You are on page 1of 173

‫جامعة النجاح الوطنية‬

‫كمية الدراسات العميا‬

‫التطور الدستوري لممفاىيم الديمقراطية وعوامل حمايتيا‬


‫في النظام السياسي التركي ‪2011/2002‬‬

‫إعداد الطالب‬
‫عبد المطيف خضر عبد المطيف سده‬

‫إشراف‬
‫األستاذ الدكتور أحمد الخالدي‬
‫الدكتور رائد نعيرات‬

‫قدمت ىذه الرسالة إستكماال لمتطمبات الحصول عمى درجة الماجستير في القانون العام‪ ،‬كمية‬
‫الدراسات العميا‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابمس‪ ،‬فمسطين‪.‬‬
‫‪2013‬‬
‫اإلىــــــــــداء‬
‫إليي ال يطيب الميؿ إال بشكرؾ وال يطيب النيار إال بطاعتؾ ‪ ..‬وال تطيب المحظات إال بذكرؾ‬
‫‪ ..‬وال تطيب اآلخرة إال بعفوؾ ‪ ..‬وال تطيب الجنة إال برؤيتؾ‬
‫اهلل جؿ جبللو‬

‫إلى مف بمغ الرسالة وأدى األمانة ‪ ..‬ونصح األمة ‪ ..‬إلى نبي الرحمة ونور العالميف‪..‬‬
‫سيدنا محمد صمى اهلل عميو وسمـ‬
‫إلى مف كممو اهلل بالييبة والوقار‪ ..‬إلى مف عممني العطاء دوف انتظار‪ ..‬إلى مف أحمؿ أسمو بكؿ‬

‫إفتخار‪..‬أرجو مف اهلل أف يمد في عمرؾ لترى ثما ار قد حاف قطافيا بعد طوؿ إنتظار وستبقى‬
‫كمماتؾ نجوماً أىتدي بيا اليوـ وفي الغد والى األبد‪..‬‬
‫والدي العزيز‬
‫إلى مبلكي في الحياة‪ ..‬إلى معنى الحب والى معنى الحناف والتفاني‪ ..‬إلى بسمة الحياة وسر‬
‫الوجود‬
‫إلى مف كاف دعائيا سر نجاحي وحنانيا بمسـ جراحي إلى أغمى الحبايب‬
‫أمي الحبيبة‬
‫إلى مف بيـ أكبر وعمييـ أعتمد ‪ ..‬إلى الشموع المتقدة التي تنير ظممة حياتي‪..‬‬
‫إلى مف بوجودىـ أكتسب قوة ومحبة ال حدود ليا‪..‬‬

‫إخوتي‬
‫إلى توأـ روحي ورفيقة دربي ‪ ..‬إلى صاحبة القمب الطيب والنوايا الصادقة‬
‫زوجتي‬
‫إلى الذيف بصدقيـ بمغوا المدى‪ ..‬إلى الذيف بعزميـ ىزموا العدا‪ ..‬إلى الذيف تفجروا بركاف ثأر‬
‫ليس يرعبيـ عدا ألنيـ رفضوا اليواف وبددوا طمس اليوية وألنيـ وىبوا الحياة رخيصة أسمى ىدية‬
‫شيداء فمسطيف‬

‫‌‬
‫ث‬
‫شكر وتقدير‬

‫إذا كاف مف فضؿ قد أسدي عمى البحث والباحث‪ ،‬فإف ألستاذي ومشرفي الدكتور أحمد الخالدي‪،‬‬

‫والدكتور رائد نعيرات‪ ،‬والدكتور عبد الممؾ الريماوي‪ ،‬فضبلً ال يرقى إليو شكر‪ ،‬وأسدي الشكر‬
‫الجزيؿ الى كمية الدراسات العميا وكمية القانوف؛ بما زودوني بو مف عمـ‪ ،‬وأحاطوني بو مف رعاية‬
‫طيمة وجودي في الجامعة‪.‬‬

‫وليس لي بعد ىذا إال أف أزجي الشكر خالصاً لزمبلئي وأصدقائي الذيف أمدوني بالمصادر‬
‫والمراجع‪ ،‬وآزروني في محني المختمفة ودعموني أثناء دراستي ىذه‪ ،‬فجزوا خي ار وأثيبوا عفوا مف‬

‫لدف رب رحيـ ‪.‬‬

‫الباحث‬

‫‌‬
‫د‬
‫اإلقرار‬

‫أنا الموقع أدناه‪ ،‬مقدـ الرسالة التي تحمؿ العنواف‪:‬‬

‫أقر بأف ما اشتممت عميو ىذه الرسالة إنما ىي نتاج جيدي الخاص‪ ،‬بإستثناء ما تمت اإلشارة‬
‫إليو حيثما ورد‪ ،‬واف ىذه الرسالة ككؿ‪ ،‬أو أي جزء منيا لـ يقدـ مف قبؿ لنيؿ أية درجة أو لقب‬

‫عممي أو بحثي لدى أية مؤسسة تعميمية أو بحثية أخرى‪.‬‬

‫‪Declaration‬‬

‫‪The work provided in this thesis, unless otherwise referenced, is the re-‬‬
‫‪searcher's own work, and has not been submitted elsewhere for any‬‬
‫‪other degree or qualification.‬‬

‫‪Student name:‬‬ ‫اسـ الطالب‪:‬‬


‫‪Signature:‬‬ ‫التوقيع‪:‬‬
‫‪Date:‬‬ ‫التاريخ‪:‬‬

‫‌‬
‫ج‬
‫المقدمة‬
‫إف مراجعة تجارب الديمقراطيات الجديدة والقديمة تدؿ عمى أنو إذا لـ تكف حقوؽ اإلنساف محمية‬
‫بصورة كافية منذ البداية؛ فإنو سيكوف مف الصعب حمايتيا الحقاً‪ ..‬واذا لـ تكف الدساتير تحمؿ‬
‫القدرة الكافية مف المرونة فإنيا لف تستطيع تجاوز المشكبلت القادمة في المستقبؿ‪..‬ولكي تحمؿ‬
‫المرونة البلزمة يجب التعامؿ مع الدستور عمى أنو ليس نصا مقدساً أبدياً بؿ ىو نص مف وضع‬
‫اإلنساف‪ ،‬يبقى قاببل لممراجعة الجزئية أو الشاممة‪ ،‬حسبما تقتضيو ضرورة مواكبة التحوالت وما‬
‫يمكف أف تفرزه مف حاجة لتطوير النظاـ السياسي‪.‬‬
‫إف ما يميز الدستور الديمقراطي ويجعمو جدي اًر بيذه الصفة إستناده عمى جممة مقومات تضفي‬
‫صبغة الديمقراطية عميو‪ ،‬وتبعده عف الدساتير الموضوعة إما بإرادة منفردة؛ كما ىو حاؿ الدساتير‬

‫الممنوحة‪ ،‬أو عبر إستفتاءات مفتقدة إلى شروط االستقبللية والحياد والنزاىة‪.‬‬
‫ولعؿ أىـ مقومات الدستور الديمقراطي (أوالً)‪ :‬تأسيسو عمى مبدأ أف الشعب مصدر السمطات مع‬
‫التسميـ بالمساواة بيف أبناء الشعب عمى أساس المواطنة الكاممة المتساوية‪ ،‬واف السيادة لفرد أو‬
‫قمة عمى الشعب‪( ،‬ثانياً)‪ :‬حكـ القانوف‪( ،‬ثالثاً)‪ :‬أف يحترـ فيو فصؿ السمطات‪( ،‬رابعاً)‪ :‬تؤكد فيو‬
‫الحقوؽ والحريات‪( ،‬خامساً)‪ :‬أف يتـ اإلعتراؼ بالتداوؿ السممي لمسمطة بيف األغمبية والمعارضة‪،‬‬
‫ىذا باإلضافة إلى الطريقة التي يوضع بموجبيا الدستور مف قبؿ جمعية وطنية تأسيسية منتخبة‪.‬‬
‫وبالنظر إلى كوف األحزاب الدينية التركية لـ يكف ليا أي تأثير في الحياة السياسية عمى الصعيد‬
‫الداخمي‪ ،‬حيث أف العممانية كانت تحارب مثؿ ىذه األحزاب الدينية التي ترمي الى تفعيؿ كؿ ما‬
‫يتعمؽ بالديف في حياة الشعب التركي‪ ،‬في حيف ترمي العممانية الى تيميش الديف‪.‬‬
‫مف ىذا المنطمؽ ومف خبلؿ الفيـ الصحيح لئلسبلـ العظيـ فقد برز جيؿ إسبلمي واع‪ ،‬وقادر‬
‫عمى القياـ بواجبات الديف حؽ القياـ‪ ،‬مف خبلؿ إدراكيـ بأف اإلسبلـ ليس ديانة فقط؛ بؿ ىو‬
‫نظاـ شامؿ متكامؿ لجميع مجاالت الحياة؛ السياسية واالجتماعية واالقتصادية والقانونية عمى حد‬

‫سواء‪ ،‬يصمح لبناء مؤسسات الدولة ‪.‬‬

‫‌‬
‫ح‬
‫عندىا فقط تصبح ىذه الكممات الجامدة التي ال حراؾ فييا؛ حقيقة واقعة وعقيدة راسخة‪ ،‬تحمميا‬
‫النفوس العظيمة‪ ،‬وعندىا فقط سوؼ تدب فييا الحياة لتعيش بيف األحياء وترسـ ليـ طريؽ‬
‫سعادتيـ وحريتيـ التي ينشدوف ‪.‬‬

‫محددات الدراسة‬

‫جاءت الدراسة لتناوؿ واقع الديمقراطية في ضوء المستجدات الحاصمة في النظاـ السياسي التركي‬
‫منذ عاـ ‪ 2002‬وىو ذات العاـ الذي وصؿ فيو حزب العدالة والتنمية لسدة الحكـ‪ ،‬وحتى ‪2011‬‬
‫غير ممتنع في الوقت ذاتو لمحديث عف مبلمح الحياة السياسية منذ نشأة الجميورية التركية‬
‫الحديثة‪.‬‬

‫منيج الدراسة‬

‫استخدـ الباحث في دراستو المنيج الوصفي التحميمي؛ وذلؾ مف خبلؿ استعراض أىـ مبلمح‬
‫التطور الديمقراطي‪ ،‬مشي ار الى محددات وسمات الدساتير التركية المتعاقبة وانسجاميا مع تطور‬
‫مفيوـ الديمقراطية في الدساتير الحديثة‪ ،‬كما استخدـ الباحث النظاـ األنجموسكسوني في التوثيؽ‬
‫وتصنيؼ المراجع وعموـ شكميات البحث االخرى ‪.‬‬

‫بيانات الدراسة‬

‫باإلضافة إلى المصادر األساسية التي إستعاف بيا الباحث مف كتب ودوريات وموسوعات‬
‫متخصصة‪ ،‬فقد إستخدـ الباحث المصادر الثانوية مف خبلؿ االستعانة بأىـ ما كتب حوؿ النظاـ‬
‫السياسي التركي‪ ،‬متناوالً لمعديد مف المقاالت والمقاببلت التي أجراىا أقطاب النظاـ السياسي‬
‫التركي الحالي وعمى رأسيـ رئيس الوزراء رجب طيب أردوغاف‪ ،‬ووزير الخارجية التركي أحمد‬

‫داود أوغمو‪.‬‬

‫‌‬
‫خ‬
‫أىمية الدراسة‬

‫إظيار مدى التطور الدستوري الذي يمر بو النظاـ السياسي التركي مف خبلؿ السمات‬
‫الديمق ارطية التي يسعى حزب العدالة والتنمية إليجادىا ومدى التطور بالنسبة لمواضيع األرمف‬
‫واألكراد‪.‬‬
‫وتكمف أىمية الموضوع في بياف دور حزب العدالة والتنمية في تعزيز مفيوـ الديمقراطية وزيادة‬
‫ىامش الحرية مف خبلؿ التعديبلت الدستورية المتوالية‪ ،‬ومف خبلؿ طرحو الجديد والعصري‬
‫لدستور تركي يواكب العصر ويجمع ما بيف الحضارة والمدنية والثقافة التركية المحافظة‪.‬‬
‫كما ويسمط ىذا الموضوع الضوء عمى الدور الذي قامت بو مؤسسات الحكـ السابقة وعمى رأسيا‬
‫الجيش والمحكمة الدستورية وقمعيا المتواصؿ لمحريات وتفريغ الديمقراطية مف مضمونيا الحقيقي‬

‫في سعييا المتواصؿ لترسيخ أفكارىا العممانية ‪.‬‬

‫أىداف الدراسة‬

‫تيدؼ ىذه الدراسة الى‪:‬‬


‫‪ .1‬بياف المبلمح والمحددات التي أسيمت في صنع وصياغة الدساتير التركية المتبلحقة‬
‫وساىمت في بمورة النظاـ السياسي التركي ‪.‬‬
‫‪ .2‬تسميط الضوء عمى دور المحكمة الدستورية في الحياة السياسية التركية ‪.‬‬
‫‪ .3‬بياف دور الجيش في الحياة السياسية التركية ‪.‬‬
‫‪ .4‬إعطاء فكرة عف طبيعة التجارب الديمقراطية السابقة وما الذي آلت اليو‪.‬‬

‫إشكالية الدراسة‬

‫تعتبر القيـ الديمقراطية والحريات األساسية مف أىـ مميزات الدساتير الحديثة‪ ،‬ولتحقيؽ ذلؾ تعمد‬

‫الدوؿ لتغيير دساتيرىا لتنسجـ مع أحدث مبادئ الديمقراطية وحقوؽ اإلنساف‪ ،‬ومف المفارقات أف‬
‫نجد الدساتير التركية المتعاقبة قد جاءت خالية الوفاض مف أف تكفؿ الحياة الديمقراطية عمى‬

‫‌د‬
‫النحو الذي يمبي طموح المواطنيف‪ ،‬ال بؿ وجاءت ىذه الدساتير ليدر الحريات األساسية وىنا‬
‫تكمف إشكالية الدراسة ‪.‬‬
‫عوائق الدراسة‬

‫يمكف إجماؿ أىـ العوائؽ التي واجيت الباحث بما يمي ‪:‬‬
‫‪ .1‬عدـ اإللماـ بالمغة التركية‪ ،‬وحاجتي لترجمة الكثير مف الموضوعات المتعمقة بالبحث‬
‫كونيا بالمغة التركية ‪.‬‬
‫‪ .2‬عدـ وجود دراسات سابقة تناولت الموضوع مف الناحية القانونية ‪.‬‬
‫‪ .3‬الندرة في المصادر األولية وصعوبة التعامؿ معيا ‪.‬‬
‫‪ .4‬حداثة الموضوع المراد البحث فيو وطبيعة الدستور المرتقب غير واضحة المعالـ؛ نظ اًر‬

‫لصعوبة التواصؿ مع األشخاص ذوي الشأف في تركيا ‪.‬‬

‫أسئمة الدراسة‬

‫مف خبلؿ الدراسة سوؼ نطرح التساؤالت التالية ‪:‬‬


‫‪ .1‬ىؿ تعتبر الدساتير التركية السابقة منسجمة مع المبادئ الديمقراطية ؟‬
‫‪ .2‬وىؿ كانت ىذه الدساتير عقبة في وجة التقدـ واإلزدىار والديمقراطية ؟‬
‫‪ .3‬كيؼ تعاممت األحزاب السياسية التركية مع ىذه الدساتير‪ ،‬وكيؼ تأثرت بيا ؟‬
‫‪ .4‬ما ىي إنعكاسات الدساتير السابقة عمى شتى نواحي الحياة التركية ؟‬

‫الدراسات السابقة‬
‫‪ .1‬دراسة‪ ،‬النعيمي (‪ )1989‬الموسوعة ب " ظاىرة التعدد الحزبي في تركيا "‬
‫إستيدفت ىذه الدراسة األحزاب التركية بشكؿ عاـ والتي تنتمي إلى قومية متجانسة‪ ،‬حيث‬

‫بدأت األحزاب التركية منذ حرب اإلستقبلؿ عاـ ‪ 1919‬تتحدث عف ما يسمى قومية السياسة‬
‫الخارجية التركية ‪.‬‬
‫‪ .2‬دراسة‪ ،‬عمي (‪ )2003‬والموسومة ب" الثورة الصامتة في تركيا"‬

‫‌ذ‬
‫إستيدفت الدراسة بياف ما يحدث في تركيا بعد تولي حزب العدالة مف تنمية لمحكـ وقد توصؿ‬
‫الباحث إلى عدة إستنتاجات أىميا‪ :‬أف حزب العدالة والتنمية إستطاع إحداث التغيير في‬
‫الجيات السياسية التركية ومف الجوانب كميا‪ ،‬ومف أىـ التوصيات‪ :‬إتباع سياسة المرونة مع‬
‫األحزاب والتوجيات العممانية ‪.‬‬
‫‪ .3‬دراسة‪ ،‬د‪ .‬أحمد عبد العزيز‪ ،‬تركيا في القرف العشريف‬
‫يتناوؿ الكاتب في ىذه الدراسة النظاـ السياسي في تركيا مف خبلؿ تبياف نظاـ الحكـ‬
‫واألحزاب السياسية والدور الذي تقوـ بو المؤسسة العسكرية عمى كافة المستويات عمى‬
‫الساحة التركية‪.‬‬
‫‪ .4‬دراسة‪ ،‬سمير سبيتاف‪ ،‬تركيا في عيد رجب طيب أردوغاف‬

‫يتناوؿ الباحث تاريخ تركيا في ظؿ اإلنقبلبات العسكرية المتوالية‪ ،‬وكيؼ ساىـ ذلؾ في‬
‫صياغة الحياة السياسية مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى يسمط الباحث الضوء عمى التطورات‬
‫الكبيرة التي قاـ بيا حزب العدالة والتنميةعمى كافة األصعدة‪.‬‬
‫‪ .5‬دراسة‪ ،‬ىاينتس كرامر‪ ،‬تركيا المتغيرة‬
‫يتناوؿ الباحث مف خبلؿ دراستو التكيؼ البطئ لمنظاـ السياسي التركي منذ إنقبلب عاـ‬
‫‪ 1980‬الذي شكؿ عامؿ تعجيؿ لعممية التغيير اإلقتصادية واإلجتماعية والسياسية‪،‬‬
‫ويتناوؿ الباحث طبيعة النظاـ السياسي التركي القائـ عمى التعددية الحزبية‪.‬‬
‫‪ .6‬دراسة‪ ،‬محمد نور الديف‪ ،‬تركيا‪ ..‬الصيغة والدور‬
‫يتناوؿ فيو الباحث تأسيس حزب العدالة والتنمية وفوزىـ في اإلنتخابات البرلمانية‪،‬‬
‫وطبيعة التحوؿ الحاصؿ في ميزاف القوى عمى الساحة التركية بحيث أصبح العسكر في‬
‫قفص القضاء بعد أف كاف الجيش التركي ىو المتحكـ في مجريات األمور عمى الساحة‬
‫التركية‪.‬‬

‫‌ز‬
‫فيرس المحتويات‬
‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫ت‬ ‫اإلىداء‬
‫ث‬ ‫شكر وتقدير‬
‫ج‬ ‫اإلقرار‬
‫ح‬ ‫مقدمة‬
‫ز‬ ‫الفيرس‬
‫ش‬ ‫الممخص‬
‫‪1‬‬ ‫تمييد‬
‫‪6‬‬ ‫الفصؿ األوؿ‪ :‬النظاـ الدستوري التركي واىتمامو بالديمقراطية‬
‫‪6‬‬ ‫المبحث األوؿ‪ :‬معوقات وضع الدساتير الديمقراطية في تركيا‬
‫‪7‬‬ ‫المطمب األوؿ‪ :‬العممانية والجيش التركي‬
‫‪20‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬دور القضاء والمحكمة الدستورية‬
‫‪31‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬محددات وضع الدستور التركي‬
‫‪32‬‬ ‫المطمب األوؿ‪ :‬ظروؼ نشأة الدساتير التركية‬
‫‪37‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬التعديبلت الدستورية واإلستفتاء عمى الدستور‬
‫‪55‬‬ ‫المطمب الثالث‪ :‬مبلمح الدستور التركي الجديد‬
‫‪61‬‬ ‫الفصؿ الثاني‪ :‬الحياة السياسية وتأثيرىا عمى الديمقراطية في النظاـ التركي‬
‫‪67‬‬ ‫المبحث األوؿ‪ :‬الجيش والقضاء وتحديد مبلمح الحياة السياسية‬
‫‪67‬‬ ‫المطمب األوؿ‪ :‬الجيش التركي في ظؿ مبادئ أتاتورؾ‬
‫‪74‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬موقؼ الحركة اإلسبلمية مف المؤسسة العسكرية في تركيا‬
‫‪77‬‬ ‫المطمب الثالث‪ :‬القضاء ودوره البارز في تركيا‬
‫‪82‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬األحزاب السياسية وتأثيرىا عمى التطور الديمقراطي‬
‫‪84‬‬ ‫المطمب األوؿ‪ :‬نظرة عمى حزب العدالة والتنمية‬
‫‪92‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬إنجازات حزب العدالة والتنمية في التطور الدستوري‬
‫‪102‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬التجربة الديمقراطية في النظاـ السياسي التركي‬
‫‪102‬‬ ‫المطمب األوؿ‪ :‬خطوات حزب العدالة والتنمية لمنيوض بالدولة‬
‫‪110‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬سياسة تركيا الخارجية في عيد الجميورية والسياسة الجديدة‬

‫‌ش‬
‫‪115‬‬ ‫اإلستنتاجات‬
‫‪117‬‬ ‫التوصيات‬
‫‪118‬‬ ‫المصادر والمراجع‬
‫‪121‬‬ ‫المراجع اإللكترونية‬
‫‪124‬‬ ‫ممحؽ رقـ (‪ : )1‬أبرز مواد الدستور التركي‬
‫‪150‬‬ ‫ممحؽ رقـ (‪)2‬‬
‫‪B‬‬ ‫‪Abstract‬‬

‫‌‬
‫ض‬
‫التطور الدستوري لممفاىيم الديمقراطية وعوامل حمايتيا‬
‫في النظام السياسي التركي ‪2011/2002‬‬
‫إعداد الطالب‬
‫عبد المطيف خضر عبد المطيف سده‬
‫إشراف‬
‫األستاذ الدكتور أحمد الخالدي‬
‫الدكتور رائد نعيرات‬

‫الممخص‬
‫لقد جاءت ىذه الدراسة لتناوؿ التطورات الدستورية والديمقراطية في النظاـ السياسي التركي بعد‬
‫نشأة الجميورية التركية عاـ ‪ ،1923‬وكيؼ كانت الدساتير التركية المتعاقبة‪ ،‬وخاصة دستور‬
‫‪ 1961‬ودستور ‪ 1982‬يشكبلف مرتك اًز قانونياً لمحد مف الديمقراطية وتقييد الحريات العامة‪،‬‬
‫والسعي المتواصؿ لحظر األحزاب السياسية المخالفة لممبادئ العممانية مف خبلؿ المحكمة‬
‫الدستورية تارة‪ ،‬ومف خبلؿ الجيش واإلنقبلبات العسكرية‪ ،‬والسمطات الكبيرة الممنوحة لمجمس‬
‫األمف القومي تارة أخرى‪ ،‬إال أف تطو ار كبي ار قد ط أر عمى النظاـ السياسي التركي منذ عاـ‬
‫‪ ، 2002‬وىو ذات العاـ الذي وصؿ فيو حزب العدالة والتنمية لسدة الحكـ‪ ،‬حيث إستطاع الحزب‬

‫إحداث تطور ديمقراطي ودستوري كبير؛ بدى جمياً مف خبلؿ التعديبلت الدستورية والقانونية التي‬
‫تركت أث اًر بار اًز عمى الحريات العامة والحياة السياسية التي إنتعشت خبلؿ ىذه الفترة القصيرة‪.‬‬
‫واعتمدت في دراستي ىذه المنيج الوصفي التاريخي التحميمي‪ ،‬متناوال الدساتير التركية السابقة‬
‫وخصائصيا‪ ،‬وأبرز المواد التي جاءت لضماف سيطرة العسكر عمى شتى نواحي الحياة السياسية‬
‫التركية‪ ،‬وبرز مف خبلؿ الدراسة دور حزب العدالة والتنمية الحاكـ في تعزيز مفيوـ الديمقراطية‪،‬‬
‫طرحو الجديد‬ ‫وزيادة ىامش الحرية مف خبلؿ التعديبلت الدستورية المتوالية‪ ،‬ومف خبلؿ‬

‫والعصري لدستور تركي يواكب العصر‪ ،‬يجمع ما بيف العراقة والمدنية الحديثة‪ ،‬والثقافة التركية‬
‫المحافظة‪.‬‬

‫‌‬
‫ش‬
‫وأدت الخطوات اإلصبلحية التي قاـ بيا حزب العدالة والتنمية عمى مستوى الحريات األساسية‬
‫والحقوؽ التي أرساىا في تعاممو مع األقميات العرقية التركية‪ ،‬والنجاح في تعاطيو مع الشعب‬
‫التركي عموماً إلى تراجع الدور الذي كانت تقوـ بو المحكمة الدستورية والجيش مف كبت‬
‫لمحريات‪ ،‬وغياب قيـ التقدـ واإلزدىار والديمقراطية بعد سيطرة روح اإلنقبلبات العسكرية عمى‬
‫المجتمع التركي‪ ،‬لتشيد تركيا خبلؿ فترة العدالة والتنمية إزدىا اًر إقتصادياً وثقافياً وتعميمياً طالما‬
‫كاف األتراؾ يتطمعوف لتحقيقو‪.‬‬

‫‌‬
‫ص‬
‫تمييد‬
‫مف خبلؿ دراستي ىذه فقد إرتأيت تقسيـ دراستي ىذه مف خبلؿ التمييد إلى مبحثيف إثنيف أتناوؿ‬
‫في المبحث األوؿ العبلقة بيف القانوف الدستوري والنظاـ السياسي‪ ،‬بينما أتناوؿ في المبحث الثاني‬
‫الدستور تعريفو وأساليب نشأتو‪ ،‬وذلؾ كما يمي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬العالقة بين القانون الدستوري والنظام السياسي‬


‫لقد أورد الكثير مف فقياء القانوف ىذيف اإلصطبلحيف في سياؽ واحد عند التطرؽ لمقانوف‬
‫الدستوري‪ ،‬وعبلقتو بفروع القانوف العاـ األخرى‪ ،‬حيث إعتبر النظاـ السياسي تبعاً لرأييـ بأنو‬
‫نظاـ الحكـ في الدولة ويتناوؿ مختمؼ الظروؼ اإلقتصادية واإلجتماعية والواقعية التي تؤثر في‬

‫القواعد القانونية‪ ،‬وىو ما يتناولو القانوف الدستوري‪ ،‬وذلؾ كما بينو الدكتور عبد الحميد متولي في‬
‫كتابو القانوف الدستوري واألنظمة السياسية‪ ،‬وىذا ما يمثؿ اإلتجاه األوؿ‪ ،‬بينما جاء اإلتجاه الثاني‬
‫يدعوا الى عدـ التطابؽ بيف معنى النظـ السياسية والقانوف الدستوري‪ ،‬وتبعا ليذا اإلتجاه؛ فالنظاـ‬
‫السياسي أشمؿ نطاقاً‪ ،‬وأوسع مدلوال مف القانوف الدستوري‪ ،‬فالقانوف الدستوري وبإيجاز غير مخؿ‬
‫ىو" مجموعة القواعد التي تنظـ عبلقة الدولة بالفرد مف الناحية السياسية‪ ،‬والتي تحدد التنظيـ‬
‫‪1‬‬
‫السياسي في دولة ما "‬
‫ومف خبلؿ ىذا التعريؼ نجد أف القانوف الدستوري يعنى بالقواعد القانونية النظرية لنظاـ الحكـ‬
‫في الدولة‪ ،‬بينما تعنى النظـ السياسية باإلضافة لذلؾ بمختمؼ الظروؼ اإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫والواقعية التي تؤثر في القواعد القانونية‪ ،‬وبالتالي يكوف إصطبلح النظـ السياسية أوسع مدلوالً مف‬
‫إصطبلح القانوف الدستوري حيث يمثؿ القانوف الدستوري عنص اًر مف عناصر دراسة النظـ‬
‫السياسية‪ ،‬ونخمص مف ىذه اآلراء الى عدـ اإلختبلؼ بيف ىذيف اإلصطبلحيف بسبب عدـ‬
‫التطابؽ في مضمونيا؛ وانما ىما مكمبلف لبعضيما البعض‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪.‬عبد الحميد متولي‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬منشاة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬ص‪17‬‬
‫‪2‬د‪ .‬محسن خميل‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،1967 ،‬ص‪14‬‬

‫‪1‬‬
‫ويعنى القانوف الدستوري أيضا بالقواعد التي تحدد طبيعة نظاـ الحكـ في الدولة‪ ،‬ويبيف السمطات‬
‫العامة فييا واختصاص كؿ منيا‪ ،‬وعبلقاتيا مع بعضيا البعض‪ ،‬كما يبيف حقوؽ األفراد السياسية‬
‫وما يجب لحرياتيـ مف ضمانات‪ ،‬ويعتبر القانوف الدستوري في طميعة فروع القانوف العاـ الداخمي‬
‫فيو أساس كؿ تنظيـ في الدولة؛ حيث يضع األسس التي تقوـ عمييا الدولة‪ ،‬كما ويبيف القانوف‬
‫الدستوري النظاـ السياسي في الدولة‪ ،‬ممكية أـ جميورية‪ ،‬ديمقراطية أـ دكتاتورية‪ ،‬نيابية أـ غير‬
‫نيابية‪ ،‬بسيطة أـ إتحادية‪ ،‬وكذلؾ يبيف السمطات العامة في الدولة؛ مف خبلؿ تناولو السمطة‬
‫القضائية والسمطة التشريعية والسمطة التنفيذية‪ ،‬ويبيف الييئات التي تباشرىا؛ فالسمطة القضائية‬
‫تقوـ بيا المحاكـ والمجالس القضائية‪ ،‬أما السمطة التشريعية فيقوـ بيا المجمس التشريعي أو‬
‫البرلماف‪ ،‬أما السمطة التنفيذية فيقوـ بيا رئيس الجميورية ويعاونو في ذلؾ الوزراء‪ ،‬ويبيف القانوف‬

‫الدستوري أيضاً عبلقات السمطات العامة ببعضيا البعض‪ ،‬ويبيف ما إذا كانت ىذه السمطات منفصمة‬

‫عف بعضيا أـ أف لكؿ سمطة منيا الحؽ بالتدخؿ في نشاط السمطتيف التشريعية والتنفيذية وحدود ىذا‬

‫التدخؿ‪.1‬‬
‫ولـ تعد النظـ السياسية الحديثة تقيد نشاط سمطات الدولة في الحدود الضيقة التقميدية؛ بؿ‬
‫أصبحت تتدخؿ في شتى المجاالت اإلقتصادية واإلجتماعية والفكرية‪ ،‬وبذلؾ انقمبت الفكرة‬
‫التقميدية التي كانت تجعؿ مف النظاـ السياسي مرادفا لشكؿ الحكومة‪ ،‬وقامت فكرة جديدة ال تستند‬
‫إلى الجانب العضوي لمسمطة بقدر ما تعتمد عمى مجاالت نشاطيا‪ ،‬وبعد أف كاف شكؿ الحكومة‬
‫ىو األساس الذي يحدد النظاـ السياسي لمدولة أصبح مجرد عنصر مف عناصر أخرى تدخؿ في‬
‫تكييؼ ذلؾ النظاـ‪ ،‬ويعتبر النظاـ السياسي مف صميـ مباحث القانوف الدستوري‪ ،‬وأصبحت النظـ‬
‫السياسية تمقى مزيداً مف الدراسة والتعمؽ باعتبارىا مف الموضوعات الرئيسية لمقانوف الدستوري‪،‬‬
‫األمر الذي حدى فقياء القانوف إلى إعتبار منيج دراسة القانوف الدستوري مرتبطاً بالنظـ السياسية‬
‫منذ ‪ 27‬مف مارس لعاـ ‪ 1954‬حيث بدأت في محيط الفقو والجامعات الفرنسية وغيرىا‪. 2‬‬
‫ومف مجمؿ التعريفات المتعددة لمقانوف الدستوري‪ ،‬نمحظ تناولو لمضمانات األساسية لحقوؽ األفراد‬
‫عندما عرؼ بأنو‪ ":‬مجموعة القواعد األساسية التي تحدد شكؿ الدولة‪ ،‬وترسـ قواعد الحكـ فييا‬

‫‪1‬د‪ .‬نعمان الخطيب‪ ،‬الوسيط في النظم السياسية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1999 ،‬ص‪451‬‬
‫‪2‬د‪.‬عبد الحميد متولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪23-22‬‬

‫‪2‬‬
‫وتضع الضمانات األساسية لحقوؽ األفراد وتنظـ سمطاتيا العامة مع بياف إختصاص ىذه‬
‫السمطات"‪.1‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الدستور تعرفو وأساليب نشأتو‬


‫يقصد بإصطبلح الدستور‪ ":‬مجموعة القواعد القانونية التي تبيف نظاـ الحكـ في الدولة وعبلقتو‬
‫بالمواطنيف"‪ 2‬ويبيف الدستور كذلؾ القواعد األساسية في الدولة كالقواعد التي تحدد شكؿ الدولة‪،‬‬
‫وكونيا موحده أو مركبة‪ ،‬والقواعد التي تبيف نوع الحكومة‪ ،‬وكونيا ممكية أو جميورية‪ ،‬والسمطات‬
‫العامة وعبلقاتيا ببعضيا البعض مع بياف إختصاص السمطات في الدولة وحقوؽ األفراد‪ ،‬وىي‬
‫كذلؾ قواعد تدخؿ تحت إطار الدستور‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬نشأة الدساتير‬

‫المتتبع لنشأة الدساتير عند األمـ والدستور التركي عمى وجو الخصوص والذي ىو محؿ الدراسة‬
‫يجد أنيا تنشأ في البداية في شكؿ أعراؼ وتقاليد يتوافؽ عمييا أبناء المجتمع الواحد‪ ،‬ثـ يصار‬
‫إلى صياغتيا وكتابتيا وتدوينيا وفؽ تطور الحياة السياسية واإلجتماعية عند تمؾ األمة‪ ،‬بيد أف‬
‫المقصود بأساليب نشأة الدساتير؛ ىي الدساتير المكتوبة طبعا‪ ،‬ألف تمؾ الدساتير غير المكتوبة‬
‫يكوف مصدرىا العرؼ‪ ،‬وىو األمر الذي لست بصدده ىنا‪.‬‬
‫إف كاف مف المتعذر الوصوؿ إلى إتفاؽ بارز حوؿ أسموب نشأة الدساتير في دوؿ العالـ‪ ،‬إال أف‬

‫إعتبار الظروؼ التاريخية مف جية‪ ،‬ومدى إحتراـ األسس الديمقراطية والحريات مف جية أخرى‪ ،‬ىما‬

‫المحدداف لنشأة الدساتير؛ ونتيجة لذلؾ فقد إستقر أمر نشأة الدساتير عمى تقسيـ أساليب نشأتيا إلى‬

‫أساليب ديمقراطية‪ ،‬وأخرى أساليب غير ديمقراطية كما ىو الحاؿ في تركيا؛ وفيما يمي بياف ذلؾ‪:‬‬

‫‪1‬النظم السياسية‪ ،‬سميمان الطماوي‪ ،‬دار الفقو العربي‪ ،1988 ،‬ص‪11‬‬


‫‪2‬‬
‫عبد الكريم عموان‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،2006 ،‬ص ‪450‬‬

‫‪3‬‬
‫أ‪ .‬األساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير‪:‬‬

‫أتناوؿ في ىذا الجزء لؤلساليب غير الديمقراطية في نشأتيا‪ ،‬لنرى مدى إنطباقيا عمى الدساتير‬
‫التركية المتعاقبة‪ ،‬ومف خبلؿ ذلؾ يمكف تعريؼ األساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير بأنيا‪":‬‬
‫األساليب التي ال يستأثر الشعب وحده في وضعيا‪ ،‬وىنا نكوف بصدد أسموبيف إثنيف ىما‪:‬‬
‫‪ .1‬أسموب المنحة‬
‫‪ .2‬أسموب العقد أو اإلتفاؽ‬

‫ب‪ .‬األساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير‪:‬‬


‫يمكف تعريؼ األساليب الديمقراطية في وضع الدساتير بأنيا‪" :‬األساليب التي تستأثر األمة وحدىا‬

‫في وضعيا دوف مشاركة الحاكـ؛ ممكاً كاف أو أمي اًر أو رئيساً لمجميورية"‪ ،1‬ودوف إعتبار‬
‫لمتفصيبلت واإلجراءات المتبعة في وضع الدساتير داخؿ إطار ىذا المفيوـ الديمقراطي لنشأة‬
‫الدساتير؛ يمكف جمع ىذه األساليب في أسموبيف رئيسييف ىما‪:‬‬
‫‪ .1‬أسموب الجمعية التأسيسية‬
‫‪ .2‬أسموب االستفتاء الشعبي‬

‫المطمب الثاني‪ :‬كيفية ومراحل تعديل الدساتير‬


‫أتناوؿ في ىذا المطمب كيفية تعديؿ الدستور في فرع أوؿ‪ ،‬ومراحؿ تعديؿ الدستور في فرع ثاف‪،‬‬
‫وىي ذات اإلجراءات التي تـ األخذ بيا في الدساتير التركية وذلؾ كما يمي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬كيفية تعديل الدستور‬

‫اء بإلغاء البعض منيا‪ ،‬أو بإضافة‬


‫يقصد بتعديؿ الدستور إحداث أي تغيير جزئي ألحكامو سو ً‬
‫أحكاـ جديدة‪ ،‬أو بتغيير مضموف جزء منيا وذلؾ وفقاً لما أورده الدكتور نعماف الخطيب‪ ،‬وعميو‬
‫فإف التعديؿ يقتضي اإلبقاء عمػى نفس الدستور‪ ،‬وبناءاً عمى ذلؾ يتبيف أف التعديؿ يختمؼ عف‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬نعمان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪486‬‬

‫‪4‬‬
‫الوضع الذي يعنػي إنشاء دستور جديد‪ ،‬كػما يختمؼ عف اإللغاء أو اإلنياء الكمي الذي يعػدـ‬
‫الدستور بصفة عامة‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مراحل تعديل الدستور‬


‫مف خبلؿ دراسة أساليب نشأة الدساتير‪ ،‬واإلختبلفات في إجراءات التعديؿ مف بمد آلخر‪ ،‬نجد أف‬
‫طرؽ التعديؿ متباينة تبعاً لذلؾ‪ ،‬ونتناوؿ ىنا أىـ المراحؿ المتبعة في تعديؿ الدستور في تركيا‬
‫عمى وجو الخصوص‪:‬‬
‫أ‪‌ .‬مرحمة اإلقتراح‬
‫‪2‬‬
‫ب‪‌.‬مرحمة إقرار إجراء التعديؿ‬

‫ج‪‌ .‬مرحمة إعداد التعديؿ‬


‫د‪‌ .‬مرحمة إقرار التعديبلت ( المرحمة النيائية)‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬محمد ياسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 91‬وما يمييا‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد‪ ،‬أنظر د‪.‬أحمد النقشبندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪136 -135‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول‬
‫النظام الدستوري التركي واىتمامو بالديمقراطية‬
‫حيث إنني بصدد الحديث عف النظاـ الدستوري في تركيا ومدى إىتمامو بالديمقراطية؛ سأتناوؿ‬
‫محددات وضع الدستور التركي‪ ،‬وكذلؾ ظروؼ نشأة الدساتير التركية‪ ،‬والتعديبلت التي طرأت‬
‫عمييا‪ ،‬وحيثيات اإلستفتاء عمى الدستور‪ ،‬ومبلمح الدستور التركي الجديد‪ ،‬وجاء ذلؾ في عدة‬
‫مباحث كما يأتي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬معوقات وضع الدساتير الديمقراطية في تركيا‬


‫لـ يتحوؿ النظاـ التركي مف الحكـ العسكري إلى الحكـ المدني بسيولة‪ ،‬حيث كاف التغيير مف‬

‫خبلؿ اإلنتخابات غير النزيية التي أجريت عاـ ‪ ،1945‬إال أنيا أصبحت نزيية عاـ ‪ 1950‬بعد‬
‫الضغوط الخارجية التي كانت تمارس‪ ،‬تبل ذلؾ ىيمنة المؤسسة العسكرية عمى السمطة في تركيا‬
‫بعد نشوب عدد مف اإلنقبلبات العسكرية إبتداءاً مف عاـ ‪1960‬؛ والتي أسفرت عف قمع‬
‫اإلشتراكييف واإلسبلمييف عمى حد سواء‪ ،1‬حيث قاـ العسكر بالعديد مف اإلجراءات القمعية‬
‫األخرى مثؿ حؿ األحزاب‪ ،‬والتضييؽ عمى منظمات المجتمع المدني‪.2‬‬
‫منذ تأسيس الجميورية التركية األولى عاـ ‪1923‬؛ بات المشيد السياسي التركي مثقبلً بسطوة‬
‫المؤسسة العسكرية وجنراالت الجيش‪ ،‬وما تـ إنشاؤه مف مؤسسات تابعة ليـ كمؤسسة القضاء‬
‫ومجمس األمف القومي‪ ،‬كانت جميع ىذه المؤسسات تشكؿ عائقاً أماـ إيجاد دستور مدني‪ ،‬يمبي‬
‫التطمعات الديمقراطية لؤلتراؾ جميعاً عمى حد سواء ‪.‬‬
‫حرصاً عمى تناوؿ الموضوع بشكؿ أكثر وضوحاً وتفصيبلً؛ فقد ارتأيت تقسيـ ىذا المبحث إلى‬
‫مطمبيف إثنيف‪ ،‬وذلؾ عمى نحو أتناوؿ فيو جيش تركيا حامي المبادئ العممانية لمدولة والدستور‬
‫في مطمب أوؿ؛ ودور القضاء والمحكمة الدستورية التركية في مطمب ثاف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عقيل محفوظ‪ ،‬جدليات المجتمع والدولة في تركيا‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2008 ،‬ص ‪54-45‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪.‬إدريس بووانو‪ ،‬الخطوات المنيجية التي أسيمت في نجاح حزب العدالة والتنمية‪ 8 ،‬ديسمبر‪،3122 ،‬‬
‫أنظر ‪www.agora-presse.com/2011/12/08/3240‬‬

‫‪6‬‬
‫المطمب األول‪ :‬العممانية والجيش التركي‬
‫إف ما يميز حزب العدالة والتنمية عف غيره مف األحزاب التركية األخرى؛ ىو سعيو إلمساؾ‬
‫العصا مف المنتصؼ؛ لقناعتو أف الجيش التركي جاىز لمتدخؿ في أي لحظة بإنقبلب عسكري‬
‫إف لزـ األمر‪ ،‬كاف ىذا سابقاً في بداية عصر العدالة والتنمية وقبؿ وصولو لمحكـ‪ ،‬واستخدـ‬
‫الحزب أدوات سياسية ذكية ليزيمة الجيش تدريجياً‪ ،‬أبرزىا العضوية في اإلتحاد األوروبي‪ ،‬فبل‬
‫يوجد تركي إال ويحمـ باإلنضماـ لئلتحاد األوروبي‪ ،‬بما فييـ قادة الجيش‪.‬‬
‫حيث تفرض أوروبا شروطا عمى تركيا لقبوؿ عضويتيا‪ ،‬وخاصة تطبيؽ القواعد الديمقراطية‬
‫والحريات‪ ،‬فقد كاف تركيز حزب العدالة عمى فكرة الحريات والديمقراطية لتقميص دور الجيش‬
‫تدريجياً‪ ،‬كاستخداـ قيـ العممانية ذاتيا لتخفيؼ قبضة الجيش عف المؤسسات الدينية نسبياً‪.1‬‬

‫لكف الممفت في األزمة الخاصة بترشيح أردوغاف رئيسا لموزراء‪ ،‬فقد سعى الجيش الستخداـ‬
‫أساليب متعددة لمحاربة حزب العدالة لثنيو عف المضي في سعيو لترشيح أردوغاف ليذا المنصب‪،‬‬
‫فبدأ تصعيد أزمة الحدود واألكراد مع العراؽ‪ ،‬وقاـ بحشد القوات التركية والتيديد بالتدخؿ في‬
‫شماؿ العراؽ‪ ،‬بيدؼ إعادة الجيش لمساحة السياسية عف طريؽ إستحضار المارد الكردي وبث‬
‫المخاوؼ مف أعمالو اإلرىابية؛ لجمب تعاطؼ الشعب التركي مع الجيش‪ ،‬ومف ناحية أخرى‬
‫صدرت تصريحات قادة الجيش التي تنتقد حزب العدالة وتممح لرفض تولي أردوغاف الرئاسة‪.‬‬
‫فبل شؾ أف قادة الجيش يسعوف بكافة السبؿ لئلنتقاـ مف قادة حزب العدالة‪ ،2‬ويترصدوف لو ألنو‬
‫أحدث ثورة بكؿ معنى الكممة‪ ،‬لـ يكف يتوقعيا أحد في مواجية الجيش‪ ،‬وسعى لتحجيمو بقوانيف‬
‫يطالب بيا اإلتحاد األوروبي ويصعب رفضيا‪ ،‬مما أتاح لمحكومة التحرؾ في تغيير وتطوير تركيا‬
‫بحرية‪ ،‬ودوف خشية مف مطرقة الجيش واعتراضاتو التي كانت سبباً في عرقمة أي تقدـ ‪.‬‬

‫حيث أف األزمة بيف حزب العدالة وبيف الجيش ليست أزمة خاصة برفض تولي أردوغاف تحديداً‬
‫لمرئاسة التركية فحسب؛ وانما ىي جزء مف الصراع بيف الجيش وأي تيار أو حزب يضـ إسبلمييف‬

‫سابقيف كما ىو الحاؿ في حزب العدالة‪ ،‬خشية المساس بالقيـ العممانية األتاتوركية‪ ،‬وتحويؿ دفة‬

‫‪1‬‬
‫عقيل محفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪56‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬الشيخ الرئيس رجب طيب أردوغان‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2011 ،‬ص‪69‬‬

‫‪7‬‬
‫تركيا نحو اإلسبلـ تدريجياً وتحطيـ األصناـ األتاتوركية‪ ،‬والعودة بتركيا إلى سابؽ عيدىا‬
‫اإلسبلمي‪ ،‬وحرصاً مف ىذه المؤسسة العسكرية عمى الحيمولة دوف تعديؿ ىذا الدستور الذي‬
‫وضعو العسكر بعد إنقبلب عاـ ‪1980‬؛ والذي حصؿ العسكر بموجبو عمى إمتيازات لـ يكونوا‬
‫ليحصموا عمييا بحاؿ‪.1‬‬
‫يزيد قيادات الجيش كمدا وغضبا‪ ،‬أف قادة حزب العدالة والتنمية أكثر ذكاء مف القوى المعارضة‬
‫دؾ الجيش التركي العمماني عظاميا‪ ،‬فيـ يظيروف الوالء لمقيـ العممانية األتاتوركية‬
‫التي سبؽ أف َ‬
‫عمناً‪ ،‬ولكنيـ يسعوف لتغميفيا بقيـ الحرية والعدالة والمساواة‪ ،‬بما يسمح لمقوى واألنشطة والمظاىر‬
‫اإلسبلمية أف تتحرر مف قبضة التمييز العسكري ضدىا‪ ،‬ويتحركوف بيدوء ويقدموف إنجازات‬
‫إقتصادية لؤلتراؾ في بمد إشتير بالفساد السياسي واإلقتصادي‪ ،‬مما أثار إعجاب الشعب التركي‬

‫الذي أعطاىـ في اإلنتخابات البمدية عاـ ‪ 2004‬أصواتاً أعمى مف تمؾ التي جاؤوا بيا لمحكـ في‬
‫اإلنتخابات التشريعية ‪ ،2002‬ومما فتح الطريؽ أماميـ لموصوؿ ألعمى سمطة وىي الرئاسة‪.2‬‬
‫إجماالً فإف المعركة الدستورية بيف حزب العدالة والتنمية واألتاتوركية‪ ،‬قد بدأت مراحميا األخيرة‬
‫لوضع عجمة اإلصبلحات عمى الطريؽ الديمقراطي المدني؛ بيدؼ وقؼ أية محاولة لئلنقبلب‬
‫عمى الديمقراطية‪ ،‬والمجتمع الذي إصطمى بنار العسكر الذيف قوضوا الحياة الدستورية م ار اًر‬
‫وتك ار اًر‪ ،‬وجيروىا لتحقيؽ مصالح ضيقة حرمت الشعب مف حقوقو منذ إنقبلب ‪ ،1980‬وتبقى‬
‫المعركة مفتوحة في الداخؿ طالما بقيت طموحات العدالة والتنمية متصاعدة‪ ،‬ومتطمعة نحو أف‬
‫يكوف القرف الحادي والعشريف ىو قرف تركيا‪.3‬‬
‫بعد إعبلف الجميورية التركية في الربع األوؿ مف القرف الماضي عمى أنقاض الدولة العثمانية‪،‬‬
‫قاـ النظاـ الحاكـ عمى قيادة عسكرية شمولية تبنت فصؿ الديف عف الدولة‪ ،‬وأرادت أف تنشئ دولة‬
‫عممانية حديثة عمى غرار الدوؿ القائمة في أوروبا‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد ثمجي‪ ،‬أزمة اليوية في تركيا‪ ،‬ص‪96-90‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪45‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬تركيا الجميورية الحائرة‪ ،1998 ،‬ص ‪220-218‬‬
‫‪4‬‬
‫فيروز أحمد‪ ،‬صنع في تركيا‪ ،2000 ،‬ص‪124‬‬

‫‪8‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أثر الجيش في الحياة السياسية‪ ،‬قبؿ مجئ أتاتورؾ وتأسيسو الجميورية التركية‬
‫عمى أنقاض الخبلفة؛ فمف المعموـ أف األتراؾ عاشوا في بقاع مختمفة مف العالـ إال أف تركيزىـ‬
‫كاف في منطقة آسيا الوسطى التي ىاجروا منيا إلى األناضوؿ‪ ،‬والتي تمثؿ القسـ األكبر مف‬
‫تركيا الحالية في الجزء األوروبي والتي أصبحت في ما بعد موطناً فعمياً لؤلتراؾ‪ ،1‬وأصبح األمر‬
‫أكثر عمقاً بقياـ الجميورية التركية في عاـ ‪ ،1923‬فاإلرث التاريخي ساعد قادة الجميورية‬
‫الحديثة عمى إرساء قواعدىا طوعا وكرىا‪ ،‬ومف ثـ ترجمة مبادئ الثورة في دستور الببلد‬
‫ومؤسساتيا السيادية‪ ،‬وأصبح الجيش ىو الحامي لتمؾ المبادئ الجديدة وحارساً ليا‪.2‬‬
‫مما سبؽ يتبيف أف الجيش التركي كاف عنص اًر فاعبلً في بناء جميورية تركيا الحديثة في شتى‬
‫مناحييا‪ ،‬وعمؿ القائموف عميو عمى تطويره‪ ،‬فأصبح مف أقوى جيوش المشاة في العالـ‪ ،‬ولو قوة‬

‫بحرية وجوية ال يستياف بيا أيضاً‪ ،‬كذلؾ كاف لرجاؿ الجيش التركي اليد الطولى في تولي العديد‬
‫مف المناصب الميمة في الدولة وفي حزبيا األوحد‪ ،‬حزب الشعب الجميوري منذ ظيور مصطفى‬
‫كماؿ أتاتورؾ‪.‬‬
‫عرفت الفترة األولى لجميورية تركيا بفترة الحزب الواحد؛ لمف يؤرخوف لمديمقراطية في تركيا‪،‬‬
‫والذي ظؿ يحمؿ إسمو حتى اليوـ حزب الشعب الجميوري‪ ،‬وىو الحزب الذي أسسو ىادـ الخبلفة‬
‫اإلسبلمية أتاتورؾ‪ ،‬والمتحكـ في الحياة النيابية في تركيا منفرداً حتى قياـ الحرب العالمية الثانية‪،‬‬
‫ولما كانت الفترة األولى لمجميورية تحتاج إلى تثبيت أركاف النظاـ‪ ،‬نجد أف الجيش التركي قد‬
‫دور بار اًز في القضاء عمى الثورات الداخمية والتحركات اإلنفصالية داخؿ الدولة‪ ،‬حتى إف‬
‫لعب اً‬
‫إقامة النظاـ خارج المدف الكبيرة لـ يترؾ لمشرطة‪ ،‬وقامت بو قوات الشرطة العسكرية (الجاندرمة)‪،‬‬
‫والتي ليا مراكز داخؿ وخارج المدف إلحتواء ما ال تستطيعو الشرطة العادية‪ ،‬وليا وحدات لمنجدة‪،‬‬
‫يمكف أف تستدعى حتى بواسطة المواطف إف رأى خط اًر كبي اًر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لممزيد حول الجيش التركي أنظر‪ ،‬عقيل محفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 23‬وما يمييا‬
‫‪2‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪83‬‬

‫‪9‬‬
‫إمتدت سمطات الجيش التركي بجانب دوره في الدفاع عف العدو الخارجي وتثبيت أركاف‬
‫الجميورية‪ ،‬إلى ممارسة السياسة بتولي قادة الجيش لممناصب القيادية في الدولة‪ ،‬ساعدىـ عمى‬
‫ذلؾ اإلرث التاريخي في المجتمع التركي‪.1‬‬
‫بعد وفاة أتاتورؾ تولى عصمت إينونو‪ 2‬نائبو وزميمو رئاسة الجميورية‪ ،‬الذي كاف يمُقب بالقائد‬
‫القومي‪ ،‬وتواصؿ األمر كما في عيد أتاتورؾ‪ ،‬كاف لعصمت دور بارز في تطبيؽ بعض‬
‫السياسات العممانية بشكؿ حرفي‪ ،‬ظمت الحياة السياسية حك ار عمى ىذا الحزب الوحيد‪ ،‬واستمرت‬
‫ال محاوالت لقياـ أحزاب أخرى منذ عيد أتاتورؾ مثؿ حزب محبي الترقي الجميوري (‪-1924‬‬
‫‪ )1925‬الذي ضـ كبار العسكرييف الذيف إستقالوا مف حزب الشعب الجميوري‪ ،‬أمثاؿ كاظـ كره‬
‫بكر‪ ،‬وعمي فؤاد‪ ،‬كذلؾ سمح أتاتورؾ ألحد معاونيو بإنشاء حزب آخر‪ ،‬إال أنو وسرعاف ماعدؿ‬

‫عف رأيو وقاـ بإغبلقو‪ ،‬كاف ذلؾ الحزب ىو حزب الجميورية الحرة‪ ،‬كذلؾ شيد عيد أتاتورؾ أوؿ‬
‫حركة مسمحة ضد الجميورية بقيادة الشيخ سعيد النورسي الذي قاد حركة مسمحة في منطقة‬
‫األناضوؿ‪.3‬‬
‫يظير جمياً أف فترة أتاتورؾ الممتدة منذ عاـ ‪ 1938-1923‬شيدت إلغاء نظاـ الخبلفة‬
‫اإلسبلمية‪ ،‬وتوطيدا لمنظاـ العمماني الجميوري‪ ،‬ولـ تشيد تمؾ الفترة أي تدخبلت إنقبلبية مف‬
‫الجيش لتغيير نظاـ الحكـ‪ ،‬بؿ كاف الجيش ىو حامي ذلؾ النظاـ‪ ،‬ووسيمتو لبسط اإلستقرار عمى‬
‫مدار خمسة عشر عاماً‪.4‬‬
‫أما عيد عصمت إينونو الذي تبل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬فقد فتح الباب أماـ التعددية الحزبية‪،‬‬
‫فكاف قياـ الحزب الديمقراطي عمى إثر ذلؾ عاـ ‪ ،1946‬وسرعاف ما نافس الحزب الديمقراطي‬
‫(حديث النشأة) حزب الشعب الجميوري‪ ،‬وتمكف بعد ذلؾ مف رئاسة الحكومة في الدورة الثانية‬
‫لئلنتخابات ليحكـ منفرداً لمفترة الممتدة منذ (‪ ،)1960 -1950‬وىي المرة األولى في تاريخ‬

‫‪1‬‬
‫مدونات مترجمة‪ ،‬ألتر توران‪ ،‬رجال أتاتورك‪ :‬العسكر وادارة السياسات الداخمية والخارجية في تركيا‪ ،‬ص‪20-6‬‬
‫‪2‬‬
‫شغل عصمت اينونو رئاسة جميورية تركيا خمفا ألتاتورك لمدة ‪ 12‬عاما متتالية‪ ،‬كما وشارك في عدة حكومات‬
‫ائتالفية‬
‫‪3‬‬
‫لممزيد حول ذلك‪ ،‬د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬الحركات اإلسالمية الحديثة في تركيا‪ ،‬بيروت‪ ،2005 ،‬ص‪117-49‬‬
‫‪4‬‬
‫مدونات مترجمة‪ ،‬ألتر توران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪20-6‬‬

‫‪10‬‬
‫الجميورية التركية الحديثة التي حكمت فييا الدولة بحزب غير الحزب الجميوري الذي أسسو‬
‫أتاتورؾ‪ ،‬حيث تحوؿ حزب الشعب الجميوري إلى المعارضة‪.1‬‬
‫بالحديث عف الحزب الديمقراطي فقد عمد الحزب إلى منح المزيد مف الحريات العامة‪ ،‬وخاصة‬
‫في مجاؿ المعتقدات الدينية‪ ،‬كما فتح الباب أماـ التعميـ الديني في المدارس النظامية؛ األمر‬
‫الذي أثار حفيظة الحزب الجميوري المعارض الذي يسيطر عمى الجيش‪ ،‬مما ساىـ في تييئة‬
‫المناخ أماـ إنقبلب عسكري‪ ،‬حيث بدأ بإضطرابات في المدف الكبرى‪ ،‬وعمد إلى إنشاء مجموعات‬
‫متعددة تشجع عمى إشاعة الفوضى واإلنقسامات في صفوؼ األتراؾ‪.2‬‬
‫تبل ذلؾ حدوث اإلنقبلب األوؿ (‪ )1965-1960‬حيث إنفجر الخبلؼ بيف المعارضة والحزب‬

‫الحاكـ‪ ،‬تمثؿ ذلؾ في المظاىرات التي شيدتيا إسطنبوؿ وأنقرة‪ ،‬مما أدى إلى تدخؿ الجيش الذي‬

‫أعمف قائده آنذاؾ البارسبلف تركش سيطرة الجيش عمى مقاليد إدارة الببلد‪ ،‬وتـ تشكيؿ محاكمات‬

‫عسكرية قضت بإعداـ رئيس الوزراء عدناف مندريس‪ ،‬والحكـ المؤبد عمى رئيس الجميورية جماؿ‬

‫بيار‪.3‬‬

‫بدأت الحكومة العسكرية إجراءات تغيير الدستور ليتوافؽ مع المبادئ واألفكار التي جاء بيا‬
‫أتاتورؾ‪ ،‬حيث تمثؿ أىـ أىداؼ حكومة اإلتحاد القومي عمى إحياء المبادئ التي جاء بيا‬
‫أتاتورؾ‪ ،‬واقصاء مف يخالؼ توجياتيـ‪ ،‬حيث أجرى اإلنقبلبيوف بعد إعداـ رئيس الوزراء عدناف‬
‫مندريس إنتخابات شكمية في ‪ 15‬أكتوبر ‪ 1961‬ناؿ فييا حزب الشعب برئاسة عصمت‬

‫إينونو‪ 173‬مقعداً وىو ما نسبتو ‪ ،%36.7‬وناؿ حزب العدالة بقيادة سميماف ديميريؿ ‪ 158‬مقعداً‬
‫‪ ،%34.7‬وناؿ حزب تركيا الجديدة ‪ 65‬مقعداً‪ ،‬وناؿ حزب الفبلحيف الجميوري ‪ 54‬مقعداً‪ ،‬ومنح‬
‫الدستور الذي وضع عاـ ‪ 1961‬دو اًر كبي اًر لمجيش والمؤسسة العسكرية في تركيا؛ مف خبلؿ‬
‫تشكيؿ مجمس األمف القومي‪ ،‬وىي المؤسسة التي تممؾ مطمؽ الصبلحيات عمى كافة مؤسسات‬
‫الدولة التركية‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫لممزيد أنظر‪ ،‬محمد دروزة‪ ،‬تركيا الحديثة‪ ،‬بيروت‪1946 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪165-161‬‬
‫‪3‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬دور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية التركية‪ ،‬ص‪166-155‬‬
‫‪4‬‬
‫فيروز أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪292‬‬

‫‪11‬‬
‫أصبح الجنراؿ جماؿ غورسيؿ رئيساً لمجميورية بعد إجراء إنتخابات صورية عاـ ‪ ،1961‬وشغؿ‬
‫إينونو منصب رئيس الو ازرة االئتبلفية بعد اإلتفاؽ مع سميماف ديميريؿ رئيس حزب العدالة‪ ،‬إال أف‬
‫الو ازرة قد فشمت في أدائيا مما دعاىا إلى اإلستقالة عاـ ‪ ،1962‬وشكؿ إينونو حكومة إئتبلفية‬
‫مع حزب الفبلحيف الجميوري‪ ،‬وساءت األحواؿ في تركيا حيف قاـ الكولونيؿ طمعت آيدمير‬
‫بمحاولة إنقبلبية فاشمة سنة ‪ 1963‬أدت إلى إعدامو‪ ،‬وأجريت اإلنتخابات النيابية سنة ‪1965‬‬

‫أسفرت عف فوز حزب العدالة بقيادة ديميريؿ بغالبية ‪ %53‬مف مقاعد البرلماف‪ ،‬وشكؿ ديميريؿ‬

‫الحكومة منفرداً‪.1‬‬

‫لـ يبؽ أماـ حزب الشعب الجميوري سوى التآمر مع العسكر لقمب نظاـ الحكـ بعد فشمو في‬
‫اإلنتخابات‪ ،‬فكاف اإلنقبلب العسكري في ‪ 12‬أيموؿ ‪ 1980‬بقيادة الجنراؿ كنعاف إيفريف‪ ،‬حيث‬

‫أعمنت األحكاـ العرفية وتـ تعميؽ العمؿ بالدستور‪ ،‬بذلؾ أصدر اإلنقبلبيوف دستو اًر جديداً؛ يقضي‬
‫بحظر كافة األحزاب اإلشتراكية والدينية‪ ،‬وتولى الرئاسة إحساف جاغبلياف رئيس مجمس الشيوخ‪،‬‬
‫وتحت الضغط الكبير مف قبؿ العسكر تارة ومف حزب الشعب الجميوري وأنصاره تارة أخرى‪ ،‬فقد‬
‫عجز المجمس الوطني عف إنتخاب رئيس جميورية جديد‪ ،‬إال أف أصبح قائد اإلنقبلب كنعاف‬
‫إيفريف رئيساً لمجميورية‪.2‬‬
‫أصبح فشؿ حزب الشعب الجميوري حتمياً‪ ،‬وبات إخفاقيـ اإلنتخابي قريباً‪ ،‬ليذا إتخذت المؤسسة‬
‫العسكرية ق ار اًر بتعميؽ نشاط األحزاب ومف ثـ حميا‪ ،‬وأصدر العسكر قانوف األحزاب السياسية في‬
‫‪ 24‬إبريؿ ‪ ،1983‬ثـ صدر قانوف اإلنتخابات في ‪ 13‬حزيراف ‪ ،1983‬وكاف العسكر قد أصدروا‬

‫دستو اًر جديداً في ‪ 12‬أيموؿ ‪ 1982‬منح رئيس الجميورية صبلحيات كبيرة‪ ،‬لـ يتمتع بيا أي رئيس‬

‫تركي سابقا‪ ،‬تضمف دستور ‪ 1982‬نصاً واضحاً في المادة ‪ 13‬عمى حظر األحزاب الدينية والفاشية‬

‫واإلشتراكية‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫كمال حبيب‪ ،‬اإلسالميون األتراك من اليامش الى المركز‪ ،‬ص‪113‬‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد‪ ،‬عقيل محفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 129‬وما يمييا‬
‫‪3‬‬
‫لممزيد أنظر‪ ،‬مدونة عمى شبكة النت‪ ،‬طارق عبد النور‪ ،‬االنقالبات العسكرية في التجربة التركية‪ ،‬الثالثاء ‪7‬‬
‫أغسطس ‪2012‬‬

‫‪12‬‬
‫تـ حظر األحزاب المناوئة لمعممانية ولحزب الشعب الجميوري؛ حيث نصت المادة ‪ 96‬مف قانوف‬
‫األحزاب السياسية عمى حظر إستخداـ مصطمحات (الشيوعية والفوضوية واإلشتراكية والفاشية‬
‫والقومية والديف والعرؽ والمغة والطائفة والمذىب)‪ ،‬أو أي كممات تعطي معاف مشابية‪ ،‬وىكذا تـ‬
‫إعطاء الغطاء لحؿ األحزاب المعارضة‪.1‬‬
‫أما فترة حكـ حزب الوطف األـ بزعامة تورغوت أوزاؿ ‪ 1983‬الذي صبغ ىذه المرحمة بموف‬
‫خاص‪ ،‬حيف حوؿ تركيا إلى النيج الميبرالي في مختمؼ القطاعات‪ ،‬السياسية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية وسياسات التعميـ وغيرىا‪ ،‬حيث يصنؼ أوزاؿ عمى أنو إسبلمي ليبرالي نشأ في عائمة‬

‫كردية ذات تربية صوفية نقشبندية‪ ،‬مما ساعده في إستقطاب العديد مف ىذه الجماعات‪ ،‬حيث أسس‬

‫حزب الوطف األـ في ‪ 1983‬ومف خبللو حصؿ عمى األغمبية المطمقة في إنتخابات العاـ نفسو‪.2‬‬

‫ونجح أوزاؿ في تحقيؽ توازف بيف حكومتو والقيادات العسكرية في الدولة‪ ،‬نتيجة لخبرتو الطويمة‬
‫في الوظائؼ العديدة في الدولة والبنؾ الدولي عمى حد سواء‪ ،‬وساىمت ىذه الفترة في توطيد‬
‫أسس الديمقراطية بعيداً عف المفاجآت اإلنقبلبية‪ ،‬فنشط في عيده التعميـ الديني‪ ،‬وانتظمت معاىد‬
‫األئمة والخطباء والكميات الشرعية‪ ،‬وسمح بإلتحاؽ طبلب المعاىد الدينية (ألوؿ مرة) بكميات‬
‫الشرطة واألكاديميات العسكرية‪ ،‬كذلؾ فتح عيد أوزاؿ الباب أماـ المصارؼ اإلسبلمية‪ ،‬وظيرت‬
‫مجموعات إقتصادية إستثمرت في المجاالت المختمفة كالتجارة والصناعة والصحة واإلعبلـ‬
‫وقطاع التعميـ‪ ،‬جاءت اإلنتخابات في ‪ 24‬كانوف أوؿ ‪ 1995‬عمى أساس دستور ‪ 1982‬والتي‬
‫أسفرت عف فوز حزب الرفاه وحميفو الطريؽ القويـ؛ وأصبح نجـ الديف أربكاف رئيساً لموزراء‪.3‬‬
‫إال أف ذلؾ لـ يرض قادة الجيش الذيف تذرعوا بأف أربكاف يسعى لتطبيؽ الشريعة‪ ،‬واعادة النظاـ‬
‫الرجعي فسارعوا إلى إستخداـ دستور عاـ ‪1982‬؛ حيث حظر الحزب وأُدخؿ أربكاف وكبار‬
‫معاونيو السجف؛ جاء ذلؾ بعد تشكيؿ قانوف األحزاب السياسية عاـ ‪ 1983‬الذي بات يعطي‬
‫المبررات القانونية لحظر األحزاب المعارضة‪ ،‬حيث تـ حظر حزب الرفاه وطرد بعض نوابو مف‬

