You are on page 1of 194

‫جامعة بيروت العربية‬

‫كلية اآلداب‬
‫قسم اللغة العربية‬

‫الشريف‬ ‫ِ‬
‫الحديث َّ‬ ‫لغ ُة المو ِ‬
‫اريث في القر ِ‬
‫آن الكريم و‬

‫دراس ٌة سياقي ٌة‬

‫‪The Language Of Inheritance In Quran And Hadith‬‬

‫‪A Context Study‬‬

‫ِ‬
‫شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها‬ ‫ث أ ُِع َّد ِ‬
‫لنيل‬ ‫بح ٌ‬

‫إعداد‪:‬‬
‫الطالب ماهر برهومي‬

‫إشراف‪:‬‬
‫د‪ .‬بشير فرج‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬أحمد فارس‬

‫‪٢١٠٢ -٢١٠٢‬م‬
‫اإلهداء‬

‫إلى والدي الحَبيب الذي َحم َل البَ ْحر ِبكََّفيِْه ِعلْما وأدبًا وثقافةً‪ ،‬وسقاني ِم ْن ِ‬
‫ماء‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫العلم‪ ،‬وأ ْشربَ ِ‬
‫نيه عَ ْذبًا فُراتًا حتّى تغلغ َل في العروق‪..‬‬ ‫َ َ‬
‫أن تَدْري‪..‬‬
‫دون ْ‬ ‫الخير و ِ‬
‫الجمال َ‬ ‫ِ‬
‫مبادئ ِّ‬
‫الحق و ِ‬ ‫الرؤوم التيَ َرَّبتْني على‬
‫إلى والدتي ّ‬
‫ِ‬
‫إلى شقيقي محمّد؛ الطّمو ِح‪ ،‬والمُ ِج ِّد‪ ،‬والمثاِب ِر‪ ،‬وبَلْسَم ّ‬
‫الرو ِح‪ ،‬وتريا ِق األحزان‪ ..‬الذي‬

‫أُسِْندُ إليه ظَهْري كلّما َحنَ ْ‬


‫ت ظَهِْريَ األيامُ‪...‬‬

‫إلى ملْ ِهمتي‪ ،‬وحبيبتي‪ ،‬وشر ِ‬


‫يكة عُمْري وزوجي رنا‪ ،‬التي كانت تشجعني دوماً على‬ ‫ُ َ‬
‫تحثني على ارتقاء الِقمم‪ ،‬وتشحذ لي ال ِهمَم‪...‬‬
‫متابعة البحث‪ ،‬ومازالت ُّ‬

‫متذو ٍق ِس ْح َرها‪ ،‬وبهاءَها‪...‬‬


‫للغة الضّ ِاد‪ِّ ،‬‬
‫حب ِ‬ ‫إلى ِّ‬
‫كل مُ ٍّ‬

‫غوي في القر ِ‬
‫آن‪...‬‬ ‫ِ‬
‫إلعجاز اللّ ِّ‬‫ومهتم با‬
‫ٍّ‬ ‫ائض والموار ِ‬
‫يث‪،‬‬ ‫ِّص ِ‬
‫بعلم الفر ِ‬ ‫إلى ِّ‬
‫كل متخص ٍ‬

‫آن الكرِيم‪...‬‬ ‫اسات الس ِ‬


‫ياقية للقر ِ‬ ‫مهتم بالدر ِ‬
‫كل ٍّ‬‫إلى ِّ‬
‫ّ‬

‫ت يدُهُ عليها‪...‬‬ ‫ِ‬


‫للحقيقة يَنشدُها أنّى َوقَعَ ْ‬ ‫إلى ِّ‬
‫كل عاش ٍق‬

‫تقر به نفوسُهم‪.‬‬ ‫كل هؤالء‪ ،‬أُهْدي هذا البحث‪َّ ،‬‬


‫لعلهم يجدون فيه ما ُّ‬ ‫‪...‬إلى ِّ‬

‫ماهر‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫القائل في‬ ‫يموت‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الم ْل ِك و‬
‫الملكوت‪ ،‬الباقي الذي ال يفنى وال‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫صِّرف في ُ‬
‫المتَ َ‬
‫الحمد هلل ُ‬
‫ُ‬

‫الم‬ ‫‪٠‬‬ ‫ِ‬


‫محكم التّنز ِ‬
‫الس ُ‬
‫األرض َو َم ْن عليها‪ ،‬والينا ُي ْر َجعون) ‪ ،‬والصالةُ و ّ‬
‫َ‬ ‫نرث‬
‫نحن ُ‬
‫يل‪) :‬إنا ُ‬

‫محم ٍد صلّى اهلل عليه َو َسلَّ َم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬


‫اإلنسانية‪ ،‬وهادي البشرّية‪ ،‬سيِّدنا ّ‬ ‫نير‪ُ ،‬م َعلِِّم‬
‫الم ِ‬
‫اج ُ‬
‫السر ِ‬
‫على ِّ‬

‫الن ِ‬
‫ور‪ ،‬وعلى‬ ‫ِ‬
‫الظلمات إلى ّ‬ ‫الناس ِم َن‬ ‫أخرَج به‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫األنام‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫الم‪ ،‬وأحيا‬
‫الذي محا اهللُ به الظّ َ‬
‫حسان إلى ِ‬
‫يوم الدين‪ ،‬وبعد‪،‬‬ ‫آلِ ِه وأصحابِ ِه‪ ،‬و‬
‫التابعين لهم بإ ٍ‬
‫َ‬

‫الم ْستحقّون لإلرث‪ ،‬وما‬ ‫وحسابي ٍة‪ُ ،‬ي ُ‬


‫عرف بها ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫فقهية‬ ‫اعد‬
‫"علم بقو َ‬
‫علم المواريث هو ٌ‬ ‫ِّ‬
‫فإن َ‬
‫استحقاق ِهم وشروطُه وموانعه"‪ ،٢‬ويسمى هذا العلم في عر ِ‬
‫ف‬ ‫ِ‬ ‫أسباب‬ ‫يستحقُّه ٌّ‬
‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫كل منهم‪ ،‬و ُ‬
‫ض تقديره إلى ٍ‬
‫أحد‪ ،‬وقَ ْد‬ ‫"ألن اهلل تعالى فرضه ِ‬
‫بنفسه‪ ،‬ولم ُيفَ ِّو ْ‬ ‫ائض‪ ،‬ذلك َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الفقهاء الفر َ‬

‫صوص فيها‬ ‫الن‬


‫فإن ّ‬ ‫الز ِ‬
‫كاة وغيرها َّ‬ ‫األحكام في الص ِ‬
‫الة و ّ‬ ‫ِ‬ ‫فص َل األنصبةَ بخالف سائر‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫المحافظة على‬ ‫اجبا‪ ،‬ألهميته في‬ ‫‪٢‬‬
‫فرضا وو ً‬
‫ً‬ ‫ألنه جع َل االلتز َام في تطبيقه‬
‫ُم ْج َملَة" ‪ ،‬و ّ‬

‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫المجتمعات‬ ‫مقو ِ‬
‫مات‬ ‫ِّ‬

‫وليس فيه‬ ‫َّ‬ ‫أهميةُ ِ‬


‫علم الفر ِ‬
‫يوم َ‬‫طا بحياتنا اليومية؛ إ ْذ قلما يخلو ٌ‬
‫كونه مرتب ً‬
‫ائض َ‬ ‫وتكمن ّ‬

‫ق للميراث‪َ ،‬حسم َّ‬


‫كل‬ ‫ََ‬
‫ٍ‬
‫نظام دقي ٍ‬ ‫بوض ِع‬
‫ْ‬ ‫اإلسالميةُ‬
‫ّ‬ ‫ت وورثةٌ؛ ولذلك تك ّفَل ِت ال ّشريعةُ‬
‫َم ْي ٌ‬

‫يرضون‬
‫المحجوبين من اإلرث ‪ -‬بحكم الشرع ‪َ -‬‬
‫َ‬ ‫المورث؛ إ ْذ َّ‬
‫إن‬ ‫النزاع بين أقرباء‬ ‫ِ‬
‫أسباب ّ‬
‫ّ‬

‫سورة مريم‪ ،‬اآلية ‪.04‬‬ ‫‪.1‬‬


‫محمد بن عرفة الدسوقي‪ :‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير‪ ،‬مطبعة التقدم العلمية بمصر‪ 1331 ،‬هـ‪ ،‬توزيع‪ :‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الجزء الرابع‪ ،‬ص‪. 054‬‬
‫للعلوم اإلسالميّة‪ ،‬النّاشر‪ :‬دار الغد العرب ّي‪ ،‬القاهرة ‪ 1993‬م‪ ،‬المجلّد الثّالث‪ ،‬ص ‪.541‬‬
‫ِ‬ ‫د‪ .‬فاطمة محجوب‪ :‬الموسوعة ّ‬
‫الذهبيّة‬ ‫‪.3‬‬
‫‪3‬‬
‫ِ‬
‫للناس‬ ‫األمر على عواهنه‬
‫ُ‬ ‫ك‬
‫أما لو تُر َ‬
‫تنص على حجبهم‪ّ .‬‬ ‫بحكم اهلل طالما َّ‬
‫أن الشريعة ُّ‬

‫المجتمع‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ض بين أفرِاد‬
‫الب ْغ ُ‬
‫عم الجدا ُل والتّنازعُ و ُ‬
‫قدروا المستحقّين للورثة وأنصبتهم‪َ ،‬ل َّ‬
‫ُلي ّ‬

‫قوتها‬ ‫ِ‬
‫للمجتمعات َّ‬ ‫الممتلكات‪ِ ،‬م ْن شأنِ ِه أ ْن يحف َ‬
‫ظ‬ ‫ِ‬ ‫الصحيح العاد ُل لألمو ِ‬
‫ال و‬ ‫ُ‬ ‫والتوزيعُ‬

‫إشباعا لغريزٍة ّ‬
‫فردية‪.‬‬ ‫اجتماعية‪ ،‬إضافةً إلى كونه‬
‫ّ‬ ‫ألن ِ‬
‫للمال وظيفةً‬ ‫ِ‬
‫ومقومات بقائها‪َّ ،‬‬
‫ً‬

‫ك َّ‬
‫حث‬ ‫وم ًّ‬
‫لحا‪ ،‬ولذل َ‬ ‫فإن االهتمام بعلم المواريث ‪-‬تطبيقًا ودراسةً‪ُ -‬ي َع ُّد ًا‬
‫وهكذا‪َّ ،‬‬
‫هما ُ‬
‫أمر ُم ًّ‬

‫بي صلّى اهلل عليه وسلَّ َم على تعلّ ِمه‪ .‬فعن أبي هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫الن ُّ‬
‫ّ‬

‫نصف العلم‪ ،‬وهو‬


‫ُ‬ ‫ائض وعلِّموها‪ّ ،‬‬
‫فإنه‬ ‫اهلل صلّى اهلل عليه وسلم‪" :‬يا أبا هريرة‪ ،‬تعلّموا الفر َ‬

‫رحمهُ اهلل‪" :‬إنما قي َل‪:‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫ٍ‬


‫ُي ْن َسى‪ ،‬وهو ّأو ُل شيء ُي ْن َزعُ من أمتي" ‪ .‬قال سفيان بن ُعيينه َ‬

‫اس كلُّهُ ْم" ‪ .‬وانما كان المير ُ‬


‫‪٢‬‬
‫نصف العلم‬
‫ُ‬ ‫اث‬ ‫الن ُ‬
‫نصف العلم؛ ألنه ُي ْبتلَى به ّ‬
‫ُ‬ ‫ائض‬
‫الفر ُ‬

‫العلم الذي َيتَ َعلَّ ُ‬


‫ق بموت اإلنسان‪ ،‬في حين َّ‬
‫أن بقية العلوم‬ ‫ِِ‬ ‫ِّ ِ‬
‫ألهميته‪ ،‬وجدوى تطبيقه‪ ،‬وألنه ُ‬

‫تتعلَّق بحياته‪.‬‬

‫أن رسو َل اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّ َم قا َل‪" :‬تعلَّموا‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫مسعود رضي اهلل عنه َّ‬ ‫عبد اهلل بن‬
‫وروى ُ‬

‫العلم‬ ‫مقبوض‪ ،‬وا َّن‬ ‫امرؤ‬ ‫اس‪ِّ ،‬‬ ‫ائض وعلِّموه ّ‬


‫‪٢‬‬ ‫َّ‬ ‫آن وعلِّ ُموهُ ّ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫فإني ٌ‬ ‫الن َ‬ ‫اس‪ ،‬وتعلموا الفر َ‬
‫الن َ‬ ‫القر َ‬

‫يجدان َم ْن يقضي بها"‪.4‬‬


‫ِ‬ ‫االثنان في الفر ِ‬
‫يضة ال‬ ‫ِ‬ ‫يختلف‬ ‫الفتن‪ ،‬حتّى‬
‫َ‬ ‫وتظهر ُ‬
‫ُ‬ ‫قبض‪،‬‬
‫سي ُ‬‫ُ‬

‫ّ‬
‫الحث على تعليم الفرائض‪ ،‬ح ‪ . 2119‬سنن ابن ماجه‪ ،‬محمد بن يزيد بن ماجه‪ ،‬دار السالم‪،‬‬ ‫أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض‪ ،‬باب‬ ‫‪.1‬‬
‫الرياض ‪ ،‬ط‪ 1010 ،1‬هـ‪ ،‬ص ‪.391‬‬
‫أخرجه البيهقي في كتاب الفرائض‪ ،‬باب الحث على تعليم الفرائض‪ ،‬ح ‪. 12120‬السنن الكبرى‪ ،‬أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫محمد عبد العزيز الخالد‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ 1010 ، 1‬هـ‪ ،‬ج ‪ ، 4‬ص‪. 305‬‬
‫وردت هكذا على تقدير محذوف‪ ،‬والمقصود فقه الفرائض‪ ،‬أو علم الفرائض‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أخرجه البيهقي مرفوعًا وموقوفًا في كتاب الفرائض‪ ،‬باب الحث على تعليم الفرائض‪ ،‬ح ‪ ،12110 /12113‬من السنن الكبرى ج ‪ ، 4‬ص‬ ‫‪.0‬‬
‫‪.303‬‬
‫‪0‬‬
‫أحكام ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بتبيان‬ ‫اسات واألبح ِ‬
‫اث التي تُعنى‬ ‫الدر ِ‬
‫أهميةَ ّ‬ ‫أهميةَ هذا ِ‬
‫العلم‪ ،‬أدرْكنا ّ‬ ‫واذا عرْفنا ّ‬

‫صحيح‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫ق أحكام هذا ِ‬
‫العلم‬ ‫تطب َ‬
‫أن ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وقواعده‪ ..‬والتي م ْن شأنها ْ‬
‫ِّ‬
‫وأحكام الميراث كأحكام الشريعة اإلسالمية األخرى كلها‪ُ ،‬م ْستَ َم َّدةٌ َ‬
‫من القرآن الكريم‬

‫االستحسان‬
‫ُ‬ ‫القياس و‬
‫ُ‬ ‫األساسي ْي ِن اإلجماعُ والعق ُل أو‬
‫َّ‬ ‫بوية‪ ،‬ويلي هذين المصدرين‬
‫الن ّ‬
‫السّنة ّ‬
‫و ّ‬
‫ِ‬
‫االجتهاد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االستحسان و‬ ‫ِ‬
‫القياس و‬ ‫ِ‬
‫المذاهب االسالمية حول معنى‬ ‫ٍ‬
‫خالف بين‬ ‫على‬

‫عية خالفًا؛ ألن اهلل تعالى تولَّى‬ ‫ِ‬


‫العلوم ال ّشر ّ‬ ‫أن علم الفرائض في الحقيقة من ِّ‬
‫أقل‬ ‫"ومع َّ َ‬

‫آيات المواريث التي أنزلها اهلل في كتابه‪،‬‬


‫ُ‬ ‫ِق ْسمتها بنفسه‪ ،‬وأحكامه كلّها مشتملة عليها‬

‫وتوضيح لمجمل القرآن الكريم‪ ،‬وال‬


‫ٌ‬ ‫بيان‬
‫وأحاديث النبي صلى اهلل عليه وسلم التي هي ٌ‬

‫بي صلّى اهلل عليه‬


‫الن ّ‬
‫قضاء ّ‬
‫ُ‬ ‫خرجت تناولَها‬
‫ْ‬ ‫تخرج المواريث في الغالب عن ذلك؛ وان‬

‫وسلّم وقضاء صحابته من بعده‪ ،‬رضي اهلل عنهم أجمعين‪ ...‬مع هذا كله‪ ،‬إال أنه لم‬

‫خصوصا في مسائل التوريث بالتقدير واالحتياط‪ ،‬وبعض‬


‫ً‬ ‫يسلم من خالفات مذهبية؛‬

‫الصحابة‪.٠"..‬‬ ‫لبعض‬ ‫متعارضة‬ ‫اجتهادات‬ ‫فيها‬ ‫وقعت‬ ‫التي‬ ‫المسائل‬

‫آن الكريم‪ ،‬واألحاديث الشريفة‪ ،‬ومن‬ ‫أن أحكام علم الميراث‪ ،‬إنما تُ ُّ‬
‫ستمد من القر ِ‬ ‫وبما َّ‬
‫َ‬

‫إجماع الفقهاء الذي َي ْعتمد في أحكامه أصالً على القرآن واألحاديث‪َّ ،‬‬
‫فإن دراسةَ آيات‬

‫الميراث في القرآن‪ ،‬واألحاديث النبوية الشريفة التي ُعنيت بهذا الموضوع‪ ،‬إنما تُ َع ُّد‬

‫اسة لهذا العلم‪ ،‬و ّأيةُ در ٍ‬


‫اسة بعيدة عن هذين األصلين إنما تُ َع ُّد دراسةً‬ ‫ألي ِة در ٍ‬
‫األساس َّ‬
‫َ‬

‫الموضوعي ِة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الد ِ‬
‫قة و‬ ‫تفتقر إلى ِّ‬
‫مبتورةً ُ‬

‫د‪ .‬ناصر بن محمد الغامدي‪ :‬الخالصة في علم الفرائض‪ ،‬دار طيبة الخضراء‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪1024 ،0‬هـ‪ ،‬ص ‪.210‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪5‬‬
‫ولم يتركوا شاردةً وواردةً‬
‫المفسرون أحكام المواريث بحثًا‪ْ ،‬‬
‫الباحثون و ّ‬
‫َ‬ ‫الفقهاء و‬
‫ُ‬ ‫لقد أشبع‬

‫كل‬ ‫ِ‬
‫آيات الميراث‪ ،‬واستنبطوا أحكامها‪ٌّ ،‬‬ ‫إال وأمعنوا في دراستها؛ فالمفسرون شرحوا‬
‫َ‬

‫بحسب منه ِج ِه في التفسير‪ ،‬و‬


‫الفقهاء أصَّلوا لها‪ ،‬وتركوا لها في كتبهم أبو ًابا‪ ،‬والباحثون‬
‫ُ‬

‫جميع أبوابِ ِه‪ ،‬واألنصب َة التي‬


‫َ‬
‫ِ‬
‫أحكام المواريث‪ ،‬عرضوا فيها‬ ‫ِ‬
‫الكتب في‬ ‫من‬
‫العديد َ‬
‫َ‬ ‫ألَّفوا‬

‫جداول توضيحي ًة ِّ‬


‫لكل‬ ‫َ‬ ‫كل و ٍ‬
‫ارث‪ ،‬وآخرون عرضوا لمسائله الحسابية‪ ،‬ووضعوا‬ ‫يستحقُّها ُّ‬

‫ٍ‬
‫مسألة من مسائله‪.‬‬

‫غويةَ‬
‫اهر اللّ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫الباحث يعثر على ٍ‬ ‫غير َّأنهُ ال ُ‬
‫يدرس الظّو َ‬
‫ُ‬ ‫جامع‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫كتاب‬ ‫بحث أو‬ ‫ُ ُ‬ ‫يكاد‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫للماد ِة التي استقى منها‬
‫نجدهُ‬
‫السّنةَ‪ ،‬إال ما ُ‬
‫آن و ّ‬
‫أحكام المواريث‪ ،‬وأعني بذلك القر َ‬
‫َ‬ ‫الفقهاء‬
‫ُ‬ ‫ّ‬

‫البالغي‬
‫ِّ‬ ‫غوي و‬ ‫سيما التي تُ ْعَنى بالتّ ِ‬
‫فسير اللّ ِّ‬ ‫كتب التّ ِ‬
‫فسير ال َّ‬ ‫ُم ِ‬
‫هات ِ‬ ‫ِ‬
‫بطون أ َّ‬ ‫ثر في‬
‫ُمَب ْع ًا‬

‫للقر ِ‬
‫آن‪.‬‬

‫اهر‬
‫درس الظو َ‬
‫ع‪ ،‬لي َ‬
‫ختار هذا الموضو َ‬
‫الباحث ي ُ‬
‫َ‬ ‫ولع َّل هذا كان ً‬
‫سببا وجيهًا‪ ،‬جع َل‬

‫بين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يث الو ِ‬


‫اردة في القر ِ‬ ‫آليات الموار ِ‬
‫ِ‬
‫نوِع في االستنباط َ‬
‫آن‪ ،‬ويربطها بأسباب التّ ّ‬ ‫اللّغويةَ‬

‫الخاصة بالمواريث‬ ‫ِ‬


‫دالالت بعض األلفاظ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاء في‬ ‫بين‬ ‫ك َّ‬
‫ّ‬ ‫االختالف َ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫الفقهاء‪ ،‬ذل َ‬

‫ٍ‬
‫اختالف في تحديد‬
‫تنوٍع في االستنباط و‬
‫أن تؤدي إلى ّ‬
‫الواردة في القرآن الكريم‪ ،‬من شأنها ْ‬

‫أنصبة الورثة‪.‬‬

‫اضع اإلعجاز اللغوي في آيات الميراث‬ ‫ِّ‬


‫توض ُح مو َ‬ ‫السياقية آليات القرآن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫إن الدراسةَ‬

‫بعض الظواهر اللغوية فيها كالتقديم والتأخير والترتيب‬


‫َ‬ ‫ِّر‬
‫واألحاديث الشريفة‪ ،‬وتفس ُ‬

‫‪4‬‬
‫وكيفية استخراج‬
‫ّ‬ ‫والحذف‪ ...‬وغيرها من الظواهر اللغوية التي تُعين في فَ ِ‬
‫هم أصول الفقه‪،‬‬ ‫ُ‬

‫األحكام الفقهية من النصوص‪.‬‬

‫أحكام‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫عرض ْ‬
‫َ‬ ‫ت دراستُها في هذا البحث إنما هي اآليات التي‬
‫المادةُ اللغوية التي تَ َّم ْ‬
‫و ّ‬

‫ومجموعها ِس ُّ‬
‫ت‬ ‫ُ‬ ‫أكانت ُم ْج َملَةً ْأم ُمفَصَّلةً‪ ،‬ناسخةً أم منسوخ ًة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫المواريث كلَّها‪ ،‬سواء‬

‫المفصلة‬ ‫فأما اآليات‬ ‫ٍ‬


‫ّ‬ ‫النساء‪ ،‬وآيةٌ في سورة األنفال‪ّ .‬‬
‫ت َخ ْم ٌس منها في سورة ّ‬
‫آيات‪َ ،‬وَرَد ْ‬

‫أما اآليات المجملة فهما اآليتان ‪7‬‬


‫النساء‪ ،‬و ّ‬
‫فهي اآليات ‪ ،٠٠‬و‪ ،٠٢‬و‪ ٠71‬من سورة ّ‬

‫المادة التي تتناو ُل‬


‫الباحث ّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫يدرس‬ ‫ولم‬
‫و‪ 8‬من سورة النساء‪ ،‬واآلية ‪ 77‬من سورة األنفال‪ْ ،‬‬

‫مادتَهُ محصورةً في آيات المواريث‪.‬‬


‫جع َل ّ‬ ‫ِ‬
‫الوصية في القرآن الكريم‪ ،‬واّنما َ‬
‫ّ‬ ‫آيات‬

‫ت دراستها في هذا البحث‪ ،‬فهي األحاديث كلها التي‬


‫تم ْ‬
‫األحاديث ال ّشريفةُ التي ّ‬
‫ُ‬ ‫أما‬
‫ّ‬

‫لسان الرسول صلّى اهلل عليه وسلَّم‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد‬


‫ُ‬ ‫ق به‬
‫مما نطَ َ‬ ‫ِ‬
‫تتعلّق بأحكام المواريث‪ّ ،‬‬

‫ترد على لسان الرسول صلّى‬


‫الدراسة ألّنها لَ ْم ْ‬
‫الفعلية والتقريرّية من ّ‬
‫ّ‬ ‫السّنةَ‬
‫الباحث ّ‬
‫ُ‬ ‫استبع َد‬
‫َ‬

‫اهلل عليه وسلَّم‪ ،‬وكذلك استَْب َع َد األحاديث ال ّشريفة التي ال ّ‬


‫تتحدث عن أحكام المواريث‪،‬‬

‫ِ‬
‫اختالف‬ ‫ت دراسة األحاديث كلّها على‬
‫تم ْ‬
‫وقد ّ‬
‫تحث على طلب علم الفرائض‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫واّنما‬

‫تتم دراسة رواية واغفال أخرى‪.‬‬


‫فلم َّ‬
‫رواياتها‪ْ ،‬‬

‫مما ساهم‬ ‫ًّ‬


‫وسياقيا‪ّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫ودالليا‪،‬‬ ‫غوي ِة‪ ،‬ودراستها ًّ‬
‫نحويا‪،‬‬ ‫الماد ِة اللّ َّ‬
‫الب ْح ِث‪ ،‬تَ َّم َج ْمعُ َّ‬
‫وفي هذا َ‬

‫أحكام الميراث‪ ،‬وقد أ َش ْرنا‬


‫َ‬ ‫في توضيح كيف استنبط الفقهاء من هذه اآليات واألحاديث‬

‫غيرهُ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كل حر ٍ‬ ‫بالغة ودقّ ٍة‪ُ ،‬‬


‫حيث ُّ‬ ‫ٍ‬
‫يؤديه ُ‬
‫معنى‪ ،‬ال ّ‬
‫يؤدي ً‬
‫وتعبير ّ‬ ‫وكلمة‬ ‫ف‬ ‫َْ‬ ‫من‬
‫إلى ما فيها ْ‬

‫‪1‬‬
‫ني القرآن‬ ‫ط أَر هذا ِ‬ ‫وال َّ‬
‫حديث ُع َ‬
‫ٌ‬ ‫قديم‬
‫العلم ٌ‬
‫ُ‬ ‫الع ْل َم؛ فهذا‬ ‫الباحث ّأنهُ ّأو ُل َم ْن َ َ‬
‫ُ‬ ‫يدعي‬

‫ني به‬ ‫ِ‬ ‫وتكف ِ‬ ‫ِ‬


‫معظم أحكامه‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫بتوضيح بعض خوافيه‪ ،‬كما ُع َ‬
‫ِ‬ ‫األحاديث ال ّشريفة‬
‫ُ‬ ‫لت‬ ‫بتبيان‬

‫مجتهدون في أبحاثِ ِه‪َّ ،‬‬


‫وفرعوا‬ ‫َ‬ ‫األئمةُ ال‬
‫ّ‬ ‫َّع‬ ‫ِ ِ‬
‫الفقهاء في مختلف العصور‪ ،‬وتوس َ‬
‫ُ‬ ‫الخلفاء و‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫لتبيان أحكام‬ ‫معظم كتب الفقه‬ ‫ضت‬
‫وتعر ْ‬ ‫أهم أبواب ِ‬
‫كتب الفقه‪َّ .‬‬ ‫فروعه‪ ،‬حيث ُي ُّ‬
‫عد من ِّ‬ ‫َ‬
‫ُ‬

‫اء في كتب األحناف مثل (حاشية ابن‬ ‫ِ‬


‫الوصية‪ ،‬سو ٌ‬
‫ّ‬ ‫أحكام‬ ‫الميراث‪ ،‬وما يتعلّق به من‬

‫عابدين)‪ ،‬أو كتب الحنابلة مثل (المغني على مختصر الخرقي)‪ ،‬أو كتب المالكية مثل‬

‫(األم)‪.‬‬
‫(حاشية الدسوقي)‪ ،‬أو كتب ال ّشافعية مثل كتاب ّ‬

‫ضت لقواعد الميراث‬


‫عر ْ‬ ‫ِ‬
‫الكثير من الكتب والدراسات الحديثة التي َ‬
‫ُ‬ ‫ظهرت‬ ‫وقد‬

‫وحساباته على المذاهب الفقهية ككتاب (أحكام الميراث) للشيخ فيصل مولوي‪ ،‬و(علم‬

‫الميراث) لمصطفى عاشور‪ ،‬و(الوجيز في الميراث على المذاهب األربعة) لمنشاوي‬

‫عبود‪ ،‬و(الميراث على المذاهب األربعة) للقاضي الشيخ حسين الغزال وغيرها من‬

‫الكتب والدراسات واألبحاث‪...‬‬

‫الباحث عليها في دراستِ ِه اللّغوية آليات القرآن‪،‬‬


‫ُ‬ ‫اعتَ َم َد‬
‫أكثر الكتب التي ْ‬
‫أن َ‬‫غير َّ‬
‫َ‬

‫البالغي في‬
‫ّ‬ ‫واألحاديث الشريفة‪ّ ،‬إنما هي كتب التّفسير التي تُعنى بالجانب اللّغوي و‬

‫الزمخشري في الك ّشاف‪ ،‬و َّ‬


‫الشوكاني في فتح‬ ‫التّفسير‪ ،‬كتفسير الرازي في مفاتيح الغيب‪ ،‬و ّ‬

‫القدير‪ ،‬وأبي حيان في البحر المحيط‪ ،‬وابن العربي في أحكام القرآن‪ ،‬والبيضاوي في‬

‫أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ ،‬وال ّشعراوي في خواطره القرآنية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫كثيرا‪ ،‬كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية‪،‬‬
‫الباحث منها ً‬
‫ُ‬ ‫اد‬
‫ومن الكتب التي استف َ‬

‫رفية‬
‫الص ّ‬
‫حوية و ّ‬
‫الن ّ‬
‫البالغية و ّ‬
‫ّ‬ ‫لإلمام السُّهيلي‪ .‬وفي هذا الكتاب الكثير من اللفتات‬

‫لدقة األداء‬
‫بيان ّ‬
‫ياقية آليات المواريث وبعض أحاديث المواريث ال ّشريفة‪ ،‬وفيه ٌ‬
‫الس ّ‬‫و ّ‬

‫ولم‬
‫التنظيم‪ْ ،‬‬
‫الدراسةَ هذه تفتقر إلى ّ‬
‫أن ّ‬‫بيد َّ‬
‫اللغوية المدروسة‪َ ،‬‬ ‫للمادة‬ ‫ظي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللّغوي واللفّ ّ‬

‫سياقية‬
‫ّ‬ ‫ولم تدرسها دراسةً‬
‫اللغوية التي اُ ْستُنبطت منها أحكام المواريث كلّها‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫المادة‬
‫تدرس ّ‬

‫اللغوية ألحكام‬
‫ّ‬ ‫المادة‬
‫ّ‬ ‫درس‬
‫أن ي َ‬
‫شاملة‪ ،‬ولذلك كان عمل الباحث في هذا البحث ْ‬

‫بحد‬
‫اللغوية ّ‬
‫ّ‬ ‫الهدف دراسةَ الظّواهر‬
‫ُ‬ ‫بشكل ُمَنظَّم‪ ،‬وليس‬
‫ٍ‬ ‫أن يعرضها‬
‫المواريث كلّها‪ ،‬و ْ‬

‫اعتمد عليها الفقهاء الستنباط‬


‫َ‬ ‫للوصول إلى ٍ‬
‫فهم أعمق‪ ،‬ومعرفة األصول التي‬ ‫ِ‬ ‫ذاتها ّإنما‬

‫أحكامهم‪.‬‬

‫اجهتْهُ خالل رحلة البحث الطّويلة وال ّشاقّة‪،‬‬ ‫ِ‬


‫الجمة التي و َ‬
‫الصعوبات ّ‬
‫الباحث ب ّ‬
‫ُ‬ ‫عترف‬
‫وي ُ‬

‫حديث‪ٍ ،‬‬
‫ولغة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وتفسير‪ِ ،‬‬
‫وعلم‬ ‫ٍ‬ ‫أصول ٍ‬
‫فقه‪،‬‬ ‫ُّب الموضوع الذي يبحثُه‪ ،‬بين ِف ْق ٍه‪ ،‬و ِ‬
‫وذلك لت َشع ِ‬

‫أن َي ِف َي‬
‫ستطع ْ‬
‫ْ‬ ‫بأنه ْلم ي‬
‫قر ّ‬‫الفقهية‪ ...‬حتى ّإنهُ ي ُّ‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫وحساب وكثرة المصطلحات‬ ‫ٍ‬
‫وبالغة‪،‬‬

‫توص َل إليها‪ ،‬ويضعها في ع ِ‬


‫هدة َم ْن سيأتي‬ ‫َّ‬ ‫النتائج التي‬ ‫ع كام َل حقِّ ِه‪ ،‬وسيتر ُ‬
‫ك‬ ‫الموضو َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫اء فوق اللَّبَِن ِة التي أرساها‪ ،‬وما الكما ُل إال هلل َ‬


‫وحده‪.‬‬ ‫بعده من الباحثين ليكملوا البن َ‬

‫األول المباحث‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وقد تم تقسيم ا ِ‬


‫الباحث في فصله ّ‬
‫ُ‬ ‫فصول‪ ،‬عالَ َج‬ ‫ثالثة‬ ‫لبحث إلى‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬

‫األول تعريف علم المواريث ومرادفاته‪،‬‬


‫جاء في مبحثه ّ‬
‫النظرّية‪ ،‬وفيه ثالثة مباحث‪ .‬إذ َ‬
‫ّ‬

‫أهم مصطلحاته‪ ،‬وفي مبحثه الثالث ُع ِق َد ْ‬


‫ت مقارنةٌ‬ ‫ض لمصادره و ّ‬
‫وفي مبحثه الثّاني َع َر ٌ‬

‫‪9‬‬
‫ف‬ ‫إعطاء المرِأة ِ‬
‫ض ْع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شبهة‬ ‫بين الميراث في الجاهلية والميراث في اإلسالم‪ ،‬وفيه ٌّ‬
‫رد على‬

‫الر ِ‬
‫جل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نصيب َّ‬

‫ًّ‬
‫نحويا‪ ،‬أما‬ ‫ت دراسةُ ِ‬
‫آيات المواريث واألحاديث ال ّشريف وتحليلُها‬ ‫الفص ِل الثاني تَ َّم ْ‬ ‫وفي‬
‫ْ‬

‫ت الدراسة الداللية للكلمة‪ ،‬والجملة في آيات المواريث واألحاديث‬


‫تم ْ‬
‫في الثالث فقد َّ‬

‫وختم‬
‫َ‬ ‫ال ّشريفة‪ ،‬والتقديم والتأخير‪ ،‬وفيه تبيان ألوجه البالغة في اآليات واألحاديث‪،‬‬

‫وتم تذييله بقائمة‬


‫تائج التي توصَّل إليها البحث‪َّ ،‬‬
‫الن ِ‬‫أهم ّ‬ ‫ٍ‬
‫بخالصة َذ َك َر فيها َّ‬ ‫الباحث بحثَهُ‬
‫ُ‬

‫المصادر والمراجع‪.‬‬

‫وأخي اًر‪ ،‬أ َتو َّجهُ بالشكر الجزيل للدكتور أحمد فارس‪ ،‬الذي أشرف على هذا البحث‬

‫الم َو ِّجهُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫يبخل على باحثه بجهد‪ ،‬وكان لي ولزمالئي ن ْع َم ُ‬
‫ْ‬ ‫بإخالص وأمانة ولم‬ ‫وتابعهُ‬
‫َ‬

‫سفينتَنا الحائرة لتص َل إلى شاطئ‬


‫َ‬ ‫الكثير‪َّ ،‬‬
‫ووجهَ‬ ‫َ‬ ‫المربِّي‪ ،‬وقد استفدنا من مالحظاته‬
‫و ُ‬

‫تتهددها‪ ،‬كما‬
‫ت ّ‬ ‫كان ْ‬
‫الرياح التي َ‬
‫ت تعترضها‪ ،‬والعواصف و ّ‬
‫كان ْ‬
‫الحقيقة رغم األنواء التي َ‬
‫الدر ِ‬
‫اسة‬ ‫شرف أن تتلم ْذنا على يديه سنو ِ‬
‫ات ّ‬ ‫الدكتور بشير فرج الذي كان لنا‬ ‫شكر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أ ُ‬

‫المنهج‪ ،‬وكان والي از ُل َي ْش َح ُن فينا‬


‫َ‬ ‫البحث‪ ،‬وخطَّ له‬
‫َ‬ ‫الجامعي ِة كلِّها‪ ،‬وأشرف على هذا‬
‫ّ‬

‫مي ِز‪ ،‬وآم ُل ْ‬


‫أن ينا َل هذا البحث‬ ‫اإلبداع والتّ ّ‬
‫ِ‬ ‫نحو‬
‫سعيا َ‬
‫ً‬ ‫حفيز‪،‬‬
‫االندفاع والتّ َ‬
‫َ‬ ‫الرغبةَ و‬
‫َّ‬

‫الجهود هباء‪ ،‬وما الكما ُل إال ِ‬


‫هلل وحده‪.‬‬ ‫االستحسان‪ ،‬لئال تضيع‬
‫اضع منهما القبو َل و‬
‫ُ ً‬ ‫َ‬ ‫المتو َ‬

‫يكتب‬
‫ُ‬ ‫األصفهاني‪" :‬إني رأيت أنه ال‬
‫ّ‬ ‫الدين‬
‫عماد ّ‬
‫ُ‬ ‫النابغةُ‬
‫األيوبي ّ‬
‫ُّ‬ ‫المؤرخ‬
‫ّ‬ ‫أختم بما قالهُ‬
‫و ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫كتابا في يو ِمه‪ ،‬إال قا َل في َغده لو ُغـي َِّر هذا لكان أحسن‪ ،‬و لو ِزْي َد هذا َ‬
‫لكان‬ ‫أحد ً‬‫ٌ‬

