤدي العمل الذي كان سيحقق له الكسب المفقود.
وعلى ذلك وإ عماًال لقواعد العدالة يتعين أن يخصم من الكسب االستعماالت المختلفة
لآلالت والمع دات وم ا تك ون ق د ع ادت علي ه ب ربح من مش روعات أخ رى وذل ك ح تى ال
تكون المحصلة النهائية للمبالغ التي عادت على المتعاقد تزيد عن مقدار الضرر الذي لح ق
به من جراء تعديل العقد.
أم ا إذا أنهت جه ة اإلدارة العق د قب ل أن يش رع المتعاق د في إج راء أي ة تجه يزات
أودراسات للبدء في تنفيذ العقد وقبل أن يبدأ التنفيذ الفعلي للمشروع محل التعاقد ،فال يكون
هناك محل ألن يطلب المتعاقد تعويضًا عن الخسارة التي لحقت به ،حيث أن ه لم يش رع في
-حكم محكمة القضاء اإلداري ،جلسة 30/6/1957م ،القضية 983/11ق ،المجموعة ،ص .806 492
279
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
التنفي ذ ،ولم يتكب د أي ة نفق ات يمكن ه المطالب ة بتع ويض عنه ا ،ولكن ق د يطلب تعويض ه عم ا
فاته من كسب.494
على أن كيفي ة تق دير التع ويض ق د يفص لها العق د ذات ه ،ذل ك أن مب دأ التع ويض الكلي
ليس من النظام العام ،فكثيرًا ما يتفق الطرفان على غيره ،وحينئذ يجب تطبيق العقد إال إذا
كان ينص على عدم التعويض ،ثم زادت األعباء الجديدة من تقديرات الطرفين وقت إبرام
العقد .في هذه الحالة فإنه يكون للمتعاقد مع اإلدارة حق طلب التعويض عن األضرار غير
المتوقعة.
ويالح ظ ك ذلك ،أن ه ال يج وز أن يتض من العق د ش رطا يعفي اإلدارة من المس ؤولية
مطلقا فهو -بإجماع الفقه والقضاء -شرط يتنافى مع المبادئ المقررة في القانون اإلداري
من ثبوت حق المتعاقد مع اإلدارة في التعويض طبقا للنظريات السائدة في نظام الص فقات
العمومية ومنها حقه في التوازن المالي للعقد.
في ه ذا الخص وص تق ول المحكم ة العلي ا الليبي ة (إن المتعاق د م ع اإلدارة ي رمي من
التعاق د إلى الحص ول على ربح ،كم ا أن ه يع اون اإلدارة في تس يير المرف ق الع ام بانتظ ام
واطراد ،ومن حقه " المطالبة بالتعويضات كاملة (باعتبار أن سلطة اإلدارة في التعديل هي
إح دى تطبيق ات فك رة نظري ة عم ل األم ير ،ك ذلك من حق ه الحص ول على الت وازن الم الي
للعقد ،ويجب على اإلدارة أن تحترم مقتضيات حسن النية في تنفيذ العقود ،وهذا ما يطبق
في الصفقات العمومية كما هو الشأن في العقود المدنية).495
و أيضًا تطبق المحكمة العليا في ليبيا مبدأ التعويض الكامل فتحكم بتعويض الخسارة
ومن ج انب آخ ر يش ير الفق ه في مص ر ومنهم األس تاذ 496
ال تي تحققت والكس ب ال ذي ف ات
-حكم المحكم ة العلي ا لليبي ة ،جلس ة 3/1/1971م ،طعن إداري 18/15ق مجموع ة عم رو المفهرس ة ،ج 1ق 495
،257ص .335
-حكم المحكمة العليا لليبية ،جلسة 16/2/1978م ،مجلة المحكمة العليا ،س ،14ع ،3أبريل 1978م ،ص .59 496
280
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
إلى أن مبدأ التعويض الكامل لألضرار الناشئة عن فعل األمير يكون له 497
ثروت بدوي
بعض االس تثناءات ،من ذل ك (أن مجلس الدول ة الفرنس ي ق د حكم في حال ة فس خ اإلدارة
للعق د بس بب ظ روف الح رب أو بس بب توق ف األعم ال الحربي ة بتع ويض يغطي فق ط
األضرار الفعلية المترتبة على الفسخ ،مع استبعاد عنصر الكسب أو الربح الذي كان يعول
عليه المتعاقد لو لم يتم فسخ العقد).
ويأخ ذ التفس ير ال راجح لموق ف مجلس الدول ة الفرنس ي ب أن المجلس يض ع نص ب
عيني ه -عن د تق دير التع ويض المس تحق للمتعاق د -الظ روف ال تي تحي ط بواقع ة الفس خ
والمبررات التي دعت جهة اإلدارة إلى وضع نهاية للتنفيذ ،وهي في حالة ظروف الحرب
أو وق ف األعم ال الحربي ة ترج ع إلى زوال الغ رض أو الس بب ال ذي من أجل ه أب رم العق د،
كذلك إذا ساهم المتعاقد بخطئه في إحداث بعض األضرار المترتبة على عمل األمير ،فال
وجه قانوني له ألن يطالب بتعويض كلي ،حيث ينخفض التعويض بما يعادل نصيب هذا
الخطأ وذلك مجرد تطبيق للقواعد العامة.
ب .إذا كان من شأن عمل األمير جعل تنفيذ االلتزام العقدي مستحيًال بالنسبة للمتعاقد
م ع اإلدارة ،فيعت بر -في ه ذه الحال ة -كم ا ل و ك انت ق وة ق اهرة ويعفى المتعاق د من تنفي ذ
االلتزام.
مثال :ذلك ،أن يصدر قرار بحظر استيراد سلعة كانت محال للعقد اإلداري ،فيستحيل
على المتعاق د م ع اإلدارة الحص ول عليه ا لتوري دها لجه ة اإلدارة .هن ا يك ون الق رار بمثاب ة
قوة قاهرة تعفي المتعاقد من تنفيذ العقد ،مع بقاء حقه في التعويض إن كان له وجه.
ج -قد يشكل عمل األمير عذرًا مقبوًال إلعف اء المتعاقد م ع اإلدارة من الجزاءات
التي كان يمكن توقيعها عليه ،وذلك إذا كان من شأن عمل األمير أن يجعل تنفيذ االلتزام
العقدي ليس مستحيًال بل عسيرًا بحيث يكون تأخير المتعاقد في التنفيذ مبررًا ؛وبالتالي ال
يكون هناك مسوغ قانوني لمجازاته بالغرامات المالية التأخيرية.
-د .ثروت بدوي ،مرجع سابق ،ص .558 497
281
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
-حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة ،جلس ة 20/12/1970م ،طعن إداري 17/16ق مجموع ة عم رو المفهرس ة ،ج 1ق 500
،256ص .332
-حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة ،جلس ة 6/3/1975م ،طعن إداري ،2118مجل ة المحكم ة العلي ا ،س 11ع ،أبري ل 501
1975م.
282
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المطلب الثاني
نظرية الظروف الطارئة والصعوبات المالية غير المتوقعة
تقوم نظرية الظروف الطارئة على فكرة المخاطر االقتصادية بمعنى أنه حدث أثناء
تنفي ذ العق د اإلداري أن ط رأت ظ روف أو أح داث لم تكن متوقع ة عن د إب رام العق د فقلبت
اقتص ادياته ،وإ ذا ك ان من ش أن ه ذه الظ روف أو األح داث أنه ا لم تجع ل تنفي ذ العق د
مس تحيًال ،ب ل أثق ل عبئ ًا وأك ثر كلف ة مم ا ق دره المتعاق دان التق دير المعق ول ،وإ ذا ك انت
الخس ارة الناش ئة عن ذل ك تج اوز الخس ارة المألوف ة العادي ة ال تي يحتمله ا أي متعاق د إلى
خسارة فادحة استثنائية وغير عادية بأن من حق المتعاقد المتضرر أن يطلب من الطرف
اآلخ ر مش اركته في ه ذه الخس ائر ال تي تحمله ا فيعوض ه عليه ا تعويض ًا جزئي ًا ،وب ذلك
يضيف إلى التزامات المتعاقد معه التزامات جديدة لم تكن محل اتفاق بينهما.
كم ا أن نظرية الظروف الطارئة على النحو المعمول به في نطاق القض اء اإلداري
قد نشأت المواجهة أزمة موقته تطرأ أثناء تنفيذ العقد فهي مخصصة لتدارك موقف خارج
عن النطاق التعاقدي وإليضاح وبحث كل ما سبق سوف نبحث في هذا المطلب في الفرع
األول نظرية الظروف الطارئة وشروطها والفرع الثاني نظرية الصعوبات المادية الغير
متوقعة.
الفرع األول :نظرية الظروف الطارئة وشروطها.
من المعروف لدى الكل أن الظروف الطارئة هي األحداث الفجائية التي تحدث أثناء
تنفيذ العقد اإلداري لذلك نجد أن القضاء اإلداري الفرنسي هو من ابتدع هذه النظرية في
حكم ق ديم وش هير في -30م ارس 1916م في قض ية غ از ب وردو وحاص ل وق ائع ه ذا
ال نزاع أن إح دى الش ركات ك انت ملتزم ة بتوري د الغ از لمدين ة " ب وردو " وعقب نش وب
الحرب العالمية األولى ارتفعت أسعار الفحم ،وهو المادة الرئيسة التي يستخرج منها الغاز
إلى أكثر من ثالث أمثاله.
283
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
فق د ك ان ثمن طن الفحم عن د إب رام العق د س نة " 23 " 1904فرنك ًا وارتف ع س نة
.1916إلى أكثر من " " 73فرنكا بحيث أصبح تنفيذ الشركة اللتزاماتها مرهق ا لدرج ة لم
إلى مجلس الدول ة ،قض ى ب أن ي دفع للش ركة 502
يكن في الوس ع توقعه ا ،فلم ا رف ع األم ر
تعويض على أثر تلك الظروف الطارئة على العقد بسبب تأثيرها على التزام الشركة في
تولي إدارة المرفق العام حتى نهاية المدة المقررة في العقد هكذا نشأت نظرية الظروف
الطارئة لمواجهة أزمة مؤقتة تطرأ أثناء تنفيذ العقد فهي مخصصة لتدارك موقف خارج
عن النط اق التعاق دي على نح و م ا درج مجلس الدول ة الفرنس ي على التعب ير عن ه ،فهي
ظ روف غ ير تط رأ أثن اء تنفي ذ العق د غ ير أن الموق ف غ ير التعاق دي ال يع ني مج رد أزم ة
يتعرض لها المتعاقد ،وإ نما هو موقف غير عادل واستثنائي ينطوي على قلب اقتصاديات
العقد.503
ففي لليبي ا تق ول المحكم ة اإلداري ة العلي ا في حكم له ا " إن مج ال أعم ال نظري ة
الظ روف الطارئ ة أن تط رأ أثن اء تنفي ذ العق د اإلداري ح وادث أو ظ روف طبيع ة أو
اقتص ادية ،س واء من عم ل الجه ة اإلداري ة المتعاق دة أم من غيره ا ،ولم تكن في حس بان
المتعاق د عن د إب رام العق د وال يمل ك له ا دفع ا ،وأن ي ترتب عليه ا أن ت نزل بالمتعاق د خس ائر
فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختالًال جسيمًا ،ومودى هذه النظرية بعد توفر شروطها
إل زام جه ة اإلدارة المتعاق دة مش اركة المتعاق د معه ا في تح ول نص يب من الخس ارة ال تي
حاقت به طوال فترة قيام الظروف الطارئة".504
والمتتبع لهذه النظرية في مجال العقود الخاضعة للقانون الخاص في فرنسا يجد أن
هذه النظرية ال تطبق ،حيث سارت في هذا االتجاه المحاكم المدنية في فرنسا وعلى رأس ها
-حكم مجلس الدولة الفرنسي ،جلسة 1996 -3-3م قضية بوردو ،مجلس القانون العام لسنة 1916م 502
-د سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .602 503
-حكم المحكمة العليا لليبية ،جلسة 1984-12-10م المجموعة من 10ع ،ص .250 504
284
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
محكمة النقض .505هذا بخالف مجلس الدولة الفرنسي الذي عمل على تط بيق ه ذه النظرية
على الصفقات العمومية الخاضعة للقانون العام وقد كان أول حكم أخذ فيه مجلس الدولة
الفرنسي بهذه النظرية ،هو الحكم السابق الذكر في قضية غاز مدينة بوردو.