‫‪1‬‬
‫خميل الطيار‪ ،‬الصراع بين العممانية واالسالم في تركيا‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2004 ،‬ص‪44‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪183-180‬‬
‫‪3‬‬
‫جالل معوض‪ ،‬األزمة السياسية التركية واحتمال تطورىا‪ ،‬العدد‪ ،1998 ،131‬ص‪115‬‬

‫‪13‬‬
‫البرلماف‪1‬؛ و ُعيد بأمر الحكـ إلى حزب اليسار الديمقراطي بزعامة بولنت أجاويد الذي شكؿ‬
‫حكومة إئتبلفية ضمت األحزاب الضعيفة‪ ،‬جدير بالذكر إلى أف ىذه الحكومة قد تسمحت بالعمؿ‬
‫العدائي تجاه المسمميف مف خبلؿ التضييؽ عمييـ بدعـ مف العسكر‪ ،‬كما وجدت الدعـ العالمي‬
‫نتيجة األحداث الجارية في الشرؽ األوسط‪ ،‬فقد أىدى ليا تسميـ قائد حزب العماؿ الكردستاني‬
‫المعارض كسباً كبي اًر لتدخؿ إلى إنتخابات عاـ ‪ 1999‬ليفوز حزب اليسار الديمقراطي بأعمى‬
‫األصوات‪ ،‬يميو حزب الحركة القومية ثـ حزب الوطف األـ‪ ،‬ليشكبل حكومة إئتبلفية بزعامة بولنت‬
‫أجاويد‪.2‬‬
‫نتيجة لؤلوضاع اإلقتصادية المتردية في ظؿ ىذه الحكومة وما صاحبيا مف كوارث طبيعية‬
‫عديدة تعرضت ليا تركيا؛ فقد تطمع المواطف التركي إلى حؿ يخرجو مف كافة الويبلت التي مر‬

‫بيا‪ ،‬فجاءت إنتخابات ‪ 2002‬مسدلةً الستار عف فوز حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب‬
‫أردوغاف‪ ،‬وعبد اهلل غوؿ وعدد مف اإلسبلمييف الذيف إنفصموا عف حزب السعادة الذي يعتبر‬
‫إمتداداً لحزب الرفاه وحزب الفضيمة الذي تشكؿ مف بعده‪.3‬‬
‫سعى أردوغاف إلى تدعيـ الديمقراطية وحقوؽ اإلنساف مف خبلؿ السعي المتواصؿ لتطبيؽ‬
‫اإلصبلحات التي يتطمع إلييا المواطف التركي واإلتحاد األوروبي عمى حد سواء؛ وتعالت أصوات‬
‫العسكر حينما أراد حزب العدالة أف يتـ إختيار رئيس الجميورية مف داخؿ البرلماف‪ ،‬فكانت‬

‫اإلنتخابات البرلمانية الجديدة التي فاز بيا الحزب فو اًز ساحقاً‪ ،‬فتـ إختيار عبد اهلل غوؿ رئيساً‬
‫لمجميورية ألوؿ مرة في تاريخ الجميورية التركية الحديثة‪.4‬‬
‫بدأ العسكر بعد ذلؾ بتحريؾ الفتف التي تفتح آفاؽ التدخؿ العسكري كما جرت العادة في‬
‫اإلنقبلبات السابقة‪ ،‬إال أف حزب العدالة والتنمية تمكف مف كشؼ مخططاتيـ تمؾ‪ ،‬وألوؿ مرة في‬
‫تاريخ تركيا الحديث تجري إعتقاالت في صفوؼ العسكر وصفوؼ العممانية السياسية‪ ،‬وتـ تقديـ‬

‫‪1‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪113‬‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد حول حظر حزب الرفاه وقانون األحزاب السياسية‪ ،‬كمال حبيب‪ ،‬اإلسالميون األتراك من اليامش الى المركز‪،‬‬
‫ص‪ 327‬وما يمييا‬
‫‪3‬‬
‫محمد ثمجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪95-94‬‬
‫‪4‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪28‬‬

‫‪14‬‬
‫القائميف عمى محاوالت اإلنقبلب لمقضاء التركي بعد أف أثبتت النيابة التركية صمتيـ بما نسب‬
‫إلييـ‪ ،‬وبرز ذلؾ الغضب في خطاب زعيـ حزب الشعب الجميوري وبعض قادة الجيش‪ ،‬إال أف‬
‫األمر كاف قد إستند عمى جوانب قانونية حاسمة‪ ،‬األمر الذي إعتبر سابقة في تاريخ تركيا‬
‫الحديث‪ ،‬حيث تمكف حزب ديمقراطي إستغبلؿ القوانيف الموجودة في تحجيـ الجيش‪.1‬‬
‫كاف الجيش التركي صاحب التأثير األكبر عمى الحياة السياسية‪ 2‬عمى مدى التاريخ التركي الذي‬
‫شيد أدوا ار مختمفة لمحياة السياسية‪ ،‬حيث وعمى الرغـ مف إشارة الدستور والقوانيف لمتداوؿ السممي‬
‫لمسمطة‪ ،‬إال أف التاريخ السياسي التركي قد شيد العديد مف اإلنقبلبات العسكرية‪ ،‬يعزى ذلؾ إلى‬
‫عدـ المقدرة عمى ترسيخ القيـ الديمقراطية التي تجعؿ اإلحتكاـ إلى صوت األغمبية أم اًر طبيعياً‪،‬‬
‫كما ىو الحاؿ في الدوؿ الغربية‪ ،‬يضاؼ إلى ذلؾ عدـ رغبة الغرب أف يتـ جمب الموروث الديني‬

‫والثقافي لتركيا الحديثة‪.‬‬


‫تختمؼ اإلنقبلبات العسكرية في تركيا عف غيرىا مف اإلنقبلبات في العالـ الثالث‪ ،‬حيث أنيا تأتي‬
‫تحت غطاء صيانة الدستور‪ ،‬وحماية المبادئ العممانية لمجميورية مف خبلؿ القضاء عمى‬
‫الفوضى التي تيدد تمؾ المبادئ‪ ،‬إعتبر دستور عاـ ‪ 1982‬ىو الدستور األكثر أىمية في التاريخ‬
‫التركي الحديث؛ كونو نجـ عف إنقبلب عسكري في عاـ ‪1980‬؛ ولتضمنو نصوصاً دستورية‬
‫حكمت تركيا لعقود عدة‪ ،‬عانى الشعب التركي خبلليا مف ىيمنة العسكر في ظؿ الصبلحيات‬
‫الكبيرة التي يتمتع بيا‪.3‬‬
‫بارز في ىذا الدستور‪ ،‬برز تأثير المؤسسة العسكرية مف خبلؿ قرارات تعميؽ‬
‫كاف تأثير العسكر اً‬
‫نشاط األحزاب السياسية والتي لـ تمبث أف تـ حميا‪ ،‬حيث أصدر كاف العسكر وراء إصدار قانوف‬
‫األحزاب السياسية في ‪ 24‬إبريؿ ‪ ،1983‬وقانوف اإلنتخابات في ‪ 13‬تموز ‪ ،1983‬جاء ذلؾ بعد‬
‫أف أصدروا دستو اًر جديداً في ‪ 12‬أيموؿ ‪ ،1982‬منح رئيس الجميورية بموجبو صبلحيات كبيرة‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪84-81‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف ماردين‪ ،‬الدين والعممانية في تركيا‪ ،‬الجزء األول‪ ،1996 ،‬ص‪34‬‬
‫‪3‬‬
‫عقيل محفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪158‬‬

‫‪15‬‬
‫لـ يتمتع بيا أي رئيس جميورية تركي قبؿ ذلؾ‪ ،‬كما حظر دستور ‪ 1982‬األحزاب الدينية‬
‫والفاشية واالشتراكية‪ 1‬مف خبلؿ المادة ‪ 13‬منو‪.‬‬
‫أشار الباحث التركي أروؿ أوزكوراي‪ 2‬إلى تحوؿ ساحة إنتخابات رئيس الجميورية إلى ميداف‬
‫لمصراع عاـ ‪ ،2007‬جاء ذلؾ في مقابمة أجريت معو حوؿ المؤسسة العسكرية في تركيا‪ ،‬حيث‬
‫بات يتمتع رئيس الجميورية بموجب دستور‪ 1982‬بسمطات واسعة لحماية المبادئ العممانية‬
‫لمجميورية‪ ،‬كإختيار أعضاء المحكمة الدستورية‪ ،‬كما يممؾ صبلحية تعييف رئيس المجمس‬
‫األعمى لمتعميـ‪ ،‬وتعييف أعضاء ديواف الرقابة المالية وأعضاء محكمة التمييز التركية‪ ،‬مف خبلؿ‬
‫ذلؾ يتضح دور رئيس الجميورية الرامي إلى إستمرار المؤسسة العممانية‪ ،‬مف خبلؿ حماية‬
‫المؤسسة العسكرية لمجميورية‪ ،‬فكاف تدخؿ العسكر عندما يتعمؽ األمر بإختيار مف ال يرضوف‬

‫لشغؿ منصب رئاسة الجميورية حتمياً‪ ،‬مف خبلؿ الموقؼ الواضح لمجمس األمف القومي بيذا‬
‫الصدد‪ ،‬إال أف وجود ىذه المؤسسة يعد مخالفا لمدستور؛ حيث ال مكاف لممجالس كمجمس األمف‬
‫القومي في األنظمة الديمقراطية‪ ،‬ألف ذلؾ يعني متابعة المؤسسات وفرض الرقابة عمييا‬
‫ومساءلتيا بطريقة غير مشروعة‪.3‬‬
‫إال أف بنية الجيش قد تغيرت منذ إنقبلب ‪ ،1980‬حيث تغيرت العبلقة المرتبطة بيف العسكر‬
‫والسياسة إلى درجة كبيرة‪ ،‬كانت المطالبة سابقاً تتجو نحو إبعاد الجيش عف السياسة‪ ،‬ولكف ظير‬
‫خبلؿ العقديف الماضييف أف مجمس األمف القومي يمارس السياسة بشكؿ مباشر‪ ،‬فيذه المؤسسة‬
‫تمارس السياسة وتطبقيا في نفس الوقت‪ ،‬مف خبلؿ إصدار الق اررات الممزمة التي يعمف بيا‬
‫مجمس الوزراء لتطبيقيا‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫من ضمن ىذه الصالحيات منح الحصانة الكاممة لقائد اإلنقالب رئيس الجميورية كنعان إيفرين‪ ،‬والتي تحول دون‬
‫مساءلتيم عما اقترفوه من جرائم إبان حكميم العسكري‬
‫‪2‬‬
‫أتيال أزرق‪ ،‬الجيش التركي واإلتحاد األوروبي‪ ،2007\2\12 ،‬أنظر ‪www.ar.qantara.de:‬‬
‫‪3‬‬
‫تحدد المادة رقم ‪ 13‬ميام مجمس األمن القومي ومن خالل التعديالت التي طالت المجمس فقد سحبت صالحيات‬
‫المجمس في دوره الرقابي عمى الو ازرات والمؤسسات والييئات الحكومية المختمفة‪ ،‬وكذلك ألغيت المواد ‪ 9‬و ‪ 14‬و ‪19‬‬
‫التي تتعمق بحق الحصول عمى الوثائق السرية من المؤسسات والييئات الحكومية عند طمبيا‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫فيروز أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪414-413‬‬

‫‪16‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى ما قاـ بو مجمس األمف القومي بعد تشكيؿ اإلسبلمييف لمحكومة‪ ،‬في‬
‫أعقاب الفوز الساحؽ في اإلنتخابات التركية العامة‪ ،‬حيث قاـ بنقؿ العديد مف ميامو السرية إلى‬
‫قيادة أركاف الجيش؛ تأكيدا لوصاية العسكر عمى مجريات األمور ووصايتو عمى الحكومة‪ ،‬حيث‬
‫أف العسكر ىـ مف يممكوف السمطة الحقيقية في تركيا واف شكؿ الفائزوف في اإلنتخابات الحكومة‪،‬‬
‫فقد بقيت السيطرة الفعمية بيد الجيش‪ ،‬وىو ما يعتبر العقبة األكبر التي تحوؿ دوف لئلنضماـ‬
‫لئلتحاد األوروبي‪. 1‬‬
‫تغيرت بنية الجيش بعد وضع دستور عاـ ‪ 1982‬الذي أعقب إنقبلب عاـ ‪ ،1980‬حيث منح‬
‫ىذا الدستور الجيش التركي سمطة التدخؿ في النظاـ السياسي في كافة المجاالت السياسية‬
‫واإلقتصادية والتعميمية‪ ،2‬حيث تنص المادة ‪ 118‬مف دستور عاـ ‪ 1982‬عمى " زيادة األعضاء‬

‫العسكرييف في مجمس األمف القومي وتغيير صفة ق اررات المجمس مف توصيات إلى ق اررات يعمف‬
‫بيا مجمس الوزراء"‪.‬‬
‫عمد الجيش التركي إلى زيادة تأثيره مف خبلؿ بسط السيطرة اإلقتصادية‪ ،‬حيث تعتبر شركة‬
‫‪ OYAK‬التابعة لمجيش واحدة مف أىـ وأضخـ خمس شركات في تركيا‪ ،‬وىي غير خاضغة ألية‬
‫رقابة حكومية‪ ،‬حيث أنيا تدار بقوانينيا الخاصة التي تنظـ نشاطيا وعمميا‪ ،‬إضافة إلى وجود‬
‫ميزانية خاصة بيا‪ ،‬وحسب البيانات الرسمية فإف ما تممكو ىذه الشركة يقدر بما نسبتو ‪ %11‬مف‬
‫الميزانية العامة‪ ،‬بينما تشير المصادر الغربية إلى أف نسبة ىذه الحصة تبمغ ‪ %30‬وىي غير‬
‫خاضعة لمتابعة ديواف الرقابة المالية‪ ،‬وبذلؾ فالجيش قوة إجتماعية واقتصادية وسياسية كما جاء‬
‫في تقرير الباحث التركي‪.‬‬
‫بات الجيش التركي أقوى مف أف يواجو‪ ،‬سواءا في النقابات أو في منظمات المجتمع المدني‪ ،‬واذا‬
‫ما تمت مقارنة الحالة التركية بما ىو موجود في روسيا‪ ،‬سنرى أف الجيش يعتبر العمود الفقري‬
‫في روسيا‪ ،‬إال أنو ال يمحؽ ضر اًر بالنظاـ السياسي في المنظور العاـ‪ ،‬أما إذا إرتفعت األصوات‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪236-217‬‬
‫‪2‬‬
‫خميل الطيار‪ ،‬الصراع بين العممانية واإلسالم في تركيا‪ ،2004 ،‬ص‪46‬‬

‫‪17‬‬
‫المعارضة فإنو لف يتردد في إخمادىا كما حصؿ في نموذج آنا بوليتوفيسكيا‪ ،1‬وىو ذات األسموب‬
‫الذي إعتمده الجيش التركي في قمع معارضيو‪.‬‬
‫تـ حظر األحزاب المعارضة لمعممانية ولحزب الشعب الجميوري‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ 96‬مف‬
‫قانوف األحزاب السياسية ما يحظر إستخداـ مصطمحات الشيوعية والفوضوية واإلشتراكية والفاشية‬
‫والقومية والديف والعرؽ والمغة والطائفة والمذىب‪ ،‬والكممات التي تفيد ذات المعنى‪ ،‬وبذلؾ تحؿ‬
‫األحزاب المعارضة‪.‬‬
‫يمكف القوؿ إف أحد أىـ وأبرز التغيرات التي طرأت عمى بنية الدولة في تركيا منذ تأسيس‬
‫الجميورية؛ ىو تقميص سيطرة العسكر عمى الحياة السياسية التركية حيف تولى حزب العدالة‬
‫والتنمية الحكـ‪ ،‬وكانت ليا إنعكاسات ميمة عمى التطور الديمقراطي الذي يشيده ىذا البمد‪ ،‬حيث‬

‫إستصدرت حكومة رجب طيب أردوغاف في بدايات عاـ ‪ 2003‬حزما قانونية جديدة متوافقة مع‬
‫معايير كوبنياجف‪2‬؛ بيدؼ إعادة ىيكمة مؤسسات الدولة‪ ،‬في حيف مثمت سبعة حزـ قانونية‬
‫(صادؽ عمييا البرلماف) نقطة التحوؿ األبرز في العبلقة بيف العسكرييف والمدنييف داخؿ مجمس‬
‫األمف القومي وأمانتو العامة‪ ،‬وىما الذراعاف المذاف ظبل دوما يمعباف دو اًر ميماً في عسكرة الحياة‬
‫السياسية في تركيا‪ ،‬حيث أدرؾ حزب العدالة والتنمية أف اإلقتراب مف عضوية اإلتحاد األوروبي‬
‫يضعؼ التيارات العممانية ويضعؼ الجيش ويقمؿ مف دوره في الحياة السياسية‪.3‬‬
‫حيث طالبت المذكرة األوروبية المقدمة عاـ ‪ 2002‬وجوب إعادة تنظيـ مجمس األمف القومي‬
‫دستورياً وتحويمو إلى جياز إستشاري في خدمة الحكومة‪ ،‬ولذلؾ تناولت التعديبلت الخاصة‬
‫بمجمس األمف القومي وأمانتو العامة محوريف يفضي كبلىما إلى تقميص دور المؤسسة العسكرية‬

‫‪1‬‬
‫ىي صحفية روسية مولودة في أمريكا؛ قتمتيا جرأتيا في فضح فساد النظام الروسي‪ ،‬حيث وفي يوم الـ‪ 17‬من أكتوبر‬
‫تيم بالدخول إلى مصعد شقتيا في‬
‫عام ‪ 2006‬وأثناء عودتيا من مقر عمميا في صحيفة (نوفايا غازيتا)‪ ،‬وبينما كانت ُّ‬
‫إحدى بنايات العاصمة الروسية موسكو‪ ،‬فوجئت برصاصات تأتييا من قاتل ُيردييا قتيمة‪ ،‬لتكون بمثابة ىدية عيد ميالد‬
‫الرئيس فالديمير بوتين‪ ،‬الذي كان يحتفل في تمك المحظة بعيد ميالده الرابع والخمسين‬
‫‪2‬‬
‫ىي مجموعة من الشروط والمعايير التي وضعتيا دول اإلتحاد االوروبي لدخول أي دولة لإلتحاد ومنيا تركيا‪ ،‬تشمل‬
‫المعايير شروطا سياسية مثل إرساء أسس الديموقراطية النيابية وبناء دولة القانون واحترام حقوق اإل نسان وشروط‬
‫إقتصادية تتمثل بوجود نظام إقتصادي فعال‪ ،‬واصالح النظام المصرفي والمرافق العامة ومكافحة الفساد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ابراىيم غانم‪ ،‬جدليات االستيعاب واالستبعاد في العالقات التركية االوروبية‪ ،‬ص‪179-178‬‬

‫‪18‬‬
‫عمى الحياة السياسية التركية‪ ،‬وىما إلغاء ىيمنة المؤسسة العسكرية عمى بنية مجمس األمف‬
‫القومي‪ ،‬وتقميص سمطات المجمس التنفيذية‪ ،‬ولفيـ أىمية ىذه التعديبلت تجدر اإلشارة إلى أف‬
‫سيطرة العسكر عمى الدولة والمجتمع التركي تركزت في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬تعييف المؤسسة العسكرية جنراالت داخؿ عدد كبير مف مجالس إدارات مؤسسات الدولة‪،‬‬
‫مثؿ المجمس األعمى لمتعميـ‪ ،‬واتحاد اإلذاعة والتمفزيوف؛ ليكونوا مراقبيف ليا عمى ىذه‬
‫المؤسسات‪.1‬‬
‫‪ .2‬توسيع مجاؿ إعبلف حالة الطوارئ واألحكاـ العرفية؛ بما يحقؽ لممؤسسة العسكرية ىيمنة‬
‫كاممة عمى الحياة السياسية‪ ،‬وايجاد المبرر الدائـ ألي تدخؿ عسكري بدعوى تحقيؽ‬
‫األمف‪ ،‬والحيمولة دوف قياـ حركات العنؼ واإلرىاب‪ ،‬وذلؾ مف خبلؿ المواد ‪ 95‬و ‪96‬‬

‫مف قانوف األحزاب السياسية‪ ،‬واإلبقاء عمى الحكـ العسكري لسنوات؛ لمحيمولة دوف‬
‫الفوضى عمى حد تعبيرىـ‪.2‬‬
‫‪ .3‬تعديؿ سمطات مجمس األمف القومي‪ ،‬وىو مجمس كاف قد تشكؿ بموجب دستور‬
‫عاـ‪ ،1961‬ويتألؼ مف عسكرييف ومدنييف‪ ،‬حيث نصت مواد الدستور التركي عمى زيادة‬
‫عدد األعضاء العسكرييف في المجمس‪ ،‬بإضافة قادة قوات أفرع القوات المسمحة بغية‬
‫زيادة الثقؿ العسكري عمى المدني داخؿ المجمس‪ ،‬كما تـ تغيير صفة ق اررات المجمس مف‬
‫كونيا توصيات يدفع بيا إلى مجمس الوزراء إلى ق اررات ُيعمف بيا مجمس الوزراء‪.3‬‬
‫‪ .4‬ونص دستور‪ 1961‬عمى تشكيؿ األمانة العامة لمجمس األمف الوطني‪ ،‬الذي يضـ وزراء‬
‫ورئيس أركاف الجيش وقادة القوات المسمحة‪ ،4‬وقد أوضح القانوف المنظـ ليذا النص‬
‫الدستوري وجوب أف يتولى أمانتيا فريؽ أوؿ ترشحو رئاسة األركاف العامة‪ ،‬كما تـ تحديد‬
‫مياـ األمانة لتشمؿ شئوف تركيا جميعيا؛ العسكرية والسياسية واألمنية واإلقتصادية‬
‫والثقافية فضبلً عف مسئوليتيا عف حماية المبادئ الكمالية‪ ،‬كما أنيا مخولة لمراقبة‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 131‬من قانون مجمس األمن القومي التي تنظم وظيفة المجمس األعمى لمتعميم‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪174-167‬‬
‫‪3‬‬
‫خميل الطيار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪89‬‬
‫‪4‬‬
‫فيروز أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 292‬وما يمييا‬

‫‪19‬‬
‫الجياز التنفيذي وتوجيو فعالياتو والتدخؿ في إدارتو‪ ،‬ولؤلمانة العامة الحؽ الصريح في‬
‫الحصوؿ عمى المعمومات والوثائؽ السرية‪ ،‬عمى كؿ درجاتيا وبشكؿ مستمر عند طمبيا‬
‫مف الو ازرات والمؤسسات العامة والييئات واألشخاص‪ ،‬وبيذه الصبلحيات أصبحت‬
‫األمانة العامة لمجمس األمف القومي تشكؿ ذاكرة الدولة ومركز عممياتيا‪ ،‬مف خبلؿ‬
‫المواد ‪ 9‬و‪ 13‬و ‪ 14‬و‪ 19‬مف قانوف مجمس األمف القومي‪.1‬‬
‫أصبح مجمس األمف القومي يرتبط مباشرة بمؤسسة اإلذاعة والتمفزيوف‪ ،‬والمجمس األعمى لمتعميـ‪،‬‬
‫وجياز تخطيط الدولة‪ ،‬والمحافظات والو ازرات ويقوـ بتوجيييا جميعاً‪ ،‬ومف أجؿ تنفيذ ىذه المياـ‬
‫ضمت األمانة العامة لمجمس األمف القومي عدداً كبي اًر مف الوحدات المتخصصة بكؿ مف الشئوف‬
‫اإلجتماعية واإلقتصادية والتعميمية والثقافية والعممية والتكنولوجية واإلعبلمية ومنظمات المجتمع‬

‫المدني‪ ،‬ومتابعة شبكة المعمومات الدولية‪ ،‬ودراسة الحالة النفسية لممجتمع‪ ،‬ويشير ذلؾ إلى مدى‬
‫النفوذ والسمطات التي حازتيا المؤسسة العسكرية بعد إنقبلب ‪ ،1961‬مما جعميا أشبو بجياز‬
‫مخابراتي يعنى بكافة شئوف المجتمع التركي وتوجياتو‪.2‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬دور القضاء والمحكمة الدستورية‬


‫تشيد السمطة القضائية التركية صراعا بيف العممانييف واإلسبلمييف منذ قياـ الجميورية التركية عاـ‬
‫‪ ،1923‬وبالرغـ مف أف الدستور التركي أكد عمى إستقبللية القضاء‪ ،‬لكف قادة المؤسسة القضائية‬
‫ظموا يؤكدوف أف شأنيا شأف المؤسسات األخرى‪ ،‬التي أسسيا مصطفى كماؿ أتاتورؾ‪ ،‬تتولى‬
‫حماية المبادئ الكمالية وفي مقدمتيا العممانية‪ ،‬والتي تمثؿ العممانييف واألتاتوركييف وقد أدى ذلؾ‬
‫بعض األحياف إلى التصادـ مع اإلسبلمييف واإلشتراكييف األتراؾ‪.‬‬
‫يعد إستقبلؿ السمطة القضائية مف المبادئ األساسية التي أقرىا الدستور التركي لعاـ ‪،1982‬‬
‫وفضبلً عف الوظائؼ القضائية والقانونية ليذه المؤسسة لتسوية النزاعات‪ ،‬فإنيا تتولى إدارة‬

‫اإلنتخابات واإلشراؼ عمييا لضماف نزاىتيا‪ ،‬عمماً بأف الجميورية التركية إستمدت قوانينيا الجديدة‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪80-78‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 75‬وما يمييا‪ ،‬بتصرف‬

‫‪20‬‬
‫مف القانوف المدني السويسري ‪ ،1912‬وقانوف العقوبات اإليطالي ‪ ،1956‬والقانوف التجاري‬
‫األلماني ‪.11911‬‬
‫تمارس ىذه السمطة وظائفيا عف طريؽ محاكـ مدنية وادارية وعسكرية‪ ،‬ومف أىـ المحاكـ العميا‬
‫في تركيا‪ :‬المحكمة الدستورية‪ ،‬ومحكمة اإلستئناؼ العميا والتي نظمت مف خبلؿ المادة ‪154‬‬
‫وىي محكمة الدرجة األخيرة وتتولى مراجعة الق اررات واألحكاـ الصادرة عف محاكـ العدؿ‪،‬‬
‫ومحكمة مجمس أمف الدولة‪ ،2‬ومحكمة اإلستئناؼ العسكرية العميا ونظمت مف خبلؿ المادة ‪156‬‬
‫وتتولى مراجعة األحكاـ والق اررات الصادرة عف المحاكـ العسكرية‪ ،‬والمحكمة العسكرية اإلدارية‬
‫العميا والتي نظمت مف خبلؿ المادة ‪ 157‬وتتولى اإلشراؼ القضائي عمى المنازعات التي تمس‬
‫أفراداً عسكرييف أو المتعمقة بالخدمة العسكرية‪ ،‬ومحكمة تنازع اإلختصاصات القضائية ونظمت‬

‫مف خبلؿ المادة ‪ 158‬وتتولى الفصؿ في تنازع اإلختصاص ما بيف المحاكـ‪ ،‬وحيث أف أىـ ىذه‬
‫المحاكـ وأعبلىا في الببلد ىي المحكمة الدستورية؛ والتي نظمت مف خبلؿ المادة ‪ 146‬وتتكوف‬
‫مف ‪ 11‬عضواً أصمياً و ‪ 4‬إحتياطييف ومف مياميا األساسية حماية حقوؽ اإلنساف والحريات‪،‬‬
‫يبلحظ أنيا تختص فيما يمي‪:‬‬
‫‪ .1‬الفصؿ في دستورية القوانيف والق اررات التي ليا قوة القانوف مف حيث الشكؿ والمضموف‪،‬‬
‫بينما تبت المحكمة في دستورية التعديبلت الدستورية مف حيث الشكؿ فقط كما جاء في‬

‫المادة ‪.148‬‬

‫‪ .2‬اإلشراؼ والرقابة المالية عمى األحزاب السياسية‪ ،‬وتقرير حميا بناء عمى دعوى مكتب‬
‫المدعي العاـ‪.‬‬
‫‪ .3‬النظر في إلتماس أي نائب في البرلماف بإلغاء قرار حصانتو البرلمانية‪ ،3‬وقد تقرر‬
‫المحكمة إلغاء ىذا القرار في حالة تعارضو مع الدستور أو القواعد اإلجرائية لمبرلماف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لقمان النعيمي‪ ،‬مركز الدراسات اإلقميمية‪ ،‬أنظر ‪www.regionalstudiescenter.net‬‬
‫‪2‬‬
‫حمت من خالل إلغاء المادة ‪ 143‬من دستور ‪ 1982‬من خالل التعديالت التي تمت عام ‪2004‬‬
‫‪3‬‬
‫نشير ىنا الى ما حدث مع النائبة في البرلمان التركي مروى قاوقجي التي أصرت عمى دخول البرلمان التركي مرتدية‬
‫الحجاب‪ ،‬ليجتمع المجمس الرئاسي بعد ذلك ويقرر منع النائبة من أداء اليمين‪ ،‬لتتوالى األحداث بعد ذلك الى أن وصمت‬
‫األمور الى فصميا وخمسة من زمالئيا من البرمان التركي وسحب الجنسية منيا‪ ،‬ال لشئ سوى ألنيا إلتزمت بحجابيا‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ .4‬النظر في القضايا المرتبطة بوظائؼ كؿ مف رئيس الجميورية‪ ،‬وأعضاء مجمس الوزراء‪،‬‬
‫وأعضاء الييئات القضائية العميا وجاء ذلؾ في المادة ‪ ،148‬وتكوف أحكاـ ىذه المحكمة‬
‫نيائية‪ ،‬وال يمكف نشر ق ارراتيا بإلغاء قوانيف معينة في الجريدة الرسمية‪ ،‬دوف إيراد تقرير‬
‫مكتوب بأسباب اإللغاء وجاء ىذا مف خبلؿ المادة ‪.153‬‬
‫شكؿ عقد التسعينيات مف القرف الماضي مرحمة جديدة مف التفاعؿ بيف سياسة الدولة الرسمية‬

‫والتيارات السياسية والثقافية في المجتمع التركي‪ ،‬فقيادة الجيش التي تولت زماـ األمور فعمياً‬
‫بالببلد في أعقاب اإلنقبلب الثالث عاـ ‪ 1980‬وحتى ‪ ،1983‬حيث تولى تورغوت أوزاؿ رئاسة‬
‫الحكومة التي لـ تعد تخؼ إعتمادىا عمى الديف بوصفو أحد أدوات تثقيؼ الشعب‪ ،‬ثـ ما لبث‬
‫مفيوـ (تركية ‪ -‬إسبلمية) الذي يربط القومية التركية باإلسبلـ يشكؿ قاعدة أيديولوجية لمدولة‬

‫التركية في ظؿ زيادة المدارس الدينية ودخوؿ اإلسبلمييف حقؿ التعميـ والثقافة واإلعبلـ‪.1‬‬
‫ولـ يكف الجميع بدءاً بقادة الجيش وانتياءاً بالصحؼ الرئيسة والجمعيات الخاصة‪ ،‬مرو اًر بكبار‬
‫موظفي الدولة؛ مستعديف لقبوؿ ىذا التغيير‪ ،‬وبعد فترة وجيزة تـ فييا إستيعاب الصدمة‪ ،‬أطمؽ‬
‫ىؤالء حممة سياسية لقمب النتائج رأساً عمى عقب‪ ،‬مما أدى إلى أف تعيش تركيا معركة صراع‬
‫عمى الييمنة السياسية منذ خريؼ عاـ ‪ ،1996‬واتخذت ىذه المعركة في البداية شكؿ حرب ثقافية‬
‫بيف نخب التيار اإلسبلمي ونخب التيار الكمالي العمماني‪ ،‬إرتكزت حوؿ استمرار نظرة الجميورية‬
‫التركية كما رسميا أتاتورؾ مؤسس جميورية تركيا الحديثة‪.2‬‬
‫ما لبثت الحرب الثقافية أف تحولت وعبر عمؿ ممنيج دقيؽ مف قبؿ المؤسسة العسكرية‪ ،‬والنخب‬
‫العممانية األخرى إلى حرب قانونية؛ فسياسة اإلنقبلبات العسكرية تحت ذريعة حماية النظاـ‬
‫العمماني لمدولة قد أصبحت جزءاً مف الماضي‪ ،‬بعد التغيرات التي حدثت في تركيا والعالـ‪ ،‬فكاف‬
‫البد مف إعتماد وسيمة أخرى فعالة ومتماشية مع ظروؼ العصر‪ ،‬ومتطمبات إنضماـ تركيا‬
‫لئلتحاد األوروبي‪ ،‬لكبح جماح الحركة اإلسبلمية‪ ،‬ومنع وصوؿ اإلسبلمييف إلى السمطة في‬
‫تركيا‪ ،‬ومف ثـ تيديد العممانية التركية‪ ،‬وىكذا جاء الحؿ البديؿ لسيناريوىات اإلنقبلبات العسكرية‬

‫‪1‬‬
‫لممزيد‪ ،‬أنظر لقمان النعيمي‪www.aljazeera.net/specialfiles/pages/ce704f60-9720-4928- ،‬‬
‫‪bde8-54ba06954c29‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد ثمجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪94-87‬‬

‫‪22‬‬
‫التي لـ تعد مقبولة اليوـ‪ ،‬عف طريؽ السمطة القضائية التي أصبحت بمثابة الحؿ السحري لضرب‬
‫أية قوة سياسية إسبلمية‪ ،‬يمكف أف تيدد النظاـ العمماني في الببلد‪.1‬‬
‫قاـ اإلدعاء العاـ بالعديد مف المحاوالت التي تقدـ بيا المدعي العاـ الجميوري عبد الرحمف‬
‫يالتشيف كايا‪ ،‬مف خبلؿ اإلتيامات التي رآىا تشكؿ أدلة عمى أف حزب العدالة والتنمية بات يشكؿ‬
‫بؤرة لمحاوالت القضاء عمى النظاـ العمماني‪ ،‬لتأسيس دولة تحكـ الشريعة االسبلمية في تركيا‪،‬‬
‫والشئ الذي ال ينقضي منو العجب‪ ،‬ىو أف المدعي العاـ خالؼ الدستور‪ ،‬وىو الذي يدعي‬
‫المحافظة عميو؛ ألنو أدرج اسـ رئيس الجميورية عبد اهلل غوؿ ضمف المطموبيف بفرض الحظر‬

‫السياسي عميو‪ ،‬عمما بأف الدستور ينص بكؿ وضوح عمى أف "رئيس الجميورية مصوف غير‬
‫مسؤوؿ‪ ،‬وأنو ال يمكف محاكمتو إال بتيمة الخيانة العظمى"‪ ،‬حيث يجب الحصوؿ عمى موافقة‬
‫ثبلث أرباع أعضاء البرلماف عمى محاكمتو في تمؾ التيمة المنسوبة اليو‪ ،‬وبما أف ىذا األمر‬
‫غير وارد ىنا فكيؼ يقدـ المدعي العاـ ىذا الطمب غير القانوني الذي يتجاوز صبلحياتو‪.2‬‬

‫أورد المدعي العاـ التركي العديد مف األدلة الضعيفة في محاولة لمنيؿ مف حزب العدالة والتنمية‬

‫ومنيا‪:‬‬

‫‪ .1‬أورد المدعي العاـ كممات ألردوغاف في سياؽ معارضتو لدعوة اإلنفصاؿ التي أطمقيا‬
‫حزب العماؿ الكردستاني‪ ،‬قاؿ فييا‪ :‬إف الخالؽ خمقنا جميعاً فمماذا نتفرؽ إذا‪ ،‬فما كاف‬
‫مف المدعي العاـ إال أف أدرج ىذا التصريح كدليؿ عمى أف أردوغاف ضد العممانية ألنو‬
‫تمفظ بكممة الخالؽ‪ ،‬والسؤاؿ ىؿ العممانية تنكر وجود الخالؽ؟ ولماذا العممانيوف الغربيوف‬
‫يرتادوف الكنائس في يوـ أحدىـ؟ ولماذا بوش اإلبف رئيس الواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫كاف يتمفظ وىو عمماني بكممة الرب عندما كاف يقوؿ‪ :‬اهلل أمرني أف أضرب العراؽ؟ فيذه‬
‫دعوى واىنة لـ يأخذ القضاء بيا لمنيؿ مف رئيس الوزراء‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫لممزيد أنظر‪ ،‬شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪80-67‬‬
‫‪2‬‬
‫ىشام حمامي‪ ،‬الحركة اإلسالمية في تركيا‪ ،2007 ،‬ص ‪32‬‬
‫‪3‬‬
‫الجزيرة نت‪ ،‬محاولة المدعي العام التركي محاكمة أردوغان‬

‫‪23‬‬
‫‪ .2‬صرح أردوغاف معمقاً عمى منع المحجبات مف الدخوؿ لمجامعة فقاؿ‪ :‬إنو يتمنى أف يرى‬
‫المحجبات والسافرات وىف يسرف يدا بيد في الجامعات التركية؛ فاعتبر المدعي العاـ ىذا‬
‫التصريح دليبل عمى نية أردوغاف العمؿ ليدـ العممانية‪ ،‬كونو يعتقد أف السماح لممحجبات‬
‫دخوؿ الجامعة ىدماً لمعممانية‪ ،‬فيذا االتياـ سقط عند أوؿ رد‪ ،‬وذلؾ ألف أردوغاف ورفاقو‬
‫نادوا بارتداء الحجاب‪ ،‬ونادوا بالعممانية في آف واحد‪ ،‬وعند تأسيس الحزب وضعوا رسـ‬
‫أتاتورؾ في مواجية العرض‪ ،‬وأماـ المحتفميف بقياـ حزب العدالة‪.1‬‬
‫‪ .3‬سف قانوف قبؿ مجئ حزب العدالة والتنمية لمحكـ؛ يمنع االطفاؿ دوف سف ‪ 12‬عاماً مف‬
‫تعمـ القرآف وحفظو‪ ،‬وىذا الحظر ال يشمؿ أطفاؿ النصارى والييود؛ فيـ أحرار في تعميـ‬
‫أطفاليـ كتابيـ المقدس دوف أي تحديد لعمر الطفؿ‪ ،‬أي أف المسمميف الذيف يشكموف‬
‫‪ % 99‬مف سكاف تركيا محروموف مف الحقوؽ التي تتمتع بيا األقميات الموجودة في‬
‫تركيا‪ ،‬لذلؾ أال يحؽ لممسمميف القوؿ أف العممانية في ببلدىـ لـ تعد ىي العممانية‬
‫الموجودة في الغرب‪ ،‬والتي تعني أف الدولة ال تتدخؿ في الديف وال يتدخؿ الديف في‬
‫الدولة‪ ،‬فمـ تعد العممانية في تركيا تحمؿ ىذا الوصؼ أو ىذا التعريؼ؛ بؿ إنقمبت إلى‬
‫عداء صريح لئلسبلـ‪ ،‬وفي إحدى المناسبات تساءؿ أردوغاف عف الضرر الذي يحصؿ‬
‫لو تعمـ ىؤالء االطفاؿ دينيـ ؟ فأثار ىذا األمر حفيظة المدعي العاـ الجميوري حيث‬
‫أورد أف أردوغاف يحاوؿ قمب النظاـ العمماني‪ ،‬فالمدعي العاـ تجاىؿ حقيقة قائمة عمى‬
‫المساواة بيف أفراد المجتمع‪ ،‬وبالتالي فاف روح العدالة تتفؽ مع مفيوـ الديمقراطية‪،‬‬
‫وأردوغاف يمثؿ في توجيو ىذا روح العدالة التي باتت مفقودة‪.2‬‬
‫‪ .4‬وعندما قاـ بيكاؿ رئيس حزب الشعب الجميوري بتيديد أردوغاف حيف قاؿ لو‪ :‬أف مصيره‬
‫سوؼ يكوف كمصير رئيس الوزراء األسبؽ عدناف مندريس؛ الذي تـ إعدامو عمى يد‬
‫العسكر‪ ،‬فأجابو أردوغاف أنو عندما أتى إلى ىذا الطريؽ قد حمؿ كفنو األبيض معو؛‬
‫فاعتبر المدعي العاـ ىذا الجواب ضد العممانية‪ ،‬ىذا األمر عمى اعتبار أف العممانييف‬
‫وفؽ نظرتيـ ال يموتوف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ياسر حسن‪ ،‬تركيا البحث عن المستقبل‪ ،2006 ،‬ص‪196‬‬
‫‪2‬‬
‫صباح جاسم‪ ،‬إعالن الحرب عمى اإلسالميين في تركيا‪ ،‬أنظر ‪www.annabaa.org/nbanews/69/596.htm‬‬

‫‪24‬‬
‫وقامت األوساط العممانية بتركيا وعمى رأسيا المؤسسة العسكرية‪ ،‬بإتباع سياسة تضييؽ حدود‬
‫المنافسة السياسية‪ ،‬وتوسيع نطاؽ النشاط السياسي غير الشرعي عف طريؽ التمسؾ بتفسير حرفي‬
‫ألسس ومبادئ الجميورية الكمالية‪ ،‬مما أدى إلى إستبداؿ المواجية السياسية والثقافية بيف‬
‫األيديولوجيات المتباينة إلى حد كبير‪ ،‬وبتحركات قضائية مف جانب سمطات الدولة‪ ،‬وفي ىذه‬
‫التحركات ال يتـ الدفاع عف النظاـ العمماني القائـ عف طريؽ المحاججة السياسية‪ ،‬بمقدار ما‬
‫يجري مف خبلؿ األفعاؿ والممارسات التسمطية مف قبؿ أجيزة الدولة التركية‪ ،‬وعمى رأسيا مجمس‬
‫األمف القومي ومف خبلؿ قانوف األحزاب السياسية‪.1‬‬
‫عمى الرغـ مف أف الدستور التركي أقر بإستقبللية السمطة القضائية عف السمطتيف التنفيذية‬
‫والتشريعية‪ ،‬إال أف واقع الحاؿ يشير إلى أف ىذه السمطة خاضعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة‬

‫لنفوذ وتأثير األوساط العممانية؛ وفي مقدمتيا المؤسسة العسكرية التي تعد نفسيا حارسة لمعممانية‬

‫الكمالية في الببلد‪.2‬‬
‫في ذات السياؽ نشير أنو وبعد ستة أشير مف وصوؿ حزب الرفاه إلى السمطة‪ ،‬وفي منتصؼ‬
‫كانوف الثاني ‪ 1997‬تحديدا‪ ،‬عقد ممثموف عف الجماعات المتنفذة في تركيا اجتماعا لتدارس‬
‫األمر‪ ،‬والنظر فيما يمكف عممو لمتخمص منو‪ ،‬وكاف ىؤالء قد كمفوا أستاذاً جامعياً بإعداد تقرير‬
‫حوؿ حزب الرفاه وتطور الحركة اإلسبلمية في تركيا عموماً‪ ،‬فأخبرىـ في تقريره بأف حزب الرفاه‪،‬‬
‫الذي تأسس عاـ ‪ 1983‬واستطاع الحصوؿ عمى ‪ %22‬مف األصوات في اإلنتخابات التشريعية‬
‫لعاـ ‪ ،1995‬وزادت شعبيتو بشكؿ ممحوظ بدليؿ اإلنتخابات المحمية التكميمية التي جرت بعد ذلؾ‬
‫بستة أشير‪ ،‬وحصؿ فييا الحزب عمى ‪.3%34‬‬
‫ما حدث في ظؿ حزب الرفاه‪ ،‬عندما توقع األستاذ الجامعي التركي أوراؿ سواش أف يفوز حزب‬
‫الرفاه‪ ،‬في اإلنتخابات التشريعية القادمة‪ ،‬بما ال يقؿ عف ‪ %68‬مف مقاعد البرلماف؛ مما يمكنو‬
‫مف تشكيؿ حكومة بمفرده‪ ،‬وأغمبية تؤىمو لتغيير الدستور‪ ،‬ويمكنو حينيا أف يغير مف طبيعة‬

‫‪1‬‬
‫خالد السرجاني‪ ،‬ماذا بعد أن أفمت العدالة والتنمية من الحظر‪7.8.2008 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫عقيل محفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪148-144‬‬
‫‪3‬‬
‫كمال حبيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪115-114‬‬

‫‪25‬‬
‫الجميورية التركية‪ ،‬ونصح في تقريره بضرورة إتخاذ إجراءات قانونية كأفضؿ وسيمة لمحد مف‬
‫إستمرار حزب الرفػاه في الساحة السياسية‪ ،‬مؤكداً أنو ثبت بالدليؿ العممي أف إحتراـ حقوؽ‬
‫اإلنساف وحرية التعبير تضر بالجميورية التركية‪ ،‬وبعد أسبوع مف ىذا المقاء تـ تعييف أوراؿ‬
‫سواش رئيساً جديداً لئلدعاء العاـ‪ ،‬بعد أف وعد بأنو إذا ما تـ اختياره ليذا المنصب فإنو سينفذ‬
‫سياسة إقصاء حزب الرفاه‪ ،‬ليس مف السمطة فحسب بؿ مف الحياة السياسية برمتيا‪.1‬‬
‫في ‪ 15‬شباط ‪ 1997‬دعت جمعية رجاؿ األعماؿ التركية إلى لقاء حضره عدد مف القانونييف‬
‫واألساتذة الجامعييف لمتباحث في أفضؿ اإلجراءات القانونية لحؿ حزب الرفاه‪ ،2‬واختمؼ‬
‫المجتمعوف حوؿ قانونية مثؿ ىذا اإلجراء إلى أف نبييـ المستشار القانوني لمبرلماف أردوغاف‬
‫تيزيج بأف المادة (‪ )103‬مف الدستور ال تسمح بحؿ الحزب‪ ،‬ومف ثـ فإف أي إجراء قانوني لمحؿ‬

‫يجب أف يأتي بعد إلغاء ىذه المادة‪ ،‬وىذا ما حدث‪ ،‬إذ تـ اإليعاز لممحكمة الدستورية باإلنعقاد‬

‫ونقض المادة (‪ )103‬مف الدستور‪ ،‬األمر الذي ميد الطريؽ لرفع دعوى قضائية ضد حزب الرفاه‪،‬‬

‫ومف ثـ إصدار قرار بحمو‪.‬‬

‫وفي ‪ 28‬شباط ‪ 1997‬إجتمع القادة العسكريوف برئيس الوزراء نجـ الديف أربكاف‪ ،‬ووضعوا أمامو‬
‫(‪ )17‬مطمباً لتنفيذىا؛ تضمنت إغبلؽ المدارس الثانوية اإلسبلمية‪ ،‬وتمديد مرحمة الدراسة‬
‫اإلبتدائية مف خمس إلى ثماني سنوات‪ ،‬يمنع خبلليا تدريس مادة التربية الدينية لؤلطفاؿ دوف سف‬
‫الػ‪ ،15‬وتحويؿ كافة األوقاؼ اإلسبلمية إلى ممكية الدولة‪ ،‬واغبلؽ مساكف الطمبة والممولة مف‬
‫قبؿ األوقاؼ اإلسبلمية‪ ،‬ومنع إستخداـ غطاء الرأس لمنساء في دوائر الدولة الرسمية‪ ،‬وغيرىا مف‬
‫المطالب‪.‬‬
‫إال أف حكومة أربكاف رفضت تنفيذ ىذه المطالب‪ ،‬وعدتيا مقترحات ال يمكف النظر فييا‪ ،‬األمر‬
‫الذي زاد مف حجـ الضغوط عمييا مف قبؿ المؤسسة العسكرية واألوساط العممانية األخرى لحجب‬
‫الثقة عف الحكومة في البرلماف‪ ،‬وبعد أف فشمت ىذه المحاوالت تـ المجوء إلى القضاء التركي‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫ابراىيم الياس‪ ،‬المحكمة الدستورية تنذر أحزابا بحظر نشاطيا‪ ،11.1.2012 ،‬أنظر‬
‫‪www.asharqalawsat.com‬‬
‫‪2‬‬
‫لقمان النعيمي‪ ،‬أنظر ‪www.aljazeera.net/specialfiles/pages/ce704f60-9720-4928-bde8-‬‬
‫‪54ba06954c29‬‬

‫‪26‬‬
‫حيث قاـ المدعي العاـ أوراؿ سواش برفع دعوى إلى المحكمة الدستورية ضد حزب الرفاه في ‪21‬‬
‫أيار ‪ ،1997‬مطالبا بحظر حزب الرفاه ألنو يعمؿ عمى إثارة حرب أىمية وتغيير النظاـ العمماني‬
‫لمدولة‪ ،‬ومف األمور التي إستند إلييا المدعي العاـ في ىذه الدعوى إنتقاد أربكاف في مقابمة‬
‫أجريت مع صحيفة مصرية عاـ ‪ 1994‬إنتقد فييا النظاـ التركي والعممانية وأتاتورؾ‪ ،‬كما طالب‬
‫الجيش باتخاذ إجراءات قانونية ضد النائب في حزب الرفاه شوقي يمماز ألىانتو القوات المسمحة‬
‫كما إعتبرىا المدعي العاـ في كممة ألقاىا‪ ،‬وبعد أشير مف الجمسات اإلجرائية ضد قيادة الحزب‬
‫وممثميو الحقوقييف‪ ،‬قضت المحكمة الدستورية بحؿ الحزب‪ 1‬في ‪ 16‬كانوف الثاني ‪ ،1998‬ألنو‬
‫إنتيؾ المادتيف ‪ 68‬و‪ 69‬مف الدستور التركي المتاف تحظراف النشاطات المعادية لمعممانية مف قبؿ‬
‫األحزاب السياسية‪.2‬‬

‫يمكف القوؿ إف السمطة القضائية في تركيا لـ تكف ساحة لمصراع بيف اإلسبلمييف والعممانييف بقدر‬
‫ما أضحت أداة طيعة بيد األوساط العممانية‪ ،‬الستخداميا في الصراع مع اإلسبلمييف ومع كؿ‬
‫المعارضييف لمشروع العسكر اإلقصائي‪ ،‬لذلؾ لـ تكف ىذه المؤسسة محبل لمنزاع عمييا بيف‬
‫األطراؼ‪ ،‬ألف تبعيتيا الكمية كانت محسومة تماما لمنظاـ العمماني في تركيا قبؿ أف تتـ‬
‫التعديبلت التي طالت ىذه المؤسسة الحيوية‪ ،‬ولـ يكف المدافعوف عف العممانية يكتفوف بحظر‬
‫حزب الرفاه‪ ،‬إذ واصموا مطاردتو معتبريف أف حزب الفضيمة الذي تأسس بعده ما ىو إال إمتداد‬
‫لو‪ ،‬فاستعانوا بالسمطة القضائية مجدداً إلنياء وجوده مف الساحة السياسية‪ ،‬ونجحوا بذلؾ حينما‬
‫قررت المحكمة الدستورية حظر حزب الفضيمة في حزيراف ‪ 2001‬وفصؿ سبعة أعضاء مف‬
‫نوابو في البرلماف‪.3‬‬
‫جاء ذلؾ عمى خمفية إتياـ الحزب بأنو يمثؿ إمتداداً لحزب الرفاه المحظور‪ ،‬األمر الذي يعد‬
‫مخالفاً لقانوف األحزاب السياسية‪ ،‬فضبلً عف تبني الحزب لما وصفتو المحكمة بنيج سياسي‬

‫‪1‬‬
‫خميل الطيار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪59 - 56‬‬
‫‪2‬‬
‫كانت ىاتان المادتان ىما المرتكز لتشكيل قانون األحزاب السياسية رقم ‪ 2820‬لعام ‪ 1983‬والذي نص عمى الحاالت‬
‫التي تجيز حظر األحزاب كما حصل مع حزب الرفاه‬
‫‪3‬‬
‫في برنامج بال حدود‪ ،‬قناة الجزيرة‪ 27 ،‬يونيو ‪ ،2001‬أنظر ‪www.ar.wikipedia.org/wiki‬‬

‫‪27‬‬
‫وفكري معاد ألتاتورؾ ولمنظاـ العمماني القائـ في الجميورية التركية منذ عاـ ‪ ،1923‬كما وصفت‬
‫المحكمة الحزب بأنو أصبح وك اًر لؤلصولييف المعاديف لمعممانية‪.1‬‬
‫وبالرغـ مف اختيار الحزب زعيماً آخر ىو رجائي قوطاف بديبلً عف نجـ الديف أربكاف‪ ،‬إال أنو‬

‫تبيف بشكؿ قاطع مف خبلؿ ىذا اإلجراء القضائي أف السمطات القضائية في تركيا تشكؿ حصناً‬
‫منيعاً لحماية العممانية‪ ،‬فوصؼ حزب الفضيمة القرار بأنو "ظالـ" وسياسي بإمتياز‪ ،‬بؿ إف رئيس‬
‫الحزب أفاد بأنو لمس إصرار المحكمة عمى إصدار قرار فوري‪ ،‬وعدـ اإلنتظار لصدور قرار‬
‫محكمة حقوؽ اإلنساف األوروبية في قضية حزب الرفاه المحظور‪ ،‬كما أف المحكمة الدستورية‬
‫قررت التنفيذ الفوري لقرار الحظر دوف النشر في الجريدة الرسمية طبقاً لمقانوف‪.2‬‬
‫لـ يكف حزب العدالة والتنمية بمنأى عف ىذه األحداث فقد جرت عممية مبلحقة منيجية ومنظمة‬

‫لمحزب وزعيمو رجب طيب أردوغاف‪ ،‬ومف خبلؿ القضاء بالدرجة األولى‪ ،‬فطمبت إستقالتو مف‬
‫منصبو كرئيس لحزب ثـ جرى إتيامو بخداع القضاء‪ ،‬ومنع مف الترشح لئلنتخابات النيابية؛ وذلؾ‬
‫بعد أف رتب لو سجؿ عدلي يتعمؽ خاصة بالسجف لمدة ‪ 4‬أشير عاـ ‪1999‬؛ بسبب ما أسموه‬
‫الدعاية اإلسبلمية‪ ،‬والتحريض عمى الحقد الديني‪.‬‬
‫كما أف تجربة حزب العدالة والتنمية الحاكـ قد قدـ تجربة مختمفة في تعاطيو مع القضاء‬
‫الموصوؼ باإلنحياز‪ ،‬إذ تحدى أردوغاف قرار المحكمة الدستورية بإبعاده عف زعامة حزبو‪ ،‬بؿ‬
‫وأعيد إنتخابو لزعامة الحزب بعد ‪ 24‬ساعة مف صدور قرار المحكمة‪ ،‬ثـ تولى رئاسة الوزراء مف‬
‫نائبو عبد اهلل غوؿ‪ ،‬وقاـ الحزب بسمسمة إصبلحات دستورية واسعة خاصة فيما يتعمؽ بمعايير‬
‫كوبنياجف‪ ،3‬وبذلؾ يكوف قد تمكف مف تحييد القضاء ألوؿ مرة في صراع العممانييف مع‬
‫اإلسبلمييف‪ ،‬بعد أف ظمت ىذه المؤسسة تابعة لمقوى العممانية بشكؿ واضح‪.‬‬
‫كما ويسعى حزب العدالة والتنمية منذ توليو السمطة عاـ ‪ 2002‬إلى رفع الحظر عف الحجاب‪،‬‬
‫في بمد يمثؿ المسمموف فيو نسبة تصؿ إلى‪ %99‬مف السكاف األتراؾ‪ ،‬ورغـ ذلؾ تجبر المحجبات‬

‫‪1‬‬
‫حول حل حزب الفضيمة‪ ،‬أنظر ‪www.bbc.file://a:\bbc Arabic news,14\8\2001‬‬
‫‪2‬‬
‫زياد أبو غنيمو‪ ،‬حظر حزب الرفاه‪ ،‬إسالم أون الين‪ ،‬أنظر‪www.islamonline.net‬‬
‫‪3‬‬
‫عقيل محفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪169‬‬

‫‪28‬‬
‫إلى إكماؿ تعميميف بالجامعات األوروبية واألجنبية‪ ،‬فشكمت ىذه األمور مجتمعة دافعا وضرورة‬
‫حتمية لمراجعة الدستور‪ ،‬إللغاء ذلؾ الحظر الصادر عف ق اررات المحكمة الدستورية ومجمس‬

‫الدولة التركي‪ ،‬ولئف كانت المؤسسة العسكرية قد اعتمدت عمى المؤسسة القضائية لتكوف بديبلً‬
‫مكافئاً في نتائجيا وتأثيراتيا لئلنقبلبات العسكرية‪ ،‬فإف مثؿ ىذا التحييد المترافؽ مع نجاح حزب‬
‫العدالة والتنمية في إدارتو لتركيا‪ ،‬يكوف مؤش اًر محرجاً لمقوى العممانية فيما يتعمؽ بإستخداـ القضاء‬
‫في إطار الصراع المستمر مع التيار اإلسبلمي‪.1‬‬
‫كانت السمطة القضائية بالمرصاد لحزب العدالة والتنمية مرة أخرى حيف حقؽ فو اًز كاسحاً في‬
‫اإلنتخابات البرلمانية التي جرت في تشريف الثاني ‪ ،2002‬وشكؿ حكومة بمفرده‪ ،‬وعمى الرغـ مف‬
‫أف الحزب تنازؿ عف واجيتو اإلسبلمية بأنو حزب ديمقراطي محافظ‪ ،‬كما جاء عمى لساف زعيمو‬

‫رجب طيب أردوغاف‪ ،‬إال أف األوساط العممانية تعده حزباً صاحب توجيات إسبلمية بالنظر إلى‬
‫الجذور اإلسبلمية لمؤسسي الحزب‪.2‬‬
‫تجدر اإلشارة الى حقيقة المحكمة الدستورية التي جانبت العدالة في كثير مف أحكاميا‪ ،‬بشكؿ‬
‫أضحى فيو جميع المواطنييف األتراؾ يدركوف أف أعضاءىا منحازوف‪ ،‬ويسعوف لمنيؿ مف حزب‬
‫العدالة والتنمية‪ ،‬وغير حيادييف كونيـ مف عتاة العممانييف المتعصبيف‪ ،3‬وميما كانت أدلة المدعي‬
‫العاـ ضعيفة‪ ،‬واف قدـ حزب العدالة مف األدلة القوية الكثير لتفنيد ادعاءات المدعي العاـ فمف‬
‫يغير ىذا مف واقع األمر شيئا‪ ،‬وسيخرج قرار اإلدانة واغبلؽ الحزب‪ ،‬وفرض الحظر السياسي‬
‫عمى العديد مف أعضائو‪ ،‬ولقد كاف لتداعيات رفع الدعاوى التي ترمي لمنيؿ مف حزب العدالة‬
‫والتنمية وقادتو تداعيات سياسية عديدة‪ ،‬خصوصاً ما صدر مف ردود فعؿ غربية حوؿ الشكوؾ‬
‫التي بدأت تثار حوؿ مصير الديمقراطية في تركيا‪ ،‬وكذلؾ كانت ردود الفعؿ اإلعبلمية العالمية‬
‫واألوروبية عمى وجو الخصوص مذىمةً جداً؛ فوصفت وسائؿ اإلعبلـ ىذه الدعوى بأنيا دعوى‬
‫سياسية كيدية وليست قانونية‪ ،‬ومف الناحية اإلقتصادية فكانت ردود الفعؿ اآلنية التي ظيرت بعد‬
‫رفع الدعوى وتمثمت بإنييار البورصة بنسبة ‪ %7‬وىي أعمى نسبىة ىبوط منذ ‪ 7‬سنوات‪ ،‬وارتفعت‬

‫‪1‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪94-90‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪77-76‬‬
‫‪3‬‬
‫أحمد دياب‪ ،‬حزب العدالة والتنمية ومحاولة اإلنقالب القضائي‪ ،‬األىرام الرقمي‬

‫‪29‬‬
‫نسبة الفائدة وازدادت نسبة التضخـ‪ ،‬وىربت رؤوس األمواؿ بنسبة كبيرة؛ فقد ىرب ‪ 15‬مميار‬
‫دوالر في ظرؼ أسبوعيف فقط مف إعبلف ىذه الدعوى‪ ،‬وتراجعت العممانية والمحكمة الدستورية‬
‫العميا عف توجييا السابؽ‪ ،‬وأصدرت حكميا برد الدعوى بأغمبية بسيطة‪ ،‬ليكوف ذلؾ مؤش اًر‬
‫صريحاً عمى أف حزب العدالة والتنمية لديو الكثير مف مصادر القوة‪ ،‬ومف ذلؾ جمعية رجاؿ‬
‫األعماؿ التركية "موصياد" التي تضـ ما يزيد عمى ‪ 500‬شركة تشكؿ الذراع االقتصادية لمحكومة‬
‫التركية‪ ،‬كما تعتبر إرادة الشعب الذي وقؼ الى جانب الحزب ىي المنتصرة في نياية المطاؼ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد عرفو‪ ،‬حظر حزب العدالة والتنمية‪ ،‬أنظر ‪www. Maktoobblog.org‬‬

‫‪30‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬محددات وضع الدستور التركي‬
‫إف جميع التعديبلت الدستورية التي تمت قياـ الجميورية التركية؛ كانت تيدؼ إلى اإلنعتاؽ مف‬
‫مؤثرات المرحمة العثمانية‪ ،‬وتكريس النظاـ العمماني‪ ،‬وذلؾ إبتداء مف دستور عاـ ‪ 1924‬الذي‬
‫كرس حكـ الحزب الواحد لمدة عقديف مف الزمف‪ ،‬حكـ فييا حزب الشعب الجميوري األتاتوركي‪،‬‬
‫إلى أف تأسس الحزب الديمقراطي الذي إستمر في الحكـ مرات متتالية‪ ،‬ثـ إنتيى أمره بإنقبلب‬
‫عسكري في‪ 27‬أيار‪1961‬؛ حيث صدر الحكـ عمى رئيس الجميورية جبلؿ بيار ورئيس الحكومة‬
‫عدناف مندريس ورئيس المجمس النيابي رفيؽ كولتاف باإلعداـ بعد أف إتيموا بأسممة الدولة‪،‬‬
‫وتيديد مبادئ أتاتورؾ ونظامو العمماني‪ ،1‬ورغـ أف دستور ‪ 1982‬النافذ حتى اآلف قد فتح الباب‬
‫أماـ التعددية الحزبية وأطمؽ حرية التعبير‪ ،‬فإف اإلتيامات القائمة عمى أساس اإلساءة لممبادئ‬

‫الكمالية‪ ،‬والنظاـ العمماني ال تزاؿ قائمة وليا سند في الدستور التركي؛ دستور عاـ ‪،1982‬‬
‫والذي وضع إباف حكـ عسكري جاء بو إنقبلب أيموؿ ‪.21980‬‬
‫جاء الدستور التركي ينعت مصطفى كماؿ أتاتورؾ بالبطؿ الخالد‪ ،‬تأكيداً لئلتجاه العمماني الذي‬
‫خطو لمببلد‪ ،‬واعترافاً بدوره األساسي في إخراج تركيا مف نظاـ الخبلفة إلى نظاـ الجميورية‪،‬‬
‫وتقرر المادة الثانية مف الجزء األوؿ مف الدستور بوضوح أف" الجميورية التركية ديمقراطية‬
‫عممانية إجتماعية تحكـ بالقانوف‪ ،‬وتديف بالوالء لمقومية األتاتوركية"‪ ،3‬وعمى ىذا األساس تـ حؿ‬
‫وحظر العمؿ السياسي عمى رئيسو نجـ الديف أربكاف مدة خمس سنوات‪ ،‬ومف بعده‬
‫حزب الرفاه ُ‬
‫حزب الفضيمة الذي حؿ أيضاً‪ ،‬لينتيي بو األمر مقسماً إلى حزبيف؛ حزب السعادة‪ ،‬وحزب العدالة‬
‫والتنمية الذي يتزعمو أردوغاف‪ ،‬والذي سجف أيضاً بسبب خطاب ألقاه في تجمع سياسي‪.4‬‬
‫في شؽ آخر‪ ،‬وامعاناً في سياسة التتريؾ يذىب الدستور إلى وحدة األمة التركية‪ ،‬وأف المغة‬
‫التركية لغة الببلد‪ ،‬ويتجاىؿ المغات والمجموعات األخرى التي تتمتع بالعراقة والقدـ في الببلد وال‬
‫سيما الكردية‪ ،‬ويحظر الدستور أي استخداـ رسمي لمغات المحظورة في إشارة إلى المغة الكردية‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫مركز اإلمارات لمدراسات والبحوث‪ ،‬تركيا بين تحديات الداخل ورىانات الخارج‪ ،‬ص‪ 158‬وما يمييا‬
‫‪2‬‬
‫فيروز أحمد‪ ،‬تركيا بين الصفوة البيروقراطية والحكم العسكري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1985 ،‬ص‪132‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة الثانية من الدستور التركي لعام ‪1982‬‬
‫‪4‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪27-25‬‬

‫‪31‬‬
‫لكف البرلماف التركي وفي محاولة لئلقتراب مف المعايير األوروبية؛ أقر في آب ‪ 2002‬مشروعا‬
‫يسمح ببث البرامج بمختمؼ المغات والميجات التي يتداوليا المواطنوف األتراؾ في حياتيـ اليومية‪،‬‬
‫كما أقر في تصويت أولي مشروع قانوف عف التعميـ بالمغة الكردية في المدارس الخاصة‪ ،‬ىذا‬
‫باإلضافة لمعديد مف المواد والتي أجبر الرئيس السابؽ أحمد نجدت سيزر عمى التوقيع عمييا بعد‬
‫إصرار البرلماف التركي عمييا‪.1‬‬
‫ولتوضيح ىذه المحددات‪ ،‬والعناصر التي تؤثر فييا‪ ،‬جاء ىذا المبحث متناوالً المطالب التالية‪:‬‬

‫المطمب األول‪ :‬ظروف نشأة الدساتير التركية‬


‫منذ األياـ األخيرة لمخبلفة العثمانية ونحف نشيد محاوالت إلدخاؿ الحياة الدستورية الحديثة في‬

‫تركيا‪ ،‬ولكف ىذه المحاوالت أخفقت في اإلستقرار؛ ألف الدولة العثمانية جميعيا والتي سميت‬
‫آنذاؾ برجؿ أوروبا المريض‪ ،‬كانت تترنح بيف ضربات األعداء‪ ،‬ومكائد الحمفاء‪ ،‬وباتت جميع‬
‫المؤشرات تدؿ عمى قرب سقوط الخبلفة العثمانية‪ ،‬واستيبلء أحد كبار قادة الجيش العثماني عمى‬

‫السمطة آنذاؾ‪ ،‬وىو مصطفى باشا كماؿ" الممقب بػأتاتورؾ"‪ ،‬وتـ ذلؾ وأعمف انتياء دولة الخبلفة‬

‫واقامة جميورية تركيا العممانية‪.2‬‬

‫بدأت تركيا طريقيا الجديدة منذ ‪ 3‬مارس ‪ 1924‬عندما إجتمع المجمس الوطني الكبير( البرلماف)‪،‬‬

‫وقرر إلغاء الخبلفة اإلسبلمية واعبلف الجميورية التركية‪ ،‬وفي ‪ 20‬أبريؿ ‪ 1924‬صدر الدستور‬
‫التركي الجميوري األوؿ مكوناً مف مئة وخمس مواد‪ ،‬وقد حاوؿ ىذا الدستور أف يتخذ مف النمط‬
‫الديمقراطي الغربي الميبرالي نموذجاً لو‪ ،‬وأكد الدستور في صدر مواده أف السمطة العميا لمشعب‬
‫الذي يمثمو المجمس الوطني الكبير‪ ،‬والذي يقوـ بسمطة التشريع بما في ذلؾ سف القوانيف‬
‫وتعديميا‪ ،‬وتفسيرىا وعقد المعاىدات واعبلف الحرب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خميل الطيار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪68‬‬
‫‪2‬‬
‫عقيل محفوض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪36‬‬

