You are on page 1of 345

‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المقدمـــــــــة‬

‫إن األعم ال القانوني ة المتمثل ة في الق رارات اإلداري ة‪ ،‬ال تي تجريه ا اإلدارة بإرادته ا‬
‫المنفردة والتي تعبر فيها عن سلطتها اآلمرة‪ ،‬ليست هي الوحيدة التي تمثل هذه األعم ال‪،‬‬
‫بل تلجأ اإلدارة أحيان ًا عند مباشرتها ألوجه نشاطها إلى إجراء نوع آخر من التصرفات‬
‫القانونية‪ ،‬وذلك في شكل عقود واتفاقيات تبرمها مع األفراد أو الشركات أوجهات إدارية‬
‫أخ رى وه و م ا يع رف بالص فقات العمومي ة‪ ،‬وإ ن ه ذه الص فقات العمومي ة تختل ف عن‬
‫الق رارات اإلداري ة في الش كل والمض مون‪ ،‬كم ا تختل ف عن العق ود المدني ة بط ابع خ اص‬
‫أساسه السعي وراء تحقيق احتياجات المرافق العامة والتي يستهدف العقد اإلداري تسييرها‬
‫بناء على رغبة الدولة ؛لذلك نجدها تختلف اختالف كليًا عن العقود المدنية التي تعتبر إن‬
‫مراكز المتعاقدين متكافئة‪ ،‬ومن ثم تخضع هذه العقود (العقود المدنية ) لقاعدة العقد شريعة‬
‫المتعاقدين‪ ،‬ونجد بالمقابل مركز المتعاقدين في الصفقات العمومية غير متكافئ حيث تعل و‬
‫المصلحة العامة التي تمثلها جهة اإلدارة والمتمثل ة في الدولة على مص لحة المتعاقد معها‬
‫الص فقات العمومي ة عق ود تبرمه ا ألش خاص العمومي ة إلنج از أو القي ام بخ دمات أو تس ليم‬
‫‪1‬‬
‫توريدات وتخضع عموما لنظام القانون اإلداري‪.‬‬

‫وك انت نتيجة ه ذا االختالف الشاس عة بين الن وعين من العقود أن الص فقات العمومية‬
‫تمت از ببعض االمتي ازات من حيث إنش ائها وتنفي ذها وإ نهائه ا‪ ،‬وتخض ع لمجموع ة من‬
‫القواع د القانوني ة ال تي تختل ف عن تل ك ال واردة في الق انون الم دني والتج اري وال تي تحكم‬
‫العقود المدنية التي يبرمها األفراد واألشخاص االعتبارية الخاصة فيما بينهم‪.‬‬

‫ويخض ع العق د اإلداري ألسس وأرك ان العقد الم دني ذاته ا‪ ،‬من حيث ض رورة توافر‬
‫الرضا والمحل وقيام السبب‪ ،‬وذلك على الرغم من اختالف النظام القانوني الذي يخضع له‬
‫كل منها حيث يعزى هذا االختالف إلى تضمين الصفقات العمومية شروطًا غير مألوفة‬

‫‪ -‬مليكة الصروخ‪ :‬الصفقات العمومية بالمغرب‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،2009 ،‬ص ‪.142‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫بالنسبة للعقود المدنية‪ ،‬الغرض منها تمكين اإلدارة من تحقيق األهداف التي ألجلها قامت‬
‫ب إبرام العق د اإلداري‪ ،‬أو جع ل كف تي المتعاق دين غ ير متكافئ ة على خالف األم ر بالنس بة‬
‫للعقود المدنية التي تضمن شروطها التوازن بين مصلحتي طرفي العقد‪.‬‬

‫فالعق د اإلداري اتف اق يك ون أح د أطراف ه شخص ًا معنوي ًا عام ًا بقص د إدارة أح د‬


‫المراف ق العام ة أو تس ييرها‪ ،‬وتظه ر في ه الني ة في األخ ذ بأس لوب الق انون الع ام وذل ك من‬
‫خالل تضمين العقد شروطًا استثنائية غير مألوفة في تعامالت األفراد‪.‬‬

‫واالجتهاد في تحديد الصفقات العمومية وتمييزها عن غيرها من العقود األخرى‪ ،‬إال‬


‫أن المعمول به في مجال الص فقات العمومية هو المعي ار القانوني والمعيار القض ائي ؛أي‬
‫أنه في هذا النطاق يوجد نوعان من الصفقات العمومية ؛هي عقود إدارية بتحديد القانون‪،‬‬
‫وعقود إدارية بطبيعتها ‪.‬‬

‫وبالت الي ف إن التقس يم والتص نيف للعق ود اإلداري ة ي أتي حس ب الزاوي ة المنظور منه ا‪،‬‬
‫ومن التقس يمات تقس يم الص فقات العمومي ة إلى عق ود إداري ة مس ماة وعق ود إداري ة غ ير‬
‫مس ماة وتك ون اإلدارة مقي دة عن د إبرامه ا له ذه العق ود‪ ،‬فليس له ا الحري ة الكافي ة والواس عة‬
‫عن د التعاق د كم ا ه و الح ال في إب رام األف راد لعق ودهم إذ ف رض المش ِّر ع جمل ة من القي ود‬
‫واإلجراءات التي تلتزم بها اإلدارة عند إبرامها للعقد اإلداري‪ ،‬ويجب عليها اتباع الوسائل‬
‫ال تي تم فرض ها من قب ل المش ِّر ع كم ا ذكرن ا‪ ،‬وذل ك من أج ل الحف اظ على الم ال الع ام‬
‫والمصلحة العامة‪.‬‬

‫إن مهمة تحديد وحصر أنواع الصفقات العمومية‪ ،‬ليست مهمة سهلة؛ وذلك لوجود‬
‫صور من الصفقات العمومية المحددة المعالم من السهل تحديد أنها صفقات عمومية‪ ،‬فإنها‬
‫تتداخل فيما بينها وبين عقود القانون الخاص‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فل ذلك توج د عق ود تبرمه ا اإلدارة ش بيهة في بعض جوانبه ا بعق د ال تزام المراف ق‬
‫العامة‪ ،‬ولكنها من جوانب أخرى‪ ،‬لها خصائص متميزة تبعدها عن عقود التزام المرافق‬
‫العامة‪.‬‬

‫كم ا إن نظري ة الص فقات العمومي ة نظري ة حديث ة النش أة‪ ،‬وال دليل على ذل ك أن‬
‫الص فقات ال تي ك انت تبرمه ا اإلدارة لم تكن في تكييفه ا الق انوني إال عق ودًا بين متعاق دين‬
‫أركانها؛ الرضا‪ ،‬والمحل‪ ،‬و السبب بذات الشروط واألوصاف التي تشترط في العقود التي‬
‫يتم إبرامها بين أفراد عاديين‪ ،‬وفي دائرة عالقات القانون الخاص‪ ،‬ويرجع ذلك إلى ثالثة‬
‫عوام ل‪ :‬أوله ا‪ ،‬ض يق دائ رة النش اط اإلداري‪ ،‬وثانيه ا‪ ،‬أن ه لم يكن في الس احة إال نظ ام‬
‫القانون الخاص والذي دخلت تحت عباءته كل العقود على اختالفها وأًّي ا كان أطرافها وما‬
‫ك انت اإلدارة إال طرف ًا في ه‪ ،‬وثالثه ا‪ ،‬اختص اص المح اكم العادي ة بك ل العق ود أًّي ا ك ان‬
‫أطرافها‪.‬‬

‫ودون ال دخول في تفاص يل تاريخي ة‪ ،‬يمكن الق ول إن ه رغب ة من الث ورة ال تي ش هدتها‬
‫فرنس ا في منتص ف الق رن الث امن عش ر في ض رورة إح داث تغي يرات ألج ل المجتم ع‬
‫وإ ص الح أحوال ه‪ ،‬ق امت ه ذه الث ورة بإلغ اء المح اكم ال تي ك انت قائم ة قبله ا‪ ،‬وال تي ك انت‬
‫تسمى البرلمانات وإ يمانًا من الثورة الفرنسية بمبدأ الفصل بين السلطات بمفهوم أنه فصل‬
‫جامد ومطلق فقد حرصت الثورة على المحاكم التي أنشأتها النظرية في تعريفات اإلدارة‬
‫أًّيا كانت‪ ،‬وبأي درجة‪ ،‬وألي سبب‪ ،‬وإ ن تعرض القضاء ألعمال اإلدارة يعتبر تدخًال من‬
‫الس لطة القض ائية في أعم ال الس لطة اإلداري ة مم ا يع د خروج ًا على مب دأ الفص ل بين‬
‫الس لطات‪ ،‬وال ذي اعتبرت ه الث ورة الفرنس ية الض مانة الرئيس ية لحق وق الم واطن الفردي ة‬
‫وحرياته العامة‪ ،‬حيث كان من الطبيعي أن يضيق الناس ذرع ًا بعدم وجود طريق للطعن‬
‫في أعمال اإلدارة الضارة بهم‪ ،‬وخروجًا من هذا المأزق قررت الثورة فتح باب الطعن في‬
‫القرارات والتصرفات اإلدارية أمام هيئات مكونة من كبار الموظفين باإلدارة‪ ،‬وبهذا تكون‬

‫‪3‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الثورة الفرنسية أنشأت وأوجدت هيئات للفصل في المنازعات بشان تصرفات اإلدارة وفي‬
‫ذات الوقت تكون قد حافظت على مبدأ الفصل بين السلطات بشكل جامد ومطلق؛ إذ تكون‬
‫األحكام صادرة من اإلدارة وضد اإلدارة دونما تدخل من أي سلطة أخرى‪ ،‬وقد كانت هذه‬
‫بداي ة لظه ور القض اء اإلداري ال ذي يختص بالفص ل في المنازع ات اإلداري ة‪ ،‬وال ذي أدى‬
‫أيض ًا إلى وج ود جه تين للفص ل في النزاع ات‪ ،‬تتمث ل األولى في المح اكم العادي ة وال تي‬
‫حرمها المشِّر ع من النظر في النزاعات اإلدارية‪ ،‬والثانية المتمثلة في اللجان اإلداري ة ال تي‬
‫عقد لها المشِّر ع االختصاص بالفصل في المنازعات اإلدارية‪.‬‬

‫وال ننكر أن فكرة العقد نشأت أساسًا في كنف القانون المدني بصدد عالقات األفراد‬
‫بعض هم ببعض‪ ،‬حيث تن اول فقه اؤه ك ل م ا يتعل ق بالعق د من ش روط انعق اده وص حته‬
‫واآلث ار المترتب ة عن ه‪ ،‬ح تى أص بحت فك رة العق د وأحكام ه مرتبط ة بأحك ام ه ذا الق انون‬
‫مصطبغة بصبغته‪.‬‬

‫ويقوم العقد بصفة عامة على أساس توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن العقد عمل رضائي بين طرفيه‪ ،‬بقصد تحقيق غاية هي إحداث أثر قانوني محدد يتمثل‬
‫في إنشاء التزام أو تعديله‪ ،‬كما أنه إذا ما تم و أبرم العقد اإلداري فإنه يترتب عليه جملة‬
‫من اآلث ار على طرفي ه المتعاق دين‪ ،‬تتمث ل في الحق وق وااللتزام ات ال تي تتمت ع به ا اإلدارة‬
‫من جهة وما يقابلها من حقوق والتزامات يتمتع بها المتعاقد معها من جهة أخرى‪ .‬وبسبب‬
‫الطبيعة الخاصة للعقود اإلدارية كما سبق وذكرنا فإن ما تملكه اإلدارة من امتيازات يفوق‬
‫م ا يتمتع به المتعاقد اآلخر‪ ،‬وذلك للسبب الذي سبق ذكره وهو أنه ا تسعى نحو تحقيق‬
‫الصالح العام‪ ،‬ومن قبيل هذه االمتيازات سلطتها في الرقابة والتوجيه وسلطتها في توقيع‬
‫الجزاءات على المتعاقد وسلطة تعديل شروط العقد بإرادتها المنفردة‪.‬‬

‫وق د ج اء في ق رار المحكم ة العلي ا في ليبي ا بقراره ا في ‪ " 1978-2-16‬أن ه ولئن‬


‫كانت الصفقات العمومية تتميز عن العقود المدنية بطابع خاص أساسه احتياجات المرفق‬

‫‪4‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫العام الذي يستهدف العقد تسييره‪ ،‬وتغليب المصلحة العامة على مصلحة المتعاقد األصل‬
‫فيها أال تتكافأ مصالح الطرفين المتعاقدين حيث تعلو المصلحة العامة وتمثلها اإلدارة على‬
‫مص لحة المتعاق د معه ا‪ ،‬وأن لإلدارة س لطة تع ديل العق د تع ديَال من اط باحتياج ات المراف ق‬
‫العام ة وأن له ا أن تح ل مح ل المتعاق د المقص ر متعاق د آخ ر إذا ك ان التقص ير جس يمًا ف إن‬
‫المتعاقد مع اإلدارة بالمقابل يسعى وراء التعاقد الحصول على الربح كما أنه يعاون اإلدارة‬
‫في تسيير المرفق العام بانتظام واطراد فإن من حقه المطالبة بالتعويضات كاملة )‪ 2‬وتعد‬
‫أس اليب وأحك ام إب رام الص فقات العمومي ة القاعـدة القانونيـة المنظمـة للعقـود‪،‬‬
‫والمناقص ات‪ ،‬والمزاي دات‪ ،‬وكأنه ا حجـر األسـاس فـي عمـل المؤسـسات الحكومي ة‪ ،‬نظ رًا‬
‫لكونها أداة الجهات اإلدارية والحكومية للقيام بأعمالهـا فـي تنظيم وتسيير المرافق العامة‪،‬‬
‫من خالل تمكين اإلدارة من الحص ول على مـا تحتاج ه من س لع وخ دمات‪ ،‬أو تمكينه ا مـن‬
‫إدارة األمـوال العامـة بـشكل اقتصادي فعال بالتصرف فيها بيعًا أو إيجارًا تحقيقًا لمقتض يات‬
‫الص الح الع ام‪ ،‬ل ذا عكفت أغلب تش ريعات ال دول على خل ق تنظيم تش ريعي تتحـدد بموجبـه‬
‫األسس العامة إلحاطة العمليات اآلنفة ب التنظيم‪ ،‬والتفصيل تحاشيًا ألي اجتهاد شخصي‪،‬‬
‫أو ج زافي في التنفي ذ نظ رًا ل دقتها‪ ،‬وعلى ال رغم مـن ذلـك‪ ،‬فقـد تص احب عملي ات الش راء‬
‫الحكومي وإ حاط ة المناقص ات والمزايـدات العديـد من المش اكل اإلجرائية‪ ،‬والموض وعية‬
‫ب دًء ا من أولى مراحله ا‪ ،‬ووص وًال إلـى إب رام العق ود المتعلق ة به ا وتنفي ذها‪ ،‬األم ر ال ذي‬
‫يتطلب معرف ة الجه ات المعنيـة وإ لمامه ا بالقواع د واألس س القانوني ة ال تي تحكم إحال ة‬
‫المناقصات والمزايـدات وإ برام العقود‪ ،‬تفادي ًا ألي مخالفة مالية‪ ،‬أوإ دارية ترافق العمليات‬
‫المـذكورة ال تي توص ف بأنه ا األك ثر اتس اعًا الرتك اب ح االت الفس اد الم الي فض ًال عـن‬
‫مساسها بالثقة في اإلدارة وتقويضها للبناء القانوني في الدولة ومن خالل بحثنا هذا تبين لنا‬
‫بأن النظام القانوني ألساليب إبرام الصفقات العمومية يعتبر حجر الزاوية بالنسبة للقانون‬

‫حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة‪ ،‬جلس ة ‪ ،16/2/1978‬طعن ‪ 20/19‬ق مجموع ة عم رو الفه رس ج ‪ 2‬ق ‪ ،281‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.388‬‬
‫‪5‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫اإلداري‪ ،‬يس تقل تمام ًا عن ذلـك النظـام المعم ول ب ه بالنس بة للعق ود المدني ة حيث أن عملية‬
‫إبرام العقد اإلداري تعتمد أساس ًا على مدى التزام اإلدارة بتنفيذ النصوص الحاكمة لعمليـة‬
‫التعاقـد وللمب ادئ واألحك ام المتعلق ة به ا‪،‬هن اك العدي د من األس اليب ال تي تل تزم اإلدارة من‬
‫خالله ا ب إبرام العقـد اإلداري‪ ،‬وق د وردت ه ذه األس اليب بنص الم ادة الثامن ة من الئح ة‬
‫الصفقات العمومية رقم ‪ 563‬لسنة ‪ 2007‬في ليبيا‪ ،‬وتعد هذه الالئحة واجبة االتباع فيما‬
‫يتعل ق ب البث في المناقص ات وال دعوة إليه ا وتحري ر العق ود وإ برامه ا وتوقيعه ا وتغييره ا‬
‫وتنفيذها‪ 3‬وتأسيس ًا على ذلك تتبع اإلدارة أساليب عدة في إبرام عقودها اإلدارية وفي هذا‬
‫المجال بينت لوائح الصفقات العمومية طرق أساسية إلبرام الصفقات العمومية هي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬المناقصة‬

‫‪ - 2‬الممارسة‬

‫‪ -3‬المزايدة‬

‫‪ -4‬االتفاق المباشر‪.‬‬

‫وال يج وز ب أي ح ال تحوي ل المناقص ة إلى ممارس ة عام ة‪ ،‬أو محـدودة ففي جمي ع‬
‫الح االت يتم التعاق د في الحـدود‪ ،‬ووفقـًا للـشروط‪ ،‬والقواعـد‪ ،‬واإلج راءات ال واردة به ذا‬
‫الالئحة التنفيذية‪ ،‬ونجد أن اإلدارة ال تتقيد باتباع أسلوب معين من أساليب التعاقـد إال إذا‬
‫أوجب القانون صراحة أتباع طرق معينة في التعاقد‪ ،‬ففي هذه الحالة يجب على اإلدارة إن‬
‫تل تزم ب ه‪ ،‬وإ ال وق ع تص رفها ب اطًال‪ ،‬أم ا إذا لم يقي دها القـانون بش يء من ذل ك‪ ،‬فله ا حري ة‬
‫اختي ار أس لوب التعاق د المالئم وإ ن ك انت تظ ل مقيـدة في ه ذا الش أن في ك ل األح وال‬
‫بمقتضيات المصلحة العامة‪ ،‬والمبادئ العامـة التي تحكم نظام الصفقات العمومية ‪.‬‬

‫ويعد أسلوب المناقصات والمزايدات من أهم وسائل اإلدارة في اختيار المتعاقد معها‪،‬‬
‫فالمناقصة تعبير عن أمر سلبي مفاده إرساء المناقصة على من يقدم أقل ثمن من الناحية‬
‫المادة ‪ 8‬من الئحة العقود اإلدارية الليبية (‪ )563‬لسنة ‪.2007‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المالي ة‪ ،‬م ع االحتف اظ بمس ألة الج ودة الفني ة في الس لع والخ دمات المطل وب تق ديمها‪ ،‬فهن ا‬
‫يكون من مصلحة الدولة اختيار المتعاقد الذي يقوم بهذه األعمال مقابل أقل األسعار التي‬
‫تدفعها اإلدارة كعقود التوريد وعقود االشتغال العامة‪ ،‬وال أرى أن المناقصة أمرًا س لبيًا ب ل‬
‫هي أمٌر إيجابٌي ألنها تصب في النهاية في مصلحة الدولة‪.‬‬

‫أم ا المزاي دات فتحم ل مفهوم ًا إيجابي ًا مف اده أن مص لحة اإلدارة في بي ع أو إيج ار‬
‫أمالكها لمن يدفع أكثر‪ ،‬ولهذا الغرض يتسابق مقدمو العطاءات في عرض أكبر لألسعار‬
‫للفوز بالعقد مع اإلدارة‪.‬‬

‫كما أن هذا األسلوب يفتح أكبر قدر ممكن من المنافسة مما يضمن تحقيق المساواة‬
‫بين المتنافس ين وتك افؤ الف رص‪ ،‬ل ذلك اهتمت التش ريعات في معظم دول الع الم بوض ع‬
‫األسس التي تقوم عليها تلك المناقصات والمزايدات‪.‬‬

‫ويمكن لإلدارة أن تلجأ إلى طريق آخ ر في إب رام عقودها هو طري ق الممارسة ويتم‬
‫تقديم العروض أو االتصال بجهات أو أشخاص متخصصين والتفاوض معهم للوص ول إلى‬
‫أفضل الشروط واألسعار للتعاقد‪ ،‬ويتميز هذا األسلوب باختصار اإلجراءات الطويلة التي‬
‫يس تغرقها غالب ا طري ق المناقص ة‪ ،‬باإلض افة إلى ط ابع العلني ة من خالل معرف ة جمي ع‬
‫الراغبين بالتعاقد باألسعار التي يقدمها المنافسون‪ ،‬والتفاوض العلني للوصول إلى االتفاق‬
‫وهو ما يتفق مع صفقات القانون الخاص‪ ،‬واإلدارة حرة في إجراء الممارسة باتباع إحدى‬
‫طريق تين األولى‪ ،‬الممارس ة عن طري ق تق ديم الع روض وفق ًا لإلج راءات ال تي تتب ع بش أن‬
‫المناقص ات المح دودة لتق ديم دع وات عروض هم ح ول موض وع الممارس ة‪ ،‬وتتض من ه ذه‬
‫الدعوات تاريخ االجتماع إلجراء المفاوضات للوصول إلى أفضل األسعار والشروط‪ ،‬وفي‬
‫الحالتين تعلن لجنة العطاءات بحضور مقدمي العروض عن األسعار المقدمة من كل منهم‬
‫في اليوم المحدد للممارسة وتمنح المتقدمين مهلة ال تتجاوز أسبوعًا لتقديم إق رارات مكتوب ة‬
‫تتضمن أسعارهم وشروطهم‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كم ا نالح ظ جلي ًا أن الص فقات العمومي ة تتف ق م ع عق ود الق انون الخ اص في أنه ا‬
‫تنش ي بين األط راف حقوق ًا والتزام ات متبادل ة‪ ،‬غ ير أنه ا تختل ف من حيث ع دم تس ليمها‬
‫بقاع دة أو مب دأ المس اواة بين المتعاق دين‪ ،‬فتتمت ع اإلدارة بحق وق وامتي ازات ال يتمت ع بمثله ا‬
‫المتعاق د ترجيح ًا للمص لحة العام ة على المص لحة الخاص ة‪ ،‬ويظه ر الف رق الكب ير بينهم في‬
‫ك ون العق ود المدني ة تحكمه ا بعض المب ادئ وأهمه ا ض رورة المس اواة بين ط رفي العالق ة‬
‫العقدية‪ ،‬حيث تقوم هذه العقود على أساس من التوازن بين مصالح أطراف العقد‪.‬‬

‫ومن ه ذا المنطل ق ف إن اإلدارة تمل ك الرقاب ة على تنفي ذ العق د اإلداري والتوجي ه‬
‫لضمان سير تنفيذه على النحو المتفق عليه‪ ،‬كما تملك تعديل شروط هذا العقد بما يحقق‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬إضافة إلى ما تملكه من حق في توقيع جزاءات على المتعاقد معها‪ ،‬وإ ذا‬
‫م ا اخ ل بالتزامات ه التعاقدي ة‪ ،‬وق د تص ل إلى ح د فس خ التعاق د مع ه في حال ة ارتكاب ه لخط أ‬
‫جس يم ال يس تقيم مع ه س ريان العق د‪ ،‬وه ذه الج زاءات ته دف إلى ت أمين س ير المرف ق الع ام‬
‫بض مان تنفي ذ العق د المرتب ط ب ه بدق ة‪ ،‬بإجب ار المتعاق د على الوف اء بالتزام ه التعاق دي على‬
‫الوجه األمثل‪.‬‬

‫وت زداد أهمي ة العق ود نتيج ة ازدي اد مس ئولية الدول ة في تحقي ق التنمي ة االجتماعي ة‬
‫واالقتص ادية‪ ،‬وإ نش اء المزي د من المنش ئات والبني ة التحتي ة وإ ج راء العدي د من الدراس ات‬
‫العملية المهمة لعمليات تصدير واستيراد مختلف البضائع والمستلزمات الحديثة التي تس اهم‬
‫في دفع عجلة التقدم والتطور‪ ،‬وال تستطيع الدولة تحقيق أهدافها تلك وهي توظف النفقات‬
‫المخصصة لها إال إذا قامت باإلنفاق في القنوات القانونية التي خصصت لها االعتمادات‬
‫وفق ا لقواع د ومع ايير دقيق ة تحق ق من افع ك برى بتكلف ة اق ل‪ ،‬ف اإلدارة تس عى إلى تحقي ق‬
‫المصلحة العامة من خالل قيام المتعاقد بتنفيذ التزاماته بكل دقة وإ تقان‪ ،‬وفي الوقت ذاته‬
‫يس عى ه ذا األخ ير إلى تحقي ق ال ربح ال ذي يمث ل منفع ة شخص ية ل ه وتتع دد أس اليب إب رام‬

‫‪8‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الصفقات العمومية وتبرز أهميتها لكونها تحتوي على أساليب متنوعة في إبرام عقودها‬
‫وقد تشترك هذه األساليب في ميزات خاصة وتختلف في نواحي أخرى‪.‬‬

‫وتع د س لطة ف رض الج زاءات أخط ر الس لطات ال تي تتمت ع به ا اإلدارة في مواجه ة‬
‫المتعاق د معه ا بق رار تص دره دون اللج وء إلى القض اء وتخض ع ه ذه الس لطة لنظ ام ق انوني‬
‫خاص هو نظام القانون العام في الصفقات العمومية إذ أن ضرورة الحرص على سير‬
‫المرافق العامة بانتظام واطراد تستلزم التشدد في التعامل مع المتعاقد إلجباره على تنفيذ‬
‫العقد بدقة ‪.‬‬

‫فالقانون في معظم الدول عندما منح اإلدارة سلطات استثنائية في الصفقات العمومية‪،‬‬
‫كتطبيقها قواعد غير مألوفة في عقود القانون الخاص بقصد فإنه أعطى للمتعاقد معها حق‬
‫المطالبة بالتعويض‪.‬‬

‫ومثلم ا تمل ك اإلدارة حقوق ًا في مواجه ة المتعاق د معه ا‪ ،‬ف إن األخ ير يتمت ع بحق وق‬
‫متماثل ة وتتمث ل ه ذه الحق وق في حق ه في الحص ول على المقاب ل الم ادي أو النق دي‪ ،‬وه و‬
‫المقاب ل لم ا أداه المتعاق د من أعم ال أو توري دات لص الح جه ة اإلدارة المتعاق دة وحق ه في‬
‫اقتض اء بعض التعويض ات ج برا لم ا ق د لحق ه من أض رار أثن اء أو بس بب تنفي ذ العق د أو‬
‫تنتج ه خط ا اإلدارة‪ ،‬كم ا ل ه ح ق ض مان الت وازن الم الي للعق د ويع ني وج ود تناس ب بين‬
‫التزامات المتعاقد وحقوقه حتى يتمكن من تنفيذ العقد على النحو المتفق عليه‪ .‬لذلك نج د أن‬
‫المتعاق د يس عى إلى الحص ول على المقاب ل الم الي المتف ق علي ه في العق د‪ ،‬فاله دف األول‬
‫للمتعاقد من إبرام العقد اإلداري هو الحصول على الربح‪ ،‬لذلك كان الحصول على المقابل‬
‫النقدي أهم ما يهدف إليه المتعاقد مع اإلدارة‪.‬‬

‫إال أنه قد تكون الصفقات العمومية على عكس هذا الغرض‪ ،‬حيث يلتزم المتعاقد‬
‫م ع اإلدارة بتق ديم مقاب ل نق دي كم ا ه و الش أن في عق ود تق ديم المعاون ة أو ش راء ش يء أو‬

‫‪9‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫اس تئجاره من اإلدارة‪ ،‬إال أن معظم العق ود األخ رى يس تهدف المتعاق د من خالل إبرامه ا‬
‫الحصول على مقابل نقدي من اإلدارة‪.‬‬

‫ويتخذ المقابل النقدي صورًا متعددة‪ ،‬فقد يكون مرتبًا شهريًا في حالة عقود التوظيف‪،‬‬
‫وقد يكون ثمنا للبضائع الموردة أو الخدمة المطلوبة أو األشغال المتعاقد على تنفيذها‪.‬‬

‫ف إذا ك ان المتعاق د ي ؤدي الخدم ة لإلدارة ف إن اإلدارة هي ال تي تل تزم ب أداء المقاب ل‬


‫النق دي للمتعاقد‪ ،‬فيتخذ المقابل في ه ذه الحالة صورًا مختلف ة وفق ًا لطبيعة العقد فه و ثمن‬
‫في حال ة عق ود التوري د واألش غال والنق ل وم ا ج رى مجراه ا وم رتب في حال ة عق ود‬
‫التوظيف وفائدة في حالة عقد القرض‪.‬‬

‫أما إذا كان المتعاقد يؤدي الخدمة للجمهور مباشرة كما هو الشأن في عقد االمتياز‬
‫فإنه يحصل على المقابل النقدي في صورة رسم يتقاضاه من المنتفعين‪ ،‬ولَّم ا كانت اإلدارة‬
‫تمل ك من االمتي ازات والس لطات م ا ُيَم ِّك ُنه ا من إجب ار المتعاق د معه ا على ع دم اإلخالل‬
‫بالتزامات ه العقدي ة ف إن المتعاق د يمل ك ح ق المطالب ة ب التعويض إذا أخلت اإلدارة ب أٍّي من‬
‫التزاماتها التعاقدية‪ ،‬والغالب أن نصوص العقد اإلداري ال ينظم تفصيل الجزاءات المترتبة‬
‫على إخالل اإلدارة بالتزاماته ا‪ ،‬وإ نم ا يحص ل المتعاق د على ح ق التع ويض بوس يلة اللج وء‬
‫إلى القضاء برفع دعوى أو التعويض لالتفاق المسبق في بنود العقد ‪.‬‬

‫كم ا أن للمتعاقد م ع اإلدارة الح ق في أن يتقاض ى منه ا مب الغ مالي ة قد يك ون أساس ها‬
‫المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬وذل ك عن دما تخ ل اإلدارة بالتزاماته ا التعاقدي ة وت رتكب أخط اء تنجم‬
‫عنها أضرار للمتعاقد معها وذلك عندما تقوم اإلدارة بفسخ العقد أو سحب العمل في غير‬
‫الح االت ال تي تنص عليه ا الق وانين وك ذلك عن دما تق وم ب إجراء ج زائي ض د المتعاق د دون‬
‫إنذار في المجاالت التي يشترط فيها مثل هذا اإلنذار‪.‬‬

‫وإ ن االعتراف لإلدارة بسلطة تعديل شروط العقد وزيادة أو إنقاص التزامات المتعاقد‬
‫معه ا بإرادته ا المنف ردة الب د أن يقابله ا من ج انب آخ ر ح ق للمتعاق د يتمث ل بمنح ه من‬
‫‪10‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫االمتي ازات المالي ة م ا يس اوي الزي ادة في التزامات ه فالعدال ة تقتض ي أن يك ون من طبيع ة‬
‫الص فقات العمومي ة أن تحق ق بق در اإلمك ان توازن ًا بين األعب اء ال تي يتحمله ا المتعاق د م ع‬
‫اإلدارة وبين المزايا التي ينتفع بها‪ ،‬واصطلح على هذه الفكرة بالتوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫ويهدف البحث إلى التوصل إلى عدة نتائج لمعالجة اإلشكاالت التي قد تنجم عن تنفيذ‬

‫وتط بيق أحك ام العق د اإلداري‪ ،‬وط رح الحل ول التش ريعية والقض ائية والفقهي ة المقارن ة‬

‫لالس تفادة منه ا‪ ،‬وال تي تس هم في مس اعدة المش ِّر ع اللي بي على وض ع تنظيم دقي ق وفع ال‬

‫ومتميز للعقود اإلدارية‪ ،‬وتسهم في ابتكار قوانين قد تكون مفيدة ونافعة‪ ،‬وذلك باالستفادة‬

‫من التجارب التي أخذت بها التشريعات األخرى المنظمة إلبرام الصفقات العمومية‪ ،‬كما‬

‫تعين المتعاق دين و اإلدارة و المق اول أو الم ورد على إيج اد الحل ول القض ائية والقانوني ة‬

‫للمش كالت ال تي يواجهونه ا عن د الس ير في إج راءات إب رام الص فقات العمومي ة‪ ،‬وللوق وف‬

‫على م واطن الق وة والض عف في نص وص الالئح ة اإلداري ة المطبق ة في ليبي ا بع د عش ر‬

‫س نوات من التط بيق العملي من حيث الض مانات ال تي يوفره ا ألس اليب إب رام الص فقات‬

‫العمومية ‪ ،‬وكذلك المساهمة ولو بصورة يسيرة في توفير مادة عملية وعلمية للباحثين ؛‬

‫محاولة إلثراء المكتبة العربية بشكل عام والمكتبة الليبية بشكل خاص ‪.‬‬

‫وك ان الس بب الرئيس ي من بح ثي في ه ذا الموض وع الوص ول إلى معرف ة الس بب‬

‫الحقيقي وراء غي اب ش ركات عالمي ة ك برى في ليبي ا‪ ،‬ومعرف ة س ر ه ذا الع زوف إال في‬

‫مجال النف ط‪ ،‬وألن الدراسات الس ابقة تناولت موضوع الص فقات العمومية بشكل موجز‬

‫وبسيط وضمن بحوث وكتب تتناول القانون اإلداري في ليبيا ‪.‬‬


‫‪11‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وأَّي عم ل ال ب د أن تعترض ه عوائ ق وتواجه ه ص عوبات‪ ،‬ون درة المراج ع في ليبي ا‪،‬‬

‫وفق ر المكتب ة القانوني ة الليبي ة في بعض المواض يع المتعلق ة بالص فقات العمومي ة ك انت‬

‫تمثل أكبر العوائق وخاصة عندما نعلم أنه ال يوجد قانون موحد ينظم الصفقات العمومية‬

‫في ليبيا‪ ،‬وترك األمر للوائح اإلدارية المرنة الغير مستقرة‪ ،‬ومما زاد األمر تعقيدًا أنني لم‬

‫أج د م ا أحتاج ه من ص ور االتفاقي ات المبرم ة بين الحكوم ة الليبي ة والش ركات األجنبي ة‬

‫لالطالع على هذه العقود‪ ،‬ودراستها واالستشهاد بها في التطبيقات العملية للعق ود اإلداري ة‪،‬‬

‫رغم ك ثرة ع دد الجه ات الحكومي ة ال تي قمت بزيارته ا‪ ،‬وص عوبة التنق ل في ليبي ا نتيج ة‬

‫الح روب ال دائرة بين المليش يات المس لحة‪ ،‬لكن ذل ك لم يثِن ع زمي على إتم ام انج از ه ذا‬

‫البحث ليكون مساهمة في حقل البحث العلمي‪.‬‬

‫واإلش كالية تتمث ل في م دى اس تطاعة الئح ة الص فقات العمومي ة الليبي ة الص ادرة عن‬

‫الس لطة التنفيذي ة تنظيم إب رام الص فقات العمومي ة بش كل يل بي تطلع ات المش ِّر ع وض مان‬

‫حق وق المتعاق دين م ع اإلدارة والق راءة ال تي سنس تعملها س تكون بالض رورة ق راءة نقدي ة‬

‫لتوض يح وتفكي ك مك امن الخل ل في ه الالئح ة به دف تقويمه ا وتص حيحها وتج اوز س لبياتها‬

‫مستفيدين في ذلك من القانون المقارن والتجارب الدولية‪.‬‬

‫وإ ن تحلي ل ه ذه اإلش كالية ومحاول ة اإلجاب ة عنه ا جعلن ا نط رح مجموع ة من االس ئلة‬

‫الفرعية من قبيل‪:‬‬

‫* ما المبادئ الحاكمة لعملية إبرام الصفقات العمومية؟‬


‫‪12‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫* ما الحكم في حالة تعارض اإلحكام المنصوص عليها في كراسة الشروط عن تلك‬

‫التي وردت في قانون المناقصات والمزايدات والئحته التنفيذية؟‬

‫* م ا هي الح االت العاجل ة ال تي قص دها المش ِّر ع وال تي ت برر اللج وء إلى االتف اق‬

‫المباش ر للتعاق د ب دًال من المناقص ة والمزاي دة العام ة؟ و ه ل يمكن اعتب ار االتف اق المباش ر‬

‫قرارًا إداريًا؟‬

‫*ه ل تس ري نظري ة عم ل األم ير في الص فقات العمومي ة المبرم ة بين األش خاص‬

‫االعتباري ة العام ة‪ ،‬إذ أن اإلج راء المك ون لعم ل األم ير يمكن أن يص در عن أح د ط رفي‬

‫العقد؟‬

‫* ق د يك ون الظ رف الط ارئ متوقع ًا لكن تتج اوز أث اره ك ل التوقع ات‪ ،‬فه ل تطب ق‬

‫نظرية الظروف الطارئة أم ال ؟‬

‫* لَّم ا ك ان العق د اإلداري يتض من بن ودًا وش روطًا تنظم العالق ة العقدي ة بين اإلدارة‬

‫والمتعاقد‪ ،‬فهل يمكن إن يتضمن العقد شرطًا يعفي اإلدارة من تعويض المتعاقد؟‬

‫* ال يوج د خالف شاس ع بين التش ريعات الحديث ة في األس اليب والمب ادئ ال تي تتبعه ا‬

‫اإلدارة في إبرام الصفقات العمومية‬

‫* تعت بر الش روط ال واردة الالحق ة في العق د واجب ة االتب اع ألنه ا تعت بر معدل ة لتل ك‬

‫الشروط التي وردت في كراسة الشروط‬

‫‪13‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫* الحالة العاجلة هي التي من شأنها إحداث أضرار ال يمكن تداركها إذا ما تأخرت‬

‫اإلدارة في التعاق د ويك ون الس بيل الوحي د لت دارك ه ذا الض رر المحتم ل ه و التعاق د عن‬

‫طريق االتفاق المباشر‪.‬‬

‫* ال يوج د م ا يح ول دون أن تس رى نظري ة عم ل األم ير في العق ود المبرم ة بين‬

‫األشخاص االعتبارية العامة‪.‬‬

‫* إذا تج اوزت آث ار الظ روف الطارئ ة وف اقت ك ل التوقع ات تبقى اإلدارة ملتزم ة‬

‫بواجب تعويض المتعاقد ‪.‬‬

‫* في حال ة تض من العق د اإلداري ش رطًا يعفي اإلدارة من المس ؤولية مطلق ًا فه و‪-‬‬

‫بإجماع الفقه والقضاء‪ -‬شرط يتنافى مع المبادئ المقررة في القانون اإلداري‪.‬‬

‫وتس تمد ه ذه الدراس ة أهميته ا في تع اظم دور الص فقات العمومي ة في إنش اء وتس يير‬

‫المرافق العامة‪ ،‬فضًال عن أنها كأي عمل نظامي آخر يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫وتك ون مهم ة للجمي ع س واء على مس توى اإلدارة أو على مس توى المتعاق دين‬

‫أوالمس تفيدين من الخ دمات‪ ،‬نظ رًا ل دور ه ذه العق ود في المس اهمة في تحقي ق التنمي ة‬

‫االقتص ادية وك أداة للتنمي ة االجتماعي ة‪ ،‬من خالل توف ير ف رص العم ل وحماي ة الي د العامل ة‬

‫وتوفير المناخ المناسب للمنافسة والمبادرة الحرة اضطرت الدولة باعتبارها شخص عام‬

‫مكلف بتسيير الشؤون العامة لمواطنيها إلى الدخول في عالقات تعاقدية مع األفراد‪ .‬فض ًال‬

‫‪14‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫عن ندرة الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع في ليبيا‪ ،‬وإ ن وجدت فتهدف إلى ذكر المزايا‪،‬‬

‫وال تبين القصور الكامن فيها واألخطاء واالنتقادات من أجل تالفيها‬

‫وسوف أعتمد في بحثي المنهج التحليلي الذي يقوم على تحليل النصوص التشريعية‪،‬‬

‫كما اعتمدت المنهج المقارن وقد شملت عينة المقارنة التشريع الليبي والمصري مع إطاللة‬

‫مبس طة على الق انون الفرنس ي والمغ ربي‪ ،‬وك ان ال دافع من بح ثي واختي ار الق وانين بي ان‬

‫اإليجابي ات والس لبيات ال تي تض منتها النص وص التش ريعية مح ل المقارن ة‪ ،‬وص وًال إلى‬

‫تقييمها وبيان الرأي حولها‪ ،‬وكل ذلك بما ال يخل بمبدأ الحياد العلمي المتعارف عليه في‬

‫إعداد الرسائل والبحوث العلمية وباألمانة العلمية في نقل واستنباط المعلومة وإ رجاعها إلى‬

‫أصلها الذي استقيناها منه سواء كان ذلك األصل مؤلف ًا متخصص ًا‪ ،‬أو أبحاث ًا‪ ،‬أو مقاالٍت ‪،‬‬

‫أو دوريات محلية أو إقليمية أو دولية متخصصة‪ ،‬أو من الموسوعات القضائية‪.‬‬

‫ولمقاربة هذه اإلشكالية سوف نقسم الموضوع إلى قسمين‪:‬‬

‫القس م األول (المب ادئ الحاكم ة لوس ائل إب رام الص فقات العمومي ة بين النظري ة‬

‫والتطبيق)‪.‬‬

‫القس م الث اني (االلتزام ات والحق وق ال تي تتول د عن الص فقات العمومي ة بين النظري ة‬

‫والتطبيق)‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫القسم األول‬

‫المبادئ الحاكمة لوسائل إبرام الصفقات العمومية‬

‫‪16‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪17‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫تعد الصفقات العمومية واحدة من أبرز وسائل اإلدارة‪ ،‬حيث تستخدمها في تسيير‬
‫وتنظيم مرافقه ا العام ة‪ ،‬إذ تلج أ اإلدارة في س بيل القي ام بوظائفه ا وتق ديم الخ دمات العام ة‬
‫للمواطنين‪ ،‬إلى إبرام العقود‪ ،‬وهي على نوعين مدنية وإ دارية‪ ،‬والذي يهمنا النوع الثاني‬
‫الذي تظهر فيه مظاهر السلطة العامة وامتيازاتها المستمدة من القانون العام‪ ،‬إال أن لتلك‬
‫االمتيازات حدودا وقيود البد من مراعاتها عند إبرام العقود‪ ،‬وتتمثل بمجموعة من المبادئ‬
‫ال تي ي ترتب عن د األخ ذ به ا مص لحة اإلدارة من جه ة ومص لحة المتعاق د معه ا من جه ة‬
‫أخ رى فاألخ ذ بمب ادئ‪ ،‬العلني ة والمس اواة بين المتنافس ين وحري ة المنافس ة وذل ك بإعط اء‬
‫الحرية لجميع من تتوفر فيهم الشروط للدخول في التنافس لغرض التعاقد‪ ،‬إضافة إلى مبدأ‬
‫الشفافية‪ ،‬فكل ذلك من شأنه يوصل اإلدارة إلبرام العقد مع أشخاص هم أهل له وأصحاب‬
‫ق درة على الوف اء بالتزام ات العق د بم ا يوص لها في النهاي ة إلى تحقي ق المص لحة العام ة‬

‫‪.‬والمصلحة المالية معًا‬

‫وإ ضافة لتلك المبادئ هناك أساليب تتبعها اإلدارة عندما تتعاقد مع أحد األشخاص‪-‬‬
‫سواء كان من األشخاص العامة أو الخاصة – فإنها تتعاقد بهدف تحقيق نفع ع ام‪ ،‬كما أنها‬
‫تتف ق م ع المتعاق دين في س بيل حماي ة الم ال الع ام‪ ،‬وله ذا ك ان من الض روري ع دم ت رك‬
‫الحرية الكاملة لإلدارة للتعاقد باألسلوب الذي ترغبه‪ ،‬لذلك ألزم المش ِّر ع جهة اإلدارة عند‬
‫إبرام العقد اإلداري‪ .‬اتباع طرق وأساليب تعاقدية محددة الختيار المتعاقد معها‪ ،‬تتمثل في‬
‫ثالثة أساليب وهي‪:‬‬
‫‪ ‬أسلوب المناقصة أو المزايدة‪.‬‬
‫‪ ‬أسلوب الممارسة‪.‬‬
‫‪ ‬أسلوب االتفاق المباشر‪.‬‬
‫كما أن المش ِّر ع أعطاها الكثير من االمتيازات أثناء تنفيذ العقد اإلداري تختلف على‬
‫تلك التي يتمتع بها الطرف اآلخر من العقد ومرد ذلك كونها الطرف األقرب إلى تحقيق‬

‫‪18‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫النف ع الع ام وتوف ير الخ دمات للمواط نين والحريص ة على المص لحة العام ة دائم ا‪ .‬وه ذه‬
‫الس لطة ال تتع دي المظ اهر األربع ة المتف ق عليه ا في ك ل التش ريعات الحديث ة من س لطة‬
‫التع ديل والرقاب ة والتوجي ه وس لطة توقي ع الج زاءات إذا م ا أخ ل المتعاق د معه ا بالتزامات ه‬
‫وس لطة إنه اء العق د إذا دعت المص لحة العام ة إلى ذل ك كم ا تمل ك ح ق اإلش راف والتوجي ه‬
‫على تنفيذ العقد والتعديل شروطه وتغييرها وإ ضافة شروط جديدة بما قد يتراءى لهما أنه‬
‫أك ثر مالئم ًة واتفاق ًا للوص ول إلى الص لح الع ام ودون أن يحتج الط رف اآلخ ر "المتعاق د"‬
‫بقاعدة "العقد شريعة المتعاقدين"‪.‬‬
‫كما جعل المشرع اإلدارة تتبع أساليب معينة الختيار المتعاقد معها لكي يكون إبرام‬
‫العق د ص حيحًا وغ ير قاب ل لإلبط ال ألي س بب من أس باب البطالن لكن ذل ك إذ م ا وض ع‬
‫المش ِّر ع إح دى ه ذه الط رق واجب اإلدارة اتباعه ا‪ ،‬أم ا إذا لم ي وجب المش ِّر ع على اإلدارة‬
‫طريق ة وأس لوب معي نين فله ا حري ة اختي ار األس لوب ال ذي ت راه يوص ل إلى تحقي ق إب رام‬
‫العق د‪ ،‬ولك ل م ا س بق س نقوم بتقس يم ه ذا القس م إلى فص لين ؛الفص ل األول‪ :‬مب ادئ إب رام‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬والفصل الثاني‪ :‬كيفية اختيار اإلدارة المتعاقد معها‬

‫‪19‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪20‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفصل األول‬
‫مبادئ إبرام الصفقات العمومية‬
‫لق د اس تقر الفق ه والقض اء والتش ريع‪ ،‬على أن تخض ع المناقص ة العام ة والممارس ة‬
‫العام ة ألحك ام ومب ادئ مهم ة تع د ض مانات تكف ل دقته ا وص حتها وس المتها‪ ،‬وتتمث ل ه ذه‬
‫األحكام في مبدأ العالنية‪ ،‬وتكافؤ الفرص‪ ،‬والمساواة‪ ،‬والشفافية‪ ،‬وحرية المنافسة‪ ،‬ويضاف‬
‫إلى هذه المبادئ مبدأ آخر يعد ضروريًا تتكامل به قيمتها وهو مبدأ سرية العطاءات‪ ،‬والبد‬
‫من اإلشارة إلى وجود صيغة من صيغ المناقصة‪ ،‬وهذه الصيغة هي المزايدة وتقوم على‬
‫نفس المب ادئ ال تي تق وم عليه ا المناقص ة العام ة‪ ،‬كم ا تخض ع إلى إج راءات ه ذه األخ يرة‬
‫نفسها‪ ،‬مع وجود بعض االختالفات البسيطة التي سوف ُنَبِّيُنها الحقًا في هذه الدراسة‪.‬‬
‫ويترتب على تطبيق هذه المبادئ نتيجة قانونية هامة‪ ،‬وهي أنه ال يجوز لإلدارة أن‬
‫تخل ق وس ائل قانوني ة تم يز به ا بين المتق دمين للمناقص ة‪ ،‬كم ا ال يج وز له ا منح امتي ازات‬
‫أووض ع عقب ات أم ام بعض المتق دمين للمناقص ة‪ ،‬حيث أن ه ذه الوس ائل غ ير مش روعة‪،‬‬
‫ومن وس ائل التمي يز القانوني ة إعف اء أح د مق دمي العط اءات من دف ع الت أمين‪ ،‬أو من تق ديم‬
‫األوراق المطلوب ة‪ ،‬ومن وس ائل التمي يز الواقعي ة خل ق وض ع واقعي يض ع المتق دمين في‬
‫المناقصة في وضع أفضل‪ ،‬أو أسوأ من غيرهم ‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق ذكره نجد تعدد األحكام والمبادئ العامة التي تخضع لها كل من‬
‫المناقص ة العام ة‪ ،‬والممارس ة العام ة في المب ادئ العالني ة‪ ،‬والمس اواة‪ ،‬والمنافس ة‪ ،‬وس وف‬
‫نتن اول ه ذه المب ادئ بالدراس ة من خالل مبح ثين؛ المبحث األول‪ :‬مب دأ العالني ة والمس اواة‪،‬‬
‫والمبحث الثاني‪ :‬مبدأ المنافسة الحرة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المبحث األول‬
‫مبدأ العالنية والمساواة في إبرام الصفقات العمومية‬
‫يقص د بالعالني ة المعرف ة الكاف ة أن الدول ة س وف ت بيع أو تش تري أو ت أجر أو تق وم‬
‫بشغل عام‪ ...‬إلخ‪ .‬فال يصح أن يكون إبرام العقد اإلداري بطريقة سرية في أجواء تشوبها‬
‫الريبة ويحوم حولها الشك‪ ،‬إذ البد أن تكون كافة المعلومات المتعلقة بالعملية المعلن عنها‬
‫متاحة للجميع‪ ،‬وبشكل علني‪ ،‬بحيث ال يؤدي إخفاء بعض المعلومات إلى مصادقة آلليات‬
‫السوق‪.‬‬
‫فمن غ ير العالني ة أال تك ون أم ام مج ال حقيقي بين الراغ بين في التعاق د م ع الجه ة‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫كم ا يجب على اإلدارة أن ت راعي المس اواة بين جمي ع الراغ بين بالتعاق د؛ بمع نى أن‬
‫لك ل من يمل ك الح ق قانون ًا أن يتق دم إلى المناقص ات العام ة‪ ،‬فل ه الح ق في االش تراك فيه ا‬
‫على قدم المساواة مع باقي المتنافسين‪ ،‬وليس لها حق تمييز غير مشروع بين المتنافسين‪،‬‬
‫كم ا أن ه ذه المس اواة من أهم الس مات األساس ية لك ل الق وانين ال تي تنظم المناقص ات‬
‫والمزاي دات العام ة‪ ،‬وبن اء على م ا س بق س نقوم بتقس يم ه ذا المبحث إلى مطل بين؛ المطلب‬
‫األول‪ :‬مبدأ العالنية‪ ،‬والمطلب الثاني‪ :‬مبدأ المساواة والشفافية ‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫مبدأ العالنية في المناقصة والممارسة العامة‬
‫يعد مبدأ العالنية أحد المبادئ الهامة والرئيسة الحاكمة للمناقصة العامة والممارسة‬
‫العامة‪ ،‬والعالنية تضع المنافسة الحرة موضع التطبيق الفعلي‪4‬؛ ألنها هي التي تؤدي إلى‬
‫إثارة المنافسة ضمن مناخ المساواة والشفافية‪ .5‬وعليه ال يتصور قيام منافسة حرة كاملة‬
‫‪ -‬د‪ .‬هاني عبد الرحمن غانم ‪ ،‬أساليب التعاقد اإلداري «دراسة مقارنة»‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬مقدمة إلى معهد البحوث‬ ‫‪4‬‬

‫والدراسات العربية ‪ ، 2007،‬ص ‪.130‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬مهن د ن وح مخت ار‪ ،‬اإليج اب والقب ول في العق د اإلداري‪ ،‬رس الة دكت وراه‪ ،‬كلي ة الحق وق‪ ،‬جامع ة عين ش مس ‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،2007‬ص ‪.365‬‬
‫‪22‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫إال إذا أعلنت المناقصة للكافة‪6‬؛ ألن غاية اإلدارة من التعاقد هي تحقيق المصلحة العامة‪،‬‬
‫وليس ت المص لحة الشخص ية ؛ل ذا فإنه ا تح رص على إعالن أك بر ع دد ممكن من األف راد‬
‫والش ركات برغبته ا في التعاق د‪ ،‬ومن هن ا نظم الق انون أحك ام اإلعالن عن المناقص ة لتقديم‬
‫األفضل من العروض‪ ،‬والتأكد من عدم المحاباة‪ ،‬أو تفضيل أشخاص بقدراتهم للتعاقد مع‬
‫اإلدارة‪.‬‬
‫ولك ل م ا س بق س نبحث في ه ذا المطلب مب دأ العالني ة في ف رعين ؛الف رع األول‪:‬‬
‫اإلعالن عن المناقصات والممارسات العامة‪ ،‬والفرع الثاني‪ :‬تحديد شروط المناقصة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اإلعالن عن المناقصات والممارسات العامة‪.‬‬
‫يقص د ب اإلعالن عن المناقص ة «إيص ال العلم إلى جمي ع الراغ بين بالتعاق د وإ بالغهم‬
‫‪7‬‬
‫عن كيفية الحصول على شروط التعاقد ونوعية المواصفات المطلوبة»‬
‫ونفهم مما سبق أنه عن طريق هذا المبدأ تتم جميع عمليات المناقصة والممارسة في‬
‫نط اق عل ني‪ ،‬ابت داء من اإلعالن عنه ا‪ ،‬وب الطرق المح ددة قانون ًا م رورًا بانعق اد جلس ات‬
‫للج ان المختص ة في المك ان والزم ان المح ددين له ا‪ ،‬وبش كل عل ني على األق ل فيم ا يتعل ق‬
‫بلجان الممارسة‪ ،‬وكذلك إتاحة الفرصة أمام كافة المعنيين بالمناقصة في حضور جلسات‬
‫تل ك للج ان‪ ،‬والس يما لج ان فتح المظ اريف‪ ،‬وق راءة العط اءات وترتيبه ا‪ .8‬وال تزام اإلدارة‬
‫بنش ر كاف ة الق رارات المتعلق ة بالعملي ة التعاقدي ة في المك ان والزم ان المح ددين ل ذلك‪.‬‬
‫والتزامها كذلك ببيان أسباب كافة القرارات الصادرة عنها بشأن تلك العملية‪.9‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حسين درويش عبد العال‪ ،‬وسائل تعاقد اإلدارة‪ ،.‬الطبعة األولى مكتبة اإلنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،1959 ،‬ص‬ ‫‪6‬‬

‫‪.45‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القانون اإلداري ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ‪1994‬م ‪،‬ص ‪.583‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ع اطف س عدي ‪ ،‬عق د التوري د اإلداري بين النظري ة والتط بيق رس الة دكت وراه‪ ،‬كلي ة الحق وق جامع ة عين ش مس‬ ‫‪8‬‬

‫‪2005‬م ص ‪.204‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 40‬من قانون المناقصات والزيادات المصري رقم ‪ 89‬لسنة ‪1998‬م‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪23‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ويع د اإلعالن عن إج راءات المناقص ة وس يلة يتمكن من خالله ا ذوو الش أن مراقب ة‬
‫اإلدارة‪ ،‬والمتابعة لمدى احترامها لإلجراءات التي فرضها عليها القانون‪.10‬‬
‫ل ذلك يعت بر اإلعالن أح د القواع د األساس ية ال تي تس بق وتق وم عليه ا المناقص ة‪ ،‬فه و‬

‫بمثابة الخط الرئيسي المميز لها‪ ،‬ويعد اإلعالن عن أي مناقصة دليًال على أنها ستتم وفق ًا‬
‫للشروط التي أعلن عنها‪ ،‬وهذا بدوره يؤدي إلى تسهيل الرقابة على اإلدارة‪ ،‬سواء كانت‬
‫الرقابة ذاتية أو قضائية‪.11‬‬
‫ل ذا يجب على اإلدارة أن ت راعي ‪ -‬وفق ًا لم ا ج اءت ب ه النص وص التش ريعية – وإ ال‬
‫كان الجزاء هو البطالن‪ ،‬بعكس األخطاء المادية التي يمكن بسهولة تداركها‪ ،‬فإنها ال تعد‬
‫إج راءات‪ ،‬أو إش كاليات جوهري ة ي ترتب عليه ا ه ذا الج زاء‪ ،12‬وتحق ق العالني ة فوائ د ع دة‬
‫منها‪:‬‬
‫تجنب اإلدارة أج واء الش ك والتربي ة في التعام ل النزي ه في عملي ة إب رام‬ ‫‪.1‬‬
‫العقود‪.‬‬
‫تحقيق المنفعة المادية من خالل خلق أجواء من المنافسة المشروعة بين عدد‬ ‫‪.2‬‬
‫غير محدود من الراغبين بالتعاقد‪ ،‬مما يؤدي إلى إحالة العقد إلى أنسب العروض‬
‫من حيث األسعار وأفضلها من الناحية الفنية‪.‬‬
‫تعزيز مبدأ حرية التجارة والعمل ومساواة األفراد في ذلك‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫وتختل ف درج ة العلني ة من مناقص ة إلى أخ رى‪ ،‬ففي المناقص ات العام ة تك ون عام ة و‬
‫مطلق ة‪ ،‬وفي المناقص ات المح دودة تك ون أق ل عمومي ة‪ ،‬خاص ة في المناقص ات المحلي ة‪،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عص مت عب د اهلل الش يخ‪ ،‬مب ادئ ونظري ات الق انون اإلداري ‪ ،‬ب دون دار نش ر جامع ة حل وان ‪ ، 2003 ،‬ص‬ ‫‪10‬‬

‫‪.209‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬مطيع علي حمود‪ ،‬العقد اإلداري بين التشريع والقضاء في اليمن ‪ ،‬بدون سنة نشر و ال دار نشر‪ .‬ص ‪.261‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عصمت عبد اهلل الشيخ‪ ،‬مبادئ أساسية في العقود اإلدارية ‪ ،‬ص ‪.63‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪24‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أما المناقصات القائمة على أساس توجيه دعوات خاصة فتكون محدودة جدًا أو بقدر ما‬
‫توصل به اإلدارة العلم إلى من توجه إليهم دعوة المناقصة‪.13‬‬
‫كم ا أن اإلعالن في ه مص لحة لألف راد و الش ركات ؛ألن ه يش عرهم باالطمئن ان بش أن‬
‫سالمة العطاءات من أي تواطؤ يمكن أن ينشأ بين اإلدارة وأحد المتنافسين للتعاقد‪ ،‬حتى‬
‫ال تقتصر اإلدارة عقودها على طائفة معينة من األفراد‪ ،‬أو الشركات بحجة أنهم وحدهم‬
‫تقدموا للعطاء‪.14‬‬
‫ونظرا ألهمية اإلعالن عن المناقصة‪ ،‬فإن القوانين التي تنظمها دائم ًا تحرص على‬
‫النص عليه صراحة‪ ،15‬فلقد نص عليه المش ِّر ع الفرنسي‪ 16‬في قانون الصفقات العمومية‪،‬‬
‫وتطلب توافره في عقود الدولة في المادة «‪ »84‬أو بالنسبة للعقود التي تبرمها المحليات‪،‬‬
‫وك ذلك نص علي ه المش ِّر ع المص ري في الم ادة الثاني ة من ق انون المناقص ات والمزاي دات‬
‫رقم ‪ 89‬لسنة ‪1998‬م السابق ذكرها‪.17‬‬
‫كما أن قاعدة اإلعالن عن المناقصة تعتبر قاعدة أساسية وهي تتضمن عنصرين‪:‬‬
‫األول ‪ :‬يجب اإلعالن عن المناقص ة س لفًا‪ ،‬وه ذا اإلعالن ه و ال ذي يس مح بإعم ال‬
‫مبدأ المساواة‪ ،‬ومبدأ حرية المنافسة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬يتعلق بعالنية اإلجراءات المؤدية إلى إبرام العقد‪.18‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمود الجبوري ‪ ،‬النظام القانوني للمناقصات العامة‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع سنة‪1999‬م ‪،‬ص ‪72‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عصمت عبد اهلل الشيخ‪ .‬مبادئ أساسية في العقود اإلدارية ‪ .‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.63‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪ -‬نظ رًا ألن العالني ة هي المعي ار الموض وعي واألساس ي لمب دأ المنافس ة الح رة‪ ،‬فق د تبناه ا المش رع الفرنس ي بش كل‬ ‫‪15‬‬

‫واضح في كل التشريعات التي تحكم إبرام عقود الشراء ‪ ....‬المادتين " ‪ "12-11‬من مرسوم ‪1942-4-6‬م الملغي‬
‫‪16‬‬
‫‪- (R) ROMEUF : La Justice administrative، J. Paris، 1989‬‬

‫‪ -‬وهو نص المادة الثانية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الملغي رقم ‪ 9‬سنة ‪1985‬م والذي جاء فيه " تخضع‬ ‫‪17‬‬

‫كل من المناقصة العامة والممارسة العامة لمبدأ العالنية وتكافؤ الفرص والمساواة وحرية المنافسة"‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬دار النهضة ‪ ،‬العربية ‪،‬سنة‪ ،2003‬ص ‪.271‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪25‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وعلى النهج نفس ه س ار المش رع اللي بي‪ ،‬باعتب ار أول خط وة في عملي ة التعاق د‬
‫بالمناقص ة‪ ،‬أو المزاي دة ويقص د ب ه «إعالن اإلدارة عن رغبته ا بالتع اون بتع يين مش روع‬
‫معين أو طلب سلعة‪ ،‬أو خدمة من المقاولين ذوي الخبرة واالختصاص والكفاءة»‪.‬‬
‫فق د نص ت الم ادة "‪ "28‬من الئح ة الص فقات العمومي ة على أن ه يتم اإلعالن عن‬
‫األعم ال الم راد تنفي ذها‪ ،‬وعن توري د األص ناف‪ ،‬أو م واد المطلوب ة في وقت مناس ب‪،‬‬
‫بحيث يكون هناك وقت كاف إلعادة المناقصة إذا اقتضى األمر ذلك‪.‬‬
‫وترتيب ًا على م ا س بق س وف نتن اول فيم ا يلي‪ :‬محت وى اإلعالن‪ ،‬وكيفي ة اإلعالن‪،‬‬
‫والتكييف القانوني لإلعالن عن المناقصات والممارسات في كل من مصر وليبيا في‬
‫النقاط اآلتية‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬محتوى اإلعالن عن المناقصات والممارسات العامة‪.‬‬
‫يقص د بمحت وى اإلعالن‪ ،‬جمل ة البيان ات الالزم ة ال تي تمكن المخ اطبين ب إجراءات‬
‫المناقص ة من العلم به ا‪ .19‬وأن القاع دة العام ة يجب أن يتض من اإلعالن عن العط اءات‬
‫البيانات اآلتية‪:‬‬
‫موضوع العطاء‪ ،‬موقع المشروع‪ ،‬ثمن نسخة العطاء وفئات المقاولين أو المستشارين‬
‫المسموح لهم باالشتراك في العطاء‪ ،‬وتاريخ آخر موعد لشراء نسخ العطاء و بي ان الس اعة‬
‫و التاريخ المحددين لموعد إيداع العروض ‪9‬ومكان إيداعها‪ ،‬وقيمة التمويل‪ ،‬ومصدره‬
‫بالنسبة للمشاريع التي يتم تمويلها من جهات معينة‪.20‬‬
‫وهن اك من ي رى أن ه ذه البيان ات ال تش كل ك ل م ا يجب معرفت ه ح ول العق د الم راد‬
‫إبرامه‪ ،‬وإ نما تشكل الحد األدنى لتكوين فكرة عامة أولية عن اإلدارة والتعاقد ومحل العق د‪،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.369‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬الق انون اإلداري الطبع ة األولى ‪،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬الكويت ‪ ،‬سنة ‪ ، 1977‬ص‬ ‫‪20‬‬

‫‪.146‬‬
‫‪26‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ومواعيد تسليم العروض‪ ،‬ومكان التسليم لهذه العروض‪ ،‬وهذا الحد األدنى يمثل البيانات‬
‫الجوهرية التي يجب أن تصل إلى علم المتنافسين المحتملين‪.21‬‬
‫ل ذلك نج د المش ِّر ع نص على وج وب م ا يتض منه اإلعالن م ع ت رك س لطة تقديري ة‬
‫لإلدارة في إض افة م ا تش اء إليه ا من بيان ات مهم ة ؛ل ذلك نج د اله دف من محت وى اإلعالن‬
‫ه و إعالم المتنافس ين عن فتح المناقص ة‪ ،‬وإ عط ائهم معلوم ات عن الش روط العام ة للعق د‪،‬‬
‫ولهذا نجد اإلعالن يتكون من مضمون المناقصة‪ ،‬واألجزاء الرئيسية المكونة للعقد الم راد‬
‫إبرامه‪.‬‬
‫ونس تنتج من خالل ذل ك أن اإلدارة بإرادته ا المنف ردة تح دد مح ل العق د‪ ،‬وموض وعه‬
‫وشروطه‪ ،‬وتعرضه لجميع األشخاص المهتمين‪ ،‬أو المعنيين به‪ ،‬فلكل شخص تتوافر فيه‬
‫الش روط المطلوب ة ح ق االش تراك في المناقص ة وتق ديم ع رض خ اص للتعاق د مبين ًا في ه‬
‫األس عار ال تي يقب ل به ا‪ ،‬وألهمي ة اإلعالن عن العط اءات ك إجراء أولي إلب رام العق د‬
‫اإلداري فقد نصت التشريعات المقارنة على ما يلي‪:‬‬
‫ففي مص ر‪ ،‬وفق ًا لم ا ج اء بالم ادة "‪ "12‬من الالئح ة التنفيذي ة لق انون المناقص ات‬
‫والمزاي دات رقم ‪ 89‬لس نة ‪1998‬م‪ 22‬ف إن اإلعالن عن المناقص ة اس تلزم أن يتض من‬
‫اإلعالن عما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الجهة التي تقدم إليها العطاءات‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬آخر موعد لتقديم العطاءات‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬الصنف أو العمل المطلوب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬مبلغ التأمين المؤقت ونسبة التأمين النهائي‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬مهند نوح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.441‬‬ ‫‪21‬‬

‫المادة "‪ "12‬من الالئحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم ‪ 89‬لسنة ‪1998‬م‬ ‫‪22‬‬

‫‪27‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪ -‬ثمن نس خة كراس ة الش روط وملحقاته ا وأي ة بيان ات أخ رى تراه ا‬ ‫‪5‬‬

‫الجهة اإلدارية ضرورية لصالح العمل‪.‬‬

‫كما يشترط قانون الصفقات العمومية في المغرب أن يتضمن اإلعالن بيان ات إلزامي ة‬
‫ح ددها و ض بطها في نص الم ادة ‪ 46‬من ه‪ ،‬وتتمث ل ه ذه البيان ات اإللزامي ة في اآلتي‪- :‬‬
‫العنوان التجاري و عنوان المصلحة المتعاقدة ‪.‬‬
‫‪ -‬كيفية المناقصة (مفتوحة‪ ،‬محدودة‪ ،‬وطنية و‪ /‬أو دولي ة )‪ ،‬أو المزايدة‪ ،‬أو عند‬
‫اإلقتضاء المسابقة ‪.‬‬
‫‪ -‬موضوع العملية‬
‫‪-‬الوثائق التي تطلبها المصلحة المتعاقدة من المترشحين ‪.‬‬
‫‪-‬تاريخ آخر أجل و مكان إيداع العروض ‪.‬‬
‫‪-‬إلزامية الكفالة عند االقتضاء ‪.‬‬
‫‪ -‬التقديم في ظرف مزدوج مختوم تكتب فوقه عبارة ال يفتح‪ ،‬ومراجع المناقصة‬
‫‪ -‬ثمن الوثائق عند االقتضاء‪ ،‬وعلى ذلك فإن اإلدارة ملزمة بالشروط التي يتطلبها‬
‫المشِّر ع في اإلعالن‪ ،‬فيتعين عليها احترام أوضاع اإلعالن من حيث المدة وكيفية إجرائه‪،‬‬
‫وعدد مراته و إال ترتب على ذلك بطالن المناقصة ‪.‬‬
‫أما في ليبيا فقد نصت المادة "‪ ،"27‬من الئحة الصفقات العمومية على أن ه يجب أن‬
‫‪23‬‬
‫يتضمن اإلعالن عن المناقصات البيانات اآلتية‪:‬‬
‫ملخصًا وافيًا لموضوعها وشروطها‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المدة المعدة لتقديم العروض فيها‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المدة التي يظل مقدم العطاء ملتزمًا خاللها بعطائه‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الجهة التي تقدم إليها العطاءات‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪ .‬المادة (‪ )27‬من الالئحة رقم( ‪) 563‬لسنة ‪ ،2007‬النافذة في ليبيا‬ ‫‪23‬‬

‫‪28‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫قيمة التأمين االبتدائي للتقدم بالعرض‪.‬‬ ‫‪.5‬‬


‫قيمة التقديم النهائي عند ترسيته‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫فئة التصنيف للمقاولين الذين يحق لهم التقدم بالعطاء‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫سعر مستندات المناقصة غير القابلة لالسترداد‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫موعد غلق المناقصة‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫غير ذلك من بيانات لجنة العطاءات التي يتضمنها اإلعالن ‪.‬‬ ‫‪.10‬‬
‫ونالح ظ أن المش ِّر عان اللي بي والمغ ربي‪ ،‬تن اوال اإلعالن بش روط أك ثر تفص يًال من‬
‫المش ِّر ع المص ري ال ذي يعطي معلوم ات أولي ة ال تمث ل ك ل م ا يمكن معرفت ه‪ ،‬في حين أن‬
‫اإلعالن الليبي يزِّو د مقدم العطاء المحتمل بالمعلومات الوافية‪.‬‬
‫وهناك فوائد عدة من اإلعالن عن الناقصة وهي‪:‬‬
‫يمنح الفرصة لمقدم العطاء الوقت الكافي للرد‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ي تيح لمق دم العط اء فرص ة طلب أي إيض احات بش أن المناقص ة‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫وتمديد فترة الرد عليها إذا اقتضى األمر ذلك‪.‬‬
‫يتضمن اإلعالن الموعد النهائي لتقديم الطلبات وكذلك إمكانية قبول‬ ‫‪.3‬‬
‫بعض العطاءات المتأخرة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬كيفية اإلعالن عن المناقصة‪.‬‬

‫يس تلزم الق انون أن يتم اإلعالن عن المناقص ة بكيفي ة معين ة تتص ل بمك ان النش ر‪،‬‬
‫وعدد مراته‪ ،‬و اللغة التي ينشر بها‪ ،‬وميعاده "مدد اإلعالن"‪.‬‬
‫أ‪ -‬وسائل النشر وعدد مراته ولغته‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫في ليبي ا طبق ًا لنص الم ادة "‪ "29‬من الئح ة الص فقات العمومي ة رقم ‪ 563‬لس نة‬

‫‪2007‬م والتي تنص على أنه يجري اإلعالن عن المناقصات العامة المحلية والعالمية وفق ًا‬
‫‪24‬‬
‫لما يلي‪.‬‬
‫يعلن عن المناقص ات العام ة بالنش ر في وس ائل اإلعالم المحلي ة‪،‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ويح دد م رات النش ر تبع ًا ألهمي ة المناقص ة من حيث قيمته ا‪ ،‬وغ ير ذل ك من‬
‫االعتبارات‪ ،‬ويجوز باإلضافة إلى ذلك اإلعالن عن المناقصات في لوحة تعد لهذا‬
‫الغرض بمقر الجهة طالبة التعاقد‪.‬‬
‫يعلن عن المناقص ات العالمي ة عن طري ق النش ر في وس ائل اإلعالم‬ ‫ت‪-‬‬
‫المحلية والعالمية‪ ،‬وتزَّو د المكاتب الشعبية «السفارات» الليبية في الخارج وما في‬
‫حكمه ا وف ق طلبه ا – بالع دد الالزم من نس خ اإلعالن‪ ،‬وش روط المناقص ة‪،‬‬
‫والمواص فات والق وائم وملحقاته ا‪ ،‬وذل ك لتس ليمها مقاب ل الثمن المح دد لمن ي رغب‬
‫في االشتراك فيها‪.‬‬
‫أم ا المناقص ات العام ة العالمي ة فيعلن عنه ا عن طري ق النش ر في وس ائل اإلعالم‬
‫المحلي ة و العالمي ة‪ ،‬بينم ا توج ه ال دعوة لالش تراك في المناقص ات المح دودة برس ائل‬
‫مسجلة‪.25‬‬
‫أما في مصر فتنص المادة "‪ "12‬من الالئحة التنفيذية للقانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪1998‬م‬
‫على أن يتم اإلعالن عن المناقص ة العام ة في ال وقت المناس ب على م رتين في ص حيفة‪،‬‬
‫‪26‬‬
‫أوصحيفتين يوميتين واسعتي االنتشار‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪29‬من الالئحة رقم ‪ 563‬لسنة ‪.2007‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪ -‬المادة (‪) 42‬من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم( ‪ ) 563‬لسنة ‪2007‬م‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪ -26‬المادة (‪ )12‬من الالئحة التنفيذية للقانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬بمصر‬


‫‪30‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ويتم اإلعالن عن المناقصات العامة في مصر والخارج باللغتين العربية واإلنجليزية‪،‬‬


‫كم ا يطلب من س فارات ال دول األجنبي ة بمص ر أو قنص لياتها‪ ،‬بحس ب األح وال إخط ار‬
‫المشتغلين بنوع النشاط موضوع اإلعالن بتلك الدول بصيغة اإلعالن عن المناقصة‪.‬‬
‫ونالحظ أن المشِّر ع المصري قد أعطى اإلدارة صاحبة العالقة سلطة تقديرية أوسع‬
‫في مجال اختيار أساليب نشر اإلعالن عن المناقصة متفوق ًا بذلك على نظيره الليبي‪ ،‬كما‬
‫أن القص ور ك ان واض حًا في نص الم ادة "‪ "30‬من الالئح ة المنظم ة للعق ود اإلداري ة في‬
‫ليبيا من حيث عدم إلزام اإلدارة بعدد مرات النشر‪ ،‬وال باللغات التي ينشر بها اإلعالن‪.‬‬
‫أما عند المش ِّر ع المغربي ف إن اإلعالن أو النشر نظمته المادة ‪ 20‬الفقرة الثانية من‬
‫مرس وم ‪ 20‬م ارس لس نة ‪ ،2013‬وال ذي نظم الص فقات العمومي ة‪ ،‬حيث نص ت على أن‬
‫يتم النش ر و اإلعالن في جري دتين على األق ل توزع ان على الص عيد الوط ني يختارهم ا‬
‫ص احب المش روع‪ ،‬وأن تك ون إح داهما باللغ ة العربي ة واألخ رى بلغ ة أجنبي ة‪ ،‬كم ا يمكن‬
‫موازاًة مع ذلك تبليغه إلى علم المتنافسين المحتملين‪ ،‬و عند االقتضاء إلى الهيئات المهنية‬
‫بواسطة نشرات متخصصة أو أية وسيلة أخرى لإلشهار‪ ،‬إضافة إلى إشهاره ضمن البواب ة‬
‫‪27‬‬
‫اإللكترونية للصفقات العمومية‬
‫ميعاد النشر «مدد اإلعالن»‬ ‫‪.1‬‬
‫إن الم دة الجوهري ة في نط اق اإلعالن هي تل ك المتعلق ة ب الفترة الزمني ة ال تي يمكن‬
‫للعارضين خاللها تقديم عروضهم‪ ،‬أو ترشيحهم‪ ،‬وهذه المدة يجب أن تكون كافية لتتيح‬
‫للمناقصين دراسة أوضاعهم‪ ،‬وأوضاع السوق‪ ،‬وموضوع المناقصة بروية وهدوء‪.‬‬
‫فيجب بطبيع ة الح ال أن تح دد مهل ة معقول ة لكي يفك ر فيه ا من يري د التق دم‪ ،‬ول يزن‬
‫عطاءه وظروفه جيدًا قبل التقدم‪.‬‬
‫في ليبي ا نظمت الم ادة «‪ »27‬من الئح ة الص فقات العمومي ة ميع اد النش ر و اإلعالن‪،‬‬
‫حيث أوجبت أن يتم اإلعالن عن األعمال المراد تنفيذها‪ ،‬وعن توريد األصناف أو المواد‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 2.12.349‬الصادر في ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬المتعلق بالصفقات العمومية بالمغرب‬ ‫‪27‬‬

‫‪31‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلوب ة في وقت مناس ب‪ ،‬بحيث يك ون هن اك وقت ك اف إلع ادة المناقص ة إذا اقتض ى‬
‫األمر ذلك‪.‬‬
‫وي راعي بالنس بة لمناقص ات التوري د الس نوية أن يتم اإلعالن قب ل بداي ة الس نة المالي ة‬
‫بثالث ة أش هر على األق ل‪ ،‬و بالنس بة لمناقص ات التوري د الموس مية يتم اإلعالن في وقت‬
‫يسمح بتوريد المواد‪ ،‬أو األشياء المطلوبة في الموسم دون تأخير‪.‬‬
‫كم ا يجب أن ال تق ل م دة تق ديم العط اء عن ثالثين يوم ًا من ت اريخ اإلعالن ألول‬
‫مرة‪ ،‬ويجوز موافقة الجهة المختصة إصدار اإلذن في إجراء ومباشرة التعاقد تقليل هذه‬
‫المدة إذا كان ثمة مقتضى يتطلب ذلك‪ ،‬على أن ال تقل عن خمسة عشر يومًا‪.‬‬
‫وفي مص ر أوجب المش ِّر ع بالم ادة "‪ "41‬من الئح ة التنفيذي ة للق انون رقم ‪ 89‬لس نة‬
‫‪1998‬م أن تحديد مدة ثالثين يومًا على األقل لتقديم العطاءات في المناقصة العامة‪ ،‬على‬
‫أن تحس ب ه ذه الم دة اعتب ارًا من ت اريخ أول إعالن في الص حف اليومي ة؛ أي أن حس اب‬
‫الم دة يب دأ من ي وم اإلعالن وليس من الي وم الت الي لإلعالن‪ .‬وم ع ذل ك أج ازت الالئح ة‬
‫التنفيذية تقصير هذه المدة بموافقة السلطة المختصة بحيث ال تقل عن عشرين يومًا‪.28‬‬
‫أم ا في المغ رب فيجب أن يتم ه ذا اإلعالن قب ل الت اريخ المح دد الس تالم الع روض‬
‫يوم ًا ك امًال من الي وم الم والي لنش ر اإلعالن في ث اني ص حيفة‪.‬‬ ‫ب‪)21( -‬‬
‫و يمكن تمدي د األج ل لإلعالن إلى ‪ 40‬يوم ًا على األق ل في ح التين فق ط ؛األولى بالنس بة‬
‫لصفقات األشغال التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر ‪ 65‬مليون درهم دون احتساب الرسوم‪،‬‬
‫والثانية بالنسبة لصفقات التوريدات و الخدمات التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر مليون و‬
‫‪29‬‬
‫ثمانمائة ألف درهم دون احتساب الرسوم‪.‬‬

‫‪ -‬أش ارت الم ادة "‪ "41‬من الالئح ة التنفيذي ة إلى أن ه «يجب اإلعالن عن الممارس ة العام ة في ال وقت المناس ب طبق ًا‬ ‫‪28‬‬

‫إلج راءات النش ر عن المناقص ة العام ة المبين ة به ذه الالئح ة‪ ،‬إال ان ه ال يمن ع وج ود بعض القواع د الخاص ة بأس لوب‬
‫الممارسة كالمدة المحددة لتقديم العروض حيث يجوز في حالة االستعجال وموافقة اللجنة المختصة تقصير المدة المحددة‬
‫لتقديم العروض على األقل تلك المدة عن عشرة أيام من تاريخ أول إعالن عن الممارسة»‪.‬‬
‫‪ .‬المرسوم رقم ‪ 2.12.349‬الصادر في ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬المتعلق بالصفقات العمومية‪.‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪32‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫و يمكن تغي ير الح دين المش ار إليهم ا س ابقًا بم وجب ق رار لل وزير المكل ف بالمالي ة بع د‬
‫اس تطالع رأي لجن ة الص فقات‪ ،‬ومن المالح ظ أن المش ِّر ع المغ ربي ق د وس ع من آج ال‬
‫اإلعالن عن الص فقات الض خمة لم ا تتطلب ه من إع داد تق ني و ف ني على ق در كب ير من‬
‫‪30‬‬
‫األهمية‪ ،‬مما يستلزم توسيع آجال إعداد الملفات من أجل المشاركة‬
‫ونالح ظ أن المش ِّر ع اللي بي والمش ِّر ع المص ري لم يبين ا الح االت ال تي يج وز أن‬
‫تنخفض بموجبه ا ه ذه الم دة بالتحدي د‪ ،‬وبقائ ه خاض عًا لمحض تق دير الس لطة المختص ة من‬
‫شأنه أن يمس بمبدأ الشفافية‪ ،‬لذلك سيكون من األفضل لو أن المشِّر عان الليبي والمص ري‬
‫قيدا هذا التخفيض بوجود حالة الضرورة‪ ،‬وإ ن كان مصطلح الضرورة مصطلحًا واسعًا‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬األثر المترتب على مخالفة إجراءات اإلعالن عن المناقصة‪.‬‬
‫لكي ينتج اإلعالن عن المناقص ة أث اره القانوني ة يجب أن ي أتي في ش كله ومض مونه‬
‫موافقًا ألحكام القانون‪ ،‬وهنا البد من عرض االتجاهات التي طرحت‪.‬‬
‫االتج اه األول‪ :‬ي رى أن ه أي مخالف ة لش روط اإلعالن عن العط اءات تبط ل إج راءات‬
‫العطاء‪ ،‬وبالتالي تلغيه ليطرح العطاء من جديد بإجراءات إعالن سليمة‪.31‬‬
‫االتج اه الث اني‪ :‬يف رق بين م ا إذا تحق ق أث ر اإلعالن من عدم ه‪ ،‬ف إذا ك ان ق د تق دم‬
‫للعط اء ع دد كب ير من أص حاب العط اءات فق د تحققت الغاي ة من اإلعالن طبق اً لقاع دة‬
‫البطالن ال ذي ال يق ع إذا تحققت الغاي ة من اإلج راء‪ ،‬وأن ني أرى هن ا ت رجيح االتج اه األول‬
‫على االتج اه الث اني على اعتب ار أن ه إذا تخل ف أي ش رط من ش روط اإلعالن ي ؤدي إلى‬
‫بطالنه فحجة االتجاه الثاني غير سلمية‪ ،‬وال يعتبر تبريرًا كافي ًا لحل المسألة ألن اإلعالن‬
‫عن المناقص ة يعتبر قمة اله رم ال ذي يحكم المناقص ات العام ة والممارسات العام ة‪ ،‬وعليه‬
‫تعت بر العالني ة مب دًأ أساس يًا من المب ادئ ال تي تحكم نظ ام المناقص ات والممارس ات العام ة‪،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد كرامي ‪،‬القانون اإلداري‪ ،‬بدون مطبعة‪ ،‬طبعة ‪، 2000‬ص ‪259‬‬ ‫‪30‬‬

‫د‪ .‬إب راهيم ط ه الفي اض‪ ،‬العق ود اإلداري ة (النظري ة العام ة وتطبيقاته ا في الق انون الكوي تي المق ارن م ع ش رح ق انون‬ ‫‪31‬‬

‫المناقصات الكويتي رقم ‪ 37‬لسنة ‪ ،)1964‬ط ‪ ،1‬مطبعة الفالح للنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪1981 ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪33‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وال تي نص عليه ا الق انون اللي بي‪ ،‬والق انون المص ري كم ا أنه ا من قبي ل القواع د اآلم رة‪،‬‬
‫يؤدي الخلل فيها إلى عدم مشروعية هذه المناقصات والممارسات‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬التكييف القانوني لإلعالن عن المناقصات و المزايدات العامة‪.‬‬
‫إن اإلعالن عن المناقص ة‪ ،‬أو المزاي دة‪ ،‬أو الممارس ة‪ ،‬ال يع دو أن يك ون مج رد‬
‫دعوة إلى التعاقد‪ ،‬ومن ثم فإنه ال يمثل إيجابًا تتقدم به اإلدارة إلى المتعاقد معها‪.32‬‬
‫وعلى ذل ك اس تقر القض اء اإلداري المص ري‪ ،‬حيث ذهبت المحكم ة اإلداري ة العلي ا‬
‫إلى أن « إعالن اإلدارة عن إجراء مناقصة أو مزايدة أو ممارسة لتوريد بعض األصناف‬

‫عن طري ق التق دم لعط اءات ليس إال دع وة إلى التعاق د‪ ،‬وأن التق دم بالعط اءات وفق ًا‬
‫للمواص فات واالش تراطات المعلن عنه ا ه و اإليج اب ال ذي ينبغي أن يتلقي عن ده قب ول‬
‫اإلدارة لينعقد العقد»‪.33‬‬

‫د‪ .‬ج ابر ج اد نص ار‪ ،‬المناقص ات العام ة ‪ ،‬الطبع ة الثاني ة‪( ،‬دراس ة مقارن ة في الق انونين المص ري والفرنس ي )‪،‬دار‬ ‫‪32‬‬

‫النهضة العربية القاهرة ‪ ،‬سنة ‪، 2002‬ص ‪.56‬‬


‫‪ -‬المحكم ة اإلداري ة العلي ا في حكمه ا في الطبع ة رقم ‪ 2480‬لس نة ‪46‬ق – جلس ة ‪2005 – 2- 1‬م‪ .‬حكمه ا في‬ ‫‪33‬‬

‫الطبعة رقم ‪ 314‬لسنة ‪46‬ق جلسة ‪2005-2-1‬م مشار إليها عند – د‪ -‬عاطف سعدي محمد ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫‪34‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع الثاني ‪:‬تحديد شروط المناقصة «كراسة الشروط»‪.‬‬


‫تتضمن كراسة الشروط جميع المواصفات و االشتراطات التي يجب أن تراعى عند‬
‫تنفيذ العقد‪ ،‬وإ ذا كان الواقع العملي يبين لنا صعوبة أن يتضمن اإلعالن عن المناقصة أو‬
‫المزايدة للتفصيالت العملية المطلوب تنفيذها‪ ،‬لذلك تعد كراسة الشروط التي تحتوي على‬
‫مثل هذه المعلومات ضرورية‪.34‬‬
‫ل ذا ف إن اإلعالن عن المناقص ة يحي ل إلى كراس ة الش روط ال تي تع دها اإلدارة‬
‫بخصوص موضوع المناقصة‪ ،‬والتي تحتوي على طبيعة عملية الشراء وإ طارها الزمني‪،‬‬
‫ومن ضمن ذلك المواصفات الفنية‪ ،‬والشروط التعاقدية‪.35‬‬
‫والمعلوم ات الخاص ة بزي ارة الموق ع في المق اوالت والتعليم ات الخاص ة بإع داد‬
‫العط اءات وتق ديمها‪ ،‬ومن ض من ذل ك اإلعالن عن الموع د النه ائي لتق ديم العط اءات‪،‬‬
‫ومكان فتح المظاريف‪ ،‬وزمانه‪ ،‬والعناصر التي يجب أن تنعكس في األس عار‪ ،‬والعمالت‬
‫ال تي س يحدد الس عر من خالله ا‪ ،‬وت اريخ مع دل ص رف العمل ة ال ذي سيس تخدم في مقارن ة‬
‫العط اءات‪ ،‬ومع ايير العط اءات وأس لوب التق ييم واختي ار المن اقص الف ائز‪ ،‬وإ مكاني ة تق ديم‬
‫ب دائل المواص فات الفني ة‪ ،‬وكيفي ة تق ييم ه ذه الب دائل‪ ،‬كم ا تح دد كراس ة الش روط م دى‬
‫ص الحية العط اءات‪ ،‬ومق دار الت أمين الم ؤقت إن وج د أو غ يره من التأمين ات‪ ،‬والش كل‬
‫المقب ول له ذه التأمين ات واإلعالن عن الض وابط الخاص ة بتض ارب المص الح‪ ،‬وبقواع د‬
‫مكافحة االحتيال والفساد‪ ،‬وأي أمور أخرى ترى الجهة اإلدارية ضرورية النص عليها‪.36‬‬

‫د‪ .‬وليد خليل هيكل‪ ،‬العقود اإلدارية (دراسة مقارنة مع التعمق مع دراسة خاصة للقانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬بشأن‬ ‫‪34‬‬

‫المناقصات والمزايدات)‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫د‪ .‬مهند نوح مختار ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.327‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬هاني عبد الرحمن‪، ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.144‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪35‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫إذًا كراسة الشروط تتضمن الشروط العامة والخاصة‪ ،‬والمواصفات الفنية‪ ،‬وقوائم‬
‫األصناف‪ ،‬واألعمال وملحقاتها‪ ،‬وكلما كانت الشروط الواردة في كراسة الشروط عامة‬
‫ومجردة كان ذلك تطبيقًا عمليًا لمبدأ المنافسة في إجراءات الشراء‪.37‬‬
‫والش ك أن كراس ة الش روط وم ا تتض منه من بيان ات تمث ل أهمي ة ك برى في تش كيل‬
‫موق ف المق اول‪ ،‬أو المتعه د ال ذي ي رغب للتق دم بالتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬والب د من توف ير‬
‫كراس ات لجمي ع المناقص ين « ال ذين يطلبونه ا وي دفعون ثمنه ا إن ك انت بمقاب ل » م ا لم‬
‫يكونوا خاضعين لقرارات الحرمان أو االستبعاد‪.‬‬
‫ففي ليبي ا‪ ،‬يحيلن ا اإلعالن عن المناقص ات إلى خط وات إع داد وث ائق المناقص ات‬
‫وال دعوات التنافس ية ال تي يجب أن تش مل وث ائق المناقص ة على المعلوم ات التفص يلية‬
‫اآلتية‪.38‬‬
‫‪ -1‬قائم ة بالس لع والخ دمات‪ ،‬أو األش غال العام ة ال تي تري د اإلدارة تنفي ذها من خالل‬
‫المناقص ة أو ال دعوات التنافس ية‪ ،‬متض منة تفص يًال دقيق ًا م ع الخرائ ط والتص اميم والمس تندات‬
‫المتعلقة بها‪.‬‬

‫‪ -2‬تحديد زمان ومكان تقديم العطاءات والموعد النهائي واإلشعار "التنبيه" بعدم قبول‬

‫عطاء بعد ذلك الموعد والملحق رقم "‪ "6‬يوضح نموذج المواد المطلوبة‪.‬‬

‫‪ -3‬قائم ة باألحك ام والقواع د والش روط األساس ية‪ ،‬وال تي يجب على مق دمي العط اء‬

‫العلم بها وفهمها بشكل كامل‪ ،‬وكذلك التعليمات الخاصة بالمناقصة التي تمثل أساس العقد‬

‫المزمع إبرامه الحقًا على آثر المناقصة‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد ناصر‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.151‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬خالد عبداهلل كرفاش‪ ،‬أحكام ووسائل إبرام العقود اإلدارية ‪ ،‬رسالة دكتوراه جامعة القاهرة‪.2014 ،‬ص‪64‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪36‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أم ا في مص ر فنص ت الم ادة "‪ "7‬من الالئح ة التنفيذي ة للق انون رقم ‪ 89‬لس نة ‪1998‬م‬
‫على أن ه «يجب أن تع د ك ل جه ة قب ل اإلعالن أو ال دعوة لالش تراك في المناقص ة أو‬
‫الممارسة بجميع أنواعها كراسة خاصة بمستندات الطرح تشمل الشروط العامة والخاصة‪،‬‬
‫والشروط والمواصفات الفنية‪ ،‬وقوائم األصناف أو األعمال وملحقاتها» ‪.‬‬
‫‪39‬‬

‫ويتم طب ع الكراس ة المش ار إليه ا وتوزيعه ا بع د ختمه ا واعتم اد م دير المش تريات له ا‬
‫على من يطلبها وفق ًا للقواعد وبالثمن الذي تحدده الجهة اإلدارية بشرط أن يكون بالتكلفة‬
‫الفعلية لجميع المستندات مضافًا إليها نسبة مئوية ال تزيد عن"‪ "20%‬كمصروفات إدارية‪.‬‬

‫كم ا نص ت الكراس ة على أن ه في الح االت ال تي يتطلب فيه ا موض وع التعاق د توف ير‬
‫أعم ال الص يانة وقط ع الغي ار‪ ،‬فيجب تض مين ش روط الط رح الم دة الالزم ة لتوف ير ه ذه‬
‫اإلعم ال‪ ،‬وتحدي د ن وع الص يانة المطلوب ة «عادي ة‪ -‬ش املة قط ع الغي ار» على أن يؤخ ذ في‬
‫‪40‬‬
‫االعتبار عند تقديم العروض الناحية الفنية والمالية‪.‬‬

‫وقد بينت المادة "‪ "3‬من الالئحة ذاتها كيفية تحديد هذه الشروط إذ نص ت على أن "‬
‫يكون الطرح على أساس مواصفات فنية دقيقة ومفصلة يتم وضعها بمعرفة لجن ة فني ة ذات‬
‫خ برة باألص ناف أو األعم ال المطلوب ة‪ ،‬وت راعي المواص فات ال تي تص درها أو تعتم دها‬
‫الجه ات الفني ة المختص ة‪ .‬وفي الح االت ال تي يتم فيه ا الط رح على أس اس عين ات فيجب‬
‫النص على وزنها‪ ،‬أو مقاسها‪ ،‬أو حجمها‪ ،‬وفي األصناف التي يلزم توريدها داخ ل عب وات‬
‫يجب بي ان ن وع ه ذه العب وات‪ ،‬وس عتها‪ ،‬ومواص فاتها‪ ،‬ويك ون الط رح على أس اس العين ات‬
‫النموذجية الخاصة بالجهة اإلدارية في الحاالت التي يتعذر فيها توصيف موضوع التعاقد‬

‫توصيفًا‬

‫‪ .‬المادة "‪ "7‬من الالئحة التنفيذية للقانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪1998‬م بمصر‬ ‫‪39‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪،‬دار النهضة العربية‪ ،2005 ،‬ص ‪132‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪37‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫دقيق ًا ويجوز في ه ذه الحالة بيع نموذج منه ا لمقدمي العط اءات‪ ،‬ويجب بالنسبة إلى‬
‫‪41‬‬
‫مقاوالت األعمال إعداد الرسومات الفنية الالزمة»‪.‬‬
‫وتعتبر كراسة الشروط التي تعدها الجهة اإلدارية بيان ًا لقوائم األصناف أو اإلعمال‬
‫موض وع المناقص ة وجزًء ا ال يتج زأ من العق د وتمث ل الش روط والمواص فات ال تي تحتويه ا‬
‫أساس ا للتعاق د‪ ،‬بين الجه ة ومق دم العط اء ح تى ول و لم ينص على ذل ك في مض مون العق د‬
‫الذي تم إبرامه بين جهة اإلدارة والمتعاقد معها ‪ ،‬كما يتطلب استفتاء مجلس الدولة حول‬
‫‪42‬‬

‫كراس ة الش روط والموص فات‪ ،‬وذل ك في المرحل ة الس ابقة على توزيعه ا على الراغ بين في‬
‫االشتراك بإجراءات التعاقد‪ ،‬وعلة ذلك تكمن في أن هذه الكراسة ستصبح جزاًء ا من العقد‬
‫المزمع إبرامه‪ ،‬مما يحضر التعديل فيها بعد مراجعتها من مجلس الدولة‪ ،‬وان تم ذلك‬
‫فيجب إعادة عرضها على المجلس من جديد ‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫ومن ثم الب د من معرف ة الطبيع ة القانوني ة لكراس ة الش روط‪ ،‬وحكم الق انون في حال ة‬
‫التعارض بين نصوص العقد وما ورد في كراسة الشروط‪ ،‬وكما يلزم البحث حول جواز‬
‫تعديل كراسة الشروط بعد اإلعالن عنها‪ ،‬وهذا ما سوف نتناوله من خالل ما يأتي ‪:‬‬

‫‪ .‬المرجع السابق ص‪132‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عليوه فتح الباب‪ ،‬الموسوعة العلمية‪ ،‬في المناقصات والمزايدات وعقود الجهات اإلدارية ‪،‬الطبعة األولى ‪،‬مكتبة‬ ‫‪42‬‬

‫كوميت ‪ ،‬القاهرة ‪، 1999 ،‬ص ‪754‬‬


‫‪ -‬حيث أفتت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بما يلي «وهذه المراجعة التي تجديها إدارة الفتوى أو اللجنة‬ ‫‪43‬‬

‫المختصة لمجلس الدولة‪ ،‬ال تقف عند حد بنود مشروع العقد‪ ،‬إنما تمتد لتشمل اإلجراءات التي سبقته وجميع ما يعتبر‬
‫جزًء ا من ه‪ ،‬للوق وف على م دى مطابقته ا بحكم الق انون‪ ،‬وم دى تأثيره ا على ص حة العقد أن ك ان لذلك وجه‪ ......‬فت وى‬
‫‪ 147‬ملف رقم ‪ .54/1/344‬جلسة ‪21.1.1998‬م‪،‬‬
‫‪38‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أوال ‪ -‬الطبيعة القانونية لكراسة الشروط(شروط المناقصة)‪.‬‬

‫لتحدي د الطبيع ة القانوني ة لكراس ة الش روط أهمي ة في مج ال التط بيق‪ ،‬ذل ك ألن تحدي د‬
‫هذه الطبيعة القانونية يعتمد النظام القانوني الذي يطبق على ما احتوته الكراسة من شروط‬
‫في إطار عملية تعاقدية معينة ‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫وبعض هذه الشروط تكون أكثر أهمية بهدف تحديد القواعد العامة التي على أساسها‬
‫يك ون تنفي ذ العق د‪ ،‬وتعت بر ه ذه الش روط بمثاب ة مش اركة يتض منها العق د وتص بح من بن ود‬
‫العقد وإ ن كان هناك رأي يعتبرها في حقيقة أمرها تنظيمية‪ ،‬ومعنى هذا أنه يوجد نوعان‬
‫من الشروط‪.‬‬

‫النوع األول ‪ :‬الشروط األكثر أهمية السابق ذكرها‪ ،‬والتي بمقتضاها ينفذ العقد وتحق ق‬
‫ه ذه الش روط مب دأ المس اواة وتك افؤ الف رص أم ام جمي ع المتق دمين بالعط اءات س واء في‬
‫المناقصة أو المزايدة‪.‬‬

‫الن وع الث اني‪ :‬ويتعل ق بالنص وص واألحك ام الخاص ة ب إجراءات إب رام عق د بذات ه‪،‬‬
‫ولكي نوضح أكثر الطبيعة القانونية لكراسة الشروط يجب أن نستطلع آراء الفقه اء في ه ذا‬
‫الخصوص حيث ذهب جانب من الفقهاء إلى أنها تعد جزًء ا ال يتجزأ من العقد‪ ،‬حتى ولو‬
‫لم ينص على ذلك في االتفاقات الموقعة بين اإلدارة والمتعاقد معها ‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫وقد أيدت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع هذا االتجاه حيث قررت طرح‬
‫األص ناف الم راد ش راؤها في مناقص ة أو ممارس ة إنم ا يك ون على أس اس مواص فات فني ة‬
‫دقيقة ومفصلة‪ ،‬واشتراطات عامة وخاصة تستقل جهة اإلدارة بوضعها‪ ،‬وبمجرد اإلعالن‬

‫‪ -‬د‪ .‬وليد خليل هيكل‪ ،‬مرجع السابق‪.‬ص‪55‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.59‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪39‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫عن المناقصة أو الممارسة تعتبر هذه الشروط والمواصفات هي قانون التعاقد الذي يتعين‬
‫االلتزام بها وعدم الفكاك منها ‪.‬‬
‫‪46‬‬

‫بينم ا ذهب رأي آخ ر إلى ض رورة التفرق ة بين الش روط الخاص ة التعاقدي ة‪ ،‬وبين‬
‫الش روط العام ة التنظيمي ة‪ ،‬وأن األولى فق ط دون الثاني ة هي ال تي تع د ج زًء ا من العق د‬
‫وواجبة التطبيق كحكم من أحكامه ‪.‬‬
‫‪47‬‬

‫وال يك ون لكراس ة الش روط الق وة القانوني ة في مواجه ة المتعاق د إال من ت اريخ إب رام‬
‫العقد‪ ،‬فبعد التعاقد يكون للشروط الواردة في الكراسة ما للشروط التي تضمنها بنود العقد‬
‫من ق وة قانوني ة‪ ،‬حيث تص بح ج زًء ا ال يتج زأ من العق د نفس ه‪ ،‬وبعب ارة أخ رى تص بح له ا‬
‫طبيع ة تعاقدي ة‪ ،‬وي ترتب عن التفرق ة أهمي ة عملي ة بالغ ة مؤداه ا أن اإلخالل بالش روط‬
‫التعاقدي ة يك ون مث اًر ا للطعن من ج انب األط راف التعاقدي ة فق ط في مواجه ة بعض ها‪،‬‬
‫ويختص في نظ ر ه ذا الطعن قاض ي العق د‪ ،‬في حين ال يك ون للغ ير س وى ح ق الطعن في‬
‫الش روط العام ة التنظيمي ة إذا م ا تض منت إخالًال بمب ادئ العالني ة والمس اواة والمنافس ة‬
‫الحرة ‪.‬‬
‫‪48‬‬

‫أما موقف التشريع الليبي فلقد نصت الئحة الصفقات العمومية على تضمن عقود‬
‫األش غال العام ة أحكام ًا تل زم تط بيق ش روط المق اوالت ألعم ال الهندس ة المدني ة‪ ،‬وش روط‬
‫المقاوالت ألعمال الهندسة الكهربائية‪ ،‬والميكانيكية‪ ،‬والكيميائية المعتمدة من الئحة اللجنة‬
‫للتخطي ط‪ ،‬واإلس كان المعم ول به ا داخ ل ليبي ا‪ ،‬واعتباره ا ج زًء ا ال يتج زأ من تل ك العق ود‪،‬‬
‫فيما لم يرد فيه نص خاص فيها‪ ،‬ومراعاة أحكام القوانين النافذة ذات العالقة بالعقود العامة‬
‫وتوجيهات اللجنة الشعبية للتخطيط واإلسكان "سابقا" ‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫‪ -‬إفتاء الجمعية العمومية رقم ‪ 692‬بتاريخ ‪2002-7-22‬م ملف رقم ‪ 1154/392‬المجموعة‪ ،‬المدة من فبراير سنة‬ ‫‪46‬‬

‫‪2002‬م حتى يوليو ‪ 2002‬ص ‪.155‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬عاطف سعدي‪ ،.‬عقود التوريد بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.241‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عاطف سعدي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.241‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪ -‬نص الفقرة األولى والثانية من المادة "‪ "20‬من الئحة العقود اإلدارية بليبيا ‪ 563‬لسنة ‪.2007‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪40‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أم ا في حال ة تع ارض الش روط ال واردة بكراس ة الش روط‪ ،‬وتل ك ال تي تض منها العق د‬
‫النه ائي ال ذي تم إبرام ه بين المتعاق د واإلدارة‪ ،‬حيث تعت بر الش روط ال واردة الالحق ة في‬
‫العق د واجب ة االتب اع ؛ألنه ا تعت بر معدل ة لتل ك الش روط ال تي وردت في كراس ة الش روط‪،‬‬
‫فيعتبر قبول المتعاقد مع اإلدارة إبرام العقد مع وجود هذه الشروط قبوًال منه بالتعديل ما‬
‫لم تق ف فك رة النظ ام الع ام ح ائًال دون ذل ك بطبيع ة الح ال‪ ،‬وق د اتف ق الق انون اللي بي م ع‬
‫القانون المصري في هذا االتجاه‪ ،‬فإن العقد يبرم على أساس آخر نموذج صادر من أحد‬
‫طرفي العقد وبما يتضمنه من شروط‪.‬‬

‫الق انون يق دم الق ول الفص ل بالنس بة للش روط التعاقدي ة للق ول األخ ير في سلس لة‬
‫المراسالت بين الطرفين‪ ،‬إذا قام الطرف الذي يستلم النموذج أو الوثيقة بتنفيذ العقد دون‬

‫االعتراض على ما جاء فيها من شروط مخالفة لشروطه التعاقدية ُع َّد ذلك قبوًال ضمنيًا‬
‫لإليجاب الجديد أو المضاد ‪ « .‬وذلك بعد انتهاء المدة المقررة في اإلعالن» كما يجب هنا‬
‫‪50‬‬

‫أن نبين النتائج القانونية لطبيعة كراسة الشروط في تنفيذ العقد وهي اآلتية‪:‬‬

‫ال تكتسب كراسة الشروط الطبيعة القانونية على عقد إال إذا تعين هذا العقد‬ ‫‪.1‬‬
‫بذات ه؛ بمع نى أن ه طالم ا لم يتح دد عق د معين ال يك ون لكراس ة الش روط أي ة قيم ة‬
‫قانونية‪.‬‬
‫يمكن أن تفسر نصوص الكراسة بنصوص كراسات شروط سابقة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يكون لما ورد في كراسة الشروط من نصوص الطبيعة القانونية لنصوص‬ ‫‪.3‬‬
‫العقد نفسها‪ ،‬وإ ذا حصل تعديل في نصوص الكراسة فال يسري هذا التعديل على‬
‫العقود المبرمة قبل التعديل‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حسن محمد عواضة‪ ،‬المبادئ األساسية للقانون اإلداري ‪ ،‬الطبعة األولى المؤسسة الجامعية للدراسات‪ ،‬لبنان ‪،‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪، 1997‬ص ‪153‬‬


‫‪41‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫لكن ه ذا يقودن ا إلى ط رح س ؤال‪ ،‬وه و م ا الحكم في حال ة تع ارض األحك ام‬
‫المنص وص عليه ا في كراس ة الش روط عن تل ك ال تي وردت في ق انون المناقص ات‬
‫والمزايدات والئحته التنفيذية؟‬
‫في هذه الحالة نكون أمام حالتين‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬أن يتض من العق د الم برم بين اإلدارة والمتعاق د معه ا م ا يفي د ص راحة‬
‫لإلحالة إلى قانون المناقصات والمزايدات والئحته التنفيذية‪ ،‬والتي تعتبر جزًء ا مكمًال لهذه‬
‫الشروط وتكون هذه الشروط أساس التعاقد‪ ،‬فعلى أساسها وبناء على أحكامها تقدم المتعاقد‬
‫بعطائه ‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫الحال ة الثاني ة‪ :‬خل و العق د من اإلحال ة على نص وص ق انون المناقص ات والمزاي دات‬
‫والئحته التنفيذية‪ ،‬فهنا ال تعتبر هذه النصوص جزًء ا من العقد إال بالقدر الذي ال تتخالف‬
‫فيه مع نصوص العقد وما ورد بكراسة الشروط‪ ،‬فإذا خالفته وجب تغليب نصوص العقد‬
‫و ما ورد في كراسة الشروط‪ ،‬وقد أكدت ذلك الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس‬
‫الدولة «بأن الئحة المناقصات والمزايدات جزًء ا من العقد ما لم يتضمن العقد أحكامها أو‬
‫اإلحال ة عليه ا باعتباره ا ج زًء ا مكمًال ل ه‪ ،‬وأن ه إذا تض من العق د مخالف ة ص ريحة ألحك ام‬
‫‪52‬‬
‫الالئحة فتكون العبرة بأحكام العقد نفسه»‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬تعديل كراسة الشروط بعد أبرام العقد ‪.‬‬
‫وكم ا س بق وذكرن ا أن كراس ة الش روط ال تي تع دها الجه ة اإلداري ة ت بين الق وائم‬
‫واألص ناف أو األعم ال موض وع المناقص ة وج زًء ا ال يتج زأ من العق د وتمث ل الش روط‬
‫والمواصفات التي تحتويها أساس ًا للتعاقد بين الجهة ومقدم العطاء‪ ،‬فذهب الرأي الراجع‬
‫في الفق ه المص ري‪ 53‬إلى ح ق الجه ة اإلداري ة في أن تع دل من دف تر الش روط أو ش رط‬
‫د‪ -‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.60‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪ -‬فت وى رقم ‪ 417‬في ‪ 1967-4-15‬الموس وعة اإلداري ة الحديث ة الج زء ‪ 18‬ص ‪ 973‬مش ار إلي ه عن د د‪.‬الس الل‬ ‫‪52‬‬

‫سعيد الهويدي‪ ،‬أسلوب المناقصة في إبرام العقود اإلدارية‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة طنطا ‪،‬سنة ‪ ،1998‬ص ‪.126‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة ‪،‬مرجع سابق ص ‪. 62‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪42‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المناقص ة أو كراس ة الش روط بع د إعالنه ا‪ ،‬لكن س لطة اإلدارة بالتع ديل مقي دة بش رطين‬
‫وهما‪:‬‬
‫ضرورة إعادة اإلعالن مرة أخرى و باإلجراءات التي يتم بها اإلعالن أول‬ ‫‪.1‬‬
‫مرة ذاتها‪.‬‬
‫ض رورة اح ترام الم دة ال تي ح ددها الق انون بين النش ر وبين تق ديم العط اءات‬ ‫‪.2‬‬
‫وذلك حتى يستطيع المتقدمون في المناقصة تكييف عطاءاتهم مع الشروط الجديدة‬
‫التي أعدتها اإلدارة وما يؤكد وجهة النظر هذه – ما ذهب إليه المش َّر ع في المادة "‬
‫‪ "39‬من الالئحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم ‪ 89‬لسنة ‪1998‬م التي‬
‫تقتض ي بأن ه ال يج وز إض افة‪ ،‬أوح ذف‪ ،‬أو تع ديل أي ش رط أو م ادة في‬
‫االشتراطات العامة أو الخاصة التي يتعين إقرارها من الجهات المختصة بمراجعة‬
‫العقود بمجلس الدولة إال بعد الرجوع إليها وموافقتها‪ ،‬وبذلك يفهم من النص إمكانية‬
‫التعديل لإلدارة‪.‬‬
‫أم ا في ليبي ا فنج د أن غي اب النص ال ذي ينظم تع ديل كراس ة الش روط‪ ،‬وع دم نص‬
‫المش َّر ع على ذل ك بنص ص ريح‪ ،‬وأرى أن ه ال يوج د م ا يمن ع من األخ ذ بم ا أخ ذ ب ه‬
‫المش َّر ع المص ري من إمكاني ة إع ادة اإلعالن نظ ًر ا لغي اب النص بالئح ة الص فقات‬
‫العمومية ‪.‬‬

‫وذهب رأي آخ ر في الفق ه إلى أن ه يمن ع على جه ة اإلدارة تع ديل المواص فات ال واردة بكراس ة الش روط بع د طبعه ا‬
‫وتوزيعها على المناقصين حتى وإ ن ظهرت مواصفات أحدث في السوق على أساس أن ذلك سيؤثر على مبدأ المساواة‬
‫وتكافؤ الفرص‪ ،‬أما إذا أرادت اإلدارة أن تعدل في المواصفات فيتعين عليها إلغاء المناقصة أو الممارسة ثم تعيد طرحه ا‬
‫مرة ثانية بكراسة شاملة لكافة التعديالت المطلوبة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب الثاني‬
‫مبدأ المساواة والشفافية في إبرام الصفقات العمومية‬
‫يعد مبدأ المساواة بين المواطنين بصورة عامة من المبادئ والقواعد الدستورية التي‬
‫نصت عليها جميع الدساتير‪ ،‬كما أكدت التشريعات على ضرورة احترام هذا المبدأ سواء‬
‫على ص عيد الس لطة اإلداري ة أو على ص عيد الس لطة القض ائية‪ ،‬وجع ل ب اب التن افس في‬
‫الحص ول على فرص ة التعاق د م ع اإلدارة مفت وح لك ل المواط نين وبك ل ش فافية‪ .‬كم ا أن‬
‫الش فافية كالعالني ة يؤدي ان إلى غاي ة واح دة هي المكاش فة‪ ،‬والص راحة‪ ،‬والوض وح‪ ،‬وإ زال ة‬
‫مناخ الضبابية والتعتيم‪ ،‬وعدم الثقة التي تولدت بين الحكومة والقطاع الخاص فيم ا مض ى‪،‬‬
‫وبه ذا المع نى فالعالني ة تع د ص ورة مع برة لم دلول الش فافية‪ ،‬وه و أم ر معن وي يلمس ه‬
‫المس تثمرون من وس ائل العالني ة المتاح ة لهم‪ ،‬وهي به ذا ناجم ة عن الفحص واالختب ار‬
‫للشيء وبيان ما فيه من عيوب‪.‬‬
‫ل ذلك س وف نبحث ه ذا المطلب في ف رعين‪ ،‬الف رع األول ‪:‬مب دأ المس اواة وتك افؤ‬
‫الفرص والفرع الثاني ‪:‬مبدأ الشفافية‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع األول‪ :‬مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المتنافسين‪.‬‬