وعن أس اس التع ويض في ه ذه النظري ة ،فق د اختل ف الفقه اء بش أنها فهن اك من
من اعت بر الني ة المش تركة ألط راف العق د أثن اء أب رام العق د ،إال أن هن اك من 506
الفقه اء
الفقه اء من ع ارض ذل ك واعت بر أن ه إذا ك انت نظري ة الظ روف الطارئ ة تؤس س حق ًا على
فك رة الني ة المش تركة ألط راف العق د ف إن ه ذه الني ة يمكن أن تنص رف إلى اس تبعاد تط بيق
تل ك النظري ة ص راحًة أو ض منًا ،إال أن تل ك النظري ة تطب ق على ال رغم من وج ود ش رطا
بالتن ازل عن تطبيقه ا حيث أن األحك ام المتعلق ة بتل ك النظري ة تعت بر من النظ ام الع ام ال
يجوز االتفاق على ما يخالفاها .507في حين اتجه بعض الفقه إلى أن أساس حق التعويض
في نظري ة الظ روف الطارئ ة إنم ا يرج ع إلى مب دأ الت وازن الم الي للعق د ،ه ذا المب دأ ال ذي
إن هذا األساس لم يسلم 508
يعتبر أمرًا مفترضًا في كل عقد إداري دون حاجة للنص عليه
بدوره من االنتقاد من عدة نواحي.
فنظري ة الظ روف الطارئ ة تف ترض ح دوث قلب القتص اديات العق د رأس ًا على عقب،
وليس مجرد إخالل في التوازن المالي للعقد.
-من أحكامه ا ه ذا الخص وص في 8اغس طس 1903حيث رفض ت المحكم ة تع ديل عق د يرج ع ت اريخ انعق اده إلى 505
القرن 16حيث اتفق على أن تروي مياه أحد المجاري بعض األراضي نظير مقابل محدد في العقد ،ثم طرأت حوادث
استثنائية غير متوقعة أثناء التنفيذ ترتب عنها أن هذا المقابل أصبح تافه ًا إال أن المحكمة تمسكت بالقوة الملزمة للعقد
ورفض تعديله خشية على تزعزع الثقة الواجب توفرها في العقود و وقوع اضطرابات.
-من أصحاب هذا الرأي الفقيه " بونار " والفقيه الفرنسي " دي سوترة ". 506
-د .عبد الحميد حشيش ،نظرية عدم التوقع في العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .175 507
-ظه رت فك رة الت وازن الم الي للعقد ألول م رة بمناسبة ت دخل اإلدارة في عقود االمتي از و ت ولي المفوض الفرنسي 508
لي ون بل وم في تقري ره ال ذي قدم ه في قض ية « » Les Flancaise des tram ‘ waysومن ذ ذل ك ال وقت أص بح
المصطلح دارجًا.
La Ferriere : La Traité de La Juridiction administratif، 2e édition
285
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كما أن التعويض تأسيسًا على نظرية التوازن المالي للعقد يكون تعويض ًا كامال عند
جمي ع األض رار ال تي تص يب المتعاق د ،أم ا في حال ة الظ روف الطارئ ة فإن ه مقص ور على
مساعدة اإلدارة ومساهمتها حسب مقدار الضرر ،وبالتالي فهو تعويض جزئي ومؤقت إلى
جانب أسباب أخرى.
ليخلص ه ذا الفق ه النهاي ة إلى أن مب دأ الت وازن الم الي للعق د ال يص لح كأس اس لح ق
التعويض في نظرية الظروف الطارئة
أما مجلس الدولة الفرنسي فقد أخذ بمبدأ تسيير المرافق العامة كأساس لحق التعويض
في نظرية الظروف الطارئة وظهر ذلك في العديد من األحكام.509
وعن أهم الشروط التي وضعها االجتهاد القضائي العتبار الظرف طارئًا نذكر.
أوال -يشترط أن يكون الظرف الطارئ غير متوقع وال يمكن دفعه.
ه ذا الش رط يعت بر ج وهر ه ذه النظري ة ذل ك أن ك ل عق د يحم ل في طيات ه بعض
بقدر هذه المخاطر ويزنها عند أبرام العقد ،فإذا قصر في 510
المخاطر ،وكل متعاقد حذر
فه و الظ رف 511
ذل ك فعلي ه أن يتحم ل وزر تقص يره ،أم ا م ا يجب أن ي ؤمن المتعاق د ض ده
ال ذي يف وق ك ل تق دير يمِّك ن أن يتوقع ه الطرف ان المتعاق دان يتف رع على ك ون الح ادث غ ير
متوقع أنه ال يمكن دفعه ذلك أن الحادث الذي ال يستطاع دفعه يستوي في شأنه أن يكون
متوقعا أوغير متوقع.
فالش رط الج وهري في نظري ة الظ روف الطارئ ة أال يك ون في الوس ع توق ع الح ادث
الطارئ ،ومن هنا تسمى نظرية الظروف الطارئة ،أيض ًا " نظرية الظروف غير المتوقعة
" ويجب أن تبل غ ه ذه الح وادث من الم دى م اال يمكن تقري ر وقوع ه والفاص ل ال دقيق بين
توقع الظروف وعدم توقعه يمثل الفاصل بين وصف الظرف بأنه طارئ أو أنه غير ذلك.
-د .حسبو الخزاري ،أثر الظروف الطارئة على االلتزام العقدي ،دار الفكر العربي ،سنة ،1997ص .327 509
- 510د .احمد صقر عاشور ،ادارة القوى العاملة ،دار النهضة العربية ،بيروت 1983،ص22
- 511د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .833
286
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وهذا الفاصل بين توقع الظرف وعدم توقعه هو أيضًا الفاصل بين قدرة المتعاقد على
تحاشي وقوع الظرف باالستعداد السابق له إذا كان يتوقعه وعدم قدرته على ذلك أن أخذ
بوقوعه على حين غرة إذا لم يكن يتوقعه فلهذا الحادث غير المتوقع هو ذلك الحدث الذي
يتض اد م ع ك ل الحس ابات ال تي أجراه ا أط راف العق د أثن اء إبرام ه ال ذي يتج اوز الح دود
القصوى التي كان يتوقعها األطراف.
أن الحادث الطارئ هو حادث استثنائي يقع 512
وفي هذا ترى المحكمة العليا الليبية
نادرًا وال يكون بالوسع توقعه ،فإذا كان الحادث المفاجئ الذي يتذرع به الطعون ضده هو
ص دور الق رار بمن ع ش رب الخم ر ولعب القم ار فإن ه ال يت وفر ص فة االس تثنائية وباإلمك ان
توقع ه ذل ك أن ليبي ا بل د إس المي ونص دس تورها ال ذي ُأب رم العق د في ظل ه إلى أن دينه ا
اإلس الم ،وك انت بعض واليته ا قب ل إلغ اء النظ ام االتح ادي -أص درت قانون ًا خاص ًا يمن ع
شرب الخمر ،فضًال عما قرره قانون العقوبات الذي اعتبره جريمة في حالة خاصة.
وإ ذا نص عقد االلتزام على أن الملتزم يخضع في إدارة الفندق إلى القوانين واللوائح
المعم ول به ا وم ا يص در عنه ا مس تقبًال ،ف إن ذل ك ي دل على أن الجه ة المتعاق دة ك ان في
إمكانها توقع صدور تشريعات في المس تقبل بالخصوص ،وكان عليه أن يتنبه لذلك ،فإن
قب ل االل تزام على ه ذا األس اس وال ذي يش عر ب ه نص العق د -فإن ه يك ون من ع الخم ر ولعب
القمار متوقعًا لديه أيضًا وبذلك انتفت عن الحادث صفة االستثنائية وليس نادرًا ،ولم تتوفر
ل ه ص فة المفاج أة وبالت الي ال يج وز ل ه المطالب ة ب التعويض عن الخس ارة باالس تناد إلى
الظ روف الطارئ ة وص فوة الق ول ،أن الح وادث الطارئ ة هي الح وادث ال تي تف وق ك ل
التوقع ات ال تي يمكن للمتعاق د أن يتص ورها عن د إب رام العق د وعلى ذل ك ال مج ال ألعم ال
نظرية الظروف الطارئة إذا كان الضرر المدعي به محتمال.
-حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة ،جلس ة 1985-1-20طعن إداري 29-9ق مجلس ة المحكم ة العلي ا ،س -22ع 512
نجد في فرنسا أن ظرف الحرب بالذات كان ظرف ًا طبقت فيه النظرية " قضية غاز
" سابقة الذكر .أما في مصر فرفضت محكمة القضاء اإلداري المصري ظرف 514
بوردو
" إن االعتداء الثالثي على 515
الحرب كظرف طارئًا لتخلف عدم التوقع ،فقالت في حكمها
مصر كان أمرا يجب أن يتوقعه المدعي عند إبرام العقد ،إذ كان موقف سوريا من شقيقتها
العربية وقتئذ موقف المؤازرة والتكافل لتوتر الجو الدولي وما يصحبه من ارتف اع األس عار
ف إذا ك ان الم دعي ي رد م ا أص ابه من ض رر إلى ه ذه الح رب فإنه ا ك انت متوقع ة من ك ل
سوري ...إلخ " ومن ثم تخلف هذا الشرط من شروط الظروف الطارئة ،لكن حيث يكون
نش وب الح رب أم رًا غ ير متوق ع ف إن ظ رف الح رب يعت بر طرف ًا طارئ ًا ،وفي ه ذا تق ول
محكم ة القض اء اإلداري ذاته ا " وال ش بهة في أن قي ام الح رب يعت بر من الح وادث
االس تثنائية العام ة الخارجي ة ال تي لم يكن في الوس ع توقعه ا وال تي ي ترتب عليه ا أن ه إذا
أصبح تنفيذ االلتزام أشهد إرهاقًا وأكبر كلفة ،كان للمتعاقد مع اإلدارة مطالبتها بالمساهمة
-د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .618 514
288
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
معه في تحمل النتائج المترتبة على ازدياد األعباء الناشئة عن تلك الظروف ...واألساس
في ذلك نظرية الظروف الطارئة " .516
وفي ليبيا نجد أن المحكمة العليا قد اعتبرت ظرف الحرب من قبل الظروف الطارئة
فق الت " إذا أص بح تنفي ذ االل تزام مرهق ا ك ان على اإلدارة أن تس اهم م ع المتعاق د في تحم ل
النت ائج المترتب ة على ازدي اد األعب اء الناش ئة عن تل ك الظ روف وال خالف في أن ح رب
الس ادس من أكت وبر 1973م بين الع رب والص هاينة ق د أدت إلى زي ادة األس عار بص ورة
كبيرة ،...وجعل تكاليف حفر بئر واحد تزيد عن حفر بئرين ".517
ب -ظروف تقلبات األسعار وتغيير قيمة العملة.
أن ما ذهبت إليه المحكمة العليا الليبية ،وما نصت عليه الئحة الصفقات العمومية
من اعتبار هبوط سعر العملة أمرًا متوقعًا ،وكذلك الحال بالنسبة لتقلبات األسعار.
ولكن يجب أن نأخ ذ بم ا س ار علي ه مجلس الدول ة الفرنس ي وش ايعه في ذل ك مجلس
الدول ة المص ري ،وإ عم اًال لمب دأ العدال ة في التفري ق بين الظ رف الط ارئ ذات ه وبين
أثاره.518
فقد يكون الظرف الطارئ متوقع ًا ولكن تتجاوز أثاره كل التوقعات ففي هده الحالة
يجب تط بيق نظري ة الظ روف الطارئ ة نظ رًا ألن ه ذه النظري ة ت رمي إلى مج رد تمكين
المتعاقد من االستمرار في التنفيذ حتى يزول الظرف الطارئ الذي ال يد له فيه.
