Professional Documents
Culture Documents
المسرح
المسرح
يعد المسرح من بين أكثر األنشطة إثراء لألطفال ،ومع ذلك ال يستخدمه الكثير
من المعلمين في الفصول الدراسية ،رغم أنه نشاط متكامل وفّعال ومفيد لتكوين األطفال،
ومن شأنه أن يساعدهم على تنمية المهارات اللغوية والتغلب على الخجل عندما يتعلق
األمر بتقديم أداء أمام جمهور واسع.
كان وما زال المسرح أحد أشكال الفنون األولى التي استخدمها اإلنسان قديمًا في التعب ير عن ه وعن مجتمع ه ،فق د
استخدم المسرح في البدايات للتعبير عن التوق الديني وارتبط بطقوسه ،كما كان يحدث في بالد اإلغري ق ،إلى أن
تحول ،مع تقدم الزمن والتغييرات التي كانت تطرأ عليه ،إلى منصة تؤدي وظيفة اجتماعية وسياس ية ،ته دف إلى
فهم ما يحدث ضمن سياق مجتمعي ما ،وكشف العالق ة بين ال ذات وذل ك المجتم ع ،لتش كيل بحث مش ترك عمي ق
حول أسئلة كبيرة تطرح ضمن تمثيالت تجسيدية مختلفة ،تحقق اليقظة الجماعية اتجاهها.
مع تعدد وتنوع أشكال المسارح وموضوعاتها عبر ال زمن ،عم ل ك ل مجتم ع على اختي ار ش كل المس رح ال ذي
يمثله ،ونوعية القضايا التي تطرح على خشبته ،وكان من أبرز ه ذه المس ارح ه و مس رح المجتم ع المحلي ال ذي
يعّرفه بيتر بيلينجهام بأنه ذلك "المسرح الذي ينبع من مجتمعه وفيه وبه ومن أجله" .ويضيف أنه "أقرب األن واع
المسرحية إلى نسيج الحياة االجتماعية" ،ما يعني أنه أداة تدخل مجتمعية مقبولة من قبل الجماعة ذاتها؛ أداة تسعى
إلى تحقيق الفهم بين أفرادها ،فهم يبدأ من الذات والدور الذي تقوم به وعالقتها باآلخر وتأثره بها وتأثيره ا علي ه،
إلى أن أصبح فهمًا للبنية المجتمعية التي تشكل تلك الجماعة.
انطالقًا من أهمية هذا الشكل من المسارح وعالقته بالبنى والقض ايا المجتمعي ة ،إض افة إلى اهتم ام مجموع ة من
الشباب الذين تم العمل معهم على مدار سنة ونصف في مدينة أريح ا ،ض من مش روع ش راكة بين برن امج البحث
والتطوير التربوي في مؤسس ة عب د المحس ن القط ان والوكال ة السويس رية ،ال ذي ك ان بعن وان "الثقاف ة والفن ون
والمشاركة المجتمعية" في المسرح ،فقد تم اختياره كمنصة يحّم لها هؤالء الشباب قضاياهم وقضايا مجتمعهم ال تي
تشكل جزءًا ال يتجزأ من حيواتهم وهمومهم ،وتأخذ حيزًا كبيرًا من انشغالهم.
ويقوم المشروع ،الذي اس تمر العم ل في ه وألجل ه وال ذي امت د لس نتين ،بش كل أساس ي ،على البحث في القض ايا
المجتمعية التي يعايش ها مجتم ع معين ويع اني منه ا ،وهن ا في ه ذا الس ياق نتح دث عن مجتم ع أريح ا بالتحدي د،
مستخدمين في ذلك منهجيات مختلفة في التوصل لهذه القضايا ،وحشد ال رأي الع ام حوله ا وجم ع البيان ات عنه ا،
كالمقابالت والزيارات الميدانية واللقاءات الجماعية وورشات العمل التفاعلية ال تي نظمت م ع ش رائح مختلف ة من
ذلك المجتمع ،تم التعبير عنها بطرق مختلفة فنيًا وبحثيًا ،بهدف تسليط الضوء عليها وحث مؤسسات الحكم المحلي
والجهات المسؤولة في ذلك المجتمع على التنبه لها ومحاولة البحث عن حل ول تس اعد في التخفي ف منه ا أو حله ا
بشكل جذري إن أمكن.