‫‪14‬‬
‫ِ‬
‫أعظم العبر‪،‬‬ ‫ُي ْستَ ْح َسن‪ ،‬ولو قُ ِّد َم هذا َ‬
‫لكان أفضل‪ ،‬و لو تُِر َك هذا لكان أجمل‪ ،‬وهذا من‬

‫وهو دليل على استيالء النقص على جملة البشر‪"...‬‬

‫الس ِ‬
‫بيل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪...‬واهللُ الموفِّ ُ‬
‫ق إلى سواء ّ‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‬

‫علم المو ِ‬
‫اريث ومرادفاتُ ُه‪:‬‬ ‫تعريف ِ‬ ‫األو ُل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫المبحث ّ‬
‫ُ‬

‫وعلم التَّ ِركات‪.‬‬ ‫سم ِ‬


‫يات‪ ،‬منها علم الفر ِ‬
‫ائض‪،‬‬ ‫الم َّ‬ ‫علم الموار ِ‬
‫ق على ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫من ُ‬‫عدد َ‬
‫يث ٌ‬ ‫طلَ ُ‬
‫ُي ْ‬

‫وحسابي ٍة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫فقهية‬ ‫اعد‬
‫علم بقو َ‬
‫احد عند التجاوز؛ وهو " ٌ‬
‫معنى و ٌ‬ ‫وهذه األلفاظُ كلُّها ُير ُ‬
‫اد بها ً‬ ‫ِ‬

‫أسباب استحقاقهم وشروطُه‬


‫منهم‪ ،‬و ُ‬ ‫عرف بها الم ْستحقّون لإلرث‪ ،‬وما يستحقُّه ٌّ‬
‫كل‬ ‫ُي ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬

‫يختلف عن اآلخر‪ ،‬لذا َي ْح ُس ُن أن‬


‫ُ‬ ‫مصطلح منها‬
‫ٍ‬ ‫الدقيق ِّ‬
‫لكل‬ ‫َ‬ ‫وموانعه"‪َّ .٠‬‬
‫لكن المعنى‬

‫كل و ٍ‬
‫احد منها‪:‬‬ ‫ف َّ‬
‫نعر َ‬
‫ِّ‬

‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫أ) الميراث لغ ًة و‬

‫الراء على وزن ِم ْفعال‪" ،‬وهو أحد‬


‫ث) بكسر ّ‬
‫(ور َ‬ ‫اسم ُمشتَ ٌّ‬
‫ق من الفعل ِ‬ ‫اث ٌ‬‫لغ ًة‪ :‬المير ُ‬

‫القياس في مكسور الماضي‬


‫َ‬ ‫األفعال الواردة بالكسر في ماضيها ومضارعها‪ ،...‬واال َّ‬
‫فإن‬

‫أن يكون مضارعه بالفتح"‪.٢‬‬


‫ْ‬

‫اث‪ :‬ما ُوِر َ‬


‫ث‪ .‬وأص ُل الميراث نقالً عن الجوهري‬ ‫اث‪ ،‬والمير ُ‬
‫اإلرث‪ ،‬والتّر ُ‬
‫رث‪ ،‬و ُ‬ ‫وِ‬
‫الو ُ‬

‫ابن‬ ‫‪٢‬‬ ‫ِ‬


‫وقد خطّأَ ُ‬
‫ياء لكسرة ما قبلها‪ ،‬والتّراث أصل التّاء فيه واو" ‪ْ .‬‬
‫م ْوراث‪ "،‬فانقلبت الواو ً‬

‫من َّ‬
‫أن مصادر األفعال‬ ‫الرغم ْ‬
‫مصدر للفعل (ورث) على ّ‬
‫ًا‬ ‫سيده َم ْن جع َل (الميراث)‬

‫محمد بن عرفة الدسوقي‪ :‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير‪ ،‬مطبعة التقدم العلمية بمصر‪ 1331 ،‬هـ‪ ،‬توزيع‪ :‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الجزء الرابع‪ ،‬ص‪. 054‬‬
‫مرتضى ال ّزبيدي‪ :‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬دراسة وتحقيق علي شيري‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنّشر والتّوزيع‪ ،‬بيروت ‪،1990‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المجلّد الثالث‪ ،‬باب (ورث) ص ‪.215‬‬
‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪ ، 4‬بيروت ‪ ،1991‬المجلّد الثّاني‪ ،‬باب الثّاء فصل الواو‪ ،‬ص ‪.244‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪12‬‬
‫قياسية‪ ،‬حيث يقول‪" :‬وقال بعضهم‪ :‬ورثته مي ارثًا‪ .‬وهذا خطأ؛‬
‫ّ‬ ‫سماعية وليست‬
‫ّ‬ ‫الثّالثية‬

‫ال ليس من ِ‬
‫أبنية المصادر‪.٠"...‬‬ ‫َّ‬
‫ألن مفعا ً َ ْ‬

‫ِ‬
‫ك فصار ميراثه لك‪.‬‬
‫مورث َ‬ ‫فالنا ماالً ِأرثُهُ وْرثًا َ‬
‫ووْرثًا‪ ،‬إذا مات ِّ‬ ‫ثت ً‬ ‫ويقال‪ِ :‬‬
‫ور ُ‬ ‫"ُ‬

‫من ٍ‬
‫فالن‪ ،‬أي‬ ‫فالنا ْ‬
‫ثت ً‬ ‫ور ُ‬
‫‪.‬ويقال‪ّ :‬‬ ‫ورثَ ًة ِ‬
‫ووراثةً واراثةً ُ‬ ‫وورثَهُ عنه ِوْرثًا ِ‬
‫وورثَهُ ماله ومجده‪ِ ،‬‬
‫ِ‬

‫ِّت وارثَهُ مالَهُ‪ :‬تََرَكهُ له‪.‬‬


‫ث المي ُ‬
‫أور َ‬
‫ت مي ارثَهُ له‪ .‬و َ‬
‫جع ْل ُ‬

‫رث‬ ‫اث والتّراث واحد‪ .‬وقيل‪ِ :‬‬


‫الو ُ‬ ‫اث واإلر ُ‬ ‫اإلرث و ِ‬
‫الور ُ‬ ‫رث و ُ‬‫الو ُ‬ ‫قال ابن األعرابي‪ِ :‬‬
‫رث و َ‬
‫الو ُ‬
‫‪٢‬‬
‫الح َسب"‪.‬‬
‫اث في المال‪ ،‬واإلرث في َ‬
‫والمير ُ‬

‫ويفنى‬
‫عز وج ّل‪ ،‬يبقى بعد فناء الك ّل‪َ ،‬‬
‫من صفات اهلل ّ‬
‫ارث هو الباقي‪ ،‬وهو صفةٌ ْ‬
‫والو ُ‬

‫ك له‪.‬‬
‫وح َده ال شري َ‬ ‫َم ْن سواه َفيرجعُ َم ْن كان ِم ْل َ‬
‫ك العباد إليه ْ‬

‫ق إطالقَ ْي ِن‪ّ :‬أولهما بمعنى المصدر‪ ،‬وثانيهما بمعنى‬


‫طلَ ُ‬ ‫أن لفظة المير ِ‬
‫اث تُ ْ‬ ‫نجد َّ‬
‫وهكذا ُ‬

‫اسم المفعول‪ ،‬أي الموروث‪.‬‬

‫اث بالمعنى المصدري له معنيان‪:‬‬


‫والمير ُ‬

‫أحدهما‪ :‬البقاء‪.‬‬

‫ًّ‬
‫معنويا‪.‬‬ ‫حسًّيا أم‬
‫اء أكان ّ‬
‫آخر ‪ ،‬سو ٌ‬ ‫ٍ‬
‫شخص إلى َ‬ ‫وثانيهما‪ :‬انتقال ال ّشيء من‬

‫البقية‪.‬‬
‫والميراث بمعنى اسم المفعول مرادف لإلرث‪ ،‬ومعناه في اللغة‪ :‬األصل و ّ‬

‫ابن سيده‪ :‬المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬طبعة المنظّمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم‪ ،‬معهد المخطوطات العربيّة‪ ،‬القاهرة ‪ ،2443‬المجلّد‬ ‫‪.1‬‬
‫الثاني‪ ،‬ج ‪ ،11‬ص ‪.121‬‬
‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلّد الثاني‪ ،‬باب الثّاء فصل الواو‪ ،‬ص ‪.244‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪13‬‬
‫ِ‬
‫المخاطب‬ ‫ف معناها بحسب ركني الخطاب؛‬
‫ص َر ُ‬ ‫الباحث َّ‬
‫أن لفظة الميراث إنما ُي ْ‬ ‫ُ‬ ‫ويرى‬

‫ف مشتقّات الفعل‬
‫صر ُ‬ ‫الكالم متعلِّقًا باهلل سبحانه وتعالى‪ّ ،‬‬
‫فإنما تُ َ‬ ‫ُ‬ ‫طب‪ ،‬فإذا كان‬
‫والمخا َ‬

‫للسياق‬
‫محكوم ّ‬
‫ٌ‬ ‫اإللهية ما يليق بالبشر‪ ،‬فالكالم‬
‫ّ‬ ‫ألنه ال يليق بالذات‬
‫(ورث) على البقاء‪ّ ،‬‬

‫بخلفية المتلقّي‪ ،‬ففي قوله تعالى‪( :‬وهلل ميراث‬


‫ّ‬ ‫ومفهوم‬
‫ٌ‬ ‫صف بصفة المتكلّم‬
‫وللمقام ومتّ ٌ‬

‫ألحد فيهما ِم ْل ٌ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وليس‬
‫َ‬ ‫السموات واألرض)‪" ٠‬أي اهلل يفني أهلهما فتبقيان بما فيهما‪،‬‬

‫ألنهم يجعلون ما َر َج َع إلى اإلنسان مي ارثًا له إذا كان مل ًكا‬


‫القوم بما َيعقلون ّ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فخوط َ‬
‫‪٢‬‬
‫بعد فناء الك ّل‪.‬‬
‫األرض‪ ،‬أي ّأنه يبقى َ‬
‫َ‬ ‫يرث‬
‫له" ‪ .‬واهللُ ُ‬

‫أما إذا أُسنِ َد الفعل ورث أو مشتقّاته إلى األنبياء وارثهم‪ ،‬كما في قوله تعالى‪( :‬يرثني‬
‫ّ‬

‫(النّبوة والعلم‪)...‬‬
‫المعنوي ّ‬ ‫ِ‬
‫اإلرث‬ ‫ك ُي ْح َم ُل في المعنى على‬
‫فإن ذل َ‬ ‫من ِ‬
‫آل يعقوب)‪َّ ٢‬‬ ‫وي ِر ُ‬
‫ّ‬ ‫ث ْ‬ ‫َ‬

‫دينارا‪ ،‬إنما نورث‬


‫هما وال ً‬
‫معاشر األنبياء ال نورث در ً‬
‫َ‬ ‫"إنا‬
‫النبي (ص)‪ّ :‬‬
‫ومن ذلك حديث ّ‬
‫‪4‬‬
‫الزجاج‪ ":‬جاء في التّفسير ّأنه‬
‫داوود) ‪ ،‬قال ّ‬
‫َ‬ ‫(وورث سليمان‬
‫َ‬ ‫العلم"‪ .‬ومنها قوله تعالى‬

‫ومل َكهُ"‪.7‬‬
‫نبوتَهُ ُ‬
‫ورثَهُ ّ‬
‫ّ‬

‫إشكالية معنى الميراث في الحديث ال ّشهير‪ " :‬أنتم‬


‫ّ‬ ‫الصحابة في‬
‫الناس في زمن ّ‬
‫وقع ّ‬
‫وقد َ‬
‫ْ‬

‫ولما‬
‫مادي‪ّ ،‬‬
‫ٌّ‬ ‫إرث‬
‫ظنهم أنه ٌ‬
‫ع الناس وفي ّ‬
‫هنا وميراث رسول اهلل ُي َق َّسم في المسجد"‪ .‬فأسر َ‬

‫أن المقصود في الكالم اإلرث المعنوي العلم‪ .‬وكذلك استُ ِ‬


‫عم َل‬ ‫تبين لهم َّ‬
‫انجلى األمر‪ّ ،‬‬

‫هذا الجزء من اآلية ورد في موض َعين‪ :‬في سورة آل عمران‪ ،‬اآلية ‪ ،124‬وفي سورة الحديد‪ ،‬اآلية ‪.14‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ابن سيده‪ :‬المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬المجلّد‪ ،2‬ج‪ ،11‬ص ‪.122‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة مريم‪ ،‬من اآلية‪.4‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة النّمل‪ ،‬من اآلية ‪.14‬‬ ‫‪.0‬‬
‫نقالً عن المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬المجلّد‪ ،2‬ج‪ ،11‬ص ‪.121‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪10‬‬
‫المادي في قوله‪" :‬نحن معاشر األنبياء ال نورث ما‬
‫ّ‬ ‫الرسول بالمعنى‬
‫اإلرث في كالم ّ‬
‫ُ‬

‫تركناه صدقة"‪.‬‬

‫نتبوأ منها من المنازل حيث نشاء‪ ،‬وقوله‬


‫أورثَنا الجنة ّ‬
‫أورثَنا األرض)‪ ،‬أي َ‬
‫وفي التّنزيل‪( :‬و َ‬

‫تعالى‪( :‬أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس)‪ .٠‬قال ثعلب‪ُ :‬يقال‪ّ :‬إنه ليس في‬

‫َّف هذا‬
‫وقد ضع َ‬
‫غيره‪ْ ،‬‬
‫الجنة‪ ،‬فإذا ْلم يدخ ْلهُ هو ورثَهُ َ‬
‫إنسان إال وله منزٌل في ّ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫األرض‬

‫التّفسير ابن سيده‪ ،‬فقال‪" :‬وهذا قول ضعيف"‪.٢‬‬

‫‪٢‬‬
‫اللهم‬
‫النبي‪ ،‬صلّى اهلل عليه وسلّم ّأنه قال ‪َّ " :‬‬
‫وردت مشتقات الفعل ورث في دعاء ّ‬
‫ْ‬ ‫كما‬

‫شميل‪ :‬أي ِ‬
‫أبقهما معي‬ ‫ارث مني"؛ قال ابن ّ‬
‫أمتعني بسمعي وبصري‪ ،‬واجع ْلهما الو َ‬

‫وقوتهما عند الكبر وانحالل القوى‬ ‫سليم ِ‬


‫ين حتى أموت؛ وقيل أر َاد بقاءهما ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫صحيحين‬

‫اقي ْي ِن بعدها؛ وقال غيره‪ :‬أر َاد‬


‫السمع والبصر وارثي سائر القوى والب َ‬
‫فسانية‪ ،‬فيكون ّ‬
‫الن ّ‬ ‫ّ‬

‫عي ما ُي ْس َمعُ والعمل به‪ ،‬وبالبصر االعتبار بما يرى ونور القلب الذي يخرج‬
‫بالسمع َو َ‬
‫ّ‬

‫مني؛ َّ‬
‫فرد الهاء إلى اإلمتاع‪،‬‬ ‫الحيرة والظّلمة إلى الهدى؛ وفي رواية‪ :‬واجعله الوارث ّ‬
‫من َ‬

‫الرجل‬
‫ولك تراثي؛ التّراث‪ :‬ما يخلفه ّ‬
‫ليك مآبي َ‬
‫أيضا‪ :‬وا َ‬
‫الدعاء ً‬
‫وحده‪ .‬وفي حديث ّ‬
‫ك ّ‬‫فلذل َ‬

‫لورثته‪ ،‬والتّاء فيه بدل من الواو‪.‬‬

‫"بعث ابن ِم ْرَب ٍع األنصاري إلى‬


‫َ‬ ‫بي‪ ،‬صلّى اهلل عليه وسلّم‪ّ ،‬أنه قال‪:4‬‬
‫الن ّ‬ ‫ورِو َ‬
‫ي عن ّ‬ ‫ُ‬
‫فإنكم على إر ٍث من ِ‬
‫إرث إبراهيم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مشاع ِركم هذه‪ّ ،‬‬ ‫اثبتوا على‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أهل عرفةَ‪ ،‬فقال‪ُ :‬‬

‫سورة المؤمنون‪ ،‬من اآلية ‪.11-14‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ابن سيده‪ :‬المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬المجلّد‪ ،2‬ج‪ ،11‬ص ‪.122‬‬ ‫‪.2‬‬
‫نقالً عن لسان العرب‪ ،‬المجلّد الثاني‪ ،‬باب الثّاء فصل الواو‪ ،‬ص ‪.241‬‬ ‫‪.3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.241 :‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪15‬‬
‫فقلَِب ِت الواو ألفًا مكسورة لكسرة‬
‫ث ُ‬‫اإلرث أصله من الميراث‪ّ ،‬إنما هو ِوْر ٌ‬
‫ُ‬ ‫قال أبو عبيد‪:‬‬

‫من‬ ‫وللوكاف إكاف‪ ،‬فكأن معنى الحديث‪ّ :‬أنكم على ّ ٍ‬


‫ِ‬
‫بقية ْ‬ ‫ّ‬ ‫الواو‪ ،‬كما قالوا للوسادة إسادة‪،‬‬

‫ِ‬
‫ِوْرث إبراهيم الذي ترك َ‬
‫الناس عليه بعد موته‪ ،‬وهو اإلرث‪ ،‬وأنشد‪:‬‬

‫ِ‬ ‫لهم ُ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ك ذا ِعٍّز‬


‫إرث مجد‪ْ ،‬لم تَ ُخ ْنهُ زواف ُرهْ‬ ‫ْ‬ ‫فإنهم‬
‫حديث‪ّ ،‬‬ ‫فإن ت ُ‬
‫ْ‬

‫وقول بدر بن عامر الهذلي‪:‬‬

‫ثم ال تعلوني‬
‫صغيرا‪َّ ،‬‬
‫ً‬ ‫ض ْرًعا‬
‫َ‬ ‫احدا‪،‬‬
‫ادث و ً‬
‫ولقد تو َارثَني الحو ُ‬

‫كأنها ترثه هذه عن هذه‪.‬‬


‫تتداولَهُ‪ّ ،‬‬
‫ادث َ‬ ‫أر َاد َّ‬
‫أن الحو َ‬

‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫الميراث‬

‫ٍّ‬
‫لمستحق‪ ،‬بعد موت َم ْن كان له ذلك‪ ،‬لقرابة بينهما أو‬ ‫هو ٌّ‬
‫حق قابل للتجزيء‪ ،‬ثبت‬

‫زوجية أو والء‪.٠‬‬

‫الم ْستحقون لإلرث‪ ،‬وما‬ ‫وحسابي ٍة‪ُ ،‬ي ُ‬


‫عرف بها ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫فقهية‬ ‫اعد‬
‫"علم بقو َ‬
‫وعلم المواريث هو ٌ‬

‫يستحقه كل منهم‪ ،‬وأسباب استحقاقهم وشروطه وموانعه"‪ .٢‬وفقه المواريث هو العلم‬

‫بقسمة المواريث على المستحقين لها من الورثة‪.٢‬‬

‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ب) الفرائض لغ ًة و‬

‫معان‪ ،‬منها‪:4‬‬
‫عدة ٍ‬‫الفرائض جمع فريضة من الفرض‪ ،‬وله في اللغة ّ‬

‫أبو بكر بن حسن الكشناوي‪ :‬أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام األئمة مالك‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد السالم شاهين‪ ،‬دار الكتب‬ ‫‪.1‬‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1015 ،1‬هـ‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.331‬‬
‫محمد بن عرفة الدسوقي‪ :‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬ص‪. 054‬‬ ‫‪.2‬‬
‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذ ب الفائض شرح عمدة الفارض‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ 1390 ،2‬هـ ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.12‬‬ ‫‪.3‬‬
‫مصطفى عاشور‪ :‬علم الميراث‪ ، ،‬مكتبة القرآن‪ ،‬القاهرة ‪ ،1922‬ص ‪.32-31‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪14‬‬
‫‪-٠‬التّقدير‪ :‬كقوله تعالى (فنِ ُ‬
‫‪٠‬‬
‫قدرتم‪.‬‬
‫صف ما فرضتم) أي ّ‬

‫محد ًدا‪.‬‬
‫مقطوعا ّ‬
‫ً‬ ‫مفروضا)‪ ٢‬أي‬
‫ً‬ ‫تعالى(نصيبا‬
‫ً‬ ‫‪-٢‬القطع‪ :‬كقوله‬

‫قرضا"‪.‬‬
‫فرضا وال ً‬
‫أصبت منه ً‬
‫ُ‬ ‫طى ِمن غير عوض‪ :‬كقول العرب‪" :‬ما‬
‫‪-٢‬ما ُيع َ‬

‫(إن الذي فرض عليك القرآن)‪ ٢‬أي أنزل‪.‬‬


‫‪-4‬اإلنزال‪ :‬كقوله تعالى َّ‬

‫‪ -7‬البيان‪ :‬كقوله تعالى (سورة أنزلناها وفرضناها)‪ 4‬أي ّبيّناها‪.‬‬

‫فرض اهلل له)‪ 7‬أي َّ‬


‫أحل‬ ‫من حرٍج في ما َ‬
‫بي ْ‬
‫الن ّ‬
‫‪ -1‬اإلحالل‪ :‬كقوله تعالى‪( :‬ما كان على ّ‬

‫اهللُ له‪.‬‬

‫السهام‬
‫الستّة لما فيه من ّ‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى َّ‬
‫أن علم الفرائض يشتمل على هذه المعاني ّ‬

‫المجرد عن العوض‪ ،‬وقد أنزل اهلل تعالى فيه‬


‫ّ‬ ‫المقدرة‪ ،‬والمقادير المقطّعة‪ ،‬واإلعطاء‬
‫ّ‬

‫اللغوية كلَّها للفعل‬


‫ّ‬ ‫ك َّ‬
‫فإن المعاني‬ ‫نصيبهُ‪ ،‬وأحلَّهُ له‪ ،‬ولذل َ‬
‫َ‬
‫لكل و ٍ‬
‫ارث‬ ‫وبي َن ِّ‬
‫القرآن‪َّ ،‬‬

‫(فرض) تنطبق على علم الفرائض‪.‬‬

‫بعدة تعريفات‪ ،‬منها‪:‬‬


‫اصطالحا ّ‬ ‫ائض‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫وعِّرفَت الفر ُ‬
‫ُ‬

‫ف به كيفية توزيع التركة على مستحقيها‪.1‬‬


‫علم ُي ْع َر ُ‬
‫_ ٌ‬

‫نصيب ك ّل وارث من التّركة‪.7‬‬


‫ُ‬ ‫ف بها‬
‫ط من الفقه والحساب‪ُ ،‬ي ْع َر ُ‬
‫اعد وضواب َ‬
‫علم بقو َ‬
‫_ ٌ‬

‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية ‪.231‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة القصص‪ ،‬من اآلية ‪.25‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة النور‪ ،‬من اآلية ‪.2‬‬ ‫‪.0‬‬
‫سورة األحزاب‪ ،‬من اآلية ‪.32‬‬ ‫‪.5‬‬
‫علي بن محمد الجرجاني‪ :‬التعريفات‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم األبياري‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1013 ،2‬هـ‪ ،‬ص‪.213‬‬ ‫‪.4‬‬
‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذب الفائض شرح عمدة الفارض‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪11‬‬
‫ف بها أحوال الورثة‪َ ،‬و َم ْن‬
‫تع َر ُ‬
‫_علم بأصول مأخوذة من الكتاب والسنة واجماع األمة‪ْ ،‬‬
‫ٌ‬

‫يرث‪ ،‬وكيفية ميراثهم من التركة‪.٠‬‬


‫يرث‪َ ،‬و َم ْن ال ُ‬
‫ُ‬

‫يخص ك ّل ذي ٍّ‬
‫حق من التّركة‪.٢‬‬ ‫ّ‬ ‫_ فقه المواريث‪ ،‬وعلم الحساب الموصل لمعرفة ما‬

‫وانما سم ِ‬
‫يت الفرائض بهذا االسم‪ ،‬وان اشتملت على التعصيب‪" ،‬الشتمالها على‬ ‫ُّ‬

‫تغليبا للحقوق‬
‫الحقوق المفروضة‪ ،‬التي تولّى اهلل تعالى تقديرها بنفسه في كتابه الكريم‪ً ،‬‬

‫المفروضة على الحقوق المستحقة بالتعصيب"‪.٢‬‬

‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ج) التركات لغ ًة و‬

‫ك‪ :‬اإلبقاء‪ ،‬وتركةُ الميت‬


‫التر ُ‬
‫"الشيء المتروك‪ ،‬و ْ‬
‫ُ‬ ‫التركات لغ ًة‪ :‬جمع تركة‪ ،‬والترَكةُ‪:‬‬

‫وترَكته‪ :‬ما يترُكهُ من التراث المتروك"‪.4‬‬


‫ِ‬

‫فذهب الجمهور إلى َّ‬


‫أن التّركة‪" :‬هي ك ّل ما خلّفه‬ ‫َ‬ ‫ف في تعريفها؛‬
‫والترك ُة اصطالحاً ُمختَلَ ٌ‬

‫الميت من األموال والحقوق الثابتة له مطلقًا"‪.7‬‬

‫صافيا عن تعلّق ِّ‬


‫حق‬ ‫ً‬ ‫وذهب األحناف إلى َّ‬
‫أن التركة‪" :‬هي ما يتركه الميت من األموال‬

‫الغير بعينه"‪.1‬‬

‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذب الفائض شرح عمدة الفارض ‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد بن سليمان البسام‪ ،‬دار عالم الفوائد‪ ،‬مكة‬
‫عبد هللا بن محمد الشنشوري‪ :‬الفوائد الشنشورية في شرح المنظومة الرحبية‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المكرمة‪ ،‬ط‪102 ،1‬هـ‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الراغب األصفهاني‪ :‬مفردات ألفاظ القرآن‪ ،‬تحقيق‪ :‬صفوان الداوودي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬والدار الشامية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1015 ،2‬هـ‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫ص‪.144‬‬
‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذب الفائض شرح عمدة الفارض‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.13‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ابن عابدين‪ :‬رد المحتار على الدر المختار‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1324 ،2‬هـ‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪. 159‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪12‬‬
‫الحقوق مطلقًا عند الجمهور‪ ،‬ومنها المنافع‬
‫َ‬ ‫وثمرةُ هذا الخالف َّ‬
‫أن التركةَ تشم ُل‬

‫والحقوق واالختصاصات‪ ،‬في حين َّ‬


‫أن المنافع والحقوق غير المالية ال تدخل في التركة‬

‫عند الحنفية‪ ،‬حيث ّإنهم يحصرون التركة في المال أو الحق الذي له صلة بالمال‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر علم المواريث‪ ،‬وأهم مصطلحاته‬

‫أوال‪ :‬مصادر علم المواريث‪:‬‬

‫المطَهََّرِة‪ ،‬واجماع‬ ‫الن ّ ِ‬ ‫آن الكر ِيم‪ ،‬والس ِ‬ ‫علم الموار ِ‬


‫يث من القر ِ‬ ‫مد أحكام ِ‬
‫"تُستَ ُّ‬
‫بوية ُ‬ ‫نة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫مع اإلخوِة‪ ،‬وثلث الباقي لألم‬ ‫المسائل‪ ،‬كتور ِ‬


‫يث ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصحابة‪ ،‬واجتهاداتِ ِه ْم في‬
‫الجد َ‬ ‫بعض‬

‫ِ‬
‫المسائل‬ ‫الزوجين في المسألتين العمرّيتين‪ ،‬وتور ِ‬
‫يث ذوي األرحام‪ ،‬ونحوها من‬ ‫بعد أحد ّ‬
‫َ‬

‫السّن ِة في الفر ِ‬
‫ائض"‪.٠‬‬ ‫ِ‬
‫الكتاب و ّ‬ ‫ِ‬
‫نصوص‬ ‫اجتهد فيها الصحابةُ‪ ،‬في ضوِء‬
‫َ‬ ‫التي‬

‫أ) القرآن الكريم‪:‬‬

‫بدون تكر ٍار ثالثًا‬


‫ِ‬ ‫ت لفظةُ (ورث) بتصريفاتِها واشتقاقاتِها في القر ِ‬
‫آن الكر ِيم‬ ‫ورَد ْ‬
‫َ‬

‫مرةً (فعل ماض‪ ،‬فعل مضارع‪ ،‬فعل مبني للمجهول‪ ،‬اسم فاعل‪ ،‬اسم‪ ،‬وباإلفراد‬
‫وعشرين َّ‬

‫والجمع)‪.‬‬

‫آليات الموار ِ‬
‫يث المتصلة بـ (الفرائض) منها ثالث مرات (وورثه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ات كان‬
‫المر ُ‬
‫وهذه ّ‬

‫يورث‪ ،‬ترثها) في سورة النساء‪.٢‬‬

‫د‪ .‬ناصر بن محمد الغامدي‪ :‬الخالصة في علم الفرائض‪ ،‬ص ‪.25-20‬‬ ‫‪.1‬‬
‫بالرجوع إلى المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار المعرفة للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪19‬‬
‫ووردت آيات المواريث في القرآن الكريم المتعلقة بـ (الميراث) خمس آيات سواء على‬

‫وجه اإلجمال أم على وجه التفصيل‪.‬‬

‫‪ -٠‬اآليات المجملة‪:‬‬

‫ان واألَ ْقربون ولِ ِّلنساء َن ِ‬ ‫ب ِّم َّما تَر َ ِ‬ ‫‪ -‬قوله تعالى‪( :‬لِّ ِّلر َج ِ‬
‫ك‬
‫يب ِّم َّما تََر َ‬
‫ص ٌ‬ ‫ك ا ْل َوال َد ِ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َنصي ٌ‬

‫ض َر ا ْل ِق ْس َمةَ أُولُو ا ْلقُ ْرَبى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان واألَ ْقرب ِ‬


‫ون م َّما َق َّل م ْنهُ أ َْو َكثَُر َنص ًيبا َّم ْف ُر ً‬
‫وضا{‪َ }7‬وِا َذا َح َ‬
‫ِ‬
‫ا ْل َوال َد ِ َ َ ُ َ‬

‫وه ْم ِم ْنهُ َوقُولُوا لَهُ ْم قَ ْوًال َم ْع ُروفًا {‪.٠)}8‬‬


‫ين فَ ْارُزقُ ُ‬
‫ِ‬
‫امى َوا ْل َم َساك ُ‬
‫َوا ْلَيتَ َ‬

‫الضعيفين‪ :‬الطّفل والمرأة‪،‬‬


‫ْ‬ ‫وفي هذه اآلية‪ ،‬رفع بها الباري تبارك وتعالى الظّلم عن‬

‫يث النساء‬
‫أوجب تور َ‬
‫َ‬ ‫وعاملهما بالرحمة والعدل‪َّ ،‬‬
‫ورد إليهما حقوقَهما في اإلرث‪ ،‬حيث‬

‫المورث أم لم‬
‫ُ‬ ‫وكبير‪ ،‬وال بين ٍ‬
‫ذكر وأنثى‪ ،‬وسواء رضي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صغير‬ ‫يفر ْق بين‬
‫والرجال‪ ،‬ولم ّ‬

‫يرض‪.٢"...‬‬
‫َ‬

‫ص ُروا أُولَئِ َك‬


‫ين َآ َوْوا َوَن َ‬
‫‪ -‬قوله تعالى‪( :‬والَِّذين َآم ُنوا وهاجروا وجاه ُدوا ِفي سبِ ِ َّ ِ َِّ‬
‫يل الله َوالذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َُ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ون َحقًّا لَهُ ْم َم ْغ ِف َرةٌ َوِرْز ٌ‬
‫اه ُدوا‬
‫اج ُروا َو َج َ‬
‫ين َآ َم ُنوا م ْن َب ْع ُد َو َه َ‬ ‫ق َك ِر ٌ‬
‫يم {‪َ }74‬والذ َ‬ ‫ُه ُم ا ْل ُم ْؤ ِم ُن َ‬

‫اب اللَّ ِه إِ َّن اللَّهَ بِ ُك ِّل َش ْي ٍء‬


‫ض ِفي ِكتَ ِ‬ ‫مع ُكم فَأُولَئِ َ ِ‬
‫ك م ْن ُك ْم َوأُولُو ْاأل َْر َح ِام َب ْع ُ‬
‫ضهُ ْم أ َْولَى بَِب ْع ٍ‬ ‫ََ ْ‬

‫يم{‪.٢)}77‬‬‫ِ‬
‫َعل ٌ‬

‫سورة النساء‪ ،‬اآليتان ‪.2-1‬‬ ‫‪.1‬‬


‫الشيخ محمد علي الصابوني‪ :‬المواريث في الشريعة اإلسالمية في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬توزيع دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة األنفال‪ ،‬اآليتان ‪.15-10‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪24‬‬
‫ِ‬
‫بصاحب ْفرض‬ ‫مم ْن ليس‬
‫للميت َّ‬
‫وهي دليل على توريث ذوي األرحام‪" ،‬وهم ك ّل قريب ْ‬

‫أن ثمة خالفًا في توريثهم"‪.٠‬‬


‫وال عاصب‪ ،‬عند عدم الورثة بالفرض والتعصيب‪ ،‬مع َّ‬

‫المفصلة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -٢‬اآليات‬

‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫ق‬ ‫(يوصي ُك ُم اللهُ في أ َْوَالد ُك ْم للذ َك ِر م ْث ُل َحظ ْاأل ُْنثََي ْي ِن فَِإ ْن ُك َّن ن َس ً‬
‫اء فَ ْو َ‬ ‫‪ -‬قوله تعالى‪ُ :‬‬

‫اح ٍد ِم ْنهُ َما الس ُ‬


‫ُّد ُس‬ ‫ف وِألَبوْي ِه لِ ُك ِّل و ِ‬
‫َ‬ ‫ص ُ َ ََ‬
‫توِ‬
‫اح َدةً َفلَهَا ِّ‬
‫الن ْ‬ ‫اثَْنتَْي ِن َفلَهُ َّن ثُلُثَا َما تََر َك َوِا ْن َك َان ْ َ‬

‫ان لَهُ إِ ْخ َوةٌ‬ ‫ُم ِه الثُّلُ ُ‬


‫ث فَِإ ْن َك َ‬ ‫ان لَهُ َولَ ٌد فَِإ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَهُ َولَ ٌد َوَوِرثَهُ أََب َواهُ فَ ِأل ِّ‬ ‫ِم َّما تََر َ‬
‫ك إِ ْن َك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ُم ِه الس ُ ِ‬
‫فَ ِأل ِّ‬
‫ون أَُّيهُ ْم أَ ْق َر ُ‬
‫ب‬ ‫ُّد ُس م ْن َب ْعد َوصَّية ُيوصي بِهَا أ َْو َد ْي ٍن َآَب ُ‬
‫اؤ ُك ْم َوأبناؤكم َال تَ ْد ُر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫يما)‪.٢‬‬
‫يما َحك ً‬ ‫يضةً م َن الله إِ َّن اللهَ َك َ‬
‫ان َعل ً‬ ‫لَ ُك ْم َن ْف ًعا فَ ِر َ‬

‫حيث َّبي َن اهلل سبحانه وتعالى ميراث األوالد‪ ،‬ذكو اًر كانوا أم إناثاً‪ ،‬وان نزلوا‪ ،‬وميراث‬

‫اآلباء‪ ،‬ذكو اًر واناثاً‪ ،‬وان علَوا‪ ،‬وحاالتهم في اإلرث‪ ،‬وشروط استحقاقهم‪.‬‬

‫ِ‬
‫ك أزواج ُك ْم إِ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَهُ َّن َولَ ٌد فَِإ ْن َك َ‬
‫ان لَهُ َّن َولَ ٌد َفلَ ُك ُم‬ ‫ف َما تََر َ‬
‫ص ُ‬
‫‪ -‬قوله تعالى‪َ ( :‬ولَ ُك ْم ن ْ‬

‫الرُبعُ ِم َّما تََرْكتُ ْم إِ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَ ُك ْم‬


‫ين بِهَا أ َْو َد ْي ٍن َولَهُ َّن ُّ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫الرُبعُ م َّما تََرْك َن م ْن َب ْعد َوصَّية ُيوص َ‬
‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫ون بِهَا أ َْو َد ْي ٍن َوِا ْن َك َ‬
‫ان‬ ‫َولَ ٌد فَِإ ْن َك َ‬
‫ان لَ ُك ْم َولَ ٌد َفلَهُ َّن الث ُم ُن م َّما تََرْكتُ ْم م ْن َب ْعد َوصَّية تُ ُ‬
‫وص َ‬

‫ُّد ُس فَِإ ْن َك ُانوا أَ ْكثََر ِم ْن‬


‫اح ٍد ِم ْنهُ َما الس ُ‬
‫ت َفلِ ُك ِّل و ِ‬
‫َ‬ ‫ُخ ٌ‬
‫َخ أ َْو أ ْ‬ ‫ث َك َاللَةً أ َِو ْ‬
‫ام َأرَةٌ َولَهُ أ ٌ‬ ‫ور ُ‬
‫َر ُج ٌل ُي َ‬

‫انظر‪ :‬ابن العربي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪ ،‬بيروت‪1335 ،‬هـ‪ ،‬الجزء‪ ،2‬ص‪.003‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪21‬‬
‫صَّيةً ِم َن اللَّ ِه‬
‫صَّي ٍة يوصى بِها أَو َد ْي ٍن َغ ْير مض ٍّار و ِ‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ُ َ َ ْ‬
‫ك فَهم ُشرَكاء ِفي الثُّلُ ِث ِمن بع ِد و ِ‬
‫ْ َْ َ‬ ‫َذل َ ُ ْ َ ُ‬
‫ِ‬

‫يم)‪.٠‬‬‫واللَّه علِ ِ‬
‫يم َحل ٌ‬
‫َ ُ َ ٌ‬

‫وقد َّبي َن اهلل تبارك وتعالى في هذه اآلية الكريمة ميراث األزواج والزوجات‪ ،‬وميراث‬

