Professional Documents
Culture Documents
كلية اآلداب
قسم اللغة العربية
الشريف ِ
الحديث َّ لغ ُة المو ِ
اريث في القر ِ
آن الكريم و
ِ
شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها ث أ ُِع َّد ِ
لنيل بح ٌ
إعداد:
الطالب ماهر برهومي
إشراف:
د .بشير فرج أ.د .أحمد فارس
٢١٠٢ -٢١٠٢م
اإلهداء
إلى والدي الحَبيب الذي َحم َل البَ ْحر ِبكََّفيِْه ِعلْما وأدبًا وثقافةً ،وسقاني ِم ْن ِ
ماء ً َ َ
العلم ،وأ ْشربَ ِ
نيه عَ ْذبًا فُراتًا حتّى تغلغ َل في العروق.. َ َ
أن تَدْري..
دون ْ الخير و ِ
الجمال َ ِ
مبادئ ِّ
الحق و ِ الرؤوم التيَ َرَّبتْني على
إلى والدتي ّ
ِ
إلى شقيقي محمّد؛ الطّمو ِح ،والمُ ِج ِّد ،والمثاِب ِر ،وبَلْسَم ّ
الرو ِح ،وتريا ِق األحزان ..الذي
غوي في القر ِ
آن... ِ
إلعجاز اللّ ِّومهتم با
ٍّ ائض والموار ِ
يث، ِّص ِ
بعلم الفر ِ إلى ِّ
كل متخص ٍ
ماهر
2
المقدمة
ّ
ِ
القائل في يموت، ِ الم ْل ِك و
الملكوت ،الباقي الذي ال يفنى وال ِ
ُ صِّرف في ُ
المتَ َ
الحمد هلل ُ
ُ
الن ِ
ور ،وعلى ِ
الظلمات إلى ّ الناس ِم َن أخرَج به ِِ
َ األنام ،و َ
َ الم ،وأحيا
الذي محا اهللُ به الظّ َ
حسان إلى ِ
يوم الدين ،وبعد، آلِ ِه وأصحابِ ِه ،و
التابعين لهم بإ ٍ
َ
اإلسالمية.
ّ ِ
المجتمعات مقو ِ
مات ِّ
يرضون
المحجوبين من اإلرث -بحكم الشرع َ -
َ المورث؛ إ ْذ َّ
إن النزاع بين أقرباء ِ
أسباب ّ
ّ
المجتمع.
ِ ض بين أفرِاد
الب ْغ ُ
عم الجدا ُل والتّنازعُ و ُ
قدروا المستحقّين للورثة وأنصبتهمَ ،ل َّ
ُلي ّ
قوتها ِ
للمجتمعات َّ الممتلكاتِ ،م ْن شأنِ ِه أ ْن يحف َ
ظ ِ الصحيح العاد ُل لألمو ِ
ال و ُ والتوزيعُ
إشباعا لغريزٍة ّ
فردية. اجتماعية ،إضافةً إلى كونه
ّ ألن ِ
للمال وظيفةً ِ
ومقومات بقائهاَّ ،
ً
ك َّ
حث وم ًّ
لحا ،ولذل َ فإن االهتمام بعلم المواريث -تطبيقًا ودراسةًُ -ي َع ُّد ًا
وهكذاَّ ،
هما ُ
أمر ُم ًّ
بي صلّى اهلل عليه وسلَّ َم على تعلّ ِمه .فعن أبي هريرة رضي اهلل عنه قال :قال رسول
الن ُّ
ّ
تتعلَّق بحياته.
أن رسو َل اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّ َم قا َل" :تعلَّموا َ
ٍ
مسعود رضي اهلل عنه َّ عبد اهلل بن
وروى ُ
ّ
الحث على تعليم الفرائض ،ح . 2119سنن ابن ماجه ،محمد بن يزيد بن ماجه ،دار السالم، أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض ،باب .1
الرياض ،ط 1010 ،1هـ ،ص .391
أخرجه البيهقي في كتاب الفرائض ،باب الحث على تعليم الفرائض ،ح . 12120السنن الكبرى ،أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ،تحقيق: .2
محمد عبد العزيز الخالد ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط 1010 ، 1هـ ،ج ، 4ص. 305
وردت هكذا على تقدير محذوف ،والمقصود فقه الفرائض ،أو علم الفرائض. .3
أخرجه البيهقي مرفوعًا وموقوفًا في كتاب الفرائض ،باب الحث على تعليم الفرائض ،ح ،12110 /12113من السنن الكبرى ج ، 4ص .0
.303
0
أحكام ِه
ِ ِ
بتبيان اسات واألبح ِ
اث التي تُعنى الدر ِ
أهميةَ ّ أهميةَ هذا ِ
العلم ،أدرْكنا ّ واذا عرْفنا ّ
صحيح. ٍ
بشكل ق أحكام هذا ِ
العلم تطب َ
أن ّ ِ ِ
ٍ َ وقواعده ..والتي م ْن شأنها ْ
ِّ
وأحكام الميراث كأحكام الشريعة اإلسالمية األخرى كلهاُ ،م ْستَ َم َّدةٌ َ
من القرآن الكريم
االستحسان
ُ القياس و
ُ األساسي ْي ِن اإلجماعُ والعق ُل أو
َّ بوية ،ويلي هذين المصدرين
الن ّ
السّنة ّ
و ّ
ِ
االجتهاد. ِ
االستحسان و ِ
القياس و ِ
المذاهب االسالمية حول معنى ٍ
خالف بين على
وسلّم وقضاء صحابته من بعده ،رضي اهلل عنهم أجمعين ...مع هذا كله ،إال أنه لم
آن الكريم ،واألحاديث الشريفة ،ومن أن أحكام علم الميراث ،إنما تُ ُّ
ستمد من القر ِ وبما َّ
َ
إجماع الفقهاء الذي َي ْعتمد في أحكامه أصالً على القرآن واألحاديثَّ ،
فإن دراسةَ آيات
الميراث في القرآن ،واألحاديث النبوية الشريفة التي ُعنيت بهذا الموضوع ،إنما تُ َع ُّد
الموضوعي ِة.
ّ الد ِ
قة و تفتقر إلى ِّ
مبتورةً ُ
د .ناصر بن محمد الغامدي :الخالصة في علم الفرائض ،دار طيبة الخضراء ،مكة المكرمة ،ط1024 ،0هـ ،ص .210 .1
5
ولم يتركوا شاردةً وواردةً
المفسرون أحكام المواريث بحثًاْ ،
الباحثون و ّ
َ الفقهاء و
ُ لقد أشبع
كل ِ
آيات الميراث ،واستنبطوا أحكامهاٌّ ، إال وأمعنوا في دراستها؛ فالمفسرون شرحوا
َ
ٍ
مسألة من مسائله.
غويةَ
اهر اللّ ّ ٍ الباحث يعثر على ٍ غير َّأنهُ ال ُ
يدرس الظّو َ
ُ جامع،
ٍ كتاب بحث أو ُ ُ يكاد َ
ِ للماد ِة التي استقى منها
نجدهُ
السّنةَ ،إال ما ُ
آن و ّ
أحكام المواريث ،وأعني بذلك القر َ
َ الفقهاء
ُ ّ
البالغي
ِّ غوي و سيما التي تُ ْعَنى بالتّ ِ
فسير اللّ ِّ كتب التّ ِ
فسير ال َّ ُم ِ
هات ِ ِ
بطون أ َّ ثر في
ُمَب ْع ًا
للقر ِ
آن.
اهر
درس الظو َ
ع ،لي َ
ختار هذا الموضو َ
الباحث ي ُ
َ ولع َّل هذا كان ً
سببا وجيهًا ،جع َل
ٍ
اختالف في تحديد
تنوٍع في االستنباط و
أن تؤدي إلى ّ
الواردة في القرآن الكريم ،من شأنها ْ
أنصبة الورثة.
4
وكيفية استخراج
ّ والحذف ...وغيرها من الظواهر اللغوية التي تُعين في فَ ِ
هم أصول الفقه، ُ
أحكام
َ ت
عرض ْ
َ ت دراستُها في هذا البحث إنما هي اآليات التي
المادةُ اللغوية التي تَ َّم ْ
و ّ
ومجموعها ِس ُّ
ت ُ أكانت ُم ْج َملَةً ْأم ُمفَصَّلةً ،ناسخةً أم منسوخ ًة،
ْ المواريث كلَّها ،سواء
ِ
اختالف ت دراسة األحاديث كلّها على
تم ْ
وقد ّ
تحث على طلب علم الفرائضْ ،
ّ واّنما
1
ني القرآن ط أَر هذا ِ وال َّ
حديث ُع َ
ٌ قديم
العلم ٌ
ُ الع ْل َم؛ فهذا الباحث ّأنهُ ّأو ُل َم ْن َ َ
ُ يدعي
ِ
لتبيان أحكام معظم كتب الفقه ضت
وتعر ْ أهم أبواب ِ
كتب الفقهَّ . فروعه ،حيث ُي ُّ
عد من ِّ َ
ُ
عابدين) ،أو كتب الحنابلة مثل (المغني على مختصر الخرقي) ،أو كتب المالكية مثل
(األم).
(حاشية الدسوقي) ،أو كتب ال ّشافعية مثل كتاب ّ
وحساباته على المذاهب الفقهية ككتاب (أحكام الميراث) للشيخ فيصل مولوي ،و(علم
عبود ،و(الميراث على المذاهب األربعة) للقاضي الشيخ حسين الغزال وغيرها من
البالغي في
ّ واألحاديث الشريفةّ ،إنما هي كتب التّفسير التي تُعنى بالجانب اللّغوي و
القدير ،وأبي حيان في البحر المحيط ،وابن العربي في أحكام القرآن ،والبيضاوي في
2
كثيرا ،كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية،
الباحث منها ً
ُ اد
ومن الكتب التي استف َ
رفية
الص ّ
حوية و ّ
الن ّ
البالغية و ّ
ّ لإلمام السُّهيلي .وفي هذا الكتاب الكثير من اللفتات
لدقة األداء
بيان ّ
ياقية آليات المواريث وبعض أحاديث المواريث ال ّشريفة ،وفيه ٌ
الس ّو ّ
ولم
التنظيمْ ،
الدراسةَ هذه تفتقر إلى ّ
أن ّبيد َّ
اللغوية المدروسةَ ، للمادة ظي
ّ ّ اللّغوي واللفّ ّ
سياقية
ّ ولم تدرسها دراسةً
اللغوية التي اُ ْستُنبطت منها أحكام المواريث كلّهاْ ،
ّ المادة
تدرس ّ
اللغوية ألحكام
ّ المادة
ّ درس
أن ي َ
شاملة ،ولذلك كان عمل الباحث في هذا البحث ْ
بحد
اللغوية ّ
ّ الهدف دراسةَ الظّواهر
ُ بشكل ُمَنظَّم ،وليس
ٍ أن يعرضها
المواريث كلّها ،و ْ
أحكامهم.
حديثٍ ،
ولغة، ٍ وتفسيرِ ،
وعلم ٍ أصول ٍ
فقه، ُّب الموضوع الذي يبحثُه ،بين ِف ْق ٍه ،و ِ
وذلك لت َشع ِ
أن َي ِف َي
ستطع ْ
ْ بأنه ْلم ي
قر ّالفقهية ...حتى ّإنهُ ي ُّ
ّ ٍ
وحساب وكثرة المصطلحات ٍ
وبالغة،
9
ف إعطاء المرِأة ِ
ض ْع َ ِ ِ
شبهة بين الميراث في الجاهلية والميراث في اإلسالم ،وفيه ٌّ
رد على
الر ِ
جل. ِ
نصيب َّ
ًّ
نحويا ،أما ت دراسةُ ِ
آيات المواريث واألحاديث ال ّشريف وتحليلُها الفص ِل الثاني تَ َّم ْ وفي
ْ
وختم
َ ال ّشريفة ،والتقديم والتأخير ،وفيه تبيان ألوجه البالغة في اآليات واألحاديث،
المصادر والمراجع.
وأخي اًر ،أ َتو َّجهُ بالشكر الجزيل للدكتور أحمد فارس ،الذي أشرف على هذا البحث
تتهددها ،كما
ت ّ كان ْ
الرياح التي َ
ت تعترضها ،والعواصف و ّ
كان ْ
الحقيقة رغم األنواء التي َ
الدر ِ
اسة شرف أن تتلم ْذنا على يديه سنو ِ
ات ّ الدكتور بشير فرج الذي كان لنا شكر
ُ َ أ ُ
يكتب
ُ األصفهاني" :إني رأيت أنه ال
ّ الدين
عماد ّ
ُ النابغةُ
األيوبي ّ
ُّ المؤرخ
ّ أختم بما قالهُ
و ُ
ِِ ِ
كتابا في يو ِمه ،إال قا َل في َغده لو ُغـي َِّر هذا لكان أحسن ،و لو ِزْي َد هذا َ
لكان أحد ًٌ
14
ِ
أعظم العبر، ُي ْستَ ْح َسن ،ولو قُ ِّد َم هذا َ
لكان أفضل ،و لو تُِر َك هذا لكان أجمل ،وهذا من
الس ِ
بيل. ِ ...واهللُ الموفِّ ُ
ق إلى سواء ّ
11
الفصل األول
علم المو ِ
اريث ومرادفاتُ ُه: تعريف ِ األو ُل:
ُ المبحث ّ
ُ
وحسابي ٍة،
ّ ٍ
فقهية اعد
علم بقو َ
احد عند التجاوز؛ وهو " ٌ
معنى و ٌ وهذه األلفاظُ كلُّها ُير ُ
اد بها ً ِ
كل و ٍ
احد منها: ف َّ
نعر َ
ِّ
اصطالحا:
ً أ) الميراث لغ ًة و
من َّ
أن مصادر األفعال الرغم ْ
مصدر للفعل (ورث) على ّ
ًا سيده َم ْن جع َل (الميراث)
محمد بن عرفة الدسوقي :حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير ،مطبعة التقدم العلمية بمصر 1331 ،هـ ،توزيع :دار الفكر ،بيروت، .1
الجزء الرابع ،ص. 054
مرتضى ال ّزبيدي :تاج العروس من جواهر القاموس ،دراسة وتحقيق علي شيري ،دار الفكر للطباعة والنّشر والتّوزيع ،بيروت ،1990 .2
المجلّد الثالث ،باب (ورث) ص .215
ابن منظور :لسان العرب ،دار صادر ،ط ، 4بيروت ،1991المجلّد الثّاني ،باب الثّاء فصل الواو ،ص .244 .3
12
قياسية ،حيث يقول" :وقال بعضهم :ورثته مي ارثًا .وهذا خطأ؛
ّ سماعية وليست
ّ الثّالثية
ال ليس من ِ
أبنية المصادر.٠"... َّ
ألن مفعا ً َ ْ
ِ
ك فصار ميراثه لك.
مورث َ فالنا ماالً ِأرثُهُ وْرثًا َ
ووْرثًا ،إذا مات ِّ ثت ً ويقالِ :
ور ُ "ُ
من ٍ
فالن ،أي فالنا ْ
ثت ً ور ُ
.ويقالّ : ورثَ ًة ِ
ووراثةً واراثةً ُ وورثَهُ عنه ِوْرثًا ِ
وورثَهُ ماله ومجدهِ ،
ِ
ويفنى
عز وج ّل ،يبقى بعد فناء الك ّلَ ،
من صفات اهلل ّ
ارث هو الباقي ،وهو صفةٌ ْ
والو ُ
ك له.
وح َده ال شري َ َم ْن سواه َفيرجعُ َم ْن كان ِم ْل َ
ك العباد إليه ْ
أحدهما :البقاء.
ًّ
معنويا. حسًّيا أم
اء أكان ّ
آخر ،سو ٌ ٍ
شخص إلى َ وثانيهما :انتقال ال ّشيء من
البقية.
والميراث بمعنى اسم المفعول مرادف لإلرث ،ومعناه في اللغة :األصل و ّ
ابن سيده :المحكم والمحيط األعظم ،طبعة المنظّمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم ،معهد المخطوطات العربيّة ،القاهرة ،2443المجلّد .1
الثاني ،ج ،11ص .121
ابن منظور :لسان العرب ،المجلّد الثاني ،باب الثّاء فصل الواو ،ص .244 .2
13
ِ
المخاطب ف معناها بحسب ركني الخطاب؛
ص َر ُ الباحث َّ
أن لفظة الميراث إنما ُي ْ ُ ويرى
ف مشتقّات الفعل
صر ُ الكالم متعلِّقًا باهلل سبحانه وتعالىّ ،
فإنما تُ َ ُ طب ،فإذا كان
والمخا َ
للسياق
محكوم ّ
ٌ اإللهية ما يليق بالبشر ،فالكالم
ّ ألنه ال يليق بالذات
(ورث) على البقاءّ ،
ألحد فيهما ِم ْل ٌ
ك، ٍ وليس
َ السموات واألرض)" ٠أي اهلل يفني أهلهما فتبقيان بما فيهما،
أما إذا أُسنِ َد الفعل ورث أو مشتقّاته إلى األنبياء وارثهم ،كما في قوله تعالى( :يرثني
ّ
(النّبوة والعلم)...
المعنوي ّ ِ
اإلرث ك ُي ْح َم ُل في المعنى على
فإن ذل َ من ِ
آل يعقوب)َّ ٢ وي ِر ُ
ّ ث ْ َ
ومل َكهُ".7
نبوتَهُ ُ
ورثَهُ ّ
ّ
ولما
ماديّ ،
ٌّ إرث
ظنهم أنه ٌ
ع الناس وفي ّ
هنا وميراث رسول اهلل ُي َق َّسم في المسجد" .فأسر َ
هذا الجزء من اآلية ورد في موض َعين :في سورة آل عمران ،اآلية ،124وفي سورة الحديد ،اآلية .14 .1
ابن سيده :المحكم والمحيط األعظم ،المجلّد ،2ج ،11ص .122 .2
سورة مريم ،من اآلية.4 .3
سورة النّمل ،من اآلية .14 .0
نقالً عن المحكم والمحيط األعظم ،المجلّد ،2ج ،11ص .121 .5
10
المادي في قوله" :نحن معاشر األنبياء ال نورث ما
ّ الرسول بالمعنى
اإلرث في كالم ّ
ُ
تركناه صدقة".
تعالى( :أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس) .٠قال ثعلبُ :يقالّ :إنه ليس في
َّف هذا
وقد ضع َ
غيرهْ ،
الجنة ،فإذا ْلم يدخ ْلهُ هو ورثَهُ َ
إنسان إال وله منزٌل في ّ
ٌ ِ
األرض
٢
اللهم
النبي ،صلّى اهلل عليه وسلّم ّأنه قال َّ " :
وردت مشتقات الفعل ورث في دعاء ّ
ْ كما
شميل :أي ِ
أبقهما معي ارث مني"؛ قال ابن ّ
أمتعني بسمعي وبصري ،واجع ْلهما الو َ
عي ما ُي ْس َمعُ والعمل به ،وبالبصر االعتبار بما يرى ونور القلب الذي يخرج
بالسمع َو َ
ّ
مني؛ َّ
فرد الهاء إلى اإلمتاع، الحيرة والظّلمة إلى الهدى؛ وفي رواية :واجعله الوارث ّ
من َ
الرجل
ولك تراثي؛ التّراث :ما يخلفه ّ
ليك مآبي َ
أيضا :وا َ
الدعاء ً
وحده .وفي حديث ّ
ك ّفلذل َ
ِ
ِوْرث إبراهيم الذي ترك َ
الناس عليه بعد موته ،وهو اإلرث ،وأنشد:
ثم ال تعلوني
صغيراَّ ،
ً ض ْرًعا
َ احدا،
ادث و ً
ولقد تو َارثَني الحو ُ
اصطالحا:
ً الميراث
ٍّ
لمستحق ،بعد موت َم ْن كان له ذلك ،لقرابة بينهما أو هو ٌّ
حق قابل للتجزيء ،ثبت
زوجية أو والء.٠
اصطالحا:
ً ب) الفرائض لغ ًة و
معان ،منها:4
عدة ٍالفرائض جمع فريضة من الفرض ،وله في اللغة ّ
أبو بكر بن حسن الكشناوي :أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام األئمة مالك ،تحقيق :محمد عبد السالم شاهين ،دار الكتب .1
العلمية ،بيروت ،ط1015 ،1هـ ،ج ،2ص.331
محمد بن عرفة الدسوقي :حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير ،الجزء الرابع ،ص. 054 .2
إبراهيم بن عبد هللا الفرضي :العذ ب الفائض شرح عمدة الفارض ،دار الفكر ،مصر ،ط 1390 ،2هـ ،ج ،1ص.12 .3
مصطفى عاشور :علم الميراث ، ،مكتبة القرآن ،القاهرة ،1922ص .32-31 .0
14
-٠التّقدير :كقوله تعالى (فنِ ُ
٠
قدرتم.
صف ما فرضتم) أي ّ
محد ًدا.
مقطوعا ّ
ً مفروضا) ٢أي
ً تعالى(نصيبا
ً -٢القطع :كقوله
قرضا".
فرضا وال ً
أصبت منه ً
ُ طى ِمن غير عوض :كقول العرب" :ما
-٢ما ُيع َ
اهللُ له.
السهام
الستّة لما فيه من ّ وتجدر اإلشارة إلى َّ
أن علم الفرائض يشتمل على هذه المعاني ّ
يخص ك ّل ذي ٍّ
حق من التّركة.٢ ّ _ فقه المواريث ،وعلم الحساب الموصل لمعرفة ما
وانما سم ِ
يت الفرائض بهذا االسم ،وان اشتملت على التعصيب" ،الشتمالها على ُّ
تغليبا للحقوق
الحقوق المفروضة ،التي تولّى اهلل تعالى تقديرها بنفسه في كتابه الكريمً ،
اصطالحا:
ً ج) التركات لغ ًة و
الغير بعينه".1
إبراهيم بن عبد هللا الفرضي :العذب الفائض شرح عمدة الفارض ،ص .12 .1
تحقيق :محمد بن سليمان البسام ،دار عالم الفوائد ،مكة
عبد هللا بن محمد الشنشوري :الفوائد الشنشورية في شرح المنظومة الرحبية، .2
المكرمة ،ط102 ،1هـ ،ص .24
المرجع نفسه ،ص .24 .3
الراغب األصفهاني :مفردات ألفاظ القرآن ،تحقيق :صفوان الداوودي ،دار القلم ،دمشق ،والدار الشامية ،بيروت ،ط1015 ،2هـ، .0
ص.144
إبراهيم بن عبد هللا الفرضي :العذب الفائض شرح عمدة الفارض ،ج ،1ص.13 .5
ابن عابدين :رد المحتار على الدر المختار ،دار الفكر ،بيروت ،ط1324 ،2هـ ،ج ،4ص. 159 .4
12
الحقوق مطلقًا عند الجمهور ،ومنها المنافع
َ وثمرةُ هذا الخالف َّ
أن التركةَ تشم ُل
عند الحنفية ،حيث ّإنهم يحصرون التركة في المال أو الحق الذي له صلة بالمال.
ِ
المسائل الزوجين في المسألتين العمرّيتين ،وتور ِ
يث ذوي األرحام ،ونحوها من بعد أحد ّ
َ
السّن ِة في الفر ِ
ائض".٠ ِ
الكتاب و ّ ِ
نصوص اجتهد فيها الصحابةُ ،في ضوِء
َ التي
مرةً (فعل ماض ،فعل مضارع ،فعل مبني للمجهول ،اسم فاعل ،اسم ،وباإلفراد
وعشرين َّ
والجمع).
آليات الموار ِ
يث المتصلة بـ (الفرائض) منها ثالث مرات (وورثه، ِ ات كان
المر ُ
وهذه ّ
د .ناصر بن محمد الغامدي :الخالصة في علم الفرائض ،ص .25-20 .1
بالرجوع إلى المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي ،دار المعرفة للطباعة والنشر ،بيروت . .2
19
ووردت آيات المواريث في القرآن الكريم المتعلقة بـ (الميراث) خمس آيات سواء على
-٠اآليات المجملة:
ان واألَ ْقربون ولِ ِّلنساء َن ِ ب ِّم َّما تَر َ ِ -قوله تعالى( :لِّ ِّلر َج ِ
ك
يب ِّم َّما تََر َ
ص ٌ ك ا ْل َوال َد ِ َ َ ُ َ َ َ َ ال َنصي ٌ
يث النساء
أوجب تور َ
َ وعاملهما بالرحمة والعدلَّ ،
ورد إليهما حقوقَهما في اإلرث ،حيث
المورث أم لم
ُ وكبير ،وال بين ٍ
ذكر وأنثى ،وسواء رضي ٍ ٍ
صغير يفر ْق بين
والرجال ،ولم ّ
يرض.٢"...
َ
يم{.٢)}77ِ
َعل ٌ
المفصلة:
ّ -٢اآليات
حيث َّبي َن اهلل سبحانه وتعالى ميراث األوالد ،ذكو اًر كانوا أم إناثاً ،وان نزلوا ،وميراث
اآلباء ،ذكو اًر واناثاً ،وان علَوا ،وحاالتهم في اإلرث ،وشروط استحقاقهم.
ِ
ك أزواج ُك ْم إِ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَهُ َّن َولَ ٌد فَِإ ْن َك َ
ان لَهُ َّن َولَ ٌد َفلَ ُك ُم ف َما تََر َ
ص ُ
-قوله تعالىَ ( :ولَ ُك ْم ن ْ
انظر :ابن العربي :أحكام القرآن ،دار الكتاب العربي ،تحقيق :محمد عبد القادر عطا ،بيروت1335 ،هـ ،الجزء ،2ص.003 .1
سورة النساء ،اآلية .11 .2
21
صَّيةً ِم َن اللَّ ِه
صَّي ٍة يوصى بِها أَو َد ْي ٍن َغ ْير مض ٍّار و ِ
َ ُ َ َ ُ َ َ ْ
ك فَهم ُشرَكاء ِفي الثُّلُ ِث ِمن بع ِد و ِ
ْ َْ َ َذل َ ُ ْ َ ُ
ِ
يم).٠واللَّه علِ ِ
يم َحل ٌ
َ ُ َ ٌ
وقد َّبي َن اهلل تبارك وتعالى في هذه اآلية الكريمة ميراث األزواج والزوجات ،وميراث
استحقاقهم.
ِ ِ ِ ون َ ِ
ت
ُخ ٌ
ك لَ ْي َس لَهُ َولَ ٌد َولَهُ أ ْ ك ُقل اللّهُ ُي ْفتي ُك ْم في ا ْل َكالَلَة ِإ ِن ْ
ام ُرٌؤ َهلَ َ (ي ْستَ ْفتُ َ
-قوله تعالىَ :
يم).٢ٍ ِ
َش ْيء َعل ٌ
حيث َّبين اهلل تبارك وتعالى ميراث اإلخوة واألخوات ،أشقاء كانوا أم ألب ،وحاالت
ٍّ
كل منهم في الميراث ،وشروط استحقاقهم.
قال" :ألحقوا الفرائض بأهلها ،فما بقي فهو ألولى َر ُجل ذكر".1
ائض من ٍ
مال ،فإنه ِ ويد ّل هذا الحديث على اإلرث بالتعصيب ،و َّ
أن ما ترَكت الفر ُ
فيقَ َّدم
معي ٍنُ ، ثون على تر ٍ
تيب ّ تفاد منه َّ
أن العصبةَ ير َ وي ْس ُ
الميتُ ، طى ألقرب ٍ
رجل إلى ْ ُي ْع َ
-حديث أسامة بن زيد رضي اهلل عنه ،أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال" :ال يرث
المسلم".٢
َ الكافر
ُ يرث
الكافر ،وال ُ
َ المسلم
-حديث عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما ،أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال" :ال
أخرجه البخاري في كتاب الفرائض ،باب ميراث الولد من أبيه وأمه ،ح . 4132فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،أحمد بن علي بن حجر .1
العسقالني ،تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ،ومحب الدبن الخطيب ،دار الريان للتراث ،القاهرة ،ط1049 ،2هـ ،ج ،12ص .12وأخرجه
مسلم في كتاب الفرائض ،باب ألحقوا الفرائض بأهلها ،ح . 1415شرح النووي على صحيح مسلم ،أبو زكريا يحيى بن شرف النووي ،دار
الخير ،بيروت ،ط1010 ،1هـ ،المجلد الرابع (. )222/11
أخرجه البخاري في كتاب الفرائض ،باب ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم ،ح . 4140فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،ج،12 .2
ص .51و أخرجه مسلم في كتاب الفرائض ،باب ألحقوا الفرائض بأهلها ،ح . 1410شرح النووي على صحيح مسلم ،المجلد الرابع
(. )221/11
أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض ،باب ميراث أهل اإلسالم من أهل الشرك ،ح ،2131السنن ،ص.290-293 .3
أخرجه اإلمام أحمد في مسنده ،ح . ،22112م سند اإلمام أحمد بن حنبل بتحقيق أحمد شاكر ،دار المعارف ،مصر ،ط-034/31( ،0 .0
. )001
23
وهو دليل على إرث الجدة ،ومقداره السدس ،سواء أكانت واحدة أم أكثر ،تنفرد به
تعد ْد َن.