‫‪32‬‬
‫‪1‬‬
‫كما أعطى دستور ‪ 1924‬صبلحيات واسعة لرئيس الجميورية ؛ إذ جعمو رئيسا لمدولة وقائداً‬
‫عاماً لمقوات المسمحة‪ ،‬ومف حقو تعييف رئيس مجمس الوزراء الذي يقوـ بدوره باختيار الوزراء‪ ،‬ثـ‬
‫يعرضيـ عمى رئيس الجميورية لمحصوؿ عمى موافقتو كما أف ق اررات مجمس الوزراء ال تنفذ إال‬
‫بعد أف توقع مف قبؿ رئيس الجميورية‪ ،‬ورغـ ما كاف يتمتع بو مصطفى كماؿ باشا مف سمطات‬
‫واسعة وزعامة كاريزمية قوية؛ فإنو لـ يحاوؿ أف يتخطى الدستور مباشرة‪ ،‬ولكنو سرعاف ما أخذ‬
‫بتعديؿ نصوص الدستور المادة تمو األخرى‪ ،‬ليصؿ في النياية إلى دستور عسكري بعيد كؿ البعد‬
‫عف الديمقراطية‪.2‬‬
‫تبلفى أتاتورؾ أخطاء كثير مف الحكاـ العسكرييف؛ بأف آمف بضرورة وجود تنظيـ سياسي شعبي‬
‫يسانده ويحمؿ أفكاره ويدافع عنيا‪ ،‬فأسس حزب الشعب الجميوري قبؿ إعبلف الجميورية وقبؿ‬

‫بدء العمؿ بالدستور‪ ،‬وقد جاء في ديباجة برنامج ىذا الحزب؛ أنو مقتنع بأف أفضؿ شكؿ يضمف‬
‫توطيد حكـ األمة وسمطانيا عمى أفضؿ وجو ىو النظاـ الجميوري‪ ،‬وأف الحزب مستعد لمدفاع‬
‫عف النظاـ الجميوري‪ ،‬وصيانتو بكؿ وسيمة‪.3‬‬
‫بدأت بوادر العممانية تظير عندما أعمف الحزب الجميوري عف رغبتو في أف تقوـ الدولة عمى‬
‫أساس عمماني وفقاً لما يقرره العمـ ويتفؽ مع أصوؿ الحضارة الحديثة ومقتضياتيا‪ ،‬وىو يعتبر‬
‫الديف أم اًر وجدانيا لو حؽ الصوف والحماية مف كؿ تدخؿ‪ ،‬ما داـ يمارس في نطاؽ القانوف‪ ،‬وأف‬
‫فصؿ الديف عف كياف الدولة السياسي واإلقتصادي واإلجتماعي والقانوني ىو الوسيمة لتحقيؽ‬
‫التطور والتقدـ‪.4‬‬
‫ألجؿ ذلؾ قاـ أتاتورؾ بتنفيذ سمسمة مف اإلجراءات والتغييرات التي استيدفت إقامة دولة عممانية‬
‫بموجب التعديؿ الثالث لعاـ ‪ ،1937‬بعد أف كانت المادة ‪ 2‬مف دستور تركيا لعاـ ‪ 1924‬تشير‬
‫إلى أف اإلسبلـ ىو ديف الدولة الرسمي‪ ،‬ومف ذلؾ إلغاء الخبلفة العثمانية عاـ ‪ ،1924‬والغاء‬
‫و ازرة األوقاؼ عاـ ‪ 1924‬أيضا‪ ،‬وتحويؿ مواردىا إلى الخزينة العامة لئلفادة منيا في تمويؿ‬

‫‪1‬‬
‫يحيى الجمل‪ ،‬التجربة الدستورية التركية ‪www.almasryalyoum.com/node/169507 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد حول ذلك أنظر‪ ،‬عقيل محفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪41-34‬‬
‫‪3‬‬
‫لممزيد أنظر‪ ،‬عمي باكير‪ ،‬دراسة ( تركيا الدولة والمجتمع )‪ ،‬أنظر ‪www.aljazeera.net‬‬
‫‪4‬‬
‫المادة ‪ 24‬من الدستور التركي لعام ‪1982‬‬

‫‪33‬‬
‫سياسة الدولة‪ ،‬والغاء وظيفة شيخ اإلسبلـ ونقؿ اإلشراؼ عمى المدارس الدينية إلى إدارة التعميـ‬
‫‪2‬‬
‫الرسمي التي أصبحت مسؤولة عف التعميـ العاـ‪ ،1‬وفي ‪ 8‬أبريؿ ‪ 1924‬ألغيت المحاكـ الشرعية‬
‫وأُقر قانوف تشكيبلت المحاكـ‪ ،‬كما أغمقت التكايا وزوايا الدراويش وحرمت جميع الطرؽ الصوفية‪،‬‬
‫والتي جرمت بموجب المادة ‪ 667‬مف قانوف ‪ 1925‬بموجب القانوف رقـ ‪ 5438‬حيث شددت مف‬
‫الحبس والغرامة والنفي بحؽ المخالفيف‪ ،‬وذلؾ في أعقاب حممة شديدة شنيا مصطفى كماؿ‬
‫أتاتورؾ بنفسو‪ ،‬وفي ‪ 1926‬تبنت الدولة القانوف المدني السويسري لعاـ ‪ ،1912‬وذلؾ كبديؿ‬
‫لمجموعة القوانيف السائدة آنذاؾ‪ ،‬والمعروفة بػمجمة األحكاـ الشرعية‪.3‬‬
‫بدأ العمؿ بالدستور الجميوري التركي األوؿ منذ ‪ 20‬إبريؿ ‪ ،1924‬الذي تولى في ظمو مصطفى‬
‫كماؿ باشا رئاسة الجميورية‪.4‬‬

‫إ عتمد أتاتورؾ عمى حزب الشعب الجميوري في الدعوة لمبادئو‪ ،‬وفي محاوالتو لتحديث الجميورية‬
‫التركية وتأكيد عممانيتيا‪ ،‬وفي ‪ 10‬أبريؿ ‪ 1928‬ألغي نص الدستور الذي ينص عمى أف اإلسبلـ‬
‫وجعمت العطمة الرسمية األحد‬
‫ومنع تعدد الزوجات‪ُ ،‬‬
‫وسنت تشريعات لمزواج المدني ُ‬
‫ديف الدولة‪ُ ،‬‬
‫بدالً مف الجمعة‪ ،‬ومنع لبس الحجاب والعمامة إستناداً لمقانوف رقـ ‪ 677‬لعاـ ‪ ،1925‬ومف‬
‫مظاىر التغير في الحياة السياسية التركية توالي نشأة أحزاب سياسية حقيقية‪ ،‬منيا حزب الترقي‬
‫الجميوري والحزب الحر الجميوري‪ ،‬عمى أف التعددية السياسية الحزبية لـ تتأكد وتترسخ في تركيا‬
‫إال بعد الحرب العالمية الثانية‪.5‬‬
‫في بداية عاـ ‪ 1945‬أعمف جبلؿ بيار تأسيس حزب معارض سماه الحزب الديمقراطي‪ ،‬إال أف‬
‫الواقع يقوؿ إف الحزب الديمقراطي لـ يكف يختمؼ في تركيبتو اإلجتماعية عف حزب الشعب‬
‫الجميوري‪ ،‬وتوالى بعد ذلؾ ظيور العديد مف األحزاب؛ فكاف الحزب االشتراكي التركي( حزب‬

‫‪1‬‬
‫تم تأسيس رئاسة الشؤون الدينية والتي نظمت بالقانون رقم ‪633‬‬
‫‪2‬‬
‫عقيل محفوض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪36‬‬
‫مدخل الجيش واالسالم والحداثة في تركيا‪ ،‬أنظر ‪www.annabaa.org/nbanews/2010/11/267.htm‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫يحيى الجمل‪ ،‬التجربة الدستورية التركية‪www.almasryalyoum.com/node/169507 ،‬‬
‫‪5‬‬
‫محمد دروزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 75-74‬و‪99-87‬‬

‫‪34‬‬
‫العماؿ والفبلحيف)‪ ،‬وحزب األمة وغيرىا‪ ،‬وفي عاـ ‪ 1950‬حقؽ الحزب الديمقراطي‪ 1‬نص اًر‬
‫حاسماً في اإلنتخابات النيابية حيث حصؿ عمى قرابة ‪ ٪54‬مف المقاعد‪ ،‬ولـ يكف فوز الحزب‬
‫الديمقراطي يمثؿ إنعطافة سياسية في تاريخ تركيا المعاصر‪ ،‬وانما كاف مظي اًر مف مظاىر الرغبة‬
‫في التجديد بعد ديكتاتورية الحزب الواحد التي إستمرت أكثر مف ربع قرف‪ ،‬إال أف نجاح الحزب‬
‫الديمقراطي لـ يكف تحدياً لحزب الشعب الجميوري‪ ،‬بقدر ما كاف نتيجة لئلنتقاؿ مف نظاـ الحزب‬
‫الواحد إلى نظاـ تعدد األحزاب السياسية‪.‬‬
‫لـ يكف الحزب الديمقراطي يختمؼ كثي اًر عف فمسفة حزب الشعب الجميوري‪ ،‬إذ إف الحزب‬
‫الديمقراطي أكد عمى مبادئ حزب الشعب الجميوري ذاتيا‪ ،‬ومف ىنا فإف بعض المؤرخيف يسموف‬
‫فترة حكـ الحزب الديمقراطي‪ ،2‬التي امتدت مف‪ 1950‬حتى‪ ،1960‬بالجميورية الثالثة‪ ،‬وكانت‬

‫عقب الجميورية األولى برئاسة أتاتورؾ والجميورية الثانية برئاسة إينونو المتيف طبقتا األفكار‬
‫العممانية تطبيقاً متشدداً‪ ،‬في حيف كانت الجميورية الثالثة أخؼ حدة في ىذا اإلطار‪ ،‬وفي ‪27‬‬
‫مايو ‪ 1960‬وقع أوؿ إنقبلب عسكري في ظؿ الجميورية التركية الحديثة‪ ،‬بذريعة المحافظة عمى‬
‫اليوية العممانية لمدولة؛ نجـ عنو عزؿ عدناف مندريس مف رئاسة الوزراء بعد أف ألقي القبض‬
‫عميو وليتـ إعدامو بعد ذلؾ‪ ،‬وفي ذات السياؽ تجدر اإلشارة إلى أف عدناف مندريس كاف قد ألغى‬
‫العديد مف اإلجراءات العممانية التي إتخذىا سمفو عصمت إينونو‪ ،‬ومف بينيا جعؿ األذاف وقراءة‬
‫القرآف الكريـ بالمغة التركية‪ ،‬واغبلؽ المدارس الدينية؛ حيث ألغى مندريس كافة ىذه اإلجراءات‬

‫وىو ما أدى إلى إعدامو وعدد مف وزرائو بتيمة السعي لقمب النظاـ العمماني وتأسيس دولة دينية ‪.3‬‬

‫في الفترة الممتدة ما بيف ‪ 1960‬و‪ 1980‬شيدت تركيا ثبلثة إنقبلبات عسكرية‪ ،‬بدعوى تأكيد‬
‫الجيش عمى مسؤوليتو في الدفاع عف مبادئ الجميورية التركية ومبادئ العممانية‪ ،‬والحيمولة دوف‬

‫‪1‬‬
‫عقيل محفوض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪45-44‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد ثمجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪93‬‬
‫‪3‬‬
‫وفي معرض حديثو عن انقالب الجيش التركي وتشبييو بما يحصل في المنطقة العربية في ذلك الحين‪ ..‬صرح قائد‬
‫االنقالب "جمال كورسيل " في ‪ 1960/3/27‬قائال‪ ( :‬الثورة التركية ال تشبو الثورات األخرى في دول الشرق األوسط‪،‬‬
‫ألنو في األخيرة تؤدي الثورات الى إيجاد النظام الديكتاتوري‪ ،‬ولكننا نجعل ثورتنا أداة إليجاد الديمقراطية)‬

‫‪35‬‬
‫استمرار العنؼ في الصراع بيف األحزاب السياسية تارة‪ ،‬وعجز الحكومة عف حفظ األمف الداخمي‬
‫تارة أخرى‪.1‬‬
‫وقد كاف اإلنقبلب الثالث الذي وقع عاـ ‪1980‬؛ ىو المقدمة التي أدت إلى وضع دستور تركي‬
‫جديد‪2‬عاـ ‪ ،1982‬والذي يحكـ تركيا حتى اآلف مع التعديبلت التي أدخمت عميو فى األعواـ‪:‬‬
‫‪ 1987‬و‪ 1993‬و‪ 1995‬و‪ ،2010‬وكانت جؿ ىذه التعديبلت المتوالية )بإستثناء التعديؿ‬
‫األخير( تيدؼ في األعـ األغمب إلى تأكيد المبادئ العممانية لمجميورية التركية‪ ،‬وترسيخ سيطرة‬
‫العسكر عمى كافة مناحي الحياة السياسية والثقافية واإلجتماعية التركية‪ ،‬مف خبلؿ مجمس األمف‬
‫القومي وما لو مف صبلحيات كثيرة‪ ،‬إال أف مبتغى اإلستفتاء األخير ىو إعطاء المزيد مف‬
‫الحقوؽ والحريات لؤلفراد‪ ،‬عمى نحو جديد يحاوؿ التقميؿ مف سيطرة المؤسسة العسكرية عمى‬

‫مجريات الحياة السياسية في تركيا‪.3‬‬


‫يستحسف ىنا أف نشير إلى بعض ما جاء في ديباجة دستور ‪ 1982‬مف مبادئ‪ ،‬حيث تؤكد‬
‫المادة ‪ 2‬منو الحرص عمى القومية التركية كما حددىا أتاتورؾ‪ ،‬كذلؾ جاء في مقدمة الدستور‬
‫اإلعتراؼ بالسمو المطمؽ لسيادة إرادة األمة‪ ،‬وأف السيادة مرتبطة بالكامؿ وبغير شروط باألمة‬
‫التركية ومطمؽ الوالء لمقومية التركية‪ ،‬وال يمكف ألي فرد أو مجموعة أف يمارسوا السيادة باسـ‬
‫األمة‪ ،‬أو أف يخالفوا مبادئ الديمقراطية والحرية كما حددىا الدستور ومبدأ سيادة القانوف‪ ،‬وأكدت‬
‫ديباجة الدستور‪ 4‬مف خبلؿ المادة ‪ 24‬عمى مبدأ العممانية‪ ،‬وابعاد سمطات الدولة وسياساتيا عف‬
‫كؿ تدخؿ ديني‪ ،‬وجاء ىذا الدستور مؤكدا لحؽ الجيش بالتدخؿ‪ ،‬تحت ذريعة حماية النظاـ‬

‫األتاتوركي العمماني متى إستدعت الظروؼ ذلؾ‪. 5‬‬

‫‪1‬‬
‫عقيل محفوض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 45‬وما يمييا‪ ،‬بتصرف‬
‫‪2‬‬
‫فيروز أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪406‬‬
‫‪3‬‬
‫لقد وضع قادة إنقالب ‪ 1980‬دستو ار بعناية ودقة بالغتين‪ ،‬منحوا أنفسيم بمقتضاه صالحيات دستورية لسمطة‬
‫التدخل المباشر وغير المباشر في معترك الحياة السياسية التركية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫لممزيد حول ذلك‪ ،‬أنظر )‪the constitution of the republic of turkey Ankara(1995,2print‬‬
‫‪5‬‬
‫نشير ىنا الى أن انقالب عام ‪ 1980‬والذي انبثق عنو دستور ‪1982‬؛ جاء بعد ستة أيام من انعقاد ميرجان تحرير‬
‫القدس الذي أقامو حزب السالمة الوطني " اإلسالمي" بزعامة أربكان‪ ،‬وحضور ما يزيد عن ‪ 100‬ألف شخص‬

‫‪36‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬التعديالت الدستورية واإلستفتاء عمى الدستور‬
‫تشيد تركيا عدة تغييرات دستورية فاصمة في تاريخيا ومستقبميا‪ ،‬فاإلستفتاء األخير الذي صوت‬
‫عميو الناخبوف األتراؾ في ‪ 2010\9\12‬تضمف ‪ 26‬بنداً ستحد مف سمطات القضاء والجيش‪1‬؛‬
‫حماة العممانية المذيف يخوضاف نزاعاً مع حكومة حزب العدالة والتنمية التي يتزعميا رئيس الوزراء‬
‫رجب طيب أردوغاف‪ ،‬وطبقا لممراقبيف السياسييف فقد إستطاع أردوغاف أف ينجح في واحدة مف‬
‫أىـ المعارؾ السياسية التي خاضيا‪ ،‬منذ أف أصبح رئيساً لبمدية إسطنبوؿ عاـ ‪ ،1994‬مرو ار‬
‫بدورتيف إنتخابيتيف بمديتيف ودورتيف نيابيتيف‪ ،‬فقد أظير اإلستفتاء بوضوح أف شريحة كبيرة مف‬
‫الشعب التركي جددت والئيا لحزب العدالة والتنمية الحاكـ‪ ،‬كما أعطت نتيجة االستفتاء الحزب‬
‫الحاكـ مؤش اًر كبي اًر لمفوز الكبير الذي تحقؽ في اإلنتخابات البرلمانية التي جرت عاـ ‪2011‬‬

‫ودفعة كبيرة لوضع دستور جديد لمببلد‪.2‬‬


‫كانت اإلنجازاتو اإلقتصادية الكبرى التي حققيا أردوغاف سببا ليذا التفويض الكبير الذي منحو‬
‫إياه الشعب التركي‪ ،‬ولـ تكف بسبب ميولو اإلسبلمية فحسب‪ ،‬حيث باتت تركيا تحتؿ المرتبة‬
‫السادسة عشرة مف حيث القوة اإلقتصادية في العالـ‪ ،‬حيث صوت حوالي ‪ %58‬مف األتراؾ‬
‫لصالح ىذه التعديبلت الدستورية‪ ،3‬فيما عارضيا ‪ ،%42‬تضمنت ىذه التعديبلت ‪ 26‬مادة في‬
‫الدستور‪ ،‬تناولت الحريات العامة والسمطات الممنوحة لمجيش‪ ،‬إضافة إلى تعديبلت في مواد‬
‫الدستور المتعمقة بحقوؽ المرأة والطفؿ وصبلحيات الجيش والقضاء العسكري‪ ،‬وتتيح التعديبلت‬
‫التي ستط أر عمى الدستور التركي فرصة محاكمة منفذي اإلنقبلب العسكري عاـ ‪ ،1980‬مف‬
‫خبلؿ إلغاء المادة ‪ 15‬المؤقتة مف دستور ‪ 1982‬التي كانت تمنح الحصانة القضائية لمنفذي‬
‫اإلنقبلب‪ ،‬وتحوؿ دوف محاكمة مخططي ومنفذي اإلنقبلب‪ ،‬ومف أىـ المواد التي تناوليا التعديؿ‬
‫إلغاء المواد ‪ 35‬و ‪ 85‬مف نظاـ الخدمة الداخمية لمجيش والتي تحدد مياـ الجيش بالحفاظ عمى‬
‫النظاـ العمماني وحمايتو ولو إستدعى األمر إستخداـ السبلح وتدخؿ الجيش بشكؿ مباشر‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫يتكون الدستور التركي لعام ‪ 1982‬من ‪ 175‬مادة‪ ،‬تم تعديل ‪ 70‬مادة منيا قبل اإلستفتاء األخير ‪2010‬‬
‫الممف التركي‪ ،‬أنظر ‪www.aljazeera.net‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫لممزيد‪ ،‬أنظر ‪www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2010/09/100912_turkeyvote_tc2.shtml‬‬
‫‪4‬‬
‫لممزيد حول التعديالت ‪ ،‬شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪137-132‬‬

‫‪37‬‬
‫كما تدؿ نتائج اإلستفتاء الشعبي في تركيا عمى تراجع تأثير اإلتجاىات العممانية والقومية في‬
‫الجميور التركي‪ ،‬حيث نجح خيار الديموقراطية‪ ،‬ونجح حزب العدالة والتنمية بعد أف حكـ الببلد‬
‫منفرداً طيمة ثمانية أعواـ‪ ،‬ليتمكف مف الذىاب إلى اإلنتخابات البرلمانية التي جرت في صيؼ‬
‫‪ ،2011‬وأعطى ذلؾ دافعا ألردوغاف لمترشح لرئاسة الجميورية إف أراد ذلؾ‪ ،1‬أما حزب الشعب‬
‫الجميوري (حزب المعارضة األبرز)؛ فقد تشتت أصواتو وخسر اإلستفتاء؛ بسبب السياسية التي‬
‫سمكيا زعيـ الحزب كماؿ أوغمو‪ ،‬حيف إتخذ الحزب موقفا غير منسجـ قبؿ اإلستفتاء فقد أكد مف‬
‫جية عمى أىمية بعض التعديبلت‪ ،‬بينما رفض بعضيا في الوقت ذاتو‪ ،‬إال أنو طالب الناخبيف‬
‫بالتصويت بػ "ال" في نياية المطاؼ‪ ،‬وفيما يتعمؽ بحزب الحركة القومية الذي يصنؼ عمى أنو‬
‫يميني متطرؼ‪ ،‬فقد إعتبر أكبر الخاسريف في اإلستفتاء‪.2‬‬

‫عمؿ حزب السبلـ والديمقراطية الذي يتبنى مصالح األكراد عمى عرقمة نجاح اإلستفتاء‪ ،‬حيث‬
‫طالب أنصاره وتحديدا أكراد تركيا‪ ،‬إلى ضرورة مقاطعة التصويت في اإلستفتاء‪ ،‬وما يميز ىذا‬
‫اإلستفتاء المشاركة الكبيرة مف قبؿ الجماعات اإلسبلمية التي عممت مف أجؿ إنجاح التعديبلت‬
‫الدستورية‪ ،‬وكاف لزعيـ حركة النور فتح اهلل غوليف الفضؿ الكبير في ترجيح كفة " نعـ" في ىذا‬
‫اإلستفتاء‪ ،‬كاف غوليف المقيـ في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬قد دعا الشعب التركي لمموافقة عمى‬
‫التعديبلت الدستورية؛ معمبلً أف ليذه التعديبلت ما بعدىا واف كانت محدودة‪ ،‬وأنيا بمثابة بداية‬
‫التحرؾ نحو مزيد مف الحريات والديمقراطية التي يتطمع األتراؾ إلييا‪.3‬‬
‫أشارت نتائج اإلستفتاء إلى عدـ تجاوب أكثر مف نصؼ السكاف مع دعوات المعارضة العممانية‬
‫والقومية التي دعت إلى مقاطعة اإلستفتاء‪ ،‬إذ يشير اإلستفتاء بوضوح إلى أف نسبة مؤيدي حزب‬
‫العدالة والتنمية وصؿ إلى ‪ ،%58‬وىي نسبة كبيرة جداً‪ ،‬في حيف كانت المؤشرات أف ‪ %50‬مف‬
‫الشعب التركي لـ يكف يعمـ بمحتوى التعديبلت المراد اإلستفتاء عمييا؛ لكنو صوت لمحزب الذي‬

‫‪1‬‬
‫نشير ىنا الى أن أردوغان قد ضرب مثال قمما نجده في تاريخنا الحديث‪ ،‬عندما رفض تولي منصب رئاسة الجميورية‬
‫التركية عندما عرض عميو‪ ،‬وتنازل عنو لمرئيس الحالي عبد اهلل غول‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد أنظر‪ ،‬تحميل الوضع التركي في ظل انتصار حزر العدالة‬
‫والتنمية‪www.alukah.net/Culture/1035/40053/،‬‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪140-126‬‬

‫‪38‬‬
‫يثؽ بو‪1‬؛ تمكف حزب العدالة والتنمية مف نيؿ األغمبية الشعبية بكؿ نجاح واقتدار‪ ،‬وبذلؾ إعتبرت‬
‫نتائج اإلستفتاء إنتصا اًر لخيار الشعب بشكؿ ديموقراطي‪ ،‬أما المتبنيف ألفكار أتاتورؾ داخؿ حزب‬
‫الشعب الجميوري فقد جاءت النتائج مخيبة ليـ؛ نظ اًر لعدـ تقدـ حزب الشعب الجميوري في ىذا‬
‫اإلستفتاء سوى بنسبة ضئيمةً جداً‪.2‬‬
‫يز لفرص حزب العدالة‬
‫شكؿ إنتصار حكومة حزب العدالة والتنمية في اإلستفتاء الدستوري‪ ،‬تعز اً‬
‫والتنمية في الفوز بفترة حكـ ثالثة‪ ،‬مما دفع جماعات حقوؽ اإلنساف إلى تقديـ الكثير مف الطمبات‬
‫لمحاكمة قادة اإلنقبلب العسكري الذي وقع عاـ ‪ ،1980‬حيث جردوا مف الحصانة القضائية‬
‫بموجب التعديبلت الدستورية والغاء المادة ‪ 15‬المؤقتة مف دستور ‪ ،1982‬كما شكمت نتيجة‬
‫اإلستفتاء التي فاقت كؿ التوقعات واإلستطبلعات التي أجريت إنتصا اًر لتركيا المتطمعة لئلنضماـ‬

‫إلى اإلتحاد األوروبي‪ ،‬فضبلً عف تجديد التفويض الشعبي لسمطة رئيس الوزراء رجب طيب‬
‫أردوغاف شخصياً‪ ،‬وما سيتركو ذلؾ مف أثر إيجابي عمى إستمرار التجربة التركية في الداخؿ‬
‫والخارج‪.3‬‬
‫ال ينبغي التوقؼ عند مجرد النظر إلى التعديبلت الدستورية عمى أنيا مجرد تعديبلت في بعض‬
‫المواد الدستورية التي لـ تعد صالحة‪ ،‬بؿ ينبغي النظر إلى أنيا قضية حساسة لطرفي الصراع؛ إذ‬
‫إنيا تتعمؽ بنظرتيف مختمفتيف لمدولة والديف والمجتمع‪ ،‬وآلية إدارة الببلد وخياراتيا السياسية‪ ،‬ومف‬
‫ىنا تنبع أىمية معركة تعديؿ الدستور؛ والتي تأخذ طابع اإلصبلحات الدستورية والسياسية كما‬
‫يراىا حزب العدالة والتنمية‪ ،‬فيما ترى األوساط المعارضة أنيا بمثابة إنقبلب ىادئ عمى آلية إدارة‬
‫مؤسسات الببلد‪ ،‬والتي تمثؿ اإلرث السياسي لؤلتاتوركية‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫لممزيد‪ ،‬عبد الحميم غزالي‪ ،‬اإلسالميون الجدد والعممانية األصولية في تركيا‪ :‬ظالل الثورة الصامتة‪ ،‬مكتبة الشروق‬
‫الدولية‪2007،‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪140‬‬
‫‪3‬‬
‫سمير صالحو‪ ،‬الشرق األوسط‪ ،‬أنظر‬
‫‪www.aawsat.com/details.asp?issueno=11700&article=564421‬‬
‫‪4‬‬
‫فيمي ىويدي‪ ،‬اإلنقالب الديمقراطي في تركيا‪ ،‬صحيفة الخميج اإلماراتية ‪21.9.2010‬‬

‫‪39‬‬
‫كما ىدؼ التعديؿ الدستوري إلى تحقيؽ المزيد مف أسممة الدولة والمجتمع عبر إلغاء اإلمكانية‬
‫القانونية إلغبلؽ حزب العدالة والتنمية كما ترى األحزاب العممانية‪ ،‬ومف ىذه التعديبلت المادة‬
‫‪ 69‬المتعمقة بشروط حؿ وحظر األحزاب السياسية‪ ،‬وأصبح التعديؿ يشترط مناىضة الدستور‬
‫وممارسة األحزاب لمعنؼ بشكؿ مباشر‪ ،‬وتـ منع المدعي العاـ مف رفع دعاوى الحظر دوف‬
‫موافقة البرلماف المسبقة‪ ،‬وىو ما يقود إلى تداعيات خطيرة كما أشار رئيس حزب الشعب‬
‫الجميوري العمماني دينز بايكاؿ‪ ،‬حيف ذىب بايكاؿ إلى التحذير والتيديد مف إستمرار حزب‬
‫العدالة والتنمية في مساعيو لتعديؿ الدستور‪ ،‬وىو تحذير قاؿ البعض إنو يشكؿ دعوة صريحة‬
‫لمجيش لمقياـ بإنقبلب عسكري في حاؿ أصر حزب العدالة والتنمية عمى التعديبلت الدستورية‪.1‬‬
‫كانت ىذه الحالة الجدلية المشبعة بروح التحريض واإلستعانة بالظيير المسمح )الجيش( تعبي اًر‬

‫عف الحالة العممانية التي تعاني مف ضعؼ غير خاؼ عمى أحد؛ بسبب عدـ قدرتيا عمى تنظيـ‬
‫صفوفيا‪ ،2‬واعادة النظر في خطابيا غير المنسجـ مع تطمعات األتراؾ‪ ،‬كما أنيا لـ تثف أردوغاف‬
‫عف المضي قدما في إصبلحاتو في شتى المجاالت السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫والدستورية والثقافية التي تعد تعبي اًر عف التطورات الجديدة التي ألمت بالمجتمع التركي وباتت‬
‫تعطي الفرد المزيد مف الحقوؽ والحريات‪ ،‬وفي الوقت ذاتو تقرب المسافات بيف تركيا وبيف‬
‫نظرائيا األوروبييف‪ ،‬كما إعتبرت خطوة جادة عمى طريؽ اإلنضماـ إلى اإلتحاد األوروبي‪.3‬‬
‫رغـ أىمية اإلنجاز فيبقى أماـ أردوغاف العديد مف التحديات الداخمية والخارجية‪ ،‬منيا‪:‬‬
‫‪ ‬المسألة الكردية‪ :‬حيث أعمف األكراد مقاطعتيـ لئلستفتاء الذي جرى‪ ،‬وأعمف حزب السبلـ‬
‫والديمقراطية أف المقاطعة كانت جيدة‪ ،‬وىي لـ تكف عالية كما توقع األكراد‪ ،‬وأف اليدؼ‬
‫األساس لؤلكراد ىو الحصوؿ عمى حكـ ذاتي‪ ،‬وليكف الحكـ الذاتي لمقاطعة الباسؾ في‬
‫إسبانيا ىو النموذج المقترح‪ ،‬ويريد األكراد أف يدخموا ضمانة اإلعتراؼ بيويتيـ في‬
‫الدستور الجديد‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫لممزيد‪ ،‬إدريس بووانو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬أنظر‪ ،‬ويكيبديا الموسوعة الحرة‬
‫‪2‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪79‬‬
‫‪3‬‬
‫ابراىيم غانم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪182-174‬‬
‫‪4‬‬
‫عقيل محفوظ‪ ،‬ص‪79‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ ‬المسألة العموية‪ :‬والتي تخص كتمة كبيرة‪ ،‬وىؤالء يطالبوف باإلعتراؼ بيـ عمى أنيـ أقمية‬
‫عموية‪ ،‬ليـ ىويتيـ ومعتقداتيـ ومراكز عبادتيـ الخاصة بيـ‪ ،‬مثميـ مثؿ أي أقمية مذىبية‬
‫أخرى‪ ،‬وليس سيبلً عمى أردوغاف القبوؿ بذلؾ‪ ،‬وأف ليس أمامو مف حؿ سوى اإلعتراؼ‬
‫الكامؿ بالمطالب العموية التي نصت عمييا التقارير األوروبية‪ ،‬وىي مف الشروط اإللزامية‬
‫مف جانب اإلتحاد األوروبي لقبوؿ تركيا عضواً في اإلتحاد‪.1‬‬
‫مسألة إعطاء المسيحييف بعض مطالبيـ‪ :‬مثؿ اإلعتراؼ بوجود بطريركية الروـ‬ ‫‪‬‬
‫األرثوذكس في إسطنبوؿ؛ واعادة فتح مدرسة الرىباف في جزيرة ىايبمي بالقرب مف‬
‫إسطنبوؿ‪.‬‬
‫‪ ‬إجتثاث ما تبقى مف نظاـ الوصاية العسكرية‪ :‬ومف أىـ الخطوات عمى ىذا الصعيد ىو‬

‫إلغاء المادتيف ‪ 35‬و‪ 85‬مف نظاـ الخدمات الداخمية لمجيش؛ والمتاف تحدداف ميمة‬
‫الجيش بالحفاظ‬
‫عمى النظاـ العمماني وحمايتو ولو إضطره األمر إلستخداـ السبلح‪.‬‬
‫وبجانب تمؾ التحديات فقد وضع أردوغاف وحزبو ىدفيف رئيسييف يشكبلف ضرورة بالغة؛ وىما‪:‬‬
‫‪ .1‬وضع دستور جديد لمببلد‪ ،‬فقد أعمف أردوغاف أف حزبو ال يكتفي بالتعديبلت الػ ‪ 26‬عمى‬
‫الدستور الحالي‪ ،‬ولكنو يحضر لتغيير الدستور كامبلً؛ واستبدالو ليتـ وضع دستور مدني‬
‫جديد؛ يواكب تطمعات المواطف التركي‪.‬‬
‫‪ .2‬تحويؿ نظاـ حكـ الدولة إلى النظاـ الرئاسي بدالً مف النظاـ البرلماني الحالي‪ ،‬فقد نقمت‬
‫‪2‬‬
‫تصريحاً صحفياً ألردوغاف قاؿ فيو‪ " :‬نحف سنعمؿ عمى أف تتحوؿ‬ ‫صحيفة (حريت)‬
‫تركيا إلى النظاـ الرئاسي بدؿ البرلماني‪ ،‬وقد يتطمب األمر أف نعرض ىذا في إستفتاء‬
‫شعبي إذا لزـ األمر"‪ ،3‬وردا عمى مخاوؼ المعارضة التي تدعي إف النظاـ الرئاسي يعني‬
‫العودة لنظاـ الخبلفة‪ ،‬ويمغي سمطة البرلماف إستشيد أردوغاف بنجاح وديمقراطية النظاـ‬

‫‪1‬‬
‫محمد ثمجي‪ ،‬مرجع سابق‪101-100 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫الموقع اإللكتروني الرسمي لصحيفة حريت التركية ‪ ،‬أنظر ‪www.hurriyetdailynews.com‬‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪137‬‬

‫‪41‬‬
‫الرئاسي في الواليات المتحدة األمريكية قائبلً‪" :‬إف نفوذ الكونجرس األمريكي واضح في‬
‫الق اررات الرئاسية‪ ،‬فبل يمكف لمرئيس األمريكي أف يبيع قطعة سبلح واحدة لمخارج دوف‬
‫إذف الكونجرس"‪.‬‬
‫ختاماً البد مف االعتراؼ بأف خطة اإلصبلح التي تحقػقت لـ تأت مف فراغ‪ ،‬بؿ سبقتيا خطوات‬
‫إصبلحية عديدة منذ وصوؿ حزب العدالة والتنمية إلى السمطة في نياية عاـ ‪ ،2002‬وىو ما‬
‫يعني أف لئلصبلح مسار يتحقؽ بصورة تدريجية‪ ،‬خصوصا في بمد كاف مكببلً بالسياسات‬
‫المتطرفة لمعسكر‪ ،‬وطائفة مف غبلة العػممانييف‪ ،‬لذا فإف ما ىو مطموب مف أردوغاف‬
‫ِّ‬ ‫اإلستبدادية و‬
‫بعد إستفتاء ‪ 12‬سبتمبر سيكوف كبي اًر‪ ،‬وذلؾ بعد تحقيقو ‪ 6‬إنتصارات سياسية متتابعة؛ تزيد مف‬
‫أىمية المرحمة المقبمة‪ ،‬وكانت أولى ىذه اإلنتصارات فوزه في عاـ ‪ 2002‬بنسبة ‪ %34‬مف‬

‫األصوات في اإلنتخابات العامة‪ ،1‬وىي نسبة مفاجئة بكؿ المقاييس لحزب جديد‪ ،‬تمكف مف أف‬
‫يشكؿ الحكومة منفرداً في العقود األخيرة مف عمر تركيا‪ ،‬وفي عاـ ‪ 2004‬فاز في اإلنتخابات‬
‫المحمية بنسبة ‪ %41‬وىو ما رفع رصيده في اإلنتخابات البرلمانية لعاـ ‪2007‬؛ ليحقؽ النصر‬
‫الثالث‪ ،‬ويفوز ب ‪ %47‬ويشكؿ الحكومة منفرداً مجدداً‪ ،‬وفي عاـ ‪ 2007‬نجح الحزب في تغيير‬
‫مادة أخرى في الدستور؛ ليسمح لممواطنيف بمقتضاىا بإختيار رئيسيـ باإلقتراع المباشر‪ ،‬وليس‬
‫عبر البرلماف كما كاف معتاداً‪.‬‬
‫ليكوف رفيقو ووزير خارجيتو آنذاؾ‪ ،‬عبد اهلل جوؿ وبعد حصولو عمى ‪ %69‬مف األصوات‪ ،‬أوؿ‬
‫رئيس لتركيا الحديثة مف جذور إسبلمية‪ ،‬ولتصبح زوجتو أوؿ محجبة تتسيد قصر شكنايا الرئاسي‬
‫الحصيف‪.2‬‬
‫وكاف النصر الخامس لمحزب عاـ ‪ 2009‬في اإلنتخابات المحمية‪ ،‬واف حممت مؤش اًر مقمقاً لحزب‬
‫العدالة وىو تراجع شعبيتو؛ حيث فاز بنسبة ‪ ،%38‬ثـ جاء النصر السادس األحد ‪2011\9\12‬‬
‫بأف صوت ‪ %58‬مف الشعب لصالح التعديبلت الدستورية الػ ‪ 26‬التي إقترحيا ليغير بيا وجو‬

‫‪1‬‬
‫محمد الغريري‪ ،‬الدور األميركي في سياسة تركيا حيال اإلتحاد األوروبي(‪ ،2012 ،)2010-1993‬ص‪265‬‬
‫‪2‬‬
‫عمرو الشوبكي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪92‬‬

‫‪42‬‬
‫تركيا العسكري؛ ما يقرب تركيا أكثر مف محيطيا اإلقميمي والدولي‪ ،‬وعمقيا الحضاري في‬
‫المنطقة العربية‪ ،‬بجانب دورىا المؤثر في العالـ اإلسبلمي‪.1‬‬
‫يجد المتتبع لؤلحداث في تركيا بأف المعادلة السياسية الحالية في سبيميا إلى اإلستمرار لسنوات‪،‬‬
‫وال يظير في األفؽ ما يشير إلى أف المعارضة ستكوف قادرة عمى تغيير ىذه المعادلة‪ ،‬فيما يبدو‬
‫أف أردوغاف قد تعمـ مف دروس الماضي؛ حيف خسر اإلسبلميوف المواجيات مع الجيش التركي‬
‫في عيد أربكاف‪ ،‬لذلؾ حرص منذ توليو السمطة في ‪ 2003‬عمى تأكيد التزامو وحزبو بالعممانية‪،‬‬
‫وتقديـ حزبو عمى أنو حزب إصبلحي معتدؿ؛ يسعى لممصالحة بيف اإلسبلـ والعممانية‪ ،‬وأردوغاف‬
‫الذي كبح طموحاتو الرئاسية في عاـ ‪ ،2007‬وأرسؿ رفيؽ دربو الرئيس التركي الحالي عبد اهلل‬
‫غوؿ مكانو‪ ،‬قد أثبت بأنو يعرؼ جيدا المرحمة التي يجب أف يتوقؼ عندىا بكؿ األحواؿ؛ ومف‬

‫خبلؿ ذلؾ نكوف أماـ نتيجتيف عمى المدى القصير لمسياسية الذكية التي إعتمدىا النظاـ التركي‬
‫القائـ برئاسة حزب العدالة والتنمية خبلؿ األعواـ الماضية ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أف حزب العدالة والتنمية سيدخؿ البرلماف لممرة الرابعة بأغمبية مطمقة في اإلنتخابات البرلمانية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬سياسة الحزب اإلقتصادية سوؼ تستمر بذات الوتيرة؛ ليذا فيو بحاجة خبلؿ األشير‬
‫المقبمة إلى اإلستمرار عمى ذات المنواؿ‪.‬‬
‫أما في مجاؿ اإلصبلحات الدستورية فقد واصمت حكومة العدالة والتنمية تطبيؽ برنامجيا‬
‫اإلصبلحي‪ ،‬فعدلت بعض مواد الدستور؛ توطيداً لدعائـ الديمقراطية‪ ،‬وذلؾ عمى النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬تجرى إنتخابات المجمس الوطني التركي الكبير كؿ أربع سنوات بدالً مف خمس سنوات‪.‬‬
‫‪ .2‬ينتخب رئيس الجميورية مف قبؿ الشعب مباشرة‪ ،‬مف بيف أعضاء المجمس الوطني‬
‫التركي الكبير ممف أتموا األربعيف مف العمر ويحمموف شيادة دراسية عميا‪ ،‬أو مف بيف‬
‫المواطنيف األتراؾ الذيف يحمموف ذات الصفات‪ ،‬والمؤىميف لئلنتخابات النيابية‪.‬‬

‫‪ .3‬تكوف مدة والية رئيس الجميورية خمس سنوات بدالً مف سبع سنوات‪ ،‬ولمدتيف عمى األكثر‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪152-147 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫عمي باكير‪ ،‬تركيا‪ :‬الدولة والمجتمع المقومات الجيو سياسية والجيو إستراتيجية النموذج اإلقميمي واإلرتقاء العالمي‪،‬‬
‫في‪ :‬محمد عبدالعاطي‪ ،‬تركيا بين تحديات الداخل ورىانات الخارج‪ ،‬الدوحة‪ :‬مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،2010 ،‬ص ‪-3‬‬
‫‪.33‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ .4‬رفع عدد أعضاء المحكمة الدستورية مف ‪ 11‬عضوا إلى ‪ 17‬عضواً‪ ،‬واختيارىـ مف قبؿ‬
‫المجمس الوطني التركي الكبير ورئيس الجميورية‪ ،‬خبلفاً لتعيينيـ مف قبؿ المؤسسة‬
‫العسكرية‪.‬‬
‫‪ .5‬رفع أعضاء مجمس القضاء األعمى مف ‪ 7‬أعضاء إلى ‪ 22‬عضواً‪ ،‬واختيارىـ بطريقة‬
‫إختيار أعضاء المحكمة الدستورية ذاتيا‪.1‬‬
‫بالتطرؽ إلى اإلصبلحات في مجاؿ الحريات؛ فمنذ وصوؿ حكومة العدالة والتنمية إلى الحكـ‬
‫وىي تسعى إلى ترسيخ الحقوؽ والحريات األساسية؛ مف خبلؿ اإلصبلحات التي قامت بيا‪،‬‬
‫وتشمؿ‪:‬‬
‫‪ .1‬إلغاء حالة الطوارئ في جنوب شرقي تركيا‪.2‬‬

‫‪ .2‬السماح لمقوميات غير التركية بتعمـ لغتيا وتعميميا‪ ،‬فأصبح باإلمكاف بث برامج تمفزيونية‬
‫بالمغة الكردية‪.‬‬
‫‪ .3‬إصدار قانوف عفو عف التائبيف مف األكراد الذيف إلتحقوا بحزب العماؿ الكردستاني‬
‫اإلنفصالي‪.‬‬
‫‪ .4‬تشديد العقوبة عمى القائميف بعمميات تعذيب سواءاً في السجوف أو في مراكز الشرطة‪.‬‬
‫‪ .5‬توسيع حرية التجمعات والمظاىرات‪ ،‬وسف قانوف حؽ الفرد في الحصوؿ عمى المعمومات‪،‬‬
‫والسماح بالتعبير عف الرأي بجميع أشكالو‪.‬‬
‫‪ .6‬إلغاء ما كاف يسمى بػ( البلئحة السوداء)‪ ،‬وىي الئحة بأسماء مواطنيف تطمب األجيزة األمنية‬
‫منعيـ مف مغادرة الببلد ألسباب سياسية‪ ،‬وأصبح ذلؾ منوطاً بمذكرة قضائية‪. 3‬‬
‫‪ .7‬عدـ محاكمة المدنييف أماـ المحاكـ العسكرية إال في حاالت الحرب‪.‬‬
‫‪ .8‬تعزيز حقوؽ المرأة السياسية مف خبلؿ إقرار مبدأ التمييز اإليجابي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خورشيد دلي‪ ،‬تركيا ما بعد اإلستفتاء‪ :‬معركة الدستور واإلنتخابات‪ ،‬أنظر‪www.wahdaislamyia.org/ :‬‬
‫‪issues/ 106/ kdali.htm‬‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد حول ذلك‪ ،‬أمراهلل إيشمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬أنظر‬
‫‪www.mesc.com.jo/activities/lecture/lecture1.html‬‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪100‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ .9‬تخفيؼ القيود عمى حؽ اإلضراب كشكؿ مف أشكاؿ الحقوؽ اإلقتصادية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ .10‬تشكيؿ محاكـ خاصة باألحداث‪ ،‬واستثناؤىـ مف تيـ اإلرىاب والجريمة المنظمة‬
‫‪ .11‬إلغاء عقوبة اإلعداـ‪ ،‬والغاء محاكـ أمف الدولة ‪.‬‬
‫‪ .12‬عدـ جواز مصادرة المعدات اإلعبلمية أو منع تداوليا وضماف حرية الصحافة ‪.‬‬
‫‪ .13‬سمو اإلتفاقيات الدولية المبرمة في مجاؿ حماية واحتراـ حقوؽ اإلنساف عمى التشريعات‬
‫الوطنية‪.2‬‬
‫أما في إطار حقوؽ اإلنساف‪ :‬وبعد سعي العممانية الى فرض قوانينيا بقوة مف خبلؿ نفوذ الجيش‪،‬‬

‫فقد سرقت حقوؽ اإلنساف باسـ الحفاظ عمى العممانية‪ ،‬ولذلؾ سعى حزب العدالة والتنمية إلى سف‬
‫العديد مف القوانيف التي تكفؿ احتراـ حقوؽ اإلنساف‪ ،‬ومنيا ‪:‬‬
‫‪ .1‬تقديـ مشروع قرار يشدد عمى عدـ جواز إبعاد الطالبات الجامعيات ألسباب تتعمؽ‬
‫بالزي والمبلبس‪ ،‬جاء ذلؾ بعد منع الطالبات مف إرتداء الحجاب بموجب قانوف‬
‫"القيافو" الذي أصدره أتاتورؾ عاـ ‪.1934‬‬
‫‪ .2‬تحريـ التعذيب في السجوف والمخافر‪ ،‬ومعاقبة كؿ مف ال يمتزـ بذلؾ‪.‬‬
‫‪ .3‬سف قانوف حؽ الفرد في الحصوؿ عمى المعمومات‪.‬‬
‫‪ .4‬حؽ األقميات في التعمـ بمغاتيا‪ ،‬فأصبحت المغة الكردية لغة معترؼ بيا‪ ،‬وبات‬
‫لؤلكراد حؽ البث التمفزيوني‪ ،‬واصدار المجبلت والصحؼ بالمغة الكردية ‪.‬‬
‫‪ .5‬وفاءا وتقدي ار لقدوتو البروفيسور أربكاف تـ إستصدار قانوف إلنقاذ شيخو مف السجف‬
‫بتحويؿ السجف إلى اإلقامة الجبرية‪ ،‬وذلؾ لكافة المسجونيف مف كبار السف‬
‫والمحكوميف دوف ‪ 3‬سنوات ‪.‬‬
‫‪ .6‬إصدار قانوف العفو عف التائبيف مف األكراد الذيف إلتحقوا بحركة حزب تركيا‪. 3‬‬

‫‪1‬‬
‫خورشيد دلي‪ ،‬مرجع سابق‪www.wahdaislamyia.org/issues ،‬‬
‫‪2‬‬
‫عمي باكير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪32‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد فؤاد‪ ،‬أوروبا قالت كممتيا وأمريكا عمى الحياد‪ ،‬أنظر ‪www. Ahram.org‬‬

‫‪45‬‬
‫خبلفاً لمتطور اإلجتماعي في الغرب حيث تنشئ األمة دولتيا وجيشيا‪ ،‬فقد كاف الجيش في تركيا ىو‬

‫صانع الدولة ومؤسسيا‪ ،‬بعدما ألغى الخبلفة اإلسبلمية؛ وبذلؾ شكمت األمة التركية عمى خبلؼ‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الوضع المعتاد‬

‫حيث عمؿ الجيش التركي منذ فترة مبكرة‪ ،‬عمى تأكيد دوره في حماية النظاـ العمماني وصيانتو‪،‬‬
‫مف خبلؿ مجموعة مف اآلليات الدستورية والقانونية التي تشرع تدخمو في السياسة‪ ،‬وتتيح لو في‬
‫حاالت استبلـ المدنييف لمسمطة حؽ التدخؿ المباشر وغير المباشر وممارسة تأثيره الكامؿ في‬
‫شتى المجاالت‪ ،‬وبعد أف كاف نظاـ الحزب الواحد حتى العاـ ‪ ،1945‬ىو وسيمة حماية دوره‬
‫وتأثيره في الحياة السياسية‪ ،‬لجأ الجيش في العاـ ‪ ،1960‬بعدما تعرض نفوذه لبعض اإلىتزاز في‬
‫عيد رئيس الوزراء األسبؽ عدناف مندريس في خمسينيات القرف الماضي‪ ،‬إلى وسيمة اإلنقبلبات‬

‫حصف دوره قانونيا مف خبلؿ إقامة مؤسسة جديدة نص عمييا دستور‬


‫العسكرية المباشرة؛ غير أنو ّ‬
‫‪ 1961‬الذي أعقب اإلنقبلب العسكري عاـ ‪ ،1960‬وىي "مجمس األمف القومي"‪.2‬‬
‫يتألؼ مجمس األمف القومي مف رئيس الجميورية ورئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخمية‬
‫ورئيس األركاف العامة وقيادات الجيش مف أفرع‪ :‬القوات البرية والجوية والبحرية‪ ،‬والقائد العاـ‬
‫لمجندرمة (الدرؾ)‪ ،‬ويرأس المجمس رئيس الجميورية‪3‬؛ ويجتمع مرة كؿ شير‪ ،‬وتنبثؽ عف المجمس‬
‫أمانة عامة تضـ ‪ 700‬موظؼ‪ ،‬وتتكوف مف ِ‬
‫األميف العاـ برتبة جنراؿ يعينو رئيس األركاف‬
‫العامة‪ ،‬ثـ مساعد األميف العاـ ومساعديف لو‪ ،‬ثـ المستشاريف الرئيسيف ثـ المستشاريف‬
‫اإلعتيادييف ثـ مديري الدوائر‪ ،‬وأخي اًر الخبراء في مختمؼ االختصاصات‪ ،‬ولممجمس مف الناحية‬
‫الواقعية صبلحيات تنفيذية ورقابية عمى جميع الييئات الدستورية‪ ،‬ولو الحؽ في جمع المعمومات‬
‫‪4‬‬
‫مف جميع الدوائر الرسمية‪ ،‬وتنفيذ المصالح العميا لمدولة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫صالح سالم‪ ،‬تحوالت اليوية والعالقات العربية التركية‪ ،1999 ،‬ص‪24‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪85-84‬‬
‫‪3‬‬
‫معتز سالمة‪ ،‬الجيش والسياسة في تركيا‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،131‬يناير ‪ ،1998‬ص‪124‬‬
‫‪4‬‬
‫ىشام حمامي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪29‬‬

‫‪46‬‬
‫تمتد إختصاصاتو لتصؿ إلى رئاسة ىيئة األركاف العامة‪ ،‬إذ تخضع خططيا العسكرية وتنفيذىا‬
‫عمى أرض الواقع‪ ،‬لمجمس األمف القومي وليس لو ازرة الدفاع‪ ،1‬وقد طغى دور ىذا المجمس عمى‬
‫دور مجمس الوزراء‪ ،‬حيث احتفظ لنفسو بسمطة اإلعتراض دوف إبداء األسباب‪ ،‬وعمى الرغـ مف‬
‫أف ىذا المجمس ىو مف الناحية الرسمية ىيئة إستشارية‪ ،‬لـ يحدث أف إتخذت الحكومة ق ار اًر‬
‫يتناقض مع قرار المجمس ‪.‬‬

‫وإلحكاـ قبضة المؤسسة العسكرية عمى الحياة السياسية التركية‪ ،‬صاغ العسكريوف في الدستور‬
‫المادة ‪ 35‬التي تنص عمى "حؽ القوات المسمحة في التدخؿ الستبلـ السمطة في حاؿ وجدت أف‬
‫الجميورية والديمقراطية معرضتاف لمخطر"‪ ،2‬وبذريعة الحفاظ عمى الجميورية والديمقراطية‪ ،‬أقدـ‬
‫الجيش بعد العاـ ‪ 1960‬عمى تنفيذ ثبلثة إنقبلبات عمى التوالي سنوات‪،1980 ،1971 :‬‬

‫‪ ،1997‬وقد عززت تمؾ اإلنقبلبات النفوذ العسكري داخؿ مجمس األمف القومي‪ ،‬لتدلؿ عمى أف‬
‫المؤسسة العسكرية ليست تابعة لمنظاـ السياسي التركي بحاؿ‪ ،‬وانما متحكمة فيو‪.‬‬

‫مع وصوؿ حزب العدالة والتنمية إلى الحكـ‪ ،‬ورغبتو في اإلصبلح واإلنضماـ إلى اإلتحاد‬
‫األوروبي‪ ،‬أصبح البد مف إجراء تعديبلت جوىرية في بنية المؤسسة العسكرية ومجمس األمف‬
‫القومي‪3‬؛ فكانت تعديبلت الحزب عمى النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬تعديؿ المادة (‪ )4‬مف قانوف مجمس األمف القومي‪ ،‬التي كانت تُكمؼ مياـ المجمس‬
‫وأمانتو العامة بالمتابعة والتقييـ الدائـ لعناصر القوى الوطنية‪ ،‬وكذلؾ متابعة أوضاع‬
‫الدولة السياسية واإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية والتقنية إنطبلقاً مف أف المجمس ىو‬
‫الحامي لمنظاـ الدستوري‪ ،‬والقائـ عمى توجيو القيـ الوطنية نحو المبادئ األتاتوركية‪،‬‬
‫فاقتصرت المادة الرابعة بعد تعديميا عمى تحديد ميمة المجمس واقتصارىا عمى رسـ‬
‫وتطبيؽ سياسة األمف الوطني‪ ،‬والقياـ بإخبار مجمس الوزراء بآرائو ثـ ينتظر ما يسند إليو‬

‫‪1‬‬
‫عمي بيرم أوغمو‪ ،‬الجيش والسمطة في تركيا‪ ،‬في‪ :‬محمد عبد الشفيع عيسى‪ ،‬الحوار العربي‪ -‬التركي بين الماضي‬
‫والحاضر‪( ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪)2010 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪85‬‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪82-79‬‬

‫‪47‬‬
‫مف مياـ ليقوـ بتنفيذىا ومتابعتيا‪.‬وبيذه الكيفية يكوف مجمس األمف القومي وأمانتو العامة‬
‫قد تحوؿ إلى جياز إستشاري وفقد إلى حد كبير وضعيتو التنفيذية‪.‬‬
‫‪ .2‬تعديؿ المادة (‪ )5‬مف قانوف مجمس األمف القومي‪ ،‬والتي كانت تحدد إنعقاد المجمس كؿ‬
‫شير‪ ،‬ليصبح إجتماع المجمس مره كؿ شيريف بدالً مف كؿ شير‪.‬‬
‫‪ .3‬تعديؿ المادة (‪ )13‬مف قانوف مجمس األمف القومي‪ ،‬لتفقد أمانتو العامة دورىا الرقابي‬
‫ومبادرتيا في إعداد ق اررات مجمس األمف القومي‪ ،‬ووضع الخطط والمشروعات لمو ازرات‬
‫والييئات والمؤسسات؛ لتصبح ميمة أمانتو قاصرة عمى " تنفيذ ما يكمفيا بو المجمس مف‬
‫مياـ" ‪.‬‬
‫‪ .4‬عدلت المادة (‪ )15‬مف قانوف مجمس األمف القومي وأمانتو العامة‪ ،‬فألغيت الفقرة الخاصة‬

‫بوجوب تعييف األميف العاـ لمجمس األمف القومي مف أعضاء القوات المسمحة برتبة‬
‫فريؽ؛ لتنص بعد تعديميا عمى إمكانية تولي شخصية مدنية منصب األميف العاـ‬
‫لممجمس؛ وبالفعؿ عيف "محمد البوجاف" في ‪ 2004.8.17‬ليكوف بذلؾ أوؿ شخصية‬
‫مدنية تتولى منصب األميف العاـ لمجمس األمف القومي‪.‬‬
‫‪ .5‬تـ إجراء تعديؿ عمى المادة رقـ (‪ )30‬مف قانوف الجياز المحاسبي التي كانت تعفي‬
‫الكوادر العسكرية مف الخضوع لمرقابة المالية؛ لتصبح المؤسسة العسكرية وكوادرىا‬
‫خاضعيف إلشراؼ ومراقبة الجياز المركزي لممحاسبات‪.1‬‬
‫‪ .6‬تـ إجراء تعديؿ دستوري بتاريخ ‪ 7‬مايو ‪ 2004‬عمى المادة ‪ 131‬الخاصة بالمجمس‬
‫األعمى لمتعميـ حيث تـ إلغاء عضوية الجنراؿ العسكري دخؿ مجمس إدارة المجمس‬
‫األعمى لمتعميـ‪ .‬وبتعديؿ دستوري آخر في آب ‪ 2004‬تـ إلغاء الفقرة الخاصة بعضوية‬
‫الجنراؿ العسكري داخؿ إتحاد اإلذاعة والتمفزيوف‪ ،‬وبيذا أصبح وألوؿ مرة المجمس األعمى‬
‫لمتعميـ‪ ،‬وا تحاد اإلذاعة والتمفزيوف مؤسستيف مدنيتيف بالمعنى التاـ‪ ،‬دوف وجود أي رقيب‬

‫عسكري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪80-78‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ .7‬شممت التعديبلت الدستورية والقانونية أيضاً السماح برفع الدعاوى القضائية إلستجواب‬
‫ومقاضاة الجنراالت القدامى بشأف قضايا الفساد‪ ،‬والزاـ العسكرييف باإلدالء بالتصريحات‬
‫اإلعبلمية فقط في المجاالت التي تتناوؿ الشأف العسكري واألمني‪ ،‬وتحت إشراؼ السمطة‬
‫المدنية أيضاً‪ ،‬وكذلؾ تـ إلغاء إمكانية محاكمة المدنييف داخؿ المحاكـ العسكرية‪ ،‬وذلؾ‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫مف خبلؿ تعديؿ المادة رقـ (‪)19‬‬
‫‪ .8‬تضمنت التعديبلت قياـ لجاف مف المجمس الوطني التركي الكبير وو ازرة المالية بمراجعة‬
‫نفقات المؤسسة العسكرية‪ ،‬وىو ما لـ يكف مسموحاً بو مف قبؿ‪ ،‬مع بقاء فقرات سرية‬
‫تعتبر مف أسرار الدولة‪.2‬‬
‫‪ .9‬تضمنت التعديبلت أيضاً إختصاص المحاكـ المدنية بمحاكمة العسكرييف‪ ،‬بمف فييـ‬
‫رئيس ىيئة األركاف العامة لمجيش‪ ،‬وقادة صفوؼ القوات المسمحة‪.3‬‬
‫‪ .10‬كما تعديؿ المادة رقـ ‪ 35‬مف قانوف الخدمة العسكرية التي تنص عمى أف "وظيفػة‬
‫القوات المسػمحػة ىي حمايػة الوطف ومبادئ الجميوريػة التركيػة"‪ ،‬لتصبح ميمة القوات‬
‫المسمحة فقط ىي حماية الوطف وحدوده ‪.‬‬
‫عمى الرغـ مف تمؾ التعديبلت التي قمصت وضعية الجيش القانونية‪ ،‬ودوره السياسي داخؿ مجمس‬
‫األمف القومي‪ ،‬فبل ينبغي أف يدفعنا ذلؾ إلى القوؿ إف عيد تدخؿ الجيش في السياسة قد ولى؛‬
‫فبل يزاؿ التدخؿ مكفوالً في دستور ‪ 1982‬السارية أحكامو حالياً لحماية مبادئ الجميورية‪ ،‬ولذلؾ‬
‫فإف جيود حزب العدالة والتنمية لسف دستور مدني جديد‪ ،‬ترنو إلى وضع المؤسسة العسكرية في‬
‫مكانيا الصحيح‪ ،‬وفؽ معايير النظـ الديمقراطية الحديثة‪‌ .‬‬
‫مف ىنا نفيـ أىمية التعديبلت الدستورية والقانونية التي إستطاع حزب العدالة والتنمية إدخاليا‬
‫عمى بنية الدولة مف الناحية السياسية‪ ،‬والتي مف خبلليا إستطاع تقميص تدخؿ العسكر‪ ،‬وقد‬
‫تسنى لو فعؿ ذلؾ مف خبلؿ تعديؿ المادة ‪ 15‬مف قانوف مجمس األمف القومي وأمانتو العامة؛‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬الجيش والحياة السياسية‪ :‬تفكيك القبضة الحديدية‪ ،‬في‪ :‬محمد عبد العاطي‪ ،‬تركيا بين تحديات‬
‫الداخل ورىانات الخارج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81-79‬‬
‫ىشام حمامي‪ ،‬تركيا الجديدة وجيات نظر‪ ،‬عدد ‪ ،2007 ،105‬أنظر ‪www.iraqhope.com‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫خورشيد دلي‪ ،‬مرجع سابق‪www.wahdaislamyia.org/ issues/ 106/ kdali.htm ،‬‬

‫‪49‬‬
‫فتـ إلغاء البند الخاص بوجوب تعييف األميف العاـ لمجمس األمف القومي مف بيف أعضاء القوات‬
‫المسمحة برتبة فريؽ أوؿ بحري‪ ،‬لتنص بعد تعديميا عمى إمكانية تولي شخصية مدنية لمنصب‬
‫األميف العاـ لممجمس‪ ،‬وبالفعؿ بانتياء فترة والية األميف العاـ لممجمس تـ تعييف محمد البوجاف؛‬
‫ليكوف بذلؾ أوؿ شخصية مدنية تتولى منصب األميف العاـ لمجمس األمف القومي‪ ،‬وبتعديؿ المادة‬
‫الخامسة أيضاً أصبح إنعقاد المجمس الدوري مرة كؿ شيريف بدالً مف مرة كؿ شير‪ ،‬كما أف‬
‫التعديؿ الذي جرى عمى مواد عدة منيا المواد (‪ 9‬و‪ 14‬و‪ )19‬مف القانوف ذاتو قد قمص بشكؿ‬
‫واضح مف سمطات المجمس‪ ،‬وكذلؾ إلغاء العديد مف المواد الخاصة بالمجمس وأمينو العاـ‪.‬‬
‫كما سحب مف األمانة العامة لمجمس األمف القومي حقيا في الحصوؿ عمى المعمومات والوثائؽ‬
‫السرية بكؿ درجاتيا عند طمبيا مف الو ازرات والمؤسسات العامة والييئات ورجاؿ القانوف‪ ،‬مف‬

‫خبلؿ تعديؿ كؿ مف المواد (‪ 9‬و‪ 14‬و‪ ،)19‬كما تـ إجراء تعديؿ عمى المادة رقـ ‪ 30‬مف قانوف‬
‫الجياز المحاسبي التي كانت تعفي الكوادر العسكرية مف الخضوع لمرقابة المالية‪1‬؛ لتصبح‬
‫المؤسسة العسكرية وكوادرىا تحت إشراؼ ومراقبة الجياز المركزي لممحاسبات‪.‬‬
‫تـ إجراء تعديؿ دستوري عمى المادة ‪ 131‬الخاصة بالمجمس األعمى لمتعميـ حيث تـ إلغاء‬
‫عضوية الجنراؿ العسكري داخؿ مجمس إدارة المجمس األعمى لمتعميـ‪ ،‬وبتعديؿ دستوري آخر تـ‬
‫إلغاء الفقرة الخاصة بعضوية الجنراؿ العسكري داخؿ إتحاد اإلذاعة والتمفزيوف؛ وبيذا أصبح‬
‫المجمس األعمى لمتعميـ واتحاد اإلذاعة والتمفزيوف مؤسستيف مدنيتيف بالمعنى التاـ‪ ،‬دوف وجود أي‬
‫رقيب عسكري‪.2‬‬
‫وشممت التعديبلت الدستورية والقانونية أيضاً السماح برفع الدعاوى القضائية الستجواب ومقاضاة‬
‫الجنراالت القدامى بشأف قضايا الفساد‪ ،‬والزاـ العسكرييف باإلدالء بالتصريحات اإلعبلمية فقط في‬

‫‪1‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪79‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81-79‬‬

‫‪50‬‬
‫المجاالت التي تتناوؿ الشأف العسكري واألمني‪ ،‬وتحت إشراؼ السمطة المدنية أيضاً‪ ،‬وكذلؾ تـ‬
‫إلغاء إمكانية محاكمة المدنييف داخؿ المحاكـ العسكرية‪.1‬‬
‫إزاء كؿ ىذه التعديبلت التي طرأت عمى مؤسسة الجيش ومف ثـ دوره في الحياة السياسية‪،‬‬
‫وبفضؿ النجاحات التي أحرزتيا حكومة العدالة والتنمية عمى مختمؼ الجبيات الداخمية‬
‫والخارجية‪ ،‬حيث توارى الجيش في ثكناتو واكتفى بدوره العسكري‪ ،‬والسيما أنو قد أحرز خبلؿ تمؾ‬
‫الفترة نجاحات عسكرية في مواجية حزب العماؿ الكردستاني‪ ،‬مما حقؽ لو إستعادة ىيبتو ومكانتو‬
‫لدى الشعب التركي‪.2‬‬
‫غير أف ذلؾ كمو ال يدفع إلى القوؿ بأف عيد تدخؿ الجيش في السياسة قد ولَّى‪ ،‬وما يمكف الجزـ‬
‫بو ىو أف عيد اإلنقبلبات العسكرية في تركيا بات في ذمة التاريخ‪ ،‬أما حؽ تدخؿ الجيش في‬

‫الحياة السياسية فبل يزاؿ مكفوالً لو في دستور ‪ 1982‬الحالي لحماية مبادئ الجميورية‪ ،‬ولذلؾ‬
‫فإف جيود حزب العدالة والتنمية الحالية لسف دستور مدني جديد ترنو فيما ترنو إليو إلى وضع‬
‫المؤسسة العسكرية في مكانيا الدستوري الصحيح‪ ،‬وفؽ معايير النظـ الديمقراطية الحقيقية‪.‬‬
‫في أحدث سمسمة مف الصراع الدائر بيف حكومة العدالة والتنمية والمؤسسة العسكرية ذات الميوؿ‬
‫العممانية‪ ،‬تقدـ أربعة مف أكبر قادة الجيش (رئيس ىيئة أركاف القوات المسمحة وقادة القوات البرية‬
‫والبحرية والجوية) إستقاالتيـ إحتجاجاً عمى رفض الحكومة إطبلؽ سراح الجنراالت والضباط‬
‫المعتقميف عمى خمفية تحقيقات في اتياميـ بالتخطيط لئلطاحة بالحكومة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫يعتبر الجيش أكبر عقبة في طريق ترسيخ الممارسة الديمقراطية في تركيا‪ ،‬كونو رفض واقع التحول أو التغيير الذي‬
‫جرى في تركيا‪ ،‬ودخل في صراع مع الحكومة‪ ،‬التي نجحت في قيادة الصراع‪ ،‬وخصوصاً بعد ثبوت تورط ضباط كبار‬
‫وجنراالت من الجيش التركي باإل نتماء إلى منظمة سرية تدعى (أرغينيكون) تخطط وتحضر لإل نقالب عمييا‪ ،‬وبالتالي‬
‫تمكنت حكومة حزب العدالة والتنمية من وضع بعض قادة الجيش في قفص اإل تيام‪ ،‬من خالل تحقيقيا إختراقاً لممؤسسة‬
‫العسكرية‪ ،‬ونجاحيا فيما سمي ب(حرب الوثائق)‪ ،‬التي كشفت عنيا‪ ،‬وبالفعل فقد أدان القضاء العديد من الضباط بتيمة‬
‫التآمر عمى الحكومة‪ ،‬األمر الذي أثر سمباً في سمعة المؤسسة العسكرية لدى شتى شرائح المجتمع التركي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫عقيل محفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 79‬وما يمييا‬
‫‪3‬‬
‫جميل مطر‪ ،‬مقال بعنوان‪ :‬تحقق الحمم وأصبحت تركيا دولة مدنية‪ ،2011\4\ 8 ،‬أنظر‬
‫‪www.turkeytoday.net/node/5339‬‬