‫ذكور أم إناثًا‪ ،‬وحاالت ٍّ‬


‫كل منهم في الميراث‪ ،‬وشروط‬ ‫ًا‬ ‫ألم‪ ،‬سواء كانوا‬
‫اإلخوة ٍّ‬

‫استحقاقهم‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ون َ ِ‬
‫ت‬
‫ُخ ٌ‬
‫ك لَ ْي َس لَهُ َولَ ٌد َولَهُ أ ْ‬ ‫ك ُقل اللّهُ ُي ْفتي ُك ْم في ا ْل َكالَلَة ِإ ِن ْ‬
‫ام ُرٌؤ َهلَ َ‬ ‫(ي ْستَ ْفتُ َ‬
‫‪ -‬قوله تعالى‪َ :‬‬

‫ان ِم َّما تََر َك‬


‫ك َو ُه َو َي ِرثُهَا إِن لَّ ْم َي ُكن لَّهَا َولَ ٌد فَِإن َك َانتَا اثَْنتَْي ِن َفلَهُ َما الثُّلُثَ ِ‬
‫ف َما تََر َ‬
‫ص ُ‬ ‫ِ‬
‫َفلَهَا ن ْ‬
‫لذ َك ِر ِمثْ ُل حظِّ األُنثَي ْي ِن يبيِّن اللّه لَ ُكم أَن تَ ِ‬
‫ضلُّوْا َواللّهُ بِ ُك ِّل‬ ‫وِان َك ُانوْا إِ ْخوةً ِّرجاالً ونِساء َفلِ َّ‬
‫َ َُ ُ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬

‫يم)‪.٢‬‬‫ٍ ِ‬
‫َش ْيء َعل ٌ‬

‫حيث َّبين اهلل تبارك وتعالى ميراث اإلخوة واألخوات‪ ،‬أشقاء كانوا أم ألب‪ ،‬وحاالت‬

‫ٍّ‬
‫كل منهم في الميراث‪ ،‬وشروط استحقاقهم‪.‬‬

‫ب) السنة النبوية‪:‬‬

‫عدد من األحاديث الشريفة التي تد ّل على بعض أحكام المواريث‪،‬‬


‫حيث ورد فيها ٌ‬

‫ت عنه القرآن‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬ ‫بيانا ٍ‬


‫لحكم َس َك َ‬ ‫وتوضيحا لمعناها‪ ،‬أو ً‬
‫ً‬ ‫تفصيال آلية‬
‫ً‬

‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.114‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ -‬ما رواه عبد اهلل بن عباس رضي اهلل تعالى عنهما‪ ،‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬

‫قال‪" :‬ألحقوا الفرائض بأهلها‪ ،‬فما بقي فهو ألولى َر ُجل ذكر"‪.1‬‬

‫ائض من ٍ‬
‫مال‪ ،‬فإنه‬ ‫ِ‬ ‫ويد ّل هذا الحديث على اإلرث بالتعصيب‪ ،‬و َّ‬
‫أن ما ترَكت الفر ُ‬

‫فيقَ َّدم‬
‫معي ٍن‪ُ ،‬‬ ‫ثون على تر ٍ‬
‫تيب ّ‬ ‫تفاد منه َّ‬
‫أن العصبةَ ير َ‬ ‫وي ْس ُ‬
‫الميت‪ُ ،‬‬ ‫طى ألقرب ٍ‬
‫رجل إلى ْ‬ ‫ُي ْع َ‬

‫فاألقرب إلى الميراث‪.‬‬


‫ُ‬ ‫األقرب‬
‫ُ‬

‫‪ -‬حديث أسامة بن زيد رضي اهلل عنه‪ ،‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ال يرث‬

‫المسلم"‪.٢‬‬
‫َ‬ ‫الكافر‬
‫ُ‬ ‫يرث‬
‫الكافر‪ ،‬وال ُ‬
‫َ‬ ‫المسلم‬

‫‪ -‬حديث عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما‪ ،‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ال‬

‫يتوارث أه ُل ملتين شتى"‪.٢‬‬

‫المورث مانع من موانع‬ ‫ِ‬ ‫ستفاد من هذين الحديثين َّ‬


‫أن اختالف الدين بين الوارث و ّ‬ ‫ُ‬ ‫وي‬
‫ُ‬

‫يرث أحدهما من اآلخر‪.‬‬


‫اإلرث بينهما؛ فال ُ‬

‫"أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قضى‬


‫‪ -‬ما رواه عبادة بن الصامت رضي اهلل عنه َّ‬

‫بالسدس بينهما بالسواء"‪.4‬‬


‫للجدتين من الميراث ّ‬
‫ّ‬

‫أخرجه البخاري في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ميراث الولد من أبيه وأمه‪ ،‬ح‪ . 4132‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر‬ ‫‪.1‬‬
‫العسقالني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ومحب الدبن الخطيب‪ ،‬دار الريان للتراث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1049 ،2‬هـ‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ .12‬وأخرجه‬
‫مسلم في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ألحقوا الفرائض بأهلها‪ ،‬ح‪ . 1415‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن شرف النووي‪ ،‬دار‬
‫الخير‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1010 ،1‬هـ‪ ،‬المجلد الرابع (‪. )222/11‬‬
‫أخرجه البخاري في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم‪ ،‬ح‪ . 4140‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪،12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ص‪ .51‬و أخرجه مسلم في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ألحقوا الفرائض بأهلها‪ ،‬ح‪ . 1410‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪ ،‬المجلد الرابع‬
‫(‪. )221/11‬‬
‫أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ميراث أهل اإلسالم من أهل الشرك‪ ،‬ح‪ ،2131‬السنن‪ ،‬ص‪.290-293‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أخرجه اإلمام أحمد في مسنده‪ ،‬ح‪ . ،22112‬م سند اإلمام أحمد بن حنبل بتحقيق أحمد شاكر‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪-034/31( ،0‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪. )001‬‬
‫‪23‬‬
‫وهو دليل على إرث الجدة‪ ،‬ومقداره السدس‪ ،‬سواء أكانت واحدة أم أكثر‪ ،‬تنفرد به‬

‫تعد ْد َن‪.‬‬
‫الواحدة‪ ،‬ويشترْك َن فيه إذا ّ‬

‫رب رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬
‫‪ -‬ما رواه المقدام بن َم ْعدي َك َ‬

‫"من ترك ما ًال فلورثته‪ ،‬وم ْن ترك ا‬


‫كال فإلينا‪ -‬وربما قال‪ :‬فإلى اهلل والى رسوله‪ -‬وأنا‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ارث له‪ ،‬يعق ُل عنه‬


‫ارث َم ْن ال و َ‬
‫أرث َم ْن ال وارث له‪ ،‬أعقل عنه وأرثه‪ ،‬والخا ُل و ُ‬

‫ويرثه"‪.٠‬‬

‫أن ذوي‬ ‫ِ‬


‫نصيب ورثته األحياء‪ ،‬و َّ‬ ‫الميت من ٍ‬
‫مال يكون من‬ ‫وهو يد ّل على َّ‬
‫أن ما يترُكهُ ْ‬

‫األرحام يرثون عند عدم وجود الوارث األصلي‪.‬‬

‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‬


‫‪-‬حديث عائشة رضي اهلل عنها في قصة َبريرةَ‪ ،‬و َّ‬

‫الثمن"‪.٢‬‬
‫َ‬ ‫لم ْن أعتق‪ ،‬أو قال‪ :‬أعطى‬
‫الء َ‬
‫لها‪ ":‬أعتقيها‪ ،‬فإنما الو ُ‬

‫وهو يد ّل على اإلرث بالوالء‪ ،‬بشروطه وضوابطه التي ذكرها الفقهاء في باب أسباب‬

‫اإلرث‪.‬‬

‫ج) إجماع الصحابة‪:‬‬

‫ِ‬
‫الصحابة والتّابعين‪ ،‬ومن‬ ‫أهل ِ‬
‫العلم‪ ،‬من‬ ‫بين ِ‬ ‫مسائل الفرائض ُّ‬
‫ِ‬ ‫" َّ‬
‫إجماع َ‬
‫ٍ‬ ‫محل‬ ‫أغلب‬
‫َ‬ ‫إن‬

‫حيث تولّى اهلل سبحانه وتعالى‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫االجتهاد فيها ضعيف‪،‬‬ ‫بعدهم أهل العلم‪َّ ،‬‬
‫ألن مدخ َل‬

‫أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ذوي األرحام‪ ،‬ح‪ ،2132‬السنن‪ ،‬ص‪.395‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أخرجه البخاري في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ميراث السائبة ‪ ،‬ح‪ . 4150‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ .01‬وأخرجه مسلم في‬ ‫‪.2‬‬
‫كتاب العتق‪ ،‬باب الوالء لمن أعتق‪ ،‬ح‪ . 1540‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪ ،‬المجلد الرابع (‪. )113-142/14‬‬
‫‪20‬‬
‫ِ‬
‫لسان رسوله األمين صلى اهلل‬ ‫بين أهلها بنفسه في كتابه الكريم‪ ،‬وعلى‬
‫قسمةَ الفرائض َ‬

‫عليه وسلم"‪.٠‬‬

‫د) اجتهادات الصحابة‪:‬‬

‫مسائل محصورٍة‪ ،‬كالعمرّيتين‪،‬‬


‫َ‬ ‫رضي اهلل عنهم في المواريث‪ ،‬في‬
‫َ‬ ‫الصحابةُ‬
‫اجتهد ّ‬
‫" َ‬

‫الجد مع اإلخوة‪ ،‬وتوريث ذوي األرحام‪ ،‬وتوريث الغرقى والهَ ْدمى‪،‬‬


‫شركة‪ ،‬وتوريث ّ‬
‫الم ّ‬
‫و ُ‬

‫ونحو ذلك من المسائل‪.٢"..‬‬

‫ا‪:‬أهم مصطلحات علم المواريث‬


‫ثاني ّ‬‫ً‬

‫خاصةٌ به‪ ،‬وهذه‬ ‫مصطلحات‬ ‫ِ‬


‫العلوم‪،‬‬ ‫من‬ ‫لعلم المواريث‪ ،‬شأنه شأن ِّ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫أي علم َ‬ ‫َ‬

‫مصطلح‬
‫ٍ‬ ‫لطالب الع ْلِم أن يفهم داللةَ ِّ‬
‫كل‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫المصطلحات منثورة بين أبوابِ ِه ومسائلِ ِه‪ ،‬وينبغي‬

‫من الشروع في مسائله‪ .‬وأهم هذه المصطلحات‪:‬‬


‫حتى يتم ّك َن َ‬

‫‪ -‬اإلدالء‪" :‬هو اال تّصال بالميت إما مباشرة؛ كاألب مع ابنه‪ ،‬أو بواسطة؛ كاألخ‬

‫واألخت"‪.٠‬‬

‫د‪ .‬ناصر بن محمد الغامدي‪ :‬الخالصة في علم الفرائض‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.32‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪25‬‬
‫أمهاته‪،‬‬
‫الميت هم آباؤه و ّ‬
‫ذكور واناثًا‪ ،‬وان َعلَوا؛ فأصو ُل ْ‬
‫ًا‬ ‫طلق على اآلباء‬
‫‪ -‬األصل‪ُ :‬ي ْ‬

‫وأجداده‪ ،‬وجداته‪.٢‬‬

‫أقل ٍ‬
‫عدد يتأتّى منه نصيب ك ّل مستحق في التركة‪ ،‬من غير‬ ‫‪ -‬التأصيل‪ :‬هو تحصي ُل ِّ‬

‫سمى هذا العدد‪ :‬أصل المسألة‪.٢‬‬


‫وي َّ‬
‫كسر‪ُ ،‬‬

‫من األموال والحقو ِق‬ ‫كل ما خلَّفَه ْ‬


‫الميت َ‬ ‫أن التركة‪" :‬هي ُّ‬
‫ذهب الجمهور إلى َّ‬
‫َ‬ ‫‪ -‬التّ ِرَكة‪:‬‬

‫الميت من األموال‬
‫أن التركة‪" :‬هي ما يتركه ْ‬ ‫الثّ ِ‬
‫ابتة له مطلقًا"‪ ،4‬وذهب األحناف إلى َّ‬

‫صافيا عن تعلّق ِّ‬


‫حق الغير بعينه"‪.7‬‬ ‫ً‬

‫سمى هذا‬ ‫ِ‬ ‫أقل ٍ‬


‫‪ -‬التّصحيح‪ :‬هو تحصي ُل ُّ‬
‫وي ّ‬
‫كسر‪ُ ،‬‬
‫رؤوس الورثة بال ْ‬ ‫ينقسم على‬
‫ُ‬ ‫عدد‬

‫ص ّح المسألة‪.1‬‬
‫العدد‪َ :‬م َ‬
‫ُ‬

‫اد عن الواحد؛ اثنان فأكثر‪.7‬‬


‫‪ -‬الجمع والعدد‪ُ :‬يراد به في علم المواريث ما ز َ‬

‫أوفر حظّ ْي ِه‪.8‬‬


‫من ِ‬ ‫سبب اإلرث من اإلرث بالكلّ ّية‪ ،‬أو ْ‬
‫ُ‬ ‫الح ْجب‪ :‬هو منعُ َم ْن قام به‬
‫‪َ -‬‬

‫وتصحيحها‪ ،‬ال علم الحساب‬


‫ُ‬ ‫ائض‪ ،‬أي تأصيلُها‬ ‫ِ‬
‫مسائل الفر ِ‬ ‫حساب‬
‫ُ‬ ‫اد به‬
‫الحساب‪ُ :‬ير ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬

‫لم ْن يريد إتقان المواريث‪ ،‬وقسمتها على‬ ‫ٍ‬ ‫المعروف‪ ،‬مع أ ّنه ال ُب َّد ْ‬
‫من معرفة بالحساب َ‬
‫ِ‬
‫الوجه المطلوب‪.9‬‬

‫انظر‪ :‬المعجم الوسيط‪ ،‬إخراج‪ :‬مجمع اللغة العربية بمصر‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،295‬مادة (دال) ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذب الفائض شرح عمدة الفارض‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪. 19‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪. 152‬‬ ‫‪.3‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪13‬‬ ‫‪.0‬‬
‫ابن عابدين‪ :‬رد المحتار على الدر المختار‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪. 159‬‬ ‫‪.5‬‬
‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذب الفائض شرح عمدة الفارض‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.159-152‬‬ ‫‪.4‬‬
‫انظر‪ :‬زاد المسير في علم التفسير‪ ،‬عبد الرحمن بن علي بن الجوزي‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1041 ،0‬هـ (‪. )25/2‬‬ ‫‪.1‬‬
‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذب الفائض شرح عمدة الفارض‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.93‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.152‬‬ ‫‪.9‬‬
‫‪24‬‬
‫تفرعوا من األصول‪ ،‬كاإلخوة وبنيهم‪ ،‬واألخوات واألعمام‬
‫‪ -‬الحواشي‪ُ :‬يطلق على َم ْن ّ‬

‫جميعا من‬
‫ً‬ ‫ألن هؤالء‬
‫العمات‪ ،‬وأبناء األخوات؛ َّ‬
‫وبنيهم‪ ،‬وال يشم ُل األخوال والخاالت و ّ‬

‫ذوي األرحام‪.٠‬‬

‫ٍ‬
‫سهام المسألة‪ ،‬وزيادة في أنصباء الورثة‪ ،‬أو هو‬ ‫من‬
‫نقص ْ‬
‫ضد العول؛ وهو ٌ‬
‫الرّد‪ّ :‬‬
‫‪ّ -‬‬

‫بقدر‬ ‫ِ‬
‫الفروض‪ ،‬وال ُم ْستَحق له من العصبات إليهم ْ‬ ‫ِ‬
‫فروض ذوي‬ ‫فض َل عن‬
‫ف ما ُ‬
‫صر ُ‬
‫ْ‬

‫حقوقهم‪.٢‬‬

‫لكل و ٍ‬
‫ارث من أصل المسألة‪.‬‬ ‫الم ْعطَى ِّ‬
‫السهم‪ :‬هو الجزُء ُ‬
‫س ْهم؛ و َّ‬
‫‪ -‬السِّهام‪ :‬جمعُ َ‬

‫سمى الحظّ وال ّنصيب‪.٢‬‬


‫وتُ َ‬

‫كان معه‬ ‫َّ‬


‫انفرد أخ َذ الما َل كله‪ ،‬وا ْن َ‬
‫َ‬ ‫يرث بغير تقدير؛ بحيث إذا‬
‫‪ -‬العاصب‪ :‬هو َم ْن ُ‬

‫ط‪.4‬‬
‫الفروض التّركة سق َ‬
‫ُ‬ ‫بعد صاحب الفرض‪ِ ،‬‬
‫فإن استغرقت‬ ‫صاحب فرض أخذ ما بقي َ‬
‫ُ‬

‫مما ينتج عنه نقص من أنصباء‬


‫الع ْول‪ :‬هو الزيادة في سهام المسألة عن أصلها‪ّ ،‬‬
‫‪َ -‬‬

‫الورثة‪.7‬‬

‫بالرّد‪ ،‬وال ينقص إال‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -‬الفرض‪ :‬هو نصيب مقدَّر شرعا لو ٍ‬
‫مخصوص‪ ،‬ال يزيد إال ّ‬ ‫ارث‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫بالعول‪.1‬‬

‫أبناء‬
‫ق على أوالد الميت‪ ،‬وا ْن نزلوا؛ ففروع الميت‪ :‬هم أبناؤه‪ ،‬وبناتُ ُه‪ ،‬و ُ‬
‫طلَ ُ‬
‫‪ -‬الفرع‪ُ :‬ي ْ‬

‫الد بناته‪ ،‬بل هن من ذوي األرحام‪.٠‬‬


‫وبنات أبنائه‪ ،‬وال يشم ُل أو َ‬
‫ُ‬ ‫أبنائه‪،‬‬

‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذب الفائض شرح عمدة الفارض ‪،‬ج‪ ،1‬ص‪.19‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.3‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.110‬‬ ‫‪.3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.15-10‬‬ ‫‪.0‬‬
‫انظر‪ :‬كتاب التعريفات‪ ،‬علي بن محمد الجرجاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم األبياري‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1013 ،2‬هـ‪ ،‬ص‪.245‬‬ ‫‪.5‬‬
‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذب الفائض شرح عمدة الفارض‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.01‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ -‬الكاللة‪ :‬هو من مات وليس له ولد وال والد‪.٢‬‬

‫ب‪ :‬هو القرابة (الرحم)؛ وهو اتصال بين شخصين باالشتراك في والدة‪ ،‬قريبة أو‬ ‫‪َّ -‬‬
‫الن َس ُ‬

‫بعيدة‪ ،‬فيرث بها األقارب‪ ،‬وهم األصول‪ ،‬والفروع‪ ،‬والحواشي‪.٢‬‬

‫اء أخذه‪ ،‬أم ْلم يأخ ْذه‪.4‬‬


‫‪ -‬الوارث‪ :‬هو َم ْن يستحق نصي ًبا من التّركة سو ٌ‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الميراث في الجاهلية وصدر اإلسالم‪.‬‬

‫ك ّأنها‬
‫اإلسالميةُ‪ ،‬يدر ُ‬
‫ّ‬ ‫أقرتْها الشريعةُ‬
‫المتأم َل في أحكام الميراث التي َّ‬
‫ِّ‬ ‫يب َّ‬
‫أن‬ ‫ال ر َ‬

‫يأتي بمثلها‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫ُوضعت في نظام دقيق ومتناسق وعادل‪ ،‬ال يتأتّى لبشر أو قانون أن َ‬
‫تب التفسير والفقه والمواريث في إحصائها‬
‫ت ك ُ‬
‫َّع ْ‬ ‫يب َّ‬
‫أن هذه األحكام التي توس َ‬ ‫والغر ُ‬

‫آن جلُّها‬
‫اآلالف من الكتب والمجلّدات‪ ،‬قد عرضها القر ُ‬
‫ُ‬ ‫المئات و‬
‫ُ‬ ‫ودراستها‪ ،‬وأُلِّفَ ْ‬
‫ت فيها‬

‫الجن ولو كان‬


‫محكمةً بليغةً في ثالث آيات من سورة النساء في بالغة ال تتأتى لإلنس و ّ‬

‫ظهيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫لبعض‬ ‫بعضهُ ْم‬
‫ُ‬

‫ليتبي َن له‬
‫يتعرف إلى ما كان عليه الميراث قبل اإلسالم‪ّ ،‬‬
‫أن َّ‬‫ولعلّه من المفيد للباحث‪ْ ،‬‬
‫كل ِ‬
‫البعد‬ ‫بعيدا َّ‬
‫عظمة اإلسالم ودقّته وعدالَتَه في التشريع‪ ،‬فيما كان التوارث قبل اإلسالم ً‬

‫القبلية‪.‬‬
‫العصبية ّ‬
‫ّ‬ ‫النعرات الجاهلية‪ ،‬و‬
‫الرحمة‪ ،‬ويقوم على ّ‬
‫الدقّة و ّ‬
‫الع ْدل واإلنصاف و ّ‬
‫عن َ‬

‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذب الفائض شرح عمدة الفارض ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.14‬‬ ‫‪.1‬‬
‫انظر‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد السالمة‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬اإلصدار‬ ‫‪.2‬‬
‫الثاني‪ ،‬ط‪1022 ،1‬هـ‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.234‬‬
‫إبراهيم بن عبد هللا الفرضي‪ :‬العذب الفائض شرح عمدة الفارض‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.19‬‬ ‫‪.3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.02‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪22‬‬
‫موسوما بالظّلم‬ ‫الس ِ‬
‫بب‪ ،‬وكان‬ ‫النسب و ّ‬
‫يقوم على ّ‬
‫ً‬ ‫ارث في الجاهلية ُ‬
‫لقد كان التو ُ‬

‫الدفاع‬
‫صرة و ّ‬ ‫القوة وال ّشجاعة و ُّ‬
‫الن ْ‬ ‫قائما على ّ‬
‫فإنه كان ً‬
‫الن َسب‪ّ ،‬‬
‫حيث ّ‬
‫ُ‬ ‫واإلجحاف‪ ،‬أما ِم ْن‬

‫نصيب‪ .‬وكان الميراث‬


‫ٌ‬ ‫الصفات‪ ،‬فما كان له من الميراث‬
‫عن العائلة‪ ،‬أما َم ْن ُحرم هذه ّ‬

‫من الشجاعة‪ ،‬فإن‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الرماية‪ ،‬وله حظ َ‬
‫ركوب الخيل‪ ،‬و ّ‬
‫َ‬ ‫جيد‬
‫البالغ الذي ُي ُ‬
‫ِ‬ ‫األكبر‬ ‫لالبن‬ ‫ينتقل‬

‫اث مباشرةً إلى‬


‫الرمايةَ انتق َل المير ُ‬
‫ويجيد ّ‬
‫ُ‬ ‫يركب الخي َل‬
‫ُ‬ ‫ذكر شجاعٌ‬
‫الميت ٌ‬
‫ْلم يكن في أبناء ْ‬

‫إن كانوا بالغين‪.٠‬‬ ‫ِ‬


‫العم ْ‬
‫العم‪ ،‬أو أبناء ّ‬
‫أخيه‪ ،‬أو أبناء أخيه‪ ،‬أو إلى ّ‬

‫األطفال من اإلرث‪ ،‬أو أولئك الذين ال يجيدون‬


‫َ‬ ‫النساء و‬
‫وكانوا في الجاهلية يحرمون ّ‬

‫يعدون‬
‫نادرا‪ ،‬حيث ّإنهم كانوا ّ‬
‫البنت ترث إال ً‬
‫ُ‬ ‫الغنائم‪ ،‬ولم ِ‬
‫تكن‬ ‫َ‬ ‫الرماية‪ ،‬وال يحوزون‬
‫ّ‬

‫النساء من َس ْقط المتاع‪ .‬وقد أشار القرآن إلى هذه العادة القبيحة‪ ،‬ونهى عنها في قوله‬
‫ّ‬

‫وه َّن لِتَ ْذ َه ُبوا‬


‫ضلُ ُ‬
‫اء َك ْرهاً َوال تَ ْع ُ‬
‫الن َس َ‬
‫ِ‬
‫آم ُنوا ال َيح ُّل لَ ُك ْم أ ْ‬
‫َن تَ ِرثُوا ِّ‬ ‫تعالى‪( :‬يا أيها الذين َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ض ما آتَْيتُموه َّن إِ َّال أ ِ‬
‫وه َّن بِا ْل َم ْع ُروف فَِإ ْن َك ِرْهتُ ُم ُ‬
‫وه َّن‬ ‫ين بِفَاح َشة ُمَبيَِّنة َو َعاش ُر ُ‬
‫َن َيأْت َ‬
‫ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬
‫بَب ْع ِ َ‬

‫يه َخ ْي اًر َكثِي اًر)‪.٢‬‬


‫فَعسى أَن تَ ْكرهوا َش ْيئاً وي ْجع َل اللَّه ِف ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ََ ْ َُ‬

‫رضي اهلل تعالى عنهما‪ ،‬قال في هذه اآلية‪:‬‬ ‫عباس‬ ‫عن ِ‬


‫ابن ّ‬ ‫ي رحمه اهلل ِ‬
‫روى البخار ُّ‬
‫َ‬
‫تزوجها‪ ،‬وان شاؤوا‬
‫بعضهُ ْم ّ‬
‫ُ‬ ‫إن شاء‬
‫أحق بامرأته؛ ْ‬
‫أولياؤهُ ّ‬
‫ُ‬ ‫"كانوا إذا مات الرجل كان‬

‫ت هذه اآلية في ذلك"‪.٢‬‬


‫من أهلها‪ ،‬فنزلَ ْ‬
‫أحق بها ْ‬
‫يزوجوها‪ ،‬فهم ّ‬
‫زوجوها‪ ،‬وان شاؤوا لم ِّ‬
‫ّ‬

‫د‪ .‬ناصر بن محمد الغامدي‪ :‬الخالصة في علم الفرائض‪ ،‬ص ‪.00‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬اآلية‪. 19‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أخرجه البخاري في كتاب التفسير‪ ،‬عند تفسير سورة النساء‪ ،‬ح‪ . 0519‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.93‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪29‬‬
‫حرم الورثة الصغار والنساء‬
‫وهكذا كان الميراث في الجاهلية فيه ظلم واجحاف؛ َ‬

‫فح ّكموا أهواءهم ومصالحهم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الكسب‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫القادر على‬ ‫القوي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫بالمال من‬ ‫الضعاف‪ ،‬وهم ُّ‬
‫أحق‬

‫ولهذا َّبين اهلل تعالى لهم خطأهم‪ ،‬وذ ّكرهم بأنهم سيحتاجون إلى أوالدهم ْ‬
‫من بعدهم‪،‬‬

‫من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا اهلل‬


‫ش الذين لو تركوا ْ‬
‫(وْلَي ْخ َ‬
‫حيث قال تعالى‪َ :‬‬

‫سديدا)‪.٠‬‬
‫ً‬ ‫وليقولوا قوالً‬

‫بن أبي طلحةَ‪ ،‬عن أبي عباس‪ :‬هذا في‬


‫علي ُ‬ ‫قال الحافظ ُ ٍ‬
‫ابن كثير رحمه اهلل‪" :‬قال ّ‬

‫فأمر اهلل تعالى الذي‬ ‫بوصي ٍة ُّ‬


‫تضر بورثته‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫يحضرهُ الموت‪ ،‬فيسمعه الرج ُل يوصي‬
‫ُ‬ ‫الر ُجل‬
‫َّ‬

‫يصنع‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫يحب ْ‬
‫ّ‬ ‫للصواب‪ ،‬ولينظر لورثته كما كان‬
‫ويسدده ّ‬
‫ّ‬ ‫قي اهلل‪ ،‬ويوفّقه‬
‫يسمعهُ أن يتّ َ‬
‫ُ‬

‫الضيعةَ‪ .‬وهكذا قال مجاهد وغير واحد"‪.٢‬‬


‫خشي عليهم ّ‬
‫َ‬ ‫بورثته إذا‬

‫تنظيما دقيقاً عادالً‪،‬‬


‫ً‬ ‫بالنسب‬
‫ارث ّ‬‫أحكام المواريث‪ ،‬نظَّم التو َ‬
‫َ‬ ‫اإلسالم‬
‫ُ‬ ‫وعندما َش َّرع‬

‫ٍ‬
‫وشروط‪ .‬قال تعالى‪:‬‬ ‫الصغار نصيبباً من الميراث بضوابطَ‬
‫وفرض للبنات والنساء و ّ‬
‫َ‬

‫ون‬ ‫ك ا ْل َوالِ َد ِ‬
‫ان َواألَ ْق َرُب َ‬ ‫يب ِّم َّما تََر َ‬
‫ص ٌ‬‫ان واألَ ْقربون ولِ ِّلنساء َن ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ِّم َّما تََر َك ا ْل َوال َد ِ َ َ ُ َ َ َ‬
‫(لِ ِّلر َج ِ‬
‫ال َنصيِ ٌ‬

‫ِم َّما َق َّل ِم ْنه أَو َكثُر َن ِ‬


‫صيباً َّم ْف ُروضاً)‪.٢‬‬ ‫ُ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫(يوصي ُك ُم اللهُ في أ َْوَالد ُك ْم للذ َك ِر م ْث ُل َحظ ْاأل ُْنثََي ْي ِن فَِإ ْن ُك َّن ن َس ً‬
‫اء فَ ْو َ‬ ‫وقال سبحانه‪ُ :‬‬

‫اح ٍد ِم ْنهُ َما الس ُ‬


‫ُّد ُس‬ ‫ف وِألَبوْي ِه لِ ُك ِّل و ِ‬
‫َ‬ ‫ص ُ َ ََ‬
‫توِ‬
‫اح َدةً َفلَهَا ِّ‬
‫الن ْ‬ ‫اثَْنتَْي ِن َفلَهُ َّن ثُلُثَا َما تََر َك َوِا ْن َك َان ْ َ‬

‫ان لَهُ إِ ْخ َوةٌ‬ ‫ُم ِه الثُّلُ ُ‬


‫ث فَِإ ْن َك َ‬ ‫ان لَهُ َولَ ٌد فَِإ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَهُ َولَ ٌد َوَوِرثَهُ أََب َواهُ فَ ِأل ِّ‬ ‫ِم َّما تََر َ‬
‫ك إِ ْن َك َ‬

‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪. 9‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ابن كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.222‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.1‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪34‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ُم ِه الس ُ ِ‬
‫فَ ِأل ِّ‬
‫ون أَُّيهُ ْم أَ ْق َر ُ‬
‫ب‬ ‫ُّد ُس م ْن َب ْعد َوصَّية ُيوصي بِهَا أ َْو َد ْي ٍن َآَب ُ‬
‫اؤ ُك ْم َوأبناؤكم َال تَ ْد ُر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫يما)‪.٠‬‬
‫يما َحك ً‬ ‫يضةً م َن الله إِ َّن اللهَ َك َ‬
‫ان َعل ً‬ ‫لَ ُك ْم َن ْف ًعا فَ ِر َ‬

‫نصيبا‪ ،‬وساوى بين األبناء‬


‫ً‬ ‫وللزوجين‬
‫نصيبا من الميراث‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫وقد جعل اإلسالم لألبوين‬

‫ِ‬
‫نصيب‬ ‫ضعف‬
‫َ‬ ‫ضعيف ِهم وقويِّهم‪ ،‬وأعطى َّ‬
‫الذ َك َر‬ ‫ِ‬ ‫وكبيرِه ْم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫صغيرِه ْم‬
‫ِ‬ ‫الذكور في الميراث‪،‬‬
‫ْ‬

‫عائلي ٍة كبيرٍة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األنثى‪ ،‬لما يلزمه من التز ٍ‬
‫امات‬

‫وصدر اإلسالم يتوارثون بالسََّب ِب كذلك‪ ،‬إضافةً إلى َّ‬


‫الن َسب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الجاهلية‬
‫ّ‬ ‫العرب في‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫وقد َ‬
‫ْ‬

‫مظاهرِه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وكان من‬

‫سب‬
‫وي ْن َ‬
‫أبوةَ َم ْن ليس بولده‪ ،‬ويجعله ابناً له‪ُ ،‬‬
‫شخص َّ‬
‫ٌ‬ ‫َّعي‬
‫أن يد َ‬
‫اإلرث بالتّبني‪ ،‬ومعناه‪ْ :‬‬

‫المتبني‪،‬‬
‫تبنى إذا كان كبي اًر من ُ‬
‫الم َ‬
‫إليه دون أبيه الحقيقي من النسب‪ ،‬فيرث الولد ُ‬

‫يد‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم ز َ‬
‫ُّ‬ ‫فقد تبنى‬
‫استمر حتى صدر اإلسالم؛ ْ‬
‫وكان التبني شائعاً و َّ‬

‫رضي اهلل عنه‪.‬‬


‫َ‬ ‫بن حارثةَ‬
‫َ‬

‫ارث به‪ ،‬في قوله تعالى‪َ ( :‬ما َج َع َل اللَّهُ لِ َر ُج ٍل ِم ْن‬


‫اإلسالم التَ َبني‪ ،‬وأبط َل التَو َ‬
‫َ‬ ‫حرَم‬
‫ثم َّ‬

‫ِ‬ ‫اهرون ِم ْنه َّن أ َّ ِ‬


‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء ُك ْم‬
‫ُمهَات ُك ْم َو َما َج َع َل أ َْدعَي َ‬ ‫َق ْلَب ْي ِن في َج ْوِفه َو َما َج َع َل أ َْزَو َ‬
‫اج ُك ُم الالئي تُظَ ُ َ ُ‬

‫آلبائِ ِه ْم‬
‫وه ْم َ‬
‫يل { ‪ْ } 4‬اد ُع ُ‬ ‫ق َو ُه َو َي ْه ِدي َّ‬
‫السبِ َ‬ ‫اه ُك ْم واللَّهُ َيقُو ُل ا ْل َح َّ‬
‫َ‬
‫أ َْبَناء ُكم َذلِ ُكم قَولُ ُكم بِأَ ْفو ِ‬
‫ْ ْ ْ َ‬ ‫َ ْ‬

‫ين َو َم َوالِي ُك ْم َولَ ْي َس َعلَ ْي ُك ْم ُجَن ٌ‬


‫اح‬ ‫اء ُه ْم فَِإ ْخو ُان ُك ْم ِفي ِّ‬
‫الد ِ‬ ‫َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُه َو أَ ْق َسطُ ع ْن َد الله فَِإ ْن لَ ْم تَ ْعلَ ُموا َآب َ‬

‫يما {‪.٢)} 7‬‬ ‫ت ُقلُوب ُكم و َكان اللَّه َغفُ ا ِ‬ ‫َخ َ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ور َرح ً‬
‫طأْتُ ْم به َولَك ْن َما تَ َع َّم َد ْ ُ ْ َ َ ُ ً‬ ‫يما أ ْ‬
‫فَ‬

‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة األحزاب‪ ،‬اآليتان ‪.5-0‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪31‬‬
‫للر ُجل‪ :‬دمي دمك‪،‬‬
‫الر ُجل يقول ّ‬
‫فكان ّ‬
‫َ‬ ‫اإلرث بالمعاهدة والتحالف والمواالة و ُّ‬
‫النصرة‪:‬‬

‫وهدمي هدمك‪ ،‬تنصرني وأنصرك‪ ،‬وترثني وأرث منك‪ ،‬وتعقل عني وأعقل عنك‪ .‬فيقبل‬

‫اآلخر هذا‪ ،‬ويتحالفان على ذلك؛ فمن مات أوًال ورثه صاحبه‪ ،‬فإذا كان ِ‬
‫ألحدهما أبناء‬ ‫ّ‬

‫سمى‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫وي ّ‬
‫كان جميع المال للحليف‪ُ ،‬‬
‫يكن له ولد‪َ ،‬‬
‫الحليف كأحد أبناء حليفه‪ ،‬وا ْن ْلم ْ‬
‫ُ‬ ‫كان‬

‫مولى الموالة‪.‬‬

‫أقرهم اهلل تعالى على ذلك في صدر اإلسالم‪ ،‬بقوله‬ ‫و َّ‬


‫امتد هذا إلى بداية اإلسالم‪ ،‬حيث ّ‬

‫شهيدا)‪ .٠‬وقد كان‬


‫ً‬ ‫نصيبهم إن اهلل على كل شيء‬
‫َ‬ ‫تعالى‪( :‬والذين عقدت أيمانكم فآتُوهم‬

‫هذا في ابتداء اإلسالم‪ ،‬ثم" ُنسخ بعد ذلك بقوله تعالى‪( :‬ولكل جعلنا موالي مما ترك‬

‫الوالدان واألقربون)‪.٢"٢‬‬

‫طعم رضي اهلل تعالى عنه‪َّ ،‬‬


‫أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪":‬ال‬ ‫روى ُجَب ْي ُر ْب ُن ُم ْ‬

‫شدة"‪.4‬‬
‫يزده اإلسالم إال ّ‬
‫ف في اإلسالم‪ ،‬و ّأيما حلف كان في الجاهلية ْلم ْ‬
‫ح ْل َ‬

‫أما‬ ‫ارث بالح ْل ِ‬


‫قلت‪ّ :‬‬
‫سخ بآية المواريث‪ُ .‬‬
‫فن َ‬
‫ف‪ُ ،‬‬ ‫وقال اإلمام النووي‪" :‬قال الحسن‪ :‬كان التو ُ‬

‫أما المؤاخاة في اإلسالم‪،‬‬


‫فيستحب فيه المخالفة عند جماهير العلماء‪ ،‬و ّ‬
‫ما يتعلّق باإلرث‪ُ ،‬‬

‫البر والتّقوى‪ ،‬واقامة‬


‫والمحالفة على طاعة اهلل تعالى‪ ،‬والتناصر في الدين‪ ،‬والتعاون على ِّ‬

‫نسخ‪ ،‬وهذا معنى قوله صلى اهلل عليه وسلم في هذه األحاديث‪:‬‬ ‫الحق‪ :‬فهذا با ٍ‬
‫ق لم ُي ْ‬

‫يزده اإلسالم إال شدة"‪ ،‬وأما قوله صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫"و ّأيما ح ْل ٍ‬
‫ف كان في الجاهلية لم ْ‬

‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.33‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.33‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.229-222‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب مؤاخاة النبي صلى هللا عليه وسلم بين أصحابه رضي هللا عنهم‪ ،‬ح‪ ،2534‬انظر‪ :‬شرح‬ ‫‪.0‬‬
‫النووي على صحيح مسلم ‪ ،‬المجلد السادس (‪. )45-40/14‬‬
‫‪32‬‬
‫الحلف على ما منع ال ّشرع منه‪ .‬واهلل‬
‫"ال حلف في اإلسالم"؛ فالمراد به‪ :‬حلف التّوارث‪ ،‬و ُ‬

‫أعلم"‪.٠‬‬

‫النبي صلى اهلل‬


‫ّ‬ ‫فقد جع َل‬
‫‪ -‬التّوارث بالهجرة والمؤاخاة‪ :‬وكان هذا في صدر اإلسالم؛ ْ‬

‫األخوة‬ ‫غيبا بالهجرة‪ ،‬وتقويةً ألو ِ‬


‫اصر‬ ‫َّ‬
‫ّ‬ ‫سببا لإلرث‪ ،‬وذلك تر ً‬
‫عليه وسلم الهجرةَ والمؤاخاةَ ً‬

‫الغالي والنفيس‪ ،‬نصرةً لدين‬


‫َ‬ ‫وجبر لفقر المهاجرين الذين تركوا‬
‫ين واألنصار‪ً ،‬ا‬
‫بين المهاجر َ‬
‫َ‬

‫حينها‬
‫ت َ‬ ‫انقطع ْ‬
‫َ‬ ‫ي وبالعكس‪ ،‬وقد‬
‫يرث أخاه األنصار َّ‬
‫ي ُ‬ ‫وكان المهاجر ُّ‬
‫َ‬ ‫اهلل‪ ،‬وطاعةً هلل‪،‬‬

‫ولم يهاجروا‪ .‬قال‬ ‫رابطةَ الو ِ‬


‫النصرة بين المهاجرين وأقاربهم الذين ْلم يؤمنوا‪ ،‬أو آمنوا ْ‬
‫الية و ّ‬

‫آووا‬ ‫تعالى‪َّ :‬‬


‫(إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اهلل والذين َ‬

‫بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من َواليتهم من‬
‫ُ‬ ‫ونصروا أولئك‬

‫شيء حتى يهاجروا وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر إال على قوم بينكم وبينهم‬

‫ميثاق واهلل بما تعملون بصير)‪.٢‬‬

‫ت شوكةُ المسلمين بالميراث بالرحم‪،‬‬


‫قوي ْ‬ ‫ارث بالهجرِة والمؤ ِ‬
‫أن َ‬‫بعد ْ‬
‫اخاة َ‬ ‫ثم ُنسخ التو ُ‬

‫ِ‬
‫بقول اهلل سبحانه وتعالى‪( :‬وأولو األرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اهلل من‬

‫مسطور)‪.٢‬‬
‫ًا‬ ‫أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفًا كان ذلك في الكتاب‬
‫المؤمنين والمهاجرين إال ْ‬

‫شرح النووي على صحيح مسلم ‪ ،‬ا المجلد السادس (‪. )45-40/14‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سورة األنفال‪ ،‬اآلية‪. 12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أبو عبيد القاسم بن سالم الهروي‪ :‬الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن صالح المديفر‪ ،‬مكتبة‬ ‫‪.3‬‬
‫الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1012 ،2‬هـ‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪33‬‬
‫خصائص التشريع اإلسالمي في المواريث‪:‬‬

‫كالتدرج في‬
‫ّ‬ ‫تدرَج في كثير من األحكام الشرعية‬
‫اإلسالم في تشريع الميراث‪ ،‬كما َّ‬
‫ُ‬ ‫تدرَج‬
‫َّ‬

‫ٍ‬
‫عادات‬ ‫ت عليه من‬
‫وتعوَد ْ‬
‫نفوس القوم ّ‬
‫ُ‬ ‫درج في عتق العبيد‪ ،‬لما ألفته‬
‫تحريم الخمر‪ ،‬والتّ ّ‬
‫ٍ‬
‫موروثة من اآلباء واألجداد‪.‬‬ ‫و ٍ‬
‫أحكام‬

‫ِ‬
‫األسباب التي كانت قائم ًة في‬ ‫الكثير من‬ ‫ألحكام المير ِ‬
‫اث‬ ‫ِ‬ ‫يع ِه‬
‫أبطل اإلسالم من ُذ تشر ِ‬
‫َ‬ ‫لقد‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫العد ِل و‬
‫اإلنصاف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحكمة و ْ‬ ‫أسبابا أخرى قائمةً على‬ ‫مكانها‬
‫ع َ‬ ‫الجاهلية‪ ،‬وشر َ‬
‫ً‬
‫العد ِل والمساو ِاة والر ِ‬
‫حمة‬ ‫من ْ‬
‫ّ‬ ‫انين دقيقةً للمواريث‪ ،‬فيها َ‬
‫ط وقو َ‬
‫اإلسالم ضواب َ‬
‫ُ‬ ‫وضع‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫ومن َّ‬
‫ْ‬

‫َّ‬
‫وفض َل ال ّذكر على األنثى في الميراث إذا‬ ‫ِ‬
‫أصل الميراث‪،‬‬ ‫بين الورثة في‬
‫للجميع‪ ،‬فساوى َ‬

‫الذكر ذو حاجتين‪ :‬حاجة لنفسه‪ ،‬وحاجة لعياله‪ ،‬وألن األنثى‬ ‫لة و ٍ‬


‫احدة‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫كانا في منز ٍ‬
‫َ‬

‫ذات حاجة واحدة فقط‪.‬‬

‫نصيبا‬
‫ً‬ ‫أنصفها ‪ ،‬وجع َل لها‬
‫َ‬ ‫اإلسالم‬
‫َ‬ ‫اث‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫الجاهليون قد حرموا المرأةَ المير َ‬
‫ّ‬ ‫واذا كان‬

‫ان واألَ ْقربون ولِ ِّلنساء َن ِ‬ ‫ب ِّم َّما تَر َ ِ‬ ‫مفروضا‪ ،‬قال تعالى‪ِ :‬‬
‫(ل ِّلر َج ِ‬
‫ال َنصيِ ٌ‬
‫يب ِّم َّما‬
‫ص ٌ‬ ‫ك ا ْل َوال َد ِ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان واألَ ْقرب ِ‬ ‫تَر َ ِ‬
‫ون م َّما َق َّل م ْنهُ أ َْو َكثَُر َنصيباً َّم ْف ُر ً‬
‫وضا)‪ .٠‬ولم يقل سبحانه‪ :‬للرجال‬ ‫ك ا ْل َوال َد ِ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬

‫وللنساء نصيب مما ترك الوالدان واألقربون‪ ،‬داللةً على أهمية المرأة وقيمتها في التشريع‬

‫اإلسالمي‪.‬‬

‫دون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أحق بالع ْ ِ‬


‫فهم ُّ‬ ‫ولقد راعى اإلسالم َّ‬
‫الكبار‪َ ،‬‬ ‫األقوياء‬ ‫من‬
‫طف والمعونة َ‬ ‫حق األطفال؛ ْ‬

‫الن َس ِب في‬
‫اث َّ‬
‫اإلسالم مير َ‬
‫ُ‬ ‫األقوياء من الميراث‪ ،‬كما "حصر‬
‫َ‬ ‫الكبار‬
‫َ‬ ‫اإلسالم‬
‫ُ‬ ‫يحرم‬
‫َ‬ ‫أن‬

‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.1‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪30‬‬
‫وبين‬ ‫األصول والحواشي‪ ،‬لقوة القر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األصول والحواشي‪َّ ،‬‬
‫بينهم َ‬
‫ابة َ‬ ‫ّ‬ ‫ع على‬
‫وقدم الفرو َ‬ ‫الفروِع و‬

‫أيضا‪ ،‬وفاض َل بين الورثة في‬


‫الرابطة ً‬
‫لقوة هذه ّ‬
‫األصول على الحواشي‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫المي ِت‪ ،‬ثم َّ‬
‫قد َم‬ ‫ْ‬

‫وقوة الرابطة وعالقة المحبة"‪.٠‬‬ ‫ِ‬


‫بناء على القرابة ّ‬
‫الن َسب الثّالث هذه‪ً ،‬‬
‫جهات ّ‬

‫مسألة‪ :‬الشبهة المثارة حول ميراث الذكر ضعف نصيب األنثى‬

‫أعداء اإلسالم هي مسألة توريث ال ّذكر‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫إن م َن ال ّشبهات التي أثارها المستشرقون و ُ‬

‫للرجل‪ ،‬واجحافًا ِّ‬


‫بحق المرأة‪ ،‬ولو َّأنهم‬ ‫ِ‬
‫نصيب األنثى‪ ،‬و أَروا َّ‬
‫أن في ذلك محاباةً ّ‬ ‫ضعف‬

‫عينها‪.‬‬
‫اإلسالم هو العدالة ُ‬
‫ُ‬ ‫تمعنوا في األمر‪ ،‬لوجدوا َّ‬
‫أن ما قضاه‬ ‫ّ‬

‫منطق الفطرِة‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫إن اإلسالم في الواقع‪ ،‬ساوى بين الرجل والمرأة حيث المساواةُ هي‬

‫منطق الفطرة الصحيح‪ .‬وقد َّ‬


‫وزعت‬ ‫ُ‬ ‫أيضا هي‬
‫حيث التفرقةُ ً‬
‫ُ‬ ‫ق بينهما‬
‫وفر َ‬
‫حيح‪َّ ،‬‬
‫الص ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫وضع ِهم‬ ‫الميت‪ ،‬وحسب‬
‫من ْ‬ ‫ِ‬
‫الشريعة اإلسالمية قسمةَ اإلرث َح َسب قرابة الوارثين َ‬
‫ٍ‬
‫تبعات وأعباء يتلقَّ ْونها‪.‬‬ ‫تفرضهُ عليهم هذه األوضاع من‬ ‫االجتماعي في الحياة‪ ،‬وما‬
‫ُ‬ ‫ّ‬

‫عبء‬ ‫رفع عنها‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫حين قضى للمرأة نصف ما قضى لل ّذكر في الميراث‪ّ ،‬إنما َ‬
‫اإلسالم َ‬
‫ُ‬ ‫و‬

‫بحال من األحو ٍ‬
‫ال‪ ،‬حتى ولو كانت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بشيء من ذلك‬ ‫اإلنفاق ومشقّة العمل‪ ،‬ولم يكل ْفها‬

‫من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الحال‪ ،‬حيث َّ‬
‫إن نفقتها واجبةٌ على والدها أو أخيها‪ ،‬أو من يعيلُها َ‬ ‫غنيةً‪ ،‬ميسورةَ‬
‫ّ‬

‫أما فنفقتها واجبةٌ على زوجها أو أوالدها‪.‬‬


‫إن كانت ًّ‬
‫ال ّذكور‪ ،‬أما ْ‬

‫د‪ .‬ناصر بن محمد الغامدي‪ :‬الخالصة في علم الفرائض‪ ،‬ص ‪.54‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪35‬‬
‫المادّي ِة وااللتزامات االجتماعية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫األعباء‬ ‫الكثير من‬
‫َ‬ ‫جل‬
‫الر َ‬
‫اإلسالم ّ‬
‫ُ‬ ‫حم َل‬
‫وهكذا‪َّ ،‬‬

‫ِ‬
‫نصيب األنثى‪،‬‬ ‫ضعف‬
‫َ‬ ‫نصيب ال َذكر‬
‫ُ‬ ‫يكون‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫وأعفى المرأةَ منها‪ ،‬وكان العد ُل يقتضي ْ‬

‫أقره اإلسالم‪.‬‬
‫وهذا ما ّ‬

‫الصنفين؛ فجع َل لل ّذكر مث َل حظِّ األنثيين‪ ،‬وذلك‬


‫‪..‬وفاوت بين ّ‬
‫َ‬ ‫قال ابن كثير رحمه اهلل‪." :‬‬

‫كسب‪ ،‬وتج ّشم المشقّة‪،‬‬


‫الرجل إلى مؤونة النفقة والكلفة ومعاناة التجارة‪ ،‬والتّ ّ‬
‫الحتياج ّ‬

‫أن ُيعطي ضعفَ ْي ما تأخذه األنثى"‪.٠‬‬


‫فناسب ْ‬
‫َ‬

‫فقد‬ ‫ِ‬
‫جميعها‪ْ ،‬‬ ‫ردا في الحاالت‬
‫الرجل على المرأة في الميراث ليس مطّ ً‬ ‫على َّ‬
‫أن تفضيل ّ‬

‫ألم‪ ،٢‬قال‬
‫مساويا لميراث الرجل‪ ،‬كما في ميراث األخوة واألخوات ّ‬
‫ً‬ ‫يكون ميراث المرأة‬

‫اح ٍد ِم ْنهُ َما الس ُ‬


‫ت َفلِ ُك ِّل و ِ‬
‫ث َك َاللَةً أ َِو ْ‬
‫‪٢‬‬
‫ُّد ُس)‬ ‫َ‬ ‫ُخ ٌ‬
‫َخ أ َْو أ ْ‬
‫ام َأرَةٌ َولَهُ أ ٌ‬ ‫ور ُ‬
‫ان َر ُج ٌل ُي َ‬
‫(وِا ْن َك َ‬
‫تعالى‪َ :‬‬

‫األم في بعض الحاالت‪ ،‬قال تعالى‪( :‬وألبويه لكل واحد منهما‬ ‫اث ِ‬
‫األب و ِّ‬ ‫وكما في مير ِ‬

‫ِ‬
‫بعض أحوالهم‪.7‬‬ ‫الجدة في‬
‫الجد و ّ‬
‫‪4‬‬
‫السدس مما ترك إن كان له ولد) ‪ ،‬و ّ‬

‫ابن كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.225‬‬ ‫‪.1‬‬


‫انظر‪ :‬مذكرة الميراث على مذهب اإلمام مالك‪ ،‬د‪.‬عبد القادر جعفر ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪ 1021 ،‬هـ ‪ ،‬ص‪.21‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية‪.12‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.0‬‬
‫انظر‪ :‬مذكرة الميراث على مذهب اإلمام مالك‪ ،‬د‪.‬عبد القادر جعفر ص‪.12-11-14‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪34‬‬
‫شريفة نحوياً‪:‬‬
‫الفصل الثّاني‪ :‬دراسة آيات المواريث واألحاديث ال ّ‬

‫ّأوًال‪ :‬دراسة اآليات نحوايا‬

‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫المعيار الذي‬
‫َ‬ ‫ون ِّ‬
‫حد َد‬ ‫سنقوم بدراستها ًّ‬
‫نحويا‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫اآليات التي‬ ‫نحد َد‬ ‫ال ُب َّد بادئ ذي َب ْدء‪ْ ،‬‬
‫أن ِّ‬

‫موضوعيةً صحيحةً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تكون دراستنا‬
‫اعتمدناه في اختيارنا حتى َ‬

‫حكما أو‬ ‫ت في ِ‬ ‫ٍ‬


‫ت ً‬ ‫ض َّمَن ْ‬
‫كتاب اهلل‪ ،‬وتَ َ‬ ‫ورَد ْ‬
‫اآليات التي َد َر ْسناها في بحثنا‪ ،‬هي ك ّل آية َ‬
‫و ُ‬

‫تعرض ألنصبة المستحقّين‬


‫ْ‬ ‫اء كانت مجملةً‪ ،‬أي ْلم‬
‫أحكاما من أحكام المواريث‪ ،‬سو ً‬
‫ً‬

‫ست‪ ،‬منها‬ ‫ٍّ‬


‫مستحق‪ ،‬ومجموع اآليات ّ‬ ‫كل‬ ‫ِ‬
‫لنسبة ِّ‬ ‫تحديد‬ ‫أي فيها‬
‫ٌ‬ ‫مفصلةً‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫لإلرث‪ ،‬أو كانت‬

‫ت في اآليات ‪ ، ٠٠‬و ‪ ٠71 ،٠٢‬من سورة النساء‪:‬‬


‫تفصيلية َوَرَد ْ‬
‫ّ‬ ‫ثالث ٍ‬
‫آيات‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫ق اثَْنتَْي ِن َفلَهُ َّن‬ ‫(يوصي ُك ُم اللهُ في أ َْوَالد ُك ْم للذ َك ِر مثْ ُل َحظ ْاأل ُْنثََي ْي ِن فَِإ ْن ُك َّن ن َس ً‬
‫اء فَ ْو َ‬ ‫‪ُ -‬‬

‫ُّد ُس ِم َّما تََر َ‬


‫ك إِ ْن‬ ‫اح ٍد ِم ْنهُ َما الس ُ‬
‫ف وِألَبوْي ِه لِ ُك ِّل و ِ‬
‫َ‬ ‫ص ُ َ ََ‬
‫توِ‬
‫اح َدةً َفلَهَا ِّ‬
‫الن ْ‬ ‫ك َوِا ْن َك َان ْ َ‬
‫ثُلُثَا َما تََر َ‬

‫ان لَهُ إِ ْخ َوةٌ فَ ِألُ ِّم ِه الس ُ‬


‫ُّد ُس‬ ‫ُم ِه الثُّلُ ُ‬
‫ث فَِإ ْن َك َ‬ ‫ان لَهُ َولَ ٌد فَِإ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَهُ َولَ ٌد َوَوِرثَهُ أََب َواهُ فَ ِأل ِّ‬
‫َك َ‬
‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب لَ ُك ْم َن ْف ًعا فَ ِر َ‬
‫يضةً‬ ‫ون أَُّيهُ ْم أَ ْق َر ُ‬ ‫م ْن َب ْعد َوصَّية ُيوصي بِهَا أ َْو َد ْي ٍن َآَب ُ‬
‫اؤ ُك ْم َوأبناؤكم َال تَ ْد ُر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫يما)‪.٠‬‬
‫يما َحك ً‬ ‫م َن الله إِ َّن اللهَ َك َ‬
‫ان َعل ً‬

‫الرُبعُ ِم َّما‬ ‫ك أزواج ُك ْم إِ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَهُ َّن َولَ ٌد فَِإ ْن َك َ‬


‫ان لَهُ َّن َولَ ٌد َفلَ ُك ُم ُّ‬ ‫ف َما تََر َ‬
‫ص ُ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ( -‬ولَ ُك ْم ن ْ‬

‫الرُبعُ ِم َّما تََرْكتُ ْم إِ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَ ُك ْم َولَ ٌد فَِإ ْن‬


‫ين بِهَا أ َْو َد ْي ٍن َولَهُ َّن ُّ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫تََرْك َن م ْن َب ْعد َوصَّية ُيوص َ‬
‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫ون بِهَا أ َْو َد ْي ٍن َوِا ْن َك َ‬
‫ان َر ُج ٌل‬ ‫ان لَ ُك ْم َولَ ٌد َفلَهُ َّن الث ُم ُن م َّما تََرْكتُ ْم م ْن َب ْعد َوصَّية تُ ُ‬
‫وص َ‬ ‫َك َ‬
‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪31‬‬
‫ُّد ُس فَِإ ْن َك ُانوا أَ ْكثََر ِم ْن َذلِ َ‬
‫ك‬ ‫اح ٍد ِم ْنهُ َما الس ُ‬
‫ت َفلِ ُك ِّل و ِ‬
‫َ‬ ‫ُخ ٌ‬
‫َخ أ َْو أ ْ‬ ‫ث َك َاللَةً أ َِو ْ‬
‫ام َأرَةٌ َولَهُ أ ٌ‬ ‫ور ُ‬
‫ُي َ‬

‫صَّيةً ِم َن اللَّ ِه‬


‫صَّي ٍة يوصى بِها أَو َد ْي ٍن َغ ْير مض ٍّار و ِ‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫فَهم ُشرَكاء ِفي الثُّلُ ِث ِمن بع ِد و ِ‬
‫ْ َْ َ‬ ‫ُْ َ ُ‬

‫يم)‪.٠‬‬‫واللَّه علِ ِ‬
‫يم َحل ٌ‬
‫َ ُ َ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ون َ ِ‬
‫ف‬
‫ص ُ‬
‫ت َفلَهَا ن ْ‬
‫ُخ ٌ‬
‫ك لَ ْي َس لَهُ َولَ ٌد َولَهُ أ ْ‬ ‫ك ُقل اللّهُ ُي ْفتي ُك ْم في ا ْل َكالَلَة إِ ِن ْ‬
‫ام ُرٌؤ َهلَ َ‬ ‫(ي ْستَ ْفتُ َ‬
‫‪َ -‬‬

‫ان ِم َّما تََر َ‬


‫ك َوِان َك ُانوْا‬ ‫َما تََر َك َو ُه َو َي ِرثُهَا إِن لَّ ْم َي ُكن لَّهَا َولَ ٌد فَِإن َك َانتَا اثَْنتَْي ِن َفلَهُ َما الثُّلُثَ ِ‬

‫لذ َك ِر ِم ْث ُل حظِّ األُنثَي ْي ِن يبيِّن اللّه لَ ُكم أَن تَ ِ‬


‫ضلُّوْا َواللّهُ بِ ُك ِّل َش ْي ٍء‬ ‫ال ونِساء َفلِ َّ‬
‫َ َُ ُ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫إِ ْخ َوةً ِّر َجا ً َ َ‬

‫يم)‪.٢‬‬‫ِ‬
‫َعل ٌ‬

‫أما اآليات المجملة فهما اآليتان ‪ 8 ،7‬من سورة النساء‪ ،‬واآلية ‪ 77‬من سورة األنفال‪:‬‬

‫يب ِّم َّما تََر َك ا ْل َوالِ َد ِ‬


‫ان‬ ‫ص ٌ‬‫ان واألَ ْقربون ولِ ِّلنساء َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪( -‬لِّ ِّلر َج ِ‬
‫ال َنصيِ ٌ‬
‫ب ِّم َّما تََر َك ا ْل َوال َد ِ َ َ ُ َ َ َ‬

‫ض َر ا ْل ِق ْس َم َة أُولُو ا ْلقُ ْرَبى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ون م َّما َق َّل م ْنهُ أ َْو َكثَُر َنصيباً َّم ْف ُروضاً{‪َ }7‬وِا َذا َح َ‬
‫َواألَ ْق َرُب َ‬

‫وه ْم ِم ْنهُ َوقُولُوا لَهُ ْم قَ ْوًال َم ْع ُروفًا {‪.٢)}8‬‬


‫ين فَ ْارُزقُ ُ‬
‫ِ‬
‫امى َوا ْل َم َساك ُ‬
‫َوا ْلَيتَ َ‬
‫‪( -‬والَِّذين َآم ُنوا ِمن بع ُد وهاجروا وجاه ُدوا مع ُكم فَأُولَئِ َ ِ‬
‫ك م ْن ُك ْم َوأُولُو ْاأل َْر َح ِام َب ْع ُ‬
‫ضهُ ْم أ َْولَى‬ ‫ْ َ ْ َ َ َُ َ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫بِبع ٍ ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫ض في كتَاب الله إِ َّن اللهَ بِ ُكل َش ْيء َعل ٌ‬
‫يم{‪.4)}77‬‬ ‫َْ‬

‫أ) داللة الحروف في آيات المواريث‪:‬‬

‫تتب َع‬
‫الم ّ‬ ‫الجر (في) في قوله تعالى‪( :‬يوصيكم اهلل في أوالدكم)‪َّ :5‬‬
‫إن ُ‬ ‫‪ -‬اختيار حرف ّ‬

‫دائما مصحوب ًة بالباء‪ ،٠‬وليست‬


‫الوصية في القرآن الكريم‪ ،‬يلحظُ ّأنها تأتي ً‬
‫ّ‬ ‫لمادة‬
‫ّ‬

‫اآلية ‪.12‬‬ ‫سورة النساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫اآلية ‪.114‬‬ ‫سورة النساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫اآلية ‪.2-1‬‬ ‫سورة النساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫اآلية ‪.15-‬‬ ‫سورة األنفال‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫من اآلية ‪.11‬‬ ‫سورة النساء‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪32‬‬
‫مصحوبةً بـ (في)‪ ،‬كما في قوله تعالى‪( :‬ووصينا اإلنسان بوالديه)‪ ،٢‬وقوله‪( :‬ذلكم‬

‫نوحا)‪..4‬‬ ‫‪٢‬‬
‫وصاكم به) ‪ ،‬وقوله (شرع لكم من الدين ما وصى به ً‬

‫ه ذه اآليات جاءت فيها الوصية مصحوبة بالباء‪ ،‬أما في اآلية التي نحن بصدد دراستها‪،‬‬

‫يكون‬
‫َ‬ ‫مصحوبا بـ (في)‪ ،‬وال ُب َّد ْ‬
‫أن‬ ‫ً‬ ‫وصى اهلل اآلباء واألبناء‪ ،‬جاء الفعل يوصيكم‬
‫عندما ّ‬

‫َّ‬
‫"فكأن الوصية أرادها‬ ‫في ذلك حكمةٌ وبالغةٌ‪ ،‬ال َّ‬
‫سيما َّ‬
‫أن القائل هو اهلل تبارك وتعالى‪،‬‬

‫الوصية"‪ ،7‬ويقول‬
‫ّ‬ ‫ت‬
‫ومثبت ًة في األوالد‪ ،‬فكلّما رأيت الظرف‪ ،‬وهو الولد ذ َك ْر َ‬
‫اهلل مغروسةً ّ‬

‫الجور‬
‫ْ‬ ‫السهيلي في توجيه اختيار هذا الحرف‪ ":‬ألنه أراد العدل فيهم والتحذير من‬

‫عليهم"‪.1‬‬

‫ويقول ابن عاشور‪(" :‬في) هنا للظرفية المجازية‪ ،‬جعلت الوصية كأنها مظروفة في‬

‫لشدة تعلقها به التّصال المظروف في الظرف"‪.7‬‬


‫شأن األوالد ّ‬

‫الموصى به‬
‫َ‬ ‫مر‬ ‫معنى أقوى من اإللصا ِ‬
‫ق؛ إ ْذ جع َل األ َ‬ ‫أدى ً‬
‫واستخدام الحرف (في) قد ّ‬

‫الوصيةَ داخلةٌ في أجزائه‪ ،‬ومن تكوينه‪،‬‬


‫ّ‬ ‫وصى له‪َّ ،‬‬
‫فكأن‬ ‫الم َ‬
‫داخال ومتغلغ ًال في أجزاء ُ‬
‫ً‬

‫استخدامه في سيا ٍ‬
‫ق ما‪ ،‬إلى‬ ‫استخدام حر ٍ‬
‫ف شاع‬ ‫ِ‬ ‫ذلك َّ‬
‫أن القرآن الكريم حين يعد ُل عن‬
‫ُ‬ ‫ْ‬

‫ليؤدَيه‪ ،‬كما‬
‫بالغي‪ ،‬ما كان الحرف األصي ُل ّ‬ ‫معنى‬
‫يد أن يلفتَنا إلى ً‬
‫آخر‪ّ ،‬إنما ير ُ‬ ‫ٍ‬
‫ٍّ‬ ‫حرف َ‬

‫النخل في قوله‬
‫السحرة في جذوع ّ‬
‫سيصلب ّ‬
‫ُ‬ ‫عون ّأنه‬
‫أخب َر عن فر َ‬
‫في قوله تعالى حين َ‬

‫بالرجوع إلى المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سورة لقمان‪ ،‬من اآلية ‪.10‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة األنعام‪ ،‬من اآلية ‪.153‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة الشورى‪ ،‬من اآلية ‪.13‬‬ ‫‪.0‬‬
‫محمد متولي الشعراوي‪ :‬تفسير الشعراوي‪ ،‬أخبار اليوم‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.2420‬‬ ‫‪.5‬‬
‫عبد الرحم ن بن عبد هللا السهيلي‪ :‬الفرائض‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬إبراهيم البنا‪ ،‬المكتبة الفيصلية‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪ 1045 ،2‬هـ‪ ،‬ص‪.22‬‬ ‫‪.4‬‬
‫محمد الطاهر بن عاشور‪ :‬تفسير التحرير والتنوير‪ ،‬تونس‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪1920 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.251‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪39‬‬
‫ليشير إلى‬
‫َ‬ ‫ألصلبَّن ُك ْم على جذوع النخل‪،‬‬
‫َ‬ ‫يقل‬ ‫(ألصلَِّبَّنكم في جذوع ّ‬
‫الن ْخل)‪ ،‬ولم ْ‬ ‫َ‬ ‫تعالى‪:‬‬

‫يض َعهُ ْم على الجذوع‬


‫بأن َ‬
‫يكتفي ْ‬
‫َ‬ ‫تهديده ال ّشديد‪ ،‬وعقوبته القاسية لهم‪ ،‬حيث ّإنه لن‬

‫النخل‪.‬‬
‫اء ّ‬‫فحسب‪ ،‬واّنما أراد أن تدخ َل أجزاؤهم بأجز ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪٠‬‬
‫للوصية؛ فهي‬
‫ّ‬ ‫وقد أفاد الحرف (في) في قوله تعالى (يوصيكم اهلل في أوالدكم) ‪ ،‬تأكيداً‬

‫الحرص على تطبيقها‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ليست كباقي الوصايا‪ ،‬ولذلك ينبغي‬

‫وصي ٍة يوصى بها أو دين)‪ ،٢‬استُ ْخدمت الباء التي تفيد‬


‫ّ‬ ‫(من َب ْع ِد‬ ‫َ ِ‬
‫وعند قولِه تعالى ْ‬

‫َّ‬
‫وجل استخدمها في ذلك‬ ‫ألن اهلل َّ‬
‫عز‬ ‫اإللصاق‪ ،‬وال يقوم حرف الجر (في) مقامها‪َّ ،‬‬

‫يوصى بها‪ ،‬فتعلَّقت باألموال واألشياء‪ ،‬وشتّان‬


‫َ‬ ‫السياق مع األوالد وهم عقالء‪ ،‬أما قوله‬

‫ق‪.‬‬
‫ق والتعلّ ُ‬
‫الع ْم ُ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫بين األمرين‪ ،‬وفرق بين ِ‬
‫حيث ُ‬
‫من ُ‬
‫اإلنسان بماله‪ ،‬وصلته بولده ْ‬ ‫صلة‬ ‫َ‬

‫األحكام التّالية‪:‬‬
‫َ‬ ‫وبهذا يكون الحرف الجر(في) ‪ ،‬قد حقَّ َ‬
‫ق‬

‫الوصية‪ ،‬وهي إيصال الميراث إلى الورثة‪ ،‬و ّأنه واجب وليس‬ ‫أهمّية هذه‬ ‫َّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -٠‬دل على ّ‬

‫مباحا‪.‬‬
‫مندوبا وال ً‬
‫ً‬

‫جميعا‬
‫ً‬ ‫الد‬
‫الوصية األو َ‬
‫ّ‬ ‫دل على وجوب تحقيق العدالة بين األوالد‪ ،‬فقد تناولَ ِت‬
‫‪َّ -٢‬‬

‫ذكور أم إناثًا‪.‬‬
‫كبارا‪ً ،‬ا‬
‫صغار كانوا أم ً‬
‫ًا‬

‫اآلباء واألو ِ‬
‫الد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالقة بين‬ ‫قوة‬ ‫َّ‬
‫‪ -٢‬دل هذا االستخدام على ّ‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ْ‬
‫ووردت (من بعد وصية يوصي بها أو دين) ‪ ،‬في سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪،12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪04‬‬
‫يوصى بها أو دين)‪:1‬‬
‫‪ -‬اختيار الحرف (أو) في قوله تعالى‪( :‬من بعد وصية َ‬

‫يستخدم‬ ‫آيات الموار ِ‬


‫يث‪ ،‬ولم‬ ‫ضع في ِ‬
‫من مو ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫جاء استخدام هذا الحرف في أكثََر ْ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫وحكمة‪.‬‬ ‫سبحانه وتعالى حرف الواو أو غيره لعلّ ٍة‬

‫التقدم على‬ ‫النسبة بينهما؛ َّ‬


‫الد ْين والوصية‪ ،‬في الوجوب و ّ‬ ‫بيان ّ‬
‫المقصود هنا َ‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫"ولما َ‬
‫ّ‬

‫الح َس َن‬
‫س َ‬ ‫القسمة بين الورثة اختير الحرف (أو) وليس الواو‪..‬فكان من قبيل قولك جالِ ِ‬

‫الح َس َن‬ ‫ٍ‬ ‫أن َّ‬


‫فإن معناه َّ‬
‫ين‪َّ ،‬‬
‫جالست َ‬
‫َ‬ ‫فإن‬
‫ألن ُيجالَس‪ْ ،‬‬
‫كل واحد منهما أه ٌل ْ‬ ‫ابن سير َ‬
‫أو َ‬

‫صيب‪ ،‬بخالف ما لو‬


‫ت ُم ٌ‬
‫فأن َ‬
‫مصيب‪ ،‬وا ْن َج َم ْعتَهُما ْ‬
‫ٌ‬ ‫فأنت‬
‫ين َ‬ ‫مصيب أو ابن سير َ‬
‫ٌ‬ ‫ت‬
‫فأن َ‬
‫ْ‬

‫احدا منهما دون اآلخر‪ ،‬فقد‬


‫ت و ً‬
‫جالس َ‬
‫ْ‬ ‫معا‪ ،‬فإن‬
‫تجالسهما ً‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫فإنه يقتضي ْ‬
‫قيل بالواو ّ‬

‫يحصل‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫كل ٍ‬
‫مال ْ‬ ‫ت في ِّ‬
‫ود ْي ٍن لَ َو َجَب ْ‬
‫ت األمر‪ ،‬فكذا هنا لو قال من بعد وصية َ‬
‫خال ْف َ‬

‫األمران"‪.٢‬‬

‫يورث كاللة أو امرأة) ‪ ،‬فـ (أو) هنا دلَّ ْ‬


‫‪٢‬‬
‫ت على‬ ‫ويدخل هنا قوله تعالى‪( :‬وان كان رجل َ‬

‫ق فيه‬
‫أن تتحقّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َع ِ‬
‫شخص واحد‪ ،‬فإما ْ‬ ‫ق الوصفان في‬
‫دم اجتماع الوصفين‪ ،‬فال يتحقّ ُ‬

‫ا ّلرجولة أو األنوثة‪.‬‬

‫‪ -‬اختيار (الالم) في قوله تعالى‪( :‬للذكر مثل حظ األنثيين)‪:4‬‬

‫بالملكية أو لغيرها‪ ،‬وذكر سيبويه َّ‬


‫أن معناها‬ ‫إما‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫الالم في اللّغة تد ّل على االختصاص ّ‬
‫ُ‬

‫الملك واالستحقاق‪ ،٠‬كقوله تعالى‪( :‬هلل ملك السموات واألرض)‪ .٢‬وقد جاءت األنصبة‬

‫سورة النساء ‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫محمد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي‪ :‬حاشية محيي الدين شيخ زادة على تفسير البيضاوي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكنب العلمية‪ 1019 ،‬هـ‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ط‪ ،1‬ج‪ ،3‬ص‪.210‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪01‬‬
‫في آيات المواريث مص َّدرةً بالالم‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬لل ّذ َك ِر مث ُل ِّ‬
‫حظ األنثيين)‪ ،٢‬وقوله‪( :‬فَِإ ْن‬ ‫ُ َ َ‬

‫اح ٍد‬
‫ف وِألَبوْي ِه ِل ُك ِّل و ِ‬
‫َ‬ ‫ص ُ َ ََ‬ ‫الن ْ‬
‫توِ‬
‫اح َدةً َفلَهَا ِّ‬ ‫ق اثَْنتَْي ِن َفلَهُ َّن ثُلُثَا َما تََر َ‬
‫ك َوِا ْن َك َان ْ َ‬
‫ِ‬
‫ُك َّن ن َس ً‬
‫اء فَ ْو َ‬

‫ان لَهُ إِ ْخ َوةٌ‬ ‫ُم ِه الثُّلُ ُ‬


‫ث فَِإ ْن َك َ‬ ‫ُّد ُس) ‪ .‬وقوله (فَِإ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَهُ َولَ ٌد َوَوِرثَهُ أََب َواهُ فَ ِأل ِّ‬
‫ِم ْنهُ َما الس ُ‬
‫‪4‬‬

‫ك أزواج ُك ْم إِ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَهُ َّن َولَ ٌد فَِإ ْن‬


‫ف َما تََر َ‬
‫ص ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪7‬‬
‫ُم ِه الس ُ‬
‫فَ ِأل ِّ‬
‫ُّد ُس) ‪ ،‬و قوله تعالى‪َ ( :‬ولَ ُك ْم ن ْ‬

‫الرُبعُ ِم َّما تََرْكتُ ْم إِ ْن لَ ْم َي ُك ْن لَ ُك ْم َولَ ٌد‬


‫الرُبعُ ِم َّما تََرْك َن) ‪ ،‬وقوله‪َ ( :‬ولَهُ َّن ُّ‬
‫‪1‬‬
‫ان لَهُ َّن َولَ ٌد َفلَ ُك ُم ُّ‬
‫َك َ‬

‫ام َأرَةٌ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫َو‬‫أ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ث‬
‫ُ‬ ‫ور‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ٌ‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ان‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫و‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫(‬ ‫وقوله‪:‬‬ ‫‪،‬‬‫‪7‬‬
‫ان لَ ُك ْم َولَ ٌد َفلَهُ َّن الثُّ ُم ُن ِم َّما تََرْكتُ ْم)‬
‫فَِإ ْن َك َ‬

‫اح ٍد ِم ْنهُ َما الس ُ‬


‫ُّد ُس)‪.8‬‬ ‫ت َفلِ ُك ِّل و ِ‬
‫َ‬ ‫ُخ ٌ‬
‫َخ أ َْو أ ْ‬
‫َولَهُ أ ٌ‬

‫وبناء على ما َّ‬


‫تقد َم من استخدام (الالم) في اآليات السابقة‪ ،‬نستطيع أن نستنبط‬ ‫ً‬

‫األحكام التّاليةَ‪:‬‬
‫َ‬

‫ص َّد َرةً بالالم‪ ،‬وهذا يد ّل‬


‫ص القرآني جاءت ُم َ‬
‫الن ّ‬
‫جميع أنصبة المواريث في ّ‬
‫َ‬ ‫‪َّ -٠‬‬
‫إن‬

‫ٍ‬
‫نقصان‪.‬‬ ‫النصيب دون ز ٍ‬
‫يادة أو‬ ‫ِ‬
‫المذكور بهذا ّ‬ ‫اختصاص الو ِ‬
‫ارث‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫َ‬

‫المورث‬ ‫بعد ِ‬
‫وفاة‬ ‫ك هذا الما َل‪ ،‬ويؤول الما ُل إليه َ‬
‫ارث يمل ُ‬
‫أن الو َ‬ ‫‪ -٢‬والالم دلَّ ْ‬
‫ت على َّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫وتنفيذ وصاياه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وسداد ديونِه‪،‬‬ ‫وتجهيزِه‪،‬‬
‫ِ‬

‫بهاء الدين عبد هللا بن عقيل العقيلي الهمداني المصري‪ :‬شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.24‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سورة الشورى‪ ،‬من اآلية ‪.09‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.0‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.5‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.4‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪02‬‬
‫يرث‬
‫العبد ال ُ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫‪ -٢‬استعما ُل الالم هنا بداللته على الملك واالختصاص‪َّ ،‬‬
‫دل على َّ‬

‫العبد ال يملِ ُ‬
‫ك؛ إ ْذ‬ ‫َ‬ ‫بالمور ِث َّأيةُ قر ٍ‬
‫ابة أخرى‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫ِّ‬ ‫ابنا‪ ،‬أو تربطُه‬
‫اء أكان ً‬
‫شيئا سو ٌ‬
‫ً‬

‫انع الميراث‪.‬‬ ‫الر َّ‬


‫ق مانعٌ من مو ِ‬ ‫استخدام الالم هنا َّ‬
‫أن ِّ‬ ‫ُ‬
‫سيده‪َّ ،‬‬
‫فدل‬ ‫ك ّ‬‫هو ِم ْل ُ‬

‫يجوز له التّناز ُل عن‬


‫ُ‬ ‫القبول‪ ،‬إ ْذ ال‬
‫َ‬ ‫ملزٌم‬ ‫ستفاد من حرف الالم َّ‬
‫أن الوارث َ‬ ‫وي ُ‬ ‫‪ُ -4‬‬
‫ِ‬
‫معرفة حقّه‪.‬‬ ‫الميراث قبل‬

‫ب) دراسة الجمل في آيات الميراث‪:‬‬

‫حوي للجمل‪:‬‬
‫معايير التّحليل ال ّن ّ‬

‫ٍ‬
‫ببعض‪.‬‬ ‫عالقة ِ‬
‫بعضها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكلمات في‬ ‫يدرس‬ ‫العلم الذي‬ ‫"الجملةُ ميدان ِ‬
‫ُ‬ ‫ألنه ُ‬‫النحو؛ ّ‬
‫علم ّ‬ ‫ُ‬

‫معين ًة تتأثُّر‬
‫تؤدي وظيفةً ّ‬ ‫صبِ ُح لها ً‬
‫معنى نحويٌّ؛ أي ّ‬ ‫ٍ‬
‫وحين تكون الكلمةُ في جملة ُي ْ‬
‫َ‬

‫أيضا"‪.٠‬‬ ‫ِ‬
‫الكلمات وتؤثّر في ِ‬ ‫ِ‬
‫غيرها ً‬ ‫من‬
‫بغيرها َ‬

‫حيث‬ ‫من‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫يدرسها ْ‬
‫ُ‬ ‫الكلمات‪ ،‬وال بنيتَها‪ ،‬وال داللتَها‪ ،‬واّنما‬ ‫ات‬
‫يدرس أصو َ‬
‫ُ‬ ‫حو إ ًذا ال‬
‫"الن ُ‬
‫ّ‬

‫"إنما هو معرفةُ أنفس‬


‫يف ّ‬
‫‪٢‬‬
‫تؤدي فيه عمالً َّ‬
‫معيًنا" ‪ .‬فإذا كان التّصر ُ‬ ‫هي جزء في ٍ‬
‫كالم ّ‬ ‫ٌ‬

‫فالنحو ّإنما هو معرفةُ أحواله المتن ّقلة"‪.٢‬‬


‫الكلمة الثّابتة‪ّ ،‬‬

‫علماء العر ّبي ِة القدماء‪،‬‬


‫ُ‬
‫حو والص ِ‬
‫رف‪ ،‬أدرَكها‬ ‫ّ‬ ‫الن ِ‬ ‫َّ‬
‫عضويةً بين ّ‬ ‫ك "صلةً‬ ‫غير َّ‬
‫أن هنا َ‬ ‫َ‬

‫بين أنظمة‬ ‫ِّ‬ ‫بعض ِ‬


‫ِ‬ ‫فَ َدرسوهما معا‪ ...‬واّنما فُ ِ‬
‫ين‪ ...،‬والفص ُل َ‬
‫المتأخر َ‬ ‫كتب‬ ‫ص َل بينهما في‬ ‫ً‬ ‫َ ُ‬

‫د‪.‬عبده الرّاجحي‪ :‬التّطبيق النّحوي‪ ،‬دار النّهضة العربيّة‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت ‪ ،2440‬ص ‪.13‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪.2‬‬
‫د‪ .‬عبده الرّاجحي‪ :‬التّطبيق الصّرفي‪ ،‬دار النّهضة العربيّة‪ ،‬بيروت ‪ ،1910‬ص ‪.1‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪03‬‬
‫وعمليات‬ ‫الدراسة‬ ‫ِ‬
‫بقصد تسهيل ّ‬ ‫قد يحدث ذلك‬
‫طبيعي‪ ،‬واّنما ْ‬ ‫أمر غير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫اللغة المختلفة ٌ‬

‫غير"‪.٠‬‬
‫التّحليل اللّغوي ال َ‬

‫در ُس الجملةُ فيها دراسةً‬


‫حويةَ تكون ناقصةً مبتورةً إذا ْلم تُ َ‬
‫الن ّ‬
‫الدراسةَ ّ‬ ‫وهكذا‪َّ ،‬‬
‫فإن ّ‬

‫ِ‬
‫الكلمات في الجمل‪ .‬ومث ُل هذه‬ ‫بين‬ ‫ِ‬ ‫من شأنِها أن‬
‫تكشف عن العالقات َ‬
‫َ‬ ‫متعمق ًة‪ْ ،‬‬
‫ّ‬

‫السياق‪ ،‬أو كما اصطلح علماء‬ ‫تهدف إلى ٍ‬


‫أعمق للكلمات والجمل و ّ‬
‫َ‬ ‫فهم‬ ‫ُ‬ ‫الدراسات ّإنما‬
‫ّ‬

‫السعران "فرع من فروع‬


‫عرفه الدكتور محمود ّ‬
‫الداللة"‪ ،‬وهو كما ّ‬
‫اللغة على تسميته "علم ّ‬

‫القاموسية"‪.٢‬‬
‫ّ‬ ‫حوية‪ ،‬و‬
‫الن ّ‬
‫الفونولوجية‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫وتية‪ ،‬و‬
‫الص ّ‬
‫ّ‬
‫‪٢‬‬
‫الدراسات‬
‫علم اللغة‪ ،‬وغاية ّ‬

‫الفعلية‬
‫ّ‬ ‫االسمية والجملة‬
‫ّ‬ ‫الجملة‬

‫بين‬ ‫جمل ِ‬‫ِ‬ ‫قب َل أن يبدأ الباحث بدر ِ‬


‫نحويةً‪ ،‬وتقسيم جملها َ‬
‫ّ‬ ‫آيات الميراث دراسةً‬ ‫اسة‬ ‫ْ‬

‫حد َد‬
‫أن ُي ّ‬ ‫عينهُ على فهم دالالت اآليات‪َّ ،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫اسمي ٍة‬
‫من واجبه ْ‬
‫فإن ْ‬ ‫أن تُ َ‬
‫وفعلية من شأنها ْ‬ ‫ّ‬

‫تباينا في آراء‬
‫ثمةَ ً‬ ‫سيما َّ‬
‫أن َّ‬ ‫النحويةَ التي سيتّبعها في تقسيم الجمل‪ ،‬ال ّ‬
‫اللغويةَ و ّ‬
‫ّ‬ ‫المعاي َير‬

‫النحويين في تقسيمهم للجملة‪.‬‬


‫ّ‬

‫اسمي ٍة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫جملة‬ ‫اإلسنادية‪ -‬إلى‬
‫ّ‬ ‫النحويون على تقسيم الجملة – حسب أركانها‬
‫لقد درَج ّ‬
‫ْ‬

‫رطية‪ ،‬والجملة‬
‫الزمخشري أضاف إلى هاتين الجملتين‪ ،‬الجملةَ ال ّش ّ‬
‫أن ّ‬‫فعلية‪ .‬غير َّ‬
‫وأخرى ّ‬

‫د‪ .‬حلمي خليل‪ :‬مق ّدمة لدراسة علم اللغة‪ ،‬دار المعرفة الجامعيّة‪2444 ،‬م‪ ،‬ص ‪.141‬‬ ‫‪.1‬‬
‫وردت في األصل خطأ " درايات"‪.‬‬‫ْ‬ ‫‪.2‬‬
‫د‪ .‬محمود السعران‪ :‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬دار النّهضة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪.241‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪00‬‬
‫وفعلية‪ ،‬وُيخرُج ُك ًّال من ال ّش ّ‬
‫رطية‬ ‫ّ‬ ‫اسمية‬
‫ّ‬ ‫رفية‪" .٠‬أما ابن يعيش‪ ،‬فيراها اثنتين فقط‪:‬‬
‫الظّ ّ‬

‫الفعلية"‪.٢‬‬
‫ّ‬ ‫من التّأويل في باب‬ ‫ٍ‬
‫بكثير َ‬ ‫الظرفية من جدول األنواع‪ُ ،‬مدخالً إياهما‬
‫و ّ‬
‫ينقده قائالً‪" :‬واعلم ّأنه قسم الجملةَ إلى أر ِ‬
‫بعة‬ ‫ثم ُ‬ ‫الزمخشري‪َّ ،‬‬
‫أي أستاذه ّ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ابن يعيش ر َ‬
‫ويورد ُ‬
‫ُ‬

‫لفظية‪ ،‬وهي في‬


‫علي وهي قسمة ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫وشرطي ٍة‬ ‫اسمي ٍة‬
‫فعلي ٍة و ّ‬
‫وظرفية‪ ،‬وهذه قسمة أبي ّ‬ ‫ّ‬ ‫أقسام‪ّ :‬‬

‫فعلي ِ‬
‫تين‪:‬‬ ‫ِ‬
‫جملتين ّ‬ ‫رطية في التّحقيق مرّكبةٌ من‬ ‫اسمية َّ‬
‫ألن ال ّش ّ‬ ‫فعلية و ّ‬
‫الحقيقة ضربان‪ّ :‬‬

‫"استقر" وهو فعل‬


‫ّ‬ ‫اء فع ٌل وفاع ٌل والظّرف في الحقيقة للخبر هو‬
‫ال ّشرط فع ٌل وفاع ٌل والجز ُ‬
‫‪٢‬‬
‫أقم‬
‫يقم ْ‬
‫إن ْ‬
‫يد ْ‬
‫رطية فنحو قولك‪" :‬ز ٌ‬
‫أما الجملة الثالثة وهي ال ّش ّ‬
‫ثم ُيضيف‪" :‬و ّ‬
‫وفاعل" ‪َّ .‬‬

‫أن‬
‫الفعلية ْ‬
‫ّ‬ ‫الفعلية وكان األص ُل في الجملة‬
‫ّ‬ ‫من أنواع الجمل‬
‫معه" فهذه الجملة وا ْن كانت ْ‬

‫َّ‬
‫يستقل الفع ُل بفاعله نحو قام زيد‪ ،‬إال ّأنه دخ َل ههنا حرف ال ّشرط (فـ) ربطَ ك ّل جملة من‬

‫أن يعود على المبتدأ منها‬


‫ال ّشرط والجزاء باألخرى حتّى صارتا كالجملة الواحدة جاز ْ‬

‫يعد‬
‫ك عمرو‪ ،‬فالهاء في تكرمه عائدة إلى زيد ولم ْ‬
‫إن تُكرمه يشكر َ‬
‫يد ْ‬
‫احد نحو‪ :‬ز ٌ‬
‫عائد و ٌ‬
‫ٌ‬

‫من الجزاء ذكر"‪.4‬‬


‫َ‬

‫الفعلي ِة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫الجملة‬ ‫من ِ‬
‫قبيل‬ ‫رطيةَ ْ‬ ‫الجمل ثالثةَ أقسام‪ُّ ،‬‬
‫ويعد الجملةَ ال ّش ّ‬ ‫َ‬ ‫فيقسم‬
‫ابن هشام ّ‬
‫أما ُ‬
‫ّ‬
‫من ِ‬
‫قبيل الجملة‬ ‫اب ّأنها ْ‬
‫الصو ُ‬
‫رطي َة‪ ،‬و ّ‬
‫الزمخشري وغيره الجملةَ ال ّش ّ‬
‫حيث يقول‪" :‬وزاد ّ‬

‫ِ‬
‫صدر الجملة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫األقسام الثالثة هو ما يقعُ في‬ ‫ابن هشام المائز بين‬ ‫‪7‬‬
‫جعل ُ‬
‫وقد َ‬
‫الفعلية" ‪ْ .‬‬
‫ّ‬

‫انظر‪ :‬البحث النحوي عند األصوليين‪ ،‬د‪ .‬مصطفى جمال الدين‪ ،‬دار الرّشيد للنّشر‪ ،‬العراق ‪ ،1924‬ص ‪.202 -201‬‬ ‫‪.1‬‬
‫وانظر‪ :‬ال ّشرط في القرآن على نهج اللسانيّات الوصفيّة‪ ،‬د‪ .‬عبد السالم المسدي‪ -‬د‪ .‬محمد الهادي الطرابلسي‪ ،‬الدار العربيّة للكتاب‪،‬‬
‫ليبيا‪-‬تونس ‪ ،1925‬ص ‪.19‬‬
‫د‪ .‬عبد السالم المسدي‪ -‬د‪ .‬محمد الهادي الطرابلسي‪ :‬ال ّشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفيّة‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن يعيش‪ :‬شرح المفصل‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.22‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ابن يعيش‪ :‬شرح المفصّل‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.29‬‬ ‫‪.0‬‬
‫ابن هشام‪ :‬مغني اللبيب‪ ،‬تحقيق المبارك وحمد هللا‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الفكر‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ‪.021‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪05‬‬
‫وقائم‬
‫ٌ‬ ‫قائم‪ ،‬وهيهات العقيق‪،‬‬
‫يد ٌ‬ ‫اسم كـ ز ٌ‬
‫صدرها ٌ‬
‫ُ‬ ‫"فاالسمية هي التي‬
‫ّ‬ ‫‪.٠‬‬

‫الزيدان"‪.‬‬
‫ّ‬

‫يد‬
‫وضرب اللّص‪ ،‬وكان ز ٌ‬
‫َ‬ ‫درها فع ٌل‪ ،‬كقام زيد‪،‬‬
‫الفعليةٌ هي التي ص ُ‬
‫‪" .٢‬و ّ‬

‫جعل الجمل َة‬


‫ابن هشام‪َ ،‬‬
‫أن َ‬‫وقم"‪.‬ونالحظُ َّ‬
‫يد‪ْ ،‬‬
‫قائما‪ ،‬ويقوم ز ٌ‬
‫قائما‪ ،‬وظننتُهُ ً‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫ناقص‪ ،‬جملة فعلية‪.‬‬ ‫التي تبدأُ ٍ‬
‫بفعل‬

‫الدار‬
‫ك زيد؟ أو في ّ‬ ‫ٍ‬
‫مجرور نحو‪ :‬أعند َ‬ ‫ٍ‬
‫بظرف أو‬ ‫ص َّد َرةُ‬
‫الم َ‬
‫رفية هي ُ‬
‫‪" .٢‬والظّ ّ‬

‫يدا فاعالً بالظّ ِ‬


‫رف والجار والمجرور‪ ،‬ال باالستقرار‬ ‫رت ز ً‬
‫قد َ‬
‫زيد؟ إذا ّ‬

‫المحذوف‪ ،‬وال مبتدأ مخب اًر عنه بهما"‪.٠‬‬

‫أن الظَّ َ‬
‫رف‬ ‫ك َّ‬
‫قسما ثالثاً؛ ذل َ‬
‫الظرفية ً‬
‫ّ‬ ‫اعتبار الجملة‬
‫َ‬ ‫المحدثين‬
‫َ‬ ‫الباحثين‬
‫َ‬ ‫بعض‬
‫ُ‬ ‫وقد أنكر‬
‫ْ‬

‫معتمدا على‬
‫ً‬ ‫متضمناً معنى الفعل بحيث ينزل منزلته‪ ،‬سواء كان الظرف‬
‫ِّ‬ ‫يكون‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫إما ْ‬

‫الكوفيون‪َّ ،‬‬
‫فإن الجملة‬ ‫ّ‬ ‫ط البصرّيون‪ -‬أم غير معتمد‪ ،‬كما يرى‬
‫نفي أو استفهام‪ -‬كما اشتر َ‬
‫ٍ‬

‫متضمًنا‬
‫ِّ‬ ‫أن يكون الظّرف غير معتمد‪ ،‬وال‬
‫الفعلية‪ .‬وا ّما ْ‬
‫ّ‬ ‫رفية تكون من قبيل الجملة‬
‫الظّ ّ‬

‫تأخ َر فيها المبتدأ‪ ،‬وأُخبِ َر عنه بالظّرف‬


‫االسمية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫من قبيل الجملة‬
‫معنى الفعل‪ ،‬فهي ْ‬

‫أو الجار والمجرور‪.٢‬‬

‫ابن هشام‪ :‬مغني اللبيب ‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.021 -024‬‬ ‫‪.1‬‬


‫د‪ .‬مهدي المخزومي‪ :‬في النّحو العربي نقد وتوجيه‪ ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪04‬‬
‫الظرفية ّإنما هي‬
‫ّ‬ ‫رجحه‪َّ ،‬‬
‫ألن الجملةَ‬ ‫الرأي‪ ،‬وي ّ‬
‫الباحث يمي ُل إلى هذا ّ‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫والواقع‪ّ ،‬‬

‫الفعلية‬
‫ّ‬ ‫ليست جملةً قائمةً بذاتها‪ ،‬بل هي شبه جملة‪ ،‬أو جزء من الجملة‬
‫ْ‬

‫ك تندرُج في إطارهما‪.‬‬
‫االسمية‪ ،‬ولذل َ‬
‫ّ‬ ‫أو‬

‫وية آليات الميراث‪ ،‬وفي مجال تقسيم‬


‫النح ّ‬
‫الدراسة ّ‬
‫فإنني في مجال ّ‬
‫ولذلك‪ّ ،‬‬

‫الفعلية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫االسمية أو‬
‫ّ‬ ‫رفية في إطار الجملة‬
‫الجمل ودراستها‪ ،‬سأُ ْدرُج الجملةَ الظّ ّ‬

‫رفية‪ .‬وهكذا‪َّ ،‬‬


‫فإن قوله‬ ‫السياق‪ ،‬وليس في إطار الجملة الظّ ّ‬ ‫ِ‬
‫بحسب ما يقتضيه ّ‬

‫ترك‬
‫نصيب مما َ‬
‫ٌ‬ ‫(للرجال‬
‫تعالى‪ -‬على سبيل المثال‪ -‬في إحدى آيات الميراث ّ‬

‫كثر‬ ‫َّ‬
‫ك الوالدان واألقربون مما قل منه أو َ‬
‫وللنساء نصيب مما تر َ‬
‫الوالدان واألقربون ّ‬

‫تقد َم خبرها‪ ،‬أو تعلَّ َق‬


‫االسمية التي َّ‬
‫ّ‬ ‫مفروضا)‪ّ ٠‬إنما يندرج في باب الجملة‬
‫ً‬ ‫نصيبا‬
‫ً‬

‫رفية‪.‬‬ ‫مقدٍم على المبتدأ‪ ،‬وليس ْ‬


‫من قبيل الجملة الظّ ّ‬ ‫بخبر َّ‬
‫الظّرف فيها ٍ‬

‫رطية إلى ما‬


‫الحكم على الجملة ال ّش ّ‬
‫َ‬ ‫وترك‬
‫َ‬ ‫فية‪،‬‬
‫باحث الجملة الظّر ّ‬
‫استبعد ال ُ‬
‫َ‬ ‫واذا‬

‫مستقرة‪ ،‬بقي القسمان ال ّشائعان في تقسيم الجملة إلى‬


‫ّ‬ ‫سيبحثه في داللتها بصورٍة‬

‫السابق للتّمييز بين الجمل‬


‫النحوي ّ‬
‫األساس ّ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫وفعلية‪ ،‬غير َّأنهُ ُي َ‬
‫الحظُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫اسمي ٍة‬
‫ّ‬

‫شكلي ال عالقةَ له بالمدلول التّركيبي؛ فالجملة‬


‫ّ‬ ‫الفعلية أساس‬
‫ّ‬ ‫االسمية والجمل‬
‫ّ‬

‫فعلية‪.‬‬ ‫َّ‬
‫المصدرة بالفعل‪ّ :‬‬ ‫اسمية‪ ،‬والجملة‬
‫المصدرة باالسم‪ّ :‬‬
‫ّ‬

‫أجاز ذلك‬
‫وقد بنى البصرّيون على ذلك عدم جواز تقديم الفاعل على فعله‪ ،‬و َ‬
‫ْ‬

‫ويسمونها‬
‫ّ‬ ‫اسمية عند البصريين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫طلَ َع) جملة‬
‫فجملة مثل (البدر َ‬ ‫الكوفيون؛‬
‫ّ‬

‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.1‬‬ ‫‪-1‬‬


‫‪01‬‬
‫الصغرى)الم ّكونة من‬
‫مكونة من مبتدأ هو البدر‪ ،‬وخبر هو (الجملة ّ‬
‫(كبرى) ّ‬

‫الضمير المستتر العائد على البدر‪ ،‬أما عند الكوفيين‪ ،‬فهي‬


‫الفعل (طلع) وفاعلها ّ‬

‫تقد َم فاعلها‪.‬‬
‫فعلية ّ‬
‫جملة ّ‬

‫يتبنى رأي إحدى المدرستين‪ ،‬البصرّية أو‬


‫أن ّ‬ ‫يب َّ‬
‫أن على الباحث ْ‬ ‫وال ر َ‬

‫حوي َة‪ ،‬حتّى تكون‬


‫الن ّ‬
‫ليحدد المعيار الذي سيتّبعه أثناء دراسته الجملةَ ّ‬
‫ّ‬ ‫الكوفية‪،‬‬
‫ّ‬

‫من هذين‬
‫تبني رأي ْ‬ ‫من ِ‬
‫شأن ّ‬ ‫دراسته دقيقة‪ ،‬واضحة المعالم واألهداف‪َّ .‬‬
‫فإن ْ‬

‫حوية التي‬
‫الن ّ‬
‫الدراسة ّ‬ ‫ك َّ‬
‫ألن ّ‬ ‫السياق‪ ،‬ذل َ‬
‫عين على فهم دالالت ّ‬
‫أن ُي َ‬
‫الرأيين‪ْ ،‬‬
‫ّ‬

‫لغوي ٍة جوفاء‪ّ ،‬إنما الغاية دراسة الدالالت التّ ّ‬


‫ركيبية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أشكال ّ‬ ‫ليست دراسةَ‬
‫ْ‬ ‫نبتغيها‪،‬‬

‫الرأيين‪ ،‬وأزعم َّ‬


‫أن جملةً مثل (البدر طَلَ َع)‬ ‫ٍ‬
‫أي سواء بين ّ‬
‫والواقع‪ّ ،‬أنني أميل إلى ر ٍ‬

‫الصريحة‪ -‬كما يرى البصرّيون‪ ،-‬وال في‬


‫االسمية ّ‬
‫ّ‬ ‫ال تندرج في إطار الجملة‬

‫أن َّ‬
‫نعدها كما أسماها‬ ‫الكوفيون‪ ،-‬إنما يمكن ْ‬
‫ّ‬ ‫الفعلية‪ -‬كما يشير‬
‫ّ‬ ‫إطار الجملة‬

‫الدليل اللفظي‪ ،‬الجملة المزدوجة‪،‬‬


‫المتأخرين في كتاب مباحث ّ‬
‫ّ‬ ‫بعض األصوليين‬

‫فعلية‪.٠‬‬
‫اسمية‪ ،‬وأخرى ّ‬
‫التي هي مرّكبة من جملة ّ‬

‫الدالالت التي تحويها‬


‫معتمدا على ال ّشكل فحسب‪ّ ،‬إنما على ّ‬
‫ً‬ ‫الرأي‪،‬‬
‫ولم أتّخ ْذ هذا ّ‬
‫ْ‬

‫مثل هذه التّراكيب‪.‬‬

‫يد منطلق) و(ينطلق زيد) و‬


‫ثم َة اختالفًا في المعنى بين قولنا (ز ٌ‬ ‫فال َّ‬
‫شك َّ‬
‫أن ّ‬

‫(منطلق زيد)‪ ،‬وهذا ما أشار إليه عبد القاهر الجرجاني في كتابه دالئل اإلعجاز‬

‫انظر‪ :‬البحث النّحوي عند األصوليين‪ :‬د‪ .‬مصطفى جمال ال ّدين‪ ،‬ص ‪.251‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪02‬‬
‫كل ٍ‬
‫باب‬ ‫أن ينظر في وجوِه ِّ‬
‫الناظم بنظمه غير ْ‬
‫شيئا يبتغيه ّ‬
‫حيث يقول‪" :‬وال نعلم ً‬

‫يد منطلق‪ ،‬ومنطلق‬


‫وفروقه‪ ،‬فينظر في الخبر إلى الوجوه التي تراها في قولك‪ :‬ز ٌ‬

‫زيد‪ ،‬وينطلق زيد‪ ،‬ومنطلق زيد‪ ،‬وزيد المنطلق‪ ،‬والمنطلق زيد‪ ،‬وزيد هو المنطلق‪.‬‬

‫رجت‬
‫إن تخرْج أخرْج‪ .‬وا ْن خ َ‬
‫وفي ال ّشرط والجزاء إلى الوجوه التي تراها في قولك‪ْ :‬‬

‫خرجت خارج‪.٠"...‬‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫إن خرجت‪ .‬وأنا ْ‬
‫خرجت‪ .‬وا ْن تخرْج فأنا خارج‪ .‬وأنا خارج ْ‬

‫مسن ًدا إلى زمن‪،‬‬


‫تعبر عن الحدث َ‬
‫الفعلية‪ -‬كما يرى فندريس‪ّ "-‬‬
‫ّ‬ ‫كانت الجملة‬
‫ْ‬ ‫فإذا‬

‫منسوبا إلى فاعل‪َّ ،‬‬


‫موجهًا إلى مفعول‪ ،‬إذا لزم‬ ‫ً‬ ‫مدة استغراقه‬
‫منظور إليه باعتبار ّ‬
‫ًا‬

‫تعبر عن نسبة صفة إلى شيء"‪ ،٢‬فيرى الباحث َّ‬


‫أن‬ ‫سمية ّ‬
‫األمر‪ ...‬والجملة اال ّ‬

‫فإنها في‬
‫االسمية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الفعلية والجملة‬
‫ّ‬ ‫معنى َّ‬
‫مركًبا من الجملة‬ ‫الجملة المزدوجة تحم ُل ً‬

‫تعبر فيه عن حكم بـِ (اتّحاد) الموضوع والمحمول‪ -‬المبتدأ والخبر‪-‬‬


‫الوقت الذي ّ‬

‫فإنها في الوقت نفسه‪ ،‬تحكي عن وقوع (حدث) منسوب‬


‫في الخارج واتّصافه به‪ّ ،‬‬

‫إلى محدث‪.‬‬

‫سيعمد إلى تقسيم‬


‫ُ‬ ‫نحوية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫فإن الباحث أثناء دراسته آيات الميراث دراسةً‬
‫ك‪ّ ،‬‬‫ولذل َ‬

‫رطية‪ ،‬ثالثةَ أقسام‪:‬‬


‫الجملة‪ ،‬إضافةً إلى الجملة ال ّش ّ‬

‫االسمية مثل (البدر طالع)‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ .٠‬الجملة‬

‫الفعلية مثل (طلع البدر)‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ .٢‬الجملة‬

‫عبد القاهر الجرجاني‪ :‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬القاهرة ‪ 321‬هـ‪ ،‬ص ‪.45 -40‬‬ ‫‪.1‬‬
‫فندريس‪ :‬اللغة‪ ،‬ص ‪.143-142‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪09‬‬
‫من‬ ‫ذلك َّ‬
‫ألن هذه الجملة مرّكبة ْ‬ ‫‪ .٢‬الجملة المزدوجة مثل (البدر طلع)‪َ ،‬‬

‫جملتين‪ :‬جملة صغرى تقع محموالً داخل الجملة الكبرى على ِّ‬
‫حد قولنا‬

‫في ْذكر بعده‬


‫يتأخر عن الفعل‪ُ ،‬‬
‫أن ّ‬ ‫أن الفاعل ال ُب َّد له ْ‬
‫(زيد أبوه قائم) ذلك َّ‬

‫ٍ‬
‫بضمير يرجع إلى ما قبله فـ (البدر طَلَ َع) تعني (البدر طََلعَ‬ ‫يحا أو‬
‫إما صر ً‬
‫ّ‬

‫فعلية‪.٠‬‬
‫هو) فيكون الخبر جملة ّ‬

‫رطية‪:‬‬
‫ش ّ‬ ‫الجملة ال ّ‬

‫ال ّشرط في اللغة‪" :‬إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه"‪ ،٢‬و"ال ّشرط بفتح ال ّشين‬

‫الساعة‬ ‫الراء العالمة واإلمارة‪َّ ،‬‬


‫فكأن وجود ال ّشرط عالمة لوجود جوابه‪ ،‬ومنه أشراط ّ‬ ‫وّ‬
‫‪٢‬‬
‫أن تأتيهم بغتةً فقد جاء‬
‫الساعة ْ‬
‫ّ‬ ‫إلى‬ ‫ينظرون‬ ‫(فهل‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قال‬ ‫‪.‬‬ ‫أي عالماتها"‬

‫فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم)‪.4‬‬


‫أشراطها ّ‬

‫ِ‬
‫أساليب‬ ‫أسلوب من‬
‫ٌ‬ ‫أما الجزاء فهو المكافأة على الشيء‪ ،‬وهو في االصطالح‬

‫سيبويه ومن تابعه(الجزاء) م ْدخالً ِ‬


‫ض ْمَنه‬ ‫ِ‬ ‫أطلق عليه‬
‫َ‬ ‫عجب‪ ،‬والقَ َس ُم‬ ‫ِ‬
‫االستفهام والتّ ّ‬
‫ُ‬

‫جملتي ال ّشرط والجواب‪..7‬‬

‫وفعلية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اسمية‬
‫ّ‬ ‫اإلسنادية إلى‬
‫ّ‬ ‫قسموا الجملة بحسب أطرافها‬
‫النحويين ّ‬
‫أن ّ‬‫ذكرنا َّ‬

‫رطية‪ ،‬على‬
‫قسما ثالثًا هو‪ :‬الجملة ال ّش ّ‬
‫الزمخشري وتابعوه‪ ،‬فأضافوا ً‬
‫وخالفهم في ذلك ّ‬

‫د‪ .‬مصطفى جمال ال ّدين‪ :‬البحث النّحوي عند األصوليين‪ ،‬ص ‪.251‬‬ ‫‪.1‬‬
‫لسان العرب‪ :‬ما ّدة (شرط)‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن يعيش‪ :‬شرح المفصّل‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.01‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة محمد‪ ،‬اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.0‬‬
‫سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.031‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪54‬‬
‫رطية ال‬
‫الفعليةَ يكتفى فيهما بالمسند والمسند إليه‪ ،‬والجملة ال ّش ّ‬
‫االسميةَ و ّ‬
‫ّ‬ ‫أساس َّ‬
‫أن‬

‫يكتفى فيها بهما‪ ،‬بل تحتاج إلى جملتين‪.‬‬

‫بناء على َّ‬


‫أن‬ ‫ك ً‬ ‫الفعلية‪ .‬وذل َ‬
‫ّ‬ ‫من قبيل الجملة‬
‫وعدوها ْ‬
‫وغيره ذلك ّ‬
‫ابن هشام ُ‬
‫رد ُ‬‫وقد َّ‬
‫ْ‬

‫َّد ِر المسند أو‬


‫األساس عندهم في تقسيم الجمل هو ما يقعُ في صدرها "والمراد بالص ْ‬

‫تقد َم عليها من الحروف‪ ،‬وعلى هذا‪ ،‬فإ َّن جملة ْ‬


‫(إن قام زيد‬ ‫المسند إليه وال عبرة بما ّ‬

‫ألن صدرها فعل والحرف ال أثر له"‪.٠‬‬


‫فعلية َّ‬
‫(قد قام زيد) ّ‬
‫قمت) كجملة ْ‬

‫حيث دالالتُها‪،‬‬
‫من ُ‬‫من حيث شكلُها‪ ،‬وليس ْ‬ ‫ويبدو لي َّ‬
‫أن رأي ابن هشام ُيحلّل الجمل ْ‬

‫الداللة‪.‬‬
‫النحوي وغيره من المستويات إال لخدمة مستوى ّ‬
‫وما غاية دراسة المستوى ّ‬

‫ومجمل األمر‪ ،‬أن النحاة في هذه القضية اختلفوا من وجهين‪:‬‬

‫الصدد كانوا‬
‫نحوية واحدة‪ ،‬أم جملتان؟‪ .‬وفي هذا ّ‬
‫ّ‬ ‫الشرطي جملة‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬هل التّركيب‬

‫قد قارب اإلحساس‬ ‫َّ‬


‫ولعل ابن يعيش ْ‬ ‫القضية دونما استقرار‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يحومون حول جوهر‬

‫يتجز إال شيء يسير‪ ،‬حيث يقول‪" :‬وتدخل (إن) على جملتين‬ ‫ط ٌّ‬
‫كل ال ّأ‬ ‫الواضح َّ‬
‫بأن ال ّشر َ‬

‫إن تأتني آتك واألصل‪ :‬تأتيني‬


‫وتصيرهما كالجملة نحو قولك‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فتربط إحداهما باألخرى‬

‫وسكت ال يكون‬
‫ّ‬ ‫إن تأتني‬
‫عقدت إحداهما باألخرى حتى لو قلت ْ‬
‫ْ‬ ‫إن‬
‫دخلت ْ‬
‫ْ‬ ‫فلما‬
‫آتيك‪ّ ،‬‬

‫كالما حتّى تأتي بالجملة األخرى"‪.٢‬‬


‫ً‬

‫ابن هشام‪ :‬مغني اللبيب‪ ،‬ج‪ /2‬ص ‪.021‬‬ ‫‪.1‬‬


‫انظر‪ :‬الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفيّة‪ ،‬ص ‪.21-24‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪51‬‬
‫الرئيسيين؟ وهكذا‬
‫الصنفين ّ‬
‫رطية نوعٌ بذاته‪ ،‬أو إ ّنه يلحق بأحد ّ‬
‫ش ّ‬ ‫‪ -٢‬هل الجملة ال ّ‬

‫وتقيدهم بهيكل التصنيف الثّنائي للجمل إلى الغفلة عن‬


‫انتهت بهم نظرتهم التّفكيكية ّ‬
‫ْ‬

‫الداخل‪ ،‬وانشغلوا بقضايا ال ّشكل‪ ،‬وأبرزها التّقدير‬


‫خصائص التّركيب ال ّشرطي من ّ‬

‫اإلعرابي والبحث عن العام في جواب ال ّشرط‪ ،‬وهذا ما يحاول بعض المحدثين تداركه‬

‫يتجزأ؛ فمهدي المخزومي يؤ ّكد على َّ‬


‫أن‬ ‫أن التّركيب ال ّشرطي ٌّ‬
‫كل ال ّ‬ ‫باإللحاح على َّ‬
‫ّ‬
‫جملتي ال ّشرط جملة واحدة وتعبير ال يقبل االنشطار َّ‬
‫ألن الجزءين المعقولين فيهما‬

‫اللغوي‪ ،‬بينما‬
‫ّ‬ ‫النظر‬
‫ولكنه يقصر هذا االعتبار على ّ‬
‫معا عن فكرة واحدة‪ّ ،‬‬
‫يعبران ً‬
‫ّإنما ّ‬

‫المنطقي وفي ذلك‬


‫ّ‬ ‫العقلي والتّحليل‬
‫ّ‬ ‫بالنظر‬
‫يبقي على اعتبار جملة ال ّشرط جملتين ّ‬

‫من المزج ما ال يخفى‪.٠‬‬

‫العضوية في التّركيب‬
‫ّ‬ ‫النصوص فقد أبرزوا هذه اللّحمة‬
‫النحو من خالل ّ‬
‫أما مؤلّفو ّ‬
‫ّ‬

‫رطية بأنها "جملة مرّكبة تشتمل على جملتين‬


‫عرفوا الجملة ال ّش ّ‬
‫رطي بجالء؛ إ ْذ ّ‬
‫ال ّش ّ‬

‫يتم معنى أوالهما إال بالثّانية"‪.٢‬‬


‫متالزمتين مسبوقتين بأداة شرط ال ّ‬

‫من جزءين؛ ال ّشرط‪ ،‬والجواب‬


‫تتكون ْ‬ ‫الراجحي َّ‬
‫أن جملة ال ّشرط ّ‬ ‫الدكتور عبده ّ‬
‫ويرى ّ‬

‫اسما‪،‬‬
‫وقد تكون ً‬
‫قد تكون حرفًا‪ْ ،‬‬
‫شرطية‪ ،‬وهذه الكلمة ْ‬
‫ّ‬ ‫أو الجزاء‪ ،‬تربطُ بينهما كلمة‬