الواحدة ،ويشترْك َن فيه إذا ّ
رب رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال:
-ما رواه المقدام بن َم ْعدي َك َ
ويرثه".٠
الثمن".٢
َ لم ْن أعتق ،أو قال :أعطى
الء َ
لها ":أعتقيها ،فإنما الو ُ
وهو يد ّل على اإلرث بالوالء ،بشروطه وضوابطه التي ذكرها الفقهاء في باب أسباب
اإلرث.
ِ
الصحابة والتّابعين ،ومن أهل ِ
العلم ،من بين ِ مسائل الفرائض ُّ
ِ " َّ
إجماع َ
ٍ محل أغلب
َ إن
أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض ،باب ذوي األرحام ،ح ،2132السنن ،ص.395 .1
أخرجه البخاري في كتاب الفرائض ،باب ميراث السائبة ،ح . 4150فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،ج ،12ص .01وأخرجه مسلم في .2
كتاب العتق ،باب الوالء لمن أعتق ،ح . 1540شرح النووي على صحيح مسلم ،المجلد الرابع (. )113-142/14
20
ِ
لسان رسوله األمين صلى اهلل بين أهلها بنفسه في كتابه الكريم ،وعلى
قسمةَ الفرائض َ
عليه وسلم".٠
مصطلح
ٍ لطالب الع ْلِم أن يفهم داللةَ ِّ
كل َ
ِ المصطلحات منثورة بين أبوابِ ِه ومسائلِ ِه ،وينبغي
-اإلدالء" :هو اال تّصال بالميت إما مباشرة؛ كاألب مع ابنه ،أو بواسطة؛ كاألخ
واألخت".٠
د .ناصر بن محمد الغامدي :الخالصة في علم الفرائض ،ص .32 .1
المرجع نفسه ،ص.32 .2
25
أمهاته،
الميت هم آباؤه و ّ
ذكور واناثًا ،وان َعلَوا؛ فأصو ُل ْ
ًا طلق على اآلباء
-األصلُ :ي ْ
وأجداده ،وجداته.٢
أقل ٍ
عدد يتأتّى منه نصيب ك ّل مستحق في التركة ،من غير -التأصيل :هو تحصي ُل ِّ
الميت من األموال
أن التركة" :هي ما يتركه ْ الثّ ِ
ابتة له مطلقًا" ،4وذهب األحناف إلى َّ
ص ّح المسألة.1
العددَ :م َ
ُ
لم ْن يريد إتقان المواريث ،وقسمتها على ٍ المعروف ،مع أ ّنه ال ُب َّد ْ
من معرفة بالحساب َ
ِ
الوجه المطلوب.9
انظر :المعجم الوسيط ،إخراج :مجمع اللغة العربية بمصر ،دار الفكر ،بيروت ،ج ،1ص ،295مادة (دال) . .1
إبراهيم بن عبد هللا الفرضي :العذب الفائض شرح عمدة الفارض ،ج ،1ص. 19 .2
المرجع نفسه ،ج ،1ص. 152 .3
المرجع نفسه ،ج ،1ص13 .0
ابن عابدين :رد المحتار على الدر المختار ،ج ،4ص. 159 .5
إبراهيم بن عبد هللا الفرضي :العذب الفائض شرح عمدة الفارض ،ج ،1ص.159-152 .4
انظر :زاد المسير في علم التفسير ،عبد الرحمن بن علي بن الجوزي ،المكتب اإلسالمي ،بيروت ،دمشق ،ط1041 ،0هـ (. )25/2 .1
إبراهيم بن عبد هللا الفرضي :العذب الفائض شرح عمدة الفارض ،ج ،1ص.93 .2
المرجع نفسه ،ج ،1ص.152 .9
24
تفرعوا من األصول ،كاإلخوة وبنيهم ،واألخوات واألعمام
-الحواشيُ :يطلق على َم ْن ّ
جميعا من
ً ألن هؤالء
العمات ،وأبناء األخوات؛ َّ
وبنيهم ،وال يشم ُل األخوال والخاالت و ّ
ذوي األرحام.٠
ٍ
سهام المسألة ،وزيادة في أنصباء الورثة ،أو هو من
نقص ْ
ضد العول؛ وهو ٌ
الرّدّ :
ّ -
بقدر ِ
الفروض ،وال ُم ْستَحق له من العصبات إليهم ْ ِ
فروض ذوي فض َل عن
ف ما ُ
صر ُ
ْ
حقوقهم.٢
لكل و ٍ
ارث من أصل المسألة. الم ْعطَى ِّ
السهم :هو الجزُء ُ
س ْهم؛ و َّ
-السِّهام :جمعُ َ
ط.4
الفروض التّركة سق َ
ُ بعد صاحب الفرضِ ،
فإن استغرقت صاحب فرض أخذ ما بقي َ
ُ
الورثة.7
بالرّد ،وال ينقص إال ٍ -الفرض :هو نصيب مقدَّر شرعا لو ٍ
مخصوص ،ال يزيد إال ّ ارث ً ٌ ٌ
بالعول.1
أبناء
ق على أوالد الميت ،وا ْن نزلوا؛ ففروع الميت :هم أبناؤه ،وبناتُ ُه ،و ُ
طلَ ُ
-الفرعُ :ي ْ
إبراهيم بن عبد هللا الفرضي :العذب الفائض شرح عمدة الفارض ،ج ،1ص.19 .1
المرجع نفسه ،ج ،2ص.3 .2
المرجع نفسه ،ج ،1ص.110 .3
المرجع نفسه ،ج ،1ص.15-10 .0
انظر :كتاب التعريفات ،علي بن محمد الجرجاني ،تحقيق :إبراهيم األبياري ،دار الكتاب العربي ،بيروت ،ط1013 ،2هـ ،ص.245 .5
إبراهيم بن عبد هللا الفرضي :العذب الفائض شرح عمدة الفارض ،ج ،1ص.01 .4
21
-الكاللة :هو من مات وليس له ولد وال والد.٢
ب :هو القرابة (الرحم)؛ وهو اتصال بين شخصين باالشتراك في والدة ،قريبة أو َّ -
الن َس ُ
ك ّأنها
اإلسالميةُ ،يدر ُ
ّ أقرتْها الشريعةُ
المتأم َل في أحكام الميراث التي َّ
ِّ يب َّ
أن ال ر َ
آن جلُّها
اآلالف من الكتب والمجلّدات ،قد عرضها القر ُ
ُ المئات و
ُ ودراستها ،وأُلِّفَ ْ
ت فيها
ظهيرا.
ً ٍ
لبعض بعضهُ ْم
ُ
ليتبي َن له
يتعرف إلى ما كان عليه الميراث قبل اإلسالمّ ،
أن َّولعلّه من المفيد للباحثْ ،
كل ِ
البعد بعيدا َّ
عظمة اإلسالم ودقّته وعدالَتَه في التشريع ،فيما كان التوارث قبل اإلسالم ً
القبلية.
العصبية ّ
ّ النعرات الجاهلية ،و
الرحمة ،ويقوم على ّ
الدقّة و ّ
الع ْدل واإلنصاف و ّ
عن َ
إبراهيم بن عبد هللا الفرضي :العذب الفائض شرح عمدة الفارض ،ج ،1ص.14 .1
انظر :تفسير القرآن العظيم ،الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي ،تحقيق :سامي بن محمد السالمة ،دار طيبة ،الرياض ،اإلصدار .2
الثاني ،ط1022 ،1هـ ،ج ،2ص.234
إبراهيم بن عبد هللا الفرضي :العذب الفائض شرح عمدة الفارض ،ج ،1ص.19 .3
المرجع نفسه ،ج ،1ص.02 .0
22
موسوما بالظّلم الس ِ
بب ،وكان النسب و ّ
يقوم على ّ
ً ارث في الجاهلية ُ
لقد كان التو ُ
الدفاع
صرة و ّ القوة وال ّشجاعة و ُّ
الن ْ قائما على ّ
فإنه كان ً
الن َسبّ ،
حيث ّ
ُ واإلجحاف ،أما ِم ْن
يعدون
نادرا ،حيث ّإنهم كانوا ّ
البنت ترث إال ً
ُ الغنائم ،ولم ِ
تكن َ الرماية ،وال يحوزون
ّ
النساء من َس ْقط المتاع .وقد أشار القرآن إلى هذه العادة القبيحة ،ونهى عنها في قوله
ّ
د .ناصر بن محمد الغامدي :الخالصة في علم الفرائض ،ص .00 .1
سورة النساء ،اآلية. 19 .2
أخرجه البخاري في كتاب التفسير ،عند تفسير سورة النساء ،ح . 0519فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،ج ،2ص.93 .3
29
حرم الورثة الصغار والنساء
وهكذا كان الميراث في الجاهلية فيه ظلم واجحاف؛ َ
ولهذا َّبين اهلل تعالى لهم خطأهم ،وذ ّكرهم بأنهم سيحتاجون إلى أوالدهم ْ
من بعدهم،
سديدا).٠
ً وليقولوا قوالً
يصنع
َ أن
يحب ْ
ّ للصواب ،ولينظر لورثته كما كان
ويسدده ّ
ّ قي اهلل ،ويوفّقه
يسمعهُ أن يتّ َ
ُ
ٍ
وشروط .قال تعالى: الصغار نصيبباً من الميراث بضوابطَ
وفرض للبنات والنساء و ّ
َ
ون ك ا ْل َوالِ َد ِ
ان َواألَ ْق َرُب َ يب ِّم َّما تََر َ
ص ٌان واألَ ْقربون ولِ ِّلنساء َن ِ ِ
ب ِّم َّما تََر َك ا ْل َوال َد ِ َ َ ُ َ َ َ
(لِ ِّلر َج ِ
ال َنصيِ ٌ
ِ
نصيب ضعف
َ ضعيف ِهم وقويِّهم ،وأعطى َّ
الذ َك َر ِ وكبيرِه ْم،
ِ صغيرِه ْم
ِ الذكور في الميراث،
ْ
عائلي ٍة كبيرٍة.
ّ األنثى ،لما يلزمه من التز ٍ
امات
مظاهرِه:
ِ وكان من
سب
وي ْن َ
أبوةَ َم ْن ليس بولده ،ويجعله ابناً لهُ ،
شخص َّ
ٌ َّعي
أن يد َ
اإلرث بالتّبني ،ومعناهْ :
المتبني،
تبنى إذا كان كبي اًر من ُ
الم َ
إليه دون أبيه الحقيقي من النسب ،فيرث الولد ُ
يد
النبي صلى اهلل عليه وسلم ز َ
ُّ فقد تبنى
استمر حتى صدر اإلسالم؛ ْ
وكان التبني شائعاً و َّ
آلبائِ ِه ْم
وه ْم َ
يل { ْ } 4اد ُع ُ ق َو ُه َو َي ْه ِدي َّ
السبِ َ اه ُك ْم واللَّهُ َيقُو ُل ا ْل َح َّ
َ
أ َْبَناء ُكم َذلِ ُكم قَولُ ُكم بِأَ ْفو ِ
ْ ْ ْ َ َ ْ
يما {.٢)} 7 ت ُقلُوب ُكم و َكان اللَّه َغفُ ا ِ َخ َ ِ ِ ِ ِ
ور َرح ً
طأْتُ ْم به َولَك ْن َما تَ َع َّم َد ْ ُ ْ َ َ ُ ً يما أ ْ
فَ
وهدمي هدمك ،تنصرني وأنصرك ،وترثني وأرث منك ،وتعقل عني وأعقل عنك .فيقبل
اآلخر هذا ،ويتحالفان على ذلك؛ فمن مات أوًال ورثه صاحبه ،فإذا كان ِ
ألحدهما أبناء ّ
مولى الموالة.
هذا في ابتداء اإلسالم ،ثم" ُنسخ بعد ذلك بقوله تعالى( :ولكل جعلنا موالي مما ترك
الوالدان واألقربون).٢"٢
شدة".4
يزده اإلسالم إال ّ
ف في اإلسالم ،و ّأيما حلف كان في الجاهلية ْلم ْ
ح ْل َ
نسخ ،وهذا معنى قوله صلى اهلل عليه وسلم في هذه األحاديث: الحق :فهذا با ٍ
ق لم ُي ْ
يزده اإلسالم إال شدة" ،وأما قوله صلى اهلل عليه وسلم: "و ّأيما ح ْل ٍ
ف كان في الجاهلية لم ْ
أعلم".٠
حينها
ت َ انقطع ْ
َ ي وبالعكس ،وقد
يرث أخاه األنصار َّ
ي ُ وكان المهاجر ُّ
َ اهلل ،وطاعةً هلل،
بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من َواليتهم من
ُ ونصروا أولئك
شيء حتى يهاجروا وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر إال على قوم بينكم وبينهم
ِ
بقول اهلل سبحانه وتعالى( :وأولو األرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اهلل من
مسطور).٢
ًا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفًا كان ذلك في الكتاب
المؤمنين والمهاجرين إال ْ
شرح النووي على صحيح مسلم ،ا المجلد السادس (. )45-40/14 .1
سورة األنفال ،اآلية. 12 .2
أبو عبيد القاسم بن سالم الهروي :الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن ،تحقيق :محمد بن صالح المديفر ،مكتبة .3
الرشد ،الرياض ،ط1012 ،2هـ ،ص.220
33
خصائص التشريع اإلسالمي في المواريث:
كالتدرج في
ّ تدرَج في كثير من األحكام الشرعية
اإلسالم في تشريع الميراث ،كما َّ
ُ تدرَج
َّ
ٍ
عادات ت عليه من
وتعوَد ْ
نفوس القوم ّ
ُ درج في عتق العبيد ،لما ألفته
تحريم الخمر ،والتّ ّ
ٍ
موروثة من اآلباء واألجداد. و ٍ
أحكام
ِ
األسباب التي كانت قائم ًة في الكثير من ألحكام المير ِ
اث ِ يع ِه
أبطل اإلسالم من ُذ تشر ِ
َ لقد
َ ُ
ِ العد ِل و
اإلنصاف. ِ
الحكمة و ْ أسبابا أخرى قائمةً على مكانها
ع َ الجاهلية ،وشر َ
ً
العد ِل والمساو ِاة والر ِ
حمة من ْ
ّ انين دقيقةً للمواريث ،فيها َ
ط وقو َ
اإلسالم ضواب َ
ُ وضع
َ ثم
ومن َّ
ْ
َّ
وفض َل ال ّذكر على األنثى في الميراث إذا ِ
أصل الميراث، بين الورثة في
للجميع ،فساوى َ
نصيبا
ً أنصفها ،وجع َل لها
َ اإلسالم
َ اثَّ ،
فإن الجاهليون قد حرموا المرأةَ المير َ
ّ واذا كان
ان واألَ ْقربون ولِ ِّلنساء َن ِ ب ِّم َّما تَر َ ِ مفروضا ،قال تعالىِ :
(ل ِّلر َج ِ
ال َنصيِ ٌ
يب ِّم َّما
ص ٌ ك ا ْل َوال َد ِ َ َ ُ َ َ َ َ
ِ ِ ان واألَ ْقرب ِ تَر َ ِ
ون م َّما َق َّل م ْنهُ أ َْو َكثَُر َنصيباً َّم ْف ُر ً
وضا) .٠ولم يقل سبحانه :للرجال ك ا ْل َوال َد ِ َ َ ُ َ َ
وللنساء نصيب مما ترك الوالدان واألقربون ،داللةً على أهمية المرأة وقيمتها في التشريع
اإلسالمي.
الن َس ِب في
اث َّ
اإلسالم مير َ
ُ األقوياء من الميراث ،كما "حصر
َ الكبار
َ اإلسالم
ُ يحرم
َ أن
عينها.
اإلسالم هو العدالة ُ
ُ تمعنوا في األمر ،لوجدوا َّ
أن ما قضاه ّ
منطق الفطرِة
ُ َّ
إن اإلسالم في الواقع ،ساوى بين الرجل والمرأة حيث المساواةُ هي
بحال من األحو ٍ
ال ،حتى ولو كانت ٍ ٍ
بشيء من ذلك اإلنفاق ومشقّة العمل ،ولم يكل ْفها
د .ناصر بن محمد الغامدي :الخالصة في علم الفرائض ،ص .54 .1
35
المادّي ِة وااللتزامات االجتماعية،
ّ ِ
األعباء الكثير من
َ جل
الر َ
اإلسالم ّ
ُ حم َل
وهكذاَّ ،
ِ
نصيب األنثى، ضعف
َ نصيب ال َذكر
ُ يكون
َ أن
وأعفى المرأةَ منها ،وكان العد ُل يقتضي ْ
أقره اإلسالم.
وهذا ما ّ
فقد ِ
جميعهاْ ، ردا في الحاالت
الرجل على المرأة في الميراث ليس مطّ ً على َّ
أن تفضيل ّ
ألم ،٢قال
مساويا لميراث الرجل ،كما في ميراث األخوة واألخوات ّ
ً يكون ميراث المرأة
األم في بعض الحاالت ،قال تعالى( :وألبويه لكل واحد منهما اث ِ
األب و ِّ وكما في مير ِ
ِ
بعض أحوالهم.7 الجدة في
الجد و ّ
4
السدس مما ترك إن كان له ولد) ،و ّ
ِ ٍ
المعيار الذي
َ ون ِّ
حد َد سنقوم بدراستها ًّ
نحوياُ ، ُ اآليات التي نحد َد ال ُب َّد بادئ ذي َب ْدءْ ،
أن ِّ
موضوعيةً صحيحةً.
ّ تكون دراستنا
اعتمدناه في اختيارنا حتى َ
يم).٠واللَّه علِ ِ
يم َحل ٌ
َ ُ َ ٌ
ِ ِ ِ ِ ون َ ِ
ف
ص ُ
ت َفلَهَا ن ْ
ُخ ٌ
ك لَ ْي َس لَهُ َولَ ٌد َولَهُ أ ْ ك ُقل اللّهُ ُي ْفتي ُك ْم في ا ْل َكالَلَة إِ ِن ْ
ام ُرٌؤ َهلَ َ (ي ْستَ ْفتُ َ
َ -
يم).٢ِ
َعل ٌ
أما اآليات المجملة فهما اآليتان 8 ،7من سورة النساء ،واآلية 77من سورة األنفال:
تتب َع
الم ّ الجر (في) في قوله تعالى( :يوصيكم اهلل في أوالدكم)َّ :5
إن ُ -اختيار حرف ّ
نوحا)..4 ٢
وصاكم به) ،وقوله (شرع لكم من الدين ما وصى به ً
ه ذه اآليات جاءت فيها الوصية مصحوبة بالباء ،أما في اآلية التي نحن بصدد دراستها،
يكون
َ مصحوبا بـ (في) ،وال ُب َّد ْ
أن ً وصى اهلل اآلباء واألبناء ،جاء الفعل يوصيكم
عندما ّ
َّ
"فكأن الوصية أرادها في ذلك حكمةٌ وبالغةٌ ،ال َّ
سيما َّ
أن القائل هو اهلل تبارك وتعالى،
الوصية" ،7ويقول
ّ ت
ومثبت ًة في األوالد ،فكلّما رأيت الظرف ،وهو الولد ذ َك ْر َ
اهلل مغروسةً ّ
الجور
ْ السهيلي في توجيه اختيار هذا الحرف ":ألنه أراد العدل فيهم والتحذير من
عليهم".1
ويقول ابن عاشور(" :في) هنا للظرفية المجازية ،جعلت الوصية كأنها مظروفة في
الموصى به
َ مر معنى أقوى من اإللصا ِ
ق؛ إ ْذ جع َل األ َ أدى ً
واستخدام الحرف (في) قد ّ
استخدامه في سيا ٍ
ق ما ،إلى استخدام حر ٍ
ف شاع ِ ذلك َّ
أن القرآن الكريم حين يعد ُل عن
ُ ْ
ليؤدَيه ،كما
بالغي ،ما كان الحرف األصي ُل ّ معنى
يد أن يلفتَنا إلى ً
آخرّ ،إنما ير ُ ٍ
ٍّ حرف َ
النخل في قوله
السحرة في جذوع ّ
سيصلب ّ
ُ عون ّأنه
أخب َر عن فر َ
في قوله تعالى حين َ
بالرجوع إلى المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي. .1
سورة لقمان ،من اآلية .10 .2
سورة األنعام ،من اآلية .153 .3
سورة الشورى ،من اآلية .13 .0
محمد متولي الشعراوي :تفسير الشعراوي ،أخبار اليوم ،ج ،0ص.2420 .5
عبد الرحم ن بن عبد هللا السهيلي :الفرائض ،تحقيق :د .إبراهيم البنا ،المكتبة الفيصلية ،مكة المكرمة ،ط 1045 ،2هـ ،ص.22 .4
محمد الطاهر بن عاشور :تفسير التحرير والتنوير ،تونس ،الدار التونسية للنشر1920 ،م ،ج ،0ص.251 .1
39
ليشير إلى
َ ألصلبَّن ُك ْم على جذوع النخل،
َ يقل (ألصلَِّبَّنكم في جذوع ّ
الن ْخل) ،ولم ْ َ تعالى:
النخل.
اء ّفحسب ،واّنما أراد أن تدخ َل أجزاؤهم بأجز ِ
ُ ُ
٠
للوصية؛ فهي
ّ وقد أفاد الحرف (في) في قوله تعالى (يوصيكم اهلل في أوالدكم) ،تأكيداً
َّ
وجل استخدمها في ذلك ألن اهلل َّ
عز اإللصاق ،وال يقوم حرف الجر (في) مقامهاَّ ،
ق.
ق والتعلّ ُ
الع ْم ُ ِِ ِ بين األمرين ،وفرق بين ِ
حيث ُ
من ُ
اإلنسان بماله ،وصلته بولده ْ صلة َ
األحكام التّالية:
َ وبهذا يكون الحرف الجر(في) ،قد حقَّ َ
ق
الوصية ،وهي إيصال الميراث إلى الورثة ،و ّأنه واجب وليس أهمّية هذه َّ
ّ -٠دل على ّ
مباحا.
مندوبا وال ً
ً
جميعا
ً الد
الوصية األو َ
ّ دل على وجوب تحقيق العدالة بين األوالد ،فقد تناولَ ِت
َّ -٢
ذكور أم إناثًا.
كباراً ،ا
صغار كانوا أم ً
ًا
اآلباء واألو ِ
الد. ِ ِ
العالقة بين قوة َّ
-٢دل هذا االستخدام على ّ
الح َس َن
س َ القسمة بين الورثة اختير الحرف (أو) وليس الواو..فكان من قبيل قولك جالِ ِ
يحصل
َ أن كل ٍ
مال ْ ت في ِّ
ود ْي ٍن لَ َو َجَب ْ
ت األمر ،فكذا هنا لو قال من بعد وصية َ
خال ْف َ
األمران".٢
ق فيه
أن تتحقّ َ ٍ ٍ َع ِ
شخص واحد ،فإما ْ ق الوصفان في
دم اجتماع الوصفين ،فال يتحقّ ُ
ا ّلرجولة أو األنوثة.
الملك واالستحقاق ،٠كقوله تعالى( :هلل ملك السموات واألرض) .٢وقد جاءت األنصبة
اح ٍد
ف وِألَبوْي ِه ِل ُك ِّل و ِ
َ ص ُ َ ََ الن ْ
توِ
اح َدةً َفلَهَا ِّ ق اثَْنتَْي ِن َفلَهُ َّن ثُلُثَا َما تََر َ
ك َوِا ْن َك َان ْ َ
ِ
ُك َّن ن َس ً
اء فَ ْو َ
ام َأرَةٌ
ْ ِ
َوأ ة
ً ل
َ ال
َ ك
َ ث
ُ ور
َ ي
ُ ل
ٌ ج
ُ رَ ان
َ ك
َ ن
ْ ا
و
ِ َ ( وقوله: ،7
ان لَ ُك ْم َولَ ٌد َفلَهُ َّن الثُّ ُم ُن ِم َّما تََرْكتُ ْم)
فَِإ ْن َك َ
األحكام التّاليةَ:
َ
ٍ
نقصان. النصيب دون ز ٍ
يادة أو ِ
المذكور بهذا ّ اختصاص الو ِ
ارث ِ على
َ
المورث بعد ِ
وفاة ك هذا الما َل ،ويؤول الما ُل إليه َ
ارث يمل ُ
أن الو َ -٢والالم دلَّ ْ
ت على َّ
ّ
ِ
وتنفيذ وصاياه. ِ
وسداد ديونِه، وتجهيزِه،
ِ
بهاء الدين عبد هللا بن عقيل العقيلي الهمداني المصري :شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ،ج ،2ص.24 .1
سورة الشورى ،من اآلية .09 .2
سورة النساء ،من اآلية .11 .3
سورة النساء ،من اآلية .11 .0
سورة النساء ،من اآلية .11 .5
سورة النساء ،من اآلية .12 .4
سورة النساء ،من اآلية .12 .1
سورة النساء ،من اآلية .12 .2
02
يرث
العبد ال ُ
َ أن -٢استعما ُل الالم هنا بداللته على الملك واالختصاصَّ ،
دل على َّ
العبد ال يملِ ُ
ك؛ إ ْذ َ بالمور ِث َّأيةُ قر ٍ
ابة أخرىَّ ،
ألن ِّ ابنا ،أو تربطُه
اء أكان ً
شيئا سو ٌ
ً
حوي للجمل:
معايير التّحليل ال ّن ّ
ٍ
ببعض. عالقة ِ
بعضها ِ ِ
الكلمات في يدرس العلم الذي "الجملةُ ميدان ِ
ُ ألنه ُالنحو؛ ّ
علم ّ ُ
معين ًة تتأثُّر
تؤدي وظيفةً ّ صبِ ُح لها ً
معنى نحويٌّ؛ أي ّ ٍ
وحين تكون الكلمةُ في جملة ُي ْ
َ
أيضا".٠ ِ
الكلمات وتؤثّر في ِ ِ
غيرها ً من
بغيرها َ
د.عبده الرّاجحي :التّطبيق النّحوي ،دار النّهضة العربيّة ،ط ،1بيروت ،2440ص .13 .1
المرجع نفسه ،ص .13 .2
د .عبده الرّاجحي :التّطبيق الصّرفي ،دار النّهضة العربيّة ،بيروت ،1910ص .1 .3
03
وعمليات الدراسة ِ
بقصد تسهيل ّ قد يحدث ذلك
طبيعي ،واّنما ْ أمر غير ِ ِ
ّ ٍّ اللغة المختلفة ٌ
غير".٠
التّحليل اللّغوي ال َ
ِ
الكلمات في الجمل .ومث ُل هذه بين ِ من شأنِها أن
تكشف عن العالقات َ
َ متعمق ًةْ ،
ّ
القاموسية".٢
ّ حوية ،و
الن ّ
الفونولوجية ،و ّ
ّ وتية ،و
الص ّ
ّ
٢
الدراسات
علم اللغة ،وغاية ّ
الفعلية
ّ االسمية والجملة
ّ الجملة
حد َد
أن ُي ّ عينهُ على فهم دالالت اآلياتَّ ، ٍّ اسمي ٍة
من واجبه ْ
فإن ْ أن تُ َ
وفعلية من شأنها ْ ّ
تباينا في آراء
ثمةَ ً سيما َّ
أن َّ النحويةَ التي سيتّبعها في تقسيم الجمل ،ال ّ
اللغويةَ و ّ
ّ المعاي َير
اسمي ٍة،
ّ ٍ
جملة اإلسنادية -إلى
ّ النحويون على تقسيم الجملة – حسب أركانها
لقد درَج ّ
ْ
رطية ،والجملة
الزمخشري أضاف إلى هاتين الجملتين ،الجملةَ ال ّش ّ
أن ّفعلية .غير َّ
وأخرى ّ
د .حلمي خليل :مق ّدمة لدراسة علم اللغة ،دار المعرفة الجامعيّة2444 ،م ،ص .141 .1
وردت في األصل خطأ " درايات".ْ .2
د .محمود السعران :علم اللغة مقدمة للقارئ العربي ،دار النّهضة ،بيروت ،ص .241 .3
00
وفعلية ،وُيخرُج ُك ًّال من ال ّش ّ
رطية ّ اسمية
ّ رفية" .٠أما ابن يعيش ،فيراها اثنتين فقط:
الظّ ّ
الفعلية".٢
ّ من التّأويل في باب ٍ
بكثير َ الظرفية من جدول األنواعُ ،مدخالً إياهما
و ّ
ينقده قائالً" :واعلم ّأنه قسم الجملةَ إلى أر ِ
بعة ثم ُ الزمخشريَّ ،
أي أستاذه ّ
ّ ْ ابن يعيش ر َ
ويورد ُ
ُ
فعلي ِ
تين: ِ
جملتين ّ رطية في التّحقيق مرّكبةٌ من اسمية َّ
ألن ال ّش ّ فعلية و ّ
الحقيقة ضربانّ :
أن
الفعلية ْ
ّ الفعلية وكان األص ُل في الجملة
ّ من أنواع الجمل
معه" فهذه الجملة وا ْن كانت ْ
َّ
يستقل الفع ُل بفاعله نحو قام زيد ،إال ّأنه دخ َل ههنا حرف ال ّشرط (فـ) ربطَ ك ّل جملة من
يعد
ك عمرو ،فالهاء في تكرمه عائدة إلى زيد ولم ْ
إن تُكرمه يشكر َ
يد ْ
احد نحو :ز ٌ
عائد و ٌ
ٌ
الفعلي ِة،
ّ ِ
الجملة من ِ
قبيل رطيةَ ْ الجمل ثالثةَ أقسامُّ ،
ويعد الجملةَ ال ّش ّ َ فيقسم
ابن هشام ّ
أما ُ
ّ
من ِ
قبيل الجملة اب ّأنها ْ
الصو ُ
رطي َة ،و ّ
الزمخشري وغيره الجملةَ ال ّش ّ
حيث يقول" :وزاد ّ
ِ
صدر الجملة: ِ
األقسام الثالثة هو ما يقعُ في ابن هشام المائز بين 7
جعل ُ
وقد َ
الفعلية" ْ .