‫‪51‬‬
‫تأتي تمؾ اإلستقاالت الجماعية األولى منذ قياـ الجميورية التركية عاـ‪ 1923‬بعد عدة تطورات‬
‫شيدتيا أنقرة في الفترة األخيرة؛ أىميا إحتجاج الجيش عمى إعتقاؿ مئات مف الضباط ‪2010‬‬
‫التيامات بالتورط فيما أطمؽ عميو اسـ عممية المطرقة؛ وىي مؤامرة تقوؿ حكومة أردوغاف إف‬
‫الجيش خطط ليا في عاـ‪ 2003‬لقمب نظاـ الحكـ‪ ،‬حيث توجد حوالي‪ 250‬شخصية عسكرية‬
‫حالياً في السجف بينيـ‪ 173‬كانوا في الخدمة و‪ 77‬مف المتقاعديف‪ ،‬ومعظميـ محبوس بتيـ تتعمؽ‬
‫بمؤامرة المطرقة أو أرغنيكوف‪ ،‬التي يزعـ الضباط المتورطوف فييا أنيا مجرد مناورة حربية؛ وىو‬
‫األمر الذي أثبت القضاء التركي عدـ‬
‫صحتو وبالوثائؽ الدامغة وبما ال يدع مجاالً لمشؾ ليثبت تورطيـ الجمي فييا‪.1‬‬

‫ثـ استمر مسمسؿ اإلعتقاالت الذي طاؿ رتباً كبيرة في الجيش بعد تفجر قضية (باليوز)‪ ،‬التي كانت‬

‫تخطط لتفجير مساجد وأماكف عبادة‪ ،‬وغيرىا لنشر العنؼ في الببلد واعطاء الجيش مبر ار لمتدخؿ‪.2‬‬

‫إف العبلقة بيف الجيش العمماني وحكومة العدالة والتنمية متوترة منذ تولي األخيرة السمطة لممرة‬
‫األولى في‪ 2002‬بسبب الجذور اإلسبلمية لمحزب‪ ،‬ومضت سنوات كاف يحتمؿ أف يقوـ فييا‬
‫جنراالت الجيش التركي بإنقبلب عسكري بدالً مف اإلستقالة‪ ،‬لكف أردوغاف أنيى عيد سيطرة‬
‫الجيش الذي قاـ بإنقبلب عسكري عاـ‪ ،1982‬مف خبلؿ سمسمة مف اإلصبلحات التي تيدؼ الي‬

‫زيادة فرص تركيا لئلنضماـ إلى اإلتحاد األوروبي‪ ،‬وتحقيؽ مشروع جميورية تركية ثانية يغيب فييا‬

‫الجيش عف المشيد كبلعب رئيسي‪.3‬‬


‫إ ىتمت وسائؿ اإلعبلـ التركية باإلستقالة الجماعية لقادة الجيش في تموز ‪ ،2011‬حيث نشرت‬
‫الصحؼ الموالية لمحكومة ومنيا صحيفة صباح التركية موضوعاً بعنواف (زلزاؿ ‪ 4‬نجوـ)‪ ،‬مشيرة‬
‫إلى أف ىذه اإلستقاالت تأتي عشية إنطبلؽ اإلجتماعات السنوية التي تعقد في شير أغسطس‬
‫مف كؿ عاـ لممجمس العسكري األعمى برئاسة أردوغاف‪ ،‬إلقرار الترقيات العسكرية لكبار حممة‬
‫الرتب‪.4‬‬

‫شامل الطيار‪ ،‬أرغنيكون‪ ،‬أنظر ‪www.aawsat.com/details.asp?issueno=10992&article.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫تقرير إخباري‪ ،‬إيمان الشرقاوي‪ ،2011\7\31،‬أنظر ‪www.almoslim.net/node/150590‬‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪98‬‬
‫‪4‬‬
‫أنتوني شديد‪ ،‬نيويورك تايمز‪ ،‬أنظر بانوراما الصحافة‪ ،‬األيام‪ ،‬العدد‪2.8.2011 ،5588‬‬

‫‪52‬‬
‫لكف الترقيات التي تمت اتخذت طابعاً ممي اًز‪ ،‬إذ أصر جنراالت الجيش عمى تحدي القضاء‬
‫والسمطة السياسية في الببلد؛ بيدؼ ترقية ‪ 41‬ضابطاً مف أصؿ ‪ ،195‬مف بينيـ جنراؿ يحمؿ‬
‫أربع نجوـ كاف يفترض أف يكوف القائد المقبؿ لسبلح الجو‪ ،‬وجميعيـ يمثموف حاليا أماـ المحاكـ‬
‫لمتحقيؽ في قضية أرغنيكوف‪ ،‬لكف أردوغاف ورفاقو رفضوا توقيع الئحة الترقيات‪ ،‬فما كاف مف‬
‫الجنراالت األربعة إال طمب اإلستقالة أو التقاعد‪.1‬‬
‫بينما مضى أردوغاف في تحدي المعسكر العمماني بعد أف نجح في صياغة أجيزة األمف وأجنحة‬
‫القضاء ومجمس التعميـ العالي‪ ،‬وبدا أنو فى طريقو إلستكماؿ عممية تقميـ أظافر الجيش‪ ،‬ووصفت‬
‫اإلستقاالت بأنيا لحظة إستثنائية في تاريخ الببلد الحديث‪ ،‬وقالت أنو وقبؿ خمسيف عاماً‪ ،‬عندما‬
‫إشتبؾ رئيس الحكومة عدناف مندريس) الذي اختاره الشعب( مع الجيش التركي‪ ،‬لينتيى بو األمر‬
‫لحبؿ المشنقة‪ ،‬ولـ يقدـ لو نجاحو ثبلث مرات في اإلنتخابات أي عزاء‪ ،‬لكف الصراع الذي بمغ‬
‫ذروتو مع معظـ القيادات العسكرية التركية دفعيـ إلى تقديـ إستقالتيـ في وقت واحد‪ ،‬في ظؿ‬
‫شكوى قائد الجيش مف فقدانو السمطات والضغوط التي تمارس عميو‪.2‬‬
‫وبذلؾ إستيقظت تركيا عمى عيد جديد‪ ،‬فقرار إستقالة الرموز العسكرية األربعة أذىؿ الكثير مف‬
‫األتراؾ؛ الذيف لطالما اعتادوا أف تكوف مؤسستيـ العسكرية في موقع اآلمر والناىي في الببلد‪،‬‬
‫لكنيـ اآلف أصبحوا يدركوف تراجع قوة المؤسسة العسكرية التركية لصالح الحكومة المدنية التي‬
‫يديرىا أردوغاف بحنكة‪.‬‬
‫في خطوة سريعة الحتواء األزمة أصدر مكتب رئيس الوزراء بياناً أعمف فيو تعييف قائد قوات‬
‫الدرؾ )الشرطة العسكرية( الجنراؿ نجدت أوزيؿ في منصب قائد القوات البرية‪ ،‬وقائماً بأعماؿ‬
‫رئيس األركاف خمفا لمجنراؿ آشي كوشانير‪ ،‬وقد فسر كثيروف تعييف أوزاؿ بأنو بداية إختراؽ‬
‫أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكـ لمجيش حامي حمى العممانية‪ ،3‬حيث تقضي التقاليد‬

‫‪1‬‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬تداعيات إستقاالت قادة الجيش‪ 31.7.2011 ،‬أنظر‬
‫‪www.aleqt.com/2011/07/31/article_564427.html‬‬
‫‪2‬‬
‫عدنان مندريس‪ ،‬المركز السوري لمدراسات‪،‬‬
‫أنظر‪www.snewscenter.com/ar/news/plain_text/2520.txt‬‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪97‬‬

‫‪53‬‬
‫العسكرية المتعارؼ عمييا بأف يكوف أعمى منصب في الجيش مف نصيب قائد القوات البرية‪ ،‬وىذا‬
‫ما تـ بالفعؿ ليتولى الجنراؿ المذكور قيادة األركاف لمفترة القادمة حتى عاـ ‪.2017‬‬
‫كما صدرت تأكيدات مف الرئيس التركي عبد اهلل غوؿ أف كؿ األمور تسير عمى نحو طبيعي بعد‬
‫إستقالة القيادات العسكرية‪ ،‬وأنو ال وجود حالياً ألية فوضى في إدارة الجيش‪ ،‬ويبدو أف ىذه‬
‫اإلستقاالت كاف ينتظرىا أردوغاف لممضي في دستور جديد‪ ،‬ففي كممة لو عقب التطور األخير‬
‫قاؿ فييا إف تركيا سوؼ تستبدؿ دستورىا الحالي بآخر أكثر شموالً وليبرالية وتماسكاً‪ ،‬فتركيا ال‬
‫يمكنيا أف تمضي قدماً في ظؿ دستور تمت صياغتو في ظروؼ إستثنائية‪ ،‬كانت فيو الديمقراطية‬
‫التركية معطمة في إشارة إلى أف الدستور الحالي وضعو العسكر عاـ ‪ 1982‬بعد عاـ مف‬
‫إنقبلبيـ الثالث عمى نظاـ الحكـ في تركيا‪ ،‬ووضعوا فيو صبلحيات واسعة وغير مسبوقة لمجيش‬
‫في إدارة الحياة السياسية‪.1‬‬
‫ومنذ عاـ ‪ 1960‬أطاح الجيش بأربع حكومات مف بينيا حكومة نجـ الديف أربكاف‪ 2‬عاـ‪،1997‬‬
‫الذي يعرؼ بالمرشد السياسي لرئيس الوزراء الحالي رجب طيب أردوغاف‪ ،‬ورغـ أف أردوغاف لـ‬
‫يحقؽ أغمبية ثمثي أعضاء البرلماف في اإلنتخابات البرلمانية في عاـ ‪ 2011‬بما يتيح الفرصة لتغيير‬

‫الدستور التركي ببل مشاكؿ أو محاولة المجوء لئلستفتاء‪ ،‬إال أنو أعمف م ار اًر أف ثوب الدستور أصبح‬

‫ضيقاً جداً عمى تركيا‪.3‬‬


‫وفي حاؿ تغيير الدستور‪ ،‬فإف تركيا تكوف حسمت نيائياً الجدؿ حوؿ إمكانية أف يعود الجيش‬
‫لعادتو القديمة ويطيح بحكومة أردوغاف أو أي حكومة الحقة ليا ميوؿ إسبلمية‪ ،‬وسبؽ أف نجحت‬
‫حكومة أردوغاف بالفعؿ في تعديؿ ‪ 100‬مادة مف أصؿ ‪ 175‬مادة مف مواد الدستور التركي؛ وىو‬
‫ما قمص بالفعؿ مف تدخبلت الجيش في الحياة المدنية‪ ،‬وأخضع العسكرييف ألوؿ مرة لمقضاء‬
‫المدني فيما يخص القضايا التي تتعمؽ بالحياة المدنية‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪73-72 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد حول ذلك‪ ،‬أنظر‪ ،‬خميل الطيار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪44-35‬‬
‫‪3‬‬
‫إدريس بووانو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬بتصرف‬
‫‪4‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪125‬‬

‫‪54‬‬
‫المطمب الثالث ‪ :‬مالمح الدستور الجديد‬
‫وضع الدستور التركي الحالي عقب اإلنقبلب العسكري الشيير؛ الذي قاـ بو قيادات في الجيش‬
‫في عاـ ‪ ،1980‬بذريعة تخميص الببلد مف الحرب األىمية بيف القوى اليسارية واليمينية القومية‬
‫وقتيا‪ ،‬وبذريعة إخراج الببلد مف حالة الركود اإلقتصادي القائـ في أذىاف جنراالت الجيش فقط‪،‬‬
‫وقد وضع الدستور القادة العسكريوف الذيف قاموا باإلنقبلب‪ ،‬وأبرز ما تميز بو عف الدستور‬
‫السابؽ لو ىو منح سمطات المطمقة لمؤسسات الدولة‪ ،‬وكبح جماح الحريات السياسية‪ ،‬وعمى‬
‫الرغـ مف إجراء‪ 17‬تعديبلً عمى ىذا الدستور ( دستور عاـ ‪ ،)1982‬كاف آخرىا في أيموؿ‬
‫‪ ،2010‬إال أنو بقي محافظاً عمى جوىره الذي يمكف تحديد مبلحمو في أربع نقاط رئيسة ‪:‬‬
‫تُشدد المواد التأسيسية الثبلث األولى عمى قيـ العممانية والديمقراطية والجميورية‪. 1‬‬ ‫‪‬‬

‫تسعى البنية التأسيسية لمدستور دوما لحفظ الدولة واألمف القومي عمى حساب الحريات‬ ‫‪‬‬

‫الفردية والجماعية لممواطنيف‪ ،‬أي أنو دستور دولة وليس دستور مواطنيف‪ ،‬عمى خبلؼ‬
‫الدستور السابؽ الذي وضع عاـ ‪ ،1961‬ويظير تقييد الحريات جمياً مف خبلؿ‬
‫صبلحيات مجمس األمف القومي واألمانة العامة لمجمس األمف الوطني وقانوف األحزاب‬
‫السياسية‪.‬‬
‫يفصؿ الدستور التركي بيف السمطات‪ ،‬ويكاد أف يحصر السمطة التنفيذية بيد الحكومة‬ ‫‪‬‬

‫ورئيسيا‪ ،‬لكنو يعطي المؤسسة العسكرية وصاية إلزامية عمى السياسات العامة عبر‬
‫مجمس األمف القومي‪ ،‬بحيث تعتبر ق ارراتو وتوصياتو ممزمةً ألي حكومة‪. 2‬‬
‫ينص الدستور التركي عمى القيـ العالمية لحرية الرأي والتديف والضمير والنشر‬ ‫‪‬‬

‫واإلجتماع‪ ،‬حيث وضحت المادة ‪ 24‬مف الدستور حرية المعتقد واألحكاـ الدينية‪ ،‬شريطة‬

‫‪1‬‬
‫كما أشارت الى ذلك المادة الثانية من الدستور التركي أن تركيا " ديمقراطية عممانية اجتماعية تدين بالوالء لمقومية‬
‫األتاتوركية"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫إن صالحية مجمس األمن القومي محددة بالدستور‪ ،‬ويعتبر حارسا لمجميورية‪ ،‬وميمتو الرئيسية ىي ابعاد التيديدين‬
‫المشتركين لدى العممانية‪ ،‬اإلسالميين واألكراد‪ ،‬وكان ىذا المجمس مكون من عدد متساو من العسكريين والوزراء‪ ،‬ويضم‬
‫رئيس أركان الجيش وقادة قوات الجيش الثالث‪ ،‬البرية والبحرية والجوية‪ ،‬ويرأس المجمس رئيس الجميورية ليكون‬
‫صوتو حاسما في حال تساوي أصوات األعضاء‪ ،‬وعمى مر التاريخ التركي فقد كان نفوذ العسكريين ىو الطاغي في‬
‫المجمس ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫أف ال تتعارض مع المادة ‪ 14‬والتي تشير الى أف قانوف األحزاب السياسية ال يسمح‬
‫باستخداـ المصطمحات الدينية‪ ،‬وكاف التطبيؽ العممي يظير عدـ احتراـ ىذه القيـ‪ ،‬وال‬
‫سيما ق اررات المحكمة الدستورية التي تجرـ ما يتعارض مع مبادئ العممانية‪ ،‬وخير مثاؿ‬
‫عمى ذلؾ قرار المحكمة الدستورية بحظر حزب السبلمة الوطني‪ ،‬وحزب الرفاه وحزب‬
‫الفضيمة بدعوى مخالفة القيـ العممانية لمدولة‪.1‬‬
‫مقابؿ ىذه المبلمح العامة األربعة لمدستور التركي الحالي‪ ،‬فإف الدستور المزمع وضعو يواجو‬
‫أربع معضبلت رئيسة بمبلمحو المتوقعة‪ ،‬ألف خطاب األحزاب السياسية التركية الرئيسة يبدو‬
‫مختمفاً ومتبايناً حوؿ ىذه المبلمح‪ ،‬وىي كما يمي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬النظام الرئاسي بدالً من النظام البرلماني‬


‫تحدد المواد مف (‪ )116 - 109‬مف الدستور التركي الحالي شكؿ السمطة التنفيذية في الدولة‬
‫التركية وبنيتيا حسب النظاـ البرلماني‪ ،2‬حيث تحصر السمطة التنفيذية بالحكومة ورئيسيا المستند‬
‫ألغمبية برلمانية‪ ،‬وتبقى سمطة رئيس الجميورية المنتخب مف أعضاء البرلماف أدبيةً فقط؛ تقتصر‬
‫عمى الحفاظ عمى التوازف بيف السمطات بشكؿ صحيح‪ ،‬بينما يرمي التوجو لمنظاـ الرئاسي الى‬
‫نقؿ كافة الصبلحيات التنفيذية الى رئيس الجميورية‪ ،‬حيث ال يعود ىناؾ مجمس وزراء‪.3‬‬
‫يرغب حزب العدالة والتنمية في تغيير صيغة نظاـ الحكـ؛ ليصبح نظاماً رئاسياً ينتخب فيو رئيس‬
‫الجميورية بشكؿ مباشر في اقتراع شعبي عاـ‪ ،‬أشبو ما يكوف بالنظاـ الفرنسي‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ‬
‫رغبتو أف تدخؿ في إطار تطوير البنية السياسية لمؤسسات الدولة التركية‪ ،‬وتذىب تفسيرات‬
‫الحزب في ىذا النطاؽ إلى أف النظاـ البرلماني حرـ تركيا في فترات طويمة مف اإلستقرار‬
‫السياسي‪ ،‬ووقؼ حجر عثرة أماـ اإلصبلحات والمواقؼ السياسية الجريئة منذ فترات طويمة‪،‬‬
‫وأبقى سيؼ إسقاط الحكومات مف قبؿ األحزاب المتحالفة مسمطا عمى الدواـ؛ مف خبلؿ‬

‫‪1‬‬
‫لممزيد حول ذلك‪ ،‬وكالة تورك خبر‪ ،‬تركيا ‪ ، 2002‬ص‪154‬‬
‫‪2‬‬
‫رستم محمود‪ ،‬المركز العربي لألبحاث‪ ،‬دستور جديد لتركيا‪ 2 ،‬يونيو ‪2011‬‬
‫‪3‬‬
‫لممزيد حول النظام الرئاسي والبرلماني‪ ،‬د‪ .‬نعمان الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪381-365‬‬

‫‪56‬‬
‫اإلنقبلبات العسكرية المتوالية منذ عاـ ‪ ،1960‬فيما يوفر النظاـ الرئاسي أغمبية وسيطرة تضفي‬
‫اإلستقرار السياسي‪ ،‬وقد صدر عف زعيـ الحزب أنو يحمـ برؤية تركيا كدولة ثنائية الحزب‪ ،‬كما‬
‫ىو العرؼ السياسي في الواليات المتحدة األميركية‪.1‬‬

‫ثانياً‪ :‬الالمركزية السياسية واإلدارية‬

‫حيث أف حزب العدالة والتنمية استطاع أف يخفؼ مف حدة المركزية الحالي لنظاـ البلمركزية‬
‫اإلدارية والسياسية واإلقتصادية في الببلد‪ ،‬والذي انطمؽ مرجعيا مف النموذج البيروقراطي‬
‫الكبلسيكي لمدولة األمة في أوروبا وفرنسا بشكؿ خاص؛ وىي المركزية التي يشدد عمييا الدستور‬
‫ال راىف بشكؿ كبير‪ ،‬مف خبلؿ تأكيده عمى الوحدة المركزية لمتراب التركي‪ ،‬وعمى أحادية المغة‬

‫التركية كمغة رسمية ووحيدة في تركيا‪ ،‬ويرغب حزب العدالة والتنمية في أف يكسر تمؾ القاعدة‪،‬‬
‫لكنو في المقابؿ يعترؼ بوجود معضبلت كبيرة أمامو‪ ،‬وأىميا قدرتو مدى سيطرتو عمى المناطؽ‬

‫الجنوبية الشرقية (الكردية)‪ ،‬والمتمثمة في واليات ديار بكر وباطماف ومارديف وأورفة وغيرىا‪ ،‬وكيفية‬

‫تعاطيو مع فكرة ثنائية المغة الرسمية التي يمكف أف تنشأ في حاؿ إنياء شكؿ الدولة المركزية‪،2‬‬

‫وتعتبر ىذه اإلشكالية عبئاً كبي اًر عمى اإلقتصاد التركي‪.‬‬

‫يعتبر التحوؿ إلى البلمركزية اإلدارية واإلقتصادية والثقافية والتعميمية أحد أبرز مطالب حزب‬
‫السبلـ والديمقراطية المؤيد لحقوؽ األكراد‪ ،‬لكنو بالمقابؿ يمقى رفضاً قاطعاً مف قبؿ حزب الحركة‬
‫القومية اليميني المتشدد‪ ،‬ويبقى حزب الشعب الجميوري متردداً بشأف ىذا التحوؿ‪ ،‬حيث يطرح‬
‫في خطابو السياسي حموالً معينة لمتحوؿ نحو البلمركزية السياسية‪ ،‬بشرط أف توضع ضمانات‬
‫وىيئات رقابية؛‬

‫‪1‬‬
‫لمتابعة أىم تحميالت الكاتب الصحفي التركي البارز جنكيز تشاندار‪ ،‬وكتاباتو عن الحجج المتبادلة بين التيارات‬
‫التالي‪:‬‬ ‫الرابط‬ ‫عمى‬ ‫قراءتو‬ ‫يمكن‬ ‫المستقبمية‪،‬‬ ‫بالقضايا‬ ‫يتعمق‬ ‫فيما‬ ‫التركية‬ ‫السياسية‬
‫‪www.todayszaman.com/news-231386-candar-polls-kurdish-issue-new-‬‬
‫‪constitution-will-occupy-agenda.html‬‬
‫‪2‬‬
‫حول فرص التحول نحو النظام الالمركزي في تركيا‪ ،‬يمكن قراءة كتابات الباحث التركي جنكيز أجتر‪ ،‬عمى الرابط‬
‫التالي‪www.hurriyetdailynews.com/n.php?n=the-real-issue-decentralization-and- :‬‬
‫‪regionalization-2011-01-07‬‬

‫‪57‬‬
‫تحوؿ دوف تحوؿ الجيات البلمركزية إلى تجمعات عمى أسس عرقية ولغوية ومذىبية‪. 1‬‬
‫ويفضؿ حزب العدالة والتنمية البلمركزية اإلدارية اإلقتصادية فحسب‪ ،‬وأف يجري بسط السيطرة‬
‫‪2‬‬
‫الكاممة لمدولة المركزية في حقوؿ الثقافة والسياسة واألمف ‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬تقرير التعددية الحزبية برفع نسبة الحسم ‪: %10‬‬

‫يقر الدستور التركي الحالي‪ ،‬في جانب تحديده لمقوى السياسية التي يحؽ ليا أف تدخؿ البرلماف‪،‬‬
‫شكبلً مف أشكاؿ اإلقصائية القانونية؛ إذ ينص في المادة (‪ )127‬عمى أف األحزاب التي ال‬
‫تحظى بنسبة ‪ %10‬مف مجموع أصوات الناخبيف ال يحؽ ليا أف تدخؿ البرلماف‪ ،3‬وأف األصوات‬
‫التي جمعتيا توزع بالتساوي بيف التيارات السياسية التي بمغت تمؾ العتبة‪ ،‬أفرز ىذا الشرط‬

‫القانوني واقعاً سياسياً استمر في تركيا عدة عقود‪ ،‬حيث يتشكؿ البرلماف تقميدياً مف حزبيف أو‬
‫ثبلث أحزاب رئيسية‪ ،‬بينما يبقى عدد كبير مف األحزاب الصغيرة محروماً مف المشاركة‬
‫البرلمانية‪ ،‬ويقارب مجموع كتمة األصوات التي تكوف ىذه األحزاب الصغيرة قد حصمت عمييا‪ ،‬في‬
‫أحياف كثيرة كتمة األصوات التي حصمت عمييا األحزاب التي دخمت البرلماف‪ ،‬بحيث يبقى نصؼ‬
‫الناخبيف تقريباً دوف تمثيؿ في البرلماف‪.‬‬
‫لذلؾ تشدد جميع األحزاب السياسية الصغيرة في الببلد عمى أف يحوي الدستور الجديد مواد‬
‫تحمييا سياسياً‪ ،‬وتحمي األصوات التي تمثميا‪ ،‬بالرغـ مف حجميا اإلنتخابي المتواضع‪ ،‬وتأتي‬
‫األحزاب اليسارية التركية وحزب الحركة القومية اليميني المتشدد‪ ،‬وحزب السبلـ والديمقراطية‬
‫المؤيد لحقوؽ األكراد‪ ،‬في مقدمة المطالبيف بيذا التوجو ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪64-61 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫أقر االتحاد األوروبي "الميثاق األوروبي لمحكم المحمي" عام ‪ ،1985‬لكنو لم يوضع في تركيا أبدا موضع التنفيذ‪،‬‬
‫صدقت عميو في العام ‪1993‬‬ ‫عمى الرغم من أن تركيا ّ‬
‫‪ 3‬لممزيد من االطّالع عمى تركيبة البرلمان التركي وتوزيع القوى فيو‪ ،‬وتفاصيل البرامج السياسية لمكتل البرلمانية‪ ،‬يمكن‬
‫زيارة موقع البرلمان التركي عمى شبكة االنترنت‪www.tbmm.gov.tr/english/english.html:‬‬

‫‪58‬‬
‫‪1‬‬
‫رابعاً‪ :‬دستور لحماية المواطنين والدولة‬
‫مع إرىاصات البدء بوضع الدستور الجديد‪ ،‬يعود الصراع عمى مستوى الخطاب السياسي‪ ،‬بيف‬
‫القوتيف السياسيتيف الرئيستيف في الببلد‪ ،‬فيصر حزب العدالة والتنمية عمى أف الدساتير التركية‬
‫كانت توضع تاريخيا مف قبؿ نخبة متسمطة‪ ،‬كانت تعمي مف قيمة حقوؽ الدولة مقابؿ حقوؽ الفرد‬
‫التركي‪ ،‬وتقمص مف واجباتيا نحوه‪ ،‬أو نموذج الدولة النخبة الحاضرة في كؿ شيء‪ ،‬مقابؿ ذلؾ‬
‫يؤكد حزب الشعب الجميوري عمى أف تقوية مؤسسات الدولة‪ ،‬والدفاع عنيا ىو أساس‬
‫الديمقراطية التركية مما يقمص مف حرية المواطف‪.‬‬
‫تعد مواقؼ حزب الحركة القومية‪ ،‬أقرب لحزب الشعب الجميوري منيا لحزب العدالة والتنمية‪،‬‬
‫لكف مجموع الييئات المدنية واإلقتصادية تساند موقؼ حزب العدالة والتنمية في ىذا اإلتجاه‪،‬‬
‫وترى أف أساس التنمية البشرية ىو التأسيس الدستوري لمحريات العامة الفردية والجماعية‪ ،‬ومنح‬
‫المجتمع قدرة حيوية عمى إبراز طاقاتو‪.‬‬
‫قد بدأ العمؿ عمى إنشاء الدستور التركي الجديد عقب اإلنتخابات البرلمانية في ‪ 12‬حزيراف‬
‫‪ ،2011‬وتشارؾ جميع األحزاب السياسية الممثمة في البرلماف األخير في صياغة ىذا الدستور؛‬
‫والتي ستعني إنياء الييمنة السياسية واأليديولوجية لحزب الشعب الجميوري‪ ،‬مما يعني التحوؿ‬
‫في مستقبؿ تركيا الحديثة‪ ،‬تركيا ما بعد الكمالية‪.‬‬
‫نشير في ىذا السياؽ الى تقديـ حزب العدالة والتنمية الحاكـ في عاـ ‪ 2004‬مشروع قانوف‬
‫إلصبلح اإلدارة العامة‪ 2‬في تركيا‪ ،‬حيث تـ تمرير مشروع القانوف مف قبؿ البرلماف‪ ،‬ولكف الرئيس‬
‫سيزر إعترض عميو ليبقى مجمداً منذ ذلؾ الحيف‪ ،‬ولـ يكف مشروع القانوف سوى‬
‫أحمد نجدت ا‬
‫تطوير لمشروع الرئيس التركي الراحؿ تورغوت أوزاؿ‪ ،‬حيث كاف قد طرح تغيير نظاـ الحكـ مف‬

‫‪1‬‬
‫ثمة مشيد عام في الحياة السياسية التركية من بداية تكوين الدولة التركية وحتى اآلن يتمثل بفرز حاد بين شكمين‬
‫من القوى السياسية التركية‪ ،‬شكل يتمثل في القوى القومية العممانية (تيار حزب الشعب الجميوري) والتي تعمن خطابا‬
‫تعبويا طوال تاريخيا تحت يافطة "حفظ الدولة التركية من التيارات العقائدية المختمفة"‪ٍ ،‬‬
‫وثان يتمثل في القوى الميبرالية‬
‫اإلسالمية (تيار حزب العدالة والتنمية) والتي ترفع خطابا سياسيا تاريخيا تحت يافطة "حفظ المواطنين من جبروت الدولة‬
‫ومؤسساتيا"‪ ،‬وقد كان التوزيع التقميدي الشعبي لحجم حضور ىذين التيارين ىو‪ 40 :‬في المئة لمقوى المؤيدة لمدولة‪،‬‬
‫و‪ 60‬في المئة لمقوى المؤيدة لحقوق المواطنين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫رستم محمود‪ ،‬دستور جديد لتركيا‪ ،‬أنظر ‪www.dohainstitute.org/release/41b7e698-4775-4fd1-‬‬
‫‪bdf0-edc02eb3d074‬‬

‫‪59‬‬
‫المركزية إلى الفيدرالية‪ ،‬ورأى تقسيـ تركيا إلى سبع واليات فيدرالية‪ ،‬منيا إثنتاف بأغمبية كردية‬
‫مطمقة ىما أرضروـ وديار بكر‪ ،‬ومنح تمؾ الواليات صبلحيات دستورية إقتصادية وسياسية وشبو‬
‫سيادية واسعة‪ ،‬حيث سيكوف لكؿ منيا برلمانيا وحكومتيا الخاصة‪ ،‬الشيء الذي كاف سيقوي مف‬
‫إنتماء مواطني تمؾ الواليات إلى حكومتيـ المحمية الفيدرالية‪ ،‬وكاف اإلستشراؼ األوزالي يمنح‬
‫التطور الطبيعي لمحكومات المحمية في كؿ أنحاء الببلد‪ ،1‬مما يتيح الفرصة أماـ تحييد المسألة‬
‫الكردية عمى كامؿ الببلد‪ ،‬وتحويؿ المغة الكردية إلى لغة رسمية‪ ،‬كاف يمكف أف يثبت في دساتير‬
‫الواليات الفيدرالية المحمية‪ ،‬دوف أف تتحمؿ الببلد وزر ذلؾ‪.‬‬
‫لكف العنصر األبرز لمخطة األوزالية تتمثؿ في الرجوع إلى المساواة بيف المكونات المختمفة في‬

‫الدولة التركية عمى مستوى الجماعة‪ ،‬ال الميؿ نحو المساواة في المواطنة ووضع الحموؿ الفردية‪،‬‬
‫فالواليات السبع المطروحة‪ ،‬عمى الرغـ مف عدـ طرحيا العمني لذلؾ‪ ،‬كانت تخص كؿ طيؼ‬
‫إثني وثقافي ومذىبي بوالية‪ ،‬فواليتاف شرقيتاف لمكرد وواليتاف في الوسط‪ ،‬واحدة جية الشرؽ ألتباع‬
‫المذىب العموي‪ ،‬وأخرى لممذىب السني المحافظ حوؿ العاصمة أنقرة‪ ،‬باإلضافة إلى والية شمالية‬
‫خاصة بالعنصر البلظي‪ ،‬وأخرى ساحمية متوسطية لمقومييف األتراؾ‪ ،‬ووالية أخيرة لذوي النمط‬
‫المعيشي األوروبي في مدينة إسطنبوؿ‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫إحسان داغي‪ ،‬حان الوقت لنتذكر أوزال‪ ،‬أنظر ‪www.aleftoday.info/content‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد ثمجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪94-87‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الحياة السياسية وتأثيرىا عمى الديمقراطية في النظام التركي‬
‫بالحديث عف الحياة السياسية المعاصرة في تركيا نكوف بصدد الحديث عف النظاـ السياسي‬
‫القائـ‪ ،‬وبالتالي بياف ماىية النسيج المكوف لمدولة التركية الحديثة؛ فمف المعروؼ أف تركيا تتبع‬
‫نظاـ الديمقراطية التمثيمية البرلمانية‪ ،‬كما نصت المادة الثانية مف الدستور التركي أف جميورية‬
‫تركيا ىي" دولة ديمقراطية عممانية واجتماعية تحكميا سيادة القانوف"‪ ،1‬تضع في إعتبارىا مفاىيـ‬
‫السمـ العاـ‪ ،‬والتضامف الوطني والعدالة‪ ،‬واحتراـ حقوؽ اإلنساف‪ ،‬والوالء لقومية أتاتورؾ منذ‬
‫تأسيس الجميورية التركية في عاـ ‪ ،1923‬وقد دانت تركيا ألحكاـ العممانية منذ دستورىا األوؿ‪،‬‬
‫فدستور تركيا يحكـ اإلطار القانوني لمدولة‪ ،‬وىو الذي يحدد المبادئ الرئيسية لمحكومة‪ ،‬ويجعؿ‬

‫تركيا دولة مركزية موحدة‪ .‬ومف خبلؿ دراسة السمطات الرئيسية ومياميا في تركيا؛ نجد أنفسنا‬
‫أماـ كؿ مف السمطة التنفيذية والتشريعية والقضائية‪ 2‬ونتناوؿ ذلؾ عمى النحو التالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬السمطة التنفيذية‪ :‬وتتكوف مف رئيس الجميورية ومجمس الوزراء واإلدارات العامة‪:‬‬
‫أ‪ ‌ .‬رئيس الجميورية‪ :‬ىو رأس الدولة‪ ،‬ويمثؿ الجميورية التركية والشعب التركي‪ ،‬ونجد‬
‫إختصاصات رئاسة الجميورية قد إنحصرت بموجب الفصؿ الثاني مف الدستور التركي‪،‬‬
‫ومف ضمف مياـ واختصاصات رئيس الجميورية تعييف الوزراء ورئيس الوزراء‪،‬‬
‫والمصادقة عمى اإلتفاقيات الدولية والتوقيع عمى المراسيـ والق اررات ىذا كما جاء في‬
‫المادة ‪ 114‬مف الدستور‪ ،‬وبحسب التعديؿ الدستوري الذي جرى اإلستفتاء عميو في‬
‫أكتوبر ‪ ،2007‬فإنو يجري إنتخاب رئيس الجميورية باإلقتراع المباشر مف قبؿ الشعب‪،‬‬
‫وتكوف فترة رئاستو ‪ 5‬سنوات قابمة لمتجديد مرة واحدة فقط‪ ،3‬وقد تـ إنتخاب عبد اهلل غوؿ‬
‫رئيساً لمببلد في ‪ 28‬آب ‪ ،2007‬خمفاً لمرئيس أحمد نجدت سيزر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة الثانية من الدستور التركي لعام ‪1982‬‬
‫‪2‬‬
‫نعرض إختصاصات السمطات الرئيسة في تركيا كما حددىا دستور تركيا لعام ‪ 1982‬والتعديالت التي أقرت في أكتوبر‬
‫‪2010‬‬
‫‪3‬‬
‫مركز اإلمارات لمدراسات واألبحاث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪146‬‬

‫‪61‬‬
‫ب‪ ‌.‬مجمس الوزراء‪ :‬ويعتبر مركز السمطة التنفيذية؛ عمى إعتبار أف النظاـ السياسي في‬
‫تركيا ىو نظاـ برلماني‪ ،‬ويتكوف مف رئيس الوزراء والوزراء‪ 1‬الذيف يختارىـ رئيس الوزراء‬
‫بعد تعيينو مف بؿ رئيس الجميورية‪ ،‬عمى أف يكوف مف بيف أعضاء الجمعية الوطنية‪،‬‬
‫وعادة ما يكوف مف األغمبية البرلمانية‪ ،‬وتتمثؿ إختصاصات رئيس الوزراء بنص المادة (‬
‫‪2‬‬
‫‪ )112‬ويتولى ميمة اإلشراؼ عمى عمؿ الوزراء‪.‬‬
‫ج‪‌ .‬اإلدارة العامة‪ :‬التي تعتبر الجسـ اإلداري التنفيذي عمى مستوى الدولة وبحسب نص‬
‫(‪ )123‬مف الدستور فإنيا تحدد البنى والوظائؼ المطموبة منيا وتحدد بقانوف‪،‬‬ ‫المادة‬
‫وتتخذ اإلدارة العامة شكميف طبعاً ىما‪ :‬اإلدارة المركزية واإلدارة المحمية‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬السمطة التشريعية‪ :‬وتمثميا الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬وتمارس صبلحية التشريع‬
‫وفقاً لممادة ‪ 7‬مف الدستور‪ ،‬وىي صبلحية غير قابمة لمتفويض‪ ،‬وتتألؼ مف ‪ 550‬عضواً ينتخبوف‬
‫كؿ أربعة أعواـ وذلؾ بعد التعديؿ الذي أجري عاـ ‪ ،2007‬وتشمؿ إختصاصاتيا المكفولة ليا‬
‫بمقتضى الدستور‪ :‬التشريع وتعديؿ القوانيف وابطاليا‪ ،‬واإلشراؼ عمى عمؿ مجمس الوزراء‬
‫والوزراء‪ ،‬واصدار المراسيـ‪ ،‬واقرار الخطط الحكومية بشأف السياسة العامة الداخمية والخارجية‪،‬‬
‫ومناقشة مشروع الميزانية‪.3‬‬

‫ثالثاً‪ :‬السمطة القضائية‪ :‬وتنقسـ إلى ثبلث فئات ىي القضاء العدلي والقضاء اإلداري والقضاء‬

‫الخاص؛ منيا المحكمة الدستورية العميا والتي نظمت بموجب المادة (‪ )146‬وتتكوف مف‬
‫‪11‬عضواً أصمياً و‪ 4‬إحتياطييف‪ ،‬وأبرز مياميا تتمثؿ في حماية حقوؽ اإلنساف والحريات‬
‫األساسية وتطويرىا‪ ،‬والتحقؽ مف مدى دستورية القوانيف‪ ،‬ويحؽ ليا مقاضاة رئيس الجميورية‬
‫وأعضاء مجمس الوزراء ورؤساء المحاكـ العميا واإلدعاء العاـ‪ ،‬وتنظر المحكمة الدستورية في‬

‫‪1‬‬
‫حسب المادة ( ‪ ) 109‬من الدستور التركي‬
‫‪2‬عمي باكير‪ ،‬تركيا الدولة والمجتمع‪ ،‬ص‪29‬‬
‫‪3‬‬
‫مركز اإلمارات لمدراسات واألبحاث‪ ،‬جدليات المجتمع والدولة في تركيا‪ ،‬ص‪145‬‬

‫‪62‬‬
‫دعاوى حؿ األحزاب السياسية المرفوعة الييا‪ ،‬ومحكمة اإلستئناؼ العسكرية حسب المادة‬
‫(‪ ،)156‬والمحكمة اإلدارية العسكرية العميا حسب المادة (‪ ،)157‬ومجمس الدولة حسب المادة‬
‫(‪ ،)155‬ومحكمة أمف الدولة حسب المادة (‪ )143‬والتي ألغيت عاـ ‪ ،2004‬والقضاء العسكري‬
‫حسب المادة(‪ ،)145‬ويقرر الدستور في المادة (‪ )138‬إستقبللية القضاء في واجباتو ومسؤولياتو‬
‫وفؽ الدستور‪.1‬‬
‫يقوـ النظاـ السياسي التركي عمى قاعدتيف؛ ىما الجيش والنظاـ الحزبي‪ ،‬وتصميـ النظاـ الحزبي‬
‫قائـ عمى قبوؿ األحزاب التي تعبر عف يميف الوسط ويسار الوسط‪ ،‬أي الوسط في اليميف واليسار‬
‫مع وجود حزبيف كبيريف؛ أحدىما في الحكـ والثاني في المعارضة‪ ،‬مع إستبعاد األحزاب الصغيرة‪،‬‬
‫لكنو مع عجز األحزاب الكبيرة وضعفيا تسممت أحزاب صغيرة إلى الحياة الحزبية‪ ،‬واستطاعت أف‬

‫تحقؽ قدماً راسخة في الحياة السياسية عمى حسابيا‪ ،2‬ىذه األحزاب التي فرضت نفسيا عمى‬
‫الساحة السياسية التركية مع ظيور حركة الفكر الوطني وىي الحركة التي أسسيا أربكاف‪ ،‬األب‬
‫الروحي لئلسبلـ السياسي في تركيا منذ عاـ ‪ ،1969‬حيث أصبحت رقماً ال يمكف تجاىمو‪،‬‬
‫ودخمت ىذه الحركة ممثمة في حزب السبلمة الوطني منذ مطمع السبعينات في عدد مف‬
‫اإلئتبلفات‪ ،‬كاف أبرزىا مع حزب الشعب الجميوري العمماني الكمالي عاـ ‪ ،1974‬وىو اإلئتبلؼ‬
‫الذي قاد عممية إنزاؿ الجيش التركي في قبرص لحماية القبارصة األتراؾ‪ ،3‬ثـ مع حزب العدالة‬
‫الديمقراطي المحافظ عاـ ‪ ،1975‬وعاـ ‪.1977‬‬
‫في ىذه األثناء كانت العممانية التركية تقبؿ بوجود التيارات اإلسبلمية في الفضاء السياسي العاـ‬
‫شريطة إحتراميا لمجميورية والدستور العمماني‪ ،‬بعد إدراؾ التيار العمماني بأنو ال يمكف تحييد‬
‫التيارات اإلسبلمية كقوة إجتماعية وثقافية مف الوجود السياسي؛ ألجؿ بقاء الجميورية والدولة‬
‫التركية والتي ال يمكف ألحد أف يضحي بيا‪ ،‬ومف ثـ ال بد مف تنحية الخبلفات السياسية لضماف‬
‫إستمرارىا‪ ،‬ولكف تقدـ التيارات اإلسبلمية وبازدياد تأييدىا كانت المحكمة الدستورية العميا‪ ،‬والتي‬

‫‪1‬‬
‫أنظر‪ ،‬عمي باكير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪30‬‬
‫‪2‬‬
‫صموئيل ىنغتون‪ ،‬النظام السياسي لمجتمعات متغيرة‪ ،1993 ،‬بتصرف‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪136‬‬

‫‪63‬‬
‫تعبر عف سيادة الجميورية وعممانيتيا تصدر ق ارراتيا المتتالية بإغبلؽ األحزاب السياسية كونيا‬
‫أحزاباً تيدد المبادئ الكمالية العممانية‪.1‬‬
‫بعد تأسيس حزب النظاـ الوطني في كانوف ثاني ‪ ،1970‬أصدرت المحكمة الدستورية ق ار اًر بحؿ‬
‫الحزب عاـ ‪ ،1971‬تحت ذريعة النشاطات البلعممانية بعد اإلنقبلب العسكري الثاني لمجيش‬
‫التركي في آذار ‪ ،1970‬ثـ ما لبث أف تـ تشكيؿ حزب السبلمة الوطني والذي تـ حمو أيضا‬
‫عقب إنقبلب عاـ ‪ ،1982‬حيث إتخذ اإلنقبلبيوف ق ار اًر بحؿ كافة األحزاب السياسية‪ ،‬ومثؿ أربكاف‬
‫زعيـ الحزب و‪ 33‬مف رفاقو أماـ المحكمة العسكرية لتوجياتيـ اإلسبلمية‪ ،‬وتذكيرىـ األمة بأنيا‬
‫حاربت في الماضي ألجؿ اإلسبلـ ال مف أجؿ أشخاص وزعماء‪ ،‬وتأسس بعد ذلؾ حزب الرفاه‪2‬؛‬
‫والذي لـ يمبث أف ُحؿ بعد أف أصدرت المحكمة الدستورية ق ار اًر بإغبلؽ الحزب في ‪ 16‬كانوف‬

‫الثاني عاـ ‪ ،1998‬وتأسس مف بعده حزب الفضيمة والذي تـ إغبلقو في ‪ 22‬حزيراف‪.2001‬‬


‫تـ توظيؼ مجمس األمف القومي الذي يعبر عف رغبة العسكر بموجب الصبلحيات القانونية‬
‫الممنوح ة لو؛ حيث يصدر توصيات تتحوؿ ألوامر ال يمكف عصيانيا‪ ،‬حيف تقدـ بمذكرة إلى‬
‫رئيس الوزراء طالبو فييا باإلستجابة لمطالب الجيش التي بمغت ‪ 18‬مطمباً‪ ،‬لحماية تراث‬
‫العممانية الكمالية‪ ،‬واضطر أربكاف إلى اإلستقالة عاـ ‪ 1997‬ومغادرة مجمس الوزراء دوف رجعة‪،3‬‬
‫واعتبر الجيش أف الخطر اإلسبلمي ىو الخطر األوؿ في الببلد‪ ،‬ويقضي القانوف التركي بأف‬
‫ينتخب رئيس الوزراء خبلؿ تصويت لنيؿ الثقة في البرلماف‪ ،‬وغالباً ما يكوف رئيس الوزراء مف‬
‫األغمبية البرلمانية‪ ،‬وقد حصؿ حزب العدالة والتنمية عمى األغمبية المطمقة مف مقاعد البرلماف‬
‫في اإلنتخابات عاـ ‪ ،2002‬حيث حصؿ عمى ‪ ٪34‬مف األصوات‪ ،‬وقد تـ إنتخاب رجب طيب‬
‫أردوغاف ثبلث مرات رئيساً لمجمس الوزراء‪ :‬في عاـ ‪ 2002‬فاز بنسبة ‪ ٪34‬مف أصوات‬
‫الناخبيف‪ ،4‬وفي عاـ ‪ 2007‬حصؿ عمى نسبة ‪ ٪47‬وفي عاـ ‪ 2011‬كانت النسبة ‪ ،٪49‬وفي‬

‫‪1‬‬
‫أنظر شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪133-132‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪133- 127‬‬
‫‪3‬‬
‫نجم الدين أربكان‪ ..‬تركيا لن تنساك‪ ،‬أنظر‪www.albshara.com/showthread.php?t=23246‬‬
‫‪4‬‬
‫الشيخ راشد الغنوشي‪ ،‬قراءة خاصة في تجربة حزب "العدالة والتنمية التركي‪ ،‬مسممون تحت المجير‪ ،‬الجزيرة نت‬

‫‪64‬‬
‫اإلنتخابات العامة التي جرت عاـ ‪ ،2007‬حصؿ حزب العدالة والتنمية عمى ‪ ٪46.6‬مف‬
‫األصوات‪ ،‬بحيث يمكنو ذلؾ مف أف يدافع عف أغمبيتو في البرلماف‪.1‬‬
‫بيد أنو ال يفترض أف يكوف الوزراء أعضاءاً في البرلماف‪ ،‬إال أنيـ يممكوف عضوية البرلماف كما‬

‫جرى عميو العرؼ غالباً‪ ،‬وجاءت ىذه اإلنتخابات تحت وطأة سمسمة مف األحداث المتعمقة بعممانية‬

‫الدولة‪ ،‬ودور السمطة القضائية في المجمس التشريعي‪ ،‬وشممت ىذه اإلنتخابات الرئيس عبد اهلل‬

‫غوؿ‪.2‬‬
‫وكانت حقوؽ اإلنساف في تركيا مثار كثير مف الجدؿ واإلختبلؼ الدولي حياليا‪ ،‬وال أدؿ مف ذلؾ‬
‫تقديـ المحكمة األوروبية لحقوؽ اإلنساف ما يزيد عمى ‪ 1600‬حكما ضد تركيا بيف عامي ‪1998‬‬
‫‪ 2008 -‬عف إنتياكات حقوؽ اإلنساف‪3‬؛ ال سيما الحؽ في الحياة والتحرر مف التعذيب‪ ،‬وقد‬

‫إجتذبت قضايا أخرى مثؿ حقوؽ األكراد وحقوؽ المرأة وحرية الصحافة الكثير مف الجدؿ‪ ،‬فسجؿ‬
‫تركيا في مجاؿ حقوؽ اإلنساف ال يزاؿ يشكؿ عقبة مستقبمية كبيرة لعضوية اإلتحاد األوروبي ‪.‬‬
‫تتمتع الجميورية التركية بنظاـ سياسي‪ 4‬تبنت الببلد مف خبللو الحياة الديمقراطية بعد تطبيؽ‬
‫دستور عاـ ‪ 1982‬وبعد سنوات مف الحكـ العسكري‪ ،‬حيث يشكؿ البرلماف والذي يتكوف مف‬
‫‪ 550‬نائباً‪ ،‬يتـ إنتخابيـ لمدة خمس سنوات مف الشعب مباشرة‪ ،‬ويممؾ كؿ مواطف تركي مقيـ في‬
‫تركيا حؽ اإلنتخاب منذ سف الثامنة عشرة‪ ،‬لذا ال يستطيع المبلييف مف األتراؾ المغتربيف‬
‫المشاركة في اإلنتخابات‪ ،‬بيد أف أعمى سمطة سياسية في الببلد وىي سمطة رئيس الدولة‪ ،‬الذي‬
‫يتـ إنتخابو كؿ سبع سنوات مف قبؿ البرلماف‪ ،‬ال يسمح بإعادة إنتخاب الرئيس حسب الدستور‪،‬‬
‫حيث يوكؿ رئيس الدولة رئيس الحزب المنتصر باإلنتخابات النيابية ميمة تشكيؿ الحكومة‪ ،‬لكي‬

‫يصبح بدوره رئيساً لمحكومة‪ ،‬ومف ثـ يقوـ رئيس الجميورية بالموافقة أو الرفض ألعضاء الحكومة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫راغب دوران‪" ،‬أسباب صعود النموذج التركي"‪ ،‬في‪ :‬تركي الدخيل‪ ،‬ص‪121‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬بتصرف‬
‫‪3‬‬
‫منظمة العفو الدولية‪ ،‬تركيا‪ ،‬التعذيب واإلعتقال‪ ،‬وثيقة رقم ‪45-007-2001‬‬
‫‪4‬‬
‫حميد بوزرسالن‪ ،‬تاريخ تركيا المعاصر‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسين عمر‪ ،‬الطبعة الثانية‪( ،‬الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪،‬‬
‫‪ ،)2010‬ص‪139‬‬

‫‪65‬‬
‫بالحديث عف األحزاب السياسية الرئيسية في تركيا نجد كبلً مف حزب الرفاه اإلسبلمي ( تـ حظره‬
‫في يناير ‪ 1)1998‬حيث يفضؿ القائموف عميو التوجو اإلسبلمي‪ ،‬وتنشيط العبلقات مع الدوؿ‬
‫العربية واإلسبلمية‪ ،2‬ومف أىـ األحزاب السياسية التركية‪: 3‬‬

‫سنة التأسيس‬ ‫القائد‬ ‫اإليديولوجية‬


‫ّ‬ ‫االسـ‬

‫رجب طيب أردوغاف ‪2001‬‬ ‫محافظ‪ ،‬مؤيد لئلقتصاد الحر‬ ‫حزب العدالة والتنمية‬

‫‪1923‬‬ ‫دينيز بيكاؿ‬ ‫كمالي‪ ،‬ديمقراطي إجتماعي‬ ‫حزب الشعب الجميوري‬

‫‪1969‬‬ ‫دولت باختشالي‬ ‫قومي تركي‬ ‫حزب الحركة القومية‬

‫‪2005‬‬ ‫أحمد تورؾ‬ ‫ديمقراطي إجتماعي‪ ،‬قومي‬ ‫حزب المجتمع الديمقراطي (تركيا(‬

‫كردي‬

‫‪1985‬‬ ‫معصوـ توركير‬ ‫ديمقراطي إجتماعي‬ ‫حزب اليسار الديقراطي‬

‫‪1996‬‬ ‫ىايري كوزانغمو‬ ‫ليبرالي عمماني‬ ‫حزب الحرية والتضامف‬

‫‪1‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 113‬وما يمييا‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪179‬‬
‫‪3‬‬
‫لممزيد أنظر‪ ،‬ويكيبيديا الموسوعة الحرة ‪ ،‬ممحق‪ :‬قائمة األحزاب السياسية في تركيا‬

‫‪66‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الجيش والقضاء وتحديد مالمح الحياة السياسية‬
‫لقد كانت اليد الطولى والكممة الفصؿ في شتى مناحي الحياة السياسية التركية لمجيش والقضاء‬
‫التركي في التخطيط والتنفيذ‪ ،‬فكانت التعميمات التي تصدر عف المؤسستيف واجبة التنفيذ‪ ،‬ويحظر‬
‫تجاىميا تحت أي ظرؼ كاف‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬الجيش التركي في ظل مبادئ أتاتورك‬


‫لقد إرتبطت الشرعية في ذىف األتراؾ إباف إعبلف الجميورية التركية األولى عاـ ‪ 1923‬بأنيا‬
‫لمجيش وكماؿ أتاتورؾ‪ ،‬ولـ تكف لمشعب التركي‪ ،‬حيث إستغؿ أتاتورؾ ذلؾ جيداً لبسط سيطرتو‬

‫عمى شتى نواحي الحياة التركية‪ ،1‬وارتكزت مبادئ أتاتورؾ في المؤسسة العسكرية عمى مبدأيف‬
‫إثنيف ىما‪:‬‬
‫‪ .1‬تحقيؽ السبلـ في الداخؿ التركي وتحقيؽ السبلـ الخارجي مع الدوؿ األخرى‪.‬‬
‫‪ .2‬حظر تدخؿ الجيش في شئوف السياسة وعدـ تدخؿ السياسة كذلؾ في شئوف الجيش‪.2‬‬
‫نصوص الدستور التركي الذي صاغو أتاتورؾ غنية بالمواد الداعمة والتي تزيد نفوذ الجيش‪،‬‬
‫حيث نص الدستور عمى أف‪ " :‬الجيش ىو المؤتمف عمى سبلمة الببلد الداخمية والخارجية "‪،‬‬
‫ورسـ الجيش صورة تظير أتاتورؾ مؤسساً لجيش المقاومة‪ ،‬وزعيماً قومياً إباف حرب التحرير‬
‫الممتدة منذ عاـ ‪ 1920‬وحتى عاـ ‪ ،1922‬مما يعتبر تداخبلً بيف دوره السياسي والعسكري مف‬
‫خبلؿ رئاستو لمجميورية وقيادتو لمجيش التركي في آف معاً‪.3‬‬
‫مع وفاة أتاتورؾ إستقؿ الجيش عف القيادة السياسية؛ وحيث كانت رتبة رئيس الجميورية‬
‫عصمت إينونو جنراؿ‪ ،‬فقد كاف فوزي قاشماش قائد الجيش برتبة مارشاؿ وىي أعمى رتبة بالجيش‬
‫التركي‪ ،‬وتعتبر ذات الرتبة التي كاف يحوزىا المؤسس لمدولة ولمجيش معا )أتاتورؾ( لذلؾ فقد‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪70-66‬‬
‫‪2‬‬
‫أديب أوغمو‪ ،‬المؤسسة العممانية واإلسالم في تركيا‪( ،‬مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬بيروت‪ :‬العربية لمعموم ناشرون‪،‬‬
‫‪ ،)2010‬ص ‪129‬‬
‫‪3‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99-77‬‬

‫‪67‬‬
‫كاف وضع الجيش غامضاً‪ ،‬حيث كاف فوزي قاشماش المتحكـ رئيس أركاف الجيش‪ ،‬بينما كاف‬
‫عصمت إينونو بعيداً عف الجيش ومنشغبلً بالسياسة منذ عاـ ‪.11923‬‬
‫جاء الدستور التركي الذي وضعو أتاتورؾ خالياً مف تحديد وضعية الجيش بالنسبة لمدولة‪ ،‬فكانت‬
‫الخيارات بعد وفاة أتاتورؾ تدور حوؿ إستقبللية الجيش عف مؤسسات الدولة أو تبعية الجيش‬
‫لمدولة كأي مؤسسة أخرى مف مؤسسات الدولة التركية‪.‬‬
‫إستقر األمر بأف أصبح عصمت إينونو رئيساً لمجميورية يدير الدولة ومؤسساتيا‪ ،‬ويرأس حزب‬
‫الشعب كذلؾ‪ ،‬كما بات لمجيش وضعو المستقؿ تحت قيادة المارشاؿ فوزي قاشماش‪ ،‬حيث لـ يعد‬

‫يتبع إينونو ألف الدستور ال يوضح ىذا وألف عصمت إينونو كاف بعيداً عف الجيش منذ ‪ 16‬عاماً‬
‫قبؿ وفاة أتاتورؾ‪ ،‬رغـ ذلؾ فقد كاف الجيش وكافة مؤسسات الدولة مسخريف لتنفيذ مبادئ‬

‫أتاتورؾ‪ ،‬تمتع الجيش بعد وفاة أتاتورؾ باإلستقبللية الكاممة عف القيادة السياسية؛ مما أدى إلى‬
‫توالي اإلنقبلبات العسكرية منذ عاـ ‪ 1960‬الذي إعتبر اإلنقبلب األىـ في التاريخ التركي كونو‬
‫أمريكياً بامتياز‪ ،2‬حتى آخر اإلنقبلبات عاـ ‪1996‬؛ حرصت ىذه اإلنقبلبات عمى إلتزاـ المؤسسة‬
‫العسكرية بمبادئ أتاتورؾ‪ ،‬مف خبلؿ الحفاظ عمى عممانية الدولة في مواجية مختمؼ األطراؼ‬
‫اإلسبلمية أو اليسارية أو الشيوعية عمى حد سواء‪.‬‬
‫جاء إنقبلب عاـ ‪ 1980‬ممي از عف سابقو‪ ،3‬حيث قاـ بو قائد الجيش الجنراؿ كنعاف إيفريف‪ ،‬وبدأ‬
‫بإسقاط الحكومة واعبلف حالة الطوارئ واألحكاـ العرفية بالببلد لمدة ‪ 3‬سنوات‪ ،‬كانت ىذه الفترة‬
‫ىي األطوؿ‪ ،‬مف حيث بقاء الببلد تحت ظؿ األحكاـ العرفية منذ تأسيس الجميورية عاـ ‪،1923‬‬
‫تبل ذلؾ حؿ البرلماف التركي وايقاؼ العمؿ بالدستور؛ لتحكـ تركيا بالقوانيف العسكرية حتى عاـ‬
‫‪ 1983‬حيف بدأ العمؿ بالدستور الجديد الذي صاغو قادة اإلنقبلب‪4‬؛ تاكيداً الستمرار سيطرة‬
‫العسكر عمى كافة مؤسسات الدولة‪ ،‬كما جرى تأكيد عممانية الدولة مف خبلؿ التضييؽ عمى‬
‫النشاطات اإلسبلمية‪ ،‬ليبقى الجيش محتفظاً بسمطة التدخؿ العسكري في حاؿ مخالفة مبادئ‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪70-67‬‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد‪ ،‬أنظر‪ ،‬مركز اإلمارات لمدراسات والبحوث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 158‬وما يمييا‬
‫‪3‬‬
‫لممزيد حول تاريخ اإل نقالبات العسكرية في تركيا‪ ،‬أنظر ‪www.ar.wikipedia.org/wiki/‬‬
‫‪4‬‬
‫لممزيد حول ذلك‪ ،‬ىوري اسالم أوغمو‪ ،‬تركيا بين الصفوة البيروقراطية والحكم العسكري‪ ،‬ص‪104-75‬‬

‫‪68‬‬
‫‪1‬‬
‫أتاتورؾ‪ ،‬وتـ تعميؽ نشاط كافة األحزاب السياسية‪ ،‬مف خبلؿ إصدار قانوف األحزاب السياسية‬
‫الصادر في عاـ ‪.1983‬‬
‫تدخؿ الجيش مف جديد عاـ ‪ ،1996‬حيف قدـ الجيش إختبار ثقة لحكومة نجـ الديف أربكاف بعد‬
‫زيارة رئيس الحكومة إلى ليبيا‪ ،‬تمثمت بمجموعة مف الطمبات التي تشمؿ منع اإلنتشار السياسي‬
‫والديني‪ ،‬إال أف حكومة أربكاف رفضت شروط الجيش التركي‪ ،‬فكاف اإلنقبلب ما بعد الحداثي‬
‫مباشرة؛ حيث قاـ الجيش بنشر دباباتو في شوارع العاصمة التركية في حزيراف ‪ 1997‬وأجبر‬
‫أربكاف عمى اإلستقالة‪ ،‬تولى مسعود يممظ رئاسة الوزراء بعد ىذا اإلنقبلب‪ ،‬وأحيؿ أربكاف إلى‬
‫المحاكمة عقب ذلؾ عاـ ‪ 1998‬حيث منع مف مزاولة السياسة لخمس سنوات قادمة‪ ،2‬فكاف ىذا‬
‫نياية لمشوار أربكاف في السياسة التركية‪ ،‬كما أصدر القضاء التركي سمسمة مف األحكاـ‬

‫المتشددة‪ ،‬منيا إعتبار الحجاب جريمة يعاقب عمييا القانوف وحظره في مؤسسات الدولة‪ ،‬وأستثني‬
‫مف ذلؾ النساء الرسميات كعضوات البرلماف‪ ،‬كما إتخذت سمسمة مف العقوبات بحؽ اإلسبلمييف‪،‬‬
‫حيث سجف ومنع العشرات مف مزاولة العمؿ السياسي‪.‬‬
‫بدا موقؼ الجيش المرتكز عمى مبادئ العممانية واضحاً تجاه التنامي المتسارع في قوة تيار‬
‫اإلسبلـ السياسي‪ ،‬بدأ صراع مرير منذ المحظة األولى‪ ،‬حيث تعددت مواقؼ المؤسسة العسكرية‬
‫مف تنامي التيار اإلسبلمي‪ ،‬حيث شيدت الجميورية التركية (منذ تأسيسيا) ممارسة لمحرب‬
‫بصورة مباشرة مف خبلؿ التضييؽ عمى اإلسبلمييف‪ ،‬ومحاصرتيـ بالقوانيف المتحيزة التي تيدؼ‬
‫إلى المحافظة عمى عممانية الدولة‪ ،‬فتـ حظر جميع األحزاب اإلسبلمية التي تمارس السياسية‪.3‬‬
‫كما تـ سجف قادة الحركة اإلسبلمية وحرمانيـ مف ممارسة النشاط السياسي‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى‬
‫تدخؿ الجيش بصورة مباشرة ثبلث مرات مف خبلؿ إنقبلبات أعواـ ‪ 1960‬و‪ 1971‬و‪،1980‬‬
‫وكاف اإلنقبلب األخير ييدؼ إلى حظر جميع األحزاب السياسية ومحاكمة زعمائيا وسجنيـ وكاف‬
‫بينيـ حزب السبلمة الوطني وزعيمو نجـ الديف أربكاف‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫نصت المادة ‪ 8‬من قانون األحزاب السياسية عمى " وجوب تأسيس الحزب من ‪ 30‬عضوا عمى األقل من المواطنين‬
‫والوثائق الى وزارة الداخمية" ألخذ الموافقة المسبقة‪.‬‬ ‫األتراك‪ ،‬وتبمغ كافة المعمومات‬
‫‪2‬‬
‫نجم الدين أربكان ‪ ..‬تركيا لن تنساك‪ ،‬أنظر ‪www.albshara.com/showthread.php?t=23246‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪89- 81‬‬
‫‪ .4‬لممزيد حول اإل نقالبات العسكرية في تركيا‪ ،‬أنظر ‪www.ar.wikipedia.org/wiki‬‬

‫‪69‬‬
‫منذ عاـ ‪ 1990‬شيد أسموب الجيش تغي اًر واضحاً في مواجية اإلسبلمييف حيث تخمى عف‬
‫أسموب االنقبلبات العسكرية المباشرة؛ وذلؾ إرضاءا لئلتحاد األوروبي الذي تسعى تركيا‬
‫والنفوذ الذي بات اإلسبلميوف يتمتعوف بو في الدولة ومؤسساتيا مف‬ ‫لئلنضماـ إليو مف جية‪،‬‬
‫جية أخرى‪ ،‬واتبع الجيش أسموبا آخر تمثؿ في تضييؽ الخناؽ عمى الجماعات واألحزاب‬
‫اإلسبلمية وحظرىا وحبس زعماءىا‪ ،‬باإلضافة إلى محاولة تجفيؼ منابع ىذه التيارات واألحزاب‪،‬‬
‫وقد بدأ اتباع ىذا األسموب في أعقاب إنقبلب ‪ 1980‬مف خبلؿ دستور ‪ 1982‬وقانوف األحزاب‬
‫السياسية‪ 1‬الذي بدأ العمؿ بو عاـ ‪.1983‬‬
‫رغـ أف أربكاف قد حقؽ بعض النجاحات السياسية واإلقتصادية وكذلؾ الداخمية أثناء توليو رئاسة‬
‫الحكومة بعد نجاح حزب الرفاه اإلسبلمي في تشكيؿ الحكومة اإلئتبلفية مع حزب الطريؽ القويـ‬

‫عاـ ‪1996‬؛ إال أف المؤسسة العسكرية لـ تقبؿ فكرة التعايش السممي بيف التيارات السياسية‪،‬‬
‫وعممت عمى إعاقة كثير مف المشاريع اإلصبلحية لحكومة أربكاف سواء كاف األمر يتعمؽ‬
‫بالمسألة الكردية أو بتوطيد أركانو مف خبلؿ المؤسسات السياسية‪ ،‬واستم ار اًر لسياسة الجيش في‬
‫مواجية حكومة الرفاه اإلسبلمية قاـ مجمس األمف القومي في عاـ ‪ 1997‬بتوجيو مذكرة إلى‬
‫حكومة أربكاف تضـ عشريف مطمباً‪ ،2‬حيث أشارت المادة ‪ 96‬مف قانوف األحزاب السياسية أنو" ال‬
‫يسمح بإستخداـ مصطمحات الشيوعية والفوضوية والفاشية واإلشتراكية والقومية والديف والعرؽ‬
‫والمغة والمذىب والمنطقة أو أي كممات تعطي المفاىيـ ذاتيا"‪ ،‬وكانت ىذه المادة قد ألغيت في‬
‫عيد حكومة حزب الوطف األـ في عاـ ‪.1991‬‬
‫قامت المؤسسة العسكرية في تركيا بمجموعة مف اإلجراءات التي تيدؼ إلى مواجية اإلسبلـ‬
‫السياسي‪ ،‬في عاـ ‪ ،1998‬وتمثؿ ذلؾ في وضع المؤسسات التعميمية الدينية الخاصة تحت‬

