You are on page 1of 13

‫تطور المصارف في ليبيا‬

‫إن نشأة المصارف التجارية في ليبيا كانت من خالل تطور نشاط الصيارفة‬
‫الذين كانوا يقبلون الودائع مقابل إيصاالت أو شهادات إيداع بمبلغ الوديعة‬
‫ويحصلون مقابل ذلك علي عمولة وقد لحظوا بمزاولتهم لهذا النشاط إن‬
‫جزء منها ال يستجيب فقاموا بإقراض هذه الودائع وهكذا ورثت المصارف‬
‫التجارية هذه الوظائف عن الصيارفة فظهر أول بنك في ايطاليا البندقية‬
‫في عام ‪ 1157‬واسبانيا برشلونة في عام ‪ 1401‬ثم بنك أمستردام وجنوا‬

‫منذ بداية القرن الثامن عشر اخذ عدد المصارف التجارية يزداد تدريجيا‬
‫ومع انتشا الثورة الصناعية في أوروبا ظهرت الشركات ذات الحجم الكبير‬
‫و برزت الحاجة غلي مصارف كبيره الحجم لتمويلها وقد كان ظهور‬
‫النقود اثر كبير علي زيادة اإلنتاج وتطويره مما أدي غلي ازدهار التجارة‬
‫الخارجية بمساعدة راس المال التجاري وزادت الحاجة إلي القروض‬
‫ولذلك تغير وجه الراسماليه الربويه القديمة ولم تعد مهمتها إقراض‬
‫المحتاجين لالستهالك بل تنوعت عملياتها ومهدت للراسماليه المصرفية‬
‫التي تمتلك المصارف في تجارة النقود‬

‫‪1‬‬
‫لقد شهدت المصارف التجارية في ليبيا تطورات ومراحل عدة ‪ ،‬ابتداء من كونها كانت‬
‫عبارة عن فروع لمصارف أجنبية تمارس أعمالها لحساب إدارتها المركزية الموجودة في‬
‫بلدانها وترسم سياستها االئتمانية عن طريقها ‪.‬‬

‫وسوف نستعرض الفترات الزمنية التي مرت بها المصارف التجارية في ليبيا ابتداء من‬
‫العهد العثماني‪.-:‬‬

‫‪.‬‬ ‫أوالً فترة من العهد العثماني حتى عام ‪1940‬ف‬

‫خالل هذه الفترة لم يكن هناك نظام مصرفي فعال له تأثير على النشاط االقتصادي ‪ ،‬حيث‬
‫مرت الدولة بظروف صعبة أبان الحكم العثماني مرورا ً بسنوات من االحتالل االيطالي وقد‬
‫اتسمت السنوات األخيرة بهذه الفترة بتحسين في النشاط الزراعي ‪ ،‬وذلك عندما قام الحكم‬
‫العثماني بفتح مصرف زراعي في بنغازي سنة ‪1868‬ف ‪ ،‬وكذلك إنشاء مصرف زراعي‬
‫أخر في والية طرابلس وثم فتح عدة فروع له في جميع أنحاء الوالية ‪.‬‬

‫كما قام مصرف ( البنك العثماني ) بفتح فرعين له في ليبيا كان األولى في طرابلس عام‬
‫‪1906‬ف والفرع الثاني في بنغازي وزاول أعماله سنة ‪1911‬ف‪.‬‬

‫وكذلك فقد قامت المصارف االيطالية هي األخرى بالدخول إلى البالد قبل الغزو االيطالي نظرا ً‬
‫لما تنعم بهي ليبيا من أراضى خصبة صالحة للزراعة وتوفر فرص العمل لعاطلين عن العمل‬
‫في ايطاليا فقد كان مصرف ( بنك روما ) أول المصارف االيطالية الذي فتح فرع له فى‬
‫الخامس عشر من ابريل سنة ‪1907‬ف ‪ ،‬وكما افتتح فرع له ببنغازي في الخامس عشر من‬
‫سبتمبر من نفس السنة ‪ ،‬وكما قام بفتح فرع أخر بدرنة في األول من شهر يوليو سنة‬
‫‪1912‬ف‪ ،‬واستمرت فروع هذا المصرف تمارس أعمالها في البالد عن طريق مركزها‬
‫الرئيسي في ايطاليا وكما تم افتتاح مصرف ( بنك نابولي ) فرعا ً له في طرابلس سنة‬
‫‪1913‬ف ‪ ،‬وكذلك مصرف ( بنك سيشليا ) فتح فرعا ً له في طرابلس ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وكما قامت الحكومة االيطالية بفتح مصرف ( البنك الشعبي الطرابلسى ) هذا المصرف‬
‫يختص بتقديم قروض لألصحاب الحرف والصناعات اليدوية وكذلك قامت بإنشاء صندوق‬
‫التوفير الليبي لتقديم قروض طويلة األجل ومقتصرة على االيطاليين دون اى استثناء ‪،‬‬
‫واستمرت المصارف االيطالية في مزاولة أعمالها وتقديم الخدمات المصرفية للمواطنين‬
‫األجانب في جميع القطاعات سواء كانت زراعة أو تجارة أو صناعة أو خدمات(‪. )1‬‬