ج -اإلج راءات الص ادرة عن الس لطات العام ة ،فالقاع دة المق ررة في ه ذا الش أن أن
مجلس الدول ة ي رفض الحكم ب التعويض إذا ك ان في إمك ان أط راف العق د توق ع ص دورها،
ومع ذلك فإن مجلس الدولة الفرنسي وفق ًا التجاهه ألخير يحكم بالتعويض إذا كان احتمال
-حكم محكم ة القض اء اإلداري ،جلس ة 1957-6-30م ،القض ية رقم 983/7ق وك ذلك فت وى الجمعي ة العمومي ة 516
-د .حمد محمد الشلماني ،العقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .268 518
289
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ص دور هذه اإلجراءات غير متوقع في ذات ه .أو ك انت متوقع ة ،لكن ف اقت أثارها ما ك ان
متوقعا أو من الممكن توقعه.519
ف الحكم هن ا يتع رض لش رطين من ش روط الظ روف الطارئ ة ،ش رط ع دم التوق ع،
وشرط اإلرهاق المالي المترتب على الظرف الطارئ.
290
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
هنا يشترط أن يكون الظرف الطارئ أجنبيًا عن المتعاقدين ،520ولكن قد يأتي الظرف
الط ارئ بش كل غ ير مباش ر ،فالم دين ال ذي يماط ل في التنفي ذ ح تى تس تجد ظ روف طارئ ة
يعت بر ه و المس ئول وهن ا ال مج ال لتط بيق نظري ة الظ روف الطارئ ة لكن بالمقاب ل إذا ك ان
.1إذا كان الفعل الصادر عن جهة اإلدارة يشكل خطأ فهنا تسأل اإلدارة عن خطئها
العقدي.
.2أما إذا كان اإلجراء الصادر عن اإلدارة ال يشكل خطأ ،وهنا يجب التفريق بين م ا
إذا ك ان اإلج راء ص ادرا عن اإلدارة المتعاق دة فال مج ال إلى ه ذه الحال ة ألعم ال نظري ة
الظروف الطارئة ،وإ نما تطبق نظرية عمل األمير .أما إذا كان اإلجراء صادرًا عن غير
اإلدارة المتعاق دة ف إن نظري ة الظ روف الطارئ ة تك ون واجب ة التط بيق م تى ت وفرت بقي ة
521
الشروط.
ثالثا -أن يكون من شأن الحادث الطارئ اإلخالل بالتوازن المالي للعقد.
يش ترط هن ا أن ت نزل بالمتعاق د خس ائر فادح ة تخت ل معه ا اقتص اديات العق د اختالال
جسيما .522ويتضح لنا فارق مهم بين نظرية الظروف الطارئة ونظرية عمل األمير حيث
ال يش ترط في النظري ة الثاني ة أن يك ون الض رر على ق در معين من الجس امة في حين
523
يشترط في األولى أن يبلغ الضرر حدًا يصل إلى قلب اقتصاديات العقد.
د .عبد العزيز عبدالمنعم خليفة ،مرجع سابق ،ص 296 521
د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص 622 523
291
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ومبنى هذا الشرط ،هو الحرص على احترام مبدأ دوام سير المرفق العام الذي من
524
أجله قامت نظرية الظروف الطارئة نفسها.
وأن صرف اإلدارة لتعويض المتعاقد معها على أثر ظرف طارئ هو كما قيل يرجع
525
إلى حسن سياسة اإلدارة العامة في تعاملها مع متعاقديها بشأن المرافق العامة.
تع ويض المتعاق د عن ه ذه الص عوبات اس تنادًا إلى تفس ير واس ع لنص الم ادة ( )28من
كراس ة الش روط والمواص فات العام ة للط رق والجس ور المتعلق ة بحال ة تع ويض المتعاق دين
كم ا أن مجلس الدولة الفرنسي طبق هذه النظرية ليس فقط بالنسبة للتلف أو الهالك
ال ذي يص يب التجه يزات واألدوات الخاص ة بالمق اول أو بالمش روع ،وه و التط بيق الع ادي
لتلك المادة ،إنما توسع المجلس في تفسير المادة وطبقها بصفة عامة على كل النفقات غير
المتوقعة التي تكبدها المتعاقد من جراء النتائج المترتبة على حالة القوة القاهرة.
ثم توس ع المجلس في تط بيق للمب دأ فس لم بح ق المق اول في التع ويض عن
المتوقع ة ال تي تص ادفه أثن اء التنفي ذ ب دون خط أ من جانب ه ،وب دون أن 526
الص عوبات غير
تكون هذه الصعوبات نتيجة لعمل اإلدارة ،وقد استقرت هذه النظرية وأصبحت أحد مبادئ
-د .أنور رسالن ،نظرية الصعوبات اإلدارية غير المتوقعة ،مجلة القانون اإلداري ،بدون سنة نشر ،دار النهضة 526
أما القضاء اإلداري العربي فقد تبنى هذه النظرية ،حيث أصدرت محكمة القضاء
اإلداري حكما جاء فيه (ومن حيث أن المدعي يؤسس طلب التعويض -في هذه الحالة –
على النظرية المعروفة بنظرية الصعوبات غير المتوقعة ،وهي من النظريات التي ابتكرها
القض اء اإلداري ،مقتض اها أن ه عن د تنفي ذ الص فقات العمومي ة وبخاص ة عق ود األش غال
العامة ،قد تطرأ صعوبات مادية استثنائية لم تدخل في حساب طرفي العقد وتقديرهما عند
بزيادة األسعار المتفق عليها في العقد ،زيادة تغطي جميع األعباء والتكاليف التي تحملها
باعتب ار أن األس عار المتف ق عليه ا في العق د ال تس ري إال على األعم ال العادي ة المتوقع ة
527
فقط ،وأن هذه هي نية الطرفين المشتركة).
والتعويض هنا ال يتمثل في معاونة مالية جزئية تمنحها جهة اإلدارة للمتعاقد معها،
ب ل يك ون تعويض ًا ك امًال عن جمي ع األض رار ال تي يتحمله ا المق اول ،528وذل ك ب دفع مبل غ
إضافي له على األسعار المتفق عليها ،وبذلك تختلف هذه النظرية من حيث سببها والنتائج
المترتبة عليها عن نظرية الظروف الطارئة التي تطبق بسبب ظروف سياسية أو اجتماعية
ينش أ عنه ا قلب اقتص اديات العق د أو اختالل توازن ه الم الي ،حيث يقتص ر التع ويض فيه ا
على قدر محدد تساهم فيه جهة اإلدارة .كما تختلف أيضا عن حالة القوة القاهرة في أنه
يكفي في حالة الصعوبات غير المتوقعة أن يصبح التنفيذ أشد عسرًا وأكثر كلفة ،في حين
أنه في حالة القوة القاهرة يجب أن يصبح التنفيذ أشد عسرًا وأكثر كلفة ،بل يصبح التنفيذ
مس تحيًال .حيث ي ترتب عن الق وة الق اهرة إم ا وق ف التنفي ذ أو فس خ العق د .أم ا في حال ة
الصعوبات المادية غير المتوقعة فإنه يفترض على العكس االستمرار في التنفيذ.
-حكم القضاء اإلداري ،جلسة 20/1/1957م ،القضية 7892/8ق ،المجموعة س ،11س .152 527
293
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
على هذا النحو استقرت نظرية الصعوبات المادية في القضاء اإلداري ،وقد أوجد لها
أثن اء التنفي ذ ،أو وج ود طبق ات ص خرية تس تدعي من المتعاق د زي ادة في التك اليف إلزال ة
وق د ترج ع الص عوبات إلى فع ل الغ ير وليس إلى الظ واهر الطبيعي ة ،كوج ود قن اة
مملوكة لشخص ولم ُيشر إليها العقد أو مواصفاته على ذلك إذا كان األمر يتعلق بظروف
أخ رى إداري ة أو اقتص ادية ،فال يمكن إث ارة مس ؤولية الجه ة اإلداري ة على أس اس نظري ة
الصعوبات المادية ،وإ ن أمكن إثارة مسئوليتها على أساس نظرية عمل األم ير أو الظ روف
وال ذي ومن تطبيق ات مجلس الدول ة الفرنس ي حكم ه الص ادر في 21/7/1970م
529
يتعلق بالصعوبات التي واجهت المتعاقد مع اإلدارة والناتجة عن الطبيعة الصخرية للتربة
أثن اء تنفي ذ عق د موض وعه ش د أح د األنف اق .وق د قض ى مجلس الدول ة الفرنس ي بتع ويض
الش ركة على ال رغم من الطبيع ة الجزافي ة للعق د ،وعلى ال رغم من النص في العق د على
فقد رأى المجلس أن الصعوبات التي واجهت المتعاقد مع اإلدارة كانت على قدر من
الض خامة ،بحيث قلبت اقتص اديات العق د فض ًال عن مس ئولية اإلدارة لع دم تزوي د الش ركة
-د .علي عبد المولى ،مرجع سابق ،ص .577األحكام المشار إليها في الهامش. 529
294
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كم ا منح مجلس الدول ة الفرنس ي ب التعويض لمق اول في عق د أش غال عام ة موض وعه
تنفيذ خزانات لتجميع المياه تحت األرض ،حيث صادف أثناء التنفيذ كتل صخرية شديدة
الصالبة تحتاج في ثقبها آلالت وتقنية حديثة غير منصوص عليها في العقد.
واعتبرت محكمة القضاء اإلداري المصري من قبيل الصعوبات المادية وجود أتربة
متكتلة وطبقات صخرية -بمناسبة عقد أشغال عامة موضوعه تطهير إحدى الترع -بدال
من أن يجد المتعاقد طميا يمكن حفره بالوسائل العادية التقليدية واجه امتداد غير عادي من
الطبقات الصخرية.530
ليست مطلق عقبات يص ادفها المتعاقد عند التنفيذ ،ولكنها عقبات من نوع غير مألوف،
وال يمكن أن تنتمي إلى المخاطر العادية التي يتعرض لها المتعاقد عند التنفيذ عادة.
ويرى الدكتور سليمان الطماوي (إن هذا الشرط ينتهي بنا إلى موقف ذاتي إذ يترك
للقاضي أن يقدر في كل حالة على حده ما إذا كانت الصعوبات غير المتوقعة التي صادفها
والمالحظة ،أن مجلس الدولة الفرنسي يتشدد في تقدير هذا الشرط كلما احتوى العقد
وقد ضربت محكمة القضاء اإلداري مثاًال لشرط الصعوبة غير العادية ،فقالت (إن
شرط الصعوبة غير العادية أو االستثنائية ال يتوفر لمجرد أن الطبقة التي صادفها المدعي
المقاول وهو يتولى تطهير الترعة ،كانت ذات صالبة غير عادية ،بل يجب أن تكون هذه
الطبق ة امت داد غ ير ع ادي أيض ا ب أن تك ون المس احات واس عة أو بنس بة كب يرة من مجم وع
-د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص 662 530
295
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المنطق ة مح ل العق د ،به ذا وح ده يتحق ق الم راد من اعتب ار الص عوبة غ ير عادي ة أو
استثنائية.532
- 3أن تكون الصعوبات خارجة ومستقلة عن إرادة المتعاقدين ،ولم تنشأ عن خطأ
أي منهم ا .بمع نى إذا ك ان لإلدارة دخ ل فيه ا طبقت قواع د المس ئولية أو نظري ة عم ل
كما يجب أال يكون للمتعاقد في إحداث تلك الصعوبات أو زيادة آثارها خطورة، 533
األمير
وأن يثبت أن ه لم يكن في وس عه ت وقي آث ار تل ك الص عوبات بم ا بين يدي ه من وس ائل .كم ا
يشترط أال يكون المتعاقد قد خرج على شروط العقد أثناء قيامه بتنفيذ التزامه.
باقتص اديات العق د ،وأن تزي د في أعبائ ه المالي ة ،أي أن ي ترتب على التنفي ذ نفق ات تج اوز
األسعار المتفق عليها في العقد ،وتزيد في أعباء المتعاقد مع اإلدارة .على أنه يالحظ أن
مجلس الدولة.534
اقتصاديات العقد.