ّ
انظر :البحث النحوي عند األصوليين ،د .مصطفى جمال الدين ،دار الرّشيد للنّشر ،العراق ،1924ص .202 -201 .1
وانظر :ال ّشرط في القرآن على نهج اللسانيّات الوصفيّة ،د .عبد السالم المسدي -د .محمد الهادي الطرابلسي ،الدار العربيّة للكتاب،
ليبيا-تونس ،1925ص .19
د .عبد السالم المسدي -د .محمد الهادي الطرابلسي :ال ّشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفيّة ،ص .19 .2
ابن يعيش :شرح المفصل ،ج ،1ص .22 .3
ابن يعيش :شرح المفصّل ،ج ،1ص .29 .0
ابن هشام :مغني اللبيب ،تحقيق المبارك وحمد هللا ،ج ،2دار الفكر ،لبنان ،ص .021 .5
05
وقائم
ٌ قائم ،وهيهات العقيق،
يد ٌ اسم كـ ز ٌ
صدرها ٌ
ُ "فاالسمية هي التي
ّ .٠
الزيدان".
ّ
يد
وضرب اللّص ،وكان ز ٌ
َ درها فع ٌل ،كقام زيد،
الفعليةٌ هي التي ص ُ
" .٢و ّ
الدار
ك زيد؟ أو في ّ ٍ
مجرور نحو :أعند َ ٍ
بظرف أو ص َّد َرةُ
الم َ
رفية هي ُ
" .٢والظّ ّ
أن الظَّ َ
رف ك َّ
قسما ثالثاً؛ ذل َ
الظرفية ً
ّ اعتبار الجملة
َ المحدثين
َ الباحثين
َ بعض
ُ وقد أنكر
ْ
معتمدا على
ً متضمناً معنى الفعل بحيث ينزل منزلته ،سواء كان الظرف
ِّ يكون
َ أن
إما ْ
الكوفيونَّ ،
فإن الجملة ّ ط البصرّيون -أم غير معتمد ،كما يرى
نفي أو استفهام -كما اشتر َ
ٍ
متضمًنا
ِّ أن يكون الظّرف غير معتمد ،وال
الفعلية .وا ّما ْ
ّ رفية تكون من قبيل الجملة
الظّ ّ
الفعلية
ّ ليست جملةً قائمةً بذاتها ،بل هي شبه جملة ،أو جزء من الجملة
ْ
ك تندرُج في إطارهما.
االسمية ،ولذل َ
ّ أو
الفعلية،
ّ االسمية أو
ّ رفية في إطار الجملة
الجمل ودراستها ،سأُ ْدرُج الجملةَ الظّ ّ
ترك
نصيب مما َ
ٌ (للرجال
تعالى -على سبيل المثال -في إحدى آيات الميراث ّ
كثر َّ
ك الوالدان واألقربون مما قل منه أو َ
وللنساء نصيب مما تر َ
الوالدان واألقربون ّ
فعلية. َّ
المصدرة بالفعلّ : اسمية ،والجملة
المصدرة باالسمّ :
ّ
أجاز ذلك
وقد بنى البصرّيون على ذلك عدم جواز تقديم الفاعل على فعله ،و َ
ْ
ويسمونها
ّ اسمية عند البصريين،
ّ طلَ َع) جملة
فجملة مثل (البدر َ الكوفيون؛
ّ
تقد َم فاعلها.
فعلية ّ
جملة ّ
من هذين
تبني رأي ْ من ِ
شأن ّ دراسته دقيقة ،واضحة المعالم واألهدافَّ .
فإن ْ
حوية التي
الن ّ
الدراسة ّ ك َّ
ألن ّ السياق ،ذل َ
عين على فهم دالالت ّ
أن ُي َ
الرأيينْ ،
ّ
أن َّ
نعدها كما أسماها الكوفيون ،-إنما يمكن ْ
ّ الفعلية -كما يشير
ّ إطار الجملة
فعلية.٠
اسمية ،وأخرى ّ
التي هي مرّكبة من جملة ّ
(منطلق زيد) ،وهذا ما أشار إليه عبد القاهر الجرجاني في كتابه دالئل اإلعجاز
انظر :البحث النّحوي عند األصوليين :د .مصطفى جمال ال ّدين ،ص .251 .1
02
كل ٍ
باب أن ينظر في وجوِه ِّ
الناظم بنظمه غير ْ
شيئا يبتغيه ّ
حيث يقول" :وال نعلم ً
زيد ،وينطلق زيد ،ومنطلق زيد ،وزيد المنطلق ،والمنطلق زيد ،وزيد هو المنطلق.
رجت
إن تخرْج أخرْج .وا ْن خ َ
وفي ال ّشرط والجزاء إلى الوجوه التي تراها في قولكْ :
خرجت خارج.٠"...
َ إن
إن خرجت .وأنا ْ
خرجت .وا ْن تخرْج فأنا خارج .وأنا خارج ْ
فإنها في
االسميةّ ،
ّ الفعلية والجملة
ّ معنى َّ
مركًبا من الجملة الجملة المزدوجة تحم ُل ً
إلى محدث.
عبد القاهر الجرجاني :دالئل اإلعجاز ،القاهرة 321هـ ،ص .45 -40 .1
فندريس :اللغة ،ص .143-142 .2
09
من ذلك َّ
ألن هذه الجملة مرّكبة ْ .٢الجملة المزدوجة مثل (البدر طلع)َ ،
جملتين :جملة صغرى تقع محموالً داخل الجملة الكبرى على ِّ
حد قولنا
ٍ
بضمير يرجع إلى ما قبله فـ (البدر طَلَ َع) تعني (البدر طََلعَ يحا أو
إما صر ً
ّ
فعلية.٠
هو) فيكون الخبر جملة ّ
رطية:
ش ّ الجملة ال ّ
ال ّشرط في اللغة" :إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه" ،٢و"ال ّشرط بفتح ال ّشين
ِ
أساليب أسلوب من
ٌ أما الجزاء فهو المكافأة على الشيء ،وهو في االصطالح
وفعلية،
ّ اسمية
ّ اإلسنادية إلى
ّ قسموا الجملة بحسب أطرافها
النحويين ّ
أن ّذكرنا َّ
رطية ،على
قسما ثالثًا هو :الجملة ال ّش ّ
الزمخشري وتابعوه ،فأضافوا ً
وخالفهم في ذلك ّ
د .مصطفى جمال ال ّدين :البحث النّحوي عند األصوليين ،ص .251 .1
لسان العرب :ما ّدة (شرط) .2
ابن يعيش :شرح المفصّل ،ج ،1ص .01 .3
سورة محمد ،اآلية .12 .0
سيبويه :الكتاب ،ج ،1ص .031 .5
54
رطية ال
الفعليةَ يكتفى فيهما بالمسند والمسند إليه ،والجملة ال ّش ّ
االسميةَ و ّ
ّ أساس َّ
أن
حيث دالالتُها،
من ُمن حيث شكلُها ،وليس ْ ويبدو لي َّ
أن رأي ابن هشام ُيحلّل الجمل ْ
الداللة.
النحوي وغيره من المستويات إال لخدمة مستوى ّ
وما غاية دراسة المستوى ّ
الصدد كانوا
نحوية واحدة ،أم جملتان؟ .وفي هذا ّ
ّ الشرطي جملة
ّ -1هل التّركيب
يتجز إال شيء يسير ،حيث يقول" :وتدخل (إن) على جملتين ط ٌّ
كل ال ّأ الواضح َّ
بأن ال ّشر َ
وسكت ال يكون
ّ إن تأتني
عقدت إحداهما باألخرى حتى لو قلت ْ
ْ إن
دخلت ْ
ْ فلما
آتيكّ ،
اإلعرابي والبحث عن العام في جواب ال ّشرط ،وهذا ما يحاول بعض المحدثين تداركه
اللغوي ،بينما
ّ النظر
ولكنه يقصر هذا االعتبار على ّ
معا عن فكرة واحدةّ ،
يعبران ً
ّإنما ّ
العضوية في التّركيب
ّ النصوص فقد أبرزوا هذه اللّحمة
النحو من خالل ّ
أما مؤلّفو ّ
ّ
اسما،
وقد تكون ً
قد تكون حرفًاْ ،
شرطية ،وهذه الكلمة ْ
ّ أو الجزاء ،تربطُ بينهما كلمة
متضمن في ال ّشرط،
ِّ "تضمن"؛ أي َّ
أن الجوب ّ ط علّةُ الجواب ،أو عالقة أي َّ
أن ال ّشر َ
انظر :الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفيّة ،ص .21-24 .1
انظر :الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفيّة ،ص .22 .2
52
"العلية" هي
ّ أن فكرة
أو عالقة "تعليق" أي الجواب معلّق على ال ّشرط ،ومن الواضح ّ
االسمية
ّ رطية قسماً مستقالً عن الرأي الذي ُّ
يعد الجملة ال ّش ّ الباحث إلى ّ
ُ ويميل
يؤديه هذا
يوضح حقيقة األقسام ،بل التّمايز في وظيفة تركيب الجملة وما ّ
ّ شكلي ال
ٌّ
االسمية َّ
يعبر به عن (اتّحاد) بين شيئين في الخارج كانا في ال ّذهن متغايرين ،هما: ّ
منسوبا إلى
ً أن يكون صدره فعالً ولكن الحقيقة َّ
أن التّركيب ال ّشرطي ،وان اشترط ْ ّ
يتضمنه
ّ يتضمنه فعل ال ّشرط ،بل ما
ّ فاعل ،إال َّ
أن (الحكم) في هذا التّركيب ليس ما
وقد
فعليةْ ،
وقد يكون جملة ّ
اسمية ْ
ّ جزاؤه المعلَّق على شرطه وهو ْ
قد يكون جملة
أما فعل ال ّشرط فهو توطئة وقيد هذا الحكم ،ولذلك جعل
إنشاءّ ،
ً وقد يكون
خبر ْ
يكون ًا
النسبة
رطية إ ًذا تختلف في طبيعتها عن ّ
فالنسبة التّامة ال ّش ّ
فعلية ّ
ال ّشرط لتكون الجملة ّ
ك َّ
ألن هذه النحاة ،ذل َ
ب بعض ّ ِ
(قد قام زيد) و(ما قام زيد) و(هل قام زيد؟) كما َحس َ
ْ
امة لجملتيها بحيث أفقدتهما استقاللهما وما يترتّب على تماميتهما من
النسبة التّ ّ
ّ
نعب ُر بها
امة التي ّ
أن يكون التّقسيم للجمل التّ ّ
وعلى هذا الفهم من طبيعة التّركيب ،ينبغي ْ
امة ،هي:
النسب تتمايز بها الجمل التّ ّ
اع من ّ النسب الثالث ،أي َّ
أن هناك ثالثة أنو ٍ عن ّ
ويعبر عنها
ّ الحدثية التي تقع بين طرفي إسنادهما :الحدث ومحدثه،
ّ النسبة
ّ -٠
الفعلية.
ّ بالجملة
د .مصطفى جمال ال ّدين :البحث النّحوي عند األصوليين ،ص .251 -254 .1
المرجع السّابق ،ص 251 .2
50
حادية التي تقع بين طرفي إسنادهما :المبتدأ والخبر ويعبر عنها
النسبة االتّ ّ
-٢و ّ
االسمية.
ّ بالجملة
حادية.
النسبة االتّ ّ
الحدثية و ّ
ّ النسبة
النسبة المزدوجة المرّكبة من ّ
-٢و ّ
رطية.
ويعبر عنها بالجملة ال ّش ّ
جديدة هما :المعلّق والمعلّق عليهن ّ
٠
مما ترك الو ِ
الدان واألقربون) (-للر ِ
نصيب ّ
ٌ جال ّ
٢
مما ترك الوا ِ
لدان واألقربون) (للن ِ
نصيب ّ
ٌ ساء ّ -
٢
األنثي ْي ِن) (للذ َك ِر مث ُل حظِّ
َّ -
َ
4
كان له ولد) ِ ِّ ٍ
إن َك ْ
مما تر َ
ُّدس ّ
(-وألبويه لكل واحد منهما الس ُ
7
حكيما)
ً عليما
كان ً َّ -
(إن اهللَ َ
(-ولكم نِ ُ
1
إن ْلم يكن َّ
لهن ولد) ك أزواجكم ْ
صف ما تر َ
7
إن ْلم يكن لكم ولد)
الربعُ مما تركتم ْ َّ -
(ولهن ّ
8
عليم حليم)
(-واهللُ ٌ
٠ حدود ِ
اهلل) ُ ك
(-تل َ
4
يكن لها ولد)
إن ْلم ْ
(-وهو يرثها ْ
7 ٍ
شيء عليم) (-واهلل ِّ
بكل ُ
1
ببعض في ِ
كتاب اهلل) ٍ بعضهم أولى
ُ ِ
األرحام (-وأولو
8
مفروضا)
ً (نصيبا
ً -
9
ذرّيةً ضعافًا خافوا عليهم)
من خلفهم ّ
ش الذين لو تركوا ْ
(-وْلَي ْخ َ
٠١
سديدا)
ً (-ف ْلَيتّقوا اهللَ وْليقولوا قوالً
٠٠
(-يوصيكم اهللُ في أوالدكم)
٠٢
(-فريضةً من اهلل)
٠٢
(وصيةً من اهلل)
ّ -
(-يستفتونك(٠
٢
أن تضلّوا)
ِّن اهللُ لكم ْ
(-يبي ُ
7
ذرّيةً ضعافًا خافوا عليهم)
من خلفهم ّ
(-لو تركوا ْ
1
فلهن ثلثا ما ترك) ِ
اثنتين َّ نساء فوق
ً (فإن َّ
كن ْ -
7
النصف)
كانت واحدةً فلها ّ
ْ (-وا ْن
8
كان له ولد) ألبويه ِّ ٍ
(-و ِ
إن َك ْ
دس مما تر َ
الس ُ
لكل واحد منهما ّ
9
فألم ِه الثّلث)
ولد وورثه أبواه ّ
يكن له ٌ
(فإن ْلم ْ
ْ -
٠١
وصي ٍة يوصي بها أو َدين)
ّ (-فإن كان له إخوةٌ فألمه السدس من ِ
بعد ّ ّ ْ َ
٠٠
ولد) يكن َّ
لهن ٌ اجكم إ ْن ْلم ْ
ك أزو ُ
نصف ما تر َ
ُ (-ولكم
٠٢ وصي ٍة ِ
يوص ْي َن بها أو َد ْي ِن) ولد فلكم الربع مما تركن من ِ
بعد كان َّ
لهن ٌ
ّ ْ ْ ّ ّ (فإن َ
ْ -
االسمية.
ّ تستقر فيه هذه األحكام هي الجمل
ُّ قالَ ٍب
ِ
ثبوت أسبابه ،وتحقّق شروطه، بعد ٍ
لشخص إال َ مرتبطٌ بشروط؛ إ ْذ "ال ي ْح َكم بالمير ِ
اث ُ ُ
ك
فإن هنا َ ٍ
بشكل عامَّ ، النساء
الرجال و ّ
ثمة أحكام ثابتة في الميراث كعموم ميراث ّ
يكن ّ
االسمية على ما ُح ِذ َ
ف منه. ّ يد ّل سياق الجملة
الفعلية
ّ وغالبا ما كانت أفعاالً مضارعة .ومن المعروف َّ
أن الجمل ً اآلية ،أو في نهايتها،
أي ٍ
مكان وزمان. عت َّ
لتطبق منذ نزولها في ِّ شر ْ
اآليات فحسب ،لكنها ِّ
د .عبد القادر جعفر :مذ ّكرة الميراث على مذهب اإلمام مالك ،دار الكتب العلميّة ،بيروت ،2444ص .2 .1
59
حوي للجمل االسمية:
التّحليل ال ّن ّ
جاءت في
ْ قد
وردت في آيات الميراث ،نجدها ْ
ْ االسمية التي
ّ بعد استقرائنا للجمل
ثالثة مواضع:
ع الذي َّ
سن أحكام الم َشِّر َ
تصف ُ
ُ َّ
اسميةً وردت فيها الجمل
ْ كانت معظم الفواصل التي
٠
(واو االستئناف +مبتدأ +خبر ّأول +خبر ٍ
ثان) عليم حليم)
(-واهللُ ٌ
ٍ
شيء عليم)( ٠واو االستئناف +مبتدأ +جار ومجرور +مضاف إليه +خبر) (-واهلل ِّ
بكل ُ
خب ْر عنه
فلم ُي َ
أما المبتدأ في الجملة الثانيةْ ،
األولى كان للمبتدأ فيها خبران (عليم حليم)ّ ،
ٍ
ومضاف ،الغاية منها تبيان نوع الخبر؛ ففي لكنه مسبوق بجار ومجرور بخبر و ٍ
احدّ ، إال ٍ
بيد َّ
أن استخدام أدوات التّوكيد ال يأتي الخبر للمبتدأ ،ولتؤ ّكدا مضمون الجملة أو الخبرَ .
ذلك َّ
أن ٍ
كتاب ال يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفهَ ، سيما ّأننا أمام ًّ
اعتباطيا ،ال ّ
(عليم).
صيغتَهاَّ ،٠"...
فإن القرينةَ َ ناسب مجرًدا في ٍ
زمن ُي ُ "اتّصاف اسمها بمعنى خبرها اتّصافًا ّ
حكيما.
ً عليما
ً
الزمان
خلق ّ
َ ألنه ٍ
مكان ّ ٍ
بزمان أو صفة من صفات ِ
اهلل ال تقترن ٍ أن َّ
كل والواقعَُّ ،
ْ
كان
اهلل َ وتفضالً ،فقيل لهمَّ :
إن َ ّ علما وحكمةً ومغفرةً
"قال سيبويه :كان القوم شاهدوا ً
عباس حسن :النّحو الوافي ،دار المعارف بمصر ،ط ،5القاهرة ،ج ،1ص . 502 .1
الزجاج :تهذيب معاني القرآن وإعرابه ،تحقيق :الشيخ عرفان بن سليم العشا حسونة ،ج ( ، )5|2دار المكتبة العصريّة ،ط ،1بيروت .2
،2444ص .12
42
الصحيحان َّ
ألن الزجاج القولين األولين حيث يقول" :والقوالن األوالن هما ّ
رجح ّوي ّ
ُ
ت بما تعقل ،ونزل القرآن بلغتها .فما أشبهَ من التّفسير كالمها فهو أصح، العرب ِ
خوطَب ْ
النحويين َّ
أن (كان) على نردد ما يقوله بعض ّ
أن ّيمكن ْ
ُ الزجاج ،إ ْذ ال
وأميل إلى رأي ّ
المضي
ِّ فإنها ال تد ّل على زمن وصف ِ
اهللّ ، ِ سبيل المثال إذا جاءت في القرآن في
أن للقر ِ
آن استخدامات ونظاماً ندعي َّ
فحسب ،بل تد ّل على األزمنة كلّها ،ألننا بذلك كأننا ّ
اللغوي.
ّ عرضه ،...إال ّأنه نزل بلغة العرب ،ووفقًا الستخداماتهم ،ونظامهم
ب) فواصل تصف أحكام الميراث وعاقبة الملتزمين بحدود اهلل ،والمخالفين لها:
٢
الفوز العظيم)
(-وذلك ُ
٢
عذاب مهين)
ٌ (-وله
المتعدين
ّ المطبقين ألحكام الميراث ،وغيرها من أحكام ال ّشرع ،وعاقبة العاصين هلل،
ّ
لحدوده.
أن أي ٍ
نعيم آخر ،وأشار بالم البعد لغاية فخامته وفضله حتّى ال يمكن ْ من ِّ
لتميزه ْ
(ذلك) ّ
بأنه عظيم.
الحقيقي ليصف لنا الفوز ّ
ّ النعت
ّ
آخر
المؤخر نكرة موصوفة ،وانما ورد المبتدأ (عذاب) نكرة ،للمبالغة في هوله ،وهو نوعٌ ُ
ّ
ك حقيقتُهُ
در ُ
عذاب ال تُ َ
ٌ جسماني ،وهذا حس ّي
بالنار ّ
العذاب ّ
َ النارَّ ،
ألن غير عذاب ّ
ّ
وحاني ،كما ُّ
يدل على ذلك وصفه (مهين)".٢ الر
ُّ العذاب ّ
ُ وهولُهُ .هو
د .نور ال ّدين العتر :أحكام القرآن في سورة النّساء ،من محاضرات ال ّدراسات العليا ،بيروت ،2440ص .154 .1
المرجع نفسه ،ص .154 .2
40
عامة في أحكام الميراث
اسمية ّ
ّ الموضع الثّاني :جمل
جاءت في
ْ ت في آيات الميراثّ ،إنما
ورد ْ
االسمية التي َ
ّ ولئن كانت معظم الجمل
ِ
صلب آيات الميراث وأحكامه. جاءت في
ْ اسميةٌ
وردت جم ٌل ّ
ْ فقد
واالستم اررّيةْ ،
كقوله تعالى:
٠
مما ترك الو ِ
الدان واألقربون) ( -للر ِ
نصيب ّ
ٌ جال ّ
٢
مما ترك الو ِ
الدان واألقربون) (للن ِ
نصيب ّ
ٌ ساء ّ -
٢
األنثي ْي ِن) (للذ َك ِر مث ُل ِّ
حظ َّ -
َ
4
ببعض في ِ
كتاب اهلل) ٍ بعضهم أولى
ُ ِ
األرحام ( -وأولو
7
من َب ْع ُد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم)
( -والذين آمنوا ْ
التفصيلية للميراث،
ّ والواقعَُّ ،
أن الجملةَ األولى والثانية لم تردا في صلب األحكام
واّنما وردتا ،ال لتبيان أنصبة الميراث ،وتحديد المستفيدين ،إّنما إلنصاف المرأة والطفل
دافعان عن ِحمى
ِ بحج ِة ّأنهما ال ُيقاتالن ،وال ُي
الجاهلية من الميراث ّ
ّ اللذين ُح ِرما في
العشيرة.
وتنتظرها.
ُ
كرَر قوله (نصيب مما ترك الوالدان واألقربون) عند إسناده، َّ
الحق ّ الالفت كذلكَّ ،
أن ُ و
ِّن
الرجال ،وليبي َ
تابعا أو جزًءا من أنصبة ّ
نصيبا كامالً ،ليس ً
ً للنساء
أن ّبالغي ٍة ،ليشير َّ
ّ
الرجال.
تماما كما تُراعى حقوق ّ
أن تُراعى حقوقهاً ،
شرع بالمرأة التي ينبغي ْ
الم ِّ
اهتمام ُ
الرجال في قوله
لحصة ّ
ّ حصةَ النساء هي األصل والمعيار عند تحديده
وقد جعل اهللُ ّ
ْ
لنساء
(للرجال نصيب كائن أو مستقر ،ول ّ مؤخر ،أو هما متعلِّ ِ
قان بمحذوف خبر والتقدير ّ ّ
والواقعَّ ،
أن تقديم الخبر على المبتدأ ،في الجملتين األولى والثّانيةّ ،إنما هو من
حيث َّ
إن المبتدأَ ُ وجوبا على المبتدأ،
ً النحاةّ ،أنه ينبغي تقديم الخبر
الحاالت التي ذكرها ّ
ِ
الظرف أنه خبر ال صفة".٢ الظاهر في فكان ى، بمسم
ًّ ت
ْ ف
َ ألن النكرة و ِ
ص َّ ٠
ُم َس ًّمى عنده)
ُ َ ُ
فإن المبتدأ لم ِ
يأت نكرة محضة، َّ ،٢
األنثي ْي ِن) (للذ َك ِر مث ُل ِّ
حظ بينما في الجملة الثالثةَّ :
ْ َ
الرجال جاءت كلمة نصيب في الجملتين األوليين نكرة ،دليالً على َّ
أن نصيب ّ ْ واّنما
تحدثت عن
تؤيده المصادر التي ّ
ك ّ قد ُح َّد َد بعد ،عند نزول اآلية ،وذل َ
النساءْ ،لم يكن ْ
وّ
وتدرجها.
تاريخ نزول آيات الميراثّ ،
َّصا
نصيبا مخص ً
ً حوية للجمل الثالث األول ،تُشير إلى َّ
أن ثمةَ الن ّ
الدراسة ّ وهكذاَّ ،
فإن ّ
بأنهما من
النصيبان الموصوفان ّ
نصيبا منفصالً مخصَّصا ل ّلنساء ،وهذان ّ
ً وثمةَ
للرجالّ ،
ّ
أن يحوزوه.
النساء ْ
وّ
حصة
ّ حصة المرِأة هي أصل وليست فرًعا من
ّ كما تشير دراسة الجملة الثّالثةَّ ،
أن
ِّن َّ
أن أولي شرعُ قانون المفاضلة في الميراث ،فيبي ُ
الم ِّ الرابعةُ ،ي ِّ
حد ُد ُ وفي الجملة ّ
٠
واألنصار ،وهذه ناسخة لما كان قبلها من التّوارث بالحلف والمؤاخاة التي كانت بينهم".
ٍ
بمبتدأ مضاف هو (أولو األرحام) أُسند إليه خبر هو صدر الجملة الرابعة ويبتدئ
ُ
ٍ
بعض من (أولو) .وفي كال التفسيرين أو اإلعرابين، نعد لفظة (بعضهم) بد َل
أن ّويجوز ْ
كل ذي ٍ
رحم أن َّ
فإن السياق الذي ورد فيه قوله ( بعضهم أولى ببعض) يشير إلى َّ
َّ
ٍ
بعض مسؤو ٌل عن بعضه اآلخر. مسؤو ٌل عن رحمه؛ ُّ
فكل
ٍ
ماض متعلق به جار ومجرور +فعل والجملة الخامسة تتألّف من (مبتدأ +فعل
األول). ٍ
ماض متعلّق به جار ومجرور +جملة اسمية واقعة خب اًر للمبتدأ ّ ٍ
ماض +فعل
قد تحقّقت وهي (آمنوا وهاجروا وجاهدوا) ،ليشير المولى إلى َّ
أن األفعال الثّالثة ْ
األنصار.
مقيدة بشرط
اسمية ّ
ّ الموضع الثّالث :جمل
جاءت َّ
مقيدة ْ اسمية
ّ ال
ثم َة جم ً
أن ّ االسميةَّ ،
يتبي ُن لنا َّ ّ ومن خالل استقرائنا للجمل
مقدما َّ
للشرط .وهذه الجمل هي: أن يكون جو ًابا ّ ً
نجده يحتمل ْ
ابن كثير :تفسير القرآن العظيم ،دار الكتب العلميّة ،بيروت ،2441ج ،3ص .011 .1
42
٠
كان له ولد) ِ ِّ ٍ
إن َترك ْ
مما َ
ُّدس ّ
( -وألبويه لكل واحد منهما الس ُ
( -ولكم نِ ُ
٢
إن ْلم يكن َّ
لهن ولد) ك أزواجكم ْ
صف ما تر َ
٢
إن ْلم يكن لكم ولد)
الربعُ مما تركتم ْ َّ
(ولهن ّ -
4
يكن لها ولد)
إن ْلم ْ
( -وهو يرثها ْ
ك التي تبدأ ٍ
باسم االسمية ليست تل َ
ّ اسميةَّ ،
ألن الجمل ّ شرطية ،وليست
ّ ك الجمل بأنها
تل َ
ابية
حويون في أحكام الجملة الجو ّ
الن ّ
صحيحا .ويوجب ّ
ً بدءا
فحسب ،بل تلك التي تبدأ به ً
من
أن يكون المعمول هو :إذا ال ّشرطية عند ْ
عية ،مضارعها مرفوع...الثّانيةْ :
جملة مضار ّ
ناسخا".7
ً لفعل ال ّشرط حين يكون فعالً
الشرط وفعلها.
ِ
فألبويه ولد
(إن كان له ٌ وهكذاَّ ،
فإن جواب ال ّشرط في الجملة األولى محذوف وتقديره ْ
قدير(إن
ْ ك أزواجكم) ،كما َّ
أن الجملة الثّالثة حذف جوابها والتّ لهن ولد فلكم نِ ُ
صف ما تر َ َّ
شرعُ ما ُيشبه جواب ال ّشرط أو دليل ال ّشرط على فعل ال ّشرط ،لمعرفة
الم ِّ وقد َّ
قدم ُ ْ
النصيب.