رحلة العمل انكشاف وتكشف
في بداية العم ل في المش روع ،وكك ل مش روع آخ ر ،تك ون األه داف المتوق ع تحقيقه ا في ه واض حة ،لكن رحل ة
تحققه ا ،وش كل المخ رج المتوق ع عنه ا غ ير مكتملي المع الم ،العتم ادهم بش كل كب ير على تفاع ل المش اركين
واهتماماتهم وحاجاتهم ،فهنا كانت نقطة االنطالق ،مع شريحة منوعة من أف راد ذل ك المجتم ع ال ذين ،م ع م رور
الوقت ،تشكلت بيننا وبينهم عالقة شراكة في الفكرة والهدف والمنظور.
يمكن أن تفيدنا ممارسة المسرح المدرسي كدعم و تقوية في التدريس ،و هو ما يمنحنا إياه
التعليم المصغر باعتباره نموذجا للتعليم الفردي في التقنيات البيداغوجية سواء في إطار
التمارين اإلعدادية أو التمهيدية ،و لعل من المفيد هنا أن ننقل ما قاله » مارون النقاش » عن
دور المسرح التعليمي األخالقي بقالب ترفيهي في سياق حديثه عن مسرحية البخيل1847م
قائال » :إن للمسرح وظيفة تعليمية الهدف منها نقل درس أخالقي ضمن موقف درامي
معين »
يرى كثير من علماء النفس أن التمثيل من أهم الوسائل المستخدمة لتحقيق الشفاء النفسي ،و من
الظواهر النفسية التي يمكن معالجتها عن طريق التمثيل :الخجل و االنطواء و عيوب النطق،
كما أن معناه ال يرتبط بالترويح عن النفس و التسلية فحسب بل يتعدى ذلك إلى ربط االتصال
الفعال للتعبير عن فكرة أو مفهوم أو شعور ما عن طريق اللغة و حركة الجسم و تعبيرات
الوجه و االشارات و أسلوب الكالم .و ما إثارة المشاكل واالضطرابات و السلوك غير السوي
لدى بعض األطفال إال نتيجة لعدم االهتمام بمشكلة التالميذ و حبس مواهبهم و طاقاتهم و عدم
استغاللها عن طريق تفجيرها.
يسعى المسرح المدرسي إلى تعويد المتعلمين على كيفية االندماج في الجماعة و ربط حياتهم
اليومية مع الوسط المدرسي ،و ذلك عن طريق االهتمام بقضايا المجتمع و باالحتفال
بالذكريات و األعياد و غرس القيم المجتمعية السامية كتنمية روح التعاون و المشاركة و
اكتساب مهارات مختلفة.
يعتبر المسرح المدرسي خطابا تربويا يعلم األطفال اكتشاف الذات و من خاللها تتم عملية
اكتشاف العالم من هنا تبدو أهمية األنشطة المسرحية التي عكف خبراء التربية و التعليم على
دراستها ،و يعبر » سليد » عن أهمية المسرح المدرسي في جملة واحدة مختصرة حين
يقول » :إنه ـ أي المسرح المدرسي ـ يساهم في إيجاد فرد سعيد و متوازن » .و هكذا
فالمسرح المدرسي قناة من القنوات التربوية الهامة في مجال تكوين و بلورة شخصية الطفل
نفسيا و اجتماعيا و وجدانيا عالوة على ما يحققه من إشباع لرغباته في اللعب و التقليد و
المحاكاة و التعبير و صقل الموهبة.
يرى كثير من علماء النفس أن التمثيل من أهم الوسائل التي تستخدم لتحقيق الشفاء النفسي فقيام
المرء بتمثيل دور ما في إحدى التمثيليات أو قيامه بمشاهدة تلك التمثيلية يؤديان عادة إلى نقص
التوثر النفسي و تخفيف هذه االنفعاالت المكبوتة و ذلك عندما يندمج الممثل أو المتفرج في جو
التمثيلية و يتقمص دورا معينا فيها… و من الظواهر النفسية الــتي يمكن معالجتهــا عن طريــق
التمثيـــــــــــــــل الخجـــــــــــــــل و االنطـــــــــــــــواء و عيـــــــــــــــوب النطـــــــــــــــق .