‫إن مب دأ المس اواة بين المتنافس ين يؤس س لمب دإ المنافس ة المش روعة‪ ،‬إذ يتم اختي ار‬
‫ع روض المرش حين اس تنادًا إلى المعي ار نفس ه‪ ،‬وب دون أي تفرق ة أو تمي يز اس تنادًا إلى‬
‫‪54‬‬
‫عنصر الثمن‪.‬‬
‫تقوم المناقصات العامة المفتوحة وكذلك األنواع األخرى من المناقصات في خارج‬
‫ما تفرضه طبيعتها من قيود على أساس عام‪ ،‬هو المساواة بين المتنافسين؛ بمعنى أن لكل‬
‫من يملك قانونًا أن يتقدم إلى المناقصات العامة‪ ،‬بحق في االشتراك فيها على قدم المساواة‬
‫م ع ب اقي المتنافس ين‪ ،‬وليس لإلدارة أن تقيم أي تمي يز غ ير مش روع بين المتنافس ين‪ .‬ولق د‬
‫أوجبت التشريعات اإلدارية على اإلدارة احترام مبدأ المساواة في عالقاتها مع األفراد‪ ،‬وما‬
‫يهمنا هو التطبيقات اإلدارية لمبدأ المساواة بصورة عامة‪ ،‬وما يخص الصفقات العمومية‬
‫بص ورة خاص ة‪ ،‬والمتمث ل في إبق اء مب دأ المس اواة بين المتنافس ين على التعاق د م ع اإلدارة‬
‫مفتوحًا لكل الراغبين في التقدم من األشخاص الذين تشابهت مراكزهم القانونية‪.‬‬
‫وال يكتفي في هذا الصدد بالمساواة بين األشخاص المتقدمين في الجانب القانوني بل‬
‫باإلضافة إلى ذلك يشترط أن تكون مساواة فعلية عند التعامل معهم‪.55‬‬
‫لذا يجب على اإلدارة أن تراعي المساواة بين جميع الراغبين في التعاقد؛ بمعنى أن‬
‫لكل من يملك الحق قانوني ًا أن يتقدم إلى المناقصات العامة‪ ،‬و له الحق في االشتراك فيها‬
‫على قدم المس اواة مع ب اقي المتنافس ين‪ ،‬وليس لإلدارة أن تقيم أي تمييز غير مش روع بين‬
‫المتنافس ين‪ ،‬ويعت بر مب دأ المس اواة من أهم الس مات األساس ية لق انون تنظيم المناقص ات‬
‫والمزايدات‪.‬‬
‫ويفهم مما تقدم أن المناقصات العامة والممارسات العامة‪ ،‬وكذلك األنواع األخرى‬
‫من المناقصات خارج ما تفرضه طبيعتها من قيود‪ ،‬تقوم على أساس عام هو المساواة بين‬

‫‪ -‬عبد اهلل حداد‪ ،‬صفقات األشغال العمومية ودورها في التنمية‪ ،‬منشورات عكاظ ـ الرباط‪ ،2000 ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ .‬دار الفكر العربي‪ ،‬لسنة ‪ ،2011‬ص‪.237 :‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪45‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المتنافسين‪ ،‬والذي يمنح المتنافسين الفرصة نفسها لكل من يتقدم إلى المناقص ة أو المزاي دة‬
‫دون أي تفرقة بين واحد وآخر؛ وذلك بأنه ال يتم إعفاء بعض المتنافسين من شروط معينة‬
‫دون البعض اآلخر‪ ،‬أو إضافة شروط‪ ،‬أو حذفها‪ ،‬أو تعديلها بالنسبة للبعض اآلخر‪.56‬‬
‫فالنتيجة القانونية المترتبة عن المساواة هي أن الجهة اإلدارية ال يجوز لها أن تخل ق‬
‫وسائل وأساليب قانونية للتفرقة بين المتقدمين‪ ،‬كما ال يجوز لها أن تمنح امتيازات أو تضع‬
‫عقبات أمام المتنافسين‪ ،‬فتعتبر وسائل التمييز غير مشروعة تلك التي تضعها اإلدارة سواء‬
‫كانت قانونية أو واقعية؛ ومن أمثلة وسائل التمييز القانونية إعفاء أحد المتنافسين من تقديم‬
‫األوراق المطلوب ة‪ ،‬وأيض ًا خل ق وض ع واقعي يض ع بعض المتنافس ين في وض ع أس وأ من‬
‫غيرهم‪.‬‬
‫ويحص ل ه ذا ع ادة بط رق غ ير مباش رة عن طري ق ع دم اتب اع وس ائل اإلعالن في‬
‫المناقص ة باألس اليب ال تي نص عليه ا الق انون‪ ،57‬وك ذلك وض ع عقب ات مادي ة كإعف اء أح د‬
‫المتق دمين للمناقص ة من دف ع الت أمين‪ ،‬أو أن تقتص ر اإلدارة من م دة المناقص ة بطريق ة‬
‫عمديه يكون الهدف منها وضع أحد األفراد أو إحدى الشركات بوضع أفضل من غيره‪،‬‬
‫وبمقتض ى مب دأ المس اواة قب ول جه ة اإلدارة لجمي ع الطلب ات المقدم ة إليه ا من الراغ بين‬
‫بالتعاقد‪ ،‬فليس لها أن تستبعد بعض هذه الطلبات بقرارات عامة أو فردية‪.58‬‬
‫ويعد تحقيق مبدأ المساواة – قاعدة دستورية – ضمانة لألداء األفضل في المشاريع‬
‫اإلنشائية‪ ،‬ذلك أن الشعور الذي ينشأ عنه في نفوس اآلخرين يجعلهم يقدمون على التنافس‬
‫وهم مطمئنون إلى عدالة اإلجراءات وسالمة القرار اإلداري الذي سوف يتخذ‪.59‬‬

‫‪ - 56‬د‪ .‬محمود خلف الجبوري‪ ،‬العقود اإلدارية ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52 :‬‬
‫‪-‬د سعاد الشرقاوي‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.281 :‬‬ ‫‪57‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حسين درويش عبد العال‪ ،‬وسائل تعاقد اإلدارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.468 :‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الرؤوف جابر‪ ،‬النظرية العامة في إجراءات المناقصة والعقود‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬سنة‬ ‫‪59‬‬

‫‪ ،2003‬ص ‪.24‬‬
‫‪46‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وللوصول إلى تطبيق سليم لهذا المبدأ – دون أن يكون هناك تجاوزات أو انحرافات‬
‫عملي ة‪ -‬ينبغي على اإلدارة أن تض ع قواع د تنظيمي ة للتثبت من م دى ص الحية المتن افس‬
‫للتق دم بعطائ ه‪ ،‬وه ذه القواع د تك ون عام ة ومج ردة‪ ،‬س واء م ا يتعل ق منه ا بش روط منح‬

‫الترخيص بممارسة مهنة معينة‪ ،‬أو ما يتعلق بتصنيف المقاولين من حيث الدرجة‪ ،‬وأيض ًا‬
‫المنظم ة لعم ل الغ رف التجاري ة‪ ،‬باإلض افة إلى القواع د القانوني ة ال تي تس مح للمتق دمين‬
‫لغرض التعاقد بالتنفس في مجاالت معينة‪.60‬‬
‫ونظ رًا ألهمي ة مب دأ المس اواة بين المتنافس ين للتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬نص ت التش ريعات‬
‫المقارنة بإبرام العقد اإلداري على وجوب التزام اإلدارة بهذا المبدأ عند اختيار المتعاقدين‬
‫معها‪ ،‬وأكد ذلك القضاء اإلداري المقارن بأحكامه‪ ،‬ذلك أن العقد اإلداري يختلف عن غيره‬
‫من العق ود المدني ة في أن حري ة اإلدارة في اختي ار المتعاق دين معه ا تك ون مقي دة بمب دأ‬
‫المساواة بين المتنافسين للحصول على أفضل العروض‪ ،‬أما الفرد في عقوده الخاصة فهو‬

‫يخت ار من يتعاق د مع ه بحري ة كامل ة‪ ،‬فيك ون ح رًا في التعاق د من عدم ه‪ ،‬وإ ن ك ان مفض ًال‬
‫للتعاقد فهو يملك الحرية أيض ًا في اختيار المتعاقد اآلخر‪ .‬وهذا األمر ال يحمل على وجه‬
‫التعجب‪ ،‬ذل ك أن الف رد هن ا يتعام ل في أموال ه الخاص ة فه و إن أخط أ في اختي ار المتعاق د‪،‬‬
‫فالمسؤولية تقع عليه وحده إذا ما أهمل في ذلك أو تسرع في االختيار‪.‬‬
‫والمث ال على ذل ك أن رغب ة الش خص الع ادي في بن اء مس كن خ اص ب ه والتعاق د م ع‬
‫مق اول له ذا الغ رض ولكن األخ ير ك ان مق اوًال تنقص ه الكف اءة في األداء‪ ،‬فهن ا يك ون على‬
‫ذلك الشخص تحمل كافة ما يترتب على سوء اختياره من ضياع األموال وإ هدار للوقت‪،‬‬

‫ولكن األم ر مختل ف على المس توى اإلداري ف إذا م ا ابتغت اإلدارة إنش اء جامع ة مثًال‬
‫وتعاق دت له ذا الغ رض م ع مق اول‪ ،‬وت بين بع د ذل ك أن ه ذا المق اول ال يمل ك الكف اءة في‬
‫العم ل‪ ،‬هن ا ت ترتب مجموع ة من اآلث ار الناجم ة عن ه ذا الخط أ وال تي تص يب الخزان ة‬
‫العامة‪ ،‬وتسبب ضياع األموال‪ ،‬واإلضرار بالمجتمع بشكل عام‪ ،‬من حيث أن سوء اإلنش اء‬
‫‪ -‬د‪ .‬مازن ليلو راضي‪ ،‬العقود اإلدارية في القانون الليبي‪ ،‬منشأة المعارف ‪،‬سنة ‪ ،2003‬ص‪.75‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪47‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫له ذا المرف ق الع ام س يؤدي إلى اإلض رار ب المنتفعين ب ه‪ ،‬وتالفي ًا ل ذلك ال يمكن اإلدارة أن‬
‫تعتمد على متنافس دون غيره ألسباب شخصية ال تحقق المصلحة العامة‪ ،‬ومن هنا تأتي‬
‫فائ دة ال تزام اإلدارة بمب دأ المس اواة بين المتنافس ين للتعاق د معه ا والمتش ابهين في مراك زهم‬
‫القانونية والشروط المطلوبة‪.61‬‬
‫وب الرغم من أن تط بيق ه ذا المب دأ يك ون مفي دًا لإلدارة في اختي ار المتعاق دين معه ا‬
‫وبالتالي تحقيق المصلحة العامة‪ .‬إال أن مدى اعتماد مبدأ المساواة يختلف "من وسيلة إلى‬
‫أخرى من وسائل اختيار المتعاقدين"‪.‬‬
‫حيث تتس ع مج االت إعم ال ه ذا المب دأ في المناقص ات والمزاي دات العام ة المفتوح ة‬
‫وال تي أعلنت عنه ا اإلدارة‪ ،‬أم ا المناقص ات المح دودة "المقي دة" أو قص رها على األش خاص‬
‫والش ركات الوطني ة في المناقص ات المحلي ة‪ ،‬فمب دأ المس اواة يجب ت وافره في ه ذه أو تل ك‪،‬‬
‫فالمناقصة المحددة هي التي تتطلب طبيعتها قصر االشتراك فيها على موردين‪ ،‬أو مقاولين‬
‫أو استش اريين أو فن يين أو خ براء ب ذواتهم س واء في ال داخل أو الخ ارج‪ ،‬فتل تزم بالمس اواة‬
‫بين هؤالء المقاولين أو الموردين‪ ،‬بينما يقل مجال أعماله في طريقه لممارسة في اختيار‬
‫المتعاقد‪.‬‬
‫ل ذا يجب على اإلدارة أن تل تزم طريق ة اح ترام ش روط المناقص ة ومواعي دها بالنس بة‬
‫لكافة المتناقصين أو الممارسين دون تفرقة‪ ،‬فال يقبل أي شخص أو شركة أًّي ا كانت إذا لم‬
‫تت وافر في ه الش روط أو تق دم بع د الميع اد‪ ،‬أو تق دم في الميع اد‪ ،‬ول و يس توف اإلج راءات‬
‫الض رورية لالش تراك في المناقص ة أو الممارس ة حس ب اإلعالن والتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬كم ا‬
‫ال يج وز لإلدارة كقاع دة عام ة أن تتف اوض مع أحد المناقص ين في ش أن تعديل عطائ ه في‬
‫خارج االستثناءات‪ ،‬التي يقررها المشرع على هذه القاعدة العامة‪.‬‬

‫‪ -‬د‪.‬ن واف كنع ان‪ ،‬الق انون اإلداري‪ ،‬الكت اب الث اني‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬دار الثقاف ة للتوزي ع والنش ر‪ ،‬س نة‪ ،1996‬ص‪:‬‬ ‫‪61‬‬

‫‪.323‬‬
‫‪48‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وعموم ًا أي اس تثناءات ت رد على قاع دة عام ة من القواع د ال تي يتض منها النظ ام‬
‫القانوني للمناقصات والمزايدات يجب أن يرتبط أعمالها بمقتضاها‪ ،‬ويتساوى في تطبيقها‬
‫جميع المتقدمين الذين يوجدون في مركز قانوني واحد‪ ،‬ويعد هذا المبدأ مكمًال لمبدأ حرية‬
‫المنافسة‪.62‬‬
‫كم ا يجب أن تس ري األحك ام القانوني ة الخاص ة بالمناقص ات العام ة أو المزاي دات‬
‫العام ة على المتق دمين على ق دم المس اواة فيم ا بينهم ابت داء من الح ق في االش تراك وتق ديم‬
‫العطاء حتى لحظة إبرام العقد على من رست عليه المناقصة أو المزايدة‪.63‬‬
‫وقد أخذ المشَّر ع المصري بهذا المبدأ من خالل النص عليه صراحة في قانون تنظيم‬
‫المناقصات والمزايدات رقم ‪ 89‬لسنة ‪ ،1998‬حيث أخضع المناقصة العامة له‪.64‬‬
‫أم ا في ليبي ا ف إن اإلدارة تعتم د عن د إبرامه ا للعق د اإلداري على تعليم ات وش روط‬
‫تنظيم عملي ة اإلب رام للعق ود اإلداري ة حس ب الالئح ة المعم ول به ا والص ادرة عن اللجن ة‬
‫الش عبية العام ة ‪ -‬س ابقا‪ -‬وبع د االطالع على تل ك الالئح ة لم أج د نص ًا ص ريحًا يش ير إلى‬
‫تقرير مبدأ المساواة بين المتنافسين بالرغم من أن تلك الالئحة وضعت في موادها األولى‬
‫مبادئ أساسية كان األجدر بها اإلشارة إلى المبادئ التي تحكم إبرام العقد اإلداري‪ ،‬ومن‬
‫ضمنها مبدأ المساواة بين المتنافسين‪.‬‬
‫بل على العكس وجدت أن اإلدارة تستطيع أن تفرض شروطًا إضافية على المتقدمين‬
‫إليه ا تض من ت وافر خ برات خاص ة‪ ،‬أو تطلب وث ائق أو ش هادات معين ة ال تت وافر إال لفئ ة‬
‫معين ة من الراغ بين في التعاق د‪ ،‬ناهي ك عن أن اإلدارة تمل ك إعف اء بعض المتق دمين من‬
‫بعض الش روط‪ ،‬كإعف اء الش ركات الوطني ة من الت أمين االبت دائي ال واجب تقديم ه‪ ،‬أو ش رط‬
‫ت وافر الق درة المالي ة وال دليل كم ا ورد في الم ادة ‪ 55‬من الالئح ة الس ابقة ال ذكر "يج وز‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط‪، ،‬العقد اإلداري ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص ‪.126‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬إبراهيم طه فياض‪، ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.25‬‬ ‫‪63‬‬

‫‪ -‬المادة "‪ "2‬السابق ذكرها من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المصري رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬م‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪49‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫بموافقة الجهة المختصة باعتماد إجراءات التعاقد إعفاء الشركات الوطنية من تق ديم الت أمين‬
‫االبتدائي والتامين النهائي‪ ،‬كما يجوز لها إعفاء الشركات المشتركة وذلك بمناسبة مشاركة‬
‫الجانب العربي الليبي فيها‪"...‬‬

‫‪50‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مبدأ الشفافية‪ 65‬في إجراءات التعاقد‬


‫الشفافية كالعالنية يؤديان إلى غاية واحدة هي المكاشفة والصراحة والوضوح وإ زالة‬
‫مناخ الضبابية والتعتيم وعدم الثقة التي تولدت بين الحكومة والقطاع الخاص فيما مضى‪،‬‬
‫وبه ذا المع نى فالعالني ة تع د ص ورة مع برة لم دلول الش فافية وه و أم ر معن وي يلمس ه‬
‫المس تثمرون من وس ائل العالني ة المتاح ة لهم‪ ،‬وهي به ذا ناجم ة عن الفحص واالختب ار‬
‫للشيء وبيان ما فيه من عيوب‪.‬‬
‫ففي ليبيا من المالحظ أن الئحة الصفقات العمومية لم تورد أي إشارة أو ذكر لمبدأ‬
‫الشفافية إال من خالل نص موجز جاء في المادة ‪ 64‬من الالئحة اإلداري ة رقم ‪ 563‬لسنة‬
‫‪ ،2007‬حيث ذكرت السمات األساسية التي يجب أن تتسم بها إجراءات التعاقد وذلك من‬
‫خالل النص "على أن تتسم إجراءات التعاقد إلبرام الصفقات العمومية بالشفافية والنزاه ة‬
‫والعدالة في التنافس إضافة إلى األحكام ذات العالقة" ‪.‬‬
‫‪66‬‬

‫ونستنتج من خالل ما سبق ذكره أن مبادئ العالنية والمنافسة الحرة والشفافية‬


‫مرتبط ة م ع بعض ها البعض؛ بحيث ي ؤدي ك ل واح د منه ا إلى اآلخ ر‪ ،‬وأن ه يحت وي الغاي ة‬
‫التي يتضمنها المصطلح اآلخر‪ ،‬حيث أن العالنية والمنافسة الحرة والشفافية تبغي تحقيق‬
‫العدال ة والمس اواة والنزاه ة والحيادي ة الكامل ة من ج انب اإلدارة تج اه الراغ بين في التعاق د‬
‫معها‪ ،‬وليس لها أن تمنع أي فرد أو شركة من التقدم للمناقصات‪ ،‬وإ ال جاز للمتعاقد اآلخر‬
‫أن يلجأ للقضاء إذا كان استبعاده لغرض المحاباة للغير أو اإلضرار به‪ ،‬ولكن مع ذلك ف إن‬
‫إطالق ه ذه المب ادئ وجعله ا في فض اء الحري ة الواس عة دون الس رية المغلق ة‪ ،‬ال يع ني‬
‫حرم ان اإلدارة من حقه ا في أم رين ؛أنه ا تس عى إلى ض مانة س ير المرف ق الع ام بانتظ ام‬
‫وإ طراء وضمانة مصلحة المجتمع وهذا األمران هما‪:‬‬

‫‪ -‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 72‬من مرسوم ‪ 5‬فبراير ‪.2007‬‬ ‫‪65‬‬

‫‪ -‬المادة رقم ‪ 64‬من الئحة العقود اإلدارية‪ ،‬رقم ‪ 363‬سنة ‪ 2007‬م‪.‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪51‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪ -1‬استبعاد اإلدارة لألفراد غير المؤهلين للمشاركة في إبرام العقود مع اإلدارة‬


‫من الناحيتين المالية والفنية‪.‬‬
‫‪ -2‬ح ق اإلدارة في البحث عن الش ركات أو األف راد ال ذين يتمتع ون ببعض‬
‫الصفات‬
‫والشروط التي ترى اإلدارة توفرها في الشخص الراغب في التعاقد معها خاص ة في‬
‫مج ال عق ود االس تثمارات الخاص ة بالنف ط والغ از في ليبي ا‪ ،‬و اتفاقي ات التنمي ة االقتص ادية‬
‫وما نحن مقبلون عليه من ضرورة اإلسراع ببناء الهياكل التحتية للمجتمع الليبي في جميع‬
‫تفص يالته‪ .‬وهن اك من ي رى‪ 67‬ض رورة أن يتم اتب اع أم رين أساس يين في ه ذا المج ال‬
‫تحديدًا‪:‬‬

‫األول‪ :‬وج وب أن تتم مث ل ه ذه العق ود في جمي ع أنح اء الع الم تحت إش راف وعلم‬
‫الحكومة المركزية ومنها ليبيا‪ ،‬وال يعطى فيها المجال لحكومات األقاليم أو المحافظات من‬
‫إب رام ما يش اءون من عق ود دون علم وإ شراف وسيطرة الحكومة المركزية‪ ،‬وإ َّال ُع َّد هذا‬
‫العمل من العوامل التي تساهم بضياع ثروة ليبيا النفطية‪ ،‬وبالتالي تحقيق غايات شخصية‬
‫بحثه‪ ،‬دون النظر إلى المصلحة العامةّ مصلحة المجتمع الليبي" وخاصة إذا علمنا أن عقود‬
‫االس تثمارات النفطي ة تع د من أهم عق ود االمتي از في ليبي ا الرتباطه ا ب الثروة النفطي ة‬
‫بص ورها س واء ك انت عق ود االمتي از أو المش اركة‪ ،‬فإنه ا بالحص يلة عق ود تس توجب أن‬
‫تش رف عليه ا لج ان تتس م بالنزاه ة والحيادي ة في تط بيق جمي ع التعليم ات واألنظم ة ال تي‬
‫يض عها أه ل االختص اص في ه ذا المي دان ويجب أن تأخ ذ ص فة القاع دة القانوني ة وهي‬
‫العمومية والتجريد عند تعاقدها مع الشركات‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬إعطاء الحكومة أو اإلدارة سلطة تقديرية واسعة في اختيار الشركة المتعاقدة‬
‫معه ا أو الشركات ال تي توجه إليها ال دعوة لغرض االس تثمار في مجال النفط أو ال ثروات‬

‫‪ -‬د‪ ،‬محمد علي محمد‪ ،‬عقد امتياز المرفق العام‪ . ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة ‪،‬سنة‪ ،2014‬ص ‪.151‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪52‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الطبيعي ة األخ رى‪ ،‬دون أن ي ؤثر ذل ك على مب ادئ العالني ة والش فافية والمس اواة بين‬
‫المتعاقدين عند الرغبة في التعاقد مع اإلدارة‪ .‬هذا من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر فإن إعطاء‬
‫الحكومة أو اإلدارة الحرية في اختيار الشركة التي تريد إبرام عقد االمتياز معها وخاصة‬
‫في جانب االستثمارات النفطية له أهمية في الحفاظ على سيادة الدولة وهيبتها‪ ،‬والتي يجب‬
‫فيه ا خض وع ه ذه الش ركات في أدائه ا لعمله ا وتحدي د نظامه ا الق انوني للق انون الوط ني‬
‫وتغليب المص لحة الوطني ة على المص لحة الخاص ة للش ركة م ع الحف اظ على الحق وق‬
‫واالمتيازات التي تم التعاقد عليها بموجب االتفاقية‪.‬‬
‫يع د ه ذا ال رأي موفق ًا ألن ه ينظ ر إلى المص لحة الوطني ة العلي ا في البالد ومركزي ة‬
‫الق وانين‪ ،‬وع دم الس ماح لنش وب نزاع ات متعلق ة بعق ود مهم ة بعي دة عن المظل ة القض ائية‬
‫الليبية مما يحول دون تجزئة ليبيا إلى كيانات صغيرة بفعل هذه االتفاقيات التي تبرم دون‬
‫علم السلطة المركزية بالبالد‪ ،‬وبالتالي يمنع تشتيت القوانين وربما استغالل الشركات لحالة‬
‫البالد السياسية واالجتماعية واالقتصادية بعد أحداث ثورة السابع عشر من فبراير‪.‬‬
‫أم ا في مص ر فلقد بينت المذكرة اإليض احية لق انون المناقص ات والمزاي دات رقم ‪89‬‬
‫لس نة ‪ 1998‬بأن ه ق د ح دثت في الس نوات األخ يرة العدي د من التط ورات االقتص ادية وك ثر‬

‫الح ديث فيه ا على الش فافية والعالني ة والمس اواة وغيره ا من المب ادئ ال تي أص بحت عرف ًا‬
‫مستقرًا في االقتص اد العالمي ال ذي تت أثر به وبمتغيرات ه في سياسة الدول ة الرامية إلرساء‬
‫مناخ االقتصاد والربح‪.68‬‬
‫وقد نهج المشِّر ع المصري نهج المشِّر ع الفرنسي في ضرورة إيضاح طبيعة التعامل‬
‫بين اإلدارة واألفراد بعد أن كانت وراء أبواب مغلقة وسرية‪ ،‬وهذا ما يمكن أن نلمسه من‬
‫نص الم ادة ‪ 40‬من ق انون ‪ 89‬لس نة ‪ 1998‬من قواع د تف رض إعالن أس باب إرس اء‬
‫المناقصات والممارسات العامة والمحدودة أو بإلغاء أي منها وأسباب استبعاد العطاءات‪،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬إبراهيم الدسوقي عبد اللطيف‪ ،‬عقد امتياز المرافق العامة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس‪،‬‬ ‫‪68‬‬

‫سنة ‪ ،2003‬ص‪.102‬‬
‫‪53‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫على أن يعلن ذل ك في لوح ة إعالن ات تخص ص له ذا الغ رض تح دد الس لطة المختص ة له ا‬


‫مكان ًا ظ اهرًا للكاف ة‪ ،‬وأن يتم إخط ار مق دمي العط اءات بخطاب ات موص ى عليه ا بعلم‬
‫الوصول على عناوينهم الواردة بالعطاء وعيوبه‪ .69‬وأن ما ذكر أعاله يتضمن قواعد عام ة‬
‫يمكن تطبيقها على جميع الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫إن مطلب الحكام ة والتفتح االقتص ادي يقتض ي الت وفر على نظ ام المس تحقات‬
‫العمومي ة أن يأخ ذ بعين االعتب ار مب دأ المس اواة ( الفق رة األولى) إض افة إلى م ادة الش فافية‬
‫(الفق رة الثاني ة) من الم ادة ‪ 72‬من مرس وم رقم ‪ 5‬لس نة ‪ 2007‬بش أن الص فقات العمومي ة‬
‫بالمغرب‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬إبراهيم الدسوقي عبد اللطيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.103 :‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪54‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫مبدأ المنافسة الحرة في إبرام الصفقات العمومية‬
‫تع د المنافس ة إح دى أهم وس ائل التق دم والتط ور للحي اة التجاري ة بش كل خ اص وكاف ة‬
‫ج وانب الحي اة بش كل ع ام‪ ،‬وأن المنافس ة القانوني ة ال تي تج ري على أس س ص حيحة وح رة‬
‫إنم ا تعت بر بح د ذاته ا مس اواة بين المتنافس ين‪ ،‬وبالت الي تلغي فك رة المحاب اة ال تي هي ض د‬
‫المس اواة‪ ،‬إذن هي ظ اهرة إنس انية عام ة وتجاري ة على وج ه الخص وص‪ ،‬وتع ني الس عي‬
‫لتقديم األفضل من قبل اآلخرين‪ ،‬وقد ظهر هذا المبدأ منذ القدم عندما بدء اإلنسان يتناول‬
‫‪‬‬ ‫موضوع البيع والشراء والعمل ولذكر هذه الداللة في القرآن الكريم حيث قال تع الى‪﴿ :‬‬
‫‪    ‬‬

‫﴾ سورة المطففين اآلية ‪.26‬‬

‫وظ اهرة المنافس ة ظ اهرة ص حية ص حيحة تط ور العم ل نح و التق دم و تط ور‬


‫التكنولوجي ا‪ ،‬و لكن المنافس ة ال تك ون مفتوح ة بش كل مطل ق‪ ،‬ب ل مقي دة بقي ود ذات طبيع ة‬
‫مختلف ة ت ؤدي إلى حرم ان بعض األف راد أو المش روعات من ال دخول إلى العط اءات‪ ،‬كم ا‬
‫تتمتع اإلدارة بسلطة استبعاد بعض العطاءات‪.‬‬
‫ل ذا س وف نتن اول في ه ذا المبحث مب دأ المنافس ة الح رة في مطل بين؛ المطلب األول‪:‬‬
‫حرية التقدم للمنافسة و المطلب الثاني ‪ :‬سلطة اإلدارة في استبعاد المتعاقد‬

‫‪55‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب األول‬
‫حرية التقدم للمنافسة‬
‫يقتض ي ه ذا المب دأ إعط اء الح ق لك ل المق اولين أو الم وردين المنتمين للمهن ة ال تي‬
‫تختص بنوع النشاط الذي تريد اإلدارة التعاقد عليه أن يتقدموا بعطائهم بقصد التعاقد مع‬
‫أحدهم وفق الشروط التي تضعها هي‪.‬‬
‫ويق وم أس اس المنافس ة الح رة على فك رة الليبرالي ة االقتص ادية القائم ة على حري ة‬
‫المنافسة وفكرة المساواة بين األفراد في االنتفاع من خدمات المرافق العامة‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫أن ه ذا المب دأ يق وم على أس اس وق وف اإلدارة موقف ًا حيادي ًا إزاء المتنافس ين‪ ،‬فهي ليس ت‬
‫حرة في استخدام سلطتها التقديرية بتقرير فئات المقاولين التي تدعوها وتلك التي تبعدها‪.‬‬
‫ولكي نك ون في الطري ق الص حيح لع رض ه ذا المب دأ في ه ذا المطلب س نبحث في الف رع‬
‫األول ماهية مبدأ المنافسة الحرة‪ ،‬والفرع الثاني حدود مبدأ المنافسة الحرة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ماهية مبدأ المنافسة الحرة‬
‫إن المنافس ة الح رة هن ا نقص د به ا أن يعام ل ك ل المتنافس ين على ق دم المس اواة‪ ،‬فال‬
‫يج وز إعط اء م يزة ألح دهم لم تع ِط ألقران ه‪ ،‬أو على حس ابهم‪ .‬وه ذا يع ني أن الش روط‬
‫المطلوبة لالشتراك في المناقصة يجب أن تكون واحدة للجميع‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف مبدأ المنافسة الحرة ‪.‬‬
‫حرية المنافسة تعني حرية دخول المناقصة التي تعلن عنها اإلدارة في الحدود التي‬
‫يح ددها الق انون‪ .70‬ويع ني فتح المج ال لتق دم أك بر ع دد ممكن من الع روض للعط اء الم راد‬
‫طرحه من قبل األفراد‪ ،‬كل من هو قادر ومؤهل للدخول في هذا العطاء لتنفيذ األشغال أو‬
‫تقديم الخدمة‪ ،‬وهذا من شأنه أن يؤدي إلى نتائج إيجابية سواء لصالح الدولة أو المشروع‬
‫أو االقتص اد الوط ني بش كل ع ام‪ ،71‬وب ذلك تس تطيع اإلدارة أن تخت ار من بينهم األكف اء‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الرؤوف جابر‪ ،‬النظرية العامة في إجراءات المناقصات والعقود ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪56‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫واألقل سعرًا‪ ،‬مما ينعش الحياة االقتصادية ويشغل األيدي العاملة‪ ،‬ويضمن مصالح الدول ة‬
‫ويحف ظ الم ال الع ام ويط ور قط اع المق اوالت واإلنش اءات‪ ،‬كم ا يط ور البحث العلمي‬
‫والدراسات المتعلقة بالمشاريع اإلنشائية ويحقق العدالة‪ ،72‬ويتحقق ذلك من خالل فتح ب اب‬
‫التزاحم الشريف أمام كل من يود االشتراك فيها‪.73‬‬
‫وب ذلك ت تيح الفرص ة لك ل من تت وافر في ه ش روط المناقص ة أو الممارس ة لكي يتق دم‬
‫بعطائ ه أو يعرض ه للتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬وه ذا ه و القص د األساس ي من جع ل أس لوبي‬
‫المناقصة العامة والممارسة العامة األصل الع ام في تعاقدات اإلدارة حتى تتسع أم ام هذه‬
‫األخ يرة ف رص اختي ار أفض ل المتعاق دين‪ ،‬في حين أن ه في المناقص ات والممارس ات‬
‫المحدودة والمحلية فإن المنافسة وإ ن كانت غير غائبة فيها‪ ،‬إال أنها تقتصر في النهاية على‬
‫أشخاص معينين ومعروفين سلفا لإلدارة‪.74‬‬
‫والمنافسة الحرة بهذا المعنى تقتضي أن يعامل كل المتنافسين على قدم المساواة فال‬
‫يجوز إعط اء م يزة ألح دهم لم تع َط ألقران ه‪ ،‬أو على حس ابهم‪ ،‬وذل ك إذا تمت المنافس ة في‬
‫غ رض العط اء بالطريق ة ال تي فرض ها الق انون‪ ،‬فإن ه يحق ق ش فافية في تع امالت اإلدارة‬
‫وإ زكاء حرية المنافسة‪.75‬‬
‫بما يعني اتساع قاعدة المناقصة العامة كلما أمكن ذلك لضمان وجود منافسة حقيقية‬
‫بين المتق دمين‪ ،‬وانعك اس ذل ك على المص لحة المالي ة لإلدارة‪ .76‬وترتيب ًا على ذل ك‪ ،‬ف إن‬
‫اإلدارة ال تس تطيع أن تمن ع أح د األف راد أو الش ركات من التق دم إلى المناقص ة ال تي أعلنت‬
‫عنه ا طالم ا أن المتق دم ق د اس توفى الش روط ال تي تطلبه ا الق انون‪ ،‬كم ا أن اتج اه اإلدارة‬

‫‪ -‬د‪ .‬أنس جعفر‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.34‬‬ ‫‪72‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬مهند مختار نوح‪ ،‬اإليجاب والقبول في العقد اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.368‬‬ ‫‪73‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬العقد اإلداري ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.130‬‬ ‫‪74‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ، ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.153‬‬ ‫‪75‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عاطف سعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.181‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪57‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫لتفضيل أحد المتقدمين على حساب اآلخرين يؤدي إلى بطالن هذا اإلجراء إال إذا ك ان ه ذا‬
‫التفضيل مستندًا على أساس قانوني‪.77‬‬
‫نستخلص من ذلك أنه ليس لإلدارة أن تقيم أي تمييز غير مشروع بين المتنافسين‪،78‬‬
‫كما أنها ملزمة باستبعاد كل من لم يستوِف تلك الشروط المعلن عنها مسبقا‪.79‬‬
‫ويق وم أس اس المنافس ة الح رة في نظ ر األس تاذ ال دكتور لوب دار على فك رة الليبرالي ة‬
‫االقتص ادية القائم ة على حري ة المنافس ة‪ ،‬و فك رة المس اواة بين األف راد في االنتف اع من‬
‫خدمات المرافق العامة‪ ،‬باإلضافة إلى أن هذا المبدأ يقوم على أساس وقوف اإلدارة موقفا‬
‫حيادي ًا إزاء المتنافس ين‪ ،‬فهي ليس ت ح رة في اس تخدام س لطتها التقديري ة قب ل ميع اد فتح‬
‫مظاريف العطاء والمناقصة بتقرير فئات المقاولين الذين تدعوهم وغيرهم لتصرف النظر‬
‫عن التعاقد معهم‪.80‬‬
‫وه ذا المب دأ يعت بر انعكاس ًا لل روح الليبرالي ة ال تي س ادت الق رن التاس ع عش ر ويرج ع‬
‫ظهور هذا المبدأ إلى مجموعة من األسباب النظرية والعلمية‪.81‬‬
‫أ‪ -‬األسباب النظرية‪:‬‬
‫تشمل األسباب النظرية التي أدت إلى ظهور هذا المبدأ على ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬مبدأ حرية المنافسة الذي هو دعامة االقتصاد الحر‪.‬‬
‫‪ -2‬تأكيد مبدأ المساواة التي قامت عليه الثورة الفرنسية‪.82‬‬
‫‪ -3‬ينبغي على اإلدارة اس تدعاء ك ل المق اولين والمتعه دين‪ ،‬كم ا ينبغي عليه ا‬
‫عدم استبعاد أحدهم‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬جابر نصار‪ ،‬المناقصات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد العزيز الخوري‪ ،‬مذكرات في العقد اإلداري‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.31 – 30‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪ -‬د‪.‬عاطف سعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181 :‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حمد محمد الشلماني‪ ،‬امتيازات السلطة العامة في العقد اإلداري‪ .،‬دار المطبوعات‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪،2007 ،‬‬ ‫‪80‬‬

‫ص ‪60‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الفتاح صبري أبو الليل‪ ،‬أساليب التعاقد اإلداري‪،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬جامعة طنطا ‪،‬سنة ‪ ،1993‬ص ‪.194‬‬ ‫‪81‬‬

‫‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.194‬‬ ‫‪82‬‬

‫‪58‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ب‪ -‬األسباب العلمية‪:‬‬

‫‪ -1‬المص لحة المالي ة لإلدارة ال تي تس تلزم توس يع قاع دة التن افس بالس ماح لك ل‬
‫الراغ بين في التق دم إلى المناقص ة العام ة‪ .‬ولق د أثبتت التجرب ة دائم ا أن اس تقطاب‬
‫أكبر عدد ممكن من المتنافسين على العقد محل المناقصة يؤدي إلى الحصول على‬
‫أقل سعر ممكن‪ ،‬مما يؤدي إلى تحقيق المصلحة المالية لإلدارة‪.‬‬
‫‪ -2‬احتمال عدم الثقة بين اإلدارة وموظفيه ا‪ ،‬فإن المنافسة من ش أنها أن تحافظ‬
‫على النزاه ة في عملي ات إب رام العق د وتمن ع ش بهة المحاب اة على اإلدارة وموظفيه ا‬
‫ال ذين ينهض ون بعبء عملي ة اإلب رام‪ ،‬فق د أثبتت التج ارب والخ برات التاريخي ة أن‬
‫فتح باب السلطة التقديرية أمام اإلدارة ألجل اختيار متعاقديها قد أدى إلى كثير من‬
‫الفساد‪.‬‬
‫‪ -3‬مص لحة المتنافس ين ذاتهم ال تي تس تلزم ك ل الض مانات ال تي تتمث ل في حري ة‬
‫دخولهم إلى المناقصة‪ ،‬إذ أن المنافسة تحرك كل القوى االقتصادية الموجودة‪ ،‬فهي‬
‫تج يز ال دخول إلى الطلب الع ام للكاف ة وال س يما المش اريع المتوس طة والص غيرة‬
‫بحسب شروط العطاء‪.‬‬
‫‪ -4‬أن المنافسة تجعل اإلدارة ملمة بكل معطيات السوق مما يفسح المجال لها‬
‫لالختيار الدقيق والمتنور‪.‬‬
‫معنى ذلك أن اإلدارة تقف أمام جميع الراغبين باالشتراك في المناقصة موقفا حياديا‬
‫إزاء المتنافسين‪ ،‬فهي ليست حرة في استخدام سلطتها التقديرية باستبعاد المقاولين إال وفق‬
‫ش روط المناقص ة‪ ،‬وإ ال فلتتحم ل االنتق اد والمحاكم ة والطع ون ب ل وتعطي ل المش روعات‬
‫أحيانًا‪.‬‬
‫وتنص الق وانين والنظم الخاص ة بالمناقص ات على تط بيق مب دأ المنافس ة وإ عط اء‬
‫فرص متكافئة للجهات القادرة والمؤهلة للقيام بتنفيذ األشغال‪ ،‬أو تقديم الخدمة الفنية وتلزم‬

‫‪59‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫القوانين اإلدارية الجهة المختصة بضرورة التقيد بأفضل العروض المستوفاة لشروط دع وة‬
‫العطاء أو أنسب األسعار‪ ،‬مع مراعاة درجة الجودة وإ مكانية التنفيذ ضمن المدة المحددة‪،‬‬
‫ومدى قدرة المقاول والمستشار للقيام بالعمل حسب الشروط والمواصفات‪ ،‬كما أن هناك‬
‫بعض التشريعات التي أوجبت إعالن أسعار المناقصة في لوحة اإلعالنات لغرض اطالع‬
‫المنافسين‪ ،‬مع وجوب نشر جميع قرارات لجنة المناقصات المركزية في الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫وأن هذا االتجاه يعكس الشفافية في عمل اإلدارة‪.‬‬
‫وأن حرية المنافسة تبعد عن الفساد اإلداري بالرغم من أننا لم نجد نظام ًا للمناقصات‬
‫العامة اليوم يخلو تمامًا من جميع أشكال الفساد‪ ،‬إال أن النظام الذي يتبنى الشفافية والكفاءة‬
‫واالقتصاد والمحاسبة والنزاهة‪ ،‬هو النظام الذي يصعب على الفساد أن يختبئ فيه ؛لذلك‬
‫ف إن حري ة المنافس ة تعطي الح ق لألط راف المتض ررة ح ق االع تراض على اإلج راءات‬
‫والتصرفات الخاطئة بأي شكل قانوني مدعم باألسانيد‪.‬‬
‫وإ ذا كانت تعليمات الالئحة اإلدارة النافذة في ليبيا نصت على حرية المنافسة إال أن‬
‫هناك من يرى أن هذه الحرية مقيدة بالعرض الوحيد والدعوة المباشرة؛ لهذا فإن اإلدارة‬
‫قد تكون مجبرة على اللجوء إلى هذه الدعوات بسبب حاجة المرفق العام‪ ،‬لذلك ينتفي هذا‬
‫المبدأ عند توجيه الدعوة المباشرة أو العرض الوحيد‪.83‬‬
‫ونظرًا ألهمية مبدأ المنافسة الحرة في إجراءات المناقصة العامة والممارسة العامة‪،‬‬
‫‪84‬‬
‫فقد حرصت التشريعات المختلفة على النص عليه في صلب قوانين الشراء العام‪.‬‬
‫ونستخلص مما سبق‪ ،‬أن هذا المبدأ يعتبر من المبادئ الرئيسة التي تحكم الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬سواء على المستوى النظري – أي ما تعلق بالقواعد المنظمة لعملية اإلبرام –‬
‫أو على المستوى العلمي – أي اإلجراءات التي تحكم إبرام العقد فهو يعتبر بهذا الوصف‬

‫‪ -‬د‪ .‬عب دالفتاح خليفة عب د الحمي د‪ ،‬العق ود اإلداري ة وأحك ام إبرامه ا في القانون اللي بي‪ ،‬دار المطبوع ات الجامعية ‪،‬‬ ‫‪83‬‬

‫‪ ،2008‬ص‪.99 :‬‬
‫‪84‬‬
‫‪-Vedel (G) et Delvolve (P) droit administrative. P.U.F 7 Edition 1980. P 120‬‬
‫‪60‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫يع د مكمًال لمب دأ المس اواة بين المتنافس ين ال ذي نص ت علي ه التش ريعات المقارن ة وأك ده‬
‫القضاء اإلداري المقارن بأحكامه المتواترة‪.85‬‬
‫وهنا يثور تساؤل‪ :‬هل حرية التقدم للمناقصات مطلقة أم مقيدة بشروط معينة؟‬
‫إن التق دم للعط اءات بحري ة مطلق ة ال يع ني في ال وقت ذات ه التعاق د م ع المتق دم ب أدنى‬
‫األس عار؛ ألن ه ق د ي ترتب على ذل ك إل زام اإلدارة بالتعاق د م ع أش خاص ليس ل ديهم المق درة‬
‫الحقيقية إلنجاز االلتزامات موضوع التعاقد‪ ،‬ولذلك وجدت مجموعة من القيود والضوابط‬
‫ال تي تح دد م دى التط بيق الح رفي لمب دأ حري ة المنافس ة‪ ،‬وذل ك من خالل س لطة اإلدارة‬
‫باس تبعاد بعض المتنافس ين ال ذين يثبت ع دم إمك انيتهم إلنج از المش روع موض وع العق د أو‬
‫من المتنافس ين غ ير األكف اء‪ ،‬أو غ ير األمن اء على مص لحة اإلدارة واألم وال العام ة‪ .‬فمن‬
‫خالل هذا االستبعاد تتحقق مصلحة اإلدارة وكذلك المصلحة المالية للمرافق العامة‪.86‬‬
‫وقد يثور تساؤل آخر‪ ،‬وهو ما هي الشروط الحاكمة لمبدأ حرية المنافسة؟‬
‫إن أهمي ة تنظيم حري ة المنافس ة‪ ،‬يمكن التماس ها بش كل واض ح وجلي عن د إب رام‬
‫الص فقات العمومي ة ال تي تتعل ق بمب الغ كب يرة وض خمة‪ ،‬أو العق ود ال تي تنص ب على‬
‫التخص ص بمج االت مح دودة‪ ،‬فيق ع على ع اتق اإلدارة مس ؤولية كب يرة وجم ة‪ ،‬أال وهي‬
‫الرغبة للوصول إلى أفضل العروض المقدمة صالحيًة للتعاقد معها‪ ،‬فاإلدارة بهذه الحالة‬
‫تقارب وتوازن بين العروض المقدمة لتتمكن من اختيار األصلح منها‪.‬‬
‫ومن ناحي ة أخ رى‪ ،‬نج د أن من أك ثر المق اولين أو الم وردين كف اءة ق د ال يق دم على‬
‫االشتراك أو الدخول في العطاءات الضخمة‪ ،‬إذا وجد تنافسًا واسعًا جدًا ال حصر له ال بد‬
‫مث ل ه ذه الحال ة ت ؤدي إلى دخ ول أع داد كب يرة من المتنافس ين ممن ال يملك ون الق درة أو‬
‫الكفاءة‪ ،‬ومنهم من يقدمون عروض ًا مالية تكاد تكون غير معقولة بالمقارنة مع العروض‬
‫األخرى‪ ،‬ولهذا السبب هناك مجازفة للدخول في مثل هذه العطاءات‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬فؤاد عبد الباسط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.804‬‬ ‫‪85‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة‪ ،‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص ‪.804‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪61‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وألج ل ذل ك ال ب د من ت وفر ش رطين ألج ل الوص ول إلى تط بيق ص حيح لمب دأ حري ة‬

‫المنافسة‪ ،‬يتمثل األول بأن يكون هناك تنافس حقيقي ال تقف خلفه مجموعة من االتفاقيات‬

‫غ ير المش روعة بين المق اولين تنعكس س لبيًا على مص لحة اإلدارة والمص لحة العام ة‪ .‬أم ا‬

‫الش رط الث اني‪ ،‬فه و أن يك ون هن اك تن افس ص حيح مب ني على أس س س ليمة‪ ،‬فالغاي ة ال تي‬

‫تس عى اإلدارة الى تحقيقه ا هي الحص ول على أنس ب األس عار ال تي يجب أن يؤخ ذ من‬

‫خاللها بنظر االعتبار التنفيذ الجيد‪ ،‬وعدم اعتماد السعر األدنى في جميع الحاالت‪ .‬وعليه‬

‫يمكن أن نج د أس عارًا تق ل ح تى عن الح د المعق ول ال ذي ي ؤدي الس تبعاد العط اءات الجي دة‬

‫والمعقولة في سعرها‪ ،‬وهذا كله يتعارض مع مبدأ حرية المنافسة‪ ،‬لذلك ال بد من التعرف‬

‫على مدى حدود مبدأ المنافسة ومداه من خالل الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حدود مبدأ المنافسة الحرة ‪.‬‬

‫األصل أن تكون المنافسة حرة‪ ،‬وال سيما في نطاق المناقصة العامة‪ ،‬غير أن جهة‬

‫اإلدارة تم ارس س لطة جه ة في ه ذا الخص وص‪ ،‬وهي س لطة حرم ان بعض األش خاص أو‬

‫المشروعات من ال دخول في المنافسة‪ ،‬وذلك إما كجزاء بس بب اإلخالل بالتزامات س ابقة‪،‬‬

‫وهو ما يسمى بالحرمان الجزئي‪ ،‬وإ ما بهدف تهيئة الجو المناسب للمنافسة وهو الحرمان‬

‫الوقائي‪.87‬‬

‫‪ -‬د‪.‬حم دي حس ن الحلف اوي‪ ،‬ركن الخط اء في‪.‬مس ؤولية اإلدارة الناش ئة عن العق د اإلداري‪ ،‬رس الة دكت وراه‪ ،‬كلي ة‬ ‫‪87‬‬

‫الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،2001‬ص ‪.147‬‬


‫‪62‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وعالوة على س لطة اإلدارة في حرم ان بعض األف راد والمش روعات من دخ ول‬

‫المناقصات العامة‪ ،‬فان القانون قد ينص في حاالت محددة على الحرمان كعقوبة تبعية‪.88‬‬

‫ومن ناحي ة أخ رى‪ ،‬ف إن لإلدارة الح ق في اس تبعاد العط اءات غ ير المطابق ة للش روط‬

‫المق ررة‪ .89‬ش روط المناقص ة أو ك أثر لص دور ق رار حرم ان س ابق‪ ،90‬وك ذلك لع دم ت وافر‬

‫الشروط التي احتوتها كراسة الشروط الملحقة بالعقد‪.‬‬

‫ويعد الحرمان من أهم مظاهر السلطة العامة التي تتمتع اإلدارة بها في مرحلة تكوين‬
‫العق د‪ ،‬إذ يخ ول لإلدارة س لطات اس تثنائية تتع ارض م ع المب ادئ األساس ية في الق انون‬
‫الخاص‪ ،‬وال تتيسر مباشرتها إال لها وحدها‪.91‬‬
‫وفي كل حال من األحوال يترتب على قرار اإلدارة بالحرمان عدم قبول العطاءات‬
‫ال تي يتق دم به ا الش خص المحروم‪ ،‬ح تى ل و ك انت ه ذه العط اءات مس توفية مكان ة الش روط‬
‫ال تي تطلبته ا اإلدارة‪ ،‬ويبقى مب دأ المنافس ة الح رة قائم ًا ومنتج ًا آلث اره في خ ارج س لطة‬
‫اإلدارة في الحرمان واالستبعاد‪.92‬‬

‫‪ .-‬د سليمان الطماوي ‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ص‪247‬‬ ‫‪88‬‬

‫‪ -‬توجد فروق جوهرية بين الحرمان واالستبعاد‪ ،‬فالحرمان إجراء شخصي ينصب على شخص معين بالذات طبيعي‬ ‫‪89‬‬

‫أو معن وي‪ ،‬على عكس االس تبعاد فه و إج راء موض وعي يلح ق عط اًء معني ًا وليس شخص ًا من األش خاص‪ ،‬ومن جه ة‬
‫أخ رى فالحرم ان ق رار ع ام وقد يك ون مؤقت ًا وقد يك ون غ ير محدد المدة‪ ،‬كم ا قد يك ون في حدود مالي ة معين ة أو بغ ير‬
‫حدود‪ ،‬وقد يكون مانعا للشخص من التقدم إلى جميع المناقصات والمزايدات العامة التي تجريها اإلدارة وقد يقتصر على‬
‫بعضها‪ ،‬أما االستبعاد فهو إجراء فردي يصدر في كل حالة على حدة‪ ،‬وبمناسبة مناقصة أو ممارسة واحدة معينة بالذات‬
‫ويكون محله استبعاد أحد العطاءات المقدمة لمخالفته للشروط المقررة كإجراء وقائي‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حمدي حمد الحلفاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬ ‫‪90‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬أحمد عثمان عياد‪ ،‬مظاهر السلطة العامة في العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.150‬‬ ‫‪91‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬أحمد عثمان عياد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.151 :‬‬ ‫‪92‬‬

‫‪63‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فالحرم ان ه و إج راء ي تيح لإلدارة من ع الش خص المح روم من ال دخول في تعاق دات‬
‫معها‪ ،93‬وقد يكون الحرمان جزئيًا‪ ،‬كما قد يكون وقائيا وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬الحرمان الجزئي من التعاقد مع اإلدارة ‪.‬‬
‫يوق ع الحرم ان الج زئي على ش خص معين طبيعي ًا ك ان أو معنوي ًا إم ا بنص‬
‫قانوني‪ ،‬أو إلخالله بالتزامات تعاقدية سابقة‪.94‬‬
‫ا‪.‬الحرمان الجزئي بنص القانون‪.‬‬

‫يمكن أن يكون في صورة عقوبة أصلية‪ 95‬أو عقوبة تبعية‪ 96‬عن أفعال ارتكبها‬
‫الش خص المح روم‪ ،‬ومن تم ال يع د تفعيل س لطة اإلدارة في توقيع ج زاء الحرم ان في ه ذه‬
‫الحالة سوى مجرد تطبيق للنصوص القانونية‪.‬‬

‫أم ا الحرم ان الج زئي كعقوب ة أص لية بم وجب الق انون اللي بي ه و إج راء تتخ ذه‬
‫اإلدارة بقرار إداري بمقتضاه يستبعد أحد المقاولين‪ ،‬أو المتعهدين‪ ،‬أو الشركات من التقدم‬
‫للمناقص ات أو المزاي دات العلني ة العتب ارات معين ة ش ريطة أن تس بب اإلدارة قراره ا‬
‫بالحرمان‪ ،‬ويخضع ذلك إلى رقابة القضاء حسب ظروف كل قضية ووقائعها‪ ،‬فقد يكون‬
‫الحرمان كعقوبة بنص القانون منها على سبيل المثال حرمان مقدم لعطاء لمخالفته أنظمة‬
‫الضرائب والجمارك‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬أحمد فتحي سرور‪، ،‬الوسيط في قانون العقوبات‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬القسم العام‪ ،‬طبعة ‪ ،1981‬ص ‪.817‬‬ ‫‪93‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬هاني عبد الرحمن غانم‪ ،‬أساس إبرام العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.94‬‬ ‫‪94‬‬

‫‪ -‬ومثال الحرمان كعقوبة أصلية ما نص عليه تقنين عقود الشراء العام ‪.‬الفرنسي من حرمان األشخاص الطبيعية أو‬ ‫‪95‬‬

‫المعنوية الذين لم يقدموا إقراراتهم الضريبية حتى ‪ 31‬ديسمبر من السنة السابقة التي جرى فيها اإلعالن عن المناقصة‬
‫‪Chapus : La Pratique du Contentieux administratif، montchrestien، Paris، 1982‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عاطف سعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪184‬‬ ‫‪96‬‬

‫‪64‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فاألصل في االستبعاد أن يكون وجوبيًا مقررًا بموجب القوانين واألنظمة والتعليم ات‪،‬‬
‫وذلك حتى ال يتقدم للمناقصة إال الص الحون من األفراد والق ادرون منهم لكي توفر الجهد‬
‫‪97‬‬
‫والوقت على لجان الفحص البت‪.‬‬
‫ولكن من جانب آخر تخضع قرارات الحرمان أو االستبعاد لرقابة القضاء اإلداري‪،‬‬

‫ويجوز الطعن فيها باإللغاء إلساءة استعمال السلطة لعدم قيام األسباب المبررة لالستبعاد‬

‫أوالحرمان أو لعدم صحة هذه األسباب‪.98‬‬

‫وكذلك الحال بالنسبة للمشرع الليبي ال ذي أخذ بنفس االتجاه الذي أخذ به المشرع‬

‫المصري من رقابة قرارات اإلدارة وإ مكانية الطعن باإللغاء‪.‬‬

‫ب‪.‬الحرمان الجزئي بنص القانون كعقوبة تبعية‪.‬‬

‫أورد ق انون العقوب ات المص ري نص ًا عام ًا‪ ،‬حيث تقتض ي الم ادة ‪ 4 – 25‬من ه‬

‫بأن "كل حكم بعقوبة جنائية يستلزم حتمًا حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا اآلتية‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬ـ القب ول في أي خدم ة في الحكوم ة مباش رة أو بص فته متعه دًا أو ملتزم ًا أًّي ا‬

‫كانت أهمية الخدمة‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط ‪،‬العقد اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬ ‫‪97‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪211‬‬ ‫‪98‬‬

‫‪65‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كما يستبعد العطاء المقدم من شخص حكم عليه باإلفالس أو التجريد‪ ،99‬وذلك كنتيج ة‬

‫لفقد االعتباري بسبب الحكم باإلفالس أو التجريد من الحقوق المدنية‪.‬‬

‫ففي ه ذه الح االت يس تند الحرم ان إلى نص وص الق انون‪ .100‬ومن ثم ال تع دو س لطة‬

‫اإلدارة في ممارسة هذا الحق أن تكون مجرد تطبيق وتنفيذ لهذه النصوص القانونية‪.101‬‬

‫أم ا الق انون اللي بي فق د نص ق انون العقوب ات في الم ادة ‪ 95‬على الحرم ان من بعض‬
‫الحق وق والمزاي ا كعقوب ة تبعي ة تلح ق المحك وم علي ه بحكم الق انون دون الحاج ة إلى نص‬
‫الحكم‪ ،‬ونصت المادة ‪ 96‬من الحرمان من الوظائف والخدمات التي كان يتوالها‪.102‬‬
‫ج‪ -‬الحرمان الجزائي الموقع من قبل اإلدارة ‪.‬‬
‫في هذه الحالة يكون الحرمان الجزائي الموقع من جهة اإلدارة‪ ،‬فهو جزاء يوقع‬
‫على المتعاقد مع اإلدارة نتيجة إخالله بالتزامات تعاقدية سابقة مع اإلدارة‪.103‬‬
‫وال ب د لن ا هن ا من معرف ة م ا ه و المقص ود به ذا القي د ال ذي يح رم المتعاق د من إب رام‬
‫العقد مع اإلدارة ومعرفة صوره و المقصود به هو‪ ،‬حرمان كل من سبق له التعامل مع‬
‫اإلدارة ووق ع من ه أثن اء ذل ك التعام ل إخالل جس يم بااللتزام ات التعاقدي ة مم ا يجعل ه غ ير‬
‫ج دير بثق ة اإلدارة في التع امالت المس تقبلية واس تبعاده من بين المتق دمين للتعاق د‪ .104‬أم ا‬

‫‪ -‬تنقسم العقوبات إلى أقسام مختلفة منها أصلية وتبعية وتكميلية‪ ،‬فالعقوبات األصلية هي التي يجوز الحكم بها بصفة‬ ‫‪99‬‬

‫أصلية أساسية‪ ،‬أي منفردة بغير أن يكون الحكم بها معلقًا على الحكم بعقوبة أخرى ال يحكم تنفيذها إال إذا قضى بها في‬
‫الحكم‪ ،‬أما العقوبات التبعية فهي التي تتبع العقوبات األصلية من تلقاء نفسها==‬
‫==أي بقوة القانون ولو لم ينص عليه ا القاضي في منطوق حكمه‪ ،‬فمجرد الحكم بالعقوبة األصلية يتضمن حتم ًا الحكم‬
‫بالعقوبة التبعية وعلى سلطة التنفيذ أن تنفذها من تلقاء نفسها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطاوي‪، ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.260‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪101‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 95‬و ‪ 96‬من قانون العقوبات الليبي بالعدد ‪ 111‬لسنة ‪ 1981‬م وتعديالته‪.‬‬ ‫‪102‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عاطف سعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬ ‫‪103‬‬

‫‪ -‬د‪.‬خالد خليل الظاهر‪ ،‬القانون اإلداري (دراسة مقارنة)‪ ،‬ط ‪ ،1‬ك ‪ ،2‬دار المسيرة للنشر والطبع‪ ،‬عمان‪،1997 ،‬‬ ‫‪104‬‬

‫ص ‪.245‬‬
‫‪66‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ص ور اإلخالل الجس يم بااللتزام ات التعاقدي ة م ع اإلدارة وال ذي ي ترتب عن ه حرم ان ذل ك‬


‫المتق دم أو غ يره من التعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬حال ة التالعب ال تي يق وم به ا المتعاق د‪ ،‬وال ذي‬
‫يتج اوز اإلهم ال لكن ه ال يبل غ إلى درج ة الغش ال ذي يعكس ع دم الجدي ة في تنفي ذ التزاماته‬
‫التعاقدية‪ ،‬وكذلك حالة التنازل عن العقد للغير بدون موافقة اإلدارة‪ ،‬وكذلك حالة انسحاب‬
‫مقدم العطاء واالمتناع عن توقيع العقد بعد إتمام الموافقة على إرساء العملية عليه‪ ،‬وتق ديم‬
‫ذلك المتقدم للعرض أسبابًا وأعذارًا ال يمكن لتسليم أو االمتناع بها باعتبارها ملجيئة إلى‬
‫ذلك االنسحاب‪.105‬‬
‫وق د أش ارت المحكم ة اإلداري ة العلي ا المص رية في ه ذا الخص وص إلى أن ه من‬
‫المسلمات أنه يجوز إصدار قرارات االستبعاد بالنسبة للمتعهدين والمقاولين كجزاء بسبب‬
‫العجز عن تنفيذ التزام سابق‪.106"...‬‬
‫وك ذلك تق رر محكم ة القض اء اإلداري المص رية أن ه إذا ك ان الث ابت رفض العط اء‬
‫األكبر يرجع إلى ماضي صاحبه اختياره في سنة سابقة يدل على أنه ال يحترم التزاماته‬
‫وال يوفي بعهوده‪ ،‬فهي أسباب جدية كافية لرفض العطاء ولو كان أكبر عطاء‪.107‬‬
‫وتق ول المحكم ة نفس ها أن لإلدارة اتخ اذ قراره ا بالحرم ان له ذا الس بب س واء نص ت‬
‫عليه العقود أم لم تنص عليه‪ ،108‬أي أنه جزاء يخضع ألحكام نظرية الجزاءات في العقد‬
‫اإلداري‪.109‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬نواف كنعان ‪،‬القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.226‬‬ ‫‪105‬‬

‫‪ -‬حكم الحكم ة اإلداري ة العلي ا المص رية في القض ية رقم ‪ ،954‬لس نة ‪ 6‬ق‪ ،‬الص ادر بت اريخ ‪ 1962-12-23‬م‪،‬‬ ‫‪106‬‬

‫مجموعة األحكام القضائية التي قررتها المحكمة في عشر سنوات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1754‬‬
‫‪ -‬حكم المحكم ة اإلداري ة العلي ا المص رية في القض ية رقم ‪ ،954‬لس نة ‪ ،954‬الص ادر بت اريخ ‪،1962-12-23‬‬ ‫‪107‬‬

‫مجموعة األحكام القضائية التي قررتها المحكمة في عشر سنوات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1754‬‬
‫‪ -‬ينظ ر حكم محكم ة القض اء اإلداري المص رية في ‪1956-3-30‬م‪ ،‬إذ تق ول في ه "إذا ثبت من وق ائع ال دعوى أن‬ ‫‪108‬‬

‫تأخير المقاول كان ناشئًا عن تراخيه‪ ."...‬مما اضطر وزارة األشغال قرارها بمنعه من القيام بعمليات المقاوالت التي‬
‫تطرحه ا‪ ."...‬فه و ق رار ص حيح ال تش وبه ش ائبة مجموع ة أحك ام المحكم ة في خمسة عش ر عام ًا‪ ،‬الج زء الث اني‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.890‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حمدي حسن الحلفاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬ ‫‪109‬‬

‫‪67‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وسلطة اإلدارة في توقيعه على التعاقد معها تخضع لرقابة القضاء وتستطيع تطبيق‬
‫هذا الجزاء بقرارات إدارية استنادا إلى امتياز التنفيذ المباشر الذي تمارسه اإلدارة إعماال‬
‫للسلطة العامة المخولة لها قبل األفراد‪.110‬‬
‫وقد يكون العقد أو دفاتر الشروط قد تضمنا النص على هذا الجزاء بشروط معينة‪،‬‬
‫وفي ه ذه الحال ة يتعين ع دم توقي ع ه ذا الج زاء إال إذا ت وافرت ش روطه ومبررات ه فاألص ل‬
‫أن الحرم ان الج زائي ال يج وز توقيع ه إذا لم تتحق ق أس بابه‪ ،111‬أم ا إذا لم يوج د مث ل ه ذا‬
‫النص في العق د أو في دف اتر الش روط ف إن الالئح ة المنظم ة للعق ود اإلداري ة في ليبي ا ‪.‬رقم‬
‫‪ "... 2007 – 563‬تنص على الحرم ان كعقوب ة توقعه ا اإلدارة على المتعاق د معه ا في‬
‫الحالتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬إذا ما استعمل المتعاقد بنفسه أو بواسطة غيره الغش أو التالعب في تعامله‬
‫م ع الجه ة المتعاق دة في حص وله على العق د ويش طب اس م المتعاق د في الحال ة المنص وص‬
‫عليها في البند األول من سجل الموردين أو المقاولين وشباك الرخص الموحد‪ ،‬ويتم بناء‬
‫على طلب المتعاقد الذي شطب اسمه إعادة قيده في السجل إذا انتفى سبب الشطب بصدور‬
‫قرار من النيابة العامة باألوجه إلقامة الدعوى الجنائية ضده أو بحفظها إداري ًا أو بصدور‬
‫حكم ببراءته مما نسب إليه على أن يعرض قرار إعادة القيد على الهيئة العامة للخدمات‬
‫الحكومية لنشره بطريق النشرات المصلحية‪.112‬‬
‫الثاني ة‪ :‬وهي الخاص ة بع دم ص حة البيان ات المتعلق ة بمكان ة إنت اج األص ناف مح ل‬
‫العقد‪.113‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أحمد عثمان عياد‪ ،..‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬ ‫‪110‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.143 – 142‬‬ ‫‪111‬‬

‫‪ -‬لقد كانت الالئحة رقم ‪ 813‬لسنة ‪1994‬م‪ ،‬الملغى‪ .‬في المادة ‪ 58‬تنص على الحرمان الجزئي كعقوبة تبعية على‬ ‫‪112‬‬

‫المقاول أو المتعهد في حالتين إذا استعمل الغش أو التالعب في معاملته مع المصلحة أو الس الح ب‪ ،‬إذا أثبت أن المتعه د‬
‫أو المقاول ش رح بنفسه أو بواسطة غيره بطري ق مباشر‪ ،‬أو غير مباشر يشوه أحد م وظفي الحكوم ة أو مستخدميها أو‬
‫عمالها أو التواطؤ معه أضرارًا بالسالح أو الوزارة‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الخامسة من المادة ‪ 55‬من الالئحة التنفيذية للعقود اإلدارية ‪.653‬لسنة ‪2007‬‬ ‫‪113‬‬

‫‪68‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ثانيا‪ -‬الحرمان الوقائي من التقدم للتعاقد ‪.‬‬


‫وفي ه ذه الحال ة ف إن اإلدارة تص در قراره ا بحرم ان المق اول أو الم ورد من التق دم‬
‫للمناقص ات والممارس ات العام ة بم وجب ق رار إداري بمقتض ى س لطتها التقديري ة ألس باب‬
‫تتص ل بالمص لحة العام ة‪ ،114‬والحرم ان الوق ائي ال ينص ب إال على المناقص ات الخاص ة‬
‫بمرفق أو بوزارة معينة‪ ،‬ويمكن لإلدارة إلغاءه في أي وقت سواء أكان مؤقتا بمدة معينة‬
‫أو كان غير محدد المدة‪.115‬‬
‫وإ ذا كان المبدأ العام في الحرمان الوقائي أنه إجراء تصدره اإلدارة بمطلق سلطتها‬
‫التقديري ة بقص د تحقي ق الص الح الع ام‪ ،‬إال أن هن اك بعض القي ود ت وجب فيه ا الق وانين‬
‫والل وائح حرم ان بعض األش خاص أو المش روعات من التق دم للمناقص ات والممارس ات‬
‫الحكومية كإجراء وقائي يقتضيه صالح وُح سن تنفيذ العقد وذلك إذا كان الشخص في حالة‬
‫ال يجوز معها اشتراكه في المناقصات العامة‪.116‬‬
‫وبناء على ما تقدم‪ ،‬الحرمان الوقائي قد يكون بنص القانون‪ .117،‬وقد يكون بموجب‬
‫ق رارات تص درها جه ة اإلدارة بحرم ان األش خاص الطبيع يين أو المعن ويين من التق دم إلى‬
‫المناقصات أو الممارسات ألسباب تتصل بالمصلحة العامة وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‪.‬الحرمان الوقائي بنص القانون "القيد المتعلق بالموظف العام ‪.‬‬

‫وفي ه ذه الحال ة يك ون الحرم ان بنص الق انون ألش خاص مح ددين بص فاتهم من‬
‫دخ ول المناقص ات والممارس ات العام ة‪ ،‬وذل ك حماي ة للمص لحة العام ة‪ ،‬من خالل س ن‬
‫التشريعات المنظمة إلبرام العقد اإلدارية التي تمنع دخول الموظفين العموميين وموظفي‬
‫السلطات المحلية باب المنافسة في المناقصات والممارسات العامة‪.118‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 27 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪114‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬أحمد عثمان عياد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.160‬‬ ‫‪115‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطاوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.260‬‬ ‫‪116‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬خالد عبداهلل كرفاش ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪125‬‬ ‫‪117‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪118‬‬

‫‪69‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ب‪ .‬الحرمان الوقائي بمقتضى السلطة التقديرية لإلدارة ‪.‬‬

‫يصدر قرار الحرمان من جانب جهة اإلدارة بموجب سلطتها التقديرية‪ ،‬بما يثبت‬
‫لها بأنه غير مؤهل للتعاقد ومن عدم كفاءة بعض األشخاص‪ ،‬أو ضعف مقدرتهم الفنية أو‬
‫المالي ة ألداء األعم ال المرج وة من التعاق د‪ ،‬وذل ك ك إجراء وق ائي تملي ه دواف ع المص لحة‬
‫العامة‪.119‬‬
‫وتس تطيع اإلدارة اس تعمال ه ذا الح ق في كاف ة مراح ل العملي ة التعاقدي ة س واء قب ل‬
‫التقدم بالعطاءات والعروض أو بعد التقدم بها وحتى البث فيها‪.120‬‬
‫وجدير بالتنويه أن سلطة اإلدارة في هذا الصدد ليست مطلقة بل تمارسها تحت رقابة‬
‫القض اء ال ذي يض من ع دم إس اءة اس تعمال اإلدارة له ذه الس لطة وانحرافه ا عن ج ادة‬
‫ولحماية المصلحة العامة‪ ،‬كما يكون لجهة اإلدارة السلطة التقديرية ذاتها في‬ ‫‪121‬‬
‫الصواب‬
‫إلغاء قرار الحرمان أو الحد من آثاره‪.122‬‬
‫وفي ليبي ا‪ ،‬لق د نص المش رع اللي بي في الئح ة الص فقات العمومي ة في الم ادة ‪20‬‬
‫الفق رة الرابع ة على س لطة اإلدارة باس تبعاد العط اءات غ ير المس توفية للش روط الفني ة‬
‫المطلوبة حتى وإ ن كانت أقل العطاءات‪ ،123‬وحسنا فعل المشرع الليبي باستبعاد العطاءات‬
‫الغير متضمنة للمواصفات الفنية والمالية‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ -‬عاطف سعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.192‬‬ ‫‪119‬‬

‫‪ -‬د‪ -‬محمد فؤاد عبد االباسط‪،‬ا لعقد اإلداري ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.120‬‬ ‫‪120‬‬

‫‪ -‬د محم د األع رج ‪ ،‬نظ ام العق ود اإلداري ة والص فقات العمومي ة وف ق ق رارات وأحك ام القض اء اإلداري المغ ربي‪-‬‬ ‫‪121‬‬

‫منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية – عدد ‪ 73‬الطبعة الثانية ‪.2007‬ص‬
‫‪112‬‬
‫‪ -‬د‪ -‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32 – 30‬‬ ‫‪122‬‬

‫‪ -‬نص المادة ‪ 20‬من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم ‪563‬لسنة ‪2007‬‬ ‫‪123‬‬

‫‪70‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وبذلك نالحظ أن المشرع الليبي متفقا مع المشرع المصري من خالل اتخاذ اإلجراء‬
‫الوق ائي باس تبعاد العط اءات غ ير ذات الكف اءة وال تي تلح ق األض رار بالمص لحة العام ة إذا‬
‫تمت الترسية عليها‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬اآلثار القانونية لقرار الحرمان من التعاقد ‪.‬‬

‫يستلزم شطب اسم المورد أو المقاول حرمانه من الدخول في المناقصات والمزايدات‬


‫التي تعلن عنها اإلدارة‪.124‬‬
‫ويثور التساؤل عن أثر شطب اسم المورد أو المقاول عند تنفيذ التعاقدات السابقة‪.‬‬
‫لإلجابة عن هذا التساؤل ال بد من التفرقة بين الحرمان استنادًا إلى نص القانون ‪-‬‬
‫س واء ك ان بعقوب ة تبعي ة أو حرم ان وق ائي – وبين ق رارات الحرم ان اس تنادًا إلى الس لطة‬
‫التقديرية لإلدارة‪.‬‬
‫ففي الحال ة األولى ذهبت محكم ة النقض المص رية إلى أن عقوب ة الحرم ان التبعي ة‬
‫بمقتضى نص المادة ‪ 4 / 25‬من قانون العقوبات تستتبع عدم أهلية المحكوم عليه للتقاضي‬
‫أمام المحاكم سواء بصفته مدعيا أو مدعى عليه‪ ،‬ويمثله أمامها القيم الذي عينته المحكمة‬
‫المدني ة‪ ،‬وإ ن البطالن ال ذي يلح ق أي عم ل من أعم ال اإلدارة أو التص رف ال ذي يجري ه‬
‫المحكوم عليه بالمخالفة لحكم القانون هو بطالن جوهري بحث يترتب عليه إلغاء اإلج راء‬
‫ذاته‪.‬‬
‫أم ا الحال ة الثاني ة‪ ،‬إذا تعاق دت اإلدارة م ع المق اول أو المتعه د ثم ص در عن اإلدارة‬
‫ق رار بش طب اس مه في ت اريخ الح ق له ذا العق د وك ان ق رار الحرم ان أص درته اإلدارة‬
‫بمقتض ى س لطتها التقديري ة‪ ،‬ف ذهب ج انب من الفق ه إلى أن مث ل ه ذا الش طب ال ي ؤثر على‬
‫العقود التي سبق أن أبرمتها اإلدارة مع هذا المقاول أو المتعهد‪.125‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬منصور محمد أحمد‪ ،‬مفهوم العقد اإلداري وقواعد إبرامه ‪ ،‬دار النهضة الحديثة‪ ،‬القاهرة ‪. 2000‬‬ ‫‪124‬‬

‫‪ -‬د‪.‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.38‬‬ ‫‪125‬‬

‫‪71‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أما إذا كان المقاول أو المتعهد يعلمان بحرمانهما من دخول المناقصات والمزايدات‬
‫العام ة‪ ،‬ف إن ه ذا التعاق د يك ون ب اطًال‪ ،‬وإ ن ك ان ه ذا البطالن مق ررًا لمص لحة اإلدارة‬
‫فتستطيع أن تتمسك به في مواجهة هذا المتعاقد‪ ،‬كما أن لها أن تستمر في تنفيذ العق د‪ ،‬وفي‬
‫كل حالة يكون لإلدارة حق التعويض وفقًا للقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية‪.126‬‬
‫موق ف التش ريع اللي بي‪ ،‬نص ت الم ادة ‪ 82‬لق انون العقوب ات اللي بي م ا يلي "إن الحكم‬
‫بالس جن المؤب د أو الم ؤقت يس تتبع بحكم الق انون من ي وم ص دوره إلى ت اريخ انته اء تنفي ذ‬
‫العقوب ة أو انقض ائها ألي س بب آخ ر حرم ان المحك وم علي ه من إدارة أموال ه أو التص رف‬
‫فيها‪"...‬‬
‫يفهم من هذا النص أعاله أن المحكوم عليه ال يملك أهلية التصرف بأمواله أوإ دارتها‬
‫أو القي ام ب أي عم ل باعتب اره محروم ًا من الحق وق والمزاي ا ال تي يتمت ع به ا أي ش خص‬
‫ط بيعي‪ ،‬وبالت الي ال يمل ك أهلي ة التقاض ي أم ام المح اكم بأي ة ص فة ك انت ويمثل ه قّيم على‬
‫أموله تعينه المحكمة‪ ،‬ويكون القيم تابعا لها ويخضع لرقابتها في كل ما يتعلق بقوامتها‪.‬‬
‫ل ذا ف إن أي عم ل من أعم ال التص رف أو الص ادرة من المحك وم علي ه بأموال ه تعت بر‬
‫باطلة فيما عدا الوصية والوقف‪ .‬أما الحالة الثانية فإن بطالن تصرفاته حق مقرر لمص لحة‬
‫اإلدارة بحكم القانون سواء كان الحكم قد صدر قبل التعاقد أو بعد التعاقد‪ ،‬ويكون موقف‬
‫المش ِّر ع الليبي متفق ًا مع التشريع المصري من حيث تملك اإلدارة كامل سلطاتها اإلدارية‬
‫بالتصرف تجاه المناقص المحروم‪.‬‬

‫وقد عرضت هذه المس ألة على إدارة الفت وى لشؤون األظه ر بمجلس الدولة وخلص ت إلى أن هذا الشطب ال ي ؤثر على‬
‫سريان التعاقد السابق على صدور قرار الحرمان وهو مرهون بأن يكون التعاقد قد تم قبل صدور القرار بالحرمان فتوى‬
‫‪.‬رقم ‪ 1992 ،12-7-2 ،119‬ملف رقكم ‪.57-1-27‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أحمد منصور‪ ،‬المشكالت العملية في المناقصات والمزايدات‪ ،‬بدون دار نشر ‪ ،1996‬ص ‪.245‬‬ ‫‪126‬‬

‫‪72‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب الثاني‬
‫سلطة اإلدارة في استبعاد المتعاقد‬
‫إن الص فقات العمومي ة ش ديدة االرتب اط بالمص لحة العام ة‪ ،‬ومن هن ا وجب على‬
‫اإلدارة األخذ بعين االعتبار صالحية المتقدم إليه لغرض التعاقد‪.‬‬
‫كم ا أن الس لطة التقديري ة ال تي تملكه ا اإلدارة يجب أن تس خر إلى المص لحة العام ة‬
‫وذل ك باس تبعاد ك ل من لم تت وفر في ه الش روط أو األش خاص المحروم ون من التعام ل م ع‬
‫الجهات اإلدارية سواء كان هذا الحرمان جزئيًا أو وقائيًا‪.‬‬

‫ويعت بر ه ذا اإلج راء "االس تبعاد" ض مانة أخ رى لإلدارة لالختي ار من ت راه م ؤهًال‬
‫للدخول في المناقصة أو التعاقد معها‪ ،‬ومع ذلك فإن القانون يعتبر متكامل األحكام إلى حد‬
‫ما بخصوص الصفقات العمومية إجماًال‪.‬‬
‫وينص رف االس تبعاد إلى عط اء بعين ه مق دم في مناقص ة أو ممارس ة بعينه ا ويك ون‬
‫االس تبعاد في ح االت مح ددة أورده ا المش ِّر ع على س بيل الحص ر؛ ل ذلك س وف نقس م ه ذا‬
‫المطلب إلى ف رعين‪ ،‬الف رع األول االس تبعاد للحرم ان أو لس وء الس معة‪ ،‬والف رع‬
‫الثاني ‪:‬االستبعاد لعدم توفر الكفاءة أو لعدم استيفاء الشروط ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االستبعاد للحرمان أو لسوء السمعة ‪.‬‬
‫يعت بر ه ذا اإلج راء ض مانة أخ رى لإلدارة الختي ار من ت راه م ؤهًال لل دخول في‬
‫المناقص ة أو التعاق د معه ا‪ ،‬وم ع ذل ك ف إن الق انون يعت بر متكام ل األحك ام إلى ح د م ا‬
‫بخصوص الصفقات العمومية إجماًال‪ ،‬وان توفرت كافة الشروط المطلوبة من قبل اإلدارة‬
‫في عطائه‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أوال‪ :‬االستبعاد تنفيذا لقرار الحرمان ‪.‬‬


‫تل تزم اإلدارة باس تبعاد العط اء المق دم من ش خص مح روم من التعام ل م ع الجه ات‬

‫دون أن يكون لها أدنى سلطة تقديرية في هذا الشأن‪ ،‬سواء أكان حرمان ًا جزئي ًا‬
‫‪127‬‬
‫اإلدارية‬
‫أم وقائي ًا‪ ،‬وح تى ل و ت وافرت في عطائ ه كاف ة الش روط ال تي ح ددتها اإلدارة في كراس ة‬
‫الشروط‪.128‬‬
‫فلق د نص ت الم ادة ‪ 14‬من ق انون المناقص ات والمزاي دات المص ري رقم ‪ 89‬لس نة‬
‫‪ 1998‬على ضرورة أن تمسك كل جهة من الجهات التي تسري عليها أحكامه سجًال لقيد‬
‫األس ماء والبيان ات الكافي ة للم ورد والمق اولين وبي وت الخ برة واالستش اريين والفن يين وأن‬
‫تمس ك الهيئ ة العام ة للخ دمات الحكومي ة س جًال لقي د أس ماء الممن وعين من التعام ل م ع أي ة‬
‫جه ة من الجه ات الم ذكورة‪ ،‬س واء ك ان المن ع بنص الق انون أو بم وجب ق رارات إداري ة‬
‫تطبيق ًا ألحكام ه‪ ،‬وتت ولى الهيئ ة نش ر ه ذه الق رارات بطري ق النش رات المص لحية ويحظ ر‬
‫التعامل مع المقيدين في هذا السجل‪.129‬‬
‫أما موقف المش ِّر ع الليبي فقد درج على ما سار عليه المش ِّر ع المصري‪ ،‬وذلك من‬

‫خالل إع داد س جل تقي د األس ماء لألف راد والش ركات المس تبعدة من دخ ول المناقص ة وفق ًا‬
‫لنص الفقرة ب من المادة ‪ ،114‬والتي تنص على أن "إعداد سجل عام لحفظ ونشر أسماء‬
‫جميع األفراد والكيانات المستبعدين ونشرها"‪.130‬‬
‫وحسنًا فعل المشِّر ع الليبي فقد سار على غرار ما جرى عليه العمل في دول أخ رى‪،‬‬
‫فتض منت الالئح ة اإلداري ة المعم ول به ا اآلن فق رات أخ رى نص ت عليه ا التش ريعات‬
‫األخرى‪ ،‬مثل ضرورة إعداد كشف من قبل المتعاقد للتعاقد مع اإلدارة باألعمال المماثلة‬

‫‪ -‬د‪ .‬عاطف سعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬ ‫‪127‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬ ‫‪128‬‬

‫‪ -‬المادة‪ 6‬من قانون المناقصات والمزايدات الملغى رقم ‪ 9‬لسنة ‪.1983‬‬ ‫‪129‬‬

‫‪ -‬نص المادة ‪ 112‬من الئحة العقود اإلدارية الليبية الفقرة ب‪.‬‬ ‫‪130‬‬

‫‪74‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫التي تؤهله لالشتراك في المناقصة‪ ،‬والتي تؤيد أعماله المنجزة‪ ،‬والتي تصدر من الجهات‬
‫الحكومية‪.‬‬
‫ويثار التساؤل عن مدى صحة العقد الذي تبرمه جهة اإلدارة مع شخص محروم من‬
‫التعامل‪.‬‬
‫اختل ف الفق ه المص ري به ذا الخص وص‪ ،‬ف ذهب ج انب من ه إلى التفرق ة بين الحرم ان‬
‫الوق ائي وبين الحرم ان الج زائي‪ ،‬فالحرم ان الوق ائي تنطب ق علي ه القواع د المعم ول به ا في‬
‫فرنس ا‪ .131‬أي أن العق د يك ون ص حيحًا‪ ،‬أم الحرم ان الج زئي فينبغي التفرق ة بين الحرم ان‬
‫المنص وص علي ه وغ ير المنص وص علي ه وينطب ق المب دأ المش ار إلي ه على الحرم ان غ ير‬
‫المنص وص علي ه‪ ،‬أي يأخ ذ حكم الحرم ان في فرنس ا‪ ،‬أم ا الحرم ان المنص وص علي ه فه و‬
‫نهائي ال يجوز لإلدارة العدول عنه أو إلغاؤه‪.132‬‬
‫وذهب رأي آخ ر في الفق ه ويح ق إلى أن اإلدارة تل تزم بتط بيق ق رار الحرم ان –‬
‫خاصة لو كانت هي مصدر القرار – سواء تلك التي أصدرتها استنادًا إلى نص القانون‪،‬‬
‫أو بمقتضى سلطتها التقديرية باعتبار أن قرارات الحرمان تستهدف أوًال وأخيرًا المصلحة‬
‫‪133‬‬
‫العام ة وتطبيق ًا لمب دأ المنافس ة الح رة ال ذي يحكم المناقص ة العام ة والممارس ة العام ة‬
‫‪134‬‬
‫وبذلك تتحمل اإلدارة مسؤوليات القرار بالحرمان‪.‬‬
‫ولق د أك د المش ِّر ع المص ري وجه ة النظ ر الثاني ة وذل ك حس ب الم ادة ‪ 14‬من ق انون‬
‫المناقصات والمزايدات الحالي والتي حظرت التعامل مع المقيدين في سجل الممنوعين من‬
‫التعامل دون تفرقة بين ما إذا كان المنع بنص القانون‪ ،‬أو بموجب قرارات إدارية‪.‬‬
‫‪ -‬استقر الرأي في فرنسا على صحة العقد الموقع مع الشخص المحروم استنادا إلى قرار إبرام العقد يعد في حكم‬ ‫‪131‬‬

‫اإللغاء الضمن لقرار الحرمان‪ ،‬وأن االلتزام بعدم االلتزام بعدم التعاقد مع المحرومين مقرر لمصلحة اإلدارة فقط‪ . ،‬د‪.‬‬
‫هاني عبد الرحمن غانم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪113 :‬‬
‫‪. Romeuf : La Justice administrative، J. Delmas‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أحمد عثمان عياد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.163‬‬ ‫‪132‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 18 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪133‬‬

‫د‪.‬خالد عبداهلل كرفاش ‪ ،‬مرجع سابق ‪122 ،‬‬ ‫‪134‬‬

‫‪75‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أم ا في ليبي ا فق د نص ت الم ادة ‪ 59‬من الئح ة الص فقات العمومي ة في قوله ا "تك ون‬
‫ق رارات المن ع أو إدراج المتعه دين أو المق اولين المخلين بالتزام اتهم في القائم ة الس وداء‬
‫وعدم التعامل معهم‪ ،‬تبقى سارية إلى حين رفع األسماء من هذه القائمة‪.‬‬
‫ل ذا نالح ظ أن المش ِّر ع اللي بي حظ ر التعاق د م ع المق اولين المدرج ة أس ماؤهم بالقائم ة‬
‫الس وداء في ح ال ارتك اب أح د األفع ال المنص وص عليه ا في الم ادة ‪ ،40‬وال تي س وف‬
‫نوردها بالتفصيل الحقًا‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬االستبعاد لعدم توفر شرط حسن السمعة ‪.‬‬
‫نص ت التش ريعات المقارن ة ‪ -‬على ه ذا القي د ال وارد ‪ -‬ـ على مب دأ حري ة المنافس ة‪،‬‬
‫وذل ك بإمكاني ة قي ام اإلدارة باس تبعاد أي متق دم للتعاق د معه ا‪ ،‬إذا ك ان غ ير متمت ع بس معة‬
‫طيبة‪ .‬ويعتبر شرط حسن السمعة شرطًا عام ًا في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬وهذا قيد‬
‫وض ع المص لحة العام ة واعتب ار ه ذا االستبعاد أيض ًا من مظ اهر الس لطة العام ة في مج ال‬
‫الص فقات العمومي ة‪ ،‬ف اإلدارة هن ا تتمت ع بس لطة تقديري ة‪ ،135‬وه و ش رط الزم فيمن يتق دم‬
‫للتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬وتحتف ظ اإلدارة دائم ًا بح ق أص يل في اس تبعاد من ت رى اس تبعادهم من‬
‫قائمة عمالئها ممن ال يتمتعون بحسن السمعة‪ ،‬ولها مطلق التقدير في مباشرة هذا الحق‪،‬‬
‫وال يقي دها في ذل ك س وى عيب إس اءة اس تعمال الس لطة‪ ،136‬ويك ون للقض اء ح ق ممارس ة‬
‫الرقابة عليها‪ ،‬وضرورة قيام قرار االستبعاد على السبب المبرر لصدوره‪.‬‬
‫ولما كانت الصفقات العمومية شديدة االرتباط بالمصلحة العامة فمن واجب اإلدارة‬
‫هنا التأكد من صالحية المتقدم إليها لغرض التعاقد‪ ،‬وهذا يجنب اإلدارة التعاقد مع بعض‬
‫األفراد أو الشركات الذين يغامرون باالشتراك وبتقديم العطاء‪ ،‬خصوصا إذا لم يسبق لهم‬
‫ممارسة أو إنجاز هذا النوع من األعمال المطلوب التعاقد من أجلها مما يؤدي إلى رسوء‬
‫العط اء عليهم‪ ،‬وبالت الي اإلض رار بالمص لحة العام ة‪ ،‬في أتي هن ا دور اإلدارة وس لطتها‬

‫‪-‬أحمد عثمان عياد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.158 :‬‬ ‫‪135‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط‪، ،‬العقد اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.120‬‬ ‫‪136‬‬

‫‪76‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫التقديرية في االستبعاد المرتبط بقيد حسن السمعة‪ .137‬وتستطيع جهة اإلدارة تقصي مدى‬
‫توفر حسن السمعة من عدمه‪ ،‬من خالل جملة اعتبارات؛ أهمها ما إذا كان صاحب العط اء‬
‫قد أهمل في تنفيذ أعمال سابقة‪ ،‬أو نفذها على غير الوجه المتفق عليه‪ ،‬أو كان دائم اللج وء‬
‫إلى القض اء‪ ،‬وم ا ي ترتب على ذل ك من ت أخير تنفي ذ العق ود‪ ،‬أو لجوئ ه إلى الغش والتالعب‬
‫في تعامالته مع اإلدارة‪ ،‬أو قيامه‪ ،‬أو شروعه بنفسه‪ ،‬أو بواسطة غيره‪ ،‬وبطريقة مباشرة‬

‫أو غير مباشرة برشوة أحد م وظفي الحكومة أو عمالها‪ ،‬أو اتخاذه من المناقصات ستارًا‬
‫الرتكاب أعمال ال تتفق والمصلحة العامة‪.138‬‬
‫فه ذه االعتب ارات تش ير إلى س وء س معة مق دم العط اء وتس تطيع جه ة اإلدارة اس تبعاد‬
‫العطاء المقدم من هذا الشخص لهذا السبب‪.‬‬
‫وق د ذهبت محكم ة القض اء اإلداري من ذ بواك ير أحكامه ا إلى تحدي د المقص ود بش رط‬
‫حسن الجهة بأنه يعني‪..." :‬أن يكون من يتولى هذه األعمال محمود السيرة ولم يسمع عنه‬
‫م ا يش ينه‪ ،‬أو يح ط من ق دره بين الن اس‪ ،‬ح ائزًا لم ا يؤهل ه لالح ترام ال واجب للمهن ة ال تي‬
‫يرغب في مزاولتها‪.139‬‬
‫وتحرص كراسات الشروط على اشتراط تقديم شهادة حسن السمعة‪ ،‬وذلك للتأكد من‬
‫أهلية المتقدم للمناقصة العامة‪ ،‬وشرط حسن السمعة‪ ،‬نصت عليه المادة الثالثة من القانون‬
‫رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬على "‪...‬أن يكون التعاقد بطريقة المناقصة المحددة في الحاالت ال تي‬
‫تتطلب طبيعتها قصر االشتراك في المناقصة على موردين أو مقاولين‪ ،‬أو استشاريين‪ ،‬أو‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬ ‫‪137‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬ ‫‪138‬‬

‫‪ -‬محكم ة القض اء اإلداري‪ ،‬قض ية رقم ‪ ،5‬الس نة األولى‪ ،‬بت اريخ ‪1947-3-18‬م ‪ .‬وفي ه ذا المع نى اس تقر قض اء‬ ‫‪139‬‬

‫المحكمة اإلدارية العليا على أن المقصود بحسن السمعة هو تلك المجموعة من الصفات التي يتحلى بها الشخص فتكسبه‬
‫الثقة بين الناس وتجنبه قاله السوء وما يمس الخلق‪"...‬الطعن رقم ‪ ،600‬لسنة ‪ 16‬بتاريخ ‪1972-2-9‬‬
‫‪77‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فنيين‪ ،‬أو خبراء بذواتهم‪"...‬على أن تتوفر في شأنهم شروط الكفاية الفنية والمالية وحسن‬
‫السمعة‪.140‬‬
‫وق د نص ت ه ذه الم ادة الس ابق ذكره ا على أن يك ون لإلدارة ‪ -‬ـ إذا ثبت له ا ع دم‬
‫الق درة في المتق دم من الناحي ة المادي ة والفني ة على إنج از المش روع ؛وألج ل توف ير ال وقت‬
‫والجه د ‪ -‬اس تبعاد بعض المتق دمين‪ ،‬على أن ح ق االس تعباد ه ذا يبقى للس لطة التقديري ة‬
‫لإلدارة حسب مقتضيات المصلحة العامة‪ ،‬وفي كافة مراحل العملية التعاقدية‪ ،‬سواء كان‬
‫ذلك بعد التقدم بالعطاءات‪ ،‬أو خالل مرحلة فتح العطاءات أو في مرحلة البث فيها‪.‬‬
‫ونالح ظ مم ا س بق أن التش ريعات إم ا أن تق وم ب النص بش كل ص ريح على س لطة‬
‫اإلدارة في استبعاد المنافس الذي ال يتمتع بالسمعة الحسنة‪ ،‬أو تضرب أمثلة ألعمال تعتبر‬
‫ممارس تها من قبي ل المتق دم للتعاق د تع بر عن الخ روج الص ريح على المب ادئ العام ة ال تي‬
‫تحكم إبرام الصفقات العمومية والتي من ضمنها مبدأ حرية المنافسة‪ ،‬وبشكل محدد ما‬
‫تعل ق منه ا بش رط حس ن الس معة‪ ،‬وعرض نا فيم ا س بق الح االت ال تي تع د من قبي ل س وء‬
‫الس معة للمتق دم لمتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬ويمكن إض افة حال ة أخ رى كس بب الس تبعاد المتق دمين‬
‫ال ذين لهم تع امالت س ابقة أو حالي ة م ع إس رائيل‪ ،‬ويك ون س بب االمتن اع عن ال دخول في‬
‫تعاقدات مع مثل هؤالء األشخاص أو تلك الشركات‪ ،‬لذلك نصت التشريعات العربية على‬
‫هذا القيد في تنظيمها إلجراءات إبرام الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫ومن ه ذه التش ريعات‪ ،‬التش ريع المص ري ال ذي نص ت في ه الم ادة ‪ 42‬من الالئح ة‬
‫المنظم ة إلج راءات المناقص ة الملغ اة على وج وب ع دم التعام ل‪ ،‬يجب على الش ركات‬
‫أواألف راد المتق دمين للتعاق د أن يق دموا تعه دًا بع دم وج ود أي تعام ل م ع إس رائيل ومن أي‬
‫نوع‪ ،‬سواء كان بإقامة مشاريع مع إسرائيل‪ ،‬أو كان لتلك الجهات وكالء داخل إسرائيل‪،‬‬

‫‪ -‬نص المادة الثالثة من القانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪" 1998‬عرض العطاءات على لجنة البث مشفوعًا بمالحظات رئيس‬ ‫‪140‬‬

‫المص لحة أو الف رع المختص‪ ،‬ويجب أن تتضمن ه ذه المالحظ ات إب داء ال رأي في أص حاب العط اءات من حيث كف اءتهم‬
‫المادية والفنية‪ ،‬وحسن السمعة‪...‬إلخ"‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وإ ن ك ان هن اك منح المتي از ح ق اس تعمال اس مها لص الح ش ركات إس رائيلية أو ق امت‬


‫بالمس اهمة في ش ركات أو مص انع إس رائيلية‪ ،‬أو ك انت تعم ل كمستش ار أو خب ير للمص انع‬
‫اإلس رائيلية‪ ،‬ب ل وح تى اس تعمال أدوات ومع دات ق امت بإنتاجه ا ش ركات له ا تعام ل م ع‬
‫إسرائيل‪.141‬‬
‫لكن تغ يرت الظ روف فيم ا بع د‪ ،‬فق د ق ام المش ِّر ع المص ري بع د الص لح م ع إس رائيل‬
‫بإص دار ق انون رقم ‪ 660‬لس نة ‪ 1980‬وال ذي ألغى بموجب ه الق وانين المتعلق ة بمقاطع ة‬
‫إسرائيل‪ ،‬كما تم إلغاء القرارات والتشريعات الصادرة تنفيذًا لتلك القوانين‪.142‬‬
‫ونستخلص من هذه األحكام للقضاء اإلداري أنها تؤيد قرارات اإلدارة المتخذة على‬
‫أساس سلطتها التقديرية في استبعاد بعض العطاءات من المتقدمين الذين ال يتمتعون بشرط‬
‫حسن السمعة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬وعلى الرغم من إلغاء قوانين المقاطعة إال أن جهة اإلدارة والسلطة‬
‫القض ائية بإمكانه ا – إعم اًال لالعتب ارات األمني ة والسياس ية – اس تبعاد من تش اء من‬
‫الشركات المتعاقدة بعروض المناقصات دون إبداء األسباب‪.‬‬
‫أما في ليبيا‪ :‬فقد نصت المادة ‪ 20‬من الئحة الصفقات العمومية من حرم ان المتعاق د‬
‫وذل ك في ح االت معين ة‪ ،‬لع ل م ا تعل ق منه ا بقي د حس ن الس معة يمكن أن يج د تطبيق ا في‬
‫الفقرات "ب‪ -‬د" كما يلي‪...." :‬ب‪ -‬إذا وقع منه غش أو خطأ جسيم في إبرام وتنفيذ العقد‬
‫والفق رة د‪ -‬إذا وق ع من ه احتي ال في تعامل ه‪ ،‬أو ثبت أن ه ق دم أو ح اول تق ديم رش وة بنفس ه‬
‫أومن خالل وسيط سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ألي موظف له صلة بالتعاقد‪"...‬‬
‫إن هذه الحاالت السابق ذكرها من النص أعاله تشير إلى ما يمكن أن يمس سمعة المتقدم‬
‫بالعط اء‪ ،‬فالمش ِّر ع لم يكت ف باس تبعاد المق اول أو الش ركة المقاول ة‪ ،‬الممارس ة للمخالف ات‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،..‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.238‬‬ ‫‪141‬‬

‫‪ -‬ا لمادة األولى من قانون ‪ 28‬شباط‪ ،‬المصري رقم ‪ 66‬لسنة ‪.1980‬‬ ‫‪142‬‬

‫‪79‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أعاله؛ من حاالت رشوة وتزوير وتقديم معلومات كاذبة أو مخالفة آداب المهنة‪ ،‬بل األكثر‬
‫من ذلك هو إحالة المقاول أو الشركة المقاولة إلى القائمة السوداء‪.‬‬
‫لكن هن ا يجب أن نجيب عن تس اؤل يط رح نفس ه وه و م ا أث ر ص دور حكم جن ائي‬
‫بإدانة المورد أو المقاول على شرط حسن السمعة؟‬
‫ولإلجابة عن هذا التساؤل ال بد من التفرقة على النحو اآلتي‪:‬‬

‫الفرضية األولى‪ :‬في حالة األحكام المخلة بالشرف واألمانة سواء أكان الحكم بجناية‬
‫أم جنحة‪ ،‬فإنها ذات تأثير مباشر على حسن السمعة تؤدي إلى إهداره‪.143‬‬
‫الفرضية الثانية‪ ،‬أما إذا كان الحكم ال يمس الشرف واألمانة فلقد ذهبت إدارة الفتوى‬
‫في مصر إلى أنه ال يمكن القول بأن إدانة المورد في قضية سياحية من قبل ما يمس حسن‬
‫السمعة مما يبني عليه أال يكون هناك وجه إللغاء المناقصة استنادًا إلى هذا السبب وحده‪،‬‬
‫كما ال يمنع ذلك من إبرام العقد مع المورد ما لم تقرر السلطة المختصة إلغاؤها‪ ،‬الصالح‬
‫العام – أي أن الحكم الجنائي‪ -‬الذي يؤدي إلى انتفاء شرط حسن السمعة ينبغي أن يتضمن‬
‫اتهام ًا وثي ق الص لة بطبيع ة العملي ة موض وع التعاق د‪ .‬ويتض ح لن ا أن م ا ذهبت إلي ه إدارة‬
‫الفتوى لرئاسة الجمهورية في مصر ال يتعارض مع المادة ‪ 25‬من قانون العقوبات التي‬
‫تقضي بأن كل حكم بعقوبة جنائية يستلزم حتمًا حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫القبول في أي خدمات في الحكومة مباشرة أو بصفة متعهد أو ملتزم أًّي ا كانت أهمية‬
‫الخدمة‪ ،‬وذلك كعقوبة تبعية حيث أن نص المادة ‪ 25‬واضح الداللة على حرمان المحكوم‬
‫عليه بجناية من دخول المناقصات والمزايدات بصفة عامة‪ ،‬إال أنه يمكن التس ليم بم ا ذهبت‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬المناقصات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬ ‫‪143‬‬

‫‪80‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫في حال ة الحكم ب الجنح وليس الجناي ات إذا ك ان‬ ‫‪144‬‬


‫إلي ه إدارة الفت وى لرئاس ة الجمهوري ة‬
‫الحكم ال يمس حسن السمعة‪"...‬‬
‫أما في ليبيا فقد نص قانون العقوبات الليبي في المادة ‪ 81‬من العقوبات التبعية التي‬
‫تلح ق المحك وم علي ه بحكم الق انون دون الحاج ة إلى النص في الحكم‪ ،‬ونص ت الم ادة ‪82‬‬
‫على الحرمان من بعض الحقوق والمزايا والتي نصت على ما يلي‪:‬‬

‫"الحكم بالس جن المؤب د أو الم ؤقت يس تتبعه بحكم الق انون من ي وم ص دوره‪ ،‬وح تى‬
‫إخالء سبيل المحكوم عليه من السجن حرمانه من الوظائف والخدمات التي كان يتوالها"‪.‬‬
‫ومن النص وص الس ابقة نفهم أن ه يح رم المحك وم علي ه من دخ ول المناقص ات‬
‫والمزايدات بصفة عام وكذلك األحكام بالجنح المخلة بالشرف‪.‬‬
‫نستخلص أن الموقف الليبي مشابه للمصري‪ ،‬وإ ن كنت أميل إلى األخذ برأي الفتوى‬
‫لرئاس ة الجمهوري ة المص رية ب أن الجنح ة إن لم تكن ت ؤثر على س معة الم ورد فلن تك ون‬
‫سببًا إللغاء المناقصة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االستبعاد لعدم توفر الكفاءة أو لعدم استيفاء الشروط‬

‫إن المتق دم للعط اء س واء ك ان شخص ًا طبيعي ًا‪ ،‬أم ش ركة يجب أن يتمت ع بالمق درة‬

‫الفنية والمالية التي تمكنه من إنجاز التزاماته التعاقدية من جهة اإلدارة‪ ،‬كما تعمل اإلدارة‬

‫‪ -‬فت وى رئاس ة الجمهوري ة‪ ،‬مل ف رقم ‪1991-13-93‬م‪ ،‬س جل رقم ‪ 2001 – 514‬بت اريخ ‪ ،2001-10-29‬لم‬ ‫‪144‬‬

‫ينشر بعد وك انت بمناسبة إبداء ال رأي القانوني حول م ا إذا ك ان الحكم الصادر ضد الم ورد في مزاولة أعم ال سياحية‬
‫دون ترخيص يعتبر مانعا يحول دون إبرام عقد توريد أغذية لمستشفيات مديرية الصحة واإلسكان باإلسماعيلية‪.‬‬
‫وأوضحت إدارة الفتوى أن الحكمة المبتغاة من الشرط المتضمن في دراسة الشروط تطلب حسن السمعة"‪ .‬تتعلق بطبيعة‬
‫العملي ة ذاته ا ونوعي ة الص نف الم ورد من حيث كون ه م واد غذائي ة‪ ،‬ل ذلك يتعين االس تيثاق ‪.‬من الم ورد ومن كون ه لم‬
‫يسبق==‬
‫== اتهامه في أي قضايا تموينية لضمان جودة الصنف المورد‪ ،‬إن كانت ثبوت اإلدانة في قضايا من نوع آخر كقضايا‬
‫مزاولة أعمال سياحية دون ترخيص فإنها وإ ن كانت محل تأثيمهم من المشرع إال أنه ال يمكن القول باعتبارها مم ا تمس‬
‫حسن السمعة والشرف واالعتبار‪ ،‬إذ لكل من تلك القضايا مجال مختلف يؤثر فيه ويتم الحكم على فاعله بناء عليه"‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫على وض ع مجموع ة ش روط الزم ة إلنج اح العملي ة ال تي تري د التعاق د عليه ا في كراس ة‬

‫الشروط‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬االستبعاد لعدم توفر الكفاءة الفنية والمالية‪.‬‬

‫يجب أن يتمت ع مق دم العط اء بالمق درة الفني ة والمالي ة ال تي تمكن ه من إنج از التزامات ه‬

‫التعاقدية مع جهة اإلدارة‪.‬‬

‫ومن مص لحة اإلدارة أن ال ي دخل إلى المنافس ة إال متنافس ون على درج ة كافي ة من‬

‫االستعداد التقني والمالي فال جدوى من السعر ألقل إذا كانت أهلية المتعاقد الفنية أو المالية‬

‫على درجة من السوء‪ ،145‬إذ ينعكس ذلك على حسن تنفيذه اللتزاماته في النهاية‪ ،‬مما يؤثر‬

‫على حس ن س ير المرف ق بانتظ ام وباض طراد‪ ،‬ومن ه ذا المنطل ق فق د اس تقرت األنظم ة‬

‫القانوني ة المقارن ة على أن مب دأ ال دخول مفت وح الى المناقص ات العام ة يجب أن ي وازن مع‬

‫ضرورة توافر درجة معينة من المقدرة الفنية والمالية عند المتنافسين‪.146‬‬

‫ولجه ة اإلدارة الس لطة التقديري ة في تحدي د م دى ت وافر الكف اءة الفني ة والمالي ة لتقم‬

‫العطاء‪ ،‬وذلك بالنظر إلى عدة اعتبارات مثل مالئمة الشخص مقدم العطاء‪ ،‬وقدرته الفنية‬

‫ب النظر إلى طبيع ة موض وع التعاق د وحجم األداءات المطلوب ة وم ا يتطلب ه من ق درة مالي ة‬

‫وخبرة فنية‪.147‬‬

‫وعلى ذل ك يمكن الق ول‪ :‬إن ش رط الكف اءة الفني ة والمالي ة ه و ش رط خ اص يتعل ق‬

‫بشخص مقدم العطاء وقدرته على تنفيذ عقد بعينه‪ ،‬فقد يملك المقدرة الفنية والمالية على‬

‫تنفيذ عقدًا ما‪ ،‬ولكنه ال يملك هذه المقدرة على تنفيذ عقٍد آخر‪.148‬‬

‫د‪ .‬خالد عبداهلل كرفاش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪122‬‬ ‫‪145‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬مهند مختار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.436‬‬ ‫‪146‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حمدي حسن الحلفاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬ ‫‪147‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عاطف سعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬ ‫‪148‬‬

‫‪82‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ففي مصر أوجب قانون المناقصات والمزايدات المصري ضرورة تمتع مقدم العطاء‬

‫بالمقدرة الفنية والمالية التي تمكنه من إنجاز التزاماته التعاقدية مع جهة اإلدارة‪.149‬‬

‫ولق د أوجبت الم ادة ‪ 8‬من الالئح ة التنفيذي ة للق انون رقم ‪ 89‬لس نة ‪ 1998‬على "ك ل‬

‫مرشح أن يقدم ضمن المظروف التي يحتوي على العرض الفني البيانات والمستندات التي‬

‫ترى الجهة اإلدارية ضرورة توافرها للتحقق من توافر الكفاءة الفنية والمالي ة المطلوب ة من‬

‫المتنافسين‪ ،‬وقد أوجب المش ِّر ع على مقدمي العطاءات ضرورة تضمين المظروف الفني‬

‫جميع البيانات الفنية عن العرض المقدم‪ ،‬والبرنامج الزمني للتنفيذ‪ ،‬وبيان أسماء ووظائف‬

‫وخ برات الك وادر ال تي سيس ند إليه ا اإلش راف على تنفي ذ العملي ة والمس تندات الدال ة على‬

‫سابقة الخبرة والقيد في المكاتب‪ ،‬أو السجالت أو النقابات‪ ،‬أو االتحادات‪ ،‬التي يكون القيد‬

‫فيها واجبًا قانونًا‪ .150‬وهذا حتى تستظهر الجهة اإلدارية مدى توافر الكفاية الفنية والمالية‬

‫لمقدم العطاء‪.‬‬

‫ويتعين على جه ة اإلدارة ممارس ة س لطتها التقديري ة في ه ذا الص دد بحي اد‬

‫وموضوعية‪ ،‬دون إساءة استعمال تلك السلطة‪ ،‬فإذا ما توافرت الكفاية الفنية والمالية لمقدم‬

‫العط اء‪ ،‬ورغم ذل ك ق امت اإلدارة باس تبعاده ف إن ه ذا االس تبعاد يك ون غ ير مش روع‪ ،‬مم ا‬

‫تتحمل مسؤوليته‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن لإلدارة استبعاد‬ ‫‪151‬‬


‫يشكل خطأ من جانب اإلدارة‬

‫أي عطاء ‪ -‬ولو كان األقل سعرًا – إذا لم تطمئن إلى كفاءة مقدمه أو سابق خبرته‪ ،‬وذلك‬

‫تحت رقابة القضاء‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬خالد عبداهلل كرفاش‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪122‬‬ ‫‪149‬‬

‫‪ -‬المواد ‪ 8‬من الالئحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬م‪.‬‬ ‫‪150‬‬

‫‪ -‬فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع جلسة ‪ ،1985-3 – 20‬ملف رقم ‪ 252-1-54‬مجموعة مبادئ‬ ‫‪151‬‬

‫الجمعية‪ 40 – 39... ،‬ص ‪.275‬‬


‫‪83‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أم ا في ليبي ا نج د الم ادة ‪ 55‬من الئح ة الص فقات العمومي ة س ابقة ال ذكر هي من‬

‫نظمت كيفية إرساء اللجنة للمناقصة مراعية في ذلك الناحية الفنية والمالية وفق اآلتي‪ :‬أ‪-‬‬

‫ـ توص ي لجن ة العط اءات بإرس اء المناقص ة على ص احب أق ل العط اءات س عرا من بين‬

‫العطاءات التي لم يتقرر استبعادها وتمنح األولوية في إرساء المناقصة عند توافر الكفاءة‬

‫الفني ة وتس اوي األس عار – للعط اءات المقدم ة من أدوات التنفي ذ الوطني ة‪ ،‬ويليه ا في ذل ك‬

‫أدوات التنفيذ المشتركة مع الجانب الليبي‪.‬‬

‫ب ‪-‬على أنه يجوز للجنة أن توصي بإرساء المناقصة على مقدم أصلح العروض‬

‫ولو لم يكن أقلها سعرًا‪ ،‬وذلك ألسباب قوية تتعلق بالمصلحة العامة ومع مراعاة ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬أن تتمث ل ه ذه األس باب على عوام ل جدي ة ذات أث ر بالنس بة لطبيع ة األعم ال‬

‫موضوع المناقصة وجدواها وقيمتها كتقديم نسبة أقل من التحوالت الخارجية‪ ،‬أو عرض‬

‫شروط بديلة أفضل‪ ،‬أو مواصفات أجود أو اقتراح مدة أقصر للتنفيذ‪ ،‬أو أية مزايا إضافية‬

‫أخ رى‪ ،‬أو أن تت وفر في المتن اقص ص احب الع رض األص لح عوام ل أفض لية إض افية‬
‫‪152‬‬
‫ظاهرة‪ ،‬من حيث الكفاءة واألهلية والقدرة المالية والسمعة وسابقة التنفيذ‪...‬‬

‫ونالحظ أن التشريع الليبي به ذا النص أعطى اإلدارة حق تحديد العطاء ألفضل من‬

‫الناحية الفنية والمالية و يسعى إلى الوصول إلى أحسن العطاءات المقدمة الختيار المقاول‬

‫الذي يحمل كافة الضمانات الكافية لتقديم الخدمة المطلوبة وعلى أحسن وجه‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬االستبعاد لعدم استيفاء العطاءات للشروط الواردة بكراسة الشروط ‪.‬‬

‫تعمل اإلدارة على أن تتضمن كراسة الشروط مجموعه الشروط العامة والخاصة‬

‫الالزم ة إلنج اح العملي ة ال تي تري د التعاق د عليه ا‪ .‬وه ذه الش روط إنم ا تكتس ب أهميته ا من‬

‫المادة ‪ 55‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪ 2007 – 563‬م‪،‬‬ ‫‪152‬‬

‫‪84‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كونها تعمل على تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬والتي تتمثل في كفالة حسن تنفيذ العقد وتحقيق‬

‫صالح المرفق‪ .‬واألصل أن جهة اإلدارة تلتزم استبعاد أي عطاء مخالف لما ورد بكراسة‬

‫الشروط‪ ،‬كما أنها تلتزم بقبول كافة العط اءات المستوفية لتلك الشروط ما لم تقرر إلغاء‬

‫المناقص ة ألس باب أخ رى‪ ،‬ففي مص ر أوجب المش ِّر ع في الم ادة ‪ 16‬من ق انون تنظيم‬

‫المناقصات والمزايدات الحالي استبعاد العطاءات غير المطابقة للشروط والمواصفات‪ ،‬ثم‬

‫أورد حاالت االستبعاد على سبيل المثال ال الحصر وهي كاآلتي‪:‬‬

‫حالة العطاء المتأخر‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫حالة عدم إيداع التأمين المؤقت كامًال‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫حالة عدم مطابقة العطاء للمواصفات الفنية المطروحة‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫حالة العطاء المقدم من شخصين ال تجمعهما رابطة قانونية‪.153‬‬ ‫‪.4‬‬

‫غير أن مجلس الدولة الفرنسي يسمح لجهة اإلدارة بهامش من السلطة التقديرية من‬

‫خالل التفرق ة بين المخالف ة الجوهري ة والمخالف ة غ ير الجوهري ة‪ ،‬حيث يس تبعد من نط اق‬

‫المنافس ة مق دم العط اء ال ذي يق ترف مخالف ة جوهري ة‪ ،‬وتعت بر المخالف ة جوهري ة في ه ذا‬

‫المجال متى كانت تؤدي إلى منح مقترفها أفضلية معينة‪ ،‬يتميز بها عن باقي المتنافسين‪،‬‬

‫مما يعط ل المنافس ة ويزيفها‪ ،‬ومثال ذلك قب ول العط اء المت أخر عن الموعد المح دد لتقديم‬

‫العطاءات‪.154‬‬

‫وتش ير المحكم ة اإلداري ة العلي ا في مص ر على ض رورة اس تبعاد العط اء المخ الف‬

‫للشروط والمواصفات‪ ،‬أيا كانت المخالفة – جوهرية أو غير جوهرية – حيث قررت بأن‬

‫‪ -‬د‪.‬أحمد منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.292‬‬ ‫‪153‬‬

‫‪ -‬قضى مجلس الدولة في هذا الحكم بأن "قواعد المنافسة والمساواة هي جوهر المناقصة مشار إليه عند‪ ،‬د‪ .‬عاطف‬ ‫‪154‬‬