‫‪1‬‬
‫نص قانون األحزاب السياسية عمى األسس والشروط التي تحكم إقامة تشكيالت وفعاليات ووظائف وصالحيات‬
‫ومسؤوليات وعائدات ومصروفات األحزاب‪ ،‬واألمور المتعمقة باغالق وحل األحزاب السياسية المخالفة مما سيل عممية‬
‫حل األحزاب وحظرىا دون تدخل العسكر بصورة مباشرة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫تمثل أبرز مطالب الجيش في إحياء نص المادة ‪ 163‬من قانون العقوبات‪ ،‬والتي تنص عمى "تجريم أي نشاط‬
‫سياسي بدافع ديني" ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫إشراؼ ىيئة الشئوف الدينية‪ ،‬وحؿ كافة الجماعات والطوائؼ الدينية وحظر أنشطتيا‪ ،1‬وتخفيض‬
‫عدد المدارس الدينية األىمية‪ ،‬وعدـ بناء مساجد جديدة دوف الحصوؿ عمى موافقة السمطات‬
‫الدينية المختمفة‪ ،‬وذلؾ في سياؽ التقارير األمنية التي أشارت إلى قياـ ىذه المساجد بتمويؿ‬
‫الجماعات اإلسبلمية‪ ،‬وتشكيؿ لجنة خاصة تضـ ممثميف مف و ازرة الدفاع والداخمية والخارجية‬
‫والتعميـ واألمانة العامة لمجمس األمف القومي ووكالة اإلستخبارات والمجمس األعمى لمتعميـ؛ وذلؾ‬
‫بغرض تنظيـ الدراسة في الخارج والحد مف إلتحاقيـ ببعض الجماعات اإلسبلمية في الدوؿ‬
‫اإلسبلمية‪ ،‬باإلضافة إلى وضع خريجي تمؾ الجماعات تحت الرقابة الشديدة‪ ،‬وابعاد كافة األفراد‬
‫الذيف تحوـ حوليـ الشبيات في إنتماءاتيـ الدينية عف المؤسسات والييئات الحكومية‪.2‬‬

‫لـ تكتؼ المؤسسة العسكرية بتمؾ اإلجراءات بؿ وعمدت أيضا إلى حظر األحزاب اإلسبلمية‪ ،‬وسجف‬

‫قادتيا ومواجية أعضائيا الذيف يتحدوف النظاـ العمماني ويتبيف مف خبلؿ اإلحصائيات أف تركيا بيف‬

‫عامي ‪ 1987 -1932‬قد وضعت تحت األحكاـ العرفية‪ 3‬مدة ‪ 25‬سنة و ‪ 9‬أشير و ‪ 18‬يوماً‪.‬‬

‫كاف ذلؾ نابعا مف عقيدة الجيش التركي الذي اعتبر مؤسسة وطنية تفتخر بماضييا إباف حرب‬
‫اإلستقبلؿ‪ ،‬أقاـ نفسو حاـ لمدولة ولمبادئ مؤسسيا ومؤسس جيشيا‪ ،‬وكانت العقيدة الفكرية‬
‫األيدولوجية التي تسيطر عمى الجيش ىي الكمالية أو المبادئ التي أرساىا أتاتورؾ‪ ،‬وأكد في‬
‫دستور عاـ ‪ 1924‬عمى مسئولية الجيش تجاه النظاـ‪ ،‬مما جعؿ الجيش يؤكد عمى ىذا المبدأ في‬
‫دستور ‪ 1961‬ودستور ‪.1982‬‬
‫تتمخص العقيدة الكمالية بفصؿ األمة التركية عف ماضييا اإلسبلمي‪ ،‬وتأكيد القومية التركية‬
‫الشاممة‪ ،‬واإلرتباط بالغرب عمى أسس عديدة؛ أىميا أف تركيا غربية أوروبية‪ ،‬وأف دور الجيش‬
‫مقدس في حماية النظاـ العمماني لمدولة كما خطو مؤسس الجميورية التركية أتاتورؾ‪.4‬‬
‫عمى صعيد آخر‪ ،‬فقد تساىؿ الجيش في اإللتزاـ بمبادئ أخرى كاف قد نادى بيا أتاتورؾ؛ مثؿ‬
‫د ور الدولة القوي اإلقتصادي اإلشتراكي‪ ،‬فتنازؿ الجيش عنيا بالرغـ مف قيامو بإنقبلب عاـ‬

‫‪1‬‬
‫محمد ثمجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪95-94‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 128‬وما يمييا‬
‫‪3‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪4‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪73-70‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ 1960‬بسب عدـ التزاـ رئيس الحكومة حينئذ بيذا المبدأ‪ ،1‬وذلؾ تحت ضغوط غربية‪ ،‬إبتداءاً مف‬

‫عيد تورغوت أوزاؿ الذي أدخؿ تركيا رسمياً في حمبة الرأسمالية‪ ،‬وببل أدنى إعتراض مف الجيش ‪.‬‬

‫كما نبلحظ اختفاء نظاـ الحزب الواحد‪) 2‬حزب الشعب الجميوري( وىو النظاـ الذي أرساه مؤسس‬
‫الدولة لضماف عدـ حدوث معارضة‪ ،‬ولضماف إستقرار سياسي يسمح لو ببناء الدولة‪ ،‬فمنذ العاـ‬
‫‪ 1946‬تـ تأليؼ حزبيف أحدىما يطالب بالخبلفة‪ ،‬ولـ يعترض عميو الجيش ألسباب عدة أىميا‪:‬‬
‫أف رئيس الجميورية حينيا كاف عصمت إينونو رفيؽ كفاح أتاتورؾ خبلؿ حرب التحرير عاـ‬
‫‪1922-1920‬؛ فبات األمر يصعب تغييره‪ ،‬إال أف ىذا األمر سرعاف ما تغير وأصبح جزءاً مف‬
‫الماضي بعد إنقبلب العسكر في العاـ ‪ ،1960‬حيث أتاح المجاؿ لتشكيؿ العديد مف األحزاب‪،‬‬
‫وثانييما ترحيب أوروبا بيذا التوجو‪ ،‬مما أضعؼ موقؼ الجيش‪.‬‬

‫بالرغـ مف ىذا الضعؼ إال أف الجيش لـ يستسمـ لؤلحزاب ذات الخمفية اإلسبلمية فسارع إلى‬
‫حميا وحظرىا إبتداءاً بحزب النظاـ الوطني عاـ ‪ ،1971‬ثـ حظر حزب السبلمة الوطني عاـ‬
‫‪ ،1980‬ومف ثـ حؿ حزب الرفاه عاـ ‪ ،1998‬وصوالً إلى محاولة اإلنقبلب عاـ ‪ 2003‬عمى‬
‫حكومة أردوغاف‪ ،3‬وألوؿ مرة تمت محاكمة سبعة مف كبار ضباط الجيش التركي بتيمة محاولة‬
‫اإلنقبلب‪ ،‬كما رضخ الجيش لطمب الحكومة بعدـ ترقية كؿ مف جاء اسمو في ىذه القضية‪ ،‬وىو‬
‫ما يعتبر سبقاً في التاريخ التركي‪ ،‬باإلضافة إلى نجاح الحكومة في سعييا لتعديبلت الدستور‬
‫التركي ليتواءـ مع الدساتير الديمقراطية واألوروبية عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر لمساعدة الببلد‬
‫في مسعاىا لئلنضماـ إلى عضوية اإلتحاد األوروبي‪ ،‬وانياء الوصاية العسكرية عمى الحياة‬
‫السياسية التركية‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫اإل نقالبات العسكرية في تركيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬أنظر ‪www.ar.wikipedia.org/wiki/‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد دروزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 161‬وما يمييا‬
‫‪3‬‬
‫فيمي ىويدي‪ ،‬درس تركيا الذي لم نستوعبو‪ ،9.8.2011 ،‬أنظر‪،‬‬
‫‪www.kenanaonline.com/users/TAHAGIBBA/topics/91044/posts/300218‬‬
‫‪4‬‬
‫أنظر شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪103-67‬‬

‫‪72‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أف السعي التركي نحو اإلنضماـ لئلتحاد األوروبي ينطوي عمى العديد مف‬
‫النظريات‪ ،1‬حيث أف ىذا اليدؼ كاف سبباً في إضعاؼ المؤسسة العسكرية‪ ،‬وتنازليا عف العديد‬
‫مف مراكز قوتيا نظ ار العتراض اإلتحاد األوروبي عمى وضع الجيش السياسي وعارضتو الشديدة‬
‫لدور العسكر في الحياة المدنية؛ وخاصة مجمس األمف القومي وأمانتو العامة‪ ،‬إال أف معارضة‬
‫عدد مف دوؿ اإلتحاد األوروبي الكبرى وخاصة ألمانيا وفرنسا النضماـ تركيا‪ ،‬كانت قد إستغمت‬
‫جيداً لمحصوؿ عمى تنازالت أكبر عمى حساب المؤسسة العسكرية بغية الضغط عمييا لمتقميؿ مف‬
‫صبلحيات الجيش وتدخمو في الحياة السياسية‪.‬‬
‫في الماضي إستشعرت المؤسسة العسكرية بيذا اإلضعاؼ لدورىا منذ أف تـ وضع الجيش تحت‬
‫وصاية ىيئة األركاف‪ ،‬ورقابة الحكومة عمييا عمى يد الرئيس عصمت إينونو‪ ،‬فمجأت الى مجمس‬

‫األمف القومي حيث عمدت الى تضميف دستور عاـ ‪ 1961‬عدة نصوص تحدد تشكيؿ ىذا‬
‫المجمس الذي يتألؼ مف عسكرييف ومدنييف‪ ،‬ونص دستور ‪ 1982‬عمى زيادة عدد األعضاء‬
‫العسكرييف في المجمس‪ ،‬وذلؾ بإضافة قادة قوات أفرع القوات المسمحة بغية زيادة الثقؿ العسكري‬
‫عمى المدني داخؿ المجمس‪ ،‬كما تـ تغيير صفة ق اررات المجمس مف كونيا توصيات يدفع بيا إلى‬
‫مجمس الوزراء إلى إعتبارىا ق اررات ممزمة ُيعمف بيا مجمس الوزراء‪.2‬‬
‫نص دستور عاـ ‪ 1982‬عمى تشكيؿ األمانة العامة لمجمس األمف القومي‪ ،‬وقد أوضح القانوف‬
‫المنظـ ليذا النص الدستوري؛ وجوب أف يتولى أمانتيا فريؽ أوؿ ترشحو رئاسة األركاف العامة‪،‬‬
‫كما تـ تحديد مياـ األمانة لتشمؿ شئوف تركيا جميعيا‪ ،‬العسكرية والسياسية واألمنية واإلقتصادية‬
‫والثقافية فضبلً عف مسئوليتيا عف حماية المبادئ الكمالية‪ ،‬كما أنيا مخولة بمراقبة الجياز‬
‫التنفيذي وتوجيو فعالياتو والتدخؿ في إدارتو‪ ،‬ولؤلمانة العامة الحؽ الصريح في الحصوؿ عمى‬
‫المعمومات والوثائؽ السرية بكافة درجاتيا‪ ،‬وبشكؿ مستمر عند طمبيا مف الو ازرات والمؤسسات‬
‫العامة والييئات واألشخاص‪ ،‬وبيذه الصبلحيات أصبحت األمانة العامة لمجمس األمف القومي‬

‫تشكؿ ذاكرة الدولة ومركز عممياتيا‪ ،‬وأصبح مجمس األمف القومي مرتبطا بعبلقات مباشرة‬

‫‪1‬‬
‫موسوعة المعرفة‪ ،‬تركيا واإل تحاد األوروبي‪ ،‬أنظر‪www.marefa.org/index.php ،‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪73-70‬‬

‫‪73‬‬
‫بمؤسسات الدولة مثؿ مؤسسة اإلذاعة والتمفزيوف التركية‪ ،‬والمجمس األعمى لمتعميـ‪ ،‬وجياز‬
‫تخطيط الدولة‪ ،‬والمحافظات والو ازرات ويقوـ بتوجيييا‪.1‬‬
‫مف أجؿ تنفيذ ىذه المياـ ضمت األمانة العامة لمجمس األمف القومي عدداً كبي اًر مف الوحدات‬
‫التخصصية المعنية بكؿ مف الشئوف اإلجتماعية‪ ،‬واإلقتصادية‪ ،‬والتعميمية والثقافية‪ ،‬والعممية‬
‫والتكنولوجية‪ ،‬واإلعبلمية‪ ،‬ومنظمات المجتمع المدني‪ ،‬ومتابعة شبكة المعمومات الدولية‪ ،‬ودراسة‬
‫الحالة النفسية لممجتمع‪ ،‬ويشير ذلؾ التنوع الجمي والتخصصية الدقيقة إلى مدى النفوذ‪ ،‬والسمطات‬
‫التي حازتيا المؤسسة العسكرية بعد إنقبلب ‪ ،1980‬ما جعميا أشبو بجياز مخابراتي ُيعنى بكافة‬
‫شئوف المجتمع التركي وتوجياتو‪.2‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬موقف الحركة اإلسالمية من المؤسسة العسكرية في تركيا‬


‫دخمت الحركة اإلسبلمية مرحمة جديدة في الحياة السياسية التركية‪3‬؛ ىي مرحمة التنظيـ السياسي‬
‫العمني الذي كاف يحظى بالشرعية القانونية بعد السماح بتشكيؿ األحزاب السياسية عقب إنقبلب‬
‫عاـ ‪ ،1960‬وتعتبر البداية الحقيقية لمشاركة األحزاب االسبلمية في الحياة السياسية التركية منذ‬
‫عاـ ‪ ،1970‬حيث ظيرت أحزاباً ترفع الشعا ارت اإلسبلمية‪ ،‬بدأ ذلؾ مف خبلؿ حزب النظاـ‬
‫الوطني الذي أسسو نجـ الديف أربكاف‪ ،‬والذي ما لبث أف حظر عاـ ‪ ،1971‬وجاء بعده حزب‬
‫السبلمة الوطني الذي أسس عاـ ‪ 1972‬حيث شارؾ في ثبلث حكومات إئتبلفية مع أحزاب‬
‫أخرى‪ ،‬واستمر حتى إنقبلب ‪ ،1980‬حيث إتيـ أربكاف ست مرات بخرؽ المادة ‪ 163‬مف قانوف‬
‫العقوبات التركي والتي تحظر التجاوزات ضد العممانية‪.4‬‬
‫بعد ذلؾ أسس حزب الرفاه عاـ ‪ 1983‬بعد أف عاد الجيش إلى ثكناتو عقب إنقبلب ‪،1980‬‬
‫وكانت نشأة حزب الرفاه عسيرة في ظؿ قانوف األحزاب السياسية الذي فرض شروطاً قاسية عمى‬
‫تشكيؿ األحزاب السياسية عامة واإلسبلمية عمى وجو الخصوص‪ ،‬وبعد فوز حزب الرفاه في‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪236-217‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر أديب أوغمو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 125‬وما يمييا‬
‫‪3‬‬
‫لممزيد‪ ،‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪4‬‬
‫محمد العادل‪ ،‬اإلسالميون والحكم في البالد العربية وتركيا‪ ،‬ص‪386-384‬‬

‫‪74‬‬
‫اإلنتخابات البرلمانية التي أجريت في ديسمبر عاـ ‪ 1995‬بأكبر نسبة مف األصوات حيث حصؿ‬
‫عمى ‪ %22‬مف مجمؿ األصوات‪ ،‬وحصؿ عمى ‪ 158‬مقعداً مف مقاعد البرلماف التركي البالغ‬
‫عددىا ‪ 550‬مقعداً؛ مكوناً بذلؾ أكبر كتمة برلمانية وصاحب األغمبية‪.1‬‬
‫عمى ىذا األساس شكؿ نجـ الديف أربكاف زعيـ الحزب الحكومة بعد تحالفو مع )تانسو تشيمر(‬
‫زعيمة حزب الطريؽ القويـ في يونيو عاـ ‪ ،1996‬إال أف ذلؾ لـ يدـ طويبلً حيث تـ حمو عاـ‬
‫‪ ،1997‬وقاد كاف لق اررات إنقبلب ‪ 1997‬إنعكاسات ايجابية عمى قيادات الحركة اإلسبلمية‪،‬‬
‫حيث نشأ حزب الفضيمة عاـ ‪ ،1998‬والذي تشكؿ مف جناحيف كانا يمثبلف التيار التقميدي‬
‫والتيار التجديدي لمحركة اإلسبلمية في تركيا‪ ،‬واستمر الحزب حتى عاـ ‪ 2001‬حيث صدر قرار‬
‫بإغبلقو بدعوى مخالفتو لمعممانية‪ ،‬وفي ىذه األثناء تشكؿ حزب السعادة الذي يحمؿ أفكار التيار‬

‫التقميدي في حزب الفضيمة‪ ،‬بينما شكؿ أصحاب التيار التجديدي حزب العدالة والتنمية في ذات‬
‫العاـ‪.2‬‬
‫بعد مرور أشير معدودة عمى إستبلـ الرئيس التركي الجديد أحمد نجدت سيزار ميامو في‬
‫‪ ،1998‬أظيرت الدولة تصميميا عمى متابعة حممتيا ضد اإلسبلـ السياسي‪3‬؛ مف خبلؿ تأييد‬
‫محكمة التمييز التركية ق ار ار يقضي بسجف رئيس الوزراء األسبؽ وزعيـ حزب الرفاه نجـ الديف‬
‫أربكاف سنة مع النفاذ‪ ،‬ومنعو مف مزاولة أي نشاط سياسي‪ ،‬وذلؾ بمقتضى دستور عاـ ‪1982‬‬
‫والذي ينص عمى أف "حرية التعبير والرأي خارج األسس األتاتوركية لمدولة يعد جرما بحؽ‬
‫القانوف"‪ ،‬وقد أثار الحكـ إستياء السياسييف األتراؾ عمى مختمؼ إتجاىاتيـ‪ ،‬واعتبر رئيس المجنة‬
‫البرلمانية لممجمس األوروبي أف الحكـ يعرقؿ إنضماـ تركيا إلى اإلتحاد األوروبي‪ ،‬كما أنو يخالؼ‬
‫كافة المعايير القانونية لمتعددية الديمقراطية التي تؤمف بيا أوروبا‪.‬‬

‫منذ تولي حزب العدالة والتنمية دفة الحكـ فقد تـ تقميص سيطرة العسكر عمى الحياة السياسية‬
‫التركية‪ ،‬وىو ما يعتبر أىـ وأبرز التغييرات التي طرأت عمى بنية الدولة في تركيا‪ 4‬منذ تأسيس‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪176-172‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪76-75‬‬
‫‪3‬‬
‫مركز الدراسات اإلقميمية‪-‬جامعة الموصل‪ ،‬أنظر ‪www.aljazeera.net/specialfiles/pages‬‬
‫‪4‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪103-67‬‬

‫‪75‬‬
‫الجميورية عاـ ‪ ،1923‬وكا ليذا التقميص انعكاسات ميمة عمى التطور الديمقراطي الذي تشيده‬
‫تركيا‪ ،‬فقد تناولت التعديبلت الدستورية التي أجراىا الحزب عاـ ‪) ،2010‬والخاصة بمجمس األمف‬
‫القومي وأمانتو العامة( محوريف يفضي كبلىما إلى تقميص وضعية المؤسسة العسكرية في الحياة‬
‫السياسية التركية؛ وىما إلغاء ىيمنة المؤسسة العسكرية عمى بنية مجمس األمف القومي‪ ،‬وتقميص‬
‫سمطات المجمس التنفيذية‪ ،‬ولفيـ أىمية ىذه التعديبلت‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أف سيطرة العسكر‬
‫تركزت مف خبلؿ تعييف المؤسسة العسكرية جنراالت داخؿ عدد كبير مف مجالس إدارات‬
‫مؤسسات الدولة مثؿ المجمس األعمى لمتعميـ‪ ،‬واتحاد اإلذاعة والتمفزيوف؛ ليكونوا رقباء ليا عمى‬
‫ىذه المؤسسات‪.1‬‬
‫مف أبرز التعديبلت التي تـ إجراؤىا؛ إلغاء البند الخاص " بوجوب تعييف األميف العاـ لمجمس‬

‫األمف القومي مف بيف أعضاء القوات المسمحة"؛ لتنص عمى إمكانية تولي شخصية مدنية‬
‫لممنصب‪ ،2‬وانعقاد المجمس الدوري مرة كؿ شيريف عوضا عف مرة كؿ شير‪ ،‬وتحديد ميمتو‬
‫واقتصارىا عمى رسـ وتطبيؽ سياسة األمف الوطني‪ ،‬والقياـ بإخبار مجمس الوزراء بآرائو ثـ ينتظر‬
‫ما يسند إليو مف مياـ ليقوـ بتنفيذىا ومتابعتيا‪ ،‬وتحديد مياـ األمانة العامة لمجمس األمف القومي‬
‫لتفقد دورىا الرقابي ومبادرتيا في إعداد ق اررات المجمس‪ ،‬ووضع الخطط والمشروعات لمو ازرات‬
‫والييئات والمؤسسات؛ لتصبح ميمتيا قاصرة عمى تنفيذ ما يكمفيا بو المجمس مف مياـ‪ ،‬كما تـ‬
‫سحب حؽ األمانة العامة لمجمس األمف القومي في الحصوؿ عمى المعمومات والوثائؽ السرية‬
‫بكؿ درجاتيا عند طمبيا مف الو ازرات والمؤسسات العامة والييئات ورجاؿ القانوف‪.3‬‬
‫تـ تعديؿ المادة ‪ 4‬مف قانوف مجمس األمف القومي والتي تكمؼ المجمس بمتابعة أوضاع الدولة‬
‫السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية مف منطمؽ أف المجمس ىو الحامي لمنظاـ الدستوري‬
‫في الدولة‪ ،‬فأصبحت بعد تعديميا تحدد ميمة مجمس األمف القومي عمى رسـ وتطبيؽ سياسة‬
‫األمف الوطني‪ ،‬ورفع التوصيات إلى مجمس الوزراء‪ ،‬مكتفياً بإنتظار الق اررات الصادرة عف مجمس‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪72‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 15‬من قانون مجمس األمن القومي وأمانتو العامة‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪80-78‬‬

‫‪76‬‬
‫الوزراء ليقوـ بتنفيذىا؛ مما حولو إلى جياز إستشاري فقط بعدما كاف يشكؿ جية تنفيذية تصدر‬
‫الق ار ارت وتقوـ عمى تنفيذىا‪.1‬‬
‫مع كؿ ىذه التعديبلت فقد كاف وضع الجيش والمؤسسة العسكرية مستق اًر ببل ضغوط حقيقية‬
‫تمارس عميو مف الخارج؛ لوقؼ اإلنقبلبات العسكرية المتكررة‪ ،‬حتى بدأ الحديث مجدداً عف‬
‫ترشيح تركيا لعضوية اإلتحاد األوروبي في قمة ىمسنكي نياية عاـ ‪ ،1998‬وعندىا فقط وجد‬
‫الجيش نفسو مجب اًر عمى تحقيؽ متطمبات اإلنضماـ لئلتحاد األوروبي‪ ،‬وتمبية الشروط األوروبية‬
‫وعمى رأسيا إحتراـ الحقوؽ والحريات وتحييد الجيش عف التدخؿ في مجريات الحياة السياسية‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬دور القضاء في تركيا‬


‫لفترة طويمة كاف القضاء في تركيا دائرة مغمقة كمؤسسة الجيش‪ ،‬لـ يكف بمقدور أي كاف إختراقيا‬
‫أو اإلعتراض عمى ق ارراتيا‪ ،‬حيث كانت المادة ‪ 125‬مف الدستور التركي تنص عمى إتاحة‬
‫المجاؿ لممواطنيف لمتقاضي ضد كافة مؤسسات الدولة‪ ،‬بإستثناء ق اررات وشئوف رئيس الجميورية‪،‬‬
‫وق اررات مجمس الشورى العسكري الذي يعتبر أعمى ىيئة عسكرية في تركيا‪ ،‬والتي تنظر في‬
‫التعييف والترفيع والطرد واإلحالة عمى التقاعد في المؤسسة العسكرية‪ ،2‬ولـ يكف يممؾ الجنراالت‬
‫والضباط والعسكرييف الذي طردوا مف الجيش الحؽ في مراجعة القضاء‪ ،‬لمطعف في ق اررات مجمس‬
‫الشورى العسكري‪ ،‬فمنذ إنقبلب ‪ 1960‬وحتى وصوؿ حزب العدالة والتنمية لمحكـ عاـ ‪ 2002‬تـ‬
‫طرد أكثر مف ‪ 230‬جن ارالً‪ ،‬وآالؼ مف ضباط وعناصر الجيش الذيف طردوا بسبب ميوليـ‬
‫اإلسبلمية بالدرجة األولى‪ ،‬ووفقاً لق اررات ىذه الييئة‪ ،‬والتعديبلت الجديدة عمى المادة ‪ 125‬فقد‬
‫باتت تضمف إمكانية طعف العسكري المتظمـ‪ ،‬في أي قرار صادر بحقو مف مجمس الشورى‬
‫العسكري أماـ القضاء ‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪74-72‬‬
‫‪2‬‬
‫ىوشنك أوسي‪ ،‬الدسنور التركي الجديد‪ ،‬أنظر ‪www.akhbaar.org/home/2010/09/96502.html?print‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬بتصرف‬

‫‪77‬‬
‫خارج ظروؼ الحرب لف ُيقاضى المدني أماـ المحاكـ العسكرية‪ ،‬سعياً منيا لؤلخذ بالنموذج‬
‫األوروبي حيث ال وجود لممحاكمات العسكرية‪ ،‬وحتى العسكر يتـ محاكمتيـ أماـ المحاكـ‬
‫المدنية‪.‬‬
‫نجد في بمداف أخرى أف المحاكـ العسكرية تنظر في مسائؿ اإلنضباط وانتياؾ القوانيف والقواعد‬
‫العسكرية فقط‪ ،‬ومع تعديؿ المادة ‪ 145‬مف الدستور التركي‪ ،‬سيتـ حصر مياـ المحاكـ العسكرية‬
‫بالنظر في العمميات العسكرية‪ ،‬وأمور العسكرييف فقط‪ ،‬ومقاضاة المتيميف بتيديد وحدة الببلد‪،‬‬
‫واستيداؼ الدستور التركي‪ ،‬وأماـ المحاكـ المدنية وبالتالي ستبقى محاكمة شبكة أرغنيكوف أماـ‬
‫المحاكـ المدنية‪ ،‬وثمة تعديبلت أخرى عديدة تتناوؿ أصوؿ المحاكمات العسكرية‪ ،‬في مسعى‬
‫إضفاء الشفافية والحرية واإلستقبللية والنزاىة عمييا‪.1‬‬

‫يترتب عمى ىذا أف المحكمة الدستورية العميا في تركيا‪ ،‬شأنيا شأف المحاكـ الدستورية األوروبية‪،‬‬
‫باتت ذات طابع ديمقراطي بعد التعديبلت التي طالتيا‪ ،‬حيث كانت ىيئة ىذه المحكمة مؤلفة مف‬
‫أحد عشر قاضياً‪ ،‬وبموجب التعديؿ الجديد‪ ،‬ستضـ الييئة سبعة عشر قاضياً؛ يعيف رئيس‬
‫الجميورية أربعة عشر قاضياً منيـ‪ ،‬والثبلثة الباقيف يعينيـ البرلماف وتجدر اإلشارة الى أف قضاة‬

‫ىذه المحكمة ورغـ أنيـ يحالوف الى التقاعد في سف ‪ 65‬إال أنيـ يبقوف يمارسوف عمميـ في‬

‫المحكمة‪ ،‬ومف خبلؿ التعديؿ الجديد عاـ‪ 2010‬فيحدد مدة العضوية في ىذه المحكمة بػ‪ 12‬سنة‬

‫فقط‪. 2‬‬

‫أما الييئة العميا لمقضاء‪ ،‬فتعمؿ وفؽ المعايير الديمقراطية األوروبية‪ ،‬حيث كاف وزير العدؿ ونوابو‬
‫ضمف سبعة أعضاء أصبلء‪ ،‬باإلضافة إلى خمسة يعمموف بصفة مؤقتة يشكموف الييئة العميا‬
‫لمقضاء‪ ،‬وبموجب التعديؿ الجديد‪ ،‬سيصؿ عدد أعضاء الييئة الى ‪ 32‬عضواً‪ 22 ،‬منيـ‬
‫أصيميف‪ ،‬و‪ 10‬نواب‪ ،‬يحؽ لرئيس الجميورية تعييف أربع منيـ‪ ،‬وستزداد صبلحيات وزير العدؿ‬
‫في التأثير عمى دور وفعالية الييئة العميا لمقضاء‪ ،‬مما يعني زيادة تأثير الحكومة‪ ،‬كما أجريت‬

‫بعض التعديبلت عمى المواد ‪ 144‬و‪ 159‬فيما يتعمؽ بتأطير دور وزير العدؿ في حاالت‬

‫‪1‬‬
‫محمد عبد المنعم‪ ،‬أنظر ‪www.elwatannews.com/news/details/1457‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪133‬‬

‫‪78‬‬
‫التحقيؽ والتفتيش التي تطاؿ موظفي الو ازرة والمحاكـ والسجوف‪ ،1‬ومع تعديؿ المادة ‪ 15‬مف‬
‫دستور إنقبلب عاـ ‪ 1980‬سيتاح محاكمة اإلنقبلبيف عمى الرأي العاـ‪ ،‬ما يعني إمكانية محاكمة‬
‫قادة إنقبلب ‪ 12‬أيموؿ سنة ‪. 21980‬‬
‫بتعديؿ المادة ‪ 54‬أصبح متاحاً أماـ العماؿ والموظفيف فرصة القياـ بكافة أنواع اإلضراب‬
‫واإلحتجاج عمى فرض الضرائب والق اررات الصادرة مف الحكومة التي تمس أعماليـ ومداخيميـ‪،‬‬
‫وسيمنح دور أكثر فاعمية لممجمس اإلقتصادي واإلجتماعي‪ ،‬مما يعني أف ُغرؼ التجارة والصناعة‬
‫والحرؼ والميف والنقابات ستكوف شريكة ألي حكومة في الحماية والرقابة عمى الدستور‪ ،‬ويصبح‬
‫ىذا المجمس تحت الحماية الدستورية أيضاً‪.‬‬
‫كانت الييئة العميا لمقضاة قد حاولت تنحية القضاة والمدعيف العاميف المسؤوليف عف التحقيؽ في‬

‫قضية أرغنيكوف‪ ،3‬لتمكيف بعض المتيميف مف اإلفبلت مف العقاب‪ ،‬كما أف المحاكـ اإلدارية‬
‫رفضت ق اررات مجمس التعميـ العالي الخاصة بالسماح لممحجبات اإللتحاؽ بالجامعات‪ ،‬وتمكيف‬
‫خريجي المعاىد الدينية مف دخوؿ الكميات العممية والفنية‪ ،‬حيث يمتحف جميع الراغبيف في دخوؿ‬
‫الجامعات قبؿ توجيييـ إلى الكميات المختمفة‪ ،‬ولكف خريجي المعاىد الدينية وحدىـ يخضعوف‬
‫لنظاـ خاص في إحتساب الدرجات‪ ،‬فرضو مجمس التعميـ العالي حيف كاف تحت سيطرة مجمس‬
‫األمف القومي‪ ،4‬وبمقتضاه يتـ خصـ ‪ %15‬مف مجموع درجات الناجحيف منيـ‪ ،‬األمر الذي يغمؽ‬
‫األبواب في وجوىيـ لئللتحاؽ بكميات القمة‪ ،‬وىو ما يمثؿ تميي از واضحا‪ ،‬إشتكى منو الطبلب قبؿ‬
‫وصوؿ حزب العدالة لمحكـ‪ ،‬بيد أف المحكمة اإلدارية المختصة رفضت آنذاؾ مساواتيـ بزمبلئيـ‬
‫وقالت إنيا غير مختصة بالموضوع‪ ،‬وحيف تغيرت الحكومة‪ ،‬وعيف رئيس جديد لمجمس التعميـ‪،‬‬
‫صدر قرار بإلغاء ذلؾ التميز ومساواة خريجي المدارس الدينية بزمبلئيـ‪ ،‬وعندئذ تحركت‬

‫‪1‬‬
‫أحمد زكريا‪ ،‬صحيفة الوطن‪ ،‬أنظر ‪www.elaph.com/Web/opinion/2010/9/598810.htmll‬‬
‫‪2‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪3‬‬
‫الجزيره نت‪ ،‬محاوالت اإل نقالب عمى حزب العدالة والتنمية‪www.aljazeera.net/ ،‬‬
‫‪4‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪80‬‬

‫‪79‬‬
‫المؤسسة العممانية وطعنت في القرار أماـ المحكمة اإلدارية‪ ،‬فقضت بإبطالو وعودة التمييز إلى‬

‫سابؽ عيده‪.1‬‬

‫بقي األمر كذلؾ بيف مد وجزر ما بيف ىيئة القضاء وحركة التعديؿ ليا‪ ،‬واذا أردنا الحديث عف‬
‫ماىية ىذه التعديبلت نجدىا تستيدؼ إعادة ىيكمة ورسـ إختصاصات المؤسسات القضائية‬
‫الرئيسية متمثمة بكؿ مف‪ :‬مجمس الدولة‪ ،‬ومجمس القضاء األعمى‪ ،‬ومحكمة اإلستئناؼ العميا‪،‬‬
‫والمحكمة الدستورية العميا‪ ،‬ىذه المنظومة القضائية تشكؿ أقوى ما تبقي مف معاقؿ العممانية‬
‫األتاتوركية‪.2‬‬
‫جاءت التعديبلت الدستورية مف منطمؽ عدـ اإلنسجاـ القائـ بيف السمطة القضائية والمتطمبات‬

‫الديمقراطية التي تسعى تركيا لتحقيقيا في طريقيا لعضوية اإلتحاد األوروبي‪ ،‬حيث لـ يكف مقبوالً‬
‫ديمقراطيا أف يكوف تعييف أعضاء المؤسسات القضائية والمحاكـ بشتى أنواعيا متبادالً فيما بينيـ‬
‫في المناصب العميا بيذا الشكؿ في الييئات القضائية‪.‬‬
‫إف التوجو العمماني المييمف عمى رئاسة السمطة القضائية قد حوليا إلى طرؼ في النزاع القائـ‪،‬‬
‫وخصـ في المنافسات السياسية والحزبية‪ ،‬وىو ما يتنافى ومبادئ القضاء‪ ،‬ويشكؾ في شرعيتو‬
‫وحياده ونزاىتو‪ ،‬أضحى معو المواطف التركي موقناً بأف القضاء عقبة في سعيو لتحقيؽ اإلصبلح‬
‫السياسي‪ .‬تعزز التعديبلت التي أجريت الحريات األساسية لؤلفراد واألحزاب السياسية‪ ،‬وتقربيا مف‬
‫المتطمبات األوروبية في مجاؿ الحريات وحقوؽ اإلنساف‪ ،‬حيث جرى إقتراح لتعديؿ المادة العاشرة‬
‫مف الدستور والمتعمقة بمبدأ المساواة أماـ القانوف‪ ،‬حيث تـ إضافة فقرة تشير إلى إنو‪ ":‬يجب أال‬
‫تفسر اإلجراءات التي تتخذ‪ ،‬عمى نحو يتعارض مع مبدأ المساواة"‪ ،‬وسيفتح ىذا اإلقتراح الطريؽ‬
‫إلزالة الحظر عمى إرتداء الحجاب في الجامعات والمؤسسات الحكومية‪ ،‬جدير بالذكر أف‬
‫المحكمة الدستورية ألغت في السابؽ تعديبلً كاف البرلماف قد أقره عاـ ‪ 2008‬عمى المادتيف‪10‬‬
‫و‪ 42‬بيدؼ تحقيؽ المساواة في تمقي الخدمات التعميمية دوف تمييز بسبب الزي أو المباس‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫ومن الحوادث التي تظير مدى العالقة المتوترة بين الطمبة الممنوعون من اإل لتحاق بالجامعات التركية‪ ،‬والمحرومون‬
‫أيضا من ممارسة حريتيم الدينية؛ قيام محامي تركي عام ‪ 2006‬بإطالق النار عمى ستة من أعضاء المحكمة اإلدارية‬
‫التي كانت قد قضت بمنع دخول الطالبات الجامعيات المحجبات من دخول الجامعات التركية والمؤسسات الرسمية ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫رضا عبد الودود‪ ،‬أنظر ‪www.palmoslim.net/node/127736‬‬

‫‪80‬‬
‫وتطبيؽ مبدأ المساواة مف خاؿ عدـ حرماف الطالبات المحجبات مف حؽ التعميـ‪ .1‬كما شكمت ىذه‬
‫التعديبلت الخاصة بتعديؿ نص مادة ‪ 69‬جدال مع القوى العممانية؛ التي تحدد حاالت وشروط‬
‫رفع دعاوى حظر األحزاب السياسية‪ ،2‬حيث ذكرت ىذه المادة حاالت تبيح حؿ ىذه األحزاب إذا‬
‫شكمت تيديداً إلستقبللية الدولة‪ ،‬كما يحؿ الحزب في حاؿ تعارض نشاطاتو مع قواعد الجميورية‬
‫التي حددىا أتاتورؾ‪ ،‬وبذلؾ يكوف الحزب معرضاً لمحظر‪ ،‬واشترط القانوف إقامة دعوى مف خبلؿ‬
‫المدعي العاـ إلقرار حظر الحزب مف خبلؿ‪:‬‬
‫‪ .1‬عدـ جواز حؿ حزب سياسي إال إذا ثبت ممارستو لمعنؼ بشكؿ مباشر‪.‬‬
‫‪ .2‬إشتراط أخذ المدعي العاـ موافقة البرلماف المسبقة لكي يتمكف مف فتح دعوى لحظر أي‬
‫حزب‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪134-132‬‬
‫‪2‬‬
‫روز اليوسف‪ ،‬األحزاب السياسية التركية‪ ،‬أنظر ‪www.masress.com/rosadaily/60742‬‬
‫‪3‬‬
‫جاء ذلك من خالل المادة ‪ 69‬من الدستور التركي ضمن شروط حل وحظر األحزاب السياسية‬

‫‪81‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األحزاب السياسية وتأثيرىا عمى التطور الديمقراطي‬
‫تعتبر األحزاب إحدى الظواىر البارزة في الحياة السياسية والسيما في األنظمة الديمقراطية‪ ،‬وذلؾ‬
‫لما تقوـ بو مف تنافس عمى السمطة وتجسيد لمبدأ المشاركة السياسية إضافة إلى التعبير عف إرادة‬
‫المجتمع بكافة أطيافو ومصالحو‪ ،‬وانطبلقاً مف ىذه األىمية في دنيا الحياة السياسية فإننا سنحاوؿ‬
‫البحث في األحزاب السياسية وتأثيرىا عمى الديمقراطية في تركيا‪.‬‬
‫كما يرى الفيمسوؼ في القانوف الدستور الفرنسي بوردو في وجيزه صفحة ‪ ،181‬أف" السمطة تكوف‬
‫مف نصيب الغالب في صراع وت نافس يعتمداف عمى تصويت الناخبيف‪ ،‬فالديمقراطية تفترض تعدد‬
‫األحزاب‪ ،‬وتنتقؿ السمطة كالكرة بيف البلعبيف تبعاً إلتجاىات الرأي التي تعبر عنيا اإلنتخابات‪،‬‬
‫وال تكوف بذلؾ وقفاً عمى فئة دوف أخرى‪ ،‬كما أف األقمية واف فشمت مؤقتاً‪ ،‬إال أف األمؿ يحدوىا‬

‫دائما بإمكاف تسمـ السمطة إذا أيدىا الناخبوف"‪.1‬‬


‫حظر الدستور التركي إقامة األحزاب السياسية التي ترمي إلى جعؿ الدولة تحت سيطرة شخص‬
‫أو مجموعة‪ ،‬كما نص عمى عدـ ىيمنة طبقة إجتماعية عمى سائر الطبقات‪ ،‬وعدـ التمييز بيف‬
‫طبقة وأخرى بداعي المغة أو العرؽ أو الديف‪ ،2‬وعمى ىذا األساس تـ إقرار الدستور‪ ،‬رغـ ذلؾ‬
‫نجد بعض الحكاـ يتصدروف المشيد العاـ بأفكارىـ التي تحكـ شؤوف الدولة‪ ،‬ويمزموف المجتمع‬
‫عمى تطبيقيا‪ ،‬وجاء النص عمى المبادئ العممانية مف خبلؿ الدستور التركي الذي يصؼ أتاتورؾ‬
‫بالزعيـ الخالد‪ ،‬وبات ال يسمح بمخالفتيا تحت أي ظرؼ كاف‪ ،‬وىنا يظير التبايف واضحاً في‬
‫نصوص الدستور التي تشير إلى عدـ سيطرة شخص عمى الدولة إال أف ذلؾ ما يجري فعبلً مف‬
‫خبلؿ الجيش التركي منذ تأسيس الجميورية التركية عاـ ‪ ،1923‬كما ميد ىذا التفرد السمطوي‬
‫ليؤالء الحكاـ الطريؽ إلقامة أحزاب متمايزة سواءاً بالعرؽ أو المغة أو الديف‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫ىاتف األعرجي‪ ،‬أنظر‪www.alitthad.com/paper.php?name=News&file=article&sid=12113 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫تشير المادة ‪ 83‬من قانون األحزاب السياسية الى أن جميع األشخاص متساوون أمام القانون‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫إنتماءاتيم المذىبية والعرقية وأفكارىم السياسية أو معتقداتيم الدينية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ىذا كما جاء في المادة ‪ 96‬من قانون األحزاب السياسية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫لقد باءت جميع المحاوالت التي ترمي لوضع حد لعديد األحزاب السياسية القائمة في تركيا منذ‬
‫إنقبلب عاـ ‪ 1980‬بالفشؿ‪ ،1‬حيث تشكمت العديد مف األحزاب السياسية الجديدة‪ ،‬وشكؿ أتباع‬
‫ىذه األحزاب القاعدة الشعبية الخاصة لكؿ منيا والتي تحمؿ أفكا اًر متنوعة‪ ،‬بحيث لـ يعد بمقدور‬
‫حزب واحد أف يحقؽ األغمبية البرلمانية منفرداً‪ ،‬وبات الحزب الذي يصؿ إلى نسبة ‪ %20‬في‬
‫اإلنتخابات يشكؿ الحكومة بالتحالؼ مع غيره مف األحزاب‪.2‬‬
‫كانت التعددية الحزبية أبرز ما يميز النسيج السياسي التركي منذ نشأت الجميورية التركية‪ ،‬واف‬
‫حظرت بعض ىذه األحزاب في فترة اإلنقبلبات العسكرية في التاريخ التركي الحديث‪ ،‬مف خبلؿ‬
‫ذلؾ نجد العديد مف األحزاب السياسية في تركيا‪ ،3‬نذكر منيا‪:‬‬
‫حزب العدالة والتنمية‪ :‬تأسس عاـ ‪ ،2001‬ويرأسو رجب طيب أردوغاف‪ ،‬وتوصؼ‬ ‫‪‬‬

‫توجيات الحزب بأنيا محافظة مف الناحية االجتماعية وليبرالية مف الناحية االقتصادية‪.‬‬


‫حزب العمؿ القومي‪ :‬تأسس عاـ‪ 1969‬ويعرؼ باسـ " الذئاب الرمادية"‪ ،‬وأسسو الضابط‬ ‫‪‬‬

‫التركي ألب أرسبلف الذي قاد انقبلب عاـ ‪ ،1960‬ويصنؼ بأنو حزب قومي يميني متشدد ‪.‬‬

‫حزب الشعب الجميوري‪ :‬تأسس الحزب عاـ ‪ ،1923‬عمى يد مؤسس الجميورية التركية‬ ‫‪‬‬

‫مصطفى أتاتورؾ‪ ،‬وىو حزب يساري المنيج‪.‬‬

‫حزب المجتمع الديمقراطي‪ :‬تأسس عاـ ‪ ،2005‬ويرأسو أحمد تورؾ‪ ،‬ويعتبر حزباً كردياً‬ ‫‪‬‬

‫ديمقراطي اجتماعي‪ ،‬أنشئ عمى يد مجموعة مف السياسييف األكراد‪.‬‬


‫حزب اليسار الديمقراطي‪ :‬تأسس عاـ ‪ ،1985‬وزعيمو معصوـ توركير‪ ،‬ويصنؼ بأنو‬ ‫‪‬‬

‫ديمقراطي اجتماعي‪.‬‬
‫حزب الحرية والتضامف‪ :‬تأسس عاـ ‪ ،1996‬زعيمو ىايري كوزانغمو‪ ،‬ويصنؼ بأنو‬ ‫‪‬‬

‫‪4‬‬
‫عمماني ليبرالي‬

‫‪1‬‬
‫األحزاب السياسية في تركيا‪ ،‬أنظر‪،‬‬
‫‪www.almosul.org/AalaamAlmosul/TalalJalili/TalalJalili_Book.htm‬‬
‫‪2‬‬
‫نظمت األحزاب السياسية بموجب قانون االحزاب السياسية رقم ‪ 2820‬الصادر عام ‪ 1983‬بموجب المواد ‪ 68‬و ‪69‬‬
‫من دستور تركيا عام ‪1982‬‬
‫‪3‬‬
‫لممزيد حول األحزاب السياسية‪ ،‬عمي باكير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪35-33‬‬
‫‪4‬‬
‫أنظر‪ ،‬ويكيبيديا الموسوعة الحرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ممحق األحزاب السياسية في تركيا‬

‫‪83‬‬
‫المطمب األول‪ :‬نظرة عمى حزب العدالة والتنمية‬
‫يعتبر حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغاف( الذي ينتمي إلى تيار اإلسبلـ السياسي)‬
‫تجربة جديدة في تاريخ الحركات اإلسبلمية المعاصرة في تركيا‪ ،‬في الوقت الذي أفمس فيو مشروع‬
‫األحزاب العممانية الكمالية الذي إنطمؽ عمى يد أتاتورؾ منذ ما يزيد عمى ‪ 80‬عاما‪ ،‬إال أنو بات‬
‫قاد اًر عمى تحقيؽ مصالحة تاريخية مع اليوية اإلسبلمية لمشعب التركي‪ ،1‬يمتاز جيؿ حزب‬
‫العدالة والتنمية بنشأتو مف عمؽ البنى المجتمعية اإلسبلمية القائمة عمى الحمقات والدروس‬
‫الدينية‪ ،‬حيث نجحوا بتوظيؼ التجربة اإلسبلمية التي بدأت مع نجـ الديف أربكاف‪ 2‬منذ سبعينات‬
‫القرف المنصرـ‪ ،‬في كافة نواحي العمؿ السياسي واإلجتماعي واإلقتصادي بما ينسجـ مع‬
‫الشخصية التركية المتميزة‪.‬‬

‫حسـ مصطفى كماؿ أتاتورؾ قضية اليوية في تركيا الحديثة بمساعدة مف رفاقو في قيادة الجيش‬
‫التركي‪ ،‬حيث عمد إلى إستبداؿ ىوية الببلد العممانية األوروبية بيوية تركيا اإلسبلمية‪ ،3‬مف‬
‫خبلؿ بناء أمة تركية مف مختمؼ األطياؼ اإلثنية مبر اًز ماضي الحثييف والسومرييف في‬
‫األناضوؿ‪ ،‬بشكؿ يفوؽ إىتمامو بإحياء التراث الثقافي العثماني األصيؿ‪ ،‬وأصبحت النخبة التركية‬
‫أمر‬
‫الحاكمة تسعى إلى تيميش الديف بشكؿ كبير في إطار السياسة الجديدة‪ ،‬مف خبلؿ جعمو اً‬
‫شخصياً في إطار المجتمع‪ ،‬فكانت البداية عبر الحمبلت المتوالية التي طالت المظاىر اإلسبلمية‬
‫والمؤسسات التعميمية والدينية‪ ،‬حيث ألغيت الخبلفة اإلسبلمية في آذار عاـ ‪.1924‬‬
‫إرتبط نشاط الحركات اإلسبلمية التركية بالجماعات الصوفية المتجذرة بشكؿ كبير في صفوؼ‬
‫المجتمع التركي‪ ،‬وأفرزت اإلنتخابات التي إستؤنفت عقب إنقبلب عاـ ‪ 1960‬حزبا عممانيا‬

‫‪1‬‬
‫الشيخ راشد الغنوشي‪ ،‬انظر‪www.freedoc.blogspot.co.il/2007/05/3.html ،‬‬
‫‪2‬‬
‫ولد نجم الدين أربكان في ‪ 29‬أكتوبر ‪ 1926‬ومات في ‪ 27‬فبراير ‪ ،2011‬ىو ميندس وسياسي تركي أنشأ عام‬
‫‪ 1970‬مع الحركة النورسية حزب النظام الوطني الذي كان أول تنظيم سياسي ذي ىوية إسالمية تعرفو الدولة التركية‬
‫الحديثة منذ زوال الخالفة عام ‪ ،1924‬وتولى رئاسة حزب الرفاه ورئاسة وزراء تركيا من الفترة بين ‪1997-1996‬‬
‫عرف بتوجياتو اإلسالمية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ابن حوران‪ ،‬أنظر ‪www.muntada.khayma.com/1/showthread.php?t=49453&page=2‬‬

‫‪84‬‬
‫بزعامة سميماف ديميريؿ الذي وصؼ باإلعتداؿ‪1‬؛ حيث إعتبر قريباً مف الجماعات الصوفية‪ ،‬فقاـ‬
‫ديميريؿ بتوسيع نطاؽ ممارسة الشعائر الدينية‪ ،‬كما إستأنفت الحركة اإلسبلمية نشاطيا في عيده‬
‫بشكؿ ممحوظ‪ ،‬وتكممت المساعي اإلصبلحية بظيور حزب النظاـ الوطني (أوؿ حزب إسبلمي‬
‫عمى الساحة السياسية)‪ 2‬بقيادة البروفيسور نجـ الديف أربكاف عاـ ‪ ،1970‬ثـ حزب السبلمة‬
‫الوطني بعد أف تـ حظر حزب النظاـ الوطني‪ ،‬وشارؾ أربكاف في ثبلث حكومات تركية متتالية‪،‬‬
‫إحداىا مع حزب اليسار برئاسة بولنت أجاويد‪ ،3‬كما شارؾ مرتيف مع اليميف برئاسة سميماف‬
‫ديميريؿ‪ ،‬رأى أتباع حزب السبلمة الوطني في الحزب مدافعاً عف القيـ اإلسبلمية التي كانت‬
‫تتآكؿ بسبب التضييؽ المتواصؿ مف قبؿ األحزاب العممنية وما رافقيا مف تغيرات إجتماعية‪.‬‬
‫لقد كاف ليذه التحالفات السياسية كبير الفضؿ في زيادة قوة الحركة اإلسبلمية؛ أضحى ذلؾ‬

‫واضحاً مف خبلؿ األعداد الكبيرة لممعاىد الدينية التركية العريقة التي يطمؽ عمييا إسـ معاىد‬
‫)إماـ خطيب)‪ ،‬كما قمت الضغوط التي تمارس عمى التيارات الدينية وتديف المجتمع بشكؿ عاـ‪،‬‬
‫األمر الذي جعؿ الجماعات اإلسبلمية التي إعتبرت ىامشية حتى ذلؾ الحيف‪ ،‬أقرب إلى دخوؿ‬
‫معترؾ الحياة السياسة التركية‪ ،‬ولـ يعد مستغرباً وجود بعض العناصر المتدينة داخؿ صفوؼ‬
‫األحزاب العممانية األخرى‪ ،‬ليصبح الوجود اإلسبلمي عامبلً حاض اًر بقوة في المجتمع التركي‬
‫ومؤسساتو المختمفة‪ ،‬وشكمت التيارات اإلسبلمية عامبلً مؤث اًر وحاسماً في العممية السياسية مف‬
‫والمساىمة في رسـ السياسة الخارجية لمجميورية‬ ‫خبلؿ تنافس األحزاب‪ ،‬وتشكيؿ الحكومة‬
‫التركية‪.‬‬
‫لقد عطؿ إنقبلب عاـ ‪ 1980‬اإلتجاه المتزايد نحو الورع الديني بصورة مؤقتة‪ ،‬ولـ يستمر ذلؾ‬
‫بسبب ىاجس إنتشار األيديولوجيات اإلشتراكية واليسارية في الداخؿ التركي‪ ،‬األمر الذي دفع‬

‫‪1‬‬
‫رئيسا‬
‫ً‬ ‫ولد سميمان ديميريل في ‪ 1‬نوفمبر ‪ ،1924‬وىو سياسي تركي عمل رئيسا لموزراء سبع مرات قبل أن ينتخب‬
‫لمجميورية التركية‪ ،‬وىو الرئيس التاسع لتركيا‪ ،‬وتولى رئاسة تركيا في الفترة من ‪ 16‬مايو ‪ 1993‬إلى ‪ 16‬مايو‬
‫‪.2000‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد العادل‪ ،‬أنظر ‪www.syriakurds.com/2007/derasat/der008.htm‬‬
‫‪3‬‬
‫ولد بولنت أجاويد في ‪ 28‬مايو ‪ 1925‬وكانت وفاتو في ‪ 5‬نوفمبر ‪ ،2006‬حيث تولى رئاسة الوزراء عدة مرات في‬
‫تركيا‬

‫‪85‬‬
‫بأقطاب العممانية إلى إستخداـ الديف لمواجية ىذه األيديولوجيات‪ ،‬حيث إمتنعوا عف التدخؿ في‬
‫األنشطة الدينية لمجمعيات التطوعية‪ ،‬حينيا أصبح التعميـ الديني إجبارياً في المدارس‪ ،‬وبات‬
‫الوجود اإلسبلمي الفاعؿ ممحوظاً في الحياة التركية‪.1‬‬
‫يصنؼ تورغوت أوزاؿ بأنو سياسي ليبرالي التوجو ( ولد عاـ ‪ ،1927‬والمتوفى عاـ ‪،(1993‬‬
‫تولى رئاسة الجميورية التركية‪ ،‬حيث كاف ثامف رئيس تركي لمفترة الممتدة منذ عاـ ‪ 1989‬حتى‬
‫تاريخ وفاتو في ‪ 17‬إبريؿ ‪ ،1993‬قبؿ ذلؾ كاف أوزاؿ رئيساً لموزراء منذ ‪ 1983‬حتى ‪،1989‬‬
‫وبالحديث عف توجياتو الدينية والفكرية فقد إعتبر أوزاؿ قريباً مف الحركة النقشبندية ) أكبر وأقدـ‬
‫الجماعات الصوفية في تركيا(‪ ،‬تبنى أوزاؿ سياسة إسبلمية اليوية معتدلةً اإلتجاه‪ ،‬حيف تسمـ‬
‫رئاسة الوزراء لمتقميؿ مف سطوة المؤسسة العممانية والعسكرية تجاه التيارات الدينية‪ ،‬في خطوة‬

‫نحو مصالحة المجتمع التركي مع ىويتو وتاريخو اإلسبلمي العريؽ‪ ،‬حيث سمح لرابطة العالـ‬
‫اإلسبلمي بممارسة نشاطيا بحرية داخؿ تركيا‪ ،‬كما أزاؿ الحظر عمى إرتداء الحجاب‪ ،‬وفي عيده‬

‫أيضاً تـ تشكيؿ و ازرة األوقاؼ‪ ،‬أما عمى الصعيد اإلقتصادي فقد إنتيج أوزاؿ نيجاً إقتصادياً‬
‫ليبرالياً ساىـ في إنشاء الكثير مف الشركات والمشروعات الضخمة‪ ،‬غدت تركيا معو قوة إقتصادية‬
‫إسبلمية التوجو‪ ،‬في ىذه األثناء إنضمت أعداد كبيرة مف أعضاء حزب السبلمة الوطني السابؽ‬
‫إلى كوادر حزب أوزاؿ والذيف قوبموا بالترحاب الشديد مف الحزب‪.2‬‬
‫أدى تراكـ المشاكؿ اإلقتصادية واإلجتماعية إلى إشعاؿ السخط الشعبي التركي في ظؿ اليجوـ‬
‫الذي طاؿ القوى اليسارية‪ ،‬حيف فقد آالؼ األشخاص وظائفيـ في مكاتب ومؤسسات الدولة‬
‫كقطاع التعميـ عمى وجو الخصوص‪ ،‬مما منح الفرصة لمجماعات اإلسبلمية التركية كي تمؤل‬
‫الفراغ السياسي الحاصؿ‪ ،‬ال سيما في ظؿ عجز اآلخريف عف ممئ ىذا الفراغ‪.‬‬
‫إمتدادا لحزب السبلمة الوطني الذي تـ حمو مف قبؿ المؤسسة العسكرية في أكتوبر‪ ،1981‬فقد‬
‫كاف البديؿ ىو حزب الرفاه الذي نشأ عاـ ‪ ،1983‬كاف لتجارب الحزب السابؽ دور كبير في‬

‫‪1‬‬
‫مركز اإلمارات لمدراسات والبحوث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 45‬وما يمييا‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪183-180‬‬

‫‪86‬‬
‫تطوير البنياف التنظيمي لحزب الرفاه‪ ،1‬مما أدى إلى توسيع قاعدتو الشعبية التي ضمت أطيافا‬
‫مختمفة مف المجتمع التركي‪ ،‬والتي تتسـ بالمجمؿ بحراكيا النشيط‪ ،‬فمـ تقتصر عمى الصناعييف‬
‫ورجاؿ األعماؿ بؿ وضمت المزارعيف كذلؾ عمى حد سواء‪ ،‬كما لوحظ وجود الجماعات الصوفية‬
‫وصغار التجار والموظفيف والطمبة‪ ،‬شكؿ إنضماـ ىذه الشرائح المتنوعة تأكيدا عمى تمسؾ الحزب‬
‫بقيمو التقميدية وىويتو اإلسبلمية‪ ،‬كما سعى الحزب نحو تطبيؽ سياسة تعميمية تسمح بتدريس‬
‫مقررات الديف اإلسبلمي الذي كاف محظو اًر في السابؽ‪ ،‬مما ساعد عمى إنتشار التأييد لمتيار‬
‫اإلسبلمي في عقد الثمانينات المنصرـ‪.2‬‬
‫لقد إرتبط منيج الحركات اإلسبلمية خبلؿ ىذه المدة بمواكبة الحداثة والتطور الحاصميف في‬
‫المجتمع التركي‪ ،‬وأدى إلى إنتعاش الثقافة التركية‪ ،‬حيث إرتفع معدؿ التحديث وبالتالي إنخفض‬

‫معدؿ اإلتجاه لمغرب كنمط لممعيشة‪ ،‬كما مرت البيئة المحمية بمرحمة إحياء إرتفعت فييا درجة‬
‫اإللتزاـ عمى مستويات عدة؛ وفعمى الصعيد الفردي وجدت مشاعر اإلغتراب طريقيا لممجتمع وقؿ‬
‫التمسؾ بالتقاليد والعبلقات اإلجتماعية ونشأت أزمة في اليوية‪ ،‬كاف الديف خبلليا فاعبلً‪ ،‬مما‬
‫ألغى فكرة فصؿ الديف عف الحياة العامة لممجتمع ألجؿ تحقيؽ التحديث في تركيا‪ ،‬أما المستوى‬
‫اإلجتماعي فتمثؿ في تشجيع الشعب التركي عمى التمسؾ بثقافتو اإلسبلمية حيث سعى لتأكيدىا‬
‫والمحافظة عمييا‪.3‬‬
‫كاف تمسؾ وحرص حزب الرفاه باألواصر التي تربطو بالحركات اإلسبلمية في شتى أركاف العالـ‬
‫العربي واإلسبلمي؛ تمثؿ ذلؾ بما يحممو مف مشروع حضاري يستمد عزمو مف القيـ والمبادئ‬
‫اإلسبلمية لمواجية الثقافة والمبادئ الغربية‪ ،‬وقد أعترض الحزب عمى كافة السياسات الغربية‬
‫التي إنتيجيا أوزاؿ مف خبلؿ إنتقاد بيوت الدعارة ولعب القمار والكحوؿ‪.‬‬
‫كاف الطرح العمني لكافة مواقفو السياسية إحدى أبرز مميزات حزب الرفاه‪ ،‬تمثؿ ذلؾ في إنتقاد‬
‫العممانية التركية بما تقوـ بو مف أفعاؿ تستند إلى محاكاة الغرب‪ ،‬في سعييا إلبعاد تركيا عف‬

‫‪1‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪89‬‬
‫‪2‬‬
‫مسعد زيتون‪ ،‬أنظر ‪www.almoslim.net/node/85434‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد ثمجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪94-92‬‬

‫‪87‬‬
‫تاريخيا اإلسبلمي تارة‪ ،‬ورفضيا اإلنضماـ إلى اإلتحاد األوروبي في تعامميا الخارجي تارة أخرى؛‬
‫لمحفاظ عمى الخصوصية الثقافية واإلقتصادية التركية‪ ،‬كاف بديؿ ذلؾ واضحاً مف خبلؿ اإلصرار‬
‫عمى عودة تركيا إلى حضنيا العربي واإلسبلمي‪ ،‬وتحفيزىا نحو إنشاء تحالفات إسبلمية تيتـ‬
‫بالمجاالت الثقافية واألمنية واإلقتصادية‪.1‬‬
‫شكؿ سعي حزب الرفاه نحو مصالحة تركيا مع ىويتيا اإلسبلمية في إطار مرجعيتيا التاريخية‬

‫تصو اًر جديدا‪ ،‬بعد اإلستفادة مف تجربة العمؿ السياسي لثمث قرف مف التعامؿ مع الخصوصية‬

‫التركية‪ ،‬وادراؾ الحزب لمتطمبات الواقع التركي الراىف في ظؿ تعنت المؤسسات العممانية بقيادة‬

‫الجيش‪.2‬‬

‫حقؽ حزب الرفاه تقدماً كبي اًر في اإلنتخابات البمدية والبرلمانية التي أجريت سابقا‪ ،‬وبات يتعامؿ‬

‫بصورة أكثر واقعية مف خبلؿ التعامؿ بمرونة سياسية السيما بعد تشكيؿ الحكومة عاـ ‪1995‬‬
‫باإلئتبلؼ مع حزب الطريؽ القويـ‪ ،‬فكاف حزب الرفاه أوؿ حزب إسبلمي التوجو يصؿ قمة اليرـ‬
‫السياسي في تاريخ تركيا الحديثة‪.3‬‬
‫شيد تشكيؿ الحكومة خطاباً سياسياً يؤكد عمى ضرورة اإلتجاه بالسياسة التركية نحو اإلتحاد‬
‫األوروبي والواليات المتحدة واسرائيؿ‪ ،‬ولـ يستطع حزب الرفاه تغير تجاه ىذه السياسة الجديدة‪،‬‬
‫فقد إقتصر تأثير الحزب ضمف األوضاع السياسية الراىنة‪ ،‬رغـ ما أبداه خبلؿ زياراتو الرسمية‬
‫إلى بعض الدوؿ العربية واإلسبلمية‪ ،‬فقد أكد الحزب في تقريره الوزاري سعي الحكومة عمى‬
‫اإلنضماـ إلى اإلتحاد األوروبي‪ ،‬مع تأكيد بقاء تركيا في حمؼ الناتو‪ ،‬يضاؼ إلى ذلؾ توقيع‬
‫إتفاقية الوحدة الجمركية‪ ،‬كما خفؼ الحزب مف ليجة إنتقاداتو الموجية ألوروبا والواليات المتحدة‪،‬‬
‫تواكب ذلؾ مع السياسة اإلقتصادية الناجحة لمحزب والتي ساىمت في زيادة رصيده الشعبي‬
‫والسياسي‪ ،‬ترافقت ىذه النجاحات المستمرة منذ وصوؿ حزب الرفاه إلى الحكومة مع مخططات‬
‫الجيش واألحزاب العممانية المستمرة لئلطاحة باإلسبلمييف عف السمطة‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪178‬‬
‫‪2‬‬
‫كمال حبيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪115-114‬‬
‫‪3‬‬
‫كمال حبيب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪115‬‬
‫‪4‬‬
‫لممزيد‪ ،‬محمد العادل‪ ،‬أنظر ‪www.syriakurds.com/2007/derasat/der008.htm‬‬

‫‪88‬‬
‫لقد واجو حزب الرفاه صعوبات عديدة حالت دوف قيامو بكثير مف وعوده اإلنتخابية‪ ،‬حيث تحرؾ‬
‫في المناطؽ التي يعتبرىا العممانيوف محظورة؛ حيف سارع الحزب إلى تشكيؿ كياف إسبلمي‬
‫يتواصؿ مع العالـ العربي واإلسبلمي إقتصادياً وثقافياً‪.‬‬
‫أصبح التوجو اإلسبلمي المتنامي يقمؽ المجموعات والشرائح العممانية المختمفة في تركيا‪ ،‬بدا ذلؾ‬
‫مف خبلؿ تصاعد األزمات بيف حزب الرفاه والجيش العمماني‪ ،‬حيث طرد الكثير مف اإلسبلمييف‬
‫مف صفوؼ الجيش التركي لتوجياتيـ اإلسبلمية‪ ،‬ليعمف الجيش بعد ذلؾ أف "األصولية ثـ حزب‬
‫العماؿ التركي في مقدمة المخاطر عمى األمف القوي التركي"‪.1‬‬
‫دفع حزب الرفاه إلى اإلستقالة بعد الحمبلت التي شنت عميو‪ ،‬بدأ ذلؾ بحظر نشاط الحزب بعد‬
‫عاـ واحد مف توليو السمطة؛ حيف عمؿ الجيش ذلؾ بنيؿ الحزب مف ىوية الدولة العممانية؛ حيث‬

‫ُشنت حرب إبادة واستئصاؿ طالت أنصار التيار اإلسبلمي في جميع أنحاء تركيا‪ ،‬وشكؿ إنعقاد‬
‫مجمس األمف القومي بتاريخ ‪ 28‬شباط ‪ 1997‬نقطة حاسمة حيف أصدر مجموعة مف الق اررات‬
‫تضمنت ‪ 18‬بنداً؛ مثمت مجموعة مف اإلجراءات القاسية ضد التيار اإلسبلمي‪ ،‬وشممت‬
‫المؤسسات التعميمية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬حيث منع نجـ الديف أربكاف و‪ 5‬قيادات أخرى مف‬
‫ممارسة العمؿ السياسي لمدة ‪ 5‬سنوات‪ ،‬ترمي ىذه اإلجراءات إلى الحيمولة دوف عودة الحراؾ‬
‫اإلسبلمي إلى التشكؿ مف جديد وتيميش دوره في الحياة السياسية قدر اإلمكاف‪ ،2‬حيث أعمف‬
‫رئيس ىيئة األركاف العامة التركية إسماعيؿ حقي قاراداي في إجتماع مجمس األمف القومي‬
‫التركي في شباط ‪ 1998‬أف الق اررات ضد حكومة حزب الرفاه لـ تتخذ في مواجية حكومة الرفاه‬
‫فقط‪ ،‬بؿ إف التيديد الرئيس لمدولة العممانية ما زاؿ قائماً مف قبؿ األصولييف اإلسبلمييف رغـ إبعاد‬
‫حزب الرفاه عف السمطة في ‪ 18‬حزيراف ‪ ،1997‬ثـ حظره في ‪ 16‬كانوف ثاني ‪.1998‬‬
‫تـ تشكيؿ حزب الفضيمة بعد حؿ حزب الرفاه‪ ،‬والذي لـ يمبث أف تـ حمو أيضاً‪ ،‬بعد ذلؾ تشكؿ‬
‫حزب السعادة بزعامة نجـ الديف أربكاف‪ ،‬والذي حصؿ في اإلنتخابات البرلمانية عمى ‪ %2.5‬مف‬

‫أصوات الناخبيف األتراؾ‪ ،‬مما حاؿ دوف مشاركة حزب السعادة في البرلماف التركي‪ ،‬ويعتبر نجـ‬

‫‪1‬‬
‫يأتي ذلك من خالل التوصيات والق اررات التي تصدر عن مجمس األمن القومي التركي‪ ،‬ويمزم مجمس الوزراء بتنفيذىا‬
‫‪2‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪95-94‬‬