فقض اء مجلس الدول ة الفرنس ي مط رد على رفض طلب ات التع ويض في حال ة العق ود
الجزافي ة ،إذا لم يص ل الض رر إلى ح د قلب اقتص اديات العق د .ودأب المجلس على تق دير
م دى االختالل ال ذي أص اب اقتص اديات العق د بالمقارن ة بين المب الغ اإلض افية ال تي أنفقته ا
- 5أن يس تمر المتعاق د في التنفي ذ رغم مص ادفة الص عوبات المادي ة غ ير المتوقع ة،
ف إذا توق ف المتعاق د عن التنفي ذ فإن ه يتع رض لمختل ف الج زاءات المترتب ة عن دال ك فض ال
-حكم المحكمة اإلدارية ،جلسة 20/1/1957م ،المجموعة س ،11ص .142 532
-د .محمد علي محمد ،عقد امتياز المرفق العام. ،مرجع سابق ،ص .238 534
296
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
عن احتم ال فق ده لح ق المطالب ة ب التعويض على أس اس نظري ة الص عوبات المادي ة غ ير
المتوقعة.535
.6أن تك ون الص عوبات المادي ة طارئ ة ،أي غ ير متوقع ة ،ويش ترط في الص عوبات
توقعها عند التعاقد ،ولكن ما الحل إذا توقع المتعاقدان الصعوبات المادية ولكنها فاقت في
شدتها كل التوقعات .هنا اختلف الرأي داخل مجلس الدولة المصري ،فقد أقرت الجمعية
العمومي ة للقس م االستش اري للفت وى والتش ريع بمجلس الدول ة المص ري مب دأ التع ويض عن
الص عوبات المادي ة غ ير العادي ة على ال رغم من احتج اج جه ة اإلدارة بوج ود اتف اق بع دم
الش روط يحم ل على أن ه يع ني ع دم المس ؤولية عن العقب ات ال تي يص ادفها المتعاق د في
الحدود المعقولة التي يصل إليها التقدير العادي لألمور ،وجاء في الفتوى.536
(ال يصح القول بأنه كان ثمة اتفاق على عدم مسئولية هيئة قناة السويس عن تعويض
الشركة (المقاول) عما تصادفه عن صعوبة غير متوقعة ،وكتلك التي صادفتها متمثلة في
زي ادة حجم الترب ة الص لبة أض عافًا مض اعفة تج اوز ك ل م ا ك ان مق درًا على أس اس
ذلك أن هذا القول مردود بأن ما جاء في العقد وفي الشروط -في خصوص التنبيه
إلى طبيعة التربة ،وإ لى ما تحتويه من صخور صلبة ونحو ذلك ،ويحمل على أنه قص د ب ه
ع دم مس اءلة الهيئ ة عم ا يص ادفه من يعه د إلي ه تنفي ذ المش روع من عقب ات بس بب ذل ك في
الحدود المعقولة التي يصل إليها التقدير العادي للمشروع ،فإنه إذا ما بدى أثناء التنفيذ أن
-د .سليمان الطماوي ،مرجع سابق ،ص .662 535
-فت وى الجمعي ة العمومي ة للقس م االستش اري والتش ريع رقم ،95ص ادرة بت اريخ 4/2/1964م ،المجموع ة س ،18 536
ص .191
297
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
حجم الترب ة الص لبة ق د زاد زي ادة كب يرة عن الق در المتوق ع ،ف إن ذل ك يقتض ي أن يتف ق
الطرف ان على تق دير م ا ي ترتب على ه ذه الزي ادة من نت ائج من ش أنها أن تجع ل تنفي ذ العق د
أشد وطأة وأكثر كلفة ،وبخاصة إذا ما بلغ مدى ذلك حد اإلخالل باقتصاديات العقد وقلبها
رأسا على عقب بسبب انهيار األسس التي أقيمت عليها ،ويكون تقدير األثر المترتب على
النتائج المشار إليها ،باالتفاق على أداء مبالغ إضافية إلى الشركة زيادة على ما كان متفق ًا
عليه من قبل وذلك تطبيقا لنظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة.
أم ا المحكم ة اإلداري ة العلي ا فق د ذهبت إلى عكس ه ذا النظ ر ،حيث حكمت بأن ه إذا
ك ان مف اد النص وص ال واردة في الش روط العام ة أن المق اول مس ؤول مس ئولية كامل ة عن
جميع الصعوبات المادية التي تصادفه سواء كانت متوقعة أم غير متوقعة ،وليس من شأن
الص عوبات المادي ة غ ير المتوقع ة مهم ا ت رتب عليه ا من إره اق للمق اول أن تخول ه ح ق
مطالبة الجهة اإلدارية المتعاقد معها زيادة فئات األسعار مشاركة منها في الخسارة التي
تك ون ق د لحقت ه ،إذ أن الص عوبات س الفة ال ذكر -أي ا ك ان ش أنها -ال ت رقى إلى مس توى
الحوادث الطارئة الموجبة إللزام اإلدارة بتحمل نصيب في الخسارة الفادحة التي تختل بها
اقتص اديات العق د اختالًال جس يمًا وذل ك ض مانًا لتنفي ذ العق د اإلداري واس تدامة س ير المرف ق
وصادف هذا الحكم نقدا شديدًا من قبل الفقه المصري ،ومن ذلك الدكتور علي عبد
الم ولى ال ذي أخ ذ على الحكم خلط ه بين نظري تي الص عوبات المادي ة غ ير المتوقع ة
والظروف الطارئة ،حيث اعتبر أن التعويض الذي يحكم به (في الفرض األول) يتمثل في
معاون ة مالي ة جزئي ة تمنحه ا جه ة اإلدارة للمتعاق د معه ا ،في حين أن ه في الحقيق ة تع ويض
-حكم المحكمة اإلدارية العليا ،جلسة .14/6/1969القضية 311/11ق ،المجموعة س 14ق ،103ص .778 537
298
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ومن جانب آخر استند حكم للمحكمة اإلدارية العليا إلى ما ورد في الفقرة ( )13من
الش روط العام ة ال تي تل زم المق اولين ب أن يتح روا بأنفس هم عن طبيع ة التزام اتهم ،وأنهم
مسئولون عن كل الصعوبات التي تصادفهم (منظورة أو غير منظورة) ،في حين أن مثل
هذه الشروط يقتصر أثرها على التشدد في تقدير درجة الصعوبات التي صادفها المتعاقد.
وال يجب أن تحمل على أنها تمنع المتعاقد الذي صادف عقبات استثنائية وغير عادية من
اللجوء للقضاء للمطالبة بالتعويض ،خاصة إذا ترتب على هذه العقبات االستثنائية اإلخالل
من هنا تكون المحكمة اإلدارية العليا قد خانها التوفيق حين قالت ،إنه ليس من شأن
الص عوبات غ ير المتوقع ة مهم ا ت رتب عليه ا من إره اق للمق اول أن تخول ه مطالب ة الجه ة
نجد تشعبت اآلراء جليا حول أساس نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة .فذهب
إلى إرج اع ه ذه النظري ة إلى الني ة المش تركة للط رفين المتعاق دين باعتب ار 538
الفقي ه (ج يز)
أنها قد اتجهت إلى تحديد أسعار خاصة للتنفيذ خالف األسعار المتفق عليها في العقد في
فالس عر المتف ق علي ه في العق د يقص د ب ه مواجه ة التنفي ذ في ظ روف عادي ة ،أم ا
الصعوبات غير المتوقعة والتي لم تخطر ببال الطرفين فالفرض أنهما قصدا إلى تقدير ما
يقابلهم ا بطريق ة خاص ة ،وكان له ذا الرأي ص داه في قض اء مجلس الدول ة الفرنسي ،فحكم
بأن السعر المتفق عليه -طبقا للنية المشتركة لألطراف -ال يسري إال على األراضي ال تي
تكون طبيعتها محًال لالعتبار عند إبرام العقد ،أما إذا وجد المتعاقد نفسه أمام حالة مختلفة
-د .محمود حلمي ،العقد اإلداري ،ط ،2دار النهضة العربية ،1977 ،ص .136 538
299
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
تمام ا عن تل ك ال تي تص ورها عن د إرس اء العط اء ،ف إن الوض ع يختل ف وأخ ذت محكم ة
القضاء اإلداري المصري بهذا النظر في حكمها الصادر في 20/1/1957م سبق اإلشارة
إلي ه .فقض ت (بتع ويض المتعاق د م ع اإلدارة عن الص عوبات المادي ة االس تثنائية بزي ادة
األسعار المتفق عليها في العقد زيادة تغطي جميع األعباء والتكاليف التي تحمله اعتبار بأن
األسعار المتفق عليه ا في العقد ال تسري إال على األعمال العادية المتوقعة فقط وأن هذه
وق د أخ ذ على ه ذا ال رأي بأن ه تحكمي وغ ير ك اٍف ،وذل ك أن القض اء يطب ق ه ذه
النظري ة ح تى ول و نص العق د على تحدي د الس عر تحدي دًا ثابت ًا مهم ا ك انت الص عوبات ال تي
يقابلها المتعاقد.
كم ا ي رى أن ه ذه الفك رة ال تكفي لت برير التع ويض عن الص عوبات المادي ة غ ير
المتوقعة بعد أن أصبح التعويض عنصرا في النظام القانوني للعقود يطبق في حالة سكوت
العقد ،وأيضًا في حالة اشتراط التنفيذ مهما كانت الصعوبات .مؤدى هذا أن التعويض يفقد
أي أساس اتفاقي منذ البداية نظرًا العتباره عنصرًا من النظام القانوني للعقود ،وله صفة
وذهب رأي آخ ر يمثل ه الفقي ه الفرنس ي بيكين و إلى إرس اء التع ويض عن الص عوبات
المادية غير المتوقعة على فكرة المسئولية لقيام حالة قرابة بين الصعوبات غير المتوقعة
ويؤخذ على هذا الرأي أنه ينسى أن نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة يفترض
أنها وليدة ظروف خارجة عن إرادة المتعاقد واإلدارة .أما الصعوبات الناشئة عن تدخالت
-القضية رقم 7892لسنة 8قضائية ،المقاول السيد مراد طه ،ضد وزارة اإلشغال ،وقد نشر ملخص القضية في 539
جه ة اإلدارة فيج رى التع ويض عنه ا في نط اق نظري ة عم ل األم ير ،أو إعم اًال للقواع د
يض اف إلى ذل ك أن الغ الب أن تنش أ الص عوبات المادي ة غ ير المتوقع ة عن ظ واهر
طبيعية أو عن فعل إنسان أجنبي عن العقد بما ال يستقيم معه تأسيس التعويض على فكرة
المسئولية.
وال رأي الثالث وال ذي يمثله ف الين ودي لوب ادير حيث بنى أس اس النظري ة على فكرة
التع اون بين اإلدارة والمتعاق د معه ا ،ففي حال ة مواجه ة المتعاق د لص عوبات اس تثنائية غ ير
متوقعة أثناء التنفيذ ،فإن هذا التعاون يجب أن يستمر و ال ينقطع و يجب على المتعاقد أن
يبدل جهده كما يجب على اإلدارة أن تعاونه بدفع قيمة كل األعمال التي قام بها.
انتقد هذا الرأي باعتبار فكرة التعاون فضفاضة وغير محددة يمكن أن تفسر تقرير
541
التعويض ،ولكن ال يمكن أن تبرره.
ففكرة التعاون وإ ن كانت عنصرًا أساسيًا في النظام القانوني للعقود اإلدارية ،إال أنها
ويذهب الرأي الراجح في الفقه إلى تأسيس نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة
قاعدة عدالة أنشأها القضاء بمراعاة بعض الشروط وبعض الخصائص اللصيقة بالصفقات
العمومية .
-د .علي عبد المولى ،مرجع سابق ،ص .527 .525 541
301
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
مواجهته لصعوبات غير عادية استثنائية لم يكن في الوسع توقعها عند التعاقد ،فيتكبد وحده
ومن هنا يرتكز تقرير حق التعويض بصفة أساسية على مواجهة النتائج غير العادلة
ال تي ت ترتب على ه ذه الص عوبات .وه ذا األس اس ه و ال ذي يتف ق وقض اء مجلس الدول ة
على تحمل المتعاقد مخاطر التنفيذ أًّي ا ك انت الص عوبات التي يص ادفها أثن اء التنفي ذ ،حيث
يفسر مجلس الدولة الفرنسي هذه الشروط على أنها تعني الصعوبات المادية فقط وليست
الصعوبات االستثنائية.