‫ثانياً‪ -:‬الفترة من ( ‪)1940-1951‬‬

‫وخالل هذه الفترة وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تم تشكيل ثالثة أدارت عسكرية وكل‬
‫إدارة تسيطر وتحكم والية ‪ ،‬حيث كانت والية طرابلس تخضع لسيطرة اإلدارة العسكرية‬
‫البريطانية ووالية برقة تخضع هي األخرى لسيطرة اإلدارة العسكرية البريطانية ووالية فزان‬
‫كانت تخضع لسيطرة اإلدارة العسكرية الفرنسية ‪ ،‬ولكل إدارة لها سياسة وإدارة وأغراض‬
‫وتوجهات منفصلة عن اإلدارة األخرى ‪ ،‬وكانت كل والية لها عملة خاصة بها للتداول‬
‫المحلى وبهذه الطريقة تم استبدال العملة االيطالية التي كانت هي العملة السائدة في البالد‬
‫قبل الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬وبعد انتهاء الحكم االيطالي في سنة ‪1943‬ف ‪ ،‬تم تعطيل‬
‫أعمال المصارف االيطالية التي كانت تعمل في ليبيا ‪ ،‬وثم قام مصرف باركليز االنجليزي‬
‫بفتح فروع له في ليبيا ففي ‪ 15‬ابريل سنة ‪ 1943‬ف ‪ ،‬فتح فرع له في طرابلس ‪ ،‬وكما فتح‬
‫فرع ثاني في بنغازي في ‪ 15‬يوليو من نفس السنة ‪ ،‬وقام باألعمال المصرفية المختلفة من‬
‫بينها مسك حسابات الحكومة والهيئات الحكومية وكان يتمتع باحتكار مصرفي لمدة طويلة‬
‫إلى أن تم إنشاء المصرفي الوطني الليبي سنة ‪1955‬ف ‪ ،‬الذي تولى حسابات الحكومة‬
‫والواليات ‪.‬‬

‫في الخامس عشر من نوفمبر سنة ‪1950‬ف ‪ ،‬صدر اإلعالن رقم ( ‪ )211‬بعنوان أعمال‬
‫المصارف ( البنوكة ) والذي حاول تنظيم العمليات المصرفية ‪ ،‬حيث اشترط لمزاولة هذه‬
‫العمليات ضرورة الحصول على رخصة يصدرها رئيس اإلدارة ‪ ،‬وكذلك نص اإلعالن على‬
‫‪1‬‬
‫تعيين مراقب ألعمال المصارف وتكون له صالحيات التفتيش والمراقبة عليها ‪ ،‬وحظر‬
‫اإلعالن كذلك على المصارف إصدار األوراق النقدية ( البنك نوت ) ‪.‬‬

‫وفى الثاني من فبراير سنة ‪ 1951‬ف تم تعديل اإلعالن برقم ( ‪ )216‬وهو بمثابة تشريع‬
‫تكميلي اى ال ينطوي على تعديل أو إلغاء لمضمون اى من التشريعات السابقة له ‪.‬‬

‫وفى أواخر سنة ‪1951‬ف ‪ ،‬أصبح من الجائز للمصارف أن تزاول نشاطها في ليبيا بما ال‬
‫يتنافى مع اإلعالن السابق ذكره ‪ ،‬وقد حصل كل من ( مصرف نابولي ) مصرف سيشليا ) و‬
‫(مصرف روما ) على تراخيص جديدة لمزاولة عملياتها المصرفية ‪ ،‬وقد باشرت هذه‬
‫المصارف أعمالها في ليبيا باالعتماد على أدارتها في الخارج لتمويل جميع أعمالها‬
‫ونشاطاتها المصرفية(‪.)2‬‬