ال ّشرط ،أو المستحق لذلك ّ
الصيغة ،أي تقديم ما ُيشبه جواب ال ّشرط على ال ّشرط والفعل، كما َّ
أن القرآن أتى بهذه ّ
القراء
الرتابة عن ّ
بعد ّ
وي َ
ويلون فيهُ ،
لينوع في األسلوبّ ،
وحذف جواب ال ّشرط األصليّ ،
لكنها
من إعجاز هذه اآليات ّأنها رغم كونها تعرض قوانين جامدةّ ،
ك ْالسامعين ،ولذل َ
و ّ
ذرةْ ،لم يش ْأ ْ
أن يعرض أسلوبه ع الذي ال يعزب عن علمه مثقال ّ
المشر َ
ِّ وهكذاَّ ،
فإن
ما حذف من جواب الشرط ،ثم أتى بأداة الشرط وفعله ،وحذف جوابه بقوله (وألبويه ِّ
لكل
وسنترك ما يتعلّق بالجمل ال ّشرطية ،في ميدان تحليلنا للجمل ال ّشرطية ،ولذلك سنعيد
٠
ُّدس) ِ ِّ ٍ
( -وألبويه لكل واحد منهما الس ُ
( -ولكم نِ ُ
٢
ك أزواجكم)
صف ما تر َ
٢
الربعُ مما تركتم) َّ
(ولهن ّ -
4
( -وهو يرثها)
دون
المؤخر في الجملتين الثّانية والثّالثة أتى مباشرةً بعد شبه الجملة َ
ّ غير َّ
أن المبتدأ َ
أثبت
بأنهم فقدوا أزواجهم ،و َ
ت إسناد نصيب النصف للرجال ،الذي وصفهم ّ
فأثب َ ٍ
فاصلَ ،
محددة. ٍ
بشروط ّ فقد َن أزواجه َّن ،
الربع للنساء اللواتي ْ
نصيب ّ
ذلك
السدس كذلك ،وفي َ
األم ّ فحصة ِ حصةَ ٍّ
وحصة ّ
ّ السدس،
األب ّ ّ السدس؛
كل منها ّ
٢
نفعا) ( -آباؤكم وأبناؤكم ال تدرون ُّأيهم ُ
أقرب لكم ً
أن
النسبة االتّحادية التي تقع بين طرفي اإلسناد فحسب ،وكذلك ال نستطيع ْ
الثبات أو ّ
حادية.
النسبة االتّ ّ
الحدثية و ّ
ّ النسبة
ّ
منفية.)...
عية ّوهذه الجملة تتألّف من :مبتدأ +اسم معطوف +خبر(جملة فعلية مضار ّ
المشرعُ
ِّ فقد أُسنِ َد الخبر المنفي إلى المبتدأ واالسم المعطوف عليه ،لينفي
وهكذاْ ،
ولم تبدأ
اسم آخر هو (أبناؤكم)ْ ، وع ِط َ
ف عليه ٌ
ِ
وقد بدأت اآلية باسم وهو (آباؤكم)ُ ،
نفعا.
أقرب إليه ً
الفعلية
ّ حوي للجمل
التّحليل ال ّن ّ
االسمية
ّ بالنسبة إلى غيرها من الجمل
الفعلية في آيات الميراث قليلةً ّ
ّ تُ ُّ
عد الجمل
جاءت معظمها
ْ ِ
أحكام الميراثّ ،إنما ِ
صلب الفعلية لم ِ
تأت في رطية ،كما َّ
أن الجمل وال ّش ّ
ّ ْ
الفعلية
ّ وقد جاءت بعض الجمل
فصيليةْ ،
ّ في صدر اآليات ،أو بعد ذكر األحكام التّ
الجمل الفعلية الماضية سوى جملتين ،يكاد يتّفق المفسرون والفقهاء على ّأنهما
منسوختان.
13
أن نقسِّمها إلى قسمين:
الفعلية ،نستطيع ْ
ّ ومن خالل استقرائنا للجمل
٢
( -فريضةً من اهلل)
٢
مفروضا)
ً (نصيبا
ً -
ص ِّدرت بها
ولئن اختلف النحويون والمفسرون ومعربو القرآن في إعراب الكلمات التي ُ
أفعال مخصوصة ،أو ما يقوم مقام الفعل ،اختلفوا في تقديره وتسميته ،لكنهم لم يختلفوا
فعلية. َّ
أن هذه الجمل ما هي إال جمل ّ
ك بين الجمل األربع ّأنها تبدأ جميعها باسم منصوب هو مصدر؛ فالجملة
شتر ُ
الم َ
و ُ
ص ِّد َر ْ
ت باسم (وصى) ،والجملة الثّانية ُ
ّ (وصيةً) هو مصدر للفعل
ّ ص ِّدرت باسم
األولى ُ
ويرجحون َّ
أن هذه الكلمات المنصوبة إنما ّ وهكذا ،يكاد المفسرون والنحويون يتفقون
(وصيةً) لكونها:
ّ ثم َة تفسيران لنصب كلمة
الكلمات؛ ففي الجملة األولىّ ،
وفي الجملة الثّانية تفسيران لنصب كلمة (فريض ًة) على كونها:
oمفعوالً مطلقًا لفعل محذوف تقديره (فرض) ،أو مفعول مطلق ناب عن مصدره
ص ِّد ْ
رت به اآلية (يوصيكم). للفعل الذي ُ
مفروضا.٢
ً oحاالً من (وألبويه[ ،)...أي] ولهؤالء الورثة ما ذكرنا
تلف
(نصيبا) ،وقد اخ َ
ً ات مختلفة لنصب كلمة
فثم َة تفسير ٌ
أما في الجملة الثالثةّ ،
ّ
راجع كتاب :أحكام القرآن في سورة النّساء ،د.نور ال ّدين العتر ،ص .104 .1
الزجاج :تهذيب معاني القرآن وإعرابه ،تحقيق :الشيخ عرفان بن سليم العشا حسونة ،المكتبة العصريّة ،ط ،1بيروت ،2444ج،2 .2
ص .19
ا لفراء ،أبو زكريا يحيى بن زياد :معاني القرآن ،دار عالم الكتب ،ط ،2بيروت1924م ،ج ( ، )3|1ص .251 .3
15
الزّجاج على ّأنها منصوبةٌ على الحال ،قا َل في معاني القرآن" :المعنى لهؤالء أنصبة
وّ
٠
صب على
على ما ذكرناه في حال الفرض" ،وقال الزمخشري في الك ّشاف"ُ :ن َ
ب المصدر ِ
صُب كما ُي ْن َ
عطيةَ ما ُيشبهُ كالم الزجاج ،قالّ :إنما هو اسم ُنص َ
ابن ّ
وقال ُ
اجبا
جاز نصبه ،كما تقول له عليك كذا وكذا و ً
ك َفرضا ،ولذل َ
ً في موضع الحال ،تقديره
َّ
ولكن بمصدر هذا َّ
النصب ٍ ولوال معنى المصدر الذي فيه ما جاز في االسم الذي ليس
حقه الرفع".4
ِ
حسنت الحال عنها .وقيل :هو حال معنى االستقرار في قوله )للرجال نصيب) ،ولهذا
الزجاج ،أبو اسحق إبراهيم بن السَّري :معاني القرآن وإعرابه ،شرح وتحقيق د.عبد الجليل عبده شلبي ،بيروت (1042هـ1922-م ،ج .1
( ، )5|2ص .15
سورة النساء ،من اآلية.11 .2
الزمخشري ،جار هللا أبو القاسم محمود بن عمر :الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل ،تحقيق وتعليق ودراسة :الشيخ عادل .3
عبد الموجود-الشيخ علي معوض ،ط ،1مكتبة العبيكان ،الرياض (1012هـ1992م) ،ج ( ، )4|2ص .140
أبو حيان :التفسير الكبير المسمى البحر المحيط وبهامشه تفسيران أحدهما الهر الماد من البحر ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط من البحر المحيط .0
لتاج الدين ابن مكتوم ،مكتبة ومطابع النصر الحديثة ،الرياض ،دون تاريخ ،ج ( )2|3ص .110
المرجع نفسه. .5
14
أوجب لهم كثر .وقيل :هو مفعول به لفعل محذوف ،تقديره: َّ
ْ من الفاعل في قل أو َ
إضمار أعني".٠
ِ نصيبا .وقيل :هو منصوب على
ً
نصيبا:
ً وهكذاَّ ،
فإن اآلراء تباينت حول إعراب لفظة
وقد
مفروضاْ .
ً نصيبا
ً صبت على االختصاص ٍ
بفعل محذوف ،تقديره :أعني -قيل ُن ْ
-وقيل :هي حال مؤكدة ،والعام ُل فيها معنى االستقرار في قوله تعالى (للرجال
كثر. َّ
من الفاعل في قل أو َ
نصيب) ،وقيل :هي حال َ
نصيبا.
ً -وقيل :منصوبة على االختصاص بفعل محذوف ،تقديره :أعني
مفروضا.
ً نصيبا
ً جعل اهللُ لهم
المشترك بين الجملتين األوليين أنهما تتألّفان من( :المصدر المنصوب +جار
و ُ
الجليل
َ االسم
َ للداللة على الجهة التي صدر منها المصدر وهو (من اهلل) ،وأظهر
ّ
العكبري ،أبو البقاء عبد هللا بن الحسين :التبيان في إعراب القرآن ،وضع حواشيه محمد حسين شمس الدين ،دار الكتب العلمية ،ط ،1بيروت .1
(1019هـ1992-م) ،ج ( ، )2|1ص .242
أبو حيان :البحر المحيط ،ج ( )2\3ص .110 .2
11
الروعة والمهابة في القلب لإلشارة إلى الجهة التي صدرت عنها الفريضة
إلدخال ّ
الوصية.
ّ و
٢
ذرّي ًة ضعافًا خافوا عليهم)
من خلفهم ّ
ش الذين لو تركوا ْ
( -وْلَي ْخ َ
٢
سديدا)
ً ( -ف ْلَيتّقوا اهللَ وْليقولوا قوالً
4
( -يوصيكم اهللُ في أوالدكم)
7
أن تضلّوا)
ِّن اهللُ لكم ْ
( -يبي ُ
ٍ
بفعل مضارٍع مرفوٍع، أن الجملتين األولى وال ّرابعة والخامسة ابتدأت
ولعلّنا نالحظ ّ
ضمير ،وكذلك
ًا وقد جاء الفاع ُل فيها ٍ
وفاعل ومفعول بهْ ، وتتألّف الجملة األولى من ٍ
فعل
المفعول به ،ويعود الضمير الواو على المسلمين الذين يقومون بفعل االستفتاء ،بينما
عملية االستفتاء.
الرسول الذي تقع عليه ّ
يعود الضمير الكاف على ّ
فإن حقَّه
صال ،ولذلك َّ
ضمير متّ ً
ًا واّنما قُ ِّد َم المفعول به على الفاعل َّ
ألن المفعول به أتى
أن +فعل
من :فعل مضارع +فاعل +جار ومجرورْ +
أما الجملة الخامسة ،فتتألّف ْ
ّ
مضارع منصوب.
للناس ،وجاء الفاعل اسماً ظاه اًر وهو لفظ الجاللة (اهلل) ليبعث الهيبة واإلجالل في
(أن
أن المصدر المؤول ْ ٍ
مفعول به يتمم معناه ،فإذا زعمنا َّ نبحث في سياق الجملة عن
َ
19
المصدر(يبين اهلل لكم
ّ تضلوا) واقع في محل نصب مفعول به لفعل (يبيِّن)ُ ،يصبح تأويل
الضالل لتجتنبوه).
ِ
الكالم دليالً عليها.٠"... ولكن ُح ِذفَ ْ
ت (كراهة)َّ ،
ألن في تضلواْ ،
المضاف المحذوف (كراهةَ) ،والتّقدير( :يبيِّن اهلل لكم كراهةَ ضاللكم) ،وان كان بعض
غير َّ
أن الجملتين الثانية والثالثة ابتدأتا بفعل مضارع مسبوق بالم األمر ،مما جعل
الوصية
ّ وصيته ،ويكون قوله في
ّ أن يتّقي اهلل في
الوصية ،و ْ
ّ وعقابه فال يجحف في
سديدا.
ً
يخش) كل ٍ
فعل من األفعال في قوله (وْل َ رت قبل ِّ
تكر ْ ولعلّنا نالحظُ َّ
أن الم األمر ّ
الوصية.
ّ المنشودة من
سديدا".
ً أن يقوله الموصي وهو "قوالً
تعالى ْ
تختلف
ُ نصيب المستحقين للميراث ،مرتبطٌ بشروطُّ ،
وكل شرط َ أمر ُم َّبرر ،حيث َّ
إن
ُ ٌ
اآلتية:
21
أ) استخدام أداة الشرط
(م ْن) ،وظرف لما ُيستقبل من الزمان يتضمن معنى الشرط ،وهو (إذا) ،وحرفان ،أحدهما
َ
4
ذرّي ًة ضعافًا خافوا عليهم)
من خلفهم ّ
( -لو تركوا ْ
موضعا:
ً (إن) في بقية المواضع ،أي في ستةَ عشر
-ووردت ْ
7
فلهن ثلثا ما ترك) ِ
اثنتين َّ نساء فوق
ً (فإن َّ
كن ْ -
1
النصف)
كانت واحدةً فلها ّ
ْ ( -وا ْن
7
كان له ولد) ألبويه ِّ ٍ
( -و ِ
إن َترك ْ
دس مما َ
الس ُ
لكل واحد منهما ّ
٢
وصي ٍة يوصي بها أو َدين)
ّ ( -فإن كان له إخوةٌ فألمه السدس من ِ
بعد ّ ّ ْ َ
٢
ولد) يكن َّ
لهن ٌ إن ْلم ْ
اجكم ْ
ك أزو ُ
نصف ما تر َ
ُ ( -ولكم
4 وصي ٍة ِ
يوص ْي َن بها أو َد ْي ِن) ولد فلكم الربع مما تركن من ِ
بعد كان َّ
لهن ٌ
ّ ْ ْ ّ ّ (فإن َ
ْ -
7
ولد)
يكن لكم ٌ
إن ْلم ْ
مما تركتم ْ
الربعُ ّ َّ
(ولهن ُّ -
1
مضار)
َّ غير
َ
7
السدس) أخت ِّ ٍ
فلكل واحد منهما ّ أخ أو ٌ
ث كاللةً أو امرأةٌ وله ٌ
يور ُ
كان رج ٌل َ
( -وا ْن َ
٠٢
كر مث ُل حظِّ األنثيين)
ونساء فلل ّذ ِ
ً ( -وا ْن كانوا إخوةً رجاالً
أن
من الموصي جنفًا أو إجحافًا ،واستخدم (إذا) في الشرط الذي أراد ْ
ممن يخافون ْ
أو ْ
ض لل ّشرط
تتمح ُ
غير ّأنها ّ
المفصل" :فهي في بدئها تدل على الظّرف َ
ّ قال ابن يعيش في
حيث لم تُِف ْد (إذا) ال ّشرط فحسب ،إنما أشارت إلى الظرفية، ٠
ت معنى الجزاء" ُ ،
ض ِّمَن ْ
إذا ُ
متضمًنا معنى الظرفية .فقوله تعالى( :واذا حضر ِ
الق ْسمةَ أولو القربى ِّ مما يجعل الشرط
َ ّ
المساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قوالً معروفًا) ،٢أي إذا حصل حضور
ُ واليتامى و
أن ُي ْعطوا
القسمة من أولي القربى واليتامى والمساكين ،في وقت توزيع القسمة ،فينبغي ْ
واذا كانت (إذا) الشرطية أو الظرفية تدخ ُل في األغلب على ما هو ُمتََيقَّ ٌن حدوثه،
و(إن)
ْ حتمي الوقوع،
ُّ الموت
َ كقوله تعالى ( ُكتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت)َّ ٢
ألن
يب ،كقوله تعالى في تكملة اآلية نفسها (إن يقنا وفيه ٌّ
شك ور ٌ ليس ُمتَ ً
تدخ ُل على ما هو َ
خير حين
ت ًاالمي ُ
ك ْ أن يتر َ
ط ْ الوصيةَ للوالدين واألقربين بالمعروف)َّ ،4
ألن شر َ ّ خير
ترك ًا
د .عبد السالم المسدي ،د .محمد الهادي الطرابلسي :الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفية ،ص.42 .1
سورة النّساء ،اآلية 2 .2
سورة البقرة ،من اآلية.124 .3
سورة البقرة ،من اآلية.124 .0
20
َّ
(إن) و(إذا) ال نجده ُمط ِرًدا في الشواهد ّ
النحوية غير َّ
أن هذا التباين في المعنى بين ْ َ
األحيان يستخدم (إن) في ٍ
شرط ِ كلِّها التي ُي ُّ
حتج بها ،بل إننا نجد أن القرآن في ٍ
كثير من
ُ
(أفإن مات
ْ متيقَّ ٍن حدوثُهُ كما في قوله تعالى ُمخب اًر عن ّ
نبيه محمد صلى اهلل عليه وسلم: َ
على أعقابكم)".٢
المعاني
َ والعكس صحيح ،إنما يكون ذلك لسبب؛ وهذا ما يجعلُنا نبحث عن السبب لنفقهَ
أكثر.
المقصودةَ َ
لقد استخدم اهلل سبحانه وتعالى (إذا) في آية الميراث( :واذا حضر ِ
الق ْسمةَ أولو القربى َ
المساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قوالً معروفًا) ،٢مع أن حضور القسمةَ ليس
ُ واليتامى و
ِ
حدوث هذا األمر ،وهو للداللة على كثرِة
أمر متيقًّنا حدوثهّ ،إال ّأنه تعالى استخدم (إذا) ّ
ًا
أن
ألنه تعالى أر َاد ْ
حضور أولي القربى واليتامى والمساكين أو فئة منها القسمة ،أو ّ
َّ
يحضهم على حضور قسمة الميراث.
استخدام
ُ كان ِم َن َّ
المبرِر يتحقّ ْق ،لعدم تحقّ ِ
ق فعل الشرط (تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا)َ ،
موضعا.
ً استُخدمت في خمسة عشر
(إن) التي ذكرنا أنها ْ
الحرف ْ
ك عنه في
ض لمعنى الشرط بحيث ال تنف ّ
تتمح ُ "أوالهما َّ
أن هذه األداة هي الوحيدة التي ّ
(إن) ّأم هذا الباب للزومها هذا المعنى وعدم خروجها عنه إلى غيره .وأما
أن ْعلم َّ
"وا ْ
رطي بها.٢"..
الظاهرة الثانية ،وهي نتيجة طبيعية لألولى ،فتتمثّل في اطّراد التركيب ال ّش ّ
المتمحض لل ّشرطية.
ّ
أن جملةَ ال ّشرط في اللغة العر ّبية تتألف من ثالثة أركان :أداة الشرط، ِ
المعروف َّ من
ذكرنا َّ
أن أدوات الشرط المستخدمة في الجمل الواردة في آيات الميراث ،إنما وقد ْ
اسماًْ .
(م ْن) االسمية الجازمة ،و(لو) الحرفية غير الجازمة ،و(إذا) الظرفية غير الجازمة،
هي َ
ِ
بتحليل نوع الطّرفين الداخلين في نقوم
أن َ حوي للجمل الشرطيةْ ،
الن ُّ
ويقتضي التّحلي ُل ّ
بالنسبة إلى الجملة الشرطية ،تتمثّل في مدى ائتالف طرف الشرط وطرف الجواب أو
ّ
ائتالف الطرفين:
واألمر ،ونالحظ أنه ورد في اآلية األولى :أداة الشرط (إذا)– فعل ماض (حضر)– فعل
أمر (ارزقوهم).
وفي اآلية الثانية :أداة الشرط (لو)– فعل ماض (تركوا)– فعل ماض (خافوا).
بمجرد
ّ أن يحص َل ،حيث َّ
إن جواب الشرط ،سيحص ُل بشكل تلقائي (ارزقوهم)، طبيعي ْ
بفاء الجزاء.
أن الجم َل الشرطية التي وردت في آيات الميراث ،مما ائتُلِف شرطُها وجوابها وكانا جمالً
َّ
٠
فلهن ثلثا ما ترك) ِ
اثنتين َّ نساء فوق
ً (فإن َّ
كن ْ -
٢
النصف)
كانت واحدةً فلها ّ
ْ ( -وا ْن
٢
كان له ولد) ألبويه ِّ ٍ
( -و ِ
إن َترك ْ
دس مما َ
الس ُ
لكل واحد منهما ّ
4
فألم ِه الثّلث)
ولد وورثه أبواه ّ
يكن له ٌ
(فإن ْلم ْ
ْ -
7
وصي ٍة يوصي بها أو َدين)
ّ ( -فإن كان له إخوةٌ فألمه السدس من ِ
بعد ّ ّ ْ َ
1
ولد) يكن َّ
لهن ٌ إن ْلم ْ
اجكم ْ
ك أزو ُ
نصف ما تر َ
ُ ( -ولكم
7 وصي ٍة ِ
يوص ْي َن بها أو َد ْي ِن) ولد فلكم الربع مما تركن من ِ
بعد كان َّ
لهن ٌ
ّ ْ ْ ّ ّ (فإن َ
ْ -
8
ولد)
يكن لكم ٌ
إن ْلم ْ
مما تركتم ْ
الربعُ ّ َّ
(ولهن ُّ -
7
كر مث ُل حظِّ األنثيين)
ونساء فلل ّذ ِ
ً ( -وا ْن كانوا إخوةً رجاالً
الجملة اسمية مقيدة بشرط ،وقد درسنا هذه الجمل وحللناها تحليالً نحويا في الموضع
الذي تحدثنا فيه عن الجمل االسمية المقيدة بشرط في آيات المواريث ،وهذه الجمل هي
أربع:
1
كان له ولد) ألبويه ِّ ٍ
( -و ِ
إن َترك ْ
دس مما َ
الس ُ
لكل واحد منهما ّ
7
ولد) يكن َّ
لهن ٌ إن ْلم ْ
اجكم ْ
ك أزو ُ
نصف ما تر َ
ُ ( -ولكم
8
ولد)
يكن لكم ٌ
إن ْلم ْ
مما تركتم ْ
الربعُ ّ َّ
(ولهن ُّ -
٠
يكن لها ولد)
إن ْلم ْ
( -وهو يرثها ْ
بإن الشرطية مسبوقة بواو عطف أو استئناف ،أو فاء عطف أو استئناف ،وكان الشرط
ْ
أخت
ولد وله ٌ
ك ليس له ٌ
امرؤ هل َ
منسوخا بكان إال في جملة واحدة في قوله تعالى( :إن ٌ
ً
ولد وورثه
يكن له ٌ
٢ ِ
(فإن ْلم ْ
ف ما ترك) ،ووردت كان مرة منفية في قوله تعالىْ :
ص ُ
فلها ن ْ
ث) ،4وكان جواب الشرط في الجمل كلِّها مقترًنا بفاء الجزاء ،وجواب
يور ُ
كان رج ٌل َ
(وا ْن َ
ٍ
معطوف عليه ،وهي أغلب غير
ورد فيها ال ّشرط َ
جمال َ
ثمةَ ً
الشرط جملة اسمية .غير أن ّ
شرط و ٍ
احد. الشرط ال تتحقق إال بتحقق الشرطين ،وليس بتحقق ٍ
وأما الجمل التي ورد فيها الشرط غير معطوف عليه ،فهي:
7
فلهن ثلثا ما ترك) ِ
اثنتين َّ نساء فوق
ً (فإن َّ
كن ْ -
1
النصف)
كانت واحدةً فلها ّ
ْ ( -وا ْن
7
السدس)
فألمه ّ
كان له إخوةٌ ّ
(فإن َ
ْ -
8
الربع)
ولد فلكم ّ كان َّ
لهن ٌ (فإن َ
ْ -
٢
شركاء في الثّلث)
ُ من ذلك فهم
أكثر ْ
(فإن كانوا َ
ْ -
٢
مما ترك) اثنتين فلهما الثّ ِ
لثان ّ ِ (فإن كانتا
ْ -
4
كر مث ُل حظِّ األنثيين)
ونساء فلل ّذ ِ
ً ( -وا ْن كانوا إخوةً رجاالً
فاء+إن+الفعل الناسخ كان +اسمه وخبره +فاء الجزاء +جواب الشرط جملة
ْ واو أو
اسمية.
معيًنا إذا
نصيبا ّ
ً ق ِم َن اإلرث
لكل ُم ْستَ ِح ٍّ
تحديد ِّ
ٌ أنصبة الزوج والزوجة .وفي ٍّ
كل منها
7
السدس) أخت ِّ ٍ
فلكل واحد منهما ّ أخ أو ٌ
ث كاللةً أوامرأةٌ وله ٌ
يور ُ
كان رج ٌل َ
( -وا ْن َ
1
ف ما ترك)
ص ُ ِ
أخت فلها ن ْ
ولد وله ٌ
هلك ليس له ٌ
امرؤ َ
( -إن ٌ
إن ْلم
النصف من اإلرث بشرطينْ ، ِ
نصيب ّ الزوجةَ تحص ُل على
أن ّالثانية نستد ّل منها َّ
جميعها
َ (إن) ،وجدناها
ومن خالل استقرائنا ،للجمل االسمية الواقعة في جواب شرط ْ
(فإن كانوا
وخبر ،والخبر متقدم على المبتدأ ،إال في جملة واحدة هيْ :
ًا تتضم ُن مبتدأً
ّ
حيث َّ
تقد َم المبتدأ (هم) على الخبر (شركاء)، ُ شركاء في الثّلث)،٠
ُ من ذلك فهم
أكثر ْ
َ
وجوبا ،مما
ً أن يتقدم الخبر عليه
مضافًا إلى معرفة ...وكونه معرفة ُيخرجه من حكم ْ
من الحاالت التي ذكرها النحويون في وجوب تقدم الخبر على المبتدأ.
موضعين ،هما:
٠
يبدلونه)
فإنما إثمه على الذين ّ (فم ْن َّ
بدله بعدما سمعه ّ َ -
٢
إثم عليه) ٍ
فأصلح بينهم فال َ
َ إثما
موص َجَنفًا أو ً من
خاف ْ
َ ( -فَ َم ْن
فعالً ،والجواب أتى جملة اسمية ،ذلك أن الشرط ههنا ،يدل على حدث لو قام به
الفاعل ،فإنما ستكون نتيجته كما ورد في الجملتين ،وقد جاء جواب ال ّشرط جملة اسمية
أن َم ْن يخاف ِم ْن أن ي َ
جحف أن عليه إثم ًا ،و َّ
يتغير وهو َّ
ثابت ال ّ
فحكمهُ ٌ
ُ أن َي ْس َم َعها،
وما تأخر".
تتغير في
األحكام ثابتةٌ ال ّ
َ فألنها تد ّل على َّ
أن هذه فأما الجمل االسمية ّ
الغالبة عليهاّ ،
أحكام
َ دليال على َّ
أن اسمية ً
ّ جمال
كان الشرط والجواب في معظمها ً
في الجمل الشرطية َ
مكان َّ
محد َد ْي ِن. بزمان أو ٍ
ٍ المواريث ّإنما هي قوانين ثابتة ال تتعلّق
95
ثانيا :دراسة أحاديث الميراث نحوايا
ً
المعيار الذي
َ حد َد
أن ُي ّ ًّ
نحوياْ ، ال ُب َّد للباحث قب َل الشروع في دراسة أحاديث المواريث
اعتمدهُ في اختيار األحاديث الشريفة ،حتى تكون دراسته موضوعية ،ويكون استقراؤهُ
تحدثت عن
توزيع المواريث كاألحاديث التي تحث على طلب هذا العلم ،أو تلك التي ّ
تم استبعاد ك ّل ما ورد في السنة الفعلية أو التقريرية للرسول صلى اهلل عليه
فضله ،كما َّ
درس
اعتمد الباحث على األحاديث التي نطق بها الفم الشريف فقط ،كما َ
وسلم ،و َ
حس ْن.
ضعيفًا لم ُي َّ
-ما رواه عبد اهلل بن عباس رضي اهلل تعالى عنهما ،أن النبي صلى اهلل عليه
وسلم قال" :ألحقوا الفرائض بأهلها ،فما بقي فهو ألولى َر ُجل ذكر".1
-حديث أسامة بن زيد رضي اهلل عنه ،أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال" :ال
المسلم".٢
َ الكافر
ُ يرث
الكافر ،وال ُ
َ يرث المسلم
أخرجه البخاري في كتاب الفرائض ،باب ميراث الولد من أبيه وأمه ،ح . 4132فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،أحمد بن علي بن حجر .1
العسقالني ،تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ،ومحب الدبن الخطيب ،دار الريان للتراث ،القاهرة ،ط1049 ،2هـ ،ج ،12ص .12وأخرجه
مسلم في كتاب الفرائض ،باب ألحقوا الفرائض بأهلها ،ح . 1415شرح النووي على صحيح مسلم ،أبو زكريا يحيى بن شرف النووي ،دار
الخير ،بيروت ،ط1010 ،1هـ ،المجلد الرابع (. )222/11
أخرجه البخاري في كتاب الفرائض ،باب ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم ،ح . 4140فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،ج،12 .2
ص . 51وأخرجه مسلم في كتاب الفرائض ،باب ألحقوا الفرائض بأهلها ،ح .1410شرح النووي على صحيح مسلم ،المجلد الرابع
(. )221/11
94
-حديث عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما ،أن النبي صلى اهلل عليه وسلم
ارث
ارث َم ْن ال و َ
رسوله -وأنا أرث َم ْن ال وارث له ،أعقل عنه وأرثه ،والخا ُل و ُ
الثمن".٢
َ لم ْن أعتق ،أو قال :أعطى
الء َ
قال لها" :أعتقيها ،فإنما الو ُ
المسلم الكافر.