يض اف إلى ذل ك اإلش ارة إلى العالق ة الوثيق ة بين الص فقات العمومي ة والمراف ق
العام ة ال تي انعكس ت في النظ ر إلى المتعاق د م ع اإلدارة على أن ه معاون ًا ومس اعدا له ا في
تس يير تل ك المراف ق ،وي رى أن قاع دة العدال ة ترتك ز على ه ذا اإلط ار ال ذي يح دد طبيع ة
542
العالقة بين الدولة و المتعاقد معها .
302
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
303
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
كما يجب تنفيذ العقد بأكمله ،فال تستطيع التحلل من العقد بزيادة األعمال ،أو إنقاصها
عن النسبة المحددة نظام ًا ،أو إنهاء العقد لمجرد التحرر من االلتزامات ،أو تقوم بمخالفة
الشروط والمواصفات التي لها مساس بحقوق المتعاقد معها الرئيسية وعليها احترام المدد
المقررة بالعقد سواء كانت المدة الكلية لتنفيذ العقد ،أو المدد الجزئية لتنفيذ بعض األعمال،
أو تس ليم الم واد أو األص ناف أو التص اريح أو م دد تس ليم المواق ع أو الض مان أو تس ليم
المقابل المالي احترامها وفقًا لما نص عليه العقد أو ما يقرره العرف ،أو ما يتفق وقواعد
العدالة و تسليم المقابل المالي ،وهو من أعظم االلتزامات الناشئة عن العقد لم له من أثر
عظيم على إبرام العقد وتنفيذه ،وتعويض المتعاقد عن آثار تأخير تسليم المقابل المالي إن
ترتب عليه إضرار به.
304
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
305
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أم ا العقوب ات الجنائي ة فهي ج زاء جن ائي يق رره المش ِّر ع ،ويوقع ه القاض ي على
المتعاق د ال ذي ي رتكب جرم ًا أثن اء تنفي ذ العق د ،وال يج وز لإلدارة المتعاق دة إيقاعه ا على
المتعاقد معها حتى لو نص في العقد على ذلك.
يعتبر التعويض من أهم الجزاءات في مجال إخالل المتعاقد بالتزاماته ،ويؤدي دورًا
كب يرًا في الص فقات العمومي ة ،إذ في ه حث لإلدارة على الوف اء بالتزاماته ا ،باإلض افة إلى
جبر الضرر الذي لحق بالمتعاقد ،وتجنبه الخسارة التي تعتبر من أسوأ األمور عند التجار،
ويشترط في التعويض أن يكون بسبب خطأ اإلدارة ،أو تقصيرها ،وأن يثبت هذا الضرر.
إلغ اء الق رارات غ ير المش روعة في حقيقت ه ه و ج زاء لع دم مراع اة اإلدارة لمب دأ
المشروعية ،إال أنه لما كان بشأن عمل من األعمال المتعلقة بتنفيذ العقد فإن قيام القضاء
بإلغاء تلك القرارات يعتبر جزاء من الجزاءات.
الفس خ القض ائي ه و إنه اء الرابط ة العقدي ة من قب ل القاض ي ،بن اًء على طلب أح د
الطرفين وال يكون الفسخ بوجه ع ام إال إذا ك ان اإلخالل أو التقصير جسيمًا ،بحيث يؤثر
على المتعاقد مع اإلدارة بشكل كبير ،وال يمكن التعامل مع ذلك اإلخالل أو التقصير بأي
وسيلة من وسائل رفع الضرر ،أو الجزاءات األخرى.
و عدم تحمل المتعاقد آثار القرارات غير المشروعة ،مع عدم التعرض لها باإللغاء
هو جزاء مخالفة مبدأ المشروعية ،إال أنه من شأنه أن يؤثر على عملية تنفيذ العقد ،وقد
يكون من شأنه حدوث ضرر بالمتعاقد ،وقد يلحق باإلدارة أيضًا أضرار متى أخذ المتعاقد
معه ا موق ف ال رافض له ذه الق رارات ،فتتحم ل اإلدارة نتيج ة قراراته ا طالم ا خ الفت مب دأ
المشروعية.
306
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
خارجة عن إرادتها ،ويعتبر من الجزاءات التي تفرض على اإلدارة ،إذا كانت هي السبب
في حدوث التأخير أو التقصير الذي أدى إلى فرض الغرامات.
كم ا بينت الدارس ة أن االل تزام بمب دأ حس ن الني ة ح ال التنفي ذ ه و األس اس ب أن يب ذل
الجهد في تنفيذ العقد حسبما تم االتفاق عليه ،دون التمسك بحرفية نصوص العقد ،مع بذل
العناي ة المطلوب ة في تنفي ذ األعم ال ،وت وخي الدق ة والح ذر لتجنب ك ل م ا من ش أنه إلح اق
الضرر باإلدارة المتعاقدة.
أما عن التنفيذ الشخصي للعقد ،وهذا يتطلب أن يقوم بالعمل بنفسه فال يسند القيام بالعمل
إلى مقاول من الباطن أو يتنازل عن العقد إلى شخص آخر إال بإذن من اإلدارة ،ويختلف
هذا االلتزام حسب مستوى االعتبار الشخصي للمتعاقد ،فإن كانت شخصية المتعاقد ذات
اعتب ار عن د اإلدارة المتعاق دة ك ان ه ذا االل تزام ال تزام بتحقي ق غاي ة أم ا إذا لم تكن ك ذلك
فيكون االلتزام ببذل عناية.
وعن التنفيذ فتبين أنه يتم وفق ًا لنصوص العقد والوثائق المرفقة به ،ونصوص العقد
هي المدون ة في ص كه ،والوث ائق المرفق ة ب ه هي غالب ًا وث ائق إج راءات التعاق د ،وهي
اإلعالن في الجري دة الرس مية عن المش روع ،الخطاب ات الموجه ة لألش خاص الع روض،
محاض ر اللج ان ،خطاب ات الترس ية ،كراس ة الش روط والمواص فات العام ة أو الخاص ة،
المراسالت المتبادلة ومحاضر االجتماعات وأوامر التنفيذ.
307
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
308
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الخاتمة
بعد ان انتهينا من دراسة أساليب إبرام الصفقات العمومية واآلثار الناتجة عن ه ذه
العق ود من التزام ات وحق وق ط رفي العق د اإلداري دراس ة مقارن ة في التش ريعين اللي بي
والمصري ،مع إطاللة مبسطة على القانون المغربي والفرنسي تبين لنا أن القانون يحدد
ع ادة األش خاص ال ذين يك ون لهم الح ق في التعاق د باس م اإلدارة ،وك ذلك المج االت ال تي
يجب عليهم االلتزام بالتعاقد في إطارها ،وكما هو واضح فان للقوانين واللوائح التي تضع
ضوابط وقيود على جهة اإلدارة عند قيامها بإبرام عقد إداري أهمية كبرى في ه ذا المج ال
وتصبح من ثم دراستها والوقوف عليها وما تشتمل عليه من نصوص وأحكام بالغة األثر
ففي قسمها األول أوضحت الدراسة المبادئ الحاكمة إلبرام الصفقات العمومي ة وم ا
توفره هذه العقود من متطلبات أفراد المجتمع ؛لذلك وضع المشِّر ع العديد من المب ادئ ال تي
يجب على اإلدارة االلتزام بها ،وباتت كضمانات تكفل دقتها وصحتها وسالمتها ،وتمثلت
هذه المبادئ في العالنية وتكافؤ الفرص والمساواة والشفافية وأوضحت أن درجة العلنية
تختل ف من مناقص ة إلى أخ رى ،فهي في المناقص ات العام ة تك ون عام ة و مطلق ة وفي
المناقص ات المح دودة تك ون أق ل عمومي ة خاص ة في المناقص ات المحلي ة .أم ا المناقص ات
كم ا أن اإلعالن في ه مص لحة لألف راد و الش ركات ألن ه يش عرهم باالطمئن ان بش أن
سالمة العطاءات من أي تواطؤ يمكن أن ينشأ بين اإلدارة وأحد المتنافسين للتعاقد ،حتى ال
تقتص ر اإلدارة عقوده ا على طائف ة معين ة من األف راد أو الش ركات بحج ة أنهم وح دهم من
تقدم للعطاء.
ونظرًا ألهمية اإلعالن عن المناقصة ،فإن القوانين التي تنظمها دائم ًا تحرص على
الش أن بمراقب ة اإلدارة ومتابعته ا لم دى احترامه ا لإلج راءات ال تي فرض ها عليه ا الق انون،
وأنه من الممكن حرمان البعض من التقدم إلى المناقصات والممارسات العامة ،إن المبدأ
العام في الحرمان الوقائي هو إجراء تصدره اإلدارة بمطلق سلطتها التقديرية بقص د تحقي ق
الص الح الع ام ،وعلي ه ف إن الحرم ان الوق ائي ق د يك ون بنص الق انون ،وق د يك ون بم وجب
ق رارات تص درها جه ة اإلدارة بحرم ان األش خاص الطبيع يين أو المعن ويين من التق دم إلى
كم ا بينت الئح ة الص فقات العمومي ة في ليبي ا ض رورة اس تبعاد العط اء المخ الف
وك ان ه ذا االس تبعاد وج وبي مق رر بم وجب الل وائح اإلداري ة واألنظم ة والتعليم ات،
وأن ه من النظ ام الع ام وال يج وز االتف اق على مخالف ة أحكام ه ،ل ذا ال تتمت ع اإلدارة بص دده
310
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ب أي س لطة تقديري ة وال تس تطيع قب ول عط اء غ ير مش مول بالش روط الخاص ة بالعط اء أو
غير مشمول مقدما بشروط العطاء ،ألنها ال تنظر إلى األسعار والمواصفات ،وهذا إجراء
تتخذه اإلدارة بشكل موضوعي ال ينصب على مقدم العطاء وإ نما يوجه للعطاء ذاته ،ولكنه
يج وز له ا الع دول عن ق رار االس تبعاد في حال ة ش رط إكم ال الوث ائق أو ش رط إع ادة
الفحص.
كم ا بينت الدراس ة أن الس لطة التقديري ة لإلدارة والممنوح ة له ا في التعاق د بطري ق
الممارسة ال تسلم من الرقابة القضائية ،ولكن من حيث استيفاء قواعد االختصاص والش كل
أما القسم الثاني فخصص إلى امتيازات اإلدارة وسلطاتها في العقد اإلداري وحقوق
المتعاق د المس تمدة من ه ذا العق د ،كم ا بينت ك ل االمتي ازات ال تي تتمت ع به ا اإلدارة أثن اء
تنفيذ العقد اإلداري ،والتي تختلف على تلك التي يتمتع بها الطرف اآلخر من العقد ومرد
ذل ك كونه ا الط رف األق رب إلى المص لحة العام ة والس اعية إلى تحق ق النف ع الع ام وتوف ير
وأوض حت أن ه ذه اإلج راءات الزجري ة بكاف ة ص ورها تباش رها اإلدارة إعم اًال
المتيازه ا في التنفي ذ المباش ر وهي به ذا تمث ل مظه رًا من أهم مظ اهر الس لطة العام ة في
الصفقات العمومية ،هذا ويبقى التنفيذ المباشر من أهم الوسائل التي بيد اإلدارة.
311
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
اإلدارة المتعاقدة على المتعاقد معها الذي لم يعد قادرًا على الوفاء بالتزامه التعاقدية على
نحو ما ينبغي حيث تنهي اإلدارة بهذا الجزاء التعاقد معه بصورة ميسرة تفرضها موجب ات
تحقي ق المص لحة العام ة في دوام س ير المراف ق العام ة بانتظ ام ،أم ا إذا هي أنهت العق د
اإلداري غير مستندة إلى المصلحة العامة فيكون تصرفها مشوبًا بعيب االنحراف بالس لطة،
وجعله ا عرض ه للمس ائلة ودف ع التع ويض لج بر الض رر ونظ را إلى جس امة ه ذا الح ق
الممن وح من قب ل الق انون لإلدارة ،قابل ه ش رط يش ترطه القاض ي اإلداري عن دما توق ع
اإلدارة هذا الجزاء أو هذا الحق أال وهو التسبيب للقرار ( ذكر السبب ) الذي دفع اإلدارة
لتوقي ع الفس خ كم ا أن األحك ام القض ائية المت واترة في فرنس ا أوجبت التس بيب في ق رار
الفسخ.