‫ثالثاً‪ -:‬الفترة من ( ‪)1951-1956‬‬

‫شهدت هذه الفترة حتى أواخر عام ‪ 1951‬وجود مصرفان أجنبيان يقومان بإصدار العملة‬
‫نظرا ً لعدم وجود مصرف مركزي يتولى هذه المهمة ‪.‬‬

‫وكما بدأت خالل هذه الفترة مصارف أجنبية أخرى بممارسة أعمالها المصرفية في ليبيا‬
‫حسب اإلعالن رقم (‪ )211‬السابق ذكره ‪ ،‬وبذلك أصبح عدد المصارف األجنبية العاملة في‬
‫ليبيا حتى عام ‪1956‬ف ‪ ،‬ثمانية مصارف(‪.)1‬‬

‫وكما استمر مصرف باركليز خالل هذه الفترة بمزاولة نشاطه في كل من واليتي طرابلس‬
‫وبرقة ‪ ،‬ويقوم بتمويل العمليات التجارية وتقديم القروض والتسهيالت االئتمانية لتمويل‬
‫بعض المشروعات الزراعية وعمليات البناء وكانت له ثمانية فروع منتشرة فى جميع أنحاء‬
‫ليبيا وخاصة التي تتمركز فيها القوات البريطانية وفى عام ‪1955‬ف ‪ ،‬باشر المصرف‬
‫العقاري التونسي الجزائري أعماله في طرابلس والذي صار يعرف فيما بعد باسم الشركة‬

‫‪1‬‬
‫المصرفية األفريقية ‪ ،‬ونظرا ً لحاجة البالد إلى رؤوس أموال كبيرة ومصادر تمويل مختلفة‬
‫للنهوض بالنشاط االقتصادي في مختلفة القطاعات فقد لجأت الحكومة إلى إنشاء المؤسسة‬
‫المالية الليبية في عام ‪1954‬ف ‪ ،‬وهى تختص بتقديم قروض صناعية وزراعية لخدمة‬
‫النشاط االقتصادي ‪ ،‬ولكن نظرا ً لتأكل رأس مالها نتيجة تقديمها عدد كبير من القروض مما‬
‫أدى األمر إلى تصفيتها في عام ‪1958‬ف ‪ ،‬وبذلك أصبحت المصارف األجنبية هى الجهة‬
‫الوحيدة التي تقوم بجميع العمليات المصرفية ‪ ،‬في أنحاء مختلفة من ليبيا وباألخص واليتي‬
‫طرابلس وبرقة ‪.‬‬

‫كما شهدت هذه الفترة استقرار األوضاع السياسية واالقتصادية في ليبيا ‪ ،‬وتزامن معها‬
‫دخول مصارف عربية حيث بدأ بنك مصر بمزاولة أعماله في والية برقة سنة ‪1953‬ف ‪،‬‬
‫وفى والية طرابلس سنة ‪1954‬ف ‪ ،‬وكما باشر البنك العربي أعماله في بنغازي سنة‬
‫‪1952‬ف ‪ ،‬وفى طرابلس سنة ‪1958‬ف ‪ ،‬وتعتبر المصارف العربية حديثة العهد في ليبيا‬
‫مقارنة بالمصارف األجنبية األخرى ‪ ،‬وذلك الن هذه المصارف األجنبية تملك السيطرة على‬
‫حركة التبادل التجاري الليبي مع الخارج ‪ ،‬وان ما يقارب من ‪ %90‬من تجارة ليبيا‬
‫الخارجية تتجه نحو البالد األجنبية غير العربية ‪.‬‬

‫وقد تميز النظام المصرفي خالل هذه الفترة بعدة نقاط من أهمها ‪-:‬‬

‫‪ .1‬عدم وجود تشريع مصرفي ليبي ينظم ويراقب النشاط المصرفي ويوجهه لخدمة االقتصاد‬
‫الليبي ويساهم في إنعاشه ‪.‬‬

‫‪ .2‬ال توجد أية مؤسسة مصرفية ليبية عامة أو خاصة خالل تلك الفترة ‪.‬‬

‫‪3‬المصارف العثمانية العاملة في ليبيا هي عبارة عن فروعا ً لمصارف أجنبية وتدار جميعها‬
‫عن طريق مراكزها الرئيسية في الخارج ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ .4‬جميع المصارف األجنبية الموجودة في ليبيا رؤوس أموالها وإدارتها أجنبية ‪.‬‬