‫سعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.198 :‬‬


‫‪85‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المشرع قد ألزم مقدمي العطاءات بتقديم بيان عن سابقة األعمال ونوعها وقيمتها‪ ،‬ورغم‬

‫أن ه لم ينص على اس تبعاد العط اء إذا لم يق دم ص احبه ه ذا البي ان‪ ،‬ف إن ذل ك ال يحت اج إلى‬

‫نص ص ريح إذ الجه ة اإلداري ة له ا الح ق في اس تبعاد العط اء المخ الف للش روط‬

‫والمواص فات‪ ،‬ويجب عليه ا ذل ك وعلى األخص إذا ك انت تتعل ق بالمق درة الفني ة على تنفي ذ‬

‫األعم ال‪ ،‬ومن ثم فال يج وز قب ول ه ذا العط اء‪ ،‬ول و تعه د ص احبه كتابي ا بتقديم ه‪ ،‬تس تلزم‬

‫جهة اإلدارة باستبعاد العطاء إذا كان غير مستوف للشروط‪ ،‬ولو كان هو ألقل سعرا‪.155‬‬

‫أم ا في ليبي ا ف إن األص ل في االس تبعاد وجوبي ًا مق ررًا بم وجب الل وائح اإلداري ة‬

‫واألنظم ة والتعليم ات‪ ،‬وأن ه من النظ ام الع ام ال يج وز االتف اق على مخالف ة أحكام ه‪ ،‬ل ذا ال‬

‫تتمت ع اإلدارة بص دده ب أي س لطة تقديري ة إذا خ الفت النظ ام فال تس تطيع قب ول عط اء غ ير‬

‫مشمول بالشروط الخاصة بالعطاء أو غير مشمول مقدما بشروط العطاء‪ ،‬ألنها ال تنظر‬

‫إلى األس عار والمواص فات‪ ،‬وه ذا إج راء تتخ ذه اإلدارة بش كل موض وعي ال ينص ب على‬

‫مقدم العطاء وإ نما يوجه للعطاء ذاته‪ ،‬ولكنه يجوز لها العدول عن قرار االستبعاد في حالة‬

‫شرط إكمال الوثائق أو شرط إعادة الفحص‪.‬‬

‫وبن اء على م ا تق دم س وف ن درس ح االت االس تبعاد لع دم اس تيفاء العط اء للش روط‬

‫الواردة بكراسة الشروط وهي على سبيل المثال ال الحصر في كل من مصر وليبيا‪.‬‬

‫‪ -1‬استبعاد العطاء المتأخر وغير المستوفي لشروط قبول العطاء‬

‫‪ -‬حكمه ا في الطعن رقم ‪ – 3008‬لس نة ‪ 36‬ق‪ ،‬جلس ة ‪ 1994-12-10‬الموس وعة اإلداري ة الحديث ة الج زء ‪،49‬‬ ‫‪155‬‬

‫ص ‪ ،90‬وذهب جانب من الفقه المصري إلى أن المخالفة التي تستوجب االستبعاد هي المخالفات الجوهرية التي يتعذر‬
‫قبول العرض مع وجودها دون المخالفات الثانوية‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫في مص ر‪ :‬أوجبت الم ادة ‪ 63‬من الالئح ة التنفيذي ة للق انون رقم ‪ 89‬لس نة ‪1998‬‬

‫استبعاد العطاء المتأخر عن الموعد‪.156‬‬

‫في ليبيا‪ :‬ال يستلم أي عطاء يقدم بعد انتهاء الموعد المحدد وألي سبب كان‪ ،‬وبذلك‬

‫كم ا تق رر في اإلعالن وكراس ة‬ ‫‪157‬‬


‫ي رفض العط اء ال ذي ي رُد بع د ت اريخ غل ق المناقص ة‬

‫الشروط‪.‬‬

‫‪ .2‬استبعاد العطاء المقدم من شخصين ال تربطهما رابطة قانونية‪.‬‬

‫يحق للجنة البث وفقا لقانون المناقصات والمزايدات المصري استبعاد العطاء المقدم‬

‫من أكثر من متعهد ال تجمعها رابطة قانونية‪ ،‬حيث أن القانون ال يمنع اشتراك أكثر من‬

‫شخص طبيعي أو معنوي في عطاء واحد‪ ،‬إال أنه يجب أن تكون هناك رابطة قانونية بين‬

‫مقدمي العطاء الواحد أيا كان الشكل القانوني لهذه الرابطة بشرط أن تكون مشهرة وفقا‬

‫ألحك ام الق انون‪ ،‬كم ا أن ه يجب أن يس تدل من ه ذه الرابط ة على قي ام المس ؤولية التض امنية‬

‫عند اإلخالل بتنفيذ التزاماتهم‪.158‬‬

‫أم ا في ليبي ا فلم تتط رق الالئح ة اإلداري ة له ذه المس ألة‪ ،‬ومن ثَّم فال م انع من أن‬

‫يأخذ بما أخذ به المشِّر ع المصري‪.‬‬

‫‪ .1‬حال ة ع دم إي داع الت أمين االبت دائي يس تبعد العط اء وفق ًا للق انون المص ري‬

‫بالحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ويستثنى من ذلك أي تعديل لصالح الجهة اإلدارية يقدم من صاحب أقل العطاءات المطابقة للشروط والمواصفات‬ ‫‪156‬‬

‫طالما أنه ال يؤثر في أولية العطاء – راجع البند الثاني من المادة المشار إليه‪.‬‬
‫‪ -‬البند ((أ ))من المادة ‪ 59‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪ 2007 – 563‬م‬ ‫‪157‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬رمض ان بح ر بطيخ‪ ،‬إب رام العق د اإلداري فقه ا وقض اء في ض وء ق انون المناقص ات والمزاي دات الجدي د ‪ ،‬دار‬ ‫‪158‬‬

‫النهضة العربية ‪ ،2002‬ص ‪.229‬‬


‫‪87‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪ ‬إذا قدم العطاء غير مصحوب بالتأمين االبتدائي‪.‬‬

‫‪ ‬إذا كان العطاء مصحوبًا بالتأمين االبتدائي لكنه غير كامل م ا لم يكن النقص‬

‫في التأمين مرده خطأ مادي ناتج عن التعليمات الحسابية بالعطاء‪.‬‬

‫‪ ‬إذا ت بين ع دم وج ود مس تحقات ص الحة للص رف في ت اريخ فتح المظ اريف‬

‫وكان مقدم العطاء قد اشترط خصم التأمين من مستحقاته لدى اإلدارة‪.‬‬

‫‪.1‬إذا كان العطاء مصحوباً بخطاب ضمان مقترنًا بأي قيد أو شرط‪.‬‬

‫‪.2‬إذا ك ان العط اء مص حوبًا بش يك ع ادي وثبت ع دم وج ود رص يد يغطي قيمت ه في‬

‫ت اريخ فتح المظ اريف‪ ،‬أو لم توج د ض مانات كافي ة واحتس اب الف روق الطارئ ة في أس عار‬

‫صرف العمالت مثًال‪.‬‬

‫أما في ليبيا فتقوم لجنة تحليل وتقويم العطاءات وفق المادة ‪ 59‬من الالئحة السابقة‬

‫الذكر بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬استبعاد العطاءات الغير مصحوبة بتأمين ابتدائي‪.‬‬

‫‪ .2‬التأكد من صحة صدور البيانات الجوهرية المطلوبة في مستندات ‪.‬‬

‫المناقص ة من الجه ات المعني ة قب ل اإلحال ة بم ا فيه ا خطاب ات الض مانة الخاص ة‬

‫بالتأمينات األولية‪.‬‬

‫‪.1‬حيث اشترط المشرع الليبي بالتأمينات األولية أن تكون مقدمة على شكل خطاب‬

‫ضمان أو صك مصدق‪.159‬‬

‫‪.2‬حالة عدم مطابقة العطاء للمواصفات الفنية المطروحة‬


‫‪ -‬نظمت الم ادة ‪ 41‬كيفي ة أداء الت أمين االبت دائي بخط اب ض مان وش روطه نص ت على أن "إذا ك ان الت أمين بخط اب‬ ‫‪159‬‬

‫ضمان وجب أن يكون هذا الخطاب صادرًا من أحد المصارف التجارية العالمة في ليبيا‪ ،‬أو أن يكون مصدقًا منها وأن‬
‫يك ون غ ير مق ترن ب أي قي د أو ش رط وغ ير قاب ل لإللغ اء‪ ،‬وأن يق ر في ه الص رف أن ه يض ع تحت تص رف الجه ة الطالب ة‬
‫التعاقد مبلغًا يساوي قيمة التامين االبتدائي‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وأوجبت الم ادة ‪ 16‬من ق انون المناقص ات والمزاي دات المص ري رقم ‪ 89‬لس نة‬

‫‪ 1998‬على ضرورة استبعاد العطاء غير المطابق لشروط و مواصفات كراسة العط اء‪ ،‬و‬

‫ال تي من ض منها الش روط الفني ة لموض وع التعاق د‪ ،‬وطبق ًا لنص الم ادة ‪ 13‬من الق انون‬

‫المش ار إلي ه‪ ،‬يج وز للجن ة البث أن تش كل لجن ة فرعي ة من بين أعض ائها أو ممن ت رى‬

‫االستعانة به من أخل الخبرة لدراسة النواحي الفنية في العطاءات المقدمة‪ ،‬ومدى مطابقتها‬

‫للمواص فات المعلن ة‪ ،‬وعلى اللجن ة أن ت بين في تقريره ا أوج ه ع دم المطابق ة للمواص فات‬

‫الفنية في العطاءات المقدمة‪.160‬‬

‫أم ا في ليبي ا م ا ورد من ض من المع ايير األساس ية في تق ييم العط اء من حيث‬

‫لتنفي ذ الئح ة الص فقات‬ ‫‪161‬‬


‫المواص فات الفني ة والج ودة والكف اءة‪ ،‬فق د أش ارت التعليم ات‬

‫العمومية سابقة الذكر إلى ضرورة استبعاد العطاءات الغير مستوفية للشروط والمواصفات‬

‫الفني ة المطلوب ة‪ ،‬وتق وم لجن ة الدراس ة وتحلي ل العط اءات بمهم ة االس تبعاد للعط اءات الغ ير‬

‫مطابقة للشروط الفنية المعلن عنها بعد إجراء التقويم للعطاءات من الجوانب الفنية والمالي ة‬

‫والقانونية‪ ،‬وللجنة االستعانة بجهات متخصصة ذات خبرة بطبيعة المناقصة‪.‬‬

‫‪ -‬رأي اللجن ة الفرعي ة الفني ة يعت بر مج رد توص ية تع رض على الجن ة ب البث ال تي له ا أن تق رر ع دم األخ ذ به ذه‬ ‫‪160‬‬

‫التوصيات بقرار مسبب تصدره لجنة البث‪ ،‬راجع في ذلك د‪ .‬أحمد منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.299‬‬
‫‪ -‬نص المادة ‪ 55‬من الئحة العقود اإلدارية‪ ،‬أوًال من الفقرة ب‪ -‬سابقة الذكر‬ ‫‪161‬‬

‫‪89‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫خاتمة الفصل األول‬

‫بما أن المشرع جعل المناقصة العامة والممارسة العامة تخضع لعدة مبادئ أساسية‬
‫تعد ضمانات تكفل دقتها وسالمتها‪ ،‬والمتمثلة في مبدأ العالنية وتكافؤ الفرص والمساواة‬
‫والشفافية وحرية المنافسة‪ ،‬وأضاف مبدأ آخر يعد مكمًال وهو مبدأ سرية العطاءات‬
‫ويترتب على تطبيق هذه المبادئ وااللتزام بها نتيجة قانونية هامة جدًا وهي أنه ال‬
‫يجوز لإلدارة أن تخلق وسائل قانونية تميز بها بين المتقدمين للمناقصة‪ ،‬كما ال يجوز لها‬
‫منح امتيازات أو وضع عقبات أمام بعض المتقدمين للمناقصة‪ ،‬دون البقية ‪.‬‬
‫وبينا كيف كان اإلعالن أحد القواعد األساسية التي تقوم عليها المناقصة‪ ،‬وأنه الخط‬
‫الرئيسي المميز لها‪ ،‬وما يلعبه من دور في كونه يمنح الفرصة لمقدم العطاء ال وقت الك افي‬
‫للرد وانه يتيح لمقدم العطاء فرصة طلب أي إيضاحات بشأن المناقصة وتمديد فترة الرد‬
‫عليها إذا اقتضى األمر ذلك‬
‫كم ا أثبتت الدراس ة أن اإلعالن عن المناقص ة أو المزاي دة أو الممارس ة ال يع دو أن‬
‫يك ون مج رد دع وة إلى التعاق د‪ ،‬ومن ثم فإن ه ال يمث ل إيجاب ًا تتق دم ب ه اإلدارة إلى المتعاق د‬
‫معها‪.‬‬
‫كم ا بَّين ا القص ور الواض ح في الئح ة الص فقات العمومي ة في ليبي ا في غي اب النص‬
‫الذي ينظم تعديل كراسة الشروط ولم ينص على ذلك بنص صريح ‪.‬‬
‫وكيف غفلت عن حماية مبدأ المساواة بين المتنافسين؛ الذي يقضي بحق كل من يملك‬
‫قانونًا أن يتقدم إلى المناقصات العامة‪ ،‬بحقه في االشتراك فيها على قدم المساواة مع باقي‬
‫المتنافس ين‪ ،‬وج اء ه ذا الخ رق له ذا المب دأ في نص الم ادة ‪ 72‬ال ذي ع د خروج ًا على مب دأ‬
‫المس اواة بين المتنافس ين عن دما منحت األولوي ة في قب ول العط اءات عن د تس اوي األس عار‬
‫للعطاءات المقدمة من الشركات والمنشآت والتشاركيات الوطنية‪ ،‬يليها في ذلك العطاءات‬
‫المقدمة من الشركات المشتركة من الجانب الليبي‪ ،‬ولم تنوه إلى الكفاءة المالية والفنية ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كم ا بينت الدراس ة في ه ذا الفص ل أن الحرم ان من أهم مظ اهر الس لطة العام ة ال تي‬
‫تتمت ع به ا اإلدارة في مرحل ة تك وين العق د‪ ،‬إذ أن المش ِّر ع يخ ِّو ل لإلدارة س لطات اس تثنائية‬
‫تتع ارض م ع المب ادئ األساس ية في الق انون الخ اص‪ ،‬وم ا ينتج عن ه ذا الحرم ان من ع دم‬
‫قبول العطاءات التي يتقدم بها الشخص المحروم‪ ،‬حتى لو كانت هذه العطاءات مستوفية‬
‫الشروط التي تطلبها اإلدارة ‪.‬‬
‫و األصل في االستبعاد وجوبي مقرر بموجب اللوائح اإلدارية واألنظمة والتعليمات‪،‬‬
‫وأن ه من النظ ام الع ام ال ذي ال يج وز االتف اق على مخالف ة أحكام ه‪ ،‬ل ذا ال تتمت ع اإلدارة‬
‫بص دده ب أي س لطة تقديري ة إذا خ الفت النظ ام‪ ،‬فال تس تطيع قب ول عط اء غ ير مش مول‬
‫بالش روط الخاص ة بالعط اء‪ ،‬أو غ ير مش مول مق دمًا بش روط العط اء؛ ألنه ا ال تنظ ر إلى‬
‫األس عار والمواص فات‪ ،‬وه ذا إج راء تتخ ذه اإلدارة بش كل موض وعي ال ينص ب على مق دم‬
‫العط اء‪ ،‬وإ نم ا يوج ه للعط اء ذات ه‪ ،‬ولكن ه يج وز له ا الع دول عن ق رار االس تبعاد في حال ة‬
‫شرط إكمال الوثائق‪ ،‬أو شرط إعادة الفحص‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفصل الثاني‬
‫كيفية اختيار اإلدارة للمتعاقد معها‬
‫تتعدد أساليب إبرام الصفقات العمومية في ظل القوانين المقارنة‪ - ،‬ـ سواء كانت‬
‫أصلية أم استثنائية – في أساليب المناقصة والمزايدات بصورها المختلفة واالتفاق المباشر‬
‫وهذا ما رسم المشرع لكل أسلوب منها حدوده وبين حاالته واإلجراءات التي يجب األخذ‬
‫بها من خالله‪ ،‬ولكل من هذه الطرق مجال إعماله فال يجوز أن يختلط بغيره من الطرق‬
‫األخ رى‪ ،‬وال تتقي د اإلدارة بحس ب األص ل باتب اع أس لوب معين من أس اليب التعاق د إال إذا‬
‫أوجب القانون اتباع طريق بعينه في التعاقد‪ ،‬ففي هذه الحالة يجب أن تلتزم به‪ ،‬وإ ال وقع‬
‫تص رفها ب اطًال‪ ،‬أم ا إذا لم يقي دها الق انون بش يء من ذل ك‪ ،‬فله ا الحري ة في اختي ار أس لوب‬
‫التعاقد المالئم‪ ،‬وإ ن كانت تظل مقيدة في هذا الشأن في كل األحوال بمقتضيات المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬وبالمبادئ العامة التي تحكم نظام الصفقات العمومية ‪.‬‬
‫األص ل في كيفي ة إب رام الص فقات العمومي ة وال تي يس تند فيه ا القي د على حري ة جه ة‬
‫اإلدارة عن د تعاق دها يرج ع إلى أن المش ِّر ع ه و ال ذي يس تقل ببي ان طريق ة إب رام الص فقات‬
‫العمومية وأنه من ذلك يسعى إلى إدراك هدفين مهمين هما‪.‬‬
‫األول‪ :‬تحقيق أكبر وفر مالي للخزينة العامة‪ ،‬وهذا يستلزم بداهة التزام جهة اإلدارة‬
‫اختيار المتعاقد الذي يقدم أفضل الشروط والضمانات المالية‪.‬‬
‫الث اني‪ :‬مراع اة المص لحة اإلداري ة‪ ،‬ويتطلب تبع ًا ل ذلك تمكين جه ة اإلدارة من أن‬
‫تختار أكفأ المتقدمين ألداء الخدمة التي تحرص هي على تحقيقها‪.‬‬
‫ليس ه ذا فق ط ب ل أوجب المش ِّر ع على اإلدارة م ع م ا ذك ر س ابقًا أن تل تزم ببعض‬
‫اإلج راءات الش كلية ال تي تس بق التعاق د‪ ،‬حيث يتعين على اإلدارة مراع اة ه ذه اإلج راءات‪،‬‬
‫والتي تتمثل في االعتماد المالي ودراسة الجدوى والحصول على تصريح بالتعاقد‪ ،‬إال أن‬
‫دراستنا هنا تنصب على األسلوب المعتمد من المشرع في اختيار المتعاقد والتي ال تختلف‬

‫‪92‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كث يرا عن أس اليب التعاق د في جمي ع دول الع الم‪ ،‬وب األخص دول ة الدراس ة‪ ،‬وهي ليبي ا‬
‫وقانون الدول المقارنة مثل مصر وفرنسا والمغرب‪.‬‬
‫ل ذا س وف نتن اول كيفي ة اختي ار اإلدارة للمتعاق د معه ا‪ ،‬حس ب التقس يم اآلتي‪ :‬المبحث‬
‫األول‪ :‬المناقص ات والمزاي دات كوس يلة للتعاق د‪ ،‬المبحث الث اني‪ :‬التعاق د بغ ير المناقص ة‬
‫والمزايدة ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المبحث األول‬
‫المناقصات والمزايدات كوسيلة للتعاقد‬
‫إن غاية وهدف اإلدارة من وراء اتباع األساليب المحددة من قبل المش ِّر ع في اختيار‬
‫المتعاقد معها هو تكبد الخزينة العامة أقل النفقات‪ ،‬في حال رغبة اإلدارة بالشراء‪ ،‬أما في‬
‫حالة البيع فيكون الهدف هو الوصول إلى أكبر وفر مالي‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة إليجار‬
‫ممتلكات الدولة‪ ،‬ومن أهم وسائل اإلدارة في اختيار المتعاقد معها هو أسلوب المناقصات‬
‫والمزايدات‪.‬‬
‫فالمناقصة هي تعبير عن أمر سلبي مفاده إرساء المناقصة على من يقدم أقل عطاء‬
‫من الناحي ة المالي ة‪ ،‬م ع االحتف اظ بمس ألة الج ودة الفني ة في الس لع والخ دمات المطل وب‬
‫تقديمها‪ ،‬وهنا يكون من مصلحة الدولة اختيار المتعاقد الذي يقوم بهذه األعمال مقابل أقل‬
‫األسعار التي ت دفعها اإلدارة كعقود التوريد وعقود االشتغال العامة‪ ،‬وإ ن كنت ال أرى أن‬
‫المناقصة أمرًا سلبيًا‪ ،‬بل هي أمرًا إيجابيًا ؛ألنها تصب في النهاية في مصلحة الدولة‪.‬‬
‫أما المزايدات فهي تحمل مفهومًا إيجابي ًا‪ ،‬مفاده أم مصلحة اإلدارة في بيع أو إيجار‬
‫أمالكها لمن يدفع أكثر‪ ،‬ولهذا الغرض يتسابق مقدمو العطاءات في عرض أكبر لألسعار‬
‫للفوز بالعقد مع اإلدارة‪.‬‬
‫كما أن هذا األسلوب يفتح أكبر قدر ممكن من المنافسة‪ ،‬مما يضمن تحقيق المساواة‬
‫بين المتنافس ين م ع تك افؤ الف رص‪ ،‬ل ذلك اهتمت التش ريعات في معظم دول الع الم بوض ع‬
‫األسس التي تقوم عليها تلك المناقصات والمزايدات‪.‬‬
‫وبن اء على ذل ك س وف نق وم بدراس ة ه ذا المبحث في مطل بين‪ ،‬المطلب األول‪:‬‬
‫المناقصات والمزايدات‪ ،‬المطلب الثاني‪ :‬فحص العطاءات وإ رساء المزاد والمناقصة‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب األول‬
‫المناقصات والمزايدات العامة‬
‫المزايدة و المناقصة هي طريقة بمقتضاها تلتزم اإلدارة باختيار أفضل من يتقدمون‬
‫التعاقد معها‪ ،‬سواء من الناحية المالية أو من ناحية الخدمة المطلوب أداؤها‪.‬‬
‫والمناقصة عكس المزايدة‪ ،‬فاألولى تستهدف اختيار من يتقدم بأقل عطاء ويكون ذلك‬
‫ع ادة إذا أرادت اإلدارة القي ام بأعم ال معين ة كأش غال عام ة مثًال‪ ،‬أم ا المزاي دة ف ترمي إلى‬
‫التعاقد مع الشخص الذي يقدم أعلى عطاء وذلك إذا أرادت اإلدارة مثًال أن تبيع أو تؤجر‬
‫شيئًا من أمالكها‪.‬‬
‫رغم أن معظم التش ريعات تل زم اإلدارة بااللتج اء إلى طريق ة المزاي دة أو المناقص ة‬
‫إلبرام عقودها‪ ،‬فإن القاعدة في فرنسا ال تزال هي حرية اإلدارة في التعاقد‪ ،‬إذا لم يوجد‬
‫نص يفرض عليها االلتجاء إلى طريقة المناقصة‪.‬‬
‫و أيضًا في مصر تطبق القاعدة السابقة‪ ،‬فال تلتزم اإلدارة بااللتجاء إلى المناقصة‬
‫أو المزايدة إال إذا وجد نص تشريعي بهذا المعنى‪.‬‬
‫ولع رض ه ذا المطلب تَّم تقس يمه إلى ف رعين‪ :‬الف رع األول‪ ،‬المقص ود بالمناقص ات‬
‫والمزايدات‪ ،‬أما الفرع الثاني فصور المناقصات والمزايدات‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المقصود بالمناقصات والمزايدات ‪.‬‬
‫‪162‬‬
‫كأص ل ع ام تق رر أن المش رعين يعتم دون على المناقص ة والمزاي دة العام ة‪،‬‬
‫ومرد هذا وجدود جملة من األسباب والدواعي التي تتطلب اهتمام المشرعين‪ ،‬ومنها إبعاد‬
‫ق رار اإلرس اء عن ك ل محاب اة وتح يز يعطي للمتق دمين للش عور باالطمئن ان ب أنهم على ق دم‬
‫المس اواة في امتالك فرص ة الف وز بالمناقص ة والتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬إض افة إلى ذل ك أن‬
‫اعتم اد المناقص ة ي ؤدي إلى تهيئ ة فرص ة المنافس ة بين المتق دمين وبالت الي تحم ل أق ل‬

‫د‪ .‬خالد عبداهلل كرفاش ‪ ،‬مرجع السابق ‪،‬ص ‪125‬‬ ‫‪162‬‬

‫‪95‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المصاريف والتكاليف لتنفيذ العقد‪ ،‬والمحصلة ضمان حماية المال العام من اإلسراف في‬
‫إنفاقه‪.163‬‬
‫ووفق ًا لك ل ذل ك يجب أن تت وفر العالني ة والمنافس ة بين المناقص ين‪ ،‬وال تزام اإلدارة‬
‫بع دم إس ناد المناقص ة إال على المناقص ة األق ل س عرًا فه ذا س يحقق الموض وعية في اختي ار‬
‫المتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬وع دم التعاق د م ع ش خص معين بذات ه؛ العتب ارات أغلب م ا تك ون‬
‫شخص ية‪ ،‬وفي كلت ا العملي تين س واء المناقص ة أو المزاي دة‪ ،‬يه دف المش ِّر ع إلى تحقي ق‬
‫المساواة والمزاحمة الشريفة والعادلة في التعامل والتعاقد‪.164‬‬
‫المقصود بالمناقصة العامة أنها طريقة تلتزم اإلدارة بمقتضاها باختيار أفضل شروط‬
‫من يتق دمون للتعاق د معه ا‪ ،‬س واء من الناحي ة المالي ة أو من ناحي ة الخدم ة المطل وب‬
‫أداؤها‪ ،165‬وفي الزم ان والمكان األكثر مالءمة‪ ،‬و عادة يكون ذلك في مق اوالت األشغال‬
‫العامة أوالتوريد أو شراء بعض المواد‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه توجد صيغة من صيغ المناقصة هي المزاي دة وهي تق وم على‬
‫المبادئ التي تقوم عليها المناقصة العامة‪ ،‬كما تخضع إلى إجراءات هذه األخيرة نفسها‪،‬‬
‫ولكن وجد خالف بينهما يتعلق بتحديد قيمة العطاء بأعلى سعر‪ ،‬و رغم االختالف بينهما‬
‫في المضمون إال أن هدفها واحد‪ ،‬وهو تحقيق المصلحة العامة لذلك تسري عليهما أحكام‬
‫واح دة‪ ،166‬على عكس الح ال في نط اق المناقص ة العام ة ال تي يتم اإلرس اء فيه ا على األقل‬
‫سعرًا‪ ،‬كما أن مصلحة اإلدارة المالية في نطاق المزايدة العامة تكون هي األساس‪ ،‬بغض‬

‫‪ -‬د‪ .‬توفيق شحاته‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دار الجامعة العربية‪ ،1954،.‬ص ‪.771‬‬ ‫‪163‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حس ن محم د عواض ه‪ ،‬المب ادئ األساس ية في الق انون اإلداري ‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬المؤسس ة الجامعي ة للدراس ات‬ ‫‪164‬‬

‫والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت ‪ ،1997‬ص ‪.152‬‬


‫‪ -‬خالد خليل الطاهر‪ ،‬القانون اإلداري ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.240‬‬ ‫‪165‬‬

‫‪-‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬ ‫‪166‬‬

‫‪96‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫النظ ر عن ص فة األش خاص المتعاق دين وأهليتهم‪ ،‬على عكس المناقص ة العام ة ال تي تلعب‬
‫فيها صفة األشخاص المتعاقدين وأهليتهم التقنية دورًا مهمًا‪.167‬‬
‫وفي ك ل األح وال ف إن المناقص ة تس تخدم في حال ة م ا إذا أرادت اإلدارة تنفي ذ أعم ال‬
‫معينة عن طريق الغير‪ ،‬أما المزايدة فتستخدم في حالة م ا إذا أرادت التص رف في بعض‬
‫ممتلكاتها إلى الغير‪.168‬‬
‫وتكون اإلدارة قابضة مثل بيع أو إيجار‪ ،169‬ويتم تقديم السعر في المزايدة إما بطريق‬
‫سري‪ ،‬والمتمثل بالمظروفات المغلقة‪ ،‬أو بطريق علني أمام الجمهور‪ ،‬وفي كلتا الحالتين‬
‫هناك لجنة تبث في المزايدة لتحديد الشخص الذي سيتم التعاقد معه‪.170‬‬
‫كم ا أن اختص اص جه ة اإلدارة في اختي ار المتعاق د معه ا بطريق ة المناقص ة العام ة‬
‫اختصاصًا مقيدًا بالنظر إلى التزامها – دائمًا – بضرورة التعاقد مع صاحب العطاء األقل‬
‫سعرًا وهو ما يعرف بمبدأ ألية اإلرساء المناقصات والمزايدات العامة في التشريع الليبي‬
‫وف ق الئح ة الص فقات العمومي ة رقم ‪ 563‬لس نة ‪ 2007‬م‪ ،‬والمعم ول به ا والواجب ة‬
‫اإلتب اع‪ ،‬حيث نظمت المناقص ات والمزاي دات العام ة في الم ادة ‪ 8‬حيث ع رفت المناقص ة‬
‫العام ة هي ال تي يعلن فيه ا لجمي ع أدوات التنفي ذ المؤهل ة للتعاق د والمس جلة ل دى الجه ة‬
‫المختصة بالقيد والتصنيف ووفق التخصص والفئة المناسبة للمشروع حسبما تنظمه الئحة‬
‫قيد وتصنيف المقاولين بقصد الوصول إلى أصلح عرض‪ ،‬وتكون المناقصة العامة داخلية‬
‫يعلن عنها في ليبيا أو عالمية ُيعلن عنها في الداخل والخارج‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬مهند مختار فوح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.266‬‬ ‫‪167‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬ ‫‪168‬‬

‫‪ -‬يالحظ أن اإلدارة ال تستطيع القيام بأخذ التصرفات الناقلة للملكية بالنسبة لممتلكاتها العامة تأسيسًا على قاعدة عدم‬ ‫‪169‬‬

‫جواز التصرف في األموال العامة‪ ،‬وبالتالي يقتصر تصرف اإلدارة في ممتلكاتها بالبيع على أمالكها الخاصة‪ ،‬والخاصة‬
‫على السواء طالما أنه ال يتعارض مع التخصيص للمنفعة العامة‪ ،‬ولهذا فإن المش ِّر ع في العديد من الدول أجاز للجهات‬
‫اإلداري ة أن تتص رف في األم وال العام ة س واء عن طري ق ال ترخيص أو العق د‪ .‬أنس جعف ر‪ .‬العق ود اإلداري ة‪ ،‬مرج ع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.288‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد اهلل حنفي‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.188‬‬ ‫‪170‬‬

‫‪97‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أم ا المزاي دة العام ة هي ال تي تج ري ب بيع األش ياء وتتم عن طري ق تق ديم عط اءات‬
‫للشراء أو بطريق المناداة للوصول إلى أعلى األسعار‪.‬‬
‫والمناقصة العامة هي الطريقة العادية‪ ،‬واألصل العام في إبرام العقد اإلدارية حيث‬
‫ال يج وز لإلدارة إتب اع طريق ة إب رام الص فقات العمومي ة‪ ،‬حيث ال يج وز اتب اع طريق ة‬
‫غيرها إال بناًء على نص قانوني يسمح لها بذلك طبقًا لنص المادة ‪ 9‬من الالئحة النافذة‪.171‬‬
‫وتق ديري لم ا س ار علي ه المش ِّر ع اللي بي في ه ذا الخص وص‪ ،‬أرى أن ه وجب على‬
‫المشِّر ع الليبي أن يجعل تنظيم الصفقات العمومية بصفة عامة في قانون موحد وشامل ؛‬
‫ألن ه لألس ف أن الص فقات العمومي ة في ليبي ا تنظم بل وائح يطل ق عليه ا ل وائح الص فقات‬
‫العمومية تصدرها السلطة التنفيذية‪ ،‬وليست السلطة التشريعية‪ ،‬لذلك ال يوجد قانون موحد‬
‫ينظم المناقص ات والمزاي دات كم ا ه و الح ال في دول أخ رى‪ ،‬فبالنس بة للمناقص ات العام ة‬
‫هن اك نص وص قانوني ة في ه ذه الل وائح اإلداري ة متن اثرة وغ ير دقيق ة البعض منه ا خ اص‬
‫ببعض الوزارات‪ ،‬والبعض اآلخر جاء على شكل تعليمات وتوجيهات‪.‬‬
‫ومن هنا ال بد من ضرورة وضع قانون خاص بالصفقات العمومية تتوحد بموجبه‬
‫جمي ع النص وص القانوني ة المتعلق ة بالمناقص ات العام ة‪ ،‬تس هيًال لمهم ة الجه ات اإلداري ة‬
‫المختصة وضمانة أكيدة لألفراد الراغبين في التعاقد معها‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة للمزاي دات‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 9‬من الئحة العقود اإلدارية السابقة الذكر‪ ،‬أ‪ -‬تبرم عقود األشغال العامة وعقود التوريد وغيرها من‬ ‫‪171‬‬

‫العقد اإلدارية – بصفة عامة – بطريق المناقصة العام ة‪ ،‬وال يجوز العدول عن المناقصة العام ة إلى طريق آخر من‬
‫طرق التعاقد المشار إليها بالمادة الثامنة السابقة الذكر إال بمقتضى يستند إلى أحكام هذه الالئحة‪.‬‬
‫ب‪ -‬استثناء مما جاء في الفقرة السابقة يجوز التعاقد بطريق المناقصة المحدودة أو الممارسة في األحوال اآلتية ‪-1 ...‬‬
‫األعمال والتوريدات المحتكر صنعها أو استيرادها‪ ،‬أو التي ال توجد إال لدى أشخاص أو شركات معينة‪ -2 ،‬الخدمات‬
‫االستشارية‪ - 3 ،‬غير ذلك من األحوال التي ال تسمح فيها طبيعة العقد أو ظروف إبرامه بإتباع طريقة المناقصة العامة‪،‬‬
‫ويجري تحديد هذه األحوال بقرار مسّب ب من الجهة المختصة بإصدار قرار الترسية واإلذن بالتعاقد‪.‬‬
‫ج‪ -‬يش ترط للتعاق د في األح وال المش ار إليه ا في الفق رة الس ابقة بالنس بة للوح دات اإلداري ة الحص ول على إذن ب إجراء‬
‫مناقصة محدودة أو ممارسة من الجهة اإلدارية المختصة بإصدار قرار الترسية واإلذن بالتعاقد‪ ،‬وأن يدعي للتعاقد عدد‬
‫كاف من أدوات التنفيذ ال يقل عن ثالثة‪.‬‬
‫د‪ -‬تبرم بطريق المزايدات العامة عقود بيع األشياء التي يستغنى عنها أو التي يتقرر بيعها وفقا للقانون‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫العام ة‪ ،‬فق د ك انت النص وص القانوني ة الخاص ة بتنظيم المزاي دات مبع ثرة بين ع دد من‬
‫اللوائح‪.‬‬
‫وبتعب ير آخ ر‪ ،‬ف إن القاع دة العام ة في تعاق د اإلدارة لل بيع واإليج ار ه و اعتماده ا‬
‫أس لوب المزاي دة العلني ة العام ة إال إذا نص المش رع على وج وب إتب اع أس لوب أخ ر في‬
‫التعاق د له ذه األغ راض‪ ،‬أي أن إتب اع المزاي دة العام ة في التعاق د ه و مل زم لإلدارة‪ ،‬وال‬
‫يج وز له ا الخ روج علي ه م ا دام المش ِّر ع ق د نص علي ه‪ ،‬إال إذا وج د نص ق انوني يس مح‬
‫باللجوء إلى األساليب األخرى لغرض التعاقد‪.‬‬
‫أم ا في مص ر‪ ،‬فلق د نظم المش رع المص ري أحك ام المناقص ات والمزاي دات العام ة‬
‫بق انون تنظيم المناقص ات والمزاي دات رقم ‪ 89‬لس نة ‪ 1998‬م‪ ،‬حيث نص ت على أن يك ون‬
‫التعاق د على ش راء المنق والت أو مق اوالت األعم ال أو النق ل أو تلقي الخ دمات والدراس ات‬
‫االستشارية واألعمال الفنية عن طريق مناقصات عامة أو ممارسات عامة ويصدر باتباع‬
‫أي من الطريقتين قرار من السلطة المختصة وفقًا لظروف وطبيعة التعاقد‪.172‬‬
‫ونالح ظ أن المش ِّر ع به ذا النص ح دد أنواع ًا معين ة من العق ود يجب بش أنها اتب اع‬
‫أس لوب المناقص ة العام ة عن د التعاق د‪ ،‬ويج وز اس تثناًء وبق رار من اإلدارة التعاق د بطري ق‬
‫آخ ر ‪...‬وهي المناقص ة المح دودة أو المناقص ة المحلي ة أو الممارس ة المح دودة أو االتف اق‬
‫المباشر‪ ،‬كما ذكر في قانون رقم ‪ 89‬سنة ‪ 1998‬م‪ ،‬أسلوب المزايدة العامة عندما يكون‬
‫موض وع التعاق د ه و بي ع أو إيج ار العق ارات والمنق والت والمش روعات ال تي ليس له ا‬
‫الشخص ية االعتباري ة وال تراخيص باالنتف اع أو باس تغالل العق ارات بم ا في ذل ك المنش آت‬
‫السياحية والمقاصف‪.‬‬

‫‪ -‬نص المادة األولى من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المصري رقم ‪ 89‬لسنة ‪ ،1998‬وهذا ما أكدته المحكمة‬ ‫‪172‬‬

‫اإلداري ة العلي ا‪ ،‬حيث ذهبت إلى أن "كمب دأ أص يل يك ون تعاق د اإلدارة س طرين لمناقص ة واألخ ذ بأس لوب الممارس ة ال‬
‫يكون إال في حاالت معينة أوفي أضيق الحدود‪ ،‬طبقا لألوضاع والشروط المرسومة قانونا‪...‬وذلك أن المناقصة تحقق‬
‫ضمانات أكثر للمصلحة العامة"‪ .‬حكمها في الطعن رقم ‪ 1558‬سنه ‪ 6‬ق جلسة ‪ ،1962-11-24‬سبق اإلشارة إليه في‬
‫هامش ص‪.13 :‬‬
‫‪99‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وك ان المش ِّر ع المص ري موفق ًا في إيج اد ه ذا التحدي د ال ذي يتب نى في ش أنها أس لوب‬
‫المناقصة أو المزايدة العامة‪ ،‬والغاية من ذلك ال يعطي لإلدارة السلطة التقديرية في اختيار‬
‫أي من الص فقات العمومي ة ال تي س يعتمد في إبرامه ا على ه ذا األس لوب ألنه ا ت ؤدي إلى‬
‫التض ارب في اختي ارات اإلدارة ال تي س يكون قراره ا مبني ًا بش كل أس اس على األش خاص‬
‫متخ ذي الق رار‪ ،‬وبالت الي يك ون ُع رَض ة للتغ ير كلم ا تغّي ر األش خاص المس ئولون عن ه ذا‬
‫الموضوع‪ ،‬وتكون النتيجة االرتباك في عمل اإلدارة وعدم استقرارها‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى اتجاه المش ِّر ع الليبي جاء مختلف ًا عن التشريعات المقارنة‪ ،‬فلم يجعل‬
‫من المزاي دة العام ة األص ل الع ام في أس اليب تعاق د اإلدارة‪ ،‬ولم ي أت بنفس التحدي د ال ذي‬
‫نص علي ه المش رع المص ري‪ .‬ه ذا م ا يخص المزاي دة العام ة‪ ،‬أم ا فيم ا يتعل ق بالمناقص ات‬
‫العامة فوجدنا أن المشرع الليبي ذكر أسلوب المناقصة العامة من ضمن األساليب للتعاقد‬
‫مع اإلدارة‪ ،‬لغرض إنجاز أعمال ومشاريع خطط التنمية‪.‬‬
‫مع أن المشِّر ع أورد المناقصات العامة من أبرز الوسائل التي تلجأ إليها في تنفيذها‬
‫أعمالها والحصول على السلع والخدمات باعتماد أسلوب العمومية والعالنية والمنافسة‪ ،‬إال‬
‫أننا لم نلمس نصًا تشريعيًا يعطي األفضلية للمناقصة العامة على األساليب األخرى‪.‬‬
‫أما في خصوص بيع وإ يجار أموال الدولة بشأن المزايدة العامة التي جعلها األصل‬
‫الع ام للتعاق د م ع األش خاص‪ ،‬وك ان األج در بالمش رع أن يواص ل نهج ه في تمي يز أس لوب‬
‫المناقصات والمزايدات العامة خصوصا وأن كاًّل منهما ال يختلف في أهدافه وإ جراءاته و‬
‫امتيازاته عن اآلخر‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع الثاني‪ :‬صور المناقصات والمزايدات‪.‬‬


‫لم ا ك انت المناقص ات أو المزاي دات العام ة تق وم على مب دأ ألي ة إرس اء الم زاد‬
‫أوالمناقصة بتقييد حرية اإلدارة في االختيار إلى أقصى حد‪ ،‬فقد تكشف العمل بهما الكثير‬
‫العي وب‪ ،‬ونحن نعلم أن المناقص ات والمزاي دات تهتم بك ل من االعتب ارات المالي ة والفني ة‬
‫بحيث تقيم التوازن بين السعر والجودة‪ ،‬إال أن التطبيقات المادية العملية كثيرًا ما تؤدي –‬
‫مع األسف – إلى التضحية بالكيف في سبيل الكم‪ ،‬و يتركز االهتمام على المسائل المالية‬
‫دون اعتب اٍر ك اٍف لمس ألة الج ودة والمواص فات ال واردة فعال في قائم ة الش روط‪ ،‬مم ا دف ع‬
‫تن وع ط رق المناقص ات والمزاي دات بقص د منح اإلدارة ق درا أك بر‬ ‫‪173‬‬
‫المش رع إلى إج ازة‬
‫من الحري ة مم ا دف ع المش ِّر ع في الق وانين المقارن ة للنص على ص ور أخ رى بخالف‬
‫المناقص ة العام ة أو المفتوح ة‪ ،‬وتتمث ل ه ذه الص ور في المناقص ة المح دودة والمحلي ة‬
‫والمناقصة على مرحلتين‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدم سوف نقوم بدراسة هذه الصور في ثالث نقاط متتالية وذلك على‬
‫النحو اآلتي‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬المناقصة المقيدة أو المحدودة‪.‬‬
‫تعت بر المناقص ة المح دودة أو المقي دة أح د االس تثناءات على قاع دة عمومي ة العط اء‬
‫للمناقصة‪ ،‬ويمكن تحديد مفهومها أو تعريفها ؛بأنها تلك المناقصة المقيدة بعدم ترسيتها إال‬
‫على إح دى الجه ات‪ ،‬أو الش ركات أو المؤسس ات المعروف ة مس بقًا ل دى الجه ة ص احبة‬
‫المناقصة‪.174‬‬

‫‪ -‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬العقود اإلدارية والتحكيم ‪ ،‬دار جامعة االسكندرية‪ ،‬سنة ‪ 2002‬م‪ ،‬ص‪.63 – 62 :‬‬ ‫‪173‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الرؤوف جابر‪ ،‬النظرية العامة في إجراءات المناقصات والعقود‪ ،‬مرجع سابق‪.‬ص‪165‬‬ ‫‪174‬‬

‫‪101‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وتعتم د على اإلرس اء التلق ائي على الس عر األق ل‪ ،‬ولكن المنافس ة فيه ا تك ون مقي دة‬
‫بحيث ال ي دخلها إال المرش حون ال ذين اخت ارتهم اإلدارة نظ رًا لكف اءتهم الفني ة والمالي ة في‬
‫موضوع التعاقد‪ ،‬وذلك ال بد محل العقد يكون ذا طبيعة تقنية خاصة‪.175‬‬
‫كما أجاز القانون لإلدارة وضع شروط معينة يجب توافرها في المتقدمين بالعطاءات‬
‫كم ا أج از له ا أحيان ًا ال ذهاب إلى أبع د من ذل ك بقص ر المناقض ة على األش خاص ال ذين‬
‫تختارهم اإلدارة مقدمًا‪ ،‬وتدوين أسمائهم في قوائم معدة لهذا الغرض ‪ .‬وليس القصد من‬
‫‪176‬‬

‫ذل ك ه و االعت داء على مب دأ حري ة المنافس ة م ع م ا ل ه من أهمي ة في إنج اح طريق ة‬


‫المناقصات والمزايدات‪ ،‬وإ نما ضمان أدنى من الجودة في األداءات المقدمة كما أن اإلدارة‬
‫تتقيد في بعض المناقصات باعتبارات اجتماعية أو اقتصادية‪.‬‬
‫إذًا فاالعتبار المعتمد في االختيار شخصي على فئة محددة من األشخاص "المقاولين"‬
‫أو ال بيوت التجاري ة المعتم دة أس ماؤهم في ق وائم تع دها ال وزارات أو الجه ات الحكومي ة‬
‫المختصة لقدرتها على تنفيذ نوع معين من المشاريع‪.177‬‬
‫وهذه القوائم المعدة تعد بناء على توافر شروط فنية معينة تقررها اإلدارة‪ ،‬وال يحق‬
‫لمن هم خ ارج ه ذه الق وائم أو الس جالت المش اركة إال في ح االت اس تثنائية‪ ،‬وتلج أ اإلدارة‬
‫إلى ه ذه األس اليب في حال ة الض رورة والعتب ارات تع ود إلى طبيع ة المش روعات ال تي‬
‫ت رغب اإلدارة في إنجازه ا وال تي تتطلب ق درًا من الخ برة والكف اءة‪ ،178‬ل ذلك تعتم د على‬
‫هذا األسلوب بالنسبة للمشروعات الضخمة أو التي تتعلق بتكنولوجيا حساسة أو ذات أهمية‬
‫كبرى كإنشاء ميناء جوي أو بحري أو مفاعل نووي ذري والتي يقتصر الدخول فيها على‬
‫ش ركات تمل ك خ برات كب يرة في مج االت ن ادرة‪ .179‬ويج وز لإلدارة بع د إدراج اس م أح د‬

‫‪ -‬ينظر المادة األولى من القانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪.1998‬‬ ‫‪175‬‬

‫‪ -‬الصيروفي محمد ‪ ،‬إدارة الموارد البشرية ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪ ، 2007‬ص‪49‬‬ ‫‪176‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حمد محمد الشلماني‪ ،‬امتيازات السلطة العامة في العقد اإلداري ‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬ ‫‪177‬‬

‫‪ . -‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪66‬‬ ‫‪178‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عادل السعيد أبو الخير‪ ،‬القانون اإلداري ‪ ،‬بال دار نشر‪ ،‬سنة ‪ ،.2008‬ص ‪.638‬‬ ‫‪179‬‬

‫‪102‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المقاولين في القائمة‪ ،‬وبعد شرائه وثائق المناقصة فعًال شطب اسمه من القائمة طالما كان‬
‫بضرر ما‪.‬‬ ‫‪180‬‬
‫هذا الشطب يستهدف المصلحة العامة‬
‫ومن مميزات أسلوب المناقصة المحدودة‪ ،‬أن اإلدارة تقوم بدعوة المناقصين بإرسال‬
‫الدعوة إليهم بالبريد المسجل أو بالتسليم المباشر‪ ،‬وذلك بسبب معرفة اإلدارة بهذه الجهات‬
‫حكومية أو مكاتب استشارية أو منظمات دولية‪.181‬‬
‫والمناقص ات المح دودة وإ ن ك ان اللج وء إليه ا بمثاب ة اس تثناء من أص ل ع ام يقتض ي‬
‫األخذ بأسلوب المناقصة العامة في التعاقد اإلداري‪ ،‬إال أنها تشكل تطويرًا للمناقصة العامة‬
‫تستطيع اإلدارة من خالله اختيار مرشحيها ممن ترى كفاءتهم الفنية للتعاقد معها‪.182‬‬
‫وال يتطلب أس لوب المناقص ة المح دودة اإلعالن عن ه‪ ،‬ذل ك لم ا ي ترتب على ه ذا‬
‫اإلعالن من حص ول اإلدارة على أع داد كب يرة من الع روض الغ ير ص الحة‪ ،‬وال تي تص در‬
‫من أش خاص ال يحمل ون الق درة الجدي ة على التنفي ذ‪ ،‬ل ذلك توج ه ال دعوة إلى الجه ات‬
‫المعروف ة بخبراته ا لض مان الحص ول على ع روض جي دة وبق درة مالي ة كب يرة على التنفي ذ‬
‫الكفء‪.‬‬
‫و ج دير بالمالحظ ة أن ه ليس هن اك م ا يمن ع اإلعالن في الجري دة الرس مية في طلب‬
‫الش ركات واألف راد كب ديل على البري د المس جل‪ ،‬إال إذا تعل ق موض وع المناقص ة بمش روع‬
‫يراد السرية في إنجازه‪.‬‬
‫ل ذلك نالح ظ أن اإلدارة عن د اعتماده ا أس لوب المناقص ة المح ددة ملزم ة بإع داد‬
‫سجالت عامة تقيد فيها األفراد والشركات والمكاتب االستشارية التي تقرر التعامل معها‪،‬‬
‫وس جالت من اظرة له ا تقي د فيه ا اإلدارة األف راد والش ركات الممن وعين من التعام ل م ع‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الفتاح حسن‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري الكويتي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص ‪.472‬‬ ‫‪180‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حمد محمد الشلماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪181‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد العزيز الخوري‪ ،.‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬ ‫‪182‬‬

‫‪103‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫اإلدارة‪ ،‬وتتض من ه ذه الس جالت كاف ة المعلوم ات والبيان ات الض رورية عن طبيع ة نش اط‬
‫تلك الجهات‪.183‬‬
‫ونخلص مم ا س بق إلى أن أس لوب المناقص ة المح دودة في التعاق د ه و أيض ًا يش مل‬
‫ح االت مح دودة من تعاق دات اإلدارة‪ ،‬وهي ح االت ك ون اإلنش اءات أو الس لع المطل وب‬
‫التعاقد بخصوصها غير متوفرة بسبب طبيعتها المعقدة‪ ،‬أو لحاجتها للتخصص الدقيق غير‬
‫المت وفر إال ل دى ع دد مح دود من األش خاص والجه ات‪ ،‬فهن ا توج ه ال دعوة إلى المق اولين‬
‫والش ركات ال تي تحم ل المزاي ا من االختص اص والق درة ذات الكف اءة على اإلنج از الجي د‪،‬‬
‫على أن تكون هناك منافسة فعال ة بين الجهات الحاملة لتلك المزايا وتل تزم اإلدارة بمقابل‬
‫ذلك بالموضوعية في اختيار األنسب منها‪ .184‬ولقد أخذ كل من التشريع الليبي والمصري‬
‫بالمناقصة المحدودة ففي ليبيا نجد أن هدا النوع من المناقصات قد نظمته الئحة الصفقات‬
‫العمومية في نص المادة ‪ 8‬السابقة الذكر‪.‬‬
‫ومن المالح ظ أن ه ذا الن وع من المناقص ات تلج أ إلي ه اإلدارة في ح االت الض رورة‬
‫واالعتبارات تعود إلى طبيعة المشروعات والتي تطلب قدرا كافيا من الخبرة والكفاءة كما‬
‫أن المش ِّر ع في ليبي ا اعتبره ا خروج ًا عن القاع دة‪ ،‬ونص في الفق رة الثاني ة من الم ادة ‪11‬‬
‫على الحاالت التي يجوز فيها اعتماد طريقة المناقصة المحدودة وهي‪:‬‬
‫ا‪ .‬المشروعات اإلنتاجية واالستثمارية‪.‬‬
‫ب‪ .‬تق ديم الخ دمات الفني ة كاختي ار المك اتب االستش ارية ومك اتب التف تيش والمس اعدة‬
‫الفنية لتشغيل المشروعات‪.‬‬
‫ج‪ .‬األعم ال والتوري دات المحتك ر ص نعها أو اس تيرادها أو ال تي ال توج د إال ل دى‬
‫أشخاص أو شركات معينة‪.‬‬

‫‪ -‬د عبد الفتاح حسن‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري الكويتي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬ ‫‪183‬‬

‫‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬ ‫‪184‬‬

‫‪104‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫د‪ .‬غ ير ذل ك من األح وال ال تي ال تس مح طبيع ة العق د اتب اع طريق ة المناقص ة العام ة‬
‫ويجري تحديد هذه األحوال بقرار من اللجنة الشعبية العامة بناء على طلب الجهة طالبة‬
‫التعاقد‪.‬‬

‫أم ا في مص ر‪ ،‬فق د نص المش ِّر ع المص ري في ق انون تنظيم المناقص ات والمزاي دات‬
‫رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬على أن "يكون التعاقد لطريق المناقصة المحدودة في الحاالت التي‬
‫تتطلب طبيعتها قصر االشتراك على موردين أو مقاولين أو استشاريين أو فنيين أو خبراء‬
‫ب ذواتهم‪ ،‬س واء في مص ر أو في الخ ارج على أن تت وافر في ش أنهم ش روط الكفاي ة الفني ة‬
‫والمالية وحسن السمعة‪.185‬‬
‫وب ذلك نخلص إلى أن كال المناقص تين المح دودة أو العام ة تتفق ان على أن اإلرس اء‬
‫يك ون ألق ل عط اء مق دم من قب ل المتعاق دين و يتش ابهان ك ذلك في أن الم وردين والمق اولين‬
‫يتقدمون بعطاءاتهم في مظاريف مغلقة يتم فتحها والبث فيها وفق ًا لألحكام المعمول بها في‬
‫المناقصة العامة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬المناقصة المحلية‪:‬‬
‫من األس اليب المعتم دة من قب ل اإلدارة الختي ار المتعاق د معه ا ه و أس لوب المناقص ة‬
‫المحلي ة وال تي يقتص ر االش تراك فيه ا بتق ديم العط اءات على األف راد والش ركات المحلي ة‬
‫المقي دة أس ماؤهم ل دى اإلدارة‪ ،‬في قائم ة ق د تم إع دادها له ذا الغ رض ويك ون االش تراك‬
‫محصورا عليهم فقط‪.‬‬
‫والغاية من ذلك في إيجاد المناقصات المحلية هي وجود بعض األفراد أو الشركات‬
‫المحلية التي لديها اإلمكانيات الفنية والكفاءة والقدرة المالية إلنجاز المشاريع التي تحتاج‬
‫إليه ا اإلدارة والمناقص ة المحلي ة ن وع من المناقص ات المح دودة‪ ،‬حيث ينص التحدي د على‬
‫حدودها الجغرافية وأفراد محددين‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 3‬من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات العامة رقم ‪ 89‬لسنة ‪.1998‬‬ ‫‪185‬‬

‫‪105‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ففي مص ر نص ق انون المناقص ات والمزاي دات المص ري في الم ادة ‪ 4‬من ه‪ ،‬على أن‬
‫يكون التعاقد بطريق المناقصة المحلية فيما ال تزيد قيمته على مائتي ألف جنيه‪ ،‬ويقتصر‬
‫االشتراك فيها على الموردين والمق اولين المحليين الذين يقع نش اطهم في نط اق المحافظة‬
‫التي يتم بدائرتها تنفيذ التعاقد‪.186‬‬
‫أما في ليبيا فنجد أن الالئحة التي تنظم الصفقات العمومية الليبية النافذة قد أغفلت‬
‫أس لوب المناقص ة المحلي ة‪ ،‬وال نج د مانع ًا من األخ ذ به ذا األس لوب خصوص ًا إذا ك انت‬
‫هناك جهات إدارية في المحافظات أو األقاليم تحتاج إلى إنجاز مشاريع معينة أو خدمات‬
‫فنية يمكن الحصول عليها مباشرة من بعض األفراد أو الشركات المحلية المتواجدة داخل‬
‫تلك المحافظة أو تلك األقاليم وبالكفاءة والجودة المطلوبة‪.‬‬
‫وبالت الي وجب على اإلدارة أن تع د قائم ة بأس ماء ه ؤالء األش خاص ح تى يس هل‬
‫الرج وع إليه ا كلم ا تطلبت الض رورة‪ ،‬خصوص ا أن ه ذا األس لوب ي وفر ال وقت والجه د‬
‫والمصروفات التي تحتاج إليها المناقصات العامة‪ ،‬لذلك كان حري ًا بالمش ِّر ع الليبي األخذ‬
‫به ذا األس لوب كوس يلة من وس ائل إب رام الص فقات العمومي ة في ليبي ا‪ ،‬وخاص ة إذا تعل ق‬
‫األمر بالمناقصات الصغيرة عادة‪.‬‬
‫وهنا وجب علينا إيضاح أوجه االختالف بين المناقصة المحلية والمناقصة المحدودة‪،‬‬
‫حيث تختلف المناقصة المحلية عن المناقصة المحدودة في كل من‪.‬‬
‫قيمة المناقصة المحلية محددة بقيمة مالية ال تزيد عن مائتي ألف جنيه‪ ،‬أما‬ ‫‪.1‬‬
‫المناقصة المحدودة فليس لها حدود مالية‪.‬‬
‫تختلف المناقصة المحلية من حيث المدة المحددة التي تترك للمتقدم للمناقصة‬ ‫‪.2‬‬
‫وهي عش رة أي ام على األق ل قب ل الموع د المح دد لفتح المظ اريف الفني ة‪ ،‬وفي حال ة‬
‫االس تعجال ترس ل ال دعوة قب ل الموع د المح دد بثم ان وأربعين س اعة‪ .‬أم ا المناقص ة‬

‫‪ .‬المادة ‪ 4‬من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات العامة رقم ‪ 89‬لسنة ‪.1998‬‬ ‫‪186‬‬

‫‪106‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المح دودة ف إن الف ترة ال تي ت ترك المناقص ة هي خمس ة عش ر يوم ًا على األق ل‪ ،‬وال‬
‫يجوز االنتقاص منها بأي حال من األحوال‪.‬‬
‫المناقصة المحلية يقتصر االشتراك فيها على الموردين والمقاولين المحليين‬ ‫‪.3‬‬
‫ال ذين يق ع نش اطهم في نط اق المحافظ ة ال تي ب دائرتها تنفي ذ العق د‪ ،‬أي على أس اس‬
‫إقليمي أو جغ رافي‪ ،‬أم ا المناقص ة المح دودة فيتم اختي ار المتن اقص على أس اس‬
‫مهني‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ثالثا‪ -‬المناقصة على مرحلتين ‪.‬‬


‫أسلوب المناقصة على مرحلتين هو شكل جديد للمناقصات لم يرد بشأنه أي نص في‬
‫النظام القانوني الحالي المصري وال الليبي‪ ،‬ويوجد مثل هذا اإلجراء في القانون النموذجي‬
‫"ليونسترال" وفي إرشادات البنك الدولي‪.187‬‬
‫وق د أخ ذت النس خة األخ يرة من توجيه ات االتح اد األوروبي الخ اص بالش راء به ذا‬
‫اإلجراء‪ ،‬ويمكن االستفادة من هذا النوع من المناقصات‪ ،‬حين ترغب الجهة المشترية في‬
‫أن تتدارس وتتناقش مع المناقصين خالل المرحلة األولى للعطاءات التمهيدية التي تحتوي‬
‫على عدة حلول فنية وتعاقدية ممكنة للحاجة لعملية شراء معقدة فنيا وتقنيا‪.‬‬
‫وه ذه الص الحية ت دخل ض من ص الحيات رئيس جه ة التعاق د أو من يخول ه اس تعمال‬
‫ه ذه الطريق ة بغي ة الحص ول على أفض ل ع رض يلي احتياج ات دائرت ه‪ ،‬وبغي ة تنفي ذ ه ذا‬
‫األسلوب من أساليب المناقصات يجب إتباع ما سلف من إجراءات متخذة بصدد المناقصة‬
‫المحددة‪ ،‬وإ ن هذا النوع من المناقصات غير مألوف بالتشريعات العربية‪.‬‬
‫وأرى أن ه من أن واع المناقص ات المح دودة‪ ،‬وأن اتب اع ه ذا األس لوب من المناقص ات‬
‫وإ ن ك ان يعطي انطباع ًا خاطئ ًا في تجزئ ة المناقص ة وق د ال يعكس مفه وم المناقص ة‬
‫المحدودة‪ ،‬وبغية األخذ بهذا األسلوب ال بد من مراعاة ما يلي‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬دعوة مقدمي العطاءات لتقديم عروضهم الفنية على أساس التصميم‬
‫األولي ووص ف الفعالي ات‪ ،‬ول رئيس جه ة التعاق د تع ديل الكلف ة التخميني ة إن تطلب األم ر‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ف اروق أحم د خم اس و د‪ .‬محم د عب د اهلل ال دليمي ‪ ،‬الوج يز في النظري ة العم ة للعق ود اإلداري ة ‪،‬دار الكتب‬ ‫‪187‬‬

‫للطباعة والنشر ‪ ،‬الموصل سنة ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 2010 ،‬ص‪8‬‬


‫‪108‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬دع وة مق دمي العط اءات ال ذين قبلت عط اءاتهم وف ق مع ايير التأهي ل‬

‫في المرحل ة األولى لتق ديم عط اءاتهم المالي ة على أس اس وث ائق المناقص ة المعدل ة‪ ،‬ووفق ًا‬
‫‪188‬‬
‫للشروط التي تضعها جهة التعاقد‪.‬‬
‫ولكل ما سبق‪ ،‬وجب هنا عرض أوجه االختالف وأوجه الشبه بين المناقصة العامة‬
‫والمناقصة على مرحلتين‪.‬‬
‫أوال ‪-‬أوج ه الش به‪ :‬تتمث ل أوج ه الش به بينهم ا في أن اإلعالن عنهم ا يتم بطريق ة‬
‫واح دة‪ ،‬كم ا حري ة ال دخول مكفول ة في كلتيهم ا‪ ،‬ويخض ع ك ل منهم ا إلى ذات اإلج راءات‬
‫الخاصة بتقييم العطاءات والمقارنة بينهما وتحديد العطاء الفائز‪ ،‬وكل منهما يخضع لنفس‬
‫أحكام المناقصات العامة ويحق للجهة المشترية أن ترفض االقتراحات بالعطاءات لألس باب‬
‫‪189‬‬
‫ذاتها التي ترفض بها العطاءات المقدمة في المناقصة العامة‪.‬‬
‫ثاني ا ‪ -‬أوج ه االختالف‪ :‬وج ه االختالف يظه ر في مرحل ة التق دم بالعط اء‪ ،‬ففي‬
‫المناقص ة على مرحل تين ال يتق دم المن اقص بس عر معين لعطائ ه‪ ،‬لكن في المناقص ة العام ة‬
‫يس تبعد العط اء إذا لم يكن الس عر مح ددًا بطريق ة واض حة‪ ،‬كم ا يحظ ر اليونس ترال في‬
‫المناقصات العامة أي نوع من المفاوضات بين الجهة المشترية وبين مقدمي العطاءات من‬
‫‪190‬‬
‫المقاولين والموردين‪ ،‬ويجيز ذلك في المناقصة على مرحلتين‪.‬‬

‫د‪ .‬خالد عبداهلل كرفاش ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪150‬‬ ‫‪188‬‬

‫‪ .‬المرجع السابق ص ‪150‬‬ ‫‪189‬‬

‫د‪.‬خالد خليل الطاهر ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪233‬‬ ‫‪190‬‬

‫‪109‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب الثاني‬
‫فحص العطاءات و إرساء المزاد والمناقصة‬
‫إن نظ ام اإلرس اء بالمناقص ة يق وم على مب دأ أساس ي وه و اإلرس اء على أفض ل مق دم‬
‫عطاء الذي يقدم أفضل سعر وأفضل الشروط‪ ،‬وهذا المبدأ هو ما يعرف بإلية المناقصة‬
‫العام ة ألن ه دف اإلدارة الرئيس ي من التعاق د في ه ذه الحال ة المص لحة العام ة ومن ثم‬
‫ف اإلدارة ال تمل ك س لطة تقديري ة في اختي ار المتعاق د فاإلرس اء على مق دمي العط اءات دون‬
‫مراعاة قواعد اإلرساء التي نظمها القانون يؤدي إلى تعارض سلطة اإلدارة التقديرية مع‬
‫وهذه المبادئ تضفي على المناقصة طابعا يمثل‬ ‫‪191‬‬
‫المبادئ العامة التي تحكم المناقصات‪،‬‬
‫ض مانة لمص الح اإلدارة المالي ة‪ ،‬وان ك انت اإلدارة بنفس ال وقت تمل ك س لطة تقديري ة في‬
‫رفض العطاء نهائيا‪ ،‬هناك ثمة اعتبارات أحدثت تطورا ملموسا في آلية المناقصة العامة‪،‬‬
‫فلم يعد األمر يقتصر على فكرة اإلسناد أو اإلرساء بمقتضى السعر األقل‪ ،‬ولم يعد األمر‬
‫‪192‬‬
‫يقتصر على تفضيل العطاء األقل سعرًا بل األفضل شروطًا واألجود فنيًا‪.‬‬
‫كما أنه ثبت في أحيان كثيرة أن إهمال الجوانب الفنية في اإلرساء يؤدي إلى أضرار‬
‫بالغة بمصلحة اإلدارة نفسها لذلك سنبحث هذا المطلب بفرعين ‪ :‬الفرع األول‪ :‬إجراءات‬
‫التعاقد‪ ،‬والفرع الثاني ‪:‬اعتماد المناقصة وإ برام العقد‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إجراءات التعاقد‪.‬‬
‫في ليبيا أخذت لوائح الصفقات العمومية ‪ .193‬مما ذهب إليه المش ِّر ع الفرنسي حينما‬
‫قرر تشكيل لجنة واحدة تختص بفتح المظاريف والبث في المناقصة العامة بإرسائها على‬
‫العط اء األق ل س عرا واألنس ب ش روطًا وس ماها لجن ة العط اءات‪ ،194‬على خالف م ا ذهب‬
‫إلي ه المش رع المص ري حيث أوجب ض رورة تش كيل لجن تين للبث في المناقص ة األولى‬
‫‪ .‬د منصور محمد احمد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪311‬‬ ‫‪191‬‬

‫د‪.‬عبد اهلل حنفي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪193‬‬ ‫‪192‬‬

‫‪ -‬من المالحظ أن العقود اإلدارية في ليبيا تنظم بلوائح يطلق عليها لوائح العقود اإلدارية تصدرها السلطة التنفيذية‬ ‫‪193‬‬

‫ولم يصدر أي قانون ينظمها صادر عن السلطة التشريعية كما هو الحال في معظم دول العالم ‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫تختص بفتح المظ اريف والثاني ة تختص ب البث في المناقص ة‪ ،‬وذل ك طبق ا للم ادة ‪ 12‬من‬
‫‪195‬‬
‫القانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬بشأن المناقصات والمزايدات والئحته التنفيذية‪.‬‬
‫وبه ذا نج د أن الم واد من ‪ 64- 33‬من الئح ة الص فقات العمومي ة الناف ذة تنظم‬
‫الش روط العام ة لتق ديم العط اءات ال تي يتعين على الراغ بين في االش تراك في المناقص ة‬
‫المعلن عنها احترامها ويمكن إجمال هذه الشروط فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬على مقدم العطاء عند إعداده لقائمة األسعار أن يراعي ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تحدد األسعار بالعملة الليبية وبشكل واضح‪ ،‬وذلك أما بمقطوع إجمالي العقد‬
‫كله أو على أساس سعر لوحدة أو الفئة مضروبًا في عدد الوحدات المطلوبة أو في‬
‫الكمية الوارد بيانها في قوائم الكميات أو المقايسة على النحو الذي حدد في اإلعالن‬
‫عن المناقص ة على أن ه يج وز في حال ة التعاق د م ع ش ركات أو منش آت أجنبي ة أن‬
‫تكتب األس عار إلى ج انب العمل ة الليبي ة بعمل ة أجنبي ة وفي ه ذه الحال ة تك ون الع برة‬
‫في المناقص ة بس عر الص رف له ا في ي وم تق ديم الع روض بالنس بة للتعاق د بطري ق‬
‫الممارسة و التكليف المباشر‪.196‬‬
‫تحدي د جمي ع األس عار على أس اس قاع دة واح دة يمكن معه ا إج راء مقارن ة‬ ‫‪.2‬‬
‫سليمة وعادل ة‪ ،‬ويجب أن يع د الحساب الخت امي وفق ا لألسعار الفئ ات المتفق عليها‬
‫بص رف النظ ر عن أي ة زي ادة أو نقص في أس عار الس وق أو أس عار العمل ة أو‬
‫التعريفة الجمركية أو الضرائب أو الرسوم األخرى‪.‬‬
‫‪ .3‬شمول السعر لغرض المقارنة لثمن التوريدات‪ ،‬ومصاريف النقل والشحن‪،‬‬
‫والتعبئ ة والتغلي ف‪ ،‬والتفري غ‪ ،‬والت أمين على البض اعة‪ ،‬وتك اليف تس ليمها للجه ة‬
‫المتعاق دة‪ ،‬والمحافظ ة عليه ا أثن اء م دة الض مان‪ ،‬وك ل م ا يتحمل ه مق دم العط اء من‬
‫‪.‬د‪ ،‬سالمة اله ادي الغري اني ‪ ،‬أس اليب التعاقد اإلداري ‪،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬جامعة عين شمس ‪ ،‬سنة‬ ‫‪194‬‬

‫‪ 2014‬ص ‪70‬‬
‫المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬بشأن المناقصات والمزايدات المصرية‬ ‫‪195‬‬

‫‪ .‬د‪ ،‬سالمة الهادي الغرياني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬ ‫‪196‬‬

‫‪111‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫مصروفات بالنسبة لكل بند من البنود ومصاريف التركيبات والصيانة في األحوال‬


‫التي تضمن ذلك الرسوم الجمركية وضرائب الدخل وغيرها من الرسوم والفوائد‬
‫والمبالغ المفروضة التي يلتزم المتعاقد بأدائها‪.197‬‬
‫كتاب ة األس عار ب الحبر الس ائل أو الج اف باألرق ام والح روف وباللغ ة العربي ة‬ ‫‪.4‬‬
‫وإ ذا وقع اختالف بينهما في السعر فمدون الحروف هو الذي يع َّو ل عليه وال يجوز‬
‫الكش ط والمح و في ق وائم األس عار أو في ج داول الفئ ات أو غيره ا ويجب إج راء‬
‫التص ريح في أي بي ان إع ادة كتاب ة ه ذا البي ان باألرق ام والح روف ب الحبر والتوقي ع‬
‫بجواره وتؤرخ قائمة األسعار ويوقع عليها مقدم العطاء‪.198‬‬

‫أن يح دد س عر ك ل ص نف على أس اس الوح دة المبني ة يج دول الفئ ات ع ددًا‬ ‫‪.5‬‬


‫‪199‬‬
‫ووزنًا أو مقاسًا أو كيًال أو غير ذلك دون تغيير أو تعديل في هذه الوحدة‪.‬‬
‫ال يجوز المق دم العطاء شطب أي بن د من بن ود أو من المواص فات الفنية أو‬ ‫‪.6‬‬
‫إج راء أي تع ديل في ه ذه البن ود أو المواص فات الفني ة أو إج راء أي تع ديل في ه ذه‬
‫البنود أو المواصفات أي كان نوعه وإ ذا رغب مقدم العطاء في وضع بعض بنود‬
‫العطاء أو في مواصفاته الفنية فعليه أن يكتب ذلك في ورقة مستقلة يرفقها بعطائه‬
‫و يشير إليها في دالك العطاء أو أن يرسل التعديل الذي يعرضه إلى لجنة العطاء‬
‫في رس الة مس تقلة بش رط أن تص ل إليه ا قب ل موع د فتح المظ اريف وال يعت د ب أي‬
‫‪200‬‬
‫تعديل يجري على غير ذلك النحو أو يصل بعد فتح المظاريف‪.‬‬
‫ال يعتد بأي عطاء‪ ،‬تحدد أسعاره على أساس خفض نسبة مئوية من أسعار‬ ‫‪.7‬‬
‫أقل عطاء يقدم في المناقصة‪.‬‬

‫د‪ .‬مازن ليلو راضي ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪111‬‬ ‫‪197‬‬

‫د ‪ .‬سالمة الهادي الغرياني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪72‬‬ ‫‪198‬‬

‫د‪ .‬محمد علي محمد‪ ، ،‬عقد امتياز المرفق العام‪ ،‬مرجع سابق ‪200‬‬ ‫‪199‬‬

‫د‪ .‬سالمة الهادي الغرياني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪72‬‬ ‫‪200‬‬

‫‪112‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫في مناقص ات التوري د إذا اغف ل متق دم العط اء تحدي د س عر ص نف من‬ ‫‪.8‬‬
‫األصناف المكتوب توريدها في قائمة األسعار المقدمة منه فيعتبر ذلك امتناع ًا عن‬
‫‪201‬‬
‫الدخول في المناقصة بالنسبة لهذا الصنف‪.‬‬
‫في مناقص ات األش غال العام ة إذا اغف ل مق دم العط اء تحدي د الس عر المتعل ق‬ ‫‪.9‬‬
‫ب أي بن د من البن ود فللجن ة العط اءات أن تض ع للبن د ال ذي أغفل ه مق دم العط اء أعلى‬
‫س عر‪ ،‬وض ع ل ذلك في العط اءات األخ رى المقدم ة وذل ك للمقارن ة بين عطائ ه وبين‬
‫س ائر العط اءات األخ رى المقدم ة م ع ع دم اإلخالل بح ق اللجن ة في اس تبعاد‬
‫‪202‬‬
‫العطاء‪.‬‬
‫على لجن ة العط اءات أن تراج ع األس عار المقدم ة في العط اءات س واء من‬ ‫‪.10‬‬
‫حيث مفرداته ا أو مجموعه ا‪ ،‬وله ا إج راء التص حيحات المادي ة إذا اقتض ى األم ر‪،‬‬
‫وذل ك للمقارن ة بينه ا وبين أس عار الس وق واألس عار ال واردة بالتق ديرات الس ابق‬
‫وتنص الم ادة ‪ 34‬من الالئح ة رقم ‪563‬‬ ‫‪203‬‬
‫إع دادها قب ل اإلعالن عن المناقص ة‪،‬‬
‫لسنة ‪ 2007‬على «يكتب العطاء على نموذج العطاءات المختوم بخاتم الجه ة طالبة‬
‫التعاقد والمؤشر عليه برقم إيصال تحصيل الثمن وتاريخه وجدول الفئات المرفق‬
‫ب ه ويوق ع العط اء من ص احبه دون أي ة ص ورة من ص ور الوكال ة وبوض ع داخ ل‬
‫مظ روف يغل ق ويختم بالش مع األحم ر ثم يوض ع ه ذا المظ روف في مظ روف أخ ر‬
‫ويكتب على المظ روف ال داخلي عب ارة عط اء عن ‪ ...‬الجلس ة ‪ ...‬وعن وان لجن ة‬
‫العطاءات المختصة‪ ،‬وعلى المظروف الخارجي اسم الجهة اإلدارية طالبة التعاقد‬
‫مع ذكر عبارة بداخله عطاء عن ‪ ...‬الجلسة ‪ ...‬وترسل العطاءات بالبريد المسجل‬
‫كم ا يج وز وض عها في الص ندوق المخص ص للعط اءات‪ ،‬ف إذا تم تس ليمها إلى قس م‬

‫د ‪،‬مازن ليلو راضي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪196‬‬ ‫‪201‬‬

‫د‪ .‬مازن ليلو راضي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪199‬‬ ‫‪202‬‬

‫د‪ ،‬محمد علي محمد‪ ،‬عقد امتياز المرفق العام‪ ،‬مرجع سابق ‪200‬‬ ‫‪203‬‬

‫‪113‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المحفوظ ات بالجه ة طالب ة التعاق د وجب إعط اء إيص ال يثبت ت اريخ االس تالم‬
‫‪204‬‬
‫وساعته»‪.‬‬
‫و على كل من يقدم عطاء لمقاولة أشغال عامة أن يقدم في كتيب مستقل وفق نص‬
‫المادة "‪ "35‬من الالئحة يرفق بالعطاء‪ ،‬بيانًا بشأن خبرته الفنية السابقة في األعمال المماثلة‬
‫ونوعه ا وقيمته ا وتاريخه ا‪ ،‬وذل ك م تى ك ان قد ق ام به ذه األعم ال لص الح جه ات عام ة في‬
‫ليبيا فإذا لم يكن قد سبق له القيام بمثل هذه األعمال فعليه أن يقدم ما يثبت قيامه بأعمال‬
‫ش بيهه لت ك المطروح ة في المناقص ة م ع بي ان مواقعه ا وت واريخ اتمامه ا و علي ه تق ديم‬
‫التسهيالت الالزمة لتمكين تكليفهم لجنة العطاءات المختصة من االطالع على تلك األعمال‬
‫ومعاينتها وعلى مقدم العطاء أيضًا أن يرفق بعطائه برنامجًا مبدئيًا إلدارة وتنفي ذ المش روع‬
‫بمراعاة نص المادة "‪ "111‬من هذه الالئحة‪.205‬‬

‫‪ -204‬المادة ‪ 34‬من الالئحة رقم ‪ 563‬لسنة ‪2007‬‬


‫‪ -‬تنص المادة "‪ "111‬على أن يقدم المقاول خالل شهر من تاريخ بدء مدة تنفيذ العقد برنامجه التفصيلي اإلدارة تنفيذ‬ ‫‪205‬‬

‫المشروع والذي كان قدم برنامج ًا مبدئيًا له وفق أحكام المادة "‪ "35‬من هذه الالئحة ويجب أن يشتمل البرنامج على ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ....‬وبرنامج إعداد الرسومات التفصيلية‪.‬‬ ‫ا‪.‬‬
‫المشتريات وبرنامج التفتيش والجودة‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫مخطط موقع العمل والمخازن‪.‬‬ ‫ج‪.‬‬
‫منظومة مراقبة وتابعة األعمال‪.‬‬ ‫د‪.‬‬
‫كشف بإعداد وتخصصات القوى العاملة التي سيستخدمها في إنجاز األعمال وبرنامج تشغيلها وقائمة بالمعدات‬ ‫ه‪.‬‬
‫واآلليات والتجهيزات األساسية التي سيستخدمها في إنجاز األعمال وبرامج تشغيلها‪.‬‬
‫برنامج إعداد المستندات والرسومات حسب المنفد‪.‬‬ ‫و‪.‬‬
‫برنامج إعداد المستندات وأدلة التشغيل والصيانة الخاصة بالمشروع‪.‬‬ ‫ز‪.‬‬
‫برنامج إجراءات الصحة والسالمة خالل كافة مراحل المشروع‪.‬‬ ‫ح‪.‬‬
‫تق ييم األث ر البي ئي‪ ،‬ويتن اول ت أثير أعم ال التنفي ذ على البيئ ة المحيط ة "الترب ة‪ ،‬اله واء‪ ،‬الم اء‪ .‬ومس توى‬ ‫ط‪.‬‬
‫الضوضاء‪ ...‬إلخ‪ .‬واقترح الحلول لمنع حدوث هذا األثر أو تخفيفه على البيئة المحيطة‪.‬‬
‫تقييم األثر المروري‪ ،‬ويتناول المقترحات لكيفية معالجة تأثير حركة اآلليات الثقيلة والمعدات واألعمال التي‬ ‫ي‪.‬‬
‫يقوم بتنفيذها على حركة المرور"‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ويجب إرفاق بيان بأسماء األشخاص المصرح لهم بالتعاقد نيابة عن مقدم العطاء‬
‫وم دة ه ذا التص ريح وح دوده وأس ماء المس ؤولين مباش رة عن تنفي ذ ش روط العق د وإ عط اء‬
‫المخالصات وتوقيع اإليصاالت ونماذج من توقيعاتهم على صورة العقد والتوكيل على أن‬
‫يك ون ك ل ذل ك في مس تندات موثق ة من الجه ات المختص ة في بل د مق دم العط اء األجن بي‬
‫ومصدق عليها وفق القانون‪.‬‬
‫ويجب عدم االعتداد بالعطاءات المقدمة بعد الميعاد وأحوال مدته فنصت المادة "‪"38‬‬
‫من الالئحة على «يجب أن يصل العطاء في الميعاد المحدد باإلعالن وال يعتد بالعطاءات‬
‫المقدمة بعد هذا الميعاد أيا كانت األسباب‪ .‬وإ ذا صادف آخر يوم في ميعاد تق ديم العط اءات‬
‫عطل ة رس مية امت د الميع اد إلى الموع د نفس ه من الي وم ال ذي يلي ه ذه العطل ة‪ .‬وم ع ذل ك‬
‫يجوز للجنة العطاءات أن تص در قبل انتهاء الميع اد أو بعد انتهائه قرار مسببا غير ذلك‬
‫الميعاد ألحد األسباب اآلتية‪:‬‬

‫إذا كان عدد العطاءات المقدمة قليل في ضوء أهمية المشروع حسب تقدير‬ ‫‪.1‬‬
‫اللجنة‪.‬‬
‫إذا طلبت مد الميعاد أغلبية الشركات أو المنشآت التي دعيت للمناقصة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫إذا استجدت ظروف تتعلق بالمشروع تحتم مد الميعاد‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫في جمي ع األح وال يجب أن يص در ق رار الم د قب ل الب دء في فتح المظ اريف‬ ‫‪.4‬‬
‫وأن يح دد الق رار الم دة اإلض افية الجدي دة وأن يعلن عن م د الميع اد بنفس الوس يلة‬
‫التي أعلن بها عن العطاء‪))206.‬‬
‫و يبقى العط اء ملزم ًا لمقدم ه طبق ا لنص الم ادة ‪ 39‬من نفس الالئح ة " يبقى العط اء‬
‫ملزما لمقدمة حتى نهاية المدة المحددة لسريان العطاءات وذلك بصرف النظر عن ميعاد‬
‫‪207‬‬
‫استالمه في لجنة العطاءات أو الجهة طالبة التعاقد "‬
‫المادة ‪ 38‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪563‬لسنة ‪ 2007‬م‬ ‫‪206‬‬

‫المادة ‪ 39‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪207‬‬

‫‪115‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫و أن يرف ق م ع العط اء األمين االبت دائي أو الم ؤقت وال يلتفت إلى العط اءات غ ير‬
‫المصحوبة بهذا التأمين في الكثير من التشريعات وبعضها يستعيض عنه بخطاب ضمان‬
‫وقد بينت المادة "‪ 40‬من الئحة الصفقات العمومية في ليبيا انه(( يجب أن يكون العطاء‬
‫مص حوبا بت أمين ابت دائي مبل غ ه ذا الت أمين (‪( )0:5%‬نص ف في المائ ة) من قيم ة العط اء‬
‫ويجوز أن يكون التامين في صورة مبلغ ًا مقطوع ًا يحدد في اإلعالن كما أجازت أن يقدم‬
‫التأمين بصك مصدق عليه من أحد المصارف العامة في ليبيا أو خطاب ضمان على أن ال‬
‫يقل التأمين بخطاب ضمان فيما تقل قيمته عن عشرين دينارًا‪ ،‬وهذا الشرط يضمن جدية‬
‫التقدم للمناقصة وهو من الشروط األساسية للنظر في العطاء‪ ،‬ومع ذلك يجوز لمقتضيات‬
‫المص لحة العام ة وبموافق ة الجه ة طالب ه التعاق د النظ ر في العط اء غ ير المص حوبة بت أمين‬
‫ابت دائي إذا م ا ق دم ص احب العط اء إش عار من المص رف بمباش رته إج راءات إص دار‬
‫‪208‬‬
‫التأمين))‪.‬‬
‫كما تضمن المادة ‪ 41‬كيفية أداء التأمين االبتدائي بخطاب ضمان وش روطه حيث‬
‫نص على أن ه(( إذا ك ان الت أمين بخط اب ض مان وجب أن يك وم ه ذا الخط اب ص ادرًا من‬
‫أحد المصارف التجارية العاملة بليبيا وأن يكون مصدقًا منها أن يكون غير مقترن بأي قيد‬
‫أو شروط وغير قابل لإللغاء وأن يقر فيه المصرف أنه يضع تحت تصرف الجهة طالبة‬
‫التعاق د مبلغ ًا يس اوي قيم ة الت أمين االبت دائي‪ ،‬وأن ه يل تزم ب أداء ه ذا المبل غ بالكام ل إلى ه ذه‬
‫الجه ة عن د أول طلب من جانبه ا دون الحاج ة إلى إن ذار أو مطالب ة قض ائية‪ ،‬أو اتخ اذ أي ة‬
‫إج راءات أخ رى أو إثب ات ض رر دون التف ات إلى أي اع تراض يتق دم ب ه ص احب العط اء‬
‫أوغيره إلى المصرف أو الى الجهة طالبة التعاقد‪))209.‬‬

‫كم ا يجب أن تت وفر كاف ة الش روط المبين ة في الفق رة الس ابقة في خطاب ات الض مان‬
‫المصدق عليها والمشار إليها تلك الفقرة‪.‬‬
‫المادة‪ 40‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪208‬‬

‫المادة ‪ 41‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪209‬‬

‫‪116‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ويجب أال تقل مدة سريان مدة خطاب الضمان عن ثالثين يوم ًا بعد انتهاء المدة‬
‫المحددة لسريان العطاء‪.‬‬

‫ويس قط ح ق مق دم الطلب بمبل غ الت أمين االبت دائي إذا س حب عط اءه قب ل ميع اد فتح‬
‫المظاريف دون الحاجة إلى أعذار طبقًا لزمن المادة ‪.21042‬‬

‫وإ ذا لم يكن مقدم العطاء قد قدم مبلغ التأمين وجب أن يقدمه لها وتلتزم جهة اإلدارة‬
‫ب رد الت أمين إلى مقدم ه إذا انقض ت م دة س ريان العط اء ولم يبت في ه أو إذا ع دلت اإلدارة‬
‫عن إتم ام العق د وفي ذل ك ق ررت المحكم ة العلي ا في ‪ 9/6/1985‬ذل ك في قوله ا‪( :‬أن ه إذا‬
‫ك ان من ح ق جه ة اإلدارة الع دول عن إتم ام التعاق د ل دواعي المص لحة العام ة ال تي تمل ك‬
‫سلطة تقديرها فإنه عليه أعادة خطاب الضمان إلى من قدمه إليها بمجرد عدولها عن إتمام‬
‫التعاقد مما يعد معه االحتفاظ به بعد ذلك برغم مطالبة صاحب الشأن برده خطأ من جانبها‬
‫موجبًا تعويض ما يترتب على ذلك من ضرر‪.211‬‬
‫أوال ‪ -‬استالم العطاءات ‪:‬‬
‫ق د نظمت الم ادة ‪ 43‬طريق ة اس تالم العط اءات حيث نص ت على أن (يس تلم ويس جل‬
‫أمين س ر اللجن ة العط اءات ال تي ت رد إلى لجن ة العط اءات في مظ اريف مغلف ة ومختوم ة‬

‫‪ -‬تنص المادة "‪ 42‬من الالئحة ‪ ....‬على أنه‬ ‫‪210‬‬

‫إذا س حب مقدم العط اء عط اءه قب ل الميع اد المعين لفتح المظ اريف يص بح الت أمين االبت دائي ملك ًا للجه ة طالب ة‬ ‫ا‪.‬‬
‫لتعاق د وذل ك دون حاج ة إلى إن ذار أو التج اء إلى القض اء أو اتخ اذ أي ة إج راءات أخ رى أو إقام ة ال دليل على‬
‫حدوث ض‬
‫إذا لم يكن مق دم العط اء ق د أدى ه ذا الت أمين عمًال ب الفقرة (د) من الم ادة "‪ "40‬من ه ذه الالئح ة فص يلة أداؤه‬ ‫ب‪.‬‬
‫وعلى الجهة طالبة التعاقد مطالبته بذلك‪.‬‬
‫إذا انقضت مدة سريان العطاء حاز المقدمة استيراد التأمين االبتدائي وفي هذه الحالة يسقط عطاءه‪.‬‬ ‫ج‪.‬‬
‫على أنه إذا انقضت مدة سريان العطاء دون أن يطلب مقدمه استرداد التأمين االبتدائي اعتبر ذلك قبوًال منه‬ ‫د‪.‬‬
‫الستمرار االرتباط بعطائه على أن يجدد مدة سريان خطاب الضمان إلى أن يخطر الجهة طالبة التعاقد بس حب‬
‫التأمين االبتدائي والعدول عن عطائه‪.‬‬

‫‪ -‬حكمها في ‪ 9/6/1985‬طعن إداري ‪ .8/29‬م‪.‬م‪.‬ع السنة الثالثة والعشرون العددان الثالث والرابع ‪ .1986‬ص‪.1‬‬ ‫‪211‬‬

‫‪117‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫بالش مع األحم ر‪ ،‬و يحفظه ا في خزان ة خاص ة ل ذلك إلى حين موع د فتح المظ اريف ويق وم‬
‫بتس ليم إيص ال اس تالم عنه ا المق دم العط اء مبين ًا في ه البيان ات األساس ية من بينه ا ع دد‬
‫المظاريف المستلمة وتاريخ االستالم واسم المستلم وصفته واسم المسلم وصفته)‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬فتح المظاريف ودراسة العطاءات ‪.‬‬
‫على خالف األم ر في مص ر وكم ا س بق الق ول ف إن ل وائح الص فقات العمومي ة في‬
‫ليبيا جعلت لجنة واحدة للعطاءات تقوم بقبول طلبات وترسية العطاء على من يكون عطاء‬
‫طبقًا لنص المادة "‪ "44‬يقوم أمين سر لجنة العطاءات بعرض العطاءات عليها خالل الدوام‬
‫الرس مي للي وم المح دد لفتح المظ اريف‪ ،‬وبع د التحق ق من س المة األخت ام تض ع على ك ل‬
‫مظ روف يتم فتح ه على العط اء ال وارد بداخل ه رقم ًا على هيئ ة كس ر اعتي ادي بس يط ال رقم‬
‫‪212‬‬
‫المسلسل للعطاء ومقامه في العطاءات المقدمة‪.‬‬
‫مع إثبات عدد صفحات العطاء ثم يقرأ اسم العطاء وقيمته اإلجمالية بحيث يسمعها‬
‫الحاضرون من مقدمي العطاءات أو من ينوب عنهم ويثبت على كل عطاء بالمداد األحمر‬
‫قيمته اإلجمالية بالحروف‪ ،‬وكذلك التأمين االبتدائي المقدم ويوقع رئيس اللجنة وأعضائها‬
‫على العط اء ومظروف ه وك ل ورق ة من أوراق ه وت درج ه ذه البيان ات في س جل يع د له ذا‬
‫الغرض وتثبت اللجنة بمحضر الجلسة عدد العطاءات المقدمة وبياناتها وتنص المادة ‪45‬‬
‫((على‪:‬‬
‫تع د لجن ة العط اءات قائم ة بأس ماء من ق دموا الت أمين االبت دائي ك امًال ومن‬ ‫ا‪.‬‬
‫قدموه ناقصًا أو غير مستوفي الشروط ومن لم يقدموا تأمينًا ابتدائيًا‪.‬‬
‫وتس لم التأمين ات إلى أمين س ر اللجن ة ويوق ع باس تالمها على محض ر فتح‬ ‫ب‪.‬‬
‫‪213‬‬
‫المظاريف ويقيدها في سجل خاص يعد لهذا الغرض‪)).‬‬

‫المادة ‪ 44‬من الالئحة رقم ‪ 563‬لسنة ‪2007‬‬ ‫‪212‬‬

‫المادة ‪ 45‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪213‬‬

‫‪118‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وتنص المادة ‪ 46‬على أن (على رئيس لجنة العطاءات أن يضع دائرة حمراء حول‬
‫كل كشط أو تصحيح في العطاء وأن يضع خط ًا ملون ًا أمام كل عمل أو صنف لم يوضع‬
‫ل ه س عر وأن يكتب ب الحروف فئ ات األس عار المكتوب ة باألرق ام فق ط ويوق ع رئيس اللجن ة‬
‫وأعضاؤها على جميع هذه التأشيرات)‪.214‬‬
‫وعلى لجنة العطاءات وفق المادة ‪( 47‬أن تراجع العينات التي يكون قد سبق تقديمها‬
‫من مقدمي العطاءات على الكشف الذي ُد ِّو َن به بيان هذه العينات عند ورودها‪ ،‬وكذلك بعد‬
‫التأك د من س المة أختامه ا و أغلفته ا‪ ،‬وتكتب اللجن ة بيان ًا مفص ًال عن العين ات ال تي وردت‬
‫م ع العط اءات ويوق ع رئيس اللجن ة وأعض اؤها على العين ات وتس لم إلى الجه ة‬
‫‪215‬‬
‫المختصة)‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 48‬على مراجعة العطاءات قبل تفريغها في قولها‪.‬‬
‫تراجع العطاءات قبل تفريغها مراجعة حسابية تفصيلية و تصحح أي ة أخط اء‬ ‫ا‪.‬‬
‫مادية تكشف في أي عطاء‪ ،‬و يوقع التصحيح من يتولى المراجعة بما يفيد أجراءه‬
‫و إذا وجد اختالف بين سعر الوحدة و إجمالي الثمن فيعول على سعر الوحدة‪ ،‬كما‬
‫يعتد بالسعر المبين بالحروف في حالة اختالفه مع السعر المبين باألرقام‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫ب‪ .‬يتم تحديد قيمة العطاء وترتيبه بناًء على ما تسفر عنه هذه المراجعة‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 49‬على كيفية مراجعة األسعار‪ ،‬حيث تقوم لجنة العطاءات بمراجعة‬
‫األسعار التي يتض منها ك ل عط اء ومقارنته ا بالتقديرات المالي ة للمشروع سواء من ناحية‬
‫بنود األعمال وأصناف التوريدات‪ ،‬أو مقارنتها بالتقديرات المالية التفصيلية السابق إعدادها‬
‫بش أن المش روع‪ ،‬وعلى اللجن ة أن تسترش د باألس عار الس ابق التعاق د عليه ا ل ذات األعم ال‪،‬‬
‫أوالتوريدات وأن تتحقق من تناسب األسعار مع تقديرات المشروع‪ ،‬وإ ذا رأت اللجنة إلغاء‬

‫المادة‪ 46‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪214‬‬

‫المادة‪ 47‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪215‬‬

‫‪216‬‬

‫‪119‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المناقص ة الرتف اع األس عار في جمي ع العط اءات المقدم ة فعليه ا أن تثبت في محض رها‬
‫اإلجراءات التي اتخذتها للوقوف على أسعار السوق‪.217‬‬
‫وتنص الم ادة"‪ "50‬على أن (تراج ع لجن ة العط اء ك ل عط اء من العط اءات المقدم ة‬
‫مراجع ة فني ة للتحق ق من مطابقت ه للش روط‪ ،‬ولمعرف ة م ا ق د يتض منه العط اء من تحفظ ات‬
‫أوش روط بديل ة أو اقتراح ات فني ة تغ اير م ا ورد بش روط المناقص ة‪ ،‬أو تض يف إليه ا أو‬
‫تنقص منه ا أو تص ححها أو تع دلها‪ ،‬ويتم ت رتيب العط اءات فني ا وفق ا لم ا تس فر عن ه ه ذه‬
‫المراجعة)‪.218‬‬
‫كما تبين المادة "‪ "51‬من الالئحة قواعد تفريغ العطاءات في الكشوف ومنها اآلتي‪.‬‬
‫ا‪ .‬تكلف لجنة العطاءات من يتولى تحت إشراف رئيسها تفريغ العطاءات على الكشف‬
‫المع د ل ذلك من ثالث ص ور على أن ت ودع العط اءات والكش وفات ك ل ي وم عن د انته اء‬
‫مواعي د العم ل الرس مية في خزان ة محكم ة اإلغالق إلى حين االنته اء من تفري غ وت دوين‬

‫جمي ع البيان ات والمالحظ ات واالقتراح ات واالش تراطات ال تي تق دم به ا المتنافس ون خالف ًا‬


‫لش روط المناقص ة‪ ،‬و يؤش ر على كش ف التفري غ ب رقم و قيم ة البن د المخص ص بالميزاني ة‬
‫الذي تقيد عليه قيمة األعمال أو التوريدات موضوع المناقصة‪.‬‬
‫ويجب أن يتم تفري غ العط اءات على النحو المش ار إلي ه في أس رع وقت ممكن حتى‬ ‫ب‪.‬‬
‫يتس نى البث في المناقص ة قب ل انته اء م دة س ريان العط اءات وتق وم لجن ة العط اءات كم ا‬
‫أجازت المادة ‪ 52‬من الالئحة للجنة االستعانة بالجهة طالبة التعاقد أو غيرها حيت نصت‬
‫المادة على‪:‬‬
‫لجن ة العط اءات أن تس تعين في أداء أعماله ا المنص وص عليه ا في الم واد‬ ‫ا‪.‬‬

‫السابقة باألجهزة الفنية في الجهة طالبة التعاقد أو غيرها ولها أن تشكل لذلك لجان ًا‬
‫فنية فرعية‪.‬‬
‫المادة‪ 49‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪217‬‬

‫المادة‪ 50‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪218‬‬

‫‪120‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ب ‪ .‬على اللجن ة أن تثبت في محاض رها ك ل إج راء اتخذت ه بش أن دراس ة العط اءات‬
‫ومراجعته ا وفق ًا ألحك ام الم واد الم ذكورة م ع بي ان وس ائلها في البحث والتح ري والجه ات‬
‫التي استعانت بها في ذلك‪ ،‬كما تثبت نتيجة الفحص الفني أو الكيميائي للعينات في الحاالت‬
‫التي تستلزم ذلك فضال عن نتائج الفحص الفني والحسابي والمالي للعطاءات)‪.219‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اعتماد المناقصة وإ برام العقد‪.‬‬
‫إن الس لطة المختص ة باعتم اد نتيج ة المناقص ة تتمت ع بس لطة تقديري ة في ه ذا‬
‫المجال‪ ،220‬فهناك قضاء ثابت لسلطة اإلدارة التقديرية في اعتماد أو عدم اعتماد المناقصة‬
‫إال أن ه ال يمكن للس لطة المختص ة باعتم اد المناقص ة إص الح نتيج ة مناقص ة ص حيحة‬
‫ومطابقة لإلجراءات‪ ،221‬ولكن لها سلطة تقديرية واسعة في إبرام العقد أو في العدول عنه‬
‫أص اًل بإلغ اء المناقص ة العام ة من أساس ها إذ رأت أن دواعي المص لحة العام ة تقتض ي‬
‫وي ترتب على اعتم اد المناقص ة ال ذي يع ني تالقي قب ول اإلدارة بإيج اب المتعاق د‬ ‫‪222‬‬
‫ذل ك‬
‫المتمثل في عطائه إبرام العقد‪ ،‬والنتائج المترتبة على هذه الفكرة مهمة تتمثل في‪:‬‬
‫‪ .1‬يبرم العاقد بمجرد اعتماد المناقصة‪.‬‬
‫‪ .2‬ترتب ط اإلدارة ب دورها تعاق ديا م ع المتعاق د‪ ،‬وي ترتب على ذل ك أن ه ال يمكن‬
‫سحب اعتماد المناقصة‪.‬‬

‫‪ .3‬يحدد اعتماد المناقصة تاريخ إبرام العقد وقد يكون الحق ًا العتماد المناقصة‪،‬‬

‫ولكن اعتم اد المناقص ة ي رتب التزام ًا على الط رفين في إب رام العق د‪ ،‬وبالت الي ف إن‬

‫إب رام العق د ه و اإلج راء األخ ير من إج راءات المناقص ة العام ة‪ ،‬إذ أن ق رار لجن ة‬

‫العطاءات بإرساء المناقصة ليس إال إجراًء تمهيديًا ال يؤدي في حد ذاته إلى إتمام‬

‫المادة‪ 51‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪219‬‬

‫‪.‬د ‪ ،‬سالمة الهادي الغرياني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪75‬‬ ‫‪220‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬منصور محمد احمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.331‬‬ ‫‪221‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬ص ‪.340‬‬ ‫‪222‬‬

‫‪121‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫العملي ة التعاقدي ة‪ ،223‬إذًا الب د من إج راء الح ق يتمث ل في اعتم اد الس لطة المختص ة‬

‫ال تي تمل ك دون غيره ا إب رام العق د نهائي ًا ويع د قراره ا في ه ذا الش أن ه و القب ول‬

‫أما تحرير العقد اإلداري وتوقيعه فان المواد "‪ 80‬و ‪ 81‬و ‪ 82‬و‬ ‫‪224‬‬
‫النهائي للعقد‬

‫‪ 83‬و ‪ 84‬و ‪ "85‬من الئح ة الص فقات العمومي ة س ابقة ال ذكر بينت كيفي ة تحري ر‬

‫العق د وتوقيع ه وإ ب رام العق د اإلداري ه و اإلج راء األخ ير من إج راءات المناقص ة‬

‫العام ة‪ ،‬إذ أن ق رار لجن ة العط اءات بإرس اء المناقص ة ليس إال إج راًء تمهي ديًا ال‬

‫كما أنه البد من إجراء الحق يتمثل‬ ‫‪225‬‬


‫يؤدي في حد ذاته إلى إتمام العملية التعاقدية‬

‫في اعتماد السلطة المختصة التي تملك دون غيرها إبرام العقد نهائي ًا‪ ،‬ويعد قرارها‬

‫في ه ذا الش أن ه و القب ول النه ائي للعق د‪ ،226‬وعلى الجه ة طالب ة التعاق د وف ق نص‬

‫الم ادة "‪ "16‬من الئح ة الص فقات العمومي ة أن تتأك د من المتعاق د معه ا ب أن يتعه د‬

‫بمراع اة أحك ام مقاطع ة الع دو الص هيوني والق رارات الص ادرة بمقتض اه‪،227‬وخالل‬

‫أس بوع من اعتم اد نتيج ة المناقص ة‪ ،‬تباش ر الجه ة طالب ة التعاق د إخط ار من رس ت‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد عبد اهلل حنفي ‪ ،‬أصول القانون اإلداري الجزء األول الطبعة الثالثة المركز القومي للبحوث والدراسات‬ ‫‪223‬‬

‫المحلية ‪،‬طرابلس ‪ 1998‬ص ‪.224‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬منصور محمد احمد‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.318‬‬ ‫‪224‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬د ‪ ،‬سالمة الهادي الغرياني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪88‬‬ ‫‪225‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬منصور محمد أحمد ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.318‬‬ ‫‪226‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 16‬من الئحة العقود اإلدارية "‪ "563‬سنة ‪ 2007‬الخاصة بمقاطعة العدو الصهيوني على‪:‬‬ ‫‪227‬‬

‫على من يتق دم للتعاق د م ع جه ة اإلدارة أن يتعه د بمراع اة أحك ام ق انون مقاطع ة الع دو الص هيوني والق رارات‬ ‫ا‪.‬‬
‫الصادرة‪.‬‬
‫يجب أن يضمن كل عقد إداري تعهدًا من جميع األطراف أيًّا كانت جنسياتهم‪ -‬تنفيذ أحكام المقاطعة‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫وفي حالة ثبوت مخالفة التعهدات المشار إليها في الفقرتين السابقتين يكون من حق اإلدارة المتعاقدة أن تلغي‬ ‫ج‪.‬‬
‫العق د بع د أخط ار المتعاق د بخط اب مس جل م ع ع دم اإلخالل بحقه ا في المطالب ة ب التعويض‪ ،‬كم ا يك ون للجه ة‬
‫اإلدارية المتعاقدة بدًال من إلغاء العقد سحب المشروع ولتنفيذ على حساب المتعاقد إذا اقتضت المصلحة العام ة‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫عليه المناقصة وتطلب إليه في هذا اإلخطار إيداع مبلغ التأمين النهائي خالل ثالثين‬

‫يوم ًا من اليوم التالي إلخطاره أو إكمال مبلغ التأمين االبتدائي بما يعادل ‪ %2‬من‬

‫قيم ة مق اوالت األش غال العام ة و ‪ %5‬من قيم ة م ا رس ا علي ه للمص انع وم ا في‬

‫حكمها‪ ،‬وتحتفظ الجهة المتعاقدة التامين النهائي في عقود األشغال العام ة إلى أن يتم‬

‫التس ليم النه ائي وإ لى أن يتم تنفي ذ العق د في الص فقات العمومي ة األخ رى‪ ،‬ثم ي رد‬

‫الت أمين أو م ا تبقى من ه إلى مقدم ه‪ ،‬وذل ك لض مان التنفي ذ الكام ل للعق د من جه ة‬

‫ولضمان حص ول اإلدارة على الجزاءات المالية التي قد تفرض ها على المتعاقد إذا‬

‫م ا أخ ل بش روط التعاق د من جه ة أخ رى‪ ،‬وإ ذا امتن ع من رس ت علي ه الناقص ة عن‬

‫تقديم التأمين النهائي وتوقيع العقد في المدة المحددة تعمد اإلدارة إلى إلغاء إرساء‬

‫المناقص ة وتص ادر الت أمين االبت دائي‪ ،‬ومن ثم تعي د ط رح الموض وع في مناقص ة‬

‫أخرى أو إرساء المناقصة على صاحب العطاء الذي يليه في المرتبة‪ ،‬كما أجازت‬

‫المحكمة العليا في ليبيا لإلدارة أن تتمسك بالعقد وتنفيذه على حساب من رسا عليه‬

‫العطاء على أن ال تجمع بين هذا اإلجراء وإ لغاء المناقصة ومصادرة التأمين حيث‬

‫ذهبت في حكمه ا الص ادر في ‪ 1980-3-26‬إلى ‪ ...‬أن ه في حال ة تخل ف ص احب‬

‫العطاء المقبول عن إيداع التأمين النهائي المقرر خالل المدة المحددة يكون للجهة‬

‫اإلداري ة المتعاق دة أن تخت ار بين أم رين إم ا إلغ اء العق د ومص ادرة الت أمين الم ؤقت‬

‫طبق ا لنص الم ادة "‪ ،"46‬وإ م ا التمس ك بالعق د وتنفي ذه على حس اب من رس ا علي ه‬

‫العطاء مع األحقية في مطالبته بالتعويض عن جميع األضرار المباشرة التي ت ترتب‬

‫على عدم التنفيذ‪ ،‬ولكن ال يجوز لها الجمع بين األمرين في وقت واحد ؛ألن إلغاء‬

‫‪123‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫العقد يعني انحالله وزوال اآلثار المترتبة عليه باعتباره واقعة قانونية‪ ،‬في حين أن‬

‫قيام الجهة اإلدارية المتعاقدة إحالل شخص آخر محل المتعاقد الذي قصر في تنفيذ‬

‫التزاماته ال ينهي العقد بالنسبة للمتعاقد المقصر بل يظل قائمًا ومنتجًا ألثاره‪.228‬‬

‫ومع ذلك فإن إرساء المناقصة ال يعني إلزام اإلدارة بإبرام العقد مع من رسا عليه‬

‫العط اء فال يع د ق رار اإلرس اء آخ ر إج راءات التعاق د‪ ،‬وإ نم ا ه و إج راء تمهي دي ينتهي‬

‫بص ورة ق رار باعتم اد اإلرس اء من الجه ة المختص ة‪ ،‬وتك ون س لطة توقي ع الص فقات‬

‫العمومية التي تكون للجنة الشعبية العامة للقطاع ‪ -‬سابقًا‪ -‬طرف ًا فيها من أمين اللجنة‬

‫الش عبية بحس ب األح وال‪ ،‬ويت ولى أمين اللجن ة الش عبية للهيئ ة العام ة أو المؤسس ة العام ة‬

‫القائمة بذاتها‪ ،‬أو من في حكمها التوقيع نيابة عن هذه الجهة ويجري التوقيع على العقود‬

‫ال تي ت برم في ش أن تحدي د م دة الص فقات العمومي ة ال تي تس ري في ش أنها أحك ام ه ذه‬

‫طبق ًا لنص الم ادة "‪ "80‬من الالئح ة وال تي‬ ‫‪229‬‬
‫الالئح ة من قب ل من وَّق ع على العقد األص لي‬

‫تنص على «ت ولي أمين اللجن ة الش عبية للجه ة المتعاق دة أو من ل ه ص الحياته التوقي ع على‬
‫‪230‬‬
‫العقود أو تمديدها نيابة عنه»‪.‬‬

‫وعلى الجهة طالبة التعاقد التحقيق قبل التوقيع على العقد من شخصية المتعاقد معه و‬

‫جنس يته‪ ،‬وم دى س لطته في إب رام العق د‪ ،‬وص فته في النياب ة عن الش ركة أو المنش أة ال تي‬

‫يتعاقد بنيابة عنها‪ ،‬وتذكر بمقدمة العقد هذه البيانات وترفق به المستندات المثبت لذلك طبق ًا‬

‫لنص المادة "‪ "81‬من الالئحة والتي تنص على «أن يجب على الجهة المتعاقدة التحقق قبل‬

‫‪ -‬طعن إداري رقم "‪ 10/24‬في ‪ 1980-3-26‬م‪.‬م‪.‬ع لسنة السابعة عشر العدد األول أكتوبر ‪1998‬م ص‪.18‬‬ ‫‪228‬‬

‫‪ .‬د‪ .‬سالمة الهادي الغرياني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪111‬‬ ‫‪229‬‬

‫المادة ‪ 80‬من الئحة العقود اإلدارية ‪ 563‬سنة ‪2007‬‬ ‫‪230‬‬

‫‪124‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫التوقيع على العقد من شخصية المتعاقد معه وجنسيته ومدى سلطته في إبرام العقد وسلطته‬

‫في النيابة عن الشركة أو المنشاة التي يتعاقد نيابة عنها‪ ،‬وتذكر بمقدمة العقد هذه البيانات‪،‬‬

‫وترفق به المستندات المثبت لذلك»‪.‬‬

‫وت ذكر في العق د البيان ات المتعلق ة بم وطن المتعاق د ومرك زه الرئيس ي إن ك ان ش ركة‬

‫أومنشأة‪ .‬وعنوانه الذي يمكن مكاتبته عليه في ليبيا‪ ،‬مع تعهده باإلبالغ عن أي تغيير يط رأ‬

‫على هذا العنوان وإ ال جازت مخاطبته وإ عالنه في العنوان المذكور بالعقد‪.‬‬

‫كما تذكر في العقد البيانات المتعلقة بموطن المتعاقد ومركزه الرئيسي إن ك ان شركة‬

‫أو منش أة وعنوان ه ال ذي يمكن مكاتبت ه علي ه م ع تعه ده ب اإلبالغ عن أي تغي ير يط رأ على‬

‫ذلك العنوان وإ ال جازت مخاطبته وإ عالنه في العنوان المذكور بالعقد‪ ،‬وتكون الصفقات‬

‫العمومي ة ومالحقه ا مح ررة باللغ ة العربي ة‪ ،‬ويج وز في ح االت التعاق د م ع ش ركات أو‬

‫منشآت أجنبية أن يحرر عقد إلى جانب العقد المحرر باللغة العربية بلغة أجنبية‪ ،‬ولم يحدد‬

‫المشِّر ع لغة معينة من اللغات األجنبية فترك األمر لإلدارة في ذلك فربما يكتب العقد بلغة‬

‫الش ركة أو المنش أة المتعاق دة أي ك انت جنس يتها‪ ،‬ولكن المش ِّر ع اش ترط أن يك ون النص‬

‫العربي هو األصل وهو المعول عليه في التفسير والمرجع عند االختالف‪.‬‬

‫كما نصت الالئحة على اختصاص القضاء الليبي بالنظر فيما ينشأ من منازعات في‬

‫الصفقات العمومية بصفة أساسية‪231.‬على اختصاص القضاء الليبي ب النظر في المنازع ات‬

‫التي تنشأ عن هذه العقود على أنه إذا اقتضت الضرورة في حاالت التعاقد مع جهات غير‬

‫وطني ة وبموافق ة اللجن ة الش عبية العام ة أن ينص في العق د على االلتج اء للتحكيم بمش ارطة‬

‫تحكيم خ اص‪ ،‬ويجب في ه ذه الح االت أن تح دد مش ارطة التحكيم أوج ه ال نزاع ال تي يلج أ‬
‫د خالد عبداهلل كرفاش‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪130‬‬ ‫‪231‬‬

‫‪125‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فيه ا إلى التحكيم وإ جراءات ه وقواع د اختي ار المحكمين بم ا يكف ل للج انب اللي بي فرص ة‬

‫متكافئ ة في اختي ارهم وم دى م ا للمحكمين من س لطة واختص اص والج وانب األخ رى‬

‫المتطلبة لهذا الغرض ويراعى في كل ذلك عدم االتف اق على التحكيم بواسطة ُم َح ِّك م فرد‬

‫وذلك وفق نص المادة "‪ "83‬من الالئحة والتي تنص (على‪:‬‬

‫ا‪ .‬ي راعى النص في الص فقات العمومي ة بص فة أساس ية اختص اص القض اء‬

‫الليبي بالنظر في المنازعات التي تنشأ عن هذه العقود‪.‬‬

‫ب‪ .‬على أن ه يج وز إذا اقتض ت الض رورة في ح االت التعاق د م ع جه ات غ ير‬

‫وطني ة وبموافق ة اللجن ة الش عبية العام ة – أن ينص في العق د على االلتج اء للتحكيم‬

‫بمش ارطة تحكيم خاص ة ويجب في ه ذه الح االت أن تح دد مش ارطة التحكيم أوج ه‬

‫ال نزاع ال تي يلج أ فيه ا إلى التحكيم وإ جراءات ه وقواع د اختي ار المحكمين بم ا يكف ل‬

‫للج انب اللي بي فرص ة متكافئ ة في اختي ارهم وتحدي د م دى م ا المحكمين من س لطة‬

‫واختص اص والج وانب األخ رى المتطلب ة له ذا الغ رض وي راعى في ك ل ذل ك ع دم‬

‫االتفاق على التحكيم بواسطة ُم َح ِّك م منفرد‬

‫ج‪ .‬وعلى الجهة اإلدارية المتعاقدة مسؤولية مراجعة هذه الملحقات قبل التوقيع‬

‫على العق د والتحق ق من مطابق ة محتويات ه لنص وص العق د وش روطه وألحك ام ه ذه‬

‫الالئح ة وعلى الجه ة اإلداري ة المتعاق دة التث بيت من أن نص وص العق د وبن ود‬

‫وش روطه وملحقات ه تط ابق م ا أقرت ه بص فة نهائي ة الجه ة المختص ة بإص دار اإلذن‬