وفي جزئها األخير أوضحُت حقوق المتعاقد مع اإلدارة والمتمثل في المقابل المالي
للتعاقد لما أداه المتعاقد من أعمال أو توريدات لصالح جهة اإلدارة المتعاقدة ،وهو يكون
مستحقًا بمجرد االنتهاء من األعمال أو تسليم األصناف الموردة على نحو ما أورده العقد
المبرمة بين األشخاص العامة ،حيث أن من المتصور أن يتخذ أي من طرفي العقد إجراء
يس بب ض ررًا للط رف األخ ر نظ رًا ألن ك ل منه ا يح وز امتي ازات الس لطة العام ة ال تي
312
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
تقتض يها طبيع ة العق د اإلداري ،وال تي ق د ت ؤدي إلى جع ل تنفي ذ العق د أك ثر إرهاق ًا ويظه ر
ذلك بوجه خاص حيث يكون أحد طرفي العقد في موقع أكثر سيطرة في عالقته بالطرف
اآلخر ،وضربت مثال ،حالة العقود المبرمة بين الدولة والوحدات المحلية األخرى.
كما بينت الدراسة نظرية الظروف الطارئة واشتراطها حدوث قلب القتصاديات العقد
وبينت أن التع ويض تأسيس ًا على نظري ة الت وازن الم الي للعق د يك ون تعويض ًا ك امًال
عم ا أص اب المتعاق د من ض رر وم ا فات ه من ربح ،أم ا في حال ة الظ روف الطارئ ة فإن ه
مقصور على مساعدة اإلدارة ومساهمتها حسب مقدار الضرر وبالتالي فهو تعويض جزئي
يعت بر التع ويض من أهم الج زاءات في مج ال إخالل المتعاق د بالتزامات ه وي ؤدي .1
دورًا كب يرًا في الص فقات العمومي ة ،إذ في ه حث لإلدارة على الوف اء بالتزاماته ا
باإلضافة إلى جبر الضرر الذي لحق بالمتعاقد ،وتجنبه الخسارة التي تعتبر من
أسوأ األمور عند التجار ،ويشترط في التعويض أن يكون بسبب خطأ اإلدارة ،أو
تقصيرها ،وأن يثبت هذا الضرر وبينت الدراسة أنه إذا طرأت حوادث اس تثنائية
لم يكن في الوسع توقعها ،وترتب على حدوثها أن تنفيذ االلتزام التعاقدي وإ ن لم
313
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
يص بح مس تحيًال ص ار مرهق ًا للم دين بحيث يه دد بخس ارة فادح ة ،ج از للمحكم ة
بع د الموازن ة بين مص لحة الط رفين ،إم ا أن ت رد االل تزام المره ق إلى الح د
المعقول ،وإ ما أن يفسخ العقد إن أصبح االستمرار متعذرًا ،ويقع باطًال كل اتف اق
الج زاءات ال تي توق ع على اإلدارة إذا أخلت بالتزاماته ا متنوع ة ،منه ا :التع ويض .2
وإ لغاء القرارات غير المشروعة ،والفسخ القضائي ،وعدم تحمل آثار القرارات
غير المشروعة ،مع عدم التعرض لها باإللغاء ،وإ عفاء المتعاقد من الغرامات.
العقوبات الجنائية هي جزاء جنائي يقرره الشارع ،ويوقعه القاضي على المتعاقد .3
ال ذي ي رتكب جرم ًا أثن اء تنفي ذ العق د ،وال يج وز لإلدارة المتعاق دة إيقاعه ا على
فسخ العقد باإلرادة المنفردة لجهة اإلدارة جزاء خطير ال تستعمله اإلدارة إال في .4
الفس خ ال ي رد على إس قاط االل تزام ،إذ ال يك ون ذل ك إال بحكم قض ائي ،ويش ترط
دواعي الفسخ ،أو يتدبر أمور اإلخالء الموقع ،ويترتب على الفسخ إنهاء الرابطة
العقدية ،وتحمل الملتزم جميع األعباء المالية التي تتحملها اإلدارة ،أما في العقود
األخرى ،فإذا كان الفسخ مجردًا ال يتحمل المتعاقد مع اإلدارة أية أعباء ،أما إذا
314
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وضوح اإلخالل الجسيم -فإن المتعاقد ،يتحمل كافة األعباء المالية التي تقع على
عاتق اإلدارة.
تس تطيع اإلدارة أن ت رغم المتعاق د على تنفي ذ العق د ،وذل ك ب أن تح ل محل ه في .5
التنفي ذ ،أو أن تعه د ب ه إلى غ يره ،وه ذا الج زاء ه و التنفي ذ العي ني للعق د وتختل ف
تسميته بحسب العقد ،فيسمى في عقد االلتزام :وضع المرفق تحت الحراس ة ،وفي
عقد األشغال العامة :وضع المقاولة تحت الحراسة المباشرة .وفي عقود التوريد
الج زاءات المالي ة ال تي تطب ق على المتعاق د م ع اإلدارة هي الج زاءات الش ائعة .6
واألك ثر اس تعماًال ،ويقص د منه ا حث المتعاق د على تنفي ذ التزامات ه وليس اإلث راء
القواعد العامة ،وقد ينص في العقد على مقداره وهو ما يسمى بالشرط الجزائي،
وعند االختالف يترك األمر للقضاء للتدخل بما يحقق العدالة ،وقد أنكر البعض
مش روعية الش رط الج زائي في الص فقات العمومي ة ،وق د تكتفي اإلدارة بمج ازاة
المتعاق د بمص ادرة الض مانات البنكي ة ،وق د يك ون بف رض غرام ات ت أخير ،أو
315
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الجزاءات التي توقع على المتعاقد مع اإلدارة إذا أخل بالتزاماته العقدية ،إما أن .7
حق اإلدارة في إلغاء العقد اإلداري بإرادتها المنفردة دون خط أ من المتعاقد معها .8
حق ثابت ،ولو لم ينص عليه ،وإ ن خالف في ذلك البعض ،ويشترط له أن يكون
بقصد تحقيق المصلحة العامة ،كزوال الغرض الذي أبرم العقد من أجل تحقيقه،
أوإ ع ادة تنظيم المرف ق الع ام بم ا يتالءم م ع التط ورات العلمي ة الحديث ة ...أم ا
إللغاء العقد ،كما يشترط أن يراعى مبدأ المشروعية عند إلغاء العقد.
ح ق اإلدارة في توقي ع الج زاءات مباش رة على المتعاق د معه ا دون اللج وء إلى .9
القضاء ،فهو وسيلة لتطبيق أحكام العقد المتعلقة بالجزاءات غير الجنائية التي تق ع
حق تعديل العقد بما يحقق المصلحة العامة وفقًا للنسب المحددة في العقد والنظ ام، .10
مع قصر ها الحق على الشروط العقدية المتصلة بالمرفق العام ،مع لزوم مراعاة
مبدأ المشروعية.
يقوم بتنفيذ العقد وفقًا لما تم االتفاق عليه ،وتوجيهه للتنفيذ بأنسب الطرق.
316
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
للمتعاقد م ع اإلدارة حقوق اختل ف في تقسيمها الب احثون ،فمنهم من جعله ا ثالثة، .13
أ -الحصول على المقابل المالي إذا ما قام بتنفيذ األعمال ،سواء كانت األعمال
منصوص ًا عليه ا بالعق د أو الوث ائق المرفق ة ب ه ،أو ك انت أعم ال ض رورية لتنفي ذ
األعمال ،وهذا المقابل المالي الغالب فيه أنه من العملة الوطنية ،وقد يكون بعملة
ب-الت وازن الم الي للعق د في حال ة ح دوث ظ رف ط ارئ أو عم ل من أعم ال
الس لطة أو ظه ور ص عوبات غ ير متوقع ة ...إلخ ،وأدى ذل ك إلى إلح اق الض رر
بالمتعاقد مع اإلدارة ،بحيث اختلت حساباته التي قام بها في تحديد المقابل المالي.
أم ا من ن ادى ب الحق الث الث ك ان يقص د ب ه اح ترام اإلدارة اللتزاماته ا العقدي ة س واء
كانت التزامات أصلية أو تبعية ،وهذا يعني أنه يجب عليها عدم القيام بأي عمل يتعارض
مع صفتها كطرف في العقد لكن هذا الحق من وجهة نظري ثابت من ناحيتين األولى :أنه
ال تستطيع اإلدارة عدم احترام بنود العقد ألنها سوف تعرض نفسها للمعاقبة بالتعويض.
والثاني ة :من أهم األه داف ال تي تس عى اإلدارة إلى تحقيقه ا ه و تش جيع المتعاق د
إلبرام العقود معها وعدم العزوف كما يجب عليها االلتزام بمبدأ حسن النية.
317
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
.14اختل ف الش راح في تحدي د التزام ات اإلدارة المتعاق دة ،ف ذكر بعض هم أنه ا ثالث ة،
وبعض هم ذك ر أنه ا أربع ة ،ومنهم من ق ال أنه ا خمس ة ،وذهب بعض هم إلى أنه ا
أ – تنفي ذ العق د بمج رد إبرام ه من الس لطة المختص ة ،وال يج وز له ا التحل ل من
العقد بعد إبرامه ،وال التأخر في تنفيذه بما يؤدي إلى اإلضرار بالمتعاقد معها.
ب -تمكين المتعاقد من تنفيذ التزاماته ويتمثل في القيام ببعض األعمال من أهمها
تس ليم موق ع العم ل المح دد بالعق د ،خالي ًا من العوائ ق ،وع دم وق ف عملي ة التنفي ذ،
وتسلم المواد واألصناف المتفق عليها ،والمبادرة باألعمال المؤثرة في حسن سير
تنفيذ األعمال.
ج -االلتزام بمبدأ حسن النية ،ومعاونة المتعاقد على تنفيذ التزاماته ،فال تتمسك
بحرفي ة نص وص العق د ،أو تس تند إلى س لطات لتحقي ق مص الحها دون مراع اة
مص الح المتعاقد معها ،وم ا يحي ط بعملية التنفي ذ من ظ روف ومالبسات ،ويظهر
ال تزام اإلدارة بمعاون ة المتعاق د معه ا عن دما يحت اج المتعاق د إلى معاونته ا أم ام
الجه ات اإلداري ة األخرى ،فيم ا يتعل ق بالت دخل لتس هيل الحص ول على التص اريح
318
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
د -تنفيذ العق د بأكمله ،فال تستطيع التحل ل من العقد بزي ادة األعم ال ،أو إنقاصها
عن النسبة المحددة نظامًا ،أو إنهاء العقد لمجرد التحرر من االلتزامات ،أو تقوم
بمخالفة الشروط والمواصفات التي لها مساس بحقوق المتعاقد معها الرئيسية.