‫‪.5‬المصارف األجنبية الموجودة في ليبيا هي عبارة عن مصارف تجارية تسعى لتحقيق‬


‫الربح قبل كل شئ ‪.‬‬

‫‪ .6‬تعمل هذه المصارف في المدن الرئيسية فقط مثل بنغازي وطرابلس ‪.‬‬

‫‪ .7‬تقدم هذه المصارف قروضا ً قصيرة األجل لخدمة العمليات التجارية وتمويل النشاط‬
‫الزراعي وعمليات البناء والمضاربة على العقارات (‪. )1‬‬

‫رابعاً‪ -:‬الفترة من ( ‪)1956-1963‬‬

‫نالحظ خالل هذه الفترة تطور ملحوظ في النظام المصرفي في ليبيا حيث تزامن معها‬
‫تأسيس البنك الوطني الليبي بموجب القانون رقم ‪ 30‬لسنة ‪1955‬ف ‪ ،‬الذي يعتبر كمصرف‬
‫مركزي للدولة ‪ ،‬حيث تولى مهام لجنة النقد الليبية وبدأ بإصدار العملة وتقدم الخدمات‬
‫المصرفية إلى الحكومة ويقوم كذلك بأعمال المصارف التجارية ولكن في حدود ضيقة وليس‬
‫له أية صالحيات بالمراقبة على فروع المصارف األجنبية أو إجبارها باالحتفاظ باحتياطي‬
‫معين من رأسمالها لصالح المصرف المركزي ‪.‬‬

‫وبصدور قانون المصارف في ‪ 29‬أكتوبر لسنة ‪1958‬ف ‪ ،‬والذي أعطى صالحيات‬


‫للمصرف المركزي بالرقابة واإلشراف على المصارف التجارية ‪ ،‬وكما حدد السلطة‬
‫المختصة التي تصدر تراخيص للمصارف بمزاولة نشاطها في ليبيا ‪ ،‬واشترط القانون إال يقل‬
‫رأس مال اى مصرف عن خمسين ألف جنيه ليبي إذا كان مركزه الرئيسي في ليبيا ‪ ،‬وكذلك‬
‫ال يقل رأس مال اى مصرف اجتبى مركزه الرئيسي بالخارج وله فروع في ليبيا عن‬
‫خمسمائة ألف جنيه دون إلزام فروع تلك المصارف األجنبية بإحضار أي جزء من رأس‬
‫مالها إلى ليبيا ‪ ،‬وكما اشترط قانون المصارف على كل مصرف بأن يحتفظ وبصفة دائمة‬

‫‪1‬‬
‫باحتياطي من نقود حاضرة وصكوك نقدية مستخدمة الدفع خالل اجل مقيد ال يتجاوز عشرة‬
‫أيام وكذلك منح القانون أيضا ً وزير المالية سلطات معينة بتحديد مقدار االحتياطي النقدي‬
‫والذي يحتم على كل مصرف تجارى االحتفاظ به ‪.‬‬

‫ورغم كل هذه الصالحيات التي منحها قانون المصارف للمصرف الوطني المركزي إال انه‬
‫ظل عاجزا ً أمام فروع المصارف األجنبية وذلك من حيث التأثير على سياستها االئتمانية في‬
‫ليبيا نظرا ً لسهولة حصولها على مواردها المالية من مراكزها الرئيسية بالخارج ‪ ،‬ولكن من‬
‫غير المقبول ترك القطاع المصرفي كقطاع له دورا ً مهما وفعال في النشاط االقتصادي في‬
‫ليبيا ولما زادت المطالبات بضرورة تعديل التشريعات المنظمة للسياسة المصرفية في ليبيا ‪،‬‬
‫وبذلك يجب إعادة النظر في قانون المصارف لسنة ‪ 1958‬من حيث سياسته المصرفية و‬
‫وسائله الفنية و االجراءية بصورة شاملة والعمل على جعله يخدم توجيهات االقتصاد‬
‫الوطني ويواكب التطورات االقتصادية الحاصلة في العالم (‪. )1‬‬