ُ يرث
oال ُ
المسلم.
َ الكافر
ُ يرث
oال ُ
أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض ،باب ميراث أهل اإلسالم من أهل الشرك ،ح ،2131السنن ،ص.290-293 .1
أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض ،باب ذوي األرحام ،ح ،2132السنن ،ص.395 .2
أخرجه البخاري في كتاب الفرائض ،باب ميراث السائبة ،ح . 4150فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،ج ،12ص .01وأخرجه مسلم في .3
كتاب العتق ،باب الوالء لمن أعتق ،ح . 1540شرح النووي على صحيح مسلم ،المجلد الرابع (. )113-142/14
91
oأعتقيها.
ارث له.
أرث َم ْن ال و َ
oأنا ُ
ارث له.
ارث َم ْن ال و َ
oالخا ُل و ُ
لم ْن أعتق.
الء َ
oإنما الو ُ
ك كالً فإلينا.
َ -م ْن تر َ
لعلنا نالحظُ أن الجمل الفعلية في أحاديث الميراث التي ندرسها ،جاءت أفعالها كلّها
أمر ُم َّبرر،
يرد في الجمل الفعلية أفعال ماضية ،وذلك ٌ
إما مضارعة ،أو أفعال أمر ،ولم ْ
92
قيام الساعة ،والفعل المضارع يفيد االستم اررية والثبات ويؤدي الوظيفة التي تتطلبها
صياغة أحكام عامة وثابتة ،وجاءت أفعال األمر في أحاديث الميراث للداللة على
المسلم الكافر.
ُ يرث
-ال ُ
المسلم.
َ الكافر
ُ يرث
-ال ُ
األمر .وقد وردت الجمل الثالث األولى مسبوقة بـ (ال النافية) ،لتنفي في الجملة األولى
/الكافر)+
ُ فاعل(المسلم
ُ متعد إلى مفعول به واحد (يرث)+
ّ ال النافية +فعل مضارع
المسلم).
َ (الكافر/
ُ مفعول به
99
وفي الجملتين لفظتان وردتا في كل منهما وهما لفظتا (المسلم والكافر) ،وقد وردت كل
المسلم الكافر،
ُ أن يرث
تم في الجملة األولى نفي ْ
منهما مرة فاعالً ومرة مفعوالً به ،حيث ّ
الكافر المسلم.
ُ أن يرث
تم في الجملة الثانية نفي ْ
في حين ّ
جاءت أكثر
ْ والجملة الثالثة تحمل الحكم الذي أفادته الجملتان األولى والثانية ،إال أنها
والجملتان الفعليتان المضارعيتان الرابعة والخامسة ،وردت كلتاهما على الشكل التالي:
فعل مضارع (أعق ُل /يعق ُل) +فاعل (ضمير مستتر) +جار ومجرور(عنه) +حرف
متصل(الهاء).
المتكلم هو الرسول صلى اهلل عليه وسلم ،بينما الفعالن في ثانيهما وردا مصرفين مع
ُ و
ضمير الغائب ،لإلشارة إلى الخال الذي ورد ذكره في الحديث في الجملة التي سبقت
هذه الجملة.
144
حكما ثابتًا من أحكام الميراث،
وهكذا ،فالجملة الرابعة والخامسة ،تعطي كل منهما ً
وهو أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم يعقل عمن ال وارث له ،ويرثه ،وأن الخال يعقل
-أعتقيها.
المخاطبة وهي السيدة عائشة رضي اهلل عنها ،حيث كان صلى اهلل عليه وسلم يطلب
ارث له.
أرث َم ْن ال و َ
-أنا ُ
وتتألف من المبتدأ (أنا) والخبر (أرث) ،الذي جاء جملة فعلية ،وورد المفعول به
ارث له.
ارث َم ْن ال و َ
-الخا ُل و ُ
141
وتتألف من المبتدأ (الخال) والخبر (وارث) ،الذي جاء اسماًا مفرداً ،وورد المفعول به
ولعلنا نالحظ أن الجملة االسمية األولى ورد خبرها جملة فعلية مضارعة ،بينما
الجملة الثانية ،ورد الخبر فيها اسماًا مفرداًا وورد بصيغة اسم الفاعل (وارث).
لم ْن أعتق.
الء َ
-إنما الو ُ
لمن أعتق.
الوالء ْ
ك كالً فإلينا.
َ -م ْن تر َ
ال أو َك ًّال.
ممن تركوا ما ً
يخص العقالءّ ،
ّ الجملتين
تتم كما ُذ ِك َر وقد صيغت هذه األحكام في قالب أسلوب الشرطَّ ،
ألن قسمة اإلرث ال ّ ْ
إال بعد تحقـّق ال ّشرط المذكور ،أو ال ّشروط المذكورة ،فال يأخذ أولى رجل ذكر نصيبه إال
أن
المادّية بعد ْ
أن يتبقّى من المال أو المنافع ّ
أن تُعطَى الفرائض ألهلها ،و ْ
بعد شرطينْ :
143
الفصل الثّالث :دراسة آيات المواريث وأحاديث المواريث دالل ايا
اللي ُة للكلمات
الد ّأ) الدراس ُة ّ
بون ك الو ِ
الدان واألقر َ مما تر َ (للر ِ
نصيب ّ
ٌ جال (الرجال) في قوله تعالىِّ :
-داللة لفظة ِّ
مفروضا).٠
ً
ِ ٢
ل"،بضم الجيم وسكونِه" و"قد ُيجمع رجل ً
٢
أيضا على َر ْجلة" ِّ الر ُج
الرجا ُل جمع َّ
ِّ
و ِ"ر َجلة" 4و"قال الجوهري في جمع الرجل أراجل" 7و"رجاالت جمع الجمع" .1وقد
وشب".9
َّ احتلم
َ ك إذا
يكون رجالً فوق الغالم ،وذل َ
ُ -وقيل" :إنما
ك".٠١
بعد ذل َ
أمه إلى ما َ
-وقيل" :هو رج ٌل ساعةَ تلده ُّ
ك َّ
الشدةَ والكمال"٢و"هذا رجل أي كامل "وقد يكون الرج ُل صفةً يعني بذل َ
ْ -
َّ
وشب. احتلم
َ ك إذا
-الرج ُل هو فوق الغالم وذل َ
أساسي ،ال سيما أنه يحدد األعمار التي تشملها أنصبة الميراث ،حيث َّ
إن لفظة الرجال ٌّ
كبير-
صغير أم ًا
ًا إنسان ٍ
ذكر- ٍ أن ِّ
لكل عي َّ
كان الحكم الشر ُّ
إذا حملناها على المعنى األول َ
من الذكور.
بالبالغين َ
َ
ٍ
دالالت على ٍ
داللة أو ِ
تغليب الكالم الفص ُل في السياق –عادةً -يكون له كان
ُ ُ واذا َ
ِ
المختلف عليها في هذا ِ
الداللة اللفظة ِ
ذات ٍ بين هذه ٍ
ك من خالل مقارنة َ
النص وذل َ
ّ
انظر :تفسير آيات األحكام :ا لشيخ علي السايس ،مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأوالده بميدان األزهر1313( ،هـ1953-م) ص .1
. 31وانظر :أحكام القرآن في سورة النساء :د.نور الدين عتر (من محاضرات الدراسات العليا)
الطبري :جامع البيان عن تأويل آي القرآن المسمى بتفسير الطبري ،تحقيق د.عبد هللا بن عبد المحسن التركي ،بالتعاون مع مركز البحوث .2
والدراسات العربية واإلسالمية بدار هجر ،ط ،1القاهرة (1022هـ2441-م) ،ج ( ، )24|4ص .029
انظر :تفسير الجاللين بهامش المصحف العثماني وقد ذيل بكتاب أسباب النزول للسيوطي :جالل الدين المحلي -جالل الدين السيوطي ،دار .3
الفيحاء ،دمشق ،دون تاريخ ،ص143
أبو حيان :التفسير الكبير المسمى البحر المحيط وبهامشه تفسيران أحدهما الهر الماد من البحر ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط من البحر المحيط .0
لتاج الدين ابن مكتوم ،مكتبة و مطابع النصر الحديثة ،الرياض ،دون تاريخ ،ج ( )2|3ص .110
ابن الجوزي ،أبو الفرج عبد الرحمن :زاد المسير في علم التفسير ،المكتب اإلسالمي ،ط ،1المجلد ( ، )9|2ص .12 .5
144
َّ
(وبث منهما رجاالً كثي اًر دلّت عليه اللفظة نفسها في صدر السورة قي قوله تعالى
ِ
اآلية العموم وليس التخصيص ،كما استند آخرون إلى من ٠
حيث المقصود َ
ُ ونساء)
ً
ِ
اللفظتان في ِ
وردت ِ
اآلية األخرى ،وا ْن قياسها على الداللة نفسها للفظة (الرجال) في
ِ
المجال ِ
القياس في هذا ِ
مختلفتين ،واتباع ِ
اللذين وردتا فيه السياقين
ْ أن سورٍة واحدة؛ ذل َ
ك َّ
فيه ُّ
تمحل واعتساف.
ِ
بموجب هذه اآلية -الذكور غير البالغين منمون-
حر َالفقهاء والمفسرون أنفسهم ال َي ِ
أن ِّ
تحد َد أنصبتهم ،وهم في ك أنهم ذهبوا َّ ِ
أن آيات الميراث التفصيلية ال تلبث ْ الميراث ،ذل َ
التدرج في التّشريع.
يعدونه من باب ّ
ك ّ ذل َ
ولم نتخذ
أن تكون لفظة (رجال) في اآلية الكريمة إنما تعني الذكور مطلقًاْ ، ِّ
ونرج ُح ْ
ِ
سياقين مختلفين ،وانما رأينا َّ
أن ِ
لفظتين في بين ٍ ٍ
استنادا إلى مقارنة عقيمة َ
ً هذا الحكم
آيات الميراث التفصيلية تؤيد هذا المعنى وتخالف اآلخر حيث إنها ْلم تحرم الذكور غير
ِ
يلتقيان في النهاية على ألن كال الر ِ
أيين يع أنصبة الميراث َّ ٍ
خالف في توز ِ لم ِّ
يؤد إلى
توريث الذكور عامةًّ ،إال ما استثنته األحاديث الشريفة في أبواب الميراث والوصية
من ِ
شأن الخالف حول دالالت الرق والقتل واختالف الدين والردة واختالف وقد كان ْ
ْ
تنوع في األحكام بين المذاهب ،وهذا ما سيتط أر إليه الباحث في مجاله في
الدارينّ ،
ِ
لمالحظة عالقة المعنى المنقول عنه األصلي قصدا في ِ
غير معناها ً استخدمت "الكلمة
ّ
انظر :الميراث على المذاهب األربعة دراسةً وتطبيقًا ،القاضي الشيخ حسين غزال ،دار الفكر ،بيروت (1020هـ2443-م) ط ،2ص -13 .1
. 10وانظر :الوجيز في الميراث على المذاهب األربعة :منشاوي عبود ،اإلدارة العامة للمعاهد األزهرية ،مصر (1393هـ1910-م) ص-2
.9
السيد أحمد الهاشمي :جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع ،ط ، 4دار الكتب العلمية ،بيروت ،دون تاريخ ،ص .233-232 .2
142
* داللة لفظة (نصيب):
ٍ
شيء .والجمع أنصباء بالكسر لغةٌ فيه"" :٠الحظُّ من ِّ
كل ِ ب
صُ ِّ
و"الن ْ -النصيب،
ُم َش َّخص".4
الميراث.
أن الفقهاء والمفسرين حملوا لفظة (نصيب)على معناها اللغوي ،وهو الحظُّ
الواقعَّ ،
َ َ
من الشيء ،كما في تفسير الجاللين "نصيب :حظّ" ،7وفي تفسير ابن الجوزي:
انظر :العين ،ج ( )2|1ص -134وانظر :تاج العروس ،المجلد ( ، )24|2ص .034 .1
ابن منظور :لسان العرب ،المجلد ( )15|1ص .141 .2
دوزي :تكملة المعاجم العربية ،نقله إلى العربية وعلق عليه جمال الخياط ،ج ( ، )11|14ص .231 .3
الزبيدي :تاج العروس ،المجلد ( ، )24|2ص .034 .0
الجوهري :الصحاح ،ص .1111 .5
الزبيدي :تاج العروس ،المجلد ( ، )24|2ص .034 .4
انظر :تفسير الجاللين بهامش المصحف العثماني وقد ذيل بكتاب أسباب النزول للسيوطي :جالل الدين المحلي-جالل الدين السيوطي، .1
ص.143
ابن الجوزي ،أبو الفرج عبد الرحمن :زاد المسير في علم التفسير ،المجلد ( ، )9|2ص .12 .2
الطبرسي ،أبو علي الفضل بن الحسن :مجمع البيان في تفسير القرآن ،دار مكتبة الحياة ،المجلد ،2بيروت (1324هـ1941-م) ،ص .24 .9
149
ين وفقهاء آخرين اختاروا لفظةً أخرى للحظِّ ،وكأني بهم لم تسترْح على َّ
أن مفسر َ
ِ
اإلرث يع فهم منها َّ
أن توز َ قد ُي ُ
أنفسهم الختيار اللفظ الذي تشير إليه داللة الحظّ ،ألنها ْ
ُ
ٍ
لحكمة أرادها القدير ،فحملوا لفظة (نصيب) على داللة الحصة، من ِ
باب الحظوظ وليس
"للذكور من أو ِ ِ
الد الرجل ِ ْ اآلية بقوله: صدر
َ حيث فس ََّر
ُ ذهب الطّبري في تفسيره،
َ كما
الميت ِح َّ
صةٌ من ميراثه".٠
ين ،وانما
المفسر َ
معنى فقهياً جديداً عند الفقهاء و ِّ تحمل
ْ وهكذاَّ ،
فإن لفظة (نصيب) لم
ً
الطبري :جامع البيان عن تأويل آي القرآن المعروف بتفسير الطبري ،ج ( ، )24|4ص .029 .1
ابن فارس :معجم مقاييس اللغة ،تحقيق وضبط عبد السالم هارون ،دار الجيل ،بيروت (1011هـ1991-م) ،المجلد ( ، )4|1ص .2
.305
ابن منظور :لسان العرب ،المجلد ( )15|14ص .045 .3
المرجع نفسه ،ص .045 .0
سورة الكهف ،اآلية.99 .5
سورة الدخان ،من اآلية .20 .4
سورة الدخان ،من اآلية .25 .1
الزبيدي :تاج العروس ،المجلد ( ، )24|13ص .534 .2
114
عز َّ
وجل (وتركنا عليه في اآلخرين)٠؛ أي أبقينا عليه".٢ -و"التَّْرك :اإلبقاء كما في قوله َّ
٢
ترد-كما
شديدا" ،أو ُ
ً شديدا أي جعلته
ً الحبل
َ تركت
ُ ك بمعنى َج َع َل ،يقال
" -وقد ترد تََر َ
(تركهم في ظلمات).7
ك َّ
أن الداللتين ِ
الشيء ،ذل َ وردت بمعنى التخلية عن
ْ ِ
اآلية ك) في سيا ِ
ق ولفظة (تر َ
األخيرتَْين ال يحتملهما السياق ،ويكون المعنى للرجال نصيب مما خاله الو ِ
الدان
المفسرين:
داللة لفظة (ترك) عند الفقهاء و ّ
ِ
الفقهاء والمفسرين ،لم يشيروا في كتبهم إلى داللة لفظة (ترك) معظم الواقعَّ ،
أن
َ
ك ّأنهم
منفردةً ،وانما ذهبوا إلى تفسير دالالت اآليات من حيث معانيها المركبة ،ذل َ
األعمق
َ التفسير
َ أن المعاني المعجمية قاصرة عن تفسير المعاني وحدها ،وا َّن
أدركوا َّ
واألصح هو في دراسة التراكيب في الجمل .فالطبري على سبيل المثال لم يشرْح دالالت
األلفاظ منفردةً في اآلية التي نحن بصددها ،وانما شرح دالالت التركيب وعقَّ َ
ب على
"للذكور من أو ِ
الد الرجل الميت حصة من ميراثه ،ولإلناث منهم حصَّة منه ،من ِ ْ اآلية:
قليل ما خلَّ َ
ف بعده وكثيره."...
باالسم.
غير َّ
أن الفقهاء في تقعيدهم لقواعد فعل معظم الفقهاءَ ،
ك َ لكونها معروفة الداللة ،وكذل َ
ِّ
للجد وان عال -عند موت موت االبن -نصيب االبن ،وثمة حاالت يكون فيها
األب-نصيب األب.4
اإلجماع.
عموم "األقربين"؛ اللفظة المعطوفة على (الوالدان) في قوله تعالى( :مما ترك الو ِ
الدان
واألقربون).٠
الخالف
َ َّ
ولكن الجدة،
الجد و ّ ٍ
حاالت يرث فيها ّ ك الخالف على َّ
أن هنا َ ُ وهكذا ،فليس
ط منه هذا الحكم ،أهو من القرآن وفي أيـّة آية ْأم من السنة أم
على المصدر الذي استنب َ
من اإلجماع؟.
أعم من
من الوالدين ما هو ّ
أن ير َاد َ
"وج ِّوَز ْ
تعقيبا على لفظة (الوالدان)ُ :
ً قال األلوسي
يخفى".٢
ِ
بصدد دراستها ،وانما في آية الميراث القرآن اللغوية ،ولكن ليس في هذه اآلية التي نحن
ك َّ
أن لفظة (أبويه) ٢ لكل و ٍ
احد منهما السدس) ،ذل َ التفصيلية ،في قوله تعالى (وألبويه ِّ
*داللة لفظة(األقربون):
دنو
القريب .والقريب والقريبة ذو القرابة ،والجمع من النساء قرائب .والقرابة والقربى :ال ّ
(والجار ذي القربى).4
تك
أنذر عشير َ
األدنون .وفي التنزيل العزيز( :و ْ
َ وأقارب الرجل ،وأقربوه:عشيرته
7
قربة،
قربة ،وقُربة ،و ُ
وم ُ
قربةَ ،
وم َ
ب ،وقربىَ ،
األقربين) .وتقول :بيني وبينه قرابة ،وقُ ْر ٌ
بضم الراء ،وهو قريبي ،وذو قرابتي ،وهم أقربائي ،وأقاربي .والعامة تقول :هو قرابتي،
1
أن
وهم قراباتي .وقوله تعالى( :قل ال أسألكم عليه أج اًر إال المودة في القربى) أي ْ
1
سورة الحج ،من اآلية .12 .1
سورة يوسف ،من اآلية .32 .2
ابن فارس :معجم مقاييس اللغة ،المجلد ( ، )4|5ص .24 .3
سورة النساء ،من اآلية .34 .0
سورة الشعراء ،من اآلية .210 .5
سورة الشورى ،من اآلية .23 .4
ابن منظور :لسان العرب ،المجلد ( )15|1ص .445 .1
110
*داللة لفظة (األقربون) عند المفسرين والفقهاء:
الفقهاء والمفسرون على المعنى اللغوي للفظة (األقربين) ،وهم ذوو القرابة
ُ لئن اتفق
المتوارثون منهم وهم؛ األبوان ،والزوجان ،واالبن ،والبنت" .٢وفي تفسير النسفي:
"هم المتوارثون من ذوي القرابات دون غيرهم" ،4وذهب اإلمام الرازي َّ
أن المراد من
ٍ
وحينئذ ال يدخل فيهم ذوو األرحام ،وعليه يكون عطف األقربين الوالدان واألوالد،
الخاص".7
ّ (األقربون) على (الوالدان) من عطف العام على
وقد ذهبت إلى هذا ال أري المذاهب جميعها إال الحنفية واإلمامية.1
ْ
ليسوا أصحاب فروض ،وال تعصيب ،كالعمات والخاالت وأوالد البنات ،والى هذا الرأي
أبو حيان :التفسير الكبير المسمى البحر المحيط وبهامشه تفسيران (أحدهما الهر الماد من البحر) ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط من .1
البحر المحيط لتاج الدين ابن مكتوم ،ج ( )2|3ص .115
أبو السعود ،تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،دون تاريخ، .2
المجلد ( ، )5|1ج ( ، )2|2ص.104
البروسويّ ،إسماعيل حقي :تنوير األذهان من تفسير روح البيان ،اختصار وتحقيق :الشيخ محمد علي الصابوني ،دار القلم ،دمشق .3
(1042هـ1922-م) ،ج ( ، )0|1ص .319
النسفي ،أبو البركات عبد هللا بن أحمد بن محمود ،دار إحياء الكتب العربية ،دون تاريخ ،المجلد ( ، )2|1ج ( ، )0|1ص.242 .0
انظر :تفسير آيات األحكام ،الشيخ محمد السايس ،ص .31 .5
انظر :تفسير آيات األحكام ،الشيخ محمد السايس ،ص ، 31وانظر :روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني :األلوسي، .4
ج ( ، )34|0المجلد ( ، )15|2ص211
115
أن ظاهر اآلي ِة يشهد لهم ،و َّ
أن في ك َّ
ذهب السادة األحناف واإلمامية .وحجتهم في ذل َ
٠
عام لذوي القرابة النسبية
ٌ بين
َ ر األق َّ
"إن : ل
َ قا ن
ْ وم
َ . تأويل الرأي األول الكثير من التكلّف
والسببية ،جع َل اآلية متضمنة لحكم الزوج والزوجة واستحقاق كل منهما اإلرث من
ٍ
إنسان له نسب مع ألن َّ
كل األشياء ،واألول باطل؛ ألنه يقتضي دخول أكثر الخلق فيهَّ ،
أن ٍ
بوجه بعيد ،وهو االنتساب إلى آدم عليه السالم ،وال َّ ٍ
بوجه قر ٍ
بد و ْ يب أو غيره إما
من
يكون المراد َ
َ أن
النص على االحتمال الثاني وهو ْ
ّ حمل
وجب ْ
َ بط َل هذا االحتمال
النص ال
َّ فثبت َّ
أن هذا ك إال الو ِ
الدان واألوالدَ ، كان أقرب الناس إليه ،وما ذا َ
بين َم ْن َ
األقر َ
انظر :أ حكام القرآن في سورة النساء :د.نور الدين عتر ،ص .93-92 .1
اآل لوسي :روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ،ج ( ، )34|0المجلد ( ، )15|2ص.211-214 .2
سورة النساء ،من اآلية .1 .3
114
يدخل فيه ذوو األرحام ،ال ُيقال :لو حملنا األقربين على الوالدين لزم التكرار؛ ألنا نقول:ا
ثم ذكر
فثبت أنه تعالى َذ َك َر الوالدَّ ،
َ ألقرب جنس يندرج تحته نوعان :الوالد والولد،
من
أن نصيبَ ذوي األرحام إنما يؤخذ ْ أو تناسوا َّأنها تعني كذل َ
ك اإليجاب ،وأغفلوا َّ
َّ
إن األقربين بالمعنى المعروف هم ذوو القربى ،أو ذوو األرحام.
وضمها"-٢
ِّ النسوة "ب َك ْس ِر النون
النساء جمع المرأة من غير لفظها ،وتُ ْج َمعُ على ُّ
ُ
الرازي ،الفخر :التفسير الكبير ،المطبعة البهية المصرية ،ط 1351 ،1هـ1932م ، ،ج ( )32|9المجلد ( ، )32|5ص .190 .1
الرازي :مختار الصحاح ،دار الكتب العلمية ،بيروت (1044هـ1924-م) ص .452 .2
الفيومي ، ،أحمد بن محمد بن علي المقري :المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي ، ،ج ( )2\2ص .213 .3
نقالً عن تاج العروس ، ،المجلد ( ، )24|24ص .232 .0
111
نين .وقال ابن سيده :٠والنساء جمع النسوة الن ُسون و ِّ
الن ْس ُ بضم النون -كما تُجمع على ِّ
رجالً كان أو امرأة وال ُيجمع من لفظه بل جمعه على المعنى قوم" .فال ُيقال أمراء،
وال امرؤ ،وال مرؤون ،وال أمارئ .وقد جاء في حديث الحسن" :أحسنوا مألكم أيها
دائما،
امرؤ بكسر همزة الوصل .وفي امرئ مع ألف الوصل ثالث لغات :فتح الراء ً
ٌ
دائما".7
دائما ،واعرابها ً
وضمها ً
المفسرين:
داللة لفظة (نساء) عند الفقهاء و ّ
اختلف الفقهاء والمفسرون على لفظة (رجال)اختلفوا كذلك على لفظة (النساء) في
َ كما
تعقيبا على هذه اآلية":لإلناث منهم حصة منه" 9أي من الميراث ،وفي البحر
ً الطبري
قاس معناها على ما دلت عليه اللفظة فإن بعضهم استند إلى َّ
أن لفظة (نساء) إنما ُي ُ َّ
حيث المقصود
ُ
٢
ونساء) كثير َّ
(وبث منهما رجاالً ًا نفسها في صدر السورة قي قوله تعالى
ً
من ِ
اآلية العموم وليس التخصيص ،كما استند آخرون إلى روايات أسباب النزول وهي َ
كثيرة.
الحكم على
َ (الرجال) يقول في هذا المجال كذلكَّ ،
إن وكما رجح الباحث في لفظة ّ
ِ
المجال فيه ُّ
تمحل واعتساف. ِ
القياس في هذا ِ
مختلفتين ،واتباع ِ
اللذين وردتا فيه
ِ
بموجب هذه اآلية -اإلناث غير البالغات منمون-
حر َالفقهاء والمفسرين أنفسهم ال َي ِ
أن ِّ
تحد َد أنصبتهم، ِ ك أنهم ذهبوا إلى َّ
أن آيات الميراث التفصيلية ال تلبث ْ الميراث ،ذل َ
التدرج في التّشريع.
يعدونه من باب ّ
ك ّ وهم في ذل َ
أن تكون لفظة (نساء) في اآلية الكريمة إنما تعني اإلناث مطلقًاَّ ،
ألن رج ُح الباحث ْ
وي ّ
آيات الميراث التفصيلية تؤيد هذا المعنى وتخالف اآلخر حيث إنها ْلم تحرم اإلناث غير
أبو حيان :التفسير الكبير المسمى البحر المحيط وبهامشه تفسيران أحدهما الهر الماد من البحر ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط من البحر المحيط .1
لتاج الدين ابن مكتوم ،ج ( )2|3ص .110
ابن الجوزي ،أبو الفرج عبد الرحمن :زاد المسير في علم التفسير ،المجلد ( ، )9|2ص .12 .2
سورة النساء ،من اآلية.1 .3
انظر :تفسير آيات األحكام :الشيخ علي السايس ،ص . 34وانظر :أحكام القرآن في سورة النساء :د.نور الدين عتر (من محاضرات الدراسات .0
العليا) .
119
أقرب إلى اليقين ،بعد االستناد إلى روايات
َ صبح الرأي هذا
وي ُالبالغات من الميراثُ ،
ِ
الفقهاء والمفسرين ،حول داللة لفظة (الّرجال) في آية بين غير َّ
الخالف َ
َ أن
ِ
يلتقيان في ألن كال الر ِ
أيين يع أنصبة الميراث َّ ٍ
خالف في توز ِ الميراث ،لم ِّ
يؤد إلى
و(كثر) :
َ *داللة لفظة َّ
(قل)
"كثر:ال َكثرة ،وتكسر الكاف :نقيض القلة ،وفي الصحاح :الكسر لغة رديئة.وحكى
َ
الق ِّل و ِ
الكثْر ،وقال الليث :ال َكثرةُ :نماء ثر و ِ الحمد ِ
هلل على القُ ّل وال ُك ِ ُ بالضم،يقال:
العدد".٢
المقصود بالمال التركة .واستد ّل بعض الفقهاء والمفسرين من هاتين اللفظتين" ،د ْفع
توهم اختصاص بعض األموال ببعض الورثة،كالخيل وآالت الحرب" ،4وبهذا ُي َرُّد
ّ
(مفروضا): *داللةُ ِ
لفظة
ً
صحيح ُّ
يدل ٌ ض و(فرض) الفاء والراء والضاد أص ٌل
مفروض اسم مفعول من فَ َر َ
معالم وحدوداً".7
َ ك َّ
ألن له وس ِّم َي كذل َ
تعالىُ ،
والواقعَُّ ،
أن ثمةَ دالالت مختلفة للفظة (فرض)،أبرزها:
" اإليجاب" .٠و"فَرض اهلل على العباد :ما يجب عليهم أداؤه مثل الصالة و ِ
الزكاة َ َ ُ
ك الفرائض في الميراث".4
أمر بها ونهى عنها ،وكذل َ
ائض اهلل :حدوده التي َ
"وفر ُ
مقطوعا َّ
محد ًدا. ً مفروضا) أي
ً (نصيبا
ً " القطع" ،1كقوله تعالى:
ك القرآن) أي أنزل.