‫بمباش رة إج راءات التعاق د وأنه ا تط ابق من جه ة أخ رى م ا انتهى إلي ه االتف اق م ع‬


‫‪232‬‬
‫المتعاقد مع جهة اإلدارة تنفيذًا لإلجراءات المقررة بهذه الالئحة‪.‬‬
‫المادة ‪ 83‬من الئحة العقود اإلدارية ‪ 563‬سنة ‪2007‬‬ ‫‪232‬‬

‫‪126‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫يتعين تحري ر العق د بطريق ة تح دد موض وع التعاق د واألس عار م دى التنفي ذ‪ .‬وس ائر‬

‫الشروط والحقوق وااللتزامات المالية والفنية وغيرها على النحو الذي يفصح عما التقت‬
‫‪233‬‬
‫عليه إرادة الطرفين‪.‬‬

‫ويحرر العقد من ست نسخ ويوَّقع جميع األطراف على كل نسخة منها‪ ،‬وترسل جهة‬

‫اإلدارة المتعاق دة نس خة موقع ة من العق د إلى ك ل من اللجن ة الش عبية العام ة لجه از الرقاب ة‬

‫المالية والفنية ومصلحة الضرائب‪.‬‬

‫كم ا يجب إبالغ الجه ات الم ذكورة جميع ًا بأي ة تع ديالت تط رأ على ش روط العق د أو‬

‫مدة تنفيذه أو قيمة اإلجمالية‪ ،‬ويقيد العقد في السجل المعد لذلك بمصلحة الضرائب ويؤشر‬

‫عليه بما يفيد أداء ضريبة الدمغة المستحقة عنه وفقًا للقانون‪.234‬‬

‫د ‪ ،‬سالمة الهادي الغرياني ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪124‬‬ ‫‪233‬‬

‫د ‪ .‬نعيمة علي الدرهوب ‪ ،‬العقد االداري وقضاء االلغ اء ‪ ،‬رسالة دكت وراه ‪ ،‬جامعة وادي الني ل ‪ ،‬لسنة ‪ 2014‬ص‬ ‫‪234‬‬

‫‪44‬‬
‫‪127‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المبحث الثاني‬
‫التعاقد بغير المناقصة والمزايدة‬
‫إن التعاقد عن طريق المناقصة أو المزايدة بأنواعها المختلفة ليس األصل في معظم‬
‫دول الع الم‪ ،‬ب ل الممارس ة ال ت زال هي الوس يلة األولى واألص ل في التعاق د‪ ،‬وإ ذا ك انت‬
‫المناقصات والمزايدات العامة يهيمن عليها مبدأ اآللية في الحدود السابقة فإن مبدأ التعاقد‬
‫عن طريق الممارسة أو االتفاق المباشر يخضع لقاعدة حرية اإلدارة في اختيار المتعاقد‪.‬‬
‫وه ذه الحري ة في اختي ار المتعاق د‪ ،‬ال يتن افى معه ا إخض اع عملي ة الممارس ة لتنظيم‬
‫ق انوني معين‪ ،‬ب ل س نرى أن التعاق د عن طري ق الممارس ة يخض ع لنظم مح ددة يتعين على‬
‫ولكن مهم ا ك انت دق ة النظ ام المق رر إلح دى ط رق التعاق د عن طري ق‬ ‫‪235‬‬
‫اإلدارة اتباعه ا‬
‫الممارسة‪ ،‬فإنه ال توجد طريقة واحدة تجبر اإلدارة على اختيار متعاقد بعينه‪ ،‬وبهذا تمتاز‬
‫طرق التعاقد عن طريق الممارسة عن طريق المناقصات العامة‪ .‬وبالتالي فحرية اإلدارة‬
‫في ه ذا المج ال ليس ت إال س لطة تقديري ة بطبيع ة الح ال‪ ،‬ومن ثم يتعين عليه ا أن تس تعملها‬
‫في ح دود الص الح الع ام‪ ،236‬بمع نى أنه ا إذ ت ركت التعاق د م ع ف رد بذات ه لإلض رار ب ه أو‬
‫لمحاب اة غ يره ف إن عمله ا يك ون مش وب بعيب النح راف بالس لطة وبالت الي يخض ع لرقاب ة‬
‫اإللغاء‪.‬‬
‫ونقس م ه ذا المبحث إلى مطل بين ‪:‬المطلب األول‪ :‬الممارس ة كوس يلة للتعاق د (طلب‬
‫العروض)‪،‬أما المطلب الثاني ‪ :‬االتفاق المباشر كأسلوب للتعاقد ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد سعيد بالل‪ :‬سلوك التنظيمي بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ 2005.‬ص‪195‬‬ ‫‪235‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عب دالعزيز اش رقي ‪ ،‬الش رطة اإلداري ة الممارس ون له ا والنص وص القانوني ة والتنظيمي ة المتعلق ة به ا ‪.،‬ط‪، 1‬‬ ‫‪236‬‬

‫‪،2006‬مطبعة النجاح الدار البيضاء ‪،‬ص‪125‬‬

‫‪128‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب األول‬
‫الممارسة كوسيلة للتعاقد «طلب العروض»‬
‫يمكن لإلدارة أن تلج أ إلى طري ق آخ ر في إب رام عقوده ا ه و طري ق الممارس ة‪ ،‬ويتم‬
‫تقديم العروض أو االتصال بجهات أو أشخاص متخصصين والتفاوض معهم للوص ول إلى‬
‫أفضل الشروط واألسعار للتعاقد‪ ،‬ويتميز هذا األسلوب باختصار اإلجراءات الطويلة التي‬
‫يس تغرقها غالب ا طري ق المناقص ة‪ ،‬باإلض افة إلى ط ابع العلني ة من خالل معرف ة جمي ع‬
‫الراغبين بالتعاقد باألسعار التي يقدمها المنافسون‪ ،‬والتفاوض العلني للوصول إلى االتفاق‬
‫مثلم ا هو الش أن بالنس بة العق ود الق انون الخ اص واإلدارة ح رة في إج راء الممارس ة بإتب اع‬
‫احد طريقتين األولى‪ .‬الممارسة عن طريق تقديم العروض وفقا لإلجراءات التي تتبع بشأن‬
‫المناقصات المحدودة لهم دعوات لتقديم عروضهم حول موضوع الممارسة‪ ،‬وتتضمن هذه‬
‫ال دعوات ت اريخ االجتم اع اإلج راء المفاوض ات للوص ول إلى أفض ل األس عار والش روط‪،‬‬
‫وفي الحالتين تعلن لجنة العطاءات بحضور مقدمي العروض عن األسعار المقدمة من كل‬
‫منهم في الي وم المح دد للممارس ة وتمنح المتق دمين مهل ة ال تتج اوز أس بوعا لتق ديم إق رارات‬
‫مكتوب ة تتض من أس عارهم وش روطهم‪ .‬ولك ل م ا س بق س وف نبحث أس لوب الممارس ة أو‬
‫طلب الع روض بف رعين الف رع األول تعري ف أس لوب الممارس ة والف رع الث اني أحك ام و‬
‫صور الممارسة‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف أسلوب الممارسة‪.‬‬
‫سبق أن ذكرنا أن اإلدارة تملك حق اللجوء إلى طريق آخر إلبرام عقودها اإلدارية‬
‫وه و طري ق الممارس ة ويتم تق ديم الع روض أو االتص ال بجه ات أو أش خاص متخصص ين‬
‫والتفاوض معهم للوصول إلى أفضل الشروط واألسعار للتعاقد‪ .‬لذلك سوف نتعرف على‬
‫نظرة المشِّر ع في ليبيا وفي القانون المقارن لتعريف هذا األسلوب "الممارسة"‪ .‬لقد عرفت‬
‫الئحة الصفقات العمومية النافذة سابقة الذكر في المادة "‪ "8‬فقرة "ج" على أن الممارسة‬

‫‪129‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫تق ع باالتص ال المباش ر بجه ات أو أش خاص متخصص ين في مج ال اإلعم ال أو األص ناف‬


‫المطل وب والتعاق د عليه ا من المقي دة أس ماؤهم في الس جالت المع دة ل ذلك بالجه ة المختص ة‬
‫قانونًا وممارستها للوصول إلى أفضل الشروط واألسعار للتعاقد"‪.‬‬
‫ويقتض ي أس لوب الممارس ة الس ماح لإلدارة باالتف اق المباش ر م ع متعاق ديها من دون‬
‫التقييد باتباع إجراءات المناقصة‪ ،‬وتكون اإلدارة حرة في اختيار المتعاقد‪.237‬‬
‫كم ا أن اإلدارة ال تك ون ملزم ة بقب ول العط اءات األق ل ح تى ل و أعلنت عن العم ل‬
‫موضوع التعاقد وناقشت أصحاب العطاءات فيه‪ ،‬بل تظل حرة في اختيار المتعاقد الذي‬
‫تراه أقدر على تحقيق الصالح العام من دون تقييد بالعطاء األقل‪ ،‬وإ ذا تمارس اإلدارة هذه‬
‫اإلجراءات إنما تمارس امتيازاتها التي منحها لها القانون أو العرف اإلداري‪.‬‬
‫كما أن السلطة التقديرية لإلدارة والممنوحة لها في التعاقد بطريق الممارسة ال تسلم‬
‫من الرقاب ة القض ائية‪ ،‬ولكن من حيث اس تيفاء قواع د االختص اص والش كل وانح راف‬
‫السلطة‪ .‬أما المشرع المصري‪ ،‬وعلى مدى التشريعات المتعاقبة التي حكمت الشراء العام‬
‫– المناقصات والمزايدات‪ -‬لم يضع تعريفًا للممارسة‪ ،‬مخالف ًا المش ِّر ع الفرنسي وإ ذا كانت‬
‫التعريف ات ليس ت أساس ًا من ش أن المش ِّر ع‪ .‬وإ نم ا هي من مه ام الفق ه ف إن غالبي ة الفق ه‬
‫المصري لم يتناولونها بالتعريف‪ ،‬وكل ما جاء به الفقه بشأن تحديد ماهية الممارسة يتمثل‬
‫في كونه ا أس لوبًا إلب رام العق ود بخالف أس لوب المناقص ة وهي تق وم على االختي ار الح ر‬
‫للمتعاقد مع اإلدارة‪.238‬‬
‫ويمكن تعريف الممارسة ؛بأنها أسلوب من أساليب إبرام العقود تقوم على التفاوض‬
‫بين الجه ة المش ترية والمرش حين به دف إب رام العق د نتيج ة المفاوض ات م ع أح د ه ؤالء‬
‫المرش حين وال تتقي د في خصوص ه من ناحي ة‪ ،‬غ ير أن حري ة اإلدارة في اختي ار المتعاق د‬

‫‪ -‬د‪ .‬منصور محمد احمد‪ ،‬مفهوم العقد اإلداري ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.342‬‬ ‫‪237‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬مهند مختار نوح‪ ،‬اإليجاب والقبول في العقد اإلداري ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.590‬‬ ‫‪238‬‬

‫‪130‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫معه ا ليس ت مطلق ة من ك ل قي د‪ ،‬فهي تتمت ع في ه ذا المج ال بس لطة تقديري ة يتعين عليه ا‬
‫‪239‬‬
‫استخدامها في حدود الصالح العام‪.‬‬
‫وهي أيض ًا تتميز بأنها ال تخضع لكل اإلجراءات الطويلة التي يتطلبها المش ِّر ع في‬
‫المناقصات العامة والتي سبق بيانها‪ ،‬كما أن األسعار في الممارسة ال تقسم بالِّس ِّر َية التي‬
‫هي المب دأ الع ام في عط اءات المناقص ات فك ل متن افس في الممارس ة يك ون على علم‬
‫باألسعار التي تقدم بها المتنافسون اآلخرون‪.‬‬
‫ولق د اس تحدث المش ِّر ع المص ري في ق انون المناقص ات والمزاي دات الح الي و جع ل‬
‫لألول م رة ض من أس لوب الممارس ة العام ة في التعاق د طريق ة أص لية ورئيس ية تطب ق‬
‫بالتوازي مع أسلوب المناقصة العامة‪.240‬‬
‫فقد نصت المادة األولى على أن يكون التعاقد على شراء المنقوالت أو على مق اوالت‬
‫األعمال أو النقل‪،‬أو على تلقي الخدمات والدراسات االستشارية واألعمال الفنية عن طري ق‬
‫مناقص ات عام ة أو ممارس ة عام ة‪ ،‬ويص در باتب اع أٍّي من الطريق تين ق رار من الس لطة‬
‫كاملة‬ ‫‪241‬‬
‫المختصة وفقًا للظروف وطبيعة التعاقد‪ ،‬وبذلك يكون لجهة اإلدارة سلطة تقديرية‬
‫في اختيار أٍّي من األسلوبين إلبرام العقود المشمولة به ذه الم ادة مع مالحظ ة أن المش ِّر ع‬
‫أخض ع الممارسة العامة بمقتضى المادة الثانية من الق انون السالف الذكر لمب ادئ العالنية‬
‫د‪ .‬نعيمة على الدرهوب ‪ .‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪153‬‬ ‫‪239‬‬

‫‪ -‬ه ذه الخط وة ال تع بر مخالف ة لم ا اس تقرت علي ه الق وانين واألنظم ة ال تي حكمت المناقص ات والمزاي دات في مص ر‬ ‫‪240‬‬

‫فحسب‪ ،‬بل هي رائده على مستوى القوانين المقارنة أيض ًا‪ ،‬حيث الحظنا أن تقنية العقد المفاوض في فرنسا التي تماثل‬
‫في مفهومها تقنية الممارسة في‬
‫‪ 241‬مصر ما زالت تقنية استثنائية ليس على مستوى القانون الوطني فقط‪ ،‬إنما على مستوى القانون األوروبي أيض ًا‪ ،‬وفي‬
‫تق ديرنا أن ه ذه الخط وة الجوهري ة والجريئ ة ال تي خطاه ا المش ِّر ع المص ري تعت بر س الحًا ذا ح دين‪ ،‬فهي تتالءم م ع‬
‫السياس ات المتبع ة في مص ر وال تي ت رمي إلى تش جيع القط اع الخ اص وإ رس اء من اخ االقتص اد الح ر ألنه ا تض في على‬
‫عملية اإلبرام مرونة أكبر بما يتالءم في النهاية مع مقتضيات السوق ومنطقه‪ ،‬كما أنها تتالءم مع مبادئ اإلدارة العامة‬
‫الحديثة التي تشجع العاملين في اإلدارة على اإلبداع واالبتكار والمبادرة بعيدًا عن القوالب اإلجرائية الجامدة التي تنط وي‬
‫عليها المناقصة في صيغتها التقليدية‪.‬‬
‫‪Coud ville : Contribution la Théorie Général du Service Public communal، Thèse 1976‬‬
‫‪Bordeaux‬‬
‫‪131‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وتك افؤ الف رص والمس اواة وحري ة المنافس ة‪ ،‬وذل ك على النح و المتب ع بالنس بة للمناقص ات‬
‫العامة‪.242‬‬
‫وه ذا األسلوب يعت بر تط ورًا ج ذريًا وتاريخي ًا بش أن كيفي ة تعام ل اإلدارة م ع أس اليب‬
‫اإلب رام في الص فقات العمومي ة‪ ،‬ليس على المس توى المص ري فق ط‪ ،‬ب ل على مس توى‬
‫القوانين المقارنة والقانون الفرنسي‪.243‬‬
‫أم ا عن األحك ام الخاص ة بأس لوب الممارس ة العام ة فهي ذات األحك ام الخاص ة‬
‫بالمناقص ات العام ة فيم ا لم ي رد في ه نص خ اص في ه ذا الق انون‪ ،‬ولق د اختلفت آراء الفق ه‬
‫ح ول جع ل الممارس ة العام ة أس لوبًا أص يًال للتعاق د اإلداري‪ ،‬فق د ذهب ج انب منهم إلى أن‬
‫ه ذا االتج اه وس يلة للتعس ف وإ س اءة اس تعمال الس لطة والمحاب اة‪ ،‬مم ا يتن اقض م ع مب ادئ‬
‫المساواة والمنافسة والشفافية التي تعتبر المبادئ الجوهرية للقانون الجديد‪.244‬‬
‫وي ذهب ج انب آخ ر من الفق ه إلى أن ه ذا التخ وف ال مح ل ل ه‪ ،‬حيث أح اط المش رع‬
‫الممارسة العامة بضمانات عديدة تتمثل في جوهرها بإخضاعها للقواعد العامة التي تحكم‬
‫المناقص ة العام ة‪ ،‬من حيث ض رورة ال تزام اإلدارة بمب ادئ العالني ة والمنافس ة وتك افؤ‬
‫الف رص والش فافية‪ ،‬وق د ح ددت معظم التش ريعات والمتعلق ة ب إبرام العق د اإلداري الح االت‬
‫ال تي يمكن فيه ا لإلدارة أن تس تخدم أس لوب الممارس ة في تنفي ذ تل ك العق ود‪ ،‬وتتمث ل تل ك‬
‫الحاالت في اآلتي‪:245‬‬
‫‪.1‬ح االت االس تعجال القص وى في الق وة الق اهرة‪ ،‬ك أن يح ل خط ر م ا نتوقع ه على‬
‫وش ك الحل ول أو الوق وع‪ ،‬ومن ش أن ذل ك أن يه دد أم واال مس تخدمة في مش روع ق ائم‪ ،‬ال‬
‫يمكن م ع حل ول ه ذا الخط ر انتظ ار االلتج اء إلى وس يلة المناقص ات أو المزاي دات العام ة‪،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬رمضان محمد بطيخ‪ ،‬الجديد في إبرام العقد اإلداري‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪325‬‬ ‫‪242‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬مهند مختار نوح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.576‬‬ ‫‪243‬‬

‫‪ -‬نعيمة على الدرهوب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪392‬‬ ‫‪244‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الفتاح صبري‪ ،‬أساليب التعاقد اإلداري ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.362‬‬ ‫‪245‬‬

‫‪132‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫حيث يكون اللجوء إلى األخيرة غير عملي بسبب طول الوقت الذي يتطلبه استخدام هذا‬
‫األسلوب‬

‫‪.2‬الح االت ال تي يك ون من الض روري لإلدارة أن تج ري فيه ا مفاوض ات م ع‬


‫المتقدمين للتعاقد‪ ،‬بسبب الطبيعة الفنية أو التقنية لتلك السلع أو اإلنشاءات‪.‬‬

‫‪ .3‬ح االت األش غال واألعم ال والتوري دات ال تي تحتم الظ روف تنفي ذها وإ نجازه ا‬
‫بصورة سرية‪.‬‬
‫‪ .4‬ح االت ش راء مع دات ول وازم محتك ر ص نعها أو اس تيرادها ل دى ع دد قلي ل من‬
‫األشخاص‪.‬‬
‫‪ .5‬حال ة األش غال والخ دمات والتوري دات ال تي عرض ت للمنافس ة عن طري ق‬
‫المناقصات في شأنها عروض وعطاءات ولكنه ال يمكن قبولها‪.‬‬
‫‪ .6‬حالة العقود التي تستهدف تسيير وحدات القطاع العام والتي لها أهمية خاصة‪،‬‬
‫بحيث تولي لها عناية خاصة في االهتمام من قبل الجهات اإلدارية والتي تحتاج فيها إلى‬
‫المفاوضات بشكل دقيق مع المتقدمين للتعاقد‪.‬‬
‫ومن خالل التج ارب العملي ة أك دت لن ا أن ض وابط اختي ار إلدارة المتعاق دين معه ا‬
‫بطريقة أسلوب لممارسة لها عالقة وثيقة بالسعر والجودة لإلنشاءات والخدمات المطلوب‬
‫التعاق د بش أنها‪ ،‬باإلض افة إلى القيم ة الفني ة والض مانات المالي ة‪ ،‬وه ذه المع ايير بمجموعه ا‬
‫تحقق المصلحة المالية للخزانة العامة على نحو أفضل من اتباع وسيلة المناقصة التي تعق د‬
‫بش كل أساس ي على أق ل الع روض س عرًا‪ ،‬كم ا أن التطبيق ات العملي ة أثبتت أن أس لوب‬
‫الممارس ة رغم م ا ه و ظ اهر من ه ب أن اإلدارة هي ال تي تخت ار‪ ،‬وأن المتق دم للتعاق د يفق د‬
‫إرادته‪ ،‬إال أنه عمليا نجد أن المقاولين أو الموردين يرضون بهذا األسلوب في التعاقد مع‬
‫اإلدارة ويس اعدون في التنفي ذ‪ ،‬وذل ك ألن بن ود األعم ال يتم تقريره ا بأس لوب موض وعي‬
‫وبلج ان مش تركة م ع اإلدارة والمتق دمين للتعاق د لتحدي د األس عار بعي دًا عن المض اربة ال تي‬
‫‪133‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪ .‬إال أن التعاقد بأسلوب الممارسة يكون‬ ‫‪246‬‬


‫يمكن أن تجد لها سبيًال في المناقصات العامة‬
‫على نوعين ويتمثل في اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ف ؤاد العط ار ‪ ،‬وس ائل تعاق د اإلدارة‪ ،‬نظري ة المناقص ة والممارس ة‪ ،‬مجل ة مجلس الدول ة‪ ،‬الع دد الس ادس‪ ،‬الس نة‬ ‫‪246‬‬

‫الخامسة‪1954 ،‬ص‬
‫‪134‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫النوع األول‪ :‬التعاقد بالممارسة بإجراءات المناقصة ‪.‬‬


‫تقوم اإلدارة بدعوة الراغبين من األشخاص في المناقصة وذلك من أجل التوص ل‬
‫من ه ذا‬ ‫‪247‬‬
‫أو الحص ول على أفض ل المتق دمين ب العروض دون تقي د بالس عر األق ل والغاي ة‬
‫الن وع منح الفرص ة ألك بر ع دد من المتنافس ين للتق دم للتعاق د‪ ،‬ومن ثم يتم اختي ار األفض ل‬
‫منه ا واإلط ار ذات ه أي التعاق د بالممارس ة ب إجراءات المناقص ة ق د تق وم اإلدارة بتوجي ه‬
‫الدعوة إلى الراغبين بالتعاقد‪ ،‬فتكون الممارسة هنا مفتوحة‪ ،‬أو قد توجه الدعوة إلى عدد‬
‫محدود من األفراد والشركات للمشاركة في الممارسة فتسمى بالممارسة المحدودة‪ ،‬إال أنه‬
‫في كلت ا الوس يلتين يك ون لإلدارة أن تخت ار األفض ل باالعتم اد على المق درة الفني ة والمالي ة‬
‫للمتقدم‪ ،‬ومن ثَّم يمكن لإلدارة هنا المفاوضة على األسعار والشروط األخرى‪.248‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬التعاقد بالممارسة عن طريق المسابقة‪.‬‬
‫بمقتضى هذه الطريقة تقوم اإلدارة باختيار مجموعة من األفراد لالشتراك والدخول‬
‫في مسابقة للتنافس على الفوز بالعقد مع اإلدارة‪ ،‬ويكون لإلدارة مطلق الحرية في اختيار‬
‫األشخاص المشاركين في المسابقة‪ ،‬ومن حقها كذلك تحديد قواعد المنافسة بين المتقدمين‬
‫للتعاقد‪ ،‬وإ ضافة لذلك أن اإلدارة ال تكون ملزمة بالتعاقد مع األشخاص الذي احتل المرتبة‬
‫األولى بعد ظهور نتيجة المسابقة إال في حالة وجود شرط في اإلعالن يقتضي ذلك‪.249‬‬
‫لكننا وجدنا أن المشِّر ع المصري قد وضع تميزًا وتقسيمًا في داخل أسلوب الممارسة‬
‫باعتباره أحد األساليب التي تمكن اإلدارة من اختيار المتعاقد معها‪ .‬حيث بادر إلى تقسيم‬
‫الممارس ة إلى ممارس ة عام ة وع دها من األس اليب االعتيادي ة في التعاق د‪ ،‬وإ لى ممارس ة‬
‫مح دودة وع دها من األس اليب االس تثنائية في التعاق د ‪ ،‬وفي واق ع األم ر ال ن رى وج ود أي‬
‫م برر للتفرق ة بين النوعي ة‪ ،‬فالممارس ة في ك ل األح وال هي وس يلة اس تثنائية في تعاق دات‬

‫د‪ .‬نعيمة على الدرهوب ‪ .‬مرجع سابق ص ‪153‬‬ ‫‪247‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي ‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.303‬‬ ‫‪248‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬إبراهيم الفياض ‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.125‬‬ ‫‪249‬‬

‫‪135‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫اإلدارة‪ ،‬س واء ك انت عام ة أو مح دودة‪ ،‬تلج أ إليه ا اإلدارة عن دما ال يك ون اعتم اد أس لوب‬
‫المناقصة العامة مجديًا لألسباب التي حددتها التشريعات في حاالت االحتكار و استعجال‬
‫والس رية ودق ة االختصاص ات ل ذلك تك ون اإلدارة ملزم ة بالتج اء إلى الممارس ة بص ورة‬
‫عامة أما بالنسبة لتحديد نوع تلك الممارسة من عامة أو محدودة حسب طبيعة العق د الم راد‬
‫وقد سلك المش ِّر ع المصري هذا‬ ‫‪250‬‬
‫إبرامه فقد ترك ذلك للمشرع بوضع الحدود التفصيلية‬
‫المسلك في قانون المناقصات والمزايدات رقم (‪ )9‬لسنة ‪ 1983‬الملغى إال أنه تراجع عن‬
‫ذلك المسلك في القانون الحالي وجعل الممارسة العامة أسلوبًا أصليًا ورئيسيًا للتعاقد‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام وصور الممارسة‬
‫أحك ام الممارس ة في ليبي ا تض منتها الئح ة الص فقات العمومي ة رقم ‪ 563‬س نة‬
‫‪ 2007‬تنظيما إلجراءات التعاقد بطريقة المناقصة المحدودة والممارسة حيث تنص المادة‬
‫(‪ )65‬من الالئحة باآلتي‪ (( :‬بعد صدور اإلذن بالتعاقد عن طريق الممارسة وفقا ألحكام‬
‫الالئح ة يجب أن تتخ ذ لجن ة العط اءات المختص ة إج راءات الممارس ة وذل ك بإتب اع إح دى‬
‫الطريقتين اآلتيتين‪:‬‬
‫أ‪ .‬الممارس ة عن طري ق تق ديم الع روض وفق ًا لإلج راءات ال تي تتب ع بش أن المناقص ة‬
‫المحدودة‪.‬‬
‫ب‪ .‬الممارس ة المقص ورة على أش خاص أو جه ات معين ة وذل ك باالتص ال بأش خاص‬
‫أوجه ات متخصص ة في األعم ال أو الم واد موض وع الممارس ة والحص ول منه ا على‬
‫ع روض كتابي ة للبث فيه ا تق وم لجن ة العط اءات المختص ة بدراس ة الع روض المقدم ة‬
‫وتنص المادة (‪)66‬‬ ‫‪251‬‬
‫ومفاوضة مقدمها للوصول إلى أفضل األسعار والشروط للتعاقد ))‬
‫من الالئح ة على‪(( :‬تعلن لجن ة العط اءات بحض ور مق دمي الع روض في الممارس ة أو من‬
‫ينوب عنهم‪ -‬عن أخر األسعار المقدمة من كل منهم وعن تحفظاتهم وشروطهم اإلضافية‬
‫د‪ .‬نهى الزيني‪ ،‬بحث بعنوان انعكاس قواعد اتفاقيات التجارة العالمية أحكام قانون المناقصات والمزايدات الجديد‪.‬‬ ‫‪250‬‬

‫المادة ‪ 63‬من الئحة العقود اإلدارية لسنة رقم ‪ 563‬لسنة ‪.2007‬‬ ‫‪251‬‬

‫‪136‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أو المعدل ة‪ ،‬وتمنح المتق دمين مهل ة ال تج اوز أس بوعًا لتق ديم الق رارات مكتوب ة تتض من‬
‫أسعارها وشروطهم‪.252‬‬
‫وتنص الم ادة (‪ )67‬من الالئح ة على س ريان أحك ام المناقص ة العام ة وإ جراءاته ا‬
‫وأحك ام االعتم اد على الممارس ة‪ ،‬وذل ك بالق در ال ذي ال يتع ارض م ع طبيعته ا وطبق ا لنص‬
‫الم ادة الثاني ة من ق رار اللجن ة الش عبية العام ة (مجلس ال وزراء) رقم ‪ 8‬لس نة ‪ 1990‬تنش أ‬
‫بأمانة الخزانة (وزارة المالية) لجنة تسمى (اللجنة المركزية للعطاءات) تختص بالبث في‬
‫إج راء التعاق د بطري ق الممارس ة أو المناقص ة المح دودة أو غ ير ذل ك عن طري ق التعاق د‬
‫بالنس بة للج ان الش عبية العام ة والنوعي ة أو اللج ان الش عبية للش عبيات أو أي من الجه ات‬
‫األخ رى ال تي تخض ع ألحك ام الئح ة الص فقات العمومي ة‪ ،‬ويش ترط لنف اذ ق رارات اللجن ة‬
‫المركزية للعطاءات اعتمادها من اللجنة الشعبية العامة (المادة ‪ 5‬من القرار)‪.‬‬
‫من حيث النطاق حددت المادة التاسعة ثاني ًا نطاق التعاقد بطريق المناقصة المحدودة‬
‫والممارس ة حيث نص ت على‪( :‬يج وز التعاق د بطري ق المناقص ة المح دودة والممارس ة في‬
‫األحوال اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ .‬المش روعات اإلنتاجي ة واالس تثمارية مث ل المص انع ومحط ات الكهرب اء وم ا في‬
‫حكمها‪.‬‬
‫ب‪ .‬المشاريع التي تتميز باالستعجال ‪.‬‬
‫ج‪ .‬تق ديم الخ دمات الفني ة كاختي ار المك اتب االستش ارية ومك اتب التف تيش والمس اعدة‬
‫الفنية لتشغيل المشروعات‪.‬‬
‫د‪ .‬األعمال التي تتجاوز قيمتها التقديرية مبلغ (‪ )250.000‬دينار‪.‬‬
‫هـ‪ .‬األعم ال والتوري دات المحتك ر ص نفها أو اس تيرادها‪ ،‬أو ال تي ال توج د إال ل دى‬
‫أشخاص أو شركات معينة‪.‬‬

‫‪ -‬الئحة العقود اإلدارية لسنة رقم ‪ 563‬لسنة ‪.2007‬‬ ‫‪252‬‬

‫‪137‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫و‪ .‬التوري دات أو األعم ال ال تي تتم عن طري ق ش ركات أو منش آت مملوك ة للمجتم ع‬
‫وكذلك الشركات والمنشآت التي يملك المجتمع ‪ %51‬من رأس مالها على األقل‪.‬‬
‫ز‪ .‬غ ير ذل ك من األحوال ال تي ال تس مح فيه ا طبيع ة العق د أو ظ روف إبرام ه باتب اع‬
‫‪253‬‬
‫طريق المناقصة العامة‪).‬‬
‫أم ا في مص ر فلق د نص ت الم ادة األولى من ق انون تنظيم المناقص ات والمزاي دات‬
‫الح الي على أن الممارس ة تتخ ذ إح دى ص ورتين‪ ،254‬فأم ا أن تك ون ممارس ة عام ة وإ م ا‬
‫ممارسة محدودة‪ .‬الممارسة العامة وفق ًا للقانون المصري‪ ،‬تعتبر الممارسة من األساليب‬
‫الشائعة التي تلجأ إليها اإلدارة في إبرام عقودها اإلدارية والممارسة العامة هي مجموعة‬
‫اإلجراءات التي تتم في إطار من العالنية ووفقًا ألحكام القانون تتيح لجهة اإلدارة مفاوض ة‬
‫مقدمي العطاءات بهدف التعاقد مع صاحب العطاء األفضل شروطًا واألقل سعرًا في إطار‬
‫المنافس ة الح رة والمس اواة‪ ،255‬وتتمت ع اإلدارة بس لطة تقديري ة تخض ع لرقاب ة القض اء ل ذا‪،‬‬
‫‪256‬‬
‫يتعين استخدامها في حدود الصالح العام‪.‬‬
‫ولقد أخضع المش ِّر ع الممارسة العامة للمبادئ التي تقوم عليها المناقصة العامة‪.257‬‬
‫والتي تتمثل في مبادئ العالنية وتكافؤ الفرص والممارسة وحرية المنافسة‪ ،‬وكذلك القواعد‬
‫الحاكم ة والش روط العام ة وباإلض افة إلى الممارس ة العام ة فلق د نص المش رع المص ري‬
‫على ن وع آخ ر من الممارس ة ‪ ،‬وهي الممارس ة المح دودة وهي ذات ط ابع اس تثنائي‪ ،‬كم ا‬
‫هو مجال بالنسبة للمناقصة المحددة تماما‪.‬‬
‫أم ا الممارس ة المح دودة طبق ًا للق انون المص ري‪ .‬فهي عكس الممارس ة العام ة‪ ،‬تع د‬
‫تقني ة تفاوض ية ذات ط ابع اس تثنائي يك ون اللج وء إليه ا بق رار مس بب وفي ح االت مح ددة‪،‬‬

‫المادة ‪ 9‬الفقرة الثانية من الئحة العقود اإلدارية ‪ ،‬لسنة رقم ‪ 563‬لسنة ‪.2007‬م‬ ‫‪253‬‬

‫المادة رقم (‪ )1‬من قانون المناقصات والمزايدات العامة ‪ ،‬رقم ‪ 89‬السنة ‪.1998‬‬ ‫‪254‬‬

‫‪ -‬د‪ ،‬عاطف سعدي محمد‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.182‬‬ ‫‪255‬‬

‫‪ -‬طعن إداري ‪ 26‬جلسة ‪1982.1.24‬م لسنة ‪ ،19‬بعدد ‪ 03‬ص ‪.52‬‬ ‫‪256‬‬

‫‪ -‬المادة رقم (‪ )2‬من قانون المناقصات والمزايدات العامة رقم ‪ 89‬السنة ‪.1998‬‬ ‫‪257‬‬

‫‪138‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فاألصل أن يتم اللجوء إلبرام الصفقات العمومية‪ ،‬بأسلوب المناقصة العامة أو الممارسة‬
‫العامة‪ ،‬واستثناء على ذلك يتم اتباع أسلوب الممارسة المحدودة أو المناقصة المحدودة أو‬
‫االتف اق المباش ر ال ذي س نبينه فيم ا بع د‪ ،‬وهن اك مج االت للتعاق د ع بر طري ق الممارس ة‬
‫المحدودة‪ ،‬إحداهما إلزامي لجهة اإلدارة واآلخر جوازي وذلك كما يلي‪.‬‬
‫المج ال اإلل زامي للتعاق د بطري ق الممارس ة المح دودة‪ ،‬ففي مص ر ح ددت الم ادة (‪)5‬‬
‫من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الحالي حاالت التعاقد من خالل أسلوب الممارسة‬
‫المح دودة على س بيل الحص ر‪ ،‬حيث نص ت على أن يك ون التعاق د بطري ق الممارس ة‬
‫المحدودة في الحاالت اآلتية‪.‬‬
‫أ‪ .‬األشياء التي ال تصنع أو تستورد أو ال توجد إال لدى أشخاص بذواتهم‪.‬‬
‫ب‪ .‬األشياء التي تقتضي طبيعتها أو الغرض من الحصول عليها أن يكون اختيارهما‬
‫أو شراؤها من أماكن إنتاجها‪.‬‬
‫ج‪ .‬األعم ال الفني ة ال تي تتطلب بحسب طبيعته ا أن يق وم به ا ف نيون أو أخص ائيون أو‬
‫خبراء بذواتهم‪.‬‬
‫د‪ .‬التعاقدات التي تقتضي اعتبارات األمن القومي أن تتم بطريقة بسرية تامة‬
‫ففي كاف ة ه ذه الح االت يجب على جه ة اإلدارة أن تلج أ إلى أس لوب الممارس ة‬
‫المح دودة‪ ،‬ال لش يء إال ألن أس لوب المناقص ة العام ة أو الممارس ة العام ة غ ير ذي ج دوى‬
‫بالنس بة له ا‪ ،‬حيث تتعل ق ب أمور يحتك ر ص ناعتها أو توري دها بعض األف راد دون غيره ا‪،‬‬
‫ومن ثم فإن اإلعالن عنها لن يأتي إال بهؤالء األفراد فقط‪ ،‬ولذا توفير للنفقات العامة يتم‬
‫طرحها في ممارسة محدودة‪.258‬‬

‫‪ - 258‬يالحظ أن الممارسة العامة ليس لها حاالت بذاتها‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للممارسة المحدودة‪ ،‬وإ نما تقف الممارسة‬
‫العامة على قدم المساواة مع المناقصة العامة في هذا الشأن وتختلف مع المناقصة العامة في حضور مقدمي العروض‬
‫وتق ديم أس عارها النهائي ة في جلس ة الممارس ة‪ ،‬أم ا المناقص ة بك ل ص ورها فتخض ع لقاع دة ع دم ح دوث أي تع ديل في‬
‫األسعار بعد تقديمها كأصل عام‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المج ال الج وازي للتعاق د بطري ق الممارس ة المح دودة‪ :‬فق د أج از المش ِّر ع على س بيل‬
‫االس تثناء‪ ،‬وبق رار مس بب من الس لطة المختص ة‪ ،‬أن يتم ال بيع أو الت أجير أو ال ترخيص‬
‫باالنتف اع أو باس تغالل العق ارات عن طري ق الممارس ة المح دودة‪ ،‬وإ ن ك ان األص ل أن تتم‬
‫عن طريق المزايدة‪ ،‬وال يجوز إذا تقرر من قبل إجراء مزايدة فال يجوز تحويل المزاي دة‬
‫في ممارسة محدودة‪ ،259‬إال في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫أ‪.‬التعاقدات الخاصة بالتسليح التي تجريها وزارة الدفاع واإلنتاج الحربي في حاالت‬
‫الضرورية‪.‬‬
‫ب‪.‬التعاق دات ال تي يص رح به ا رئيس مجلس ال وزراء لجه ة معين ة في ح االت‬
‫الضرورة وذلك العتبارات يقدرها ترتبط بطبيعة عمل ونشاط تلك الجهات‪.‬‬
‫ج‪.‬التعاقدات التي تجري بخصوص‪:‬‬
‫‪ .1‬األشياء التي يخشى عليها من التلف ببقاء تخزينها‪.‬‬
‫‪ .2‬حاالت االستعجال الطارئة التي ال تحتمل اتباع إجراءات المزايدة‪.‬‬
‫‪ .3‬األص ناف ال تي لم تق دم عنه ا أي ة ع روض في المزاي دات أو ال تي لم يص ل ثمنه ا‬
‫إلى الثمن األساسي‪.‬‬
‫‪ .4‬الحاالت التي ال تتجاوز قيمتها األساسية خمسين ألف جنيه‪.‬‬
‫أم ا في المغ رب فنظمت المرس وم الص ادر في ‪ 30‬م ارس ‪ 2013‬في الب اب الراب ع‬
‫الفص ل األول‪ ،‬فق د يك ون طلب الع روض مفتوح ا وذل ك عن دما تفتح اإلدارة مل ف‬
‫الترشيحات أمام الجميع وقد يكون محدودًا وذلك عندما ألتسمح اإلدارة بتق ديم الع روض أال‬
‫‪260‬‬
‫لمرشحين تتوفر فيهم بعض المواصفات ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬إسكندرية ‪،‬سنة ‪ 2009‬ص ‪.106‬‬ ‫‪259‬‬

‫‪ .‬المادة ‪ 17‬من المرسوم رقم ‪ 2.12.349‬الصادر في ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬المتعلق بالصفقات العمومية ‪.‬‬ ‫‪260‬‬

‫‪140‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ويكمن إب رام الص فقات بن اًء على طلب الع روض باالنتق اء المس بق عن دما تتطلب‬
‫األعم ال الموض وعة للص فقة بحكم تعاق دها أو طبيعته ا الخاص ة ‪ ،261‬القي ام بانتق اء مس بق‬
‫للمرشحين الذين يقدمون المؤهالت الكافية ال سيما من الناحية التقنية والمالية ‪ .‬في مرحلة‬
‫أولى قب ل دع وة المقب ولين من ه بإي داع الع روض وحس ب الفق رة الثاني ة من الم ادة عش رون‬
‫لمدونه الصفقات العمومية فانه ال يمكن أبرام الصفقات بناًء على طلب عروض مح دود إال‬
‫بالنس بة لإلعم ال ال تي يق ل أو يس اوي مبل غ ملي وني درهم وال تي ال يمكن تنفي ذها إال من‬
‫طرف عدد محدود من المقاولين أو الموردين اعتبارا إلى طبيعتها أو لتعقدها أو ألهمية‬
‫المعدات التي يتعين استعمالها ويجب أن يوجه طلب العروض المحدود إلى ثالثة مرشحين‬
‫على األقل بوسعهم االستجابة على أحسن وجه للحاجيات المراد سدها ‪.‬‬

‫أم ا الفق رة الثالث ة من نفس الم ادة فتنص على (أن يتم طلب الع روض المح دود بن اًء‬
‫على (تخفيض ) أو (بع روض أثم ان ) فبالنس بة لطلب ات الع روض الم دعوة ( بن اًء على‬
‫تخفيض ) وقع المرشحون التزام بإنجاز األشغال أو الخدمات أو تسليم الواردات التي يتم‬
‫إع داد ثمنه ا التق ديري من ط رف ص احب المش روع قاب ل تخفيض (أو زي ادة ) يع بر عنه ا‬
‫بنسبة مئوية ‪.‬‬
‫بالنس بة إلى طلب ات الع روض ( بع روض أثم ان ) ال ي بين مل ف طلب الع روض‬
‫للمتنافسين إال طبيعة وأهمية األشغال أو التوريدات أو الخدمات التي يتولى المتعهد بنفسه‬
‫تحديد أثمانها وحصر مبالغها ‪.262‬‬
‫فطلب الع روض به ذه الطريق ة يتم يز باحترام ه لمب ادئ أساس ية ق د تختل ف عن ب اقي‬
‫طرق إبرام العقود وقد تجتمع مع الطرق األخرى في نفس المبادئ ‪.‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬محمد باهي‪ ،‬دليل الصفقات العمومية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬طبعة ‪2002‬ص‪.211‬‬ ‫‪261‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبدالحق عقلة ‪ ،‬القانون اإلداري ‪،‬الجزء الثاني ‪،‬نشاط اإلدارة ووسائلها ‪ ،‬طبعة ‪ 2002‬دار القلم ‪ ،‬الرباط ‪،‬ص‬ ‫‪262‬‬

‫‪113‬‬
‫‪141‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فاعتب ار أن طلب الع روض ه و من ط رق إب رام العق ود العادي ة وال تي تتم يز كله ا‬
‫بمبادئ معينة تصبغ عليها الصبغة العادية‪ ،‬لكن ما يميز طلب العروض عن ب اقي الطرق‬
‫األخ رى ه و أن ه يق دم لإلدارة س لطة كب يرة في اختي ار المتعاق د معه ا ويتجلى ذل ك في‬
‫المبادئ التي تقوم عليها ‪.‬‬
‫ونستخلص بعد عرضنا ألسلوب الممارسة في التشريعات المقارنة أنها قد أخذت‬
‫بهذا األسلوب‪ ،‬ألن اإلدارة ال تتمكن دائما من إنجاز المشاريع أو الحصول على الخدمات‬
‫في المناقصات أو المزايدات العامة‪ ،‬فهناك حاالت استثنائية سرية أو مستعجلة أو مرتبطة‬
‫باالحتك ار لجه ات معين ة يجب في ه ذه الحال ة اتب اع أس لوب ال دعوة المباش رة أو الخاص ة‬
‫لبعض األش خاص والتف اوض معهم بغي ة وص ولنا إلى أفض ل الع روض بغض النظ ر عن‬
‫الجه ة المتقدم ة للتعاق د أو عن الس عر المق دم ويع د ه ذا األس لوب أفض ل ض مانة لتحقي ق‬
‫المصلحة العامة وبالرغم أن أسلوب الممارسة العامة‪ ،‬ليس باألسلوب الجديد في التشريع‬
‫المق ارن ورغم الحاج ة الماس ة إلي ة في الح االت االس تثنائية‪ ،‬نالح ظ أن التش ريع اللي بي لم‬
‫يعط االهتمام الالزم لفرض وضع نظام قانوني خاص به أسوة بباقي البل دان التي أص درت‬
‫تشريعات قانونية خاصة لبيان كيفية إبرام العقود بإتباع طريقة الممارسة‪ ،‬ونجد أن غالبية‬
‫التش ريعات القانوني ة ومنه ا الق انون المص ري ح دد أس لوب المناقص ة العام ة والممارس ة‬
‫العامة إلبرام الص فقات العمومية منها عقود المقاوالت وعقد النقل وعقود االستشارات‬
‫الهندسية‪.‬‬
‫كما نخلص إلى أن االختالف الجوهري بين الممارسة العامة باعتبارها طريق ًا أصليا‬
‫ورئيس يا‪ ،‬وممارس ة المح ددة باعتباره ا اس تثناء على األص ل إنم ا يك ون في خض وع‬
‫الممارس ة العام ة إلى قواع د العالني ة العادي ة‪ ،‬ال تي تنطب ق على المناقض ة في حين أن‬
‫الممارسة المحددة ال تخضع إلى هذه القواعد أنها تتم العالنية المؤدية للمنافسة فيها عبر‬
‫طريق إرسال خطابات موصى عليها‪ ،‬إلى أكثر عدد من المشتغلين بنوع النشاط موض وع‬

‫‪142‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ولكن ه ذا االختالف في أس لوب اإلعالمي ال يع ني نفي وج ود المنافس ة عن د‬ ‫‪263‬‬


‫الممارس ة‬
‫اللج وء إلى الممارس ة المح دودة‪ ،‬ب ل أن المنافس ة تظ ل قائم ة في كلت ا الح التين‪ ،‬ح تى أن‬
‫المشرع قد أكد على ضرورة استقطاب أكبر عدد من المتنافسين والمشتغلين في موضوع‬
‫األداءات المطروحة في ممارسة محدودة مما يعكس جليا حرص المشرع على أن ال تكون‬
‫كم ا أن األس لوبين يفترض ان تع دد‬ ‫‪264‬‬
‫الممارس ة في أح د ش قيها مج اال للمحاب اة والتمي يز‬
‫ط البي التعاق د‪ ،‬وك ذلك حض ور أص حاب العط اءات المقدم ة في الجلس ة العلني ة لفتح‬
‫المظ اريف لالس تماع لمحتوياته ا‪ ،‬كم ا يفترض ان حض ور أص حاب العط اءات المقبول ة فني ا‬
‫‪265‬‬
‫بالجلسة العلنية لفتح المظاريف المالية وذلك إلجراء ممارستهم بمعرفة اللجنة المختصة‬
‫المطلب الثاني‬
‫االتفاق المباشر كأسلوب للتعاقد‬
‫إن اإلدارة تلج أ إلى إتب اع أس لوب الش راء المباش ر في تعاق داتها لمواجه ة حال ة‬
‫االستعجال التي يكون عنصر الزمن فيها عنصرًا جوهري ًا وحاكم ًا بحيث يترتب على عدم‬
‫التنفيذ لألعمال أو تامين األشياء والخدمات بصفة عاجلة إلى تعطيل عمل اإلدارة‪ ،‬وإ عاقة‬
‫أداء واجباته ا لظ روف طارئ ة‪ ،‬كم ا يجب في ح االت الض رورة االس تعجال ال تي يتم فيه ا‬
‫أج راء الش راء أو الخ دمات أو تنفي ذ مق اوالت النق ل أو مق اوالت األعم ال بطري ق االتف اق‬
‫المباشر في حدود أحكام القانون الذي ينظم الصفقات العمومية وطرق إبرامها‪ ،‬كما أن‬
‫تبين في المستندات األسباب الملحة‪ ،‬التي تقضي بإتباع طريق االتفاق المباشر‪ ،‬وهذا ما‬
‫س وف نبحث ه في ه ذا المطلب بف رعين الف رع األول‪ :‬التعري ف باالتف اق المباش ر وحاالت ه‪،‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلنفاق المباشر في القانون لليبي والمقارن‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الرؤوف جابر‪ ،‬دور رقابة ديوان المحاسبة‪ ،‬مؤسسة دار الثقافة اإلدارية ‪ ،‬سنة ‪ 1997‬م‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪263‬‬

‫‪ -‬د‪ ،‬محم د عبداهلل الح راري ‪ ،‬أص ول الق انون اإلداري اللي بي ‪ ،‬الج زء األول ‪ ،‬الطبع ة الثالث ة ‪ ،‬المرك ز الق ومي‬ ‫‪264‬‬

‫للبحوث والدراسات العلمية طرابلس ‪ ،1998 ،‬ص‪138‬‬


‫‪-‬د‪ ،‬مهند مختار نوح‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.391‬‬ ‫‪265‬‬

‫‪143‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع األول‪ :‬التعريف باالتفاق المباشر وحاالته‪.‬‬


‫يعرف االتفاق المباشر بأنه اتفاق الجهة اإلدارية التي يعنيها موضوع العقد اإلداري‬
‫م ع متعاق د معين بذات ه ومباش رة إلى من دون الم رور بلجن ة كم ا في حال ة الممارس ة ففي‬
‫التكليف المباشر تتمتع جهة اإلدارة بحرية اختيار من تتعاقد معه‪ ،‬وفي هذا الخصوص ف إن‬
‫الس لطة التقديري ة الممنوح ة لجه ة اإلدارة في التعاق د ب الطريق المباش ر على األخص حقه ا‬
‫في اختي ار المتعاق د معه ا‪ ،‬ال تخض ع للرقاب ة القض ائية إال فيم ا يتعل ق باس تيفاء قواع د‬
‫االختصاص والشكل واالنحراف بالسلطة وقد نصت الئحة الصفقات العمومية في ليبيا‬
‫على التكلي ف المباش ر في الم ادة ‪ 8‬الفق رة " د " حيث ذك رت " التكلي ف المباش ر يك ون‬
‫بإص دار أم ر الش راء أو التكلي ف باألعم ال ألدوات التنفي ذ من قب ل المختص بتوقي ع العق ود‬
‫في الجهات التي تسري عليها أحكام هذه الالئحة "‬
‫كم ا تمل ك اإلدارة هن ا الحري ة في التعاق د م ع الجه ات بص ورة مباش رة دون ابت اع‬
‫إج راءات خاص ة بإص دار أم ر الش راء أو التكلي ف باألعم ال مباش رة من المختص بتوقي ع‬
‫العق ود في الوح دات اإلداري ة وف ق م ا يس مى بطريق ة التكلي ف المباش ر " االتف اق المباش ر "‬
‫وتلجأ اإلدارة لهذا األسلوب في أحوال معينة استثناء وقد بينت الئحة الصفقات العمومية‬
‫الص ادرة في ‪ 2007.7.12‬م مس يحي بش أن ح االت التعاق د بطري ق االتف اق المباش ر وهن ا‬
‫اشترطت في جميع األحوال للتعاقد بطريق االتفاق المباشر حصول الجهة اإلدارية اإلذن‬
‫بالتعاقد قبل اتخاذ إلجراءات كما سوف نوضع الحقًا‪.‬‬

‫وبالت الي ف إن االتف اق المباش ر ه و تعاق د جه ة اإلدارة مباش رة م ع المتعاق د ال ذي وق ع‬


‫اختياره ا علي ه‪ ،‬ودونم ا‪ ،‬مناقض ة أو مزاي دة أو ممارس ة‪ ،‬بمع نى أن جه ة اإلدارة تتعاق د‬
‫مباش رة‪ ،‬وتح ررت من ك ل الض وابط والقواع د المنظم ة للمناقص ة بص ورها العام ة‬
‫والمح دودة والمحلي ة وم ا تخض ع ل ه من قي ود‪ ،‬ويت بين من التعري ف الس ابق أن االتف اق‬
‫المباشر تتحرر فيه جهة اإلدارة من اتخاذ اإلجراءات التي رسمها المشَّر ع له ا الختي ار من‬

‫‪144‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫تتعاق د مع ه ومن ثم فال ي رخص ب ه الق انون إال على س بيل االس تثناء وفي مج االت معين ة‬
‫وبالتعاق د مباش رة م ع من ت رغب من الم وردين أو المق اولين دون التقي د ب إجراءات‬
‫المناقص ات والممارس ات بأنواعه ا وتتمت ع اإلدارة في ه ذا األس لوب من أس اليب التعاق د‬
‫بحرية كاملة في اختيار من تتعاقد معه دون اتخاذ إجراءات سابقة‪ ،‬ولهذا يطلق على هذا‬
‫األسلوب‪ ،‬االتفاق المباشر أو الشراء المباشر لذا نالحظ في هذا النوع من التعاقد تبرز‬
‫‪266‬‬

‫في ه حري ة اإلدارة في اختي ار المتعاق د معه ا‪ ،‬فبمقتض ى ه ذه الص ورة من ص ور التعاق د ال‬
‫تلتزم اإلدارة بقبول العطاء األقل حتى ولو أعلنت عن العمل موضوع التعاقد ‪ ،‬وناقشت‬
‫‪267‬‬

‫أص حاب العط اءات في ه‪ ،‬ب ل تظ ل ح رة في التعاق د م ع مق دم العط اء ال ذي ت راه أق در على‬


‫تحقيق النفع العام دون تقيد بأقل العطاءات المقدمة ‪.‬‬
‫‪268‬‬

‫ومم ا تق دم نج د أن ه ذه الطري ق في إب رام الص فقات العمومي ة تجع ل اإلدارة أك ثر‬


‫حرية بل أن اإلدارة تمارس من خاللها حرية تامة في اختيار من تتعاقد معهم شأنها في‬
‫ذلك شأن األفراد العاديين في اختيارهم لمن يتعاقدون معهم‪ ،‬فيكون لها أن تختار وتتفاوض‬
‫وتساوم على كل شيء دون قيد أو شرط ‪ -‬اللهم ‪ -‬أال القيود العامة التي ترد على جميع‬
‫صور التعاقد ‪.‬‬
‫‪269‬‬

‫وهنا وجب علينا أن نذكر الحاالت والشروط التي يجوز في ظلها لإلدارة إبرام العقد‬
‫اإلداري بطريقة االتفاق المباشر أال وهي‪.‬‬
‫‪ .1‬حالة االستعجال‪.‬‬
‫‪ .2‬حال ة االحتك ار لبعض األعم ال ل دى ع دد مح دود ج دًا من المعه دين‬
‫أوالمصدريين‪.‬‬
‫‪ .3‬حالة استخدام براءة االختراع‪ ،‬أو الحق الذي تقرر لمالك واحد‪.‬‬
‫‪ -‬د عادل السعيد أبوا لخير‪ ،‬القانون اإلداري ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.651‬‬ ‫‪266‬‬

‫‪ -‬د جابر جاد نصار‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.214‬‬ ‫‪267‬‬

‫‪ -‬د محمد سعيد حسين أمين‪ ،‬دراسة وجيزة في فكرة العقود اإلدارية وأحكام أبرمها ‪ ،‬ص ‪.293‬‬ ‫‪268‬‬

‫‪ -‬د سعاد الشرقاوي‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.216‬‬ ‫‪269‬‬

‫‪145‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪ .4‬الح االت ال تي تس تلزم بطبيعته ا خ برة فني ة متخصص ة ال يمكن أن يعه د به ا‬


‫إال إلى مقاول ومتعهد محدد‪.‬‬
‫‪ .5‬الح االت ال تي تقض ي المص لحة العام ة تقريره ا بس رعة باالتفاق ات المباش رة‬
‫لشراء األسلحة والذخيرة‪.‬‬
‫‪ .6‬ح االت ش راء بعض الم واد األولي ة أو الس لع األساس ية ال تي تحت اج إلى‬
‫اختص اص ع ال ج دا ووس ائل مالي ة ض خمة ال تملكه ا إال أع داد محص ورة من‬
‫الش ركات المهيمن ة على ذل ك المج ال‪ ،‬باإلض افة إلى ذل ك فق د ت بين من التطبيق ات‬
‫العملي ة إلب رام العق د اإلداري أن هن اك بعض الجه ات اإلداري ة ق د تلج أ إلى التقس يم‬
‫المص طنع لمجموع ة الس لع والخ دمات مح ل التعاق د‪ ،‬وذل ك لف رض اس تخدام أس لوب‬
‫االتفاق المباشر أكثر من مرة واحدة‪ ،‬وعدم اللجوء إلى الوسائل األخرى في تعاقد‬
‫اإلدارة‪ ،‬إال أن الق انون النم وذجي الش تراء الس لع واإلنش اءات والخ دمات ‪-‬‬
‫الموضوع من قبل لجنة القانون التجاري الدولي في األمم المتحدة ‪ -‬قد نص على‬
‫أن تحقيق الغرض من إيجاد حالة االتفاق المباشر في التعاقد يجب أن يك ون ب النص‬
‫على ع دم ج واز تك رار اس تخدام ه ذا األس لوب أك ثر من م رة واح دة خالل الس نة‬
‫الواح دة من قب ل الجه ة اإلداري ة في أعم ال المق اوالت واإلنش اءات أوش راء الل وازم‬
‫والسلع‪ ،‬وذلك بع د الحص ول على ت رخيص من السلطة المختص ة‪ ،‬فض ًال عن بي ان‬
‫األس باب الملح ة ال تي تقتض ي إتب اع أس لوب االتف اق المباش ر‪ ،270‬ل ذلك يقتض ي من‬
‫التشريعات المتضمنة لنصوص حالة االتفاق المباشر وتنظيم العمل به أن تسترشد‬
‫بالض وابط الخاص ة به ذا األس لوب ال واردة في الق انون النم وذجي المتض من لح االت‬
‫االتف اق المباش ر‪ ،‬وهي حال ة ع دم ت وافر الس لع واإلنش اءات ال تي تك ون ناجم ة عن‬
‫إحداث من قبيل الكوارث الطبيعية وبعض الحاالت التي تقرر فيه ا اإلدارة المتعاقدة‬

‫‪ -‬المادة (‪ )2‬الفقرة (‪ )2‬من القانون النموذجي الشتراء السلع واإلنشاءات والخدمات الذي وضعته لجنة األمم المتحدة‬ ‫‪270‬‬

‫للقانون التجاري الدولي‪.‬‬


‫‪146‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫العتب ارات خاص ة أن الش راء من مص در واح د ه و الس بيل األمث ل‪ ،‬بالنس بة إلى‬
‫ظروفه ا ونوعي ة المش تريات ال تي تري د الحص ول عليه ا‪ ،‬كمش تريات وزارة ال دفاع‬
‫بالنس بة إلى بعض األس لحة‪ ،‬ومش تريات وزارات التم وين بالنس بة لبعض الس لع‬
‫التموينية في ظروف معينة‪.271‬‬

‫ويث ور هن ا تس اؤل ح ول العاجل ة ال تي يقص دها المش ِّر ع وال تي ال تحتم ل إج راءات‬
‫المناقصة أو الممارسة فما هي هذه الحالة ؟‪.‬‬
‫الحالة العاجلة تتحقق كلما كان من شأن التأخير في التعاقد إحداث أضرار ال يمكن‬
‫تداركها‪ ،‬وعندها يكون التعاقد بطريق االتفاق المباشر هو األسلوب المناسب لدفع الضرر‬
‫الن اجم عن الت أخير في التعاق د ‪ ،‬وحال ة االس تعجال هي ال تي ت برر الخ روج على القواع د‬
‫‪272‬‬

‫العام ة ال واجب اتباعه ا في األح وال العادي ة‪ ،‬وق د ذهبت المحكم ة اإلداري ة العلي ا في مص ر‬
‫إلى أن المعي ار االس تعجال ه و معي ار موض وعي تق دره جه ة اإلدارة تحت رقاب ة القض اء‪،‬‬
‫ذلك في ضوء الظروف المحيطة بعملية التعاقد والتي تعكس ضررًا محتمل لحدوث فيما‬
‫وق د ذهب ج انب من الفق ه‬ ‫‪273‬‬
‫ل و ت أخر إب رام العق د إلى أج ل تس تلزمه اإلج راءات األخ رى‬
‫المصري إلى أن حالة االستعجال التي تتيح لإلدارة اللجوء إلى االتفاق المباشر ال تتحقق‬

‫‪ -‬المادة (‪ )22‬البند الثاني القانون النموذجي الشتراء السلع وإلنشاءات والخدمات الذي وضعته لجنة األمم المتحدة‬ ‫‪271‬‬

‫للقانون التجاري الدولي‬


‫‪ -‬د ‪.‬عاطف سعدي محمد‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.219‬‬ ‫‪272‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة اإلدارية العليا مصر في الطبعة رقم ‪ ،813‬السنة ‪ 34‬ق‪ ،‬جلسة ‪ 1989.12.9‬المجموعة الس نة ‪35‬‬ ‫‪273‬‬

‫ص ‪ 429‬وقد صدر هذا الحكم في نطاق في نطاق م ا ك انت تنص عليه المادة (‪ )5‬من القانون رقك (‪ )9‬لسنة ‪1983‬‬
‫حول إمكانية اللجوء إلى الممارسة في حالة االستعجال ولكن هذا المعيار الموضوعي من جانب المحكمة يصلح للتطبيق‬
‫على حالة االس تعجال المطلوبة الستخدام تقنية اإلنفاق المباش ر‪ ،‬وال سيما أن تقري ر اللجن ة المشتركة " من لجنة الخطة‬
‫والميزاني ة‪ ،‬ومكت بي لجن تي لش ؤون الدس تورية والتش ريعية ولش ؤون االقتص ادية " ع بر مش روع ق انون إص دار ق انون‬
‫المناقصات ولمزايدات قد ذكر صراحة أن حالة االستعجال لم تذكر في نطاق حاالت الممارسة المحدودة‪ ،‬ألنها أضيفت‬
‫إلى المادة السابعة الخاصة باإلنفاق المباشر‪ ،‬راجع د‪ .‬صالح الدين فوزي مرجع سابق ص ‪.493‬‬
‫‪147‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ومم ا ي دعم ويؤك د ه ذا‬ ‫‪274‬‬


‫إال إذا ك انت حقيق ة ملّح ة‪ ،‬وغ ير مفتعل ة وله ا س ند من الواق ع‬
‫ال رأي م ا انتهت إلي ه إدارة الفت وى ل وزارة الم وارد المائي ة‪ ،‬إلى أن ع دم ت وافر حال ة‬
‫االستعجال على نحو حقيقي ال يبرر لجهة اإلدارة التعاقد بطريق االتفاق المباشر‪.275‬‬
‫لكن يتب ادر إلى ال ذهن تس اؤل آخ ر وه و م ا ص دى اعتب ار التعاق د المباش ر ق رار‬
‫إداري؟‪.‬‬
‫إن اإلجاب ة عن ه ذا التس اؤل تقودن ا إلى حكم محكم ة القض اء اإلداري بمجلس الدول ة‬
‫المص ري في حكم له ا ص ادر بت اريخ ‪ 1963.4.21‬حيث انتهت إلى أن التعاق د ب الطريق‬
‫االتفاق المباشر‪ ،‬قرار إداري من حيث كونه إذنًا بالتعاقد فالقرار الصادر باإلبرام هو قرار‬
‫إداري شأنه في ذلك شأن القرار الصادر بإرساء المزايدة أو المناقصة من حيث انفصاله‬
‫عن العملي ة التعاقدي ة ذاته ا‪ ،‬ومن ثم ف إن الطعن علي ه ج ائز قانوني ا ذل ك أن إب رام العق ود‬
‫والمراحل السابقة عليه تعتبر قرارات إدارية منفصلة يجوز الطعن عليها بأسلوب تجاوز‬
‫السلطة‪.276‬‬
‫أم ا الق رارات الص ادرة بع د أب رام العق د أي الالحق ة علي ه فهي تس تمد من الس لطة‬
‫التعاقدية‪ ،‬وهي وحدها التي تدخل في منطقة النزاع العقدي‪.‬‬
‫كما جاء في حكم المحكمة اإلدارية‪ ،‬بأكادير عدد ‪ 99-221‬بتاريخ ‪1999-10-1‬‬
‫م ب أن عملي ات البن اء لفائ دة ش خص من أش خاص الق انون الع ام في نط اق تعه د باالتف اق‬
‫المباشر في صورة من صور عقود الصفقات تكتسي بحكم طبيعتها عقودًا إدارية‪ .‬وبتالي‬

‫‪ -‬د‪ .‬عليوه فتح الباب‪ ،‬الموسوعة العلمية‪ ،‬في المناقصات والمزايدات وعقود الجهات اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى مكتب ة‬ ‫‪274‬‬

‫كوميت ‪ ،‬القاهرة ‪ 1999 ،‬ص ‪.195‬‬


‫‪ -‬حيث ذهبت إدارة الفتوى لوزارة الموارد المائية ويرى أن جهة اإلدارة قد استنفذت من الوقت ما يقارب العامين‬ ‫‪275‬‬

‫ولم تنت ه من إس ناد عق د تش غيل وص يانة محط ة طلب ات الطري ق االس تثنائي للتعاق د‪ ،‬فتواه ا رقم ‪ 385.2.3‬بت اريخ‬
‫‪ 2005.5.19‬م‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬زكي النج ار‪ ،‬نطري ة البطالن في العق ود اإلداري ة‪ ،‬رس الة دكت وراه جامع ة عين ش مس‪ ،‬الق اهرة ‪ 1981‬ص‬ ‫‪276‬‬

‫‪.102‬‬
‫‪148‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ال يختل ف هن ا القض اء المص ري والمغ ربي على اعتب ار العق ود ال تي ت برم بطري ق االتف اق‬
‫المباشر هي عقود إدارية وليست قرارات إدارية‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االتفاق المباشر في القانون الليبي والمقارن‬


‫لق د نص ت الم ادة (‪ )8‬من الئح ة الص فقات العمومي ة الس ارية في ليبي ا ‪ -‬ـ س ابقة‬

‫الذكرـ في الفقرة (د) على االتفاق المباشر لكنه كان بمصطلح " التكليف المباشر " وعرفت ه‬

‫بان ه" إص دار أم ر الش راء أو التكلي ف باألعم ال ألدوات التنفي ذ من قب ل المختص بتوقي ع‬

‫العقود في الجهات التي تسري عليها أحكام هذه الالئحة‪.277‬‬

‫وتملك اإلدارة حرية التعاقد مع الجهات بصورة مباشرة دون اتباع إجراءات خاصة‬

‫بإص دار أم ر الش راء أو التكلي ف باألعم ال مباش رة من المختص بتوقي ع في الوح دات‬

‫اإلدارية وفق ما يسمى بطريقة التكليف المباشر وتلجأ اإلدارة إلى هذا األسلوب في أحوال‬

‫معين ة اس تثناء وق د بينت الئح ة الص فقات العمومي ة رقم ‪ 563‬لس نة ‪ 2007‬س ابقة ال ذكر‬
‫‪278‬‬
‫بشأن حاالت التعاقد بطريق اإلنفاق المباشر أو التكليف المباشر‪.‬‬

‫ويش ترط للتعاق د بطري ق التكلي ف المباش ر جمي ع الح االت الس ابقة وأن يص در اإلذن‬

‫بالتعاقد قبل اتخاذ اإلجراءات من الجهة المختصة بإصدار اإلذن بمباشرة إجراءات التعاقد‪،‬‬

‫‪280‬‬
‫وبما ال يجاوز المبالغ المرصودة لذلك في الميزانية‪ ،279‬وذلك طبق ًا لنص المادة (‪)68‬‬

‫المادة ‪ 8‬الفقرة (د) من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪ 563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪277‬‬

‫المادة ‪ 8‬الفقرة (د) من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪ 563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪278‬‬

‫د‪ .‬سالمة الهادي الغرياني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪143‬‬ ‫‪279‬‬

‫تنص الم ادة (‪)68‬على ان ه (ا)بع د ص دور اإلذن بالتعاق د بطري ق التكلي ف المباش ر وفق ا إلحك ام ه ذه الالئح ة ‪،‬تت ولى‬ ‫‪280‬‬

‫إج راءات التعاق د لجن ة تتك ون من رئيس وثالث ة أعض اء من ذوي التخص ص والخ برة ‪ ،‬تش كلها الجه ة مص درة اإلذن‬
‫وتك ون اجتماعاته ا ص حيحة بحض ور كام ل أعض ائها ‪،‬وتص در اراءه ا بأغلبي ة األص وات ‪ ،‬وفي حال ة التس اوي يرج ع‬
‫الج انب ال ذي من ه ال رئيس وت دون اجتماعاته ا في محاض ر (ب)يع د تقري ر بمعرف ة ه ذه اللجن ة يوض ح في ه م دى مناس بة‬
‫األس عار ال تي يق ترح التعاق د على أساس ها وم دي موافق ة األش ياء او األعم ال موض وع العق د للش روط والمواص فات (ج)‬
‫ويعرض هذا التقرير على الجهة المختصة بإصدار اإلذن وفقا إلحكام هذه الالئحة العتماد إجراءات التعاق د (د) ال يج وز‬
‫‪150‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وبهذا حكمت المحكمة العليا في حكمها " أنه من المتفق في الفقه اإلداري أنه حينما يش ترط‬

‫الق انون اس تئذان جه ة معين ة إلب رام التعاق د ف إن الحص ول على ه ذا اإلذن المس بق يص بح‬

‫شرطًا ضروريًا لقيام الرابطة التعاقدية أصًال وإ ال كان العقد باطًال‪ ،‬ومما ال جدال فيه أن‬

‫مث ل ه ذا الش رط لم يوض ع عبث ًا‪ ،‬وإ نم ا يق وم على أس باب جوهري ة تتص ل بالص الح الع ام‬

‫اتصاال وثيقا‪ ،‬وأن المادة الثالثة من الئحة المناقصات والمزايدات تقضي بأن يصدر إذن‬

‫بالتعاق د من مجلس ال وزراء في ح االت التكلي ف المباش ر ال تي تح ددها البن ود الس تة األولى‬

‫كلما تجاوز قيمة التعاقد خمسمئة ألف دينار ليبي‪.‬‬

‫أم ا االتف اق المباش ر في مص ر‪ .‬فنص ت الم ادة الس ابعة والثامن ة على ح االت لج وء‬

‫اإلدارة إلى التعاقد بأسلوب االتفاق المباشر وهي حاالت االستعجال والض رورة القص وى‪،‬‬

‫وتلج أ اإلدارة إلى ه ذا األس لوب في الح االت ال تي ال يمكن معه ا انتظ ار إج راءات‬

‫المناقص ات والممارس ات‪ ،‬أو في حال ة ع دم ج دوى ه ذه األس اليب األخ يرة بس بب اس تحالة‬

‫المنافس ة عمال‪ ،‬كم ا ل و ك ان التعاق د يتطلب االس تعانة بمنتج ات تحتكره ا ش ركة أو ش خص‬

‫معين‪ ،‬ه ذا باإلض افة إلى بعض العق ود ال تي ت رغب اإلدارة في إبرامه ا وق د تقتض ي‬

‫المصلحة العامة أحاطتها بالسرية كعمليات التوريد المتعلقة بشؤون القوات المسلحة‪ ،‬فهنا‬

‫يكون االتفاق المباشر هو األسلوب الدائم‪.281‬‬

‫التعاقد بطريق التكليف المباشر قبل صدور قرار من الجهة المذكورة باعتماد اإلجراءات وفقا لحكم الفقرة السابقة (ه )‬
‫تسري على التعاقد بطريق التكليف المباشر أحكام المناقصة العامة واجراءاتها وذلك بالقدر الذي ال يتعارض مع طبيعته‬
‫وأحكامه‬
‫‪ -‬د عبد الغني بسيوني‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية ‪ 1991‬ص ‪.524‬‬ ‫‪281‬‬

‫‪151‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫لذا سنجمل حاالت االتفاق المباشر فيما يلي‪:‬‬

‫‪.1‬حالة االستعجال‪:‬‬

‫تنص المادة " السابعة " السابق ذكرها على أنه " يجوز في الحاالت العاجلة التي ال‬

‫تحتم ل أتب اع إج راءات المناقص ة أو الممارس ة بجمي ع أنواعه ا أن يتم بطري ق االتف اق‬
‫‪282‬‬
‫المباشر بناء على ترخيص‪"....‬‬

‫وهنا يقصد بالحالة العاجلة هي التي من شأنها إحداث أضرار ال يمكن تداركها إذا ما‬

‫تأخرت اإلدارة في التعاقد‪ ،‬ويكون السبيل الوحيد لتدارك هذا الضرر المحتمل اال التعاقد‬

‫عن طريق االتفاق المباشر‪.‬‬

‫‪.2‬حالة الضرورة‪:‬‬

‫أج ازت الم ادة الثامن ة من ق انون المناقص ات والمزاي دات الح الي والمطب ق اآلن في‬

‫مص ر ل وزارتي ال دفاع واإلنت اج الح ربي وأجهزتهم ا في حال ة الض رورة التعاق د بطري ق‬
‫‪283‬‬
‫المناقصة المحدودة أو المحلية‪ ،‬أو الممارسة المحدودة أو االتفاق المباشر‪.‬‬

‫ويجوز للسلطة المختصة التفويض في أي من اختصاصاتها وذلك مع أعمال أحكام‬

‫بش أن إعف اء العق ود الخاص ة بالتس ليح عن الض رائب‬ ‫‪284‬‬


‫الق انون رقم ‪ 204‬لس نة ‪1957‬‬

‫المادة ‪ 7‬الفقرة (ج)من قانون المناقصات والمزايدات العامة رقم ‪ 89‬لسنة ‪1998‬م‬ ‫‪282‬‬

‫المادة ‪ 8‬من قانون المناقصات والمزايدات العامة رقم ‪ 89‬لسنة ‪1998‬م‬ ‫‪283‬‬

‫‪ -‬الجري دة الرس مية الع دد (‪ )1103‬في ‪ 31‬ديس مبر ع ام ‪ 1957‬م ادة (‪ .)1‬تعفى جمي ع الض رائب والرس وم‬ ‫‪284‬‬

‫الحكوم ات والمؤسس ات األجنبي ة ال تي تتعاق د معه ا وزارة الحربي ة بش أن توري د المع دات واآلالت الالزم ة ألغ راض‬
‫التسليح‪ ،‬وال تخضع وزارة الحربية في إبرام وتنفيذ هذه العقود لجميع القواعد والتعليمات المالية المنصوص عليها في‬
‫الق وانين والل وائح وتعفى ال وزارة فيم ا يتعل ق به ذه العق ود من تف تيش ورقاب ة ك ل من دي وان المحاس بة ووزارة المالي ة‬
‫واالقتصاد‪.‬‬
‫‪152‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫والرس وم والقواع د المالي ة والق وانين المعدل ة ل ه‪ ،‬وللس لطة المختص ة التف ويض في أي من‬

‫اختصاصاتها‪ ،‬وهذا االستثناء مرده طبيعة تعاقدات هذه الجهة وما تقوم عليه من اعتبارات‬

‫تتعل ق ب األمن الق ومي والمجه ود الح ربي‪ ،‬كم ا أج از المش ِّر ع في الفق رة الثاني ة عن الم ادة‬

‫ذاتها برئيس مجلس الوزراء في حالة الضرورة التصريح لجهة بعينها ولالعتبارات التي‬

‫يقدرها عن طبيعة عمل ونشاط تلك الجهة أن تتعاقد بطريق المناقصة المح دودة أو المحلي ة‬

‫أو الممارس ة المح دودة أو االتف اق المباش ر وبالش روط والقواع د ال تي يح ددها وبن اءا على‬

‫اعتب ارات يق درها ترتب ط بطبيع ة عم ل تل ك اللجن ة غ ير أن ذل ك متوق ف في الح التين على‬

‫ت وافر حال ة ض رورة حقيقي ة فعلي ة تس تند إلى الواق ع وغ ير مفتعل ة أو غ ير ناش ئة عن فع ل‬

‫اإلدارة‪ ،‬وإ ال كان ذلك تحايًال‪.285‬‬

‫‪.3‬حالة الضرورة القصوى‪.‬‬

‫أجازت الفقرة األخيرة من المادة (السابعة) من القانون الحالي لرئيس مجلس ال وزراء‬

‫في حالة الضرورة القصوى أن يأذن بالتعاقد بالطريق المباشر فيما يجاوز الحدود المقررة‬

‫للوزير المختص أو من له سلطاته أو المحافظ‪ ،‬إي فيما تجاوز قيمته مئة ألف جنيه بالنسبة‬

‫لشراء المنقوالت أو تلقى الخدمات أو الدراسات االستشارية أو ألعمال الفنية أو مقاوالت‬

‫النق ل‪ ،‬وثالثمئ ة أل ف جني ه بالنس بة لمق اوالت األعم ال‪ ،‬ونج د أن المش رع ق د منح ل رئيس‬

‫مجلس ال وزراء س لطة اإلذن ب اللجوء إلى االتف اق المباش ر‪ ،‬في ح االت الض رورة‬

‫‪ -‬د عليوه فتح الباب‪ .‬الموسوعة العلمية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.91‬‬ ‫‪285‬‬

‫‪153‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫والضرورة القصوى بدون حد أقصى‪ ،‬وقد تعرض هذا النص النتقادات شديدة عند مناقشة‬

‫مشروع القانون‪.286‬‬

‫أما من جانب الفقه فإن هذا الحكم يمنح لرئيس مجلس الوزراء الصالحية بالخروج‬

‫على أحكام القانون المتعلقة باختيار من تتعاقد معه اإلدارة‪ ،‬ويتنافى مع مبدأ تكافؤ الفرص‬

‫وحرية المنافسة والمساواة‪ ،287‬وهذا أمر يتنافى مع كون االتفاق المباشر طريق استثنائيا‬

‫للتعاق د‪ ،‬وال س يما أن اعتب ار الض رورة والض رورة القص وى عب ارات فضفاض ة‪ ،‬ومرج ع‬

‫تق ديرها يك ون ل رئيس مجلس ال وزراء‪ ،‬وليس من حس ن السياس ة التش ريعية في ال دول‬

‫الحديثة أن تضع السلطة التشريعية قواعد تسمح بالخروج الكامل عليها‪.288‬‬

‫وفي رأيي‪ ،‬أن رئيس مجلس ال وزراء بص فته على رأس الس لطة التنفيذي ة بالدول ة‬

‫تكون لدية الصالحية باستخدام سلطاته دون اإلضرار بالمصلحة العامة خاصة في األحوال‬

‫الطارئ ة ال تي ال تحتم ل الت أخير ونظ را لخط ورة أس لوب االتف اق المباش ر كاس تثناء على‬

‫قاع دة المناقص ة العام ة‪ ،‬فإن ه يجب أن يق در بق در ل ذلك وجب التقي د بالح االت الم بررة‬

‫إلص داره‪ ،‬فإن ه لم يكن هن اك م برر ق وي إلص دار األم ر المباش ر أو ك ان الم برر واهي ًا‬

‫ضعيفًا وغير مقنع‪ ،‬فإنه البد من تحقيق مبدأ المساءلة العامة وتحميل المسؤولية للشخص‬

‫أو الجهة المعنية‪.‬‬

‫‪ -‬مض بطة مجلس الش عب – الجلس ة الثاني ة والثم انون في ‪ 1991-5-6‬م‪ .‬ص ‪ 15‬حيث رأى أخ ذ األعض اء أن‬ ‫‪286‬‬

‫السلطة الممنوحة لرئيس مجلس الوزراء هي مدخل من مداخل أوامر التكليف التي حرص رئيس مجلس الوزراء على‬
‫إلغائه والتي أضاعت على الدولة والبنوك ومشروعات المقاوالت عشرات المليارات‪.‬‬
‫‪ -‬د جابر جاد نصار‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.215‬‬ ‫‪287‬‬

‫‪ -‬د عليوة فتح الباب‪ ،‬الموسوعة العلمية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬ ‫‪288‬‬

‫‪154‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أما في المغرب فتبرم الصفقات العمومية باالتفاق المباشر إذا استطاعت اإلدارة أن‬
‫‪289‬‬
‫تلج أ بك ل حري ة إلى المق اول ال ذي ت رى في ه فائ دة وتتف اوض مع ه إلنج از األش غال‪،‬‬

‫ف اإلدارة ص احبة المش روع بإمكانه ا أن ت برم ص فقات عمومي ة بش كل مباش ر م ع المق اولين‬

‫ال ذين ت بين له ا كف اءاتهم في إنج از العم ل المطل وب بطريق ة مرض ية‪ ،‬ه ذا األس لوب في‬

‫التعاقد يسمى في المغرب بالمسطرة التفاوضية وهو أسلوب تعاقدي يمكن اإلدارة صاحبة‬

‫المشروع من أن تجري بكل حرية وبالطرق التي تراها مقيدة مع المرشح الذي يقع عليه‬

‫اختيارها‪ ،‬وذلك دون التقيد بالشكليات المسطرية المعقدة التي تتميز بها الطرق األخرى‪،‬‬

‫فقد جاء في حكم المحكمة اإلدارية بأكادير عدد ‪ -99-221‬بتاريخ ‪1999-10-4‬م بأن‬

‫عمليات البناء لفائدة شخص من أشخاص القانون العام في نطاق تعهد باالتفاق المباش ر هي‬

‫ص ورة من ص ور عق ود الص فقات تكتس ي بحكم طبيعته ا عق ود إداري ة‪ ،‬وق د تلج أ اإلدارة‬

‫رغم ه ذا في بعض األحي ان إلى إج راء ن وع من العلني ة والمنافس ة تطلب بواس طتها من‬

‫المقاوالت التقدم بعروضها حول األشغال المراد إنجازها‪ ،‬ولكنها ال تتقيد بأي إجراء شكلي‬

‫علي ه األم ر في الط رق األخ رى ألن الغ رض من اإلعالن والمنافس ة في ه ذه الحال ة ه و‬

‫الحص ول على إرش ادات لمعرف ة ش روط الص فقة والثمن المق ترح له ا ال ذي ينبغي له ا أن‬

‫تتعاقد على أساسه‪.‬‬

‫لق د ت والت الق وانين في المغ رب ال تي تنظم اب رام الص فقات العمومي ة وك ان آخره ا المرس وم الص ادر في ‪ 30‬م ارس‬ ‫‪289‬‬

‫‪ 2013‬الذي وضع المسطرة التعاقدية في المادة ‪76‬‬


‫‪155‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فطريقة الصفقة التفاوضية إذن كانت وال زالت طريقة قائمة بذاتها تشكل استثناء من‬

‫الطرق العادية إلبرام الصفقات‪ ،‬ال تلجأ إليها اإلدارة إال في حاالت خاصة حتى ال تتعسف‬

‫في استعمال سلطاتها‪ ،‬ويتم اللجوء إلى طريقة الصفقة التفاوضية في الحاالت اآلتية‪:290‬‬

‫‪.1‬حالة الضرورة التي يفرضها عدم توفر مجال المنافسة ‪:‬‬

‫فعن دما خش ي المش رع على اإلدارة أن ال تت وفر له ا مج ال إلج راء منافس ة بين‬

‫مق اولين ب الطرق األخ رى إلب رام ص فقة من الص فقات كحال ة ألش غال ال تي ال يس تطيع‬

‫إنجازها إال أصحاب براءة االختراع أو التي ال يمكن انجازها إال من طرف مقاول معين‬

‫نظرا لما تقتضيه الحاجات التقنية‪ ،‬لذلك سمح لها باالتفاق المباشر مع الشخص القادر على‬

‫إنجاز الشغل‪.‬‬

‫‪.2‬حالة الضرورة التي يفرضها االستعجال ‪:‬‬

‫فعن دما ال تس تطيع اإلدارة انتظ ار اإلج راءات الطويل ة ال تي يتطلبه ا تنظيم المنافس ة‬

‫باتباع الطرق العادية كإجراء إصالحات لتالشي مظاهر الهدم في منشأة آيلة للسقوط مثال‬

‫والقانون يوكد هنا على أن االستعجال يجب أن يكون من جراء ظروف غير منتظرة‪.‬‬

‫‪.3‬حالة السرية‪:‬‬

‫د عبد العالي سمير‪ ،‬الصفقات العمومية والتنمية ‪ ،‬مطبعة المعارف ‪ ،‬الرباط ‪ 2010 ،‬ص ‪149‬‬ ‫‪290‬‬

‫‪156‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ق د تقتض ي المص لحة العلي ا للبالد أن ه يتم انج از بعض األش غال خصوص ًا المتعلق ة‬

‫بالدفاع الوطني أو األمن العام بطريقة سرية‪ ،‬فالمشرع رخص هنا لإلدارة أن تتعاقد مع‬

‫المق اول ال ذي تق در بأن ه أألج در أن يق وم باألش غال على أحس ن وج ه ويحاف ظ على الس ر‬

‫المهني ال ذي تقتض يه المص لحة العلي ا‪ ،‬لكن المشرع قي د اإلدارة في ه ذا المج ال بالحصول‬

‫على إذن مسبق يصدر على الوزير األول بناء على تقرير خاص من الوزير أو المسئول‬

‫عن اإلدارة التي ترغب في إنجاز شغل بطريقة سرية‪.‬‬

‫الحاالت االستثنائية لالتفاق المباشر ‪:‬‬ ‫‪.4‬‬

‫وهي الح االت ال تي يج وز لإلدارة ع دم التقي د بش كليات المس طرة و يمكن إجماله ا في‬
‫‪291‬‬
‫اآلتي‪.‬‬

‫‪ -‬األعمال التي كانت موضوع مسطرة طلب العروض أو المباراة ولم يقدم بشأنها‬
‫عرض أو تم اقتراح عروض اعتبرتها اللجنة غير مقبولة‪.‬‬
‫‪ -‬األعم ال ال تي يتعين على ص احب المش روع أن يعه د بتنفي ذها حس ب الش روط‬
‫المقررة في دفاتر الشروط على إثر تقصير من صاحب الصفقة وذلك عندما ال تسمح حالة‬
‫االستعجال باللجوء إلى طلب العروض‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعمال اإلضافية التي يعهد بها إلى مقاول أو مورد أو خدماتي سبق أن أسندت‬
‫ص فقة إلي ه إذا ك ان من المفي د ب النظر ألج ل التنفي ذ أو حس ن س ير ه ذا التنفي ذ ع دم إدخ ال‬

‫د خالد عبداهلل كرفاش ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪133‬‬ ‫‪291‬‬

‫‪157‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫مقاول جديد وعندما يتبين أن هذه األعمال غير المتوقعة وقت إبرام هذه الصفقة الرئيسية‬
‫تعتبر تكملة لها وال تتجاوز نسبة ‪ %10‬من مبلغها‪.‬‬
‫‪ -‬ص فقات التع رف وهي حس ب المرس وم يمكن أن تك ون س ابقة على ص فقات‬
‫الدراس ات وال تي تمكن من تحدي د األه داف والنت ائج الم راد بلوغه ا والتقني ات األساس ية‬
‫ال واجب اس تعمالها والوس ائل البش رية والمادي ة المتعين اس تخدامها إلنج از الدراس ات‬
‫وعناصر الثمن ومختلف المراحل التي يمكن أن تتضمنها الدراسات‪.‬‬
‫‪-‬األشياء التي ال يمكن الحصول عليها إال من مقاول أو ممون واحد‪.‬‬
‫‪-‬األشغال أو الخدمات التي ال يمكن انجازها إال برسم البحث أو التجربة أو الدراسة‬
‫أو االتفاق‪.‬‬
‫‪ -‬األعمال التي ال يمكن انجازها نظرا لحاجات األمن بواسطة المناقصة أو الطرق‬
‫األخرى‪.‬‬
‫‪-‬األشياء أو المواد التي يستحسن شراؤها من أماكن إنتاجها نظرًا لطبيعتها الخاصة‬
‫أو لغاية االستعمال المعدة له‪.‬‬
‫‪ -‬عمليات استئجار السفن أو تأمين أعمال الشحن المترتبة عنها‪.‬‬
‫‪ -‬أشغال النقل المعهودة بها إلى إدارة السكك الحديدية وإ لى المكتب الوطني للنقل‪.‬‬
‫ونستنتج بع د البحث في أسلوب االتفاق المباشر في القانون الليبي والمقارن نجد أن‬
‫ثم ة اختالف بين ك ٍّل من ليبي ا ومص ر والمغ رب حيث أن الالئح ة اإلداري ة ال تي نظمت‬
‫أس لوب االتف اق المباش ر في ليبي ا ش ابها القص ور المتمث ل في ع دم إيض اح الح االت ال تي‬
‫يجوز لإلدارة اللجوء إلى هذا األسلوب للتعاقد كما هو الحال في مصر والمغرب كما سبق‬
‫وعرضنا كما أن هناك فارق في المصطلح المتداول لدى كل مشرع وكان جدير بالمش ِّر ع‬
‫الليبي أن يطلق على أسلوب االتفاق المباشر ما أطلق عليه في مصر وال يطلق على هذا‬
‫األس لوب " التكلي ف المباش ر " كم ا أن المش ِّر ع المغ ربي يطل ق علي ه مص طلح " المس طرة‬
‫التفاوضية " وبالتالي كان من األجدر توحيد المسمى وهو " االتفاق المباشر "‬
‫‪158‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كما يجب هنا أن نبين أوجه الشبه واالختالف بين الممارسة العامة واالتفاق المباش ر‪،‬‬
‫حيث يتمث ل وج ه الش به بينهم ا‪ ،‬أي كليهم ا ال يخض عان لمب دأ ألي ة اإلرس اء ويقوم ان على‬
‫مبدأ التفاوض مع مقدمي العروض للتوصل إلى أفضل عطاء شروطًا وسعرًا‪.‬‬
‫أما أوجه االختالف فتتمثل في اآلتي ‪:‬‬
‫‪.1‬تع د الممارس ة وس يلة أص لية وأساس ية للتعاق د تطل ق ب التوازي م ع المناقص ة في‬
‫حين أن االتفاق المباشر يعد وسيلة استثنائية للتعاقد‪.‬‬
‫‪.2‬الممارسة تقوم على التفاوض بعد استيفاء إجراءات العالنية وضمن مناخ واٍف‬

‫من المنافسة‪ ،‬في حين أن االتفاق المباشر ال يتم من خالل العالنية أو المنافسة‪ ،‬ألنه يحق‬
‫لإلدارة أن تلجأ إلى متعاقد معين بالذات والتفاوض معه للتوصل إلى أفضل األسعار‪.‬‬

‫خاتمة الفصل الثاني‬


‫بحثن ا في ه ذا الفص ل أس اليب إب رام الص فقات العمومي ة في ظ ل الق وانين المقارن ة‪،‬‬
‫س واء ك انت أص لية أم اس تثنائية‪ ،‬ض من أس اليب المناقص ة والمزاي دات بص ورها المختلف ة‬
‫واالتف اق المباش ر‪ ،‬كم ا رس م المش ِّر ع لك ل أس لوب منه ا ح دوده وبين حاالت ه واإلج راءات‬
‫ال تي يجب األخذ به ا من خالل ه‪ ،‬ولك ل من ه ذه الط رق مج ال إعمال ه فال يجوز أن يختل ط‬
‫بغ يره من الط رق األخ رى‪ ،‬وال تتقي د اإلدارة بحس ب األص ل بإتب اع أس لوب معين من‬
‫أس اليب التعاق د إال إذا أوجب الق انون اتب اع طري ق بعين ه في التعاق د‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة يجب‬

‫أن تلتزم به‪ ،‬وإ ال وقع تصرفها باطًال‬


‫والمناقصة هي تعبير عن أمر سلبي مفاده إرساء المناقصة على من يقدم أقل عطاء‬
‫من الناحي ة المالي ة‪ ،‬م ع االحتف اظ بمس ألة الج ودة الفني ة في الس لع والخ دمات المطل وب‬
‫تق ديمها‪ ،‬أم ا المزاي دات تحم ل مفهوم ًا إيجابي ًا مف اده أم مص لحة اإلدارة في بي ع أو إيج ار‬
‫أمالكها لمن يدفع أكثر‪ ،‬ولهذا الغرض يتسابق مقدمو العطاءات إلى عرض أكبر ألسعار‬
‫للفوز بالعقد مع اإلدارة‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وب رز من خالل الدراس ة اتج اه المش ِّر ع اللي بي ال ذي ج اء مختلف ًا عن التش ريعات‬
‫المقارن ة‪ ،‬فلم يجع ل من المزاي دة العام ة األص ل الع ام في أس اليب تعاق د اإلدارة‪ ،‬ولم ي أت‬
‫بنفس التحديد الذي نص عليه المش ِّر ع المصري‪ .‬هذا ما يخص المزايدة العامة‪ ،‬أما فيما‬
‫يتعلق بالمناقصات العامة فوجدنا أن المشرع الليبي ذكر أسلوب المناقصة العامة من ضمن‬
‫األساليب للتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬لغرض إنجاز أعمال ومشاريع خطط التنمية‪.‬‬
‫كم ا وج دنا االختالف جلي ًا بين كاًّل من ليبي ا ومص ر والمغ رب‪ ،‬حيث أن الالئح ة‬
‫اإلداري ة ال تي نظمت أس لوب االتف اق المباش ر في ليبي ا ش ابها القص ور المتمث ل في ع دم‬
‫إيض اح الح االت ال تي يج وز لإلدارة اللج وء إلى ه ذا األس لوب للتعاق د كم ا ه و الح ال في‬
‫مصر والمغرب ‪.‬‬
‫وأجابت الدراسة عن تساؤل مهم وهو هل يعتبر التعاقد المباشر قرارًا إداريًا ؟‪.‬‬
‫وتوص لت بع د ع رض العدي د من األحك ام القض ائية إلى أن ه ال خالف بين القض اء‬
‫اللي بي والمص ري والمغ ربي على اعتب ار العق ود ال تي ت برم بطري ق االتف اق المباش ر هي‬
‫عقود إدارية وليست قرارات إدارية‪.‬‬

‫كم ا أوض حت أن الممارس ة وس يلة أص لية وأساس ية للتعاق د تطل ق ب التوازي م ع‬


‫المناقص ة‪ ،‬في حين أن االتف اق المباش ر يع د وس يلة اس تثنائية للتعاق د و تق وم على التف اوض‬
‫بعد استيفاء إجراءات العالنية وضمن مناٍخ واٍف من المنافسة‪ ،‬في حين أن االتفاق المباشر‬
‫ال يتم من خالل العالني ة أو المنافس ة‪ ،‬ألن ه يح ق لإلدارة أن تلج أ إلى متعاق د معين بال ذات‬
‫والتفاوض معه للتوصل إلى أفضل األسعار‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪161‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫خاتمة القسم األول‬


‫إن األصل في كيفية إبرام الصفقات العمومية والتي يستند فيها القيد على حرية جهة‬
‫اإلدارة عن د تعاق دها يرج ع إلى أن المش ِّر ع ه و ال ذي يس تقل ببي ان طريق ة إب رام الص فقات‬
‫العمومية وإ نه من ذلك يسعى إلى إدراك هدفين مهمين هما‪.‬‬
‫األول‪ :‬تحقيق أكبر وفر مالي للخزينة العامة‪ ،‬وهذا يستلزم بداهة التزام جهة اإلدارة‬
‫اختيار المتعاقد الذي يقدم أفضل الشروط والضمانات المالية‪.‬‬
‫الث اني‪ :‬مراع اة المص لحة اإلداري ة ويتطلب تبع ًا ل ذلك تمكين جه ة اإلدارة من أن‬
‫تختار أكفأ المتقدمين ألداء الخدمة التي تحرص هي على تحقيقها‪.‬‬
‫ليس ه ذا فق ط‪ ،‬ب ل أوجب المش ِّر ع على اإلدارة م ع م ا ذك ر س ابقًا أن تل تزم ببعض‬
‫اإلج راءات الش كلية ال تي تس بق التعاق د‪ ،‬حيث يتعين على اإلدارة مراع اة ه ذه اإلج راءات‪،‬‬
‫والتي تتمثل في االعتماد المالي ودراسة الجدوى والحصول على تصريح بالتعاقد‪ ،‬لقد تم‬
‫عرض المبادئ الحاكمة لوسائل إبرام الصفقات العمومية والتي تخضع إليها المناقصة‬
‫العام ة والممارس ة العام ة في الفص ل األول من ه ذا القس م تع د كض مانات تكف ل دقته ا‬
‫وص حتها وس المتها‪ ،‬وتتمث ل ه ذه األحك ام في مب دأ العالني ة وتك افؤ الف رص والمس اواة‬
‫والش فافية وحري ة المنافس ة‪ ،‬ويض اف إلى ه ذه المب ادئ مب دأ آخ ر يع د ض روريًا تتكام ل ب ه‬
‫قيمتها وهو مبدأ سرية العطاءات‬
‫وي ترتب على تط بيق ه ذه المب ادئ نتيج ة قانوني ة هام ة وهي ان ه ال يج وز لإلدارة ان‬
‫تخل ق وس ائل قانوني ة تم يز به ا بين المتق دمين للمناقص ة‪ ،‬كم ا ال يج وز له ا منح امتي ازات‬
‫أووضع عقبات إمام بعض المتقدمين للمناقصة‪،‬‬
‫كم ا نتج عن دراس ة ه ذا القس م أن اإلعالن أح د القواع د األساس ية ال تي تق وم عليه ا‬
‫المناقص ة‪ ،‬وأن ه بمثاب ة الخ ط الرئيس ي المم يز له ا‪ ،‬وينتج عن ه العدي د من الفوائ د منه ا أنه‬

‫‪162‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫يمنح الفرص ة لمق دم العط اء ال وقت الك افي لل رد وان ه ي تيح لمق دم العط اء فرص ة طلب أي‬
‫إيضاحات بشأن المناقصة وتمديد فترة الرد عليها إذا اقتضى األمر ذلك‪.‬‬
‫كما بينت أن اإلعالن عن المناقصة أو المزايدة أو الممارسة ال يعدو أن يك ون مج رد‬
‫دع وة إلى التعاق د‪ ،‬ومن ثم فإن ه ال يمث ل إيجاب ًا تتق دم ب ه إلدارة إلى المتعاق د معه ا‪ ،‬كم ا‬
‫أوض حت القص ور الواض ح في الئح ة الص فقات العمومي ة بليبي ا في غي اب النص ال ذي‬
‫ينظم تع ديل كراس ة الش روط ولم ينص على ذل ك بنص ص ريح‪ ،‬وكي ف غفلت عن حماي ة‬
‫مب دأ المس اواة بين المتنافس ين‪ ،‬ال ذي يقض ي بح ق ك ل من يمل ك قانون ًا أن يتق دم إلى‬
‫المناقصات العامة‪ ،‬بحقه في االشتراك فيها على قدم المساواة مع باقي المتنافسين‪ ،‬وجاء‬
‫ه ذا الخ رق له ذا المب دأ في نص الم ادة ‪ 72‬ال ذي ُع َّد خروج ًا على مب دأ المس اواة بين‬
‫المتنافس ين عن دما منحت األولوي ة في قب ول العط اءات عن د تس اوي األس عار للعط اءات‬
‫المقدمة من الشركات والمنشآت والتشاركيات الوطنية‪ ،‬يليها في ذلك العطاءات المقدم ة من‬
‫الشركات المشتركة من الجانب الليبي ولم تنوه إلى الكفاءة المالية والفنية ‪.‬‬

‫وبينت أن اإلدارة المتعاق دة ال يج وز له ا اللج وء إلى أس لوب الممارس ة إذا ك انت ق د‬


‫بادرت باللجوء إلى أسلوب المناقصة وقامت بطرح األعمال المراد القيام بها في مناقصه‬
‫عام ة ثم ق امت بإلغ اء المناقص ة‪ ،‬إذ ال يج وز له ا بع د ذل ك أن تعه د باألعم ال إلى أح د‬
‫األشخاص ألن أسلوب المناقصة هو األصل لذا لجأت إليه اإلدارة فال يجوز لها أن تعود‬
‫وتلجأ إلى األسلوب االستثنائي في التعاقد وهو أسلوب الممارسة‪.‬‬
‫وبع د البحث في أس لوب االتف اق المباش ر في الق انون اللي بي والمق ارن نج د أن ثم ة‬
‫اختالف بين كٍّل من ليبيا ومصر والمغرب‪ ،‬حيث أن الالئحة اإلدارية التي نظمت أسلوب‬
‫االتف اق المباش ر في ليبي ا ش ابها القص ور المتمث ل في ع دم إيض اح الح االت ال تي يج وز‬
‫لإلدارة اللج وء إلى ه ذا األس لوب للتعاق د‪ ،‬كم ا ه و الح ال في مص ر والمغ رب وس بق أن‬
‫عرضنا وجود فارق في المصطلح المتداول لدى كل مش ِّر ع وكان جديرًا بالمش ِّر ع الليبي‬

‫‪163‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أن يطل ق على أس لوب االتف اق المباش ر م ا أطل ق علي ه في مص ر وال يطل ق على ه ذا‬
‫األس لوب " التكلي ف المباش ر " كم ا أن المش ِّر ع المغ ربي يطل ق علي ه مص طلح " المس طرة‬
‫التفاوض ية " وبالت الي ك ان من األج در توحي د المس مى وه و " االتف اق المباش ر‪ ،‬كم ا‬
‫أوض حت أوج ه االختالف بين الممارس ة العام ة والممارس ة المح دودة وبينت الدراس ة‬
‫الحاالت العاجلة التي يقصدها المشِّر ع في ليبيا والقانون المقارن والتي ال تحتمل إجراءات‬
‫المناقص ة أو الممارس ة والنت ائج ال تي ت ترتب عن الت أخير في التعاق د وم ا ق د تحدث ه من‬
‫أضرار بالمصلحة العامة ال يمكن تداركها‪ ،‬وعندها يكون التعاقد بطريق االتفاق المباشر‬
‫ه و األس لوب المناس ب إلى دف ع الض رر الن اجم عن الت أخير في التعاق د‪ ،‬وعرض ت أوج ه‬
‫الشبه واالختالف بين الممارسة العامة واالتفاق المباشر‬
‫كم ا بينت دراس ة ه ذا القس م أن الحرم ان من أهم مظ اهر الس لطة العام ة ال تي تتمت ع‬
‫اإلدارة به ا في مرحل ة تك وين العق د‪ ،‬إذ تمتل ك اإلدارة س لطات اس تثنائية تتع ارض م ع‬
‫المبادئ األساسية في القانون الخاص‪ ،‬وما ينتج عن هذا الحرمان من عدم قبول العطاءات‬
‫ال تي يتق دم به ا الش خص المح روم‪ ،‬ح تى ل و ك انت ه ذه العط اءات مس توفية الش روط ال تي‬
‫تطَّلبتها اإلدارة ‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫القسم الثاني‬

‫االلتزامات والحقوق الناشئة عن الصفقات العمومية‬

‫‪165‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫يلتزم المتعاقد مع اإلدارة ككل طرف في عقد ما‪ ،‬بأن يوفي بالتزاماته التعاقدية ووفق ا‬
‫لش روط العق د وحس ب القواع د العام ة المق ررة في ه ذا الص دد وال يك اد يختل ف‪ ،‬موق ف‬
‫المتعاق د في الص فقات العمومي ة من ه ذه الناحي ة عن موق ف غ يره من س ائر المتعاق دين‪،‬‬
‫اللهم إال فيم ا يتعل ق بم دى ت أثير ت أخره في التنفي ذ على المرف ق الع ام‪ ،‬مم ا س نرى أث ره‬
‫بالتفص يل عن د دراس ة الج زاءات ال تي يمكن توقيعه ا على المتعاق د المت أخر أو المقص ر في‬
‫تنفي ذ التزامات ه التعاقدي ة‪ ،‬والتزام ات المتعاق دين تختل ف في ص ورها وأوض اعها ب اختالف‬
‫عقودهم مع اإلدارة‪.‬‬
‫كم ا تتمت ع اإلدارة‪ -‬كط رف في العق د اإلداري‪ -‬بس لطات ال مقاب ل له ا في الق انون‬
‫الخاص‪ ،‬و مناط هذه السلطات التي ال يمكن أن يتمتع بها األفراد مقتضيات سير المرافق‬
‫العام ة‪ ،‬وتحقي ق الص الح الع ام ويمكن رد س لطات اإلدارة في ه ذا الخص وص إلى مظ اهر‬
‫أربعة هي‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬حقها في الرقابة على المتعاقد أثناء تنفيذ العقد‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬حقها في تعديل التزامات المتعاقد بالنقص أو الزيادة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬حقها في توقيع جزاءات منوعة على المتعاقد إذا أخل بالتزاماته‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬حقها في أنها العقد دون خطأ من جانب المتعاقد‪.‬‬
‫وي ترتب على ذل ك أن لإلدارة س لطة اإلش راف والتوجي ه على تنفي ذ الص فقات‬
‫العمومية‪ ،‬ولها‪ .‬دائمًا حق تغيير شروط العقد وإ ضافة شروط جديدة بما قد تراه أكثر اتفاقا‬
‫م ع الص الح الع ام‪ ،‬دون أن يحتج الط رف األخ ر بقاع دة أن العق د ش ريعة المتعاق دين‪ ،‬كم ا‬
‫يترتب عليها كذلك أن لإلدارة سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن هذا هو ما يقتضيه الصالح‬
‫الع ام‪ ،‬وال يك ون للط رف اآلخ ر إال الح ق في التع ويض أن ك ان ل ه ح ق‪ ،‬وذل ك كل ه على‬

‫‪166‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫خالف األصل في العقود المدنية‪ ،‬ولم تبق هذه المبادئ نظرية بل طبقتها اإلدارة‪ ،‬وطرحت‬
‫على القض اء اإلداري ح االت عدي دة وأعم ل فيه ا المب ادئ الس ابقة وإ ذا ك انت الص فقات‬
‫العمومية نادرًا ما تخلو من مظاهر سلطات اإلدارة السابقة وكانت القوانين واللوائح تنص‬
‫على تل ك المظ اهر باس تمرار‪ ،‬ف إن المس لم ب ه أن طبيع ة العق د اإلداري‪ ،‬واتص اله بالص الح‬
‫العام يجعل من تلك المظاهر حقًا أصياًل لإلدارة تتمتع به دون حاجة إلى النص على ذلك‬
‫في العقد ويترتب على هذه القاعدة األصلية نتائج بالغة الخطورة والتي تتمثل في أن عدم‬
‫النص على أي مظه ر من تل ك المظ اهر ال يع ني أن اإلدارة ال تس تطيع أن تم ارس تل ك‬
‫الحق وق‪ ،‬ألن مرج ع ح ق اإلدارة في ذل ك ه و طبيع ة العق د‪ ،‬ف إذا ك ان العق د إداري ًا ك ان‬
‫لإلدارة أن تمارس من الحقوق السابقة بقدر ما تدعو إليه الحاجة‪ ،‬كما أن العقد المبرم بين‬
‫اإلدارة و األفراد إذا تضمن بعض مظاهر تلك السلطات دون بعضها اآلخر‪ ،‬فإن لإلدارة‬
‫الحق في أن تستعمل السلطات المنصوص عليها‪ ،‬كما يقابل كل ما سبق من سلطات هناك‬
‫حقوق للمتعاقد في مواجهة اإلدارة تقوم على أساسين ؛هما أن المتعاقد إنما يستمد حقوقه‬
‫والتزامات ه من العق د اإلداري‪ ،‬وأن ه إنس ان يس عى إلى ال ربح وبالت الي ف إن أوفى المتعاق د‬
‫بالتزامات ه فل ه الح ق في اقتض اء المقاب ل الم الي للعق د‪ ،‬وض مان توازن ه الم الي أص نافه إلى‬
‫حقه في الحصول على تعويض أن كان لذلك موجب ًا‪ ،‬وإ ن فرض هذه الحقوق ومراعاتها‪،‬‬
‫والح رص عليه ا مف اده ع دم ع زوف األف راد للتعاق د م ع اإلدارة ألن ه إذا ح دث ذل ك ف إن‬
‫اإلدارة تفق د أنجح الوس ائل في تس يير المراف ق العام ة ولك ل م ا س بق س وف نبحث في ه ذا‬
‫القس م بفص لين الفص ل األول امتي ازات اإلدارة أثن اء تنفي ذ العق د اإلداري والفص ل الث اني‬
‫حقوق المتعاقد في مواجهة اإلدارة‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفصل األول‬
‫امتيازات اإلدارة أثناء تنفيذ العقد اإلداري‬
‫إن اإلدارة العام ة تتمت ع بجمل ة من االمتي ازات أثن اء تنفي ذ العق د اإلداري تختل ف على‬
‫تلك التي يتمتع بها الطرف اآلخر من العقد ومرد ذلك كونها الطرف األقرب إلى المصلحة‬
‫العامة والساعية إلى تحقق النفع العام وتوفير خدمات للمواطنين والحريصة على المصلحة‬
‫العام ة دائم ًا‪ ،‬وه ذه الس لطة ال تتع دى المظ اهر األربع ة المتف ق عليه ا في ك ل التش ريعات‬
‫الحديثة من سلطة التعديل والرقابة والتوجيه وسلطة توقيع الجزاءات إذا ما أخل المتعاقد‬
‫معه ا بالتزامات ه‪ ،‬وس لطة أنه ا العق د إذا دعت المص لحة العام ة ذل ك‪ ،‬وي ترتب على ذل ك أن‬
‫لإلدارة س لطة اإلش راف والتوجي ه على تنفي ذ الص فقات العمومي ة‪ ،‬وله ا دائم ا ح ق تع ديل‬

‫وتغي ير ش روط العق د وإ ض افة ش روط جدي دة بم ا ق د ي تراءى له ا أن ه أك ثر مالئم ة واتفاق ًا‬
‫للوص ول إلى الص الح الع ام دون أن يك ون للط رف اآلخ ر ح ق في االحتج اج بقاع دة العق د‬
‫ش ريعة المتعاق دين‪ ،‬كم ا أن اإلدارة ال تس تطيع أن تتف ق في العق د ال ذي تبرم ه بينه ا وبين‬
‫األف راد على التن ازل عن اس تعمال ه ذه الحق وق والس لطات بعض ها أو كله ا وال ح تى على‬
‫تقييد حقها في استعمال تلك السلطات‪ ،‬ألن هذه السلطات تتعلق باختصاصات اإلدارة التي‬
‫ال يمكن أن تك ون مح ل تعاق د أو تص الح بينه ا وبين األف راد‪ ،‬وك ل اتف اق مح ل تعاق د أو‬
‫تصالح بينها وبين األفراد‪ ،‬وكل اتفاق يتم خالف ذلك فهو باطل ال يعتد به‪ .‬وأن كل ذلك‬
‫مس تقر في قض اء ك ِّل من ليبي ا وق وانين ال دول الحديث ة وس وف نتن اول في ه ذا الفص ل من‬
‫الدراسة مبحثين المبحث األول‪ :‬سلطات اإلدارة في الرقابة وتعديل العقد والمبحث الثاني‪:‬‬
‫حق اإلدارة في توقيع الجزاءات على المتعاقد‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المبحث األول‬
‫سلطة الرقابة وتعديل العقد اإلداري‬
‫تتمتع اإلدارة بحق الرقابة واإلشراف على تنفيذ العقد‪ ،‬و تملك سلطة توجيه المتعاقد‬

‫إلى تنفيذ العقد بالطريق األسلم واألصلح‪ ،‬بإصدار األوامر والتعليمات الالزمة‪ ،‬وغالب ًا‬
‫ما تشترط اإلدارة ضمن نصوص عقودها اإلدارية أو في وفاتر الشروط العامة والخاصة‬
‫التي تحيل عليها حقها في إصدار القرارات التنفيذية التي تخضع تنفيذ لتوجيهها وتراقب‬
‫المتعاقد في تنفيذ التزاماته‪.‬‬
‫كما أن الطبيعة الخاصة للعقود اإلدارية التي تنادي إلى عدم مس اواة المتعاقدين لكون‬
‫الف رد يس عى لتحقي ق مص لحة الخاص ة بينم ا تس عى اإلدارة لتحقي ق المص لحة العام ة مم ا‬
‫يقتضي ترجيح كفة اإلدارة في مواجهة المتعاقد معها ومن مستلزمات ذلك أال تتقيد اإلدارة‬
‫بقاع دة العق د ش ريعة المتعاق دين‪ ،‬وأن تتمكن من تع ديل عقوده ا لتتمكن من تلبي ة التغي ير‬
‫المس تمر في المراف ق ال تي ت ديرها‪ ،‬كم ا ي ترتب على إدخ ال رقاب ة اإلدارة على تنفي ذ‬
‫الصفقات العمومية ضمن النظام العام نتيجة هامة تتمثل في بطالن كل نص يرد في العقد‬
‫اإلداري ينص على اس تبعادها‪ ،‬حيث يق ع ه ذا النص ب اطًال بطالن ًا مطلق ًا‪ ،‬كم ا تمل ك‬
‫اإلدارة حق تعديل ما تقوم به مع الغير من عقود إدارية‪ ،‬مستندة في ذلك على حقها في‬
‫الحفاظ على الصالح العام‪ ،‬أو على بنود العقد ذاته الذي قد ينص فيه على إعطاء اإلدارة‬
‫المتعاق دة ه ذا الح ق وس وف نبحث في ه ذا المبحث في مطل بين المطلب األول‪ .‬س لطة‬
‫الرقابة والتوجيه والمطلب الثاني سلطة تعديل العقد‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب األول‬
‫سلطة الرقابة والتوجيه‬
‫ف اإلدارة عن دما تتعاق د م ع األش خاص ال تتخلى عن مس ؤوليتها للمتعاق د معه ا إنم ا‬
‫تع اون المتعاق د في تس يير المرف ق تحت أش رافها ورقابته ا ويك ون لزام ًا عليه ا الرقاب ة‬
‫والتوجيه أثناء عمل تنفيذ العقد‪ ،‬ولهذا السلطة نظيرها في عقود القانون الخاص‪ ،‬أما في‬
‫الصفقات العمومية فإن اإلدارة تملك سلطات أوسع تتعدى الرقابة إلى توجيه المتعاقد إلى‬
‫كيفية التنفيذ والتدخل باختيار الطريقة المناسبة للتنفيذ‪ ،‬وحق الرقابة والتوجيه يختلف في‬
‫م داه من عق د إداري إلى آخ ر‪ ،‬فهي مح دودة في عق د التوري د وأك ثر اتس اعًا في عق ود‬
‫األش غال العام ة إذ أن اإلدارة غالب ًا م ا تم ارس ه ذه الس لطة عن طري ق إرس ال مهندس يها‬
‫لزي ارة موق ع العم ل والتأك د من س ير العم ل وس وف نحص ر ه ذا المطلب في عرض ه في‬
‫ف رعين ‪:‬األول؛ التعري ف بس لطة الرقاب ة والتوجي ه‪ ،‬أم ا الث اني؛ فع رض س لطة الرقاب ة‬
‫والتوجيه في القانون الليبي والمقارن‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف بسلطة الرقابة والتوجيه‪.‬‬
‫تتمتع اإلدارة بحق الرقابة والتوجيه في تنفيذ العقد اإلداري ولها حق إصدار األوامر‬
‫والتعليمات األزمة لهذا التنفيذ‪ ،‬وغالبا ما تشترط اإلدارة ضمن نصوص عقودها اإلدارية‬
‫أو في دفاتر الشروط العامة والخاصة التي تحيل عليها حقها في إصدار الق رارات التنفيذية‬
‫التي تخضع التنفيذ لتوجيهها وتراقب المتعاقد في تنفيذ التزاماته‪.‬‬
‫ويقصد بهذه السلطة‪ ،‬الوسائل القانونية التي تمتلكها اإلدارة‪ ،‬في مرحلة تنفيذ العقد‪،‬‬
‫وال تي من ش أنها أن تجع ل ذل ك العق د محقق ًا للغ رض ال ذي أب رم من أجل ه ف اإلدارة حينم ا‬
‫تتعاق د م ع أح د األف راد ال تتن ازل ل ه عن حق وق وامتي ازات الس لطة العام ة ال تي تتمت ع به ا‬
‫كوظائف تمارسها في إطار القانون العام‪.292‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمود خلف الجبوري‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.109‬‬ ‫‪292‬‬