‫خامساً‪ -:‬الفترة من (‪)1968-1963‬‬

‫تميزت هذه الفترة بصدور قانون المصارف رقم ‪ 4‬لسنة ‪ 1963‬ف ‪ ،‬والذي اكتسب به‬
‫المصرف الوطني المركزي صالحيات وسلطات ومسئوليات تعطيه الحق بالمراقبة والتفتيش‬
‫على األجهزة المصرفية العاملة في ليبيا ‪ ،‬وكذلك استبدال القانون أسم البنك الوطني إلى‬
‫مصرف ليبيا ‪ ،‬كما تحولت جميع فروع المصارف األجنبية إلى مؤسسات تعمل تحت سلطة‬
‫المشرع الليبي وتتفق معه في سياساتها وتوجهاتها ‪ ،‬وكما من حق السلطات المصرفية‬
‫الليبية العمل على مراقبة عمليات فروع المصارف األجنبية ‪ ،‬وكذلك ألزم القانون الجديد هذه‬
‫المصارف باالحتفاظ وبصفة دائمة بأموال تعادل قيمتها على األقل مجموع ما على هذه‬
‫المصارف من التزامات بليبيا ‪ ،‬وكما ألزم القانون الجديد هذه المصارف بأن تعود له عند‬
‫تحديد سعر فائدة التسهيالت االئتمانية وكذلك عند توزيع االئتمان على القطاعات االقتصادية‬
‫المختلفة(‪. )2‬‬
‫‪1‬‬
‫وكما نص القانون على أن يكون للمصارف التجارية العاملة في ليبيا رأس مال احتياطي‬
‫خاص بها وكما قام مصرف ليبيا في أواخر سنة ‪ 1965‬بفصل قسم العمليات المصرفية‬
‫التجارية عن العمليات المصرفية المركزية ‪ ،‬وبهذا الصالحيات التي أعطها القانون الجديد‬
‫لمصرف ليبيا أصبح بإمكانه رسم سياسات مصرفية تخدم االقتصاد الوطني ‪ ،‬وكذلك ما‬
‫أتباعه مصرف ليبيا من وسائل وإجراءات عملية نحو المصارف التجارية من خالل تشجيع‬
‫المصارف األجنبية إلى التحول إلى شركات ليبيا بمساهمة رأس مال اجتبى أو بدونه ‪.‬‬

‫تطور مصرف ليبيا المركزي‬


‫في كثيرا من الدول نجد إن البنك المركزي نشا نتيجة تطور احدي البنوك التجارية‬
‫التي كانت تقوم بأعمال البنوك التجارية العادية ثم أضيفت لها وظائف أخري أهمها‬
‫احتكار إصدار األوراق النقدية وتطورت وظائفها حتى توفرت لها خصائص البنوك‬
‫المركزية فان نشأت البنوك المركزية جاءت متاخره كثيرا عن البنوك التجارية‬

‫َّ‬
‫إن مصرف ليبيا المركزي مؤسسة مالية ُمستقلة ومملوكة بالكامل للدولة الليبية ‪،‬‬
‫ويُمثَّل السلطة النقدية بها وقد حدد قانون إنشاء المصرف المركزي والقوانين الالحقة‬
‫له والتي كان آخرها قانون المصارف رقم (‪ )1‬لسنة ‪ 2005‬م أهداف المصرف‬
‫المركزي وهي المحافظة على االستقرار النقدي والعمل على تحقيق النمو في‬
‫االقتصاد الوطني في إطار السياسة العامة للدولة‪.‬‬

‫ويتولى مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي تصريف أمور المصرف ووضع اللوائح‬
‫الداخلية المتعلقة بعملياته وبالشئون اإلدارية والمالية ‪ ،‬ويتكون مجلس اإلدارة من‬

‫‪1‬‬
‫المحافظ رئيســــا ً ونائب المحافظ نائبا ً للرئيس ‪ ،‬وعدد خمسة أعضاء آخرين ‪،‬‬
‫ويُعتبر المحافظ هو الرئيس التنفيذي للمصرف وهو الذي يتولى إدارته وتصريف‬
‫شؤونه العادية بإشراف مجلس اإلدارة‬

‫وتعد مدينة طرابلس مقر اإلدارة العامة لمصرف ليبيا المركزي ‪ ،‬ويقوم المصرف‬
‫بتقديم خدماته للمصارف التجارية وفروعها في جميع أنحاء الدولة من خالل فروعه‬
‫في كل من بنغازي سرت ‪ ،‬وسبهـــــا ‪ ،‬وأقسام اإلصدار في مدينة غريا ن‪ ،‬والبيضاء‬
‫‪.‬‬