‫‪89‬‬
‫الديف أربكاف رمز اإلسبلـ السياسي خير مثاؿ عمى السجاؿ القائـ بيف مؤسسات الدولة العممانية‬
‫والتيارات اإلسبلمية‪ ،‬األمر الذي يطرح تساؤالت عدة حوؿ مفيوـ الديمقراطية التي ترجح كفة‬
‫الحكـ عمى المبادئ األيديولوجية التركية‪.1‬‬
‫بعد ذلؾ جاء تأسيس حزب العدالة والتنمية في ‪ 14‬آب عاـ ‪ 2001‬برئاسة عبد اهلل غوؿ ورجب‬
‫طيب أردوغاف‪ ،‬جدير بالذكر أف قادة حزب العدالة والتنمية ينتموف إلى حزب الرفاه اإلسبلمي‬
‫المحظور فتوجياتيـ إسبلمية‪ ،2‬تـ إختيار رجب طيب أردوغاف زعيماً لمحزب‪ ،‬وىو خريج معاىد‬
‫إماـ خطيب كما ىو حاؿ كثير مف قادة الحزب‪ ،‬قضى أردوغاف عشرة أشير في السجف عاـ‬
‫‪ 1999‬عقب كممة لو إعتبرتيا المحكمة التركية تحريضاً؛ بعد إدانتو بتيمة التحريض عمى‬
‫التعصب والنيؿ مف عممانية الدولة‪ ،‬حيف تبل أبيات لمشاعر التركي محمد عاكؼ يؤكد فييا أف‬

‫المصاحؼ أسمحتنا‪ ،‬والمساجد ثكناتنا‪ ،‬والمآذف مدافعنا‪ ،‬تتمثؿ المفارقة في ىذا األمر في أف‬
‫العبارات موجودة في الكتب الحكومية المقررة وتدرس في المناىج التعميمية‪ ،‬باإلضافة إلى قرار‬
‫سجنو فقد صدر حكـ قضائي بحظر نشاطو السياسي مدى الحياة‪ ،‬والذي إستمر حتى شممو العفو‬
‫الرئاسي العاـ في ديسمبر عاـ ‪.32001‬‬
‫تمكف حزب العدالة والتنمية مف تشكيؿ الحكومة منفرداً بعد حصولو عمى األغمبية في البرلماف‪،‬‬
‫حيف حصؿ الحزب عمى ‪ 363‬مقعداً مف أصؿ ‪ 550‬مقعداً في اإلنتخابات التي جرت عاـ‬
‫‪ ،2002‬جاء ذلؾ الفوز العريض رغـ الضغوط الكبيرة التي شنت عمى أردوغاف والتي ترمي إلى‬
‫إضغاؼ صفوؼ الحزب‪ ،‬جاءت ىذه اإلنتخابات لتخرج أحزاباً عريقة مف المشيد السياسي التركي‬
‫دوف سابؽ إنذار‪ ،‬كما حقؽ الحزب إنتصا ار آخر تمثؿ بفوزه في اإلنتخابات البمدية التي جرت في‬
‫آذار ‪ ،2004‬حيث تمكف الحزب مف الفوز في ثمثي المدف التركية‪ ،‬مما شكؿ سابقة في تاريخ‬
‫الحياة الحزبية والسياسية التركية‪ ،‬ومؤش ار عمى تأثير اليوية اإلسبلمية في الساحة السياسية‬

‫‪1‬‬
‫محمد العادل‪www.syriakurds.com/2007/derasat/der008.htm ،‬‬
‫‪2‬‬
‫مسممون تحت المجير‪ ،‬قراءة خاصة في تجربة حزب "العدالة والتنمية" التركي‪ ،‬أنظر ‪www.aljazeera.net‬‬
‫‪3‬‬
‫كمال حبيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪120-115‬‬

‫‪90‬‬
‫التركية‪ ،‬ودليؿ عمى التوجو الشعبي الذي يرغب في إستعادة التراث اإلسبلمي العثماني‪ ،‬ساعد في‬
‫ذلؾ عجز األفكار العممانية عف اإلنسجاـ الحقيقي في شرائح المجتمع التركي‪.1‬‬
‫أخذ حزب العدالة والتنمية‪ 2‬العبر والعظات مف األخطاء التي وقع فييا حزب الرفاه عندما وضع‬
‫برنامجو السياسي اإلصبلحي موضع التنفيذ‪ ،‬حيث عانت الحركة اإلسبلمية مف مخططات‬
‫اإلقصاء واإلستئصاؿ العديدة مف قبؿ الجيش المؤسسة العسكرية‪ ،‬كاف النجاح الذي حققو حزب‬
‫العدالة والتنمية يعزى إلى خطابو الفكري والسياسي الجديد‪ ،‬بعد أف قاـ بمراجعة شاممة ألفكار‬
‫حزب الرفاه السابؽ متجاو از الخبلفات الفكرية بيف ىذيف الحزبيف‪ ،‬واعتبر مشروع العدالة والتنمية‬
‫إستم ار اًر لمشروع مصالحة تركيا مع ىويتيا اإلسبلمية الذي بدأ منذ الراحؿ عدناف مندريس‪ ،‬ومف‬
‫ثـ سميماف ديميريؿ ومف بعده تورغوت أوزاؿ‪ ،‬ليصؿ إلى أوجو مع البروفيسور نجـ الديف‬

‫أربكاف‪.3‬‬
‫جاءت نتائج اإلنتخابات البرلمانية التركية لتضع حداً لمتخمينات بيف األحزاب المختمفة‪ ،‬حيث‬
‫أعمف أردوغاف عف رغبة حزبو في مشاىدة الدولة التركية وىي تقؼ عمى مسافة واحدة مف سائر‬
‫المتدينيف‪ ،‬وتتيح حرية العبادة لمجميع‪ ،‬وأشار أردوغاف إلى أف المشكمة ىي فيمف يحرفوف‬
‫مضموف العممانية ويطبقونيا حسب رغباتيـ‪ ،‬كما جاء في كممة كاف قد ألقاىا عاـ ‪ 1994‬عندما‬
‫كاف عضوا في حزب الرفاه‪.4‬‬
‫يتضح بصورة جمية أف حزب العدالة والتنمية قد سعى لمحد مف التطرؼ العمماني المعادي لمديف‬
‫في مؤسسات الدولة التركية‪ ،‬وتركيزه عمى ضرورة األخذ بالعممانية كما ىو موجود في سائر‬
‫الدوؿ األوروربية‪ ،‬لذلؾ فقد حرص الحزب عمى إيجاد عبلقات ودية مع الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬كما يسعى إلنضماـ ببلده إلى النادي األوروبي مف خبلؿ تحقيؽ المتطمبات األوروبية‬
‫في مجاالت الحريات وحقوؽ اإلنساف وتحقيؽ النمو اإلقتصادي‪ ،‬غدت اإلصبلحات متنفساً يتيح‬
‫لمتيار اإلسبلمي المحافظ عمى بقائو في السمطة؛ مف خبلؿ إصبلح الشأف الداخمي السياسي‬

‫‪1‬‬
‫عمي باكير‪ ،‬تركيا الدولة والمجتمع‪ ،‬ص‪32‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪48-41‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪159-146‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪183-178‬‬

‫‪91‬‬
‫واإلقتصادي واإلجتماعي تدريجياً دوف أف يحرؾ الجيش ساكناً‪ ،‬األمر الذي كشؼ سوء إدارة‬
‫المؤسسة العممانية لؤلمور في السابؽ‪ ،‬مما أجبرىا عمى إلتزاـ الصمت جراء اإلصبلحات التي‬
‫بدأىا حزب العدالة والتنمية‪.1‬‬
‫إصطدمت ىذه اإلصبلحات بالقيود الدستورية التي تحد مف نشاط التيارات اإلسبلمية تحت ستار‬
‫مخالفة المبادئ العممانية‪ ،‬حيث إستخدـ الدستور لمحد مف نشاط األحزاب المعارضة بمساندة‬
‫القوى العممانية الموجودة في مؤسسة الدولة‪ ،‬حيث عمد الجيش عمى ضبط مجريات اإليقاع العاـ‬
‫لمدولة‪ ،‬غدت الدولة معو تمارس الرقابة لضماف اإللتزاـ بمبادئ العممانية‪ ،‬بصورة لـ تعد تتوانى‬
‫عف التدخؿ المباشر كاإلنقبلبات في أعواـ )‪ (1980،1971،1960‬والتي إنتيت بطرد رئيس‬
‫الوزراء الذي إنتخبو الشعب التركي في المرة األولى‪ ،‬وبإعدامو في إنقبلب آخر‪ ،‬وبالتالي تغييب‬

‫الديمقراطية حيث تحؿ األحزاب بعد سجف قادتيا‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬إنجازات حزب العدالة والتنمية في التطور الدستوري‬


‫" مساجدنا ثكناتنا‪ ..‬قبابنا خوذاتنا‪ ..‬مآذننا حرابنا‪ ..‬والمصموف جنودنا‪ ..‬ىذا الجيش المقدس‬
‫يحرس ديننا "‬
‫ىذه أبيات شعرية لمشاعر التركي محمد عاكؼ تبلىا رجب طيب أردوغاف فكانت سبباً في إدخالو‬
‫السجف لمدة عشرة أشير‪ ،2‬وحيف كاف الرجؿ في طريقو لدخوؿ السجف صاح في اآلالؼ مف‬
‫الذيف كانوا يودعونو إثر صبلتيـ في مسجد محمد الفاتح‪ ":‬أستودعكـ اهلل‪ ،‬ىذه األنشودة لف تنتيي‬
‫ىنا‪ ،‬سأعمؿ بجد داخؿ السجف‪ ،‬وأنتـ إعمموا خارجو كؿ ما تستطيعونو" ‪.‬‬
‫مضت شيور سجف الرجؿ طويمة‪ ،‬وتسممت روحو الطموحة مف بيف قضباف السجف إلى أتباعو‬
‫لتزرع فييـ األمؿ بغد أفضؿ‪ ،‬وبالفعؿ فقد نجح أردوغاف وأنصاره في إحالة حمميـ بحكومة ليا‬
‫توجو إسبلمي إلى حقيقة حيف فاز حزب العدالة والتنمية المسمـ الذي يترأسو أردوغاف بأكثرية‬

‫‪1‬‬
‫مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪116‬‬
‫‪2‬‬
‫رغم ان ىذه األبيات تدرس لمطمبة في المدارس الحكومية ومدرجة في الكتب المدرسية‪ ،‬إال أنيا أعتبرت تيديدا ألمن‬
‫البالد وزرعا لمفرقة الطائفية والدينية لمجرد صدورىا عن معارض لتوجيات المؤسسة العسكرية‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫مقاعد البرلماف التركي بحصولو عمى ‪ 363‬مقعداً مف أصؿ ‪ 550‬مقعداً‪ ،‬متقاسماً بذلؾ مقاعد‬
‫البرلماف مع حزب الشعب اليساري التابع ألتاتورؾ الذي حاز المقاعد المتبقية‪ ،‬وذلؾ في‬
‫اإلنتخابات البرلمانية والبمدية التي جرت يوـ ‪ 2002/11/3‬وشارؾ فييا أكثر مف ‪ 27‬مميوف‬
‫تركي لصالح الخيار اإلسبلمي (‪ % 66‬مف عدد مقاعد البرلماف)‪. 1‬‬
‫دخؿ حزب العدالة والتنمية معترؾ السياسة‪ ،‬وىو يدرؾ تماماً أف مجمس األمف القومي التركي ىو‬
‫الحاكـ الفعمي في الببلد‪ ،‬وأف سمطات رئيس الدولة الذي كاف عمى مدار السنوات الماضية يستمد‬
‫قوتو مف دعـ العسكر أعمى مف سمطات رئيس الوزراء واف بدا العكس‪ ،‬ويدرؾ أف الجيش ومافيا‬
‫الماؿ كبلىما يسيطر عميو بقايا ييود الدونمة و"حكماء الماسوف"‪.2‬‬
‫كما أف البلعبيف الرئيسييف في تركيا يتجاوزوف الحدود المحمية حيث يدرؾ أف الجيش التركي لـ‬

‫يصبح أضخـ جيش في أوروبا مف حيث العدد إال بعد أف حاز ثقة الصياينة واألمريكاف‬
‫واألوروبييف؛ ويدرؾ أف التمفظ بكممة اإلسبلـ في تركيا كػمقوـ مف مقومات الحضارة التركية ىو‬
‫أحد الموبقات الموجبة لمسجف والحرماف مف ممارسة السياسة‪ ،‬حيث يدرؾ أف حديثو عف جيود‬
‫حثيثة في إتجاه إنضماـ تركيا لئلتحاد األوروبي أحد صمامات أماف بقائو في الحكـ‪ ،‬ومعوؿ مف‬
‫معاوؿ ىدـ األتاتوركية في ببلد الخبلفة‪ ،‬ويدرؾ أخي اًر أف أحد أىـ أوتاد إستمرار حكومتو ىو‬
‫النجاح في حؿ المعضمة اإلقتصادية التركية التي فشمت جميع الحكومات العممانية اإلئتبلفية في‬
‫حميا‪ ،‬بؿ ساىمت برعونتيا في تفاقميا‪ ،‬فقد بمغت ديوف تركيا أكثر مف ‪ 200‬مميار دوالر‪،‬‬
‫وتجاوزت نسبة البطالة حد الػ ‪ %20‬قبؿ أف يعتمي حزب أردوغاف سدة الحكـ‪. 3‬‬
‫لعؿ ىذه النقطة ىي أىـ منجزات العدالة في تركيا خبلؿ عاـ واحد فقط مف حكمو‪ ،‬لما يتسـ بو‬
‫أعضاؤه مف طيارة اليد‪ ،‬وحسف التخطيط‪ ،‬وجودة اإلدارة‪ ،‬وصدؽ التوجو‪ ،‬والبعد عف مواطف‬
‫الفساد المالي والخمقي‪ ،‬حيث إنخفض معدؿ التضخـ في عاـ‪ 2003‬إلى‪ %19.1‬بعد أف كاف‬
‫حوالي ‪ %34‬في عيد الحكومة اإلئتبلفية التي قادىا بولنت أجاويد (زعيـ حزب اليسار‬

‫‪1‬‬
‫تقرير صحفي حول فوز حزب العدالة والتنمية‪ ،‬أنظر ‪www.news.bbc.co.uk/hi/arabic/news‬‬
‫‪2‬‬
‫مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬تركيا بين تحديات الداخل ورىانات الخارج‪ ،‬ص‪73‬‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪57-49‬‬

‫‪93‬‬
‫الديمقراطي) قبؿ تشكيؿ حكومة حزب العدالة والتنمية في‪ 18‬نوفمبر مف العاـ الماضي‪ ،‬وىذا‬
‫المعدؿ ىو األقؿ منذ ‪ 27‬عاماً‪ ،1‬باإلضافة إلى نمو اإلقتصاد بنسبة ‪ %5‬بينما كاف قد إنكمش‬
‫في عاـ ‪ 2002‬بنسبة ‪ ،% 7.8‬كما إنخفض سعر الدوالر أماـ الميرة بعد تولي حزب العدالة‬
‫والتنمية السمطة بنسبة تتراوح بيف‪ %20‬و‪ %30‬ما يعد دليبلً عمى نجاح برنامج اإلصبلح‬
‫اإلقتصادي التركي الذي تنفذه حكومة العدالة‪ ،‬وقد حظي أداء الحكومة التركية بإشادة وتشجيع‬
‫صندوؽ النقد الدولي الذي يشرؼ عمى برنامج اإلصبلح اإلقتصادي في تركيا وعديد مف‬
‫المؤسسات المالية الدولية‪. 2‬‬
‫كما أف الحكومة التركية إستطاعت (بذكاء بالغ) اإللتفاؼ عمى المطالب األمريكية بشأف السماح‬
‫لتركيا بأف تكوف جس اًر لغزو الواليات المتحدة األمريكية لمعراؽ‪ ،‬ولـ تسرع إلى مساندتيا عندما‬

‫غاصت أقداميا في أوحاؿ دجمة‪ ،‬حيف أسندت األمر لمبرلماف التركي الذي قضى برفض التدخؿ‬
‫في الحرب عمى العراؽ‪ ،‬وأفرجت ضمف عفو عاـ عف ‪ 1132‬إسبلمياً متيماً بممارسة أنشطة تعد‬
‫غير مشروعة مف خبلؿ الرؤية األمريكية ‪.‬‬
‫لـ تتباه حكومة العدالة والتنمية أوؿ حدوث تفجيرات إسطنبوؿ‪ 3‬بمعرفتيا بػالغيب أوؿ األمر‪ ،‬بؿ‬
‫تريثت ورفضت أف توجو التيـ جزافا؛ ال بؿ تجاوزت ذلؾ إلى تسريب أنباء إلى صحيفة )يني‬
‫شفؽ( المقربة مف حزب العدالة؛ مفادىا أف الموساد ربما كاف متورطاً في ىاتيف العمميتيف في‬
‫محاولة منيا لصد اليجمة ضد اإلسبلـ وأىمو إستناداً إلى تمؾ التفجيرات‪.‬‬
‫فيناؾ بالفعؿ مف يريد الكيد لحكومة العدالة واطاحتيا في أي لحظة‪ ،‬سيما بعد أف أكدت آخر‬
‫إستطبلعات لمرأي سبقت تفجيرات إسطنبوؿ أف ‪ %43‬مف األتراؾ يؤيدوف سياساتيا وتوجياتيا‬
‫في شتى المجاالت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نشير ىنا إلى إدراك حزب العدالة والتنمية ألىمية المال واإلقتصاد في بناء الدولة التركية الديمقراطية‪ ،‬حيث عمد‬
‫الحزب إلى فسح المجال أمام الشركات الوطنية وتشجيع اإلستثمار في شتى المجاالت الصناعية‪ ،‬ونجح الحزب في‬
‫تحقيق التنمية اإلقتصادية مع التوزيع العادل لمثروة األمر الذي إنعكس عمى دخل الفرد الذي وصل الى ‪ 10000‬دوالر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد حول التطورات اإلقتصادية‪ ،‬ابراىيم أوزتورك‪ ،‬التحوالت اإلقتصادية التركية بين عامي ‪،2008- 2002‬‬
‫ص‪64-47‬‬
‫‪3‬‬
‫يدور الحديث عن التفجيرات في إسطنبول‪ ،‬وأسفرت عن وقوع عديد القتمى والجرحى عام ‪ ،2010‬أنظر‬
‫‪www.almoslim.net/node/85290‬‬

‫‪94‬‬
‫بيد أف السياـ التي ترمى اليوـ بصدر اإلسبلـ حتى تكسر بعضيا عمى بعض كفيمة بأف تجعمنا‬
‫ال نقؼ أماـ كؿ جيد يساىـ في حفظ الديف ىنا أو ىناؾ‪ ،‬حتى لو لـ يتطابؽ مع طموحاتنا‪ ،‬وما‬
‫عمى حزب العدالة أخي اًر إال أف يتمثؿ قوؿ رسولنا الصادؽ المصدوؽ(صمى اهلل عميو وسمـ)‬
‫‪...":‬ولكف سددوا وقاربوا"‪. 1‬‬
‫جاء حزب العدالة والتنمية في المركز األوؿ في اإلنتخابات وحصؿ عمى نسبة تقارب ‪% 50‬‬
‫ليتمكف مف تشكيؿ حكومة بمفرده ويتمتع بالغالبية المطمقة في البرلماف الذي يضـ ‪ 550‬مقعداً‪،2‬‬
‫أي ‪ 326‬نائباً وىو أقؿ مف مقاعده التي كانت سابقاً وىي ‪ 334‬مقعداً‪ ،‬يميو في المرتبة الثانية‬
‫حزب الشعب الجميوري أكبر أحزاب المعارضة العممانية ب‪ % 25.9‬مف األصوات‪ ،‬ثـ حزب‬
‫العمؿ القومي ب‪ % 13.2‬متجاو اًز حاجز العشرة في المئة المفترض لدخوؿ األحزاب البرلماف‪.3‬‬

‫لكف حزب العدالة والتنمية لـ يحظ بأغمبية الثمثيف (‪ 367‬مقعدا) التي كاف يأمؿ مف خبلليا تعديؿ‬

‫الدستور‪ ،‬دوف حاجة إلى التشاور مع المعارضة‪ ،‬كما ظؿ محافظاً عمى سقؼ اؿ‪ 330‬نائباً‬
‫إلجراء إستفتاء حوؿ تبني دستور جديد‪ ،‬ىذا األمر أعمنو أردوغاف في خطاب النصر الذي ألقاه‬
‫أماـ حشد مف المؤيديف مف شرفة مقر حزب العدالة والتنمية في أنقرة قائبل "الشعب أبمغنا رسالة‬
‫ببناء الدستور الجديد مف خبلؿ التوافؽ والتفاوض‪ ،‬وسنناقش الدستور الجديد مع أحزاب‬
‫المعارضة"‪ ،‬كما أف عدـ فوز حزب العدالة والتنمية ب‪ 330‬مقعداً سيضطره إلى إجراء مفاوضات‬
‫مع أحزاب المعارضة ألجؿ إجراء التعديبلت المطموبة‪ ،‬وبالتالي فقد يؤدي ذلؾ إبطاء إجراء‬
‫التعديبلت الدستورية التي يريد حزب العدالة والتنمية القياـ بيا‪. 4‬‬
‫كذلؾ نجح حزب العدالة والتنمية في وضع الجيش التركي القوي في ثكناتو؛ عبر تعديبلت‬
‫دستورية أجريت في عاـ ‪ ،2010‬وركز أردوغاف خبلؿ حممتو االنتخابية عمى اإلزدىار‬

‫‪1‬‬
‫أخرجو مسمم‪ ،‬في كتاب اإليمان‪ " ،‬باب جامع أوصاف اإلسالم "‪ ،‬حديث (‪)38‬‬
‫‪2‬‬
‫راغب دوران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪121‬‬
‫‪3‬‬
‫سمير صالحو‪ ،‬لممزيد انظر‪www.turkeytoday.net/node/3445‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬برىان كورغمو‪ ،‬قراءة في نتائج اإل نتخابات التركية‪ ،‬مركز الجزيرة لمدراسات‬

‫‪95‬‬
‫اإلقتصادي في تركيا‪ ،‬اإلقتصاد السابع عشر في العالـ‪ ،‬بنسبة نمو تقارب ما تسجمو الصيف‬
‫وبمغت نحو ‪ % 8.9‬في ‪ ،12010‬و نجمؿ ما حققو الحزب مف الناحية اإلقتصادية بما يمي ‪:‬‬
‫كاف اإلقتصاد التركي في سنة ‪ 2002‬يأتي في المرتبة السادسة والعشريف عمى‬ ‫‪‬‬

‫مستوى العالـ‪ ،‬وأصبح في السنوات األولى لمحكومة الحالية في المرتبة السابعة عشر‬
‫عمى مستوى العالـ‪ .‬فأصبحت تركيا مف بيف مجموعة العشريف ‪.G-20‬‬
‫أصبح اإلقتصاد التركي سادس أكبر إقتصاد في أوربا‪.2‬‬ ‫‪‬‬

‫إرتفع الدخؿ القومي لتركيا ‪ 3‬أضعاؼ مف ‪ 220‬مميار دوالر في سنة ‪ 2002‬إلى‬ ‫‪‬‬

‫‪ 618‬مميار دوالر في سنة ‪.2009‬‬


‫كانت ديوف تركيا لصندوؽ النقد الدولي في سنة ‪ 2002‬تصؿ إلى ‪ 23.5‬مميار‬ ‫‪‬‬

‫دوالر وانخفض ىذا الرقـ إلى ‪ 6.8‬مميار دوالر في سنة ‪.2009‬‬


‫أزيمت ستة أصفار مف الميرة التركية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫انخفضت نسبة التضخـ السنوي مف متوسط ثبلثيف ‪ %‬في السنة ‪ 2002‬إلى أرقاـ‬ ‫‪‬‬

‫أحادية في السنوات األولى مف عيد الحكومة الحالية‪.‬‬


‫كانت صادرات تركيا في سنة ‪ ،2002‬تقدر ب ‪ 36‬مميار دوالر‪ ،‬لترتفع إلى ‪102‬‬ ‫‪‬‬

‫مميار دوالر في نياية سنة ‪.2009‬‬


‫تأتي شركات المقاوالت التركية حالياً في المرتبة الثانية‪ ،‬عمى مستوى العالـ بعد‬ ‫‪‬‬

‫الشركات الصينية‪ ،‬حيث إرتفع حجـ عمميا إلى ‪ 23.6‬مميار دوالر في سنة ‪2009‬‬
‫وكاف حجـ عمؿ ىذه الشركات ‪ 1.5‬مميار دوالر في سنة ‪. 2002‬‬
‫إرتفعت أجور الموظفيف والعامميف ما بيف سنوات ‪ 2009-2002‬بنسبة ‪ ،%188‬أي‬ ‫‪‬‬

‫وصمت الزيادة في األجور إلى ضعفي التضخـ‪.3‬‬


‫تضاعؼ حجـ العمؿ في البورصة التركية ثبلث مرات في عيد الحكومة الحالية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬أمراهلل إيشمر‪ ،‬كبير مستشاري رئيس وزراء تركيا‪ ،‬أنظر‬
‫‪www.mesc.com.jo/activities/lecture/lecture1.html‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،2011 ،‬ص‪57-49‬‬
‫‪3‬‬
‫لمزيد من معطيات التطور اإلقتصادي في تركيا‪ ،‬إبراىيم أوزتورك‪ ،‬التحوالت اإلقتصادية التركية‪ ،‬ص‪63-47‬‬

‫‪96‬‬
‫زادت إحتياطي العممة الصعبة في البنؾ المركزي ووصؿ إلى ‪ 70.1‬مميار دوالر في‬ ‫‪‬‬

‫سنة ‪ 2009‬وكانت نسبة اإلحتياطي في سنة ‪ 26.8 2002‬مميار دوالر‪.‬‬


‫بمغت نسبة النمو في اإلقتصاد التركي إلى ‪ % 6.1‬ما بيف السنوات ‪-2002‬‬ ‫‪‬‬

‫‪.2008‬‬
‫إرتفعت نسبة القروض المقدمة ألصحاب العمؿ مف ‪ 154‬مميوف ليرة في سنة ‪2002‬‬ ‫‪‬‬

‫إلى ‪ 3.3‬مميار ليرة في سنة ‪.2008‬‬


‫إرتفعت نسبة التشجيعات المقدمة لتربية المواشي ثبلثة أضعاؼ ووصمت إلى‬ ‫‪‬‬

‫‪ 5.809‬مميار ليرة وكانت ىذه النسبة ‪ 1.868‬مميار ليرة في سنة ‪.2002‬‬


‫كانت البنوؾ الحكومية تعمف عف خسارتيا نياية كؿ سنة‪ ،‬ولكف بدأت ىذه البنوؾ‬ ‫‪‬‬

‫تكسب أرباحا في عيد الحكومة الحالية وتعمف عف أرباحيا‪ ،‬وعمى سبيؿ المثاؿ أعمف‬
‫بنؾ الزراعة في نياية ‪ 2009‬أف أرباحو وصمت إلى ‪ 3.511‬مميار ليرة‪.1‬‬
‫تراجعت ديوف القطاع العاـ بإستمرار في عيد الحكومة الحالية‪ ،‬وانخفضت نسبتيا‬ ‫‪‬‬

‫في سنة ‪ 2007‬إلى ‪ ،% 29.1‬بعدما كانت ىذه النسبة ‪ % 61.4‬في سنة ‪.2002‬‬
‫كاف يعد أردوغاف بأف الدستور الجديد سيقوـ عمى أساس المبادئ الديمقراطية والتعددية‪ ،‬األمر‬
‫الذي سيقرب تركيا مف معايير عضوية اإلتحاد األوروبي التي تمقى معارضة بعض الدوؿ مثؿ‬
‫فرنسا وألمانيا المتيف ال تريداف منح تركيا العضوية الكاممة‪.‬‬
‫كما يعتبر حزب العدالة والتنمية أنو مف الصعوبة بمكاف أف يمضي قدما في عممية اإلنضماـ إلى‬
‫اإلتحاد األوروبي في ظؿ الدستور الحالي؛ حيث يطالب اإلتحاد األوروبي بتعديؿ الدستور‬
‫التركي‪ ،‬كشرط إلنضماـ تركيا لئلتحاد‪ ،2‬ورغـ أف الدستور الحالي ناؿ موافقة ‪ % 90‬مف‬
‫المواطنيف األتراؾ في عاـ ‪ 1982‬عقب ثالث إنقبلب عسكري في غضوف عشريف عاماً‪ ،‬فإف‬
‫السجاؿ حولو لـ يتوقؼ منذ اليوـ األوؿ لمبدء بتطبيقو‪ ،‬ويرجع ذلؾ إلى أف الجيش التركي منح‬

‫‪1‬‬
‫حول مزيد من اإلحصائيات‪ ،‬د‪ .‬آمراهلل إيشمر كبير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬أنظر‬
‫‪www.mesc.com.jo/activities/lecture/lecture1.html‬‬
‫‪2‬‬
‫إبراىيم غانم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪187-183‬‬

‫‪97‬‬
‫نفسو سمطة مطمقة مف خبلؿ الدستور الذي صاغو‪ ،‬والذي حد مف حقوؽ وحريات األفراد‬
‫واألقميات في تركيا عمى حد سواء‪ ،‬وقد تـ تعديؿ الدستور" ‪ 17‬مرة بدءاً مف عاـ ‪ 1987‬حتى‬
‫اليوـ‪ ،‬آخرىا في ‪ 12‬سبتمبر ‪ ،2010‬عمماً أف ىذا الدستور يتألؼ مف ‪ 194‬مادة‪ ،‬تـ تعديؿ‬
‫‪ 100‬مادة منيا "‪ ،1‬ورغـ ىذا العدد الكبير مف التعديبلت‪ ،‬إال أف مصائب ىذا الدستور لـ يتـ‬
‫تعديميا؛ بسبب صياغتو بروح عسكرية إنقبلبية حمت ذاتيا مف خبللو فباتت ال تمت لمديموقراطية‬
‫بصمة‪ ،‬وىو األمر الذي أدركو حزب العدالة والتنمية فأخذ عمى عاتقو وضع دستور جديد يمبي‬
‫تطمعات األترؾ‪.‬‬
‫ويصؼ المحامي والخبير الدستوري أوزتورؾ دوغاف الدستور الحالي بأنو " يعكس نظرة‬
‫األيديولوجية الرسمية التي تنص عمى عدـ إحتراـ حقوؽ اإلنساف‪ ،‬وعدـ إحتراـ مبدأ التعددية‬

‫السياسية والقومية؛ فيو دستور ال يعترؼ بحرية التعبير‪ ،‬وال حرية األدياف‪ ،‬ويمزـ الجميع بأف‬
‫يكونوا أتراكا بالقومية"‪.2‬‬
‫وأشار دوغاف إلى أف المشكمة األخرى في ىذا الدستور ىو أنو يفرض وصاية عمى جميع‬
‫المؤسسات الدستورية الديمقراطية‪ ،‬فيو" يخضع اإلدارات المحمية لوصاية السمطة المركزية‪،‬‬
‫ويضع األحزاب السياسية رىف إرادة الجياز القضائي‪ ،‬حتى بات يربط مصير الحكومة برغبة‬
‫مجمس األمف القومي"‪.‬‬
‫وتحدث الخبير الدستوري عف المحكمة الدستورية التي إعتبرت أف إرتداء الحجاب في الجامعات‬
‫أم اًر مخالفا لمدستور‪ ،‬مشي ار إلى أف الحؿ الوحيد لمعالجة ىذه المشاكؿ ىو وضع دستور جديد‬
‫كميا‪ ،‬كما وصؼ معارضي أردوغاف مف العممانيف الذيف يكنوف العداء لحزبو اإلسبلمي توجياتو‬
‫بالديكتاتورية‪ ،‬حيث أف حزبي المعارضة؛ الشعب الجميوري والحركة القومية يتيماف أردوغاف بأنو‬
‫سيضع دستو اًر جديدا يخدـ مصمحتو فقط‪ ،‬مذكريف بمشاريع أردوغاف لتغيير النظاـ البرلماني في‬

‫‪1‬‬
‫إيمان الشرقاوي‪ ،‬أنظر ‪www.almoslim.net/node/147959‬‬
‫‪2‬‬
‫أوزتورك دوغان‪ ،‬رئيس جمعية حقوق اإل نسان‪ ،‬أنظر‬
‫‪www.emcan.arabblogs.com/archive/2009/12/994592.html‬‬

‫‪98‬‬
‫الببلد لجعؿ تركيا دولة يحكميا دستور رئاسي‪ ،‬واستمر الحزباف في معارضة التوجو لتعديؿ‬
‫دستور إنقبلب ‪ 1982‬بشتى الوسائؿ‪.1‬‬
‫منذ وصوؿ أردوغاف لمسمطة عاـ ‪ 2003‬وىو يحمؿ في جعبتو مشروع إصبلح الدستور‪ ،‬وفي‬
‫عاـ ‪ 2010‬صوت األتراؾ بنعـ؛ وبنسبة كبيرة في إستفتاء جرى ألخذ رأي الشعب حوؿ المراجعة‬
‫الشاممة لدستور العسكر‪ ،‬وىو المشروع الذي بذؿ فيو أردوغاف جيداً كبي اًر إلقناع الشعب بجدواه‬
‫رغـ المقاومة الشرسة التي أبدتيا المعارضة‪ ،‬وذلؾ مف خبلؿ إجراء إصبلحات تعزز مف الحريات‬
‫الشخصية‪ ،‬وتدعـ القضاء المدني وتحد مف سيطرة المؤسسة العسكرية‪ ،‬بؿ وتضعيا تحت سيادة‬
‫القوانيف المدنية‪. 2‬‬
‫كما استطاع حزب العدالة ضـ العديد مف أقطاب الصناعة إلى صفوفو لئلستفادة مف كونو حزبا‬

‫حاكما مما أعطى زخما ماليا واعبلميا حيث أف نصؼ المؤسسات اإلعبلمية الخاصة بتركيا‬
‫تابعو لرجاؿ أعماؿ منضميف لمحزب‪3‬؛ مف شأنيا أف توفر غطاءاً إعبلمياً ومالياً لمحزب‪ ،‬كما‬
‫استطاع الحزب تحقيؽ طفرة ىائمة في مكافحة الفساد‪ ،‬وتخفيض الديوف وتقميؿ العجز‪ ،‬ورفع‬
‫مستوى المعيشة األمر الذي أكسبو شعبيو كبيرة حتى إنتخابات ‪ .2007‬يضاؼ الى ذلؾ فشؿ‬
‫األحزاب القومية وحزب الشعب في أف تكوف منافساً قوياً لحزب العدالة والتنمية‪ ،‬مما أضعؼ‬
‫موقؼ الجيش‪ ،‬فمـ يعد اإلنقبلب مجديا ضد حزب العدالة والتنمية؛ بسبب إلتزاـ الحزب كافة‬
‫مبادئ أتاتورؾ شكمياً‪ ،‬لدرجة أف المحكمة الدستورية العميا عاـ ‪ 2008‬أصدرت حكما ضد الحزب‬
‫فكاف مجرد إنذار بعدما تبيف لو أف الحزب لـ يقمؿ أو يؤذي مبادئ المؤسس بؿ شكمت تصرفاتو‬

‫شبية فقط مما يحوؿ دوف حظره‪.‬‬

‫يبلحظ عدـ إقتراب حزب العدالة والتنمية مف الممفيف الخطيريف‪ ،‬األكراد وأسممة تركيا بشكؿ‬
‫صريح وعمني قد يفسر عمى أنو عدائيا لمجيش والعممانية‪ ،‬حتى مع توجو الحزب لتغيير سياسات‬

‫‪1‬‬
‫طارق عبد الجميل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪236-217‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪128-125‬‬
‫‪3‬‬
‫مجمة البيان‪ ،‬الجيش التركي حمفاء األمس غرماء اليوم‪ ،‬أنظر‬
‫‪www.albayan.co.uk/print.aspx?id=1370‬‬

‫‪99‬‬
‫أتاتورؾ تجاىيـ فمـ يقدـ عمى أي خطوة حقيقية يرفضيا الجيش أو قد يعترض عمييا‪ ،1‬وفي العاـ‬
‫‪ 2009‬حرص عمى موافقة الجيش الكاممة قبؿ طرح ممؼ األكراد‪ ،‬في حيف لـ يفكر في أي‬
‫مشروع مستند لمديف مطمقاً إال في حالة طرح قانوف لمسماح لممحجبات بدخوؿ الجامعات‪ ،‬وقد‬
‫كاف ذلؾ عقب قرار أصدرتو إدارة ‪ 28‬جامعو ومعيد عاؿ لمنع الطالبات مف إرتداء غطاء الرأس‬
‫وتبع ذلؾ قرار منع الطمبة الممتحيف مف دخوؿ الجامعات أيضاً‪ ،‬وكاف بعد ىجوـ مرير مف حزب‬
‫السعادة‪ ،‬حيث حافظ الحزب عمى العبلقات مع الغرب مما أضعؼ موقؼ الجيش‪.2‬‬
‫كذلؾ لـ يمس الحزب العبلقات مع إسرائيؿ إال بإذف الجيش جدير بالذكر أف الجيش ىو مف‬
‫قمص العبلقات العسكرية مع إسرائيؿ لتعنتيا في تنفيذ صفقات مع الجيش لخصومات سياسية مع‬
‫الحكومة‪ ،‬مما أدى الى رفض إشراؾ إسرائيؿ في مناورات ‪ 2009‬الدولية مع دوؿ الغرب‪ ،‬وىو‬

‫تصرؼ محض مف الجيش؛ ألف الدستور لـ يعط لمحزب الحاكـ أو الحكومة مثؿ ىذا الحؽ بؿ‬
‫جعمو مف اختصاص الجيش فقط‪ ،‬وأخي اًر استطاع الحزب توجيو ضربة موجعة لمجيش حيف غير‬
‫تركيبة مجمس األمف القومي ليكوف مدنيوه أكثر مف عسكرييو‪ ،‬وبالتالي تضاءلت قدرة الجيش عمى‬
‫ضبط العممية السياسية في تركيا‪.3‬‬
‫مف ىذا أخمص إلى أنو ألسباب دولية وداخمية تقمص وضع ونفوذ الجيش‪ ،‬ولـ يعد قاد ار عمى‬
‫اإلنقبلب أو حتى اإلعتراض‪ ،‬وتحوؿ وضع الجيش في عيد أردوغاف إلى جيش مجمد الدور‬
‫السياسي‪ ،‬وغير قادر عمى اإلعتداء عمى السمطة السياسية في تركيا كما اعتاد في الماضي‪،‬‬
‫وبتقميص سطوة الجيش فقد إستطاع حزب العدالة والتنمية مف السير قدماً في تطمعاتو إلصبلح‬
‫بنية الدولة التركية عمى شتى المستويات مف خبلؿ وضع العديد مف األىداؼ لتحقيقيا منيا‪:‬‬
‫• جعؿ إقتصاد تركيا مف بيف أكبر عشرة إقتصاديات عمى مستوى العالـ حتى نياية ‪2023‬‬
‫‪4‬‬
‫أي في الذكرى المئوية لتأسيس الجميورية‪.‬‬
‫• جعؿ تركيا دولة ديمقراطية بمعنى الكممة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أديب أوغمو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪128‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪162-161‬‬
‫‪3‬‬
‫لممزيد أنظر‪ ،‬شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪103-67‬‬
‫‪4‬‬
‫د‪ .‬أمراهلل إيشمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬أنظر ‪www.mesc.com.jo/activities/lecture/lecture1.html‬‬

‫‪100‬‬
‫• جعؿ الشعب التركي يتمتع بالحريات بما فييا حرية التعبير وحرية العقيدة‪.1‬‬
‫• جعؿ الشعب التركي يتمتع بمستوى عاؿ مف الثقافة والعمـ‪ ،‬ويعيش حياة كريمة تبلئـ كرامة‬
‫اإلنساف‪.‬‬
‫• جعؿ تركيا مصد ار لمسمـ واألمف واإلستقرار لممناطؽ المجاورة ليا‪.‬‬
‫ال شؾ أف ىذه األىداؼ بػدأت تتحقػؽ شػيئاً فشػيئاً‪ ،‬فػالتغيرات اإلجتماعيػة واإلقتصػادية والثقافيػة ال‬
‫تحػػدث فجػػأة بػػؿ تحتػػاج إلػػى الصػػبر والتػػروي‪ ،‬أسػػتطيع القػػوؿ بػػأف تركيػػا مضػػت فػػي مسػػار التغييػػر‬
‫واإلصػبلح مػف خػبلؿ الخطػػط الحكوميػة مدعومػة بتأييػػد الشػعب ليػا‪ ،‬وقطعػػت أشػواطاً ال بػأس بيػػا‬
‫حت ػػى اآلف‪ ،‬ح ػػيف س ػػاند الش ػػعب الترك ػػي مس ػػار التغيي ػػر حيني ػػا نج ػػح ح ػػزب العدال ػػة والتنمي ػػة ف ػػي‬
‫سياسػػاتو‪ ،‬وشػػكمت إنجػػازات الحػػزب مجتمعػػة أسػػباب فػػوزه فػػي اإلنتخابػػات مػػف جديػػد‪ ،‬وكػػاف نجػػاح‬

‫الحزب مصداقا لقولو تعالى‪( :‬إف اهلل ال يغير ما بقوـ حتى يغيروا ما بأنفسيـ)‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫لممزيد‪ ،‬شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 103‬وما يمييا‬
‫‪2‬‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬سورة الرعد‪ ،‬اآلية ‪11‬‬

‫‪101‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التجربة الديمقراطية في النظام السياسي التركي‬
‫لقد قدمت تركيا نموذجاً مشرقاً لئلسبلـ بممارسات ديمقراطية حديثة‪ ،‬وىو مثاؿ ُيقتدى بو في‬
‫العالـ اإلسبلمي والوطف العربي‪ ،‬إف أراد الخروج مف دوامة التخمؼ والتبعية‪ ،‬وقد أثبت ىذا‬

‫النموذج نجاحو في التعايش مع الواقع السياسي بتناقضاتو‪ ،‬وعرفت تركيا تطو اًر إقتصادياً‬
‫كبي اًر‪ ،1‬ولعؿ ذلؾ يجعؿ ىذا النموذج اإلسبلمي الديمقراطي أكثر جاذبية لمدوؿ العربية التي‬
‫تعاني مف تسمط الحكاـ‪ ،‬وغياب الديمقراطية وحقوؽ اإلنساف‪.‬‬
‫لموقوؼ عمى آثار ىذه التجربة في تركيا‪ ،‬وأبعادىا المختمفة في الحياة التركية‪ ،‬فبل بد مف‬
‫دراسة ىذه التجربة مف جوانب متعددة‪ ،‬ولذلؾ جاء دور حزب العدالة والتنمية بالنيوض‬
‫بالدولة في مطمب أوؿ‪ ،‬وسياسة تركيا الخارجية في عيد الجميورية والسياسية الجديدة في‬

‫مطمب ثاف‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬دور حزب العدالة والتنمية بالنيوض بالدولة‬


‫تبرز األىداؼ التي سعى حزب العدالة والتنمية إلى تحقيقيا والتي إستطاع بالفعؿ أف يجعميا‬
‫واقعاً ال مجرد وعود وأحبلـ‪ ،‬وتمثؿ ذلؾ بالتجربة التركية مف خبلؿ النيوض بالدولة والمجتمع‬
‫والذي بات أحد نماذج النيوض والرقي في المنطقة بؿ والعالـ بأكممو‪ ،‬فقد شيدت السنوات الثماف‬
‫منذ وصوؿ الحزب لسدة الحكـ في عاـ ‪ 2002‬طفرة إقتصادية واجتماعية وسياسية في‬
‫الجميورية التركية يقودىا حزب العدالة والتنمية ذو التوجيات اإلسبلمية‪.2‬‬
‫ىذا المشيد الذي أذىؿ الساسة والمحمميف اإلقتصادييف واإلجتماعييف؛ تجمى في أبيى صوره‬
‫بإعتبلء ىذا الحزب قمة العمؿ السياسي التركي بجماىيرية شعبية لـ يسبؽ أف وصؿ إلييا أي مف‬
‫األحزاب التركية‪ ،‬وصمت إلى ‪ %47‬مف أصوات الناخبيف في أوؿ مشاركة سياسية لمحزب في‬
‫غمار معترؾ السياسة التركية‪ ،‬وكذلؾ بالنيضة اإلقتصادية المتسارعة التي حققت لممواطف‬

‫‪1‬‬
‫لممزيد حول ىذه التطورات‪ ،‬شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 49‬وما يمييا‬
‫اخباريات العالم‪ ،‬أنظر ‪www.ekhbaryat.net‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪102‬‬
‫التركي مزيداً مف المميزات الحياتية التي تدفعو إلى التقدـ في كافة المستويات السياسية واإلجتماعية‬

‫والثقافية‪.‬‬

‫نتيجة لذلؾ بحث كثير مف المحمميف العرب والمسمميف عف العوامؿ التي أنتجت تمؾ النيضة‬
‫المتميزة في زمف قياسي؛ في محاولة لفيـ سر نجاح الحزب لموصوؿ إلى قمة ىرـ السمطة في‬
‫كؿ تفرعاتيا‪ ،‬في دولة كانت تعد مف أكثر الدوؿ العممانية تطرفاً في تطبيؽ مبادئيا العممانية‪،‬‬
‫وعمى رأسيا الجيش حارس تمؾ المبادئ‪ ،‬دستورياً وقضائياً وسياسياً وعسكرياً‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬عامل السياسة واالقتصاد‬


‫فإذا أخذنا في االعتبار التأثير المتبادؿ لعاممي السياسة واإلقتصاد‪ ،‬فيمكف القوؿ بأف كؿ منيما‬

‫شكؿ مدخبلً إلى اآلخر في النيضة التركية‪ ،1‬فالنجاح الباىر لمعمؿ اإلقتصادي ينعكس عمى‬
‫السياسة والعكس كذلؾ‪ ،‬وقد ترافؽ دور عدناف مندريس وتورغوت أوزاؿ ونجـ الديف أربكاف ذوو‬
‫التوجيات اإلسبلمية‪ ،‬مع تشكؿ بيئة جديدة مف رجاؿ األعماؿ الذيف ساءىـ سيطرة الجمعيات‬
‫والشركات ذات األصوؿ الييودية عمى إقتصاد الدولة التركية‪ ،‬وتحكميا في مفاصؿ السياسة في‬
‫ىذه الببلد‪ ،‬ويدعى ىذا التجمع بمنظمة )توسياد)‪ ،2‬حيث قامت جمعيات لرجاؿ األعماؿ تعمؿ‬
‫عمى تنمية اإلقتصاد والصناعة في تركيا بعيدا عف سيطرة العممانية المتطرفة في طغيانيا عمى‬
‫الدولة والمجتمع‪ ،‬فتشكمت جمعية تـ تأسيس جمعية رجاؿ األعماؿ والصناعييف‬
‫المستقميف)موصياد( عاـ ‪ 1990‬ويضـ ىذا اإلتحاد رجاؿ األعماؿ والصناعييف األتراؾ‬
‫المحافظيف؛ القادـ معظميـ مف ىضبة األناضوؿ وىو بعكس جمعية توسياد التي تضـ عمى نحو‬
‫ممموس رجاؿ األعماؿ مف إسطنبوؿ والمدف التركية الغربية‪ ،‬حاممي مبادئ أتاتورؾ والعممانية‬
‫المتطرفة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬عمرو الشوبكي‪ ،‬مرجع سابق‪2004 \ 6\ 14 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫تأسست منظمة توسياد عام ‪ ،1971‬وتضم ‪ 1300‬شركة بينما زاد عدد موظفييا عن ‪ 500‬ألف شخص‪ ،‬ويبمغ‬
‫حجم نشاطيا التجاري وتعامالتيا الى ‪ 70‬مميار دوالر سنويا‪ ،‬وتجدر اإلشارة الى أن عددا كبي ار من مؤسسي ىذه‬
‫المنظمة من الييود العمنيين وييود الدونمة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪56-55‬‬

‫‪103‬‬
‫مف جية أخرى عممت المنظومة اإلقتصادية الجديدة عمى الدفع بالقوى السياسية ذات التوجيات‬
‫اإلسبلمية باتجاه السيطرة عمى مفاصؿ الحكـ لكف دوف مواجية حادة مع القوى العممانية‬
‫المسيطرة عمى عالـ السياسة في كؿ تجمياتيا‪ ،1‬فقد وظفت القوة اإلسبلمية الجديدة متمثمة في‬
‫حزب العدالة والتنمية نجاحاتيا اإلقتصادية لموصؿ إلى حكـ الببلد‪ ،‬فكانت النتيجة المبيرة التي‬
‫حققيا العدالة والتنمية بالفوز بػ ‪ 360‬مقعداً مف أصؿ ‪ 550‬في البرلماف عاـ ‪ 2002‬ىي إنعكاس‬
‫لخططيا اإلقتصادية التي نالت ثقة الشعب التركي‪ ،‬ومف خبلؿ السياسة الحكيمة والجيد‬
‫المتواصؿ إستطاع حزب العدالة والتنمية أف يضع إقتصاد تركيا في المرتبة السادسة عشرة بيف‬
‫الدوؿ ذات اإلقتصاد األقوى عمى مستوى العالـ في غضوف ثماف سنوات‪.‬‬

‫كما أوردت دراسة أعدت عف النيضة اإلقتصادية التركية‪ ،‬لمؤتمر العبلقات التركية اليمنية عددا مف‬

‫اإلنجازات اإلقتصادية لحكومة العدالة والتنمية‪ 2‬منذ تسمميا السمطة عاـ ‪ 2002‬وحتى ‪2008‬‬

‫كاآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬تضاعؼ مؤشر دخؿ الفرد في تركيا فقد كاف في عاـ ‪ 2002‬يقدر بمبمغ ‪3500‬دوالر‬
‫أمريكي‪ 3‬لكنو مف خبلؿ السياسة اإلقتصادية الحكيمة لحزب العدالة والتنمية وصؿ في‬
‫عاـ ‪ 2008‬إلى ‪ 10500‬دوالر أمريكي‪.‬‬
‫‪ .2‬إحتمت تركيا المرتبة السادسة عمى المستوى األوروبي في المجاؿ اإلقتصادي‪ ،‬والمركز‬
‫األوؿ في أوروبا في مجاؿ صناعة النسيج ‪.‬‬
‫‪ .3‬تحتؿ تركيا ثاني أكبر نمو في العالـ مقداره ‪ ،%11.5‬كما إستطاعت أف تحافظ عمى‬
‫متوسط نمو خبلؿ الفترة مف عاـ ‪ 2002‬وحتى عاـ ‪ 2008‬في حدود ‪ % 6.8‬رغـ‬
‫حدوث األزمة المالية العالمية‪ ،‬والتي بدأت تداعياتيا منذ عاـ ‪ 2006‬التي قادت إلى‬
‫حاالت ىبوط إقتصادي حاد في نمو العديد مف دوؿ العالـ الصناعي‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫المركز العربي لمدراسات‪ ،‬مقال بعنوان‪ :‬التجربة التركية‪ ..‬عوامل النيوض‪ ،13.9.2011 ،‬أنظر‬
‫‪www.arabicenter.net‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر إبراىيم أوزتورك‪ ،‬التحوالت اإلقتصادية التركية‪ ،‬ص‪62-47‬‬
‫‪3‬‬
‫عمي باكير‪ ،‬اإلقتصاد التركي‪ :‬معجزة حزب العدالة والتنمية‪ ،‬بتصرف‬
‫‪4‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪50‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ .4‬قفز الناتج المحمي اإلجمالي مف ‪ 350‬مميار دوالر عاـ ‪ 2002‬الى ‪ 700‬مميار دوالر‬
‫عاـ ‪.12008‬‬
‫‪ .5‬تطورت صناعة السيارات في تركيا بأف أصبح مف بيف كؿ ألؼ سيارة تصنع في العالـ‬
‫فإف ‪ 15‬سيارة منيا تصنع في تركيا‪.‬‬
‫‪ .6‬تصاعد حجـ التجارة الخارجية لتركيا لتبمغ نسبة نمو قاربت ‪.%37‬‬
‫‪ .7‬تضاعفت صادرات تركيا‪ 2‬أربع مرات‪ ،‬حيث كانت ‪ 36‬مميار دوالر عاـ ‪ ،2002‬لتصؿ‬
‫عاـ ‪ 2008‬إلى ‪ 132‬مميار دوالر‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬التقدم العممي والتكنولوجي‪ :‬حيث أدرؾ األترؾ أف التعميـ ىو ركيزة التنمية؛ بعد أف كانت‬

‫الدولة التركية ومنذ بداياتيا تعتمد التعميـ كأداة لسمخ المجتمع التركي عف ثقافتو اإلسبلمية نحو‬
‫‪3‬‬
‫الثقافة األوروبية‪ ،‬لكف محاوالت الساسة ذوي التوجيات اإلسبلمية ابتداء مف مندريس وأوزاؿ‬
‫وانتياء بأردوغاف آتت أكميا‪ ،‬واتجيت السياسة التعميمية إلى التركيز عمى التنمية العممية‪ ،‬مع‬
‫التأكيد عمى التعميـ الديني كمادة إجبارية لتعيد لممجتمع عقيدتو وثقافتو العثمانية األصيمة بعد‬
‫سنوات مف حظرىا‪.‬‬
‫يشكؿ التعميـ الجامعي دعامة أساسية مف دعائـ النيضة التركية الحديثة‪ ،‬مرتك از عمى كفاءة‬
‫عالية في األداء‪ ،‬وقناعة راسخة بأف التعميـ يشكؿ حجر األساس لمشروع النيوض باألمة التركية‪،‬‬
‫ويرافؽ ذلؾ إعبلـ قوي يركز جيوده عمى إقناع الناس بحتمية النيضة التعميمية لرفع مستوى‬
‫المعيشة‪ ،‬وتحسيف مستوى ونوعية الحياة‪ ،‬وسعت الحكومات المتتالية السيما حكومة العدالة‬
‫والتنمية إلى تعزيز حصة التعميـ‪ 4‬مف الميزانية العامة لمدولة الى ‪.%15‬‬

‫‪1‬‬
‫إبراىيم أوزتورك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪50- 49‬‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد حول ذلك‪www.matarya.yoo7.com/t2811-topic ،‬‬
‫‪3‬‬
‫أحمد النعيمي‪ ،‬مرجع سابق‪183-181 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫حول التعميم في تركيا‪ ،‬أنظر ‪www.marefa.org‬‬

‫‪105‬‬
‫كذلؾ وضعت سياسات طموحة لمنيوض بقطاع التعميـ الجامعي‪ ،1‬بحيث يسيـ في تطوير البمد‬
‫بنواحييا المختمفة؛ ومف تمؾ السياسات‪:‬‬
‫‪ .1‬إستقبللية الجامعات وعدـ خضوعيا لمتغيرات الو ازرية‪ ،‬ومف يضع الخطط وبرامج التعميـ‬
‫العالي ىو المجمس األعمى لمجامعات‪ ،‬والو ازرة وادارة الجامعات ىي جيات تنفيذية فقط‪،‬‬
‫وىذا مف شأنو تحقيؽ ثبات السياسات والخطط التعميمية‪ ،‬وأيضا تحقيؽ الشفافية العممية‬
‫والوضوح والمتابعة‪ ،‬والمحاسبة الدقيقة لمراحؿ التنفيذ‪.‬‬
‫‪ .2‬تم يز الجامعات التركية مف حيث أسموب وآليات إنشائيا؛ فيـ يطبقوف مبدأ يطمقوف عميو‬
‫(الحموؿ المتزامنة المتعددة الخبلقة)؛ فعند إنشاء جامعة جديدة يتـ وضع سياسات وخطط‬
‫لحؿ عدة مشكبلت‪ ،‬وتحقيؽ عدة أىداؼ محمية ثقافية وقومية وعممية‪ ،‬وتفتح الجامعات‬

‫مجاالت العمؿ أماـ خريجييا‪ ،‬حيث يتـ إختيار مكاف اقامة الجامعة في المناطؽ‬
‫العشوائية أو التي يخطط لتنميتيا والنيوض بيا‪ ،‬ويسبؽ بناء الجامعات إنشاء عدد مف‬
‫المصانع المتنوعة‪ ،‬وىو ما يضمف توفير فرص عمؿ لكثير مف األيدي العاممة‪ ،‬ويفتح‬
‫الباب إليجاد مجاؿ حيوي لعمؿ الخريجيف‪ ،‬وىذا ىو معنى الحموؿ المتزامنة الخبلقة؛‬
‫يحؿ فييا مشكبلت التخمؼ التعميمي واالقتصادي والبطالة والفقر‪ ،‬ويتـ عبلجيا بشكؿ‬
‫شمولي تكاممي‪.2‬‬
‫‪ .3‬تعمؿ الجامعات التركية بنظاـ البرامج المشتركة مع الجامعات األوروبية واألمريكية‪ ،‬ىذه‬
‫البرامج تشمؿ مراحؿ الميسانس والبكالوريوس‪ ،‬كما تشمؿ مراحؿ الماجستير والدكتوراه‪،‬‬
‫فالدرجات الجامعية األولى البد وأف تكوف مشتركة مع جامعات أجنبية‪ ،‬أي معترؼ بيا‬
‫ومشتركة بيف جامعتيف‪ ،‬أحدىا تركية واألخرى أوروبية أو أمريكية‪ ،‬مما يسيـ في إرتفاع‬
‫مستوى األداء العممي واألكاديمي والفني في الجامعات التركية إلى مستوى الجامعات‬
‫الغربية‪ ،‬وينطبؽ ىذا عمى نظـ المقررات واألنشطة والميارات والقدرات‪ ،‬كما تكوف‬

‫‪1‬‬
‫لقد كان الفضل لالزدىار التعميمي الجامعي وفي المعاىد العميا يعود لمتعديالت الدستورية التي أجراىا حزب العدالة‬
‫والتنمية عمى مجمس األمن القومي حيث كان المجمس يضع السياسات التعميمية ويعمل عمى توجيييا بما يتناسب مع‬
‫مبادئ العممانية‪ ،‬دون أي اعتبار لتطوير التعميم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫التعميم في تركيا‪ ،‬المركز العربي لمدراسات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬أنظر ‪www.arabicenter.net‬‬

‫‪106‬‬
‫االمتحانات مشتركة بيف الجامعة التركية والجامعة الغربية‪ ،‬وبيذا يتـ ضماف مستوى‬
‫الجودة والكفاءة‪.1‬‬
‫‪ .4‬اإلستفادة مف الخبرات العممية التركية المياجرة أو العاممة خارج الببلد في بناء‬
‫الجامعات‪ ،‬واعداد برامج الجودة فييا‪ ،‬وفي متابعة وتقويـ العمؿ العممي والتربوي‬
‫واألكاديمي لمجامعات‪.‬‬
‫‪ .5‬وربما يعد أىـ عامؿ في نجاح النموذج التركي في التعميـ‪2‬؛ ىو إسياـ الوقؼ الخيري‬
‫والييئات والمؤسسات الخيرية في دعـ العممية التعميمية‪ ،‬حيث تقوـ ببناء المدارس وتوفير‬
‫المنح الدراسية‪ ،‬وتسيـ في طباعة المنشورات العممية‪ ،‬كما تقوـ ببناء إسكانات الطمبة‬
‫واإلشراؼ عمييا‪ ،‬كما أسس الوقؼ الخيري مدارس خاصة تقوـ بتدريس المغات األجنبية‬

‫وتشرؼ عمييا‪ ،‬ىذا إلى جانب دعـ البحوث العممية‪ ،‬ورجاؿ العمـ المشاركيف باألنشطة‬
‫العممية وتنظيـ الندوات والمؤتمرات العممية داخؿ وخارج تركيا لممساىمة في خمؽ بيئة‬
‫عممية صحيحة‪ ،‬ونضيؼ بأف النجاح الذي حققتو تركيا عمى مختمؼ الصعد دعـ‬
‫جيودىا السياسية كي تصبح دولة فاعمة عمى المستوييف الدولي واإلقميمي‪3‬؛ ويظير ىذا‬
‫النجاح في الداخؿ والعمؿ عمى توحيد مختمؼ قوى الشعب‪ ،‬وتوفير اإلستقرار والقوة‬
‫اإلقتصادية الدافعة لمعمؿ السياسي‪ ،‬بحيث تكوف تركيا دولة قوية ومستقرة في الداخؿ‪،‬‬
‫ومتصالحة مع محيطيا في الخارج‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬سياسة السمم اإلقميمي والدولي‪ :‬حيث قامت تركيا بسياستيا عمى حؿ مشكبلتيا مع‬

‫جيرانيا جميعاً حتى أوصمتيا إلى درجة الصفر‪ ،‬األمر الذي فتح ليا الطريؽ لكي تنتقؿ مف الدوؿ‬
‫اليامشية في المنطقة‪ ،‬إلى دولة مركزية مؤىمة لمعب دور محوري في الساحتيف اإلقميمية والدولية‪،‬‬
‫وانطبلقاً مف اإليماف الذي يتحمى بو قادة العدالة والتنمية بضرورة العودة إلى حضف األمة‬

‫‪1‬‬
‫تجربة التعميم العالي في الجامعات التركية‪ ،‬ورقة عمل لممؤتمر الدولي لمجامعات اإلسالمية في أندونيسيا‪،‬‬
‫أنظر‪www.almesryoon.com/‬‬
‫‪2‬‬
‫لممزيد أنظر‪ ،‬د‪ .‬أمراهلل إيشمر‪ ،‬مرجع سابق‪www.mesc.com.jo/activities/lecture/lecture1.html ،‬‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 41‬وما يمييا‬

‫‪107‬‬
‫اإلسبلمية‪ ،‬مع عدـ اإلنغبلؽ عمى اآلخر؛ األوروبي أو األمريكي‪ ،‬فقدت شيدت السنوات األخيرة‬
‫تبمور عدد مف المواقؼ التركية المتميزة‪ ،‬تجاه عدد مف القضايا واألحداث العربية التي أظيرت‬
‫فاعمية كبيرة في مساندة كؿ ىذه القضايا‪.1‬‬
‫ىذه المواقؼ والسياسات جعمت مف تركيا رم اًز لئلفتخار العربي واإلسبلمي الذي رأى فييا إنحيا اًز‬
‫إلى ىموميـ وقضاياىـ‪ ،‬وجعؿ مف تركيا العباً رئيسياً في اإلقميـ جعؿ بعض المحمميف يعتبروف‬
‫المنطقة قد دخمت العصر التركي في المنطقة العربية‪ ،‬والعالمية أيضاً‪.2‬‬
‫يضاؼ إلى تمؾ السياسات والمواقؼ سياسات اإلنفتاح السياسي واإلقتصادي عمى العالـ العربي‪،‬‬
‫حيث تصاعد حجـ التبادؿ التجاري بيف تركيا وعدد مف الدوؿ العربية‪ ،‬السيما مصر والخميج‬
‫العربي‪ ،‬كما شيدت العبلقات السورية التركية إنفتاحا كبي ار بفتح المعابر والحدود بدوف تأشيرات‬

‫وانشاء مناطؽ التجارة الحرة معيا ومع مصر وعدد آخر مف الدوؿ العربية‪ ،‬كما لعبت دو اًر كبي اًر‬
‫في الممؼ اإليراني‪ ،‬بما يحقؽ اليدؼ الذي سعت إليو أنقرة لتكوف دولة محورية في المنطقة‬
‫العربية‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬الحكمة في التعامل مع الواقع العمماني لمدولة التركية‪ :‬حيث يتضح مف خبلؿ تجربة‬

‫حزب العدالة والتنمية التركي وكيفية إدارتو لؤلمور عند وصولو إلى السمطة‪ ،‬وتعاممو مع الطبيعة‬
‫العممانية لمدولة التركية‪ ،‬واحترامو لمبادئيا كمسألة ال يمكف تجاوزىا في ظؿ السيطرة المطمقة‬
‫لحراس العممانية‪ ،‬يتبيف أف ىذه الرؤية ىي أحد أسرار نجاح النيضة التركية الحديثة التي يقودىا‬
‫ىذا الحزب‪ ،‬ومما ال شؾ فيو أف رؤية العدالة والتنمية حققت نجاحات متتالية‪ ،‬حيث استطاع‬
‫اصدار قوانيف تتيح حرية إرتداء الحجاب‪ ،‬وفي ذات السياؽ أشير إلى تصريح رجب طيب‬
‫أردوغاف في زيارة لو إلى إسبانيا حيث قاؿ‪ " :‬لنفترض أف الحجاب ىو رمز سياسي فيؿ يمكف‬
‫اعتباره رم از لمجريمة؟ كيؼ يمكف حظر الرموز؟"‪ ،‬وبعد ىذا التصريح أعمف حزب الحركة القومية‬

‫‪1‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬السياسة الخارجة التركية‪ ،‬ص‪146-133‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر مركز الدراسات اإلستراتيجية‪ ،‬العرب واألتراك في عالم متغير‪www.carnegie- ،‬‬
‫‪mec.org/events/?fa=3241‬‬

‫‪108‬‬
‫الذي كاف يمتمؾ ‪ 71‬مقعداً في البرماف دعمو لتوجيات حزب العدالة والتنمية في توجيو لجعؿ‬
‫الحجاب مف الحريات الشخصية مف خبلؿ تعديؿ مواد الدستور التي تحظر الحجاب‪ ،‬كما‬
‫إ ستطاع تحييد كثير مف القوى العممانية في كثير مف السياسات والقوانيف التي تتجاوز المبادئ‬
‫العممانية‪.1‬‬
‫كما أف ىناؾ عامبلف آخراف ال نستطيع أف نتجاىؿ دورىما في نجاح النموذج التركي‪ ،‬يتمثؿ‬
‫األوؿ في تطبيؽ النظاـ الديمقراطي؛ الذي ساعد عمى نمو دور المجتمع األىمي وخبرات‬
‫المشتغميف بالعمؿ السياسي‪ ،2‬وأتاح فرصة إخضاع السمطة لمحساب والتداوؿ بناء عمى قرار‬
‫الجماىير في اإلنتخابات العامة‪ ،‬وكاف االلتزاـ بمبادئ الممارسة الديمقراطية وراء تقميص دور‬
‫العسكر في القرار السياسي‪ ،‬األمر الذي جعؿ إرادة الشعب ىي المرجعية األىـ في صناعة ذلؾ‬

‫القرار وحمايتو‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬وضوح الرؤية االستراتيجية لدى النخبة الحاكمة في تركيا‪ :‬يدرؾ قادة حزب العدالة‬

‫والتنمية جيدا ما يقدموف عميو‪3‬؛ حيث تبنى مؤسسو حزب العدالة والتنمية الديمقراطية المحافظة‬
‫وىي "نظاـ سياسي واجتماعي توفيقي تنسجـ فيو الحداثة والتراث مف جانب والقيـ االنسانية‬
‫والعقبلنية مف جانب ثاف‪ ،‬فيي تقبؿ الجديد وال ترفض القديـ‪ ،‬وتؤمف بخصوصية الذات‪ ،‬وتؤكد‬
‫عمى أف الدولة يجب أف يتوقؼ دورىا عند تسيير األمور مف خبلؿ الحد مف التناقض عبر‬
‫التوفيؽ بيف مختمؼ اإلتجاىات في بيئة يتعايش فييا الجميع دوف استقطاب أو إستئثار"‪ ،4‬وبدا‬
‫جميا لمعياف أف ما يجري عمى شتى نواحي الحياة التركية قد تـ اإلعداد لو جيداً‪ ،‬وىذا الوضوح لـ‬
‫يكف مف نصيب األىداؼ فحسب‪ ،‬وانما إنسحب عمى الوسائؿ أيضاً‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أديب أوغمو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪130-129‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 41‬وما يمييا‬
‫‪3‬‬
‫لممزيد حول ذلك أنظر‪ ،‬موقع المركز العربي لمدراسات واألبحاث‪ ،‬تطورات السياسة الخارجية التركية‪ ،‬أنظر‬
‫‪www.arabicenter.net‬‬
‫‪4‬‬
‫كمال حبيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪116‬‬

‫‪109‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬سياسة تركيا الخارجية في عيد الجميورية والسياسة الجديدة‬