‫‪170‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وتبرير تلك الخاصية األساسية للعقود اإلدارية هو اتصالها بالمرافق العامة وقيامها‬
‫على احتياجاته ا بم ا يكف ل أدائه ا لوظائفه ا وتغليب المص لحة العام ة‪ ،‬وبم ا يخ ول اإلدارة‬
‫س لطة اإلش راف والتوجي ه والرقاب ة في تنفي ذ العق د اإلداري‪ ،‬فالرقاب ة في ه ذا المج ال له ا‬
‫معنيان‪:‬‬
‫األول ‪ :‬معنى ضيق يتناول سلطة اإلشراف على تنفيذ العقد أو بمعنى أكثر إيضاحا‬
‫ح ق اإلدارة في مراقب ة التنفي ذ‪ ،‬والتأك د من أن يتم وفق ا لم ا تض منه العق د من ش روط وتتم‬
‫الرقاب ة في ص ور أعم ال مادي ة أحيان ًا‪ ،‬مث ال دخ ول أم اكن اس تغالل المرف ق والمخ ازن‬
‫وال ورش والمص الح أو ص دور أعم ال قانوني ة كإص دار تعليم ات أو أوام ر تنفيذي ة توجهه ا‬
‫‪293‬‬
‫اإلدارة إلى المتعاقد معها‪.‬‬
‫الث اني ‪ :‬المع نى الواس ع ويقص د ب ه س لطة التوجي ه أو بمع نى ح ق اإلدارة في توجي ه‬
‫أعمال التنفيذ واختيار أنسب الطرق التي تؤدي إليه‪ ،‬فاإلدارة في هذا ال تقتصر على التأك د‬
‫من تنفي ذ العق د بم ا يتف ق والش روط ال واردة ب ه كم ا ه و الش أن في س لطة اإلش راف‪ ،‬ب ل‬
‫تتدخل في توجيه أعمال التنفيذ باختيار أنسب الطرق وأصلح األوضاع التي تراها مناسبة‬
‫لحسن سير المرفق العام على أن مدى هذه السلطة تختلف باختالف العقود‪ ،‬فاألصل العام‬
‫ولكن ه يك ون ملتزم ًا في بعض العق ود‬ ‫‪294‬‬
‫أن المتعاق د ل ه حري ة اختي ار وس ائل التنفي ذ‪،‬‬
‫بالخض وع لتعليم ات رج ال اإلدارة وخاص ة فيم ا يتعل ق بعق د األش غال العام ة حيث تحتف ظ‬
‫اإلدارة بسلطتها بصفتها صاحبة الحق األصيل في أداء العمل‪ ،‬وأن المتعاقد نائب عنها في‬
‫ه ذا‪ ،‬وله ذا يتعين اتب اع تعليماته ا‪ .295‬وأن اإلدارة تبقى ح رة في الت دخل في ال وقت ال ذي‬
‫ت راه مناس بًا‪ ،‬فال أح د يرغمه ا على الت دخل في وقت معين إذا م ا ق ررت ع دم الت دخل‪،‬‬
‫فاإلدارة منحت سلطة رقابية على تنفيذ العقد اإلداري‪ ،‬هذه الرقابة التي تتخ ذ وجهين األول‬

‫د‪ .‬سالمة الهادي الغرياني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪135‬‬ ‫‪293‬‬

‫د المرجع السابق ‪،‬ص ‪135‬‬ ‫‪294‬‬

‫‪ -‬د ‪ ،‬أحمد بهاء ‪ ،‬مظاهر السلطة العامة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2009 ،‬ص ‪.287‬‬ ‫‪295‬‬

‫‪171‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫يتعل ق بمهم ة اإلش راف على تنفي ذ العق د بحيث تتأك د من كون ه يتم وف ق م ا يتض منه العق د‬
‫وش روطه والوج ه اآلخ ر يهم س لطة التوجي ه بمع نى ح ق اإلدارة في توجي ه أعم ال التنفي ذ‬
‫واختيار أنسب الطرق المؤدية إليه‪.‬‬

‫كما تعتبر سلطة الرقابة في إطار تنفيذ العقد اإلداري من أهم اآلثار التي ت ترتب على‬
‫اتصال العقد بنشاط المرفق العام‪ ،‬وهذه الرقابة هي عبارة عن نشاط تقوم به اإلدارة أثناء‬
‫عملي ة تنفي ذ العق د‪ ،‬مرتك زة في ذل ك‪ ،‬على توق ع ح دوث األخط اء ومحاول ة منه ا في أيج اد‬
‫المخ رج لتجنبه ا والتغلب عليه ا عن طري ق قي اس النت ائج المحقق ة ومقارنته ا بالمع ايير‬
‫الموضوعية‪.296‬‬
‫وتبقى س لطة المراقب ة بمثاب ة امتي از تتمت ع ب ه اإلدارة بالنس بة لجمي ع الص فقات‬
‫العمومي ة س واء تم ذكره ا في العق د أو تم التنص يص عليه ا تش ريعيًا وتنظيمي ًا وهن ا‬
‫تتصرف اإلدارة مثلها مثل صاحب المشروع‪.297‬‬
‫وه ذه الرقاب ة ال تس تمدها اإلدارة من س لطتها في الرقاب ة المدرج ة ض من بن ود العق د‬
‫فحسب وإ نما من فكرة المرفق العام‪ ،‬الذي إبرام العقد من أجله‪ ،‬فإذا كانت اإلدارة غير‬
‫ق ادرة على أن ت وفر بنفس ها الم واد والحاج ات ال تي يقتض يها س ير المرف ق وعه دت به ذه‬
‫األمور إلى األفراد فإن ذلك ال ينفي مسؤوليتها عن إدارة المرفق العام بانتظام وباضطراد‬
‫مما يتطلب منها رقابة النشاط الخاص القائم على تنفيذ العقد‪.298‬‬

‫‪ -‬د ‪ ،‬محمد األعرج‪ -‬القانون اإلداري المغربي‪ -‬الجزء األول‪ .‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلي ة والتنمي ة "‬ ‫‪296‬‬

‫مواضيع الساعة عدد " ‪ 61‬سنة ‪،2009‬ص‪57‬‬


‫‪ -‬د م والي إدريس الحالبي ‪ ،‬العق ود اإلداري ة‪ ،‬الطبع ة األولى ‪ ،‬أكت وبر ‪ ، 2000‬مطبع ة دار الس الم‪ ،‬الرب اط ‪،‬ص‬ ‫‪297‬‬

‫‪.154‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬محم د األع رج‪ ،‬نظ ام العق ود اإلداري ة والص فقات العمومي ة وف ق ق رارات وأحك ام القض اء اإلداري المغ ربي‪-‬‬ ‫‪298‬‬

‫منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية – عدد ‪ 73‬الطبعة الثانية ‪، 2007‬ص‬
‫‪112‬‬
‫‪172‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وك ل ذل ك يج د أساس ه في المص لحة العام ة ال تي تس عى له ا اإلدارة‪ ،‬وال تي ينبغي‬


‫تقديمها على المصلحة الخاصة هذا وتبقى هذه السلطة الرقابية المخولة لإلدارة غير مطلقة‬
‫بل لها قيود تصب في حماية المتعاقد معها فعلى اإلدارة التقيد بمبدأ المشروعية‪ ،‬كما يجب‬
‫أن تس عى إلى تحقي ق ه دف يص ب لص الح المرف ق الع ام موض وع التعاق د ك الوقوف عن د‬
‫الرقابة بمعناها المزدوج المتمثل في اإلشراف والتوجيه دون تجاوزها نحو تعديل شروط‬
‫العقد الذي يفضى إلى استحقاق المتعاقد للتعويض المالي من جراء ذلك‪.299‬‬
‫وال تكتفي اإلدارة بمراقبة تنفيذ االلتزامات المنصوص عليها في العقد بل تتدخل في‬
‫اختيار طرق التنفيذ ولو كان غير متفق عليها وهو ما يصطلح عليه سلطة التوجيه‪ ،‬هذا‬
‫التوجي ه ال ذي يك ون الغ رض من ه الس هر على تنفي ذ العق د على أحس ن وج ه فه ذا التوجي ه‬
‫للمتعاقد مع اإلدارة يجعل هذا األخير مجرد مشارك أو مساهم ينفذ ما يتلقاه مع تعليمات‪،‬‬
‫غ ير أن ه ال ينبغي أن يك ون ت دخل اإلدارة تعس فًا وبالش كل ال ذي ي نزع من المق اول ص فة‬
‫رئيس الورش ومديره ورئيس للمستخدمين فيه األمر الذي يغير من طبيعة العقد‪.‬‬
‫ورغم أن س لطة اإلدارة في الرقاب ة كمب دأ ع ام يع ني ع دم ج واز االتف اق على مخالفة‬
‫ه ذا المب دأ حيث ال يج وز لإلدارة التن ازل عن س لطتها في ذل ك ألنه ا من النظ ام الع ام كم ا‬
‫سبق اإلشارة إال أن هذه السلطة قد تحدها اعتبارات تتمثل في‪:‬‬
‫‪ .1‬وجوب توفير ضمانات للمتعاقد معها ضد تعسفها أو انحرافها في استعمال‬
‫السلطة بغية تحقيق أغراض غير متعلقة بالمصلحة العامة‪.300‬‬
‫‪ .2‬ال يج وز لإلدارة أن ت ؤدي س لطتها في الرقاب ة إلى الت دخل في األعم ال‬
‫الداخلية للمرفق العام وإ ال انقلب أسلوب إدارة ذلك المرفق إلى استغالل مباشر‪.‬‬

‫‪ .‬د ‪،‬محمد عبد العال السناري‪ ،.‬مبادئ أحكام العقود اإلدارية‪ ،‬في مجال النظرية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.325‬‬ ‫‪299‬‬

‫‪ .‬د‪ .‬محمود خلف الجبوري‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.110.‬‬ ‫‪300‬‬

‫‪173‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع الثاني‪ :‬سلطة الرقابة والتوجيه في القانون الليبي والمقارن ‪.‬‬

‫اإلدارة عندما تتعاقد مع األشخاص ال تتخلى عن مسؤوليتها للمتعاقد معها إنما تعاون‬
‫المتعاق د في تس يير المرف ق تحت إش رافها ورقابته ا ويك ون لزام ًا عليه ا الرقاب ة والتوجي ه‬
‫أثناء عمل المتعاقد في تنفيذ العقد‪.‬‬
‫وله ذه الس لطة نظيره ا في عق ود الق انون الخ اص‪ ،‬أم ا في الص فقات العمومي ة ف إن‬
‫اإلدارة تمل ك س لطات أوس ع تتع دى الرقاب ة إلى توجي ه المتعاق د إلى كيفي ة التنفي ذ والت دخل‬
‫باختيار الطريقة المناسبة للتنفيذ‪.‬‬
‫وح ق اإلدارة في الرقاب ة والتوجي ه يختل ف في م داه من عق د إداري إلى آخ ر فه و‬
‫مح دود في عق د التوري د وأك ثر اتس اعًا في عق ود األش غال العام ة إذ أن اإلدارة غالب ا م ا‬
‫تمارس هذه السلطة عن طريق إرسال مهندسيها لزيارة موقع العمل والتأكد من سير العمل‬
‫وفقًا للمدى الزمني المحدد ووفقًا للمواصفات المذكورة في العقد وإ صداره لألوامر المناسبة‬
‫‪301‬‬
‫في هذا المجال شريطة أن تكون هذه التعليمات الزمة لتنفيذ العمل‪.‬‬
‫وفي ه ذا المج ال ذهبت المحكم ة العلي ا في ليبي ا في حكمه ا بت اريخ ‪ 1978.2.16‬م‬

‫إلى أنه وإ ن كانت المادتان ‪ 12.11‬من عقد حفر آبار‪ ،‬المبرم بين جهة اإلدارة والمقاول‬

‫تخوالن اإلدارة إصدار األوامر والتعليمات إلى المقاول ووجوب انصياعه إلى هذه األوامر‬

‫والتعليم ات‪ ،‬إال أن ه يش ترط ل ذلك أن تك ون ه ذه التعليم ات الزم ة لتنفي ذ العم ل على الوج ه‬

‫الص حيح‪ ،‬ف إن ت بين أن ه ذه التعليم ات تتض من‪ ،‬أم ورًا ال تتف ق م ع أص ول الفن ف إذا ك ان‬

‫ي بين أن المق اول " الط اعن " اع ترض على أج راء التجزئ ة على الب ئر قب ل تبطينه ا وأن ه‬

‫ح ذر المهن دس المش رف من خط ر ح دوث االنهي ار إذا م ا تمت التجزئ ة قب ل التبطين وأن‬

‫‪ .‬د ‪ .‬خالد عبداهلل كرفاش ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪188‬‬ ‫‪301‬‬

‫‪174‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫االنهيار حدث فعًال في البئرين ‪ 1‬و ‪ 2‬وعندما أجريت التجارب قبل التبطين وعندما كان‬

‫الط اعن يباش ر الحف ر في الب ئر الث الث‪ ،‬طلب إلي ه المهن دس المش رف إج راء التجزئ ة قب ل‬

‫التبطين فرفض القيام بها حتى ال يتكرر ما حدث في البئرين األولين‪ ،‬وإ ذا أصرت البلدية‬

‫على أن يقوم المقاول بتنفيذ تعليمات المهندس المشرف في هذا الشأن ورفضت أن تكون‬

‫ه ذه التعليم ات مكتوب ة‪ ،‬مم ا ح دى بالط اعن إلى االمتن اع عن تنفي ذ العم ل على ه ذا النح و‬

‫ح تى ال يح دث االنهي ار‪ ،‬وك ان الط اعن ق د تمس ك به ذا ال دفاع المتض من أن ه ذا األم ر‬

‫مخ الف ألص ول الفن‪ ،‬وك ان البي ان من تقري ر رئيس الهي دروليكا بكلي ة الهندس ة أن ه يل زم‬

‫وضع الشروط والمواصفات التفصيلية الصريحة إلجراء تجربة الضخ حتى يمكن تحديد‬

‫المس ؤوليات عن أي فش ل ق د يح دث أثن اء التنفي ذ وأنه ا تجرب ة حساس ة ودقيق ة يل زم عن د‬

‫إجرائها اتخاذ االحتياطات الالزمة حتى ال تحدث االنهيارات في البئر‪ ،‬وأن عقد المقاولة‬

‫قد خال من ذكر إجراء تجارب ضخ استكشافية وكان ما استند إليه الحكم المطعون فيه ال‬

‫يتضمن ردًا على هذا الدفاع الجوهري‪ ،‬كما بَّين أن الطاعن أشار إلى أن التجارب تمت‬

‫بغ ير تبطين وأن ه يش ير في خطاب ه األخ ير إلى ض رورة تبطين الب ئر قب ل إج راء تجرب ة‬

‫الض خ ح تى ال يح دث االنهي ار‪ ،‬وك ان الحكم المطع ون في ه وأن اس تند إلى ت راخي الط اعن‬

‫في التنفيذ إال أنه لم يتضمن ردًا سائغًا على ما أثاره الطاعن بشأن وجوب تبطين البئر قبل‬

‫‪175‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫إجراء تجربة الضخ‪ ،‬كما خالف الثابت في رسالتي الطاعن التي استند الحكم إلى إحداهما‬

‫فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه‪.302‬‬

‫ومن قبي ل رقاب ة اإلدارة وإ ش رافها على تنفي ذ عقوده ا ح ق اإلدارة في الت دخل في‬

‫عالقة المتعاقد بمستخدميه وعماله وتنظيم ساعات العمل وتحديد األجور الخاصة بهم‪.303‬‬

‫غ ير أن ه ذه الس لطة ليس ت مطلق ة إذ أن اإلدارة تل تزم بع دم التعس ف باس تخدامها‬

‫لتحقي ق أع راض خاص ة ال تتعل ق بالمص لحة العام ة‪ ،‬ومن ج انب آخ ر يجب أن ال ت ؤدي‬

‫الرقابة والتوجيه إلى حد تغيير طبيعة العقد‪.304‬‬

‫ومن الث ابت أن اإلدارة تتمت ع‪ ،‬به ذا الح ق س واء أك ان منصوص ًا علي ه ض من ش روط‬
‫العقد أم لم يكن منصوصًا عليه ولو أن العمل قد جرى على ذكره في دفتر الش روط العام ة‬
‫ومن ذل ك م ا نص ت علي ه الم ادة (‪ )125‬من الئح ة الص فقات العمومي ة الليبي ة ال تي ورد‬
‫فيها‪:‬‬
‫أ‪ .‬يجوز للجهة اإلدارية المتعاقدة ‪ -‬في أي وقت ‪ -‬تصحيح إي خطأ أو سهو يقع في‬
‫الرس ومات أو المواص فات أو البيان ات ال تي تق دمها ه ذه الجه ة‪ ،‬وليس للمق اول أن يط الب‬
‫بأي تعويض بسبب ذلك‪.‬‬
‫ب‪ .‬وعلى المقاول أن يتحرى بنفسه طبيعة األعمال والمقاسات والمقادير والكميات‪،‬‬
‫وأن يجرى كل ما يلزم لذلك من تحريات واختيارات وغيرها للتأكد من سالمة الرسومات‬
‫والتص ميمات والمق ادير والمواص فات والبيان ات ال تي اعتم دت وط رح على أساس ها‬

‫‪ -302‬حكم المحكم ة العلي ا في ‪ 1978-2-16‬طعن إداري ‪ -23-14‬م‪ -‬م – ع من ‪ 14‬ع ‪ 3‬ق أبري ل ‪ .1978‬ص‬
‫‪.74 -73‬‬
‫‪ -‬د ‪.‬ثروت بدوي‪ ،.‬مبادئ القانون اإلداري ‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬سنة ‪، 1971‬ص ‪.99‬‬ ‫‪303‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.449‬‬ ‫‪304‬‬

‫‪176‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المش روع‪ ،‬ف إذا ظه رت ل ه مالحظ ات يك ون من ش أنها_ في رأي ه_ أن تعرق ل س ير التنفي ذ‬


‫أوتك ون غ ير متفق ة م ع األص ول الفني ة أو االقتص ادية أو تح د من الفائ دة المرج وة من‬
‫المشروع وجب عليه أن يخطر بها الجهة اإلدارية المتعاقدة في الوقت المناسب‪.‬‬
‫ج‪ .‬فإذا كانت له مالحظات ولم يخطر بها الجهة المذكورة أو أخطرها واستمر في‬
‫التنفي ذ دون أن تص در إلي ه تعليماته ا باالس تمرار في ه‪ ،‬فيك ون مسئوًال عن الس ير في التنفي ذ‬
‫على أس اس المواص فات األص لية‪ ،‬كم ا أوجبت الالئح ة أن يق وم مش رف الجه ة اإلداري ة‬
‫المتعاق دة باالش تراك م ع المق اول أو من ين وب عن ه في نهاي ة ك ل ش هر بقي اس أو وزن‬
‫األعم ال ال تي تم تنفي ذها خالل الش هر‪ ،‬مطابق ة للش روط والمواص فات وتق دير قيم ة ه ذه‬
‫األعم ال طبق ًا للفئ ات ال واردة بج دول األس عار المرف ق بالعق د وتحري ر كش وف مؤقت ة به ذا‬
‫الشأن يوقعها مندوب كل من الطرفين‪ ،‬فإذا تخلف المقاول أو من ينوب عنه عن االشتراك‬
‫في عملية الحصر والتقدير بعد إخطاره بذلك فإنه يلتزم بالمقاسات واألوزان التي يجريها‬
‫مشرف الجهة اإلدارية المتعاقدة‪ ،‬وبالكشوف المؤقتة التي يحررها‪.305‬‬
‫وفي مصر وردت اإلشارة إلى هذا الحق‪ ،‬أو السلطة لإلدارة "سلطة الرقابة والتوجيه‬
‫" في الم ادة ‪ 33‬من الالئح ة الملغ اة وفي الم ادة ‪ 77‬من الالئح ة الجدي دة وال تي تنص على‬
‫أن المقاول " يكون مسئوًال عن حفظ النظام بموقع العمل‪ ،‬وتنفيذ أوامر جهة اإلدارة‪ ،‬بإبعاد‬
‫ك ل من يهم ل أو ب رفض تنفي ذ التعليم ات أو يح اول الغش أو يخ الف أحك ام ه ذه الش روط‪،‬‬
‫ويلتزم المقاول أيضا باتخاذ كل ما يكفل منع اإلصابات أو الحوادث أو الوفاة للعمال أو أي‬
‫شخص أخر أو اإلضرار بممتلكات الحكومة أو اإلفراد‪ ،‬وتعتبر مس ئوليته في ه ذه الحاالت‬
‫مباش رة دون ت دخل لجه ة اإلدارة‪ ،‬وفي حال ة إخالل ه بتل ك االلتزام ات يك ون لجه ة اإلدارة‬
‫الحق في تنفيذها على نفقته "‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ .132‬الئحة العقود اإلدارية الليبية سابقة الذكر‪.‬‬ ‫‪305‬‬

‫‪177‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كم ا أن الم ادة الس ابعة من الق انون رقم ‪ 129‬لس نة ‪ .1947‬الخ اص بنظ ام التزام ات‬
‫المرافق العامة و المعدلة بمقتضى القانون رقم ‪ 497‬لسنة ‪ 1954‬م القانون رقم ‪ 85‬لسنة‬
‫‪ 306 " 1958‬تنص على أنه " لمانح االلتزام أن يراقب إنشاء المرفق العام موضوع االلتزام‬
‫وس يره من الن واحي الفني ة واإلداري ة والمالي ة‪ ،‬ول ه في س بيل ذل ك تع يين من دوبين عن ه في‬
‫مختل ف الف روع واإلدارات ال تي ينش ؤها المل تزم الس تغالل المرف ق‪ ،‬ويختص ه ؤالء‬
‫المن دوبون بدراس ة تل ك الن واحي‪ ،‬وتق ديم تقري ر ب ذلك لم انح االل تزام‪ ،‬ويج وز بق رار من‬
‫رئيس الجمهوري ة بن اء على اق تراح ال وزير م انح االل تزام أو المش رف على الجه ة مانح ة‬
‫االلتزام‪ ،‬أن يعهد إلى ديوان المحاسبة بمراقبة إنشاء المرفق وسيره من الناحية المالية‪ ،‬أو‬
‫أن يعه د بالرقاب ة الفني ة واإلداري ة علي ه إلى أي ة هيئ ة عام ة أو خاص ة‪ ،‬كم ا يج وز لل وزير‬
‫المختص أن يق رر تش كيل لجن ة أو أك ثر من بين م وظفي وزارت ه أو غيره ا من ال وزارات‬
‫والهيئ ات العام ة لت ولي أم ر من أم ور الرقاب ة على التزام ات المراف ق العام ة‪ ،‬وفي ه ذه‬
‫الحالة يتولى ديوان المحاسبة أو الهيئة أو اللجنة المكلفة بالرقابة دراسة النواحي التي نيط‬
‫بها رقابتها‪ ،‬وتقديم تقرير بذلك إلى كل من الوزير المختص والجهة مانحة االلتزام‪.‬‬
‫" وعلى الملتزم أن يقدم إلى مندوبي الجهات التي تتولى الرقابة وفق ًا ألحكام السابقة‬
‫كل ما قد يطلبون من معلومات أو بيانات أو إحصاءات‪ ،‬كل ذلك دون اإلخالل بحق مانح‬
‫االل تزام في فحص الحس ابات أو التف تيش على إدارة المرف ق في أي وقت ولق د ك ان نص‬
‫الم ادة قب ل تعديل ه يقص ر الرقاب ة على الن واحي المالي ة فع دل النص إلى وض عه الجدي د‪،‬‬
‫وب رزت الم ذكرة اإليض احية للق انون رقم ‪ 497‬لس نة ‪ 1954‬ه ذا التع ديل يقوله ا " وبحكم‬
‫الوارد في المادة سالفة الذكر " ‪ 7‬قديما " وأن أبرز حق رقابة الملتزم من الناحية المالية‬
‫إال أن ه من المس لم أن ح ق الرقاب ة في أص له ليس قاص رًا " يقص د مقص ورًا " على الرقاب ة‬

‫المالي ة دون غيره ا‪ ،‬ب ل يمت د إلى الن احيتين الفني ة واإلداري ة‪ ،‬وح ق الرقاب ة يظ ل موج ودًا‬

‫‪ .‬المادة السابعة من القانون ‪129‬لسنة ‪ 1947‬المعدل بمقتضى القانون رقم ‪ 497‬لسنة ‪ 1954‬والقانون رقم ‪85‬لسنة‬ ‫‪306‬‬

‫‪1958‬‬
‫‪178‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫طالم ًا وج د المرف ق الع ام‪ ،‬وبعب ارة أخ رى أن الطبيع ة القانوني ة للمرف ق الع ام هي األس اس‬
‫القانوني لسلطة الدولة في الرقابة‪ ،‬ذلك أن المرفق العام ما هو إال هيئة أو مشروع يعمل‬
‫باطراد وانتظام لسد حاجيات الجمهور‪ ،‬ومن مقتضى مراقبة سير المرفق العام أن يكون‬
‫للدولة تعيين مندوبين في جميع إدارات وفروع المرفق العام‪ ،‬تكون مهمتهم دراسة كيفية‬
‫قيام الملتزم بإدارة المرفق وتقديم توصياتهم للدولة في هذا الشأن‪.307‬‬
‫وحينم ا ال يوج د نص ي بين م دى س لطة اإلدارة في الرقاب ة س واء في العق د أو في‬
‫القوانين واللوائح‪ -‬يثور البحث عن مدى أحقية اإلدارة في التدخل في أوضاع تنفيذ العقد‪،‬‬
‫أما عن الرقابة بمعناها الضيق الذي حددناه‪ ،‬فال شك حول حق اإلدارة في ممارستها على‬
‫النحو الذي أوضحناه‪ ،‬وأما عن الرقابة التي تتناول التدخل في اختيار أوضاع التنفيذ‪ ،‬فإن‬
‫األمر بشأنها‪ ،‬يختلف باختالف العقود‪ ،‬وفقًا لمدى صلة العقد بالمرفق العام‪ -‬وهو األساس‬
‫الذي تقوم عليه سلطات اإلدارة‪.308‬‬
‫وقد أكد القضاء اإلداري المصري في عدة أحكام له على وجود هذه السلطة مستقلة‬
‫عن العق د ودف اتر الش روط واعتباره ا من النظ ام الع ام‪ ،‬ومن ع اإلدارة من التن ازل عنه ا‪-‬‬
‫كما سبق وأن أشرنا‪ ، -‬فقد قررت محكمة القضاء اإلداري أن شروط العق د اإلداري " هي‬
‫مظهر اإلدارة ولها سلطة إلزام من قبل أن يكون خاضعا لقانونها "‪.‬‬

‫‪ -307‬كما أن المذكرة اإليضاحية للقانون رقم ‪ 185‬لسنة ‪ 1958‬م بتعديل ذات المادة وهي قد عدلت مرتين كما ذكرنا‪-‬‬
‫تقول " وحق الرقابة على الملتزم حق أساسي مرده إلى فكرة المرفق العام وما يقتضيه سيره وانتظامه‪ ،‬وهو حق ثابت‬
‫للجه ة مانح ة االل تزام‪ ،‬ول و لم ينص علي ه في العق د‪ ،‬ب ل يظ ل موج ودا طالم ا وج د المرف ق الع ام وق د تض من المش روع‬
‫المقترح بتعديل نص المادة ‪ 7‬من القانون رقم ‪ 129‬لسنة ‪ 1947‬بما يكفل تحقيق رقابة أدق وأوفى على الملتزم لكفالة‬
‫س ير المرف ق الع ام " واس تطردت الم ذكرة نق ول‪ .‬ولئن ك ان المش روع ق د تض من ص ورا متع ددة من الرقاب ة لكفال ة س ير‬
‫المراف ق العام ة وانتظامه ا‪ ،‬إال أن اختي ار إح دى ه ذه الوس ائل أو الجم ع بينه ا م رده إلى ال وزير المختص " أو الجه ة‬
‫المختصة‪ ،‬إذ يترخص في تقدير مالئمة كل منها الحتياجات المرفق وما يقتضيه نظام سيره بما يحقق المصلحة العامة‪،‬‬
‫فعلى ضوء احتياجات المرفق العام‪ ،‬يقرر الوزير اختيار ما يناسبها من وسائل الرقابة وما يتالءم معها من صورها فال‬
‫يجمع بين أكثر من صورة منها إال إذا قدر أنها أصلح لتأمين سير المرفق‪ ،‬وتغليب المصلحة العامة التي تبتغيها العقود‬
‫اإلدارية مشار إليه في كتاب الدكتور سليمان الطماوي ‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.435‬‬
‫‪ -‬د ‪ .‬أحمد عياد‪ ،‬مظاهر السلطة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.287‬‬ ‫‪308‬‬

‫‪179‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وأن هذا القانون وهو دستور الصفقات العمومية يعطي لجهة اإلدارة سلطة الرقابة‬
‫على تنفيذ العقد وسلطة توقيع الجزاءات على المتعاقد معها إذا أخل بالتزاماته‪.309‬‬
‫وفي فرنس ا أش ارت الم ذكرة اإليض احية للق انون الص ادر في ‪ 13‬ديس مبر ‪1903‬‬
‫الخاص بالتزامات السكك الحديدية ومجاري المياه إلى أن الحكومة وهي شخص عام تملك‬
‫كل سلطات التدخل بالرقابة والتوجيه التي لم يقررها لها قانون أو الئحة مستقلة لها قوة‬
‫الق انون‪ ،‬وي رى الفقه اء الفرنس يون أن ه ذه القاع دة ال تي تق وم بالتأكي د بالنس بة لعق د ال تزام‬
‫المرفق العام تمتد ‪ -‬بوحدة األسباب ‪ -‬إلى كل الصفقات العمومية ‪.310‬‬
‫ونجد مظاهر هذه الرقابة اإلدارية في القانون المغربي في عقود األشغال العمومية‪،‬‬
‫تش مل المس تخدمين ومك ان العم ل والعت اد‪ ،‬ف اإلدارة تعل ق أس ماء العم ال وع ددهم وص فتهم‬
‫وجنسيتهم وص فة تعاق دهم والهدف هو معرفة م دى اإلمكاني ات البشرية ال تي تتوفر عليها‬
‫المقاول ة إلنج از األش غال بحجمه ا المطل وب وفي وقته ا المح دد ل ذلك فهي تس تطيع مطالب ة‬
‫المقاول بزيادة عدد العمال وكذلك استبدال بعضهم إذا دعت الضرورة‪ .311‬فالمفروض في‬
‫هؤالء العمال أن يكونوا على درجة من الكفاءة والخبرة تؤهلهم لمساعدة المقاول على سير‬
‫األشغال وإ نجازها وهذا ما تضمنه المرسوم المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة‪.312‬‬

‫ونخلص مما سبق أنه مهما كانت سلطة اإلدارة في رقابة التنفيذ وتوجيهه فإنها يجب‬
‫أن تق ف عن د ح د ع دم تغي ير طبيع ة العق د وال تتج اوز ح دود المش روعية‪ ،‬وهي بص دد‬
‫ممارسة س لطة الرقابة كم ا ال يجوز له ا أن ت رمي إلى تحقيق ه دف ال يمت للمرفق الع ام‬
‫موضوع التعاقد بصلة وال يكون من شأن تلك الرقابة مخالفة موضوع العقد أو تعديله‪.‬‬

‫‪ -‬د‪،‬عبد الحميد حشيش‪ ،‬التطور الحديث للمبادئ العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬السنة الرابعة‪ ،‬العدد‬ ‫‪309‬‬

‫الثاني‪ ،‬ديسمبر ‪1962‬ص ‪.137‬‬


‫‪ -‬د أحمد عياد‪ ،‬مظاهر السلطة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.290‬‬ ‫‪310‬‬

‫‪ -‬د‪.‬عبد اهلل حداد‪ ،‬صفقات األشغال العمومية ودورها في التنمية‪ .‬دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬سنة‪1994‬‬ ‫‪311‬‬

‫ص‪124‬‬
‫‪ -‬المرسوم المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة مصدر في الجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 2000-6-1‬عدد ‪.4800‬‬ ‫‪312‬‬

‫‪180‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪181‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب الثاني‬
‫سلطة تعديل العقد اإلداري‬
‫من المب ادئ الرئيس ية ال تي تق وم عليه ا عق ود الق انون الخ اص قاع دة " العق د ش ريعة‬
‫المتعاق دين " ومض مونها أن ه ال يج وز ألي من المتعاق دين التحل ل من التزامات ه بص ورة‬
‫منفردة وال يجوز ألي من المتعاقدين تعديل العقد أو نقصه إال باالتفاق مع المتعاقد اآلخر‪.‬‬
‫لكن الطبيع ة الخاص ة للعق ود اإلداري ة وع دم مس اواة المتعاق دين لك ون الف رد يس عى‬
‫لتحقيق مصلحته الخاصة بينما تسعى اإلدارة لتحيق المصلحة العامة مما تقتضي ترجيح‬
‫كفة اإلدارة في مواجهة المتعاقد معها‪ ،‬ومن مستلزمات ذلك إال تتقيد اإلدارة بقاعدة " العقد‬
‫ش ريعة المتعاق دين "‪ .‬وأن تتمكن من تع ديل عقوده ا لتتمكن من تلبي ة التغي ير المس تمر في‬
‫المرافق التي تديرها‪.‬‬
‫ولق د أب اح ك ل من المش ِّر ع والقاض ي اإلداري _ إذا ح دثت ظ روف لم تكن متوقع ة‬
‫وقت أب رام العق د الح ق في تع ديل بن ود العق د مم ا يجعله ا مالئم ة للظ روف المس تحدثة ألن‬
‫الط رفين المتعاق دين لم يتوقع ا ه ذه الظ روف الجدي دة‪ ،‬وه ذا يؤك د ح ق اإلدارة في تع ديل‬
‫العقد بما يجعله متمشيا مع األوضاع التي طرأت بعد إبرامه وأثناء تنفيذه‪.‬‬
‫وق د نش أ ج دل فقهي كب ير ح ول مس ألة تمَّت ِع اإلدارة به ذه الس لطة بين مؤي دين‬
‫ومعارض ين؛ ل ذلك س نتناول ه ذا المطلب في ف رعين ‪ :‬األول ‪ -‬نش أة فك رة س لطة اإلدارة‬
‫في تعديل العقد اإلداري‪ ،‬و الثاني ‪ -‬قيود تعديل العقد اإلداري‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬نشأة فكرة سلطة اإلدارة في تعديل العقد اإلداري‪.‬‬
‫لإلدارة الحق في تعديل ما تقوم بإبرامه مع الغير من عقود إدارية‪ ،‬وحقها هذا‬
‫مستمد من العقد اإلداري ذاته الذي ينص فيه على إعطاء اإلدارة المتعاقدة هذا الح ق أو أن‬
‫تفرضه المصلحة العامة التي قد تتطلب تغيرًا في بنود العقد‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫إال أن ه في البداي ة لم تكن فك رة العق د اإلداري قد تبل ورت بالق در الك افي‪ ،‬فك ان ينظ ر‬
‫إلى اإلدارة بوصفها مقيدة بما تعهدت به وال تستطيع تعديله بإرادتها المنفردة ولكن يجب‬
‫أن يكون هناك نص صريح يجيز لها ذلك تمشيًا مع القوة اإللزامية للعقد المعمول به في‬
‫نطاق القانون الخاص‪.‬‬
‫وق د س اد ه ذا االتج اه ح تى مطل ع الق رن العش رين وإ ن ك ان ثم التخفي ف من ه ب إيراد‬
‫بعض التحفظ ات علي ه‪ ،‬مث ال ذل ك الق ول‪ :‬إن ه إذا ك انت اإلدارة المتعاق دة ال تمل ك بص فتها‬
‫ه ذه إدخ ال أي تع ديل على نص وص العق د إال أنه ا وبوص فها س لطة ض بط إداري مكلف ة‬
‫بالمحافظ ة على األمن والس كينة تس تطيع اتخ اذ م ا تش اء من إج راءات ول و أس فر ذل ك عن‬
‫تعديل شروط العقد‪.313‬‬
‫هذا وقد ثار جدال فقهي حول هذه الفكرة وانقسمت اآلراء إلى مؤيدين ومعارضين‬
‫لها على النحو اآلتي‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬االتجاه المعارض لسلطة التعديل‪:‬‬
‫في نهاي ة الق رن التاس ع عش ر‪ ،‬ك ان فقه اء الق انون الع ام الفرنس ي ي رون وفق ًا لل رأي‬
‫السائد آنذاك التزام اإلدارة باحترام العقد‪ ،‬شأنها في ذلك شأن اإلفراد المتعاقدين معها ذلك‬
‫إذا لم ينص القانون بنصوص خاصة‪ ،‬وبالتالي ال يكون لها مركز متميز عن مرك ز ه ؤالء‬
‫اإلف راد‪ ،‬وال ين ال من ذل ك مش روعية اله دف ال ذي تس عى إلي ه من وراء التع ديل‪ ،‬وقي ل إن‬
‫احترام التعهدات التعاقدية يعتبر الضمان األساسي الستقرار العالقات التعاقدية والقانونية‪،‬‬
‫وأنه يتعين على الدولة أن تلتزم باحترام تعهداتها التي ضمنتها في عقودها‪ ،‬وأن الضرر‬
‫الذي يترتب على مساس اإلدارة بمبدأ احترام العقود واحترام الحقوق المكتسبة سيكون أش د‬
‫وجوبا من النفع العام الذي تهدف إلى تحقيقه من جراء هذا المساس‪.‬‬
‫وقد ساعد على شيوع هذه األفك ار النظرة التي تبناها مجلس الدولة الفرنسي آنذاك‬
‫للعقود اإلدارية‪ ،‬حيث لم تكن اإلدارة تملك سلطة على المتعاقد معها سوى الحقوق المخولة‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الحميد حشيش‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 137‬‬ ‫‪313‬‬

‫‪183‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫لها بنص القانون أو العقد مثال ذلك أن المحافظ ال يملك الحق في أن يفرض على شركة‬
‫ملتزمة إقامة محطات جديدة‪.‬‬
‫ولع ل الفقي ه الفرنس ي "‬ ‫‪314‬‬
‫م ا لم يكن هن اك نص على ذل ك في دف تر االش تراطات‬
‫لوليي ه " يع د أب رز من ناهض وا س لطة اإلدارة في تع ديل العق د اإلداري بإرادته ا المنف ردة‬
‫حيث ي رى أن س لطة التع ديل االنف رادي المق ررة لإلدارة في عقوده ا اإلداري ة ترتك ز على‬
‫فكرة زائفة ابتدعها الفقهاء وأنها لم تتأثر بقضاء مجلس الدولة إذ أن األحكام التي قررت‬
‫وجود هذه السلطة يمكن تفسيرها دونما حاجة إلى القول بأن الصفقات العمومية تخرج‬
‫عن تل ك القاع دة األساس ية ال تي تقض ي ب أن العق د ش ريعة المتعاق دين كم ا أن ه توج د أحك ام‬
‫متعددة تنكر صراحة على اإلدارة المتعاقدة سلطة التعديل االنفرادي المزمعة‪.‬‬

‫وخلص األستاذ " لولييه " إلى القول إن سلطة التعديل االنفرادي ال توجد في أي عقد‬
‫من الصفقات العمومية‪ ،‬بما في ذلك عقد التزام المرفق العام وهي وإ ن وجدت فإنما تجد‬
‫أساسها في نص صريح أو ضمني من نصوص العقد ذاته‪ ،‬وأن النصوص الصريحة في‬
‫ه ذا الش أن كث يرًا م ا توج د في دف اتر الش روط‪ ،‬وم ع تك رار النص عليه ا في الص فقات‬
‫العمومي ة ف إن القض اء ق د اف ترض وجوده ا وقرر أن ه في حال ة س كوت العق د توجد سلطة‬
‫اإلدارة في التعديل االنفرادي لصالحها‪.315‬‬

‫كما يضيف األستاذ " لولبية " أن الحلول القضائية التي تأخذ بسلطة اإلدارة في تع ديل‬
‫العقد ليست سوى تطبيقا بحكم المادة " ‪ " 1135‬من التقنين المدني الفرنسي والتي تقتضي‬
‫ب أن االتفاق ات ال تقتص ر على إل زام المتعاق دين بم ا ورد فيه ا ب ل تش مل أيض ًا م ا ه و من‬
‫مس تلزماتها وفق ًا للع رف والعدال ة والق انون بحس ب طبيع ة االل تزام‪ ،‬وأن ذل ك ي ترجم في‬
‫الق انون اإلداري إلى " الممارس ة اإلداري ة " أي الع ادات ولع رف اإلداري‪ ،‬ف إذا اقتض ى‬

‫‪ -‬حكم مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬ب‪ 1890-5-23 :‬م قضية شركة سكة الحديد االقتصادية‪.‬‬ ‫‪314‬‬

‫‪ -‬د عبد السالم المزوغي ‪ ،‬النظرية العامة في العقود اإلدارية ‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬سنة ‪ ،1993‬ص ‪.245‬‬ ‫‪315‬‬

‫‪184‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫العرف المتبع بواسطة اإلدارات العامة أن تدرج عادة في طائفة معينة من العقود نصوص‬
‫تحف ظ لإلدارة المتعاق دة س لطة إنه اء العق د اإلداري وه ذه النص وص يف ترض وجوده ا في‬
‫العق د عن دما تغف ل اإلدارة عن النص عليه ا‪ ،‬وطالم ا تج د ه ذه الس لطة مص درها في الع ادة‬
‫اإلداري ة أي في الموافق ة الض منية لألف راد فال يمكن اعتباره ا من النظ ام الع ام ولكن رأي‬
‫األستاذ " لولييه " في هذا الشأن لم يسلم من النقد حيث تولي األستاذ " دي لوبادير " الرد‬
‫على هذا الرأي ويقول إنه غير مقنع ويتعين تصحيح ما جاء به ويؤكد بأن األحكام المؤي دة‬
‫لسلطة اإلدارة في التعديل المنفرد متوفرة‪ ،‬فالقضاء يعترف فيما يتعلق بالتزام المرفق الع ام‬
‫بحق السلطة مانحة االلتزام في أن تقرر التعديالت المتعلقة بتنظيم المرفق‪ ،‬كما ينص علي ه‬
‫دفتر االشتراطات‪ ،‬بل وحتى في الحاالت التي ال ينص هذا الدفتر ص راحة على التعديل‬
‫ومن ج انب أخ ر هن اك ص ورة لس لطة التع ديل المنف رد ال تي قلم ا ينتق د وجوده ا في ك ل‬
‫الص فقات العمومي ة‪ ،‬وهي س لطة اإلدارة في إنه اء العق د ال ذي يص ير تنفي ذه غ ير محق ق‬
‫للمصلحة العامة‪ ،‬فيجوز لإلدارة أن توقف التنفيذ إذا اقتصت الحاجة ذلك‪ ،‬قبل نهاية تنفيذ‬
‫موضوع العقد أو قبل حلول أجل نهايته‪.316‬‬

‫وأن ه تبع ًا ل ذلك ف إن ه ذا التنظيم يمكن تعديل ه في أي وقت طبق ًا للحاج ات االجتماعية‬
‫واالقتصادية فكما ذكر مفوض الدول " بلوم " في قضية الشركة العامة الفرنسية لقطارات‬
‫الم دن " ال ترام " ال تتخلى الدول ة عن المرف ق الع ام للنق ل إذا منح ه بطري ق االل تزام‪ ،‬فه و‬
‫وإ ن كان قد منح عن طريق االلتزام‪ ،‬إال أنه ال يزال مرفقًا عامًا فااللتزام يمثل تفويض ًا أي‬
‫أنه يكون طريق لإلدارة غير مباشر ومن ثم ال يعد من قبيل لترك أو اإلهمال‪ ،‬إدا تملك‬
‫الدولة التدخل عند الضرورة لتفرض على المل تزم أداء أعلى عن األداء المنصوص عليه‬
‫أص ًال وذل ك باس تعمالها لس لطات ال تي تملكه ا بوص فها س لطة عام ة وليس ت تل ك الس لطات‬
‫التي خولها لها االتفاق "‪.‬‬

‫‪-‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.249‬‬ ‫‪316‬‬

‫‪185‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ثانيا‪ -‬االتجاه المؤيد لسلطة اإلدارة في تعديل عقودها‪:‬‬


‫أن جهة اإلدارة تملك حق تعديل عقودها استنادًا إلى نص في العقد يخولها ذلك‬
‫أو نص في القانون يجيز لها تعديل شروط العقد بما يتالءم مع حسن سير المرفق ويحقق‬
‫الصالح العام لكن الجدل ثار حول وجود هذا الحق في غياب نص عقدي أو قانوني حيث‬
‫يذهب الرأي الراجح في الفقه إلى القول بوجود سلطة التعديل االنفرادي دونما حاجة إلى‬
‫نص في قانون أو شرط في العقد فهذا حق أصيل لإلدارة مستمدة من صفتها كسلطة عامة‬
‫ال يمكنها أن تتنازل عنها وليس بحاجة الى النص عليها صراحة في العقد‪.317‬‬
‫وق د ذهب الفقي ه (هوري و) إلى الق ول ب أن ك ل عملي ة إداري ة هي عملي ة احتمالي ة‬
‫بمعنى أنه قد يرد أثناء التنفيذ أو تأجيلها أو تعديلها ألسباب تتعلق بالصالح العام‪.‬‬

‫كما ذهب الفقيه (بكيينو) إلى القول إن سلطة التعديل المنفردة المقررة لإلدارة تعتبر‬
‫عنصرا من عناصر النظرية العامة للعقود اإلدارية وهي سلطة عامة تشمل جميع العقود‬
‫واالش تراطات ف اإلدارة وهي ت برم عق دا إداري ًا ال ينظر إليه ا باعتباره ا متعاق دا عادي ا ذل ك‬
‫أنها ال تسعى إلى تحقيق غرض آخر سوى تحقيق الصالح العام وفكرة المصلحة العامة‬
‫متغيرة تبعًا للظروف االجتماعية واالقتصادية في المجال المعني‪.‬‬

‫خالصة القول أن الرأي السائد في الفقه الفرنسي يقر بحق اإلدارة في تعديل عقودها‬
‫اإلداري ة بإرادته ا المتف ردة في غي اب نص بن ود العق د وذل ك من خالل ق رار مجلس الدول ة‬
‫الش هير ال ذي تتلخص وقائع ه في قي ام اإلدارة ب إبرام عق د م ع أح د الخ واص لت أمين النق ل‬
‫العمومي بواسطة (التزام) في مدينة مرسليا الفرنسية لكونها اتخذت بعد ذلك قرارًا يفرض‬
‫على الشركة صاحبة االمتياز الزيادة في عدد السفرات المخصصة لفصل الصيف لمواجهة‬
‫تزايد الطلب خالل هذه الفترة فقامت هذه الشركة بدعوى قضائية إللغاء قرار اإلدارة نظرا‬
‫لتعارضه مع بنود العقد ولكن مجلس الدول الفرنسي رفض هذه الدعوى وأقر حق اإلدارة‬
‫‪ -‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.248‬‬ ‫‪317‬‬

‫‪186‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫في إدخ ال التع ديالت الالزم ة لمواجه ة المتطلب ات الجدي دة للمرف ق الع ام اعتم ادا على نص‬
‫قانوني يسند لإلدارة اختصاص تحديد السفرات وأوقاتها‪.‬‬
‫ولقد استنتج معظم الفقهاء من خالل هذا القرار وجود قاعدة قضائية عامة تطبق على‬
‫جمي ع الص فقات العمومي ة يمكن بمقتض اها تغ ير بن ود العق د لمالئمت ه بمقتض يات المرف ق‬
‫العام‪.318‬‬
‫لكن تع رض ه ذا الموق ف للنق د الش ديد حيث أق ر الفقي ه (لوليي ه) أن ه ال يمكن اس تنتاج‬
‫مب دأ ع ام يق ر لإلدارة ح ق التع ديل من خالل ق رار مجلس ال دول ال ذي ارتك ز على نص‬
‫قانوني خاص و قد اعتبر هذا الفقيه أن مبدأ القوة الملزمة للعقد ينطبق على اإلدارة مثلما‬
‫هو الشأن بالنسبة لألفراد‪.319‬‬
‫كم ا أق ر الفقي ه فرانس يس ب ول أن مجلس الدول ة لم يقم في حقيق ة األم ر إال بتط بيق‬
‫المب دأ ال ذي بمقتض اه ال يج وز التن ازل عن س لطات الض بط اإلداري بم وجب عق د وأن ه ال‬
‫مجال الستخالص مبدأ ع ام يمكن اإلدارة من تعديل العقود التي تبرمها ألن اإلقرار بهذا‬
‫المبدأ يؤدي إلى إنكار فكرة العقد من أساسها ولقد أدى هذا الجدل الفقهي إلى إبراز مدى‬
‫خط ورة اإلق رار بتمت ع اإلدارة بس لطة عام ة لتع ديل الص فقات العمومي ة حيث ع ارض‬
‫بعض الفقهاء هذه النظرية من أجل تضاربها مع مبدأ القوة الملزمة للعقد رغم ذلك فقد قام‬
‫مجلس الدول ة الفرنس ي بوض ع ح د له ذا الج دل الفقهي حيث توص ل إلى حس م الموق ف من‬
‫خالل قراره الصادر في ‪ 2‬فبراير ‪ 1983‬الذي اقر فيه بكل وضوح أن حق تعديل العقد‬
‫بص فة منف ردة ه و امتي از مق رر لفائ دة اإلدارة بمقتض ى القواع د العام ة المنظم ة للعق ود‬
‫اإلداري ة هك ذا يمكن الج زم ب أن اإلدارة تمل ك س لطة تع ديل التزام ات المتعاق د معه ا س واء‬
‫بالزيادة أو النقصان وذلك حتى في عدم النص على ذلك ضمن بنود العقد‪.320‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬العقود اإلدارية ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.438‬‬ ‫‪318‬‬

‫‪.-‬د‪ .‬سليمان الطماوي ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.438‬‬ ‫‪319‬‬

‫‪.-‬د‪ .‬محمد الشلماني‪ ،‬العقود اإلدارية وأحكام إبرامها ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.142‬‬ ‫‪320‬‬

‫‪187‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فالصفقات العمومية التي تنص صراحة ضمن بنودها على حق اإلدارة في تعديل ال‬
‫تنش ئ ه ذا الح ق إنم ا تك رس في حقيق ة األم ر قاع دة عام ة‪ ،‬وت بين ش روطها وكيفي ة‬
‫ممارستها‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬موقف الفقه العربي‪:‬‬
‫يأخذ الرأي الراجح في الفقه العربي بحق اإلدارة في تعديل عقودها اإلدارية بإرادتها‬
‫المنفردة فيرى األستاذ الدكتور‪ :‬محمد فؤاد مهنا (أن حق اإلدارة في تعديل العقد اإلداري‬
‫بإراداتها المنفردة مسلم به بصفة عامة من جانب الفقه والقضاء‪ ،‬وهو مقرر لإلدارة كمبدأ‬
‫عام بالنسبة لكل الصفقات العمومية‪ ،‬ولو لم ينص عليه في العقد‪ ،‬وليس معنى ثبوت حق‬
‫اإلدارة في تع ديل العق د اإلداري بإرادته ا المنف ردة أنه ا غ ير ملزم ة ب احترام العق ود ال تي‬
‫تبرمها‪ ،‬ولكن معنى ذلك أن مبدأ عدم جواز تعديل العقد إال برضا الطرفين‪ ،‬و هو المبدأ‬
‫المق رر في الق انون الم دني بالنس بة لعق ود الق انون الخ اص‪ ،‬ه ذا المب دأ ليس واجب التط بيق‬
‫بص فة مطلق ة في الص فقات العمومي ة ؛ألن اإلدارة تمل ك طبق ًا للمب ادئ المس لم به ا في‬
‫الق انون اإلداري ح ق تع ديل ش روط الص فقات العمومي ة بض وابط معين ة‪ ،‬واالتف اق يك اد‬
‫يكون تام ًا بين فقهاء القانون العام في فرنسا‪ ،‬على أن الشروط التي تقرر حقوق المتعاقد‬
‫المالية ال يتناولها حق التعديل‪ ،‬أما ماعدا ذلك من شروط‪ ،‬وهي الشروط التي تتعلق بسير‬
‫المرفق وتنظيمه‪ ،‬فتخضع لقاعدة التعديل‪.321‬‬
‫هذا االتجاه ويرى (أن سلطة اإلدارة في التعديل‬ ‫‪322‬‬
‫ويؤيد الدكتور سليمان الطماوي‬

‫مناطه ا احتياج ات المراف ق العام ة فهي ليس ت مج رد مظه ر للس لطة اإلداري ة تتمت ع به ا‬

‫اإلدارة‪ ،‬ولكنه ا نتيج ة مالزم ة لفك رة المرف ق الع ام ال تي يرج ع إليه ا معظم قواع د الق انون‬

‫اإلداري وعلى ذلك يجب أن تكون قد استجدت ظروف بعد إبرام العقد تبرر هذا التعديل‬

‫‪ -‬د‪ .‬توفيق شحاته‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.201‬‬ ‫‪321‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬مرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.422‬‬ ‫‪322‬‬

‫‪188‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫بحيث ال تس تطيع اإلدارة أن تلج أ إلى تع ديل ش روط العق د بإرادته ا المنف ردة ب دون تغ ير‬

‫الظروف التي تم إبرام العقد في ظلها)‪.‬‬

‫ولكن قد ثار خالف في الفقه العربي حول حالة ما إذا كانت الظروف لم تتغير‪ ،‬ومع‬

‫ذلك رأت اإلدارة أنها قد أخطأت في تقدير مقتضيات سير المرافق العامة فهل تمل ك تع ديل‬

‫العقد يتفق والحاجات الحقيقية للمرفق العام ؟‪.‬‬

‫إلى اإلجابة بالنفي فهو ي رى أن على اإلدارة في هذه‬ ‫‪323‬‬


‫ذهب الدكتور ثروت بدوي‬

‫الحالة أن تتحمل الخطأ الذي وقعت فيه ؛ألنها ال تستطيع أن ت دارك خطأه ا وتفرض على‬

‫المتعاق د معه ا تع ديل العق د لتلبي ة احتياج ات الجماع ة بص ورة أفض ل‪ ،‬ذل ك أن ه ك ان يتعين‬

‫عليه ا أن ت درس بص ورة كامل ة مش اريعها قب ل أن تعرض ها على المتعاق د معه ا‪ ،‬فيم ا ع دا‬

‫ذلك يرى األستاذ الدكتور ثروت بدوي أن فكرة السلطة العامة وما تتمتع به اإلدارة من‬

‫امتي از اتخ اذ الق رارات الناف ذة من تلق اء نفس ها وامتي از تنفي ذ قراراته ا تنفي ذًا جبري ًا إذا لم‬

‫ينف ذها األف راد اختياري ًا‪ ،‬هي الفك رة ال تي تجع ل س لطة التع ديل س لطة فعلي ة له ا أثاره ا‬

‫العملي ة‪ ،‬ف اإلدارة بمقتض ى حقه ا في اتخ اذ ق رارات ذات ط ابع تنفي ذي‪ ،‬وبمقتض ى س لطتها‬

‫‪ -‬د‪ .‬أحمد عياد عثمان ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.215‬‬ ‫‪323‬‬

‫‪ -‬أما الدكتور‪ /‬مصطفى كمال وصفي ‪ ،‬فقد خرج عن إجماع هؤالء الفقهاء من حيث تقرير سلطة اإلدارة في التعديل‬
‫فقد أنكر الطبيعة التعاقدية على غالبية العقود اإلدارية واعتبرها من األعمال المنظمة الشرطية فعقد االلتزام هو نظام‬
‫تنتفي عنه صفة العقد من كل ناحية وعقد األشغال العامة أيض ًا فيه هذا الجانب وهما بهذه الصفة يجوز تعديلها بما ال‬
‫يمس الحق وق المالي ة أم ا عق ود التوري د فهي أعم ال ذاتي ة‪ -‬أي عق ود ؟ وهي باعتباره ا ك ذلك ال يك ون لإلدارة الح ق في‬
‫تعديلها وهذا الرأي منشور للدكتور كم ال وصفي بعنوان حول س لطة اإلدارة في تعديل شروط العقد اإلداري بإرادته ا‬
‫المنفردة في مجلة العلوم ص ‪ ،13‬ص ‪ 143‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪189‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫في التنفيذ المباشر تستطيع أن تفرض على المتعاقد التعديالت التي يقتضيها الصالح العام‬

‫وتجعل التعديالت نافذة من تلقاء نفسها رغمًا عن المتعاقد أي تلزم المتعاقد بها ولو كرها‪.‬‬

‫فيما يتصل بتقريره لسلطة اإلدارة في‬ ‫‪324‬‬


‫ويلقى هذا الرأي تأييدًا عند غالبية الفقهاء‪،‬‬

‫تع ديل العق د‪ ،‬إال أن ه يلقى معارض ة من فقه اء آخ رين حيث ينك ر على اإلدارة حقه ا في‬

‫التعديل تصحيحًا لخطإ وقعت فيه‪ ،‬ويقول هؤالء الفقهاء‪ ،325‬أن هذا الرأي يتجاهل األساس‬

‫الذي تقوم عليه سلطة التعديل فهي مرتبطة بالقواعد الضابطة لسير المرافق العامة ومن‬

‫أولها قاعدة قابلية المرفق العام للتغيير‪ ،‬والمرفق العام يقبل التغيير في كل وقت حتى ثبت‬

‫بأعمال القواعد الضابطة لسير المرفق العام‪.‬‬

‫إن التغي ير من ش أنه أن ي ؤدي إلى تحس ين الخدم ة ال تي يق دمها إلى المنتفعين‪ ،‬وفك رة‬
‫التعديل هي فكرة مالزمة للقاعدة السابقة فسواء أكانت اإلدارة مخطئة في تقديراتها أم غ ير‬
‫مخطئة في تقديراتها‪ ،‬فإنه يجب تكيفها من تنظيم المرفق بالطريقة التي تحقق الصالح العام‬
‫على أتم وج ه ممكن رائين أن ذل ك األم ر ال يتص ل بتوقي ع العق اب على اإلدارة لخطئه ا‬
‫وإ نما األمر يتصل بتحقيق النفع العام‪.‬‬
‫وي ذهب ال دكتور ص بيح مس كوني إلى أن اإلدارة تمل ك س لطة تع ديل ش روط العق د‪،‬‬
‫ويرى أن أساس هذه السلطة هو ضرورة مواجهة متطلبات سير المرافق العامة وُيمِّك ُنها‬
‫ذلك من مراجعة شروط العقد تبع ًا لمستلزمات المصلحة العامة التي قد تتغير أثناء تنفيذ‬

‫‪ -‬ينظم إلى الرأي المؤيد حق اإلدارة في تعديل العقد‪.‬‬ ‫‪324‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الحميد حشيش ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.117-116‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬ثروت بدوي مبادئ ‪ ،‬القانون اإلداري ‪،‬ط ‪ 1971‬ص ‪.136‬‬
‫‪ -‬د ‪.‬أحمد عياد عثمان ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.215‬‬
‫‪ -‬د ‪.‬خالد كرفاش ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪ 199‬ومن أصحاب هذا الرأي الدكتور مصطفى كمال وصفي‬ ‫‪325‬‬

‫‪190‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫العقد‪ ،‬ومن ثم فال حرج من التضحية بالمصلحة الخاصة في سبيل المصلحة العامة بإعادة‬
‫‪326‬‬
‫النظر في شروط العقد‪.‬‬
‫أما موقف القضاء العربي فمنذ مرحلة مبكرة أخذ بمبدأ تخويل اإلدارة سلطة تعديل‬
‫دائم ًا حق تغيير‬ ‫‪327‬‬
‫العقد اإلداري فقد قضت محكمة القضاء اإلداري بمصر " أن لإلدارة‬
‫شروط العقد وإ ضافة شروط جديدة بما يتراءى لها أنه أكثر اتفاقًا مع الصالح العام "‬
‫وتض يف حكم ًا آخ ر " أن لإلدارة س لطة تع ديل العق د من جانبه ا وح دها‪ ،‬وهي تتمت ع‬
‫بهذه السلطة حتى ولو لم ينص عليها العقد ألنها تتعلق بالنظام العام‪.328‬‬
‫وتؤكد المحكمة العليا الليبية وجهة النظر هذه وتقول " أن الصفقات العمومي ة تتم يز‬
‫عن العقود المدنية بطابع خاص أساسه احتياجات المرفق العام الذي يستهدف العقد تسييره‬
‫وتغليب المص لحة العام ة على مص لحة المتعاق د وأن األص ل فيه ا أال تتكاف أ مص الح‬
‫الطرفين‪ ،‬حيث تعلو المصلحة العامة التي تمثلها اإلدارة على مصلحة المتعاقد معها‪ ،‬وأن‬
‫لإلدارة سلطة تعديل العقد تعديًال مناطه احتياجات المرفق العام "‬
‫والمش ِّر ع الليبي قد حسم هذا األمر بصورة قاطعة بالنص عليه ص راحة في الئحة‬
‫العق ود اإلداري‪ .‬الناف ذة في الم ادة " ‪ " 99‬ال تي ج اء فيه ا للجه ة المتعاق دة الح ق في تع ديل‬
‫موض وع العق د بالزي ادة أو النقص في ح دود النس بة ال تي يتف ق عليه ا في العق د على أال‬
‫تتجاوز هذه النسبة ‪ %15‬من قيمة العقد وذلك بدون أن يكون للمتعاقد الحق في المطالبة‬
‫بأي تعديل في األسعار "‪.‬‬
‫كما تنص المادة " ‪ " 114‬من الئحة الصفقات العمومية على أن " على المقاول أن‬
‫ينهي جميع األعمال المسندة إليه بما في ذلك أية تعديالت أو زيادات أو إضافات تدخلها‬
‫الجهة اإلدارية المتعاقدة في حدود ما يكون مخَّو ًال لها بموجب العقد أو بمقتضى أحكام هذه‬
‫د ‪.‬مازن ليلو راضي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪188‬‬ ‫‪326‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء اإلداري جلسة ‪ 1951-12-26‬م مجموعة س‪ 6‬ق‪.‬‬ ‫‪327‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة العليا الليبية جلسة ‪ 6/2/1978‬م طبعة أداري ‪ 13/23‬ق مسجل المحكمة العليا س ‪ 19‬ع ‪ 3‬أبريل‬ ‫‪328‬‬

‫‪ 1978‬ص ‪.59‬‬
‫‪191‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الالئح ة م ع مراع اة المراح ل الزمني ة المتف ق عليه ا‪ ،‬وبالت الي نخلص إلى أن س لطة اإلدارة‬
‫في تعديل العقد اإلداري الذي توقعه‪ ،‬هو أمر بات مسلم به فقه ًا وقضاًء وتشريعًا‪ ،‬بيد أن‬
‫هذه السلطة ليست مطلقة وإ نما تخضع لضوابط يجب على جهة اإلدارة أن تلتزم بها‪ .‬كما‬
‫سوف نبين في هذه الدراسة الحقًا‪.‬‬
‫أما في المغرب فإن هذه السلطة مستمدة دورها من المصلحة العامة‪ ،‬وليست مطلقة‪،‬‬
‫ف اإلدارة تمل ك ح ق التع ديل في العق د تع ديًال كلي ًا أو نوعي ًا أو زمني ًا كلم ا اقتض ت ذل ك‬
‫ظروف المشروع أو تنفيذه "لقد أباح كل من المشرع والقضاء لإلدارة إذا حدثت ظروف‬
‫لم تكن متوقع ة وقت إب رام العق د الح ق في تع ديل بن ود العق د بم ا يجعله ا مالئم ة للظ روف‬
‫المس تجدة ألن الط رفين المتعاق دين لم يتوقع ا ه ذه الظ روف الجدي دة‪ ،‬وبالت الي يجب البحث‬
‫عن اإلدارة التي كانت من الممكن أن يضعها المتعاقدان نصب أعينهما لو أنهما سبقا إلى‬
‫الظروف الجديدة‪ ،‬وهذا يؤكد حق اإلدارة في تعديل العقد مما يجعله متمشيًا مع األوضاع‬
‫التي طرأت بعد إبرامه وأثناء تنفيذه‪.329‬‬
‫ونستخلص االتفاق التام بين جميع التشريعات المقارنة وذلك بحق اإلدارة في التدخل‬
‫لتعديل شروط العقد إذا استحدثت ظروف لم تكن متوقعه وقت إبرام العقد وسلطة اإلدارة‬
‫في تع ديل العق د ليس ت مج رد مظه ر للس لطة اإلداري ة ال تي تتحلى به ا وإ نم ا مناطه ا‬
‫احتياجات المرفق العام وحسن سير المرفق العام بانتظام واطراد‬

‫‪-‬د‪ .‬محم د األع رج‪ ،‬نظ ام العق ود اإلداري ة وف ق ق رارات وأحك ام القض اء اإلداري المغ ربي‪ ،‬م م‪.‬م‪.‬ا‪.‬م‪.‬ت‪ .‬سلس لة‬ ‫‪329‬‬

‫مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬ص‪.28:‬‬


‫‪192‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع الثاني‪ :‬قيود تعديل العقد اإلداري‪.‬‬


‫لإلدارة س لطة تع ديل بعض نص وص العق د اإلداري من جانبه ا وح دها إذا اس تدعت‬
‫مقتضيات المرفق العام ذلك دون أن يحتج عليها بالقاعدة المدنية التي تقضي بكون " العقد‬
‫ش ريعة المتعاق دين " وه ذا ال يع ني الح د من الق وة الملزم ة للعق د وإ نم ا معن اه الح د من ه ذه‬
‫العقود وإ ضفاء طابع خاص عليها في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬ألن اإلدارة تملك طبقا‬
‫لمبادئ القانون اإلداري أن تعدل هذه العقود بشروط وفي حدود معينة‪ ،330‬يمكن إجمالها‬
‫في اآلتي ‪:‬‬
‫أوال‪ -‬اقتصار و تعديل العقود على نصوصه المتصلة بتسيير المرفق وحاجاته‪.‬‬
‫أن طبيع ة احتياج ات المرف ق المتغ يرة باس تمرار هي ال تي تقض ي بتع ديل بعض‬
‫نصوص العقد‪ ،‬ويجب أن ال يمس هذا التعديل النصوص المتعلقة باالمتيازات المالية ألن‬
‫هذا األمر سيؤدي حتما إلى عزوف األفراد عن التعاقد مع اإلدارة‪.‬‬
‫وقض ت محكم ة القض اء اإلداري المص ري " أن س لطة اإلدارة في التع ديل ليس ت‬
‫مطلق ة‪ ،‬ب ل ي رد عليه ا قي ود منه ا تقتص ر على نص وص العق د المتعلق ة بتس يير المرف ق‬
‫وحاجاته ومقتضياته‪.331‬‬
‫إال في أحوال معينة استثنتها الشروط العامة الملحقة بالصفقات العمومية في بعض‬
‫ال دول وأج ازت تع ديل أج ور الس لع وأس عارها في عق ود ال تزام المراف ق العام ة م ع األخ ذ‬
‫بالحسبان التوازن المالي للعقد‪ .332‬وهو ما أوضحته المحكمة العليا في ليبيا في العديد من‬
‫أحكامه ا منه ا حكمه ا في ‪ 1978-2-16‬م أن ه إذا ك انت الص فقات العمومي ة تتم يز عن‬
‫العق ود المدني ة بط ابع خ اص أساس ه احتياج ات المرف ق الع ام ال ذي يس تهدف العق د تس ييره‬
‫وتغليب المص لحة العام ة على مص لحة المتعاق د‪ ،‬وأن األص ل فيه ا أال تتكاف أ مص الح‬
‫‪ -‬د أحمد عثمان عياد‪ -‬مظاهر السلطة العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.237‬‬ ‫‪330‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء اإلداري في ‪ 1996-9-16‬مجموعة السنة ‪ 11‬رقم ‪ 1960‬م ص ‪.90‬‬ ‫‪331‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬ه اني احمد الس اعدي ‪ ،‬الرقاب ة اإلداري ة على أعم ال اإلدارة ‪ ،‬رسالة دكت وراه ‪ ،‬جامعة أسيوط ‪2014 ،‬م ص‬ ‫‪332‬‬

‫‪188‬‬
‫‪193‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الطرفين المتعاقدين حيث تعلو المصلحة العامة وتمثلها اإلدارة على مصلحة المتعاقد معها‪،‬‬
‫وأن لإلدارة س لطة تع ديل العق د تع ديًال مناط ه احتياج ات المراف ق العام ة وأن له ا أن تح ل‬
‫مح ل المتعاق د المقص ر متعاق دًا آخ ر أو ك ان التقص ير جس يمًا‪ ،‬ف إن للمتعاق د م ع اإلدارة‬
‫بالمقاب ل وه و ي رمي من التعاق د الحص ول إلى ال ربح كم ا أن ه يع اون اإلدارة في تس يير‬
‫المرفق الع ام بانتظ ام واط راد فإن من حق ه المطالبة بالتعويض ات كامل ة باعتب ار أن سلطة‬
‫اإلدارة في التعديل هي إحدى تطبيقات فكرة نظرية عمل األمر‪ ،‬كما أنه من حقه الحصول‬
‫على الت وازن الم الي للعق د‪ ،‬ويجب على اإلدارة أن تح ترم مقتض يات حس ن الني ة في تنفي ذ‬
‫العق د وه ذا األص ل يطب ق في الص فقات العمومي ة كم ا ه و الش أن في العق ود المدني ة وال‬
‫يتفق مع حسن النية أن تزيد اإلدارة بعملها في أعباء المتعاقد معها وأن تضع العقبات في‬
‫طريقه بدًال من أن تعاونه على التنفيذ ألن سلطة اإلدارة في التعديل ليست مظهرًا للتسلط‬
‫وإ نما مناطها المصلحة العامة واحتياجات المرفق العام‪.333...‬‬
‫كم ا يش ترط أن تك ون تل ك التع ديالت في ح دود معقول ة على أس اس م داها بحيث ال‬
‫تؤدي إلى فسخ العقد األصلي أو تبدل موضوعه أو تضع العقبات في طريق تنفيذ العقد‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬وجود ظروف قد استجدت بعد إبرام العقد ‪:‬‬
‫فال يمكن تصور سلطة التعديل وكأنها سلطة تقديرية لإلدارة تمكنها عندما تشاء من‬
‫التخلص من التزاماته ا التعاقدية ب ل أن استعمال هذه السلطة يفترض تغييرًا في الظروف‬
‫ق د ح دث فج أة‪ ،‬وأن ه ذا التغي ير المس تجد بمقتض ى تع ديل في العق د‪ ،‬وإ ال يتع رض س ير‬
‫المرفق العام في ظل الظروف المستجدة لالضطراب أي أن مقتضيات سير المرفق العام‬
‫هي أساس التغيير وسببه‪.‬‬
‫ولكن تمل ك اإلدارة تع ديل ش روط العق د بإراداته ا المنف ردة‪ ،‬إذا لم يكن ثم ة تغي يرًا ق د‬
‫طرأ على الظروف ولكنها أخطأت في تقدير سير المرفق العام الذي يتعلق به العقد‪.‬‬

‫‪ -‬حكم للمحكمة العليا الليبية في ‪ 1978-2-16‬م‪ .‬موسوعة المبادئ القانونية يونيو ‪ 1979‬ص ‪.358‬‬ ‫‪333‬‬

‫‪194‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وي ذهب رأي أخ ر إلى أن اإلدارة في ه ذه الحالة عليه ا أن تتحمل نتيجة الخطأ الذي‬
‫وقعت فيه‪ ،‬حيث كان عليها أن تتخذ احتياطاتها من أول األمر وتقدر حاجة المرفق تقديرا‬
‫سليما‪.334‬‬
‫في حين يذهب الدكتور سليمان الطماوي إلى " أن هذا الرأي يتجاهل األساس الذي‬
‫تقوم عليه سلطة التعديل فهي مرتبطة بالقواعد الضابطة لسير المرافق العامة ومن أولها "‬
‫قاعدة قابلية المرفق العام للتغيير " والمرفق العام يقبل التغيير في كل وقت متى ثبت أن‬
‫التغي ير من ش أنه أن ي ؤدي إلى تحس ين الخدم ة ال تي يق دمها إلى المنتفعين‪ ،‬وفك رة التع ديل‬
‫هي فك رة مالزم ة للقاع دة الس ابقة وس واء أك انت اإلدارة مخطئ ة أم غ ير مخطئ ة في‬
‫تقديراتها‪ ،‬فإنه يجب أن تمكنها من تنظيم المرافق بالطريقة التي تحقق الصالح العام على‬
‫أتم وج ه ممكن ألنن ا لس نا بص دد عق اب اإلدارة على خطئه ا ولكن بص دد أعم ال القواع د‬
‫الضابطة لسير المرفق العام‪.335‬‬
‫ويبدو لي أن الرأي الثاني وهو رأي الدكتور سلمان الطماوي " أكثر صوابًا ألن ع دم‬
‫قدرة اإلدارة على التوقع أو توقعها غير السليم ال يسلب حقها بضرورة مواجهة الظروف‬
‫المستجدة التي قد يتعرض لها المرفق‪.‬‬
‫أما إذا ثبت أن الظروف التي تدعي اإلدارة أنها قد استجدت كانت موجودة عند إبرام‬
‫العق د أو أن اإلدارة ال تس تهدف من التغي ير مقتض يات المص لحة العام ة وض رورة تس يير‬
‫المراف ق العام ة وإ نم ا تس عى لتحقي ق مص الح خاص ة‪ ،‬ف إن للمتعاق د أن يلج أ إلى القض اء‬
‫القتضاء التعويض المناسب‪.‬‬

‫‪ -‬د تروت بدوي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.101‬‬ ‫‪334‬‬

‫‪ -‬د سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.457‬‬ ‫‪335‬‬

‫‪195‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ثالثا‪ -‬ال يجوز أن يؤدي التعديل إلى تغيير طبيعة العقد ‪.‬‬
‫فال يجوز لإلدارة أن تجري من التعديالت ما يجعل المتعاقد أمام عقد جديد ففي ه ذه‬
‫الحالة يكون للمتعاقد أن يطلب فسخ العقد ويمتنع عن التنفيذ وقد أوضحت المحكمة العليا‬
‫الليبي ة ه ذا االتج اه في حكمه ا‪ .‬في ‪ 1975 -3-6‬م بقوله ا " أن ه وأن ك انت الص فقات‬
‫العمومية تختلف عن العقود المدنية بطابع خاص أساسه احتياجات المرفق العام‪ ،‬الذي‬
‫يستهدف العقد تسييره وتغليب المصلحة العامة على مصلحة اإلفراد فبينما تكون مصالح‬
‫الط رفين في العق ود المدني ة متوازن ة ومتس اوية إذا به ا في الص فقات العمومي ة غ ير‬
‫متكافئة‪ ،‬إذ يجب أن يعلو الصالح العام على المصلحة الفردية الخاصة‪ ،‬وهذه الفكرة هي‬
‫التي تحكم الروابط الناشئة عن العقد اإلداري ويترتب على ذلك أن لإلدارة سلطة اإلشراف‬
‫والتوجيه على تنفيذ العقود وأن لها دائم ًا حق تغيير شروط العقد وإ ضافة شروط جديدة‪،‬‬
‫مما قد يتراءى لها أنه أكثر اتفاق ًا مع الصالح العام دون أن يتحدى الطرف اآلخر بقاعدة‬
‫أن " العقد شريعة المتعاقدين " كل ذلك بشرط أال يصل التعديل إلى حد فسح العقد كلية‪ ،‬و‬
‫إال ج از للط رف األخ ر فس خه ويش ترط أن يك ون ل ه الح ق في التعويض ات إذا اختلت‬
‫الموازنة المالية للعقد كما يجوز لإلدارة دائم ًا سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن هذا يقتضيه‬
‫الصالح العام وليس للطرف اآلخر إال الحق في التعويضات‪.336‬‬
‫وقد جرى القضاء اإلداري في فرنسا إلى عدم جواز تعديل نصوص العقد األساسية‬
‫على أس اس أن الش روط غ ير قابل ة للتع ديل إذ أن ذل ك يس تلزم أخ ذ موافق ة الط رف الث اني‬
‫وإ قالة العقد القديم وإ نشاء عقد جيد متى توافرت عناصره‪.337‬‬
‫وه ذا م ا أك دت المحكم ة اإلداري ة بأك ادير بحكمه ا ع دد ‪ 2000-52‬بت اريخ ‪-2-17‬‬
‫‪ 2000‬في قضية بين مقاولة البناء عتيق إبراهيم ضد الغرفة التجارية والصناعية ألكادير‪،‬‬
‫حيث اعتبرت التعديالت التي أجريت على الصفقة قبل الشروع في تنفيذها يعتبر صياغة‬

‫‪ -‬حكم المحكمة العليا الليبية في ‪ 1975-3-6‬موسوعة المبادئ القانونية‪ -‬يونيو ‪ 1979‬ص ‪.357‬‬ ‫‪336‬‬

‫‪ -‬د‪ ،‬أحمد عثمان عياد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.238‬‬ ‫‪337‬‬

‫‪196‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫جديدة للصفقة في مواصفاتها وشروطها الفنية وبالتالي يستلزم إعادة النظر في االلتزامات‬
‫الناش ئة عن االتف اق األص لي‪ .".....‬وحيث أن الم دعي عليه ا ال تن ازع في األص ل وأس اس‬
‫الدين المترتب بذمتها لفائدة المدعية وال تنكر أنها أجرت تعديالت على الصفقة حتى قبل‬
‫الش روع في تنفي ذها الش يء ال ذي يعت بر ص ياغة جدي دة للص فقة في مواص فاتها وش روطها‬
‫الفني ة ويس تلزم أع ادة النظ ر في االلتزام ات الناش ئة عن االتف اق األص لي " لتحكم لص الح‬
‫المدعى ضد المدعى عليه الذي حكمت عليه بأداء ما عليه من مستحقات للمدعي‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬احترام قواعد المشروعية ‪.‬‬
‫يجب على اإلدارة في األحوال التي يجوز لها تعديل العقد أن تحترم مب دأ المش روعية‬
‫إذ الب د أن يص در ق رار التع ديل من س لطة مختص ة ب ه وف ق الص يغة ال تي ح ددها الق انون‪،‬‬
‫وينبغي أن يكون قرارها موافقا لألنظمة النافدة‪.‬‬
‫كما يجب أن تراعي قواعد االختصاص فال يصدر التعديل إال من السلطة التي يحق‬
‫له ا قانون ا إص داره‪ ،‬وأن يتم ذل ك وف ق اإلج راءات الش كلية المق ررة‪ ،‬وك ذلك اح ترام‬
‫النص وص القانوني ة أو الالئحي ة إذا ك انت تطَّلب إج راًء معين ًا من ج انب جه ة اإلدارة في‬
‫ح االت التع ديل‪ ،‬ولكن يجب أن نالح ظ أن أس باب البطالن ال تي يمكن االحتج اج به ا في‬
‫مواجهة العقد اإلداري يجب أن تكون مستمدة من شروط الصحة الذاتية للعقد‪ ،‬فال يجوز‬
‫الطعن فيه أمام قاضي اإللغاء‬
‫ونخلص هنا أن سلطة التعديل تقتصر حسب الرأي الراجح في التعديل في نصوص‬
‫العقد والمتصلة بسير المرفق العام وحاجاته ومقتضياته‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المبحث الثاني‬

‫حق اإلدارة في توقيع الجزاءات على المتعاقد‬

‫إن اإلدارة تمل ك توقي ع الج زاءات على المتعاق د معه ا في حال ة التقص ير في تنفي ذ‬
‫التزاماته على أي وجه من األوجه " سواء تمثل هذا اإلخالل في االمتناع عن تنفي ذ‪ ،‬أو في‬
‫التأخير فيه‪ ،‬أو في القيام به بصورة غير مرض ية‪ ،‬أو في حلول غ يره في التزاماته دون‬
‫موافق ة اإلدارة‪...‬إلخ " وه ذا الح ق مق رر لإلدارة أيض ًا ول و لم ينص علي ه ص راحة في‬
‫العقد‪.‬‬
‫ولو ك انت الجزاءات التي يسمح بها القانون في حال ة اإلخالل بااللتزام ات التعاقدية‬
‫بين اإلف راد " كال دفاع بع دم التنفي ذ أو االلتج اء إلى القض اء " ال تغ ني في مج ال الص فقات‬
‫العمومي ة‪ ،‬ف إن المش ِّر ع ق د س مح لإلدارة بتط بيق ج زاءات أخ رى تتماش ى وطبيع ة‬
‫الص فقات العمومي ة ألن اله دف من ه ذه الج زاءات ليس تق ويم االعوج اج ال ذي يظه ر في‬
‫تنفيذ االلتزامات التعاقدية‪ ،‬كما هو الشأن في القانون الخاص‪ ،‬وإ نما الهدف منها هو تأمين‬
‫سير المرافق العامة‪ ،‬وبما أن الهدفين مختلفان في مجال عقود القانون الخاص و الصفقات‬
‫العمومية كان من الطبيعي أن تختلف الجزاءات في كل من نوعي العقود‪.‬‬

‫أم ا ح ق اإلدارة في ح ل الرابط ة العقدي ة " إنه اء العق د " فه و أخط ر الج زاءات ال تي‬
‫توقعه ا اإلدارة على المتعاق د وال تلج أ اإلدارة إلى ه ذا الن وع من الج زاءات إال في حال ة‬
‫الخطأ الجسيم أو المتكرر الذي يفقدها األمل في حسن تنفيذ المتعاقد اللتزاماته في المستقبل‬
‫ل ذلك س وف نبحث في ه ذا المبحث س لطة إيق اع الج زاء وفس خ العق د بمطل بين ‪:‬المطلب‬
‫األول‪ ،‬حق اإلدارة في توقيع الجزاء‪ ،‬و المطلب الثاني‪ :‬حق اإلدارة في إنهاء العقد ‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب األول‬
‫حق اإلدارة في توقيع الجزاء‬
‫تملك جهة اإلدارة باعتبارها سلطة عامة توقيع جزاءات إدارية على المتعاقد معها‪،‬‬
‫الممتن ع عن تنفي ذ التزام ه التعاق دي أو المت أخر في أدائ ه أو ال ذي نف ذه بص ورة ال تتف ق‬
‫وشروط التعاقد‪.‬‬
‫وتهدف تلك الجزاءات إلى تأمين سير المرفق العام بض مان تنفيذ العقد المرتبط به‬
‫بدق ة بإجب ار المتعاق د على الوف اء بالتزام ه التعاق دي على الوج ه األمث ل‪ ،‬كم ا أن ه ذه‬
‫الج زاءات اإلداري ة له ا خص ائص وطوائ ف ع دة تختل ف بحس ب ن وع المخالف ة المنس وبة‬
‫للمتعاقد‪ .‬كما تتفرد هذه الجزاءات عن تلك التي توقع في إطار تنفيذ العقود المدنية حيث‬
‫تملك اإلدارة حق توقيعها دون حاجة إلى حكم قضائي ودون حاجة إلى نص يقرر لها ذلك‬
‫الحق كما أنها تأخذ صور عدة تتمثل في جزاءات مالية كما في حالتي غرام ات الت أخير أو‬
‫مصادرة التأمين أو جزاءات ضاغطة وغيرها‪.‬‬
‫ل ذلك س وف نبحث ك ل م ا س بق في ف رعين‪ :‬الف رع األول‪ ،‬الخص ائص العام ة‬
‫للجزاءات اإلدارية‪ ،‬والفرع الثاني‪ ،‬صور الجزاءات اإلدارية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الخصائص العامة للجزاءات اإلدارية‪.‬‬
‫إذا أخ ل المتعاق د م ع اإلدارة بالتزامات ه التعاقدي ة الناش ئة عن العق د اإلداري ج از‬
‫لإلدارة المتعاق دة اتخ اذ إج راءات جزائي ة‪ ،‬ففي ليبي ا نص ت الم ادة " ‪ " 110‬من الئح ة‬
‫الصفقات العمومية الصادرة سنة ‪2007‬م سابقة الذكر على "‪.‬‬
‫" أ ‪ .‬إذا أخل المتعاقد بالتزاماته كان للجهة اإلدارية المتعاقدة أن توقع من تلقاء نفسها‬
‫دون االلتج اء إلى القض اء على المتعاق د الج زاءات اإلداري ة‪ .‬ول و لم يكن منص وص عليه ا‬
‫في العقد "‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وتنف رد الج زاءات ال تي توقعه ا اإلدارة على المتعاق د معه ا إذا م ا أخ ل بالتزام ه‬
‫التعاقدي باالمتناع عن التنفيذ أو التقصير فيه‪ ،‬بعدد من السمات تمييزها عن تلك التي توقع‬
‫في إط ار تنفي ذ العق ود المدني ة حيث تمل ك اإلدارة ح ق توقيعه ا دون حاج ة لحكم قض ائي‬
‫ودون حاج ة إلى نص يق رر له ا ذل ك الح ق إض افة إلى حقه ا في توقي ع الج زاء في ال وقت‬
‫الذي تراه مناسبًا مع عدم تطلب تسبب المخالفة في إصابة اإلدارة بضرر كشرط لتوقيع‬
‫الجزاء ويمكن إجمال هذه الخصائص في اآلتي‪:338‬‬
‫أوال‪ -‬حق اإلدارة في توقيع الجزاء بنفسها‪.‬‬
‫ال تحت اج اإلدارة لكي توق ع ج زاء على المتعاق د معه ا إلخالل ه ب أي من التزامات ه‬
‫التعاقدية إلى أن تلجأ للقضاء الستصدار حكم بالجزاء‪ ،‬حيث تملك حق توقيع الجزاء تلقائي ا‬
‫بمجرد ثبوت المخالفة لديها وقراراها في هذا الشأن خاضع لرقابة القضاء للتأكد من قيامه‬
‫على سبب يبرره وخلوه من الغلو أو االنحراف بالسلطة‪.‬‬
‫وه ذا الح ق يغطى‪ ،‬كقاع دة عام ة جمي ع أن واع الج زاءات ال تي توق ع المتعاق د المخ ل‬
‫بالتزاماته التعاقدية‪ ،‬وهذا ما أكدته الئحة الصفقات العمومية المطبقة في ليبيا والصادرة‬
‫سابقة الذكر‪.‬‬ ‫‪339‬‬
‫سنة ‪ 2007‬ولنافذة حاليا بنص المادة " ‪" 110‬‬
‫كم ا أن محكم ة القض اء اإلداري المص ري س لمت به ذه الخاص ية في حكمه ا الص ادر‬
‫في ‪ 17‬م ارس ‪ 1957‬حيث تق ول‪ ...:‬ومن حيث أن ه وإ ن ك ان لإلدارة س لطة توقي ع‬
‫جزاءات على المتعاقد إذا ما قصر في تنفيذ التزاماته‪ ،‬فإنه يتعين اإلفصاح عن رغبة جهة‬
‫اإلدارة في استعمال سلطتها هذه والبد من صدور قرار إداري‪.340‬‬

‫‪ -‬د عبد اهلل حداد ‪ ،‬صفقات األشغال العامة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪211‬‬ ‫‪338‬‬

‫‪ -‬المادة " ‪ " 110‬الئحة العقود اإلدارية ‪.‬‬ ‫‪339‬‬

‫‪ -‬القض ية رقم " ‪ ،" 1738‬س نة ‪ 10‬قض ائية‪ ،‬وزارة الص حة ض د الس يد عب د الحليم محم د عط اء‪ ،‬مجموع ة أحك ام‬ ‫‪340‬‬

‫المحكمة‪ ،‬السنة ‪ 11‬ص ‪ 271‬مشار إليه د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.478‬‬
‫‪200‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ولكن استثناء من هذه القاعدة العامة فإن مجلس الدولة الفرنسي يستثني عقوبة واحدة‬
‫من العقوبات وهي عقوبة إسقاط االلتزام فيجعل توقيعها للقضاء‪.341‬‬
‫كم ا أن اإلدارة توق ع الج زاء بنفس ها‪ ،‬وتفع ل ذل ك على مس ئوليتها تحت رقاب ة‬
‫القضاء‪.342‬‬
‫وح ق اإلدارة في توقي ع الج زاء بنفس ها على المتعاق د معه ا مش روط ب أن يتناس ب ه ذا‬
‫الجزاء ويتالءم مع الخطأ المنسوب إلى المتعاقد مع جهة اإلدارة‪ ،343‬بمعنى أن ه يتعين على‬
‫األق ل أن يثبت في ح ق المتعاق د ارتك اب خط أ تتناس ب جس امته م ع م ا وقعت ه علي ه اإلدارة‬
‫من ج زاء وإ ال اعت بر تص رفها بتوقي ع ه ذا الج زاء من قبي ل االنح راف وإ س اءة اس تعمال‬
‫السلطة وذلك لما شابه من غلو‪.344‬‬
‫ثانيا‪ -‬يوقع الجزاء اإلداري دون حاجة لنص يقرره‪.‬‬
‫سلطة اإلدارة في توقيع الجزاءات اإلدارية مستمدة من امتيازات السلطة العامة ال تي‬
‫تتمتع بها في مجال تنفيذ الصفقات العمومية‪ ،‬وبالتالي فإن استعمال اإلدارة لتلك السلطة‬
‫ال تحتاج إلى نص يقررها‪.‬‬
‫لكن الخالف هن ا ي برز فيم ا إذا ك ان بوس ع اإلدارة اختي ار ن وع الج زاء ال ذي توقع ه‬
‫على المتعاقد معها ووقع هذا الخطأ بذاته فهل تتقيد اإلدارة بهذا الجزاء المنصوص عليه‬
‫في العقد أم ال ؟‪.‬‬
‫هن اك رأي ي رى ؛أن اإلداري تتقي د به ذا الج زاء ح تى ول و ك ان مخالف ًا لم ا ه و‬
‫منص وص علي ه في الئح ة المناقص ات والمزاي دات حيث ي برر ه ذا ال رأي أن األص ل في‬

‫‪ -‬د عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪،‬مرجع سابق‪262.‬‬ ‫‪341‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.459‬‬ ‫‪342‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محم د األع رج‪ ،‬نظ ام العق ود اإلداري ة وف ق ق رارات وأحك ام القض اء اإلداري المغ ربي‪ ،‬م م‪.‬م‪.‬ا‪.‬م‪.‬ت‪ .‬سلس لة‬ ‫‪343‬‬

‫مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫‪ -‬د ‪.‬إبراهيم محمد علي‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬سنة ‪ ،.2002‬ص ‪.131‬‬ ‫‪344‬‬

‫‪201‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫العق د اإلداري أن ه يتم بتواف ق إرادتين تتجه ان إلى إح داث أث ر ق انوني معين‪ ،‬وليس عمًال‬
‫شرطيا‪ ،‬يتضمن إسناد مراكز قانونية عامة وموضوعية إلى أشخاص بذواتهم‪.345‬‬
‫والرأي األخر يرى أن سلطة توقيع الجزاءات هي سلطة مستقلة عن نصوص العقد‪،‬‬
‫توج د ح تى ول و لم ينص عليه ا في العق د‪ ،‬وإ ذا نص العق د على بعض ها ف إن ذل ك ال يع ني‬
‫تقييد حرية اإلدارة‪.‬‬
‫وفيما عدا ما نص عليه‪ ،‬تستطيع اإلدارة تحت رقابة القضاء أن توقع على المتعاقد‬
‫جميع أنواع الجزاءات المقررة‪.346‬‬
‫والجدير بالذكر هنا أن الفقه والقضاء المصري مستقران على أنه إذا توقع المتعاق دان‬
‫خطأ معينا ووضعا له جزاءا معين فيجب أن تتقيد اإلدارة بهذا الجزاء‪ ،‬ومن ثم ال يس ِّو غ‬
‫لها قانونًا أن تستبدل به غيره حتى ولو تبين أن الجزاء العقدي غير كاف‪ .347‬وفي فرنسا‬
‫الوض ع يختل ف عم ا ه و علي ه في مص ر‪ ،‬حيث تطب ق ه ذه القاع دة فيم ا يتعل ق بالغرام ات‪،‬‬
‫دون أي اس تثناء بحس بان أن الغرام ات تعت بر تعويض ًا جزئي ًا متف ق علي ه مق دما في العق د‬
‫وله ذا ال تس تطيع اإلدارة أن تس تبدلها بتع ويض أك ثر ارتفاع ًا‪ ،‬أم ا فيم ا ع دا الغرام ات من‬
‫ج زاءات فتس تطيع اإلدارة توقي ع ج زاءات أخ رى إذا رأت أنه ا أك ثر تناس بًا م ع المخالف ات‬
‫ال تي ارتكبه ا المتعاق د‪ ،‬فج از مجلس الدول ة لإلدارة توقي ع ج زاء أخ ف من الج زاء‬
‫المنص وص علي ه كف رض الحراس ة ب دًال من اإلس قاط المنص وص علي ه في العق د أو توقي ع‬
‫جزاًء أشد من الجزاء الذي حدده العقد كتوقيع حلول بدال من فرض الغرامات المقررة في‬
‫العقد أو توقيع الفسخ بدًال من الحلول‪.348‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬على جمع ة مح ارب ‪ ،‬اآلث ار الس لبية ل رفض التعاق د م ع مق دم العط اء األق ل ‪ ،‬مق ال منش ور في مجل ة المق اول‬ ‫‪345‬‬

‫صادرة عن اتحاد المقاولين ‪ ،‬بغداد ‪ ،‬ع ‪ ، 9‬س‪ 1989 ، 3‬ص‪11‬‬


‫‪ -‬د ‪.‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.481‬‬ ‫‪346‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬توفيق شحاتة‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري مرجع سابق ‪،‬ص ‪.797‬‬ ‫‪347‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬حمدي حسن الحلفاوي‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.369‬‬ ‫‪348‬‬

‫‪202‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ثالثا ‪ -‬حق اإلدارة في اختيار موعد توقيع الجزاء‬


‫تتسم الجزاءات اإلدارية بأن ميقات توقيعها يكون وقفا على اإلدارة وإ رادتها‪ ،‬فإذا لم‬
‫يوجد نص يلزم اإلدارة بأن توقع على المتعاقد معها جزاء ما ارتكب من إخالل بالتزاماته‬

‫التعاقدية في مدى زمني معين فإن اإلدارة يكون لها حق اختيار الوقت الذي تراه مناسبًا‬
‫لتوقيع الجزاء وفق ما تراه محققا لضمان سير المرفق العام‪.349‬‬
‫وإ ذا م ا ق ررت اإلدارة توقي ع الج زاء على المتعاق د‪ ،‬فإنه ا ت ترخص في اختي ار وقت‬
‫توقيع ه‪ ،‬وذل ك إذا الم يح دد العق د ميع ادا ل ذلك‪ ،‬وال يس تطيع المتعاق د المحاج ة ب أن اإلدارة‬
‫ت راخت في توقي ع الج زاء‪ ،‬وأن تراخيه ا أس اء إلي ه إذ ال يس وغ للمخطئ أن يس تفيد من‬
‫تقصيره"‪.350‬‬
‫رابعا ‪ -‬ضرورة إنذار المتعاقد قبل توقيع العقوبة‬
‫إن القاع دة العام ة تقتض ي أن تن ذر اإلدارة المتعاق د معه ا المخطئ وأن تنبه ه إلى‬
‫خطئه قبل توقيع الجزاء وهذا االلتزام‪ ،‬ال شك فيه بالنسبة بعض الجزاءات مثل غرامات‬
‫الت أخير وفي حال ة الفس خ‪ ،‬ولكن ه ذه القاع دة له ا اس تثناءات أوله ا‪ -‬ـ تعفى اإلدارة من‬
‫األعذار إذا تض من العقد شرطا بهذا المع نى أو إذا ورد حكم به في دفاتر الشروط أو في‬
‫نص من النص وص‪ ،‬وثانيه ا‪ -‬ـ إذا ك انت هن اك ظ روف تض في على تنفي ذ العق د ط ابع‬
‫الضرورة الملحة‪.351‬‬
‫كم ا أن اإلن ذار ليس ل ه ش كل مح دد وليس ت اإلدارة ملزم ة ب أن ت ذكر المتعاق د بكاف ة‬
‫تفاصيل التزاماته التي قصر في الوفاء بها‪.352‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ري د س ميث ‪ :‬مكافح ة الفس اد في المناقص ات العام ة ‪ ،‬منت دى الحري ة االقتص ادية ‪ ،‬مرك ز المش روعات الدولي ة‬ ‫‪349‬‬

‫‪، 2007‬ص‪77‬‬
‫‪ -‬د سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.480‬‬ ‫‪350‬‬

‫‪ -‬د عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.263‬‬ ‫‪351‬‬

‫‪ -‬د سليمان الطماوي ‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.285‬‬ ‫‪352‬‬

‫‪203‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كما أن اإلدارة إذا عدلت عند اإلنذار بعد توجيهه فإنه يتعين عليها أن تعيده من جديد‬
‫إذا أرادت الع ودة إلى التمس ك بالخط أ المنس وب إلى المتعاق د ولكن يجب أن يك ون الع دول‬
‫ص ريحا‪ ،‬ونتيج ة موق ف إيج ابي من اإلدارة‪ ،‬وال يكفي في ه ذا الص دد مج رد ال تراخي أو‬
‫مرور وقت طويل بين األعذار وبين توقيع الجزاء‪.353‬‬
‫خامسًا‪ -‬خضوع اإلدارة في توقيع الجزاءات لرقابة القضاء ‪.‬‬

‫ففي مواجهة سلطات اإلدارة الواسعة في توقيع الجزاءات على المتعاقد معها وتحقيق ًا‬
‫للت وازن تخض ع الج زاءات لرقاب ة القض اء وه ذه الرقاب ة تمث ل ض مانه للمتعاق د م ع اإلدارة‬
‫ض د مخالف ة اإلدارة للق انون‪ ،‬أو إس اءة اس تعمال س لطتها أو التعس ف في توقي ع ج زاء ال‬
‫يتناسب مع تقصير المتعاقد أو مخالفته لنصوص العقد‪.354‬‬
‫وه ذه الرقاب ة واس عة تش مل مش روعية الق رار الص ادر بتوقي ع الج زاء وتغطي أرك ان‬
‫الق رار اإلداري وهي االختصاص والشكل ومخالفة القانون واالنحراف‪ .355‬كما أنها تمتد‬
‫إلى أس باب الق رار اإلداري ودافع ه ومع روف أن رقاب ة الس بب تش مل التحق ق من ص حة‬
‫الوقائع التي استندت إليها اإلدارة لتوقيع الجزاء وتناسب الخطأ المنسوب إلى المتعاقد مع‬
‫وفيما يتعلق بالجزاءات المالية الموقعة على المتعاقد يملك القاضي الحكم بردها‬ ‫‪356‬‬
‫الجزاء‬
‫أو اإلعفاء منها أوتخفيضها‪.‬‬
‫أم ا بالنس بة لوس ائل الض غط واإلك راه كالغرام ة التأخيري ة ف إن للقاض ي أن يحكم‬
‫بالتعويض عنها‪ ،‬كما أن له أن يلغيها في بعض الحاالت ‪357‬وتمثل هذه الضمانة القضائية‬
‫موازنة هامة لسلطات اإلدارة الواسعة في توقيع الجزاءات المعروفة بامتياز المبادرة‪.‬‬
‫‪ -‬د سعاد الشرقاوي ‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.464‬‬ ‫‪353‬‬

‫‪ -‬د جم ال أحم د عثم ان‪ ،‬العق د اإلداري وقض اء اإللغ اء‪ ،‬رس الة دكتـوراه‪ ،‬كليـة الحق وق ‪ ،‬جامع ة اإلس كندرية‪ ،‬دون‬ ‫‪354‬‬

‫تاريخ نشر‪ ،‬ص‪111‬‬


‫‪ -‬د حمدي حسن الحلفاوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.368‬‬ ‫‪355‬‬

‫‪ -‬د‪ -‬حمد محمد الشلماني‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪159‬‬ ‫‪356‬‬

‫د‪ .‬عبداهلل إدريس ‪ ،‬المقارب ة القض ائية للعق د اإلداري ‪ ،‬مق ال منش ور بالمجل ة المغربي ة اإلدارة المحلي ة والتنمي ة ‪،‬‬ ‫‪357‬‬

‫سلسلة مواضيع الساعة عدد ‪2005 .50‬‬


‫‪204‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وه ذا م ا أك ده الحكم الص ادر عن المحكم ة اإلداري ة بال دار البيض اء حكم ع دد ‪243‬‬
‫بت اريخ ‪1996‬م بين ش ركة تنظي ف ص ناعية ض د الص ندوق الوط ني للض مان االجتم اعي‬
‫حيث اعتبرت أن مراقبة القاضي اإلداري للجزاءات المطبقة من طرف اإلدارة ال يقتصر‬

‫فقط على الوجود المادي ألسباب الجزاء وتكييفها القانوني‪ ،‬وإ نما تشمل هذه المراقبة أيض ًا‬
‫م دى مالئم ة الج زاء م ع خط ورة األفع ال الص ادرة عن المتعاق د وال ذي اعت بر إخالًال‬
‫بااللتزامات التعاقدية‪.‬‬
‫سادسًا ‪ -‬الضرر ليس شرطا لتوقيع الجزاء اإلداري‪.‬‬
‫أن جه ة اإلدارة ليس ت ملزم ة بإثب ات أن إخالل المتعاق د معه ا بالتزام ه التعاقدي ة ق د‬
‫أصابها بضرر‪ ،‬كمبرر لتوقيع الجزاء عليه‪ .‬ورغم عدم ورود هذه الخاص ية في العدي د من‬
‫الكتب المختص ة أال أن حكم لمحكم ة القض اء اإلداري المص ري ج اء في ه "‪...‬ال يش ترط‬
‫لتوقي ع الج زاءات إثب ات وق وع ض رر أص اب المرف ق الع ام‪ ،‬إذ أن ه ذا الض رر مف ترض‬
‫بمجرد تحقق السبب المنصوص عليه بالعقد ذلك أن التراخي في تنفيذ الصفقات العمومية‬
‫ينط وي في ذات ه على إخالل بالتنظيم ات ال تي رتبت اإلدارة بش أنها المرف ق وت أمين س يره‬
‫‪.‬‬ ‫على أساسها‬
‫‪358‬‬

‫‪ -‬المحكمة اإلداري ة العلي ا‪ ،‬طبع ة رقم ‪ 1211‬لسنة ‪ 10‬ق‪ ،‬جلسة ‪ .1963-11-30‬مجموع ة أحك ام السنة ‪ ،9‬ص‬ ‫‪358‬‬

‫‪.161‬‬
‫‪205‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬صور الجزاءات اإلدارية ‪.‬‬


‫يميز فقهاء القانون بين طائفتين رئيسيتين من الجزاءات اإلدارية المستندة الى فكرة‬
‫السلطة العامة والتي تخول جهة اإلدارة امتياز تنفيذ مباشر وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬الجزاءات المالية‪ ،‬وتشمل الغرامة ومصادرة التامين‬
‫‪.2‬الج زاءات الموقت ه‪ ،‬أو إج راءات الض غط المؤقت ة وتش مل وض ع المرف ق تحت‬
‫الحراسة في عقد التزام المرفق العام والحلول محل المتعاقد في عقد اإلشغال والشراء على‬
‫حساب المتعهد في عقد التوريد وعليه سوف نبحث هاتان الطائفتان على النحو اآلتي ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬الجزاءات المالية ‪.‬‬
‫وسوف يكون بحثنا في هذه الجزاءات التي يقصد بها توقيع عقوبة على المتعاقد‬
‫بغض النظ ر عن د أي ض رر يلح ق اإلدارة‪ ،‬وهي كم ا أس لفنا الق ول الغرام ة ومص ادرة‬
‫الت أمين‪ ،‬أم ا التع ويض ال ذي يقص د ب ه تغطي ة الض رر الحقيقي ال ذي يحل ق اإلدارة نتيج ة‬
‫لخطأ المتعاقد فتسري في شأنه القواعد العامة‪.‬‬
‫أ ‪ -‬الغرامة التأخيرية‪:‬‬
‫وتعني المبالغ اإلجمالية التي تقدرها اإلدارة مقدمًا‪ ،‬وتنص على توقيعها متى أخل‬
‫معين وخاصة فيما يتعلق بالتأخير في التنفيذ‪.360‬‬ ‫‪359‬‬
‫المتعاقد بالتزام‬
‫وحرص ًا على س ير‬ ‫‪361‬‬
‫فالغرام ة تع د ض مانًا لتنفي ذ العق د في المواعي د المتف ق عليه ا‬
‫المرف ق الع ام‪ ،‬ول ذا ف إن الغرام ات ال تي ينص عليه ا توقعه ا اإلدارة من تلق اء نفس ها دونم ا‬
‫حاج ة إلى استص دار حكم به ا م تى ت وفرت ش روطًا اس تحقاقها أو بمع نى حص ول اإلخالل‬
‫ويجم ع الش راح على‬ ‫‪362‬‬
‫من ج انب المتعاق د معه ا دون أن تل تزم بإثب ات حص ول ض رر‬

‫‪ -‬د ‪.‬محمد األعرج‪ ،‬نظام العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪155‬‬ ‫‪359‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،2007 ،‬ص ‪.489‬‬ ‫‪360‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬محمد عبد اهلل الحراري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬ ‫‪361‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬فؤاد العطار ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.600‬‬ ‫‪362‬‬

‫‪206‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ض رورة النص على الج زاءات في بن ود العق د‪ ،‬وع ادة م ا يك ون الج زاء ه و الغرام ة ال تي‬
‫تقدر بمبلغ معين عن كل يوم يوصف بالتأخير وتتميز الغرامة بأنها‪.‬‬
‫‪.1‬اتفاقي ة‪ :‬ألنه ا تح دد مق دما في االتف اق‪ ،‬ف إذا لم يكن ق د نص عليه ا في العق د‪ ،‬فال‬
‫يج وز لإلدارة أن تس عى إلى تطبيقه ا على المتعاق د‪ ،‬وإ ذا ك ان الت أخير مم ا يج وز أن يش به‬
‫بحال ة ع دم التنفي ذ أحك ام االل تزام‪ ،‬ف إن لإلدارة أن تلج أ إلى فس خ العق د ومص ادرة الت أمين‪،‬‬
‫وتقوم بشراء ما يستلزم المرفق على حساب المتعهد المقصر‪.‬‬

‫‪ - 2‬تلقائية‪ :‬بمعنى أنها تطبق مباشرة دونما حاجة من جانب اإلدارة إلى اإلثبات‬
‫ب أن ض ررًا ق د أص ابها وك ذلك ال يمكن رفعه ا إلى فئ ة أعلى ح تى ول و ك ان الض رر يزي د‬
‫على قدرها المعين‪.‬‬
‫ل ذلك فإنه ا تتم يز بكونه ا تطب ق بمقتض ى ق رار إداري دونم ا حاج ة إلى االلتج اء إلى‬
‫القض اء للحكم بتوقي ع ه ذا الن وع من الج زاء‪ ،‬وه و إج راء تتم يز ب ه الص فقات العمومي ة‬
‫وح دها مم ا يخ رج على م ا يج ري علي ه في مي دان الق انون الخ اص‪ ،‬حيث يتعين ت دخل‬
‫المح اكم التي تمل ك االنتق اص من التهدي د الم الي إذا قدرت أنه مغالى في ه‪ ،‬فجه ات اإلدارة‬
‫تخ رج عن ه ذا النظ ام عن طري ق الغرام ة بق رار إداري‪ ،‬كم ا أنه ا تس تحق عن الت أخير‬
‫بمج رد انقض اء الف ترة المح ددة في العق د دونم ا حاج ة إلى التنبي ه باس تحقاقها فهي تختل ف‬
‫ب ذلك على وض ع الفوائ د ال تي تحص ل عن الت أخير في مي دان الق انون الخ اص‪ ،‬إذ يتعين‬
‫اإلن ذار باس تحقاقها ح تى ول و تض من العق د ش رطا جزائي ا عن الت أخير‪ ،‬ومن جه ة أخ رى‬
‫تجيز مبادئ القانون اإلداري خصم الغرامات عن التأخير بواسطة جهة اإلدارة عن د إج راء‬
‫الحساب الختامي مع المتعهد من المبالغ المستحقة بمقتضى عقد االلتزام‪.‬‬
‫كم ا أن الغرام ة ال تي تتس م بالخص ائص الس الفة هي ج زاء كم ا ه و واض ح ول ذلك ال‬
‫يش ترط لتوقيعه ا قي ام ض رر يص يب اإلدارة ب ل أن ه ذا الض رر مف ترض بقرين ة قاطع ة ال‬
‫تقبل الدليل العكسي في ليبيا ورد النص على غرامة التأخير في المادة " ‪ " 100‬من الئحة‬

‫‪207‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الصفقات العمومية الصادرة سنة ‪ 2007‬م ضمن قائمة الجزاءات التي تملك جهة اإلدارة‬
‫توقيعها استنادا إلى حقها في التنفيذ المباشر أي من تلقاء نفسها دون االلتجاء إلى القضاء‪.‬‬
‫واس تثنت الم ادة " ‪ " 101‬فق رة " أ " من الالئح ة غرام ة الت أخير من وج وب اإلن ذار‬
‫قب ل توقي ع الج زاء على المتعاق د‪ ،‬بينم ا تن اولت الم ادة " ‪ "102‬فق رة " أ " أحك ام غرام ة‬
‫الت أخير‪ ،‬فنص ت على أن ه " إذا ت أخر المتعاق د عن تنفي ذ العق د في المواعي د المتف ق عليه ا‬
‫سواء كان التأخير متعلقا بالعمل كله أم بمرحلة من مراحله‪ ،‬استحقت عليه غرامة تأخير‬
‫عن المدة التي يتأخر فيها إنهاء العمل كله وتسليمه‪ ،‬أو التي يتأخر فيها إنجاز مرحلة من‬
‫العم ل عن الميع اد المح دد له ا في البرن امج الزم ني التفص يلي للمش روع وتس تحق الغرام ة‬
‫بالمبالغ أو النسب التي يحددها العقد ويتم حسابها على أساس من القيمة اإلجمالية للتعاقد‪،‬‬
‫وذلك إذا رأت الجهة اإلدارية المتعاقدة أن الجزء المتأخر من األعمال أو التوريدات يحول‬
‫دون االنتف اع األكم ل بم ا تم عمل ه أو توري ده بطري ق مباش ر أو غ ير مباش ر في المواعي د‬
‫المحددة‪ ،‬أما إذا رأت أن الجزء المتأخر ال يسبب شيئًا من ذلك‪ ،‬فتحسب الغرامة من قيمة‬
‫األعم ال المت أخرة فق ط وال يج وز أن تتج اوز غرام ة الت أخير ‪ %5‬من القيم ة اإلجمالي ة‬
‫للتعاقد إال إذا نص العقد على نسبة تجاوز ذلك‪ .‬ويجوز لجهة اإلدارة أن تؤجل استقطاعها‬
‫من المتعاق د إذا اقتض ت مص لحة العم ل ذل ك‪ ،‬ويش رط أن يك ون للمتعاق د ل دى ه ذه الجه ة‬
‫مبالغ مستحقة تكفي لتغطية مبلغ الغرامة‪ ،‬وال يخل اقتضاء الغرامة بعض جهة اإلدارة في‬
‫تعويض عما يصيبها من أضرار بسبب التأخير ويجوز اإلعفاء من كل أو بعض غرامة‬
‫التأخير متى اقتنعت الجهة المتعاقدة‪ ،‬وبعد موافقة الجهة المختص ة باالعتماد بأن التأخير‬
‫نشأ عن أسباب خارجة عن إرادة المتعاقد "‪.‬‬
‫وهن ا يجب أن نن وه إلى أن المتعاق د يعفى من توقي ع غرام ة الت أخير إذا أثبت أن‬
‫الضرر الذي أصاب اإلدارة يرجع إلى القوة القاهرة أو إلى فعل اإلدارة المتعاقدة ذاتها وقد‬