هـ -اح ترام الم دد المق ررة بالعق د س واء ك انت الم دة الكلي ة لتنفي ذ العق د ،أو الم دد
الجزئية لتنفيذ بعض األعمال ،أو تسليم المواد أو األصناف أو التصاريح أو مدد
تس ليم المواق ع أو الض مان أو تس ليم المقاب ل الم الي احترامه ا وفق ًا لم ا نص علي ه
و -تسليم المقابل المالي ،وهو من أعظم االلتزامات الناشئة عن العقد لما له من
أث ر عظيم على إب رام العق د وتنفي ذه ،وتع ويض المتعاق د عن آث ار ت أخير تس ليم
االلتزام ات ال تي تق ع على ع اتق المتعاق د م ع اإلدارة متع ددة ومتنوع ة ،ويمكن .15
ترتيبه ا وتص نيفها بأس اليب وط رق كث يرة ،فيختل ف مق دارها حس ب الزاوي ة ال تي
ينظر منها إلى هذه االلتزامات ،إال أن الدراسة تمت على أساس أنها أربعة:
أ – تنفيذ العقد على مسؤوليته الخاصة أثناء العقد ،فيتحمل النتائج الض ارة التي
تلحق باإلدارة أو الغير بسبب أعمال التنفيذ سواء حدث منه أو من تابعيه أو من
اآلالت المس تعملة ،وك ذلك تمت د مس ؤوليته الشخص ية ح تى بع د تنفي ذ األعم ال
وتسليمها تسليمًا حقيقيًا أو حكميًا ،فيضمن العيوب التي تلحق باألعمال خالل سنة
319
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
من التسليم االبتدائي لألعمال ،وهذه المسؤولية تشمل العيوب البسيطة التي تظهر
في األعم ال ،بش رط أال تك ون بس بب س وء االس تعمال ،أم ا ض مان األعم ال م دة
طويلة كما هو الحال بالضمان العشري فال يشمل إال المتهدم الكلي أو الجزئي،
وه ذا يعت بر ض مانًا للخل ل الكب ير ال ذي ي ؤثر على س المة مس تعملي المب اني
ب -االلتزام بمبدأ حسن النية حال التنفيذ بأن يبذل الجهد في تنفيذ العقد حس بما تم
االتفاق عليه ،دون التمسك بحرفية نصوص العقد ،مع بذل العناية المطلوبة في
تنفي ذ األعم ال ،وت وخي الدق ة والح ذر لتجنب ك ل م ا من ش أنه إلح اق الض رر
باإلدارة المتعاقدة.
ج -التنفي ذ الشخص ي للعق د ،وه ذا يتطلب أن يق وم بالعم ل بنفس ه فال يس ند القي ام
بالعم ل إلى مق اول من الب اطن أو يتن ازل عن العق د إلى ش خص آخر إال ب إذن من
اإلدارة ،ويختل ف ه ذا االل تزام حس ب مس توى االعتب ار الشخص ي للمتعاق د ،ف إن
كانت شخصية المتعاقد ذات اعتبار عند اإلدارة المتعاقدة كان هذا االلتزام التزام
بتحقيق غاية أما إذا لم تكن كذلك فيكون االلتزام ببذل عناية.
د -التنفيذ وفقًا لنصوص العقد والوثائق المرفقة به ،ونصوص العقد هي المدونة
في صكه ،والوثائق المرفقة به هي غالب ًا وثائق إجراءات التعاقد ،وهي اإلعالن
في الجري دة الرس مية عن المش روع ،الخطاب ات الموجه ة لألش خاص الع روض،
320
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
محاض ر اللج ان ،خطاب ات الترس ية ،كراس ة الش روط والمواص فات العام ة أو
العق د اإلداري ي رتب حقوق ًا والتزام ات لطرفي ه ،يك اد الن اس يجمع ون عليه ا ،وإ ن .16
اختلفوا في تقسيمها وترتيبها؛ ألن كل واحد ممن يتصدى لبيان تلك اآلثار يرتبها
عليها.
اتضح أن العقد اإلداري عقد بكل ما تعنيه كلمة عقد ،وإ ن كان هناك ثمة أمور .17
إلى وج ود قي ود على اختي ار المتعاق د ذات ه وأخ يرًا وج ود س لطات خط يرة في
مواجهة المتعاقد ،إال أن هذه األمور بإجماع الشراح ال تخرج هذا التصرف عن
نطاق العقود ،إنما تميزه عن بقية العقود ،لهذا يبقى ما ذكره الشراح مجرد نشاط
أن أساليب إبرام الصفقات العمومية تخضع لعدة مبادي وأحكام تعد ضمانة تكفل .18
المنافسة ،ويضاف إلى هذه المبادئ مبدأ آخر _يعد ضروريا تتكامل به قيمته ا _
321
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
وهو مبدأ سرية العطاءات وقد اتفق المشرع في بلد الدراسة والمش ِّر ع المقارن
إن الص فقات العمومي ة في ليبي ا تنظمه ا الئح ة إداري ة تعج ز عن تنظيمه ا بالش كل .19
األمثل ،ألنها مرنة وال تبعث باالطمئنان للمتعاقد مع اإلدارة وال تستطيع إعطاء
322
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
ثانيـًا -التوصيات:
يق ترح الب احث على الجامع ات الليبي ة أن تعم ل على إدراج ض وابط اإلب رام في .1
العام ،لتجسيد دور القانون في خدمة التنمية ،ولإلسهام في تعزيز الوعي القانوني
أوصي السلطة القضائية في ليبيا بالعمل على توثيق ونشر كافة األحكام الصادرة .2
بشأن أي منازعات تتعلق بعقود اإلدارة ،لتشكل رافدًا للبحث والدراسات القانونية
المتخصص ة في ه ذا المج ال ،وإ ط ارًا مرجعي ًا إلس هام القض اء اللي بي في تط وير
أق ترح على المش رع في ليبي ا األخ ذ بنظ ام قض ائي م زدوج بحيث يس تقل القض اء .3
اإلداري عن القض اء الم دني فتنش أ مح اكم إداري ة مس تقلة عن المح اكم المدني ة على
مس توى ليبي ا ،وبدرج ة مختلف ة على أن يك ون على رأس ها محكم ة إداري ة علي ا،
وإ لغاء النظام القضائي المتبع حاليًا في ليبيا والمتمثل في وحدة القضاء وازدواجية
القانون.
أرى أنه يجب إلزام اإلدارة في ليبيا بضرورة تسبيب قرارات الجزاءات التي توقع .4
على المتعاقد معها بعقد إداري ،وخاصة الجزاءات الصارمة ،التي تؤدي إلى إنه اء
323
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الرابط ة التعاقدي ة نهائي ًا مث ل جزاء فس خ العق د ،ألن التس بيب يس اعد ب دوره قاض ي
أرى أن ه يجب على القض اء اللي بي البحث في أس باب ق رار اإلنه اء وإ لغائه ا إذا لم .5
تكن مش روعة ويس تمر المتعاق د في أداء مهام ه ،باإلض افة إلى الحكم للمتعاق د
ب التعويض المناس ب ألن اإلدارة يجب أال تتعس ف وتنح رف في ممارس تها لس لطتها
في اإلنه اء االنف رادي للعق د اإلداري ،وأن يك ون دافعه ا ورائ دها دائم ًا المص لحة
العامة.
ُأوصي المش ِّر ع الليبي أن يعدل ما ورد في المادة 72ألنه يعد خروج ًا على مبدأ .6
المس اواة بين المتنافس ين عن دما منحت األولوي ة في قب ول العط اءات عن د ت وافر
وتس اوي األس عار للعط اءات المقدم ة من الش ركات والمنش آت و التش اركيات
أقترح إنشاء جهاز إداري متخصص في ليبيا يقوم على إعداد األعمال التحضيرية .7
ُأوص ي المش َّر ع اللي بي بالعم ل على إص دار تش ريع متكام ل خ اص بالص فقات .8
العمومي ة يح دد أن واع وأس س ومع ايير وط رق إب رام الص فقات العمومي ة ،وكاف ة
324
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الج وانب ال تي يتطلبه ا النظ ام الق انوني ،ويك ون ص ادرًا من الس لطة التش ريعية ال
كما أن هذا البحث ثمرة إسهام متواضعة ،فض ًال عن أنه ككل عمل بشري ال يخلو
من مآخذ قد تؤخذ عليه هنا أو هناك ،فقد يعتري موض وعاته بعض النقص أو التقصير،
وإ ن إتمام ما به من نقص أو تقصير ،وتصويب ما يتخلله من أخطاء سيتم من خالل ما
325
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المراجع المعتمدة
الكتب
إبراهيم طه الفياض ،العقود اإلدارية (النظرية العامة وتطبيقاتها في القانون الكويتي
إبراهيم محمد علي ،العقود اإلدارية ،دار النهضة العربية القاهرة ،سنة .2002
أحم د أب و عش يق ،ال دليل العلمي لالجته اد القض ائي في الم ادة اإلداري ة ،منش ورات
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة دالئل التسيير الجزء الثاني ،الطبعة
أحم د به اء ،مظ اهر الس لطة العام ة ،دار النهض ة العربي ة الق اهرة ،الطبع ة الثاني ة،
.2009
احم د ص قر عاش ور ،إدارة الق وى العامل ة ،دار النهض ة العربي ة الق اهرة ،ب يروت،
1983
أحم د فتحي س رور ،الوس يط في ق انون العقوب ات ،الج زء األول ،القس م الع ام ،طبع ة
.1981
أحم د منص ور ،المش كالت العملي ة في المناقص ات والمزاي دات ،ب دون دار نش ر،
.1996
326
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
أنس جعف ر ،العق ود اإلداري ة ،دار النهض ة العربي ة الق اهرة ،الطبع ة الثالث ة ،س نة
.2003
توفيق شحاته ،مبادئ القانون اإلداري ،دار الجامعة العربية ،القاهرة.1954 ،
ثروت بدوي ،مبادئ القانون اإلداري ،بدون دار نشر ،سنة . 1971
ج ابر ج اد نص ار ،المناقص ات العام ة ،الطبع ة الثاني ة( ،دراس ة مقارن ة في الق انونين
الحاج شكرة ،الوظيفة والموظف في القانون اإلداري المغربي ،الطبعة األولى.
حس بو الخ زاري ،أث ر الظ روف الطارئ ة على االل تزام العق دي ،دار الفك ر الع ربي،
حس ن محم د عواض ة ،المب ادئ األساس ية للق انون اإلداري ،الطبع ة األولى المؤسس ة
حس ن محم د عواض ه ،المب ادئ األساس ية في الق انون اإلداري ،الطبع ة األولى،
حس ين درويش عب د الع ال ،وس ائل تعاق د اإلدارة ،الطبع ة األولى مكتب ة اإلنجل و
حمد محمد الشلماني ،امتيازات السلطة العامة في العقد اإلداري .،دار المطبوعات،
327
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
خالد خليل الظاهر ،القانون اإلداري (دراسة مقارنة) ،ط ،1ك ،2دار المسيرة للنش ر
والطبع،عمان.1997،
رمض ان بح ر بطيخ ،إب رام العق د اإلداري فقه ا وقض اء في ض وء ق انون المناقص ات
سعاد الشرقاوي ،العقود اإلدارية ،دار النهضة العربية القاهرة ،سنة.2003
سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،لسنة
.2011
س ليمان الطم اوي ،الوج يز في الق انون اإلداري (دراس ة مقارن ة)،دار الفك ر الع ربي
القاهرة.2007،
الص يروفي محم د ،إدارة الم وارد البش رية ،دار الفك ر الج امعي ،اإلس كندرية ،سنة
. 2007
عادل السعيد أبو الخير ،القانون اإلداري ،بدون ذكر دار النشر ،سنة .2008
ع ادل عب د الرحم ان خلي ل ،المب ادئ العام ة في إنه اء العق د اإلداري ،دار النهض ة
عبد الرؤوف جابر ،النظرية العامة في إجراءات المناقصة والعقود ،الطبعة األولى،
عب د ال رؤوف ج ابر ،دور رقاب ة دي وان المحاس بة ،مؤسس ة دار الثقاف ة اإلداري ة ،سنة
1997م.
328
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
عب د الس الم الم زوغي ،النظري ة العام ة في العق ود اإلداري ة ،ب دون دار نش ر ،س نة
.1993
عبد العالي سمير ،الصفقات العمومية والتنمية ،مطبعة المعارف ،الرباط.2010 ،
عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة ،األس س العام ة للعق ود اإلداري ة ،دار النهض ة العربي ة
القاهرة.2005 ،
عب د الغ ني بس يوني عب د اهلل ،الق انون اإلداري ،ال دار الجامعي ة للطباع ة ،ب دون س نة
نشر.
عب د الفت اح حس ن ،مب ادئ الق انون اإلداري الكوي تي ،دار النهض ة العربي ة الق اهرة،
عب د اهلل ح داد ،ص فقات األش غال العمومي ة ودوره ا في التنمي ة ،منش ورات عك اظ
الرباط.2000 ،
عب د اهلل ح داد ،ص فقات األش غال العمومي ة ودوره ا في التنمي ة .دار الس الم للطباع ة
عب د الح ق عقل ة ،الق انون اإلداري ،الج زء الث اني ،نش اط اإلدارة ووس ائلها ،طبع ة
عب د العزي ز اش رقي ،الش رطة اإلداري ة الممارس ون له ا والنص وص القانوني ة
والتنظيمية المتعلقة بها ،ط ،2006، 1مطبعة النجاح الدار البيضاء .