‫نحدد العالقة بين جزءي الجملة‪ ،‬إ ْذ َّ‬


‫إن ذلك يساعدنا‬ ‫أن ّ‬ ‫المهم ًّ‬
‫جدا ْ‬ ‫ّ‬ ‫ويرى ّأنه من‬

‫أن "العالقة بينهما ِعلَّّية‪،‬‬


‫الراجحي‪َّ -‬‬
‫على تحديد جملة ال ّشرط‪ .‬واألغلب‪ -‬كما يقول ّ‬

‫متضمن في ال ّشرط‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫"تضمن"؛ أي َّ‬
‫أن الجوب‬ ‫ّ‬ ‫ط علّةُ الجواب‪ ،‬أو عالقة‬ ‫أي َّ‬
‫أن ال ّشر َ‬

‫انظر‪ :‬الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفيّة‪ ،‬ص ‪.21-24‬‬ ‫‪.1‬‬
‫انظر‪ :‬الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفيّة‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪52‬‬
‫"العلية" هي‬
‫ّ‬ ‫أن فكرة‬
‫أو عالقة "تعليق" أي الجواب معلّق على ال ّشرط‪ ،‬ومن الواضح ّ‬

‫األصل في ذلك كلّه"‪.٠‬‬

‫االسمية‬
‫ّ‬ ‫رطية قسماً مستقالً عن‬ ‫الرأي الذي ُّ‬
‫يعد الجملة ال ّش ّ‬ ‫الباحث إلى ّ‬
‫ُ‬ ‫ويميل‬

‫الفعلية‪ ،‬ذلك َّ‬


‫أن التّمايز بين األقسام ليس في ما يقع في صدر الجملة‪ ،‬فهذا أمر‬ ‫و ّ‬

‫يؤديه هذا‬
‫يوضح حقيقة األقسام‪ ،‬بل التّمايز في وظيفة تركيب الجملة وما ّ‬
‫ّ‬ ‫شكلي ال‬
‫ٌّ‬

‫وقد عرفنا في ما مضى‪َّ -‬‬


‫أن تركيب‬ ‫بالنسبة)‪ْ ،‬‬
‫نحوي هو(الحكم ّ‬
‫ّ‬ ‫التّركيب من معنى‬

‫االسمية َّ‬
‫يعبر به عن (اتّحاد) بين شيئين في الخارج كانا في ال ّذهن متغايرين‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫ّ‬

‫الصفات‪ ،‬أو الكنايات‪.‬‬


‫أن يكونا من فصيلة األسماء‪ ،‬أو ّ‬
‫المسند والمسند إليه‪ ،‬على ْ‬

‫الفعلية ما يعبر عنه عن (حدث) منسوب إلى (محدث) سواء كان‬


‫ّ‬ ‫و َّ‬
‫أن تركيب الجملة‬

‫متخيل الوقوع كالمستقبل‪ ،‬أو‬


‫ّ‬ ‫اقعا في الخارج‪ ،‬كالماضي والحاضر أم‬
‫هذا الحدث و ً‬

‫مطلوب الوقوع كاألمر‪.‬‬

‫منسوبا إلى‬
‫ً‬ ‫أن يكون صدره فعالً‬ ‫ولكن الحقيقة َّ‬
‫أن التّركيب ال ّشرطي‪ ،‬وان اشترط ْ‬ ‫ّ‬

‫يتضمنه‬
‫ّ‬ ‫يتضمنه فعل ال ّشرط‪ ،‬بل ما‬
‫ّ‬ ‫فاعل‪ ،‬إال َّ‬
‫أن (الحكم) في هذا التّركيب ليس ما‬

‫وقد‬
‫فعلية‪ْ ،‬‬
‫وقد يكون جملة ّ‬
‫اسمية ْ‬
‫ّ‬ ‫جزاؤه المعلَّق على شرطه وهو ْ‬
‫قد يكون جملة‬

‫أما فعل ال ّشرط فهو توطئة وقيد هذا الحكم‪ ،‬ولذلك جعل‬
‫إنشاء‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫وقد يكون‬
‫خبر ْ‬
‫يكون ًا‬

‫الرضي جملة ال ّشرط جملة‪ ،‬وجملة الجزاء كالماً َّ‬


‫ألن الشرط قيد في الجزاء‪.‬‬

‫د‪ .‬عبده الرّاجحي‪ ،‬التّطببق النّحوي‪ ،‬ص ‪.342‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪53‬‬
‫شرطي هو تعليق الحكم الذي‬
‫ّ‬ ‫الغرض من التّركيب الّ‬
‫َ‬ ‫نعرف َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ك كلِّه‬
‫من ذل َ‬

‫تضمنه ال ّشرط‪ ،‬وليس هو ربط الحدث بمحدثه في فعل‬


‫ّ‬ ‫يتضمنه الجزاء بالحكم الذي‬
‫ّ‬

‫النسبة‬
‫رطية إ ًذا تختلف في طبيعتها عن ّ‬
‫فالنسبة التّامة ال ّش ّ‬
‫فعلية ّ‬
‫ال ّشرط لتكون الجملة ّ‬

‫ألنها ليست نسبة بين مسند ومسند إليه‪،‬‬


‫الفعلية‪ّ ،‬‬
‫االسمية و ّ‬
‫ّ‬ ‫التّامة في ٍّ‬
‫كل من الجمل‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫تركيب‬ ‫من‬
‫ليكونا جزءين ْ‬ ‫بل هي نسبة بين تركيبين كانا مستقلَّين‪َّ ،‬‬
‫ثم فقدا استقاللهما ّ‬

‫األول عن المعلّق عليه‪ ،‬والثّاني عن المعلّق‪.٠‬‬ ‫ٍ‬


‫يعب ُر فيه ّ‬
‫جديد ّ‬

‫(إن قام زيد قمت) فليست وظيفتها كوظيفة األدوات في‬


‫أما أداة ال ّشرط في جملة ْ‬
‫ّ‬

‫ك َّ‬
‫ألن هذه‬ ‫النحاة‪ ،‬ذل َ‬
‫ب بعض ّ‬ ‫ِ‬
‫(قد قام زيد) و(ما قام زيد) و(هل قام زيد؟) كما َحس َ‬
‫ْ‬

‫امة بين القيام‬


‫النسبة التّ ّ‬ ‫خاص ٍة‪ْ -‬لم تت ّ‬
‫دخ ْل في تغيير ّ‬ ‫ّ‬ ‫األدوات‪ -‬بما لها من ٍ‬
‫نسب‬

‫فإنها ذات أثر في تغيير‬


‫أما أداة ال ّشرط ّ‬
‫مستفهما عنها‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫منفية‪ ،‬أو‬
‫وزيد؛ محققة‪ ،‬أو ّ‬

‫امة لجملتيها بحيث أفقدتهما استقاللهما وما يترتّب على تماميتهما من‬
‫النسبة التّ ّ‬
‫ّ‬

‫يقية جديدة‪.٢‬‬ ‫ٍ‬


‫لنسبة تعل ّ‬ ‫رت كالًّ منهما طرفًا‬ ‫َّ‬
‫وصي ْ‬ ‫السكوت‪،‬‬
‫صحة ّ‬
‫ّ‬

‫نعب ُر بها‬
‫امة التي ّ‬
‫أن يكون التّقسيم للجمل التّ ّ‬
‫وعلى هذا الفهم من طبيعة التّركيب‪ ،‬ينبغي ْ‬

‫امة‪ ،‬هي‪:‬‬
‫النسب تتمايز بها الجمل التّ ّ‬
‫اع من ّ‬ ‫النسب الثالث‪ ،‬أي َّ‬
‫أن هناك ثالثة أنو ٍ‬ ‫عن ّ‬

‫ويعبر عنها‬
‫ّ‬ ‫الحدثية التي تقع بين طرفي إسنادهما‪ :‬الحدث ومحدثه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫النسبة‬
‫‪ّ -٠‬‬

‫الفعلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بالجملة‬

‫د‪ .‬مصطفى جمال ال ّدين‪ :‬البحث النّحوي عند األصوليين‪ ،‬ص ‪.251 -254‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المرجع السّابق‪ ،‬ص ‪251‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪50‬‬
‫حادية التي تقع بين طرفي إسنادهما‪ :‬المبتدأ والخبر ويعبر عنها‬
‫النسبة االتّ ّ‬
‫‪ -٢‬و ّ‬

‫االسمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بالجملة‬

‫حادية‪.‬‬
‫النسبة االتّ ّ‬
‫الحدثية و ّ‬
‫ّ‬ ‫النسبة‬
‫النسبة المزدوجة المرّكبة من ّ‬
‫‪ -٢‬و ّ‬

‫ثم صارتا طرفي نسبة‬


‫إسناديتين‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫عليقية التي تقع بين جملتين كانتا‬
‫النسبة التّ ّ‬
‫‪ -4‬و ّ‬

‫رطية‪.‬‬
‫ويعبر عنها بالجملة ال ّش ّ‬
‫جديدة هما‪ :‬المعلّق والمعلّق عليهن ّ‬

‫االسمية في آيات الميراث‪:‬‬


‫ّ‬ ‫الجمل‬

‫‪٠‬‬
‫مما ترك الو ِ‬
‫الدان واألقربون)‬ ‫‪(-‬للر ِ‬
‫نصيب ّ‬
‫ٌ‬ ‫جال‬ ‫ّ‬
‫‪٢‬‬
‫مما ترك الوا ِ‬
‫لدان واألقربون)‬ ‫(للن ِ‬
‫نصيب ّ‬
‫ٌ‬ ‫ساء‬ ‫‪ّ -‬‬
‫‪٢‬‬
‫األنثي ْي ِن)‬ ‫(للذ َك ِر مث ُل حظِّ‬
‫‪َّ -‬‬
‫َ‬
‫‪4‬‬
‫كان له ولد)‬ ‫ِ ِّ ٍ‬
‫إن َ‬‫ك ْ‬
‫مما تر َ‬
‫ُّدس ّ‬
‫‪(-‬وألبويه لكل واحد منهما الس ُ‬
‫‪7‬‬
‫حكيما)‬
‫ً‬ ‫عليما‬
‫كان ً‬ ‫‪َّ -‬‬
‫(إن اهللَ َ‬

‫‪(-‬ولكم نِ ُ‬
‫‪1‬‬
‫إن ْلم يكن َّ‬
‫لهن ولد)‬ ‫ك أزواجكم ْ‬
‫صف ما تر َ‬
‫‪7‬‬
‫إن ْلم يكن لكم ولد)‬
‫الربعُ مما تركتم ْ‬ ‫‪َّ -‬‬
‫(ولهن ّ‬
‫‪8‬‬
‫عليم حليم)‬
‫‪(-‬واهللُ ٌ‬
‫‪٠‬‬ ‫حدود ِ‬
‫اهلل)‬ ‫ُ‬ ‫ك‬
‫‪(-‬تل َ‬

‫من اآلية ‪. 1‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫من اآلية ‪.1‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية‪.11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من اآلية ‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫من اآلية‪.11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫من اآلي‪. 12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫من اآلية ‪.12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫من اآلية‪. 12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪55‬‬
‫‪٢‬‬
‫الفوز العظيم)‬
‫‪(-‬وذلك ُ‬
‫‪٢‬‬
‫عذاب مهين)‬
‫ٌ‬ ‫‪(-‬وله‬

‫‪4‬‬
‫يكن لها ولد)‬
‫إن ْلم ْ‬
‫‪(-‬وهو يرثها ْ‬
‫‪7‬‬ ‫ٍ‬
‫شيء عليم)‬ ‫‪(-‬واهلل ِّ‬
‫بكل‬ ‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫ببعض في ِ‬
‫كتاب اهلل)‬ ‫ٍ‬ ‫بعضهم أولى‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرحام‬ ‫‪(-‬وأولو‬

‫‪7‬‬ ‫ٍ‬ ‫(إن اهلل َّ‬


‫شيء عليم)‬ ‫بكل‬ ‫‪َ َّ -‬‬

‫الفعلية في آيات الميراث‬


‫ّ‬ ‫الجمل‬

‫‪8‬‬
‫مفروضا)‬
‫ً‬ ‫(نصيبا‬
‫ً‬ ‫‪-‬‬

‫‪9‬‬
‫ذرّيةً ضعافًا خافوا عليهم)‬
‫من خلفهم ّ‬
‫ش الذين لو تركوا ْ‬
‫‪(-‬وْلَي ْخ َ‬
‫‪٠١‬‬
‫سديدا)‬
‫ً‬ ‫‪(-‬ف ْلَيتّقوا اهللَ وْليقولوا قوالً‬
‫‪٠٠‬‬
‫‪(-‬يوصيكم اهللُ في أوالدكم)‬

‫‪٠٢‬‬
‫‪(-‬فريضةً من اهلل)‬

‫‪٠٢‬‬
‫(وصيةً من اهلل)‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪(-‬يستفتونك‪(٠‬‬

‫من اآلية‪. 13‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫من اآلية‪. 13‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية ‪. 10‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من اآلية ‪. 114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫من اآلية ‪. 114‬‬ ‫سورة النساء‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫من اآلية ‪. 15‬‬ ‫سورة األنفال‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫من اآلية ‪.15‬‬ ‫سورة األنفال‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫من اآلية ‪. 1‬‬ ‫سورة النساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية ‪. 1‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.9‬‬
‫من اآلية ‪. 9‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫من اآلية ‪. 9‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.11‬‬
‫من اآلية ‪. 11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.12‬‬
‫من اآلية ‪. 12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.13‬‬
‫‪54‬‬
‫‪٢‬‬
‫‪ )-‬قل اهلل يفتيكم في الكاللة)‬

‫‪٢‬‬
‫أن تضلّوا)‬
‫ِّن اهللُ لكم ْ‬
‫‪(-‬يبي ُ‬

‫رطية في آيات الميراث‬


‫ش ّ‬ ‫الجمل ال ّ‬

‫المساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قوالً‬ ‫‪(-‬واذا حضر ِ‬


‫الق ْسمةَ أولو القربى واليتامى و‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪4‬‬
‫معروفًا)‬

‫‪7‬‬
‫ذرّيةً ضعافًا خافوا عليهم)‬
‫من خلفهم ّ‬
‫‪(-‬لو تركوا ْ‬
‫‪1‬‬
‫فلهن ثلثا ما ترك)‬ ‫ِ‬
‫اثنتين َّ‬ ‫نساء فوق‬
‫ً‬ ‫(فإن َّ‬
‫كن‬ ‫‪ْ -‬‬
‫‪7‬‬
‫النصف)‬
‫كانت واحدةً فلها ّ‬
‫ْ‬ ‫‪(-‬وا ْن‬

‫‪8‬‬
‫كان له ولد)‬ ‫ألبويه ِّ ٍ‬
‫‪(-‬و ِ‬
‫إن َ‬‫ك ْ‬
‫دس مما تر َ‬
‫الس ُ‬
‫لكل واحد منهما ّ‬
‫‪9‬‬
‫فألم ِه الثّلث)‬
‫ولد وورثه أبواه ّ‬
‫يكن له ٌ‬
‫(فإن ْلم ْ‬
‫‪ْ -‬‬
‫‪٠١‬‬
‫وصي ٍة يوصي بها أو َدين)‬
‫ّ‬ ‫‪(-‬فإن كان له إخوةٌ فألمه السدس من ِ‬
‫بعد‬ ‫ّ ّ‬ ‫ْ َ‬
‫‪٠٠‬‬
‫ولد)‬ ‫يكن َّ‬
‫لهن ٌ‬ ‫اجكم إ ْن ْلم ْ‬
‫ك أزو ُ‬
‫نصف ما تر َ‬
‫ُ‬ ‫‪(-‬ولكم‬

‫‪٠٢‬‬ ‫وصي ٍة ِ‬
‫يوص ْي َن بها أو َد ْي ِن)‬ ‫ولد فلكم الربع مما تركن من ِ‬
‫بعد‬ ‫كان َّ‬
‫لهن ٌ‬
‫ّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(فإن َ‬
‫‪ْ -‬‬

‫من اآلية ‪114‬‬ ‫‪ .1‬سورة النساء‪،‬‬


‫من اآلية‪114‬‬ ‫‪ .2‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪114‬‬ ‫‪ .3‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية ‪2‬‬ ‫‪ .0‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية ‪9‬‬ ‫‪ .5‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية ‪11‬‬ ‫‪ .4‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪11‬‬ ‫‪ .1‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية ‪11‬‬ ‫‪ .2‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪11‬‬ ‫‪ .9‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪11‬‬ ‫‪ .14‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية ‪12‬‬ ‫‪ .11‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫‪ .12‬سورة النّساء‪،‬‬
‫‪51‬‬
‫‪٠‬‬
‫ولد)‬
‫يكن لكم ٌ‬
‫إن ْلم ْ‬
‫مما تركتم ْ‬
‫الربعُ ّ‬ ‫‪َّ -‬‬
‫(ولهن ُّ‬

‫غير‬ ‫يوص ََى بها أو َد ٍ‬


‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫وصي ٍة‬
‫ّ‬ ‫فلهن الثّمن مما تركتم من ِ‬
‫بعد‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ولد َّ‬
‫كان لكم ٌ‬
‫(فإن َ‬
‫‪ْ -‬‬
‫‪٢‬‬
‫مضار)‬
‫َّ‬
‫‪٢‬‬
‫السدس)‬ ‫أخت ِّ ٍ‬
‫فلكل واحد منهما ّ‬ ‫أخ أو ٌ‬
‫ث كاللةً أوامرأةٌ وله ٌ‬
‫يور ُ‬
‫كان رج ٌل َ‬
‫‪(-‬وا ْن َ‬

‫غير‬ ‫وصي ٍة يوصى بها أو َد ٍ‬


‫ين َ‬ ‫َّ‬ ‫‪(-‬فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثّلث من ِ‬
‫بعد‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫‪4‬‬
‫ضار)‬
‫ُم ّ‬
‫‪7‬‬
‫ف ما ترك)‬
‫ص ُ‬ ‫ِ‬
‫أخت فلها ن ْ‬
‫ولد وله ٌ‬
‫ك ليس له ٌ‬
‫امرؤ هل َ‬
‫‪(-‬إن ٌ‬
‫‪1‬‬
‫يكن لها ولد)‬
‫إن ْلم ْ‬
‫‪(-‬وهو يرثها ْ‬
‫‪7‬‬
‫مما ترك)‬ ‫اثنتين فلهما الثّ ِ‬
‫لثان ّ‬ ‫ِ‬ ‫(فإن كانتا‬
‫‪ْ -‬‬
‫‪8‬‬ ‫كر مث ُل ِّ‬
‫حظ األنثيين)‬ ‫ونساء فلل ّذ ِ‬ ‫‪(-‬وا ْن كانوا إخوةً رجاالً‬
‫ً‬

‫من اآلية‪. 12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫من اآلية‪. 12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية‪.12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من اآلية‪.12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫من اآلية‪114.‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫من اآلية ‪.114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫من اآلية‪. 114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫من اآلية‪. 114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪52‬‬
‫العام للجمل‪:‬‬
‫حوي ّ‬ ‫التّحليل ال ّن ّ‬

‫أمر ُم َّبرر‬ ‫ِ‬


‫الفعلية‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ّ‬ ‫رطية على الجمل‬
‫االسمية وال ّش ّ‬
‫ّ‬ ‫الجمل‬ ‫لعلّنا نالحظ غلبةَ‬

‫خير‬ ‫انين ثابتةٌ‪ ،‬ولذلك َّ‬


‫فإن َ‬ ‫أحكام وقو ُ‬
‫ٌ‬ ‫الوصية ما هي إال‬
‫ّ‬ ‫ومنطقي َّ‬
‫ألن أحكام الميراث و‬ ‫ّ‬

‫االسمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تستقر فيه هذه األحكام هي الجمل‬
‫ُّ‬ ‫قالَ ٍب‬

‫النسبة التي يستحقّها ك ّل وارث‪،‬‬


‫تحديد المستفيدين من الميراث‪ ،‬وتحديد ّ‬
‫َ‬ ‫غير َّ‬
‫أن‬

‫ِ‬
‫ثبوت أسبابه‪ ،‬وتحقّق شروطه‪،‬‬ ‫بعد‬ ‫ٍ‬
‫لشخص إال َ‬ ‫مرتبطٌ بشروط؛ إ ْذ "ال ي ْح َكم بالمير ِ‬
‫اث‬ ‫ُ ُ‬

‫اسمي ٍة فحسب‪ّ ،‬‬


‫ألنه وا ْن‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫بجمل‬ ‫وانتفاء موانعه"‪ ٠‬ولذلك ال يمكن صياغةُ أحكام الميراث‬

‫ك‬
‫فإن هنا َ‬ ‫ٍ‬
‫بشكل عام‪َّ ،‬‬ ‫النساء‬
‫الرجال و ّ‬
‫ثمة أحكام ثابتة في الميراث كعموم ميراث ّ‬
‫يكن ّ‬

‫يعرض أحكام الميراث‬


‫َ‬ ‫رطية لكي‬
‫استخدم القرآن الجمل ال ّش ّ‬
‫َ‬ ‫ولذلك‬
‫َ‬ ‫أحكاماً مشروطة‪،‬‬

‫بعض الجمل االسمية جاءت مشروطة‪ ،‬وجاء جواب ال ّشرط محذوفًا‬


‫َ‬ ‫وقوانينه‪ ،‬كما َّ‬
‫أن‬

‫االسمية على ما ُح ِذ َ‬
‫ف منه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يد ّل سياق الجملة‬

‫ولم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫الفعلية في آيات الميراث‪ ،‬إال بشكل محدود‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫السياق القرآني الجمل‬
‫ولم يستخدم ّ‬
‫ْ‬

‫إما في مسته ّل‬


‫غالبا ّ‬
‫الفعلية في صميم أحكام الميراث وقوانينه‪ ،‬إنما كانت ً‬
‫ّ‬ ‫تكن الجمل‬

‫الفعلية‬
‫ّ‬ ‫وغالبا ما كانت أفعاالً مضارعة‪ .‬ومن المعروف َّ‬
‫أن الجمل‬ ‫ً‬ ‫اآلية‪ ،‬أو في نهايتها‪،‬‬

‫يشرعها اهلل في زمن نزول‬ ‫التجدد‪ ،‬و َّ‬ ‫المضارعة ُّ‬


‫الوصية ْلم ّ‬
‫ّ‬ ‫أن أحكام الميراث و‬ ‫ّ‬ ‫تدل على‬

‫أي ٍ‬
‫مكان وزمان‪.‬‬ ‫عت َّ‬
‫لتطبق منذ نزولها في ِّ‬ ‫شر ْ‬
‫اآليات فحسب‪ ،‬لكنها ِّ‬

‫د‪ .‬عبد القادر جعفر‪ :‬مذ ّكرة الميراث على مذهب اإلمام مالك‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت ‪ ،2444‬ص ‪.2‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪59‬‬
‫حوي للجمل االسمية‪:‬‬
‫التّحليل ال ّن ّ‬

‫جاءت في‬
‫ْ‬ ‫قد‬
‫وردت في آيات الميراث‪ ،‬نجدها ْ‬
‫ْ‬ ‫االسمية التي‬
‫ّ‬ ‫بعد استقرائنا للجمل‬

‫ثالثة مواضع‪:‬‬

‫األول‪ :‬في فواصل اآليات‬


‫الموضع ّ‬

‫جاءت في فواصل اآليات‪،‬‬


‫ْ‬ ‫وردت في آيات الميراث‪،‬‬
‫ْ‬ ‫االسمية التي‬
‫ّ‬ ‫معظم الجمل‬

‫ويمكن تقسيمها قسمين‪:‬‬

‫المشرع لهذه األحكام‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬فواصل تصف‬

‫‪ -‬فواصل تصف عاقبة الملتزمين بحدود اهلل‪ ،‬والمخالفين لها‪:‬‬

‫المشرع لهذه األحكام‪:‬‬


‫ّ‬ ‫أ) فواصل تصف‬

‫ع الذي َّ‬
‫سن أحكام‬ ‫الم َشِّر َ‬
‫تصف ُ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫اسميةً‬ ‫وردت فيها الجمل‬
‫ْ‬ ‫كانت معظم الفواصل التي‬

‫وغفور رحيم وعز ٌيز حكيم وعليم حليم وعلى ك ّل شيء‬


‫ٌ‬ ‫الميراث وقوانينه‪ ،‬فهو سميع عليم‬

‫أن صفات اهلل ثابتة ‪ ،‬غير مرتبطة بزمان‪َّ ،‬‬


‫فإن استخدام الجمل االسمية‬ ‫شهيد‪ .‬وبما َّ‬

‫مالئم لهذا الغرض‪.‬‬

‫وحينا غير مؤ ّكدة‪ ،‬فأما الجملتان اللتان‬ ‫حينا مؤ ّكدة ب َّ‬


‫ـ(إن)‪ً ،‬‬ ‫ت ً‬ ‫ورد ْ‬ ‫غير َّ‬
‫أن هذه الجمل َ‬

‫وردتا غير مؤ ّكدتين‪ ،‬فهما‪:‬‬

‫‪٠‬‬
‫(واو االستئناف‪ +‬مبتدأ ‪ +‬خبر ّأول‪ +‬خبر ٍ‬
‫ثان)‬ ‫عليم حليم)‬
‫‪(-‬واهللُ ٌ‬
‫ٍ‬
‫شيء عليم)‪( ٠‬واو االستئناف‪ +‬مبتدأ‪ +‬جار ومجرور‪ +‬مضاف إليه‪ +‬خبر)‬ ‫‪(-‬واهلل ِّ‬
‫بكل‬ ‫ُ‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪44‬‬
‫ك بين هاتين الجملتين ّأنهما تبتدئان بلفظ الجاللة (اهلل)‪ ،‬غير َّ‬
‫أن الجملة‬ ‫شتر ُ‬
‫الم َ‬
‫و ُ‬

‫خب ْر عنه‬
‫فلم ُي َ‬
‫أما المبتدأ في الجملة الثانية‪ْ ،‬‬
‫األولى كان للمبتدأ فيها خبران (عليم حليم)‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫ومضاف‪ ،‬الغاية منها تبيان نوع الخبر؛ ففي‬ ‫لكنه مسبوق بجار ومجرور‬ ‫بخبر و ٍ‬
‫احد‪ّ ،‬‬ ‫إال ٍ‬

‫أن فاصلة اآلية الثانية‪،‬‬ ‫ُسنِ َد ْ‬


‫ت صفتا العليم والحكيم هلل‪ ،‬غير َّ‬ ‫فاصلة اآلية األولى أ ْ‬

‫أن الجار والمجرور والمضاف التي سبقتها‪،‬‬ ‫أسنِ َد ْ‬


‫ت صفةٌ واحدة هلل وهي ّأنه عليم‪ ،‬غير َّ‬ ‫ْ‬

‫أن علمه محيطٌ ِّ‬


‫بكل شيء‪.‬‬ ‫َّبيَن ْ‬
‫ت َّ‬

‫االسميتان اللتان وردتا في فاصلة اآليات مؤ ّكدتين‪ ،‬فهما‪:‬‬


‫ّ‬ ‫أما الجملتان‬
‫ّ‬
‫‪٢‬‬
‫(إن‪ +‬اسمها‪ +‬كان‪ +‬خبر كان ّأول‪ +‬خبر كان ٍ‬
‫ثان)‬ ‫حكيما) ‪ّ :‬‬
‫ً‬ ‫عليما‬
‫كان ً‬ ‫‪َّ -‬‬
‫(إن اهللَ َ‬
‫ٍ‬
‫شيء عليم)‪َّ ٢‬‬
‫(إن‪ +‬اسمها‪ +‬جار ومجرور‪ +‬مضاف إليه‪ +‬خبر َّ‬ ‫(إن اهلل َّ‬
‫إن)‬ ‫بكل‬ ‫‪َ َّ -‬‬
‫ك بين هاتين الجملتين االسميتين المؤ ّكدتين‪ّ ،‬أنهما أ ِّ‬
‫ُك َدتا بـ(إ َّن) لتؤ ّكدا نسبة‬ ‫المشتََر ُ‬
‫و ُ‬

‫بيد َّ‬
‫أن استخدام أدوات التّوكيد ال يأتي‬ ‫الخبر للمبتدأ‪ ،‬ولتؤ ّكدا مضمون الجملة أو الخبر‪َ .‬‬

‫ذلك َّ‬
‫أن‬ ‫ٍ‬
‫كتاب ال يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه‪َ ،‬‬ ‫سيما ّأننا أمام‬ ‫ًّ‬
‫اعتباطيا‪ ،‬ال ّ‬

‫السامع أوالقارئ ٌّ‬


‫شاك في الحكم‪ ،‬وفي هذه الحال‬ ‫أن ّ‬‫المتكلّ َم يلجأ إلى التّوكيد عندما يرى َّ‬

‫سمى هذا‬ ‫َّ‬


‫وي ّ‬
‫ك‪ُ .‬‬
‫ويحل فيها اليقين مح ّل الش ّ‬ ‫السامع‪،‬‬
‫يؤ ّكد المتكلّم الخبر ليتم ّكن من نفس ّ‬
‫‪4‬‬
‫اسم َّ‬
‫إن هو لفظ‬ ‫أن َ‬‫بين هاتين الجملتين َّ‬
‫ك َ‬ ‫من الخبر إنكارًّيا‪ .‬والمشتر ُ‬
‫ك كذل َ‬ ‫رب َ‬
‫الض ُ‬
‫ّ‬

‫فقد جاء في الجملة األولى خبر َّ‬


‫إن‬ ‫الجاللة (اهلل)‪ ،‬غير َّ‬
‫أن الخالف كان في خبرهما‪ْ ،‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.114‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪. 11‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة األنفال‪ ،‬من اآلية ‪.15‬‬ ‫‪.3‬‬
‫راجع كتاب‪ :‬علم المعاني‪ :‬د‪ .‬عبد العزيز عتيق‪ ،‬دار النّهضة العربيّة‪ ،‬بيروت ‪ 1925‬ص ‪.53‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪41‬‬
‫مفردا وهو‬
‫اسما ً‬
‫هو الفعل الناقص (كان) واسمه وخبره‪ ،‬بينما جاء في الجملة الثانية ً‬

‫(عليم)‪.‬‬

‫سن ِد في الماضي أو‬


‫بالم َ‬
‫تفيد اتّصاف المسند إليه ُ‬
‫كانت (كان) في األصل‪ُ ،‬‬
‫ْ‬ ‫واذا‬

‫صيغتَها‪َّ ،٠"...‬‬
‫فإن القرينةَ‬ ‫َ‬ ‫ناسب‬ ‫مجرًدا في ٍ‬
‫زمن ُي ُ‬ ‫"اتّصاف اسمها بمعنى خبرها اتّصافًا ّ‬

‫الدوام‪ ،‬فاهللُ كان ولم يزل‬ ‫ِ‬


‫بالمسند على وجه ّ‬ ‫فيد اتّصاف الم ِ‬
‫سند إليه‬ ‫السياق‪ ،‬تُ ُ‬
‫ُ‬ ‫في هذا ّ‬

‫حكيما‪.‬‬
‫ً‬ ‫عليما‬
‫ً‬

‫الزمان‬
‫خلق ّ‬
‫َ‬ ‫ألنه‬ ‫ٍ‬
‫مكان ّ‬ ‫ٍ‬
‫بزمان أو‬ ‫صفة من صفات ِ‬
‫اهلل ال تقترن‬ ‫ٍ‬ ‫أن َّ‬
‫كل‬ ‫والواقعُ‪َّ ،‬‬
‫ْ‬

‫اء‬ ‫أي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُسنِ َد إليه تعالى ّأيةُ‬


‫زمن‪ ،‬سو ٌ‬ ‫صفة في ِّ‬ ‫زمان أو مكان‪ ،‬فإذا أ ْ‬
‫ٌ‬ ‫والمكان‪ ،‬وال يحويه‬

‫الصفةَ ثابتةٌ فيه‪ ،‬فهو‬ ‫نعرف َّ‬


‫أن هذه ّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫حاضرا‪ْ ،‬أم مستقبالً‪ ،‬فينبغي ْ‬
‫ً‬ ‫ماضيا‪ْ ،‬أم‬
‫ً‬ ‫أكان‬

‫ُيغي ُِّر وال َّ‬


‫يتغير‪.‬‬

‫أورد الزجاج ثالثة أقوال لتفسير فاصلة هذه اآلية‪:‬‬


‫وقد َ‬‫ْ‬

‫كان‬
‫اهلل َ‬ ‫وتفضالً‪ ،‬فقيل لهم‪َّ :‬‬
‫إن َ‬ ‫ّ‬ ‫علما وحكمةً ومغفرةً‬
‫"قال سيبويه‪ :‬كان القوم شاهدوا ً‬

‫عليما باألشياء قبل‬


‫ً‬ ‫كذلك ولم يزل‪ ،‬أي ْلم يزل على ما شاهدتم‪ .‬وقال الحسن‪" :‬كان‬

‫خلقها‪ ،‬حكيما في ما يقدر تدبيره منها‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬الخبر عند ِ‬


‫اهلل في هذه األشياء‬ ‫ً‬
‫ألن األشياء عند اهلل في ٍ‬
‫حال واحدة‪ ،‬ما مضى‬ ‫بالم ِ‬
‫ض ِّي‪ ،‬كالخبر باالستقبال والحال‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬

‫وما يكون وما هو كائن"‪.٢‬‬

‫عباس حسن‪ :‬النّحو الوافي‪ ،‬دار المعارف بمصر‪ ،‬ط‪ ،5‬القاهرة‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪. 502‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الزجاج‪ :‬تهذيب معاني القرآن وإعرابه‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ عرفان بن سليم العشا حسونة‪ ،‬ج (‪ ، )5|2‬دار المكتبة العصريّة‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ ،2444‬ص ‪.12‬‬
‫‪42‬‬
‫الصحيحان َّ‬
‫ألن‬ ‫الزجاج القولين األولين حيث يقول‪" :‬والقوالن األوالن هما ّ‬
‫رجح ّ‬‫وي ّ‬
‫ُ‬

‫ت بما تعقل‪ ،‬ونزل القرآن بلغتها‪ .‬فما أشبهَ من التّفسير كالمها فهو أصح‪،‬‬ ‫العرب ِ‬
‫خوطَب ْ‬

‫إذ كان القرآن بلغتها نزل"‪.٠‬‬

‫النحويين َّ‬
‫أن (كان) على‬ ‫نردد ما يقوله بعض ّ‬
‫أن ّ‬‫يمكن ْ‬
‫ُ‬ ‫الزجاج‪ ،‬إ ْذ ال‬
‫وأميل إلى رأي ّ‬

‫المضي‬
‫ِّ‬ ‫فإنها ال تد ّل على زمن‬ ‫وصف ِ‬
‫اهلل‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫سبيل المثال إذا جاءت في القرآن في‬

‫أن للقر ِ‬
‫آن استخدامات ونظاماً‬ ‫ندعي َّ‬
‫فحسب‪ ،‬بل تد ّل على األزمنة كلّها‪ ،‬ألننا بذلك كأننا ّ‬

‫ديدا ما كان يستخدمها العرب‪.‬‬


‫ج ً‬

‫كان مع ِج ًاز في أسلوبه واستخداماته وأحكامه وطرائق‬


‫آن‪ ،‬وا ْن َ‬ ‫والواقع‪َّ ،‬‬
‫أن القر َ‬

‫اللغوي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عرضه‪ ،...‬إال ّأنه نزل بلغة العرب‪ ،‬ووفقًا الستخداماتهم‪ ،‬ونظامهم‬

‫ب) فواصل تصف أحكام الميراث وعاقبة الملتزمين بحدود اهلل‪ ،‬والمخالفين لها‪:‬‬

‫‪٢‬‬
‫الفوز العظيم)‬
‫‪(-‬وذلك ُ‬
‫‪٢‬‬
‫عذاب مهين)‬
‫ٌ‬ ‫‪(-‬وله‬

‫يبينان ثواب الملتزمين بحدود اهلل‪،‬‬


‫بين الفاصلتين األولى والثّانية‪ّ ،‬أنهما ّ‬
‫ك َ‬ ‫المشتَر ُ‬
‫و ُ‬

‫المتعدين‬
‫ّ‬ ‫المطبقين ألحكام الميراث‪ ،‬وغيرها من أحكام ال ّشرع‪ ،‬وعاقبة العاصين هلل‪،‬‬
‫ّ‬

‫لحدوده‪.‬‬

‫المرجع السّابق‪ ،‬ص ‪. 12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪. 13‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪10‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪43‬‬
‫جر‪ ،‬اتّص َل به‬
‫واذا كانت الفاصلة األولى تبدأ باسم إشارة‪ ،‬والثّانية تبدأ بحرف ٍّ‬

‫فإن المشترك بين الفاصلتين أنهما ابتدأتا بما يعود على ٍ‬


‫اسم قبلهما؛ فاسم‬ ‫ضمير‪َّ ،‬‬

‫الضمير في (له)‬ ‫اإلشارِة في الفاصلة األولى ّإنما يعود إلى نعيم ّ‬


‫الجنات‪ ،‬بينما يعود ّ‬

‫الجنات باسم اإلشارة‬


‫"عبر عن نعيم ّ‬
‫المتعدين حدوده‪ ،‬واّنما ّ‬
‫ّ‬ ‫على العاصين هلل ورسوله‪،‬‬

‫أن‬ ‫أي ٍ‬
‫نعيم آخر‪ ،‬وأشار بالم البعد لغاية فخامته وفضله حتّى ال يمكن ْ‬ ‫من ِّ‬
‫لتميزه ْ‬
‫(ذلك) ّ‬

‫يكون له مثيل يلحق به"‪.٠‬‬

‫ابتدأت بمبتدأ هو اسم اإلشارة‪،‬‬


‫ْ‬ ‫وتختلف الفاصلة األولى عن الثّانية‪ ،‬ذلك َّ‬
‫أن األولى‬

‫فص ْل بين المبتدأ والخبر بضمير فصل‪،‬‬ ‫بخبر َّ ٍ‬


‫ُخبر عنه ٍ‬
‫ولم ُي َ‬
‫معرف بـ(ال) التّعريف‪ْ ،‬‬ ‫أ َ‬

‫يعد به اهلل الملتزمين حدوده‪،‬‬


‫أن هذا الفوز الذي ُ‬ ‫معرفًا َّ‬
‫ليدل على َّ‬ ‫وانما جاء الخبر َّ‬

‫ثم جاء‬ ‫أي ٍ‬


‫فوز‪ ،‬بل هو الفوز الحقيقي الذي ما بعده فوز‪َّ ،‬‬ ‫المطبقين أحكامه‪ ،‬ليس َّ‬
‫ّ‬