‫وقد بدأ مصرف ليبيا المركزي نشاطه في األول من شهر ابريل عام ‪1955‬م تحت‬
‫اسم البنك الوطني الليبي بموجب القانون رقم ‪ 30‬لسنة ‪ ، 1955‬وحل بذلك محل لجنة‬
‫ْ‬
‫نشئت في عام ‪1951‬م ‪ ،‬ثم تغير اسمه إلي بنك ليبيا بموجب قانون‬‫النقد الليبية التي أ ُ‬
‫البنوك لسنة ‪1963‬ثم تغير اسمه بعد ثورة الفاتح إلي اسمه الحالي مصرف ليبيا‬
‫ْ‬
‫كانت من بين ووظائفه المحافظة على تغطية العملة ال ُمصدرة بأصول‬ ‫المركزي وقد‬
‫إسترلينية ‪ ،‬ولم يكن له في بداية نشاطه أي دور في مراقبة عرض النقود أو االئتمان‬
‫ْ‬
‫اتسعت صالحيات‬ ‫المصرفي أو في الرقابة على المصارف ‪ ،‬وبمرور الوقت‬
‫مصرف ليبيا المركزي لتشمل المهام التالية‪:‬‬

‫تنظيم وإصدار العملة الورقية والمعدنية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫المحافظة على استقرار النقد الليبي في الداخل والخارج‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إدارة احتياطيات الدولة من الذهب والعمالت األجنبية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫تنظيم االئتمان المصرفي من حيث الحجم والنوع والسعر بما يكفل مواجهة الحاجات‬ ‫‪‬‬

‫الحقيقة للنمو االقتصادي واالستقرار النقدي‪.‬‬


‫ْ‬
‫كانت أو‬ ‫اتخاذ التدابير الالزمة لمعالجة االضطرابات االقتصادية أو المالية دولية‬ ‫‪‬‬

‫محلية‪.‬‬
‫العمل كمصرف للمصارف التجارية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مراقبة المصارف التجارية والتأكد من سالمة أوضاعها المالية ومراقبة كفاءة أدائها‬ ‫‪‬‬

‫وضمان حقوق زبائنها‪.‬‬


‫العمل كمصرف ووكيل مالي للدولة ومؤسساتها العامة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تقديم المشورة للدولة فيما يتعلق برسم وتقييم السياسة االقتصادية والمالية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مراقبة الصرف األجنبي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫القيام بالمهام أو العمليات التي عادة ما يقوم بها أي مصرف مركزي آخر ‪ ،‬وما قد‬ ‫‪‬‬

‫يُسند إليه من َم َهام بموجب قانون المصارف أو أي اتفاقيات دولية تكون الدولة طرفا ً‬
‫فيها‪.‬‬
‫إصدار وإدارة القروض التي تعقدها الدولة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أهم وظائف مصرف ليبيا المركزي‬


‫أوالً ‪ :‬إصدار وتنظيم العملة‬
‫َّ‬
‫إن وحدة العملة الوطنية هي الدينار الليبي وينقسم إلى ألف درهم ‪ ،‬وهو مرتبط مع‬
‫سلة وحدة حقوق السحب الخاصة منذ ‪18/03/1986‬م بسعر ثابت وهو وفـق أخر‬
‫تعديـل في ‪14/06/2003‬م ُمساويا ً‬
‫) ‪( 0.5175‬وحدة حقوق سحب الخاصة لكل دينار ليبي واحد ‪ ،‬ويقوم المصرف‬

‫‪1‬‬
‫بنشر أسعار صرف الدينار الليبي مقابل العمالت األجنبية وفقا ً لتغير تلك العمالت‬
‫مقابل وحدة حقوق السحب الخاصة وهو الجهة ال ُمخولة قانونا ً بإصدار العملة الوطنية‬
‫( الورقية والمعدنية ) وعادة ما تُغطي العملة ال ُمصدّرة للتداول بالذهب والعمالت‬
‫األجنبية القابلة للتحويل‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬إدارة االحتياطيات ومراقبة الصرف االجنبى‬