فرض علي َ " اإلنزال" ،7كقوله تعالى َّ
(إن الذي َ
9
فرض اهللُ له)أي
َ من حرٍج فيما
النبي ْ
ِّ كان على
" اإلحالل" ،كقوله تعالى( :ما َ
َّ
أحل اهلل له.
ض :التُّرس".٠١
و"الفَ ْر ُ
مؤقتة"َّ .٠
لكن بعضهم اختار من الدالالت اللغوية الداللة التي رآها مناسبة مع َّ
أن
قال ابن الجوزي" :والمفروض :الذي فرضه اهلل ،وهوآكد من الواجب" ،٢وفي الكشاف،
ال محالة".7
من
نصيب َ
ٌ أن ليس لهم
ت ْعدم تحديد آيات الميراث لهذا النصيب لذوي القربى ُيثْبِ ُ
الذين ذهبوا إلى وجوب توريث ذوي القربى كالسادة األحناف ،فإنهم حملوا
َ الميراث .أما
كذلك
َ بين الفرض والوجوب َّ
أن الفرض يقتضي فارضاً فرضه وليس حيث َّ
"إن الفرق َ
ك َّ
صح وجوب الوجوب ،ألنه قد يجب الشيء في نفسه من غير إيجاب موجب ،ولذل َ
من هبة أو صلة ،والفرض :ما أعطيت من غير فرض لثبوت تمليكه ،وأصل الوجوب
الوقوع :يقال :وجب الحائط وجوباً إذا وقع ،وسمعت وجبة أي وقعة كالهدة ،ووجب الحق
خفق من فزٍع".٠
ووجب القلب وجيبباً إذا َ
َ وجوباً إذا وقع سببه
آن صيغُ ٍ
أمر كثيرة ،كقوله تعالىَّ :
(إن جاءت في القر ِ
-اختيار لفظة (يوصيكم)" :لقد َ
الدليل
الوصية من اهلل فَ ْرض ،و ّ
ّ وقوله يوصيكم أي يأمركم ويفرض عليكمَّ ،
ألن معنى
وصاكم به لعلّكم
بالحق ذلكم ّ
ّ حرَم اهلل إال
على ذلك قوله تعالى( :وال تقتلوا النفس التي َّ
الطبرسي ،أبو علي الفضل بن الحسن :مجمع البيان في تفسير القرآن ،المجلد ،2ص .25وانظر :تفسير الشعراوي :الشيخ محمد متولي .1
الشعراوي ،راجع أصله وخرج أحاديثه د.أحمد هاشم أخبار اليوم قطاع الثقافة ،ج ( ، )11|0القاهرة1991م ،ص .2415
سورة النحل ،من اآلية .94 .2
سورة البقرة ،من اآلية .123 .3
سورة األنعام ،من اآلية .151 .0
سليمان بن عمر العجيلي الشافعي الشهير بالجمل (ت 1240هـ) :الفتوحات اإللهية بتوضيح تفسير الجاللين للدقائق الخفية ،دار الكتب العلمية، .5
ط ،1بيروت 1014هـ ،ج ،2ص .11
120
األحكام واألغراض اآلتية:
َ وقد جاء استعمال لفظة اإليصاء ُم َحقِّقًا
أرض
وصى النبت :إذا اتّصل و َكثَُر ،و ٌ ص َل واتَّ َ
ص َلّ ، "ووصى الشيءَ :و َ
ّ للوصية،
ّ
جزما ،أكثر من أية صيغة أخرى ،فال يملك المكلَّف التقصير أو التّفريط
تأكيدا و ً
ً
أرحم بهم
ُ الرحمة ،فاهلل يوصينا بأوالدنا ،أي ّأنه َّ -4
إن في صيغة اإليصاء معنى ّ
ُّ
الرب خالقنا ،يوصينا في منا ،ويقول ال ّشعراوي في شرح هذه اآلية" :نِ ْع َم
ّ
محب لنا".4
ٌّ رحيم بنا
أحب منا عند آبائنا فهو ٌ
الدنا...كأننا عند رّبنا ّ
ّ أو
األصفهاني ،أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب األصفهاني (ت 542هـ) :المفردات في غريب القرآن ،تحقيق محمد سيد .1
كيالني ،دار المعرفة للطباعة والنشر ،بيروت ،ص . 525الرازي ،محمد بن أبي بكر بن عبد القادر (ت 444هـ) :مختار الصحاح ،دار
الكتب العلمية ،بيروت ،ص . 125إبراهيم أنيس وآخرون :المعجم الوسيط ،دار إحياء التراث العربي ،ط ،2ج ،2ص .1431
محمد رشيد رضا :تفسير المنار ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،ط ،2بيروت ،ج ،0ص.040 .2
اآللوسي ،شهاب الدين السيد محمود البغدادي (ت 1214هـ) :روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ،دار إحياء التراث .3
العربي ،ط ،0بيروت 1045هـ ،ج ،0ص .214
الشعراوي ،محمد متولي :تفسير الشعراوي ،ج ،0ص .2423 .0
125
-اختيار لفظة (أوالدكم) في قوله تعالى ( يوصيكم اهلل في أوالدكم):1
بطن أمه ،كما شمل الخنثى والمفقود ،وشم َل أوالد االبن وا ْن نزلوا سواء على سبيل
جميع
َ ألنها جمعٌ ُعِّرف باإلضافة؛ فَ َش َم َل
صيغ العموم ّ
ِ آنية من
-٠هذه اللّفظة القر ّ
الصغار والكبار ،والفقراء واألغنياء ،وال ّذكور واإلناث ،والموجود حقيقة أو تقدي اًر،
األوالد ّ
كالجنين.
٢
أن النبي صلى اهلل عليه
الدين ،كحديث "أسامة بن زيد" رضي اهلل عنهّ ،
كاختالف ّ
أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال" :ال يتوارث أه ُل ملّتين شتى".7
رضي اهلل عنهماَّ ،
الرضاعةَّ ،
فإن االبن من ّ
َ -٢قوله تعالى (في أوالدكم) ولم يقل (في أبنائكم) أخرَج بذلك
الرضاعة.
فلو قال في أبنائكم لدخل فيه االبن من ّ
يقول أنا ولد محمد ،ولذا قال تعالى( :وحالئل أبنائكم من أصالبكم).٢"٠
أجنة في بطون
كبارا ،ولو ّ
صغار أو ً
ًا حصر اإلرث في األوالد
َ -1لفظ (الولد) قد َحقَّ َ
ق
أمهاتهم ،ولو استُعمل لفظ (األبناء) بد َل (األوالد) لَ َخ َرج بذلك ميراث الجنين.
العبد
لفظة (أوالدكم) ،بإضافة التعريف ،ولم يقل اهلل تعالى :يوصيكم اهلل في ما ولدتم..و ُ
ك
عبد فالن ،ومملو ُ
فيقال ُ
سيدهُ ،
عرف باإلضافة إلى والده إنما ُيضاف دائماً إلى ّ
ال ُي َّ
فالن وابن فالن ،4وبذا يكون هذا اللّفظ قد حمل داللة فقهية
ولد ٍالحر ُ
ويقال في ّ
فالنُ ،
الر َّ
ق مانعٌ من موانع الميراث. أن ّواضحة ،وهي َّ
على فضله ،إذ ال ُي ْعطى ال ّذكر هذا التقديم وهذه الزيادة وهذا التوضيح إال لميزات فيه.
قلت ليبدأ ببيان حظّ الذكر لفضله ،كما ضوعف حظّه لذلك ،و َّ
ألن قوله للذكر مثل حظّ ُ
األنثيين قصد إلى بيان فضل الذكر ،وقوله لألنثيين مثل حظ الذكر قصد إلى بيان
قصدا إلى بيان فضله كان أد ّل على فضله من القصد إلى بيان
ً نقص األنثى ،وما كان
إن
مما تََر َك ْ ٍ اختيار لفظة "وألبويه" في قوله تعالى( :وألبويه ِّ
دس ّ
الس ُ
لكل واحد منهما ّ
ولد).
له ٌكان ُ
َ
ت هي صيغةُ
ورَد ْ بيد َّ
أن الصيغةَ التي َ ولدَ .
الميت أو البنتهم المتوفّاة ٌ
كان البنهم ْ
ب به ِ
كاألب َح َج َ الج َّد كاألب .فمن جعل َّ
الجد ِ
يجعل َ وجوده مهما عال ،وهناك من لم
كالسادة األحناف( .)٢ومن لم يجع ْله كاألب وهم األشقاء أو األب اإلخوةَ واألخو ِ
ات
ّ َ
()٢
َّب معهم ،على اختالف في كيفية توريثه.
َج َعلَه كاألخ يتعص ُ الجمهور
من ولداه قريباً ال من سفل ،كاألبوين ال يتناول إال من ولداه قريب ًا ال َم ْن عال ،أو إلى
ومن عال ،كما يطلق األوالد على من ولداهم قريباً ومن سفل"( ،)٠وممن قال َّ
بأن لفظ
،و َّ
استدل على ذلك قوله ()٢
الرازي ِ
األجداد على سبيل المجاز اإلمام ّ
َ األبوين يشم ُل
ابن ِ
االبن وا ْن َن َز َل على المثنى ،وهذا أمر له داللته ،فإذا قلنا االبن ،يشمل َ
جاء بصيغة ّ
فإنه على الحالين يقوم مقامه عند عدم وجوده ،فجاء تعبير
سبيل الحقيقة أو المجازّ ،
الجد ال
يحجب اإلخوةَ ،و ّ
ُ األب
َ الج ّد ،وهو َّ
أن بين األب و َ
المثنى لتحقيق هذا الفَ ْرق َ
بين ِّ
الجد واألب. الفرق َ
َ الحكم ،وحقَّ َ
ق هذا َ
َّ
أدى هذا
لث في بعض
األم تأخذ الثّ َ
السدس ،بينما ّ إن َّ
الجدةَ لها مقام األم ،فال تأخ ُذ إال ّ -٢
الجد.
الجدة ،كذا األب يختلف عن ّ
األم يختلف عن ّ
نصيب َّ
َ الحاالت ،وكما َّ
أن
()٠
فاختلف األمر.
َ المثنى،
الصيغة صيغةَ الجمع آبائك ،وهنا صيغة ّ
الرازي ،فقد كانت ّ
ع أراد في قوله أوالدكم بيان العموم ،ومقصده هنا بيان النوعين من
شر َ
الم ِّ
إن َُّ -4
()٢
و ثمة فارق بين العموم وبين بيان النوع. اآلباء الذكر واألنثى
َّ
إن لفظة األبوين جاء بعدهما في اآلية ما يد ّل على أنه يقصد بيان النوع ،لقوله -7
ِّ
لكل واحد منهما ،فال ُيراد بذلك ال ّشمول والعموم.
َّ
للذكر مثل حظ األنثيين ،ولو جاء التعبير لوالديه لفات هذا المعنى.
كان
إن َمما تر َك ْ
السدس ّ
اختيار لفظة "ولد" في قوله تعالى( :وألبويه لكل واحد منهما ّ
ولد).
له ٌُ
()4
وردت فيه على
ْ السياق الذي
أكثر ،ولذا فإن لفظة "الولد" ،نستد ّل منها من خالل ّ
األحكام اآلتية:
الرازي :مفاتيح الغيب ،ج ،9ص ،149ابن القيم ،أعالم الموقعين ،ج ،1ص ،310البهوتي :كشاف القناع ،ج ،0ص .041 .1
ابن العربي :أحكام القرآن ،ج ،1ص .331 .2
البيضاوي :أنوار التنزيل وأسرار التأويل ،ج ،3ص ،212تفسير الجاللين ،ج ،9ص .12 .3
الرازي :مفاتيح الغيب ،ج ،9ص ،149األلوسي :روح المعاني ،ج ،0ص ،220ابن عاشور :التحرير والتنوير ،ج ،0ص.251 .0
134
فإنه داخ ٌل
تناول هذا اللفظ االبن وولد االبن سواء على سبيل الحقيقة أو المجازّ ، -٠
أولى رجل ذكر ،فاختيار كلمة الولد في اآلية األولى من آيات المواريث قد َّ
أدى هذه
في قوله تعالى( :ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن -٢
أما قوله تعالى( :إن امرؤ هلك ليس له ولد)( ،3وهو يرثها إن لم يكن لها ولد)،4 -٢
َّ
فإن لفظ الولد هنا شمل االبن والبنت وابن االبن وولد االبن وان نزلوا كما هو لفظ الولد
في الموضعين السابقين ،وشمل لفظ الولد هنا الوالد أيضاً فيكون لفظ الولد في كل آية
أحدهما ،قال الجرجاني لفظ الولد ينطلق على الوالد والمولود فالوالد ُي َس َّمى والداً ألنه ال
ي هذا الغرض
ليؤد َ
مقامها لفظ آخر ّ له ،وهكذا َّ
فإن كلمة ولد بهذا ال ّشمول ال يقوم َ
فألمه
ّ وردت لفظة اإلخوة في آيات المواريث في قوله تعالى( :فإن كان له إخوة
السدس)( ،1وان كان رجل يورث كاللة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما
السدس) ،2وفي قوله تعالى ( :إن إمرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك
ولد فإن كانتا إثنتين فلهما الثلثان مما ترك وان كانوا إخوة
وهو يرثها إن لم يكن لها ُ
رجاالً ونساء فللذكر حظ اإلنثيين) ،3وقد وردت لفظة اإلخوة مجموعة كما في اآلية
األولى ،ووردت مفردةً مذكرةً مرة ومؤنثةً أخرى ،كما في اآلية الثانية ،ووردت مفردةً
الفرع األول :في اآلية األولى في معرض نصيب األم ورد لفظ اإلخوة مجموعاً مطلقاً،
واطالقه من غير ٍ
قيد جعله يشم ُل جميع األخوة ذكو اًر أو إناثاً ،ألبوين أو ألب ،أو ألم.
ذكران أو أكثر ،أو كان له أخ وأخت ،أو كانت له أختان فأكثر ،أو كان له أخ وأخت
من أبوين أو من أب ،أو من ّأم ،أو له أخوان أو أختان فأكثر من ّأية جهة كانوا فقد
التثليث سواء كان من األخوة أو األخوات ،وقال ابن عباس رضي اهلل عنهما ال يحجب
األم من الثلث ما دون الثالثة وال األخوات الخلّص أخذاً بالظاهر( ،)٠وقال ال ّشوكاني:
ّ
عباس
يشمل االثنين فأكثر في حجب األم من الثّلث إلى السدس إال ما ُيروى عن ابن ّ
يعبر به عن اثنين ،وقال ابن عباس اآلية وردت في صيغة الجمع َّ
ألن الجمع قد ّ
رد شيء
تردها إلى السدس بأخوين وليسا بإخوة؟ فقال عثمان ال أستطيع ّ
لعثمان :كيف ّ
كان قبلي ومضى في البلدان ،وتوارث الناس به ،فأشار إلى اجتماعهم عليه قبل أن
()٠
يدل على َّ
أن الصحابة قد وافقوا عثمان ،واذا كان يظهر ابن عباس الخالف ،وهذا ّ
وم ْن بعدهم قد وافقوا جمهور الصحابة على هذا ولم يخال ْفهم إال ابن عباس َّ
فإن التابعين َ
إن الجمع يشمل االثنين واالثنتين فهو يذكر بمعنى التثنية( ،)٢قال تعالى( :فقد
َّ -٢
صغت قلوبكما) ،4وقد ورد هذا االستعمال في مواقع كثيرة من القرآن كقوله تعالى( :وهل
(الحصني ،كفاية األخيار ،ج ،2ص ،322الموصلي االختيار ،ج ،5ص ، 94بدران أبو العينين بدران ،أحكام التركات والمواريث في .1
الشريعة اإلسالمية والقانون ،اإلسكندرية ،مؤسسة شباب الجامعة2443 ،م ،ص .133
الحصني :كفاية األخيار ،ج ،2ص ، 322محمد الخطيب الشربيني :مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ،بيروت ،دار الفكر .2
للطباعة والنشر1392 ،هـ 1912 -م ،ج ،3ص ،14الموصلي :االختيار ،ج ،5ص .94
الرازي :مفاتيح الغيب ،ج ،9ص .115 .3
من سورة التحريم ،اآلية .0 .0
130
تسوروا المحراب) ،1وهما اثنان ،واستعمل الجمع في ذلك ،وقال
أتاك نبأ الخصم إذ ّ
تعالى بعد ذكر الجمع( :خصمان بغى بعضنا على بعض) ،وفي قوله تعالى( :فإن كن
َّ
إن حكم االثنين في الميراث كحكم الجماعة ،فقد جعل اهلل حكم البنتين كالبنات -٠
()٢
ألم كالثالثة ،قال تعالى( :وان كان
ّ اإلخوة من االثنين وحكم . واألختين كاألخوات
رجل يورث كاللة أو امرأة وله أخ أو أخت فلك ّل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من
()5
السدس
األم من الثّلث إلى ّ
األختين الشقيقتين لألخوات ألب ،وهذا يجعل حجب ّ
األم َّ
ألن مؤنثاً مفرداً مطلقاًَّ ،
لكن األخ واألخت هنا من ّ األخ مفرداً مطلقاً ولفظ األخت ّ
اإلخوة هناك.
األم وأن ما قدر ههنا فرض األم فيناسب أن يكون ألوالدها ،وساوى هنا بين
يليق بأوالد ّ
عادة العرب إذا ذكروا اسمين مستويين في الحكم فإنهم قد يذ ّكرون الضمير الراجع إليهما
مفرداً ،كما في قوله( :واستعينوا بالصبر والصالة واّنها لكبيرة إال على الخاشعين)،4
وقوله أيضاً( :والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل اهلل) ،5وقد يذكرونه
األم فأكثر.
أن يكون هناك أكثر من أخ أو أكثر من أخت أو أخ وأخت من ّ
وهي ْ
وفي اآلية األخيرة؛ ففي اآلية األولى اإلخوة واألخوات ال يزيد نصيبهما على الثلث،
ويشتركون فيه بالتساوي ،وفي اآلية األخيرة اإلخوة واألخوات يأخذون التّركة كلّها،
األخرى َوَدلَّ ْ
ت على َّ
أن ل ْفظ األخ واألخت في كل آية ليس ما ورد في األخرى ،مع أن
ما ال يتناوله لفظ آخر من غير لبس أو احتياج إلى تفريع أو زيادة في األلفاظ وال يغني
وفي اآلية األخيرة من سورة النساء ورد لفظ (األخت ولها النصف) فهي األخت من
ولد ،وذكر لفظ الجمع الذي يشمل اإلخوة ذكو اًر واناثاً فإن كانوا إخوة رجاالً ونساء فللذكر
مثل حظ األنثيين ،وبذلك انتظمت جميع حاالت اإلخوة واألخوات منفردين أو من
القيامة.
1
اختيار كلمة" نفعاً" في قوله تعالى( :آباؤكم وأبناؤكم ال تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً)
الدنيا أو
ي أو معنوي ،عاجل أو آجل ،في ّ
ماد ّ
أي نفع ّ
وردت اللفظة نكرة مطلقاً ،فشمل ّ
في اآلخرة.
ب
الدنيا كانتفاعه باإلنفاق عليه والتّربية له ،وال ّذ ّ
النفع انتفاع بعضهم ببعض في ّ
ومن ّ
عنه ،وانتفاع بعض األقارب بشفاعة أقاربهم لهم في اآلخرة( ،)٢يقول ال ّشيخ الشعراوي:
فالنفعية في اآلباء
النفعية في األبناء؛ ّ قد ِر ما ّ
تظن من ّ "فإياك أن ِّ
تحد َد األنصباء على ْ ّ
النفعية
فرص المستقبل ،و ّ
صَن َع لي َ
تتّضح عندما يقول اإلنسان لقد رّباني أبي ،وهو الذي َ
شأن بهذا األمر ،ال تدرون ّأيهم أقرب لكم نفعاً .وما دمت ال تدري ّأيهم أقرب لكم نفعاً
فالتزم حكم اهلل الذي يعلم المصلحة التوجيهية في األنصبة كما يجب أن تكون"(.)٢
ٍ
شيء علماً. أحاط بك ّل
اإلنسان ال يستطيعُ
َ المنفعة ،والعاقل يسعى في َج ْل ِب المنافع ودرء المفاسد ،كما َّ
أن
الدارين.
هذه ال ّشريعة مبناها على تحقيق المصالح ودرء المفاسد ،حيث كان المقصد من -٢
للنفع
شامال ّ
ً عاماً
النكرة مما يجعله ّ
توزيع أنصبة الورثة هو النفع ،والذي ورد بصيغة ّ
ِ
اآلباء أو األبناء أو ال ّذكور أو غيرهم من األقارب قد تفضيل
َ َّ -7
إن الذين اختاروا
تفسير الشعراوي :ج ،0ص ،2429وانظر :ابن عاشور :التحرير والتنوير ،ج ،0ص .242 .1
139
حكيما).1
ً عليما
ً إن اهلل كان
اختيار لفظة "فريضة" في قوله تعالى( :فريضة من اهلل َّ
الرجحان ،وهي توضيح لما ورد في مطلع اآلية بقوله يوصيكم .قال
على سبيل التخيير و ّ
البيضاوي" :فريضة من اهلل مصدر مؤكد أو مصدر يوصيكم اهلل ألنه في معنى يأمركم
ويفرض عليكم"(.)٢
وقال الجمل" :فريضة فيها ثالثة أوجه أظهرها ّأنه مصدر مؤ ّكد لمضمون الجملة السابقة
وصية فرض ،والثاني ّأنه مصدر منصوب بفعل محذوف من لفظها أي فرض اهلل ذلك
لي َّ
أن لفظة الفريضة قد حققت األحكام اآلتية:
يد ّل على تأكيد الحكم فيكون توزيع المواريث فرضاً مؤ ّكداً بمؤ ّكدات كثيرة ،منها -٠
ما ُذ ِك َر في صيغة (يوصيكم) ،ومنها استخدام لفظ (الفريضة) ،حتّى يبادر المكلَّ ُ
ف إلى
تأخر أو تحايل.
تطبيقها من غير ّ
"يوصيكم".
ولهن
َّ ولهن" ،في قوله تعالى( :ولكم نصف ما ترك أزواجكم...
اختيار لفظتي" :ولكم"َّ " ،
مما تركتم).
الربع ّ
ّ
يقل
النساء ،ولم ْ
"ولهم نصف ما ترك أزواجهم" كما جاء خطاب ّ لم ِ
يقل اهلل تعالى
ْ ْ
ضمير المخاطب لألزواج وضمير الغائب لَ ُك َّن الربع مما ترك أزواجكنِ ،
فقد اختار
َ ّ ّ
حيث
ألنه تعالى ُ
النساء؛ ّ
الرجال على ّ يقول الرازي" :في اآلية ما ُّ
يدل على فَ ْ ِ
ضل ّ ّ
ِ
سبيل النساء على
وحيث ذ َك َر ّ ِ
سبيل المخاطبة، الرجا َل في هذه اآليةَ ،ذ َك َرهم على
ُ َذ َك َر ّ
عليهن"(.)٠
ّ مزيد فضلهم
يكون له
َ آني ال ُب َّد أن
ص القر ّ
الن ّ
بين خطاب المرأة وخطاب الرجل في ّ
فالتّغاير َ
السفر ،والتّجارة،
الرجل وسفره ومقابلته لغيره في ّ
ودالالت كثيرةٌ منها :كثرةُ خروج ّ
ٌ مقاصد
ُ
وهذا يتناسب مع الخطاب المباشر الّذي دلت عليه (كاف) الخطاب بخالف المرأة التي
الرّازي ،مختار الصّحاح ،ص ،514األصفهاني ،المفردات ص ،031إبراهيم أنيس وآخرون ،المعجم الوسيط ،ج ،2ص .194 .1
ال ّزمخشري :الكشاف ،ج ،1ص .514 .2
101
اختيار لفظة "األزواج" ،في قوله تعالى( :ولكم نصف ما ترك أزواجكم).
الرفث إلى نسائكم) ،2ولم يقل زوجاتكم بل قال أزواجكم ونرى َّ
أن هذا اللفظ يحمل أحكاماً ّ
عديدة منها:
ذكرها على سبيل الجمع ،والجمع إذا أضيف كان من ألفاظ العموم فيشمل -٠
العدة ،واحدة
الزوجة المدخول بها ،وغير المدخول بها ،والمطلّقة الرجعية إذا كانت في ّ
ِ
الحاالت المذكورةَ.
المعاني ،و أو أكثر ،فشمل هذا اللّفظ هذه
َ
الزوجات ،كما
ولهن دالّة على ّ
جاءت صيغة الخطاب (ولكم) دالة على األزواجّ ،
تعد ْد َن.
للزوجات إذا ّ
النصيب المذكور يكون ّ
َ
عند ذكر
النساء" َ
مرة في اآلية الثّانيةَ عشرةَ من "سورة ّ
ورد لفظ الكاللة في القرآن مرتينّ ،
َ
ف،
ض ُع َ
وكالال َ
ً "الكاللة" في اللّغة :مصدر بمعنى "الكالل" وهو ذهاب القوةَ ،ك َّل كاللةً
العم األباعد، فَّ ، بَّ ، ِ كل فالن َّ
ُيقا ُل َّ
كالال بنو ّ
وكل ً ض ُع َ
يف َ
الس ُ
وكل ّ ص ُر أي تَع َ
الب َ
وكل َ
الراغب:
كأنه أخذ طرفيه من جهة الوالد والولد ،وقال ّ
النسب أي تطرفهّ ،
وقيل تكللة ّ
ألنها ت للقرابة من ِ
غير جهة الولد والوالد ّ عير ْ
الكاللة اسم لما َعدا الولد والوالد ،فاستُ َ
()٢
في اشتقاق باإلضافة إلى قرابتهما كالة ضعيفة( ،)٠وهناك وجوه أخرى ذكرها العلماء
الكاللة في أصل اللغة عبارة عن اإلحاطة ،ومنه اإلكليل إلحاطته بالرأس ،ويقال -٢
تكلّل السحاب أي صار محيطاً بالجوانب ،ومن عدا الولد والوالد سموا بالكاللة ألنهم
األصفهاني ،المفردات ،ص ،031الزمخشري ،الكشاف /ج ،1ص ،514الرازي ،مفاتيح الغيب ،ج ،9ص .1
،119الشنقيطي ،أضواء البيان ،ج ،1ص .205
ابن العربي ،أحكام القرآن ،ج ،1ص ،301البيضاوي :أنوار التنزيل ،ج ،2ص ،151الجمل :الفتوحات .2
اإللهية ،ج ،2ص ،23أبو حيان :البحر المحيط ،ج ،3ص ،505ابن عطية :المحرر الوجيز ،ج ،3ص .522
103
كالدائرة المحيطة باإلنسان ،وكاإلكليل المحيط بالرأس ،أما قرابة الوالدة فليست كذلك،
ع ِ
بعضها عن بعض وتوارث بعضهم من بعض. فإن فيها تفر َ
المعاني اآلتية:
َ آني ،فهي تحتم ُل
ص القر ّ
الن ّ
وداللتها في ّ
الخلو من الولد.
ّ -4
آنية َسَّبَب ْ
ت إشكاالً لكثيرين غوي والداللة القر ّ
وهذه االحتماالت الكثيرة حسب المفهوم اللّ ّ
عية.
الحقيقة الشر ّ
ابن العربي :أحكام القرآن ،ج ،1ص ،301القرطبي ،الجامع ألحكام القرآن ،ج ،5ص .11 .1
100
الخامس وهو المال الموروث وقد قا َل به عطاء
َ وبالنظر إلى األقوال السابقةَّ ،
فإن القو َل ّ
()٠
أما القول
ّ . وجه له"
"أما من قا َل ّإنه المال فال َ
هو قول ضعيف ،قال ابن العربيّ :
الرابع فقد ورد عن عمر بن الخطاب ،وقال به الحكم به عتبة( .)٢دليل هذا القول قوله
ّ
تعالى( :إن إمرؤ هلك ليس له ولد) ،وهذا االستدالل ال يستقيم ألمور:
ك والداً
الضعف ،ومن تََر َ
يكون كاللةً ،ألن الكاللةَ تد ّل على ّ
ُ َّ
إن َم ْن تََر َك والداً ال -٢
يتقوى بوالده.