‫إف اإلنجازات التي حققيا حزب العدالة والتنمية عمى المستوى الداخمي‪ ،‬ال تقؿ عف إنجازاتو عمى‬
‫المستوى الخارجي‪ ،‬ولموقوؼ عمى ىذه اإلنجازات الكثيرة؛ ال بد مف تسميط الضوء عمى السياسة‬
‫القديمة والحديثة ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬سياسة تركيا الخارجية في عيد الجميورية‬

‫بعد إنييار الدولة العثمانية‪ ،‬إتبعت الجميورية التركية منذ تأسيسيا في عاـ ‪ 1923‬سياسة جديدة‬
‫في عبلقاتيا الخارجية‪ ،‬يمكف وصفيا عموما بأنيا ذات إتجاه واحد‪ ،‬أي نحو أوروبا والغرب فقط‪،‬‬
‫وعمى الرغـ مف ىذه السياسة ذات اإلتجاه الواحد كانت ىناؾ بعض المحاوالت مف قبؿ كماؿ‬

‫أتاتورؾ في ثبلثينات القرف المنصرـ لفتح آفاؽ جديدة أماـ تركيا في عبلقاتيا الخارجية؛ إذ أنو‬
‫قاـ بتأسيس حمؼ البمقاف في عاـ ‪ 1934‬بيف تركيا واليوناف ورومانيا ويوغوسبلفيا‪ ،‬وبتأسيس‬
‫حمؼ سعدآباد في عاـ ‪ 1937‬بيف تركيا وايراف والعراؽ وأفغانستاف‪ ،1‬ولكف ىذيف الحمفيف باءا‬
‫بالفشؿ ولـ يستم ار طويبلً‪ ،‬وكنتيجة طبيعية لمسياسة ذات االتجاه الواحد‪ ،‬شيدت العبلقات التركية‬
‫مع محيطيا العربي واإلسبلمي وحتى المسيحي إنقطاعا داـ عدة عقود‪ ،2‬بسبب السياسة التي‬
‫تقوـ عمى العداء مما أدى إلى تصاعد توتر عبلقات تركيا مع معظـ جيرانيا‪ ،‬كما أصبحت تركيا‬
‫أثناء الحرب الباردة طرفاً في اإلستقطابات الدولية‪.‬‬
‫تظػػافرت الجيػػود لكسػػر ىػػذه السياسػػة األحاديػػة الجانػػب فػػي عيػػد تورغػػوت أوزاؿ‪ ،‬وقػػد شػػيد عيػػده‬
‫منذ تولي رئاسة الحكومة في عاـ ‪ 1983‬تطو ار ممموسا في عبلقات تركيا مع العالـ بصفة عامة‪،‬‬
‫ومػػع العػػالـ العربػػي واإلسػػبلمي بصػػفة خاصػػة‪ ،‬وفػػي الحقيقػػة يمكػػف وصػػؼ عيػػد أوزاؿ فػػي تػػاريخ‬
‫تركيا الحديث بعيد اإلنفتاح التركي عمى العالـ كمو‪ ،‬بما فيو العالـ العربي واإلسبلمي‪ ،‬ولكف وتيػرة‬
‫اإلنفتاح لـ تستمر في عيد الحكومات التي جاءت بعػده‪ ،‬وبعػد تفكػؾ اإلتحػاد السػوفييتي فػي بدايػة‬

‫التسعينات إنفتحت تركيا عمى العالـ التركي في القوقاز وآسيا الوسطى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪133‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد دروزه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪161‬‬

‫‪110‬‬
‫ثانيا‪ :‬السياسة الخارجية الجديدة لتركيا‬

‫كاف لزاماً عمى السياسة الخارجية التركية المنغمقة عمى نفسيا‪ ،‬أف تستجيب لممتغيرات الجديدة‬
‫بعد نياية الحرب الباردة؛ إذ اف موقع تركيا الجيواستراتيجي عمى تقاطع طرؽ القوى والمناطؽ‬
‫الحيوية في العالـ‪ ،‬وارثيا التاريخي‪ ،‬دفعا تركيا إلى اتباع سياسة جديدة‪.1‬‬
‫الحكـ في‬
‫َ‬ ‫لذا فقد بدأت السياسة الخارجية تتغير بإرادة سياسية بعد تولي حزب العدالة والتنمية‬
‫تركيا في تشريف الثاني ‪ ،2002‬وما يزاؿ الحزب يحكـ تركيا برئاسة رئيس الوزراء رجب طيب‬
‫أردوغاف‪ ،‬واليدؼ الرئيس مف السياسة الخارجية الجديدة ىو تحقيؽ األمف واالستقرار والسبلـ‬
‫لمجميع وىو ما جسده أحمد داود أوغمو في كتابو العمؽ اإلستراتيجي‪ ،‬ليصبح اإلطار النظري‬
‫واألفكار التي طرحيا في كتابو واقعاً عممياً ممارساً بعد وصوؿ الحزب لمحكـ‪.2‬‬
‫ال شؾ أف السياسة الجديدة متعددة األبعاد تختمؼ بشكؿ جوىري عف السياسة الخارجية القديمة‪،‬‬
‫وفي الفترة الجديدة؛ لـ تعد عبلقات تركيا مع أي طرؼ تعتبر بديبل عف العبلقات مع طرؼ آخر‪،‬‬
‫وقد طورت الخارجية التركية دبموماسية منظمة ومتواصمة‪ ،‬تتمثؿ في اإللتقاء بأكبر عدد مف‬
‫المسؤوليف عمى مختمؼ المستويات في الدوؿ األخرى‪ ،‬في جميع القارات‪.3‬‬
‫وتعمؿ تركيا في المرحمة الجديدة عمى تبني وسائؿ دبموماسية في حقؿ السياسة الخارجية‪،‬‬

‫تستيدؼ تأكيد موقع تركيا باعتبارىا دولة مركز‪ ،‬وتأسيس جسر صمب بيف موقعيا الحالي‬
‫ورؤيتيا المستقبمية‪ ،‬وعمقيا التاريخي‪ ،‬ىذه السياسة ىي التي أخذت في إبراز تركيا كبلعب‬
‫أساسي في السياسة العالمية‪.4‬‬
‫كاف لزاماً عمى تركيا لكي تحقؽ نجاح سياستيا الخارجية الجديدة‪ ،‬أف تقوـ بإصبلحات سياسية‬
‫وديمقراطية لتعزيز الحريات في الداخؿ‪ ،‬مف دوف التفريط بالمتطمبات األمنية لمدولة‪ ،‬وقد قامت‬
‫الحكومة الحالية بالفعؿ بالعديد مف اإلصبلحات السياسية والديمقراطية في بداية عيدىا‪ ،‬بدوف‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬طارق عبد الجميل‪ ،‬ندوة في جامعة عين شمس في مصر ‪ ،2010-11-28‬العمق االستراتيجي‪ ،‬رحمة في عقل‬
‫داوود أوغمو‪ ،‬بتصرف‬
‫‪2‬‬
‫أنظر‪ ،‬أحمد داود أوغمو‪ ،‬العمق اإلستراتيجي‪ ،‬مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2011 ،‬ص‪145-121‬‬
‫‪3‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪179-155‬‬
‫‪4‬‬
‫مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪139-138‬‬

‫‪111‬‬
‫تجاىؿ لضرورات األمف‪ ،‬وذلؾ خبلؼ أمريكا والدوؿ األوروبية‪ ،‬وبذلؾ نجحت تركيا في الموازنة‬
‫بيف تعزيز الحريات والحفاظ عمى األمف‪ ،‬األمر الذي جعؿ منيا نموذجاً لبمداف أخرى ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬األسس التي تقوم عمييا السياسة الخارجية الجديدة‬
‫‪ .1‬المصداقية واإلبتعاد عف إزدواجية المعايير‬
‫ىذا األساس مف أىـ أسس السياسة الخارجية الجديدة‪ ،‬حيث تنتيج تركيا في عبلقاتيا‬
‫الخارجية في الفترة الجديدة نيجا يقوـ عمى الصدؽ وقوؿ الحؽ لمجميع عمى الرغـ مف‬
‫م اررتو؛ وبيذا تتجنب تركيا السياسة اإلزدواجية السائدة في العبلقات الخارجية بيف الدوؿ‪،‬‬

‫وال شؾ أف ىذا األساس يعزز مف مصداقية تركيا لدى األطراؼ األخرى‪ ،‬التي تعمـ جيداً‬
‫أف األتراؾ حيف يتكمموف ال يكذبوف‪ ،‬وأنيـ صادقوف فيما يقولوف‪ ،‬وأف جيودىـ مخمصة‪.2‬‬
‫‪ .2‬سياسة إربح إربح‬
‫حيث ال يمكف إيجاد حموؿ لممشاكؿ الموجودة بيف الدوؿ المتنازعة أو المتخاصمة إال‬
‫بإرضاء الطرفيف‪ ،‬واال فسيكوف مف العبث بذؿ جيود إليجاد حموؿ ألي قضية مف قضايا‬
‫العالـ‪ ،‬لذا تتبنى تركيا في سياستيا الخارجية الجديدة أسموب "إربح إربح"؛ وتراعي في‬
‫ىذا األساس سياستيا‪ ،‬سواء كاف ذلؾ في حؿ مشاكميا مع األطراؼ األخرى‪ ،‬أو حيف‬
‫تتوسط بيف طرفيف آخريف متنازعيف‪ ،3‬وقد مثؿ وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغمو‬
‫الدبموماسية التركية وقاـ بيذا الدور عمى أتـ ما يراـ ليتـ إختياره ضمف الشخصيات‬
‫اؿ‪ 100‬األكثر تأثي اًر في العالـ لمعاـ ‪. 2012‬‬
‫‪ .3‬سياسة إستباؽ األحداث‬
‫ومفاد ذلؾ سعي تركيا لتحقيؽ األمف واإلستقرار بدءا بمنطقتيا والمناطؽ المجاورة ليا‬
‫وعمى مستوى العالـ بعد ذلؾ‪ ،‬ولتحقيؽ ىذا اليدؼ تنتيج تركيا سياسة إستباؽ األحداث‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر د‪ .‬أحمد داود أوغمو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪528-247‬‬
‫‪2‬‬
‫وصال أبو عميا‪ ،‬الدور التركي في السياسة الشرق أوسطية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬ص‪20‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬طارق عبد الجميل‪ ،‬ندوة في جامعة عين شمس في مصر بتاريخ ‪ 2010-11-28‬العمق اإلستراتيجي‪ ،‬رحمة في‬
‫عقل داوود أوغمو‬

‫‪112‬‬
‫وذلؾ لمحيمولة دوف وقوع مشاكؿ جديدة‪ ،‬خاصة في منطقة الشرؽ األوسط والقوقاز كما‬
‫حصؿ خبلؿ الصراع الروسي الجورجي عاـ ‪ ،2008‬وحيف تستشعر تركيا إحتماؿ‬
‫إندالع مشكمة جديدة‪ ،‬فإنيا تبذؿ قصارى جيدىا لمنع وقوعيا‪.‬‬
‫‪ .4‬تصفير المشاكؿ مع الدوؿ المجاورة لتركيا‬
‫فبينما خمفت السياسة التركية القديمة )التي تقوـ عمى العداء( مشاكؿ عديدة لتركيا مع‬
‫جيرانيا‪ ،‬نجد أف تركيا في سياستيا الجديدة عممت عمى حؿ ىذه المشاكؿ‪ ،1‬األمر الذي‬
‫جعميا تحظى بعبلقات طيبة مع جيرانيا في السنوات األخيرة كما ىو الحاؿ بالنسبة‬
‫إليراف والعراؽ واليوناف‪ ،‬وتوجت ىذه العبلقات بتوقيع العديد مف إتفاقيات الشراكة والتوأمة‬
‫بيف ىذه البمداف ال سيما في اإلطار التجاري والثقافي‪.‬‬

‫‪ .5‬تأسيس عبلقة دولية مناسبة مع الجميع‬


‫حيث أسست تركيا في السنوات األخيرة عبلقات مع جميع دوؿ العالـ لـ يسبؽ ليا مثيؿ‬
‫في تاريخ تركيا الحديث‪ ،‬وال أدؿ مف ذلؾ العبلقة المتنامية مع دوؿ أمريكيا البلتينية‬
‫وعمى رأسيا فانزويبل والب ارزيؿ واألرجنتيف ودوؿ القارة االفريقية وجنوب شرؽ آسيا عمى‬
‫كافة المستويات السياسية واإلقتصادية والثقافية‪. 2‬‬
‫‪ .6‬تدخؿ فعاؿ في قضايا دولية‬
‫تتبع تركيا في السنوات األخيرة سياسة فعالة‪ ،‬وتبذؿ جيودا إليجاد الحموؿ العادلة لقضايا‬
‫عدة في شتى أنحاء العالـ؛ ومثاؿ ذلؾ األزمة الجورجية‪ ،‬والعدواف عمى غزة‪ ،‬والخبلؼ‬
‫الداخمي الفمسطيني‪ ،‬ومشكمة كوسوفا‪ ،‬والمشكمة بيف الصرب والبوسنييف‪ ،‬والممؼ النووي‬
‫اإليراني والتواصؿ مع حركة حماس بعد تشكيميا الحكومة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫مقال صحفي مدون الكترونيا‪ ،‬د‪ .‬محمد نور الدين‪ ،‬تركيا وسياسة تصفير المشكالت‪30.7.2011 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪248-223‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪143-140‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ .7‬مشاركة فعالة في المؤسسات الدولية‬
‫بناء عمى السياسة الخارجية الجديدة؛ زادت مشاركة تركيا في المؤسسات الدولية حيث‬
‫أصبحت تركيا عضوا مراقبا في الجامعة العربية‪ ،‬وكذلؾ في االتحاد اإلفريقي‪ ،‬كما أنيا‬
‫مف مؤسسي ممتقى تحالؼ الحضارات بالشراكة مع إسبانيا‪ ،‬ولـ تتواف تركيا عف المشاركة‬
‫في "اإلتحاد مف أجؿ المتوسط" الذي دعا إليو الرئيس الفرنسي عاـ ‪ ،2009‬وازدادت‬
‫فعالية تركيا في حمؼ الناتو وباتت تشارؾ في قوات حفظ السبلـ في مناطؽ التوتر‪،‬‬
‫فشاركت ضمف قوات اليونيفيؿ في جنوب لبناف‪ ،‬وشاركت كذلؾ في قوات الناتو التي في‬
‫أفغانستاف‪ ،‬وتولت تركيا مؤخ ار رئاسة الدورة الحالية لػ ‪ cica‬التي بمغ عدد أعضائيا ‪22‬‬
‫دولة في آسيا‪.1‬‬

‫وكنتيجػػة إيجابيػػة ليػػذه السياسػػة الخارجيػػة الفعالػػة لتركيػػا تػػـ انتخػػاب ديبموماسػػي تركػػي أمين ػاً عام ػاً‬
‫لمنظم ػػة الم ػػؤتمر اإلس ػػبلمي‪ ،‬وت ػػـ ك ػػذلؾ إختي ػػار تركي ػػا كعض ػػو مؤق ػػت ف ػػي مجم ػػس األم ػػف لفتػ ػرة‬
‫‪ ،2010-2009‬واستضػػافت تركيػػا فػػي السػػنوات األخي ػرة العديػػد مػػف المػػؤتمرات والنػػدوات الدوليػػة‬
‫التي تعقدىا منظمات دولية‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد نور الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪142-141‬‬
‫‪2‬‬
‫شريف تغيان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪168‬‬

‫‪114‬‬
‫اإلستنتاجات‬
‫مما سبؽ نخمص لئلستنتاجات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬بدا واضحاً مما تقدـ مدى مخالفة الدستور التركي الذي إنبثؽ عف إنقبلب عاـ ‪1980‬‬
‫ألبسط المبادئ األساسية الضامنة لمحقوؽ والحريات لممواطنيف األتراؾ‪ ،‬ولـ يكف مجئ‬
‫حكومة العدالة والتنمية إال لتحقؽ خبلؿ عشر سنوات إنجازات كبيرة‪ ،‬عمى كافة‬
‫المستويات الدستورية والسياسية واإلقتصادية‪ ،‬والتي انعكست بشكؿ إيجابي عمى المجتمع‬
‫التركي‪.‬‬
‫‪ .2‬لـ تأت خطة حكومة حزب العدالة والتنمية لئلصبلح بمحض صدفة‪ ،‬بؿ سبقتيا خطوات‬
‫إصبلحية عديدة منذ وصولو إلى السمطة في نياية عاـ ‪ ،2002‬وىذا يعني أف اإلصبلح‬
‫مسار يتحقؽ بالتدريج؛ خصوصا في دولة كانت مكبمة بالسياسات اإلستبدادية المتشددة‪،‬‬
‫وبمؤسسة عسكرية تتحكـ في النظاـ السياسي لمدولة‪ ،‬وبعممانييف إقصائييف‪ ،‬كما أف‬
‫مبادئ الحزب المستقاة مف اإلسبلـ سيمت الطريؽ لمحزب لمقياـ بكؿ اإلصبلحات‬
‫الحكومية حيث استطاع أف يحدث تغيي ار جذريا في الدولة لـ تشيده منذ رحيؿ أتاتورؾ‪،‬‬
‫فقد تـ إبعاد الجيش مف عممية صنع القرار السياسي‪ ،‬وتـ إدخاؿ قوانيف جديده‬

‫واصبلحات عمى صعيد النظاـ القضائي‪ ،‬وتـ إنصاؼ األكراد في عدد مف األمور أىميا‬
‫حؽ البث اإلعبلمي والحديث عف القبوؿ باليوية المزدوجة‪ ،‬لممرة األولى في تاريخ الدولة‬
‫التركية ‪.‬‬
‫‪ .3‬إف حزب العدالة والتنمية وعمى رأسو أردوغاف؛ يمتاز بمرونة عالية‪ ،‬قؿ نظيرىا أو تكاد‬
‫تكوف معدومة في أغمب األحزاب والكتؿ في الشرؽ األوسط‪ ،‬وخاصة في الوطف العربي‬
‫حيث مكنتو مرونتو مف تفويت الفرصة وباألطر القانونية عمى المؤسسة العسكرية‪،‬‬
‫واستطاع تمرير كؿ القوانيف التي أراد تعديميا في الدستور‪ ،‬مما ساعد عمى تحجيـ دور‬
‫العسكر والمؤسسة العممانية المتطرفة مف خبلؿ ىذه القوانيف ‪.‬‬
‫‪ .4‬نبلحظ مف خبلؿ الدراسة أف السبيؿ الوحيد نحو تحقيؽ ديمقراطية حقيقية؛ ينعـ الشعب‬
‫مف خبلليا بالرفاىية والسبلـ واألماف؛ تكوف مف خبلؿ العمؿ عمى إيجاد دستور يكفؿ‬

‫‪115‬‬
‫ىذه الحقوؽ‪ ،‬ويكوف بمثابة العيف الساىرة التي ال تفتأ تحافظ عمى مقدرات األمة‪ ،‬ولنا في‬
‫مصر خير دليؿ عمى ذلؾ‪.‬‬
‫‪ .5‬لـ تكف اإلنجازات التي تحققت كافية لكي تحظى تركيا بعضوية اإلتحاد األوروبي‪ ،‬والبد‬
‫أيضا مف إيجاد حموؿ لمقضايا العالقة‪ ،‬وىي قضايا لـ تنشأ بسبب سياسات حكومة‬
‫العدالة والتنمية‪ ،‬وانما ىي قضايا ليا إمتدادات تاريخية ورثتيا الجميورية التركية الحديثة‬
‫عف الدولة العثمانية‪ ،‬كقضايا األرمف واألكراد واألقميات المسيحية‪.‬‬
‫‪ .6‬كما أف مبلمح الدستور الجديد تشير الى تأسيسو عمى مبدأ المواطنة الكاممة المتساوية‪،‬‬
‫والتسميـ بأف الشعب مصدر السمطات وأف ال سيادة لفرد أو قمة عميو‪ ،‬وتأكيد حكـ‬
‫القانوف‪ ،‬وأف يتـ احتراـ الفصؿ بيف السمطات‪ ،‬تؤكد فيو الحقوؽ والحريات‪ ،‬وأف يتـ‬

‫اإلعتراؼ بالتداوؿ السممي لمسمطة بيف األغمبية والمعارضة‪ ،‬ىذا باإلضافة إلى الطريقة‬
‫منتخبة‪.‬‬ ‫التي يوضع بموجبيا الدستور مف قبؿ جمعية وطنية تأسيسية‬

‫‪116‬‬
‫التوصيات‬
‫مف خبلؿ اإلستنتاجات السابقة‪ ،‬نوصي بما يمي‪:‬‬
‫‪ .1‬إمتثاؿ قولو عز وجؿ‪ (:‬ومف يبتغ غير اإلسبلـ دينا فمف يقبؿ منو‪ ،‬وىو في اآلخرة مف‬
‫الخاسريف)؛ تأكيدا منا عمى أىمية اإللتزاـ بما أمر اهلل؛ في سبيؿ الوصوؿ لحياة رغيدة‪،‬‬
‫تممؤىا الطمأنينة والحرية والعدالة والتكافؿ اإلجتماعية‪ ،‬واإلزدىار اإلقتصادي‪.‬‬
‫‪ .2‬مساندة حزب العدالة والتنمية وىو ماض في إصبلحاتو عمى الصعيديف الداخمي‬
‫والخارجي‪ ،‬السياسي والدستوري‪ ،‬وذلؾ مف خبلؿ اإلعبلـ بمختمؼ أشكالو‪.‬‬
‫‪ .3‬ضرورة إقتداء األحزاب اإلسبلمية األخرى في الوطف العربي بحزب العدالة والتنمية وأخذ‬
‫تجربتو بعيف اإلعتبار‪ ،‬حيث يعتبر الحزب ذو الطابع اإلسبلمي الوحيد في الشرؽ‬
‫األوسط الذي وصؿ لسدة الحكـ‪ ،‬وتخطى كؿ المؤامرات بحكمة وروية‪ ،‬فقد وصمت‬
‫حكومة حماس مثبل لمحكـ وبإسموب ديمقراطي‪ ،‬لكف الحكـ صودر منيا‪ ،‬وكذلؾ جبية‬
‫اإلنقاذ الوطني في الجزائر ‪.‬‬
‫‪ .4‬ضرورة إستفادة قادة األحزاب اإلسبلمية في الوطف العربي‪ ،‬مف المرونة التي يتمتع بيا‬
‫حزب العدالة والتنمية وزعيمو أردوغاف وبقية قادة الحزب‪ ،‬حيث إستطاع وبكؿ مرونة‬

‫تجنب العديد مف الصدامات التي كانت كفيمة بإزاحتو عف كرسي الحكـ ‪.‬‬
‫وأخي اًر وأنا أكتب األسطر األخيرة مف ىذه الرسالة أساؿ اهلل العمي القدير أف يصمح ىذه األمة؛‬
‫بإصبلح والتيا وأف تكوف تجربة حزب العدالة والتنمية مثاالً راسخاً وحياً؛ ليكوف درساً مفيداً لكافة‬
‫األحزاب اإلسبلمية في الوطف العربي لكي تكوف في سدة الحكـ؛ التي طالما كانت في جانب‬
‫المعارضة في البرلمانات العربية‪ ،‬وفي الختاـ أسأؿ اهلل أف أكوف قد وفقت في ىذه الدراسة‪،‬‬
‫وأسألو العفو عز وجؿ عمى ىفوات ربما تكوف قد بدرت مني دوف قصد ‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ ‬القرآن الكريم ‪.‬‬
‫‪ ‬دستور الجميورية التركية‪.‬‬
‫‪ ‬إبراىيـ غرايبة‪ ،‬تركيا دولة المسممين وليست الدولة اإلسالمية‪.2011،‬‬
‫‪ ‬إبراىيـ أوزتورؾ‪ ،‬التحوالت اإلقتصادية التركية بين عامي ‪2008- 2002‬‬
‫‪ ‬إبراىيـ غانـ‪ ،‬جدليات اإلستيعاب واإلستبعاد في العالقات التركية األوروبية‪2010 ،‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬إبراىيـ شيحا‪ ،‬المبادئ الدستورية العامة‪ ،‬الدار الجامعية‪.1982 ،‬‬
‫‪ ‬أحمد النقشبندي‪ ،‬التطور الديمقراطي في تركيا الحديثة والمعاصرة‪2004 ،‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬الحركات اإلسالمية الحديثة في تركيا‪ ،‬الطبعة األولى‪. 1993 ،‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬أحمد النعيمي‪ ،‬ظاىرة التعدد الحزبي في تركيا ‪ ،1980-1945‬بغداد ‪. 1990 ،‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬أحمد أوغمو‪ ،‬العمق اإلستراتيجي‪ ،‬مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬الطبعة الثانية‪. 2011 ،‬‬
‫‪ ‬أديب أوغمو‪ ،‬المؤسسة العممانية واإلسالم في تركيا‪( ،‬مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬بيروت‪:‬‬

‫العربية لمعموـ ناشروف‪)2010 ،‬‬


‫‪ ‬د‪ .‬برىاف كورغمو‪ ،‬قراءة في نتائج اإلنتخابات التركية‪ ،‬مركز الجزيرة لمدراسات‬
‫‪ ‬د‪ .‬ثروت بدوي‪ ،‬النظام الدستوري العربي‪ ،‬دار النيضة العربية‬

‫‪ ‬جبلؿ معوض‪ ،‬األزمة السياسية التركية واحتمال تطورىا‪ ،‬العدد‪1998 ،131‬‬


‫‪ ‬حسنيف إبراىيـ‪ ،‬اإلتجاىات المعاصرة في دراسة النظم السياسية‪ ،‬الكويت‪. 2003 ،‬‬
‫‪ ‬حميد بوزرسبلف‪ ،‬تاريخ تركيا المعاصر‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسيف عمر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬المركز الثقافي‬

‫العربي‪2010 ،‬‬
‫خميؿ الطيار‪ ،‬الصراع بين العممانية واإلسالم في تركيا‪ ،‬الطبعة األولى‪2004 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬رضا ىبلؿ‪ ،‬تركيا من أتاتورك الى أربكان‪ ،‬الطبعة األولى ‪1999‬‬

‫‪ ‬د‪ .‬رمزي الشاعر‪ ،‬النظرية العامة لمقانون الدستوري‪ ،‬جامعة الكويت‪1972 ،‬‬
‫‪ ‬سميماف الطماوي‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬دار الفقو العربي‪1988 ،‬‬

‫‪ ‬شريؼ تغياف‪ ،‬الشيخ الرئيس رجب طيب أردوغان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الكتاب العربي‪.2011،‬‬

‫‪118‬‬
‫شريؼ مارديف‪ ،‬الدين والعممانية في تركيا‪ ،‬الجزء األوؿ‪1996 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬صبلح سالـ‪ ،‬تحوالت اليوية والعالقات العربية التركية‪1999 ،‬‬
‫د‪ .‬طارؽ عبد الجميؿ‪ ،‬دور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية في تركيا‪.2010 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬عبد الحميـ غزالي‪ ،‬اإلسالميون الجدد والعممانية األصولية في تركيا‪ :‬ظالل الثورة الصامتة‪،‬‬
‫مكتبة الشروؽ الدولية‪2007،‬‬
‫‪ ‬د‪.‬عبد الحميد متولي‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬منشاة المعارؼ باإلسكندرية‬

‫‪ ‬عقيؿ محفوظ‪ ،‬المؤسسة العسكرية والسياسة العامة‪ ،‬مركز اإلمارات والبحوث اإلستراتيجية‪،‬‬

‫‪2008‬‬
‫‪ ‬عمي أوغمو‪ ،‬الجيش والسمطة في تركيا‪ ،‬في‪ :‬محمد عبد الشفيع عيسى‪ ،‬الحوار العربي‪-‬‬

‫التركي‪ ،‬بيروت‪2010 ،‬‬


‫‪ ‬عمي باكير‪ ،‬تركيا الدولة والمجتمع‪2010 ،‬‬
‫‪ ‬غراىاـ فولمر‪ ،‬تركيا وقوة المقاومة الديمقراطية‪. 2004 ،‬‬
‫‪ ‬غراىاـ فولمر‪ ،‬الجميورية التركية الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪.2007 ،‬‬
‫‪ ‬فيمي ىويدي‪ ،‬اإلنقالب الديمقراطي في تركيا‪ ،‬صحيفة الخميج اإلماراتية ‪21.9.2010‬‬
‫‪ ‬فيروز أحمد‪ ،‬صنع في تركيا‪2000 ،‬‬

‫‪ ‬فيروز أحمد‪ ،‬تركيا بين الصفوة البيروقراطية والحكم العسكري‪ ،‬الطبعة األولى‪1985 ،‬‬
‫‪ ‬كماؿ حبيب‪ ،‬اإلسالميون األتراك من اليامش الى المركز‪2010 ،‬‬
‫‪ ‬كماؿ حبيب‪ ،‬اإلسالم واألحزاب السياسية‪2010 ،‬‬

‫‪ ‬د‪ .‬كماؿ الغالي‪ ،‬مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬مطبعة الداودي‪1985 ،‬‬
‫‪ ‬مايكؿ ثوماف‪ ،‬البراغماتية في المسار السياسي لحزب العدالة والتنمية التركي‪. 2010 ،‬‬
‫‪ ‬محمد ثمجي‪ ،‬أزمة اليوية في تركيا‪2010 ،‬‬

‫‪ ‬محمد نور الديف‪ ،‬تركيا بين مطرقة القضاء ومطرقة الجيش‪ ،‬الطبعة األولى‪. 2010 ،‬‬
‫‪ ‬محمد نور الديف‪ ،‬تركيا الجميورية الحائرة‪ ،‬الطبعة األولى‪. 1998 ،‬‬
‫‪ ‬محمد نور الديف‪ ،‬تركيا في الزمن المتحول‪ ..‬قمق اليوية وصراع الخيارات‪ ،‬بيروت‪.1997،‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ ‬محمد الحموري‪ ،‬دفاعا عن الديمقراطية وأحكام الدستور‪. 2005 ،‬‬
‫‪ ‬محسف خميؿ‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬دار الثقافة‪.1966 ،‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬محمد نور الديف‪ ،‬الكمالية وأزمة اليوية في تركيا‪ ،‬الطبعة األولى‪. 2001 ،‬‬

‫‪ ‬محمد العادؿ‪ ،‬اإلسالميون والحكم في البالد العربية وتركيا‪2012 ،‬‬


‫‪ ‬د‪ .‬محمد ياسيف‪ ،‬القانون الدستوري‪ ،‬المكتبة الحديثة‪ ،‬الطبعة األولى‪1973 ،‬‬
‫‪ ‬مركز اإلمارات لمدراسات والبحوث‪ ،‬جدليات المجتمع والدولة في تركيا‪. 2008 ،‬‬

‫‪ ‬مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬تراجع الدور السياسي لمجيش التركي‪.2009 ،‬‬


‫‪ ‬مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬تركيا بين تحديات الداخل ورىانات الخارج‪2010 ،‬‬
‫‪ ‬معتز سبلمة‪ ،‬الجيش والسياسة في تركيا‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،131‬يناير ‪1998‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬منذر الشاوي‪ ،‬القانون الدستوري – نظرية الدستور‪ ،‬مركز البحوث القانونية‪ ،‬بغداد‪،‬‬
‫‪1981‬‬
‫‪ ‬منصور عبد الحكيـ‪ ،‬مصطفى كمال أتاتورك‪ ،‬الطبعة األولى‪2010 ،‬‬
‫‪ ‬نعماف الخطيب‪ ،‬الوسيط في النظم السياسية‪ ،‬دار الثقافة‪1999 ،‬‬
‫‪ ‬ىوري أوغمو‪ ،‬تركيا بين الصفوة البيروقراطية والحكم العسكري‬
‫‪ ‬وصاؿ أبو عميا‪ ،‬الدور التركي في السياسة الشرق أوسطية‪ ،‬رسالة ماجستير‬

‫ياسر حسف‪ ،‬تركيا والبحث عن المستقبل‪ ،‬القاىرة‪. 2006 ،‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬يمماز أوزطونا‪ ،‬المدخل إلى التاريخ التركي‪ ،‬الطبعة األولى‪2005 ،‬‬
‫‪ ‬د‪.‬ابراىيـ درويش‪ ،‬القانون الدستوري‪ ،‬الطبعة الرابعة‪2004 ،‬‬

‫‪ ‬أنطوني شديد بانوراما الصحافة‪ ،‬األياـ‪ ،‬نيويورك تايمز‪ ،‬العدد‪2011\558828‬‬

‫‪120‬‬
‫المراجع اإللكترونية‬

‫دستور الجميورية التركية‪www.the constitution of the republic of turkey :‬‬


‫)‪Ankara(1995,2print‬‬
‫موقع البرلماف التركي‪www.tbmm.gov.tr/english/english.html :‬‬

‫موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة‪ ،‬برنامج ببل حدود‪ ،‬قناة الجزيرة‪:‬‬


‫‪www.ar.wikipedia.org/wiki/‬‬
‫المركز العربي لمدراسات‪www.arabicenter.net :‬‬

‫موقع صحيفة حريت التركية‪www.hurriyetdailynews.com :‬‬


‫فِوً‌ٌُْدي‪‌،‬دزض‌حسكٍا‌الري‌لن‌ًسخْعبَ‪www.kenanaonline.com‌:‬‬

‫ًجن‌الدٌي‌أزبكاى‪‌،‬حسكٍا‌لي‌حٌساك‪www.albshara.com‌:‬‬
‫هْسْعت‌الوعسفت‪‌،‬حسكٍا‌ّاالححاد‌االّزّبً‌‪‌ www.marefa.org‌‌:‬‬

‫لقواى‌الٌعٍوً‪‌،‬الجصٌسة‌ًج‪‌/specialfiles/pages/ce704f60-9720-4928-‌:‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫مدخؿ الجيش واالسبلـ والحداثة في تركيا‪:‬‬


‫‪www.annabaa.org/nbanews/2010/11/267.htm‬‬
‫ىوشنؾ أوسي‪ ،‬الدستور التركي الجديد‪www.akhbaar.org :‬‬

‫محمد عبد المنعـ‪ ،‬الوطف‪www.elwatannews.com :‬‬


‫أحمد زكريا‪ ،‬صحيفة إيبلؼ‪www.elaph.com :‬‬
‫رضا عبد الودود‪ ،‬موقع المسمـ‪www.almoslim.net :‬‬

‫روز اليوسؼ‪‌،‬األحصاب‌السٍاسٍت‌الخسكٍت‪www.masress.com :‬‬


‫ىاتؼ األعرجي‪ ،‬صحيفة اإلتحاد في كردستاف‪www.alitthad.com :‬‬
‫األحزاب السياسية في تركيا‪ ،‬موقع الموصؿ‪www.almosul.org :‬‬

‫الشيخ راشد الغنوشي‪ ،‬العدالة التركي‪ ..‬تجاوز أو تطور‪www.freedoc.blogspot.co.il :‬‬

‫‪121‬‬
‫منتدى ابف حوراف‪ ،‬تركيا‪www.muntada.khayma.com :‬‬
‫محمد العادؿ‪ ،‬موقع وحدة العمؿ الوطني‪www.syriakurds.com :‬‬
‫حؿ حزب الفضيمة‪ ،‬بي بي سي بالمغة العربي‪www.news.bbc.co.uk :‬‬
‫أمر اهلل إيشمر‪ ،‬التطورات في تركيا‪:‬‬
‫‪www.mesc.com.jo/activities/lecture/lecture1.html‬‬
‫أوزتورؾ دوغاف‪ ،‬تقرير جمعية حقوؽ اإلنساف في تركيا ‪www.emcan.arabblogs.com :‬‬
‫مجمة البياف‪ ،‬الجيش التركي حمفاء األمس غرماء اليوـ‪www.albayan.co.uk :‬‬
‫شبكة إخباريات لئلعبلـ والنشر‪www.ekhbaryat.net :‬‬
‫التجربة التركية‪ ،‬عوامؿ النيضة‪www.matarya.yoo7.com/t2811-topic :‬‬

‫هسكص‌الدزاساث‌االسخساحٍجٍت‪‌،‬العسب‌ّاألحساك‌فً‌عالن‌هخغٍس‪www.carnegie-mec.org‌:‬‬
‫زياد أبو غنيمو‪ ،‬حظر حزب الرفاه ‪www.islamonline.com :‬‬
‫د‪.‬إدريس بووانو‪،‬الخطوات المنيجية التي ساىمت في نجاح حزب العدالة والتنمية‬
‫‪www.agora-presse.com/2011/12/08/3240‬‬
‫د‪ .‬محمد المرسي‪‌،‬كالم‌عي‌الدسخْز‪:‬‬
‫‪www.egyptwindow.net/Article_Details.aspx?Kind=5&News_ID=17823‬‬
‫منتديات المحاكـ والمجالس القضائية‪ ،‬الدستور‪www. tribunaldz.com/vb/p837.html :‬‬
‫منتدى العلْم‌القاًًٍْت‌ّاإلدازٌت‪‌،‬حعدٌل‌الدسخْز‪www.droit-alafdal.com/t116-topic :‬‬
‫لقماف النعيمي‪www.mesc.com.jo‬‬
‫محمد عرفو‪ ،‬حظر حزب العدالة والتنمية‪www.Maktoobblog.org :‬‬
‫يحيى الجمؿ‪ ،‬التطورات الدستورية‪www.almasryalyoum.com/node/169507 :‬‬
‫تحميؿ الوضع التركي في ظؿ إنتصار العدالة والتنمية ‪www.alukah.net‬‬

‫سمير صالحو‪ ،‬الشرؽ األوسط ‪www.aawsat.com :‬‬


‫ُشام‌حواهً‪‌،‬حسكٍا‌الجدٌدٍ‪www. Iraqhope.com‌:‬‬
‫إحساف داغي ‪ ،‬حاف الوقت لنتذكر أوزاؿ‪www.aleftoday.info :‬‬

‫‪122‬‬
‫جميؿ مطر‪ ،‬تحقؽ الحمـ و أصبحت تركيا دولة مدنية‪www.turkeytoday.net :‬‬
‫عدناف مندريس‪ ،‬المركز السوري لمدراسات‪www.snewscenter.com :‬‬
‫جنكيز شاندار‪ ،‬التيارات السياسية التركية ‪www.todayszaman.com‬‬
‫زسخن محمود‪ ،‬دستور جديد لتركيا‪www.dohainstitute.org :‬‬
‫هحود‌فؤاد‪‌،‬أّزّبا‌قالج‌كلوخِا‌ّأهسٌكا‌على‌الحٍاد‪www.ahram.org‌:‬‬
‫خورشيد دلي‪ ،‬تركيا ما بعد اإلستفتاء‪www.wahdaislamyia.org/issues :‬‬
‫أتيبل أزرؽ‪ ،‬الجيش التركي واإلتحاد األوروبي‪www.ar.qantara.de :‬‬
‫مركز الدراسات اإلقميمية‪ ،‬لقماف النعيمي‪www.regionalstudiescenter.net :‬‬
‫إبراىيـ إلياس‪ ،‬المحكمة الدستورية تنذر أحزابا بحظر نشاطيا‪www.asharqalawsat.com :‬‬

‫اإلقتصادية‪ ،‬تداعيات إستقاالت قادة الجيش‪:‬‬


‫‪www.aleqt.com/2011/07/31/article_564427.html‬‬
‫‌ًجن‌الدٌي‌أزبكاى‪‌،‬حسكٍا‌لي‌حٌساك‌‪‌ www.albshara.com‌:‬‬

‫‪123‬‬
‫ممحق رقم (‪ : )1‬أبرز مواد الدستور التركي‬

‫الديباجة‬

‫(بصيغتيا المعدلة في ‪ 17‬أكتوبر ‪)2001‬‬

‫تمشياً مع مفيوـ القومية واإلصبلحات والمبادئ التي أدخميا مؤسس الجميورية التركية‪ ،‬مصطفى‬
‫كماؿ أتاتورؾ‪ ،‬الزعيـ الخالد والبطؿ منقطع النظير‪ ،‬فإف ىذا الدستور‪ ،‬والذي يؤكد الوجود الخالد‬
‫لؤلمة التركية والوطف األـ والوحدة التي ال تتج أز لمدولة التركية‪ ،‬يجسد العزـ عمى الحفاظ عمى‬
‫الوجود الدائـ واالزدىار والرفاه المادي والروحي لجميورية تركيا‪ ،‬وتحقيؽ معايير الحضارة‬
‫المعاصرة بوصفيا عضوا مشرفا متمتعاً بالحقوؽ المتساوية مع أسرة دوؿ العالـ؛ فيـ التفوؽ‬
‫المطمؽ إلرادة األمة ولحقيقة أف تناط السيادة الكاممة وغير المشروطة في الدولة التركية‪ ،‬وأنو ال‬
‫يحؽ ألي فرد أو ىيئة مخولة لممارسة ىذه السيادة باسـ األمة أف تحيد عف الديمقراطية الميبرالية‬
‫والنظاـ القانوني الموضوع وفقا الحتياجاتيا؛ مبدأ الفصؿ بيف السمطات‪ ،‬الذي ال ينطوي عمى‬
‫ترتيب األسبقية بيف أجيزة الدولة‪ ،‬ولكنو يشير فقط إلى ممارسة لبعض قوى الدولة وأداء الواجبات‬
‫التي تقتصر عمى التعاوف وتقسيـ المياـ‪ ،‬والتي تقبؿ سيادة الدستور والقانوف االعتراؼ أنو ال‬
‫يجوز منح أي حماية لنشاط يتعارض مع المصالح الوطنية التركية‪ ،‬ومبدأ عدـ قابميتيا لمتجزئة‬
‫ووجود تركيا الدولة وأراضييا‪ ،‬والقيـ التركية التاريخية واألخبلقية‪ ،‬أو القومية‪ ،‬ومبادئ‬
‫واإلصبلحات‪ ،‬والحداثة التي سنيا أتاتورؾ وىذا‪ ،‬كما ىو مطموب وفقا لمبدأ العممانية‪ ،‬ال يجوز‬
‫أف يكوف ىناؾ أي تدخؿ مف أي نوع مف المشاعر الدينية المقدسة في شؤوف الدولة والسياسة‪،‬‬
‫واالعتراؼ بالحؽ المكتسب لكؿ مواطف تركي أف يحيا الحياة الكريمة‪ ،‬وأف تتـ تنمية ممكاتو أو‬
‫ممكاتيا المادية والروحية تحت رعاية الثقافة الوطنية والحضارة وسيادة القانوف‪ ،‬مف خبلؿ ممارسة‬
‫الحقوؽ األساسية والحريات المنصوص عمييا في ىذا الدستور بما يتفؽ مع متطمبات المساواة‬
‫والعدالة االجتماعية؛ االعتراؼ بأف جميع المواطنيف األت ارؾ متحدوف في الشرؼ الوطني‬
‫واإل عتزاز‪ ،‬في الفرح والحزف الوطني‪ ،‬في حقوقيـ وواجباتيـ فيما يتعمؽ بالوجود القومي‪ ،‬في‬
‫السراء والضراء‪ ،‬في المسرات واألعباء‪ ،‬وفي كؿ مظير مف مظاىر الحياة الوطنية‪ ،‬وبأف لدييـ‬
‫‪124‬‬
‫الحؽ في المطالبة بحياة سممية عمى أساس اإلحتراـ المطمؽ لحقوؽ وحريات بعضيـ البعض‪،‬‬
‫والحب المتبادؿ والزمالة والرغبة في واإليماف بػ "السبلـ في الوطف‪ ،‬سبلـ في العالـ"‪ ،‬ىذا‬
‫الدستور‪ ،‬التي ينبغي إعتناقو واإليماف باألفكار والمعتقدات‪ ،‬والق اررات التي يجسدىا أدناه‪ ،‬ينبغي‬
‫أف يفسر وينفذ وفقا لذلؾ‪ ،‬ويتـ إضفاء االحتراـ عميو‪ ،‬والوالء المطمؽ لحروفو وروحو‪ ،‬وىو عيدة‬
‫وأمانة األمة التركية تعيد بو لوطنية وقومية أبنائيا وبناتيا المحبيف والمحبات لمديمقراطية ‪.‬‬

‫الباب األوؿ ‪ ..‬المبادئ العامة ‪ ..‬أوال‪ :‬شكؿ الدولة ‪ ..‬المادة ‪ .1‬الدولة التركية ىي جميورية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬خصائص الجميورية‬

‫المادة ‪ .2‬جميورية تركيا ىي دولة ديمقراطية وعممانية واجتماعية تحكميا سيادة القانوف؛ وتضع‬
‫في اعتبارىا مفاىيـ السمـ العاـ‪ ،‬والتضامف الوطني والعدالة؛ واحتراـ حقوؽ اإلنساف؛ والوالء‬
‫لقومية أتاتورؾ‪ ،‬وقد أنشئت عمى أساس المبادئ األساسية المنصوص عمييا في الديباجة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬كماؿ الدولة‪ ،‬والمغة الرسمية‪ ،‬والعمـ والنشيد الوطني‪ ،‬والعاصمة‬

‫المادة ‪ .3‬الدولة التركية‪ ،‬أرضا وشعبا‪ ،‬ىي كياف غير قابؿ لمتجزئة‪ ،‬ولغتيا ىي المغة التركية‪،‬‬
‫وعمميا يتألؼ‪ ،‬بشكمو المنصوص عميو في القوانيف ذات الصمة‪ ،‬مف ىبلؿ ونجمة بيضاء عمى‬
‫خمفية حمراء‪ ،‬نشيدىا الوطني ىو "نشيد االستقبلؿ"‪ ،‬عاصمتيا أنقرة‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬أحكاـ غير قابمة لئللغاء‬

‫المادة ‪ .4‬ال يجوز إلغاء أو تعديؿ الحكـ الوارد في المادة ‪ 1‬مف الدستور الذي يصؼ شكؿ‬
‫الدولة بوصفيا جميورية‪ ،‬وكذلؾ الحكـ الوارد في المادة ‪ 2‬عف خصائص الجميورية‪ ،‬وكذلؾ‬
‫الوارد في المادة ‪ ،3‬وال يجوز اقتراح تعديؿ أي منيا‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬األىداؼ والواجبات األساسية لمدولة‬


‫‪125‬‬
‫المادة ‪ .5‬األىداؼ والواجبات األساسية لمدولة ىي؛ الحفاظ عمى استقبلؿ ووحدة األمة التركية‪،‬‬
‫وعدـ قابميتيا لتجزئة أو تقسيـ الببلد‪ ،‬والحفاظ عمى الجميورية والديمقراطية‪ ،‬وضماف الرفاه‬
‫والسبلـ والسعادة لمفرد والمجتمع؛ والسعي مف أجؿ إزالة العقبات السياسية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية التي تقيد الحقوؽ والحريات األساسية لمفرد بطريقة تتنافى مع مبادئ العدالة والدولة‬
‫المدنية االجتماعية التي تحكميا سيادة القانوف‪ ،‬وتوفير الشروط البلزمة لتنمية وجود الفرد المادي‬
‫والروحي‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬السيادة‬

‫المادة (‪ .)6‬السيادة كاممة وغير مشروطة في الببلد‪ .‬وتقوـ األمة التركية بممارسة سيادتيا مف‬

‫خبلؿ األجيزة السيادية عمى النحو الذي تحدده المبادئ المنصوص عمييا في الدستور‪ ،‬وال يتـ‬
‫تفويض حؽ ممارسة السيادة إلى أي فرد أو جماعة أو فئة أو طبقة‪ ،‬وال يجوز ألي شخص أو‬
‫وكالة ممارسة أي سمطة مف سمطات الدولة ال تنبثؽ مف الدستور‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬السمطة التشريعية‬

‫المادة ‪ .7‬تناط السمطة التشريعية في الجمعية الوطنية التركية الكبرى نيابة عف األمة التركية‪ ،‬ال‬
‫يمكف تفويض ىذه السمطة ‪.‬‬

‫ثامناً‪ :‬السمطة التنفيذية والواجبات‬

‫المادة ‪ .8‬ويمارس السمطة التنفيذية والواجبات وينفذىا رئيس الجميورية ومجمس الوزراء وفقا‬
‫لمدستور والقانوف‪.‬‬

‫تاسعاً‪ :‬السمطة القضائية‬

‫المادة ‪ .9‬تمارس السمطة القضائية مف قبؿ محاكـ مستقمة نيابة عف األمة التركية ‪.‬‬

‫عاش اًر‪ :‬المساواة أماـ القانوف‬


‫‪126‬‬
‫المادة ‪ .10‬جميع األفراد متساووف دوف أي تمييز أماـ القانوف‪ ،‬بصرؼ النظر عف المغة أو‬
‫العرؽ أو الموف‪ ،‬أو الجنس‪ ،‬أو الرأي السياسي والمعتقد الفمسفي والديف والطائفة‪ ،‬أو أي اعتبارات‬
‫مف ىذا القبيؿ‪ ،‬ال يجوز منح أي امتياز ألي فرد أو جماعة أو عائمة أو فئة أو طبقة‪ ،‬يجب عمى‬
‫أجيزة الدولة والسمطات اإلدارية العمؿ ممتثمة لمبدأ المساواة أماـ القانوف في جميع إجراءاتيا‪.‬‬

‫حادي عشر‪ :‬تفوؽ وسيادة وقوة الدستور الممزمة‬

‫المادة ‪ .11‬أحكاـ الدستور ىي قواعد قانونية أساسية فوقية وممزمة لؤلجيزة التشريعية والتنفيذية‬
‫والقضائية والسمطات اإلدارية وغيرىا مف المؤسسات واألفراد ‪.‬يحظر سف قوانيف تتعارض مع‬
‫الدستور‪.‬‬

‫المادة ‪ .15‬في أوقات الحرب‪ ،‬والتعبئة‪ ،‬واألحكاـ العرفية‪ ،‬أو حالة الطوارئ‪ ،‬يمكف وقؼ ممارسة‬
‫الحقوؽ والحريات األساسية جزئيا أو كميا‪ ،‬أو يتـ اتخاذ تدابير‪ ،‬إلى الحد الذي تقتضيو ضرورات‬
‫الوضع‪ ،‬والتي تنتقص مف الضمانات المقدمة المنصوص عمييا في الدستور‪ ،‬التي ال تنتيؾ‬
‫التزاماتيا بموجب القانوف الدولي‪ ،‬حتى في ظؿ الظروؼ المشار إلييا في الفقرة األولى‪ ،‬فإف حؽ‬
‫الفرد في الحياة‪ ،‬وسبلمتو أو سبلمتيا المادية والروحية مصونة إال حيف تحدث الوفاة خبلؿ عمؿ‬
‫مشروع مف أعماؿ الحرب وتنفيذ أحكاـ اإلعداـ‪ ،‬وال يجوز ألحد أف يجبر عمى الكشؼ عف دينو‬
‫أو دينيا أو الضمير والنوايا أو الفكر أو الرأي‪ ،‬وال تجوز إدانتو أو اتيامو بسببيا؛ الجرائـ‬
‫والعقوبات ال تكوف بأثر رجعي‪ ،‬وال يجوز اعتبار أي شخص مذنبا حتى يثبت ذلؾ بحكـ قضائي‪.‬‬

‫خامساً ‪ :‬وضع األجانب‬

‫المادة ‪ .24‬لكؿ فرد الحؽ في حرية الضمير والمعتقد الديني والقناعة‪.‬‬

‫وتجرى أعماؿ العبادة‪ ،‬والخدمات الدينية‪ ،‬واالحتفاالت بحرية‪ ،‬شريطة أف ال تخالؼ أحكاـ المادة‬
‫‪ .14‬وال يجوز إجبار أحد عمى العبادة‪ ،‬أو المشاركة في االحتفاالت الدينية والطقوس‪ ،‬أو عمى‬
‫الكشؼ عف المعتقدات الدينية والقناعات‪ ،‬أو توجيو الموـ أو االتياـ بسبب معتقداتو الدينية‬

‫‪127‬‬
‫وقناعاتو‪ ،‬يجب أف تتـ التربية والتعميـ في مجاؿ الديف واألخبلؽ تحت إشراؼ الدولة ومراقبتيا‪،‬‬
‫يجب أف يكوف تعميـ الثقافة الدينية والتربية األخبلقية إلزاميا في مناىج المدارس االبتدائية‬
‫والثانوية‪ ،‬وتخضع األنواع األخرى مف التعميـ الديني لرغبة الفرد نفسو‪ ،‬وفي حالة القاصريف‪،‬‬
‫لطمب ممثمييـ القانونييف‪ ،‬وال يسمح ألحد باستغبلؿ الديف أو المشاعر الدينية أو إساءة استغبلليا‪،‬‬
‫أو األشياء المقدسة مف الديف‪ ،‬بأي شكؿ مف األشكاؿ‪ ،‬بغرض التأثير الشخصي أو السياسي‪ ،‬أو‬
‫حتى إلسناد جزئيا النظاـ األساسي واالجتماعي واالقتصادي والسياسي والقانوني لمدولة عمى‬
‫المبادئ الدينية‪.‬‬

‫المادة ‪ .25‬لكؿ فرد الحؽ في حرية الفكر والرأي‪ ،‬وال يجوز إجبار أحد عمى الكشؼ عف أفكاره‬
‫وآرائو ألي سبب أو غرض‪ ،‬وال يجوز لوـ أي شخص أو اتيامو بسبب أفكاره وآرائو‪.‬‬

‫ثامنا‪ .‬حرية التعبير ونشر الفكر‬

‫المادة ‪( .26‬بصيغتيا المعدلة في ‪ 17‬أكتوبر ‪)2001‬‬

‫لكؿ فرد الحؽ في التعبير عف أفكاره ونشر آرائو بالقوؿ والكتابة أو الصور أو مف خبلؿ وسائؿ‬
‫اإلعبلـ األخرى‪ ،‬منفردة أو مجتمعة‪ ،‬ويشمؿ ىذا الحؽ حرية تمقي ونقؿ المعمومات واألفكار دوف‬
‫تدخؿ مف السمطات الرسمية‪ ،‬وال يحوؿ ىذا الحكـ دوف إخضاع اإلذاعة والتمفزيوف والسينما‪،‬‬
‫والوسائؿ المماثمة لنظاـ الترخيص‪.‬‬

‫ويجوز تقييد ممارسة ىذه الحريات ألغراض حماية األمف القومي والنظاـ العاـ والسبلمة العامة‪،‬‬
‫والخصائص األساسية لمجميورية‪ ،‬وضماف سبلمة وحدة الدولة واألمة وسبلمة أراضييا‪ ،‬ومنع‬
‫الجريمة ومعاقبة المجرميف‪ ،‬وحجب المعمومات التي تصنؼ حسب األصوؿ مف أسرار الدولة‪،‬‬
‫وحماية السمعة والحقوؽ والحياة الخاصة واألسرية لآلخريف‪ ،‬أو حماية األسرار المينية عمى النحو‬
‫الذي يحدده القانوف‪ ،‬أو ضماف حسف سير القضاء‪ ،‬عمى أف تطبؽ اإلجراءات والشروط‬

‫واإلجراءات في ممارسة الحؽ في التعبير ونشر الفكر كما ينص عمييا القانوف‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫تاسعاً‪ .‬حرية العموـ واآلداب والفنوف‬

‫المادة ‪ .27‬لكؿ فرد الحؽ في دراسة وتعميـ بحرية‪ ،‬وشرح‪ ،‬ونشر العموـ واآلداب والفنوف واجراء‬
‫البحوث في ىذه المجاالت‪ ،‬وال يجوز ممارسة ىذا الحؽ في النشر لغرض تغيير أحكاـ المادتيف‬
‫‪ 1‬و ‪ 2‬و ‪ 3‬مف ىذا الدستور‪ ،‬وأحكاـ ىذه المادة ال تمنع مف تنظيـ دخوؿ وتوزيع المطبوعات‬
‫األجنبية في الببلد بموجب القانوف‪ . .‬المادة ‪ .42‬ال يجوز حرماف أحد مف حؽ التعمـ والتعميـ‪.‬‬

‫ويحدد نطاؽ الحؽ في التعميـ وينظـ بموجب القانوف‪ ،‬يجب أف يجري التدريب والتعميـ عمى غرار‬

‫مبادئ واصبلحات أتاتورؾ‪ ،‬عمى أساس مف العمـ المعاصر والوسائؿ التعميمية‪ ،‬تحت إشراؼ‬
‫ومراقبة الدولة‪ ،‬وال يجوز إنشاء مؤسسات التدريب والتعميـ التي تخالؼ ىذه األحكاـ المعموؿ بيا‪،‬‬

‫حرية التعميـ والتدريب ال تعفي الفرد مف الوالء لمدستور‪،‬التعميـ االبتدائي إلزامي لجميع المواطنيف‬
‫مف كبل الجنسيف‪ ،‬ومجانا في المدارس الحكومية‪ ،‬تنظـ المبادئ التي تحكـ عمؿ المدارس‬
‫الخاصة االبتدائية والثانوية بموجب القانوف تمشيا مع المعايير المحددة لمدارس الدولة‪ ،‬وتوفر‬
‫الدولة المنح الدراسية وغيرىا مف وسائؿ المساعدة لتمكيف الطبلب مف الحصوؿ عمى ما يفتقروف‬
‫إليو مف الوسائؿ المالية لمواصمة تعميميـ‪ ،‬تتخذ الدولة التدابير البلزمة إلعادة تأىيؿ األشخاص‬
‫الذيف يحتاجوف إلى تدريب خاص‪ ،‬وذلؾ لجعؿ مثؿ ىؤالء الناس مفيديف لممجتمع‪ ،‬التدريب‬
‫والتعميـ والبحوث والدراسة ىي النشاطات الوحيدة التي يجب اتباعيا في مؤسسات التدريب‬
‫والتعميـ‪ ،‬يجب أال تتـ عرقمة ىذه األنشطة بأي شكؿ مف األشكاؿ‪ ،‬يجب أف ال تعمـ أي لغة أخرى‬
‫غير التركية كمغة أـ لممواطنيف األتراؾ في أي مف مؤسسات التدريب أو التعميـ‪ ،‬تدريس المغات‬
‫األجنبية في مؤسسات التدريب والتعميـ والقواعد الواجب اتباعيا مف قبؿ المدارس التي تجري‬
‫التدريب والتعميـ بمغة أجنبية تحدد بموجب القانوف‪ ،‬أحكاـ المعاىدات الدولية محفوظة‪.‬‬

‫ثالثا‪ .‬األحكاـ المتعمقة باألحزاب السياسية‬

‫أ‪ -‬تشكيؿ األحزاب والعضوية فييا واالنسحاب مف عضويتيا‬

‫المادة ‪( .68‬بصيغتيا المعدلة في ‪ 23‬يوليو ‪ : 1995‬المادة ‪)6 / 4121‬‬


‫‪129‬‬
‫لممواطنيف الحؽ في تشكيؿ األحزاب السياسية وفقا لئلجراءات المتبعة لبلنضماـ واالنسحاب منيا‪.‬‬
‫يجب عمى المرء أف يتجاوز الثامنة عشرة مف العمر لكي يصبح عضوا في حزب‪ ،‬األحزاب‬
‫السياسية ىي عناصر ال غنى عنيا في الحياة السياسية الديمقراطية‪ ،‬يمكف تشكيؿ وتكويف‬
‫األحزاب السياسية دوف إذف مسبؽ‪ ،‬ويجب أف تمارس تمؾ األحزاب أنشطتيا وفقا لؤلحكاـ‬
‫المنصوص عمييا في الدستور والقانوف‪ ،‬ويجب أال تتعارض لوائح األحزاب السياسية وبرامجيا‪،‬‬
‫فضبل عف أنشطتيا‪ ،‬مع استقبلؿ الدولة‪ ،‬ووحدتيا أرضا وشعبا‪ ،‬وحقوؽ اإلنساف ومبادئ المساواة‬
‫وسيادة القانوف‪ ،‬وسيادة األمة‪ ،‬ومبادئ الجميورية الديموقراطية والعممانية؛ وال يجوز ليا أف تيدؼ‬
‫إلى حماية أو إقامة ديكتاتورية الطبقة أو المجموعة‪ ،‬أو دكتاتورية مف أي نوع‪ ،‬وال أف تحرض‬
‫المواطنيف عمى الجريمة‪ ،‬القضاة والمدعوف العاموف (ممثمو النيابة العامة)‪ ،‬وأعضاء الييئات‬

‫القضائية العميا بما في ذلؾ ديواف المحاسبة‪ ،‬وموظفو الخدمة المدنية في المؤسسات والمنظمات‬
‫بحكـ العماؿ بسبب الخدمات التي‬
‫العامة‪ ،‬وغيرىـ مف الموظفيف العمومييف الذيف ال يعتبروف ُ‬
‫يؤدونيا‪ ،‬وأعضاء القوات المسمحة والطبلب الذيف لـ يمتحقوا بعد بمؤسسات التعميـ العالي‪ ،‬ال‬
‫يجوز ليؤالء جميعاً أف يصبحوا أعضاء في األحزاب السياسية‪ ،‬وينظـ القانوف عضوية أعضاء‬
‫ىيئة التدريس في مؤسسات التعميـ العالي في األحزاب السياسية‪ ،‬وال يسمح ىذا القانوف ليؤالء‬
‫األعضاء بتولي مسؤوليات خارج نطاؽ األجيزة المركزية لؤلحزاب السياسية‪ ،‬كما يتضمف ىذا‬
‫القانوف أيضا النظـ والموائح األساسية التي يراعييا ويتقيد بيا أعضاء ىيئة التدريس في مؤسسات‬
‫التعميـ العالي بوصفيـ أعضاء في أحزاب سياسية‪ ،‬وينظـ القانوف المبادئ المتعمقة بعضوية طمبة‬
‫مؤسسات التعميـ العالي في األحزاب السياسية وتوفر الدولة لؤلحزاب السياسية الوسائؿ‬
‫واإلمكانيات المالية الكافية بطريقة منصفة‪ ،‬وينظـ القانوف المساعدة المالية المقدمة لؤلحزاب‬
‫السياسية‪ ،‬فضبل عف اإلجراءات المتعمقة بجمع رسوـ العضوية والتبرعات‪.‬‬

‫ب‪ -‬المبادئ التي يجب مراعاتيا مف ِقبؿ األحزاب السياسية‬

‫مادة ‪( .69‬بصيغتيا المعدلة في ‪ 17‬أكتوبر ‪)2001‬‬

‫‪130‬‬
‫ال يجوز إصدار قرار بحؿ حزب سياسي بصفة دائمة بسبب ممارستو أنشطة تنتيؾ أحكاـ الفقرة‬
‫الرابعة مف المادة ‪ 68‬إال عندما تقرر المحكمة الدستورية أف الحزب المعني قد أصبح مرك اًز‬
‫لممارسة تمؾ األنشطة‪ ،‬يجب أف تكوف األنشطة والموائح الداخمية وعمؿ األحزاب السياسية‬
‫متماشية مع المبادئ الديمقراطية‪ ،‬وينظـ تطبيؽ ىذه المبادئ بموجب القانوف‪ ،‬ال يجوز لؤلحزاب‬
‫السياسية المشاركة في األنشطة التجارية‪ ،‬وينبغى أف تكوف إيرادات ونفقات األحزاب السياسية‬
‫متسقة ومتماشية مع أىدافيا‪ ،‬وينظـ تطبيؽ ىذه القاعدة بموجب القانوف‪ ،‬يجب أيضاً أف يتـ‬
‫تطبيؽ التدقيؽ والمراقبة في نفقات وايرادات وممتمكات األحزاب السياسية‪ ،‬فضبل عف النص عمى‬
‫أف تكوف إيرادات األحزاب السياسية ونفقاتيا ومصروفاتيا‪ ،‬وأساليب تدقيقيا ومراجعتيا مطابقة‬
‫لم قانوف‪ ،‬وعمى العقوبات الموقعة في حالة عدـ مطابقتيا‪ ،‬وينظـ ذلؾ كمو بموجب القانوف‪ ،‬ويقوـ‬

‫ديواف المحاسبة بمساعدة المحكمة الدستورية في أداء ميمتيا في التدقيؽ والمراجعة‪ ،‬وتكوف‬
‫األحكاـ الصادرة عف المحكمة الدستورية نتيجة المراجعة نيائية‪ ،‬وتبت المحكمة الدستورية في‬
‫حؿ األحزاب السياسية أخي اًر بعد رفع دعوى قضائية مف قبؿ مكتب المدعي العاـ لمجميورية‪.‬‬
‫ويتقرر حؿ أي حزب سياسي حبلً دائماً متى ثبت أف النظاـ األساسي لذلؾ الحزب وبرنامجو‬
‫السياسي يشكبلف انتياكاً ألحكاـ الفقرة الرابعة مف المادة ‪ .68‬وال يتـ اعتبار الحزب السياسي قد‬
‫أصبح مرك از لمثؿ ىذه األعماؿ (أعماؿ مف ىذا القبيؿ) إال عندما يتـ تنفيذ وممارسة ىذه‬
‫األعماؿ بشكؿ مكثؼ مف قبؿ أعضاء ىذا الحزب أو متى كاف الكونغرس األعمى لذلؾ الحزب‬
‫أو رئاستو العامة أو األجيزة المركزية لصنع القرار أو األجيزة اإلدارية فيو أو متى كاف االجتماع‬
‫ال عاـ لمجموعة الحزب أو المجمس التنفيذي في الجمعية الوطنية التركية الكبرى (العميا) يوافؽ‬
‫عمى ىذه األنشطة والممارسات ضمناً أو صراحة‪ ،‬أو عندما تمارس أجيزة الحزب المذكورة أعبله‬
‫ىذه األنشطة مباشرة وقصدا‪ ،‬وبدال مف حؿ الحزب حبل دائما وفقا لمفقرات المذكورة أعبله‪ ،‬يجوز‬
‫لممحكمة الدستورية أف تحكـ بحرماف الحزب المعني مف المعونة المقدمة مف الدولة كميا أو جزئيا‬

‫فيما يتعمؽ (ومع مراعاة ) بحجـ وكـ القضايا المرفوعة ضده ( وحجـ وفداحة أنشطتو وممارساتو‬
‫المعروضة ) أماـ المحكمة‪ ،‬وال يمكف ألي حزب تـ حمو بشكؿ دائـ أف يقوـ تحت اسـ آخر‪ ( ،‬ال‬
‫يمكف أف يعاد تحت اسـ جديد تأسيس حزب كاف قد تـ حمو حبل دائما )‪ ،‬وال يمكف ألعضاء‬

‫‪131‬‬
‫حزب سياسي‪ ،‬بما في ذلؾ مؤسسوه الذيف تسببت أفعاليـ أو تصريحاتيـ (أقواليـ) في حؿ الحزب‬
‫حبل دائما‪ ،‬ال يمكف ليـ أف يصبحوا المؤسسيف واألعضاء والمديريف أو المشرفيف في أي حزب‬
‫آخر لمدة خمس سنوات اعتبا ار مف تاريخ نشر قرار المحكمة الدستورية النيائي وحيثياتيا‬
‫وتبريراتيا لحؿ الحزب حبل دائما في الجريدة الرسمية‪ ،‬ويتـ حؿ األحزاب السياسية التي تقبؿ‬
‫مساعدات مالية مف الدوؿ األجنبية والمؤسسات الدولية واألشخاص والييئات االعتبارية بشكؿ‬
‫دائـ (حبلً دائماً)‪ ،‬وينظـ القانوف تأسيس وأنشطة األحزاب السياسية‪ ،‬واإلشراؼ عمييا وحميا‪،‬‬
‫وحرمانيا مف مساعدات الدولة كميا أو جزئيا وكذلؾ نفقات واجراءات االنتخابات األحزاب‬
‫السياسية والمرشحيف‪ ،‬وفقا لممبادئ المذكورة أعبله ‪.‬‬

‫الباب الثالث‪ :‬األجيزة األساسية لمجميورية‬

‫الفصؿ األوؿ‪ :‬السمطة التشريعية‪ ..‬أوال ‪ :‬الجمعية الوطنية التركية الكبرى‬

‫أ‪ -‬التركيب (التكويف)‬

‫المادة (‪( .)75‬بصيغتيا المعدلة في ‪ 23‬يوليو ‪)1995‬‬

‫تتألؼ الجمعية الوطنية التركية الكبرى مف خمسمئة وخمسيف نائبا ينتخبوف باإلقتراع العاـ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬األىمية ليكوف نائباً ( لشغؿ منصب نائب)‬