‫‪208‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫نص ت على ذل ك الئح ة الص فقات العمومي ة ونم اذج الص فقات العمومي ة الص ادرة‬
‫بقرارات من اللجنة الشعبية العامة " سابقًا "‪.363‬‬
‫ب ‪-‬مصادرة التأمين‪:‬‬
‫كما هو معلوم في إطار الصفقات العمومية أنه عند إرساء العطاء يجب على صاحب‬
‫العرض المقبول أن يودع تأمينًا نهائيًا‪ ،‬يختلف عن التأمين المؤقت الذي يودعه عند التقدم‬
‫بعرض ه ويمكن ه تكمل ة الت أمين الم ؤقت إلى م ا يس اوي قيم ة الت أمين النه ائي وه و ض مان‬
‫لجهة اإلدارة‪ ،‬تتوقأ به أثار األخطار التي يرتكبها المتعاقد بصدد تنفيذ العقد اإلداري‪.364‬‬
‫فهو بذلك ضمان لتنفيذ االلتزامات المتولدة عن العقد الصادر إذا فسخ العق د أو إذا نف ذ على‬
‫حساب المتعاقد المقصر‪ ،‬ولكن ال يصادر التأمين النهائي إذا تم بإرادة اإلدارة إحالة مهمة‬
‫فالتأمين يختلف عن‬ ‫‪365‬‬
‫القيام باألشغال التي لم يتم إنجازها إلى الغير في إطار عقد جديد‬
‫التعويض أالتفاقي في القانون المدني في أن اإلدارة توقعه بنفسها دون حاجة لصدور حكم‬
‫قض ائي ودون أن تل تزم بإثب ات أن ض ررًا م ا ق د لحقه ا من ج زاء اإلخالل بش روط العق د‬
‫وه و يتف ق في ه ذا الحكم تمام ًا م ع غرام ات الت أخير‪ ،‬إال أن ه يختل ف عن ه في مص ادرة‬
‫الت أمين كأح د الج زاءات المالي ة ال تي تعت بر مس تقلة عن فك رة التع ويض‪ ،‬على أس اس أن‬
‫التأمين يمثل الحد األدنى للتعويض الذي يحق لإلدارة اقتضاؤه‪.‬‬
‫ول ذلك فال يقب ل من المتعاق د المقص ر أن يثبت أن الض رر ال ذي أص اب اإلدارة يق ل‬
‫عن مبل غ الت أمين‪ ،‬ولكن الت أمين ال يمث ل الح د األقص ى للتعويض ات ال تي يج وز لإلدارة‬
‫المطالبة بها‪ .‬فحق مصادرة التأمين المقرر‪ .‬لإلدارة ال يحرمها من المطالبة بالتعويض عن‬
‫األض رار األخ رى ال تي لحقت به ا‪ ،366‬وال تي تتج اوز مق دار الت أمين‪ ،‬ويبقى رج وع إلدارة‬
‫بالتعويض ات األخ رى على المتعاق د المقص ر في حال ة ع دم كفاي ة الت أمين‪ ،‬ال يس تند إلى‬
‫‪ -‬د محمد الحراري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪243‬‬ ‫‪363‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد األعرج ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.275‬‬ ‫‪364‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.543‬‬ ‫‪365‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬أحمد عثمان عياد‪ ،‬مظاهر السلطة العامة مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.352‬‬ ‫‪366‬‬

‫‪209‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أحك ام العق د وإ نم ا إلى القواع د القانوني ة العام ة أو إلى أحك ام الق انون الخ اص ال تي تقض ي‬
‫وه ذه القواع د القانوني ة‬ ‫‪367‬‬
‫ب أن ك ل خط أ ي ترتب علي ه ض رر يل زم من ارتكب ه ب التعويض‬
‫ومن ثم فيجب على‬ ‫‪368‬‬
‫العام ة ال تتع ارض م ع فك رة الت أمين في الص فقات العمومي ة‬
‫اإلدارة إذا رأت أن ترج ع على المتعاق د المقص ر بتع ويض يج اوز مبل غ الت أمين أن تثبت‬
‫وقوع خطٍإ من المتعاقد إلخالله بالتزاماته التعاقدية وأن تثبت أو ضرر قد لحقه ا من جراء‬
‫هذا الخطأ يفوق مقداره قيمة التأمين المودع‪ ،‬وبهذا تختلف فكرة مصادرة التأمين عن فكرة‬
‫توقيع الغرامات‪.369‬‬
‫وبناء على ما سبق يمكن إجمال خصائص هذا الجزاء في اآلتي‪:‬‬
‫اإلدارة له ا الح ق في مص ادرة الت أمين عن د التقص ير في التنفي ذ ح تى ول و لم‬ ‫‪‬‬
‫ينص عليه‪.‬‬
‫اإلدارة له ا الح ق في توقي ع ج زاء المص ادرة بنفس ها دون انتظ ار حكم‬ ‫‪‬‬
‫القضاء‪.‬‬
‫اإلدارة تقوم بتوقيع هذا الجزاء بغير الحاجة إلى إلزامها بإثبات أن ضرر م ا‬ ‫‪‬‬
‫قد لحقها من جراء إخالل المتعاقد معها‪.‬‬
‫الت أمين الم ودع لض مان تنفي ذ العق د يمث ل الح د األدنى للتع ويض ال ذي يح ق‬ ‫‪‬‬
‫لإلدارة اقتناؤه ولكن ال يمثل الحد األقصى‪.‬‬
‫جزاء المصادرة توقعه اإلدارة في جميع حاالت الفسخ كما أن لها أن توقعه‬ ‫‪‬‬
‫دون فسخ للعقد‪.‬‬
‫إذا ارتبطت مص ادرة الت أمين في نص وص العق د أو الق انون لس بب معين فال‬ ‫‪‬‬
‫محل لتوقيعها لغيره‪.‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬عبد المجيد فياض‪ ،‬نظرية الجزاءات في العقد اإلداري‪ ،‬دار الفكر العربي سنة ‪ ،1975‬ص ‪.168‬‬ ‫‪367‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬عبد الغني بسيوني ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.458‬‬ ‫‪368‬‬

‫‪ -‬د سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.504‬‬ ‫‪369‬‬

‫‪210‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪ ‬اس تعمال اإلدارة لحقه ا في مص ادرة الت أمين أال يش وبه التعس ف أخ ذًا بمب دأ‬
‫وجوب توافر حسن النية في تنفيذ الصفقات العمومية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬الجزاءات المؤقتة أو إجراءات الضغط المؤقتة‪.‬‬


‫إن تقص ير المتعاق د م ع اإلدارة في تنفي ذ التزامات ه التعاقدي ة يخ ول لإلدارة الح ق في‬
‫اللجوء إلى إشهار وسائل الضغط المؤقتة حتى يكفل تنفيذ العقد على وجه يؤمن حسن س ير‬
‫المرفق‪.‬‬
‫وتتخذ هذه اإلجراءات صورة خاصة في كل عق د من العقود الرئيسية الثالثة‪ ،‬فهي‬
‫تتمثل في وضع المرفق تحت الحراسة في عقد االلتزام‪ ،‬وفي الشراء على حساب المتعهد‬
‫في التوريد‪.370‬‬
‫وتبقى هذه اإلجراءات الزجرية بكافة صورها تباشرها اإلدارة إعماًال المتيازها في‬
‫التنفي ذ المباش ر وهي به ذا تمث ل مظه رًا من أهم مظ اهر الس لطة العام ة في الص فقات‬
‫العمومية ‪.371‬‬
‫ه ذا ويبقى التنفي ذ المباش ر من أهم الوس ائل ال تي بي د اإلدارة‪ ،‬ويقص د ب ه أن تح ل‬
‫اإلدارة بنفس ها مح ل المتعاق د معه ا في تنفي ذ التزامات ه ال تي تخل ف عن الوف اء به ا أو تعه د‬
‫بهذا التنفيذ إلى شخص أخر وهي بذلك ال تنهي العقد المبرم معها وإ نما تحل محله وعلى‬
‫حسابه في تنفيذ التزاماته التي تخلف عن الوفاء بها‪ ،‬ويبقى المتعاقد األصلي مسئوال أمام‬
‫جهة اإلدارة ويتم شراء أو تنفيذ األعمال لحسابه وعلى مسؤوليته‪ ،‬ويكون له مع ذلك الحق‬
‫في رقاب ة تنفي ذ العملي ة‪ ،‬وه ذه الس لطة تخ ول اإلدارة اقتض اء حقوقه ا ل دى المتعاق د معه ا‬
‫مباشرة دون اللجوء إلى القضاء ومن أهم األحكام المتفرعة عن هذه السلطة هي‪.372‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬محمود خلف الجبوري‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.133‬‬ ‫‪370‬‬

‫‪-‬د ‪ .‬أحمد عياد عثمان‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.357‬‬ ‫‪371‬‬

‫‪ .‬د‪ .‬حمد محمد الشلماني‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪170‬‬ ‫‪372‬‬

‫‪211‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪ ‬حلول اإلدارة محل المتعاقد معها في تنفيذ التزاماته سواء بنفسها أو بإحالل‬
‫غيره محله في تنفيذ التزاماته‪.‬‬
‫‪ ‬اقتضاء اإلدارة حقوقها مباشرة اللجوء إلى القضاء حيث يمكنها اقتطاع مالها‬
‫من حقوق المتعاقد معها من أية مبالغ مستحقة له‪.‬‬
‫‪ ‬اقتضاء حقوقها دون اتباع طريق حجزها للمدين لكن يجب على اإلدارة هنا‬
‫أن تلتزم توفر شرطان أساسيان لكي تمارس هذه السلطة وهما‪.‬‬
‫‪ .1‬أن يكون المتعاقد قد ارتكب أخطاء جسيمة في تنفيذ التزاماته التعاقدية‪.‬‬
‫ومن أمثل ة ذل ك الخط أ الجس يم ال ذي يرتكب ه المل تزم في تنفي ذ االل تزام حال ة التعطي ل‬
‫الكلي أو الج زئي للمرف ق ففي ه ذه الحال ة ال يج وز وض ع المرف ق تحت الحراس ة " لعج ز‬
‫الملتزم وعدم كفايته "‪.‬‬
‫والوض ع تحت الحراس ة في عق ود االمتي از يج وز أن تف رض العتباره ا إج راء من‬
‫إج راءات الض غط الم ؤقت أي كج زاء مقاب ل خط أ جس يم من المل تزم ولكن كوس يلة وقائي ة‬
‫لتأمين سير المرفق العام إذا كان يخشى من تعرضه للخطر بخالف عقد األشغال العامة‪،‬‬
‫فالفق ه والقض اء يش ترط ت وفر تقص ير على درج ة من الجس امة في أداء ال تزام على درج ة‬
‫من األهمية‪ ،‬فاألخطاء ذات األهمية المحدودة ال تكفي لغرض الحلول‪.‬‬
‫أم ا في عق د التوري د ف إن األخط اء الجس يمة ال تي ت برر الش راء على حس اب المتعه د‬
‫المقصر في تنفيذ التزاماته التعاقدية‪ ،‬لها أشكال مختلفة فيجوز التنفيذ على حساب المتعهد‬
‫أو بسبب االمتناع أو العجز عن تنفيذ التوريد أو بسبب تنفيذ‬ ‫‪373‬‬
‫بسبب التأخير في التسليم‬
‫العق د على وج ه غ ير م راد أو إحالل المتعه د لغ يره محل ه دون موافق ة الجه ة الرس مية‪،‬‬
‫أوبسبب اإلهمال في تنفيذ االلتزامات التي يفرضها عليه العقد على وجه يعرض المرفق‬
‫للخطر‪.‬‬

‫‪ -‬د حسين درويش‪ ،‬وسائل الضغط في العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪373‬‬

‫‪212‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪ .2‬يجب على اإلدارة أن تن ذر المتعاق د قب ل توقي ع الج زاء‪ .‬وهن ا يجب على اإلدارة‬
‫قب ل اتخ اذ أي أج راء لتوقي ع ه ذا الج زاء " وس ائل الض غط " المش ار إليه ا س ابقًا أن تن ذر‬
‫المتعاق د معه ا وه ذا أم ر ب ديهي لوج وب تنبي ه المتعاق د إلى خط ورة النت ائج المترتب ة على‬
‫خطئه ويالحظ من كل ما سبق أن أجراء السحب أو أي من وسائل الضغط ال يحول دون‬
‫أن تجم ع جه ة اإلدارة بين ه وبين الج زاءات األخ رى ال تي ال تتن افى م ع طبيعته ا كالغرام ة‬
‫المالية أو مصادرة التأمين أو المطالبة بالتعويض إن كان له مقتضى‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫حق اإلدارة في إنهاء العقد اإلداري‬
‫إنهاء العقد اإلداري هو جزاء توقعه اإلدارة المتعاقدة على المتعاقد معها الذي لم يعد‬
‫ق ادرًا على الوف اء بالتزام ه التعاقدي ة على نح و م ا ينبغي حيث تنهي اإلدارة به ذا الج زاء‬
‫التعاقد معه بصورة ميسرة تفرضها موجبات تحقيق المصلحة العامة في دوام سير المرافق‬
‫العامة بانتظام‪ ،‬والفسخ هو قمة الجزاءات التي تملك اإلدارة حق توقيها على المتعاقد معها‬
‫جزاء إخالله بالتزامه التعاقدي بعد أن تكون كافة الوسائل قد أجدبت في إصالحه‪ ،‬مما يفقد‬
‫اإلدارة الثقة في التعامل معه نتيجة لتولد يقين لديها بأن التعامل مع هذا المتعاقد في ضوء‬
‫س لوكه في تنفي ذ العق د من ش أنه األض رار بالمص لحة العام ة ال تي ألج ل تحقيقه ا تم إب رام‬
‫العقد‪ ،‬فإذا كانت مقتضيات المصلحة العامة قد تفرض على اإلدارة فسخ العقد حتى ولو لم‬
‫ي رتكب المتعاق د خط أ‪ ،‬ف إن تحقي ق تل ك المص لحة ومن ب اب أولى يمنحه ا خط أ في فس خ‬
‫التعاق د إذا م ا أخ ل المتعاق د بالتزام ه التعاق دي‪ ،‬ولك ل م ا س بق س وف نبحث ه ذا المطلب‬
‫سلطة فسخ العقد اإلداري بفرعين‪ :‬الفرع األول ؛صور سلطة فس خ العق د اإلداري‪ ،‬والفرع‬
‫الثاني؛ شروط سلطة فسخ العقد اإلداري‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع األول‪ :‬صور سلطة إنهاء العقد اإلداري‪.‬‬


‫لإلدارة سلطة إنهاء العقد أو أنها العالقة التعاقدية بينها وبين المتعاقد معها قبل األجل‬
‫المح دد في عق د االمتي از والقي ام بالتنفي ذ الكام ل في عق ود األش غال العام ة وعق د التوري د‬
‫واص طلح على ه ذه الس لطة بالفس خ بالنس بة للعق ود اإلداري ة المختلف ة في الق انون المص ري‬
‫والليبي والمغربي‪ ،‬أما القانون الفرنسي فقد أطلق مصطلح اإلسقاط إذا تعلق األمر بإنهاء‬
‫عقد االمتياز‪ .374‬وهذه السلطة لها صورتان‪ .‬أولها‪ ،‬إنهاء العقد اإلداري لدواعي المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬والثانية إنهاء العقد اإلداري نتيجة لخطأ المتعاقد‪.‬‬
‫أوًال ‪ -‬سلطة إنهاء العقد اإلداري لدواعي المصلحة العامة‪.‬‬
‫هناك شبه إجماع في الفقه الفرنسي على اعتبار أن سلطة اإلدارة في إنهاء العقد‬
‫اإلداري لدواعي المصلحة العامة ودون خطأ من المتعاقد باعتبارها حقا ثابتا لها في جميع‬
‫العق ود س واء وج د نص يج يز له ا ذل ك أو لم يوج د‪ ،375‬في حين ي رى قل ه منهم أن س لطة‬
‫اإلدارة في إنه اء العق د اإلداري ل دواعي المص لحة العام ة ليس ت من النظ ام الع ام‪ ،‬فهي ال‬
‫‪376‬‬
‫توجد إال إذا كانت مدرجة صراحة في شروط العقد أو بمقتضى نص قانوني‬
‫أما في مصر فهناك إجماع تام في الفقه يرى أن سلطة اإلدارة في إنهاء العقد‬
‫اإلداري باإلرادة المنفردة لدواعي المصلحة العامة من النظام العام‪.377‬‬
‫أما المغرب فأن الفقه قد وضع بعض الضوابط يتعين مراعاتها في إنهاء العقود‪،‬‬
‫وهي أن ح ق اإلدارة في إنه اء الص فقات العمومي ة ليس ت بس لطة مطلق ة ولكنه ا س لطة‬
‫تقديرية يجب أن تستهدف المصلحة العامة‪ ،‬وأن اإلدارة حينما تستعمل هذه السلطة‪ ،‬فإنها‬
‫‪378‬‬
‫تستعملها تحت رقابة القضاء‬

‫‪ -‬د ‪.‬مازن ليلو راضي‪ ،‬العقود اإلدارية في القانون الليبي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.120‬‬ ‫‪374‬‬

‫د ‪ .‬عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪289‬‬ ‫‪375‬‬

‫‪ -‬د جمال عثمان جبريل‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.227‬‬ ‫‪376‬‬

‫‪ -‬د سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.709‬‬ ‫‪377‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬الحاج شكرة‪ ،‬الوظيفة والموظف في القانون اإلداري المغربي ‪،‬الطبعة األولى ‪،‬ص ‪137‬‬ ‫‪378‬‬

‫‪214‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ويترتب على اعتبار سلطة اإلدارة في أنها العقد اإلداري من جانب واحد لدواعي‬
‫المصلحة العامة من النظام العام النتائج اآلتية‪.379‬‬
‫‪ .1‬هذه السلطة مقررة لصالح اإلدارة حتى في حالة سكوت العقد اإلداري ذاته‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪ .2‬ال يجوز لإلدارة أن تتنازل عن هذه السلطة بإدراج نص يمنعها من ممارس ة‬
‫هذا الحق في مواجهة المتعاقد‪.‬‬
‫‪ .3‬ال يحق ألطراف العقد االتفاق على ما يخالف ممارسة هذه السلطة‪.‬‬
‫‪ .4‬عن دما ي رد نص في العق د اإلداري يس مح لإلدارة بممارس ة س لطة اإلنه اء‪،‬‬

‫ف إن ه ذا النص يك ون كاش فًا لح ق اإلدارة في ممارس ة س لطة اإلنه اء وليس مق ررًا‬


‫لها‪.‬‬
‫‪ .5‬تتمتع اإلدارة بهذه السلطة طبق ًا المتياز التنفيذ المباشر ودون حاجة للقضاء‬
‫لتقرير إلنهاء باعتباره من النظام العام‪.‬‬
‫‪ .6‬لإلدارة الح ق في إنه اء العق د اإلداري للمص لحة العام ة و ح تى قب ل انقض اء‬
‫المدة المحددة بالعقد‪.‬‬
‫‪ .7‬المتعاقد ال يجوز له االعتراض على اإلدارة في ممارستها لهذا الحق مادام‬
‫حقه بالتعويض الكامل مضمون‪.‬‬

‫أما المشِّر ع الليبي لم ينظم كما سبق وذكرنا كيفية إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وألث ار‬
‫ال تي ت ترتب عليه ا في ق انون إلى ح د اآلن ب ل ت رك ذل ك للس لطة التنفيذي ة س واء مجلس‬
‫ال وزراء الس ابق‪ ،‬أو اللجن ة الش عبية العام ة ‪ -‬س ابقًا ‪ -‬حيث ت ولت إص دار أول الئح ة‬
‫لتنظيم العق ود في ليبي ا س نة ‪ 1980‬وال تي اع ترف فيه ا لإلدارة بس لطة أنه ا العق د اإلداري‬
‫ب اإلدارة المنف ردة‪ ،‬وذل ك من خالل نص ه في الم ادة "‪ "7‬من أول الئح ة للعق ود اإلداري ة‬

‫‪ -‬د ‪.‬محمد صالح عبد البديع‪ ،‬سلطة اإلدارة في إنهاء العقد اإلداري ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ، 1993،‬ص ‪.425‬‬ ‫‪379‬‬

‫‪215‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫صدرت عام ‪ 1980‬على أنه " لجهة اإلدارة المتعاقدة أن تنهي العقد اإلداري في أي وقت‬
‫تشاء بدون وقوع خطأ من المتعاقد إذا اقتضى ذلك الصالح العام‪ ،‬بشرط تعويض المتعاقد‬
‫تعويضًا كامًال‪ ،‬وال يجوز اإلنهاء بهذه الطريقة إال بعد موافقة جهة االعتماد "‪.‬‬
‫كم ا اع ترف لجه ة اإلدارة بإنه اء العق د ب اإلرادة المنف ردة في نم وذج عق د مق اوالت‬
‫األشغال العامة في المادة " ‪ " 33‬التي نصت على أنه " يجوز للطرف األول أنها العقد في‬
‫أي وقت‪ ،‬ودون وق وع خط أ من ج انب المتعاق د إذا اقتض ى ذل ك الص الح الع ام‪ ،‬بش رط‬
‫تعويض الطرف الثاني أن كان للتعويض محل‪ ،‬كما نصت المادة " ‪ " 17‬من نموذج عقد‬
‫التوريد على ذلك أيضًا‪.‬‬
‫كم ا أن ه ذا االع تراف نص ت علي ه جمي ع الل وائح ال تي نظمت الص فقات العمومي ة‪،‬‬
‫وآخره ا الالئح ة رقم ‪ 563‬لس نة ‪2007‬م أو المطبق ة حالي ًا حيث نص ت الم ادة " ‪" 107‬‬
‫منها على أنه " يجوز لجهة اإلدارة المتعاقدة أن تنهي العقد في أي وقت تشاء ودون وقوع‬
‫خطأ من جانب المتعاقد إذا اقتضى ذلك الصالح العام‪ ،‬بشرط موافقة الجهة المصدرة لألذن‬
‫بمباش رة إج راءات التعاق د‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة تص رف للمتعاق د مس تحقاته عم ا تم تنفي ذه من‬
‫أعمال‪ ،‬وترد إليه التأمينات التي قدمها مع تعويضه عن ذلك عند االقتضاء" ومن خالل ما‬
‫تق دم يت بين لن ا أن س لطة اإلدارة في إنه اء عقوده ا اإلداري ة بإرادته ا المنف ردة هي س لطة‬
‫معترف بها لجهة اإلدارة‪ ،‬وفي جميع أنواع الصفقات العمومية‪ ،‬شريطة أن يكون هدف‬
‫اإلدارة العامة دائمًا المصلحة العامة‪ ،‬وذلك حرصا على حسن سير مرافق الدولة بانتظام‬
‫واط راد‪ ،‬وه و اتج اه محم ود‪ ،‬باعتب ار أن ذل ك يمكن اإلدارة من إنه اء اي تعاق د ال تك ون‬
‫هن اك ج دوى من اس تمراره طالم ا أن المتعاق د س وف يتحص ل على تع ويض مناس ب نتيج ة‬
‫إنهاء عقده‪.‬‬
‫إذا المصلحة العامة تمثل بالنسبة للعمل اإلداري الباعث والغاية‪ ،‬فاستهداف المصلحة‬
‫العام ة ش رط موض وعي لمش روعية العم ل اإلداري وعلى عكس نش اط األف راد ال ذين‬

‫‪216‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫يس تطيعون العم ل في ح دود الش رعية واألخالق ومن أج ل غاي ات مختلف ة تش مل المص الح‬
‫الشخص ية‪ ،‬ف إن اإلدارة ال تعم ل إال على ض وء المص لحة العام ة وح دها وإ ال ش اب الق رار‬
‫عيب االنحراف بالسلطة‪ .380‬وتجدر اإلشارة إلى أن حاالت تحقيق المصلحة شديدة التنوع‬
‫وال يمكن حص رها بدق ة‪ ،‬م ع ذل ك فق د ح دد القض اء اإلداري في فرنس ا ومص ر بعض‬
‫الح االت ال تي اع ترف فيه ا بت وافر ش روط في المص لحة العام ة ال تي ت برر إنه اء العق د‬
‫اإلداري‪ ،‬وحاالت أخرى رفض فيها االعتراف بتوافر هذه المصلحة‪ ،‬ومن الحاالت التي‬
‫اعترف فيه ا مجلس الدول ة الفرنسي والمص ري بتوافر ش رط المص لحة العامة ال ذي يبرر‬
‫إنهاء العقد هي‪.381:‬‬
‫أوال ‪ -‬انتهاء احتياجات المرفق العام التي أبرم العقد اإلداري من أجل توفيرها‪.‬‬
‫ف إذا ت بين بع د التعاق د أن العق د لم يع د ص الحا أو مفي دا لإلدارة بس بب تغ ير‬
‫الظروف الالحقة إلبرام العقد على الظروف التي أحاطت بالعقد وقت إبرامه فإن من حق‬
‫اإلدارة إنهاء العقد في هذه الحالة ومن الحاالت التي تندرج تحت هذا الشرط ما يلي‪:382‬‬
‫‪ .1‬توق ف القت ال ال ذي يعطي اإلدارة الح ق في إنه اء عق د التوري د وه و م ا ال تزم ب ه‬
‫مجلس الدولة الفرنسي في أعقاب الحربين العالميتين األولى والثانية‪.‬‬
‫حيث أق ر لإلدارة ب الحق في إنه اء‪ ،‬عق ود التوري د المتعلق ة ب المجهود الح ربي بس بب‬
‫توافر شرط المصلحة العامة المتمثل في عدم فائدة استمرار هذه العقود نتيجة توقف القت ال‬
‫في أعقاب الحرب وزوال الحاجة إلى هذه العقود نتيجة لذلك‪.‬‬
‫‪.2‬انع دام الفائ دة من العق ود المبرم ة نظ رًا لع دم احتي اج المرف ق الع ام إليه ا‪ ،‬ويتحق ق‬
‫ذلك في حالة إنهاء عقد أشغال عامة مخصص إلصالح وتحسين منشآت توصيل المي اه في‬

‫‪ -‬د محمد مصطفى حسن‪ ،‬المصلحة العامة في القانون والتشريع اإلسالمي‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪380‬‬

‫‪ -‬د ‪،‬سليمان الطماوي ‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.523‬‬ ‫‪381‬‬

‫‪ -‬د ‪ .‬محمد صالح عبد البديع‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.507‬‬ ‫‪382‬‬

‫‪217‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫إحدى المدن نتيجة انضمام هذه المدينة لمشروع عام لتوصيل المياه‪ ،‬حيث تصبح بالتالي‬
‫األشغال المنصوص عليها في العقد غير ذي فائدة‪.‬‬
‫وقد اعترفت المحكمة العليا في مصر في حكمها الصادر بتاريخ ‪1957-4-20‬م‬
‫والذي جاء فيه " لإلدارة دائم ًا سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن هذا يقتضيه الصالح العام‪،‬‬
‫وليس للطرف اآلخر إال الحق في التعويض إذا كان له وجه‪.383...‬‬

‫وقد أقرت أيض ًا في حكمها بتاريخ ‪ 1968.3.2‬بسلطة اإلدارة في إنهاء عقد توريد‬
‫عندما يتبين لها أن األصناف التي تم توريدها ال تفي بالغرض المطلوب من أجله‪.384‬‬
‫ثاني ا‪ -‬إلغ اء المرف ق الع ام ال ذي أب رمت العق ود من أج ل تس ييره أو إع ادة تنظيم‬
‫المرفق بما يتالءم مع التطورات العلمية الحديثة ‪ ،‬والحاالت التي تدخل ضمن هذا الشرط‬
‫هي‪:‬‬
‫‪385‬‬
‫أ‪ .‬إنهاء العقد لتطوير الوسيلة المستخدمة في تسيير المرفق العام‬
‫ب‪ .‬إنهاء عقد التزام المرفق الع ام عن طريق استرداد االلتزام قبل نهاية مدة العقد‬
‫المتف ق عليه ا بقص د تحوي ل نظ ام إدارة المرف ق إلى نظ ام اإلدارة المباش رة‪ ،‬أو إلى ش ركة‬
‫ذات اقتص اد مختلط ب دًال من االل تزام أو لرغب ة السلطة مانحة االل تزام في أن تعهد تسيير‬
‫المرفق العام إلى مؤسسة عامة محلية بدون قصد الربح أو الِّتباع الملتزم في إدارة المرف ق‬
‫لسياسية مختلطة عن السياسية التي تريدها السلطة مانحة االلتزام‪.‬‬
‫ج‪ .‬إنه اء العق د بس بب التع ديالت في احتياج ات وطريق ة س ير المرف ق الع ام وك ذلك‬
‫تزايد احتياجات المرفق العام محل العقد‪.‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة اإلدارية العليا الطعن رقم ‪ 1020‬ق‪ ،‬جلسة ‪ 1957.4.2‬من ‪ 9‬ص ‪ 937‬مشار إليه وحمدي ياسين‬ ‫‪383‬‬

‫عكاشة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 256‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬جلسة ‪ 1968‬س ‪ ،13‬ص ‪625‬‬ ‫‪384‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬ع ادل عب د الرحم ان خلي ل‪ ،‬المب ادئ العام ة في إنه اء العق د اإلداري ‪،‬دار النهض ة العربي ة‪ ،‬س نة ‪، 1995‬ص‬ ‫‪385‬‬

‫‪.384‬‬
‫‪218‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫د‪ .‬إنهاء العقد بسبب تغيير الظروف االقتصادية‪.‬‬


‫ه‪ .‬إلغاء العقد بسبب الصعوبات التي تواجه المتعاقد في تنفيذه‬
‫أم ا الح االت ال تي رفض فيه ا مجلس الدول ة الفرنس ي والمص ري االع تراف بت وافر‬
‫شرط المصلحة العامة الذي يبرر إنهاء العقد‪.‬‬
‫‪ .1‬اإللغاء ألسباب شخصية ‪.‬‬
‫ال يح ق لإلدارة أن تنهي العق د اإلداري بإرادته ا المنف ردة من أج ل أس باب شخص ية‬
‫بحثه ال تتعلق بالمصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ .2‬اإللغاء ألسباب تتعلق بحرية العقيدة الدينية ‪.‬‬
‫فق رار اإلدارة بإنه اء العق د اإلداري يك ون مش وبًا بعيب تج اوز الس لطة من ج انب‬
‫اإلدارة إذا ك ان ص ادرا من أج ل أس باب أجنبي ة عن حس ب المرف ق الع ام ومخالف ًا لحري ة‬
‫القصائد الدينية ‪.‬‬
‫‪386‬‬

‫‪ .3‬اإلنهاء ألسباب ذات طابع سياسي أو للنشاط النقابي للمتعاقد‪.‬‬


‫فمجلس الدولة الفرنسي حكم بإلغاء‪ ،‬قرارات اإلدارة بفصل المتعاقدين‪ ،‬وذل ك الس تناد‬
‫هذه القرارات على أسباب ذات طابع سياسي وعلى النشاط النقابي للعامل‪.387‬‬
‫‪ .4‬إنهاء العقد ألسباب مالية ‪.‬‬
‫يرى بعض الفقهاء الفرنسيين أنه يجوز لإلدارة إنهاء العق د اإلداري بإرادته ا المنفردة‬
‫‪388‬‬
‫ألسباب مالية تتعلق باإلدارة مثل تحقيق مصلحة مالية لإلدارة‪.‬‬
‫ولكن غالبي ة الفق ه والقض اء الفرنس ي والمص ري ي رى أن ه ال يج وز لإلدارة إنه اء‬
‫‪389‬‬
‫العقد اإلداري بدون خطأ من جانب المتعاقد لمجرد تحقيق مصلحة مالية لإلدارة‬

‫‪ -‬د ‪.‬صالح عبد البديع‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.510‬‬ ‫‪386‬‬

‫‪387‬‬
‫‪- C.E.26 OCT 1960 SIEUR RIOUX REC. P 558.‬‬
‫‪388‬‬
‫‪- Gestion des contrats administratifs ED M. GIARD 1932 T. 2. P. 278‬‬
‫‪ -‬د ‪.‬ثروت بدوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪389‬‬

‫‪219‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وهن اك من ي رى أن الط ابع الباه ظ مالي ًا للعق د اإلداري ال ذي تبرم ه اإلدارة م ع‬


‫متعاق ديها يمكن اعتب اره س ببًا من أس باب المص لحة العام ة ال تي ت برر لإلدارة إنه اء العق د‬
‫اإلداري باإلرادة المنفردة‪.390‬‬
‫ويتضح مما سبق أنه ال يجوز لإلدارة أن تنهى العقد اإلداري مستندة ألسباب خارج ة‬
‫عن المص لحة العام ة فهي دائم ًا الب اعث الوحي د والس بب األهم لإلدارة في إنه اء العق د‬
‫اإلداري‪ ،‬فإن أنهت العقد اإلداري غير مستندة إلى المصلحة العامة يكون تصرفها مشوبا‬
‫بعيب االنحراف بالسلطة‪.‬‬
‫كما أن هذه السلطة يقابلها حق المتعاقد في التعويض إال إذا تضمن العقد نص ًا على‬
‫عدم استحقاق المتعاقد على أي تعويض في حالة إنهاء عقده‪ ،‬فإنه ال يستحق هذا التعويض‬
‫كم ا يجب أن يكون قرار اإلنهاء قد ص در وفق ًا لألوضاع التي حددتها القوانين واللوائح‪.‬‬
‫حيث يجب أن يتوفر في قرار اإلدارة بإنهاء العقد اإلداري باإلرادة المتفردة جميع الشروط‬
‫الالزم ة لص حة األعم ال المبني ة على س لطة تقديري ة‪ ،‬وعلى اإلدارة هن ا أن ت راعي جمي ع‬
‫اإلج راءات المنص وص عليه ا في العق د‪ ،‬أو في الق وانين والل وائح‪ ،‬وإ ال ك ان ق رار اإلنه اء‬
‫غير مشروع‪.‬‬
‫وفي المغ رب نج د أن ه ذا الج زاء كغ يره من الج زاءات يخض ع لرقاب ة قاض ي العق د‬
‫للتحقق من أنه غير مشوب بالتعسف وذلك من ناحيتين ‪:‬‬
‫األولى ‪ -‬مشروعية الجزاء في ذاته ‪.‬‬
‫الثانية ‪ -‬مدى تناسبه مع درجة إخالل المتعاقد بالتزاماته ‪.‬‬
‫وه و م ا يؤك ده القاض ي اإلداري باس تمرار وعلى ه ذا األس اس قض ت المحكم ة‬
‫اإلداري ة بال دار البيض اء " وحيث أن الفق ه ق د وض ع بعض الض وابط يتعين مراعاته ا في‬
‫إنه اء العق ود‪ ،‬وهي أن ح ق اإلدارة في إنه اء الص فقات العمومي ة ليس ت س لطة مطلق ة‬
‫ولكنه ا س لطة تقديري ة يجب أن تس تهدف المص لحة العام ة وإ ن اإلدارة حينم ا تس تعمل ه ذه‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد صالح عبد البديع‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.514‬‬ ‫‪390‬‬

‫‪220‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫السلطة‪ ،‬فإنها تستعملها تحت رقابة القضاء اإلداري‪ ...‬وحيث أن عقوبة الفسخ التي لجأت‬
‫إليها اإلدارة كجزاء لسوء الصيانة وعدم احترام بنود العقد ال تتالءم مع األخطاء المنسوبة‬
‫إلى المتعاق د معه ا‪ ،‬وحيث أن ه أم ام إخالل اإلدارة بالمس طرة المنص وص عليه ا ولك ون‬
‫الجزاء الموقع على المتعاقد ال يتناسب مع اإلخالالت المنسوبة إليهن فإن المحكمة ترى أن‬
‫الفس خ ج اء مش وبا بالش طط في اس تعمال الس لطة ومخالف ا للق انون يس تحق مع ه المتعاق د‬
‫تعويضا كامال عن األضرار الحاصلة له عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب‪.391‬‬
‫كما أن القضاء اإلداري الليبي يمارس رقابته على قرار اإلدارة بإنهاء العقد اإلداري‬
‫للمص لحة العام ة ف إذا ثبت للمحكم ة أن ق رار اإلنه اء لم يقم على أس باب مش روعة‪ ،‬حكم‬
‫للمتعاق د ب التعويض المناس ب دون أن تمت د س لطة المحكم ة للبحث عن مالءم ة الق رار‬
‫وإ لغائه‪.392‬‬
‫وفي الواق ع ف إنني أرى أن موق ف القض اء اللي بي لم يكن موفق ًا وأرى أن ه يجب أن‬
‫يبحث في أس باب ق رار اإلنه اء ويلغيه ا إذا لم تكن مش روعة‪ ،‬باإلض افة إلى الحكم للمتعاق د‬
‫ب التعويض المناس ب ألن اإلدارة يجب إال تتعس ف وتنح رف في ممارس تها لس لطتها في‬
‫اإلنهاء االنفرادي للعقد اإلداري‪ ،‬وأن يكون دافعها ورائدها دائمًا المصلحة العامة‪.‬‬
‫كما أن اإلدارة يجب أال تجبر على االستمرار في عالقتها التعاقدية مع المتعاقد معها‬

‫إذا هي رأت م ا يمنعه ا من التعام ل م ع أح د متعاق ديها ألس باب س ائغة إذ ال يس اغ عقًال‬
‫ومنطقًا أن تبقى اإلدارة على عقد بشروط معينة ال يؤتي نفعًا‪ ،‬ألن ذلك إهدار للمال العام‪،‬‬
‫وعليه فال ضير من أن تنهي اإلدارة العامة العقد باإلرادة طالما يتم بتعويض المتعاقد معه ا‬
‫نتيجة هذا اإلنهاء‪.‬‬

‫‪ -‬حكم المحكم ة اإلداري ة بالدار البيض اء عدد ‪ 243‬بت اريخ ‪ 1996.9.23‬ش ركة تنظي ف صناعي ص ندوق الوطني‬ ‫‪391‬‬

‫للضمان االجتماعي‪ ،‬منشور بالدليل العلمي لالجتهاد القضائي‪ .‬الجزء الثاني ص ‪.424‬‬
‫‪ -‬حكم المحكمة العليا في ليبيا بتاريخ ‪ ،1980.1.2‬م‪.‬م‪.‬ع ص ‪.16‬ع ‪ 3‬أبريل ‪ 1980‬ص ‪.5‬‬ ‫‪392‬‬

‫‪221‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ثانيا‪ -‬إنهاء العقد اإلداري نتيجة لخطأ المتعاقد‪.‬‬


‫إنه اء العق د اإلداري نتيج ة لخط أ المتعاق د الجس يم هن ا تمل ك اإلدارة باعتباره ا س لطة‬
‫عام ة توقي ع ج زاء اإلنه اء على المتعاق د معه ا‪ ،‬الممتن ع عن تنفي ذ التزامات ه أو المت أخر في‬
‫أدائه ا أوال ذي نف ذ التزامات ه ولكن بص ورة ال تتف ق وش روط العق د‪ ،‬وته دف تل ك الج زاءات‬
‫إلى ت أمين س ير المرف ق الع ام وإ جب ار المتعاق د على الوف اء بالتزامات ه التعاقدي ة على الوج ه‬
‫األمثل‪ ،‬وتختلف هذه الجزاءات حسب نوع المخالفة‪ ،‬حيث تبدأ بغرامة التأخير‪ ،‬ومصادرة‬
‫الت أمين‪ ،‬وس حب العم ل‪ ،‬وأخ يرا إنه اء العق د اإلداري وذل ك عن دما ي رتكب المتعاق د م ع‬
‫اإلدارة خطًأ جسيمًا يؤثر على سير المرفق العام‪ ،‬ويكون على درجة كافية لتوقيع مثل هذه‬
‫العقوبة البالغة الجسامة‪.‬‬
‫وفي حكم للمحكم ة اإلداري ة في ليبي ا بت اريخ ‪ 2000-11-21‬ق ررت المحكم ة أن "‬
‫لجه ة اإلدارة الح ق في فس خ العق د ومص ادرة الت أمين النه ائي إذا أخط أ المتعاق د‪ ،‬وذل ك‬
‫بإرادتها المنفردة دون االلتجاء إلى القضاء‪."...‬‬
‫وأن هذه الصورة من صور اإلنهاء ال تربك كثيرا كونها دائمًا تأتي ضمن بنود العقد‬
‫كم ا أن الف رع الث اني من ه ذا المطلب س وف يع وض ك ل اإلش كاليات الخاص ة بإنه اء العق د‬
‫نتيجة خطأ المتعاقد‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط سلطة فسخ العقد اإلداري‪.‬‬
‫س لطة اإلدارة في اس تخدام ج زاء الفس خ بإرادته ا المتف ردة ليس ت س لطة مطلق ة‪،‬‬
‫تمارسها اإلدارة كما تشاء‪ ،‬ولكنها مقيدة تخضع فيها لعدة شروط وضوابط هي‪:‬‬
‫أ‪ .‬مخالفة المتعاقد مع اإلدارة اللتزاماته العقدية‪.‬‬
‫ب‪ .‬إنذار المتعاقد قبل توقيع الجزاء‪.‬‬
‫ت‪ .‬التزام اإلدارة بتسبيب قرار إنهاء العقد‬
‫وسوف نتناول هذه الشروط بالبحث على التفصيل اآلتي‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أوال‪ -‬مخالفة المتعاقد مع اإلدارة اللتزاماته العقدية ‪.‬‬


‫كل مخالفة من المتعاقد مع اإلدارة اللتزاماته العقدية تمثل خطًأ تعاق ديًا ولكن يجب‬

‫أن يك ون الخط أ الم رتكب على درج ة كب يرة من الخط ورة والجس امة‪ ،‬ح تى يك ون م بررًا‬
‫تستند إليه اإلدارة لتوقيع جزاء الفسخ ويعرف الخطأ الجسيم بأنه إخالل صادر من المتعاق د‬
‫بالتزام تعاقدي أو قانوني جوهري‪ ،‬ومن ثم فإن جانب ًا من الفقه الفرنسي يرى أن األفعال‬
‫الص ادرة من المتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬وال تي ت برر ج زاء وض ع األعم ال مح ل العق د تحت‬
‫اإلدارة المباشرة‪ ،‬تكون قابلة لتبرير توقيع جزاء الفسخ‪ ،393‬واإلنهاء الجزائي أشد جسامة‬
‫في أث اره من ج زاء وض ع المش روع تحت اإلدارة المباش رة‪ ،‬حيث ي ترتب على اإلنه اء‬
‫الجزائي للعقد استبعاد المتعاقد نهائيًا من نطاق تنفيذ عقده‪.394‬‬
‫وتمل ك اإلدارة س لطة واس عة في تق دير م دى جس امة الخط أ وكفايت ه لتقري ر ج زاء‬
‫الفسخ‪ ،‬ويستطيع قاضي العقد‪ ،‬بناء على طلب المتعاقد مع اإلدارة المفسوخ عقده‪ ،‬إن يقوم‬
‫برقاب ة م دى مالئم ة تق دير جه ة اإلدارة لم دى جس امة الخط أ وكفايت ه إلنه اء الج زائي‬
‫للعقد‪.395‬‬
‫ف إذا ت بين ل ه أن خط أ المتعاق د م ع اإلدارة لم يكن جس يما بدرج ة تكفي لت برير توقي ع‬
‫ج زاء اإلنه اء فإن ه ال يس تطيع أن يقض ى بإلغ اء ق رار اإلدارة بفس خ العق د ولكن ه يحكم‬
‫بتع ويض مناس ب للمتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬طبق ا للنظ ام الق انوني إلنه اء العق د المقتض يات‬
‫المص لحة العام ة ومن األخط اء ال تي ت برر فس خ العق د اإلداري في ق انون بل د الدراس ة‬
‫والقانون المقارن ما يلي‪:‬‬

‫‪- Alegtos. Formation et Résolution du Marche des travaux publics paris 1912 pp-157 et‬‬
‫‪393‬‬

‫‪158.‬‬
‫‪ - 394‬د ‪.‬إبراهيم فياض‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.225‬‬
‫د‪.‬حمد محمد الشلماني‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.188‬‬ ‫‪395‬‬

‫‪223‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أ‪.‬إذا تأخر المتعاقد في التنفيذ أو تباطأ فيه‪ ،‬على نحو ترى معه الجهة المتعاقدة أنه‬
‫لن يتمكن من إتمامه في المدة المحدد بالعقد‪ ،‬وذلك برغم تنبيهه كتابة بذلك‪.‬‬
‫ب‪.‬إذا توقف العمل توقفًا تامًا لمده تجاوز خمسة عشر يوما دون سبب مقبول‪.‬‬
‫ج‪.‬إذا انس حب من العم ل أو ترك ه أو ق ام دلي ل على ع دم مباش رته للتنفي ذ كم ا ه و‬
‫مقرر‪ ،‬أو ثبت اضطراب أعماله‪ ،‬على نحو ال يرجى معه التنفيذ السليم‪.‬‬
‫د‪ .‬إذا تأخر في تنفيذ العقد في المواعيد المتفق عليها أو عج ز عن اإلنج از في المهلة‬
‫التي أعطيت له‪.‬‬
‫هـ‪ .‬إذا قام‪ ،‬بنفسه أو بواسطة غيره‪ ،‬وبطريق مباشر أو غير مباشر باستعمال وسيلة‬
‫من وسائل الغش أو التدليس أو التالعب في تنفيذ العقد أو في التعامل مع الجهة المتعاقدة‬
‫أثناء ذلك التنفيذ‪.‬‬
‫و‪.‬إذا ثبت أنه قام‪ ،‬بنفسه أو بواسطة غيره‪ ،‬وبطريق مباشر أو غير مباشر‪ ،‬برشوة‬
‫أحد موظفي الدولة أو عمالها العاملين بالجهة المتعاقدة أو الهيئة االستشارية المشرفة على‬
‫التنفي ذ أو ب التواطؤ م ع أي من ه ؤالء أو ش رع في ش يء من ذل ك‪ ،‬لإلض رار بالجه ة‬
‫المتعاقدة أو بالمصلحة العامة‪.‬‬
‫ز‪ .‬إذا أعسر المتعاقد أو أشهر إفالسه أو دخل في صلح مع دائنيه‪.‬‬
‫ح‪ .‬إذا أهمل إهماال جسيما في تنفيذ العقد أو أخل بأحد التزاماته الجوهرية المقررة‬
‫في العق د ولم يباش ر بإص الح أث ار ذل ك خالل خمس ة عش ر يوم ا من ت اريخ إخط اره كتاب ة‬
‫ب إجراء ذل ك اإلص الح ويتعين في حال ة إلغ اء العق د مص ادرة الت أمين‪ ،‬واقتض اء غرام ة‬
‫التأخير المستحقة‪ ،‬مع المطالبة بالتعويض إذا كان له مقتضى‪.‬‬
‫كم ا تتف ق معظم التش ريعات فيم ا ذهبت ل ه الم ادة " ‪ " 104‬من الئح ة الص فقات‬
‫العمومية الحالية في ليبيا‪ ،‬حيث نصت على إنهاء العقد في حاالت‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أ‪.‬إذا ت وفي المتعاق د‪ ،‬ج از لجه ة اإلدارة المتعاق دة إنه اء العق د م ع رد الت أمين‪ ،‬أو‬
‫الموافقة على استمرار الورثة في تنفيذه‪ ،‬إذا طلبوا ذلك وتأكدت الجهة من كفاءتهم المالية‬
‫والفنية لالستمرار في تنفيذه‪.‬‬
‫ب‪.‬إذا ك ان العق د مبرم ًا م ع أك ثر من متعاق د‪ ،‬وت وفي أح دهم فللجه ة المتعاق دة الخي ار‬
‫بين إنهاء العقد ورد التأمين‪ ،‬وتكليف باقي المتعاقدين باالستمرار تنفيذه‪.‬‬
‫ج‪.‬ويتم إنه اء العق د في جمي ع الح االت الم ذكورة بخط اب مس جل دون حاج ة إلى‬
‫االلتجاء للقضاء أو اتخاذ أية إجراءات أخرى " وفي مصر‪ ،‬تضمن القانون رقم ‪ 89‬لسنة‬
‫‪ 1998‬بإص دار تنظيم المناقص ات والمزاي دات والئحت ه التنفيذي ة نصوص ًا تح دد الح االت‬
‫التي يحق لإلدارة فيها أن تفسخ العقد بمجرد صدور قرار من اإلدارة حيث نصت المادة "‬
‫‪ " 24‬من القانون والتي توجب الفسخ تلقائيا في الحالتين اآلتيتين‪.‬‬
‫أ‪.‬إذا ثبت أن المتعاق د اس تعمل بنفس ه أو بواس طة غ يره الغش أو التالعب في تعامل ه‬
‫مع الجهة المتعاقدة أو في حصوله على العقد‪.‬‬
‫ب‪.‬إذا أفلس المتعاقد أو أعسر‪.‬‬
‫والمادة " ‪ " 25‬من القانون والتي تخول اإلدارة فسخ العقد إذا أخل المتعاقد بأي شرط‬
‫من شروط العقد‪ . 396‬كما أن حق الفسخ تمارسه اإلدارة إذا ما تنازل المتعاقد عن العقد كلي ا‬
‫أو جزئيا‪.397‬‬
‫وفي ك ل األح وال يجب على اإلدارة المتعاق دة عن د توقي ع ج زاء الفس خ إبالغ جه ات‬
‫معين ة مث ل وزارة المالي ة ومص لحة الض رائب والجه ة المص درة لألذن بمباش رة التعاق د‬
‫والجهة المختصة بالقيد في السجالت‪.398‬‬

‫‪ -‬د جمال جبريل‪ -‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.233‬‬ ‫‪396‬‬

‫‪ -‬نصت المادة " ‪ " 96‬من الئحة العقود اإلدارية الليبية " ب‪ .‬إذا تنازل المتعاقد عن العقد كلي ًا أوجزئي ًا بالمخالفة لما‬ ‫‪397‬‬

‫تقدم فيلغى العقد ويصادر التأمين النهائي ‪...‬إلخ‪" .‬‬


‫‪ -‬د مفتاح خليفة عبد الحميد‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.196‬‬ ‫‪398‬‬

‫‪225‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وال ش ك أن ح االت الفس خ الج زائي للعق د اإلداري ال تي وردت في الئح ة الص فقات‬
‫العمومي ة الليبي ة الحالي ة والق انون رقم ‪ 89‬لس نة ‪ 1998‬في مص ر‪ .‬وال تي تم ذكره ا ق د‬
‫وردت على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬ألن لإلدارة حق ًا أصيًال في فسخ الصفقات العمومية‬
‫إذا أخل المتعاقد مع اإلدارة بالتزاماته العقدية إخالًال جسيمًا‪ ،‬يعرض المرفق العام للخطر‪،‬‬
‫ومن ثم يس تلزم ه ذه العقوب ة الص ارمة‪ ،‬كم ا أن س لطة اإلدارة في ألنه ا الج زائي للعق ود‬
‫اإلداري ة هي س لطة قائم ة ب ذاتها ومس تقلة عن نص وص العق د ودف اتر الش روط وتتمت ع به ا‬
‫اإلدارة باعتباره ا س لطة تقديري ة منحه ا المش رع له ا لت أمين س ير المراف ق العام ة بانتظ ام‬
‫واطراد وحسنا فعل‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬إنذار المتعاقد قبل توقيع الجزاء ‪.‬‬
‫يجب على اإلدارة‪ ،‬قبل اتخاذ قرار جزاء الفسخ‪ ،‬أن تعذر المتعاقد معها‪ ،‬وذلك‬
‫م ا س ار علي ه المش رع اللي بي حيث نص ت الم ادة " ‪ " 101‬من الئح ة الص فقات العمومي ة‬
‫الحالية سابقة الذكر على اآلتي‪:‬‬

‫أ‪ .‬فيما عدا غرامة التأخير‪ ،‬ال يجوز توقيع الجزاء على المتعاقد قبل إنذاره ومضي‬
‫مدة كافية لتنفيذ التزاماته‪ ،‬ما لم ينص العقد على خالف ذلك‪.‬‬
‫ب‪ .‬ويكون اإلنذار بخطاب مسجل‪ ،‬يرسل إليه على عنوانه المبين بالعقد‪ ،‬دون حاجة‬
‫إلى اتخاذ أي إجراء آخر‪.‬‬
‫ج‪ .‬يجوز لجهة اإلدارة المتعاقدة توقيع جزاء الفسخ إذا كانت ضرورة تنفيذ العقد في‬

‫موعده ال تسمح باإلنذار وانقضاء مدة على هذا اإلنذار‪ ،‬أو كان هناك ضرر من استمرار‬
‫‪399‬‬
‫المخالفة "‪.‬‬

‫المادة ‪ 101‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪ 563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪399‬‬

‫‪226‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أم ا في مص ر تل تزم اإلدارة من حيث المب دأ بأع ذار متعاق دها مس بقًا قب ل فس خ العق د‬

‫معه‪ ،400‬إال أن المشرع لم يجعل األعذار وجوبيا في جميع الحاالت‪.401‬‬

‫أم ا في المغ رب ه ذه الس لطة ك ذلك تس تمدها اإلدارة من المص لحة العام ة‪ ،‬وتمارس ها‬
‫تحت مراقبة القضاء‪ ،‬إال أنها تختلف عن السلطتين السابقتين بأنها تبدو سلطة مطلقة‪ ،‬حيث‬
‫ال تتطلب نص ا يجيزه ا أو إع ذارا يس بقها أو قي دا يقي دها كلم ا رأت اإلدارة أن العق د أص بح‬
‫غير ذي موضوع وفائدة بالنسبة للمرفق العام‪.402‬‬
‫أما مجلس الدولة الفرنسي هنا يشترط األعذار قبل توقيع الجزاء بالفسخ وبعد الفسخ‬
‫إال إذا نص العقد على خالف ذلك‪،‬‬ ‫‪403‬‬
‫الذي يتم بدون هذا اإلجراء وهو " األعذار " معيب ًا‬
‫أو إذا كانت عقوبة الفسخ نتيجة إلجراء من إجراءات الضغط‪ ،‬وكان هذا اإلجراء األخير‬
‫قد سبقه إعذار بطبيعة الحال‪.404‬‬
‫وق د أك دت المحكم ة العلي ا في ليبي ا ذل ك بت اريخ ‪ 1975.3.6‬ال ذي ج اء في ه " يتعين‬
‫على اإلدارة قب ل توقي ع ج زاءات على المتعاق د معه ا في حال ة تقص يره أو إخالل ه بتنفي ذ‬
‫التزاماته إعذاره قبل توقيع الجزاء عليه‪ ،‬وذلك لكي يكون المقصر على جليه من أن نية‬
‫اإلدارة متجهة إلى توقيع هذا الجزاء عليه‪ ،‬فيعمل على تنفيذ ما هو مطلوب منه‪ ،‬أو يدفع‬
‫التقصير المنسوب إليه ويثبت لإلدارة أنه لم يقصر‪ ،‬حتى يتفادى توقيع الجزاء‪ ،‬واألعذار‬
‫قبل توقيع الجزاء هو القاعدة وال تحفى اإلدارة من هذا االلتزام إال بنص صريح في العقد‬
‫وفي حال ه االس تعجال والض رورة‪ ،‬وتخض ع جه ة اإلدارة لرقاب ة القض اء فيم ا توقع ه من‬
‫جزاءات على المتعاقد معها‪ .405‬وأرى صواب ما ذهبت له المحكمة العليا الليبية‪ ،‬فأعذار‬

‫‪ -‬د‪ .‬جمال عثمان جبريل‪ .‬المرجع سابق ‪،‬ص ‪.235‬‬ ‫‪400‬‬

‫‪ -‬د سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪532‬‬ ‫‪401‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد األعرج ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.84‬‬ ‫‪402‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬جمال عثمان جبريل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.235‬‬ ‫‪403‬‬

‫‪ -‬د سليمان الطماوي ‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.531‬‬ ‫‪404‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة العليا في ليبيا‪ ،‬طبعة رقم ‪ 8‬سنة ‪ .21‬بتاريخ ‪1975.3.6‬‬ ‫‪405‬‬

‫‪227‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المتعاق د يعت بر ض مانه مهم ة للتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬للمحافظ ة على حقوق ه أوًال ولتنبيه ه‬
‫لألخطاء ال تي وقع فيه ا فيحاول اس تدراكها‪ ،‬حتى ال يتم توقيع ه ذا الجزاء الص ارم عليه‪،‬‬
‫ثانيًا وأخيرًا لكي يظل العمل بالمرفق منتظم ًا بصورة جيدة تقبلها جهة اإلدارة‪ ،‬ألن هدف‬
‫اإلدارة من اإلنه اء الج زائي ه و دائم ًا المحافظ ة على المص لحة العام ة‪ ،‬وض رورة حس ن‬
‫سير المرافق العامة بانتظام واطراد كما يهدف األعذار أيض ًا إلى عدم مفاجأة المتعاقد مع‬
‫اإلدارة بفس خ عق ده ولع ل المتعاق د م ع اإلدارة يب دل من إخالل ه ببن ود العق د بالقي ام بأعم ال‬
‫إيجابية وذلك في خالل فترة وجيزة ما بين إنذاره وما بين توقيع الجزاء عليه‪.‬‬

‫وإ ذا أرادت اإلدارة أن تتمتع بامتياز إعفائها من أعذار المتعاقد معها قبل توقيع جزاء‬
‫الفسخ فعليها أن تشترط ذلك في العقد أو في كراسة الشروط‪ ،‬بمقتضى نص صريح يجيز‬
‫لها ذلك‪.‬‬
‫ثالث ا‪ -‬ال تزام اإلدارة بتس بيب ق رار إنه اء العق د اإلداري قب ل ص دور الق انون من‬
‫المش ِّر ع الفرنس ي في ‪ 11/7/1979‬لم تكن لإلدارة في فرنس ا ملزم ة بتس بيب ق رارات‬
‫الجزاءات الصادرة ضد المتعاقدين معها‪ ،‬والتي من بينها قرار فسخ العقد اإلداري‪ ،‬بسبب‬
‫إخالل المتعاقد بتنفيذ التزاماته‪ ،‬حيث تنص جميع دفاتر الشروط في فرنسا بطريقة واضحة‬
‫على األس باب ال تي تس مح لجه ة اإلدارة بتوقي ع ج زاء الفس خ على المتعاق د معه ا‪ ،‬ولم يل زم‬
‫أي من نصوص هذه الدفاتر اإلدارة بتسبيب قرارها بفسخ العقد‪ ،‬حتى تاريخ صدور هذا‬
‫ولكن بعد صدور القانون السابق والخاص بتسبيب قرارات اإلدارة أصبح هناك‬ ‫‪406‬‬
‫القانون‬
‫إجماع في الفقه الفرنسي على أن يطبق هذا القانون على قرارات اإلدارة بتوقيع الجزاءات‬
‫على المتعاقدين معها‪ ،‬أي كانت هذه الجزاءات‪.407‬‬

‫‪406‬‬
‫‪- Ph. Tetney Pre .op. cit –P.109.‬‬
‫‪407‬‬
‫‪- J. DUFAU، MARCHE DE TRAVAUX Publics J.C.H. 1985. FASC. 521.‬‬
‫‪228‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وباتت اإلدارة ملزمة بضرورة تسبيب قراراتها بفسخ عقودها اإلدارية‪ ،‬ثم تأكد ذلك‬
‫بص فة نهائي ة بع د ص دور مناش ير رئيس ال وزراء الدوري ة في ‪/ 1979.8.31‬‬
‫‪ /10.1.1980 /1987.9.28‬والمتعلق ة بتس بيب جمي ع الق رارات اإلداري ة المتعلق ة‬
‫بالص فقات العمومي ة‪ ،‬ويش ترط أن يك ون التس بيب مكتوب ًا وأن يتض من ش رحًا لألس باب‬
‫‪408‬‬
‫القانونية والفعلية لهذا القرار‪.‬‬

‫ويستند القول بضرورة تسبيب قرار فسخ العقد إلى أنه يساعد قاضي العقد في رقابت ه‬
‫على أس باب الفس خ الص ادر في اإلدارة ض د المتعاق دين معه ا وتمكين ه من القي ام ب واجب‬
‫الرقاب ة بك ل دق ة ويس ر‪ ،‬ومن هن ا فالب د أن يك ون ق رار اإلدارة بفس خ العق د مس ببا‪ .‬و أن‬
‫يك ون هذا التسبيب مكتوب ًا وإ ن يتض من شرحًا وبيان ًا لألس باب القانونية والفعلية التي بني‬
‫عليها القرار‪ ،409‬ولهذا السبب كان المشرع الفرنسي حريص ًا على ضرورة تسبيب اإلدارة‬
‫لقرارها‪ ،‬بفسخ العقد‪ ،‬لكي يسهل على القاضي تقدير مبررات اإلدارة للفسخ الجزائي للعقد‬
‫ومدى كفايتها لتوقيع هذا الجزاء الخطير‪.410‬‬
‫وفي مصر وليبيا نجد أن جهة اإلدارة غير ملزمة بتسبيب قرار فسخ العقد خالف ًا لما‬
‫جرى به العمل في فرنسا‪ ،‬وفي ذلك تجاهل لضمانة مهمة من ضمانات المتعاقد معها ضد‬
‫تعسفها وإ ساءة استعمال سلطتها في توقيع الجزاءات ضده‪ ،‬وقد درجت المحكمة العليا في‬
‫ليبي ا على أن ه " من المتف ق علي ه فقه ًا وقض اًء أن الق انون إذا لم يش ترط ص راحة تس بيب‬
‫الق رار اإلداري فإن ه ال ت ثريب على جه ة اإلدارة أن هي أغفلت األس باب ال تي ب ني عليه ا‬
‫قرارها‪.411‬‬

‫د‪ .‬جمال عثمان جبريل ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪235‬‬ ‫‪408‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬محمد صالح عبد البديع ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.224‬‬ ‫‪409‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬عمر حلمي‪ ،‬أثار العقود اإلدارية مرجع سابق ‪،‬ص ‪.164‬‬ ‫‪410‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة العليا في ليبيا‪ ،‬الطبعة رقم ‪ 15‬سنة ‪ ،25‬جلسة ‪ 1984.6.3‬م‬ ‫‪411‬‬

‫‪229‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وأن ني أرى أن ه يجب إل زام اإلدارة في مص ر وليبي ا بض رورة تس بيب ق رارات‬


‫الج زاءات ال تي توق ع على المتعاق د معه ا بعق د إداري‪ ،‬وخاص ة الج زاءات الص ارمة ال تي‬
‫تؤدي إلى إنهاء الرابطة التعاقدية نهائيا مثل جزاء فسخ العقد‪ ،‬والذي يساعد بدوره قاضي‬
‫العقد في رقابته على صحة القرار‪.‬‬
‫فإذا ثبت له مخالفته للقوانين يحكم بعدم تحمل المقاول النتائج الباهظة على هذا الفسخ‬
‫مع تعويضه من ذلك إذا كان لذلك مقتضى‪.‬‬
‫كم ا يالح ظ في ه ذا الص دد أن ه إذا ق رر المش رع ج زاء الفس خ الخط أ معين فليس‬
‫للقض اء أن يعقب على ذل ك‪ ،412‬وبالت الي ف إن الح االت ال تي ذكره ا الق انون أو الالئح ة‪-‬‬
‫والتي تقرر فيها الفسخ كجزاء وجوبي أو اختياري لإلدارة تكون بمنجاة من رقابة القضاء‬
‫من حيث المالئم ة ال المش روعية بطبيع ة الحال ة لكن التس اؤل هن ا م ا م دى س لطة القاض ي‬
‫في مواجهة اإلدارة ؟‪.‬‬
‫أن مجلس الدول ة الفرنس ي في مج ال عق ود االمتي از’ س لطة القاض ي تش مل اإللغ اء‬
‫والتعويض معا‪ .‬أما في عقود األشغال العامة وقف موقف ًا وسطًا فهو يجرى في خصوصه‬
‫على االكتفاء بالحكم بالتعويض إذا وقعت اإلدارة عقوبة غير سليمة على المقاول في مجال‬
‫وسائل الضغط والفسخ‪ ،‬بمعنى أنه إذا لجأت اإلدارة إلى إجراء من هذين اإلجراءين فإن‬
‫مجلس الدولة الفرنسي يعتبره نهائيًا‪ ،‬ولكنه يعوض عنه وقضاؤه في هذا الصدد مستقر‪.413‬‬
‫أما في مصر فلم يوجد لقضاء‪ ،‬مجلس الدولة المصري حكم بهذا الصدد‪ .414‬أما في‬
‫ليبيا إذا تبين للقاضي أن قرار اإلنهاء لم يقم على أسباب مشروعة حكم للمتعاقد بالتعويض‬
‫وه ذا م ا نج ده‬ ‫المناس ب دون أن تمت د س لطة القاض ي للبحث في مالئم ة الق رار وإ لغائ ه‬
‫‪415‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.531‬‬ ‫‪412‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.493‬‬ ‫‪413‬‬

‫‪-‬د‪.‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.533‬‬ ‫‪414‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬مازن ليلو راضي‪ -‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬ ‫‪415‬‬

‫‪230‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ع دد ‪ .7‬بت اريخ‬ ‫‪416‬‬


‫واض حًا في قض اء المح اكم المغربي ة في ق رار للمجلس األعلى‬
‫‪ ،2001.1.7‬حيث عاب القرار على المحكمة اإلدارية عدم أجراء بحث في القضية محل‬
‫الدعوى‪ ،‬للتأكد من مدى التزام كل طرف من المتعاقدين ببنود العقد وأحكامه واقتصارها‬
‫على تقري ر لجن ة المراقب ة ال ذي اعت بره المجلس من ص نع اإلدارة "‪ ...‬حيث أن اإلدارة‬
‫تعلن أق دامها على فس خ العق د اإلداري بص ورة انفرادي ة ب أن المعني ة ب األمر ق د أخلت‬
‫بالتزاماته ا التعاقدي ة معتم دة في ذل ك على تقري ر لجن ة المراقب ة التابع ة لإلدارة في حين أن‬
‫المستأنفة تمسك بعدم إخاللها بأي التزام تعاقدي‪ "...‬وبالتالي ال يمكن اعتماده كدليل كافي‬
‫على إخالل الشركة المستأنفة بالتزاماتها التعاقدية لتقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبإرجاع‬
‫الملف إلى المحكمة اإلدارية للبث من جديد في القضية طبقًا للقانون‪.‬‬
‫هذا مع اإلشارة إلى أن هناك اختالف حاصل بين الفقهاء‪ ،‬حول مدى سلطة القاضي‬
‫بهذا المجال‪.417‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬أحم د أب و عش يق‪ ،‬ال دليل العلمي لالجته اد القض ائي في الم ادة اإلداري ة ‪ -‬منش ورات المجل ة المغربي ة لإلدارة‬ ‫‪416‬‬

‫المحلية والتنمية سلسلة دالئل التسيير الجزء الثاني‪ ، .‬الطبعة االولى ‪ ،‬لسنة ‪،2004‬ص‪71‬‬
‫‪ -‬د ‪.‬عبد اهلل حداد‪ -‬صفقات األشغال العمومية ودورها بالتنمية‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص‪43‬‬ ‫‪417‬‬

‫‪231‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫خاتمة الفصل األول‬


‫أن الق انون اإلداري والقض اء اإلداري أع ترف بحق وق وس لطات وامتي ازات اس تثنائية‬

‫لإلدارة لكون العقد اإلداري يتعلق موضوعه بتنظيم وتسيير المرفق العام إضافة إلى مبدأ‬

‫قابل ة المراف ق العام ة للتغري ر والتع ديل ومس ايرة مقتض يات التج دد لتحقي ق الص الح الع ام‬

‫وإ شباع حاجات الجمهور العام‪ ،‬وإ ن اإلدارة تتمتع بهذه السلطات حتى ولو لم ينص عليها‬

‫العقد‪ ،‬ألنها تتعلق بالنظام إن اختبار المتعاقد مع اإلدارة في عقد األشغال العامة يتم على‬

‫ضوء مؤهالته وخبرته وتجربته العامة بسلطات واسعة تنبع من كون اإلدارة مسئولة عن‬

‫حسن سير المرفق العام وانتظامه‪ .‬أي بمعنى اختياره ثم بموجب فكرة االعتبار الشخصي‪،‬‬

‫وأن تمتع اإلدارة في نطاق عقد األشغال‬

‫عق د األش غال العام ة وال تي ال وج ود له ا كم ا بيَّن ا في عقود الق انون الخ اص والسبب‬

‫يعود هو إن اإلدارة تسعى دائم ًا إلى تطوير وتسيير المرافق العامة من أجل تقديم أفضل‬

‫الخدمات العامة وإ شباع الحاجات العامة‪ ،‬وان هذه السلطات تمنح لإلدارة سواء نص عليها‬

‫في العقد‪ ،‬أو لم ينص ولكن يجب على اإلدارة االلتزام بهذه السلطات ضمن حدود معينة‪.‬‬

‫فس لطة الرقاب ة والتوجي ه الممنوح ة لإلدارة ه دفها مراقب ة التنفي ذ والتأك د من أن ه يتم وفق ًا‬

‫للش روط العقدي ة‪ ،‬ق د تك ون ه ذه الس لطة بص ورة أعم ال مادي ة أو بص ورة أوام ر تنفيذي ة‬

‫توجه ا اإلدارة للمتعاق د‪ ،‬فض ًال عن ح ق اإلدارة ب ان تت دخل لتغي ير أوض اع تنفي ذ التزام ات‬

‫المتعاقد وإ صدار أوامر تنفيذية لتوجيه أعمال التنفيذ بما يخدم المرفق العام‪ ،‬أما عن سلطة‬
‫‪232‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫التع ديل ف إن اإلدارة تس عى دائم ًا لمواكب ة التط ور الحاص ل في المراف ق العام ة وأن أس اس‬

‫ه ذا الح ق أي س لطة التع ديل ه و متطلب ات المرف ق الع ام وتلبي ة احتياجات ه ال تي تف رض‬

‫التعديالت وعلى المتعاقد االلتزام والتنفيذ وان يقبلها لخدمة احتياجات المرفق العام‪ ،‬وعلى‬

‫اإلدارة أن ت راعي األض رار ال تي ق د تحص ل للمتعاق د ج راء التع ديل وأن يتم تعويض ه بم ا‬

‫ي وازي الض رر‪ ،‬أم ا تمت ع اإلدارة بس لطة ف رض الج زاءات وهي تع د من أخط ر الس لطات‬

‫ال تي تمارس ها في مواجه ة المتعاق د وذل ك عن طري ق إص دار ق رار به ذا الش أن‪ ،‬وأن نظ ام‬

‫الجزاءات في النظام اإلداري بالتزاماته وتكون نتيجة اإلخالل بالصالح العام‪ .‬تختلف عن‬

‫الج زاءات في الق انون الم دني‪ ،‬حيث أن ه ذه الج زاءات ال تكفي دون إخالل المتعاق د‬

‫ونخلص ب ان الس لطات الممنوح ة لإلدارة س واء نص عليه ا في العق د أو لم ينص و اله دف‬

‫منهابناء مرافق عامة متطورة بكافة األس اليب لتق دیم أفض ل الخ دمات للجمه ور فض ًال عن‬

‫تقویم المتعاقد اللتزامات العقدية بما يخدم الصالح العام‪.‬‬

‫الجزاءات التي توقع على المتعاقد مع اإلدارة إذا أخل بالتزاماته العقدية‪ ،‬إما أن تكون‬

‫جزاءات مالية أو مادية أو فسخ العقد أو جزاءات جنائية‪.‬‬

‫تستطيع اإلدارة أن ترغم المتعاقد على تنفيذ العقد‪ ،‬وذلك بأن تحل محله في التنفيذ أو‬

‫أن تعهد به إلى غيره‪ ،‬وهذا الجزاء هو التنفيذ العيني للعقد وتختلف تسميته بحسب العقد‪،‬‬

‫فيس مى في عق د االل تزام وض ع المرف ق تحت الحراس ة‪ ،‬وفي عق د األش غال العام ة وض ع‬

‫المقاولة تحت الحراسة المباشرة‪ ،‬وفي عقود التوريد الشراء على حساب المورد‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪234‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفصل الثاني‬
‫حقوق المتعاقد في مواجهة اإلدارة‬
‫أن المتعاق د م ع اإلدارة ش خص يس عى إلى تحقي ق ربح مقاب ل القي ام بااللتزام ات ال تي‬
‫بفرضها العقد اإلداري سواء أكان عقد مقاولة أشغال أم عقد التزام أم عقد توريد وأًّي ا كان‬
‫حجم هذا العقد بدءًا من توريد مواد الى بناء وتشييد محطة كهرباء أو إقامة سد‪ ،‬فإن حق‬
‫المتعاقد في اقتضاء المقابل هو حق تعاقدي‪ ،‬وبديهي أن االلتزامات التي ينص عليها العقد‬
‫سواء التزامات المتعاقد أم التزامات اإلدارة هي حقوق للطرف األخر وعلى ذلك فحقوق‬
‫المتعاقد مع اإلدارة تتمثل في وفاء اإلدارة بالتزاماتها المنصوص عليها في العقد ويندرج‬
‫تحت هذه الحقوق‪ ،‬حق المتعاقد في الحصول على المقابل المالي للعقد‪ ،‬وحق المتعاقد في‬
‫أن تحترم اإلدارة التزاماتها التعاقدية والقانونية‪.‬‬
‫غير أن تنفيذ العقد قد تعترضه صعوبات خارجية تؤدي إلى تعثر التنفيذ أو إرهاق‬
‫المتعاق د أو تخ ل بت وازن العق د وهن ا تنش أ للمتعاق د حق وق جدي دة تتناس ب م ع الظ روف‬
‫والصعوبات غير المتوقعة‪ ،‬وأساس هذه الحقوق حق المتعاقد في التوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫كما أن العقد اإلداري هو عقد له قوة ملزمة تطبيقا لمبدأ أساسي هو أن العقد شريعة‬
‫المتعاقدين وإ ن كان لإلدارة حق تعديل العقد بشروط وفي حدود وألهداف محددة كما سبق‬
‫وذكرن ا كم ا أن أهم حق وق المتعاق د هي حق ه في الحص ول على المقاب ل الم ادي رغم أن‬
‫بعض الص فقات العمومي ة ال تول د للمتعاق د حق ًا في مقاب ل م ادي مث ل عق د ش غل ال دومين‬
‫الع ام أو االلتزام ات غ ير الدوميني ة أو بي ع أو ت أجير المقاص ف والمق اهي والش واطئ‪ ،‬في‬
‫ه ذه العق ود‪ ،‬يجب على المتعاق د دف ع مب الغ على النح و المتف ق علي ه وليس على اإلدارة‬
‫التزامات مالية‪.‬‬
‫وللبحث في حق وق المتقاع د م ع اإلدارة في ه ذا الفص ل‪ ،‬وجب تقس يمه إلى مبح ثين‪:‬‬
‫المبحث األول ‪:‬الحقوق المالية للمتعاقد والمبحث الثاني ‪:‬ضمان التوازن المالي للعقد‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المبحث األول‬
‫الحقوق المالية للمتعاقد‬
‫المقاب ل الم الي للتعاق د ه و المقاب ل الم ادي لم ا أداه المتعاق د من أعم ال أو توري دات‬
‫لص الح جه ة اإلدارة المتعاق دة‪ ،‬وه و يك ون مس تحقا بمج رد االنته اء من األعم ال أو تس ليم‬
‫األصناف الموردة على نحو ما أورده العقد أو دفاتر الشروط‪.‬‬

‫وتلتزم اإلدارة بأداء هذا المقابل في عقدي األشغال العامة والتوريد حيث يكون ثمن ًا‬
‫لألعمال المؤداة أو األصناف الموردة ويكون األمر مختلف ًا في عقد التزام المرافق العامة‬
‫حيث يأخ ذ المقاب ل الم ادي ص ورة رس م يؤدي ه المنتف ع بخ دمات المرف ق موض وع عق د‬
‫االلتزام للملتزم‪.‬‬
‫واألصل أن الشروط المتعلقة بتحديد المقابل المادي للعقد ال تخضع لمبدأ حق اإلدارة‬
‫في التعديل المنفرد للشروط التعاقدية حيث يلزم موافقة الطرف اآلخر على هذا التعديل‪،‬‬
‫على اعتب ار أن ه ذا المقابل هو غايت ه من التعاقد‪ ،‬وي رد على هذا األص ل العام اس تثناءان‬
‫يتعل ق أولهم ا بالرس م ال ذي يتقاض اه المل تزم من المنتفعين بخ دمات المرف ق في عق د ال تزام‬
‫المرافق العامة‪ ،‬حيث يعد شرطًا الئحي ًا بوسع اإلدارة تعديله دون الحاجة لموافقة الملتزم‪،‬‬
‫ويتصل ثانيهما بالعقود التي تحدد مقابلها المادي‪ ،‬قرارات تنظيمية كعقود الوظيفة العامة‪،‬‬
‫وإ ذا كان أداء المقابل المادي‬ ‫‪418‬‬
‫ذلك أن مركز المتعاقدين فيها يكون أقرب للقرار التنظيمي‬
‫للعق د يأخ ذ ص ورة ثمن أو رس م فس وف نبحث في ه ذا المبحث ه ذا الح ق في مطل بين‬
‫المطلب األول‪ .‬حق المتعاقد في الحصول على المقابل المالي والمطلب الثاني حق اقتضاء‬
‫المتعاقد للتعويضات‪.‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬سليمان الطماوي ‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪385‬‬ ‫‪418‬‬

‫‪236‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب األول‬
‫حق المتعاقد في الحصول على المقابل المالي‬
‫إن المتعاق د ش خص يس عى من وراء ه ذا التعاق د الحص ول على المقاب ل النق دي أو‬
‫الم ادي‪ ،‬ل ذلك ك ان الحص ول على المقاب ل النق دي أو الم ادي ه و أهم م ا يه دف إلي ه‬
‫المتعاق د م ع اإلدارة إال أن ه ق د تك ون الص فقات العمومي ة على عكس ه ذا الغ رض حيث‬
‫يلتزم المتعاقد مع اإلدارة بتقديم نقدي كما هو الشأن في عقود تقديم المعاونة أو استئجار‬
‫من اإلدارة‪ ،‬إال أن معظم العق ود األخ رى يس تهدف المتعاق د من خالل إبرامه ا الحص ول‬
‫على مقابل نقدي من اإلدارة‪ ،‬ويتخذ هذا المقابل صورًا متعددة‪ ،‬فقد يكون مرتب ًا شهريًا في‬
‫حالة عقود التوظيف‪ ،‬وقد يكون ثمنًا للبضائع الموردة وغيرها‪.‬‬
‫ويف رق الفق ه بين ن وعين من المقاب ل النق دي للعق د وذل ك بن اًء على ن وع الخدم ة ال تي‬
‫يلتزم المتعاقد بتقديمها فإذا كان المتعاقد يؤدي الخدمة لإلدارة مباشرة فإن اإلدارة هي التي‬
‫تلتزم بأداء المقابل النقدي للمتعاقد‪ ،‬فيتخذ المقابل في هذه الحالة صورًا مختلفًة وفقًا لطبيع ة‬
‫العق د‪ ،‬فه و ثمن في حال ة عق ود التوري د واألش غال والنق ل وم ا ج رى مجراه ا‪ ،‬وم رتب في‬
‫حالة عقود التوظيف وفائدة في حالة عقد القرض‪.‬‬
‫أما إذا كان المتعاقد يؤدي الخدمة للجمهور مباشرة فإن المقابل هنا يسمى الرسم‪.‬‬
‫ل ذلك س وف نبحث في ه ذا المطلب كًال من تحدي د الثمن وحس ابه في ف رع أول‪،‬‬
‫والفرع الثاني أحكام الرسم في عقود االمتياز‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع األول‪ :‬تحديد الثمن وحسابه‪.‬‬


‫وقد رأينا في السابق أن المتعاقد عندما يقوم‬ ‫‪419‬‬
‫الثمن هو المحور األساسي في العقد‪،‬‬
‫بتق ديم عطائ ه ف إن من أهم الش روط أن يوض ح الثمن ال ذي يك ون ق ادرًا على أداء العم ل‬
‫بموجبه وأن بذكر ذلك في صلب العطاء إضافة إلى محتويات العطاء األخرى‪ ،‬ولهذا فإن‬
‫الثمن يحدد بمعرفة الطرفين في أغلب األحيان عند إبرام العقد‪ ،‬ولهذا فالعقد هو المصدر‬
‫األساس ي لتحدي د الثمن ‪420‬ألن الش روط الخاص ة بتحدي د الثمن هي ش روط تعاقدي ة‪ ،‬ول ذلك‬
‫يرى البعض أنه في حالة عدم ذكر الثمن يعتبر العقد معدوما‪ .421‬ففي ليبيا تنص المادة "‬
‫‪ " 88‬من الئحة الصفقات العمومية الصادرة سنة ‪ ،2007‬النافذة على " يستحق المتعاقد‬
‫المقابل المالي المتفق عليه واألسعار الواردة في العقد وال يستحق أية زيادة عن ذلك تنشأ‬
‫عن ارتفاع أسعار السوق خالل مدة التنفيذ‪ ،‬وذلك مع مراعاة عدم اإلخالل بالحق في أي‬
‫تعويض أو زيادة في المقابل يقررها العقد في حدود أحكام هده الالئحة مع عدم اإلخالل‬
‫بأحكام المادتين " ‪ " 141-126‬يجوز أن يكون الدفع للمقابل المالي المتفق عليه في العقد‬
‫عن طري ق اعتم اد مس تندي يفتح بإح دى المص ارف العامل ة في ليبي ا‪ ،‬على أن يتحم ل‬
‫الطرف المستفيد مصاريف فتح االعتماد وتعزيزه طبق ًا لما تقضي به األصول واألعراف‬
‫المصرفية ويكون اإلفراج عن الدفعات بموجب رسائل تصدر عن الجهة اإلدارية صاحبة‬
‫المش روع أو ق وائم دف ع معتم دة منه ا بع د اتم ام المراجع ة من قب ل اللجن ة الش عبية العام ة‬
‫لجه از الرقاب ة المالي ة والفني ة ‪ -‬ـ س ابقًا ‪ -‬ـ على أن تك ون مرفق ة بم ا يفي د المص ادقة على‬
‫الصرف‪ ،‬وإ ذا كان الدفع تنفيذًا لعقود توريد فال يجوز إصدار رسائل اإلفراج عن الدفعات‬
‫إال بع د إج راء االس تالم االبت دائي أو الم ؤقت طبق ًا لنص الم ادة " ‪ " " 140‬ونص الم ادة "‬
‫‪ " 97‬وفي ك ل األح وال يت وجب النص في اتف اق فتح االعتم اد على المس تندات ال تي يتم‬

‫د ‪ .‬محمد الشلماني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪233‬‬ ‫‪419‬‬

‫‪ .‬د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2‬‬ ‫‪420‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬حسين درويش‪ ،‬النظرية العامة في العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬ ‫‪421‬‬

‫‪238‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ال دفع بموجبه ا على النح و الس الف ال ذكر وإ ض افة إلى م ا يتم االتف اق علي ه من مس تندات‬
‫أخ رى‪ ،‬والنص على ح ق الجه ة في الخص م من ال دفعات المس تحقة لم ا عس اه أن يك ون‬
‫كما تنص المادة " ‪98‬‬ ‫‪422‬‬
‫مستحقا لها‪ -‬طبقًا ألحكام العقد من غرامات وجزاءات وغيرها "‬
‫" على اس تثناء من أحك ام الم ادة " ‪ " 140‬يج وز ص رف دفع ة مقدم ة في عق ود التوري د‬
‫باألحك ام والش روط المنص وص عليه ا في الم ادة " ‪ " 118‬كم ا تنص الم ادة " ‪ " 99‬من‬
‫الالئحة على " في جميع األحوال ال يجوز الصرف إال بعد مصادقة اللجنة الشعبية العامة‬
‫لجه از الرقاب ة المالي ة على الص رف‪ ،‬وتس تثنى من ذل ك العق ود ال تي ال تزي د قيمته ا على "‬
‫‪ " 500000‬أل ف دين ار خمس مائة أل ف دين ار لي بي م ع مالحظ ة أن م ا نص ت علي ه ه ذه‬
‫المادة يعتبر نوع من الروتين اإلداري الذي ال داعي لوجوده تسهيًال لإلجراءات وخاصة‬
‫أن هذا الجهاز موجودا في وقت إبرام العقد وعلى علم بما يحويه من مبالغ مالية تستحق‬
‫‪423‬‬
‫الدفع عند إتمام العقد‪.‬‬
‫والجديد هنا والذي لم تسبق أن تناولت اللوائح السابقة لها هو ما نصت عليه المادة "‬
‫‪ " 100‬من الالئحة بقولها " يستحق المقاول غرامة تأخير بواقع ‪ %0.5‬من كل يوم تأخير‬
‫تستحق إذا تأخر سداد مستخلص عن " ‪ « 15‬يومًا من تاريخ تسليمه إلى الجهة المتعاقدة"‪.‬‬

‫وتسدد الغرامة أية جهة عامة مختصة بالنظر في المستخلص قبل سداده تكون سببا‬
‫في الت أخير بع د الم دة المق ررة‪ ،‬وفي حال ة إرج اع المس تخلص إلى جه ة اإلداري ة المتعاق دة‬
‫من أية جهة عامة يكون من اختصاصها فحص المستخلص قبل صرفه بمالحظات يجب‬
‫تص حيحها تب دأ م دة الخمس ة عش ر يوم ا من ت اريخ م ذكرة المالحظ ات ويجب على الجه ة‬
‫العام ة وض ع جمي ع مالحظاته ا م رة واح دة‪ ،‬وال يج وز ب أي ح ال من األح وال رد‬
‫المستخلص بمالحظات جديدة لم يسبق كتابتها في مذكرة المالحظات األولى‪.‬‬

‫‪.‬المادة ‪ 88‬من الئحة العقود اإلدارية رقم ‪ 563‬لسنة ‪ 2007‬م‬ ‫‪422‬‬

‫‪ .‬المواد ‪ 88‬و ‪ 98‬و‪ 99‬من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم ‪ 563‬لسنة ‪2007‬م‬ ‫‪423‬‬

‫‪239‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫والقاعدة فيما يخص المقابل المالي تنص على أن (ال يدفع إال بعد انتهاء تنفيذ العقد‬
‫وتس وية الحس اب الخت امي إال في بعض الح االت ال تي تتعل ق بطبيع ة العق د ال ذي يتطلب‬
‫تنفي ذه م دة طويل ة ) وفي ذل ك ت بين الم ادة " ‪ " 118‬من الالئح ة الناف ذة على ( أن ه يج وز‬
‫للجهة اإلدارية المتعاقدة بعد تسجيل العقد لدى مصلحة الضرائب واستالم موقع العمل أن‬
‫تص رف للمق اول دفع ة مقدم ة تحت الحس اب ال تزي د عن " ‪ " % 15‬من قيم ة العق د وذل ك‬
‫مقاب ل تق ديم خط اب ض مان تت وفر في ه الش روط المبين ة بالم ادة " ‪ " 47‬من ه ذه الالئح ة‬
‫‪424‬‬
‫ويكون ساري المفعول لمدة تنفيذ العقد‪).‬‬
‫ويجوز أن يتضمن هذا الخطاب نصا يسمح بتناقص قيمته بقدر ما يستوفي من قيمة‬
‫الدفعة المقدمة‪ ،‬وتخصم هذه الدفعة من المبالغ التي تستحق للمقاول على أن يخصم من كل‬
‫مبل غ مس تحق بنفس النس بة المئوي ة ال تي منحت به ا الدفع ة المقدم ة ح تى يتم س دادها‪ ،‬وق د‬
‫أوض حت الم ادة " ‪ " 125‬من ه ذه الالئح ة" (على أن تص رف للمق اول مس تحقاته في ش كل‬
‫دفع ات تحت الحس اب عن األعم ال المنج زة تبع ا لتق دم العم ل وذل ك على الوج ه اآلتي بع د‬
‫أقص ى" ‪ " % 95‬من القيم ة المق ررة بالنس بة لألعم ال ال تي تمت فعًال مطابق ة للش روط‬
‫والمواصفات وذلك من واقع الفئات الواردة بالجدول‪ ،‬كما يجوز صرف الباقي وهو "‪% 5‬‬
‫" مقاب ل خط اب ض مان تت وفر الش روط المبني ة بالم ادة " ‪ " 47‬يك ون س اري المفع ول ح تى‬
‫مضي ثالثة أشهر من التاريخ المحدد لالستالم المبدئي ما لم ينص في العقد على مجاوزة‬
‫هذا الميعاد وبحد أقصى " ‪ " % 75‬من القيمة المقررة بالنسبة للمواد التي وردها المقاول‬
‫والتي يحتاجها فعًال وذلك بشرط أن يكون بحالة جيدة ومطابقة للشروط ومقبول ة من الجهة‬
‫اإلداري ة المتعاق دة ومودع ة بالمخ ازن إي داعًا ص حيحًا تس ري أحك ام البن د الس ابق بالنس بة‬
‫لألدوات والمع دات والم واد ال تي ت ورد إلى موق ع العم ل ص الحة لل تركيب إلى أن يتم‬
‫تركيبها‪ ،‬وال تدخل في ذلك اآلالت المملوكة للمقاول التي يستخدمها في إنجاز العم ل‪ ،‬ومع‬
‫ذلك أجازت الالئحة لإلدارة الحق في تنظيم الدفع للمقاول تنظيمًا مغايرًا ألحكام ه ذه الم ادة‬
‫المادة ‪118‬من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم ‪ 563‬لسنة ‪2007‬م‪.‬‬ ‫‪424‬‬

‫‪240‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫إذا اقتضت طبيعة األعمال المسندة للمقاول ذلك شريطة احتفاظ اإلدارة بنسبة ال تقل عن "‬
‫‪425‬‬
‫‪ " %5‬من قيمة األعمال المنجزة لضمان حسن التنفيذ‪).‬‬
‫وفي مص ر فق د أح اط الق انون عملي ة تحدي د الثمن بض وابط يجب أال تخالفه ا اإلدارة‪،‬‬
‫وأهم ه ذه الض وابط م ا نص ت علي ه الم ادة " ‪ " 61‬من ق انون المناقص ات بقوله ا‪ .‬إرس اء‬
‫المناقصة على صاحب العطاء األفضل شروطًا واألقل سعرًا بعد توحيد أسس المقارن ة بين‬
‫‪426‬‬
‫العطاءات من جميع النواحي الفنية والمالية‪.‬‬
‫كم ا نص ت الم ادة " ‪ " 55‬من الالئح ة التنفيذي ة على تحدي د القواع د ال تي تحكم كتاب ة‬
‫وتحديد األسعار في العروض المقدمة كما يلي‪:‬‬
‫* تكتب أس عار العط اء ب الحبر الج اف أو الس ائل أو الطباع ة رقم ًا وحرف ًا باللغ ة‬
‫العربية ويكون سعر الوحدة في كل صنف بحسب ما هو بجدول الفئات عددًا أو وزن ًا أو‬
‫مقاسًا أو غير ذلك دون تغيير أو تعديل في الوحدة‪.‬‬
‫* ويج وز في حال ة تق ديم العط اء من ف رد أو ش ركة في الخ ارج أو تكتب األس عار‬
‫بالعملة األجنبية وتتم معادلتها بالعملة المصرية بالسعر المحلية في تاريخ فتح المظاريف‪.‬‬
‫* ويجب أن تكون قائمة األسعار مؤرخة وموقعة من مقدم العطاء‪.‬‬
‫* ال يج وز الكش ط أو المح و في ج دول الفئ ات وك ل تص حيح في األس عار أو غيره ا‬
‫‪427‬‬
‫يجب إعادة كتابته حروفًا ورقمًا وتوثيقه‪.‬‬
‫ويح دد الثمن في العق د اإلداري باتف اق بين اإلدارة والمتعاق د معه ا وله ذا ف إن الش رط‬
‫الخاص بتحديد الثمن يعتبر شرطا تعاقديا وقد يحدد الثمن بمقتضى شرط يدرج في صلب‬
‫العقد أو بمقتضى وثائق مستقلة تلحق بالعقد‪.‬‬

‫‪ ،‬المادة ‪ 125‬من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم ‪ 563‬لسنة ‪2007‬م‪.‬‬ ‫‪425‬‬

‫‪ .‬المادة ‪ 61‬من قانون المناقصات والزيادات المصري رقم ‪ 89‬لسنة ‪1998‬م‪.‬‬ ‫‪426‬‬

‫المادة ‪ 55‬من الئحة العقود اإلدارية الليبية رقم ‪ 563‬لسنة ‪2007‬م‪.‬‬ ‫‪427‬‬

‫‪241‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ويح دد الثمن ب رقم مح دد‪ ،‬ولكن ق د يح دد الثمن بطريق ة أخ رى كاإلحال ة إلى عناص ر‬

‫خارج ة عن العق د‪ ،‬ومث ال ذل ك االتف اق على اتخ اذ األس عار الس ائدة في وقت مح دد أساس ًا‬
‫للمحاسبة‪.428‬‬
‫وقد يتخذ متوسط السعر في المناسبات السابقة خالل العام السابق على التعاقد كأساس‬
‫في عقود معينة‪.429‬‬
‫وتختلف طريقة تسديد السعر وفق ًا لطبيعة العقد ففي عقد االستغالل العامة‪ ،‬قد يحدد‬
‫المتعاقدان سعرًا إجمالي ًا للعملية كلها‪ ،‬وقد يحددان سعرًا لكل نوع من األعمال التي يقوم‬
‫عليه ا المش روع‪ ،‬وقد يحدد السعر بحسب وحدة معين ة من وحدات القي اس ك المتر المربع‬
‫وفي عقود التوريد قد يحدد سعر الكمية المطلوب توريدها بحيث يحدد سعر كل س لعة على‬
‫حدة ومن المقرر أن هذه الشروط والتي تكون شروطا اتفاقية بين الطرفين ال تندرج ضمن‬
‫الشروط التي يجوز لإلدارة أن تعدلها بإرادتها المنفردة لما منح لها من امتياز في تعديل‬
‫الص فقات العمومي ة ال تي تمس س ير المرف ق الع ام وتتص ل بمقتض ياته ولكن ق د يج ري‬
‫تعويض المتعاقد عن الرسم نظرًا العتباره من الشروط الالئحة ال التعاقدية والتي تستطيع‬

‫اإلدارة أن تعدلها بإرادتها المنفردة بدون حاجة لرضا المتعاقد ولكن بشرط تعويضه حالي ًا‬
‫إذا دعت الحالة إلى ذلك‪ ،‬أما ما عدا ذلك من شروط تتصل بتحديد المقابل المالي فيمتنع‬
‫على اإلدارة أن تع دلها بإرادته ا المنف ردة وذل ك العتب ارين أساس ين‪ ،‬أولهم ا عملي مرجع ه‬
‫نفور األفراد من التعاقد مع اإلدارة فيما لو أمكنها أن تعدل عن المقابل الذي يعتمد عليه‬
‫المتعاق د رغم إرادت ه‪ ،‬وثانيهم ا ق انوني م رده أن أس اس س لطة اإلدارة في التع ديل ه و‬
‫مقتضيات المرافق العامة وبالتالي فإنها ال تنصب إال على الشروط المتعلقة بتسيير المرفق‬

‫‪ -‬حكم مجلس الدولة الصادرة في ‪ 26‬أكتوبر‪ ،‬سنة‪ 1945‬ق قضية ‪ NELLE SAE LA MPERATION‬ص‬ ‫‪428‬‬

‫‪ ،215‬عن ال دكتور ‪،‬محم د عب د الع ال الس ناري‪ ،‬مب ادئ وأحك ام العق ود اإلداري ة في مج ال النظري ة التط بيق‪ ،‬مرج ع‬
‫سابق ‪،‬ص ‪.258‬‬
‫‪ -‬حكم مجلس الدول ة الص ادر في ‪ 1937.6.2‬مش ار إلي ه في كت اب ال دكتور ‪،‬محم د عب د الع ال الس ناري ‪،‬مرج ع‬ ‫‪429‬‬

‫سابق ‪،‬ص ‪.259‬‬


‫‪242‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وليس من بينه ا تل ك ال تي تح دد المقاب ل النق دي في العق د وبه ذا حكمت المحكم ة اإلداري ة‬


‫العليا بفرنسا بأن الثمن المتفق عليه في الصفقات العمومية يقيد طرفيه كأصل عام‪ ،‬إال‬
‫أن ه ال يمن ع قانون ًا من االتف اق على تعديل ه إذا م ا تالقت إرادة الس لطة اإلداري ة المختص ة‬
‫بإبرام العقد األصل صريحة وقاطعة مع إرادة المتعاقد معها على تعديل الثمن‪.430‬‬
‫وبالت الي ليس من ص الح المرف ق الع ام أن يح رم المتعاق د من اإلدارة من الحص ول‬
‫على الفائدة والمزايا المالية المتفق عليها في العقد‪ ،431‬وقد أشارت إلى هذا المعنى محكمة‬
‫القض اء اإلداري حيث قض ت " ب أن الح ق الخ الص في ش أن العالق ة بين جه ة اإلدارة‬
‫المتعاقدة والمتعاقد معها أن تنظر إليها اإلدارة من زاوية تراعي فيها كثيرًا من االعتب ارات‬
‫الخاص ة ال تي تس مو على مج رد الح رص على تحقي ق ال وفر الم الي للدول ة‪ ،‬وأن اله دف‬
‫األساس ي ه و كفال ة حس ن س ير المراف ق العام ة باس تمرار وانتظ ام وحس ن أداء األعم ال‬
‫والخ دمات المطلوب ة وس رعة إنجازه ا‪ ،‬وأن ينظ ر إليه ا المتعاق د م ع اإلدارة على أنه ا‬
‫مس اهمة اختياري ة من ه ومعاون ة في س بيل المص لحة العام ة فيجب أن ي ؤدي بأمان ة وكفاي ة‪،‬‬
‫وه ذا يقتض ي قي ام ن وع من الثق ة المتبادل ة وحس ن الني ة والتعاض د والتس اند والمش اركة في‬
‫وجهات النظر المختلفة للتغلب على ما يعترض تنفيذ العقد من صعوبات وما يصادفه من‬
‫عق اب‪ ،‬وبه ذا تطمئن جه ة اإلدارة إلى حس ن التنفيذ وإ نج ازه في مواعيده المح ددة ويطمئن‬
‫المتعاق د معه ا إلى أن ه س ينال لق اء إخالص ه وأمانت ه وحس ن قيام ه بالعم ل ج زاءه األوف ر‬
‫وأجره العادل‪.432‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة العليا جلسة ‪1970-1-17‬م القضية ‪ 1222/12‬ق المجموعة س ‪ 115‬رقم ‪ 24‬ص ‪.146‬‬ ‫‪430‬‬

‫‪.‬د‪ ،‬خالد عبداهلل كرفاش ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪288‬‬ ‫‪431‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬جلسة ‪ ،1957-6-30‬القضية ‪ 7/ 1983‬ق المجموعة‪ ،‬ص ‪.608‬‬ ‫‪432‬‬

‫‪243‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام الرسم في عقود االمتياز‪.‬‬


‫هو المقابل المالي الذي تستقل اإلدارة بتحديده ويحصل عليه الملتزم في عقد التزام‬
‫المرافق العامة ويلتزم بأدائه جمهور المنتفعين بخدمات المرفق محل عقد االلتزام‪.433‬‬
‫غير أنه لما كان هذا المقابل ليس أجرًا كما أنه ليس ثمن ًا‪ ،‬بهذا يختلف عن الشروط‬
‫التعاقدية المتعلقة بالمزايا المالية الواردة في بقية الصفقات العمومية والتي ال يجوز أن‬
‫تتناوله ا س لطة التع ديل من ج انب اإلدارة‪ ،‬فالرس وم في عق ود ال تزام المرف ق الع ام تعت بر‬
‫بمعنى أنه يجوز لإلدارة تعديلها‬ ‫‪434‬‬
‫الشروط المتعلقة بها من قبيل الشروط العامة التنظيمية‬
‫من تلقاء نفسها‪ ،‬وعلى الرغم من أن الفقه في أول األمر ذهب إلى أن الرسم من الشروط‬
‫المالية التي ال يجوز لإلدارة تعديلها بإرادتها المتفردة‪.‬‬
‫ولكن هذا الرأي أصبح مهجورًا في الوقت الحاضر فقه ًا وقضاًء وتشريعًا‪ ،‬إذا اعتبر‬
‫المقابل النقدي في عقد االمتياز رسمًا ويستثنى من القاعدة التي تنطبق على العقود األخرى‬

‫وتعتبر الشروط المتعلقة به من قبيل الشروط الالئحية‪ ،‬ومن ثم ال يسمى أجرًا‪ ،‬بل رسمًا‬
‫تمييزًا له عن الثمن أو األجر أو الفائدة عن غيره من العقود‪.‬‬
‫ال دليل على هج ر ه ذا ال رأي في الفق ه المص ري م ا ذهب إلي ه المش ِّر ع المص ري في‬
‫الم ادة الخامس ة من الق انون رقم " ‪ " 129‬لس نة ‪ 1947‬حيث يق ول " لم انح االل تزام دائم ا‪،‬‬
‫ح تى اقتض ت ذل ك المنفع ة العام ة‪ ،‬أن يع دل من تلق اء نفس ه عق د المرف ق الع ام‪ ،‬موض وع‬
‫االلتزام‪ ...‬وبوجه خاص قوائم األسعار الخاصة به "‪.‬‬
‫وبه ذا النص الحاس م قط ع المش ِّر ع المص ري الس بيل على رأي الفق ه الفرنس ي ال ذي‬
‫يميز بالنسبة إلى الرسوم بين حالتين‪.‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪433‬‬

‫‪ -‬د ‪ .‬محمود خلف الجيوري‪ ،‬العقود اإلدارية ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.189‬‬ ‫‪434‬‬

‫‪244‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أ ‪ -‬في عالقة كل من اإلدارة والملتزم بالمنفعتين وفي هذه الحالة ينضم هذا الفريق‬
‫من الفقه اء إلى ال رأي الغ الب‪ ،‬وال ذي يعت بر الش روط المتعلق ة بتحدي د الرس وم ذات طبيع ة‬
‫الئحية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أم ا في عالق ة اإلدارة ب الملتزم‪ :‬ي ذهب ه ذا ال رأي إلى أن تل ك الش روط تحتف ظ‬
‫‪435‬‬
‫بطبيعتها التعاقدية وبذلك ال يجوز لإلدارة أن تستقل بتعديل المقابل المتفق عليه‪.‬‬
‫ومن ثم ف إن اإلدارة‬ ‫‪436‬‬
‫وهك ذا ينتهي ه ذا ال رأي إلى ازدواج طبيع ة ه ذه الش روط‬
‫تس تطيع أن تغ ير في الرس م حس ب م ا تقتض يه مص لحة المرف ق‪ ،‬ب ل إن اإلدارة ق د تس تقل‬
‫بتحدي ده وتق ديره‪ ،‬ولكن يجب أن ت راعي في ذل ك تحقي ق المس اواة بين المنتفعين بخ دمات‬
‫المرفق فضًال عن ضرورة التزامها بما يحدده المشرع من قواعد في هذا الصدد‪.437‬‬
‫وتت ولى عق ود االمتي از تحدي د الرس وم ال تي يج وز للمل تزم تقاض يها من المنتفعين‪،‬‬
‫والع ادة أن تت ولى اإلدارة بنفس ها تحدي د ه ذه الرس وم بع د استش ارة المل تزم ولكن ه ذه‬
‫االستش ارة ال تطب ع تل ك الش روط بالط ابع التعاق دي كم ا س لف ذك ره‪ ،‬وق د يح دد الرس م‬
‫بصورة قاطعة وقد يحدد الحد األقصى للرسم‪.‬‬
‫ولق د‬ ‫‪438‬‬
‫بحيث ال يج وز للمل تزم تخطي ه م ع ترك ه ح رًا في نط اق ه ذا الح د األقص ى‬
‫ذهب الفقيه " جيز " إلى أن تحديد الحد األقصى للرسم ال يعني استقالل الملتزم المطلق في‬
‫االنفراد بتحديد المبلغ الذي يتقاضاه من المنتفعين في نطاق هذا الحد األقصى المنصوص‬
‫علي ه في عق د االمتي از ب ل يتعين على المل تزم الحص ول على تص ديق اإلدارة على الرس م‬
‫الذي يحدده في هذا النطاق‪.‬‬

‫د‪ .‬عبد العالي سمير‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪244‬‬ ‫‪435‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬محمد عبد العال السناري‪ ،‬مبادئ وأحكام العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.262‬‬ ‫‪436‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نضار‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.256‬‬ ‫‪437‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬محمد عبد العال السناري‪ ،‬مبادئ وأحكام العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.263‬‬ ‫‪438‬‬

‫‪245‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ولكن الفقيه " دي لوبادير " يرى أنه ال محل للشرط السابق الذي قال به جيز‪ ،‬ويرى‬
‫أن القضاء ال يؤيده في ذلك‪ ،‬وأن مجلس الدولة الفرنسي يخول الملتزم حرية تحدي د الرسم‬
‫في نطاق الحد األقصى‪.439‬‬

‫وت رد على حرية اإلدارة والمل تزم قيودًا فيما تتعل ق بتحدي د الرسم أًّي ا ك انت الطريقة‬
‫المتبعة في تحديده ويمكن رد هذه القيود لالعتبارات اآلتية‪:‬‬
‫‪.1‬من أهم القيود التي ترد على حرية اإلدارة والملتزم في تحديد الرسم مبدأ المس اواة‬
‫بين المنتفعين في الرس م ال ذي يق رره عق د االمتي از إذ يتعين على اإلدارة حين تح دد الرس م‬
‫بمفرده ا‪ ،‬وعلى المل تزم حين ي ترك ل ه بعض الحري ة في تحدي د الرس وم اح ترام القاع دة‬
‫السابقة‪.‬‬
‫وق د قننت ه ذه القاع دة تش ريعيًا في مص ر فق د نص ت الم ادة ‪ 14‬من الق انون الم دني‬
‫المصري على ما يلي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬إذا ك ان ملتزم المرفق محتكرًا ل ه احتكارًا قانوني ًا أو فعلي ًا وجب علي ه أن يحقق‬
‫المساواة التامة بين عمالئه سواء في الخدمات أو في تقاضي األجور‪.‬‬
‫ب ‪ -‬وال تح ول المس اواة دون أن يك ون هن اك معامل ة خاص ة تنط وي على تخفيض‬
‫ألجور أو اإلعفاء منها‪ ،‬على أن ينتفع بهذه المعاملة من يطلب ذلك من توافرت فيه شروط‬
‫يعينه ا المل تزم بوج ه ع ام ولكن المس اواة تح رم على المل تزم أن يمنح أح د عمالئ ه م يزات‬
‫يرفض منحها لآلخرين‪.‬‬
‫ج ‪ -‬وكل تمييز يمنح على خالف ما تقضي به الفقرة السابقة يوجب على المل تزم أن‬
‫يعوض الضرر الذي قد يصيب الغير من جَّر اء ما يترتب على ذلك هذا التمييز من إخالل‬
‫بالتوازن الطبيعي في المنافسة المشروعة‪.440‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نضار‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.256‬‬ ‫‪439‬‬

‫‪ -‬د‪.‬محمد عبد العال السناري مبادئ وأحكام العقود اإلدارية ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.264‬‬ ‫‪440‬‬

‫‪246‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وإ ذا ك ان نص الم ادة الس ابقة ق د تح دث عن االل تزام ال ذي يتض من احتك ارًا فعلي ًا‬
‫أوقانونيًا وهي الحالة الغالبة في عقود االلتزام فإن المسلم به وفق ًا لقواعد القانون اإلداري‬
‫أن قاعدة المساواة تشمل جميع أنواع المرافق العامة وبصرف النظر عن طبيعة المرفق‪،‬‬
‫بل لقد حاولت اإلدارة أن تستثني من القاعدة السابقة للمرافق االقتصادية والتجارية بحجة‬
‫أن ه ذا الن وع من المراف ق ُي دار وفق ًا لظ روف الق انون الخ اص والمش روعات الخاص ة ال‬
‫تخض ع لقاع دة التس وية بين العمالء ولكن مجلس الدول ة الفرنس ي رفض وجه ة النظ ر‬
‫الس ابقة رفض ًا بات ًا وذل ك في حكم ل ه ص در في أبري ل س نة ‪ 1938‬م في قض ية «‬
‫ولكن المساواة ال تغني بطبيعة الحال المساواة الحسابية‬ ‫‪441‬‬
‫‪» ALLOOL- DENATURE‬‬
‫أو المطلقة ولكن يقصد بها توحيد المعاملة متى تماثلت الظروف وبالتالي يج وز التمي يز إذا‬
‫اختلفت الظ روف‪ ،‬أم ا ال ذي تحرم ه قاع دة المس اواة فه و خل ق امتي ازات خاص ة لبعض‬
‫المنتفعين ال تس تند إلى أس اس مقب ول‪ ،‬وبالت الي يج وز تغي ير الرس م وفق ًا لبع د المك ان ال ذي‬
‫تؤدى فيه الخدمة المطلوبة أو لنوع الخدمة أو زمانها‪.‬‬
‫‪ - 2‬تحديد المشرع صراحة للسعر الذي يتعين أن تقدم به الخدمة كما لو حدد سعر‬
‫الكهرب اء أو الغ از‪ ،‬فحينئ ذ ال تس تطيع اإلدارة وال المل تزم أن يخ رج على نص وص‬
‫التشريعات بهذا الصدد‪.‬‬
‫‪ - 3‬يجب أن نضيف إلى ما تقدم من قيود في تحديد الرسوم نص المادة الثالثة من‬
‫الق انون رقم " ‪ " 129‬لس نة ‪ 1947‬م ال تي تقض ي بأن ه ال يج وز أن تتج اوز حص ة المل تزم‬
‫الس نوية في ص افي أرب اح اس تغالل المرف ق الع ام ‪ %10‬من رأس الم ال الموظ ف‬
‫والمرخص من مانح االلتزام وذلك بعد خصم مقابل استهالك رأس المال‪.‬‬
‫وم ا زاد على ذل ك من ص افي األرب اح يس تخدم أوًال في تك وين احتي اطي خ اص‬
‫للسنوات التي تقل فيها األرباح عن ‪ ،%10‬وتقف زيادة هذا االحتياطي حتى بلغ ما ي وازي‬
‫‪ %10‬من رأس المال‪ ،‬ويستخدم ما يبقى من هذا الزائد في تحسين وتوسع المرفق العام أو‬
‫‪ -‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.264‬‬ ‫‪441‬‬

‫‪247‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫في خفض األسعار حسبما يرى مانح االلتزام‪ ،‬وهذا النص عام يسري على جميع المرافق‬
‫العامة سواء التي أنشئت قبله أو التي تنشأ بعده‪.‬‬
‫ويترتب على ذلك أن اإلدارة ملزمة بأن تعيد النظر في تعريفة األسعار على ضوء‬
‫ما يسفر عنه تشغيل المرفق من أرباٍح وفقًا لألسس التي وضعتها المادة الثالثة‪.442‬‬
‫وهذا ليس مجرد حق لإلدارة‪ ،‬بل هو واجب عليها يستطيع المنتفعون إجبارها على‬
‫ممارسته إذا قصرت أو أهملت فيه‪.‬‬
‫وإ ذا ك ان الرس م المح دد بمقتض ى عق د االمتي از يل زم المتعاق د بحيث ال يج وز ل ه‬
‫المطالبة بالحصول على أكثر منه‪ ،‬فإن من المسلم به أن جهة اإلدارة المتعاقدة تستطيع أن‬
‫تتف ق م ع المل تزم على زي ادة الرس م لمواجه ة ظ روف جدي دة بش رط مراع اة اإلج راءات‬
‫المق ررة في ه ذا الص دد وال يج وز للقاض ي أن يح ل مح ل اإلدارة في ه ذا المج ال إذا‬
‫رفضت الموافقة على هذه الزيادة‪ ،‬فهو ال يستطيع أن يحكم بزيادة الرسم المقرر في العقد‬
‫إال إذا كان عقد االمتياز ذاته ينص على قواعد تتضمن تغيير السعر وفق ًا لتغيير ظروف‬
‫تحديدها‪ ،‬وذلك إذا حدث خالف بين اإلدارة والملتزم حول نسبة الزيادة التي يجب تقريره ا‬
‫لمواجهة الظروف الجديدة‪ ،‬وهذا بخالف حالة الظروف الطارئة‪.‬‬
‫وهك ذا تك ون س لطة اإلدارة في ع دم الموافق ة على زي ادة الرس وم من قبي ل الس لطات‬
‫التقديري ة الواس عة‪ ،‬وال يج د منه ا إال م ا ي رد في العق د من نص وص كنص تغي ير األس عار‬
‫وفق ًا لتغي ير الظ روف المش ار إليه ا‪ ،‬أو إذا ض منت اإلدارة للمل تزم أن يغ ل المرف ق نس بة‬
‫معين ة من األرب اح‪ ،‬فحينئ ذ يتعين على اإلدارة أن تواف ق على زي ادة الرس م بم ا يحق ق تل ك‬
‫النس بة من األرب اح إال إذا ش اءت أن تتحم ل هي الف رق بين م ا يغل ه من أرب اح وم ا ض منه‬
‫العقد منها‪ ،‬على أنه إذا كان القاضي ال يستطيع أن يعدل الشروط الخاصة بالرسوم رغم‬
‫إرادة اإلدارة‪ ،‬ف إن إص رار اإلدارة على الف رض تعنت ًا ق د ي ؤدي في بعض الح االت إلى‬
‫الحكم بالتعويض على أساس بخطأ‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد عبد العال السناري‪ ،‬المرجع السابق‪ .‬ص ‪.266‬‬ ‫‪442‬‬

‫‪248‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪249‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب الثاني‬
‫حق اقتضاء المتعاقد للتعويض‬
‫يح ق للتعاق د م ع اإلدارة مطابقته ا بتع ويض ليج بر الض رر ال ذي لح ق بالتعاق د بس بب‬
‫تنفيذه للعقد اإلداري فقد يكون أساس هذا التعويض أما خطأ اإلدارة‪ ،‬وأما نظرية اإلثراء‬
‫بال س بب فبخص وص الخط أ فيس تحق المتعاق د م ع اإلدارة تعويض ًا عم ا أص ابه من ض رر‬
‫أثن اء تنفي ذ العق د اإلداري بس بب الخط أ ال ذي ارتكبت ه اإلدارة‪ ،‬وال تي يك ون الخط أ ثابت ًا في‬
‫حقها إذا لم توِف بالتزاماتها تجاه المتعاقد معها أو تأخرت في الوفاء بتلك االلتزامات كما‬
‫في حالة تأخر اإلدارة المتعاقدة في تسليم موقع العمل للمقاول خاليا من العوائق التي تع وق‬
‫التنفي ذ‪ ،‬فالعق د اإلداري يض ع على ع اتق اإلدارة التزام ات عقدي ة أخص ها تمكين المتعاق د‬
‫معها من البدء في تنفيذ العمل ومن المضي في تنفيذه حتى يتم انجازه‪ ،‬فإذا لم توفي هذا‬
‫االل تزام‪ ،‬ف إن ه ذا يش كل من جانبه ا خط أ عق ديا يخ ول المتعاق د معه ا الح ق في مطالبته ا‬
‫بالتعويض عن الضرر الناجم من جراء ذلك‪.‬‬
‫أم ا إذا ق ام المتعاق د م ع اإلدارة من تلق اء نفس ه وب دون تكلي ف منه ا ب أداء أعم ال أو‬
‫خدمات إضافية غير منصوص عليها بالعقد‪ ،‬فيكون لهذا المتعاقد الحق في مطالبة اإلدارة‬
‫بتع ويض عم ا أنفق ه للقي ام بتل ك األعم ال أو أداء ه ذه الخ دمات‪ ،‬ش ريطة أن تك ون ه ذه‬
‫األعمال‪.‬‬