ال يكون ضعيفاً ،ألنه ّ
وقد أَ ْش َكلَ ِت اآلية على عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه ،حتى ألحف على رسول اهلل في
بيانها ،فقال أال تكفيك آية الصيف وهي آخر سورة النساء ،وفي صحيح مسلم عن
معدان بن أبي طلحة أن عمر بن الخطاب خطب يوم الجمعة فذكر نبي اهلل ،وذكر أبا
أغلظ لي فيه حتى طعن بإصبعه في صدري ،وقال يا عمر :أال تكفيك آية الصيف التي
ابن عطية :المحرر الموجيز ،ج ،3ص ،521أبو حيان ،البحر المحيط ،ج ،3ص .505 .1
الرازي ،مفاتيح الغيب ،ج ،9ص .142 .2
ابن عطية ،المحرر الوجيز ،ج ،3ص .521 .3
صحيح مسلم بشرح النووي ،كتاب الفرائض ،حديث رقم ،1411ج ،11ص.15 .0
105
في أخر سورة النساء واني إن أعش أقض فيها بقضية يقضي بها من يق أر القرآن ومن ال
يق أر القرآن"(.)٠
نص
الناس ،ولعل إغالظ النبي له لخوفه من اتّكاله واتّكال غيره على ما ّ
شيعه بين ّ
وي ُُ
ردوه إلى
عليه صريحاً وتركهم االستنباط من النصوص ،وقد قال اهلل تعالى( :ولو ّ
الرسول والى أولي األمر منهم لعلمه الذي يستنبطونه منهم) ،2فاالعتناء باالستنباط من
ّ
ِ
المسائل من ٍ
بيسير َ الصريحة ال تفي إال
ّ صوص الن آكد الواجبات المطلوبة؛ َّ
ألن ّ
َ
()٢
حيث التّوريث فسواء
أما األقوال الثالثة األخرى فإنها تؤول إلى قول واحد من ُ
الحاثة ّ ،
الجمهور َّ
أن الكاللةَ هي ما خال ُ ذهب إليه
َ هذه الحالة هم ما سوى الولد والوالد ،والذي
الولد والوالد( ،)4وقال ابن كثير وهو قول األئمة األربعة وجمهور السلف والخلف(.)7
أبو زكريا يحيى أبن شرف النووي ،شرح صحيح مسلم ،بيروت ،مؤسسة مناهل العرفان ،ج ،11ص .51 .1
النساء ،من اآلية .23 .2
أبو حيان :البحر المحيط ،ج ،3ص ،505ابن عطية ،المحرر الوجيز ،ج ،3ص ،521الشوكاني :فتح القدير، .3
ج ،1ص ،030ابن عاشور :التحرير والتنوير ،ج ،0ص.240
محمد علي الصابوني ،مختصر تفسير ابن كثير ،بيروت ،دار القرآن الكريم1042 ،هـ1( ،ط) ،ج ،1ص .0
.340
الرازي :مفاتيح الغيب ،ج ،9ص .119 .5
الرازي :مفاتيح الغيب ،ج ،9ص .119 .4
104
ما سوى الولد والوالد ألنها قرابة ضعيفة تحيطُ بالميت ،وهي ليست كقرابة الولد والوالد
ّأنه تعالى ما َذ َك َر الكاللة إال في هذه اآلية وفي آخر السورة؛ وألن اهلل حكم في -٢
ذكر اهلل قبل ذلك ميراث األوالد والوالدين فيكون التّرتيب هنا ميراث غير األوالد -٢
والوالدين(.)٢
من األدلّة على ما ذهب إليه الجمهور حديث جابر ،قال :مرضت فأتاني رسول -4
علي،
وصبه ّ
ّ علي ،فلم أكلّ ْمه ،فتوضأ
اهلل يعودني هو وأبو بكر ماشيين ،وقد أغمي ّ
فأفقت فقلت :يا رسول اهلل كيف أصنع في مالي ولي أخوات؟ فنزلت آية المواريث:
(يستفتونك قل اهلل يفتيكم في الكاللة) ،)4( ٢قال الخطابي :وكان جابر يوم نزول اآلية
والراجح في مسألة الكاللة ما ذهب إليه الجمهور ،ومما يشهد لذلك باإلضافة إلى ما
ذكرنا:
ألم من
األب يمنعان اإلخوة ّ َّ
الجد و َ األب والجد ال يدخالن في الكاللة؛ َّ
ألن -٠
الرازي :مفاتيح الغيب ،ج ،9ص ،119 ،124إبن عاشور ،التحرير والتنوير ،ج ،0ص .240 .1
أخرجه أبو داوود واللفظ له ،كتاب الفرائض ،باب الكاللة ،حديث رقم ، 2223والترمذي ،أبواب الفرائض باب الميراث األخوات. .2
سورة النّساء ،من اآلية .114 .3
الخطابي حمد بن محمد( ،ت 322هـ) :معالم ال سنن شرح سنن أبي داوود ،طبعه وصححه محمد راغب الطباخ في مطبعته العلمية بحلب، .0
1352هـ 1930 -م( ،ط ، )1ج ،0ص .92
عماد الدين بن محمد الطبري المعروف بالكيا الهراسي :أحكام القرآن ،بيروت ،دار الكتب العلمية1043 ،هـ 1923 -م ،ج ،2ص .344 .5
101
أن ال يكون هنالك أب أو جد من
ألم ْ اإلخوة اث
ر مي عند م امرأة وله أخ أو أخت) ،1فتحتَّ
ّ َ
البنت وبنت االبن وان نزلت ال تدخل في الكاللة؛ ألنها تحجب اإلخوة ألم، -٢
وجود األب
َ جد؛ َّ
ألن اآلية األخيرة من سورة النساء تد ّل على أنه ال يوجد أب أو ّ -٢
النصيب
النصف ،وهو ّ
الجد من جهة األب ال يجعل األخت تأخ ُذ ّ
يحجب اإلخوة ،ووجود ّ
ُ
واإلخوة واألخوات ألبوين أو ألب ال يرثون إال عند عدم األب ،وعند عدم االبن وان
يتصور
ّ الصفة جاء النهي عن وصية الضرار عند ذكر الكاللة؛ ألن من يورث كاللة،
ص القاطع
الن ّ
كان عمر رضي اهلل عنه يطلب من النبي صلّى اهلل عليه وسلّم ّ -٢
فتكون كلمة "الكاللة" قد أدت إلى َش ْحذ الهمم واستنهاض الطاقات االجتهادية للفقهاء
الشتاء.
النصيب المنصوص عليه لإلخوة واألخوات ألبوين أو ألب في اآلية األخيرة من سورة
ّ
استدل الكيا الهراسي من خالل هذه اللفظة عند سؤال عمر عنها وأنه وكله إلى -4
استنباطه على تفويض اإلجماع إلى آراء المستنبطين ،كما فوض االستنباط إلى رأي
عمر رضي اهلل عنه( ،)٢فلم يجب الرسول صلّى اهلل عليه وسلّم عمر رضي اهلل عنه
بين
جواباً مباش اًر ُي َح ّدد له فيه معنى الكاللة ،واّنما أرشده إلى استنباطه من الجميع َ
األدلّة ،واستعماالت اللغة ،واذا كان هذا االجتهاد الفردي مشروعاً كان اتّفاق اجتهادات
()٠
المشتركة هي اجتماع اإلخوة األشقاء
ّ المسألة
و ، ص فهم شركاء في الثّلث
الن ّ
فيشمله ّ
في الثلث مع اإلخوة ألم ،وصورة المسألة أن تموت امرأة عن زوج ،و ّأم ،وأخوين أل ّم
فأكثر ،وأخ شقيق فأكثر ،فالزوج نصيبه النصف ،واألم نصيبها السدس ،واألخوين ألم
يبق لإلخوة األشقاء شيء ،فاحتجوا لعمر رضي اهلل عنه ،وأنهم يشتركون مع
الثلث ،فلم َ
الميت في األم ،فأشرك بينهم وبين األخوة ألم في الثلث ،ووافق ذلك رضا الصحابة.
وصية".
اختيار لفظة " ّ
ٍ
وصية "وصية" في أربعة مواضع في آيات المواريث ،قال تعالى( :من بعد
ّ ت كلمة
َوَرَد ْ
يوصي بها أو دين) ،وقوله( :من بعد وصية يوصين بها أو دين) ،وقوله( :من بعد
ت في
وصية توصون بها أو دين) ،وقوله( :من بعد وصية يوصى بها أو دين)َ ،وقَ ْد َوَرَد ْ
المواضع األربعة مفردةً نكرة مطلقة ،فشملت جميع أنواع الوصايا ،فقد شملت الوصية
الواجبة والمندوبة والمباحة ،وشملت الوصية بحقوق اهلل أو بحقوق العباد ،وغير هذه
وبأي
ّ الوصية بك ّل المال،
ّ ظاهر هذه اآلية يقتضي جو َاز هذه
َ "اعلم َّ
أن ْ يقول الرازي:
ٍ
بعض أريد ،إال ّأنا نقو ُل َّ
إن هذه العمومات مخصوصة من وجهين :األول في قدر
الرازي :مفاتيح الغيب ،ج ،9ص ،121والحديث أخرجه البخاري في كتاب الوصايا ،باب ،2حديث رقم .2102 .1
154
الوصية بك ّل المال بداللة القرآن والسنة ،أما القرآن فاآليات الدالة
ّ فإنه ال يحوز
الوصية ّ
على الميراث مجمالً ومفصالً ،أما المجمل فقوله تعالى( :للرجال نصيب مما ترك
الوالدان واألقربون) ] :7النساء[ ،ومعلوم أن الوصية بكل المال تقتضي نسخ هذا النص،
وأما المفصل فهي آيات المواريث كقوله تعالى( :للذكر مثل حظ األنثيين) ] :٠٠النساء[،
النساء[ ،وأما السنة فالحديث المشهور وهو قوله صلّى اهلل عليه وسلّم" :الثلث والثلث
كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس"( ،)٠ويؤخذ من
تعد تجهيز
أن تقسيم الميراث ال يجوز إال بعد تنفيذ هذه الوصايا من ثلث التركة ّ
عليها ،و ّ
هذه الوصية المفردة المطلقة قابلة للتقييد بما ورد في النصوص األخرى ،فنكون -٢
عنده ا قد أعملنا جميع األدلة ،فال تجوز الوصية لوارث إال إذا أجاز الورثة؛ ألن
الوصية و َّ
الد ْين يكون جميع المال للورثة(.)٢ ّ إذا انعدمت -٢
الحج والزكاة يجب إخراجهما إذا أوصى بهما أو لم يوص كما هو عند -4
()٠
فإن أوصى بهما من رأس المال أو
الشافعية ،فعند الشافعية تكون من رأس المالْ ،
من رأس المال أو الثلث ال تقسَّم التركة على الورثة إال بعد تنفيذها.
وردت هذه الصيغة في القرآن مرتين وجاء ذلك في سورة النساء ،وفي أحكام النساء وهي
قوله( :ويستفتونك في النساء قل اهلل يفتيكم فيهن) ] :٠٢7النساء[ ،وقوله( :يستفتونك قل
اهلل يفتيكم في الكاللة) ] :٠71النساء[ ،وقد وردت صيغ مشابهة مثل( :ويسألونك عن
نستثمر هذه الصيغة لالستدالل بها على بعض األحكام الفقهية والدالالت الشرعية.
الجواب عن األمر المشكل ،ومنه قوله تعالى( :وال تستفت فيهم منهم أحداً) ]:٢٢
إفتاء وفتيا وفتوى ،وأفتيت فالناً في رؤياه عبرتها له ،والفتيا والفتوى
ً الكهف[ ،وأفتاه
عما يشكل من األحكام ،ومعنى اإلفتاء إظهار المشكل من المسائل ،وأصله من
الجواب ّ
له أهمية كبيرة ،قال الشاطبي" :والمفتي قائم في األمم مقام النبي صلّى اهلل عليه
()٢
وسلّم ،وقد َبَّي َن ابن القيم ّ
أن المفتي مبلغ عن اهلل ،وقال" :واذا كان منصب التوقيع عن
الملوك بالمحل الذي ال ينكر فضله وال يجهل قدره ،وهو من أعلى المراتب السنيات
صلّى اهلل عليه وسلّم" :إن اهلل ال يقبض هذا العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ،ولكن يقبض
اآلتية:
الصيغة (يستفتونك) لم تَ ِرْد في القرآن إال مرتين وكان تعلقها في المرتين بحكمين -٠
دقيقين سبق حديث القرآن عنهما .فَقَ ْد أخبرت سورة النساء عن حقوق النساء وصداقهن
وبينت المحرمات من النساء ،وبينت حقوقهن في الميراث كذلك سبق آية الصيف (اآلية
األخيرة من سورة النساء) اآلية رقم ( )٠٢من السورة نفسها التي أخبرت عن الكاللة ،لذا
قطف األزهار في كشف األسرار ،تحقيق أحمد بن محمد الحمادي ،قطر ،وزارة األوقاف اإلسالمية1010 ،هـ190 - ،م ،ج ،2ص .155 .1
القرافي أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن ،الفروق عالم الكتب ،بيروت ،ج ،0ص .15 .2
الشاطبي إبراهيم بن موسى اللخمي( ،ت 914هـ) ،الموافقات في أصول الشريعة ،دار المعرفة ،بيروت ،ج ،0ص .000 .3
ابن قيم الجوزية محمد بن أبي بكر( ،ت 151ـ) ،دار الجيل ،بيروت1913 ،م ،ج ،1ص .14 .0
أخرجه البخاري ،انظر ابن حجر ،فتح الباري ،ج ،1ص .190 .5
ابن حجر ،فتح الباري ،ج ،1ص .190 .4
153
فإن صيغة يستفتونك دلّت على دقة المسألة وأنه ال يصل إليها إال القلّة من العلماء،
تدبر ومزيد ٍ
نظر في النصوص ،وهذا يعطي أهمية لعلم الميراث ،فال فهي تحتاج إلى ّ
يتقنه إال الفحول من العلماء ،ولذا وردت هذه الصيغة في األمور المشكلة كتعبير الرؤيا
للملك ،وطلب ملكة سبأ الح ّل في ما أشكل عليها( :قالت يا أيها المأل أفتوني في أمري
الفتوى ال يقوم بها إال األقوياء ،ألنها من الفتوة التي تكتمل فيها القوة ،وتنعكس -٢
هذه القوة على المستفتي وعلى المجتمع ،وأخذ الحكم بقوة أمر مقصود شرعاً ،قال
هذه الصيغة جاءت متعلقة بالحقوق ،حقوق اليتيمات ،وحقوق الكاللة ،وهي -٢
حقوق للضعفاء ،واذ تحترم الشريعة حقوق الجميع ،لكنها تؤكد بشكل أكبر على حقوق
الضعفاء ،فهذه الشريعة فيها نصوص كثيرة تح ّذر من أكل أموال اليتامى ،وتوصي
بالوالدين ،ال سيما في كبرهما ،وتوصي بحقوق األطفال ،واألسرى والمستأمنين وغيرهم،
صيغة يستفتونك تد ّل على دقّة األمر المستفتى عنه ،فال يصل إلى فهمه إال -4
القليل ،وتد ّل على أن المعطيات الشرعية متوفرة لمن أحسن استعمالها وتوجيهها ،وعندما
سأل عمر رضي اهلل عنه عن الكاللة قال له رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أال يكفيك
150
آية الصيف وطعن في صدره ...وقال ثالث لو بينها رسول اهلل خير من الدنيا وما فيها.
فقد غاب أمر الكاللة وغابت دالالت اآليات عن عمر رضي اهلل عنه وهو الفقيه
كانوا في الجاهلية يرثون النساء كرهاً ،ومن كانت عنده يتيمة كبنت عمه مثالً -7
األحق بها ،ويهضم مهرها وصداقها ،كذلك كانوا ال يورثون النساء ،بل ير َّ
ثوهن ّ كان هو
كرهاً ،فكان موقع قوله يستفتونك في القرآن في أمر لم يكن معهوداً لهم في الجاهلية
وجاء بصيغة األمر للرسول صلّى اهلل عليه وسلم (قل اهلل يفتيكم) ،وهذا يد ّل على
المكانة العظيمة والدقيقة للفتوى كما أوردنا عن ابن القيم والشاطبي ،وابن حجر.
-1إذا كان االستفتاء في أمر دقيق وال يصل إليه إال الفحول واذا كان جوابه من
اهلل ،وهو موجود في النصوص ،ومستقر فيرشد ذلك المجتهدين للبحث عنه،
واعمال العقول والمواهب للوصول إلى دقائقه وأس ارره كما يد ّل على أهمية
تطبيقه وتنفيذه واألخذ به ،فنفاسة الشيء تتناسب مع الجهد المبذول في الوصول
اختيار لفظة (هلك) في قوله تعالى( :إن إمرؤ هلك ليس له ولد).
عبر به
يعبر القرآن بلفظ مات أو قضى نحبه أو غير ذلك ،وهذا الفعل بهذه الصيغة ّ
لم ّ
عن الموت في موضعين فقط ،في آية الكاللة ،وفي سورة غافر عن سيدنا يوسف عليه
155
السالم ،قال تعالى( :ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم
به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث اهلل من بعده رسوالً) ] :٢4غافر[ قال صاحب المنار:
"هلك :مات وال يستعمل منذ قرون إال في مقام التحقير وقد استعمله القرآن في غير هذا
قال الراغب" :هلك" :على ثالثة أوجه :افتقاد الشيء عنك وهو عند غيرك موجود كقوله
تعالى( :هلك عني سلطانيه) ] :٢9الحاقة[ ،وهالك الشيء باستحالة وفساد كقوله تعالى:
( ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم
الراغب وصاحب
المفسرين في حدود اطّالعي من ذكر أكثر مما ذكره ّ
ّ أجد من
ولم ْ
ْ
اللفظ إال في الموضعين المذكورين يراد به الموت ،ومسألة التحقير غير مقصودة في
الولد امتداد ألبيه ،واألوالد يحملون اسم أبيهم وصفاته ورسالته ،وال ينقطع عمله بالولد
الصالح وقد صرح القرآن بذلك في سورة النساء "إن أمرؤ هلك ليس له ولد "..فأرى َّ
أن
يوسف عليه السالم إذا أسند له الفعل أنه لم يكن له ولد ومما يد ّل على ذلك أن الولد
من أكبر نعم اهلل على العبد ،فانظر إلى سؤال زكريا في خشوع يسأل ربه الولد ،قال
تعالى على لسان خليله( :الحمد اهلل الذي وهب لي على الكبر إسماعيل واسحق) ]:٢9
من تأويل األحاديث فاطر السماوات واألرض أنت وليي في الدنيا واآلخرة توفني مسلماً
أدى معنى خاصاً وهو وفاة شخص ليس له ولد، تقدم ،نرى َّ
أن لفظ "هلك" قد ّ ومما ّ
ّ
مثال.
كلمة "هلك" و"هالك" عن زوجة ،وأخت شقيقة ،وعم ً
151
ب) العبارة ودالالتها على األحكام الشرعية
جاء ذلك في قوله تعالى( :يوصيكم اهلل في أوالدكم للذكر مثل حظ األنثيين):٠٠] .
النساء[ ،وفي قوله تعالى( :وان كانوا إخوة رجاالً ونساء فللذكر مثل حظ األنثيين).
أي
ظ األنثى نصف حظ الذكر ،أو ال ّذكر له حظ األنثيين أو ّ
يقل ح ّ
] :٠71النساء[ ،فلم ْ
تعبير آخر غيرهما ،وجاء التعبير القرآني المذكور دالالً على أحكام كثيرة نذكر منها ما
يأتي:
فلهن
رد على فعل أهل الجاهلية من حرمان اإلناثّ ،
هذه الجملة القرآنية فيها ّ -٢
بالميت(.)1
في اآلية داللة على فضل اإلناث ،حيث َج َع َل نصيبهم هو المعيار والمقياس -٢
في الميراث ،فإذا أردنا معرفة نصيب الذكر أجابنا القرآن بمقدار حظ أنثيين.
يقول الشيخ الشعراوي" :لقد أراد اهلل أن يكون المقياس أو المكيال هو حظ
األنثيين ويكون حظ الذكر هنا منسوباً إلى األنثى"( ،)2ويقول الطاهر بن
عاشور" :ولكن قد أوثر هذا التعبير لنكتة لطيفة وهي اإليماء إلى أن حظ
عند أهل الجاهلية فصار اإلسالم ينادي بحظها في أول ما يقرع األسماع"(.)3
هذا التعبير أيضاً عمم هذه القاعدة في ك ّل ذكر وأنثى من صنف واحد، -4
تجري هذه القاعدة بين أبناء األبن وبنات اإلبن وان نزلوا ،وحيث ما كان
تجري هذه القاعدة بين األزواج والزوجات ،فنصيب الزوج ضعف نصيب -7
الزوجة ،في فروض نص القرآن عليه ،حيث نصيب الزوجة األكبر عند عدم
وجود ولد للزوج هو الربع ،ونصيب الزوج من تركة الزوجة حيث ال ولد لها
كان له ولد.
وتجري أيضاً في حالة األبوين حيث ال يكون للميت ولد ،قال تعالى( :فإن لم -1
يكن له ولد وورثه أبواه فألمه الثلث) ] :٠٠النساء[ ،فيكون الباقي وهو
الثلثان لألب وكذلك في إحدى المسألتين الغراويتين عند عدم الولد للميت
ووجود الزوج فيكون نصيب الزوج النصف ونصيب األم ثلث الباقي ،والباقي
لألب تعصيباً ،إذ يكون لألم سهم واحد وهو السدس في هذه الحالة ولألب
معهن ذكر
ّ فقد شمل هذا التعبير القرآني "فوق اثنتين" نصيب البنتين والثالثة إن لم يكن
أي
يعصبهما ،وشمل ما زاد على ذلك ،فهو تعبير قرآني غطّى حاالت كثيرة ،وال يقوم ّ
144
جمهور الفقهاء يقولون بأن نصيب البنتين الثلثان( ،)٠وخالف في ذلك ابن عباس فلم
يجعل نصيب البنتين الثلثين بل جعله النصف( ،)٢واستدل ابن عباس بما يأتي:
لما تعارضا دار نصيب البنتين بين الثلثين وبين النصف ،والنصف
إن الدليلين ّ -٢
النصف لالثنتين(.)1
بكونها واحدة ،وهذا ينفي أن يكون ّ
المرجح هو صريح السنة في قضاء الرسول في ابنتي "سعد" ،حيث قضى لهما
بالثلثين(.)7
الموصلي ،اإلختيار ،ج ،5ص ،21ابن جزي القوانين الفقهية ،ج ،3ص ،9البهوتي ،كشاف القناع ،ج ،0ص ،021الرازي ،مفاتيح .1
الغيب ،ج ،9ص ،141األلوسي ،روح المعاني ،ج ،0ص .222
الموصلي ،االختيار ،ج /5ص /21الخطيب ،البهوتي ،كشاف القناع ،ج ،0ص ،021ابن العربي ،أحكام القرآن ،ج ،1ص ،334 .2
الرازي ،مفاتيح الغيب ،ج ،9ص .141
الرازي ،مفاتيح الغيب ،ج ،9ص ،199الموصلي االختيار ،ج ،5ص .21 .3
ابن رشد ،بداية المجتهد ،ج ،2ص .041 .0
األلوسي ،روح المعاني ،ج / ،0ص .223 .5
الرازي ،مفاتيح الغيب ،ج ،9ص ،144الشنقيطي ،أضواء البيان ،ج ،1ص .203 .4
الشنقيطي ،أضواء البيان ،ج ،1ص ،200ابن العربي ،أحكام القرآن ،ج ،1ص .334 .1
141
أدلّة الجمهور:
قوله تعالى( :لل ّذكر مثل حظ األنثيين) ] :٠٠النساء[ ،فلو خلف ابناً وبنتاً لكان -٠
عن جابر رضي اهلل عنه قال جاءت امرأة "سعد بن الربيع" إلى رسول اهلل صلى -٢
اهلل عليه وسلّم فقالت يا رسول اهلل :هاتان ابنتا سعد قتل أبوهما يوم أحد وان عمهما أخذ
مالهما ،ولم يدع لهما ماالً ،وال ينكحان إال ولهما مال ،فقال صلى اهلل عليه وسلم:
يقضى اهلل تعالى في ذلك فنزلت آية الميراث فبعث إلى عمهما فقال :أعط ابنتي "سعد"
إن اهلل تعالى ذكر في هذه اآلية حكم البنت الواحدة المنفردة ،وحكم الثالث فما -٢
نصيب األختين بأنه ا لثلثان ،فأولى أن يكون نصيب البنتين الثلثين ،ألنهن أكثر صلة
ورد عن ابن مسعود عن النبي صلى اهلل عليه وسلم في الصحيح أنه قضى في -4
بنت ابن وأخت بالنصف للبنت والسدس لبنت االبن تكملة الثلثين وما بقي فلألخت ،فإن
كان لبنت االبن والبنت الثلثان ،فأولى أن يكون هذا النصيب للبنتين(.)4
ابن العربي ،أحكام القرآن ،ج ،1ص ،334مفاتيح الغيب ،ج ،9ص .141ابن عاشور ،التحرير والتنوير ،ج ،0ص .252 .1
سبق تخريجه. .2
ابن العربي ،أحكام القرآن ،ج ،1ص ،334الشنقيطي ،أضواء البيان ،ج ،1ص ،202رشيد رضا ،تفسير المنار ،ج ،0ص .202 .3
ابن العربي ،أحكام القرآن ،ج ،1ص ، 334والحديث أخرجه البخاري في كتاب الفرائض ،باب ميراث ابنه مع ابنة ،حديث رقم .4134 .0
142
إن النصف سهم لم يجعل اهلل فيه اشتراك بل شرع خالصاً للواحدة ،أما الثلثان
ّ -7
فإنه سهم لالشتراك بدليل دخول الثالث فيه فمال فوقهن فدخلت فيه االثنتان(.)٠
الترجيح:
قوة األدلة التي استدلّوا بها ،فاآليات واضحة الداللة على ما ذهبوا إليه،
ّ -٠
واألحاديث صحيحة السند ،ودالة داللة واضحة على المسألة وقول الجمهور هو الذي
عليه العمل ،ولم يخالف ذلك إال ابن عباس ،وحديث الرسول صلى اهلل عليه وسلم في
َّ
إن النصف جعله اهلل لالنفراد ،إذ هو نصيب الواحدة من البنات ،ونصيب الواحدة -٢
من األخوات ألبوين أو ألب إذا انفردت ،ونصيب الزوج إذا لم يكن للزوجة ولد ،كذلك
نصيب بنت االبن وان نزلت إذا لم يكن لها ولد ،كذلك نصيب بنت االبن وان نزلت إذا
ٍ
مساو لها، لم يكن فوقها بنت أو بنت ابن أعلى منها ،ولم يكن فرع مذ ّكر أعلى منها أو
أما الثلثان فلم يكن في القرآن والسنة إال لالشتراك كالبنتين كما في حديث ابنتي سعد،
هذا التعبير فوق اثنتين عرف به نصيب فوق االثنتين من األخوات في اآلية -٢
األخيرة ،حيث ذكرت اآلية األخيرة نصيب األختين ،ولم تذكر نصيب الثالثة وما فوقها،
كن
ينص عليه من نصيب األخوات إذا ّ
فجاء التعبير فوق اثنتين مفس اًر وموضحاً ما لم ّ
أفاد هذا التّعبير أن فوق ليست زائدة بل ُم ْحكمة كقوله :فاضربوا فوق األعناق"؛ -4
ألن الظروف ال تزاد وضربة العنق يجب أن تكون من المفصل دون الدماغ ،ولو كان
عدد ُه َّن ال يستغرْق َن هذا التعبير القرآني فوق اثنتين ُعلِ َم منه َّ
أن البنات مهما زاد ُ -7
هذا التعبير فيه إعمال لعقول المجتهدين حتى يصلوا إلى الحكم ،واهلل سبحانه لم -1
بيانه لحال الواحدة وما فوق البنتين لكان ذلك قاطعاً ،ولكنه ساق األمر مساق اإلشكال
ليبين درجة العالمين ،وترتفع منزلة المجتهدين( ،)٢وبالغوص على المعاني ،واالجتهاد في
ّ
الوصول إلى الحكم الشرعي ،واستثمار دالالت القرآن ،تقوية العقل ،وذلك مقصد من
يشمل االثنتين قال تعالى( :وان كان رجل يورث كاللة أو إمرأة وله أخ أو أخت فلكل
واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) :٠٢] .النساء[،
ابن عطية ،المحرر الوجيز ،ج ،3ص ،513الشوكاني ،فتح القدير ،ج ،1ص .032 .1
رشيد رضا ،تفسير المنار ،ج ،0ص .015 .2
ابن العربي ،أحكام القرآن ،ج ،1ص .334 .3
140
فللواحد أو الواحدة السدس ،وأكثر من واحد أو أكثر من واحدة النصيب الثاني وهو
الثلث ،فاالثنان ألحقوا بالثالثة وما فوق ،ولم يلحقوا بالواحد أو الواحدة.
ذكر تعالى فوق االثنتين حقّق القياس ،والحاق النظير بنظيره ،بأن ألحقت -7
القياس.
بدال من
المطلب الثالث :اختيار البدل" :لكل واحد منهما" ،فقوله "لكل واحد منهما"ً ،
قوله وألبويه.