‫بأنه عظيم‪.‬‬
‫الحقيقي ليصف لنا الفوز ّ‬
‫ّ‬ ‫النعت‬
‫ّ‬

‫مقدم‪ ،‬وجاء المبتدأ‬


‫ابتدأت بشبه جملة متعلّقة بخبر محذوف ّ‬
‫ْ‬ ‫بينما الفاصلة الثّانية‪،‬‬

‫آخر‬
‫المؤخر نكرة موصوفة‪ ،‬وانما ورد المبتدأ (عذاب) نكرة‪ ،‬للمبالغة في هوله‪ ،‬وهو نوعٌ ُ‬
‫ّ‬

‫ك حقيقتُهُ‬
‫در ُ‬
‫عذاب ال تُ َ‬
‫ٌ‬ ‫جسماني‪ ،‬وهذا‬ ‫حس ّي‬
‫بالنار ّ‬
‫العذاب ّ‬
‫َ‬ ‫النار‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫غير عذاب ّ‬
‫ّ‬
‫وحاني‪ ،‬كما ُّ‬
‫يدل على ذلك وصفه (مهين)"‪.٢‬‬ ‫الر‬
‫ُّ‬ ‫العذاب ّ‬
‫ُ‬ ‫وهولُهُ‪ .‬هو‬

‫د‪ .‬نور ال ّدين العتر‪ :‬أحكام القرآن في سورة النّساء‪ ،‬من محاضرات ال ّدراسات العليا‪ ،‬بيروت‪ ،2440‬ص ‪.154‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.154‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪40‬‬
‫عامة في أحكام الميراث‬
‫اسمية ّ‬
‫ّ‬ ‫الموضع الثّاني‪ :‬جمل‬

‫جاءت في‬
‫ْ‬ ‫ت في آيات الميراث‪ّ ،‬إنما‬
‫ورد ْ‬
‫االسمية التي َ‬
‫ّ‬ ‫ولئن كانت معظم الجمل‬

‫تعبير عن صفات اهلل التي هي ذاته‪ ،‬والتي تتّصف بالثّبات‬


‫ًا‬ ‫فواصل اآليات‪،‬‬

‫ِ‬
‫صلب آيات الميراث وأحكامه‪.‬‬ ‫جاءت في‬
‫ْ‬ ‫اسميةٌ‬
‫وردت جم ٌل ّ‬
‫ْ‬ ‫فقد‬
‫واالستم اررّية‪ْ ،‬‬

‫كقوله تعالى‪:‬‬

‫‪٠‬‬
‫مما ترك الو ِ‬
‫الدان واألقربون)‬ ‫‪( -‬للر ِ‬
‫نصيب ّ‬
‫ٌ‬ ‫جال‬ ‫ّ‬
‫‪٢‬‬
‫مما ترك الو ِ‬
‫الدان واألقربون)‬ ‫(للن ِ‬
‫نصيب ّ‬
‫ٌ‬ ‫ساء‬ ‫‪ّ -‬‬
‫‪٢‬‬
‫األنثي ْي ِن)‬ ‫(للذ َك ِر مث ُل ِّ‬
‫حظ‬ ‫‪َّ -‬‬
‫َ‬
‫‪4‬‬
‫ببعض في ِ‬
‫كتاب اهلل)‬ ‫ٍ‬ ‫بعضهم أولى‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرحام‬ ‫‪( -‬وأولو‬

‫‪7‬‬
‫من َب ْع ُد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم)‬
‫‪( -‬والذين آمنوا ْ‬

‫التفصيلية للميراث‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والواقعُ‪َّ ،‬‬
‫أن الجملةَ األولى والثانية لم تردا في صلب األحكام‬

‫واّنما وردتا‪ ،‬ال لتبيان أنصبة الميراث‪ ،‬وتحديد المستفيدين‪ ،‬إّنما إلنصاف المرأة والطفل‬

‫دافعان عن ِحمى‬
‫ِ‬ ‫بحج ِة ّأنهما ال ُيقاتالن‪ ،‬وال ُي‬
‫الجاهلية من الميراث ّ‬
‫ّ‬ ‫اللذين ُح ِرما في‬

‫العشيرة‪.‬‬

‫من اآلية ‪1‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫من اآلية‪1‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من اآلية ‪15‬‬ ‫سورة األنفال‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫من اآلية ‪15‬‬ ‫سورة األنفال‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪45‬‬
‫الرجل والمرِأة مي ارثًا مؤ ّك ًدا‪ ،‬غير‬
‫ِ‬ ‫أن ميراث‬ ‫االسمية َّ‬
‫ليدل َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫الحق الجملة‬ ‫استخدم‬
‫َ‬ ‫وانما‬

‫األحكام‬ ‫ف‬ ‫ِ‬


‫للنفوس لتتلقّ َ‬ ‫ك مجاالً‬ ‫ّأنه لم ُي ِّ‬
‫حدد المستفيدين من الميراث‪ ،‬وأنصبتهم‪ ،‬ليتر َ‬
‫َ‬

‫وتنتظرها‪.‬‬
‫ُ‬

‫كرَر قوله (نصيب مما ترك الوالدان واألقربون) عند إسناده‪،‬‬ ‫َّ‬
‫الحق ّ‬ ‫الالفت كذلك‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫و‬

‫(للرجال والنساء نصيب‬


‫أن يقول ّ‬ ‫نصيب الميراث إلى المرأة‪ ،‬مع َّ‬
‫أن اإليجاز كان يقتضي ْ‬
‫ٍ‬
‫لحكمة‬ ‫عد َل عن اإليجاز إلى اإلطناب‬ ‫َّ‬
‫الحق َ‬ ‫أن‬ ‫ك الو ِ‬
‫الدان واألقربون)‪ ،‬غير َّ‬ ‫مما تر َ‬

‫ِّن‬
‫الرجال‪ ،‬وليبي َ‬
‫تابعا أو جزًءا من أنصبة ّ‬
‫نصيبا كامالً‪ ،‬ليس ً‬
‫ً‬ ‫للنساء‬
‫أن ّ‬‫بالغي ٍة‪ ،‬ليشير َّ‬
‫ّ‬

‫الرجال‪.‬‬
‫تماما كما تُراعى حقوق ّ‬
‫أن تُراعى حقوقها‪ً ،‬‬
‫شرع بالمرأة التي ينبغي ْ‬
‫الم ِّ‬
‫اهتمام ُ‬

‫الرجال في قوله‬
‫لحصة ّ‬
‫ّ‬ ‫حصةَ النساء هي األصل والمعيار عند تحديده‬
‫وقد جعل اهللُ ّ‬
‫ْ‬

‫األنثي ْي ِن)‪. ٠‬‬ ‫(للذ َك ِر مث ُل حظِّ‬


‫َّ‬
‫َ‬

‫مقدم لمبتدأ‬ ‫ابتدأت ٍ‬


‫بجار ومجرور هما خبر ّ‬ ‫ْ‬ ‫السابقة‪َّ ،‬أنها‬
‫ونالحظُ من خالل الجمل ّ‬

‫لنساء‬
‫(للرجال نصيب كائن أو مستقر‪ ،‬ول ّ‬ ‫مؤخر‪ ،‬أو هما متعلِّ ِ‬
‫قان بمحذوف خبر والتقدير ّ‬ ‫ّ‬

‫مستقر مثل حظِّ األنثيين)‪.‬‬


‫ّ‬ ‫وللذكر حظٌّ كائن أو‬
‫ِ‬ ‫مستقر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كائن أو‬
‫نصيب ٌ‬

‫والواقع‪َّ ،‬‬
‫أن تقديم الخبر على المبتدأ‪ ،‬في الجملتين األولى والثّانية‪ّ ،‬إنما هو من‬

‫حيث َّ‬
‫إن المبتدأَ‬ ‫ُ‬ ‫وجوبا على المبتدأ‪،‬‬
‫ً‬ ‫النحاة‪ّ ،‬أنه ينبغي تقديم الخبر‬
‫الحاالت التي ذكرها ّ‬

‫ب تقديم الخبر هنا‪َّ ،‬‬


‫ألن تأخيره يوهم أنه صفة‪،‬‬ ‫نكرةٌ محضةٌ والخبر شبه جملة‪" .‬وانما َو َج َ‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪.11‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪44‬‬
‫يجب تقديم خبرها‪ ،‬كقوله تعالى (وأج ٌل‬ ‫ِ‬
‫كانت النكرة مفيدة لم‬ ‫فإن‬ ‫و َّ‬
‫ْ‬ ‫الخبر منتظر‪ْ .‬‬
‫َ‬ ‫أن‬

‫ِ‬
‫الظرف أنه خبر ال صفة"‪.٢‬‬ ‫الظاهر في‬ ‫فكان‬ ‫ى‪،‬‬ ‫بمسم‬
‫ًّ‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ألن النكرة و ِ‬
‫ص‬ ‫َّ‬ ‫‪٠‬‬
‫ُم َس ًّمى عنده)‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فإن المبتدأ لم ِ‬
‫يأت نكرة محضة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫‪،‬‬‫‪٢‬‬
‫األنثي ْي ِن)‬ ‫(للذ َك ِر مث ُل ِّ‬
‫حظ‬ ‫بينما في الجملة الثالثة‪َّ :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫وجوبا‪ ،‬بل جو ًازا‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫مضاف إلى معرفة‪ ،‬فليس تقديم الخبر ههنا‬ ‫وانما جاء مضافًا إلى‬
‫ً‬

‫الرجال‬ ‫جاءت كلمة نصيب في الجملتين األوليين نكرة‪ ،‬دليالً على َّ‬
‫أن نصيب ّ‬ ‫ْ‬ ‫واّنما‬

‫تحدثت عن‬
‫تؤيده المصادر التي ّ‬
‫ك ّ‬ ‫قد ُح َّد َد بعد‪ ،‬عند نزول اآلية‪ ،‬وذل َ‬
‫النساء‪ْ ،‬لم يكن ْ‬
‫وّ‬

‫وتدرجها‪.‬‬
‫تاريخ نزول آيات الميراث‪ّ ،‬‬

‫َّصا‬
‫نصيبا مخص ً‬
‫ً‬ ‫حوية للجمل الثالث األول‪ ،‬تُشير إلى َّ‬
‫أن ثمةَ‬ ‫الن ّ‬
‫الدراسة ّ‬ ‫وهكذا‪َّ ،‬‬
‫فإن ّ‬

‫بأنهما من‬
‫النصيبان الموصوفان ّ‬
‫نصيبا منفصالً مخصَّصا ل ّلنساء‪ ،‬وهذان ّ‬
‫ً‬ ‫وثمةَ‬
‫للرجال‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫الرجال‬ ‫النصيب أم َكثُر‪َّ ،‬‬


‫فإنه مفروض على ّ‬ ‫تركة الميت (مما ترك)‪ ،‬سواء أق ّل هذا ّ‬

‫أن يحوزوه‪.‬‬
‫النساء ْ‬
‫وّ‬

‫حصة‬
‫ّ‬ ‫حصة المرِأة هي أصل وليست فرًعا من‬
‫ّ‬ ‫كما تشير دراسة الجملة الثّالثة‪َّ ،‬‬
‫أن‬

‫هوضعف نصيب المرأة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫الرجل‬ ‫الرجل‪ ،‬و َّ‬
‫أن نصيب ّ‬

‫ِّن َّ‬
‫أن أولي‬ ‫شرعُ قانون المفاضلة في الميراث‪ ،‬فيبي ُ‬
‫الم ِّ‬ ‫الرابعة‪ُ ،‬ي ِّ‬
‫حد ُد ُ‬ ‫وفي الجملة ّ‬

‫عموما‪ ،‬أي َّ‬


‫أن أولي األرحام أولى من‬ ‫ً‬ ‫طلق المفاضلةَ‬
‫وي ُ‬‫األرحام بعضهم أولى ببعض‪ُ ،‬‬

‫سورة األنعام‪ ،‬من اآلية‪.2‬‬ ‫‪.1‬‬


‫الشيخ مصطفى الغالييني‪ :‬جامع الدروس العربية‪ ،‬دار المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج (‪ ، )3|2‬ص ‪.242‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬اآلية‪11‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪41‬‬
‫قانونا في الميراث َّ‬
‫أن "القرابات أولى بالتّوارث من المهاجرين‬ ‫عموما‪ .‬وهكذا ُي ِّ‬
‫حد ُد ً‬ ‫ً‬ ‫غيرهم‬

‫‪٠‬‬
‫واألنصار‪ ،‬وهذه ناسخة لما كان قبلها من التّوارث بالحلف والمؤاخاة التي كانت بينهم"‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بمبتدأ مضاف هو (أولو األرحام) أُسند إليه خبر هو‬ ‫صدر الجملة الرابعة‬ ‫ويبتدئ‬
‫ُ‬

‫أولوية الميراث ألولي األرحام‪،‬‬


‫ّ‬ ‫االسمية (بعضهم أولى ببعض) إلعطاء حكم‬
‫ّ‬ ‫الجملة‬

‫ٍ‬
‫بعض من (أولو)‪ .‬وفي كال التفسيرين أو اإلعرابين‪،‬‬ ‫نعد لفظة (بعضهم) بد َل‬
‫أن ّ‬‫ويجوز ْ‬

‫كل ذي ٍ‬
‫رحم‬ ‫أن َّ‬
‫فإن السياق الذي ورد فيه قوله ( بعضهم أولى ببعض) يشير إلى َّ‬
‫َّ‬

‫ٍ‬
‫بعض مسؤو ٌل عن بعضه اآلخر‪.‬‬ ‫مسؤو ٌل عن رحمه؛ ُّ‬
‫فكل‬

‫ٍ‬
‫ماض متعلق به جار ومجرور‪ +‬فعل‬ ‫والجملة الخامسة تتألّف من (مبتدأ‪ +‬فعل‬

‫األول)‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ماض متعلّق به جار ومجرور‪ +‬جملة اسمية واقعة خب اًر للمبتدأ ّ‬ ‫ٍ‬
‫ماض‪ +‬فعل‬

‫قانونا تحقّق وهو (أولئك منكم)‪ ،‬طالما َّ‬


‫أن‬ ‫حكما أو ً‬ ‫وهكذا‪َّ ،‬‬
‫فإن في الجملة الخامسة ً‬

‫قد تحقّقت وهي (آمنوا وهاجروا وجاهدوا)‪ ،‬ليشير المولى إلى َّ‬
‫أن‬ ‫األفعال الثّالثة ْ‬

‫ألنهم آمنوا وهاجروا إلى المدينة وجاهدوا مع‬


‫المهاجرين جزء من األنصار‪ ،‬ذلك ّ‬

‫األنصار‪.‬‬

‫مقيدة بشرط‬
‫اسمية ّ‬
‫ّ‬ ‫الموضع الثّالث‪ :‬جمل‬

‫جاءت َّ‬
‫مقيدة‬ ‫ْ‬ ‫اسمية‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫ثم َة جم ً‬
‫أن ّ‬ ‫االسمية‪َّ ،‬‬
‫يتبي ُن لنا َّ‬ ‫ّ‬ ‫ومن خالل استقرائنا للجمل‬

‫من حيث المعنى والتّركيب‪-‬‬


‫االسم الذي تبدأ فيه‪ْ -‬‬
‫َ‬ ‫بشرط‪ ،‬حيث ّإنها تبدأ باسم‪َّ ،‬‬
‫لكن‬

‫مقدما َّ‬
‫للشرط‪ .‬وهذه الجمل هي‪:‬‬ ‫أن يكون جو ًابا ّ ً‬
‫نجده يحتمل ْ‬

‫ابن كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت ‪ ،2441‬ج‪ ،3‬ص ‪.011‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪42‬‬
‫‪٠‬‬
‫كان له ولد)‬ ‫ِ ِّ ٍ‬
‫إن َ‬‫ترك ْ‬
‫مما َ‬
‫ُّدس ّ‬
‫‪( -‬وألبويه لكل واحد منهما الس ُ‬

‫‪( -‬ولكم نِ ُ‬
‫‪٢‬‬
‫إن ْلم يكن َّ‬
‫لهن ولد)‬ ‫ك أزواجكم ْ‬
‫صف ما تر َ‬
‫‪٢‬‬
‫إن ْلم يكن لكم ولد)‬
‫الربعُ مما تركتم ْ‬ ‫َّ‬
‫(ولهن ّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪4‬‬
‫يكن لها ولد)‬
‫إن ْلم ْ‬
‫‪( -‬وهو يرثها ْ‬

‫يتقدم جواب الشرط على أداة ال ّشرط وفعلها‪ ،‬لحكمنا على‬


‫أن ّ‬ ‫النحويين رفضوا ْ‬
‫أن ّ‬‫ولوال َّ‬

‫ك التي تبدأ ٍ‬
‫باسم‬ ‫االسمية ليست تل َ‬
‫ّ‬ ‫اسمية‪َّ ،‬‬
‫ألن الجمل‬ ‫ّ‬ ‫شرطية‪ ،‬وليست‬
‫ّ‬ ‫ك الجمل بأنها‬
‫تل َ‬

‫ابية‬
‫حويون في أحكام الجملة الجو ّ‬
‫الن ّ‬
‫صحيحا‪ .‬ويوجب ّ‬
‫ً‬ ‫بدءا‬
‫فحسب‪ ،‬بل تلك التي تبدأ به ً‬

‫من أجزائها‬ ‫ٍ‬


‫لل ّشرط الجازم‪ ،‬تأخير جواب ال ّشرط؛ "فال يجوز تقديمها وال تقديم شيء ْ‬

‫أن يكون الجواب‬


‫رطية‪ ،‬إال في حالتين‪ْ :‬‬
‫ومعموالتها على أداة ال ّشرط‪ ،‬وال على الجملة ال ّش ّ‬

‫من‬
‫أن يكون المعمول هو‪ :‬إذا ال ّشرطية عند ْ‬
‫عية‪ ،‬مضارعها مرفوع‪...‬الثّانية‪ْ :‬‬
‫جملة مضار ّ‬

‫الشرطية األخرى التي ال تكون معمولة‬


‫ّ‬ ‫يعربها ظرفًا لجوابها‪ .‬وكذا غيرها من األسماء‬

‫ناسخا"‪.7‬‬
‫ً‬ ‫لفعل ال ّشرط حين يكون فعالً‬

‫تقدم جواب ال ّشرط على األداة والفعل‪ْ ،‬لم‬


‫حويون ّ‬
‫الن ّ‬ ‫وبما َّ‬
‫أن الحالتين اللتين أجاز ّ‬

‫أن نبحث عن جواب ال ّشرط بعد أداة‬


‫االسمية المشروطة‪ ،‬ولذلك ينبغي ْ‬
‫ّ‬ ‫تردا في الجمل‬

‫الشرط وفعلها‪.‬‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪11‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪12‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪114‬‬ ‫‪.0‬‬
‫عبّاس حسن‪ :‬النحو الوافي‪ ،‬ج ‪ ،0‬ص ‪ .054‬وراجع الكتاب لسيبويه‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت ‪ ،1999‬ج ‪ ،3‬ص ‪12 -14‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪49‬‬
‫وقد‬
‫االسمية عليه‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫محذوف‪ ،‬تد ّل الجملة‬
‫ٌ‬ ‫والواقع‪َّ ،‬‬
‫أن جواب ال ّشرط في تلك الجمل‬

‫السابقة‪.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫إن َّ‬


‫دل دلي ٌل عليه بعد حذفه كما في الجمل ّ‬ ‫النحويون حذف جواب ال ّشرط ْ‬
‫ّ‬ ‫أجاز‬

‫ِ‬
‫فألبويه‬ ‫ولد‬
‫(إن كان له ٌ‬ ‫وهكذا‪َّ ،‬‬
‫فإن جواب ال ّشرط في الجملة األولى محذوف وتقديره ْ‬

‫يكن‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬


‫(إن ْلم ْ‬
‫الشرط في الجملة الثانية محذوف تقديره ْ‬
‫ُّدس) وجواب ّ‬
‫لكل واحد منهما الس ُ‬

‫قدير(إن‬
‫ْ‬ ‫ك أزواجكم)‪ ،‬كما َّ‬
‫أن الجملة الثّالثة حذف جوابها والتّ‬ ‫لهن ولد فلكم نِ ُ‬
‫صف ما تر َ‬ ‫َّ‬

‫الرابعة‪،‬‬ ‫الربعُ مما تركتم)‪ ،‬وكذلك ُح ِذ َ‬


‫ف جواب ال ّشرط في الجملة ّ‬ ‫يكن لكم ولد َّ‬
‫فلهن ّ‬ ‫ْلم ْ‬

‫ولد فهو يرثها)‪.‬‬


‫يكن لها ٌ‬
‫قدير(إن ْلم ْ‬
‫ْ‬ ‫والتّ‬

‫شرعُ ما ُيشبه جواب ال ّشرط أو دليل ال ّشرط على فعل ال ّشرط‪ ،‬لمعرفة‬
‫الم ِّ‬ ‫وقد َّ‬
‫قدم ُ‬ ‫ْ‬

‫وتتشوق لمعرفة فعل‬


‫ّ‬ ‫النفس‬
‫نتيجة ال ّشرط ونصيب المستحقين للميراث‪ ،‬وهكذا تستشرف ّ‬

‫النصيب‪.‬‬
‫ال ّشرط‪ ،‬أو المستحق لذلك ّ‬

‫الصيغة‪ ،‬أي تقديم ما ُيشبه جواب ال ّشرط على ال ّشرط والفعل‪،‬‬ ‫كما َّ‬
‫أن القرآن أتى بهذه ّ‬

‫القراء‬
‫الرتابة عن ّ‬
‫بعد ّ‬
‫وي َ‬
‫ويلون فيه‪ُ ،‬‬
‫لينوع في األسلوب‪ّ ،‬‬
‫وحذف جواب ال ّشرط األصلي‪ّ ،‬‬

‫لكنها‬
‫من إعجاز هذه اآليات ّأنها رغم كونها تعرض قوانين جامدة‪ّ ،‬‬
‫ك ْ‬‫السامعين‪ ،‬ولذل َ‬
‫و ّ‬

‫آني‬ ‫ت في السياق القرآني دون خلل أو تكلّف‪ ،‬لتكون محكم ًة وموجزةً في ن ٍ‬


‫ظام قر ٍّ‬ ‫استقر ْ‬
‫َّ‬
‫ّ‬

‫أحكاما ال تحصرها كتب ومجلّدات‪.‬‬


‫ً‬ ‫حوت‬
‫ْ‬ ‫تفصيلي ٍة ال تتجاوز الثالث‪ ،‬لكنها‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫بآيات‬ ‫فريد‪،‬‬

‫ذرة‪ْ ،‬لم يش ْأ ْ‬
‫أن يعرض أسلوبه‬ ‫ع الذي ال يعزب عن علمه مثقال ّ‬
‫المشر َ‬
‫ِّ‬ ‫وهكذا‪َّ ،‬‬
‫فإن‬

‫حينا يأتي بأسلوب الشرط في سياقه‬


‫الرتابة والملل‪ ،‬ولذلك نراه ً‬
‫بنظام متشابه‪ ،‬يبعث على ّ‬

‫عبّاس حسن‪ :‬النحو الوافي‪ ،‬ج ‪ ،0‬ص ‪.052‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪14‬‬
‫الطبيعي‪ ،‬حيث تتقدم أداة الشرط‪ ،‬ثم يأتي فعل الشرط‪ ،‬ثم جوابه‪ ،‬غير ّأنه بعد ذلك‬

‫ويقدم ما يشبه جواب الشرط على أداة ال ّشرط‬


‫يعدل عن ذلك فيحذف جواب الشرط‪ّ ،‬‬

‫نساء فوق اثنتين َّ‬


‫فلهن ثلثا ما‬ ‫ً‬ ‫(فإن َّ‬
‫كن‬ ‫شرع أحكامه المشروطة بقوله ْ‬
‫الم ّ‬
‫فقد بدأ ُ‬
‫وفعله‪ْ .‬‬

‫يكرر هذا اإليقاع‬


‫أن ّ‬ ‫كانت واحدةً فلها ِّ‬
‫النصف)‪ ،‬لكنه لم يشأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ترك)‪ ،‬ثم قال (وا ْن‬

‫تقدم خبرها على اسمها‪ ،‬وتد ّل على‬ ‫ٍ‬


‫اسمية ّ‬ ‫ٍ‬
‫بجملة‬ ‫ك أتى‬
‫الموسيقي والنظام النحوي‪ ،‬ولذل َ‬

‫ما حذف من جواب الشرط‪ ،‬ثم أتى بأداة الشرط وفعله‪ ،‬وحذف جوابه بقوله (وألبويه ِّ‬
‫لكل‬

‫السياق الذي بدأه بقوله‬ ‫ٍ‬


‫ثم يعود القرآن إلى ّ‬
‫إن كان له ولد)‪َّ ،‬‬
‫السدس مما ترك ْ‬
‫واحد منهما ّ‬
‫بالن ِ‬
‫سبة إلى غيرها من اآليات‪.‬‬ ‫(فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فألمه الثلث)‪ ،‬وهكذا ّ‬
‫ْ‬

‫المقيدة بال ّشرط‪ ،‬سنكتفي بتحليل الجمل االسمية‪،‬‬


‫ّ‬ ‫االسمية‬
‫ّ‬ ‫وفي تحليلنا لهذه الجمل‬

‫وسنترك ما يتعلّق بالجمل ال ّشرطية‪ ،‬في ميدان تحليلنا للجمل ال ّشرطية‪ ،‬ولذلك سنعيد‬

‫عرض الجمل االسمية مفصولةً عن سياقها الشرطي‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪٠‬‬
‫ُّدس)‬ ‫ِ ِّ ٍ‬
‫‪( -‬وألبويه لكل واحد منهما الس ُ‬

‫‪( -‬ولكم نِ ُ‬
‫‪٢‬‬
‫ك أزواجكم)‬
‫صف ما تر َ‬
‫‪٢‬‬
‫الربعُ مما تركتم)‬ ‫َّ‬
‫(ولهن ّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪4‬‬
‫‪( -‬وهو يرثها)‬

‫من اآلية ‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫من اآلية‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية ‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من اآلية ‪114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪11‬‬
‫بدأت بشبه جملة متعلّقة بمحذوف‬
‫ْ‬ ‫ولعلَّنا نالحظ في الجمل الثّالث األولى َّ‬
‫أن الجمل‬

‫ورد‬ ‫أن المبتدأ لم ِ‬


‫يأت نكرة محضة‪ ،‬حيث َ‬ ‫أن المبتدأ جاء ِّ‬
‫متأخ ًار عن المبتدأ‪ ،‬رغم َّ‬ ‫خبر‪ ،‬و َّ‬

‫معرفًا بأل‪ ،‬والجملة الثّانية كان المبتدأ مضافًا‪ ،‬واّنما‬


‫في الجملة األولى والثّالثة المبتدأ ّ‬

‫از على المبتدأ‪.‬‬ ‫َّ‬


‫تقد َم الخبر جو ًا‬

‫دون‬
‫المؤخر في الجملتين الثّانية والثّالثة أتى مباشرةً بعد شبه الجملة َ‬
‫ّ‬ ‫غير َّ‬
‫أن المبتدأ‬ ‫َ‬

‫أثبت‬
‫بأنهم فقدوا أزواجهم‪ ،‬و َ‬
‫ت إسناد نصيب النصف للرجال‪ ،‬الذي وصفهم ّ‬
‫فأثب َ‬ ‫ٍ‬
‫فاصل‪َ ،‬‬

‫محددة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بشروط ّ‬ ‫فقد َن أزواجه َّن ‪،‬‬
‫الربع للنساء اللواتي ْ‬
‫نصيب ّ‬

‫بين الخبر‬ ‫‪٠‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫َّ‬


‫ص َل َ‬
‫ُّدس) فَ َ‬
‫ع في الجملة األولى (وألبويه لكل واحد منهما الس ُ‬
‫الم َشِّر َ‬
‫لكن ُ‬

‫من (ألبويه)‪ ،‬واّنما‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬


‫جر بدل ْ‬
‫والمبتدأ بفاصل (لكل واحد) وهو شبه جملة واقعة في مح ّل ّ‬

‫حصة األبوين كليهما السدس‪َّ ،‬‬


‫ولكن‬ ‫السامع أو القارئ‪َّ ،‬‬
‫أن ّ‬ ‫يتوهم ّ‬
‫جاء البدل هنا‪ ،‬حتى ال ّ‬

‫ذلك‬
‫السدس كذلك‪ ،‬وفي َ‬
‫األم ّ‬ ‫فحصة ِ‬ ‫حصةَ ٍّ‬
‫وحصة ّ‬
‫ّ‬ ‫السدس‪،‬‬
‫األب ّ‬ ‫ّ‬ ‫السدس؛‬
‫كل منها ّ‬

‫توضيح وابانة‪ ،‬وحفظ لحقوق المستحقّين للميراث‪.‬‬


‫ٌ‬

‫التّحليل ال ّنحوي للجمل المزدوجة‬

‫‪٢‬‬
‫نفعا)‬ ‫‪( -‬آباؤكم وأبناؤكم ال تدرون ُّأيهم ُ‬
‫أقرب لكم ً‬

‫يحا‪ ،‬إال أننا ال نستطيع‬


‫بدءا صر ً‬ ‫ٍ‬ ‫ولعلّنا نالحظُ َّ‬
‫أن هذه الجملة‪ ،‬وا ْن كانت تبدأ باسم ً‬

‫فعلية‪ ،‬وألنها ال تد ّل على‬


‫ألن خبرها جملة ّ‬
‫االسمية البحتة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أن ندرجها في إطار الجمل‬
‫ْ‬

‫أن‬
‫النسبة االتّحادية التي تقع بين طرفي اإلسناد فحسب‪ ،‬وكذلك ال نستطيع ْ‬
‫الثبات أو ّ‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪11‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪11‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪12‬‬
‫الحدثية التي‬
‫ّ‬ ‫النسبة‬
‫ألنها ال تبدأ بفعل‪ ،‬وال تعبِّر عن ّ‬
‫الفعلية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ُندرجها في إطار الجملة‬

‫ك أدرجناها في باب الجمل المزدوجة المرّكبة من‬


‫تقع بين طرفي اإلسناد فحسب؛ ولذل َ‬

‫حادية‪.‬‬
‫النسبة االتّ ّ‬
‫الحدثية و ّ‬
‫ّ‬ ‫النسبة‬
‫ّ‬

‫منفية‪.)...‬‬
‫عية ّ‬‫وهذه الجملة تتألّف من‪ :‬مبتدأ‪ +‬اسم معطوف‪ +‬خبر(جملة فعلية مضار ّ‬

‫المشرعُ‬
‫ِّ‬ ‫فقد أُسنِ َد الخبر المنفي إلى المبتدأ واالسم المعطوف عليه‪ ،‬لينفي‬
‫وهكذا‪ْ ،‬‬

‫المورث ًّأيا من آبائكم أو أبنائكم‪ ،‬أقرب له ً‬


‫نفعا‪.‬‬ ‫معرفة ِّ‬

‫ولم تبدأ‬
‫اسم آخر هو (أبناؤكم)‪ْ ،‬‬ ‫وع ِط َ‬
‫ف عليه ٌ‬
‫ِ‬
‫وقد بدأت اآلية باسم وهو (آباؤكم)‪ُ ،‬‬

‫ع لم ُي ِرِد التّركيز على الحدث (ال تدرون) بقدر تركيزه على‬


‫شر َ‬
‫الم ِّ‬ ‫ٍ‬
‫بجملة فع ّلية َّ‬
‫ألن ُ‬ ‫اآليةُ‬

‫المورث‪ ،‬بل أعلم‬


‫ِّ‬ ‫المبتدأ واالسم المعطوف عليه‪ُ ،‬ليشير إلى ّأنه سبحانه وتعالى أعلم من‬

‫المورث ّأنه يعلم ًّأيا من الور ِ‬


‫ثة‬ ‫قد يتبادر إلى ذهن‬ ‫َّ‬
‫الظن الذي ْ‬ ‫قطع‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫به بآبائه وأبنائه‪َ ،‬لي َ‬

‫نفعا‪.‬‬
‫أقرب إليه ً‬

‫الفعلية‬
‫ّ‬ ‫حوي للجمل‬
‫التّحليل ال ّن ّ‬

‫االسمية‬
‫ّ‬ ‫بالنسبة إلى غيرها من الجمل‬
‫الفعلية في آيات الميراث قليلةً ّ‬
‫ّ‬ ‫تُ ُّ‬
‫عد الجمل‬

‫جاءت معظمها‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫أحكام الميراث‪ّ ،‬إنما‬ ‫ِ‬
‫صلب‬ ‫الفعلية لم ِ‬
‫تأت في‬ ‫رطية‪ ،‬كما َّ‬
‫أن الجمل‬ ‫وال ّش ّ‬
‫ّ ْ‬

‫الفعلية‬
‫ّ‬ ‫وقد جاءت بعض الجمل‬
‫فصيلية‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫في صدر اآليات‪ ،‬أو بعد ذكر األحكام التّ‬

‫ولم يرد من‬


‫الدوام‪ْ ،‬‬
‫عية لتد ّل على الثّبات و ّ‬
‫ووردت معظم الجمل مضار ّ‬
‫ْ‬ ‫محذوفة الفعل‪،‬‬

‫الجمل الفعلية الماضية سوى جملتين‪ ،‬يكاد يتّفق المفسرون والفقهاء على ّأنهما‬

‫منسوختان‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫أن نقسِّمها إلى قسمين‪:‬‬
‫الفعلية‪ ،‬نستطيع ْ‬
‫ّ‬ ‫ومن خالل استقرائنا للجمل‬

‫فعلية ُح ِذفت أفعالها‬


‫األول‪ :‬جمل ّ‬
‫القسم ّ‬
‫‪٠‬‬
‫(وصيةً من اهلل)‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪٢‬‬
‫‪( -‬فريضةً من اهلل)‬

‫‪٢‬‬
‫مفروضا)‬
‫ً‬ ‫(نصيبا‬
‫ً‬ ‫‪-‬‬

‫ص ِّدرت بها‬
‫ولئن اختلف النحويون والمفسرون ومعربو القرآن في إعراب الكلمات التي ُ‬

‫أن هذه الكلمات ما هي إال معمولة‪ ،‬والعامل فيها‬


‫هذه الجمل‪ ،‬إال ّأنهم ال يختلفون على ّ‬

‫أفعال مخصوصة‪ ،‬أو ما يقوم مقام الفعل‪ ،‬اختلفوا في تقديره وتسميته‪ ،‬لكنهم لم يختلفوا‬

‫فعلية‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أن هذه الجمل ما هي إال جمل ّ‬

‫ك بين الجمل األربع ّأنها تبدأ جميعها باسم منصوب هو مصدر؛ فالجملة‬
‫شتر ُ‬
‫الم َ‬
‫و ُ‬

‫ص ِّد َر ْ‬
‫ت باسم‬ ‫(وصى)‪ ،‬والجملة الثّانية ُ‬
‫ّ‬ ‫(وصيةً) هو مصدر للفعل‬
‫ّ‬ ‫ص ِّدرت باسم‬
‫األولى ُ‬

‫بدأت الجملة الثالثة بمصدر (حقًّا) للفعل‬


‫ْ‬ ‫(فريضةً) وهو مصدر للفعل (فرض)‪ ،‬وكذلك‬

‫بمصدر(نصيبا) للفعل (نصب)‪.‬‬


‫ً‬ ‫الرابعة‬
‫(حق)‪ ،‬والجملة ّ‬
‫ّ‬

‫ويرجحون َّ‬
‫أن هذه الكلمات المنصوبة إنما‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا‪ ،‬يكاد المفسرون والنحويون يتفقون‬

‫السياق‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تُعرب مفعوالً مطلقًا ٍ‬


‫يقدرونه حسب ّ‬
‫محذوف ّ‬ ‫لفعل‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪11‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية ‪124‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪10‬‬
‫النحويين أوردوا تفسيرات مختلفة لسبب نصب هذه‬
‫المفسرين و ّ‬
‫ّ‬ ‫غير َّ‬
‫أن بعض‬

‫(وصيةً) لكونها‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ثم َة تفسيران لنصب كلمة‬
‫الكلمات؛ ففي الجملة األولى‪ّ ،‬‬

‫‪ o‬مفعوالً مطلقًا ِّ‬


‫مؤك ًدا لفعل(يوصيكم) محذوف‪.‬‬

‫مضار‪ ٠‬الواردة قبل لفظة (وصية) في اآلية‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ o‬أو مفعوالً به السم الفاعل‬

‫وفي الجملة الثّانية تفسيران لنصب كلمة (فريض ًة) على كونها‪:‬‬

‫‪ o‬مفعوالً مطلقًا لفعل محذوف تقديره (فرض)‪ ،‬أو مفعول مطلق ناب عن مصدره‬

‫ص ِّد ْ‬
‫رت به اآلية (يوصيكم)‪.‬‬ ‫للفعل الذي ُ‬

‫مفروضا‪.٢‬‬
‫ً‬ ‫‪ o‬حاالً من (وألبويه‪[ ،)...‬أي] ولهؤالء الورثة ما ذكرنا‬

‫تلف‬
‫(نصيبا)‪ ،‬وقد اخ َ‬
‫ً‬ ‫ات مختلفة لنصب كلمة‬
‫فثم َة تفسير ٌ‬
‫أما في الجملة الثالثة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫"نصيبا" في هذه اآلية‪ ،‬وهذا االختالف من شأنه‬