‫أو الخ دمات اإلض افية ذات فائ دة والزم ة المرف ق الع ام‪ ،‬وذل ك على أس اس قاع دة‬
‫اإلثراء بال سبب ولكل ما سبق سوف نبحث في هذا المطلب التعويض أالتف اقي والتعويض‬
‫القضائي في الفرع األول ومبدأ التعويض الكامل في الفرع الثاني‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع األول‪ :‬التعويض أالتفاقي والقضائي‪.‬‬


‫يثور تساؤل حول األثر القانوني الذي تمارسه اإلدارة من خالل سلطتها في اإلنهاء‬
‫االنف رادي للعق د اإلداري‪ ،‬ومص ير حق وق المتعاق د معه ا في إنه اء عق د ل دواعي المص لحة‬
‫وما فاته من كسب نتيجة إنهاء اإلدارة للعقد‪.‬‬

‫حيث تعتبر سلطة اإلدارة في اإلنهاء االنفرادي للعقد اإلداري امتيازًا استثنائيًا مقررًا‬
‫لها في مواجهة المتعاقد معها ومن هنا كان متعينا االعتراف بالمقابل لذلك‪ .‬ب االلتزام بحف ظ‬
‫حقوق هذا المتعاقد في التعويض عن إنهاء اإلدارة لعقده قبل األوان ودون وقوع أي خطأ‬
‫من جانب ه في تنفي ذ التزامات ه العقدي ة‪ ،‬حيث أن إنه اء العق د هن ا ليس لطبيع ة الح ال ج زاء‬
‫خط أ ارتكب ه المتعاق د في تنفي ذ العق د‪ ،‬كم ا وأن إنه اء العق د من ج انب اإلدارة إنم ا يح رم‬
‫المتعاقد في هذه الحالة من المزايا المالية التي يجلبها له التنفيذ الكامل للعقد‪ ،‬كما يمكن أن‬
‫يكون من شأن ذلك اإلنهاء االنفرادي أن يضع المتعاقد في موقف صعب لهذا السبب فإنه‬
‫لكي ال يحتمل المتعاقد األعباء المالية المترتبة على ممارسة اإلدارة لسلطة إنهاء العقد فإن‬
‫القضاء قد اعترف بقيام المسؤولية التعاقدية بدون خطأ على عاتق اإلدارة بما يتيح للمتعاقد‬
‫الحق في التعويض عن االلتزام القانوني جانب اإلدارة لسلطتها في إنهاء العقد بشرط أن‬
‫يصيب هذا المتعاقد ضرر نتيجة إنهاء عقده‪.443‬‬
‫وليس من شك في أن التعويض المستحق في هذه الحالة ال يكون مؤسس ًا على وجود‬
‫خط ٍإ ث ابت من ج انب اإلدارة ألن اإلدارة لم تقم إال بممارس ة ح ق أق ره له ا العق د بمقتض ى‬
‫ولذلك فإن المتعاقد معها يستحق تعويضا كامال عن اإلنهاء لعقده لدواعي‬ ‫‪444‬‬
‫المبادئ العامة‬
‫المصلحة العامة دون حاجة إلى إثبات صدور أي خطأ من جانب اإلدارة يستوجب تقرير‬
‫هذا التعويض فتلك مسؤولية موضوعية غير مؤسسة على الخطأ التقصيري وإ ن اشترط‬
‫بصفة عامة في هذه الحالة عدم كون هذا اإلنهاء االنفرادي الصادر عن جهة اإلدارة موقع‬

‫‪443‬‬
‫‪- C.Gallay، les contrats Entre Personnes Publiques، Thèse Touloise، 1988 P 276.‬‬
‫‪444‬‬
‫‪- Vedele- Article precise- Etudes offerts Amestre- P 547.‬‬
‫‪251‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كج زاء عن خط أ م رتكب من ج انب المتعاق د معه ا ه ذا و يختل ف التع ويض المس تحق‬
‫للمتعاق د م ع اإلدارة من حيث تقري ره‪ ،‬ومق داره واألس س الق ائم عليه ا حس ابه إلى تع ويض‬
‫اتفاقي وتعويض قضائي‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬التعويض االتفاقي ‪.‬‬
‫قد ينظم العقد اإلداري محل اإلنهاء ذاته أو القوانين أو للوائح الخاضع لها ذلك العقد‪.‬‬
‫مقدار التعويض المستحق للمتعاقد عن إنهاء عقده وعناصره وفي هذه الحالة يجب أعمال‬
‫ش روط العق د أو مض مون الق وانين والل وائح بص دد إق رار مب دأ التع ويض وأس س حس ابه‬
‫ومق داره وسائر م ا يتعلق ب ه من أحك ام ذل ك أن حرية األط راف المتعاقدين في هذا المق ام‬
‫كامل ة في مج ال تحدي د التع ويض المس تحق للمتعاق د نتيج ة اإلنه اء االنف رادي من ج انب‬
‫اإلدارة لعقده لدواعي المصلحة العامة‪.‬‬
‫حيث يس تطيع طرف ا العق د أن يح ددا بالض بط عناص ر حس اب التع ويض الممن وح‬
‫للمتعاق د في ه ذه الحال ة أي ا ك ان طبيع ة اتفاقهم ا في ه ذا الش أن وبحيث يمكنه ا االتف اق‬
‫بمقتضى شرط صريح في العقد على استبعاد منح أي تعويض للمتعاقد عن إنهاء العقد أو‬
‫تحديد مبلغ جزافي كتعويض أو قصر التعويض على األضرار التي لحقت بالمتعاقد بالفع ل‬
‫م ع اس تبعاد التع ويض عن األرب اح ال تي ف اتت علي ه‪ ،‬أو اش تمال التع ويض على عنص رين‬
‫التعويض أي بتعويض المتعاقد عما لحقه من خسارة‪ ،‬وعما فاته من كسب ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬التعويض القضائي‪.‬‬
‫إذا لم ينظم العق د أو الق انون أو لل وائح أس س اس تحقاق التع ويض ومق داره وعناص ره‬
‫بحيث‬ ‫‪445‬‬
‫ف إن القاض ي في ه ذه الحال ة ه و ال ذي يح دد مق دار التع ويض المس تحق للمتعاق د‬
‫يك ون التع ويض ال ذي يحكم ب ه في ه ذه الحال ة ه و التع ويض الكام ل‪ ،‬أي ال ذي يغطي م ا‬
‫لحق المتعاقد من خسارة وما فاته من كسب‪.‬‬

‫‪ .‬د ‪.‬مفتاح خليفة عبد الحميد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.244‬‬ ‫‪445‬‬

‫‪252‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ه ذا ومن المالح ظ أن ه في حال ة ع دم وج ود نص اتف اق في العق د أو حكم في الق انون‬


‫ينظم مق دار التع ويض في حال ة اإلنه اء االنف رادي للعق د اإلداري ل دواعي المص لحة العام ة‬
‫فإنه ال توجد في هذه الحالة أية قواعد محددة يتعين االلتزام بتطبيقها من أجل تحديد مبلغ‬
‫التع ويض‪ ،‬وم ع ذل ك ف إن مجلس الدول ة الفرنس ي ق د وض ع مب دأ التع ويض الكام ل عن د‬

‫الضرر الناشئ للمتعاقد من هذا اإللغاء شامًال الربح الفائت‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك فطبق ًا‬
‫لقض اء مجلس الدولة الفرنسي فإن المتعاقد ال ذي أنهى عقده من ج انب اإلدارة من دواعي‬
‫المصلحة العامة ال يستحق أي تعويض في حالتين‪:‬‬

‫أ ‪ -‬إذا نص العق د ص راحة على أن المتعاق د ال يس تحق أي تع ويض في حال ة إنه اء‬
‫عقده لدواعي المصلحة العامة‪.446‬‬

‫ب ‪ -‬إذا لم يلحق بالمتعاقد أي ضرر حقيقي من جَّر اء إنهاء عقده‪ ،‬حيث أن المبادئ‬
‫العامة للحصول على التعويض تقتضي وقوع ضرر فعلي تكبده المتعاقد‪ ،‬ولذلك ال محل‬
‫بالت الي إذا لم يح دث إنه اء العق د أي ض رر للمتعاق د وتطبيق ًا ل ذلك وقض ى مجلس الدول ة‬

‫الفرنسي تعويض المتعاقد عن إنهاء عقده‪ ،‬ألن استمرار تنفيذه له كان في الحقيقة مرهق ًا‬
‫ومكلف ًا للمتعاق د‪ ،‬ول ذلك ف إن إنه اء العق د لم ينتج عن ه أي ض رر للمتعاق د‪ ،‬ولق د أق ر مجلس‬
‫الدول ة المص ري مبدأ ع دم اس تحقاق المتعاقد أي تع ويض إذا لم يلحق ب ه أي ض رر نتيجة‬
‫إنه اء عق ده‪ ،‬حيث ق ررت محكم ة القض اء اإلداري أن التع ويض يخض ع لألحك ام العام ة‬
‫المق ررة في ه ذا الص دد‪ ،‬ومنه ا ش رط حص ول ض رر من ج راء إنه اء العق د‪ ،‬ف إذا ثبت أن‬
‫إنهاء العقد لم يرتب ضررًا فال محل للتعويض‪.447‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬أحمد عياد عثمان‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.272‬‬ ‫‪446‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء اإلداري الصادر ‪ .25‬يونيه ‪ 1961‬م لمجموعة‪ ،‬س ‪ 15‬رقم ‪ 194‬ص ‪.265‬‬ ‫‪447‬‬

‫‪253‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كم ا رفض مجلس الدول ة الفرنس ي ك ذلك منح المتعاق د أي تع ويض عن ال ربح الف ائت‬
‫من جراء إنهاء اإلدارة لعقده‪ ،‬طالما استمرار العقد ال يمكن أن يحقق للمتعاقد أية فائدة‪.448‬‬
‫لكن هنا يثار تساؤل هل يمكن لإلدارة أن تضمن العقد شرطًا يتضمن عدم مسؤوليتها‬
‫قبل التعاقد ؟‪.‬‬
‫ال يتصور من الناحية العملية أن يقبل متعاقد مثل هذا الشرط فيعرض نفسه لمخاطر‬
‫ألحد لها ولكن إذا حدث ذلك فعال فيجب في هذه الحالة أن نميز بين حالتين‪.‬‬
‫األولى‪ :‬حال ة اإلعف اء المطل ق من المس ئولية‪ ،‬ويجم ع الفق ه اإلداري على ع دم‬
‫مش روعية مث ل ه ذا الش رط وه ذا م ا أعلنت ه محكم ة القض اء اإلداري المص رية في حكمه ا‬
‫الصادر في ‪ 30‬يونيه سنة ‪ 1957‬م حيث تقول ‪ ":‬من المقرر في الص فقات العمومي ة أن‬
‫جهة اإلدارة ال تملك أن تضع فيها نًّص ا عام ًا بعدم مسئوليتها يعفيها من االلتزام بتعويض‬
‫الضرر الحادث للتعاقد معها‪ ،‬ألن ذلك يتعارض مع المبادئ المقررة في القانون اإلداري‬
‫من ثبوت حق المتعاقد مع اإلدارة في التعويض طبقًا للنظريات السائدة في نظام الص فقات‬
‫العمومية ومنها حقه في التوازن المالي للعقد " وتطبيق ًا لهذه القاعدة‪ ،‬ال يمكن لإلدارة أن‬
‫تض من عقوده ا ش رطًا عام ًا يقض ي بإعفائه ا من جمي ع األض رار المترتب ة على أعم ال‬
‫‪449‬‬
‫األمير‬
‫الثانية ‪ :‬شرط اإلعفاء الذي ينصب على إجراء معين‪ ،‬وهذا الشرط مشروع فإذا توقع‬
‫المتعاق دان إج راء بعين ه من اإلج راءات الس ابقة‪ ،‬كف رض ض ريبة معين ة‪ ،‬أو زي ادة‬
‫س عرها‪...‬إلخ ونًّص ا على تحم ل المتعاق د لم ا ي ترتب عليه ا من آث ار ف إن مث ل ه ذا النص‬

‫‪448‬‬
‫‪- C.E.D cc 1982. Stc Nersot، Bec- P- 1340.‬‬
‫‪ -‬راجع أيض ا حكمه ا الص ادر في ‪ 14‬أبري ل سنة ‪ 1960‬م لسنة ‪ 14‬ص ‪ .36‬حيث تؤك د المحكم ة عدم مش روعية‬ ‫‪449‬‬

‫الشرط الذي تضمنه اإلدارة عقودها والخاص بحرمان المتعاقد من حق التمسك بالقوة القاهرة أو الظروف الطارئة ألن‬
‫ذل ك يتن افى م ع طبيع ة العق ود الق اهرة أو الظ روف الطارئ ة ألن ذل ك يتن افى م ع طبيع ة العق ود اإلداري ة ‪ .‬مش ار إلي ه في‬
‫كتاب د ‪،‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.636‬‬
‫‪254‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫مش روع ويج ري مجلس الدول ة الفرنس ي على التش دد في تفس ير مث ل ه ذه الش روط‬
‫المشروعة‪.450‬‬
‫وأحيانًا يكون التعويض وفقا للقواعد العامة المقررة في هذا الصدد وذلك م ا لم ينص‬
‫المشِّر ع نفسه عن كيفية التعويض أو يفصلها العقد وهو األمر الغالب في الوقت الحاضر‪.‬‬
‫وأحيانًا أخرى يكون األمر في غاية من اليسر وذلك بالنسبة إلى األعباء التي تترتب‬
‫على ف رض رس وم جدي دة أو زي ادة الرس وم القديم ة‪ ،‬إذ يج رى المجلس في ه ذه الح االت‬
‫على الحكم للمتعاقد بالفرق بين سعر الضريبة القديم والجديد‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التعويض الكامل‪.‬‬
‫من الثابت أنه في الحاالت التي يستحق فيها المتعاقد تعويض ًا عن إنهاء اإلدارة لعقده‬
‫ل دواعي المص لحة العام ة أن المب دأ الع ام والمطب ق وال ذي يحكم تق ديره ه و مب دأ التع ويض‬
‫الكام ل‪ ،‬ويجب لكي يك ون التع ويض ك امًال أن يش تمل على عنص رين متالزمين هي‪:‬‬
‫تعويض المتعاقد عما لحقه من خسارة وتعويضه عما فاته من كسب‪.‬‬
‫وق د قض ى مجلس الدول ة في ه ذا الحكم أن اس تمرار العق د ال ذي أنهى اإلج راء‬
‫الصادر من اإلدارة ال يمكن أن يحقق للمورد أية فائدة‪ ،‬فإن الشركة المدعية ال تستطيع أن‬
‫تطالب بتعويض عن الربح الفائت نتيجة إنهاء العقد‪.‬‬
‫في أحكام عديدة على ذلك‬ ‫‪451‬‬
‫وقد قرر مجلس الدولة الفرنسي مبدأ التعويض الكامل‬
‫فإن التعويض الكامل يكون مشتمًال على عنصرين أساسيين هما‪:‬‬
‫العنص ر األول‪ :‬تع ويض المتعاق د من لحق ه من خس ارة نتيج ة إنه اء عق ده‪ ،‬وه ذا‬
‫العنصر من عناصر التعويض ال محل للمنازعة فيه‪ ،‬وال ترد عليه أية استثناءات أو قيود‪،‬‬
‫يشرط أن تكون رابطة السببية المباشرة ثابتة بطبيعة الحال بين إنهاء العقد‪ .‬والخسارة التي‬

‫‪ -‬حكم المجلس الص ادر في ‪ 16‬ين اير ‪1924‬م في قض ية « ‪ » Pigot‬المجموع ة ص ‪ ،53‬وفي ‪ 17‬م ارس س نة‬ ‫‪450‬‬

‫‪ ،1932‬في قضية «‪ » Maurier‬المجموعة ص ‪.340‬‬


‫‪451‬‬
‫‪- C.E 15 Juili 1959- Ministre Des Finances Bes. P. 452.‬‬
‫‪255‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫لحقن بالمتعاقد‪ .452‬وبالطبع فإن التعويض سوف يشمل كافة النتائج واألحداث الضارة التي‬
‫لحقت بالمتعاقد نتيجة اإلنهاء المبتسر لعقده‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬فإنه بالنسبة لعقود أجارة‬
‫العمل فإن التعويض يكون في حدود األداءات واإلنجازات التي تم تنفيذها قبل إنهاء العقد‪،‬‬
‫ويمكن عن د االقتض اء أن ي دخل في نط اق العنص ر األول للتع ويض الكام ل " م ا لح ق‬
‫المتعاقد من خسارة"‪.‬‬
‫والتع ويض عن الض رر المعن وي ال ذي لح ق بالمتعاق د نتيج ة إنه اء عق ده إذا م ا أث ر‬
‫إنهاء العقد مثال على السمعة التجارية للمتعاقد‪.453‬‬
‫ومن المع روف أن القاض ي اإلداري ي رفض تع ويض المتعاق د عن األض رار الغ ير‬
‫منس وبة مباش رة إلى ف ترة تنفي ذ العق د وبحيث ال يس تطيع المتعاق د أن يط الب على أس اس‬
‫تعاقدي بالتعويض عن خسائر االستغالل السابقة على توقيع العقد وإ برامه أو الالحقة على‬
‫إنهاء العقد‪.454‬‬
‫العنصر الثاني‪ :‬للتعويض الكامل هو تعويض المتعاقد عما فإنه من كسب‪ ،‬ولقد أقر‬
‫مجلس الدول ة الفرنس ي عنص ر ال ربح الف ائت على المتعاق د إلى ج انب عنص ر الخس ارة‬
‫المتحققة له كعنصرين للتعويض الكامل الذي يستحقه المتعاقد نتيجة إنهاء عقده‪.‬‬
‫ولق د طلبت الش ركة المدعي ة الحكم ب التعويض عن الض رر المعن وي ال ذي أص ابها‬
‫نتيجة إنهاء عقدها‪ ،‬إال أن مجلس الدولة الفرنسي رفض الحكم لهذه الشركة ب التعويض ألن‬
‫الشركة لم تثبت وجود أي ضرر معنوي‪.‬‬
‫ويالح ظ أن ال ربح الف ائت يتم حس ابه وتق ديره من الت اريخ ال ذي تم في ه إنه اء العق د‬
‫وعلى ال رغم من أن التع ويض الكام ل يش مل كأص ل ع ام عنص رين الخس ارة المتحقق ة‬
‫وال ربح الف ائت‪ ،‬إال أن مجلس الدول ة الفرنس ي ق د اس تبعد التع ويض عن ال ربح الف ائت من‬
‫نطاق التعويض المحكوم به للمتعاقد في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪452‬‬
‫‪- CE 23 Juili 1952- sto les Avisons lescurve- R ec- P- 390.‬‬
‫‪453‬‬
‫‪- C.E 17 Fev 1926 – stc carrette، rec – P- 185.‬‬
‫‪454‬‬
‫‪- C.E. 6 Mai 1955. Ste chabal. Rec. P. 244.‬‬
‫‪256‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الحالة األولى‪ :‬استبعاد الربح الفائت بسبب الظروف الخارجة عن إرادة اإلدارة‪.‬‬
‫استبعد مجلس الدولة الفرنسي من التعويض الذي يمنحه للمتعاقد عنصر األرباح‬
‫التي تفوت على المتعاقد نتيجة إنهاء عقده في جميع الحاالت التي يثبت فيها أن إنهاء العقد‬
‫ك ان راجع ًا إلى ظ روف خارج ة ال ي د لإلدارة فيه ا وال تي جعلت من إنه اء العق د نتيج ة ال‬
‫يمكن بالفع ل تجنيه ا‪ -‬ومن أوض ح األمثل ة على ذل ك ح االت إنه اء العق د نتيج ة لألعم ال‬
‫العسكرية الطارئة كنشوب الحرب أو توقعها وانتهائها‪.455‬‬
‫وقد اختلف الفقه الفرنسي بصدد تبرير ما ذهب إليه قضاء مجلس الدولة السابق‬
‫إلى اتجاهين متقابلين‪ .‬ذهب أحدهما ممثال في رأي كل من الفقيه « ‪ » WALINE‬الذي قال‬
‫" إن وق وع الح رب يعت بر حال ه من ح االت الق وه الق اهرة ال تي ت رغم اإلدارة على إنه اء‬
‫وهو ما ذهب إليه أنصار الفقيه « ‪ » MALDIDIER‬بقوله " أن توقف القتال‬ ‫‪456‬‬
‫عقودها "‬
‫يعتبر حالة من حاالت القوة القاهرة التي ترجع إلى ظروف خارجية ومستقلة عن اإلرادة‬
‫الخاصة لإلدارة المتعاقدة مما يجبرها على إنهاء عقودها‪.457‬‬
‫وطبق ا له ذين ال رأيين ف إن وق وع الح رب وتوق ف القت ال يعت بران ح التين من ح االت‬
‫القوة القاهرة التي تواجهها اإلدارة‪ ،‬والتي تجبرها على إنهاء عقودها‪ ،‬ولذلك يجب استبعاد‬
‫األرباح التي تضيع على المتعاقد نتيجة إنهاء عقده من نطاق التعويض الذي يستحقه وعلى‬
‫خالف االتج اه الس ابق ذهب أنص ار االتج اه األخ ر ممثال في أراء الفقه اء الثالث ة " ذي‬
‫لوبادير ومودرن و ديلفولفي " في مطولهم عن أنه يمتد تطبيق القوة القاهرة إلى الحاالت‬
‫ال تي ال يت وافر فيه ا ش رط االس تحالة المطلق ة لتنفي ذ العق د‪ ،‬فه ذا رأي يق ول باس تبعاد أي‬
‫تعويض عن إنهاء العقد بما فيه التعويض عما لحق المتعاقد من خسارة‪ ،‬أما على صعيد‬
‫الفق ه الع ربي فق د ذهب ال دكتور س لمان الطم اوي إلى ع دم ص حة الت برير الس ابق‪ ،‬ذل ك أن‬
‫‪455‬‬
‫‪- C.E.6 Jan- 1930- Chantiers marimes Du Mili Rec- P- 610.‬‬
‫‪456‬‬
‫‪- G- Maldidiet – La Réalisation sans Faute Marches De Fournitures Passes Par l'état (sans‬‬
‫‪édition)– P- 14‬‬
‫‪457‬‬
‫)‪- ADE LAU BADERE ET Autres- Contrats op- cit- T-2- P- 670. (sans édition‬‬
‫‪257‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أنها الحرب ليس دائمًا من قبيل القوة القاهرة على األقل إذا أخذناها بمعناها التقليدي كسبب‬
‫خارجي يؤدي إلى استحالة تنفيذ االلتزام‪.‬‬
‫كما أن مجلس الدولة الفرنسي قد خرج على هذا المعنى التقليدي فيما يتعلق بتطبيق‬
‫نظري ة الظ روف الطارئ ة‪ ،‬فليس من المص لحة أن تتوس ع في تطبيق ات ه ذا الغ رض‪.458‬‬
‫ولذلك فإن التبرير الصحيح لموقف القضاء الفرنسي في نظر الفقهاء دي لوبادير ومودرن‬
‫وديلفولفي يكمن في أن هذا القضاء الذي يستبعد الربح الفائت من نطاق التعويض الممنوح‬
‫للمتعاق د قض اء مس تمد من االل تزام بتط بيق العدال ة‪ ،‬حيث يب دو من الع دل عن دما تف رض‬
‫أحداث خارجية على اإلدارة إنهاء العقد أن يكون المتعاقد ملزما بالتنازل عن مكاسبه التي‬
‫يمكن أن يتوقعه ا من العق د طالم ا أن يع وض عن ك ل خس ارة تلح ق ب ه نتيج ة إنه اء عق ده‬
‫وعلى ه ذا األس اس ذهب ال دكتور س لمان الطم اوي إلى أن ه ال يمكن ت برير قض اء مجلس‬
‫الدولة الفرنسي سوى باالستناد إلى أساس العدالة المجردة ذلك أنه من العدل حتى فرض‬
‫على اإلدارة إنهاء العقد أن يقتصر على ما يتحمله المتعاقد من خسارة فعلية دون حساب‬
‫األرباح المحتملة ‪.‬‬
‫ولقد أورد الدكتور سليمان الطماوي حكما لمحكمة القضاء اإلداري المصرية أخذت‬
‫فيه بمبدأ رفض التعويض عن الربح الفائت‪.‬‬
‫وتتلخص وقائع القضية في أن إدارة المشتريات بمصلحة المخازن بوزارة الصحة ق د‬
‫طلبت توريد عدد كبير من المباصق الزجاجية‪ ،‬فتقدم أحد األفراد على أساس توريد الكمي ة‬
‫المطلوبة ووفقا لعينة تقدم بها‪ ،‬ولقد قررت لجنة البث قبول العط اء على أساس أن عينة‬
‫قسم الصدر لم يستدل عليها‪.‬‬
‫ولما طرح النزاع أمام القضاء قررت المحكمة اإلدارية بعد فحص ظروف الحال‪،‬‬
‫أن أحك ام الم ادتين " ‪ " 121-120‬من الق انون الم دني الخاض عين بتحدي د الغل ط للص نف‬
‫المطل وب على ه ذا النح و ال يع د من قبي ل الغل ط لتالقي اإلرادتين على العين ة ال تي ك انت‬
‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي ‪ ،‬مرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.639‬‬ ‫‪458‬‬

‫‪258‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫مح ل اعتب ار عن د التعاق د‪ ،‬وأن الس بب الحقيقي لف رض اإلدارة تس لم المباص ق ه و ع دم‬


‫الحاجة للمباصق الموردة بعد‪.‬‬
‫أن تمس ك مص لحة األم راض الص درية بأنه ا ال تص لح مبص قة في وح داتها‪ ،‬وأن ه ال‬
‫وجه لالنتفاع بها‪.‬‬
‫ولقد عقبت المحكمة اإلدارية العليا على ذلك بإيراد المبدأ الذي يقضي بأنه إذا كان‬
‫من حق اإلدارة إنهاء العقد لدواعي المصلحة العامة فإن المتعاقد لم يخطأ‪ ،‬وبالتالي يتعين‬
‫تعويضه وطبقا لهذه القواعد فإنه يحق لجهة اإلدارة أن تتحمل من تعاقدها المماثل بعدما‬
‫تحقق لها أن األصناف الموردة والتي تم التعاقد عليها ال تفي بالغرض المطلوب من أجله‪،‬‬
‫ويعتبر العقد بذلك كان لم يكن‪ ،‬وتعود الحالة إلى أصلها قبل التعاقد‪ ،‬فتقوم الجهة اإلدارية‬
‫بتسليم المدعي األصناف التي قام بتوريدها والتأمينات التي دفعها وما إلى ذلك‪ ،‬على أن‬
‫يرد هو بدوره للجهة اإلدارية ما يكون قد حصل عليه منها تنفيذًا لهذا العقد "‪.‬‬

‫ولما كانت اإلدارة قد أنهت العقد للصالح العام دون أن يرتكب المتعاقد أي خطأ في‬
‫تنفي ذ عق ده ف إن المحكم ة اإلداري ة العلي ا ق د ق ررت تع ويض ه ذا المتعاق د في إنه اء عق ده‪،‬‬
‫ولكن المحكم ة عن د حس اب مبل غ التع ويض ق درت أن المتعاق د يمكن أن يس تفيد من ط رح‬
‫األصناف للبيع في السوق فمنحته مبلغ " ‪ " 400‬جنيه وكان المبلغ المطلوب والذي قضت‬
‫به محكمة القضاء اإلداري هو " ‪ " 1701‬جنيها‪.459‬‬
‫ونحن ب الطبع نؤي د االتج اه األخ ير ال ذي يؤس س اس تبعاد التع ويض عن ال ربح الف ائت‬
‫في الحالة السابقة على قواعد العدالة المجردة واخذوا بموقف مجلس الدولة السابق والذي‬
‫اس تبعد التع ويض عن ال ربح الف ائت في حال ة إنه اء العق د نتيج ة نش وب الح رب أو توق ف‬
‫الحرب والقتال‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن المش ِّر ع الفرنسي قد استبعد التعويض عن الربح‬
‫الفائت في حالة إنهاء العقود التي أبرمت أثناء الحرب الحتياجات الدفاع القومي‪ ،‬وذلك في‬

‫حكم المحكمة اإلدارية العليا في ‪ 2‬مارس ‪ 1986‬المجموعة س ‪ 13‬رقم ‪ ،83‬ص ‪625‬‬ ‫‪459‬‬

‫‪259‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كل من القانونين الصادرين في ‪ 20‬يونيو ‪1940‬م وفي اليوم التالي للهدنة وفي ‪ 7‬أكتوبر‬
‫‪460‬‬
‫‪1946‬م وعلى أثر التوقف النهائي للقتال‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬استبعاد الربح الفائت بسبب تنازل المتعاقد عن تنفيذ العقد‪.‬‬
‫استبعد مجلس الدولة الفرنسي باإلضافة للحالة السابقة للتعويض عن الربح الفائت في‬
‫حال ة م ا إذا ك ان اإلنه اء للعق د من ج انب اإلدارة راجع ًا إلى تخلي المتعاق د عن تنفي ذ العق د‬
‫بموافقة اإلدارة‪.461‬‬
‫وتج رد اإلش ارة إلى أن ه عن د تق دير عنص ري التع ويض على إنه اء عق ده فإن ه يط ابق‬
‫مع هذا التعويض على إنهاء عقده ويضاف إلى هذا التعويض الفوائد المستحقة ما لم ينص‬
‫على خالف ذل ك وبحيث تك ون الفوائ د مس تحقة اعتب ارًا من ي وم طلب التع ويض وليس من‬
‫يوم إنهاء العقد‪.462‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬استبعاد الربح الفائت إذا كان العقد مبرمًا بين شخصين عامين‪.‬‬
‫ال مح ل للتع ويض عن ال ربح الف ائت م تى ك ان المتعاق د شخص ًا عام ًا كم ا ه و الح ال‬
‫بالنس بة لص احب االمتي از في مج ال عق د االل تزام الم برم بين شخص ين ع امين‪ ،‬حيث ال‬
‫يس تطيع ه ذا الش خص الع ام ص احب االمتي از أن يط الب الش خص الع ام اآلخ ر ص احب‬
‫المرفق وم انح االل تزام بتعويض ه عن ال ربح الف ائت ال ذي ح رم من ه نتيجة اإلنه اء المبتسر‬
‫للعق د‪ ،‬ذل ك أن ه ذا المل تزم ال يج ني فائ دة أو م يزة مالي ة من التنفي ذ الكام ل للعق د في مدت ه‬
‫العادية‪.‬‬
‫وبم ا أن الش خص الع ام يه دف دائم ًا من وراء تعاق ده إلى تحقي ق الص الح الع ام‪،‬س واء‬
‫أك ان ه ذا الش خص الع ام ه و ص احب المرف ق أو المتعاق د مع ه‪ ،‬ول ذلك يجب على المتعاق د‬

‫د‪.‬مفتاح خليفة عبدالحميد ‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪234‬‬ ‫‪460‬‬

‫‪461‬‬
‫‪- GMALDIDER- These Preciteel – P- 246.‬‬
‫‪462‬‬
‫‪- C.E-19 Juill 1930 Ministre- De la Quetre. Rec.P 633.‬‬
‫‪260‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الحص ول على التع ويض عن د اإلنه اء االنف رادي لعق ده أن يقيم ال دليل على الخس ارة ال تي‬
‫لحقت به وعلى الربح الفائت الذي ضاع عليه‪ ،‬وإ ال فلن يمنح له التعويض‪.463‬‬

‫‪463‬‬
‫‪- C.E 18 NOV IG 88 villed Amine Et C.E 3 Juin 1989.‬‬
‫‪261‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المبحث الثاني‬
‫ضمان التوازن المالي للعقد‬

‫الت وازن الم الي للعقد يع ني وجود تناسب بين التزام ات المتعاق د وحقوقه حتى يمكنه‬
‫تنفي ذ العق د على النح و المتف ق علي ه فالمتعاق د م ع اإلدارة أق دم على إب رام العق د لكي يحق ق‬
‫ربحا وقد ال يمكنه من ذلك استعمال اإلدارة لسلطاتها الواسعة في تعديل شروط العقد ومع‬
‫االع تراف لإلدارة به ذا الح ق بوص فها س لطة عام ة إال أن ه ح تى ال يك ون العق د اإلداري‬
‫مغرم ًا بالنسبة للمتعاقد فإن اإلدارة تضمن أحداث نوع من التوازن بين التزامات المتعاقد‬
‫وحقوقه وهو ما يعرف بضمان التوازن المالي للعقد‪ ،‬ويعد هذا التوازن قيدًا على سلطة‬
‫اإلدارة في تعديل شروط العقد اإلداري‪ ،‬وفكرة التوازن المالي للعقد هو مجرد توجيه عام‬
‫يس تهدف اإلبق اء على طبيعت ه‪ ،‬كم ا روعيت عن د التعاق د فق د تزي د اإلدارة من االلتزام ات‬
‫المترتبة على العقد أو تنقصها‪ ،‬ولكن يجب عليها أن تحتفظ بتوازن العقد االقتصادي إبقاء‬
‫على خواص ه األص لية وال ش ك في أن ه ذا التوجي ه في غاي ة األهمي ة للقاض ي ال ذي س يجد‬
‫نفسه مسوقًا إلى االستهداء به في تقديره للتعويض المستحق للمتعاقد‪.‬‬
‫ولحف اظ على الت وازن الم الي للعق د مرجع ه اعتب ارات العدال ة وم ا يتعين أن يكتن ف‬
‫تنفي ذ الص فقات العمومي ة من حس ن ني ة لم ا ي ؤدي إلي ه ه ذا الحف اظ من تحقي ق للمص لحة‬
‫العامة في استمرار سير المرافق العامة بانتظام في أداء خدماتها للمنتفعين بها‪.‬‬
‫ويس توجب الحف اظ على الت وازن الم الي للعق د إل زام اإلدارة بتع ويض المتعاق د معه ا‬
‫دون خط أ منس وبة إليه ا وذل ك وفق ًا لنظري ات ثالث هي عم ل األم ير والظ روف الطارئ ة‪،‬‬
‫والصعوبات المادية غير المتوقعة وسوف نبحث في ه ذا المبحث في المطلب األول نظري ة‬
‫عم ل األم ير أم ا المطلب الث اني‪ .‬نظري ة الظ روف الطارئ ة والص عوبات المالي ة غ ير‬
‫المتوقعة‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪263‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب األول‬
‫نظرية فعل األمير‬
‫القاعدة العامة في تنفيذ الصفقات العمومية هي مرونة التزامات المتعاقد مع اإلدارة‬
‫وتحركه ا بالزي ادة أو النقص ان‪ ،‬إال أن اقتص ار ه ذه القاع دة على التزام ات المتعاق د م ع‬
‫اإلدارة يجعلها مرغمة لهذا المتعاقد‪ ،‬فضًال عما تمثله من إجهاد له وغبن في حقوقه‪ ،‬ومن‬
‫ثم ك ان الب د من أن تش مل ه ذه القاع دة حق وق ه ذا المتعاق د‪ ،‬وي ترتب على ذل ك أن ه كلم ا‬
‫زادت التزامات المتعاقد مع اإلدارة زادت حقوقه أيضا تلك هي فكرة التوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫وفعل األمير هو كل إجراء تتخذه جهة اإلدارة المتعاقدة بقرار فردي خاص تصدره‬
‫أو بقواع د تنظيمي ة عام ة يك ون من ش أنه زي ادة األعب اء المالي ة للمتعاق د م ع اإلدارة بحيث‬

‫ي ترتب على ذل ك جع ل تنفي ذ المتعاق د اللتزامات ه التعاقدي ة أك ثر كلف ة مم ا يلح ق ب ه ض ررًا‬


‫يس توجب التع ويض ؛ل ذلك س وف نبحث في ه ذا المطلب ه ذه النظري ة في ف رعين ‪:‬الف رع‬
‫األول المقصود بنظرية عمل األمير‪ ،‬والفرع الثاني نطاق تطبيق نظرية عمل األمير‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ماهية نظرية فعل األمير‪.‬‬

‫إن فعل األمير هو إجراء خاص أو عام يصدر عن جانب الجهة اإلدارية المتعاق دة لم‬
‫يكن متوقعًا وقت التعاقد يترتب عليه إلحاق ضرر خاص بالمتعاقد ال يشاركه فيه س ائر من‬
‫يمسهم اإلجراء‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬تعريف نظرية فعل األمير‪،‬‬
‫تع ددت التعريف ات في الفق ه لنظري ة عم ل األم ير ففي الفق ه الع ربي نج د أن ال دكتور‬
‫سلمان الطماوي عَّر فها في قوله " المقصود بعمل األمير هو عمل يصدر عن سلطة عامة‬
‫بدون خطأ من جانبها‪ ،‬ينجم عنه أضرار مركز المتعاقد في عقد إداري‪ ،‬ويؤدي إلى التزام‬

‫‪264‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫جه ة اإلدارة المتعاق دة بتع ويض المتعاق د المض رور عن جمي ع األض رار ال تي تلحق ه من‬
‫جراء ذلك بما يعيد التوازن المالي للعقد‪.464‬‬
‫كم ا عَّر فه ا ال دكتور توفي ق ش حاتة في قول ه " يقص د بعب ارة فع ل األم ير ك ل إج راء‬
‫تتخ ذه الس لطات العام ة من ش أنه أن يزي د من األعب اء المالي ة للمتعاق د م ع اإلدارة أو‬
‫االلتزامات التي ينص عليها العقد مما يطلق عليه بصفة عامة بالمخاطر اإلدارية‪.465‬‬
‫أما األستاذ " دى لوبادير " يشير إلى تطبيقات قضائية لنظرية عمل األم ير ترج ع إلى‬
‫منتصف القرن التاسع عشر‪ ،‬ومع ذلك فإن شروط تطبيقها قد تباينت فكان مجلس الدولة‬
‫الفرنسي يسير على تطبيق هذه النظرية ويحكم بتعويض للمتعاقد مع اإلدارة في األحوال‬
‫التي يصدر فيها إجراء السلطات العامة ويكون من شأنه األضرار بمصالح المتعاقد ولكن‬
‫المجلس اس تقر قض اؤه بع د ذل ك من ذ حكم ة الص ادر في ‪1999-3-4‬م في قض ية مدني ة‬
‫تول ون على أن ه يش ترط أن يك ون اإلج راء المتخ ذ من الس لطة العام ة ص ادرا عن الس لطة‬
‫المتعاقدة ذاتها‪.466‬‬
‫ونظري ة عم ل األم ير له ا معني ان أح دهما واس ع واآلخ ر ض يق‪ ،‬أم ا المع نى الواس ع‬
‫فيقصد به كل تدخل للسلطة العامة يؤثر بشكل أو بآخر على تنفيذ االلتزامات العقدية‪ ،‬وهذا‬
‫المعنى يشمل مواقف متنوعة وحلوال قانونية متباينة‪.‬‬
‫ولكن الذي يهمنا في هذه الدراسة هو المعنى الضيق حيث يقوم على النظر إلى عمل‬
‫األمير على أنه إجراء تتخذه السلطة المتعاقدة ويؤثر على شروط تنفيذ العقد‪.‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪ .641‬ومن المالحظ أن الدكتور سليمان‬ ‫‪464‬‬

‫الطم اوي ينق د إطالق اس م " عم ل الح اكم " ب دال عن عم ل األم ير " وي رى أن التس مية مس تقرة في الفق ه وتقاب ل حرفي ًا‬
‫االصطالح الفرنسي المأخوذة عنه أحكام النظرية‪ ...‬واصطالح " األمير " أقرب داللة على المعنى المراد من اصطالح‬
‫الحاكم فضال عن أنه جرى منذ القدم في االصطالحات القانونية والشرعية‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬توفيق شحاته ‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.815‬‬ ‫‪465‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬علي عبد المولى‪ ،‬الظروف التي تطراء أثناء تنفيذ العقد اإلداري رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة عين شمس ‪ 1991‬م‪،‬‬ ‫‪466‬‬

‫ص ‪.45‬‬
‫‪265‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وعلى ذلك فإن الحديث عن نشأة عمل األمير يتصل بنشأة سلطة اإلدارة في تعديل‬
‫عقوده ا بإرادته ا المنف ردة‪ ،‬م ع مراع اة أن ه ذه النظري ة ق د ازدادت تحدي دًا م ع التطبيق ات‬
‫القضائية المطردة لها‪ .‬كما سبق وذكرنا‬
‫ثانيا‪ -‬شروط أعمال نظرية عمل األمير‪.‬‬
‫يشترط لتطبيق نظرية عمل األمير توفير الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يتصل اإلجراء بعقد إداري‬

‫حيث أن ال مجال لتطبيق نظرية عمل األمير في مجال العقود الخاصة ويتضح ذلك‬
‫في حكم محكم ة القض اء‪ ،‬اإلداري حيت حكمت ب أن المس ؤولية ال تي ت رتب التع ويض في‬
‫نطاق نظرية " أعمال األمير " ال تقوم إال في حالة ما إذا كان المضرور بسبب التشريعات‬
‫الجدي دة ترب ط بالدول ة رابط ة تعاقدي ة أث ر فيه ا التش ريع الجدي د ب أن زاد في األعب اء ال تي‬
‫يتحمله ا في تنفي ذ التزامات ه بمقتض ى العق د و أن ت ؤدي ه ده الزي ادة في األعب اء المالي ة إلى‬
‫اإلخالل بالتوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫وعلى ذل ك ف إن مج ال التط بيق الموض وعي لنظري ة عم ل األم ير يش مل جمي ع‬
‫الصفقات العمومية كما يشمل كل اإلجراءات التي تتخذها السلطة المتعاقدة والتي يكون‬
‫من شأنها التأثير على شروط تنفيذ العقد وذلك بصرف النظر عما إذا كان اإلجراء الذي‬
‫أص اب المتعاق د بالض رر نتيج ة ت دخل اإلدارة المتعاق دة بتع ديل مباش ر نتيج ة ت أثيره على‬
‫ظ روف العق د بم ا من ش أنه أن يحم ل المتعاق د بأعب اء جدي دة لم تكن متوقع ة لحظ ة أب رام‬
‫العقد‪.467‬‬
‫ولكن بعض الفق ه في فرنس ا ي رى عكس ه ذا النظ ر حيث يقص ر عم ل األم ير على‬
‫ممارسة اإلدارة المتعاقدة الختصاص اتها الخارجة على نطاق التزاماتها التعاقدية بحيث ال‬
‫يشمل عمل األمير سلطة اإلدارة في تعديل العقد بإرادتها المنفردة‪.‬‬

‫‪ .‬د ‪.‬مفتاح خليفة عبدالحميد ‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪239‬‬ ‫‪467‬‬

‫‪266‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪ .2‬أن يكون العمل الضار صادرا عن جهة اإلدارة المتعاقدة‪.‬‬

‫اس تقر قض اء مجلس الدول ة الفرنس ي من ذ محكم ة الص ادر في م ارس ‪1949‬م في‬
‫قض ية مدين ة تول ون‪ ،‬حيث أك د في ه أن نظري ة عم ل األم ير ال تش مل إال م ا ينتج عن‬
‫اإلج راءات ال تي يتخ ذها الش خص الع ام المتعاق د ويع د ه ذا الحكم ع دوًال من مجلس الدول ة‬
‫عن اتجاهه السابق الذي كان يقضي فيه بالتعويض الكامل استنادًا إلى نظرية عمل األمير‬
‫عن أعمال صدرت من إدارة أجنبية عن العقد‪.‬‬
‫ففي الحكم الص ادر في قض ية مدين ة تول ون " أوض ح المجلس أن ه ال يمكن أن يك ون‬
‫هناك تطابق عمل األمير بمناسبة تدابير اتخذتها الدولة أثرت على عقد أبرمته المدينة مع‬
‫شركة الغاز والكهرباء وقال المجلس إن إجراءات تخفيض اإلضاءة التي تستند إليها شركة‬
‫الغ از والكهرب اء وال تي تس ببت في تخفيض إيراداته ا لم تكن من عم ل مدين ة " تول ون "‪.‬‬
‫ولكنها تدابير فرضتها السلطات العسكرية أثناء الحرب‪.‬‬
‫وعلى ذل ك فانخف اض اإلي رادات يرج ع فق ط إلى ظ روف اس تثنائية خارج ة عن عم ل‬
‫األم ير‪ ،‬وق د اس تقر ش رط ص دور عم ل األم ير عن جه ة اإلدارة المتعاق دة في القض اء‬
‫اإلداري الع ربي‪ ،‬فنج د في قض اء المحكم ة اإلداري ة العلي ا المص رية‪ ،‬وفي قض اء المحكم ة‬
‫العليا الليبية‪.‬‬
‫غ ير ال ذي‬ ‫‪468‬‬
‫ف األولى تق ول‪ " :‬أن ه إذا ص در الفع ل الض ار عن ش خص معن وي ع ام‬
‫أب رام عق د تخل ف أح د ش روط نظري ة فع ل األم ير وامتن ع ب ذلك تط بيق أحكامه ا‪ ،‬لكن ذل ك‬
‫االمتناع ال يحول دون تطبيق نظرية الحوادث الطارئة إذا ما توفرت شروطها "‪.‬‬

‫‪ -468‬حكم المحكم ة اإلداري ة العلي ا‪ ،‬جلس ة ‪ 1968-5-11‬م القض ية ‪ 1567/10‬ق المجموع ة س ‪ 13‬ق ‪ -117‬ص‬
‫‪.874‬‬
‫‪267‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫" إن النظري ة المطبق ة على واقع ة ال دعوى هي‬ ‫‪469‬‬


‫أم ا المحكم ة العلي ا الليبي ة فتق ول‬
‫نظرية فعل األمير وليست نظرية الظروف الطارئة إذ أن األمر بإيقاف العمل تتوفر فيه‬
‫فع ل األم ير " فق د ص در من الجه ة اإلداري ة‬ ‫‪470‬‬
‫الش روط الالزم ة لتط بيق عم ل الح اكم‬
‫المتعاق دة وق د نش أ عن ه ض رر للمتعاق د وح ده ولم يش اركه في ه أح د أي ا ك ان درج ة ه ذا‬
‫الضرر‪ ،‬وأن هذا اإلجراء لم يكن متوقعا‪.‬‬
‫إن ك ل ه ذه الش روط مت وفرة في ح ق األم ر الص ادر عن الجامع ة اإلس المية للط اعن‬
‫ب التوقف عن العم ل مم ا يس توجب تط بيق نظري ة فع ل األم ير في ه ذه الحال ة وال يش ترط‬
‫لتطبيق هذه النظرية أن يعد اإلجراء ذا صفة عامة‪ ،‬بل قد يكون اإلجراء خاص ًا أيض ًا ما‬
‫دام ق د ص در عن الجه ة المتعاق دة نفس ها أًّي ا ك ان الب اعث على اتخ اذ ه ذا اإلج راء‪ "...‬وق د‬
‫سبق منا القول إن نظرية فعل األمير تنطبق على الحالة التي ذكرها الحكم وعلى حالة ما‬
‫إذا كان خاصًا أيضًا وال تتنافى مع صفتها كطرف في العقد‪ ،‬بل أن شروط تطبيق نظرية‬
‫فعل األمير أن تكون الجهة التي أصدرت األمر أو اإلجراء طرف ًا في العقد‪ ،‬كما أن صفة‬
‫الجهة اإلدارية كطرف في العقد ال تتنافى مع اعتبارها سلطة عامة لها أن تعيد النظر في‬
‫المشروع المتعاقد عليه من أساسه أو توقيف العمل فيه‪.‬‬
‫ل ذلك من حقه ا وداخ ل في س لطتها‪ ،‬إال أنه ا ت دخل ب ذلك تحت طائل ة فع ل األم ير‪،‬‬
‫ويجب عليها أن تعوض المتعاقد معها تعويضًا كامًال "‪.‬‬
‫وتأسيس ًا على ذل ك ف إن التص رف الص ادر عن غ ير جه ة اإلدارة المتعاق دة ق د يك ون‬
‫موضوع تطبيق نظرية أخرى غير " فعل األمير " ولكن متى يعتبر اإلجراء صادرًا عن‬
‫إلى عدة فروض منها‬ ‫‪471‬‬
‫الجهة المتعاقدة ؟ يشير الشراح‬

‫‪ -469‬حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة‪ ،‬جلس ة ‪1974-3-21‬م‪ ،‬طبع ة إداري ‪ 19-3‬في مجموع ة عم رو المفهرس ة‪ ،‬ج ا ق‬
‫‪ 237‬ص ‪.313‬‬
‫‪-470‬يالح ظ أن المحكم ة العلي ا الليبي ة اس تعملت مص طلح " عم ل الح اكم " وق د انتق د‪ .‬ال دكتور س ليمان الطم اوي له ذا‬
‫المصطلح باعتباره يخالف ما هو مستقر في الفقه والقضاء اإلداري في هذا الصدد‪.‬‬
‫‪ -‬د ‪،‬علي عبد المولى‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.367‬‬ ‫‪471‬‬

‫‪268‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرض األول‪ :‬إذا كان العقد مبرمًا " باسم الدولة " فإن نظرية عمل األمير يمكن أن‬
‫تج د مج اًال للتط بيق س واء أك ان اإلج راء ال ذي س بب الض رر ص ادرًا عن ذل ك ال وزير "‬
‫األمين " أوعن وزي ر آخ ر‪ ،‬أو ك ان اإلج راء ص ادرًا عن مجلس ال وزراء " اللجن ة الش عبية‬
‫العامة سابقًا " وذلك إعماًال لمبدأ " شخصية الدولة ال تتجزأ "‪.‬‬
‫الف رض الث اني‪ :‬أم ا إذا ص در العق د اإلداري عن أح د األش خاص المعنوي ة العام ة‬
‫اإلقليمية‪ ،‬فيجب أن يصدر اإلجراء الضار عنه حتى يمكن تطبيق نظرية عمل األمير إذا‬
‫توافرت باقي شروطها‪.‬‬
‫كما أن اإلجراءات الصادرة عن المؤتمرات الشعبية األساسية سابقًا " ال تي ت ؤثر على‬
‫العق ود المبرم ة بمعرف ة الدول ة ت دخل أيض ًا في نط اق نظري ة عم ل األم ير نظ را ألن‬
‫‪472‬‬
‫المؤتمرات الشعبية األساسية أحد األعضاء المكونة الشخصية الدولة‪.‬‬
‫وهكذا فإنه نظرًا لوحدة أجهزة الدولة‪ ،‬فإن ال عبرة لتعدد تلك األجهزة أو استقالل‬
‫ك ل جه از عن اآلخ ر‪ ،‬حيث ينظ ر إليه ا على أنه ا أوج ه متع ددة لش خص ق انوني واح د م ع‬
‫الدولة‪.‬‬
‫وعلى ذل ك ف إن اإلج راء الص ادر عن أح د أجه زة الدول ة من خالل الرابط ة الرئاس ية‬
‫ال تي تهيمن على ه ذه األجه زة يعت بر ص ادرًا عن الدول ة ذاته ا باعتباره ا وح دة شخص ية‬
‫الدولة‪.‬‬
‫والس ؤال ال ذي يث ور في ه ذا الخص وص ه و ه ل تس ري نظري ة عم ل األم ير في‬
‫الصفقات العمومية بين األشخاص االعتبارية العامة‪ ،‬إذ أنه اإلجراء المكون لعمل األمير‬
‫يمكن أن يصدر عن أي من طرفي العقد ؟‪.‬‬
‫لإلجاب ة على ذل ك نق ول ‪:‬ال يوج د م ا يح ول دون أن تس رى نظري ة عم ل األم ير في‬
‫العقود المبرمة بين األشخاص العامة‪.‬‬

‫د‪ ،‬مفتاح خليفة عبدالحميد ‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪243‬‬ ‫‪472‬‬

‫‪269‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫حيث أن ه من المتص ور أن يتخ ذ أي من ط رفي العق د إج راء يس بب ض ررًا للط رف‬


‫نظ رًا ألن ك ل منه ا يح وز امتي ازات الس لطة العام ة ال تي تقتض يها طبيع ة العق د‬ ‫‪473‬‬
‫اآلخ ر‬
‫اإلداري والتي قد تؤدي إلى جعل تنفيذ العقد أكثر إرهاقا ويظهر ذلك بوجه خاص حيث‬
‫يك ون أحد ط رفي العقد في موقع أكثر س يطرة في عالقته ب الطرف األخر‪ ،‬مثال ذلك في‬
‫حالة العقود المبرمة بين الدولة والوحدات المحلية األخرى‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن ينشأ ضرر عن اإلجراء اإلداري‪.‬‬
‫يشترط للمطالبة بتعويض أن يحقق ضرر من الفعل الضار ولذلك من الالزم أن‬
‫ي ؤدي عم ل األم ير إلى إن زال خس ارة واض حة بالمتعاق د م ع اإلدارة وال يتش رط أن يك ون‬
‫الضرر خسارة‪ ،‬بل يجوز أن يتمثل فيما فات المتعاقد من ربح ويشترط أن يكون الضرر‬
‫محددًا ومباشرًا‪.474‬‬
‫وق د اش ترطت محكم ة القض اء اإلداري لقي ام الح ق في التع ويض تأسيس ا على‬
‫نظري ة عم ل األم ير أن تص در الحكوم ة تش ريعا عام ا جدي دا يمس مراك ز المتعاق د معه ا‬
‫بضرر خاص‪.‬‬
‫وق الت أن الض رر الخ اص يتحق ق إذا م ا أص اب التش ريع الجدي د على ال رغم من‬
‫عمومية نصوصه المتعاقد وحده ودون مجموعة الشعب‪.475‬‬
‫وق د حكم مجلس الدول ة الفرنس ي بأن ه إذا طلبت اإلدارة من المتعاق د معه ا أن يرف ع‬
‫أجور عماله حتى تتساوى مع االزدياد المطرد في أجور اليد العاملة‪.‬‬
‫فال يك ون للمتعاق د الح ق في طلب تع ويض ذل ك أن م ا فعلت ه اإلدارة ه و مج رد لفت‬
‫النظر للمستوى الجاري للمرتبات واألجور‪ ،‬أما إذا فرضت اإلدارة على المتعاقد معها أن‬
‫يرف ع مرتب ات وأج ور أعلى من المع دل لألج ور الس ائدة‪ ،‬فيك ون هن اك م وجب للتع ويض‪،‬‬

‫‪ -‬د علي عبد المولى‪ ، .‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.372‬‬ ‫‪473‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬حسن عبد العال‪، .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.136‬‬ ‫‪474‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬جلسة ‪ 1955-1-30‬م لمجموعة س ‪ ،9‬ص ‪.267‬‬ ‫‪475‬‬

‫‪270‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ويالح ظ أن ه ال يش ترط في الض رر الم ترتب على عم ل األم ير درج ة معين ة من الجس امة‪،‬‬
‫فيجوز أن يكون يسيرًا كما قد يكون جسيمًا‪ ،‬ولكم هل يلزم أن يكون الضرر خاصًا ؟‪.‬‬
‫والضرر الخاص هو الضرر الذي يصيب فردًا أو مجموعة من األفراد بصفة ذاتية‬
‫وكافية ألن يكون اإلخالل بمبدأ المساواة واضحًا وجليًا‪.‬‬
‫وقد تشعبت اآلراء حول هذه المسألة‪ ،‬فقد ذهب جانب من الفقه المص ري إلى وج وب‬
‫ت وفر الض رر الخ اص لمنح التع ويض ب ل يجعل ه الش رط الوحي د ل ذلك‪ ،‬وق د تب نى القض اء‬
‫بينم ا ذهب رأي آخ ر إلى الض رر ال ذي يص يب المتعاق د‬ ‫‪476‬‬
‫اإلداري المص ري ه ذا ال رأي‬
‫بن اء على اإلج راء الص ادر عن اإلدارة المتعاق دة ه و دائم ًا ض رر خ اص نظ را للرابط ة‬
‫التعاقدية التي تربط المتعاقد بالسلطات العامة والتي تميزه عن سائر المتضررين من تلك‬
‫اإلج راءات وأخ يرًا اتج ه رأي ث الث إلى الق ول إن ش رط خصوص ية الض رر ال يض يف‬
‫للشروط األخرى للمسؤولية العقدية بدون خطأ‪.‬‬ ‫‪477‬‬
‫شيئا‬
‫وي راعي في ذل ك أن المتعاق د تربط ه ب اإلدارة عالق ة تعاقدي ة‪ ،‬ول ذا فإن ه يك ون في‬
‫وض ع خ اص يقتض ي ع دم تطلب أو تعطي ل ك ل ش رط متعل ق بخصوص ية الض رر ويكفي‬
‫إثبات أن الضرر الذي أصابه ناجم عن إجراء اتخذته اإلدارة المتعاقدة لكي يتوافر شرط‬
‫الخصوصية‪.‬‬
‫وفي ه ذا الص دد اس تقر قض اء مجلس الدول ة الفرنس ي على أن ه لكي تنش أ مس ؤولية‬
‫تعاقدية بمناسبة اإلجراءات التشريعية يجب أن يكون القانون قد " عدل شروط العقد ذاته‬
‫والتي من أجلها أبرم العقد "‪.478‬‬
‫هذا وإ ذا كان اإلجراء العام لم يمس موضوع العقد ذاته أو أحد عناصره األساسية‪،‬‬
‫وإ نما يصيب الضرر المتعاقد في ذات الظروف الخاصة بسائر المواطنين‪.‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬تروت يدوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.809،‬‬ ‫‪476‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬مفتاح خليفة عبد الحميد‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.244‬‬ ‫‪477‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬مفتاح خليفة عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.244‬‬ ‫‪478‬‬

‫‪271‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فإنه ال يرتب الحق في التعويض‪ ،‬وأساس ذلك ليس انتفاء خصوصية الضرر وإ نما‬
‫مرده إلى عدم تأثير خصوصية الضرر تلحق بطبيعة الضرر‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن يكون اإلجراء الذي اتخذته اإلدارة غير متوقع‬
‫ويش ترط أن يك ون اإلج راء اتخذت ه اإلدارة غ ير متوق ع وقت التعاق د ف إذا ت وقعت‬
‫نصوص العقد هذا اإلجراء لم يكن للمتعاقد الحق في طلب التعويض بحجة أنه متضرر‪.‬‬
‫حيث أن ه ق د أب رم العق د وه و مق در له ذه الظ روف األم ر ال ذي ي ترتب علي ه تع ذر‬
‫االس تناد إلى نظري ة عم ل األم ير المتوقع ة‪ -‬أثن اء تنفي ذ العق د اإلداري إدخ ال بعض‬
‫التعديالت بالزيادة أو النقص وفقًا لما تقدره جهة اإلدارة في شأن تأدية المشروع للغرض‬
‫ال ذي تري د إنش اءه و أن تك ون التع ديالت في ح دود ض يقة ب دون تغي ير المش روع المتعاق د‬
‫عليه من أساسه‪.‬‬
‫‪ - 5‬يفترض عدم إخطاء اإلدارة المتعاقدة حين اتخذت عملها الضار‪.‬‬
‫وأس اس ذل ك أن ال تزام اإلدارة بمقتض ى العق د ال يمكن أن يقي د تص رفاتها كس لطة‬
‫عام ة تس تهدف تحقي ق الص الح الع ام‪ ،‬ف إذا م ا تص رفت جه ة اإلدارة المتعاق دة في ح دود‬
‫سلطاتها‪ ،‬وقد ترتب على هذه التصرفات ضرر للمتعاقد فإن اإلدارة في هذه الحالة تسأل‬
‫في نطاق نظرية عمل األمير بصرف النظر عن قيام خطأ من جانبها‪.‬‬
‫ذلك أن المسؤولية في نطاق تلك النظرية وإ ن كانت مسؤولية عقدية إال أنه مسؤولية‬
‫عقدي ة ب دون خط أ‪ ،‬أم ا إذا انط وى تص رف اإلدارة على خط أ فإنه ا ُتس أل على أس اس ه ذا‬
‫الخطأ‪.479‬‬
‫والخالص ة أن اإلج راءات ال تي تتطلب لتط بيق نظري ة عم ل األم ير يجب أن تك ون‬
‫مشروعة‪ ،‬ذلك أن اإلدارة المتعاقدة تملك تعديل الشروط التنظيمية المتعلقة بالمرفق العام‬
‫بدون أن تتجاوز سلطتها أو أن ترتكب خطأ‪.‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬على عبد المولى ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.192‬‬ ‫‪479‬‬

‫‪272‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وك ذلك أن العق د ال يمكن أن يح رم المش رع من اختصاص اته في إص دار الق وانين‬
‫الجديدة التي يقدر أنها الزمة لالقتصاد القومي أو للحياة االجتماعية‪ ،‬فالمسؤولية هنا تقوم‬
‫على تحم ل المخ اطر وتحقي ق المس اواة بين األف راد أم ام األعب اء العام ة وه ذا ينح در من‬
‫مركز المتعاقد الخاص حيث يكون أكثر األفراد تعرض ًا لألضرار التي تسببها اإلجراءات‬
‫اإلداري ة أو التش ريعات الجدي دة‪ ،‬وبالت الي يجب أن يش اركه في تحم ل ِع ْب َأَه ا جمي ع األف راد‬
‫‪480‬‬
‫من ممولي الخزانة عن طريق التعويض الذي تتحمله اإلدارة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق تطبيق نظرية عمل األمير‪.‬‬
‫تتع دد الص ور ال تي يتحق ق فيه ا عم ل األم ير ويختل ف نط اق تطبيقه ا تبع ًا له ذه‬

‫بين م ا إذا ك انت اإلج راءات اإلداري ة الص ادرة ت ؤثر في العق د فتعدل ه تع ديًال‬ ‫الص ور‬
‫‪481‬‬

‫مباشرا أم تعديل غير مباشر ويقصد بالتعديالت المباشرة‪ ،‬تلك التي تكون نتيجة إلجراءات‬
‫تمس نًّص ا من نصوص العقد مًس ا مباشرًا كأن تقرر جهة اإلدارة المتعاقدة زيادة األعمال‬
‫التي يعهد بها إلى المتعاقد أو على العكس تضييق نطاقها‪.‬‬
‫أما التعديالت غير المباشرة‪ ،‬فتكون نتيجة إلجراءات تنظيمية عامة (قوانين ولوائح)‬
‫ال يقص د به ا تع ديل العق د ذات ه‪ ،‬ولكنه ا ت ؤثر على العق د فتجع ل تنفي ذه أش د عس رًا أو أك ثر‬
‫إنفاق ًا أو أق ل ربح ًا‪ .‬ومثاله ا التش ريعات الض ريبية أو الجمركي ة‪ ،‬أو التش ريعات المنظم ة‬
‫للعمالة أو التأمينات االجتماعية ولوائح الضبط اإلداري‪ .‬وفي هذا المقام يثور التساؤل عن‬
‫م دى انطب اق نظري ة عم ل األم ير في الف روض المختلف ة‪ .‬وس وف نق وم باإلجاب ة على ه ذا‬
‫التساؤل وذلك بطرح الفروض اآلتية‪:‬‬

‫الفرض األول‪ :‬عمل األمير في صورة إجراء يعدل مباشرة في شروط العقد‬

‫‪ -‬د ‪.‬خالد عبداهلل كرفاش ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪272‬‬ ‫‪480‬‬

‫د ‪ ،‬مفتاح خليفة عبد الحميد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.244‬‬ ‫‪481‬‬

‫‪273‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ق د يتمث ل عم ل األم ير في ص ورة إج راء خ اص ي ؤدي إلى المس اس بنص وص العق د‬


‫ذاتها أو إجراء عام يحدث هذا األثر‪.‬‬
‫أ ‪ -‬اإلج راء الخ اص ال ذي يع دل مباش رة في ش روط العق د‪ ،‬ومن أمثله ا‪ ،‬أن تع دل‬
‫الجه ة اإلداري ة المتعاق دة من نص وص العق د أو أن تنهي ه قب ل األج ل المح دد ل ه‪ ،‬ويطل ق‬
‫البعض على هذا التدخل اإلداري مصطلح (االحتمال اإلداري) األصل العام‪ ،‬إن كل إجراء‬
‫خ اص تتخ ذه جه ة اإلدارة المتعاق دة فيص يب المتعاق د بض رر يعطي المتعاق د الح ق في‬
‫التعويض الكامل على أساس نظرية عمل األمير‪ ،‬فالتوازن المالي أمر مفترض في كل‬
‫عقد إداري‪ ،‬ومن حق المتعاقد مع اإلدارة أن يعوض على مقتضاه بدون حاجة إلى النص‬
‫(إن حق المتعاقد في‬ ‫‪482‬‬
‫على ذلك في العقد‪ .‬وفي هذا السياق تقول المحكمة اإلدارية العليا‬
‫العق د اإلداري في التع ويض الع ادل عن األض رار ال تي تلح ق بمرك زه التعاق دي أو تقلب‬
‫ظ روف العق د المالي ة بس بب ممارس ة جه ة اإلدارة س لطاتها في تع ديل العق د وتحري ره بم ا‬
‫يتالءم والمص الح العام إنما ينصرف أثره وتقوم مقتض ياته حيث تمارس جهة اإلدارة من‬
‫جانبها وحدها وبإرادتها المنفردة تعديل العقد أثناء تنفيذه تبعا لمقتضيات سير المرفق العام‪.‬‬
‫ب‪.‬اإلج راء الع ام ال ذي يع دل مباش رة في ش روط العق د‪ ،‬ه ذا الف رض يتمت ل في أن‬
‫المشِّر ع يصدر قانونًا يؤثر على شروط عقد إداري معين إما بتعديل بعض نصوص العقد‬
‫أو إنهائ ه‪ .‬ففي فرنس ا حكم ب التعويض لش ركة طباع ة بمناس بة فس خ العق د بن اء على موافقة‬
‫وإ قرار البرلمان‪.‬‬
‫ولكن إذا نص الق انون على من ع التع ويض في فرنس ا يح ترم ه ذا الحظ ر نظ رًا ألن‬
‫مجلس الدول ة الفرنس ي ال يع ترف لنفس ه بح ق رقاب ة دس تورية الق وانين‪ ،‬وال يمل ك مناقش ة‬
‫النص التش ريعي ال ذي يعفي الذم ة المالي ة لإلدارة من ك ل أو ج زء من األعب اء المفروض ة‬
‫عليها طبقا لعقد مبرم مع األفراد‪.‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬جلسة ‪ 15/9/1978‬م‪ ،‬المجموعة س ‪ ،33‬ص ‪.732‬‬ ‫‪482‬‬

‫‪274‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ويرى الفقه في حالة يكون مقرر أعمال الرقابة القضائية على دستورية القوانين أن‬
‫على الدولة أن تحترم عقودها‪ ،‬وأن هذا االلتزام يسري في مواجهة المشرع ذاته‪.‬‬
‫وأن ه إذا ك ان اح ترام الحق وق المكتس بة من المب ادئ العلي ا في الق انون‪ ،‬فإن ه يجب‬
‫اعتب ار التش ريع ال ذي يمس الحق وق الناش ئة عن العق د تش ريعا غ ير دس توري والقض اء‬
‫بالتعويض‪ ،‬حيث يتم المساس بحقوق المتعاقد مع اإلدارة‪.‬‬
‫الفرض الثاني‪ :‬اإلجراء الذي يؤثر في ظروف تنفيذ العقد‬
‫هذه اإلجراءات قد تكون إجراءات خاصة أو إجراءات عامة‪.‬‬

‫أ ‪ -‬اإلجراء الخاص الذي يؤثر في تنفيذ العقد‪.‬‬


‫يقصد بذلك اإلجراء الذي تتخذه اإلدارة المتعاقدة ليس بغرض المساس بأحد شروط‬
‫العقد‪ ،‬ولكن يكون من شأن تدخل الجهة اإلدارية التأثير على ظروف التنفيذ بما يؤدي إلى‬
‫تحميل المتعاقد أعباء جديدة لم يتوقعها عند إبرام العقد‪.‬‬
‫مث ال‪ :‬اإلج راء ال ذي يص در عن اإلدارة المتعاق دة بمناس بة ت دخلها بمقتض ى س لطاتها‬
‫في الرقاب ة والتوجي ه أو اإلج راءات الص ادرة عنه ا بغي ة أه داف ال تتعل ق بنط اق تنفي ذ‬
‫االلتزامات التعاقدية وإ نما خارج هذا النطاق‪ ،‬مثال ذلك بعض إجراءات الضبط اإلداري‪.‬‬
‫والرأي ال راجح فقه ًا يرى تط بيق أحك ام نظرية عمل األمير في الف روض المتقدمة‪،‬‬
‫وإ ن ك انت اإلدارة ال تقص د من ورائه ا تغي ير في ظ روف التنفي ذ طالم ا أن ه ي ترتب عليه ا‬
‫تحميل المتعاقد بأعباء جديدة‪.483‬‬

‫ب ‪ -‬اإلجراء العام الذي يؤثر في ظروف تنفيذ العقد ‪.‬‬


‫ومعنى ذلك أنه قد تصدر قوانين أو لوائح يكون من شأنها زيادة أعباء المتعاقد نتيج ة‬
‫التأثير على ظروف التنفيذ الخارجية‪ ،‬ففي هذا الفرض‪ ،‬يبدو األمر عسيرا بالنسبة للمتعاقد‬

‫‪ -‬د‪ .‬علي عبد المولى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪535‬‬ ‫‪483‬‬

‫‪275‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الذي يصاب بضرر من اإلجراء العام باعتبار أن تحقق المسؤولية العقدية لإلدارة المتعاقدة‬
‫يبدو أضيق نطاق ًا عنها في حالة اإلجراءات الخاصة‪ ،‬حيث أن األصل الذي قرره مجلس‬
‫الدول ة الفرنس ي ه و أن ه ذه اإلج راءات ال تعطي حق ا في التع ويض الكام ل على أس اس‬
‫نظري ة عم ل األم ير إال في أض يق الح دود باعتب ار أن ش رط المس ؤولية العقدي ة يكمن في‬
‫درجة العالقة بين اإلجراء الذي سبب الضرر والعقد الذي تأثير بهذا اإلجراء‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس درجت أحكام مجلس الدولة على القول بأن للنفقات اإلضافية التي‬
‫تكب دها المتعاق د إنم ا أص ابته في ذات الظ روف الخاص ة بس ائر المواط نين‪ ،‬ومن ثم فإن ه ال‬
‫يستحق عنها تعويضا إال إذا أدت إلى قلب اقتصاديات العقد‪.‬‬
‫وعلى ذل ك رفض المجلس الحكم ب التعويض في حال ة ص دور ت دابير ض ريبية تقض ي‬
‫بفرض ضرائب جديدة أو زيادة فئاتها‪ ،‬باعتبار أن المقصود بها تكاليف عامة على الجميع‬
‫إال إذا أدت إلى قلب اقتصاديات العقد‪ ،‬فهنا تصلح أساسا للتعويض ليس على أساس نظرية‬
‫عم ل األم ير‪ ،‬وإ نم ا طبق ًا لنظري ة الظ روف الطارئ ة والح ال ك ذلك إذا ص درت تش ريعات‬
‫ترمي إلى تحسين ظروف العمل بالنسبة للعمال‪.‬‬
‫وبه ذا أف تى مجلس الدول ة المص ري‪ :‬حيث رفض ت الجمعي ة العمومي ة للقس م‬
‫االستش اري طلب ات التع ويض على التك اليف اإلض افية المترتب ة على تط بيق ق انون العم ل‬
‫الموحد رقم ‪ 91‬لسنة ‪ 1959‬م‪.484‬‬
‫وأعملت المب دأ نفس ه بالنس بة لاللتزام ات المترتب ة على تط بيق ق انون التأمين ات‬
‫االجتماعية رقم ‪ 63‬لسنة ‪ 1964‬م‪.485‬‬
‫وفي إط ار ه ذه القاع دة تظه ر ح االت اس تثنائية حكم فيه ا مجلس الدول ة الفرنس ي‬
‫بالتعويض استنادًا إلى نظرية عمل األمير‪ ،‬وذلك حيث يكون من شأن اإلجراءات العامة‬
‫الت أثير على مس ألة يمكن اعتباره ا أساس ية أو حاس مة في إب رام العق د‪ ،‬أي أن تك ون ه ذه‬

‫‪ -‬راجع فتوى الجمعية العمومية للقسم االستشاري رقم ‪ 64‬صادرة في ‪20/7/1960‬م‪.‬‬ ‫‪484‬‬

‫‪ -‬راجع فتوى الجمعية العمومية للقسم االستشاري رقم ‪ 247‬بتاريخ ‪11/3/1965‬م‪.‬‬ ‫‪485‬‬

‫‪276‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المسألة هي التي دفعت الفرد إلى أن يقرر الدخول في هذه الرابطة العقدية‪ ،‬أو حيث يبدو‬
‫أن المتعاق د م ا ك ان ليقب ل أن يرتب ط إال من خالل اعتب ارات وظ روف خاص ة ك انت ماثل ة‬
‫أمامه لحظة إبرام العقد‪ ،‬فإذا ما ترتب على هذا اإلجراء العام أن تغيرت الظروف التي‬
‫قب ل فيه ا الف رد المتعاق د‪ ،‬ف إن النت ائج المالي ة له ذه التع ديالت يجب‪ -‬تأسيس ًا على فك رة‬
‫التع اون بين أط راف الرابط ة العقدي ة‪ -‬أن تك ون على ع اتق اإلدارة المتعاق دة‪ ،‬وق د أعم ل‬
‫مجلس الدول ة الفرنس ي ه ذا االس تثناء بالنس بة للرس وم ال تي تفرض ها البل ديات والرس وم‬
‫الجمركية‪ ،‬وفي مجال إجراءات االقتصاد الموجه‪ .‬فقد حكم بالتعويض عن الضرر الناشئ‬
‫من إلغاء الدعم للتصدير متى كان هذا الدعم هو الدافع إلى إبرام العقد‪.486‬‬
‫وك ذلك حكم بأن ه إذا رفعت اإلدارة األس عار الس ائدة وقت التعاق د عن د إب رام عق ود‬
‫التوري د‪ ،‬ف إن ذل ك ي تيح للط رف المتض رر المطالب ة ب التعويض اس تنادًا إلى نظري ة عم ل‬
‫األمير‪.487‬‬
‫وقد كان لهذا االتجاه صداه في القضاء اإلداري العربي‪ ،‬حيث قضت محكمة القضاء‬

‫اإلداري بجلسة ‪16/6/1963‬م بأنه لئن كانت الزيادة الطارئة على أسعار الدوالر إجراًء‬
‫عامًا ال يمس شروط عقد الشركة المدعية وإ نما يؤثر في ظروف التنفيذ‪ ،‬فإن القاعدة أنه‬
‫رغم عمومي ة اإلج راء ال ذي من ش أنه جع ل تنفي ذ االل تزام أش د ص عوبة وأك ثر تكلف ة‪ ،‬ف إن‬

‫المتعاق د م ع اإلدارة ال يس تحق عن ه تعويض ًا ك امًال إال إذا ك ان ه ذا اإلج راء يمس ش رطًا‬
‫جوهري ًا كان هو ال دافع إلبرام العقد‪ .‬وي راعي مجلس الدول ة أن ضررًا خاص ًا قد أص اب‬
‫المتعاق د فيحكم ب التعويض‪ ،‬والض رر الخ اص يتحق ق إذا م ا أص اب التش ريع الجدي د على‬
‫ال رغم من عمومي ة نصوص ه المتعاق د وح ده من دون مجم وع الش عب‪ ،‬أو إذا م ا أص ابه‬

‫‪ -‬د‪ .‬علي عبد المولى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.195‬‬ ‫‪486‬‬

‫‪ -‬حكم مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬جلسة ‪ ،7/10/1970‬قضية الفيتي‪ ،‬المجموعة ‪.1057‬‬ ‫‪487‬‬

‫وحكم مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬جلسة ‪28/11/1924‬م‪ ،‬قضية تانتي‪ ،‬المجموعة ‪.940‬‬
‫‪277‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫و تتعدد آث ار نظري ة‬ ‫بضرر من الجسامة بحيث يتجاوز كثيرا ما أصاب مجموع الشعب‬
‫‪488‬‬

‫عمل األمير‪ ،‬وتنحصر هذه اآلثار في اآلتي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬ت رتب نظري ة عم ل األم ير حق ا للمتعاق د م ع اإلدارة في التع ويض به دف إع ادة‬


‫التوازن المالي للعقد‪ .489‬ولكن الفقه اختلف حول األساس القانوني لتحديد التعويض‪ ،‬حيث‬
‫تعددت االجتهادات الفقهية في هذا الصدد‪ ،‬وكان من أهمها النظريات القائلة بأن أساس حق‬
‫المتعاق د في التع ويض ق د يك ون إلث راء بال س بب (نظري ة هوري و) أو مب دأ المس اواة أم ام‬
‫األعباء العامة‪ ،‬أو فكرة التوازن المالي‪ .‬وأخيرًا قيل بنظرية المسؤولية التعاقدية لإلدارة‪.‬‬
‫غ ير أن ال رأي ال راجح فقه ا ي ذهب إلى أن المس ؤولية العقدي ة ب دون خط أ تعت بر أداة‬
‫فني ة قانوني ة يمكن عن طريقه ا أن يتحق ق تع ويض المتعاق د‪ ،‬في حين أن فك رة الت وازن‬
‫الم الي للعق د بش كل أساس ي تطب ق المس ؤولية القائم ة على غ ير خط أ في ه ذا الموض وع‪،‬‬
‫فالمسؤولية التعاقدية بدون خطأ تفسر استحقاق التعويض‪ ،‬في حين أن فكرة التوازن الم الي‬
‫للعقد تبرز المسؤولية التي ال تقوم على خطأ‪.‬‬
‫ومن هن ا ج اء مب دأ التع ويض الكام ل للض رر‪ ،‬حيث أن األص ل في التع ويض ال ذي‬
‫يحكم به للمتعاقد مع اإلدارة إعماال لنظرية عمل األمير هو التعويض الكامل للضرر الذي‬
‫أصابه‪ ،‬وكما قالت محكمة القضاء اإلداري في هذا الخصوص (طبق ًا لنظرية عمل األمير‬
‫تل تزم اإلدارة بتع ويض المتعاق د معه ا عن جمي ع األض رار ال تي تلحق ه من جرائ ه بم ا يعي د‬
‫التوازن المالي للعقد)‪.490‬‬
‫ويك ون تعب ير التع ويض الكام ل في الق انون اللي بي ه و م ا لح ق المتعاق د من خس ارة‪،‬‬
‫وما فاته من كسب‪.491‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء‪ ،‬جلسة ‪30/1/1955‬م‪ ،‬المجموعة س ‪ ،9‬ص ‪.267‬‬ ‫‪488‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬خالد عبداهلل كرفاش ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪310‬‬ ‫‪489‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬جلسة ‪30/6/1957‬م‪ ،‬القضية ‪983/11‬ق‪ ،‬المجموعة‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪490‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 224‬من القانون المدني الليبي‪.‬‬ ‫‪491‬‬

‫‪278‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ما يلحق المتعاقد من خسارة يقصد به هنا مراعاة الخسائر الفعلية التي تكون لحقت‬
‫بالمتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬وت رد إلي ه النفق ات ال تي ق د ص رفها ب دون أن يع وض عنه ا وتختل ف‬
‫النفقات باختالف األحوال وطبيعة التعديل ونتائجه‪.‬‬
‫فإذا م ا طلبت اإلدارة سرعة إنج از األعم ال‪ ،‬فإن ذلك قد ي ؤدي إلى زي ادة التك اليف‬
‫على المتعاقد بدفع أثمان مرتفعة أو زيادة في أجور األيدي العاملة‪ ،‬كما أنه من الجائز أن‬
‫ي ترتب على تع ديل العق د‪ -‬أثن اء تنفي ذه‪ -‬خس ائر متنوع ة‪ ،‬في ه ذه الحال ة يجب تق دير ه ذه‬
‫الخس ائر م ا دامت عالق ة الس ببية قائم ة بينه ا وبين اإلج راء ال ذي طلبت جه ة اإلدارة من‬
‫المتعاقد معها اتخاذه‪.492‬‬
‫أما بخصوص فاته من كسب فشمل هذا العنصر المبالغ المعقولة التي كان من حق‬
‫المتعاقد أن يعول عليها لو لم يختل توازن العقد نتيجة لعمل األمير باعتب ار أن من حقه أن‬
‫على أن يغطي التع ويض الكس ب ال ذي ك ان‬ ‫‪493‬‬
‫يع وض عن ربح ه عن عمل ه ورأس مال ه‬
‫يتوقعه المتعاقد عادة من التنفيذ الكامل للعقد‪ ،‬إال أنه يجب في حساب الكسب الفائت عدم‬
‫مخالفة قاعدة‪ ،‬أن التعويض ال يمكن أن يتجاوز حجم الضرر الحقيقي‪ ،‬فال يستطيع أحد أن‬
‫يغفل واقعة أن المتعاقد لم يؤدي العمل الذي كان سيحقق له الكسب المفقود‪.‬‬
‫وعلى ذلك وإ عماًال لقواعد العدالة يتعين أن يخصم من الكسب االستعماالت المختلفة‬
‫لآلالت والمع دات وم ا تك ون ق د ع ادت علي ه ب ربح من مش روعات أخ رى وذل ك ح تى ال‬
‫تكون المحصلة النهائية للمبالغ التي عادت على المتعاقد تزيد عن مقدار الضرر الذي لح ق‬
‫به من جراء تعديل العقد‪.‬‬
‫أم ا إذا أنهت جه ة اإلدارة العق د قب ل أن يش رع المتعاق د في إج راء أي ة تجه يزات‬
‫أودراسات للبدء في تنفيذ العقد وقبل أن يبدأ التنفيذ الفعلي للمشروع محل التعاقد‪ ،‬فال يكون‬
‫هناك محل ألن يطلب المتعاقد تعويضًا عن الخسارة التي لحقت به‪ ،‬حيث أن ه لم يش رع في‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬جلسة ‪30/6/1957‬م‪ ،‬القضية ‪ 983/11‬ق‪ ،‬المجموعة‪ ،‬ص ‪.806‬‬ ‫‪492‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.598‬‬ ‫‪493‬‬

‫‪279‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫التنفي ذ‪ ،‬ولم يتكب د أي ة نفق ات يمكن ه المطالب ة بتع ويض عنه ا‪ ،‬ولكن ق د يطلب تعويض ه عم ا‬
‫فاته من كسب‪.494‬‬
‫على أن كيفي ة تق دير التع ويض ق د يفص لها العق د ذات ه‪ ،‬ذل ك أن مب دأ التع ويض الكلي‬
‫ليس من النظام العام‪ ،‬فكثيرًا ما يتفق الطرفان على غيره‪ ،‬وحينئذ يجب تطبيق العقد إال إذا‬
‫كان ينص على عدم التعويض‪ ،‬ثم زادت األعباء الجديدة من تقديرات الطرفين وقت إبرام‬
‫العقد‪ .‬في هذه الحالة فإنه يكون للمتعاقد مع اإلدارة حق طلب التعويض عن األضرار غير‬
‫المتوقعة‪.‬‬
‫ويالح ظ ك ذلك‪ ،‬أن ه ال يج وز أن يتض من العق د ش رطا يعفي اإلدارة من المس ؤولية‬
‫مطلقا فهو‪ -‬بإجماع الفقه والقضاء‪ -‬شرط يتنافى مع المبادئ المقررة في القانون اإلداري‬
‫من ثبوت حق المتعاقد مع اإلدارة في التعويض طبقا للنظريات السائدة في نظام الص فقات‬
‫العمومية ومنها حقه في التوازن المالي للعقد‪.‬‬

‫في ه ذا الخص وص تق ول المحكم ة العلي ا الليبي ة (إن المتعاق د م ع اإلدارة ي رمي من‬
‫التعاق د إلى الحص ول على ربح‪ ،‬كم ا أن ه يع اون اإلدارة في تس يير المرف ق الع ام بانتظ ام‬
‫واطراد‪ ،‬ومن حقه " المطالبة بالتعويضات كاملة (باعتبار أن سلطة اإلدارة في التعديل هي‬
‫إح دى تطبيق ات فك رة نظري ة عم ل األم ير‪ ،‬ك ذلك من حق ه الحص ول على الت وازن الم الي‬
‫للعقد‪ ،‬ويجب على اإلدارة أن تحترم مقتضيات حسن النية في تنفيذ العقود‪ ،‬وهذا ما يطبق‬
‫في الصفقات العمومية كما هو الشأن في العقود المدنية)‪.495‬‬

‫و أيضًا تطبق المحكمة العليا في ليبيا مبدأ التعويض الكامل فتحكم بتعويض الخسارة‬
‫ومن ج انب آخ ر يش ير الفق ه في مص ر ومنهم األس تاذ‬ ‫‪496‬‬
‫ال تي تحققت والكس ب ال ذي ف ات‬

‫‪ -‬د‪ .‬علي عبد المولى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.548‬‬ ‫‪494‬‬

‫‪ -‬حكم المحكم ة العلي ا لليبي ة‪ ،‬جلس ة ‪3/1/1971‬م‪ ،‬طعن إداري ‪ 18/15‬ق مجموع ة عم رو المفهرس ة‪ ،‬ج ‪ 1‬ق‬ ‫‪495‬‬

‫‪ ،257‬ص ‪.335‬‬
‫‪ -‬حكم المحكمة العليا لليبية‪ ،‬جلسة ‪16/2/1978‬م‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬س ‪ ،14‬ع‪ ،3‬أبريل ‪1978‬م‪ ،‬ص ‪.59‬‬ ‫‪496‬‬

‫‪280‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫إلى أن مبدأ التعويض الكامل لألضرار الناشئة عن فعل األمير يكون له‬ ‫‪497‬‬
‫ثروت بدوي‬
‫بعض االس تثناءات‪ ،‬من ذل ك (أن مجلس الدول ة الفرنس ي ق د حكم في حال ة فس خ اإلدارة‬
‫للعق د بس بب ظ روف الح رب أو بس بب توق ف األعم ال الحربي ة بتع ويض يغطي فق ط‬
‫األضرار الفعلية المترتبة على الفسخ‪ ،‬مع استبعاد عنصر الكسب أو الربح الذي كان يعول‬
‫عليه المتعاقد لو لم يتم فسخ العقد)‪.‬‬
‫ويأخ ذ التفس ير ال راجح لموق ف مجلس الدول ة الفرنس ي ب أن المجلس يض ع نص ب‬
‫عيني ه‪ -‬عن د تق دير التع ويض المس تحق للمتعاق د‪ -‬الظ روف ال تي تحي ط بواقع ة الفس خ‬
‫والمبررات التي دعت جهة اإلدارة إلى وضع نهاية للتنفيذ‪ ،‬وهي في حالة ظروف الحرب‬
‫أو وق ف األعم ال الحربي ة ترج ع إلى زوال الغ رض أو الس بب ال ذي من أجل ه أب رم العق د‪،‬‬
‫كذلك إذا ساهم المتعاقد بخطئه في إحداث بعض األضرار المترتبة على عمل األمير‪ ،‬فال‬
‫وجه قانوني له ألن يطالب بتعويض كلي‪ ،‬حيث ينخفض التعويض بما يعادل نصيب هذا‬
‫الخطأ وذلك مجرد تطبيق للقواعد العامة‪.‬‬
‫ب‪ .‬إذا كان من شأن عمل األمير جعل تنفيذ االلتزام العقدي مستحيًال بالنسبة للمتعاقد‬
‫م ع اإلدارة‪ ،‬فيعت بر‪ -‬في ه ذه الحال ة‪ -‬كم ا ل و ك انت ق وة ق اهرة ويعفى المتعاق د من تنفي ذ‬
‫االلتزام‪.‬‬
‫مثال‪ :‬ذلك‪ ،‬أن يصدر قرار بحظر استيراد سلعة كانت محال للعقد اإلداري‪ ،‬فيستحيل‬
‫على المتعاق د م ع اإلدارة الحص ول عليه ا لتوري دها لجه ة اإلدارة‪ .‬هن ا يك ون الق رار بمثاب ة‬
‫قوة قاهرة تعفي المتعاقد من تنفيذ العقد‪ ،‬مع بقاء حقه في التعويض إن كان له وجه‪.‬‬
‫ج ‪ -‬قد يشكل عمل األمير عذرًا مقبوًال إلعف اء المتعاقد م ع اإلدارة من الجزاءات‬
‫التي كان يمكن توقيعها عليه‪ ،‬وذلك إذا كان من شأن عمل األمير أن يجعل تنفيذ االلتزام‬
‫العقدي ليس مستحيًال بل عسيرًا بحيث يكون تأخير المتعاقد في التنفيذ مبررًا ؛وبالتالي ال‬
‫يكون هناك مسوغ قانوني لمجازاته بالغرامات المالية التأخيرية‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ثروت بدوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.558‬‬ ‫‪497‬‬

‫‪281‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫د‪ -‬إذا ك ان من ش أن عم ل األم ير خل ق ص عوبات في التنفي ذ ال يس تطيع المتعاق د‬


‫تخطيه ا ب أن ك انت تج اوز إمكانيات ه االقتص ادية أو الفني ة ج از ل ه المطالب ة بفس خ العق د‪،498‬‬
‫وال يحول ذلك دون أن يطالب بالتعويض إن كان له مقتضى‪.499‬‬
‫وقد حكمت المحكمة العليا الليبية (بأن إنهاء جهة اإلدارة لعقد األشغال العامة وفسخه‬
‫يرتب حق المقاول في التعويض‪ .‬وتقدر عناصر التعويض على أساس قيمة ما أنجزه من‬
‫أعم ال‪ ،‬والت أمين ال ذي قدم ه وأج رة اآلالت المملوك ة ل ه وال تي اس تعملتها جه ة اإلدارة م ع‬
‫تسليم هذه اآلالت في حالة صالحة لالستعمال)‪.500‬‬
‫وق الت في حكم آخ ر له ا (إن لإلدارة دائم ًا ح ق تغي ير ش روط العق د وإ ض افة ش روط‬
‫جديدة مما قد يتراءى لها أنه أكثر اتفاق ًا مع الصالح العام بدون أن يتحدى الطرف اآلخر‬
‫بقاعدة أن " العقد شريعة المتعاقدين " كل ذلك بشرط أال يصل التعديل إلى حد فسخ العقد‬
‫كلي ة وإ ال أج از للط رف اآلخ ر فس خه‪ ،‬ويش ترط أن يك ون ل ه الح ق في التعويض ات إذا‬
‫المالية للعقد)‬ ‫‪501‬‬
‫اختلفت الموازنة‬

‫‪ -‬د‪ .‬علي الفحام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.381‬‬ ‫‪498‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عزيزة الشريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.291‬‬ ‫‪499‬‬

‫‪ -‬حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة‪ ،‬جلس ة ‪20/12/1970‬م‪ ،‬طعن إداري ‪ 17/16‬ق مجموع ة عم رو المفهرس ة‪ ،‬ج ‪ 1‬ق‬ ‫‪500‬‬

‫‪ ،256‬ص ‪.332‬‬
‫‪ -‬حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة‪ ،‬جلس ة ‪6/3/1975‬م‪ ،‬طعن إداري ‪ ،2118‬مجل ة المحكم ة العلي ا‪ ،‬س ‪ 11‬ع‪ ،‬أبري ل‬ ‫‪501‬‬

‫‪1975‬م‪.‬‬
‫‪282‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب الثاني‬
‫نظرية الظروف الطارئة والصعوبات المالية غير المتوقعة‬
‫تقوم نظرية الظروف الطارئة على فكرة المخاطر االقتصادية بمعنى أنه حدث أثناء‬
‫تنفي ذ العق د اإلداري أن ط رأت ظ روف أو أح داث لم تكن متوقع ة عن د إب رام العق د فقلبت‬
‫اقتص ادياته‪ ،‬وإ ذا ك ان من ش أن ه ذه الظ روف أو األح داث أنه ا لم تجع ل تنفي ذ العق د‬
‫مس تحيًال‪ ،‬ب ل أثق ل عبئ ًا وأك ثر كلف ة مم ا ق دره المتعاق دان التق دير المعق ول‪ ،‬وإ ذا ك انت‬
‫الخس ارة الناش ئة عن ذل ك تج اوز الخس ارة المألوف ة العادي ة ال تي يحتمله ا أي متعاق د إلى‬
‫خسارة فادحة استثنائية وغير عادية بأن من حق المتعاقد المتضرر أن يطلب من الطرف‬
‫اآلخ ر مش اركته في ه ذه الخس ائر ال تي تحمله ا فيعوض ه عليه ا تعويض ًا جزئي ًا‪ ،‬وب ذلك‬
‫يضيف إلى التزامات المتعاقد معه التزامات جديدة لم تكن محل اتفاق بينهما‪.‬‬
‫كم ا أن نظرية الظروف الطارئة على النحو المعمول به في نطاق القض اء اإلداري‬
‫قد نشأت المواجهة أزمة موقته تطرأ أثناء تنفيذ العقد فهي مخصصة لتدارك موقف خارج‬
‫عن النطاق التعاقدي وإليضاح وبحث كل ما سبق سوف نبحث في هذا المطلب في الفرع‬
‫األول نظرية الظروف الطارئة وشروطها والفرع الثاني نظرية الصعوبات المادية الغير‬
‫متوقعة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬نظرية الظروف الطارئة وشروطها‪.‬‬
‫من المعروف لدى الكل أن الظروف الطارئة هي األحداث الفجائية التي تحدث أثناء‬
‫تنفيذ العقد اإلداري لذلك نجد أن القضاء اإلداري الفرنسي هو من ابتدع هذه النظرية في‬
‫حكم ق ديم وش هير في ‪ -30‬م ارس ‪1916‬م في قض ية غ از ب وردو وحاص ل وق ائع ه ذا‬
‫ال نزاع أن إح دى الش ركات ك انت ملتزم ة بتوري د الغ از لمدين ة " ب وردو " وعقب نش وب‬
‫الحرب العالمية األولى ارتفعت أسعار الفحم‪ ،‬وهو المادة الرئيسة التي يستخرج منها الغاز‬
‫إلى أكثر من ثالث أمثاله‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫فق د ك ان ثمن طن الفحم عن د إب رام العق د س نة ‪ " 23 " 1904‬فرنك ًا وارتف ع س نة‬
‫‪ .1916‬إلى أكثر من " ‪ " 73‬فرنكا بحيث أصبح تنفيذ الشركة اللتزاماتها مرهق ا لدرج ة لم‬
‫إلى مجلس الدول ة‪ ،‬قض ى ب أن ي دفع للش ركة‬ ‫‪502‬‬
‫يكن في الوس ع توقعه ا‪ ،‬فلم ا رف ع األم ر‬
‫تعويض على أثر تلك الظروف الطارئة على العقد بسبب تأثيرها على التزام الشركة في‬
‫تولي إدارة المرفق العام حتى نهاية المدة المقررة في العقد هكذا نشأت نظرية الظروف‬
‫الطارئة لمواجهة أزمة مؤقتة تطرأ أثناء تنفيذ العقد فهي مخصصة لتدارك موقف خارج‬
‫عن النط اق التعاق دي على نح و م ا درج مجلس الدول ة الفرنس ي على التعب ير عن ه‪ ،‬فهي‬
‫ظ روف غ ير تط رأ أثن اء تنفي ذ العق د غ ير أن الموق ف غ ير التعاق دي ال يع ني مج رد أزم ة‬
‫يتعرض لها المتعاقد‪ ،‬وإ نما هو موقف غير عادل واستثنائي ينطوي على قلب اقتصاديات‬
‫العقد‪.503‬‬
‫ففي لليبي ا تق ول المحكم ة اإلداري ة العلي ا في حكم له ا " إن مج ال أعم ال نظري ة‬
‫الظ روف الطارئ ة أن تط رأ أثن اء تنفي ذ العق د اإلداري ح وادث أو ظ روف طبيع ة أو‬
‫اقتص ادية‪ ،‬س واء من عم ل الجه ة اإلداري ة المتعاق دة أم من غيره ا‪ ،‬ولم تكن في حس بان‬
‫المتعاق د عن د إب رام العق د وال يمل ك له ا دفع ا‪ ،‬وأن ي ترتب عليه ا أن ت نزل بالمتعاق د خس ائر‬
‫فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختالًال جسيمًا‪ ،‬ومودى هذه النظرية بعد توفر شروطها‬
‫إل زام جه ة اإلدارة المتعاق دة مش اركة المتعاق د معه ا في تح ول نص يب من الخس ارة ال تي‬
‫حاقت به طوال فترة قيام الظروف الطارئة"‪.504‬‬
‫والمتتبع لهذه النظرية في مجال العقود الخاضعة للقانون الخاص في فرنسا يجد أن‬
‫هذه النظرية ال تطبق‪ ،‬حيث سارت في هذا االتجاه المحاكم المدنية في فرنسا وعلى رأس ها‬

‫‪ -‬حكم مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬جلسة ‪ 1996 -3-3‬م قضية بوردو‪ ،‬مجلس القانون العام لسنة ‪1916‬م‬ ‫‪502‬‬

‫‪ -‬د سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.602‬‬ ‫‪503‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة العليا لليبية‪ ،‬جلسة ‪1984-12-10‬م المجموعة من ‪ 10‬ع‪ ،‬ص ‪.250‬‬ ‫‪504‬‬

‫‪284‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫محكمة النقض‪ .505‬هذا بخالف مجلس الدولة الفرنسي الذي عمل على تط بيق ه ذه النظرية‬
‫على الصفقات العمومية الخاضعة للقانون العام وقد كان أول حكم أخذ فيه مجلس الدولة‬
‫الفرنسي بهذه النظرية‪ ،‬هو الحكم السابق الذكر في قضية غاز مدينة بوردو‪.‬‬
‫وعن أس اس التع ويض في ه ذه النظري ة‪ ،‬فق د اختل ف الفقه اء بش أنها فهن اك من‬
‫من اعت بر الني ة المش تركة ألط راف العق د أثن اء أب رام العق د‪ ،‬إال أن هن اك من‬ ‫‪506‬‬
‫الفقه اء‬
‫الفقه اء من ع ارض ذل ك واعت بر أن ه إذا ك انت نظري ة الظ روف الطارئ ة تؤس س حق ًا على‬
‫فك رة الني ة المش تركة ألط راف العق د ف إن ه ذه الني ة يمكن أن تنص رف إلى اس تبعاد تط بيق‬
‫تل ك النظري ة ص راحًة أو ض منًا‪ ،‬إال أن تل ك النظري ة تطب ق على ال رغم من وج ود ش رطا‬
‫بالتن ازل عن تطبيقه ا حيث أن األحك ام المتعلق ة بتل ك النظري ة تعت بر من النظ ام الع ام ال‬
‫يجوز االتفاق على ما يخالفاها‪ .507‬في حين اتجه بعض الفقه إلى أن أساس حق التعويض‬
‫في نظري ة الظ روف الطارئ ة إنم ا يرج ع إلى مب دأ الت وازن الم الي للعق د‪ ،‬ه ذا المب دأ ال ذي‬
‫إن هذا األساس لم يسلم‬ ‫‪508‬‬
‫يعتبر أمرًا مفترضًا في كل عقد إداري دون حاجة للنص عليه‬
‫بدوره من االنتقاد من عدة نواحي‪.‬‬
‫فنظري ة الظ روف الطارئ ة تف ترض ح دوث قلب القتص اديات العق د رأس ًا على عقب‪،‬‬
‫وليس مجرد إخالل في التوازن المالي للعقد‪.‬‬

‫‪ -‬من أحكامه ا ه ذا الخص وص في ‪ 8‬اغس طس ‪ 1903‬حيث رفض ت المحكم ة تع ديل عق د يرج ع ت اريخ انعق اده إلى‬ ‫‪505‬‬

‫القرن ‪ 16‬حيث اتفق على أن تروي مياه أحد المجاري بعض األراضي نظير مقابل محدد في العقد‪ ،‬ثم طرأت حوادث‬
‫استثنائية غير متوقعة أثناء التنفيذ ترتب عنها أن هذا المقابل أصبح تافه ًا إال أن المحكمة تمسكت بالقوة الملزمة للعقد‬
‫ورفض تعديله خشية على تزعزع الثقة الواجب توفرها في العقود و وقوع اضطرابات‪.‬‬
‫‪ -‬من أصحاب هذا الرأي الفقيه " بونار " والفقيه الفرنسي " دي سوترة "‪.‬‬ ‫‪506‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬عبد الحميد حشيش‪ ،‬نظرية عدم التوقع في العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.175‬‬ ‫‪507‬‬

‫‪ -‬ظه رت فك رة الت وازن الم الي للعقد ألول م رة بمناسبة ت دخل اإلدارة في عقود االمتي از و ت ولي المفوض الفرنسي‬ ‫‪508‬‬

‫لي ون بل وم في تقري ره ال ذي قدم ه في قض ية « ‪ » Les Flancaise des tram ‘ ways‬ومن ذ ذل ك ال وقت أص بح‬
‫المصطلح دارجًا‪.‬‬
‫‪La Ferriere : La Traité de La Juridiction administratif، 2e édition‬‬
‫‪285‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كما أن التعويض تأسيسًا على نظرية التوازن المالي للعقد يكون تعويض ًا كامال عند‬
‫جمي ع األض رار ال تي تص يب المتعاق د‪ ،‬أم ا في حال ة الظ روف الطارئ ة فإن ه مقص ور على‬
‫مساعدة اإلدارة ومساهمتها حسب مقدار الضرر‪ ،‬وبالتالي فهو تعويض جزئي ومؤقت إلى‬
‫جانب أسباب أخرى‪.‬‬
‫ليخلص ه ذا الفق ه النهاي ة إلى أن مب دأ الت وازن الم الي للعق د ال يص لح كأس اس لح ق‬
‫التعويض في نظرية الظروف الطارئة‬
‫أما مجلس الدولة الفرنسي فقد أخذ بمبدأ تسيير المرافق العامة كأساس لحق التعويض‬
‫في نظرية الظروف الطارئة وظهر ذلك في العديد من األحكام‪.509‬‬
‫وعن أهم الشروط التي وضعها االجتهاد القضائي العتبار الظرف طارئًا نذكر‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬يشترط أن يكون الظرف الطارئ غير متوقع وال يمكن دفعه‪.‬‬
‫ه ذا الش رط يعت بر ج وهر ه ذه النظري ة ذل ك أن ك ل عق د يحم ل في طيات ه بعض‬
‫بقدر هذه المخاطر ويزنها عند أبرام العقد‪ ،‬فإذا قصر في‬ ‫‪510‬‬
‫المخاطر‪ ،‬وكل متعاقد حذر‬
‫فه و الظ رف‬ ‫‪511‬‬
‫ذل ك فعلي ه أن يتحم ل وزر تقص يره‪ ،‬أم ا م ا يجب أن ي ؤمن المتعاق د ض ده‬
‫ال ذي يف وق ك ل تق دير يمِّك ن أن يتوقع ه الطرف ان المتعاق دان يتف رع على ك ون الح ادث غ ير‬
‫متوقع أنه ال يمكن دفعه ذلك أن الحادث الذي ال يستطاع دفعه يستوي في شأنه أن يكون‬
‫متوقعا أوغير متوقع‪.‬‬
‫فالش رط الج وهري في نظري ة الظ روف الطارئ ة أال يك ون في الوس ع توق ع الح ادث‬
‫الطارئ‪ ،‬ومن هنا تسمى نظرية الظروف الطارئة‪ ،‬أيض ًا " نظرية الظروف غير المتوقعة‬
‫" ويجب أن تبل غ ه ذه الح وادث من الم دى م اال يمكن تقري ر وقوع ه والفاص ل ال دقيق بين‬
‫توقع الظروف وعدم توقعه يمثل الفاصل بين وصف الظرف بأنه طارئ أو أنه غير ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حسبو الخزاري‪ ،‬أثر الظروف الطارئة على االلتزام العقدي ‪،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬ص ‪.327‬‬ ‫‪509‬‬

‫‪- 510‬د‪ .‬احمد صقر عاشور ‪،‬ادارة القوى العاملة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بيروت ‪ 1983،‬ص‪22‬‬
‫‪ - 511‬د ‪.‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.833‬‬
‫‪286‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وهذا الفاصل بين توقع الظرف وعدم توقعه هو أيضًا الفاصل بين قدرة المتعاقد على‬
‫تحاشي وقوع الظرف باالستعداد السابق له إذا كان يتوقعه وعدم قدرته على ذلك أن أخذ‬
‫بوقوعه على حين غرة إذا لم يكن يتوقعه فلهذا الحادث غير المتوقع هو ذلك الحدث الذي‬
‫يتض اد م ع ك ل الحس ابات ال تي أجراه ا أط راف العق د أثن اء إبرام ه ال ذي يتج اوز الح دود‬
‫القصوى التي كان يتوقعها األطراف‪.‬‬
‫أن الحادث الطارئ هو حادث استثنائي يقع‬ ‫‪512‬‬
‫وفي هذا ترى المحكمة العليا الليبية‬
‫نادرًا وال يكون بالوسع توقعه‪ ،‬فإذا كان الحادث المفاجئ الذي يتذرع به الطعون ضده هو‬
‫ص دور الق رار بمن ع ش رب الخم ر ولعب القم ار فإن ه ال يت وفر ص فة االس تثنائية وباإلمك ان‬
‫توقع ه ذل ك أن ليبي ا بل د إس المي ونص دس تورها ال ذي ُأب رم العق د في ظل ه إلى أن دينه ا‬
‫اإلس الم‪ ،‬وك انت بعض واليته ا قب ل إلغ اء النظ ام االتح ادي‪ -‬أص درت قانون ًا خاص ًا يمن ع‬
‫شرب الخمر‪ ،‬فضًال عما قرره قانون العقوبات الذي اعتبره جريمة في حالة خاصة‪.‬‬
‫وإ ذا نص عقد االلتزام على أن الملتزم يخضع في إدارة الفندق إلى القوانين واللوائح‬
‫المعم ول به ا وم ا يص در عنه ا مس تقبًال‪ ،‬ف إن ذل ك ي دل على أن الجه ة المتعاق دة ك ان في‬
‫إمكانها توقع صدور تشريعات في المس تقبل بالخصوص‪ ،‬وكان عليه أن يتنبه لذلك‪ ،‬فإن‬
‫قب ل االل تزام على ه ذا األس اس وال ذي يش عر ب ه نص العق د‪ -‬فإن ه يك ون من ع الخم ر ولعب‬
‫القمار متوقعًا لديه أيضًا وبذلك انتفت عن الحادث صفة االستثنائية وليس نادرًا‪ ،‬ولم تتوفر‬
‫ل ه ص فة المفاج أة وبالت الي ال يج وز ل ه المطالب ة ب التعويض عن الخس ارة باالس تناد إلى‬
‫الظ روف الطارئ ة وص فوة الق ول‪ ،‬أن الح وادث الطارئ ة هي الح وادث ال تي تف وق ك ل‬
‫التوقع ات ال تي يمكن للمتعاق د أن يتص ورها عن د إب رام العق د وعلى ذل ك ال مج ال ألعم ال‬
‫نظرية الظروف الطارئة إذا كان الضرر المدعي به محتمال‪.‬‬

‫‪ -‬حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة‪ ،‬جلس ة ‪ 1985-1-20‬طعن إداري ‪ 29-9‬ق مجلس ة المحكم ة العلي ا‪ ،‬س ‪ -22‬ع‬ ‫‪512‬‬

‫‪ -3.4‬يونيو ‪ ،1986‬ص ‪.12-11‬‬


‫‪287‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫و المالح ظ أن مجلس الدول ة الفرنس ي يتش دد في ض رورة ت وفر ش رط " ع دم التوق ع‬


‫في الظروف الطارئة على اعتبار أن كل عقد يحمل في طياته بعض المخاطر التي يجب‬
‫أن يض عها المتعاق د في حس بانه وت دخل في توقع ات أط راف العق د‪ ،‬أم ا تل ك المخ اطر ال تي‬
‫تصيب العقد باالضطراب واالختالل فإنها يجب أن تكشف عن مخاطر غير عادية لم يكن‬
‫في استطاعة المتعاقد أن يتوقعها أو حتى يقدر نتائجها‪.513‬‬
‫ولق د ص ادق ش رط ع دم التوق ع تطبيق ات عدي دة س واء في القض اء الفرنس ي حيث‬
‫نش أت نظري ة الظ روف الطارئ ة‪ -‬أو في القض اء الع ربي ال ذي تب نى ه ذه النظري ة وق د‬
‫تنوعت وتعددت فروض عدم التوقع‪ ،‬وسوف نكتفي بذكر أهمها‪.‬‬
‫أ ‪ -‬ظرف الحرب‪.‬‬

‫نجد في فرنسا أن ظرف الحرب بالذات كان ظرف ًا طبقت فيه النظرية " قضية غاز‬
‫" سابقة الذكر‪ .‬أما في مصر فرفضت محكمة القضاء اإلداري المصري ظرف‬ ‫‪514‬‬
‫بوردو‬
‫" إن االعتداء الثالثي على‬ ‫‪515‬‬
‫الحرب كظرف طارئًا لتخلف عدم التوقع‪ ،‬فقالت في حكمها‬
‫مصر كان أمرا يجب أن يتوقعه المدعي عند إبرام العقد‪ ،‬إذ كان موقف سوريا من شقيقتها‬
‫العربية وقتئذ موقف المؤازرة والتكافل لتوتر الجو الدولي وما يصحبه من ارتف اع األس عار‬
‫ف إذا ك ان الم دعي ي رد م ا أص ابه من ض رر إلى ه ذه الح رب فإنه ا ك انت متوقع ة من ك ل‬
‫سوري‪ ...‬إلخ " ومن ثم تخلف هذا الشرط من شروط الظروف الطارئة‪ ،‬لكن حيث يكون‬
‫نش وب الح رب أم رًا غ ير متوق ع ف إن ظ رف الح رب يعت بر طرف ًا طارئ ًا‪ ،‬وفي ه ذا تق ول‬
‫محكم ة القض اء اإلداري ذاته ا " وال ش بهة في أن قي ام الح رب يعت بر من الح وادث‬
‫االس تثنائية العام ة الخارجي ة ال تي لم يكن في الوس ع توقعه ا وال تي ي ترتب عليه ا أن ه إذا‬
‫أصبح تنفيذ االلتزام أشهد إرهاقًا وأكبر كلفة‪ ،‬كان للمتعاقد مع اإلدارة مطالبتها بالمساهمة‬

‫‪ -‬د ‪.‬علي عبد المولى‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.235‬‬ ‫‪513‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.618‬‬ ‫‪514‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬جلسة ‪1960-4-14‬م‪ ،‬المجموعة س ‪36.14‬‬ ‫‪515‬‬

‫‪288‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫معه في تحمل النتائج المترتبة على ازدياد األعباء الناشئة عن تلك الظروف ‪ ...‬واألساس‬
‫في ذلك نظرية الظروف الطارئة " ‪.516‬‬
‫وفي ليبيا نجد أن المحكمة العليا قد اعتبرت ظرف الحرب من قبل الظروف الطارئة‬
‫فق الت " إذا أص بح تنفي ذ االل تزام مرهق ا ك ان على اإلدارة أن تس اهم م ع المتعاق د في تحم ل‬
‫النت ائج المترتب ة على ازدي اد األعب اء الناش ئة عن تل ك الظ روف وال خالف في أن ح رب‬
‫الس ادس من أكت وبر ‪ 1973‬م بين الع رب والص هاينة ق د أدت إلى زي ادة األس عار بص ورة‬
‫كبيرة‪ ،...‬وجعل تكاليف حفر بئر واحد تزيد عن حفر بئرين "‪.517‬‬
‫ب ‪ -‬ظروف تقلبات األسعار وتغيير قيمة العملة‪.‬‬
‫أن ما ذهبت إليه المحكمة العليا الليبية‪ ،‬وما نصت عليه الئحة الصفقات العمومية‬
‫من اعتبار هبوط سعر العملة أمرًا متوقعًا‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة لتقلبات األسعار‪.‬‬
‫ولكن يجب أن نأخ ذ بم ا س ار علي ه مجلس الدول ة الفرنس ي وش ايعه في ذل ك مجلس‬
‫الدول ة المص ري‪ ،‬وإ عم اًال لمب دأ العدال ة في التفري ق بين الظ رف الط ارئ ذات ه وبين‬
‫أثاره‪.518‬‬
‫فقد يكون الظرف الطارئ متوقع ًا ولكن تتجاوز أثاره كل التوقعات ففي هده الحالة‬
‫يجب تط بيق نظري ة الظ روف الطارئ ة نظ رًا ألن ه ذه النظري ة ت رمي إلى مج رد تمكين‬
‫المتعاقد من االستمرار في التنفيذ حتى يزول الظرف الطارئ الذي ال يد له فيه‪.‬‬
‫ج ‪ -‬اإلج راءات الص ادرة عن الس لطات العام ة‪ ،‬فالقاع دة المق ررة في ه ذا الش أن أن‬
‫مجلس الدول ة ي رفض الحكم ب التعويض إذا ك ان في إمك ان أط راف العق د توق ع ص دورها‪،‬‬
‫ومع ذلك فإن مجلس الدولة الفرنسي وفق ًا التجاهه ألخير يحكم بالتعويض إذا كان احتمال‬

‫‪ -‬حكم محكم ة القض اء اإلداري‪ ،‬جلس ة ‪ 1957-6-30‬م‪ ،‬القض ية رقم ‪ 983/7‬ق وك ذلك فت وى الجمعي ة العمومي ة‬ ‫‪516‬‬

‫للقسم االستشاري الصادر بتاريخ ‪.1964 -10-28‬‬


‫‪ -‬حكم محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬جلسة ‪ ،1980-1-19‬طبعة إداري ‪ 24/.31‬ق‪.‬‬ ‫‪517‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حمد محمد الشلماني‪ ،‬العقود اإلدارية ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.268‬‬ ‫‪518‬‬