‫المادة ‪ .76‬كؿ تركي يزيد عمره عمى ‪ 30‬سنة مؤىؿ ليكوف نائباً‪.‬‬

‫ويحظر انتخاب اآلتيف كنواب‪ :‬األشخاص الذيف لـ يكمموا تعميميـ االبتدائي‪ ،‬والذيف حرموا مف‬
‫األىمية القانونية‪ ،‬والذيف فشموا في أداء الخدمة العسكرية اإللزامية أو لـ يؤدوىا‪ ،‬والذيف ُمنعوا مف‬

‫الخدمة العامة‪ ،‬والذيف حكـ عمييـ بالسجف لمدة مجموعيا سنة واحدة أو أكثر باستثناء الجرائـ‬
‫غير الطوعية والبل إرادية‪ ،‬أو الذيف صدر عمييـ حكـ مشدد بالسجف؛ وأولئؾ الذيف أدينوا في‬
‫جرائـ مخمة بالشرؼ مثؿ االختبلس والفساد والرشوة والسرقة واالحتياؿ والتزوير وخيانة الثقة‬

‫‪132‬‬
‫وخيانة األمانة واإلفبلس االحتيالي‪ ،‬واألشخاص المدانيف بالتيريب‪ ،‬والتآمر في العطاءات‬
‫والمناقصات الرسمية أو المشتروات‪ ،‬والمدانيف بارتكاب جرائـ تتعمؽ بإفشاء أسرار الدولة‪ ،‬أو‬
‫بتورطيـ واشتراكيـ في أعماؿ إرىابية‪ ،‬أو بالتحريض والتشجيع عمى مثؿ ىذه األنشطة‪ ،‬حتى لو‬
‫تـ العفو عنيـ‪ ،‬وال يترشح لبلنتخابات أو يكوف مؤىبل ليكوف نائبا‪ ،‬ما لـ يستقيموا مف مناصبيـ‪:‬‬
‫القضاة والمدعوف العاموف (ممثمو النيابة العامة)‪ ،‬وأعضاء الييئات القضائية العميا‪ ،‬وأعضاء‬
‫ىيئة التدريس في مؤسسات التعميـ العالي‪ ،‬وأعضاء مجمس التعميـ العالي‪ ،‬والعامموف في‬
‫المؤسسات العامة والوكاالت الذيف يعتبروف مف موظفي الخدمة المدنية‪ ،‬والموظفوف العاموف‬
‫اآلخروف الذيف ال يعتبروف عماالً بسبب الواجبات التي يؤدونيا‪ ،‬وأعضاء وأفراد القوات المسمحة‪.‬‬

‫ج‪ -‬الفترة االنتخابية ( مدة الوالية ) لمجمعية الوطنية التركية الكبرى‬

‫المادة ‪ .77‬تجرى انتخابات الجمعية الوطنية التركية الكبرى كؿ خمس سنوات‪.‬‬

‫ويجوز لمجمعية أف تقرر عقد انتخابات جديدة قبؿ انتياء ىذه الفترة (قبؿ انتياء مدة واليتيا)‪،‬‬
‫ويمكف أيضا أف تقرر إجراء انتخابات جديدة وفقا لقرار يتخذه رئيس الجميورية وفقا لمشروط‬
‫المنصوص عمييا في الدستور‪ ،‬ويكوف مف حؽ النواب الذيف تنتيي مدة عضويتيـ أف تتـ اعادة‬
‫انتخابيـ‪ ،‬وفي حالة اتخاذ قرار باجراء انتخابات جديدة‪ ،‬تستمر صبلحيات وسمطات الجمعية‬
‫الوطنية الكبرى القائمة لحيف انتخاب جمعية جديدة‪.‬‬

‫د‪ -‬تأجيؿ وارجاء انتخابات الجمعية الوطنية التركية الكبرى ‪ ،‬واالنتخابات الفرعية‬

‫المادة (‪( .)78‬بصيغتيا المعدلة في ‪ 12‬ديسمبر ‪ -- 2002‬المادة ‪)2 / 4777‬‬

‫إذا تبيف أنو مف المستحيؿ اجراء انتخابات جديدة بسبب الحرب ‪ ،‬يجوز لمجمعية الوطنية التركية‬

‫الكبرى أف تقرر تأجيؿ االنتخابات لمدة عاـ‪ ،‬وفي حالة عدـ إنتفاء أو زواؿ أسباب التأجيؿ يجوز‬
‫تكرار ىذا التدبير في إطار اإلجراءات المتعمقة بالتأجيؿ‪ ،‬تعقد االنتخابات الفرعية عندما تنشأ‬
‫الشواغر في عضوية الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬وتعقد االنتخابات الفرعية مرة واحدة في‬

‫‪133‬‬
‫كؿ فترة انتخابية‪ ،‬وال يمكف أف تعقد إال بعد انقضاء ‪ 30‬شي اًر مف تاريخ االنتخابات العامة‬
‫السابقة‪ ،‬ومع ذلؾ‪ ،‬في الحاالت التي يكوف فييا عدد المقاعد الشاغرة يبمغ خمسة في المئة مف‬
‫إجمالي عدد المقاعد ‪ ،‬تعقد االنتخابات الفرعية في غضوف ثبلثة أشير‪ ،‬وال تجرى االنتخابات‬
‫الفرعية في غضوف عاـ واحد قبؿ موعد اجراء االنتخابات العامة‪ ،‬وبصرؼ النظر عف الحاالت‬
‫المحدد ة أعبله‪ ،‬إذا افتقرت مدينة أو منطقة إلى التمثيؿ في البرلماف‪ ،‬يجب عقد االنتخابات‬
‫الفرعية في أوؿ يوـ أحد‪ ،‬بعد نشوء الشاغر بػ ‪ 90‬يوما‪ ،‬وفي االنتخابات التي تجرى وفقا ليذه‬
‫الفقرة‪ ،‬ال تطبؽ أحكاـ الفقرة ‪ 3‬مف المادة ‪ 127‬مف الدستور‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬مياـ وصبلحيات الجمعية الوطنية التركية الكبرى‬

‫أ‪ -‬األحكاـ العامة ‪ ،‬المادة ‪( .87‬بصيغتيا المعدلة في ‪ 17‬أكتوبر ‪)2001‬‬

‫وظائؼ ومياـ وسمطات الجمعية الوطنية التركية الكبرى تشمؿ سف أو تعديؿ‪ ،‬والغاء القوانيف‪،‬‬
‫واإلشراؼ عمى مجمس الوزراء والوزراء‪ ،‬والترخيص واإلذف لمجمس الوزراء بإصدار المراسيـ‬
‫الحكومية التي ليا قوة القانوف في بعض المسائؿ وبشأف أمور معينة؛ ومناقشة واعتماد والموافقة‬
‫عمى مشروع الموازنة ومشروع قانوف الحساب الختامي واتخاذ الق اررات فيما يتعمؽ بطباعة العممة‬
‫واعبلف الحرب؛ والتصديؽ عمى االتفاقات الدولية‪ ،‬واتخاذ الق اررات بأغمبية أصوات ثبلثة أخماس‬
‫أعضاء الجمعية الوطنية التركية الكبرى بشأف إعبلف العفو وفقا لمدستور؛ والتصديؽ عمى أحكاـ‬
‫اإلعداـ التي تصدرىا المحاكـ ‪ ،‬وممارسة الصبلحيات وتنفيذ وأداء المياـ المنصوص عمييا في‬
‫مواد أخرى مف الدستور‪.‬‬

‫ب ‪ -‬اقتراح ومناقشة القوانيف‬

‫المادة ‪ .88‬لمجمس الوزراء والنواب الصبلحية لعرض القوانيف‪.‬‬

‫وينظـ الئحة قواعد النظاـ الداخمي والقواعد االجرائية اإلجراءات والمبادئ المتعمقة بمناقشة‬
‫مشاريع القوانيف ومقترحات القوانيف في الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫ج ‪ -‬إصدار القوانيف مف ِقبؿ رئيس الجميورية‬

‫المادة ‪( .89‬بصيغتيا المعدلة في ‪ 17‬أكتوبر ‪)2001‬‬

‫يصادؽ رئيس الجميورية عمى القوانيف التي اعتمدتيا الجمعية الوطنية التركية الكبرى ويصدرىا‬
‫خبلؿ خمسة عشر يوماً مف ذلؾ االعتماد‪ ،‬ويحيؿ في غضوف الفترة نفسيا‪ ،‬إلى الجمعية‬
‫الوطنية التركية الكبرى لمواصمة ولممزيد مف اجراء النظر فييا‪ ،‬القوانيف التي يراىا غير صالحة‬
‫لمنشر وغير مبلئمة لئلصدار كميا أو جزئيا‪ ،‬مع طرحو وتبيانو األسباب التي اتخذ رأيو بناء‬
‫عمييا‪ ،‬في حالة اعتبر الرئيس ىذه القوانيف غير مناسبة وال مبلئمة‪ ،‬فبل يجوز لمجمعية الوطنية‬
‫التركية الكبرى سوى مناقشة تمؾ المواد التي إعتبرت غير مبلئمة فقط‪ .‬وال تخضع قوانيف الميزانية‬

‫ليذا الحكـ‪ .‬أما األحكاـ المتعمقة بالتعديبلت الدستورية فيى محفوظة محصنة ال يجوز المساس‬
‫بيا ‪.‬‬

‫د‪ -‬التصديؽ عمى المعاىدات الدولية (بصيغتيا المعدلة في ‪ 22‬مايو ‪)2004‬‬

‫المادة ‪ .90‬يتـ التصديؽ عمى المعاىدات المبرمة مع الدوؿ األجنبية والمنظمات الدولية نيابة عف‬
‫جميورية تركيا وباسميا‪ ،‬ويخضع العتماد الجمعية الوطنية التركية الكبرى بموجب قانوف بالموافقة‬
‫عمى التصديؽ‪ ،‬االتفاقيات التي تنظـ العبلقات االقتصادية والتجارية والتقنية‪ ،‬والتي تغطي فترة ال‬
‫تزيد عف العاـ الواحد (ال تتجاوز سنة واحدة)‪ ،‬يجوز تطبيقيا وادخاليا حيز التنفيذ مف خبلؿ‬
‫إصدار‪ ،‬بشرط أال تنطوي عمى أي التزاـ مالي مف قبؿ الدولة (ال يترتب عمييا التزاـ مالي مف‬
‫قبؿ الدولة)‪ ،‬وشريطة أال تنتيؾ حالة األفراد ووضعيـ أو حقوؽ الممكية الخاصة لممواطنيف‬
‫األتراؾ في الخارج‪ ،‬وفي مثؿ ىذه الحاالت‪ ،‬يجب أف تنمو ىذه االتفاقات إلى عمـ الجمعية‬
‫الوطنية التركية الكبرى في غضوف شيريف مف إصدارىا (صدورىا‪ ،‬وال تتطمب وال تشترط موافقة‬

‫الجمعية الوطنية التركية الكبرى عمى االتفاقات المتعمقة بتنفيذ معاىدة دولية‪ ،‬واالتفاقات‬
‫االقتصادية أو التجارية أو الفنية‪ ،‬أو اإلدارية التي تبرـ وتعقد إعتماداً وبناء عمى ترخيص‬
‫وتفويض صادر بموجب القانوف (عمى النحو المذكور في القانوف)‪ ،‬ومع ذلؾ فإف االتفاقات‬

‫‪135‬‬
‫المبرمة والمعقودة بموجب أحكاـ ىذه الفقرة والتي تؤثر عمى الحقوؽ االقتصادية‪ ،‬أو العبلقات‬
‫التجارية والحقوؽ الخاصة لؤلفراد ال يجوز أف توضع موضع التنفيذ إال في حالة صدورىا‪ ،‬والبد‬
‫لبلتفاقات التي تؤدي إلى (وينجـ عنيا) إدخاؿ تعديبلت عمى القوانيف التركية أف تخضع ألحكاـ‬
‫الفقرة األولى‪ ،‬ويكوف لبلتفاقات الدولية التي دخمت حيز التنفيذ عمى النحو الواجب‪ ،‬قوة القانوف‪،‬‬
‫وال يجوز إجراء وتقديـ أي طعف إلى المحكمة الدستورية فيما يتعمؽ بيذه االتفاقات‪ ،‬بدعوى أنيا‬
‫غير دستورية‪ ،‬وفي حالة وجود تعارض بيف االتفاقات الدولية في مجاؿ الحقوؽ والحريات‬
‫األساسية التي تطبؽ عمى النحو الواجب وبيف القوانيف المحمية نتيجة لبلختبلفات في األحكاـ‬
‫المتعمقة بنفس المسألة تسري أحكاـ االتفاقات الدولية ‪.‬‬

‫ىػ ‪ -‬الترخيص بسف المراسيـ التي ليا قوة القانوف‬

‫المادة ‪ .91‬يجوز لمجمعية الوطنية التركية الكبرى تمكيف مجمس الوزراء مف (ومنحو سمطة)‬
‫إصدار مراسيـ ليا قوة القانوف‪ ،‬وعمى كؿ حاؿ فإف الحقوؽ األساسية والحقوؽ الفردية والواجبات‬
‫الواردة في الفصؿ األوؿ والثاني مف الباب الثاني مف الدستور والحقوؽ السياسية والواجبات الواردة‬
‫في الفصؿ الرابع‪ ،‬ال يجوز تنظيميا بمراسيـ ليا قوة القانوف إال خبلؿ فترات األحكاـ العرفية‬
‫وحاالت الطوارئ‪ ،‬ويحدد القانوف الذي يمنح مجمس الوزراء ىذا التمكيف وىذه السمطة‪ ،‬الغرض‬
‫والنطاؽ والمبادئ‪ ،‬وفترة تطبيؽ المرسوـ ليا قوة القانوف (غرض المرسوـ ونطاقو ومبادئو وفترة‬
‫تطبيقو)‪ ،‬ويحدد ما إذا كاف أكثر مف مرسوـ واحد سيصدر في غضوف نفس الفترة (الفترة نفسيا)‪،‬‬
‫وال تؤدي استقالة أو سقوط مجمس الوزراء‪ ،‬أو انتياء الفصؿ التشريعي (المدة التشريعية)‪ ،‬إلى‬
‫إنياء السمطة الممنوحة فيما يتعمؽ بالفترة المعينة المحددة‪( ،‬ال ينجـ عنيا ذلؾ) وعند الموافقة‬
‫عمى مرسوـ لو قوة القانوف قبؿ انتياء الفترة المحددة ‪ ،‬تقوـ الجمعية الوطنية التركية الكبرى أيضا‬
‫بذكر ما إذا كاف السمطة قد انتيت أـ ستستمر حتى (والى حيف) انتياء الفترة المذكورة‪ ،‬األحكاـ‬

‫المتعمقة بالمراسيـ التي ليا قوة القانوف والصادرة عف اجتماع مجمس الوزراء برئاسة رئيس‬
‫الجميورية في زمف األحكاـ العرفية أو حاالت الطوارئ‪ ،‬ىي محفوظة ومحصنة وال تمس‪ ،‬وتدخؿ‬
‫المراسيـ التي ليا قوة القانوف حيز النفاذ وتسري اعتبا ار مف يوـ نشرىا في الجريدة الرسمية‪ ،‬ولكف‬

‫‪136‬‬
‫مع ذلؾ‪ ،‬يجوز تحديد واإلشارة إلى موعد الحؽ في المرسوـ باعتباره موعدا لسريانو ودخولو حيز‬
‫النفاذ‪ .‬وتقدـ المراسيـ إلى الجمعية الوطنية التركية الكبرى لمعرض عمييا في يوـ نشرىا في‬
‫الجريدة الرسمية‪ .‬وتتـ مناقشة القوانيف الخاصة بالتمكيف ومنح السمطة‪ ،‬والمراسيـ التي ليا قوة‬
‫القانوف والتي تقوـ وتستند عمى ىذه القوانيف‪ ،‬في لجاف الجمعية الوطنية التركية الكبرى وفي‬
‫جمسات الجمعية بكامؿ ىيئتيا‪ ،‬عمى أساس ومع إعطائيا األولوية واإللحاح واالستعجاؿ ويتوقؼ‬
‫سرياف المراسيـ غير المقدمة إلى الجمعية الوطنية التركية الكبرى (وغير المعروضة عمييا) في‬
‫يوـ نشرىا وينقضي تأثيرىا اعتبا ار مف ذلؾ اليوـ‪ ،‬ويتوقؼ سرياف المراسيـ التي ترفضيا الجمعية‬
‫الوطنية التركية الكبرى وينقضي تأثيرىا اعتبا ار مف يوـ وتاريخ نشر قرار رفضيا في الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬وتسري األحكاـ المعدلة مف المراسيـ التي تمت الموافقة عمييا بصيغتيا المعدلة وتدخؿ‬

‫حيز النفاذ اعتبا ار مف يوـ نشرىا في الجريدة الرسمية‪.‬‬

‫و‪ -‬إعبلف حالة الحرب والترخيص باستخداـ ونشر القوات المسمحة‬

‫المادة ‪ .92‬تؤوؿ إلى الجمعية الوطنية التركية الكبرى‬

‫سمطة اإلذف والترخيص والسماح بإعبلف حالة الحرب في الحاالت التي تعتبر مشروعة بموجب‬
‫القانوف الدولي‪ ،‬واالستثناءات المطموبة في المعاىدات الدولية التي تكوف تركيا طرفا فييا أو وفقا‬
‫لقواعد المجاممة الدولية‪ ،‬التي تقتضي إرساؿ القوات المسمحة التركية إلى دوؿ أجنبية والسماح‬
‫لمقوات المسمحة األجنبية بالتمركز في تركيا‪ ،‬واذا تعرض البمد‪ ،‬أثناء عدـ انعقاد الجمعية الوطنية‬
‫التركية الكبرى أو في فترة عطمة الجمعية‪ ،‬إلى عدواف مسمح مفاجئ وبالتالي يصبح مف‬
‫الضروري إصدار قرار إستخداـ ونشر القوات المسمحة عمى الفور‪ ،‬عنئذ يجوز لرئيس الجميورية‬
‫اتخاذ قرار بشأف تعبئة وتحريؾ القوات المسمحة التركية‪.‬‬

‫الفصؿ الثاني‪ :‬السمطة التنفيذية‪ ..‬أوال ‪ :‬رئيس الجميورية‬

‫أ‪ -‬المؤىبلت والحياد‬

‫‪137‬‬
‫المادة ‪ُ .101‬ينتخب رئيس الجميورية لفترة والية مدتيا سبع سنوات مف ِقبؿ الجمعية الوطنية‬
‫التركية الكبرى مف بيف أعضائيا الذيف تجاوزوا ‪ 40‬سنة مف العمر (تجاوزت أعمارىـ أربعيف‬
‫سنة) والذيف أكمموا تعميميـ العالي أو مف بيف المواطنيف األتراؾ الذيف يفوف ويستوفوف ىذه‬
‫المتطمبات والشروط واالشتراطات ويجوز ليـ ويحؽ أف يكونوا نوابا‪ ،‬ويتطمب ترشيح وتسمية‬
‫مرشح لرئاسة الجميورية مف خارج الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬يتطمب اقتراحا خطيا (تزكية‬
‫خطية) عمى األقؿ مف ُخمس إجمالي عدد أعضاء الجمعية‪ ،‬يمكف لرئيس الجميورية أف ينتخب‬
‫(عدلت فى عيد أردوغاف المتأسمـ فى ‪ 31‬مايو ‪ 2007‬فأصبحت‪:‬‬
‫لمرة ثانية أو مدة ثانية‪ُ ،‬‬
‫ويشغؿ رئيس الجميورية منصبو لمدة خمس سنوات‪ ،‬ومف الممكف انتخاب رئيس الجميورية‬
‫لمدتيف عمى األكثر‪ ،‬وتقتضى تسمية مرشح لرئاسة الجميورية مف بيف أعضاء الجمعية الوطنية‬

‫التركية الكبرى أو مف خارج الجمعية تقديـ اقتراح خطي مف قبؿ ‪ 20‬عضوا مف أعضاء الجمعية‪،‬‬
‫وعبلوة عمى ذلؾ‪ ،‬باستطاعة األحزاب السياسية التى تكوف قد حصمت عمى أكثر مف عشرة فى‬
‫المائة مف األصوات ككؿ فى أحدث االنتخابات البرلمانية أف ترشح مرشحا مشتركا) يجب عمى‬
‫الرئيس المنتخب‪ ،‬إذا كاف عضوا في حزب‪ ،‬قطع عبلقاتو مع حزبو ويتوقؼ وينقطع وضعو‬
‫بصفتو عضوا في الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪.‬‬

‫ب – االنتخاب‬

‫المادة ‪ .102‬ينتخب رئيس الجميورية بأغمبية الثمثيف مف مجموع عدد أعضاء الجمعية الوطنية‬
‫التركية الكبرى وباالقتراع السري‪ ،‬إذا لـ تكف الجمعية الوطنية التركية الكبرى منعقدة واذا لـ تكف‬
‫في الدورة البرلمانية‪ ،‬يجب دعوتيا عمى الفور لئلنعقاد‪ ،‬ويبدأ انتخاب رئيس الجميورية قبؿ ثبلثيف‬
‫يوما مف انتياء فترة والية الرئيس الحالي لمجميورية أو بعد عشرة أياـ مف شغور وخمو منصب‬
‫الرئاسة‪ ،‬ويجب أف يكتمؿ في غضوف ثبلثيف يوما مف بداية االنتخابات‪ ،‬يعمف المرشحوف لمكتب‬

‫الجمعية في غضوف األياـ العشرة األولى مف ىذه الفترة‪ ،‬ويجب أف تكتمؿ االنتخابات في غضوف‬
‫األياـ العشريف المتبقية‪ ،‬واذا تعذر الحصوؿ عمى أغمبية الثمثيف مف مجموع عدد األعضاء في‬
‫اإل قتراع األوؿ والثاني‪ ،‬بينيا يكوف ىناؾ عمى األقؿ فاصؿ زمني لمدة ثبلثة أياـ‪ ،‬فيتـ اجراء‬

‫‪138‬‬
‫االقتراع الثالث‪ ،‬والمرشح الذي يحصؿ عمى األغمبية المطمقة مف أصوات العدد الكمي لؤلعضاء‬
‫يتـ انتخابو لمنصب رئيس الجميورية‪ ،‬إذا لـ يتـ الحصوؿ عمى األغمبية المطمقة مف األصوات‬
‫مف مجموع عدد األعضاء في االقتراع الثالث‪ ،‬فسوؼ يجرى إقتراع رابع بيف المرشحيف االثنيف‬
‫المذيف يحصبلف عمى أكبر عدد مف األصوات في االقتراع الثالث‪ ،‬واذا لـ ينتخب رئيس‬
‫الجميورية باألغمبية المطمقة مف مجموع عدد األعضاء في ىذا اإلقتراع‪ ،‬تجرى انتخابات عامة‬
‫جديدة لمجمعية الوطنية التركية الكبرى عمى الفور‪ ،‬وتستمر مدة والية الرئيس الحالي لمجميورية‬
‫حتى إستبلـ الرئيس المنتخب لمنصبو‪.‬‬

‫وفيما يمى نص المادة السابقة بالصيغة التى عدلت بيا فى عيد أردوغاف المتأسمـ فى ‪ 31‬مايو‬
‫‪:2007‬‬

‫يجرى إنتخاب رئيس الجميورية في غضوف ستيف يوما قبؿ انتياء مدة شغؿ رئيس الجميورية‬
‫الحالي لمنصبو؛ أو في غضوف ستيف يوما بعد شغور الرئاسة ألي سبب مف األسباب‪ ،‬وفي‬
‫االنتخابات الرئاسية التي تجرى بواسطة االقتراع العاـ ينتخب المرشح الذي يحصؿ عمى األغمبية‬
‫المطمقة مف األصوات الصحيحة رئيساً لمجميورية‪ ،‬وفي حالة عدـ الحصوؿ عمى ىذه األغمبية‬
‫في االقتراع األوؿ‪ ،‬يجرى االقتراع الثاني في يوـ األحد الثاني بعد ذلؾ االقتراع‪ ،‬ويكوف‬
‫باستطاعة المرشحيف المذيف يحصبلف عمى أكبر عدد مف األصوات في االقتراع األوؿ أف يرشحا‬
‫نفسييما في االقتراع الثاني‪ ،‬وينتخب المرشح الذي يحصؿ عمى أغمبية األصوات الصحيحة رئيسا‬
‫لمجميورية‪ ،‬وفي حالة وفاة مرشح يكوف قد حصؿ عمى حؽ أف يرشح نفسو في االقتراع الثاني‪،‬‬
‫أو في حالة فقدانو ألىمية الترشح‪ ،‬يجرى االقتراع الثاني بإحبلؿ مرشح آخر طبقاً لترتيب‬
‫المرشحيف في االقتراع األوؿ‪ ،‬واذا بقي مرشح واحد فقط لبلقتراع الثاني‪ ،‬يجرى ىذا االقتراع‬
‫كاستفتاء‪ ،‬واذا حصؿ المرشح عمى معظـ األصوات فإنو ُينتخب رئيسا لمجميورية‪ ،‬ويستمر شغؿ‬

‫رئيس الجميورية الحالي لمنصبو إلى أف يتولى الرئيس المنتخب منصبو‪ ،‬وينظـ القانوف‬
‫اإلجراءات والمبادئ المتعمقة باالنتخابات الرئاسية ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬أداء اليميف (القػَ َسـ)‬


‫‪139‬‬
‫المادة ‪ . 103‬عند توليو مياـ منصبو‪ ،‬يؤدى رئيس الجميورية اليميف التالية أماـ الجمعية الوطنية‬
‫التركية الكبرى‪" :‬بصفتي رئيسا لمجميورية‪ ،‬أقسـ بشرفي ونزاىتي (إستقامتي أو أمانتي)‪ ،‬أماـ‬
‫الجمعية الوطنية التركية الكبرى وأماـ التاريخ‪ ،‬عمى أف أحمي وأحافظ عمى وجود واستقبلؿ‬
‫الدولة‪ ،‬وسبلمة ووحدة وكماؿ أراضي الوطف واألمة التي ال تتجزأ‪ ،‬والسيادة المطمقة لؤلمة‪ ،‬وعمى‬
‫أف أحترـ وألتزـ الدستور وسيادة القانوف والديمقراطية ومبادئ الجميورية العممانية‪ ،‬وأف ال أحيد‬
‫عف المبدأ الذي يقوؿ والفكرة التي تفيد بأف لكؿ فرد الحؽ في التمتع بحقوؽ اإلنساف والحريات‬
‫األساسية في ظؿ ظروؼ السبلـ والرخاء والرفاه والوئاـ االزدىار الوطنييف وبروح مف التضامف‬
‫الوطني والعدالة‪ ،‬وأف أبذؿ قصارى جيدي إلعبلء ورفع راية والحفاظ عمى مجد وشرؼ الجميورية‬
‫التركية وأف أؤدي دوف تحيز الوظائؼ والمياـ التي توليتيا "‪.‬‬

‫د‪ -‬الواجبات والسمطات‬

‫المادة ‪ .104‬رئيس الجميورية ىو رئيس الدولة‪ ،‬وىو أو ىي بيذه الصفة يمثؿ الجميورية التركية‬
‫ووحدة األمة التركية؛ وعميو أو عمييا أف يضمف ويكفؿ ويسير عمى ويرسخ ويرسي تنفيذ‬
‫الدستور‪ ،‬وأداء أجيزة الدولة لعمميا أداء منتظما ومتناغما ومتسقا‪ ،‬ولتحقيؽ ىذه الغاية‪ ،‬تكوف‬
‫الواجبات التي عميو أو عمييا أداؤىا‪ ،‬والسمطات التي يزاوليا أو يمارسيا ىو أو ىي‪ ،‬وفقا لمشروط‬
‫المنصوص عمييا في المواد ذات الصمة مف الدستور عمى النحو التالي ‪:‬‬

‫أ) الواجبات والسمطات المتعمقة بالتشريع ‪:‬‬

‫إذا رأى أو رأت ضرورة لذلؾ (رأى أو رأت ذلؾ مف الضروري)‪ ،‬بإلقاء الكممة االفتتاحية (‬
‫الخطاب االفتتاحي ) لمجمعية الوطنية التركية الكبرى في اليوـ األوؿ مف السنة التشريعية‪ ،‬دعوة‬
‫الجمعية الوطنية التركية الكبرى لبلنعقاد‪ ،‬عند الضرورة‪ ،‬سف واصدار القوانيف‪ ،‬إعادة القوانيف إلى‬

‫الجمعية الوطنية التركية الكبرى لكي يعاد النظر فييا (مف أجؿ إعادة النظر فييا)‪ ،‬إجراء‬
‫استفتاء‪ ،‬إذا رأى أو رأت ضرورة لذلؾ (رأى أو رأت ذلؾ مف الضروري)‪ ،‬عمى التشريعات‬
‫المتعمقة بتعديؿ الدستور‪ ،‬تقديـ استئناؼ (التماس) أماـ المحكمة الدستورية إللغاء بعض أحكاـ‬

‫‪140‬‬
‫القوانيف والمراسيـ التي ليا قوة القانوف‪ ،‬جزئيا أو بالكامؿ‪ ،‬أو مف النظاـ الداخمي (البلئحة الداخمية‬
‫والقواعد االجرائية) لمجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬جزئيا أو بالكامؿ‪ ،‬عمى أساس أنيا غير‬
‫دستورية في الشكؿ أو في المضموف‪ ،‬الدعوة الجراء انتخابات جديدة لمجمعية الوطنية التركية‬
‫الكبرى‪.‬‬

‫ب) الواجبات والسمطات المتعمقة بالمياـ التنفيذية‪ :‬تعييف رئيس ‪ /‬رئيسة مجمس الوزراء وقبوؿ‬
‫استقالتو أو استقالتيا‪ ،‬تعييف وعزؿ (إقالة) الوزراء بناء عمى اقتراح مف رئيس الوزراء‪ ،‬ترؤس‬
‫مجمس الوزراء أو دعوة مجمس الوزراء لبلجتماع برئاستو أو برئاستيا كمما ومتى يرى أو ترى‬

‫ضرورة لذلؾ‪ ،‬قبوؿ أوراؽ اعتماد ممثمي الدولة التركية لدى الدوؿ األجنبية واستقباؿ ممثمي الدوؿ‬
‫األجنبية المعيف لجميورية تركيا‪ ،‬التصديؽ عمى المعاىدات الدولية واصدارىا‪ ،‬تمثيؿ القيادة‬
‫العسكري ة العميا لمقوات المسمحة التركية نيابة عف الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬اتخاذ قرار‬
‫بشأف تعبئة القوات المسمحة التركية‪ ،‬تعييف رئيس ىيئة األركاف العامة‪ ،‬دعوة مجمس األمف‬
‫القومي لبلجتماع‪ ،‬ترؤس (أو رئاسة) مجمس األمف القومي‪ ،‬إعبلف األحكاـ العرفية أو حالة‬
‫الطوارئ‪ ،‬واصدار المراسيـ التي ليا قوة القانوف‪ ،‬وفقا لق اررات مجمس الوزراء برئاستو أو رئاستيا‪،‬‬
‫التوقيع عمى المراسيـ‪ ،‬إلغاء جميع أو بعض العقوبات المفروضة عمى بعض األفراد‪ ،‬نتيجة‬
‫وبسبب المرض المزمف‪ ،‬والعجز والشيخوخة‪( ،‬أي إصدار العفو الصحي) تعييف أعضاء ورئيس‬
‫مجمس الدولة الرقابي (اإلشرافي)‪ ،‬إصدار تكميفات وتعميمات إلى مجمس الدولة الرقابي بإجراء‬
‫والقياـ بالتحريات والتحقيقات وعمميات التفتيش‪ ،‬تعييف أعضاء مجمس التعميـ العالي‪ ،‬تعييف‬
‫رؤساء الجامعات‪.‬‬

‫ج) الواجبات والسمطات المتعمقة بالييئة القضائية (بالقضاء) ‪:‬‬

‫تعييف أعضاء المحكمة الدستورية‪ ،‬وربع أعضاء مجمس الدولة‪ ،‬والمدعي العاـ ونائب المدعي‬
‫العاـ لمحكمة االستئناؼ العميا‪ ،‬وأعضاء المحكمة االستئناؼ العميا العسكرية‪ ،‬وأعضاء المحكمة‬

‫اإلدارية العميا العسكرية وأعضاء المجمس األعمى لمقضاة والمدعيف العاميف‪ .‬يتولى رئيس‬

‫‪141‬‬
‫الجميورية أيضا ممارسة صبلحيات وسمطة االنتخاب والتعييف‪ ،‬ويؤدي الواجبات األخرى المخولة‬
‫لو أو ليا (المسندة لو أو ليا) بموجب الدستور والقوانيف‪.‬‬

‫ىػ ‪ -‬مساءلة وعدـ مساءلة رئيس الجميورية‬

‫المادة ‪ .105‬جميع المراسيـ الرئاسية توقع مف قبؿ رئيس الوزراء‪ ،‬والوزراء المعنييف ‪ -‬باستثناء‬
‫تمؾ التي يكوف لرئيس الجميورية سمطة سنيا واصدارىا بنفسو مف دوف حاجة لتوقيع رئيس‬
‫الوزراء والوزراء المختصيف المعنييف‪ ،‬وفقا ألحكاـ الدستور والقوانيف األخرى‪ ،‬ويكوف رئيس مجمس‬
‫الوزراء والوزراء المختصوف المعنيوف مسؤوليف عف ىذه المراسيـ ويخضعوف لممساءلة عنيا‪ ،‬وال‬
‫يجوز تقديـ أي طعف إلى أي سمطة قانونية‪ ،‬بما في ذلؾ المحكمة الدستورية‪ ،‬ضد الق اررات‬

‫واألوامر الموقعة مف رئيس الجميورية (التي تحمؿ توقيعو) باسمو‪/‬باسميا وبمبادرة منو‪/‬منيا‪،‬‬
‫ويمكف عزؿ أو إقالة رئيس الجميورية بتيمة الخيانة العظمى (أو توجيو عريضة اتياـ رسمية لو‬
‫بتمؾ التيمة) بناء عمى طمب واقتراح مقدـ مف ما ال يقؿ عف ثمث العدد اإلجمالي ألعضاء‬
‫الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬وبقرار يصدر مف ما ال يقؿ عف ثبلثة أرباع العدد الكمي‬
‫لؤلعضاء‪.‬‬

‫و‪ -‬العمؿ بالنيابة عف رئيس الجميورية‬

‫المادة (‪ .)106‬في حالة الغياب المؤقت لرئيس الجميورية نتيجة المرض‪ ،‬أو السفر إلى الخارج‬
‫أو ظروؼ مشابية ومماثمة‪ ،‬يخدـ رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى في منصب القائـ‬
‫بأعماؿ رئيس الجميورية ويمارس صبلحيات رئيس الجميورية حتى يتمكف رئيس الجميورية مف‬
‫أف يستأنؼ ميامو‪/‬تستأنؼ مياميا‪ ،‬وكذلؾ في حالة شغور منصب الرئاسة (الرئيس) نتيجة الوفاة‬
‫أو االستقالة أو ألي سبب آخر‪ ،‬إلى حيف انتخاب رئيس جديد لمجميورية‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬مجمس الوزراء‪ ..‬أ‪ -‬التشكيؿ (التكويف)‬

‫المادة ‪ .109‬يتكوف (يتشكؿ) مجمس الوزراء مف رئيس الوزراء والوزراء‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫ويعيف رئيس الوزراء ِمف ِقبؿ رئيس الجميورية مف بيف أعضاء الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪،‬‬
‫وير َشح الوزراء مف ِقبؿ رئيس مجمس الوزراء ويعينوف مف ِقبؿ الجمعية الوطنية التركية‬
‫ُيسمى ُ‬
‫الكبرى‪ ،‬أو ُيختاروف مف بيف المؤىميف لبلنتخاب كنواب‪ ،‬ويمكف لرئيس الجميورية أف يعزليـ‬
‫(يقيميـ)‪ ،‬بناء عمى اقتراح مف رئيس مجمس الوزراء عند الضرورة (عندما تُرتأى ضرورة لذلؾ) ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬تولي مجمس الوزراء السمطة (منصبو ومياـ منصبو) والتصويت بالثقة فيو‬

‫المادة ‪ .110‬تقدـ وتعرض القائمة الكاممة ألعضاء مجمس الوزراء إلى الجمعية الوطنية التركية‬
‫الكبرى‪ ،‬إذا كانت الجمعية الوطنية التركية الكبرى في عطمة‪ ،‬يجب دعوتيا إلى االنعقاد‪ ،‬ويتمو أو‬
‫يق أر رئيس الوزراء أو أحد الوزراء برنامج الحكومة الخاص بمجمس الوزراء أماـ الجمعية الوطنية‬

‫التركية الكبرى في غضوف أسبوع مف تشكيؿ مجمس الوزراء ويعقب ذلؾ إجراء تصويت عمى‬
‫الثقة في المجمس‪ ،‬ويبدأ النقاش والمناقشة حوؿ التصويت عمى الثقة بعد يوميف كامميف مف قراءة‬
‫وتبلوة البرنامج ويبدأ التصويت بعد يوـ كامؿ مف انتياء المناقشة‪.‬‬

‫ج ‪ -‬التصويت بالثقة خبلؿ وجود مجمس الوزراء في منصبو وأثناء توليو ميامو‬

‫المادة (‪ .)111‬يجوز لرئيس الوزراء‪ ،‬إذا رأى ضرورة لذلؾ‪ ،‬وبعد مناقشة المسألة في مجمس‬
‫الوزراء‪ ،‬أف يطمب إجراء تصويت عمى الثقة في الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬وال يجوز طرح‬
‫طمب التصويت عمى الثقة لممناقشة قبؿ انقضاء يوـ واحد كامؿ عمى تقديـ ىذا الطمب إلى‬
‫الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬وال يطرح لمتصويت إال بعد مرور يوـ كامؿ بعد انتياء المناقشة‪،‬‬
‫ال يجوز رفض طمب لمتصويت عمى الثقة إال باألغمبية المطمقة مف مجموع عدد األعضاء‪.‬‬

‫د‪ -‬الوظائؼ والمياـ والمسؤوليات السياسية‬

‫المادة (‪ .)112‬يضمف ويكفؿ رئيس مجمس الوزراء‪ ،‬بصفتو واعتباره رئيسا لمجمس الوزراء‪،‬‬
‫ضماف التعاوف في ما بيف الوزراء‪ ،‬واإلشراؼ عمى تنفيذ السياسة العامة لمحكومة‪ ،‬أعضاء مجمس‬
‫الوزراء مسؤولوف بالتضامف مسؤولية مشتركة عف تنفيذ ىذه السياسة‪ ،‬ويكوف كؿ وزير مسؤوال‬

‫‪143‬‬
‫أماـ رئيس مجمس الوزراء ويكوف مسؤوال أيضا عف تصريؼ وادارة الشؤوف المندرجة ضمف‬
‫اختصاصو ‪/‬أو اختصاصيا وعف أعماؿ وأفعاؿ وأنشطة مرؤوسيو ‪/‬أو مرؤوسييا (الموظفيف‬
‫التابعيف لو ‪/‬أو ليا)‪ ،‬يضمف ويكفؿ رئيس مجمس الوزراء ممارسة الوزراء لمياميـ وفقا لمدستور‬
‫والقوانيف ويتخذ تدابير تصحيحية تحقيقا ليذه الغاية‪ ،‬ويؤدي أعضاء مجمس الوزراء الذيف ليسوا‬
‫مف النواب (الذيف ال يكونوف نواباً في ج‪.‬و‪.‬ت‪.‬ؾ‪ ).‬اليميف أماـ الجمعية الوطنية التركية الكبرى‬
‫كما ىو مكتوب في المادة ‪ 81‬وبصيغتيا الواردة فييا‪ ،‬وأثناء وخبلؿ فترة ومدة شغميـ لمناصبيـ‬
‫كوزراء‪ ،‬عمييـ االلتزاـ بالقواعد والشروط التي يخضع ليا نواب الجمعية ويتمتعوف بالحصانة‬
‫البرلمانية‪ ،‬ويحصموف عمى نفس الرواتب والبدالت التي يحصؿ عمييا أعضاء الجمعية الوطنية‬
‫التركية الكبرى‪.‬‬

‫ىػ‪ -‬الوزراء‪ ،‬وتشكيؿ الو ازرات‬

‫المادة (‪ .)113‬ينظـ تشكيؿ والغاء‪ ،‬ووظائؼ ومياـ وصبلحيات وتنظيـ الو ازرات بموجب‬
‫القانوف‪ ،‬ويجوز لوزير أف يقوـ مقاـ وزير آخر إذا شغرت و ازرة أو إذا كاف الوزير اآلخر في إجازة‬
‫أو غائبا (متغيبا) لسبب وجيو‪ ،‬بيد أنو (ولكف) ال يجوز لوزير أف يقوـ مقاـ أكثر مف وزير آخر‬
‫واحد‪ ،‬والوزير الذي يمثؿ أماـ المحكمة العميا بقرار مف الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬يفقد‬
‫وضعو الوزاري‪ ،‬وفي حالة مثوؿ رئيس الوزراء أماـ المحكمة العميا‪ ،‬تعتبر الحكومة مستقيمة‪ ،‬إذا‬
‫شغر منصب وزاري ألي سبب مف األسباب‪ ،‬يعيف وزير جديد في المنصب خبلؿ (في غضوف)‬
‫خمسة عشر يوما‪.‬‬

‫و‪ -‬مجمس الوزراء المؤقت خبلؿ (أثناء) االنتخابات‬

‫المادة (‪ .)114‬يستقيؿ وزراء العدؿ والداخمية واالتصاالت‪ ،‬قبؿ االنتخابات العامة‪ ،‬مف الجمعية‬

‫الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬وقبؿ ثبلثة أياـ مف بدء االنتخابات أو في حالة اتخاذ قرار باجراء‬
‫انتخابات جديدة قبؿ نياية فترة االنتخابات (قبؿ انتياء المدة االنتخابية)‪ ،‬وفي غضوف خمسة أياـ‬
‫مف صدور ىذا القرار‪ ،‬يعيِّف رئيس الوزراء أشخاصا مستقميف مف داخؿ أو خارج الجمعية الوطنية‬

‫‪144‬‬
‫التركية الكبرى‪ ،‬في ىذه الو ازرات‪ ،‬في حالة اتخاذ قرار باجراء انتخابات جديدة بموجب المادة‬
‫‪ ،116‬يستقيؿ مجمس الوزراء ويعيف رئيس الجميورية رئيسا لموزراء لكي يقوـ بتشكيؿ مجمس‬
‫وزراء مؤقت‪ .‬ويتألؼ (يتكوف) مجمس الوزراء المؤقت مف أعضاء جماعات (مجموعات) األحزاب‬
‫السياسية (المجموعات الحزبية) بما يتناسب مع عضويتيـ البرلمانية باستثناء وزراء العدؿ‬
‫والداخمية‪ ،‬واالتصاالت‪ ،‬والذيف يكونوف مف األشخاص المستقميف المعينيف مف داخؿ أو خارج‬
‫الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬ويحدد رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى عدد األعضاء‬
‫الذيف يؤخذوف مف المجموعات الحزبية‪ ،‬ويبمغ رئيس الوزراء بعددىـ‪ ،‬ويستعاض عف أعضاء‬
‫األحزاب الذيف ال يقبموف مناصب و ازرية تعرض عمييـ‪ ،‬أو الذيف يستقيموف في وقت الحؽ‪،‬‬
‫بأشخاص مستقميف مف داخؿ أو خارج الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪( ،‬يستعاض عنيـ أي يحؿ‬

‫محميـ)‪ ،‬يتـ تشكيؿ مجمس الوزراء المؤقت في غضوف خمسة أياـ مف تاريخ نشر قرار اجراء‬
‫انتخابات جديدة في الجريدة الرسمية‪ ،‬وال يكوف مجمس الوزراء المؤقت خاضعا لمتصويت عمى‬
‫الثقة‪ ،‬ويبقى أعضاء مجمس الوزراء المؤقت في مناصبيـ طيمة مدة االنتخابات‪ ،‬وحتى تنعقد‬
‫الجمعية الجديدة (دورتيا الجديدة) ‪.‬‬

‫ز‪ -‬الموائح‬

‫المادة (‪ .)115‬يجوز لمجمس الوزراء إصدار الموائح التي تنظـ وتحكـ طريقة تنفيذ القوانيف أو‬
‫تحدد وتعيِّف المسائؿ التي يأمر بيا القانوف‪ ،‬شريطة (بشرط) أف ال تتعارض ‪ -‬تمؾ الموائح ‪ -‬مع‬
‫القوانيف القائمة وشريطة أف يتـ فحصيا ودراستيا مف قبؿ مجمس الدولة‪ ،‬وتوقع البلئحة مف قبؿ‬
‫رئيس الجميورية (تحمؿ توقيعو) وتصدر بنفس الطريقة التي تصدر بيا القوانيف‪.‬‬

‫ب ‪ -‬مجمس األمف القومي‬

‫المادة (‪( .)118‬بصيغتيا المعدلة في ‪ 17‬أكتوبر ‪)2001‬‬

‫يتألؼ (يتكوف) مجمس األمف القومي مف رئيس الوزراء‪ ،‬ورئيس ىيئة األركاف العامة‪ ،‬ونواب‬
‫رئيس الوزراء ووزراء العدؿ والدفاع الوطني والداخمية (الشؤوف الداخمية)‪ ،‬والخارجية (الشؤوف‬
‫‪145‬‬
‫الخارجية)‪ ،‬وقادة الجيش والبحرية والقوات الجوية والقائد العاـ لمدرؾ (الشرطة)‪ ،‬برئاسة (تحت‬
‫رئاسة) رئيس الجميورية‪ ،‬اعتمادا عمى تفاصيؿ (تبعا لخصائص) جدوؿ األعماؿ تجوز دعوة‬
‫الوزراء وغيرىـ مف األشخاص المعنييف لحضور اجتماعات المجمس ‪ -‬مجمس األمف القومي ‪-‬‬
‫ويجوز االستماع إلى آرائيـ‪ ،‬ويقوـ مجمس األمف القومي بعرض وجيات نظره وآرائو عمى مجمس‬
‫الوزراء بشأف الق اررات االستشارية التي تتخذ ويكفؿ ويضمف الشروط الضرورية فيما يتعمؽ‬
‫(المتعمقة) بإنشاء وصياغة وتنفيذ وتشكيؿ سياسة األمف القومي لمدولة (الخاصة بالدولة)‪ ،‬ويقوـ‬
‫مجمس الوزراء باجراء تقييـ لق اررات مجمس األمف القومي بشأف (المتعمقة بػ) التدابير التي يراىا‬
‫ضرورية لمحفاظ عمى وجود واستقبلؿ الدولة وسبلمتيا ووحدتيا وعدـ قابميتيا لمتجزئة‪ ،‬والسمـ‬
‫واألمف في المجتمع‪ ،‬ويضع رئيس الجميورية جدوؿ أعماؿ مجمس األمف القومي مع األخذ في‬

‫االعتبار (آخذا في االعتبار) المقترحات المقدمة مف رئيس الوزراء ورئيس ىيئة األركاف العامة‪،‬‬
‫في حالة غياب رئيس الجميورية‪ ،‬يجتمع مجمس األمف القومي برئاسة (تحت رئاسة) رئيس‬
‫الوزراء‪ ،‬تنظـ طريقة تنظيـ وواجبات األمانة العامة لمجمس االمف القومي بموجب القانوف‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -‬اإلج ارءات التي تحكـ فرض حاالت الطوارئ ‪ ..‬أ‪ -‬حاالت الطوارئ‬

‫‪ -1‬إعبلف حالة الطوارئ بسبب كارثة طبيعية أو أزمة اقتصادية خطيرة‬

‫المادة ‪ .119‬في حالة حدوث الكوارث الطبيعية أو األمراض الوبائية الخطيرة أو أزمة اقتصادية‬
‫خطيرة‪ ،‬يجوز لمجمس الوزراء‪ ،‬مجتمعا برئاسة (تحت رئاسة) رئيس الجميورية‪ ،‬أف يعمف حالة‬
‫الطوارئ في منطقة واحدة أو أكثر أو في جميع أنحاء الببلد لمدة ال تتجاوز ستة أشير‪.‬‬

‫‪ -2‬إعبلف حالة الطوارئ بسبب أعماؿ عنؼ واسعة النطاؽ وحدوث تدىور خطير في النظاـ‬
‫العاـ‬

‫المادة (‪ .)120‬في حاؿ وجود مؤشرات ودالئؿ جدية عمى أعماؿ عنؼ واسعة النطاؽ تستيدؼ‬

‫وترمي إلى تدمير وتقويض النظاـ الديمقراطي الحر الذي أنشأه الدستور أو تقويض الحقوؽ‬
‫والحريات األساسية‪ ،‬أو في حالة تدىور خطير في النظاـ العاـ بسبب أعماؿ عنؼ‪ ،‬يجوز‬
‫‪146‬‬
‫لمجمس الوزراء‪ ،‬في إطار اجتماعو برئاسة (تحت رئاسة) رئيس الجميورية‪ ،‬بعد التشاور مع‬
‫مجمس األمف القومي‪ ،‬أف يعمف حالة الطوارئ في منطقة واحدة أو أكثر أو في جميع أنحاء الببلد‬
‫لمدة ال تتجاوز ستة أشير‪.‬‬

‫‪ -3‬القواعد المتعمقة بحالة الطوارئ‬

‫المادة (‪ .)121‬في حالة إعبلف حالة الطوارئ بموجب ووفقا ألحكاـ المادتيف ‪ 119‬و‪ 120‬مف‬
‫الدستور‪ ،‬يجب أف ينشر ىذا القرار في الجريدة الرسمية‪ ،‬ويعرض عمى الفور عمى الجمعية‬
‫الوطنية التركية الكبرى لمموافقة عميو (لكي توافؽ عميو)‪ ،‬إذا كانت الجمعية الوطنية التركية‬
‫الكبرى في عطمة‪ ،‬يجب دعوتيا لبلنعقاد عمى الفور‪ ،‬ويجوز لمجمعية تغيير مدة حالة الطوارئ‪،‬‬

‫ويجوز ليا تمديد فترة سريانيا‪ ،‬لمدة أقصاىا أربعة أشير فقط‪ ،‬في كؿ مرة بناء عمى طمب مف‬
‫مجمس الوزراء‪ ،‬أو يجوز ليا رفع حالة الطوارئ‪ ،‬وتنظـ االلتزامات المالية والمادية والخاصة‬
‫بالعمؿ (الوظيفية) والتي تفرض عمى المواطنيف في حالة إعبلف حالة الطوارئ بموجب المادة‬
‫‪ ، 119‬وكذلؾ وفقا لطبيعة كؿ نوع مف أنواع حالة الطوارئ‪ ،‬اإلجراء المتعؽ بكيفية تقييد أو قصر‬
‫أو تعميؽ الحقوؽ األساسية والحريات تمشيا مع المبادئ الواردة في المادة ‪ ،15‬وكيؼ وبأي وسيمة‬
‫تتخذ التدابير التي تقتضييا الحالة (كيفية اتخاذىا ووسائؿ اتخاذىا)‪ ،‬ونوع الصبلحيات الممنوحة‬
‫لموظفي الخدمة العامة (لمموظفيف العمومييف)‪ ،‬ونوع التغييرات التي يجب أف تحدث (تتـ‬
‫وتحصؿ) في مناصب ومراكز المسؤوليف‪ ،‬واإلجراءات التي تنظـ وتحكـ فرض حالة الطوارئ‪،‬‬
‫ينظـ كؿ ما ورد في ىذه الفقرة بموجب قانوف حالة الطوارئ‪ ،‬أثناء حالة الطوارئ‪ ،‬يجوز لمجمس‬
‫الوزراء مجتمعا برئاسة رئيس الجميورية‪ ،‬إصدار مراسيـ ليا قوة القانوف بشأف المسائؿ واألمور‬
‫التي تقتضييا حالة الطوارئ‪ ،‬وتنشر ىذه المراسيـ في الجريدة الرسمية‪ ،‬وتقدـ إلى (وتعرض عمى)‬
‫الجمعية الوطنية التركية الكبرى في نفس اليوـ لمموافقة عمييا (لكي توافؽ عمييا)‪ ،‬ويبيف في‬

‫النظاـ الداخمى (القواعد االجرائية أو البلئحة الداخمية) الحد الزمني (الميمة الزمنية) واإلجراءات‬
‫المتعمقة بالحصوؿ عمى موافقة الجمعية عمى تمؾ المراسيـ‪.‬‬

‫ب‪ -‬األحكاـ العرفية والتعبئة وحالة الحرب‬


‫‪147‬‬
‫المادة ‪ .122‬يجوز لمجمس الوزراء‪ ،‬برئاسة رئيس الجميورية‪ ،‬بعد التشاور مع مجمس األمف‬
‫القومي‪ ،‬أف يعمف األحكاـ العرفية في منطقة واحدة أو أكثر أو في جميع أنحاء الببلد لمدة ال‬
‫تتجاوز ستة أشير‪ ،‬في حالة حدوث (حصوؿ) أعماؿ عنؼ واسعة النطاؽ (عمى نطاؽ واسع)‬
‫تكوف أكثر خطورة مف الحاالت التي تستمزـ وتقتضي إعبلف حالة الطوارئ والتي تيدؼ وترمي‬
‫إلى تقويض وتدمير النظاـ الديمقراطي الحر أو الحقوؽ والحريات األساسية الواردة والمكرسة في‬
‫الدستور‪ ،‬أو في حالة الحرب‪ ،‬وظيور ونشوء وضع وحالة تستمزـ الحرب‪ ،‬أو حدوث انتفاضة‪ ،‬أو‬
‫انتشار ارتكاب أعماؿ تمرد عنيفة وقوية ضد الوطف والجميورية‪ ،‬أو حدوث أعماؿ عنؼ واسعة‬
‫النطاؽ (عمى نطاؽ واسع) ذات مصدر إما داخمي أو خارجي (نابعة مف أو يحركيا الداخؿ أو‬
‫الخارج) تيدد وحدة وسبلمة الببلد واألمة وعدـ قابميتيا لمتجزئة (لمتجزؤ)‪ ،‬وينشر ىذا القرار فو ار‬

‫في الجريدة الرسمية‪ ،‬ويعرض عمى الجمعية الوطنية التركية الكبرى لمموافقة عميو (لكي توافؽ‬
‫عميو)‪ ،‬في اليوـ نفسو‪ .‬إذا كانت الجمعية الوطنية التركية الكبرى في عطمة‪ ،‬يجب دعوتيا‬
‫لبلنعقاد عمى الفور‪ ،‬ويجوز لمجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬عندما ترى ذلؾ ضرورياً (عندما‬
‫ترى ضرورة لذلؾ)‪ ،‬أف تقوـ بتقميؿ وتخفيض والحد مف أو تمديد فترة األحكاـ العرفية أو رفعيا‪،‬‬
‫خبلؿ فترة األحكاـ العرفية (فترة سريانيا)‪ ،‬يجوز لمجمس الوزراء مجتمعا برئاسة رئيس الجميورية‬
‫إصدار مراسيـ ليا قوة القانوف بشأف (فيما يتعمؽ بػ) المسائؿ التي تقتضييا حالة األحكاـ العرفية‪،‬‬
‫وتنشر ىذه المراسيـ في الجريدة الرسمية‪ ،‬وتعرض وتقدـ لمحصوؿ عمى موافقة الجمعية الوطنية‬
‫التركية الكبرى في نفس اليوـ‪ ،‬ويبيف النظاـ الداخمي (القواعد االجرائية أو البلئحة الداخمية)‬
‫الميمة الزمنية واإلجراءات المتعمقة بالحصوؿ عمى موافقة الجمعية‪ ،‬يتطمب تمديد فترة األحكاـ‬
‫العرفية لمدة أقصاىا أربعة أشير في كؿ مرة‪ ،‬ق ار ار مف الجمعية الوطنية التركية الكبرى‪ ،‬وفي‬
‫حالة حدوث الحرب‪ ،‬تكوف فترة التمديد مفتوحة وغير مقيدة بأربعة أشير‪ ،‬في حالة األحكاـ‬
‫العرفية والتعبئة وحالة الحرب‪ ،‬ينظـ القانوف األحكاـ الواجبة التطبيؽ وطريقة تصريؼ شؤوف‬

‫الدولة‪ ،‬والعبلقات مع اإلدارة‪ ،‬والطريقة التي يتـ ويجب بيا تقييد الحريات أو تعميقيا ووقؼ‬
‫تنفيذىا‪ ،‬وااللتزامات التي يجب فرضيا عمى المواطنيف في حالة الحرب أو في حالة ظيور ونشوء‬

‫‪148‬‬
‫حالة ووضع يستمزـ ويقتضي الحرب‪ ،‬ويقوـ قادة األحكاـ العرفية بممارسة مياميـ وواجباتيـ تحت‬
‫سمطة رئيس ىيئة األركاف العامة‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫ممحق رقم(‪ :)2‬التطورات اإلقتصادية في تركيا‬

‫إف أردنا أف نصؼ اإلقتصاد التركي في السنوات العشر األخيرة‪ ،‬منذ وصوؿ حزب العدالة‬
‫والتنمية لمسمطة في العاـ ‪ 2002‬وحتى عاـ ‪ ،2013‬فإف الشكؿ التالي يصؼ ظاىر الحاؿ‬
‫لئلقتصاد التركي خير وصؼ‪:‬‬

‫‪150‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى تقميص نسبة التضخـ إلى ‪ %9.1‬في عاـ ‪ 2010‬مف نسبة ‪ %71‬في‬
‫عاـ ‪ ،2001‬ونقصت نسبة الديوف المترتبة عمييا مف دوؿ االتحاد االوروبي مف ‪ %77‬عاـ‬
‫‪ 2001‬مف إجمالي اإلنتاج المحمي إلى ‪ %45‬عاـ ‪ ،2009‬وزاد الناتج المحمي اإلجمالي مف‬
‫‪ 181‬مميار دوالر عاـ ‪ 2001‬إلى ‪ 617‬مميار دوالر في عاـ ‪ ،2009‬واحتمت بذلؾ المركز‬
‫الثامف عشر في العالـ مف حيث الناتج المحمي اإلجمالي‪ ،‬كما ارتفع دخؿ الفرد بشكؿ عاـ مف‬
‫‪ 2589‬دوال ار في السنة إلى ‪ 8590‬دوال ار في السنة‪ ،‬وتقمصت الفجوة بيف أعمى دخؿ في‬
‫المجتمع التركي وأدنى دخؿ إلى نسبة ‪ ، %7.1‬وذلؾ كما يبيف الجدوؿ التالي‪:‬‬

‫وبرىنت األرقاـ بحسب الميندس التركي عمى تحقيؽ نجاح مذىؿ في التجارة الخارجية‪ ،‬فقد‬

‫ارتفعت نسبة صادراتيا مف ‪ 30‬مميار دوالر عاـ ‪ ،2002‬إلى ‪ 111‬مميار دوالر عاـ ‪،2010‬‬
‫رغـ تراجعيا عف عاـ ‪ 2008‬والتي كانت قد بمغت ‪ 130‬مميار دوالر‪ ،‬ويعود أسباب التراجع‬
‫‪151‬‬
‫األخير إلى األزمة العالمية التي أثرت عمى كؿ اقتصاديات العالـ‪ ،‬وكانت ديوف تركيا عاـ‬
‫‪ 2002‬لصندوؽ النقد الدولي ‪ 2335‬مميار دوالر‪ ،‬سددت المستحقات فننزؿ الديف إلى ‪ 233‬مميار‬
‫دوالر والتي إنتيت في ىذا العاـ بشكؿ كامؿ‪ ،‬وذلؾ كما يبيف الجدوؿ التالي‪:‬‬

‫‪152‬‬
‫‪ -‬وصؿ أردوغاف إلى السمطة في تركيا وترتيب ببلده ال يتعدى الػ‪ 27‬مف ناحية أكبر‬
‫االقتصادات العالمية‪ ،‬ليصبح ترتيب االقتصاد التركي اليوـ يراوح بيف المرتبتيف ‪ 17‬و‪ 16‬عالمياً‪،‬‬
‫والسادس أوروبياً‪ ،‬مع تسجيمو أعمى نسبة نمو غير موجودة في أي إقتصاد أوروبي (‪ 7‬في‬
‫المئة)‪ ،‬كما يبيف الشكؿ التالي‪:‬‬

‫‪ -‬جرت إنتخابات ‪ 2002‬حيف كاف الدوالر الواحد يساوي مميوناً ونصؼ مميوف ليرة تركية‪،‬‬
‫ليصبح الدوالر اليوـ يساوي ‪ 1.6‬ليرات تركية (بعد اختزاؿ األصفار وتثبيت سعر الميرة)‪.‬‬

‫‪ -‬تسمـ «العدالة والتنمية» قيادة الببلد ونسبة النمو تساوي ‪ 9.4‬في المئة تحت الصفر (‪،)9.4-‬‬
‫لتسجؿ حكوماتو أرقاماً أسطورية جعمت مف حزبيـ يحقّؽ اقتصادياً في غضوف ‪ 9‬سنوات مف‬
‫ّ‬
‫الحكـ‪ ،‬أكثر مما تحقؽ في السنوات الػ‪ 79‬األولى مف تأسيس الجميورية التركية‪ ،‬إذ تن ّقمت نسبة‬
‫النمو مف ‪ %5.9‬عاـ ‪ 2003‬إلى ‪ % 9.99‬في ‪ 2004‬قبؿ أف ينخفض النمو بنحو صاعؽ إلى‬
‫‪ % 1.1‬خبلؿ عاـ األزمة المالية العالمية ‪ ،2008‬لكف الشفاء حصؿ بسرعة ىائمة أيضاً‪ ،‬بحيث‬
‫بمغ النمو ‪ % 8.9‬عاـ ‪ 2010‬ليستقر عمى ‪ % 7‬حالياً‪ ،‬وىي نسبة غير موجودة في أي مف‬

‫الدوؿ الػ‪ 27‬لئلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫‪ -‬حجـ اإلقتصاد التركي كاف ال يتجاوز في مجموعو ‪ 250‬مميار دوالر أميركي في ‪،2002‬‬
‫بينما اليوـ تجاوز الناتج المحمي اإلجمالي السنوي لتركيا ‪ 800‬مميار دوالر‪.‬‬

‫‪ -‬دخؿ الفردي السنوي الذي يناىز اليوـ ‪ 11‬ألؼ دوالر لمفرد الواحد‪ ،‬بينما لـ يكف َّ‬
‫يتعدى‬
‫‪ 3300‬دوالر عند وصوؿ الحزب الحاكـ إلى السمطة ‪.‬‬

‫ويعتبر اإلقتصاد التركي واحد مف اإلقتصاديات المتقدمة في العالـ ويعرؼ مف قبؿ صندوؽ النقد‬
‫الدولي بانة مف ضمف االسواؽ الناشئة عالمياً ويجمع االقتصاد التركي مابيف االنتاج الصناعي‬

‫واالنتاج الزراعي وصناعة المنسوجات وصناعات السيارات والسفف والصناعات العسكرية‬


‫ومعدات النقؿ ومواد البناء وحديثا دخؿ بقوة في الصناعات االلكترونية واالستيبلكية واالجيزة‬
‫المنزلية ويتميز إقتصاد تركيا بنيوض قوة القطاع الخاص التركي بسرعة ويمعب دو اًر رئيسياً في‬

‫نيضة تركيا وكذلؾ بالتوازي تساىـ الصناعة المصرفية وقوة القطاع المصرفي في نيضة‬
‫االقتصاد التركي وتمويمة باإلضافة الي البنية التحتية القوية مف وسائؿ النقؿ واالتصاالت‪ ،‬ليكوف‬
‫عمى رأس سمـ اإلقتصاديات األقوى عمى المستوى األوروبي‪ ،‬كما يبيف الشكؿ التالي‪:‬‬

‫‪154‬‬
‫وحققت السياسات االقتصادية السميمة واإلصبلحات االقتصادية القوية نتائجيا المرجوة؛ حيث‬
‫ومطردا خبلؿ األعواـ الثمانية الماضية‪ .‬وبفضؿ المضي في تنفيذ‬
‫ً‬ ‫قويا‬
‫نموا ً‬
‫شيد االقتصاد ً‬
‫بخطى ثابتة وانتياج سياسات االقتصاد الكمي بنجاح‪ ،‬أصبح اإلقتصاد‬
‫ً‬ ‫اإلصبلحات الييكمية‬
‫التركي مف أسرع األنظمة االقتصادية نمواً في المنطقة ‪.‬‬

‫إرتفع إجمالي الناتج المحمي بنسبة ‪ %٤٣٢‬ليصؿ إلى ‪ ٧٧٤‬مميار دوالر أمريكي بيف عامي‬
‫‪ ٤٠٠٤‬و‪ ،٤٠٢٢‬كماحقؽ المتوسط السنوي لمعدؿ نمو إجمالي الناتج المحمي الحقيقي نسبة‬
‫‪ %٢3٤‬وانخفضت حصة الديف العاـ مف ‪ %٧٢‬مف إجمالي الناتج المحمي إلى ‪ %٢3٣٤‬مف‬
‫إجمالي الناتج المحمي‪ ،‬وانخفض عجز الموازنة مف ‪ % ٢٠‬مف إجمالي الناتج المحمي إلى أقؿ‬
‫مف ‪ %٣‬مف إجمالي الناتج المحمي‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫ويبيف الجدوؿ التالي حجـ اإلستثمارات المباشرة ومعدؿ النمو في تركيا‪:‬‬

‫‪156‬‬
An-Najah Nationl University

Faculty of Graduate Studies

The Constitutional Developments Of Democratic


Notions and its Defense Elements in the Turkish Po-
litical Regime 2002-2011

By

Abdallateef Khader Abdallateef Sedda

Supervised by

Prof. Ahmad mobarak

Dr. Raed Naerat

This Thesis is Submitted in partial Fulfillment of the Requirements


for the degree of Master of Public law, at Faculty of Graduate Stud-
ies, An-Najah Nationl University, Nablus, Palestine
2013
The Constitutional Developments Of Democratic Notions and its
Defense Elements in the Turkish Political Regime 2002-2011
By
Abdallateef Khader Abdallateef Sedda
Supervised by
Prof. Ahmad mobarak
Dr. Raed Naerat

Abstract
This study came to address the constitutional and democratic develop-
ments in the Turkish political system after the emergence of the Turkish
Republic in 1923, and how it was successive Turkish constitutions, espe-

cially the 1961 Constitution and the 1982 Constitution legally constitute
an anchor to limit democracy and restrictions on public freedoms , The
pursuit continued to ban political parties that are contrary to the principles
of secularism through the Constitutional Court at times, and through the
army and military coups, and the big powers granted to the national secu-
rity council at other times, but the big development has occurred on the
Turkish political system since 2002,the same year came as the Justice and
development Party to power, where the party managed to bring about the
development of democratic and constitutional large; seemed evident from

the constitutional and legal amendments that had a significant impact on


public freedoms and political life which rebounded during this short peri-
od.

In my adopted this descriptive historical analytical approach, addressing


previous constitutions Turkish and characteristics, the most prominent
material that came to ensure the control of the military on various aspects

B
of Turkish political life, and emerged through the study of the role of the
ruling Justice and Development Party in the promotion of the concept of
democracy, and increase the margin of freedom through successive con-
stitutional amendments, and through put new and modern Turkish Consti-
tution keep pace with the times, combining tradition and modern civiliza-
tion, conservative and Turkish culture.
And led reform steps undertaken by the Justice and Development Party to
decline the role that was played by the Constitutional Court and the mili-
tary suppression of freedoms and the absence of values of progress, pros-
perity and democracy after the control spirit of military coups on Turkish
society, to witness Turkey during the period of the Justice and Develop-
ment prospered economically, culturally and educationally as long as the
Turks were looking .

You might also like