‫يقوم المصرف بإدارة احتياطيات ليبيا من الذهب والعمالت األجنبية ‪ ،‬وباختيار‬
‫األدوات االستثمارية المناسبة والقيمة التي يتم استثمارها من كل عملة ‪ ،‬آخذا ً في‬
‫االعتبار التطورات في أسعار الصرف وفى األسواق المالية بما يضمن سالمة‬
‫وربحية هذه االستثمارات ‪ ،‬ويسمح للمصارف التجارية باالحتفاظ بأصول أجنبية وفقا ً‬
‫للتعليمات التي يصدرها من وقت آلخر ‪ ،‬كما قام مصرف ليبيا المركزي بتخفيف‬
‫الرقابة على الصرف االجنبى وتحرير الحساب الجاري بهدف تعزيز االستقرار‬
‫االقتصادي واستقرار المستوى العام لألسعار‪.‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬مصرف الدولة‬


‫يعتبر مصرف ليبيا المركزي الوكيل المالي للدولة حيث يحتفظ بحسابات وإيرادات‬
‫ومصروفات المالية العامة ‪ ،‬ويقوم بصرف وتحويل وتحصيل األموال محليا ً‬
‫وخارجيا ً ‪ ،‬وكذلك إدارة عمليات خطابات االعتماد نيابة عن زبائنه وتقديم مختلف‬
‫خدماته المصرفية إلى الوحدات اإلدارية العامة‪.‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬مصرف المصارف‬

‫‪1‬‬
‫يحتفظ مصرف ليبيا المركزي باالحتياطي النقدي اإللزامي المطلوب من المصارف‬
‫التجارية كنسبة من ودائع زبائنها باإلضافة إلى أنه يقبل ودائع زمنية من هذه‬
‫المصارف مقابل فوائد ‪ ،‬ويعتبر المصرف المركزي الملجأ األخير للمصارف‬
‫التجارية حيث يستطيع منحها قروض غير اعتيادية في مواجهة أية ظروف استثنائية‬
‫تُهدد االستقرار النقدي والمصرفي في ليبيا‪.‬‬

‫خامسا ً ‪ :‬مراقبة وتنظيم النشاط المصرفي‬


‫يقوم المصرف المركزي بفحص وتحليل المراكز المالية للمصارف التجارية والتأكد‬
‫من إنها تحتفظ بالنسب المطلوبة المتعلقة باالحتياطي النقدي االلزامى والسيولة‬
‫القانونية ‪ ،‬كما يُراقب تنفيذ المصارف التجارية للسياسات االئتمانية والمصرفية التي‬
‫يرسمها ‪ ،‬وتقديم خدماته إلى المصارف التجارية في مجال مقاصة الصكوك وفي‬
‫مجال مركزية مخاطر االئتمان‪.‬‬

‫ويقوم موظفو مصرف ليبيا المركزي بالتفتيش على المصارف التجارية وفروعها‬
‫وفحص دفاترها وسجالتها للتأكد من سالمة أوضاعها المالية ودقة البيانات ال ُمحاَّلة‬
‫إليه ‪ ،‬ومدى مالئمة خدماتها المصرفية ‪ ،‬ومالءة وكفاية رأس المال‪.‬‬

‫سادسا ً ‪ :‬دور المصرف المركزي في التنمية االقتصادية‬


‫إن مصرف ليبيا المركزي له دور مباشر وفعّال في التنمية االقتصادية بالدولة وذلك‬
‫من خالل مساعدة المؤسسات المالية في استقطاب وتوجيه ال ُمدخرات نحو تمويل‬
‫المشروعات والوحدات اإلنتاجية والخدمية العامة والخاصة ‪ ،‬كما يساهم في تعزيز‬

‫‪1‬‬
‫الوضع المالي للدولة من خالل إدارة احتياطياتها من الذهب والعمالت األجنبية ‪،‬‬
‫ويلعب دورا ً غير مباشر في التنمية االقتصادية بما يُجسده من تأثير في نشاط‬
‫المصارف التجارية وخاصة من خالل التحكم في الكتلة النقدية ‪ ،‬وإقرار سياسة نقدية‬
‫قادرة على تعزيز الثقة المحلية والخارجية في قوة واستقرار العملة الليبية وفى‬
‫االقتصاد عموما ً ‪ ،‬وكذلك من خالل تشجيع االدخار المحلى من قِبل األفراد والجهات‬
‫االعتبارية وتوجيهه لالستثمار في القطاعات اإلنتاجية والخدمية‪.‬‬

‫‪1‬‬

You might also like