‫‪289‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ص دور هذه اإلجراءات غير متوقع في ذات ه‪ .‬أو ك انت متوقع ة‪ ،‬لكن ف اقت أثارها ما ك ان‬
‫متوقعا أو من الممكن توقعه‪.519‬‬
‫ف الحكم هن ا يتع رض لش رطين من ش روط الظ روف الطارئ ة‪ ،‬ش رط ع دم التوق ع‪،‬‬
‫وشرط اإلرهاق المالي المترتب على الظرف الطارئ‪.‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬علي عبد المولى‪، .‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.276‬‬ ‫‪519‬‬

‫‪290‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ثانيا ‪ -‬أن يكون الظرف الطارئ مستقال عن إرادة المتعاقدين‪.‬‬

‫هنا يشترط أن يكون الظرف الطارئ أجنبيًا عن المتعاقدين‪ ،520‬ولكن قد يأتي الظرف‬

‫الط ارئ بش كل غ ير مباش ر‪ ،‬فالم دين ال ذي يماط ل في التنفي ذ ح تى تس تجد ظ روف طارئ ة‬

‫يعت بر ه و المس ئول وهن ا ال مج ال لتط بيق نظري ة الظ روف الطارئ ة لكن بالمقاب ل إذا ك ان‬

‫التراضي من قبل اإلدارة فنكون أمام أحد الفروض اآلتية‪.‬‬

‫‪.1‬إذا كان الفعل الصادر عن جهة اإلدارة يشكل خطأ فهنا تسأل اإلدارة عن خطئها‬

‫العقدي‪.‬‬

‫‪.2‬أما إذا كان اإلجراء الصادر عن اإلدارة ال يشكل خطأ‪ ،‬وهنا يجب التفريق بين م ا‬

‫إذا ك ان اإلج راء ص ادرا عن اإلدارة المتعاق دة فال مج ال إلى ه ذه الحال ة ألعم ال نظري ة‬

‫الظروف الطارئة‪ ،‬وإ نما تطبق نظرية عمل األمير‪ .‬أما إذا كان اإلجراء صادرًا عن غير‬

‫اإلدارة المتعاق دة ف إن نظري ة الظ روف الطارئ ة تك ون واجب ة التط بيق م تى ت وفرت بقي ة‬
‫‪521‬‬
‫الشروط‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬أن يكون من شأن الحادث الطارئ اإلخالل بالتوازن المالي للعقد‪.‬‬

‫يش ترط هن ا أن ت نزل بالمتعاق د خس ائر فادح ة تخت ل معه ا اقتص اديات العق د اختالال‬

‫جسيما‪ .522‬ويتضح لنا فارق مهم بين نظرية الظروف الطارئة ونظرية عمل األمير حيث‬

‫ال يش ترط في النظري ة الثاني ة أن يك ون الض رر على ق در معين من الجس امة في حين‬
‫‪523‬‬
‫يشترط في األولى أن يبلغ الضرر حدًا يصل إلى قلب اقتصاديات العقد‪.‬‬

‫د‪ .‬نعيمة على درهوب ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪286‬‬ ‫‪520‬‬

‫د‪ .‬عبد العزيز عبدالمنعم خليفة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪296‬‬ ‫‪521‬‬

‫‪ -‬د ‪.‬مازن ليلوا راضي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪143‬‬ ‫‪522‬‬

‫د‪ .‬سليمان الطماوي ‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪622‬‬ ‫‪523‬‬

‫‪291‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫رابعًا ‪ -‬أن يستمر المتعاقد رغم الظروف الطارئة في تنفيذ العقد‪.‬‬

‫ومبنى هذا الشرط‪ ،‬هو الحرص على احترام مبدأ دوام سير المرفق العام الذي من‬
‫‪524‬‬
‫أجله قامت نظرية الظروف الطارئة نفسها‪.‬‬

‫وأن صرف اإلدارة لتعويض المتعاقد معها على أثر ظرف طارئ هو كما قيل يرجع‬
‫‪525‬‬
‫إلى حسن سياسة اإلدارة العامة في تعاملها مع متعاقديها بشأن المرافق العامة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة‪.‬‬

‫ابت دع مجلس الدول ة الفرنس ي ه ذه النظري ة من ذ منتص ف الق رن التاس ع عش ر‪ ،‬وأق ر‬

‫تع ويض المتعاق د عن ه ذه الص عوبات اس تنادًا إلى تفس ير واس ع لنص الم ادة (‪ )28‬من‬

‫كراس ة الش روط والمواص فات العام ة للط رق والجس ور المتعلق ة بحال ة تع ويض المتعاق دين‬

‫عن الهالك والضرر الناجمين عن القوة القاهرة‪.‬‬

‫كم ا أن مجلس الدولة الفرنسي طبق هذه النظرية ليس فقط بالنسبة للتلف أو الهالك‬

‫ال ذي يص يب التجه يزات واألدوات الخاص ة بالمق اول أو بالمش روع‪ ،‬وه و التط بيق الع ادي‬

‫لتلك المادة‪ ،‬إنما توسع المجلس في تفسير المادة وطبقها بصفة عامة على كل النفقات غير‬

‫المتوقعة التي تكبدها المتعاقد من جراء النتائج المترتبة على حالة القوة القاهرة‪.‬‬

‫ثم توس ع المجلس في تط بيق للمب دأ فس لم بح ق المق اول في التع ويض عن‬

‫المتوقع ة ال تي تص ادفه أثن اء التنفي ذ ب دون خط أ من جانب ه‪ ،‬وب دون أن‬ ‫‪526‬‬
‫الص عوبات غير‬

‫تكون هذه الصعوبات نتيجة لعمل اإلدارة‪ ،‬وقد استقرت هذه النظرية وأصبحت أحد مبادئ‬

‫النظام القانوني للعقود اإلدارية‪.‬‬

‫د‪ .‬نعيمة على درهوب ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪286‬‬ ‫‪524‬‬

‫‪.‬د ‪ ،‬خالد عبداهلل كرفاش ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪391‬‬ ‫‪525‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬أنور رسالن‪ ،‬نظرية الصعوبات اإلدارية غير المتوقعة‪ ،‬مجلة القانون اإلداري‪ ،‬بدون سنة نشر ‪،‬دار النهضة‬ ‫‪526‬‬

‫العربية‪ ،‬ص ‪.824‬‬


‫‪292‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أما القضاء اإلداري العربي فقد تبنى هذه النظرية‪ ،‬حيث أصدرت محكمة القضاء‬

‫اإلداري حكما جاء فيه (ومن حيث أن المدعي يؤسس طلب التعويض‪ -‬في هذه الحالة –‬

‫على النظرية المعروفة بنظرية الصعوبات غير المتوقعة‪ ،‬وهي من النظريات التي ابتكرها‬

‫القض اء اإلداري‪ ،‬مقتض اها أن ه عن د تنفي ذ الص فقات العمومي ة وبخاص ة عق ود األش غال‬

‫العامة‪ ،‬قد تطرأ صعوبات مادية استثنائية لم تدخل في حساب طرفي العقد وتقديرهما عند‬

‫التعاق د وتجع ل التنفي ذ أش د وط أة على المتعاق د م ع اإلدارة و أك ثر كلف ة فيجب تعويض ه‬

‫بزيادة األسعار المتفق عليها في العقد‪ ،‬زيادة تغطي جميع األعباء والتكاليف التي تحملها‬

‫باعتب ار أن األس عار المتف ق عليه ا في العق د ال تس ري إال على األعم ال العادي ة المتوقع ة‬
‫‪527‬‬
‫فقط‪ ،‬وأن هذه هي نية الطرفين المشتركة‪).‬‬

‫والتعويض هنا ال يتمثل في معاونة مالية جزئية تمنحها جهة اإلدارة للمتعاقد معها‪،‬‬

‫ب ل يك ون تعويض ًا ك امًال عن جمي ع األض رار ال تي يتحمله ا المق اول‪ ،528‬وذل ك ب دفع مبل غ‬

‫إضافي له على األسعار المتفق عليها‪ ،‬وبذلك تختلف هذه النظرية من حيث سببها والنتائج‬

‫المترتبة عليها عن نظرية الظروف الطارئة التي تطبق بسبب ظروف سياسية أو اجتماعية‬

‫ينش أ عنه ا قلب اقتص اديات العق د أو اختالل توازن ه الم الي‪ ،‬حيث يقتص ر التع ويض فيه ا‬

‫على قدر محدد تساهم فيه جهة اإلدارة‪ .‬كما تختلف أيضا عن حالة القوة القاهرة في أنه‬

‫يكفي في حالة الصعوبات غير المتوقعة أن يصبح التنفيذ أشد عسرًا وأكثر كلفة‪ ،‬في حين‬

‫أنه في حالة القوة القاهرة يجب أن يصبح التنفيذ أشد عسرًا وأكثر كلفة‪ ،‬بل يصبح التنفيذ‬

‫مس تحيًال‪ .‬حيث ي ترتب عن الق وة الق اهرة إم ا وق ف التنفي ذ أو فس خ العق د‪ .‬أم ا في حال ة‬

‫الصعوبات المادية غير المتوقعة فإنه يفترض على العكس االستمرار في التنفيذ‪.‬‬

‫‪ -‬حكم القضاء اإلداري‪ ،‬جلسة ‪ 20/1/1957‬م‪ ،‬القضية ‪ 7892/8‬ق‪ ،‬المجموعة س ‪ ،11‬س ‪.152‬‬ ‫‪527‬‬

‫‪.‬د‪.‬مفتاح خليفة عبدالحميد ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪278‬‬ ‫‪528‬‬

‫‪293‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫على هذا النحو استقرت نظرية الصعوبات المادية في القضاء اإلداري‪ ،‬وقد أوجد لها‬

‫القضاء عدة شروط إلمكانية أعمالها‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ - 1‬أن تك ون الص عوبات مادي ة‪ ،‬ومث ال ذل ك وج ود أترب ة متكتل ة تع ترض المتعاق د‬

‫أثن اء التنفي ذ‪ ،‬أو وج ود طبق ات ص خرية تس تدعي من المتعاق د زي ادة في التك اليف إلزال ة‬

‫الصخور أولرفع األتربة‪.‬‬

‫وق د ترج ع الص عوبات إلى فع ل الغ ير وليس إلى الظ واهر الطبيعي ة‪ ،‬كوج ود قن اة‬

‫مملوكة لشخص ولم ُيشر إليها العقد أو مواصفاته على ذلك إذا كان األمر يتعلق بظروف‬

‫أخ رى إداري ة أو اقتص ادية‪ ،‬فال يمكن إث ارة مس ؤولية الجه ة اإلداري ة على أس اس نظري ة‬

‫الصعوبات المادية‪ ،‬وإ ن أمكن إثارة مسئوليتها على أساس نظرية عمل األم ير أو الظ روف‬

‫الطارئة إذا توافرت شروط تطبيق أي منها‪.‬‬

‫وال ذي‬ ‫ومن تطبيق ات مجلس الدول ة الفرنس ي حكم ه الص ادر في ‪21/7/1970‬م‬
‫‪529‬‬

‫يتعلق بالصعوبات التي واجهت المتعاقد مع اإلدارة والناتجة عن الطبيعة الصخرية للتربة‬

‫أثن اء تنفي ذ عق د موض وعه ش د أح د األنف اق‪ .‬وق د قض ى مجلس الدول ة الفرنس ي بتع ويض‬

‫الش ركة على ال رغم من الطبيع ة الجزافي ة للعق د‪ ،‬وعلى ال رغم من النص في العق د على‬

‫تحمل الشركة مخاطر التنفيذ‪.‬‬

‫فقد رأى المجلس أن الصعوبات التي واجهت المتعاقد مع اإلدارة كانت على قدر من‬

‫الض خامة‪ ،‬بحيث قلبت اقتص اديات العق د فض ًال عن مس ئولية اإلدارة لع دم تزوي د الش ركة‬

‫بنتائج الدراسات التي أعدها الجيولوجي‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬علي عبد المولى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .577‬األحكام المشار إليها في الهامش‪.‬‬ ‫‪529‬‬

‫‪294‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كم ا منح مجلس الدول ة الفرنس ي ب التعويض لمق اول في عق د أش غال عام ة موض وعه‬

‫تنفيذ خزانات لتجميع المياه تحت األرض‪ ،‬حيث صادف أثناء التنفيذ كتل صخرية شديدة‬

‫الصالبة تحتاج في ثقبها آلالت وتقنية حديثة غير منصوص عليها في العقد‪.‬‬

‫واعتبرت محكمة القضاء اإلداري المصري من قبيل الصعوبات المادية وجود أتربة‬

‫متكتلة وطبقات صخرية‪ -‬بمناسبة عقد أشغال عامة موضوعه تطهير إحدى الترع‪ -‬بدال‬

‫من أن يجد المتعاقد طميا يمكن حفره بالوسائل العادية التقليدية واجه امتداد غير عادي من‬

‫الطبقات الصخرية‪.530‬‬

‫اس تثنائية وغ ير عادي ة‪ ،‬أي أن الص عوبات المادي ة‬ ‫‪531‬‬


‫‪.2‬أن تك ون الص عوبات المادي ة‬

‫ليست مطلق عقبات يص ادفها المتعاقد عند التنفيذ‪ ،‬ولكنها عقبات من نوع غير مألوف‪،‬‬

‫وال يمكن أن تنتمي إلى المخاطر العادية التي يتعرض لها المتعاقد عند التنفيذ عادة‪.‬‬

‫ويرى الدكتور سليمان الطماوي (إن هذا الشرط ينتهي بنا إلى موقف ذاتي إذ يترك‬

‫للقاضي أن يقدر في كل حالة على حده ما إذا كانت الصعوبات غير المتوقعة التي صادفها‬

‫المتعاقد مما يمكن اعتباره من قبيل المخاطر العادية أو االستثنائية)‪.‬‬

‫والمالحظة‪ ،‬أن مجلس الدولة الفرنسي يتشدد في تقدير هذا الشرط كلما احتوى العقد‬

‫على نصوص تحمل المتعاقد جميع المخاطر عند التنفيذ‪.‬‬

‫وقد ضربت محكمة القضاء اإلداري مثاًال لشرط الصعوبة غير العادية‪ ،‬فقالت (إن‬

‫شرط الصعوبة غير العادية أو االستثنائية ال يتوفر لمجرد أن الطبقة التي صادفها المدعي‬

‫المقاول وهو يتولى تطهير الترعة‪ ،‬كانت ذات صالبة غير عادية‪ ،‬بل يجب أن تكون هذه‬

‫الطبق ة امت داد غ ير ع ادي أيض ا ب أن تك ون المس احات واس عة أو بنس بة كب يرة من مجم وع‬

‫‪ -‬د ‪.‬سليمان الطماوي ‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪662‬‬ ‫‪530‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬علي عبد المولى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.380‬‬ ‫‪531‬‬

‫‪295‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المنطق ة مح ل العق د‪ ،‬به ذا وح ده يتحق ق الم راد من اعتب ار الص عوبة غ ير عادي ة أو‬

‫استثنائية‪.532‬‬

‫‪ - 3‬أن تكون الصعوبات خارجة ومستقلة عن إرادة المتعاقدين‪ ،‬ولم تنشأ عن خطأ‬

‫أي منهم ا‪ .‬بمع نى إذا ك ان لإلدارة دخ ل فيه ا طبقت قواع د المس ئولية أو نظري ة عم ل‬

‫كما يجب أال يكون للمتعاقد في إحداث تلك الصعوبات أو زيادة آثارها خطورة‪،‬‬ ‫‪533‬‬
‫األمير‬

‫وأن يثبت أن ه لم يكن في وس عه ت وقي آث ار تل ك الص عوبات بم ا بين يدي ه من وس ائل‪ .‬كم ا‬

‫يشترط أال يكون المتعاقد قد خرج على شروط العقد أثناء قيامه بتنفيذ التزامه‪.‬‬

‫‪ - 4‬أن يك ون من ش أن ه ذه الص عوبات أن تلح ق أض رارًا من ش أنها أن تخ ل‬

‫باقتص اديات العق د‪ ،‬وأن تزي د في أعبائ ه المالي ة‪ ،‬أي أن ي ترتب على التنفي ذ نفق ات تج اوز‬

‫األسعار المتفق عليها في العقد‪ ،‬وتزيد في أعباء المتعاقد مع اإلدارة‪ .‬على أنه يالحظ أن‬

‫مجلس الدولة‪.534‬‬

‫الفرنس ي اش ترط بالنس بة للعق ود الجزافي ة أن يك ون من ش أن الص عوبات المادي ة قلب‬

‫اقتصاديات العقد‪.‬‬

‫فقض اء مجلس الدول ة الفرنس ي مط رد على رفض طلب ات التع ويض في حال ة العق ود‬

‫الجزافي ة‪ ،‬إذا لم يص ل الض رر إلى ح د قلب اقتص اديات العق د‪ .‬ودأب المجلس على تق دير‬

‫م دى االختالل ال ذي أص اب اقتص اديات العق د بالمقارن ة بين المب الغ اإلض افية ال تي أنفقته ا‬

‫المتعاقد وبين القيمة اإلجمالية للعقد‪.‬‬

‫‪ - 5‬أن يس تمر المتعاق د في التنفي ذ رغم مص ادفة الص عوبات المادي ة غ ير المتوقع ة‪،‬‬

‫ف إذا توق ف المتعاق د عن التنفي ذ فإن ه يتع رض لمختل ف الج زاءات المترتب ة عن دال ك فض ال‬
‫‪ -‬حكم المحكمة اإلدارية‪ ،‬جلسة ‪20/1/1957‬م‪ ،‬المجموعة س ‪ ،11‬ص ‪.142‬‬ ‫‪532‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.658‬‬ ‫‪533‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد علي محمد‪ ،‬عقد امتياز المرفق العام‪. ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.238‬‬ ‫‪534‬‬

‫‪296‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫عن احتم ال فق ده لح ق المطالب ة ب التعويض على أس اس نظري ة الص عوبات المادي ة غ ير‬

‫المتوقعة‪.535‬‬

‫‪.6‬أن تك ون الص عوبات المادي ة طارئ ة‪ ،‬أي غ ير متوقع ة‪ ،‬ويش ترط في الص عوبات‬

‫المادي ة أن تك ون طارئ ة أي غ ير متوقع ة‪ ،‬أو مم ا ال يمكن توقع ه أو لم يكن في الوس ع‬

‫توقعها عند التعاقد‪ ،‬ولكن ما الحل إذا توقع المتعاقدان الصعوبات المادية ولكنها فاقت في‬

‫شدتها كل التوقعات‪ .‬هنا اختلف الرأي داخل مجلس الدولة المصري‪ ،‬فقد أقرت الجمعية‬

‫العمومي ة للقس م االستش اري للفت وى والتش ريع بمجلس الدول ة المص ري مب دأ التع ويض عن‬

‫الص عوبات المادي ة غ ير العادي ة على ال رغم من احتج اج جه ة اإلدارة بوج ود اتف اق بع دم‬

‫مس ئوليتها عم ا يص ادفه المتعاق د من ص عوبات غ ير متوقع ة‪ ،‬حيث ارت أت أن مث ل ه ذه‬

‫الش روط يحم ل على أن ه يع ني ع دم المس ؤولية عن العقب ات ال تي يص ادفها المتعاق د في‬

‫الحدود المعقولة التي يصل إليها التقدير العادي لألمور‪ ،‬وجاء في الفتوى‪.536‬‬

‫(ال يصح القول بأنه كان ثمة اتفاق على عدم مسئولية هيئة قناة السويس عن تعويض‬

‫الشركة (المقاول) عما تصادفه عن صعوبة غير متوقعة‪ ،‬وكتلك التي صادفتها متمثلة في‬

‫زي ادة حجم الترب ة الص لبة أض عافًا مض اعفة تج اوز ك ل م ا ك ان مق درًا على أس اس‬

‫االختبارات التي جرت بمعرفة المقاولين قبل التعاقد وبمعرفة الهيئة‪.‬‬

‫ذلك أن هذا القول مردود بأن ما جاء في العقد وفي الشروط‪ -‬في خصوص التنبيه‬

‫إلى طبيعة التربة‪ ،‬وإ لى ما تحتويه من صخور صلبة ونحو ذلك‪ ،‬ويحمل على أنه قص د ب ه‬

‫ع دم مس اءلة الهيئ ة عم ا يص ادفه من يعه د إلي ه تنفي ذ المش روع من عقب ات بس بب ذل ك في‬

‫الحدود المعقولة التي يصل إليها التقدير العادي للمشروع‪ ،‬فإنه إذا ما بدى أثناء التنفيذ أن‬
‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.662‬‬ ‫‪535‬‬

‫‪ -‬فت وى الجمعي ة العمومي ة للقس م االستش اري والتش ريع رقم ‪ ،95‬ص ادرة بت اريخ ‪4/2/1964‬م‪ ،‬المجموع ة س ‪،18‬‬ ‫‪536‬‬

‫ص ‪.191‬‬
‫‪297‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫حجم الترب ة الص لبة ق د زاد زي ادة كب يرة عن الق در المتوق ع‪ ،‬ف إن ذل ك يقتض ي أن يتف ق‬

‫الطرف ان على تق دير م ا ي ترتب على ه ذه الزي ادة من نت ائج من ش أنها أن تجع ل تنفي ذ العق د‬

‫أشد وطأة وأكثر كلفة‪ ،‬وبخاصة إذا ما بلغ مدى ذلك حد اإلخالل باقتصاديات العقد وقلبها‬

‫رأسا على عقب بسبب انهيار األسس التي أقيمت عليها‪ ،‬ويكون تقدير األثر المترتب على‬

‫النتائج المشار إليها‪ ،‬باالتفاق على أداء مبالغ إضافية إلى الشركة زيادة على ما كان متفق ًا‬
‫عليه من قبل وذلك تطبيقا لنظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة‪.‬‬

‫أم ا المحكم ة اإلداري ة العلي ا فق د ذهبت إلى عكس ه ذا النظ ر‪ ،‬حيث حكمت بأن ه إذا‬

‫ك ان مف اد النص وص ال واردة في الش روط العام ة أن المق اول مس ؤول مس ئولية كامل ة عن‬

‫جميع الصعوبات المادية التي تصادفه سواء كانت متوقعة أم غير متوقعة‪ ،‬وليس من شأن‬

‫الص عوبات المادي ة غ ير المتوقع ة مهم ا ت رتب عليه ا من إره اق للمق اول أن تخول ه ح ق‬

‫مطالبة الجهة اإلدارية المتعاقد معها زيادة فئات األسعار مشاركة منها في الخسارة التي‬

‫تك ون ق د لحقت ه‪ ،‬إذ أن الص عوبات س الفة ال ذكر‪ -‬أي ا ك ان ش أنها‪ -‬ال ت رقى إلى مس توى‬

‫الحوادث الطارئة الموجبة إللزام اإلدارة بتحمل نصيب في الخسارة الفادحة التي تختل بها‬

‫اقتص اديات العق د اختالًال جس يمًا وذل ك ض مانًا لتنفي ذ العق د اإلداري واس تدامة س ير المرف ق‬

‫العام الذي يخدمه‪.537‬‬

‫وصادف هذا الحكم نقدا شديدًا من قبل الفقه المصري‪ ،‬ومن ذلك الدكتور علي عبد‬

‫الم ولى ال ذي أخ ذ على الحكم خلط ه بين نظري تي الص عوبات المادي ة غ ير المتوقع ة‬

‫والظروف الطارئة‪ ،‬حيث اعتبر أن التعويض الذي يحكم به (في الفرض األول) يتمثل في‬

‫معاون ة مالي ة جزئي ة تمنحه ا جه ة اإلدارة للمتعاق د معه ا‪ ،‬في حين أن ه في الحقيق ة تع ويض‬

‫كامل عن جميع األضرار التي تصيب المتعاقد‪.‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬جلسة ‪ .14/6/1969‬القضية ‪311/11‬ق‪ ،‬المجموعة س ‪ 14‬ق ‪ ،103‬ص ‪.778‬‬ ‫‪537‬‬

‫‪298‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ومن جانب آخر استند حكم للمحكمة اإلدارية العليا إلى ما ورد في الفقرة (‪ )13‬من‬

‫الش روط العام ة ال تي تل زم المق اولين ب أن يتح روا بأنفس هم عن طبيع ة التزام اتهم‪ ،‬وأنهم‬

‫مسئولون عن كل الصعوبات التي تصادفهم (منظورة أو غير منظورة)‪ ،‬في حين أن مثل‬

‫هذه الشروط يقتصر أثرها على التشدد في تقدير درجة الصعوبات التي صادفها المتعاقد‪.‬‬

‫وال يجب أن تحمل على أنها تمنع المتعاقد الذي صادف عقبات استثنائية وغير عادية من‬

‫اللجوء للقضاء للمطالبة بالتعويض‪ ،‬خاصة إذا ترتب على هذه العقبات االستثنائية اإلخالل‬

‫باقتصاديات العقد‪ ،‬وحتى ولو كان العقد من العقود الجزافية‪.‬‬

‫من هنا تكون المحكمة اإلدارية العليا قد خانها التوفيق حين قالت‪ ،‬إنه ليس من شأن‬

‫الص عوبات غ ير المتوقع ة مهم ا ت رتب عليه ا من إره اق للمق اول أن تخول ه مطالب ة الجه ة‬

‫اإلدارية المتعاقدة معه زيادة فئات األسعار‪.‬‬

‫لكن السؤال هنا ما هو األساس القانوني لهذه النظرية؟‬

‫نجد تشعبت اآلراء جليا حول أساس نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة‪ .‬فذهب‬

‫إلى إرج اع ه ذه النظري ة إلى الني ة المش تركة للط رفين المتعاق دين باعتب ار‬ ‫‪538‬‬
‫الفقي ه (ج يز)‬

‫أنها قد اتجهت إلى تحديد أسعار خاصة للتنفيذ خالف األسعار المتفق عليها في العقد في‬

‫حالة ما إذا طرأت صعوبات مادية غير متوقعة‪.‬‬

‫فالس عر المتف ق علي ه في العق د يقص د ب ه مواجه ة التنفي ذ في ظ روف عادي ة‪ ،‬أم ا‬

‫الصعوبات غير المتوقعة والتي لم تخطر ببال الطرفين فالفرض أنهما قصدا إلى تقدير ما‬

‫يقابلهم ا بطريق ة خاص ة‪ ،‬وكان له ذا الرأي ص داه في قض اء مجلس الدول ة الفرنسي‪ ،‬فحكم‬

‫بأن السعر المتفق عليه‪ -‬طبقا للنية المشتركة لألطراف‪ -‬ال يسري إال على األراضي ال تي‬

‫تكون طبيعتها محًال لالعتبار عند إبرام العقد‪ ،‬أما إذا وجد المتعاقد نفسه أمام حالة مختلفة‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمود حلمي‪ ،‬العقد اإلداري‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار النهضة العربية‪ ،1977 ،‬ص ‪.136‬‬ ‫‪538‬‬

‫‪299‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫تمام ا عن تل ك ال تي تص ورها عن د إرس اء العط اء‪ ،‬ف إن الوض ع يختل ف وأخ ذت محكم ة‬

‫القضاء اإلداري المصري بهذا النظر في حكمها الصادر في ‪20/1/1957‬م سبق اإلشارة‬

‫إلي ه‪ .‬فقض ت (بتع ويض المتعاق د م ع اإلدارة عن الص عوبات المادي ة االس تثنائية بزي ادة‬

‫األسعار المتفق عليها في العقد زيادة تغطي جميع األعباء والتكاليف التي تحمله اعتبار بأن‬

‫األسعار المتفق عليه ا في العقد ال تسري إال على األعمال العادية المتوقعة فقط وأن هذه‬

‫نية الطرفين المشتركة‪)..539‬‬

‫وق د أخ ذ على ه ذا ال رأي بأن ه تحكمي وغ ير ك اٍف ‪ ،‬وذل ك أن القض اء يطب ق ه ذه‬

‫النظري ة ح تى ول و نص العق د على تحدي د الس عر تحدي دًا ثابت ًا مهم ا ك انت الص عوبات ال تي‬

‫يقابلها المتعاقد‪.‬‬

‫كم ا ي رى أن ه ذه الفك رة ال تكفي لت برير التع ويض عن الص عوبات المادي ة غ ير‬

‫المتوقعة بعد أن أصبح التعويض عنصرا في النظام القانوني للعقود يطبق في حالة سكوت‬

‫العقد‪ ،‬وأيضًا في حالة اشتراط التنفيذ مهما كانت الصعوبات‪ .‬مؤدى هذا أن التعويض يفقد‬

‫أي أساس اتفاقي منذ البداية نظرًا العتباره عنصرًا من النظام القانوني للعقود‪ ،‬وله صفة‬

‫اإللزام‪ ،‬وبالتالي ال يكون البحث عن أساس التعويض في النية المشتركة للطرفين‪.‬‬

‫وذهب رأي آخ ر يمثل ه الفقي ه الفرنس ي بيكين و إلى إرس اء التع ويض عن الص عوبات‬

‫المادية غير المتوقعة على فكرة المسئولية لقيام حالة قرابة بين الصعوبات غير المتوقعة‬

‫وعمل أو خطأ اإلدارة‪.‬‬

‫ويؤخذ على هذا الرأي أنه ينسى أن نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة يفترض‬

‫أنها وليدة ظروف خارجة عن إرادة المتعاقد واإلدارة‪ .‬أما الصعوبات الناشئة عن تدخالت‬

‫‪ -‬القضية رقم ‪ 7892‬لسنة ‪ 8‬قضائية ‪ ،‬المقاول السيد مراد طه ‪،‬ضد وزارة اإلشغال ‪ ،‬وقد نشر ملخص القضية في‬ ‫‪539‬‬

‫مجموعة أحكام المحكمة ‪،‬السنة ‪ ،11‬ص‪152‬‬


‫‪300‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫جه ة اإلدارة فيج رى التع ويض عنه ا في نط اق نظري ة عم ل األم ير‪ ،‬أو إعم اًال للقواع د‬

‫العامة للمسؤولية العقدية أو التقصيرية بحسب األحوال‪.540‬‬

‫يض اف إلى ذل ك أن الغ الب أن تنش أ الص عوبات المادي ة غ ير المتوقع ة عن ظ واهر‬

‫طبيعية أو عن فعل إنسان أجنبي عن العقد بما ال يستقيم معه تأسيس التعويض على فكرة‬

‫المسئولية‪.‬‬

‫وال رأي الثالث وال ذي يمثله ف الين ودي لوب ادير حيث بنى أس اس النظري ة على فكرة‬

‫التع اون بين اإلدارة والمتعاق د معه ا‪ ،‬ففي حال ة مواجه ة المتعاق د لص عوبات اس تثنائية غ ير‬

‫متوقعة أثناء التنفيذ‪ ،‬فإن هذا التعاون يجب أن يستمر و ال ينقطع و يجب على المتعاقد أن‬

‫يبدل جهده كما يجب على اإلدارة أن تعاونه بدفع قيمة كل األعمال التي قام بها‪.‬‬

‫انتقد هذا الرأي باعتبار فكرة التعاون فضفاضة وغير محددة يمكن أن تفسر تقرير‬
‫‪541‬‬
‫التعويض‪ ،‬ولكن ال يمكن أن تبرره‪.‬‬

‫ففكرة التعاون وإ ن كانت عنصرًا أساسيًا في النظام القانوني للعقود اإلدارية‪ ،‬إال أنها‬

‫أس اس ع ام ال يكفي لت برير ح ق المتعاق د في الحص ول على تع ويض عن د مواجهت ه‬

‫لصعوبات غير متوقعة أثناء تنفيذ العقد‪.‬‬

‫ويذهب الرأي الراجح في الفقه إلى تأسيس نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة‬

‫على اعتبارات العدالة والطبيعة الذاتية للعقود اإلدارية‪.‬‬

‫كما يقول إن حق المتعاقد في التعويض لمواجهة الصعوبات المادية االستثنائية يشكل‬

‫قاعدة عدالة أنشأها القضاء بمراعاة بعض الشروط وبعض الخصائص اللصيقة بالصفقات‬

‫العمومية ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬أنور رسالن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11.10‬‬ ‫‪540‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬علي عبد المولى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.527 .525‬‬ ‫‪541‬‬

‫‪301‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫يق ال تأيي دا له ذا ال رأي أن ه ليس من العدال ة في ش يء أن ي ترك المتعاق د وش أنه عن د‬

‫مواجهته لصعوبات غير عادية استثنائية لم يكن في الوسع توقعها عند التعاقد‪ ،‬فيتكبد وحده‬

‫نفقات تتجاوز كل ما كان متفقًا عليه‪.‬‬

‫ومن هنا يرتكز تقرير حق التعويض بصفة أساسية على مواجهة النتائج غير العادلة‬

‫ال تي ت ترتب على ه ذه الص عوبات‪ .‬وه ذا األس اس ه و ال ذي يتف ق وقض اء مجلس الدول ة‬

‫الفرنس ي من تقري ر ح ق المتعاق د في الحص ول على تع ويض ح تى ول و تم النص في العق د‬

‫على تحمل المتعاقد مخاطر التنفيذ أًّي ا ك انت الص عوبات التي يص ادفها أثن اء التنفي ذ‪ ،‬حيث‬

‫يفسر مجلس الدولة الفرنسي هذه الشروط على أنها تعني الصعوبات المادية فقط وليست‬

‫الصعوبات االستثنائية‪.‬‬

‫يض اف إلى ذل ك اإلش ارة إلى العالق ة الوثيق ة بين الص فقات العمومي ة والمراف ق‬

‫العام ة ال تي انعكس ت في النظ ر إلى المتعاق د م ع اإلدارة على أن ه معاون ًا ومس اعدا له ا في‬

‫تس يير تل ك المراف ق‪ ،‬وي رى أن قاع دة العدال ة ترتك ز على ه ذا اإلط ار ال ذي يح دد طبيع ة‬
‫‪542‬‬
‫العالقة بين الدولة و المتعاقد معها ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬علي عبد المولى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪527‬‬ ‫‪542‬‬

‫‪302‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫خاتمة الفصل الثاني‬


‫للمتعاق د م ع اإلدارة حق وق تقاب ل م ا تتمت ع ب ه اإلدارة من امتي ازات وال تي س بق وإ ن‬
‫ذكرناه ا في الفص ل األول من ه ذا القس م‪ ،‬وبالت الي يمكن إجم ال ه ذه الحق وق ال تي تم‬
‫اس تنتاجها من البحث في اح ترام اإلدارة اللتزاماته ا العقدي ة س واء ك انت التزام ات أص لية‬
‫أوتبعية‪ ،‬وهذا يعني أنه يجب عليها عدم القيام بأي عمل يتعارض مع صفتها كطرف في‬
‫العقد وكذلك الحصول على المقابل المالي إذا ما قام بتنفيذ األعمال‪ ،‬سواء كانت األعمال‬
‫منصوص ًا عليه ا بالعق د أو الوث ائق المرفقة ب ه‪ ،‬أو ك انت أعم ال ض رورية لتنفي ذ األعم ال‪،‬‬
‫وهذا المقابل المالي الغالب فيه أنه من العملة الوطنية‪ ،‬وقد يكون بعملة أجنبية وقد يكون‬
‫منفع ة كم ا أن ه ذا المقاب ل ه و ال ذي يس عى الي ه المتعاق د (ال ربح ) وك ذلك الت وازن الم الي‬
‫للعقد في حالة حدوث ظرف طارئ أو عمل من أعمال السلطة أو ظهور صعوبات غير‬
‫متوقع ة ‪ ...‬إلخ وأدى ذلك إلى إلحاق الض رر بالمتعاقد م ع اإلدارة‪ ،‬بحيث اختلت حساباته‬
‫التي قام بها في تحديد المقابل المالي‪.‬‬
‫كما بينت الدراسة تمكين المتعاقد من تنفيذ التزاماته يعتبر حق مشروع واجب على‬
‫اإلدارة احترامه ويتمثل ذلك في القيام ببعض األعمال من أهمها تسليم موقع العمل المحدد‬
‫بالعقد‪ ،‬خاليًا من العوائق‪ ،‬وعدم وقف عملية التنفيذ‪ ،‬وتسلم المواد واألصناف المتفق عليها‪،‬‬
‫والمب ادرة باألعم ال الم ؤثرة في حس ن س ير تنفي ذ األعم ال واالل تزام بمب دأ حس ن الني ة‪،‬‬
‫ومعاون ة المتعاق د على تنفي ذ التزامات ه‪ ،‬فال تتمس ك بحرفي ة نص وص العق د‪ ،‬أو تس تند إلى‬
‫سلطات لتحقيق مصالحها دون مراعاة مصالح المتعاقد معها‪ ،‬وما يحيط بعملية التنفيذ من‬
‫ظروف ومالبسات‪ ،‬ويظهر التزام اإلدارة بمعاونة المتعاقد معها عندما يحتاج المتعاقد إلى‬
‫معاونته ا أم ام الجه ات اإلداري ة األخ رى‪ ،‬فيم ا يتعل ق بالت دخل لتس هيل الحص ول على‬
‫التصاريح الالزمة للعمل‪ ،‬أو استعمال أجهزة معينة أو دخول أماكن معينة‪.‬‬

‫‪303‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كما يجب تنفيذ العقد بأكمله‪ ،‬فال تستطيع التحلل من العقد بزيادة األعمال‪ ،‬أو إنقاصها‬
‫عن النسبة المحددة نظام ًا‪ ،‬أو إنهاء العقد لمجرد التحرر من االلتزامات‪ ،‬أو تقوم بمخالفة‬
‫الشروط والمواصفات التي لها مساس بحقوق المتعاقد معها الرئيسية وعليها احترام المدد‬
‫المقررة بالعقد سواء كانت المدة الكلية لتنفيذ العقد‪ ،‬أو المدد الجزئية لتنفيذ بعض األعمال‪،‬‬
‫أو تس ليم الم واد أو األص ناف أو التص اريح أو م دد تس ليم المواق ع أو الض مان أو تس ليم‬
‫المقابل المالي احترامها وفقًا لما نص عليه العقد أو ما يقرره العرف‪ ،‬أو ما يتفق وقواعد‬
‫العدالة و تسليم المقابل المالي‪ ،‬وهو من أعظم االلتزامات الناشئة عن العقد لم له من أثر‬
‫عظيم على إبرام العقد وتنفيذه‪ ،‬وتعويض المتعاقد عن آثار تأخير تسليم المقابل المالي إن‬
‫ترتب عليه إضرار به‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫خاتمة القسم الثاني‬


‫إن اإلدارة تمتاز في الصفقات العمومية عن الطرف اآلخر المتعاقد في كونها تمل ك‬
‫م ا ال يملك ه من ص الحيات ألنه ا الط رف الس اعي وراء تحقي ق الص الح الع ام ل ذلك م يز‬
‫المشرع موقعها ومركزها القانوني ببعض الميزات التي جعلتها تطبق العديد من السلطات‬
‫على المتعاقد أو الطرف اآلخر والمتمثلة في سلطتها بالرقابة واإلشراف والتوجيه وسلطة‬
‫تعديل العقد وسلطة توقيع الجزاءات‪.‬‬
‫وبالمقابل وخوفًا من تعسف اإلدارة في ممارسة هذه السلطات والغلو في تنفيذها كان‬
‫لزامًا علي المشِّر ع أن يجعل معظمها تحت أعين القضاء لكي يحمي حقوق المتعاقد ويكبح‬
‫ه ذه الس لطة وال تتعس ف اإلدارة في ممارس تها له ذه االمتي ازات‪ ،‬وك ان ظ اهرًا مراقب ة‬
‫القضاء لهذه السلطات ومن دراستنا الجزاءات التي توقع على اإلدارة إذا أخلت بالتزاماتها‬
‫متنوعة‪ ،‬منها‪ :‬التعويض‪ ،‬وإ لغاء القرارات غير المشروعة‪ ،‬والفسخ القضائي‪ ،‬وعدم تحم ل‬
‫آث ار الق رارات غ ير المش روعة‪ ،‬م ع ع دم التع رض له ا باإللغ اء‪ ،‬وإ عف اء المتعاق د من‬
‫الغرامات‪.‬‬
‫كم ا بينت الدراس ة أن فس خ العق د ب اإلرادة المنف ردة لجه ة اإلدارة ج زاء خط ير ال‬
‫تس تعمله اإلدارة إال في حال ة ح دوث إخالل جس يم من المتعاق د م ع اإلدارة‪ .‬وذهب البعض‬
‫إلى أن هذا الفسخ ال يرد على إسقاط االلتزام‪ ،‬إذ ال يكون ذلك إال بحكم قضائي‪ ،‬ويشترط‬
‫له ذا الفس خ ح دوث خل ل جس يم من المتعاق د‪ ،‬وإ ن ذار المتعاق د م ع اإلدارة ليتالفى دواعي‬
‫الفسخ‪ ،‬أو يتدبر أمور اإلخالء الموقع‪ ،‬ويترتب على الفسخ إنهاء الرابطة العقدية‪ ،‬وتحمل‬
‫الملتزم جميع األعباء المالية التي تتحملها اإلدارة‪ ،‬أما في العقود األخرى‪ ،‬فإذا كان الفسخ‬
‫مجردًا ال يتحمل المتعاقد مع اإلدارة أية أعباء‪ ،‬أما إذا كان الفسخ على مسؤولية المتعاقد‬
‫م ع اإلدارة ‪ -‬وهذا ال يك ون إال في حالة وض وح اإلخالل الجسيم ‪ -‬فإن المتعاقد‪ ،‬يتحمل‬
‫كافة األعباء المالية التي تقع على عاتق اإلدارة‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أم ا العقوب ات الجنائي ة فهي ج زاء جن ائي يق رره المش ِّر ع‪ ،‬ويوقع ه القاض ي على‬
‫المتعاق د ال ذي ي رتكب جرم ًا أثن اء تنفي ذ العق د‪ ،‬وال يج وز لإلدارة المتعاق دة إيقاعه ا على‬
‫المتعاقد معها حتى لو نص في العقد على ذلك‪.‬‬

‫يعتبر التعويض من أهم الجزاءات في مجال إخالل المتعاقد بالتزاماته‪ ،‬ويؤدي دورًا‬
‫كب يرًا في الص فقات العمومي ة‪ ،‬إذ في ه حث لإلدارة على الوف اء بالتزاماته ا‪ ،‬باإلض افة إلى‬
‫جبر الضرر الذي لحق بالمتعاقد‪ ،‬وتجنبه الخسارة التي تعتبر من أسوأ األمور عند التجار‪،‬‬
‫ويشترط في التعويض أن يكون بسبب خطأ اإلدارة‪ ،‬أو تقصيرها‪ ،‬وأن يثبت هذا الضرر‪.‬‬
‫إلغ اء الق رارات غ ير المش روعة في حقيقت ه ه و ج زاء لع دم مراع اة اإلدارة لمب دأ‬
‫المشروعية‪ ،‬إال أنه لما كان بشأن عمل من األعمال المتعلقة بتنفيذ العقد فإن قيام القضاء‬
‫بإلغاء تلك القرارات يعتبر جزاء من الجزاءات‪.‬‬
‫الفس خ القض ائي ه و إنه اء الرابط ة العقدي ة من قب ل القاض ي‪ ،‬بن اًء على طلب أح د‬
‫الطرفين وال يكون الفسخ بوجه ع ام إال إذا ك ان اإلخالل أو التقصير جسيمًا‪ ،‬بحيث يؤثر‬
‫على المتعاقد مع اإلدارة بشكل كبير‪ ،‬وال يمكن التعامل مع ذلك اإلخالل أو التقصير بأي‬
‫وسيلة من وسائل رفع الضرر‪ ،‬أو الجزاءات األخرى‪.‬‬
‫و عدم تحمل المتعاقد آثار القرارات غير المشروعة‪ ،‬مع عدم التعرض لها باإللغاء‬
‫هو جزاء مخالفة مبدأ المشروعية‪ ،‬إال أنه من شأنه أن يؤثر على عملية تنفيذ العقد‪ ،‬وقد‬
‫يكون من شأنه حدوث ضرر بالمتعاقد‪ ،‬وقد يلحق باإلدارة أيضًا أضرار متى أخذ المتعاقد‬
‫معه ا موق ف ال رافض له ذه الق رارات‪ ،‬فتتحم ل اإلدارة نتيج ة قراراته ا طالم ا خ الفت مب دأ‬
‫المشروعية‪.‬‬

‫إعف اء المتعاق د م ع اإلدارة من الغرام ات يك ون م تى م ا ك ان الت أخير أو التقص ير في‬


‫القي ام ب االلتزام ألس باب ال ي د للمتعاق د فيه ا‪ ،‬س واء ك ان بس بب اإلدارة‪ ،‬أو ألس باب أخ رى‬

‫‪306‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫خارجة عن إرادتها‪ ،‬ويعتبر من الجزاءات التي تفرض على اإلدارة‪ ،‬إذا كانت هي السبب‬
‫في حدوث التأخير أو التقصير الذي أدى إلى فرض الغرامات‪.‬‬
‫كم ا بينت الدارس ة أن االل تزام بمب دأ حس ن الني ة ح ال التنفي ذ ه و األس اس ب أن يب ذل‬
‫الجهد في تنفيذ العقد حسبما تم االتفاق عليه‪ ،‬دون التمسك بحرفية نصوص العقد‪ ،‬مع بذل‬
‫العناي ة المطلوب ة في تنفي ذ األعم ال‪ ،‬وت وخي الدق ة والح ذر لتجنب ك ل م ا من ش أنه إلح اق‬
‫الضرر باإلدارة المتعاقدة‪.‬‬
‫أما عن التنفيذ الشخصي للعقد‪ ،‬وهذا يتطلب أن يقوم بالعمل بنفسه فال يسند القيام بالعمل‬
‫إلى مقاول من الباطن أو يتنازل عن العقد إلى شخص آخر إال بإذن من اإلدارة‪ ،‬ويختلف‬
‫هذا االلتزام حسب مستوى االعتبار الشخصي للمتعاقد‪ ،‬فإن كانت شخصية المتعاقد ذات‬
‫اعتب ار عن د اإلدارة المتعاق دة ك ان ه ذا االل تزام ال تزام بتحقي ق غاي ة أم ا إذا لم تكن ك ذلك‬
‫فيكون االلتزام ببذل عناية‪.‬‬
‫وعن التنفيذ فتبين أنه يتم وفق ًا لنصوص العقد والوثائق المرفقة به‪ ،‬ونصوص العقد‬
‫هي المدون ة في ص كه‪ ،‬والوث ائق المرفق ة ب ه هي غالب ًا وث ائق إج راءات التعاق د‪ ،‬وهي‬
‫اإلعالن في الجري دة الرس مية عن المش روع‪ ،‬الخطاب ات الموجه ة لألش خاص الع روض‪،‬‬
‫محاض ر اللج ان‪ ،‬خطاب ات الترس ية‪ ،‬كراس ة الش روط والمواص فات العام ة أو الخاص ة‪،‬‬
‫المراسالت المتبادلة ومحاضر االجتماعات وأوامر التنفيذ‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪308‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الخاتمة‬
‫بعد ان انتهينا من دراسة أساليب إبرام الصفقات العمومية واآلثار الناتجة عن ه ذه‬

‫العق ود من التزام ات وحق وق ط رفي العق د اإلداري دراس ة مقارن ة في التش ريعين اللي بي‬

‫والمصري‪ ،‬مع إطاللة مبسطة على القانون المغربي والفرنسي تبين لنا أن القانون يحدد‬

‫ع ادة األش خاص ال ذين يك ون لهم الح ق في التعاق د باس م اإلدارة‪ ،‬وك ذلك المج االت ال تي‬

‫يجب عليهم االلتزام بالتعاقد في إطارها‪ ،‬وكما هو واضح فان للقوانين واللوائح التي تضع‬

‫ضوابط وقيود على جهة اإلدارة عند قيامها بإبرام عقد إداري أهمية كبرى في ه ذا المج ال‬

‫وتصبح من ثم دراستها والوقوف عليها وما تشتمل عليه من نصوص وأحكام بالغة األثر‬

‫بخصوص الموضوع الذي نحن بصدده ‪.‬‬

‫ففي قسمها األول أوضحت الدراسة المبادئ الحاكمة إلبرام الصفقات العمومي ة وم ا‬

‫توفره هذه العقود من متطلبات أفراد المجتمع ؛لذلك وضع المشِّر ع العديد من المب ادئ ال تي‬

‫يجب على اإلدارة االلتزام بها‪ ،‬وباتت كضمانات تكفل دقتها وصحتها وسالمتها‪ ،‬وتمثلت‬

‫هذه المبادئ في العالنية وتكافؤ الفرص والمساواة والشفافية وأوضحت أن درجة العلنية‬

‫تختل ف من مناقص ة إلى أخ رى‪ ،‬فهي في المناقص ات العام ة تك ون عام ة و مطلق ة وفي‬

‫المناقص ات المح دودة تك ون أق ل عمومي ة خاص ة في المناقص ات المحلي ة‪ .‬أم ا المناقص ات‬

‫القائم ة على أس اس توجي ه دع وات خاص ة فتك ون مح دودة ج دًا أو بق در م ا توص ل ب ه‬

‫اإلدارة العلم إلى من توجه إليهم دعوة المناقصة‪.‬‬


‫‪309‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫كم ا أن اإلعالن في ه مص لحة لألف راد و الش ركات ألن ه يش عرهم باالطمئن ان بش أن‬

‫سالمة العطاءات من أي تواطؤ يمكن أن ينشأ بين اإلدارة وأحد المتنافسين للتعاقد‪ ،‬حتى ال‬

‫تقتص ر اإلدارة عقوده ا على طائف ة معين ة من األف راد أو الش ركات بحج ة أنهم وح دهم من‬

‫تقدم للعطاء‪.‬‬

‫ونظرًا ألهمية اإلعالن عن المناقصة‪ ،‬فإن القوانين التي تنظمها دائم ًا تحرص على‬

‫النص عليه صراحة ‪.‬‬

‫وأوضحت الدراسة أن اإلعالن عن إجراءات المناقصة وسيلة يتمكن من خاللها ذوو‬

‫الش أن بمراقب ة اإلدارة ومتابعته ا لم دى احترامه ا لإلج راءات ال تي فرض ها عليه ا الق انون‪،‬‬

‫وأنه من الممكن حرمان البعض من التقدم إلى المناقصات والممارسات العامة‪ ،‬إن المبدأ‬

‫العام في الحرمان الوقائي هو إجراء تصدره اإلدارة بمطلق سلطتها التقديرية بقص د تحقي ق‬

‫الص الح الع ام‪ ،‬وعلي ه ف إن الحرم ان الوق ائي ق د يك ون بنص الق انون‪ ،‬وق د يك ون بم وجب‬

‫ق رارات تص درها جه ة اإلدارة بحرم ان األش خاص الطبيع يين أو المعن ويين من التق دم إلى‬

‫المناقصات أوالممارسات ألسباب تتصل بالمصلحة العامة‪.‬‬

‫كم ا بينت الئح ة الص فقات العمومي ة في ليبي ا ض رورة اس تبعاد العط اء المخ الف‬

‫للشروط والمواصفات‪ ،‬مهما كانت المخالفة – جوهرية أو غير جوهرية‪.‬‬

‫وك ان ه ذا االس تبعاد وج وبي مق رر بم وجب الل وائح اإلداري ة واألنظم ة والتعليم ات‪،‬‬

‫وأن ه من النظ ام الع ام وال يج وز االتف اق على مخالف ة أحكام ه‪ ،‬ل ذا ال تتمت ع اإلدارة بص دده‬

‫‪310‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ب أي س لطة تقديري ة وال تس تطيع قب ول عط اء غ ير مش مول بالش روط الخاص ة بالعط اء أو‬

‫غير مشمول مقدما بشروط العطاء‪ ،‬ألنها ال تنظر إلى األسعار والمواصفات‪ ،‬وهذا إجراء‬

‫تتخذه اإلدارة بشكل موضوعي ال ينصب على مقدم العطاء وإ نما يوجه للعطاء ذاته‪ ،‬ولكنه‬

‫يج وز له ا الع دول عن ق رار االس تبعاد في حال ة ش رط إكم ال الوث ائق أو ش رط إع ادة‬

‫الفحص‪.‬‬

‫كم ا بينت الدراس ة أن الس لطة التقديري ة لإلدارة والممنوح ة له ا في التعاق د بطري ق‬

‫الممارسة ال تسلم من الرقابة القضائية‪ ،‬ولكن من حيث استيفاء قواعد االختصاص والش كل‬

‫وانحراف السلطة دون غيرها‪.‬‬

‫أما القسم الثاني فخصص إلى امتيازات اإلدارة وسلطاتها في العقد اإلداري وحقوق‬

‫المتعاق د المس تمدة من ه ذا العق د‪ ،‬كم ا بينت ك ل االمتي ازات ال تي تتمت ع به ا اإلدارة أثن اء‬

‫تنفيذ العقد اإلداري‪ ،‬والتي تختلف على تلك التي يتمتع بها الطرف اآلخر من العقد ومرد‬

‫ذل ك كونه ا الط رف األق رب إلى المص لحة العام ة والس اعية إلى تحق ق النف ع الع ام وتوف ير‬

‫خدمات للمواطنين والحريصة على المصلحة العامة دائمًا‪.‬‬

‫وأوض حت أن ه ذه اإلج راءات الزجري ة بكاف ة ص ورها تباش رها اإلدارة إعم اًال‬

‫المتيازه ا في التنفي ذ المباش ر وهي به ذا تمث ل مظه رًا من أهم مظ اهر الس لطة العام ة في‬

‫الصفقات العمومية‪ ،‬هذا ويبقى التنفيذ المباشر من أهم الوسائل التي بيد اإلدارة‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وع رفت الدراس ة ح ق فس خ العق د اإلداري من قب ل اإلدارة بكون ه ج زاء توقع ه‬

‫اإلدارة المتعاقدة على المتعاقد معها الذي لم يعد قادرًا على الوفاء بالتزامه التعاقدية على‬

‫نحو ما ينبغي حيث تنهي اإلدارة بهذا الجزاء التعاقد معه بصورة ميسرة تفرضها موجب ات‬

‫تحقي ق المص لحة العام ة في دوام س ير المراف ق العام ة بانتظ ام‪ ،‬أم ا إذا هي أنهت العق د‬

‫اإلداري غير مستندة إلى المصلحة العامة فيكون تصرفها مشوبًا بعيب االنحراف بالس لطة‪،‬‬

‫وجعله ا عرض ه للمس ائلة ودف ع التع ويض لج بر الض رر ونظ را إلى جس امة ه ذا الح ق‬

‫الممن وح من قب ل الق انون لإلدارة‪ ،‬قابل ه ش رط يش ترطه القاض ي اإلداري عن دما توق ع‬

‫اإلدارة هذا الجزاء أو هذا الحق أال وهو التسبيب للقرار ( ذكر السبب ) الذي دفع اإلدارة‬

‫لتوقي ع الفس خ كم ا أن األحك ام القض ائية المت واترة في فرنس ا أوجبت التس بيب في ق رار‬

‫الفسخ‪.‬‬

‫وفي جزئها األخير أوضحُت حقوق المتعاقد مع اإلدارة والمتمثل في المقابل المالي‬

‫للتعاقد لما أداه المتعاقد من أعمال أو توريدات لصالح جهة اإلدارة المتعاقدة‪ ،‬وهو يكون‬

‫مستحقًا بمجرد االنتهاء من األعمال أو تسليم األصناف الموردة على نحو ما أورده العقد‬

‫أو دفاتر الشروط‪.‬‬

‫كم ا أثبتت أن ه ال يوج د م ا يح ول دون أن تس رى نظري ة عم ل األم ير في العق ود‬

‫المبرمة بين األشخاص العامة‪ ،‬حيث أن من المتصور أن يتخذ أي من طرفي العقد إجراء‬

‫يس بب ض ررًا للط رف األخ ر نظ رًا ألن ك ل منه ا يح وز امتي ازات الس لطة العام ة ال تي‬

‫‪312‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫تقتض يها طبيع ة العق د اإلداري‪ ،‬وال تي ق د ت ؤدي إلى جع ل تنفي ذ العق د أك ثر إرهاق ًا ويظه ر‬

‫ذلك بوجه خاص حيث يكون أحد طرفي العقد في موقع أكثر سيطرة في عالقته بالطرف‬

‫اآلخر‪ ،‬وضربت مثال‪ ،‬حالة العقود المبرمة بين الدولة والوحدات المحلية األخرى‪.‬‬

‫كما بينت الدراسة نظرية الظروف الطارئة واشتراطها حدوث قلب القتصاديات العقد‬

‫رأسًا على عقب‪ ،‬وليس مجرد إخالل في التوازن المالي للعقد‪.‬‬

‫وبينت أن التع ويض تأسيس ًا على نظري ة الت وازن الم الي للعق د يك ون تعويض ًا ك امًال‬

‫عم ا أص اب المتعاق د من ض رر وم ا فات ه من ربح‪ ،‬أم ا في حال ة الظ روف الطارئ ة فإن ه‬

‫مقصور على مساعدة اإلدارة ومساهمتها حسب مقدار الضرر وبالتالي فهو تعويض جزئي‬

‫ومؤقت إلى جانب أسباب أخرى‪.‬‬

‫ومن أهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الدراسة ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ -‬النتائج ‪:‬‬

‫يعت بر التع ويض من أهم الج زاءات في مج ال إخالل المتعاق د بالتزامات ه وي ؤدي‬ ‫‪.1‬‬

‫دورًا كب يرًا في الص فقات العمومي ة‪ ،‬إذ في ه حث لإلدارة على الوف اء بالتزاماته ا‬

‫باإلضافة إلى جبر الضرر الذي لحق بالمتعاقد‪ ،‬وتجنبه الخسارة التي تعتبر من‬

‫أسوأ األمور عند التجار‪ ،‬ويشترط في التعويض أن يكون بسبب خطأ اإلدارة‪ ،‬أو‬

‫تقصيرها‪ ،‬وأن يثبت هذا الضرر وبينت الدراسة أنه إذا طرأت حوادث اس تثنائية‬

‫لم يكن في الوسع توقعها‪ ،‬وترتب على حدوثها أن تنفيذ االلتزام التعاقدي وإ ن لم‬

‫‪313‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫يص بح مس تحيًال ص ار مرهق ًا للم دين بحيث يه دد بخس ارة فادح ة‪ ،‬ج از للمحكم ة‬

‫بع د الموازن ة بين مص لحة الط رفين‪ ،‬إم ا أن ت رد االل تزام المره ق إلى الح د‬

‫المعقول‪ ،‬وإ ما أن يفسخ العقد إن أصبح االستمرار متعذرًا‪ ،‬ويقع باطًال كل اتف اق‬

‫على خالف ذلك‪.‬‬

‫الج زاءات ال تي توق ع على اإلدارة إذا أخلت بالتزاماته ا متنوع ة‪ ،‬منه ا‪ :‬التع ويض‬ ‫‪.2‬‬

‫وإ لغاء القرارات غير المشروعة‪ ،‬والفسخ القضائي‪ ،‬وعدم تحمل آثار القرارات‬

‫غير المشروعة‪ ،‬مع عدم التعرض لها باإللغاء‪ ،‬وإ عفاء المتعاقد من الغرامات‪.‬‬

‫العقوبات الجنائية هي جزاء جنائي يقرره الشارع‪ ،‬ويوقعه القاضي على المتعاقد‬ ‫‪.3‬‬

‫ال ذي ي رتكب جرم ًا أثن اء تنفي ذ العق د‪ ،‬وال يج وز لإلدارة المتعاق دة إيقاعه ا على‬

‫المتعاقد معها حتى لو نص في العقد على ذلك‪.‬‬

‫فسخ العقد باإلرادة المنفردة لجهة اإلدارة جزاء خطير ال تستعمله اإلدارة إال في‬ ‫‪.4‬‬

‫حال ة ح دوث إخالل جس يم من المتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬وذهب البعض إلى أن ه ذا‬

‫الفس خ ال ي رد على إس قاط االل تزام‪ ،‬إذ ال يك ون ذل ك إال بحكم قض ائي‪ ،‬ويش ترط‬

‫له ذا الفس خ ح دوث خل ل جس يم من المتعاق د‪ ،‬وإ ن ذار المتعاق د م ع اإلدارة ليتالفى‬

‫دواعي الفسخ‪ ،‬أو يتدبر أمور اإلخالء الموقع‪ ،‬ويترتب على الفسخ إنهاء الرابطة‬

‫العقدية‪ ،‬وتحمل الملتزم جميع األعباء المالية التي تتحملها اإلدارة‪ ،‬أما في العقود‬

‫األخرى‪ ،‬فإذا كان الفسخ مجردًا ال يتحمل المتعاقد مع اإلدارة أية أعباء‪ ،‬أما إذا‬

‫‪314‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ك ان الفس خ على مس ؤولية المتعاق د م ع اإلدارة ‪ -‬وه ذا ال يك ون إال في حال ة‬

‫وضوح اإلخالل الجسيم ‪ -‬فإن المتعاقد‪ ،‬يتحمل كافة األعباء المالية التي تقع على‬

‫عاتق اإلدارة‪.‬‬

‫تس تطيع اإلدارة أن ت رغم المتعاق د على تنفي ذ العق د‪ ،‬وذل ك ب أن تح ل محل ه في‬ ‫‪.5‬‬

‫التنفي ذ‪ ،‬أو أن تعه د ب ه إلى غ يره‪ ،‬وه ذا الج زاء ه و التنفي ذ العي ني للعق د وتختل ف‬

‫تسميته بحسب العقد‪ ،‬فيسمى في عقد االلتزام‪ :‬وضع المرفق تحت الحراس ة‪ ،‬وفي‬

‫عقد األشغال العامة‪ :‬وضع المقاولة تحت الحراسة المباشرة‪ .‬وفي عقود التوريد‬

‫الشراء على حساب المورد‪.‬‬

‫الج زاءات المالي ة ال تي تطب ق على المتعاق د م ع اإلدارة هي الج زاءات الش ائعة‬ ‫‪.6‬‬

‫واألك ثر اس تعماًال‪ ،‬ويقص د منه ا حث المتعاق د على تنفي ذ التزامات ه وليس اإلث راء‬

‫الم الي فحس ب‪ ،‬وهي إم ا أن تك ون على ش كل تعويض ات تج بر الض رر‪ ،‬وتحث‬

‫المتعاق د م ع اإلدارة على إنج از األعم ال‪ ،‬وق د ي ترك ق در الض رر يق در حس ب‬

‫القواعد العامة‪ ،‬وقد ينص في العقد على مقداره وهو ما يسمى بالشرط الجزائي‪،‬‬

‫وعند االختالف يترك األمر للقضاء للتدخل بما يحقق العدالة‪ ،‬وقد أنكر البعض‬

‫مش روعية الش رط الج زائي في الص فقات العمومي ة‪ ،‬وق د تكتفي اإلدارة بمج ازاة‬

‫المتعاق د بمص ادرة الض مانات البنكي ة‪ ،‬وق د يك ون بف رض غرام ات ت أخير‪ ،‬أو‬

‫غرامات تقصير بالنسب المحددة بالعقد‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الجزاءات التي توقع على المتعاقد مع اإلدارة إذا أخل بالتزاماته العقدية‪ ،‬إما أن‬ ‫‪.7‬‬

‫تكون جزاءات مالية أو مادية أو فسخ العقد أو جزاءات جنائية‪.‬‬

‫حق اإلدارة في إلغاء العقد اإلداري بإرادتها المنفردة دون خط أ من المتعاقد معها‬ ‫‪.8‬‬

‫حق ثابت‪ ،‬ولو لم ينص عليه‪ ،‬وإ ن خالف في ذلك البعض‪ ،‬ويشترط له أن يكون‬

‫بقصد تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬كزوال الغرض الذي أبرم العقد من أجل تحقيقه‪،‬‬

‫أوإ ع ادة تنظيم المرف ق الع ام بم ا يتالءم م ع التط ورات العلمي ة الحديث ة ‪ ...‬أم ا‬

‫األس باب العقدي ة والديني ة والشخص ية والمهني ة والنقابي ة فال يج وز أن تك ون س ببًا‬

‫إللغاء العقد‪ ،‬كما يشترط أن يراعى مبدأ المشروعية عند إلغاء العقد‪.‬‬

‫ح ق اإلدارة في توقي ع الج زاءات مباش رة على المتعاق د معه ا دون اللج وء إلى‬ ‫‪.9‬‬

‫القضاء‪ ،‬فهو وسيلة لتطبيق أحكام العقد المتعلقة بالجزاءات غير الجنائية التي تق ع‬

‫على المتعاقد إذا أخل بالتزاماته‪.‬‬

‫حق تعديل العقد بما يحقق المصلحة العامة وفقًا للنسب المحددة في العقد والنظ ام‪،‬‬ ‫‪.10‬‬

‫مع قصر ها الحق على الشروط العقدية المتصلة بالمرفق العام‪ ،‬مع لزوم مراعاة‬

‫مبدأ المشروعية‪.‬‬

‫ح ق الرقاب ة واإلش راف وه و ال ذي يمكن اإلدارة من التأك د من أن المتعاق د معه ا‬ ‫‪.11‬‬

‫يقوم بتنفيذ العقد وفقًا لما تم االتفاق عليه‪ ،‬وتوجيهه للتنفيذ بأنسب الطرق‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫تتمث ل حق وق اإلدارة المتعاق دة الناش ئة عن العق د في ثالث ة حق وق‪ :‬الرقاب ة‬ ‫‪.12‬‬

‫واإلشراف‪ .‬تعديل العقد‪ .‬توقيع الجزاءات‪.‬‬

‫للمتعاقد م ع اإلدارة حقوق اختل ف في تقسيمها الب احثون‪ ،‬فمنهم من جعله ا ثالثة‪،‬‬ ‫‪.13‬‬

‫إال أن الدراسة تمت على أساس أنها نوعين من الحقوق هي‪:‬‬

‫أ‪ -‬الحصول على المقابل المالي إذا ما قام بتنفيذ األعمال‪ ،‬سواء كانت األعمال‬

‫منصوص ًا عليه ا بالعق د أو الوث ائق المرفق ة ب ه‪ ،‬أو ك انت أعم ال ض رورية لتنفي ذ‬

‫األعمال‪ ،‬وهذا المقابل المالي الغالب فيه أنه من العملة الوطنية‪ ،‬وقد يكون بعملة‬

‫أجنبية وقد يكون منفعة‪.‬‬

‫ب‪-‬الت وازن الم الي للعق د في حال ة ح دوث ظ رف ط ارئ أو عم ل من أعم ال‬

‫الس لطة أو ظه ور ص عوبات غ ير متوقع ة‪ ...‬إلخ‪ ،‬وأدى ذل ك إلى إلح اق الض رر‬

‫بالمتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬بحيث اختلت حساباته التي قام بها في تحديد المقابل المالي‪.‬‬

‫أم ا من ن ادى ب الحق الث الث ك ان يقص د ب ه اح ترام اإلدارة اللتزاماته ا العقدي ة س واء‬

‫كانت التزامات أصلية أو تبعية‪ ،‬وهذا يعني أنه يجب عليها عدم القيام بأي عمل يتعارض‬

‫مع صفتها كطرف في العقد لكن هذا الحق من وجهة نظري ثابت من ناحيتين األولى‪ :‬أنه‬

‫ال تستطيع اإلدارة عدم احترام بنود العقد ألنها سوف تعرض نفسها للمعاقبة بالتعويض‪.‬‬

‫والثاني ة‪ :‬من أهم األه داف ال تي تس عى اإلدارة إلى تحقيقه ا ه و تش جيع المتعاق د‬

‫إلبرام العقود معها وعدم العزوف كما يجب عليها االلتزام بمبدأ حسن النية‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪ .14‬اختل ف الش راح في تحدي د التزام ات اإلدارة المتعاق دة‪ ،‬ف ذكر بعض هم أنه ا ثالث ة‪،‬‬

‫وبعض هم ذك ر أنه ا أربع ة‪ ،‬ومنهم من ق ال أنه ا خمس ة‪ ،‬وذهب بعض هم إلى أنه ا‬

‫ثمانية‪ ،‬وتمت الدراسة على أنها ستة‪:‬‬

‫أ – تنفي ذ العق د بمج رد إبرام ه من الس لطة المختص ة‪ ،‬وال يج وز له ا التحل ل من‬

‫العقد بعد إبرامه‪ ،‬وال التأخر في تنفيذه بما يؤدي إلى اإلضرار بالمتعاقد معها‪.‬‬

‫ب‪ -‬تمكين المتعاقد من تنفيذ التزاماته ويتمثل في القيام ببعض األعمال من أهمها‬

‫تس ليم موق ع العم ل المح دد بالعق د‪ ،‬خالي ًا من العوائ ق‪ ،‬وع دم وق ف عملي ة التنفي ذ‪،‬‬

‫وتسلم المواد واألصناف المتفق عليها‪ ،‬والمبادرة باألعمال المؤثرة في حسن سير‬

‫تنفيذ األعمال‪.‬‬

‫ج‪ -‬االلتزام بمبدأ حسن النية‪ ،‬ومعاونة المتعاقد على تنفيذ التزاماته‪ ،‬فال تتمسك‬

‫بحرفي ة نص وص العق د‪ ،‬أو تس تند إلى س لطات لتحقي ق مص الحها دون مراع اة‬

‫مص الح المتعاقد معها‪ ،‬وم ا يحي ط بعملية التنفي ذ من ظ روف ومالبسات‪ ،‬ويظهر‬

‫ال تزام اإلدارة بمعاون ة المتعاق د معه ا عن دما يحت اج المتعاق د إلى معاونته ا أم ام‬

‫الجه ات اإلداري ة األخرى‪ ،‬فيم ا يتعل ق بالت دخل لتس هيل الحص ول على التص اريح‬

‫الالزمة للعمل‪ ،‬أو استعمال أجهزة معينة أو دخول أماكن معينة‪.‬‬

‫‪318‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫د‪ -‬تنفيذ العق د بأكمله‪ ،‬فال تستطيع التحل ل من العقد بزي ادة األعم ال‪ ،‬أو إنقاصها‬

‫عن النسبة المحددة نظامًا‪ ،‬أو إنهاء العقد لمجرد التحرر من االلتزامات‪ ،‬أو تقوم‬

‫بمخالفة الشروط والمواصفات التي لها مساس بحقوق المتعاقد معها الرئيسية‪.‬‬

‫هـ‪ -‬اح ترام الم دد المق ررة بالعق د س واء ك انت الم دة الكلي ة لتنفي ذ العق د‪ ،‬أو الم دد‬

‫الجزئية لتنفيذ بعض األعمال‪ ،‬أو تسليم المواد أو األصناف أو التصاريح أو مدد‬

‫تس ليم المواق ع أو الض مان أو تس ليم المقاب ل الم الي احترامه ا وفق ًا لم ا نص علي ه‬

‫العقد أو ما يقرره العرف‪ ،‬أو ما يتفق وقواعد العدالة‪.‬‬

‫و‪ -‬تسليم المقابل المالي‪ ،‬وهو من أعظم االلتزامات الناشئة عن العقد لما له من‬

‫أث ر عظيم على إب رام العق د وتنفي ذه‪ ،‬وتع ويض المتعاق د عن آث ار ت أخير تس ليم‬

‫المقابل المالي إن ترتب عليه إضرار به‪.‬‬

‫االلتزام ات ال تي تق ع على ع اتق المتعاق د م ع اإلدارة متع ددة ومتنوع ة‪ ،‬ويمكن‬ ‫‪.15‬‬

‫ترتيبه ا وتص نيفها بأس اليب وط رق كث يرة‪ ،‬فيختل ف مق دارها حس ب الزاوي ة ال تي‬

‫ينظر منها إلى هذه االلتزامات‪ ،‬إال أن الدراسة تمت على أساس أنها أربعة‪:‬‬

‫أ – تنفيذ العقد على مسؤوليته الخاصة أثناء العقد‪ ،‬فيتحمل النتائج الض ارة التي‬

‫تلحق باإلدارة أو الغير بسبب أعمال التنفيذ سواء حدث منه أو من تابعيه أو من‬

‫اآلالت المس تعملة‪ ،‬وك ذلك تمت د مس ؤوليته الشخص ية ح تى بع د تنفي ذ األعم ال‬

‫وتسليمها تسليمًا حقيقيًا أو حكميًا‪ ،‬فيضمن العيوب التي تلحق باألعمال خالل سنة‬

‫‪319‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫من التسليم االبتدائي لألعمال‪ ،‬وهذه المسؤولية تشمل العيوب البسيطة التي تظهر‬

‫في األعم ال‪ ،‬بش رط أال تك ون بس بب س وء االس تعمال‪ ،‬أم ا ض مان األعم ال م دة‬

‫طويلة كما هو الحال بالضمان العشري فال يشمل إال المتهدم الكلي أو الجزئي‪،‬‬

‫وه ذا يعت بر ض مانًا للخل ل الكب ير ال ذي ي ؤثر على س المة مس تعملي المب اني‬

‫والمنشآت أو اآلالت ‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫ب‪ -‬االلتزام بمبدأ حسن النية حال التنفيذ بأن يبذل الجهد في تنفيذ العقد حس بما تم‬

‫االتفاق عليه‪ ،‬دون التمسك بحرفية نصوص العقد‪ ،‬مع بذل العناية المطلوبة في‬

‫تنفي ذ األعم ال‪ ،‬وت وخي الدق ة والح ذر لتجنب ك ل م ا من ش أنه إلح اق الض رر‬

‫باإلدارة المتعاقدة‪.‬‬

‫ج‪ -‬التنفي ذ الشخص ي للعق د‪ ،‬وه ذا يتطلب أن يق وم بالعم ل بنفس ه فال يس ند القي ام‬

‫بالعم ل إلى مق اول من الب اطن أو يتن ازل عن العق د إلى ش خص آخر إال ب إذن من‬

‫اإلدارة‪ ،‬ويختل ف ه ذا االل تزام حس ب مس توى االعتب ار الشخص ي للمتعاق د‪ ،‬ف إن‬

‫كانت شخصية المتعاقد ذات اعتبار عند اإلدارة المتعاقدة كان هذا االلتزام التزام‬

‫بتحقيق غاية أما إذا لم تكن كذلك فيكون االلتزام ببذل عناية‪.‬‬

‫د‪ -‬التنفيذ وفقًا لنصوص العقد والوثائق المرفقة به‪ ،‬ونصوص العقد هي المدونة‬

‫في صكه‪ ،‬والوثائق المرفقة به هي غالب ًا وثائق إجراءات التعاقد‪ ،‬وهي اإلعالن‬

‫في الجري دة الرس مية عن المش روع‪ ،‬الخطاب ات الموجه ة لألش خاص الع روض‪،‬‬

‫‪320‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫محاض ر اللج ان‪ ،‬خطاب ات الترس ية‪ ،‬كراس ة الش روط والمواص فات العام ة أو‬

‫الخاصة‪ ،‬المراسالت المتبادلة ومحاضر االجتماعات وأوامر التنفيذ‪.‬‬

‫العق د اإلداري ي رتب حقوق ًا والتزام ات لطرفي ه‪ ،‬يك اد الن اس يجمع ون عليه ا‪ ،‬وإ ن‬ ‫‪.16‬‬

‫اختلفوا في تقسيمها وترتيبها؛ ألن كل واحد ممن يتصدى لبيان تلك اآلثار يرتبها‬

‫بحس ب وجه ة نظ ره‪ ،‬والزاوي ة ال تي ينظ ر من خالله ا‪ ،‬والج وانب ال تي يرك ز‬

‫عليها‪.‬‬

‫اتضح أن العقد اإلداري عقد بكل ما تعنيه كلمة عقد‪ ،‬وإ ن كان هناك ثمة أمور‬ ‫‪.17‬‬

‫الح ظ من خالله ا الش راح أن ه ذه العق ود له ا تم يز عن نظري ة العق د بوج ه ع ام‪،‬‬

‫كعدم السماح للمتعاقد بمناقشة ما تضمنته دفاتر الشروط والمواصفات‪ ،‬باإلضافة‬

‫إلى وج ود قي ود على اختي ار المتعاق د ذات ه وأخ يرًا وج ود س لطات خط يرة في‬

‫مواجهة المتعاقد‪ ،‬إال أن هذه األمور بإجماع الشراح ال تخرج هذا التصرف عن‬

‫نطاق العقود‪ ،‬إنما تميزه عن بقية العقود‪ ،‬لهذا يبقى ما ذكره الشراح مجرد نشاط‬

‫ذهني في مجال الدراسات النظرية‪.‬‬

‫أن أساليب إبرام الصفقات العمومية تخضع لعدة مبادي وأحكام تعد ضمانة تكفل‬ ‫‪.18‬‬

‫دقته ا وس المتها‪ ،‬وتتمث ل ه ذه األحك ام في مب دأ العالني ة والمس اواة وحري ة‬

‫المنافسة‪ ،‬ويضاف إلى هذه المبادئ مبدأ آخر _يعد ضروريا تتكامل به قيمته ا _‬

‫‪321‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫وهو مبدأ سرية العطاءات وقد اتفق المشرع في بلد الدراسة والمش ِّر ع المقارن‬

‫على األخذ به‪.‬‬

‫إن الص فقات العمومي ة في ليبي ا تنظمه ا الئح ة إداري ة تعج ز عن تنظيمه ا بالش كل‬ ‫‪.19‬‬

‫األمثل‪ ،‬ألنها مرنة وال تبعث باالطمئنان للمتعاقد مع اإلدارة وال تستطيع إعطاء‬

‫الضمانات الكافية وليست بقوة القانون‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫ثانيـًا‪ -‬التوصيات‪:‬‬

‫يق ترح الب احث على الجامع ات الليبي ة أن تعم ل على إدراج ض وابط اإلب رام في‬ ‫‪.1‬‬

‫الصفقات العمومية في نظام المناقصات‪ ،‬ضمن مناهجها المقررة في مجال القانون‬

‫العام‪ ،‬لتجسيد دور القانون في خدمة التنمية‪ ،‬ولإلسهام في تعزيز الوعي القانوني‬

‫الخاص بمفاهيم القانون اإلداري‪.‬‬

‫أوصي السلطة القضائية في ليبيا بالعمل على توثيق ونشر كافة األحكام الصادرة‬ ‫‪.2‬‬

‫بشأن أي منازعات تتعلق بعقود اإلدارة‪ ،‬لتشكل رافدًا للبحث والدراسات القانونية‬

‫المتخصص ة في ه ذا المج ال‪ ،‬وإ ط ارًا مرجعي ًا إلس هام القض اء اللي بي في تط وير‬

‫األحكام العامة لنظرية العقد اإلداري‪.‬‬

‫أق ترح على المش رع في ليبي ا األخ ذ بنظ ام قض ائي م زدوج بحيث يس تقل القض اء‬ ‫‪.3‬‬

‫اإلداري عن القض اء الم دني فتنش أ مح اكم إداري ة مس تقلة عن المح اكم المدني ة على‬

‫مس توى ليبي ا‪ ،‬وبدرج ة مختلف ة على أن يك ون على رأس ها محكم ة إداري ة علي ا‪،‬‬

‫وإ لغاء النظام القضائي المتبع حاليًا في ليبيا والمتمثل في وحدة القضاء وازدواجية‬

‫القانون‪.‬‬

‫أرى أنه يجب إلزام اإلدارة في ليبيا بضرورة تسبيب قرارات الجزاءات التي توقع‬ ‫‪.4‬‬

‫على المتعاقد معها بعقد إداري‪ ،‬وخاصة الجزاءات الصارمة‪ ،‬التي تؤدي إلى إنه اء‬

‫‪323‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الرابط ة التعاقدي ة نهائي ًا مث ل جزاء فس خ العق د‪ ،‬ألن التس بيب يس اعد ب دوره قاض ي‬

‫العقد في رقابته على صحة القرار‪.‬‬

‫أرى أن ه يجب على القض اء اللي بي البحث في أس باب ق رار اإلنه اء وإ لغائه ا إذا لم‬ ‫‪.5‬‬

‫تكن مش روعة ويس تمر المتعاق د في أداء مهام ه‪ ،‬باإلض افة إلى الحكم للمتعاق د‬

‫ب التعويض المناس ب ألن اإلدارة يجب أال تتعس ف وتنح رف في ممارس تها لس لطتها‬

‫في اإلنه اء االنف رادي للعق د اإلداري‪ ،‬وأن يك ون دافعه ا ورائ دها دائم ًا المص لحة‬

‫العامة‪.‬‬

‫ُأوصي المش ِّر ع الليبي أن يعدل ما ورد في المادة ‪ 72‬ألنه يعد خروج ًا على مبدأ‬ ‫‪.6‬‬

‫المس اواة بين المتنافس ين عن دما منحت األولوي ة في قب ول العط اءات عن د ت وافر‬

‫وتس اوي األس عار للعط اءات المقدم ة من الش ركات والمنش آت و التش اركيات‬

‫الوطنية‪ ،‬يليها في ذلك العطاءات المقدمة من الشركات المشتركة من الجانب الليبي‬

‫‪ -‬رغم أنني ال أرى مانعًا من ذلك إذا ما توفرت الكفاءة ‪.‬‬

‫أقترح إنشاء جهاز إداري متخصص في ليبيا يقوم على إعداد األعمال التحضيرية‬ ‫‪.7‬‬

‫ودراسات الجدوى للمشروعات المستقبلية واإلشراف على تنفيذ مشروعات البنية‬

‫األساسية بنظام البوت‪.‬‬

‫ُأوص ي المش َّر ع اللي بي بالعم ل على إص دار تش ريع متكام ل خ اص بالص فقات‬ ‫‪.8‬‬

‫العمومي ة يح دد أن واع وأس س ومع ايير وط رق إب رام الص فقات العمومي ة‪ ،‬وكاف ة‬

‫‪324‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الج وانب ال تي يتطلبه ا النظ ام الق انوني‪ ،‬ويك ون ص ادرًا من الس لطة التش ريعية ال‬

‫التنفيذية‪ ،‬مع إصدار لوائح تنظيمية له‪.‬‬

‫كما أن هذا البحث ثمرة إسهام متواضعة‪ ،‬فض ًال عن أنه ككل عمل بشري ال يخلو‬

‫من مآخذ قد تؤخذ عليه هنا أو هناك‪ ،‬فقد يعتري موض وعاته بعض النقص أو التقصير‪،‬‬

‫وإ ن إتمام ما به من نقص أو تقصير‪ ،‬وتصويب ما يتخلله من أخطاء سيتم من خالل ما‬

‫تتفضلون به من توجيهات وآراء سديدة ستكون محل وموضع اهتمام‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المراجع المعتمدة‬
‫الكتب‬

‫إبراهيم طه الفياض‪ ،‬العقود اإلدارية (النظرية العامة وتطبيقاتها في القانون الكويتي‬ ‫‪‬‬

‫المق ارن م ع ش رح ق انون المناقص ات الكوي تي رقم ‪ 37‬لس نة ‪ ،)1964‬ط ‪ ،1‬مطبع ة‬

‫الفالح للنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت‪.1981 ،‬‬

‫إبراهيم محمد علي‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2002‬‬ ‫‪‬‬

‫أحم د أب و عش يق‪ ،‬ال دليل العلمي لالجته اد القض ائي في الم ادة اإلداري ة‪ ،‬منش ورات‬ ‫‪‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة دالئل التسيير الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة‬

‫االولى ‪ ،‬لسنة ‪.2004‬‬

‫أحم د به اء‪ ،‬مظ اهر الس لطة العام ة‪ ،‬دار النهض ة العربي ة الق اهرة‪ ،‬الطبع ة الثاني ة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪.2009‬‬

‫احم د ص قر عاش ور‪ ،‬إدارة الق وى العامل ة‪ ،‬دار النهض ة العربي ة الق اهرة‪ ،‬ب يروت‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1983‬‬

‫أحم د فتحي س رور‪ ،‬الوس يط في ق انون العقوب ات‪ ،‬الج زء األول‪ ،‬القس م الع ام‪ ،‬طبع ة‬ ‫‪‬‬

‫‪.1981‬‬

‫أحم د منص ور‪ ،‬المش كالت العملي ة في المناقص ات والمزاي دات‪ ،‬ب دون دار نش ر‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪.1996‬‬

‫‪326‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫أنس جعف ر‪ ،‬العق ود اإلداري ة‪ ،‬دار النهض ة العربي ة الق اهرة‪ ،‬الطبع ة الثالث ة‪ ،‬س نة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2003‬‬

‫توفيق شحاته‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري ‪ ،‬دار الجامعة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1954 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫ثروت بدوي‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري ‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬سنة ‪. 1971‬‬ ‫‪‬‬

‫ج ابر ج اد نص ار‪ ،‬المناقص ات العام ة‪ ،‬الطبع ة الثاني ة‪( ،‬دراس ة مقارن ة في الق انونين‬ ‫‪‬‬

‫المصري والفرنسي )‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2002‬‬

‫الحاج شكرة‪ ،‬الوظيفة والموظف في القانون اإلداري المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حس بو الخ زاري‪ ،‬أث ر الظ روف الطارئ ة على االل تزام العق دي ‪ ،‬دار الفك ر الع ربي‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1997‬‬

‫حس ن محم د عواض ة‪ ،‬المب ادئ األساس ية للق انون اإلداري‪ ،‬الطبع ة األولى المؤسس ة‬ ‫‪‬‬

‫الجامعية للدراسات ‪ ،‬لبنان ‪. 1997،‬‬

‫حس ن محم د عواض ه‪ ،‬المب ادئ األساس ية في الق انون اإلداري‪ ،‬الطبع ة األولى‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت ‪.1997‬‬

‫حس ين درويش عب د الع ال‪ ،‬وس ائل تعاق د اإلدارة‪ ،‬الطبع ة األولى مكتب ة اإلنجل و‬ ‫‪‬‬

‫المصرية‪ ،‬القاهرة‪.1959 ،‬‬

‫حمد محمد الشلماني‪ ،‬امتيازات السلطة العامة في العقد اإلداري‪ .،‬دار المطبوعات‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫جامعة اإلسكندرية‪ ،‬القاهرة‪.2007 ،‬‬

‫‪327‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫خالد خليل الظاهر‪ ،‬القانون اإلداري (دراسة مقارنة)‪ ،‬ط ‪،1‬ك ‪ ،2‬دار المسيرة للنش ر‬ ‫‪‬‬

‫والطبع‪،‬عمان‪.1997،‬‬

‫رمض ان بح ر بطيخ‪ ،‬إب رام العق د اإلداري فقه ا وقض اء في ض وء ق انون المناقص ات‬ ‫‪‬‬

‫والمزايدات الجديد ‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.2002‬‬

‫سعاد الشرقاوي‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‪ ،‬سنة‪.2003‬‬ ‫‪‬‬

‫سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬لسنة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2011‬‬

‫س ليمان الطم اوي‪ ،‬الوج يز في الق انون اإلداري (دراس ة مقارن ة)‪،‬دار الفك ر الع ربي‬ ‫‪‬‬

‫القاهرة‪.2007،‬‬

‫الص يروفي محم د ‪ ،‬إدارة الم وارد البش رية ‪ ،‬دار الفك ر الج امعي‪ ،‬اإلس كندرية‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬
‫‪. 2007‬‬
‫عادل السعيد أبو الخير‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬بدون ذكر دار النشر‪ ،‬سنة ‪.2008‬‬ ‫‪‬‬

‫ع ادل عب د الرحم ان خلي ل‪ ،‬المب ادئ العام ة في إنه اء العق د اإلداري‪ ،‬دار النهض ة‬ ‫‪‬‬

‫العربية القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1995‬‬

‫عبد الرؤوف جابر‪ ،‬النظرية العامة في إجراءات المناقصة والعقود‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫دار النهضة العربية القاهرة‪ ،‬سنة‪.2003‬‬

‫عب د ال رؤوف ج ابر‪ ،‬دور رقاب ة دي وان المحاس بة‪ ،‬مؤسس ة دار الثقاف ة اإلداري ة‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬

‫‪ 1997‬م‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫عب د الس الم الم زوغي‪ ،‬النظري ة العام ة في العق ود اإلداري ة‪ ،‬ب دون دار نش ر‪ ،‬س نة‬ ‫‪‬‬

‫‪.1993‬‬

‫عبد العالي سمير‪ ،‬الصفقات العمومية والتنمية‪ ،‬مطبعة المعارف‪ ،‬الرباط‪.2010 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة‪ ،‬األس س العام ة للعق ود اإلداري ة‪ ،‬دار النهض ة العربي ة‬ ‫‪‬‬

‫القاهرة‪.2005 ،‬‬

‫عب د الغ ني بس يوني عب د اهلل‪ ،‬الق انون اإلداري‪ ،‬ال دار الجامعي ة للطباع ة‪ ،‬ب دون س نة‬ ‫‪‬‬

‫نشر‪.‬‬

‫عب د الفت اح حس ن‪ ،‬مب ادئ الق انون اإلداري الكوي تي‪ ،‬دار النهض ة العربي ة الق اهرة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫بدون سنة نشر‪.‬‬

‫عب د اهلل ح داد‪ ،‬ص فقات األش غال العمومي ة ودوره ا في التنمي ة‪ ،‬منش ورات عك اظ‬ ‫‪‬‬

‫الرباط‪.2000 ،‬‬

‫عب د اهلل ح داد‪ ،‬ص فقات األش غال العمومي ة ودوره ا في التنمي ة‪ .‬دار الس الم للطباع ة‬ ‫‪‬‬

‫والنشر و التوزيع ‪ ،‬سنة‪. 1994‬‬

‫عب د الح ق عقل ة‪ ،‬الق انون اإلداري‪ ،‬الج زء الث اني‪ ،‬نش اط اإلدارة ووس ائلها‪ ،‬طبع ة‬ ‫‪‬‬

‫‪ 2002‬دار القلم‪ ،‬الرباط ‪.‬‬

‫عب د العزي ز اش رقي‪ ،‬الش رطة اإلداري ة الممارس ون له ا والنص وص القانوني ة‬ ‫‪‬‬

‫والتنظيمية المتعلقة بها ‪،‬ط‪ ،2006، 1‬مطبعة النجاح الدار البيضاء ‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫عبد الفتاح خليفة عبد الحميد‪ ،‬العقود اإلدارية وأحكام إبرامها في القانون الليبي‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬

‫المطبوعات الجامعية‪. 2008،‬‬

‫عصمت عبد اهلل الشيخ‪ ،‬مبادئ أساسية في العقود اإلدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عص مت عب د اهلل الش يخ‪ ،‬مب ادئ ونظري ات الق انون اإلداري‪ ،‬ب دون دار نش ر جامع ة‬ ‫‪‬‬

‫حلوان‪.2003 ،‬‬

‫علي وه فتح الب اب‪ ،‬الموس وعة العلمي ة‪ ،‬في المناقص ات والمزاي دات وعق ود الجه ات‬ ‫‪‬‬

‫اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى مكتبة كوميت‪ ،‬دون ذكر دار النشر القاهرة ‪. 1999 ،‬‬

‫ف اروق أحم د خم اس و محم د عب د اهلل ال دليمي ‪ ،‬الوج يز في النظري ة العام ة للعق ود‬ ‫‪‬‬

‫اإلدارية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬الموصل‪. 2010 ،‬‬

‫فتوى رقم ‪ 417‬في ‪ 1967-4-15‬الموسوعة اإلدارية الحديثة الجزء ‪.18‬‬ ‫‪‬‬

‫ماجد راغب الحلو‪ ،‬العقود اإلدارية والتحكيم ‪ ،‬دار جامعة االسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2002‬‬ ‫‪‬‬

‫ماجد راغب الحلو‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬إسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬ ‫‪‬‬

‫ماج د راغب الحل و‪ ،‬الق انون اإلداري الطبع ة األولى‪ ،‬دار الكتب للطباع ة والنش ر‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الكويت‪ ،‬سنة ‪. 1977‬‬

‫ماج د راغب الحل و‪ ،‬الق انون اإلداري‪ ،‬دار المطبوع ات الجامعي ة‪ ،‬اإلس كندرية‬ ‫‪‬‬

‫‪1994‬م‪.‬‬

‫مازن ليلو راضي‪ ،‬العقود اإلدارية في القانون الليبي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬ ‫‪‬‬

‫‪330‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫محم د األع رج‪ ،‬نظ ام العق ود اإلداري ة والص فقات العمومي ة وف ق ق رارات وأحك ام‬ ‫‪‬‬

‫القضاء اإلداري المغربي‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية سلسلة‬

‫مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬عدد ‪ 73‬الطبعة الثانية ‪.2007‬‬

‫محمد باهي‪ ،‬دليل الصفقات العمومية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬طبعة ‪.2002‬‬ ‫‪‬‬

‫محم د س عيد بالل‪ ،‬س لوك التنظيمي بين النظري ة والتط بيق‪ ،‬دار الجامع ة الجدي دة ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫اإلسكندرية ‪. 2005.‬‬

‫محم د ص الح عب د الب ديع‪ ،‬س لطة اإلدارة في إنه اء العق د اإلداري‪ ،‬دار النهض ة‬ ‫‪‬‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪. 1993‬‬

‫محم د عب د الع ال الس ناري‪ ،‬مب ادئ أحك ام العق ود اإلداري ة‪ ،‬في مج ال النظري ة‬ ‫‪‬‬

‫والتطبيق‪.‬‬

‫محم د عب د اهلل حنفي‪ ،‬أص ول الق انون اإلداري الج زء األول الطبع ة الثالث ة المرك ز‬ ‫‪‬‬

‫القومي للبحوث والدراسات المحلية‪ ،‬طرابلس ‪.1998‬‬

‫محمد عبداهلل الحراري‪ ،‬أصول القانون اإلداري الليبي‪ ،‬الج زء األول‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫المركز القومي للبحوث والدراسات العلمية طرابلس‪.1998 ،‬‬

‫محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬العقد اإلداري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬سنة ‪.2005‬‬ ‫‪‬‬

‫محمد كرامي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬بدون مطبعة‪ ،‬طبعة ‪.2000‬‬ ‫‪‬‬

‫‪331‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫محمود الجبوري‪ ،‬النظام القانوني للمناقصات العامة‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‬ ‫‪‬‬

‫سنة‪1999‬م ‪.‬‬

‫محمود حلمي‪ ،‬العقد اإلداري‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار النهضة العربية القاهرة‪.1977 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫مطي ع علي حم ود‪ ،‬العق د اإلداري بين التش ريع والقض اء في اليمن ‪ ،‬ب دون س نة نش ر‬ ‫‪‬‬

‫وال دار نشر‪.‬‬

‫مليك ة الص روخ‪ ،‬الص فقات العمومي ة ب المغرب‪ ،‬دار القلم للطباع ة والنش ر‬ ‫‪‬‬

‫والتوزيع‪،‬الرباط‪.2009،‬‬

‫منص ور محم د أحم د‪ ،‬مفه وم العق د اإلداري وقواع د إبرام ه‪ ،‬دار النهض ة الحديث ة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫القاهرة ‪.2000‬‬

‫موالي إدريس الحالبي‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬أكتوبر ‪ ،2000‬مطبعة دار‬ ‫‪‬‬

‫السالم‪ ،‬الرباط‪.‬‬

‫ن واف كنع ان ‪،‬الق انون اإلداري‪ ،‬الكت اب الث اني‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬دار الثقاف ة للتوزي ع‬ ‫‪‬‬

‫والنشر‪ ،‬سنة‪.1996‬‬

‫ولي د خلي ل هيك ل‪ ،‬العق ود اإلداري ة (دراس ة مقارن ة م ع التعم ق م ع دراس ة خاص ة‬ ‫‪‬‬

‫للق انون رقم ‪ 89‬لس نة ‪ 1998‬بش أن المناقص ات والمزاي دات)‪ ،‬الق اهرة‪ ،‬دار النهض ة‬

‫العربية‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬

‫‪332‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫‪333‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫األطروحات والرسائل‬

‫إبراهيم الدسوقي عبد اللطيف‪ ،‬عقد امتياز المرافق العامة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية‬ ‫‪‬‬

‫الحقوق جامعة عين شمس‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬

‫حم دي حس ن الحلف اوي‪ ،‬ركن الخط اء في مس ؤولية اإلدارة الناش ئة عن العق د‬ ‫‪‬‬

‫اإلداري‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة ‪.2001‬‬

‫خالد عبداهلل كرفاش‪ ،‬أحكام ووسائل إبرام العقود اإلدارية‪ ،‬رسالة دكتوراه جامعة‬ ‫‪‬‬

‫القاهرة‪.2014،‬‬

‫زكي النج ار‪ ،‬نظري ة البطالن في العق ود اإلداري ة‪ ،‬رس الة دكت وراه جامع ة عين‬ ‫‪‬‬

‫شمس‪ ،‬القاهرة ‪. 1981‬‬

‫سالمة الهادي الغرياني ‪ ،‬أساليب التعاقد اإلداري ‪،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬رسالة دكتورا ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫جامعة عين شمس ‪ ،‬سنة ‪. 2014‬‬

‫السالل سعيد الهويدي ‪،‬أسلوب المناقصة في إبرام العقود اإلدارية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫جامعة طنطا‪ ،‬سنة ‪.1998‬‬

‫ع اطف س عدي‪ ،‬عق د التوري د اإلداري بين النظري ة والتط بيق رس الة دكت وراه‪ ،‬كلي ة‬ ‫‪‬‬

‫الحقوق جامعة عين شمس ‪. 2005‬‬

‫عب د الفت اح ص بري أب و اللي ل‪ ،‬أس اليب التعاق د اإلداري‪ ،‬رس الة دكت وراه‪ ،‬جامع ة‬ ‫‪‬‬

‫طنطا‪ ،‬سنة ‪.1993‬‬


‫‪334‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫محمد علي محمد‪ ،‬عقد امتياز المرفق العام‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2014‬‬

‫مهن د ن وح مخت ار‪ ،‬اإليج اب والقب ول في العق د اإلداري‪ ،‬رس الة دكت وراه‪ ،‬كلي ة‬ ‫‪‬‬

‫الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‪.2007 ،‬‬

‫نعيمة علي الدرهوب‪ ،‬العقد االداري وقضاء االلغاء‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬جامعة وادي‬ ‫‪‬‬

‫النيل‪ ،‬لسنة ‪. 2014‬‬

‫هاني احمد الساعدي‪ ،‬الرقابة اإلدارية على أعمال اإلدارة ‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة‬ ‫‪‬‬

‫أسيوط ‪. 2014 ،‬‬

‫ه اني عب د ال رحمن غ انم‪ ،‬أس اليب التعاق د اإلداري «دراس ة مقارن ة»‪ ،‬رس الة‬ ‫‪‬‬

‫ماجستير‪ ،‬مقدمة إلى معهد البحوث والدراسات العربية ‪.2007،‬‬

‫‪335‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المجالت‪:‬‬

‫أن ور رس الن‪ ،‬نظري ة الص عوبات اإلداري ة غ ير المتوقع ة‪ ،‬مجل ة الق انون اإلداري‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫بدون سنة نشر‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫ريد سميث‪ ،‬مكافحة الفساد في المناقصات العامة‪ ،‬منتدى الحرية االقتصادية‪ ،‬مركز‬ ‫‪‬‬

‫المشروعات الدولية ‪.2007،‬‬

‫عب د الحمي د حش يش‪ ،‬التط ور الح ديث للمب ادئ العام ة للعق ود اإلداري ة‪ ،‬مجل ة العل وم‬ ‫‪‬‬

‫اإلدارية‪ ،‬السنة الرابعة‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬ديسمبر ‪.1962‬‬

‫عبداهلل إدريس ‪ ،‬المقارب ة القض ائية للعق د اإلداري‪ ،‬مق ال منش ور بالمجل ة المغربي ة‬ ‫‪‬‬

‫اإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة عدد ‪2005 .50‬‬

‫على جمع ة مح ارب‪ ،‬اآلث ار الس لبية ل رفض التعاق د م ع مق دم العط اء األق ل‪ ،‬مق ال‬ ‫‪‬‬

‫منشور في مجلة المقاول صادرة عن اتحاد المقاولين‪ ،‬بغداد‪ ،‬ع ‪ ،9‬س‪.1989 ،3‬‬

‫ف ؤاد العط ار‪ ،‬وس ائل تعاق د اإلدارة‪ ،‬نظري ة المناقص ة والممارس ة‪ ،‬مجل ة مجلس‬ ‫‪‬‬

‫الدولة‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬السنة الخامسة‪.1954 ،‬‬

‫محمد األعرج‪ ،‬القانون اإلداري المغربي‪ ،‬الجزء األول‪ .‬منشورات المجلة المغربية‬ ‫‪‬‬

‫لإلدارة المحلية والتنمية " مواضيع الساعة عدد " ‪ 61‬سنة ‪.2009‬‬

‫‪336‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫محم د االع رج‪ ،‬أط راف الص فقة العمومي ة من األش خاص المعنوي ة الخاص ة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫منش ورات المجل ة المغربي ة لإلدارة المحلي ة والتنمي ة‪ ،‬سلس لة مواض يع الس اعة ع دد‬

‫‪ ،57‬سنة ‪.2007‬‬

‫محم د مص طفى حس ن‪ ،‬المص لحة العام ة في الق انون والتش ريع اإلس المي‪ ،‬مجل ة‬ ‫‪‬‬

‫العلوم اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬العدد ‪.2007 ،44‬‬

‫األحكام والمراسيم‬

‫المرس وم رقم ‪ 2.12.349‬الص ادر في ‪ 20‬م ارس ‪ 2013‬المتعل ق بالص فقات‬ ‫‪‬‬

‫العمومية بالمغرب ‪.‬‬

‫المحكم ة اإلداري ة العلي ا بمص ر في حكمه ا في الطبع ة رقم ‪ 2480‬لس نة ‪46‬ق –‬ ‫‪‬‬

‫جلس ة ‪2005 – 2- 1‬م‪ .‬حكمه ا في الطبع ة رقم ‪ 314‬لس نة ‪46‬ق جلس ة ‪-2-1‬‬

‫‪2005‬م ‪.‬‬

‫حكم المحكمة العليا الليبية ‪ ،‬جلسة ‪،16/2/1978‬طعن ‪ 20/19‬ق مجموعة عمرو‬ ‫‪‬‬

‫الفهرس ج ‪ 2‬ق ‪.281‬‬

‫حكم محكمة القضاء اإلداري المصري في ‪ 1996-9-16‬مجموعة السنة ‪ 11‬رقم‬ ‫‪‬‬

‫‪ 1960‬م‪.‬‬

‫حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة في ‪ 1978-2-16‬م‪ .‬موس وعة المب ادئ القانوني ة يوني و‬ ‫‪‬‬

‫‪.1979‬‬

‫‪337‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة في ‪ 1975-3-6‬موس وعة المب ادئ القانوني ة‪ -‬يوني و‬ ‫‪‬‬

‫‪. 1979‬‬

‫المحكم ة اإلداري ة العلي ا المص رية‪ ،‬طبع ة رقم ‪ 1211‬لس نة ‪ 10‬ق‪ ،‬جلس ة ‪-30‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ .1963-11‬مجموعة أحكام السنة ‪.9‬‬

‫حكم المحكمة اإلدارية العليا بمصر الطعن رقم ‪ 1020‬ق‪ ،‬جلسة ‪. 1957.4.2‬‬ ‫‪‬‬

‫حكم المحكمة اإلدارية العليا بمصر ‪ ،‬جلسة ‪ 1968‬س ‪.13‬‬ ‫‪‬‬

‫حكم المحكم ة اإلداري ة بال دار البيض اء ع دد ‪ 243‬بت اريخ ‪ 1996.9.23‬ش ركة‬ ‫‪‬‬

‫تنظي ف ص ناعي ص ندوق الوط ني للض مان االجتم اعي‪ ،‬منش ور بال دليل العلمي‬

‫لالجتهاد القضائي‪.‬‬

‫حكم المحكم ة العلي ا في ليبي ا بت اريخ ‪،1980.1.2‬م‪.‬م‪.‬ع ص ‪.16‬ع ‪ 3‬أبري ل‬ ‫‪‬‬

‫‪.1980‬‬

‫حكم المحكمة العليا الليبية جلسة ‪1970-1-17‬م القضية ‪ 1222/12‬ق المجموعة‬ ‫‪‬‬

‫س ‪ 115‬رقم ‪. 24‬‬

‫حكم محكمة القضاء اإلداري المصري‪ ،‬جلسة ‪،1957-6-30‬القضية ‪7/ 1983‬‬ ‫‪‬‬

‫ق المجموعة ‪.‬‬

‫حكم محكمة القضاء اإلداري المصري الصادر ‪ .25‬يونيه ‪ 1961‬م لمجموعة‪ ،‬س‬ ‫‪‬‬

‫‪ 15‬رقم ‪. 194‬‬

‫‪338‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫حكم المجلس الدول ة الفرنس ي الص ادر في ‪ 16‬ين اير ‪1924‬م في قض ية «‬ ‫‪‬‬

‫‪ » Pigot‬المجموع ة ص ‪،53‬وفي ‪ 17‬م ارس س نة ‪،1932‬في قض ية «‬

‫‪ » Maurier‬المجموعة‪.‬‬

‫حكم المحكمة اإلدارية العليا بمصر‪ ،‬جلسة ‪ 1968-5-11‬م القضية ‪ 1567/10‬ق‬ ‫‪‬‬

‫المجموعة س ‪ 13‬ق ‪.117‬‬

‫حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة‪ ،‬جلس ة ‪1974-3-21‬م‪،‬طبع ة إداري ‪ 19-3‬في‬ ‫‪‬‬

‫مجموعة عمرو المفهرسة‪ ،‬ج ا ق ‪. 237‬‬

‫حكم محكمة القضاء اإلداري بمصر‪ ،‬جلسة ‪ 1955-1-30‬م لمجموعة س ‪.9‬‬ ‫‪‬‬

‫حكم المحكمة اإلدارية العليا بمصر‪ ،‬جلسة ‪ 15/9/1978‬م‪ ،‬المجموعة س ‪.33‬‬ ‫‪‬‬

‫حكم مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬جلسة ‪،7/10/1970‬قضية الفيتي‪ ،‬المجموعة ‪.1057‬‬ ‫‪‬‬

‫حكم مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬جلسة ‪28/11/1924‬م‪،‬قضية تانتي‪ ،‬المجموعة ‪.940‬‬ ‫‪‬‬

‫حكم محكمة القضاء اإلداري بمصر‪ ،‬جلسة ‪30/1/1955‬م‪،‬المجموعة س ‪.9‬‬ ‫‪‬‬

‫حكم محكم ة القض اء اإلداري بمص ر‪ ،‬جلس ة ‪30/6/1957‬م‪ ،‬القض ية‬ ‫‪‬‬

‫‪983/11‬ق‪،‬المجموعة‪.‬‬

‫حكم محكم ة القض اء اإلداري بمص ر‪ ،‬جلس ة ‪30/6/1957‬م‪،‬القض ية ‪ 983/11‬ق‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫المجموعة‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫حكم المحكمة العليا الليبي ة‪ ،‬جلسة ‪3/1/1971‬م‪ ،‬طعن إداري ‪ 18/15‬ق مجموعة‬ ‫‪‬‬

‫عمرو المفهرسة‪ ،‬ج ‪ 1‬ق ‪.257‬‬

‫حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة‪ ،‬جلس ة ‪16/2/1978‬م‪،‬مجل ة المحكم ة العلي ا‪ ،‬س ‪،14‬ع‬ ‫‪‬‬

‫‪،3‬أبريل ‪1978‬م‪.‬‬

‫حكم المحكم ة العلي ا الليبي ة‪ ،‬جلس ة ‪20/12/1970‬م‪،‬طعن إداري ‪ 17/16‬ق‬ ‫‪‬‬

‫مجموعة عمرو المفهرسة‪ ،‬ج ‪ 1‬ق ‪.256‬‬

‫حكم المحكمة العليا الليبية‪ ،‬جلسة ‪6/3/1975‬م‪،‬طعن إداري ‪،2118‬مجلة المحكمة‬ ‫‪‬‬

‫العليا‪ ،‬س ‪ 11‬ع‪ ،‬أبريل ‪1975‬م‪.‬‬

‫حكم مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬جلسة ‪ 1996 -3-3‬م قضية بوردو‪ ،‬مجلس القانون‬ ‫‪‬‬

‫العام لسنة ‪1916‬م‬

‫حكم المحكمة العليا الليبية‪ ،‬جلسة ‪1984-12-10‬م المجموعة من ‪ 10‬ع‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪340‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المراجع األجنبية‬

 (R) ROMEUF : La Justice administrative، J. Paris، 1989.


 ADE LAU BADERE ET Autres- Contrats op- cit- T-2- P- 670. (sans edition)
 Alegtos. Formation et Résolution du Marche des travaux publics paris
1912 .
 C.Gallay، les contrats Entre Personnes Publiques، Thèse Touloise، 1988 .
 Chapus : La Pratique du Contentieux administratif، montchrestien، Paris،
1982.
 Coud ville : Contribution la Théorie Général du Service Public communal،
Thèse 1976 Bordeaux.
 G- Maldidiet – La Réalisation sans Faute Marches De Fournitures Passes
Par l'état (sans édition.
 Gestion des contrats administratifs ED M. GIARD 1932 T. 2.
 GMALDIDER- These Preciteel.
 J. DUFAU، MARCHE DE TRAVAUX Publics J.C.H. 1985. FASC. 521.
 La Ferriere : La Traité de La Juridiction administratif، 2e édition
 Ph. Tetney Pre .op. cit –P.109.
 Romeuf : La Justice administrative، J. Delmas
 Vedel (G) et Delvolve (P) droit administrative. P.U.F 7 Edition 1980. .
 Vedele- Article precise- Etudes offerts Amestre- .

341
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفهرس‬
‫المقدمة ‪1............................................................................‬‬
‫القسم األول ‪ :‬المبادئ الحاكمة لوسائل إبرام الصفقات العمومية‪16.................‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬مبادئ إبرام الصفقات العمومية ‪19....................................‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مبدأ العالنية والمساواة ‪20.........................................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مبدأ العالنية ‪20...............................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬اإلعالن عن المناقصات والممارسات العامة‪21...............‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تحديد شروط المناقصة «كراسة الشروط»‪32................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ المساواة والشفافية في إبرام الصفقات العمومية‪41..........‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المتنافسين‪42................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مبدأ الشفافية في إجراءات التعاقد ‪47..........................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مبدأ المنافسة الحرة في إبرام الصفقات العمومية‪51................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حرية التقدم للمنافسة ‪52........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ماهية مبدأ المنافسة الحرة ‪52..................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حدود مبدأ المنافسة الحرة ‪58.................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬سلطة اإلدارة في استبعاد المتعاقد ‪69............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االستبعاد للحرمان أو لسوء السمعة ‪69.......................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االستبعاد لعدم توفر الكفاءة أو لعدم استيفاء الشروط ‪77.......‬‬
‫خاتمة الفصل األول ‪86.........................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬كيفية اختيار اإلدارة للمتعاقد معها ‪88............................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المناقصات والمزايدات كوسيلة للتعاقد ‪90...........................‬‬

‫‪342‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب األول‪ :‬المناقصات والمزايدات العامة‪91.................................‬‬


‫الفرع األول‪ :‬المقصود بالمناقصات والمزايدات‪91...........................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬صور المناقصات والمزايدات ‪97..............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬فحص العطاءات و إرساء المزاد والمناقصة‪105.................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬إجراءات التعاقد ‪105..........................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اعتماد المناقصة وإ برام العقد‪116..............................‬‬
‫المبحث الثاني التعاقد بغير المناقصة والمزايدة‪123..................................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الممارسة كوسيلة للتعاقد «طلب العروض»‪124..................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف أسلوب الممارسة ‪124.................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام وصور الممارسة ‪130...................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االتفاق المباشر كوسيلة للتعاقد ‪137..............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف باإلنفاق المباشر وحاالته‪138........................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االتفاق المباشر في القانون الليبي والمقارن‪143..................‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني ‪152...............................................................‬‬
‫خاتمة القسم األول ‪154.................................................................‬‬
‫القسم الثاني االلتزامات والحقوق الناشئة عن الصفقات العمومية ‪157..................‬‬
‫الفصل األول امتيازات اإلدارة أثناء تنفيذ العقد اإلداري‪160..............................‬‬
‫المبحث األول سلطة الرقابة وتعديل العقد ‪161.......................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬سلطة الرقابة والتوجيه ‪162........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التعريف بسلطة الرقابة والتوجيه‪162............................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سلطة الرقابة والتوجيه في القانون الليبي والمقارن‪166..........‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬سلطة تعديل العقد ‪173.............................................‬‬

‫‪343‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫الفرع األول‪ :‬نشأة فكرة سلطة اإلدارة في تعديل العقد اإلداري‪173............‬‬


‫الفرع الثاني‪ :‬قيود تعديل العقد اإلداري ‪184...................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حق اإلدارة في توقيع الجزاءات على المتعاقد‪189....................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حق اإلدارة في توقيع الجزاء ‪190..................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الخصائص العامة للجزاءات اإلدارية‪190........................‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬صور الجزاءات اإلدارية ‪197.................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حق اإلدارة في إنهاء العقد اإلداري‪204............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬صور سلطة إنهاء العقد اإلداري ‪205............................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط سلطة إنهاء العقد اإلداري ‪213...........................‬‬
‫خاتمة الفصل األول ‪223..........................................................‬‬
‫الفصل الثاني حقوق المتعاقد في مواجهة اإلدارة‪225..................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الحقوق المالية ‪226...................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حق المتعاقد في الحصول على المقابل المالي‪227.................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تحديد الثمن وحسابه ‪228.......................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬احكام الرسم في عقود االمتياز ‪234..............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حق اقتضاء المتعاقد للتعويض‪239.................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التعويض أالتفاقي والقضائي ‪240................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التعويض الكامل ‪244...........................................‬‬
‫المبحث الثاني ضمان التوازن المالي للعقد ‪251......................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نظرية عمل ألمير ‪252............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم نظرية عمل األمير ‪252..................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق تطبيق نظرية عمل األمير ‪261............................‬‬

‫‪344‬‬
‫الصفقات العمومية في ليبيا بين النظرية والتطبيق‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظرية الظروف الطارئة والصعوبات المالية الغير متوقعة‪271.....‬‬


‫الفرع األول‪ :‬نظرية الظروف الطارئة وشروطها ‪271........................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة‪279.....................‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني ‪290...............................................................‬‬
‫خاتمة القسم الثاني ‪292................................................................‬‬
‫خاتمة البحت ‪295......................................................................‬‬
‫قائمة المراجع ‪311.....................................................................‬‬
‫الفهرس ‪326...........................................................................‬‬

‫‪345‬‬

You might also like