329
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
عبد الفتاح خليفة عبد الحميد ،العقود اإلدارية وأحكام إبرامها في القانون الليبي ،دار
عص مت عب د اهلل الش يخ ،مب ادئ ونظري ات الق انون اإلداري ،ب دون دار نش ر جامع ة
حلوان.2003 ،
علي وه فتح الب اب ،الموس وعة العلمي ة ،في المناقص ات والمزاي دات وعق ود الجه ات
اإلدارية ،الطبعة األولى مكتبة كوميت ،دون ذكر دار النشر القاهرة . 1999 ،
ف اروق أحم د خم اس و محم د عب د اهلل ال دليمي ،الوج يز في النظري ة العام ة للعق ود
اإلدارية ،الطبعة الثانية ،دار الكتب للطباعة والنشر ،الموصل. 2010 ،
ماجد راغب الحلو ،العقود اإلدارية والتحكيم ،دار جامعة االسكندرية ،سنة .2002
ماجد راغب الحلو ،العقود اإلدارية ،دار الجامعة الجديدة ،إسكندرية ،سنة .2009
ماج د راغب الحل و ،الق انون اإلداري الطبع ة األولى ،دار الكتب للطباع ة والنش ر،
ماج د راغب الحل و ،الق انون اإلداري ،دار المطبوع ات الجامعي ة ،اإلس كندرية
1994م.
مازن ليلو راضي ،العقود اإلدارية في القانون الليبي ،منشأة المعارف ،سنة .2003
330
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
محم د األع رج ،نظ ام العق ود اإلداري ة والص فقات العمومي ة وف ق ق رارات وأحك ام
القضاء اإلداري المغربي ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة
محمد باهي ،دليل الصفقات العمومية ،مطبعة النجاح الجديدة ،طبعة .2002
محم د س عيد بالل ،س لوك التنظيمي بين النظري ة والتط بيق ،دار الجامع ة الجدي دة ،
اإلسكندرية . 2005.
محم د ص الح عب د الب ديع ،س لطة اإلدارة في إنه اء العق د اإلداري ،دار النهض ة
محم د عب د الع ال الس ناري ،مب ادئ أحك ام العق ود اإلداري ة ،في مج ال النظري ة
والتطبيق.
محم د عب د اهلل حنفي ،أص ول الق انون اإلداري الج زء األول الطبع ة الثالث ة المرك ز
محمد عبداهلل الحراري ،أصول القانون اإلداري الليبي ،الج زء األول ،الطبعة الثالثة،
محمد فؤاد عبد الباسط ،العقد اإلداري ،دار الجامعة الجديدة ،سنة .2005
331
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
محمود الجبوري ،النظام القانوني للمناقصات العامة ،مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع
سنة1999م .
محمود حلمي ،العقد اإلداري ،ط ،2دار النهضة العربية القاهرة.1977 ،
مطي ع علي حم ود ،العق د اإلداري بين التش ريع والقض اء في اليمن ،ب دون س نة نش ر
مليك ة الص روخ ،الص فقات العمومي ة ب المغرب ،دار القلم للطباع ة والنش ر
والتوزيع،الرباط.2009،
منص ور محم د أحم د ،مفه وم العق د اإلداري وقواع د إبرام ه ،دار النهض ة الحديث ة،
القاهرة .2000
موالي إدريس الحالبي ،العقود اإلدارية ،الطبعة األولى ،أكتوبر ،2000مطبعة دار
السالم ،الرباط.
ن واف كنع ان ،الق انون اإلداري ،الكت اب الث اني ،الطبع ة األولى ،دار الثقاف ة للتوزي ع
والنشر ،سنة.1996
ولي د خلي ل هيك ل ،العق ود اإلداري ة (دراس ة مقارن ة م ع التعم ق م ع دراس ة خاص ة
للق انون رقم 89لس نة 1998بش أن المناقص ات والمزاي دات) ،الق اهرة ،دار النهض ة
332
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
333
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
األطروحات والرسائل
إبراهيم الدسوقي عبد اللطيف ،عقد امتياز المرافق العامة ،أطروحة دكتوراه ،كلية
حم دي حس ن الحلف اوي ،ركن الخط اء في مس ؤولية اإلدارة الناش ئة عن العق د
خالد عبداهلل كرفاش ،أحكام ووسائل إبرام العقود اإلدارية ،رسالة دكتوراه جامعة
القاهرة.2014،
زكي النج ار ،نظري ة البطالن في العق ود اإلداري ة ،رس الة دكت وراه جامع ة عين
سالمة الهادي الغرياني ،أساليب التعاقد اإلداري ،دراسة مقارنة ،رسالة دكتورا ،
السالل سعيد الهويدي ،أسلوب المناقصة في إبرام العقود اإلدارية ،رسالة دكتوراه،
ع اطف س عدي ،عق د التوري د اإلداري بين النظري ة والتط بيق رس الة دكت وراه ،كلي ة
عب د الفت اح ص بري أب و اللي ل ،أس اليب التعاق د اإلداري ،رس الة دكت وراه ،جامع ة
محمد علي محمد ،عقد امتياز المرفق العام ،رسالة دكتوراه ،جامعة القاهرة ،سنة
.2014
مهن د ن وح مخت ار ،اإليج اب والقب ول في العق د اإلداري ،رس الة دكت وراه ،كلي ة
نعيمة علي الدرهوب ،العقد االداري وقضاء االلغاء ،رسالة دكتوراه ،جامعة وادي
هاني احمد الساعدي ،الرقابة اإلدارية على أعمال اإلدارة ،رسالة دكتوراه ،جامعة
ه اني عب د ال رحمن غ انم ،أس اليب التعاق د اإلداري «دراس ة مقارن ة» ،رس الة
335
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المجالت:
أن ور رس الن ،نظري ة الص عوبات اإلداري ة غ ير المتوقع ة ،مجل ة الق انون اإلداري،
ريد سميث ،مكافحة الفساد في المناقصات العامة ،منتدى الحرية االقتصادية ،مركز
عب د الحمي د حش يش ،التط ور الح ديث للمب ادئ العام ة للعق ود اإلداري ة ،مجل ة العل وم
عبداهلل إدريس ،المقارب ة القض ائية للعق د اإلداري ،مق ال منش ور بالمجل ة المغربي ة
على جمع ة مح ارب ،اآلث ار الس لبية ل رفض التعاق د م ع مق دم العط اء األق ل ،مق ال
منشور في مجلة المقاول صادرة عن اتحاد المقاولين ،بغداد ،ع ،9س.1989 ،3
ف ؤاد العط ار ،وس ائل تعاق د اإلدارة ،نظري ة المناقص ة والممارس ة ،مجل ة مجلس
محمد األعرج ،القانون اإلداري المغربي ،الجزء األول .منشورات المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية " مواضيع الساعة عدد " 61سنة .2009
336
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
محم د االع رج ،أط راف الص فقة العمومي ة من األش خاص المعنوي ة الخاص ة،
منش ورات المجل ة المغربي ة لإلدارة المحلي ة والتنمي ة ،سلس لة مواض يع الس اعة ع دد
،57سنة .2007
محم د مص طفى حس ن ،المص لحة العام ة في الق انون والتش ريع اإلس المي ،مجل ة
األحكام والمراسيم
المرس وم رقم 2.12.349الص ادر في 20م ارس 2013المتعل ق بالص فقات
المحكم ة اإلداري ة العلي ا بمص ر في حكمه ا في الطبع ة رقم 2480لس نة 46ق –
جلس ة 2005 – 2- 1م .حكمه ا في الطبع ة رقم 314لس نة 46ق جلس ة -2-1
2005م .
حكم المحكمة العليا الليبية ،جلسة ،16/2/1978طعن 20/19ق مجموعة عمرو
1960م.
حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة في 1978-2-16م .موس وعة المب ادئ القانوني ة يوني و
.1979
337
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة في 1975-3-6موس وعة المب ادئ القانوني ة -يوني و
. 1979
المحكم ة اإلداري ة العلي ا المص رية ،طبع ة رقم 1211لس نة 10ق ،جلس ة -30
حكم المحكمة اإلدارية العليا بمصر الطعن رقم 1020ق ،جلسة . 1957.4.2
حكم المحكم ة اإلداري ة بال دار البيض اء ع دد 243بت اريخ 1996.9.23ش ركة
تنظي ف ص ناعي ص ندوق الوط ني للض مان االجتم اعي ،منش ور بال دليل العلمي
لالجتهاد القضائي.
.1980
حكم المحكمة العليا الليبية جلسة 1970-1-17م القضية 1222/12ق المجموعة
س 115رقم . 24
حكم محكمة القضاء اإلداري المصري ،جلسة ،1957-6-30القضية 7/ 1983
ق المجموعة .
حكم محكمة القضاء اإلداري المصري الصادر .25يونيه 1961م لمجموعة ،س
15رقم . 194
338
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
حكم المجلس الدول ة الفرنس ي الص ادر في 16ين اير 1924م في قض ية «
» Maurierالمجموعة.
حكم المحكمة اإلدارية العليا بمصر ،جلسة 1968-5-11م القضية 1567/10ق
حكم محكمة القضاء اإلداري بمصر ،جلسة 1955-1-30م لمجموعة س .9
حكم المحكمة اإلدارية العليا بمصر ،جلسة 15/9/1978م ،المجموعة س .33
حكم مجلس الدولة الفرنسي ،جلسة ،7/10/1970قضية الفيتي ،المجموعة .1057
حكم مجلس الدولة الفرنسي ،جلسة 28/11/1924م،قضية تانتي ،المجموعة .940
حكم محكم ة القض اء اإلداري بمص ر ،جلس ة 30/6/1957م ،القض ية
983/11ق،المجموعة.
المجموعة.
339
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
حكم المحكمة العليا الليبي ة ،جلسة 3/1/1971م ،طعن إداري 18/15ق مجموعة
حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة ،جلس ة 16/2/1978م،مجل ة المحكم ة العلي ا ،س ،14ع
،3أبريل 1978م.
حكم المحكمة العليا الليبية ،جلسة 6/3/1975م،طعن إداري ،2118مجلة المحكمة
حكم مجلس الدولة الفرنسي ،جلسة 1996 -3-3م قضية بوردو ،مجلس القانون
340
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
المراجع األجنبية
341
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
الفهرس
المقدمة 1............................................................................
القسم األول :المبادئ الحاكمة لوسائل إبرام الصفقات العمومية16.................
الفصل األول :مبادئ إبرام الصفقات العمومية 19....................................
المبحث األول :مبدأ العالنية والمساواة 20.........................................
المطلب األول :مبدأ العالنية 20...............................................
الفرع األول :اإلعالن عن المناقصات والممارسات العامة21...............
الفرع الثاني :تحديد شروط المناقصة «كراسة الشروط»32................
المطلب الثاني :مبدأ المساواة والشفافية في إبرام الصفقات العمومية41..........
الفرع األول :مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المتنافسين42................
الفرع الثاني :مبدأ الشفافية في إجراءات التعاقد 47..........................
المبحث الثاني :مبدأ المنافسة الحرة في إبرام الصفقات العمومية51................
المطلب األول :حرية التقدم للمنافسة 52........................................
الفرع األول :ماهية مبدأ المنافسة الحرة 52..................................
الفرع الثاني :حدود مبدأ المنافسة الحرة 58.................................
المطلب الثاني :سلطة اإلدارة في استبعاد المتعاقد 69............................
الفرع األول :االستبعاد للحرمان أو لسوء السمعة 69.......................
الفرع الثاني :االستبعاد لعدم توفر الكفاءة أو لعدم استيفاء الشروط 77.......
خاتمة الفصل األول 86.........................................................
الفصل الثاني :كيفية اختيار اإلدارة للمتعاقد معها 88............................
المبحث األول :المناقصات والمزايدات كوسيلة للتعاقد 90...........................
342
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
343
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
344
الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق
345