قوله تعالى( :وألبويه لك ّل واحد منهما السدس) ] :٠٠النساء[ ،فلو جاء التعبير وألبويه
السدس كذلك في هذه الحالة ،قال الزمخشري ..." :وفائدة هذا البدل أنه لو
األم ّ
ونصيب ّ
قيل وألبويه السدس لكان ظاهره اشتراكهما فيه ،ولو قيل ألبويه السدسان ألوهم قسمة
()٠
ومما تقدم نرى َّ
أن وجود البدل المذكور ّ ، السدسين عليهما على التسوية ،وعلى خالفها"
الزمخشري ،الكشاف ،ج ،1ص ،541األلوسي ،روح المعاني ،ج ،0ص .223 .1
145
نعرف أحكام الصالة لما استطعنا القيام بها
ْ ومعرفة الحكم ال ُب َّد منها لتطبيقه ،فلو لم
َّ
إن التأكيد على الحكم يسهم في تقريره ،ووضوح المطلوب ،ونفي االلتباس عنه، -٢
وعدم التأخير في تطبيقه ،أو التهاون في القيام به ،لذلك نجد في القرآن تأكيدات متنوعة
يقول الزمخشري..." :وأي فائدة في ذكر األبوين أوًال ثم في اإلبدال منهما قلت َّ
ألن في
اإلبدال والتفصيل بعد اإلجمال تأكيدا أو تشديداً"( ،)٠وقال أبو حيان" :فكان هذا التركيب
المطلب الرابع :قوله تعالى( :فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث).
ص على الشركة بينهم ،وأحكام نصيبهم عن الثّلث ،وا َّن الثلث ُيقَسَّم بينهم بالتساويّ ،
للن ّ
واناثهمَّ ،
ألن هذه اآلية ذكرت األخوة واألخوات ،وفارقت في الحكم بينهم وبين اإلخوة
الزمخشري ،الكشاف ،ج ،541 ،1األلوسي ،روح المعاني ،ج ،0ص .223 .1
أبو الحيان ،البحر المحيط ،ج ،3ص .532 .2
144
آخرة السورة لألختين الثلثين ،ولإلخوة المال كله ،وهنا أثبت لإلخوة واألخوات الثلث،
فوجب أن يكون المراد من األخوة واألخوات ههنا غير اإلخوة واألخوات في تلك اآلية،
فالمراد ههنا اإلخوة واألخوات ألم ،وهناك اإلخوة واألخوات من األب واألم أو من األب،
ألم ألن اهلل شرك بينهم في دلّت اآلية على َّ
أن الذكر كاألنثى من اإلخوة ّ -٢
مما ال خالف فيه ألحد من األمة( ،)4ويفهم ذلك من كلمة شركاء فالشركة تقتضي
أن القرابة التي من جهة الذكور يكون فيها للذكر مثل حظ
ومما يد ّل على ذلك ّ
المساواةّ ،
األنثيين ،كاإلخوة واألخوات ٍ
ألب أو ألبوين واألبناء والبنات ،وأبناء وبنات االبن وان
نزلوا.
ألم استكملت بهم المسألة يأخذون نصيبهم قبل األخوة دلّت اآلية على َّ
أن اإلخوة ّ -٢
ألبوين أو ألب ،وذلك ألن نصيب اإلخوة ألم ذكر قبل نصيب اإلخوة األشقاء( ،)7أو
ألب ،ولقول الرسول صلى اهلل عليه وسلّم" :ألحقوا الفرائض بأهلها ،فما بقي فألولى رجل
ذكر"(.)1
دلّت اآلية على قوة العصبة وهي القرابة التي ال يدخل فيها إلى الميت أنثى، -7
فيمكن للعصبة كاألخ ألبوين أو ألب أن يرث المال كله ،ويحجب من كان أبعد منه،
لكن الميراث عن طريق اإلناث ال يصل إلى قوة التعصيب ،فيأخذ فرضه فقط ،وال يقوى
وردت الوصية في آيات المواريث أربع مرات ،مرة بعد ذكر نصيب األوالد والوالدين،
ووردت عقب ذكر نصيب األزواج ،ثم بعد ذكر نصيب الزوجات ثم بعد الكاللة ،ومن
قسمة التركة بين الورثة ال تكون إال بعد إخراج الوصية. -٠
يد ّل ذكرها على أن الوصية ملتصقة بالمكلف فجاءت بعد ذكر كل صنف من -٢
مما يد ّل على ّأنه ينبغي االهتمام بها ،والمحافظة عليها ،وتنفيذها ،قال
أصناف الورثةّ ،
صلّى اهلل عليه وسلم" :ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به إن يبيت ليلتين إال
أخرجه البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب الفرائض ،باب ميراث الولد من أبيه وأمه حديث رقم ،4132مسلم صحيح المسلم ،كتاب .1
الفرائض ،حديث رقم .1415
أخرجه البخاري ،كتاب الوصايا ،الباب األول ،حديث رقم .2132 .2
142
يتوهم َّ
أن المراد الوصية التي كانت ّ قوله تعالى" :يوصي بها" ،فجاءت لئال -٢
والتداين كما كان الحال في الجاهلية ،وذكرها بعد ذكر نصيب النساء توصون بها أو
مضار.
ّ المطلب السادس :قوله تعالى :غير
أو لمعصية ،وال يوصي بمحرم أو بمعصية ،وال يقصد بوصيته اإلضرار بأحد ،فإن
الوصية بشيء من ذلك ضرر يلحقه هو ،أو يلحق األسرة أو المجتمع ،وال يوصي بما
يزيد عن الثلث؛ ألن الرسول صلّى اهلل عليه وسلم حدد ذلك فقال" :الثلث والثلث بأن
يكون باعثه على الوصية إنقاص حصة الورثة فقد جاء التعبير القرآني شامالً لكل ذلك.
()٢
بحق ليس
يقر ّ
كأن ّ
قال ابن عطية " :ووجوه المضارة كثيرة ال تنحصر وكلها ممنوعةْ ..
عليه ،أو يوصي بأكثر من ثلثه ،أو لوارثه ،أو بالثلث ف ار اًر عن وارث محتاج ،وغير
قرينة ،ويؤيد هذا قوله تعالى( :فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم) ]:٠8٢
البقرة[.
أقر بدين والحال أنه لم يأخذ ممن أقر له شيئاً ،ألجل مضارة الورثة ،فهذا معصية،
ولو ّ
أو يبيع بثمن رخيص للتنقيص على الورثة ،أو إذا زاد عن الثلث ،وعن ابن عباس َّ
أن
وأخرج أحمد وأبو داوود والترمذي عن أبي هريرة رضي اله عنهم مرفوعاًَّ :
"إن الرجل
ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة ،فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله
فيدخل النار ،وا ّن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له
الضرر منه ما هو ظاهر حدده الشرع كالزيادة عن الثلث ،ومنه ما هو متعلق بقصد
و ّ
الموصي ،كقصده اإلنقاص من حصة الوارثة ،وهذا النوع إن دل عليه أمر ظاهر بطلت
الوصية(.)٢
فجاء التعبير يحمل داللة بطالن وصية اإلضرار إذا دل عليها دليل ظاهر ألن النهي
يدل على الفساد ،وألن الضرر مرفوع في الشريعة ،قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم:
الرازي ،مفاتيح الغيب ،ج ،9ص ،122حاشية القوجوي ،ج ،3ص ،212وانظر :رشيد رضا ،تفسير المنار ،ج،0 .1
ص ،025األلوسي ،روح المعاني ،ج ،0ص .031
أخرجه أبو داود ،كتاب الوصايا ،حديث ، 2240وأخرجه الترمذي ،أبواب الوصايا ،الباب الثاني. .2
ابن عاشور ،التحرير والتنوير ،ج ،0ص .244 .3
114
ثانيا :دراسة أحاديث المواريث داللياً
ً
يرث
الكافر ،وال ُ
َ المسلم
ُ ورد في الحديث الشريف قوله صلى اهلل عليه وسلم" :ال يرث
أن َّ
نعد الميت أو إ ْذ َّ
إن تحديد داللة كل من هاتين اللفظتين ضروري لمعرفة متى يمكن ْ
من
أن يكون دقيقاً ألن ْ
الذي له نصيب من الميراث مسلماً أو كاف اًر ،وهذا التحديد ينبغي ْ
ٍ
معان كثيرة :منها المستسلم ،والمستسلم لغيره ُيقال له مسلم، المسلم لغة يطلق على
ُ
اإلسالم هلل
ُ والقول الثاني في اآلية يبين تعريف المسلم اصطالحا :إن المراد باإلسالم
أخرجه ابن ماجه ،كتاب األحكام ،باب رقم ،11حديث رقم ، 2304وأحمد قي مسنده ،وانظر الجامع الصغير في شرح أحاديث .1
البشير النذير ،بيروت ،دار الكتب العلمية( ،ط ، )0ج ،2ص ،243ورمز له السيوطي بالحسن.
سورة الحجرات ،اآلية (. )10 .2
111
ولتوضيح القول الثاني يطلق اإلسالم على األصول الخمسة التي بينها النبي صلى اهلل
عليه وسلم لجبريل عليه السالم حين سأله ع ن اإلسالم ،فقال" :أن تشهد أن ال إله إال
اهلل وأن محمداً رسول اهلل ،وتقيم الصالة ،وتؤتي الزكاة ،وتصوم رمضان ،وتحج
()٠
البيت".
ويطلق اإلسالم على السالمة ،يعني أن يسلم الناس من شر اإلنسان ،فيقال :أسلم
بمعنى دخل في السلم أي المسالمة للناس ،بحيث ال يؤذي الناس ،ومنه الحديث:
وفي حديث جبريل عليه السالم ..." :وقال يا محمد أخبرني عن اإلسالم؟ فقال رسول
اهلل صلى اهلل عليه وسلم :اإلسالم أن تشهد أن ال إله إال اهلل ،وأن محمداً رسول اهلل
صلى اهلل عليه وسلم ،وتقيم الصالة ،وتؤتي الزكاة ،وتصوم رمضان ،وتحج البيت إن
واذا اعتمدنا هذا الحديث الشريف لتحديد المسلم من غير المسلم ،وعدم اعتبار المسلم
مسلما إال في حال أقام أركان اإلسالم الخمسة ما ْلم تسقط عنه فريضة ،فإن هذا
ً
التحديد ُيدخ ُل َم ْن يو َك ُل إليه توزيع الميراث في حيص بيص ،ويؤدي إلى كثرة النزاعات
في المجتمع ،وما تكفل اهلل وضع أحكام المواريث ،وتحديد األنصبة بنفسه إال ليحفظ
للمجتمع اإلسالمي توازنه ،وقوته ،ولذلك فإن المسلم المقصود من هذا الحديث إنما هو
أخرجه البخاري برقم ( ، )54باب سؤال جبريل النبي عن اإليمان واإلسالم واإلحسان وعلم الساعة ،وأخرجه مسلم في اإليمان برقم .1
( ، ) 2باب بيان اإليمان واإلسالم واإلحسان ووجوب اإليمان بإثبات قدر هللا سبحانه وتعالى.
رواه مسلم برقم ( ، )2باب بيان اإليمان واإلسالم واإلحسان ووجوب اإليمان بإثبات قدر هللا سبحانه وتعالى. .2
112
الذي يشهد أن ال إله إال اهلل وأن محمدا رسول اهلل ومن ينتمي إلى دين اإلسالم ،وال
عن أنس رض ي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل
قال" :يا معاذ بن جبل" قال :لبيك يا رسول اهلل وسعديك ثالثاً قال" :ما من أحد يشهد أن
()٠
ال إله إال اهلل وأن محمداً رسول اهلل صادقاً من قلبه إال َح َّرمه اهلل على النار".
أن يحجب
لم ْن دونه ،لقوله ألولى رجل ،و ْ
يحجب األقرب من العصبة َ
أن ُواألقارب ،و ْ
اختصارا؟.
ً صر له الكالم
اختُ َ
ومن ْ
الكلمْ ،
رواه البخاري في كتاب اللباس ( ، )5941وفي كتاب االستئذان ( ، )4241وفي كتاب الرقاق برقم ( ، )4544ومسلم في كتاب .1
اإليمان برقم ( )102و (. )103
سبق تخريج الحديث. .2
السهيلي :الفرائض ،ص .19 .3
113
ويرى السهيلي أن الذين فهموا من "ألولى رجل ذكر" أي أقرب الرجال من الميت
وأقعدهم أي أقربهم إليه من الجد األكبر غير صحيح ،كما أنه ال يرى أن قوله "ذكر"
نعني به ال َّر ُجل .واستُِد َّل على عدم صحة هذا التأويل من ثالثة أوجه" :أحدهما :عدم
أن يتكلم بما هو حشو من الكالم ،ليس فيه فائدة وال تحته
اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن ْ
الطفل الرضيع الذي هو ليس برجل؛ وقد علم أن الميراث يجب لألقعد وان كان ابن
الصغير؟!.
والوجه الثالث :أن الحديث إنما ورد لبيان من يجب له الميراث من القرابة بعد
الميت ،فهو مضاف إليه في المعنى دون اللفظ إضافة نسب ،وهو في اللفظ مضاف إلى
رجال .وأفاد بقوله "أولى رجل" _يريد القريب األقرب_ نفي الميراث عن
سيما حتى يكون ً
األولى الذي هو من قبيل األم كالخال؛ ألن الخال أولى الميت والية بطن ال والية
صلب .وأفاد بقوله "ذكر" نفي الميراث عن النساء وان يكن من األولين بالميت من قبل
صلب ألنهن إناث؛ فذكر نعت ألولى ،ولما كان مخفوضاً في اللفظ حسب أنه نعت
٠
لرجل".
أهمها: ٍ
مجموعة من النتائج ،نذكر َّ البحث إلى ص
ُ َخلُ َ
يأتي بمثله.
قانون أن َ
حق النساء،
إجحاف في ّ
ٌ -ليس في إعطاء ال ّذكر مثل حظ األنثيين في توزيع التركة،
اإلسالم جعل
ُ أن كانت في الجاهلية من سقط المتاع ،وا ْن كان
نصيبا في الميراث ،بعد ْ
ً
غنية ،ميسورةَ
العمل ،ولم يكلّ ْفها بشيء من ذلك في حال من األحوال ،حتى لو كانت ّ
الرجل
النفقة عليها واجبة على زوجها وأوالدها أو َم ْن يقوم مقامهما ،وتفضيل ّ
الحال ،و ّ
طهََّرِة ،واجماع
الم َ الن ّ ِ آن الكر ِيم ،والس ِ علم الموار ِ
يث من القر ِ مد أحكام ِ
تُستَ ُّ
بوية ُ نة ّ ّ ُ -
ِ
المسائل. ِ
بعض الصحابة ،واجتهاداتِ ِه ْم في
114
ت ت ٍ
آياتَ ،وَرَد ْ ومجموعها ِس ُّ فصلة،
ُ وم ّ
-آيات الميراث في القرآن الكريم نوعانُ :مجملة ُ
إن ثالثةَ ٍ
آيات من سورة قمة في البالغة واإلعجاز ،حيث َّ
-آيات الميراث في القرآن ّ
معظم قواعد علم الميراث ،واستنبطَ الفقهاء منها مسائل كثيرة ومتنوعة،
َ ت
وضع ْ
َ النساء
ّ
ٍ
اختالل في بالغة ال دون متناغم مع اآليات التي قبلها ،و ِ
ٍ
بعدها َ
اآليات التي َ ُمعجز،
تبيان أحكام سكت عنها القرآن ،أو فيها تفصي ٌل ألحكام أوردها القرآن ،كما أوردت السنة
أحاديث حثت على تعلّم علم الفرائض ،وتبيان أهميته .ومن أحاديث الميراث ما جاء
بنفسه.
يستقيم به معنى ال كل حرف من حروف المعاني في القرآن الكريم ُّ
يدل على ً ورد ُّ
َ -
ُ
111
توه ُم أنه ال يختلف عن
قد ُي ّ
حرف الجر (في) في قوله تعالى (يوصيكم اهلل في أوالدكم)ْ ،
استخدام حرف الجر الباء لتصبح (يوصيكم اهلل بأوالدكم) ال سيما أن مادة الوصية
ومتغلغال
ً داخال
ً الموصى به
َ يفيد معنى أقوى من باء اإللصاق ،إ ْذ جعلت في هذا السياق
االسمية
ّ ِ
الجمل -من خالل استقراء الجمل في آيات الميراثَّ ،
تبي َن للباحث غلبةَ
الوصية ما
ّ أمر ُم َّبرر ومنطقي َّ
ألن أحكام الميراث و الفعلية ،وهذا ٌ
ّ رطية على الجمل
وال ّش ّ
ّ
االسمية.
ّ
ك أحكام ًا
فإن هنا َ ٍ
بشكل عامَّ ، النساء
الرجال و ّ
ثمة أحكام ثابتة في الميراث كعموم ميراث ّ
ّ
بعض الجمل االسمية جاءت مشروطة ،وجاء جواب ال ّشرط محذوفًا يد ّل سياق
َ كما َّ
أن
االسمية على ما ُح ِذ َ
ف منه. ّ الجملة
112
ولم ٍ ٍ
الفعلية في آيات الميراث ،إال بشكل محدودْ ،
ّ السياق القرآني الجمل
ْ -لم يستخدم ّ
الفعلية
ّ وغالبا ما كانت أفعاالً مضارعة .ومن المعروف َّ
أن الجمل ً اآلية ،أو في نهايتها،
أي ٍ
مكان وزمان. عت َّ
لتطبق منذ نزولها في ِّ شر ْ
اآليات فحسب ،لكنها ِّ
-بعد استقراء الباحث للجمل االسمية التي وردت في آيات الميراث ،وجدها قد جاءت
المشرع
ّ في ثالثة مواضع :في فواصل اآليات ،ويمكن تقسيمها قسمين :فواصل تصف
لهذه األحكام ،وفواصل تصف عاقبة الملتزمين بحدود اهلل ،والمخالفين لها ،وفي الموضع
الفعلية ِ
الجمل من
يرد َ
ولم ْ عية َّ
ّ الدوامْ ،
لتدل على الثّبات و ّ معظم الجمل مضار ّ
َ ت
وورد ْ
َ
استخد َم
َ خلص إلى النتائج اآلتية:
َ عشر جملةً شرطية ،وبعد تتبعه للظواهر النحوية،
َ
لما ُيستقبل من الزمان يتضمن معنى الشرط ،وهو (إذا) ،وحرفان ،أحدهما جازم وهو
119
(م ْن) الشرطية فقد وردت في موضعين و(إذا)
فأما َ
(إن) ،وآخر غير جازم وهو (لو)ّ .
ْ
ك
ض لمعنى الشرط بحيث ال تنف ّ
تتمح ُ
ّ موضعا َّ
ألن هذه األداة هي الوحيدة التي ً عشر
أو يفرض عليكم ،أو كتب عليكم ،لغابت أحكام كثيرة كما ذكرنا من بيان الرحمة
دنياه بآخرته ،وتنفيذ هذه األحكام يجعل صاحبه مأجو اًر على عمله بعد وفاته ،وغيرها
العب َد
الرضاعة والولد ْ
من ّاالبن َ
أن َ المشرع لفظة (أوالدكم) وليس (أبنائكم) ليد ّل في ذلك َّ
ِّ
وكبارا.
ً صغار
ًا جميع األوالد
َ
الجد من
األب و ّ
َ أي الذي ُيخرج
تبنى الر َ
ومنطقية ،كما ّ
ّ وفقهية
ّ لغوية
عتمدا على أدلّة ّ
ُم ً
ت.
الكاللة ،والبنت وبنت االبن وا ْن نزلَ ْ
124
أحكاما ال يؤديها ٍ الباحث َّ
فقهي ًة ومعان َي و ً
دالالت ّ أن للعبارة القرآنية في اختيارها ُ ّ -بين
غيرها من العبارات والجمل؛ فعبارة (للذكر مثل حظ األنثيين) داللة على فضل اإلناث،
أن يكون الباحث دقّة اختيار األلفاظ والعبارات في أحاديث الميراثَّ ،
ورجح ْ ُ ّ -بين
الكافر
ُ يرث
الكافر ،وال ُ
َ المسلم
ُ يرث
مفهوم المسلم في قوله صلى اهلل عليه وسلم ":ال ُ
121
المصادر والمراجع
.1القرآن الكريم.
الفائض شرح عمدة الفارض ،دار .٢إبراهيم بن عبد اهلل الفرضي :العذب
الفكر ،مصر ،ط ٠٢94 ،٢هـ .ابن الجوزي ،أبو الفرج عبد الرحمن :زاد
أحمد بن علي :فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،تحقيق :محمد فؤاد عبد
الباقي ،ومحب الدبن الخطيب ،دار الريان للتراث ،القاهرة ،ط٠4١9 ،٢هـ.
.٢ابن سيده :المحكم والمحيط األعظم ،طبعة المنظّمة العر ّبية للتّربية والثّقافة
.4ابن عابدين :رد المحتار على الدر المختار ،دار الفكر ،بيروت ،ط،٢
٠٢81هـ.
.7ابن عربي :أحكام القرآن ،دار الكتاب العربي ،تحقيق :محمد عبد القادر
122
.1ابن كثير ،الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي :تفسير القرآن
الثاني ،ط٠،٠4٢٢هـ.
.7ابن ماجه :سنن ابن ماجه ،دار السالم ،الرياض ،ط ٠4٠4 ،٠هـ.
.9ابن هشام :مغني اللبيب ،تحقيق المبارك وحمد اهلل ،ج ،٢دار الفكر ،لبنان.
أ بو بكر بن حسن الكشناوي :أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه .٠١
إمام األئمة مالك ،تحقيق :محمد عبد السالم شاهين ،دار الكتب العلمية،
وبهامشه تفسيران أحدهما الهر الماد من البحر ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط
من البحر المحيط لتاج الدين ابن مكتوم،مكتبة ومطابع النصر الحديثة،
.٠٠أبو السعود ،تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا
123
.٠٢أبو عبيد القاسم بن سالم الهروي :الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما
.٠٢أحمد بن حنبل :مسند اإلمام أحمد بن حنبل بتحقيق أحمد شاكر ،دار
.٠4الشيخ أحمد رضا :معجم متن اللغة ،دار مكتبة الحياة ،بيروت
(٠٢8١هـ٠91١-م).
.٠1األلوسي ،أبو الفضل شهاب الدين محمود :روح المعاني في تفسير القرآن
٠988م).
.٠8البيهق ي ،أبو بكر أحمد بن الحسين :سنن البيهقي ،تحقيق :محمد عبد
120
.٢١حسن سعيد الكرمي :الهادي إلى لغة العرب ،دار لبنان للطباعة
الجامعية،
ّ مقدمة لدراسة علم اللغة ،دار المعرفة
.٢٢د .حلمي خليلّ :
.٢٢دوزي ،رينهارت :تكملة المعاجم العربية ،نقله إلى العربية د.محمد سليم
هـ٠9٢8م.
٠981م).
م.
غوامض التنزيل وعيون األقاويل ،تحقيق وتعليق ودراسة :الشيخ عادل عبد
(٠4٠8هـ٠998م).
الفيحاء،دمشق،دون تاريخ.
124
.٢4الطبري :جامع البيان عن تأويل آي القرآن المسمى بتفسير الطبري،
٢١١4.
.٠974
.٢8عبد الرحمن بن عبد اهلل السهيلي :الفرائض ،تحقيق :د .إبراهيم البنا،
.4١د .عبد السالم المسدي ،د .محمد الهادي الطرابلسي :ال ّشرط في القرآن
.4٢د .عبد القادر جعفر :مذكرة الميراث على مذهب اإلمام مالك ،دار الكتب
121
.4٢عبد اهلل بن محمد الشنشوري :الفوائد الشنشورية في شرح المنظومة
الرحبية ،تحقيق :محمد بن سليمان البسام ،دار عالم الفوائد ،مكة المكرمة،
ط٠4٢٢ ،٠هـ.
.44العكبري ،أبو البقاء عبد اهلل بن الحسين :التبيان في إعراب القرآن ،وضع
(٠4٠9هـ٠998-م).
.41الشيخ علي السايس :تفسير آيات األحكام :مكتبة ومطبعة محمد علي
.48الفراء ،أبو زكريا يحيى بن زياد :معاني القرآن ،دار عالم الكتب ،ط،٢
بيروت٠98١م.
122
.7٠الفيومي ،أحمد بن محمد بن علي المقري :المصباح المنير في غريب
الشرح الكبير للرافعي ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده ،بمصر ،دون
تاريخ.
(٠4١٠هـ٠98٠م).
للنشر٠984 ،م.
مطبعة التقدم العلمية بمصر ٠٢٢٠ ،هـ ،توزيع :دار الفكر ،بيروت .
.71محمد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي :حاشية محيي الدين شيخ زادة
النهضة،
.79د .محمود السعران :علم اللغة مقدمة للقارئ العربي ،دار ّ
بيروت.
129
الزبيدي :تاج العروس من جواهر القاموس ،دراسة وتحقيق علي
.1١مرتضى ّ
الرشيد
.1٠د .مصطفى جمال الدين :البحث النحوي عند األصوليين ،دار ّ
.1٢مصطفى عاشور :علم الميراث (أس ارره وألغازه -أمثلة محلولة -تعريفات
بيروت.
.11ناصر الدين عبد اهلل بن عمر السيرازي البيضاوي( ،ت 79٠هـ) :أنوار
التنزيل وأسرار التأويل وبهامش حاشية العالمة أبي الفضل القرشي الصديقي
المشهور بالكازورني ،حققه عبد القادر عرفات ،بيروت ،دار الفكر للطباعة
والنشر والتوزيع.
.17النسفي ،أبو البركات عبد اهلل بن أحمد بن محمود ،دار إحياء الكتب
.19النووي ،أبو زكريا يحيى بن شرف :شرح النووي على صحيح مسلم ،دار
191
الفهرس
-اإلهداء ٢.....................................................................
-المقدمة ٢.....................................................................
-الفصل األول:
المبحث األول :تعريف علم المواريث ومرادفاته٠٢........................... -
اث لغةً
أ) المير ُ
اصطالحا٠٢...........................................
ً و
اصطالحا٠1.........................................
ً ائض لغةً و
ب) الفر ُ
اصطالحا٠8.........................................
ً ج) التركات لغة و
أهم مصطلحاتهالمبحث الثاني :مصادر علم المواريث و ّ -
أوًال :مصادر علم المواريث٠9..........................................:
أهم مصطلحات علم المواريث٢7..................................ثانياّ :
ً
الجاهلية وصدر اإلسالم٢8....................
ّ المبحث الثالث :الميراث في -
إلسالمي في
ّ خصائص التّشريع ا -
المواريث٢4...............................
مسألة :ال ّشبهة المثارة حول ميراث الذكرضعف نصيب االنثى٢7............ -
-الفصل الثاني :دراسة آيات المواريث واألحاديث الشريفة نحوايا
أوًال :دراسة اآليات ًّ
نحويا٢7.............................................. -
أ) داللة الحروف في آيات الميراث٢8..................................
ب) دراسة الجمل في آيات الميراث4٢...................................
ثانيا :دراسة أحاديث الميراث ًّ
نحويا91.................................... ً -
-الفصل الثالث :دراسة آيات المواريث وأحاديث المواريث دالليا
أوًال :دراسة آيات المواريث ًّ
دالليا٠١4...................................... -
192
أ) الدراسة الداللية للكلمات٠١4 ...........................................
داللة لفظة (الرجال)٠١4............................................. *
داللة لفظة (نصيب)٠١9.............................................. *
(تر َك)٠14.................................................
داللة لفظة َ *
داللة لفظة (الوالدان)٠12.............................................. *
داللة لفظة (األقربون)٠٠4............................................. *
(النساء)٠٠7...............................................
داللة لفظة ّ *
داللة لفظتي ( َق َّل) و( َكثَُر)٠٢١......................................... *
(مفروضا)٠٢٠.............................................
ً داللة لفظة *
اختيار لفظة (يوصيكم)٠٢4........................................... *
اختيار لفظة (أوالدكم)٠٢1 ............................................. *
اختيار لفظة (الذكر)٠٢7.............................................. *
اختيار لفظة (ألبويه)٠٢8............................................. *
اختيار لفظة (ولد)٠٢١................................................ *
اختيار لفظة (اإلخوة)٠٢٢............................................. *
اختيار لفظتي (األخ) و(األخت)٠٢1................................... *
اختيار لفظة (اإلخوة)٠٢7............................................. *
فعا)٠٢8...............................................
اختيار لفظة (ن ً *
اختيار لفظة (فريضة)٠4١............................................ *
َّ
و(لهن)٠4٠..................................... اختيار لفظتَي (ولكم) *
اختيار لفظة (األزواج)٠4٢............................................ *
193
*داللة لفظة (الكاللة)٠4٢................................................
وصية)٠7١................................................
*اختيار لفظة ( ّ
عية
-ب) العبارة ودالالتها على األحكام الشر ّ
مضار)٠19..........................
ّ * المطلب ال ّسادس :قوله تعالى( :غير
-نتائج البحث٠71.................................................................
-المصادر والمراجع٠8٢...........................................................
-الفهرس٠9٢......................................................................
190