‫ً‬ ‫النحويون والمفسرون في إعراب لفظة‬

‫صب النصيب المفروض وهو‬


‫تنوع في فهم داللة اآلية‪ ،‬قال الفراء‪" :‬وانما ُن َ‬
‫أن يؤدي إلى ّ‬
‫ْ‬

‫صحيحا لم ينصب‪ .‬ولكنه بمنزلة‬


‫ً‬ ‫اسما‬
‫كان ً‬
‫نعت للنكرة ألنه أخرجه مخرَج المصدر‪ .‬ولو َ‬

‫هما‪ .‬ومثله‪ :‬عندي در ِ‬


‫همان هبةً مقبوضة‪ .‬فالمفروض في هذا‬ ‫حق در ً‬
‫علي ّ‬
‫ك َّ‬
‫قولك‪ :‬ل َ‬

‫وفرضا"‪.٢‬‬ ‫ك فريضةً‬ ‫الموضع بمنز ِ‬


‫لة قول َ‬
‫ً‬

‫راجع كتاب‪ :‬أحكام القرآن في سورة النّساء‪ ،‬د‪.‬نور ال ّدين العتر‪ ،‬ص ‪.104‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الزجاج‪ :‬تهذيب معاني القرآن وإعرابه‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ عرفان بن سليم العشا حسونة‪ ،‬المكتبة العصريّة‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت ‪ ،2444‬ج‪،2‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ص ‪.19‬‬
‫ا لفراء‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن زياد‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪1924‬م‪ ،‬ج (‪ ، )3|1‬ص ‪.251‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪15‬‬
‫الزّجاج على ّأنها منصوبةٌ على الحال‪ ،‬قا َل في معاني القرآن‪" :‬المعنى لهؤالء أنصبة‬
‫وّ‬
‫‪٠‬‬
‫صب على‬
‫على ما ذكرناه في حال الفرض" ‪ ،‬وقال الزمخشري في الك ّشاف‪"ُ :‬ن َ‬

‫اجبا ال ُب َّد لهم ْ‬


‫أن يحوزوه وال‬ ‫مقطوعا و ً‬
‫ً‬ ‫مفروضا‬
‫ً‬ ‫نصيبا‬
‫ً‬ ‫االختصاص‪ ،‬بمعنى‪ :‬أعني‬

‫من اهلل)‪ ٢‬كأنه‬


‫أن ينتصب انتصاب المصدر المؤكد كقوله (فريضةً َ‬
‫يستأثر به‪ ،‬ويجوز ْ‬

‫قيل‪ :‬قسمة مفروضة"‪.٢‬‬

‫ب المصدر‬ ‫ِ‬
‫صُ‬‫ب كما ُي ْن َ‬
‫عطيةَ ما ُيشبهُ كالم الزجاج‪ ،‬قال‪ّ :‬إنما هو اسم ُنص َ‬
‫ابن ّ‬
‫وقال ُ‬

‫اجبا‬
‫جاز نصبه‪ ،‬كما تقول له عليك كذا وكذا و ً‬
‫ك َ‬‫فرضا‪ ،‬ولذل َ‬
‫ً‬ ‫في موضع الحال‪ ،‬تقديره‬

‫َّ‬
‫ولكن‬ ‫بمصدر هذا َّ‬
‫النصب‬ ‫ٍ‬ ‫ولوال معنى المصدر الذي فيه ما جاز في االسم الذي ليس‬

‫حقه الرفع"‪.4‬‬

‫تعقيبا على كالم ابن عطية‪" :‬وهو مركب من كالم‬


‫ً‬ ‫ويعلّق أبو حيان في تفسيره فيقول‬

‫مباين لالنتصاب على‬


‫ٌ‬ ‫الزجاج والفراء‪ ،‬وهما متباينان‪َّ ،‬‬
‫ألن االنتصاب على الحال‬

‫المصدر المؤكد مخالف له"‪.7‬‬

‫موقع المصدر‪ ،‬والعام ُل‬


‫َ‬ ‫"نصيبا"‪" :‬قيل هو واقعٌ‬
‫ً‬ ‫وقال أبو البقاء العكبري في إعراب‬

‫عطاء أو استحقاقًا‪ .‬وقيل‪ :‬هو حال مؤكدة؛ والعام ُل فيها‬


‫ً‬ ‫التقدير‬
‫ُ‬ ‫تقدم‪ِ :‬إذ‬
‫فيه معنى ما َّ‬

‫ِ‬
‫حسنت الحال عنها‪ .‬وقيل‪ :‬هو حال‬ ‫معنى االستقرار في قوله )للرجال نصيب)‪ ،‬ولهذا‬

‫الزجاج‪ ،‬أبو اسحق إبراهيم بن السَّري‪ :‬معاني القرآن وإعرابه‪ ،‬شرح وتحقيق د‪.‬عبد الجليل عبده شلبي‪ ،‬بيروت (‪1042‬هـ‪1922-‬م‪ ،‬ج‬ ‫‪.1‬‬
‫(‪ ، )5|2‬ص ‪.15‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية‪.11‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الزمخشري‪ ،‬جار هللا أبو القاسم محمود بن عمر‪ :‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل‪ ،‬تحقيق وتعليق ودراسة‪ :‬الشيخ عادل‬ ‫‪.3‬‬
‫عبد الموجود‪-‬الشيخ علي معوض‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض (‪1012‬هـ‪1992‬م) ‪ ،‬ج (‪ ، )4|2‬ص ‪.140‬‬
‫أبو حيان‪ :‬التفسير الكبير المسمى البحر المحيط وبهامشه تفسيران أحدهما الهر الماد من البحر ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط من البحر المحيط‬ ‫‪.0‬‬
‫لتاج الدين ابن مكتوم‪ ،‬مكتبة ومطابع النصر الحديثة‪ ،‬الرياض‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ج (‪ )2|3‬ص ‪.110‬‬
‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪14‬‬
‫أوجب لهم‬ ‫كثر‪ .‬وقيل‪ :‬هو مفعول به لفعل محذوف‪ ،‬تقديره‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ْ‬ ‫من الفاعل في قل أو َ‬

‫إضمار أعني"‪.٠‬‬
‫ِ‬ ‫نصيبا‪ .‬وقيل‪ :‬هو منصوب على‬
‫ً‬

‫نصيبا‪:‬‬
‫ً‬ ‫وهكذا‪َّ ،‬‬
‫فإن اآلراء تباينت حول إعراب لفظة‬

‫وقد‬
‫مفروضا‪ْ .‬‬
‫ً‬ ‫نصيبا‬
‫ً‬ ‫صبت على االختصاص ٍ‬
‫بفعل محذوف‪ ،‬تقديره‪ :‬أعني‬ ‫‪ -‬قيل ُن ْ‬

‫اصطلح عليه النحويون‬


‫َ‬ ‫ني باالختصاص ما‬
‫"فإن ُع َ‬
‫أي‪ ،‬فقال‪ْ :‬‬
‫َّف أبو حيان هذا الر َ‬
‫ضع َ‬

‫نصوا على أنه ال يكون نكرة"‪.٢‬‬


‫فهو مردود بكونه نكرة‪ ،‬والمنصوب على االختصاص ّ‬

‫‪ -‬وقيل‪ :‬هي حال مؤكدة‪ ،‬والعام ُل فيها معنى االستقرار في قوله تعالى (للرجال‬

‫كثر‪.‬‬ ‫َّ‬
‫من الفاعل في قل أو َ‬
‫نصيب)‪ ،‬وقيل‪ :‬هي حال َ‬

‫نصيبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ -‬وقيل‪ :‬منصوبة على االختصاص بفعل محذوف‪ ،‬تقديره‪ :‬أعني‬

‫صود‪:‬‬ ‫حيث َّ‬


‫إن المق َ‬ ‫ُ‬ ‫مقد ٍر َّ‬
‫دل عليه الكالم‪،‬‬ ‫ابن األنباري‪ :‬منصوبة بفعل َّ‬ ‫‪َّ -‬‬
‫ورج َح ُ‬

‫مفروضا‪.‬‬
‫ً‬ ‫نصيبا‬
‫ً‬ ‫جعل اهللُ لهم‬

‫المشترك بين الجملتين األوليين أنهما تتألّفان من‪( :‬المصدر المنصوب‪ +‬جار‬
‫و ُ‬

‫وقد كان الجار والمجرور في الجملة األولى هو نفسه في الجملة الثّانية‬


‫ومجرور)‪ْ ،‬‬

‫الجليل‬
‫َ‬ ‫االسم‬
‫َ‬ ‫للداللة على الجهة التي صدر منها المصدر وهو (من اهلل)‪ ،‬وأظهر‬
‫ّ‬

‫العكبري‪ ،‬أبو البقاء عبد هللا بن الحسين‪ :‬التبيان في إعراب القرآن‪ ،‬وضع حواشيه محمد حسين شمس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‬ ‫‪.1‬‬
‫(‪1019‬هـ‪1992-‬م) ‪ ،‬ج (‪ ، )2|1‬ص ‪.242‬‬
‫أبو حيان‪ :‬البحر المحيط‪ ،‬ج (‪ )2\3‬ص ‪.110‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪11‬‬
‫الروعة والمهابة في القلب لإلشارة إلى الجهة التي صدرت عنها الفريضة‬
‫إلدخال ّ‬

‫الوصية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫و‬

‫وردت فاصلةً في اآلية‪ ،‬وهي تتألّف من (مصدر‪ +‬نعت)‬


‫ْ‬ ‫غير َّ‬
‫أن الجملة الثالثة‪،‬‬

‫مقدر ومحدد ومفروض‪.‬‬


‫بأنه ّ‬
‫حدده اهلل ّ‬
‫النصيب الذي ّ‬
‫ليصف ّ‬
‫َ‬ ‫عت‬
‫الن ُ‬
‫وقد جاء ّ‬
‫ْ‬

‫فعلية أفعالها مضارعة‬


‫القسم الثّاني‪ :‬جمل ّ‬
‫‪٠‬‬
‫‪( -‬يستفتونك)‬

‫‪٢‬‬
‫ذرّي ًة ضعافًا خافوا عليهم)‬
‫من خلفهم ّ‬
‫ش الذين لو تركوا ْ‬
‫‪( -‬وْلَي ْخ َ‬
‫‪٢‬‬
‫سديدا)‬
‫ً‬ ‫‪( -‬ف ْلَيتّقوا اهللَ وْليقولوا قوالً‬
‫‪4‬‬
‫‪( -‬يوصيكم اهللُ في أوالدكم)‬

‫‪7‬‬
‫أن تضلّوا)‬
‫ِّن اهللُ لكم ْ‬
‫‪( -‬يبي ُ‬

‫ٍ‬
‫بفعل مضارٍع مرفوٍع‪،‬‬ ‫أن الجملتين األولى وال ّرابعة والخامسة ابتدأت‬
‫ولعلّنا نالحظ ّ‬

‫أن استفتاء المسلمين للرسول ِ‬


‫بأمر‬ ‫للداللة على الحال واالستقبال والمداومة والثّبات‪ ،‬أي ّ‬

‫يبين اهلل الحكم فيه‪ ،‬وهذا‬ ‫يتم في ٍ‬


‫وقت مضى‪ّ ،‬إنما سيبقى هذا االستفتاء حتى ّ‬ ‫الكاللة ْلم َّ‬

‫انية‪ ،‬فهم ّإنما يسألون‬


‫يبيِّن مدى اهتمام المسلمين بتطبيق األحكام ال ّشرعية والقوانين الرّب ّ‬

‫للداللة على عشقهم للمنهج‪.‬‬


‫عن الحكم ّ‬

‫من اآلية‪114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫من اآلية ‪1‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية ‪9‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من اآلية ‪9‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫من اآلية ‪114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪12‬‬
‫الفعليةَ المضارعة َّ‬
‫ليدل على ّأنه تعالى‬ ‫المشرعُ الجملةَ‬ ‫الرابعة استخدم‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫وفي الجملة ّ‬

‫من آبائهم وأمهاتهم‪.‬‬


‫أرحم بهم ْ‬
‫يوصي الناس في أوالدهم باستمرار‪ ،‬فهو ُ‬

‫إن‬ ‫يبي ْن أحكامه في ٍ‬


‫زمن مضى فحسب‪ ،‬بل َّ‬ ‫يبين سبحانه ّأنه ْلم ّ‬
‫وفي الجملة الخامسة‪ّ ،‬‬

‫أحكامه ظاهرة في ِّ‬


‫كل زمان ومكان‪.‬‬

‫ضمير‪ ،‬وكذلك‬
‫ًا‬ ‫وقد جاء الفاع ُل فيها‬ ‫ٍ‬
‫وفاعل ومفعول به‪ْ ،‬‬ ‫وتتألّف الجملة األولى من ٍ‬
‫فعل‬

‫المفعول به‪ ،‬ويعود الضمير الواو على المسلمين الذين يقومون بفعل االستفتاء‪ ،‬بينما‬

‫عملية االستفتاء‪.‬‬
‫الرسول الذي تقع عليه ّ‬
‫يعود الضمير الكاف على ّ‬

‫مقدم (ضمير)‪ +‬فاعل‪ +‬جار ومجرور‪،‬‬


‫الرابعة تتألّف من‪ :‬فعل‪ +‬مفعول به ّ‬
‫والجملة ّ‬

‫فإن حقَّه‬
‫صال‪ ،‬ولذلك َّ‬
‫ضمير متّ ً‬
‫ًا‬ ‫واّنما قُ ِّد َم المفعول به على الفاعل َّ‬
‫ألن المفعول به أتى‬

‫وجوبا على الفاعل‪.‬‬


‫ً‬ ‫أن َّ‬
‫يتقد َم‬ ‫ْ‬

‫أن‪ +‬فعل‬
‫من‪ :‬فعل مضارع‪ +‬فاعل‪ +‬جار ومجرور‪ْ +‬‬
‫أما الجملة الخامسة‪ ،‬فتتألّف ْ‬
‫ّ‬

‫مضارع منصوب‪.‬‬

‫أن اهلل يبيِّن باستمرار أحكامه‬


‫الدوام في ّ‬
‫واّنما جاء الفعل المضارع ليد ّل على الحال و ّ‬

‫للناس‪ ،‬وجاء الفاعل اسماً ظاه اًر وهو لفظ الجاللة (اهلل) ليبعث الهيبة واإلجالل في‬

‫يبين اهلل لها أحكامه‪.‬‬


‫ليبينا الجهة التي ّ‬
‫النفوس والقلوب‪ ،‬وجاء الجار والمجرور ّ‬
‫ّ‬

‫متعد‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فال ُب َّد ْ‬


‫أن‬ ‫(يبين) الذي ورد في الجملة الخامسة هو فعل ٍّ‬ ‫غير َّ‬
‫أن الفعل ّ‬

‫(أن‬
‫أن المصدر المؤول ْ‬ ‫ٍ‬
‫مفعول به يتمم معناه‪ ،‬فإذا زعمنا َّ‬ ‫نبحث في سياق الجملة عن‬
‫َ‬

‫‪19‬‬
‫المصدر(يبين اهلل لكم‬
‫ّ‬ ‫تضلوا) واقع في محل نصب مفعول به لفعل (يبيِّن)‪ُ ،‬يصبح تأويل‬

‫الضالل لتجتنبوه)‪.‬‬

‫أن ال تضلّوا‬ ‫والواقع‪َّ ،‬‬


‫أن في هذه اآلية قولين‪ ،‬قال بعضهم‪" :‬المعنى يبيِّن اهلل لكم ْ‬
‫فأ ِ‬
‫أن‬ ‫إن (ال) ال تُضمر‪ ،‬وا َّن المعنى‪ :‬يبي ُ‬
‫ِّن اهلل لكم كراهةَ ْ‬ ‫ت ال‪ .‬وقال البصرّيون‪َّ :‬‬
‫ُضم َر ْ‬

‫ِ‬
‫الكالم دليالً عليها‪.٠"...‬‬ ‫ولكن ُح ِذفَ ْ‬
‫ت (كراهة)‪َّ ،‬‬
‫ألن في‬ ‫تضلوا‪ْ ،‬‬

‫أن وما بعدها المسبوقة بـ(ال)‬


‫من ْ‬
‫المؤول ْ‬
‫ّ‬ ‫أن يكون المصدر‬
‫السياق ْ‬
‫وهكذا‪ ،‬يحمل ّ‬

‫أما إذا أخذنا برأي البصريين‬


‫مضمرة‪ ،‬واقعة في محل نصب مفعول به للفعل (يبيِّن)‪ّ ،‬‬

‫أن تضلوا‪ ،‬فال يمكننا‬ ‫أن (ال) ال تُضمر‪ ،‬و َّ‬


‫أن المعنى المقصود‪ :‬يبيِّن اهلل لكم كراهةَ ْ‬ ‫في َّ‬

‫(يبين)‪ ،‬إنما هي مفعول ألجله له‪ .‬وهكذا‪،‬‬ ‫أن َّ‬


‫نعد كلمة كراهة مفعوالً به للفعل ّ‬ ‫كذلك ْ‬

‫يميل الباحث إلى َّ‬


‫أن المفعول به للفعل يبيِّن محذوف يد ّل عليه سياق اآلية‪ ،‬والتّقدير‪:‬‬

‫جر باإلضافة من‬


‫المؤول(أن تضلّوا) واقع في محل ِّ‬
‫ْ‬ ‫ِّن اهللُ لكم أحكامه) والمصدر‬
‫(يبي ُ‬

‫المضاف المحذوف (كراهةَ)‪ ،‬والتّقدير‪( :‬يبيِّن اهلل لكم كراهةَ ضاللكم)‪ ،‬وان كان بعض‬

‫النحويين يرى َّ‬


‫أن المصدر(أن تضلوا) واقع في محل نصب مفعول ألجله‪.‬‬ ‫ّ‬

‫غير َّ‬
‫أن الجملتين الثانية والثالثة ابتدأتا بفعل مضارع مسبوق بالم األمر‪ ،‬مما جعل‬

‫الفعلين يدالن على األمر‪ ،‬ومن المعروف َّ‬


‫أن الكوفيين إنما ُيدرجون أفعال األمر تحت‬

‫باب األفعال المضارعة المجزومة بالم األمر التي ُح ِذ ْ‬


‫فت المها‪.‬‬

‫الزجاج‪ :‬تهذيب معاني القرآن وإعرابه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.144‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪24‬‬
‫أن الجملتين الثّانية والثّالثة ّإنما وردتا في ٍ‬
‫آية واحدة‪ ،‬وفيهما ثالثة أفعال تفيد‬ ‫والواقع‪َّ ،‬‬

‫المشرع هذه األفعال ليفيد إلى ّأنه‬


‫ِّ‬ ‫يخش) و(فليتّقوا) و(وليقولوا)‪ ،‬واّنما استخدم‬
‫األمر(وْل َ‬

‫أن يخشى اهلل‬


‫وصيته على شرع اهلل‪ ،‬وهي ْ‬
‫ّ‬ ‫يأمر الموصي بثالثة أوامر حتى تكون‬

‫الوصية‬
‫ّ‬ ‫وصيته‪ ،‬ويكون قوله في‬
‫ّ‬ ‫أن يتّقي اهلل في‬
‫الوصية‪ ،‬و ْ‬
‫ّ‬ ‫وعقابه فال يجحف في‬

‫سديدا‪.‬‬
‫ً‬

‫يخش)‬ ‫كل ٍ‬
‫فعل من األفعال في قوله (وْل َ‬ ‫رت قبل ِّ‬
‫تكر ْ‬ ‫ولعلّنا نالحظُ َّ‬
‫أن الم األمر ّ‬

‫أن يلتزم الموصي بهذه األفعال لتحقيق الغاية‬


‫أهمّية ْ‬
‫للداللة على ّ‬
‫و(فليتّقوا) و(وليقولوا) ّ‬

‫الوصية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المنشودة من‬

‫ليبي َن نوع القول الذي يأمر‬


‫وقد استخدم القرآن المفعول المطلق (وليقولوا قوالً سديداً) ّ‬

‫سديدا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫أن يقوله الموصي وهو "قوالً‬
‫تعالى ْ‬

‫دراسة الجمل الشرطية‪ ،‬وتحليلها‬

‫استخداما في آيات الميراث‪ ،‬هي الجمل الشرطية‪ ،‬وذلك‬


‫ً‬
‫ِ‬
‫الجمل‬ ‫أكثر‬
‫أن َ‬‫لعلَّنا نالحظُ َّ‬

‫تختلف‬
‫ُ‬ ‫نصيب المستحقين للميراث‪ ،‬مرتبطٌ بشروط‪ُّ ،‬‬
‫وكل شرط‬ ‫َ‬ ‫أمر ُم َّبرر‪ ،‬حيث َّ‬
‫إن‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬

‫ت في‬ ‫بع آيات من ِ‬


‫آيات الميراث التي َوَرَد ْ‬ ‫حصي في أر ِ‬‫أن ُي‬
‫َ‬ ‫الباحث ْ‬
‫ُ‬ ‫اع‬
‫نتيجتُهُ‪ ،‬وقد استط َ‬

‫خلص إلى النتائج‬


‫َ‬ ‫عشر جملةً شرطية‪ ،‬وبعد تتبعه للظواهر النحوية‪،‬‬
‫تسعةَ َ‬
‫سورة النساء‪َ ،‬‬

‫اآلتية‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫أ) استخدام أداة الشرط‬

‫بع أدوات للشرط‪ ،‬ليس غير‪ ،‬اسم جازم وهو‬


‫استخد َم القرآن في آيات المواريث‪ ،‬أر َ‬
‫َ‬

‫(م ْن)‪ ،‬وظرف لما ُيستقبل من الزمان يتضمن معنى الشرط‪ ،‬وهو (إذا)‪ ،‬وحرفان‪ ،‬أحدهما‬
‫َ‬

‫(إن)‪ ،‬وآخر غير جازم وهو (لو)‪.‬‬


‫جازم وهو ْ‬

‫(م ْن) الشرطية فقد وردت في موضعين هما‪:‬‬


‫فأما َ‬
‫‪٠‬‬
‫يبدلونه)‬
‫فإنما إثمه على الذين ّ‬ ‫(فم ْن َّ‬
‫بدله بعدما سمعه ّ‬ ‫‪َ -‬‬
‫‪٢‬‬
‫إثم عليه)‬ ‫ٍ‬
‫فأصلح بينهم فال َ‬
‫َ‬ ‫إثما‬
‫موص َجَنفًا أو ً‬ ‫من‬
‫خاف ْ‬
‫َ‬ ‫‪( -‬فَ َم ْن‬

‫‪ -‬وأما (إذا) و(لو)‪ ،‬فقد ورد ك ٌّل منها في موضع واحد‪:‬‬

‫المساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قوالً‬ ‫‪( -‬واذا حضر ِ‬


‫الق ْسمةَ أولو القربى واليتامى و‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪٢‬‬
‫معروفًا)‬

‫‪4‬‬
‫ذرّي ًة ضعافًا خافوا عليهم)‬
‫من خلفهم ّ‬
‫‪( -‬لو تركوا ْ‬

‫موضعا‪:‬‬
‫ً‬ ‫(إن) في بقية المواضع‪ ،‬أي في ستةَ عشر‬
‫‪ -‬ووردت ْ‬
‫‪7‬‬
‫فلهن ثلثا ما ترك)‬ ‫ِ‬
‫اثنتين َّ‬ ‫نساء فوق‬
‫ً‬ ‫(فإن َّ‬
‫كن‬ ‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫النصف)‬
‫كانت واحدةً فلها ّ‬
‫ْ‬ ‫‪( -‬وا ْن‬

‫‪7‬‬
‫كان له ولد)‬ ‫ألبويه ِّ ٍ‬
‫‪( -‬و ِ‬
‫إن َ‬‫ترك ْ‬
‫دس مما َ‬
‫الس ُ‬
‫لكل واحد منهما ّ‬

‫من اآلية ‪121‬‬ ‫سورة البقرة‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫من اآلية ‪122‬‬ ‫سورة البقرة‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية ‪2‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من اآلية ‪9‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫من اآلية ‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫من اآلية‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫من اآلية ‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪22‬‬
‫‪٠‬‬
‫فألم ِه الثّلث)‬
‫ولد وورثه أبواه ّ‬
‫يكن له ٌ‬
‫(فإن ْلم ْ‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪٢‬‬
‫وصي ٍة يوصي بها أو َدين)‬
‫ّ‬ ‫‪( -‬فإن كان له إخوةٌ فألمه السدس من ِ‬
‫بعد‬ ‫ّ ّ‬ ‫ْ َ‬
‫‪٢‬‬
‫ولد)‬ ‫يكن َّ‬
‫لهن ٌ‬ ‫إن ْلم ْ‬
‫اجكم ْ‬
‫ك أزو ُ‬
‫نصف ما تر َ‬
‫ُ‬ ‫‪( -‬ولكم‬

‫‪4‬‬ ‫وصي ٍة ِ‬
‫يوص ْي َن بها أو َد ْي ِن)‬ ‫ولد فلكم الربع مما تركن من ِ‬
‫بعد‬ ‫كان َّ‬
‫لهن ٌ‬
‫ّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(فإن َ‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪7‬‬
‫ولد)‬
‫يكن لكم ٌ‬
‫إن ْلم ْ‬
‫مما تركتم ْ‬
‫الربعُ ّ‬ ‫َّ‬
‫(ولهن ُّ‬ ‫‪-‬‬

‫يوص ََى بها أو َد ٍ‬


‫ين‬ ‫َ‬ ‫وصي ٍة‬
‫ّ‬ ‫فلهن الثّمن مما تركتم من ِ‬
‫بعد‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ولد َّ‬
‫كان لكم ٌ‬
‫(فإن َ‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫مضار)‬
‫َّ‬ ‫غير‬
‫َ‬
‫‪7‬‬
‫السدس)‬ ‫أخت ِّ ٍ‬
‫فلكل واحد منهما ّ‬ ‫أخ أو ٌ‬
‫ث كاللةً أو امرأةٌ وله ٌ‬
‫يور ُ‬
‫كان رج ٌل َ‬
‫‪( -‬وا ْن َ‬

‫وصي ٍة يوصى بها أو َد ٍ‬


‫ين‬ ‫َّ‬ ‫‪( -‬فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثّلث من ِ‬
‫بعد‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫‪8‬‬
‫ضار)‬
‫غير ُم ّ‬
‫َ‬
‫‪9‬‬
‫ف ما ترك)‬
‫ص ُ‬ ‫ِ‬
‫أخت فلها ن ْ‬
‫ولد وله ٌ‬
‫هلك ليس له ٌ‬
‫امرؤ َ‬
‫‪( -‬إن ٌ‬
‫‪٠١‬‬
‫يكن لها ولد)‬
‫إن ْلم ْ‬
‫‪( -‬وهو يرثها ْ‬
‫‪٠٠‬‬
‫مما ترك)‬ ‫اثنتين فلهما الثّ ِ‬
‫لثان ّ‬ ‫ِ‬ ‫(فإن كانتا‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪٠٢‬‬
‫كر مث ُل حظِّ األنثيين)‬
‫ونساء فلل ّذ ِ‬
‫ً‬ ‫‪( -‬وا ْن كانوا إخوةً رجاالً‬

‫من اآلية‪11‬‬ ‫‪ .1‬سورة النّساء‪،‬‬


‫من اآلية‪11‬‬ ‫‪ .2‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية ‪12‬‬ ‫‪ .3‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫‪ .0‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫‪ .5‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫‪ .4‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫‪ .1‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫‪ .2‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪114‬‬ ‫‪ .9‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية ‪114‬‬ ‫‪ .14‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪114‬‬ ‫‪ .11‬سورة النّساء‪،‬‬
‫من اآلية‪114‬‬ ‫‪ .12‬سورة النّساء‪،‬‬
‫‪23‬‬
‫ألنه‬
‫(م ْن) الشرطية دون غيرها في الموضعين اللذين ذكرناهما ّ‬
‫المشرع َ‬
‫وقد استخدم ُ‬
‫ِ‬
‫العاقل‪ ،‬في َمعرض حديثه عن الذين يبدلّون في الوصية‪،‬‬ ‫طب‬
‫يشير بها إلى المخا َ‬
‫كان ُ‬‫َ‬

‫أن‬
‫من الموصي جنفًا أو إجحافًا‪ ،‬واستخدم (إذا) في الشرط الذي أراد ْ‬
‫ممن يخافون ْ‬
‫أو ْ‬

‫ظرفيةً إال ّأنها قد تد ّل على ال ّشرط؛ كما‬


‫ّ‬ ‫ِ‬
‫األصل‬ ‫يضمَنهُ الظّرفية‪ ،‬حيث َّ‬
‫إن (إذا) في‬ ‫ِّ‬

‫ض لل ّشرط‬
‫تتمح ُ‬
‫غير ّأنها ّ‬
‫المفصل‪" :‬فهي في بدئها تدل على الظّرف َ‬
‫ّ‬ ‫قال ابن يعيش في‬

‫حيث لم تُِف ْد (إذا) ال ّشرط فحسب‪ ،‬إنما أشارت إلى الظرفية‪،‬‬ ‫‪٠‬‬
‫ت معنى الجزاء" ‪ُ ،‬‬
‫ض ِّمَن ْ‬
‫إذا ُ‬
‫متضمًنا معنى الظرفية‪ .‬فقوله تعالى‪( :‬واذا حضر ِ‬
‫الق ْسمةَ أولو القربى‬ ‫ِّ‬ ‫مما يجعل الشرط‬
‫َ‬ ‫ّ‬

‫المساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قوالً معروفًا)‪ ،٢‬أي إذا حصل حضور‬
‫ُ‬ ‫واليتامى و‬

‫أن ُي ْعطوا‬
‫القسمة من أولي القربى واليتامى والمساكين‪ ،‬في وقت توزيع القسمة‪ ،‬فينبغي ْ‬

‫أن ُيقال لهم قوالً معروفًا‪.‬‬


‫نصيبا‪ ،‬و ْ‬
‫ً‬ ‫منه‬

‫واذا كانت (إذا) الشرطية أو الظرفية تدخ ُل في األغلب على ما هو ُمتََيقَّ ٌن حدوثه‪،‬‬

‫و(إن)‬
‫ْ‬ ‫حتمي الوقوع‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫الموت‬
‫َ‬ ‫كقوله تعالى ( ُكتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت)‪َّ ٢‬‬
‫ألن‬

‫يب ‪ ،‬كقوله تعالى في تكملة اآلية نفسها (إن‬ ‫يقنا وفيه ٌّ‬
‫شك ور ٌ‬ ‫ليس ُمتَ ً‬
‫تدخ ُل على ما هو َ‬

‫خير حين‬
‫ت ًا‬‫المي ُ‬
‫ك ْ‬ ‫أن يتر َ‬
‫ط ْ‬ ‫الوصيةَ للوالدين واألقربين بالمعروف)‪َّ ،4‬‬
‫ألن شر َ‬ ‫ّ‬ ‫خير‬
‫ترك ًا‬

‫وفاته ليس ُمتََيقَّ َن الحصول‪.‬‬

‫د‪ .‬عبد السالم المسدي‪ ،‬د‪ .‬محمد الهادي الطرابلسي‪ :‬الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفية‪ ،‬ص‪.42‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬اآلية ‪2‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية‪.124‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية‪.124‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪20‬‬
‫َّ‬
‫(إن) و(إذا) ال نجده ُمط ِرًدا في الشواهد ّ‬
‫النحوية‬ ‫غير َّ‬
‫أن هذا التباين في المعنى بين ْ‬ ‫َ‬
‫األحيان يستخدم (إن) في ٍ‬
‫شرط‬ ‫ِ‬ ‫كلِّها التي ُي ُّ‬
‫حتج بها‪ ،‬بل إننا نجد أن القرآن في ٍ‬
‫كثير من‬
‫ُ‬

‫(أفإن مات‬
‫ْ‬ ‫متيقَّ ٍن حدوثُهُ كما في قوله تعالى ُمخب اًر عن ّ‬
‫نبيه محمد صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫َ‬

‫ابن يعيش يقول‪" :‬وربما استُ ْع ِملَ ْ‬ ‫ِ‬


‫‪٠‬‬
‫إن في‬
‫ت ْ‬ ‫أو قُت َل انقلبتم على أعقابكم) ‪ ،‬وهذا جع َل َ‬

‫الفرق بينهما لما بينهما من ال ّش ِركة‪ ،‬وتقول ْ‬


‫من‬ ‫ُ‬ ‫يبي ُن‬
‫إن‪ ،‬وال ْ‬
‫مواضع إذا‪ ،‬واذا في مواضع ْ‬

‫كان موتُه كائناً ال محالة فهو من مواضع (إذا) إال َّ‬


‫أن‬ ‫إن ُّ‬
‫مت فاقضوا ديني‪ ،‬وا ْن َ‬ ‫ذلك‪ْ :‬‬

‫مات أو قُتل انقلبتم‬


‫(أفإن َ‬
‫ْ‬ ‫(إن) فيه‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫جاز استعمال ْ‬ ‫يكن َّ‬
‫متعيًنا َ‬ ‫لما ْلم ْ‬
‫زمانهُ ّ‬
‫َ‬

‫على أعقابكم)"‪.٢‬‬

‫(إن) في مواضع (إذا)‪،‬‬ ‫يشير إلى َّأنه ْ‬


‫إن جاز استخدام ْ‬ ‫ُ‬ ‫إال َّ‬
‫أن كالم ابن يعيش‬

‫المعاني‬
‫َ‬ ‫والعكس صحيح‪ ،‬إنما يكون ذلك لسبب؛ وهذا ما يجعلُنا نبحث عن السبب لنفقهَ‬

‫أكثر‪.‬‬
‫المقصودةَ َ‬
‫لقد استخدم اهلل سبحانه وتعالى (إذا) في آية الميراث‪( :‬واذا حضر ِ‬
‫الق ْسمةَ أولو القربى‬ ‫َ‬

‫المساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قوالً معروفًا)‪ ،٢‬مع أن حضور القسمةَ ليس‬
‫ُ‬ ‫واليتامى و‬

‫ِ‬
‫حدوث هذا األمر‪ ،‬وهو‬ ‫للداللة على كثرِة‬
‫أمر متيقًّنا حدوثه‪ّ ،‬إال ّأنه تعالى استخدم (إذا) ّ‬
‫ًا‬

‫أن‬
‫ألنه تعالى أر َاد ْ‬
‫حضور أولي القربى واليتامى والمساكين أو فئة منها القسمة‪ ،‬أو ّ‬

‫َّ‬
‫يحضهم على حضور قسمة الميراث‪.‬‬

‫سورة آل عمران‪ ،‬من اآلية ‪.100‬‬ ‫‪.1‬‬


‫د‪ .‬عبد السالم المسدي‪ ،‬د‪ .‬محمد الهادي الطرابلسي‪ :‬الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفية ‪ ،‬ص‪.49-42‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬اآلية ‪2‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪25‬‬
‫أما بالنسبة لحرف الشرط (لو)‪ ،‬فقد ورد في آيات الميراث م ّرة واحدةً‪ ،‬في قوله تعالى‪:‬‬
‫ّ‬

‫ذرّيةً ضعافًا خافوا عليهم)‪ ،٠‬والمعنى المقصود من اآلية‪ ،‬ال يمكن‬


‫من خلفهم ّ‬
‫(لو تركوا ْ‬
‫ٍ‬
‫شرط سوى هذا الحرف‪ .‬فلما كان جواب الشرط (خافوا عليهم) لم‬ ‫حرف‬
‫ُ‬ ‫يؤدَيه‬
‫أن ّ‬‫ْ‬

‫استخدام‬
‫ُ‬ ‫كان ِم َن َّ‬
‫المبرِر‬ ‫يتحقّ ْق‪ ،‬لعدم تحقّ ِ‬
‫ق فعل الشرط (تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا)‪َ ،‬‬

‫يفيد امتناع الجواب المتناع الشرط‪.‬‬


‫حرف الشرط (لو)‪ ،‬الذي ُ‬

‫استخداما في الجمل الشرطية في آيات المواريث‪ ،‬إنما هي‬


‫ً‬ ‫أما أداة الشرط األكثر‬

‫موضعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫استُخدمت في خمسة عشر‬
‫(إن) التي ذكرنا أنها ْ‬
‫الحرف ْ‬

‫ويعود ذلك إلى‬


‫ُ‬ ‫عد أر َس باب الشرط‪ ،‬أو ّأم الباب‪،‬‬
‫(إن) في نظر النحاة تُ ّ‬
‫أن ْ‬‫والواقع‪َّ ،‬‬

‫ظاهرتين ُذكرتا في كتاب (الشرط في القرآن)‪:‬‬

‫ك عنه في‬
‫ض لمعنى الشرط بحيث ال تنف ّ‬
‫تتمح ُ‬ ‫"أوالهما َّ‬
‫أن هذه األداة هي الوحيدة التي ّ‬

‫اطن منها قوله‪:‬‬ ‫يعيش في ّ ِ‬


‫عدة مو َ‬ ‫َ‬ ‫ابن‬
‫تعبر عن غيره‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك ُ‬
‫االستعمال‪ ،‬وال ّ‬

‫(إن) ّأم هذا الباب للزومها هذا المعنى وعدم خروجها عنه إلى غيره‪ .‬وأما‬
‫أن ْ‬‫علم َّ‬
‫"وا ْ‬

‫رطي بها‪.٢"..‬‬
‫الظاهرة الثانية‪ ،‬وهي نتيجة طبيعية لألولى‪ ،‬فتتمثّل في اطّراد التركيب ال ّش ّ‬

‫التفصيلية التي فيها تحديد ألنصبة المستحقين لإلرث‪ ،‬أرادها‬


‫ّ‬ ‫وبما َّ‬
‫أن أحكام الميراث‬

‫متضمنة معنى الشرط دون غيره من المعاني‪ ،‬ليد ّل على َّ‬


‫أن أنصبة المستحقّين‬ ‫ّ‬ ‫المشرعُ‬
‫ِّ‬

‫(إن)‬ ‫ِ‬ ‫المبرِر‬


‫استخدام حرف ال ّشرط ْ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫مشروطةٌ بتطابق الشروط ليس غير‪ ،‬كان من‬

‫المتمحض لل ّشرطية‪.‬‬
‫ّ‬

‫سورة النّساء‪ ،‬اآلية ‪. 9‬‬ ‫‪.1‬‬


‫د‪ .‬عبد السالم المسدي‪ ،‬د‪ .‬محمد الهادي الطرابلسي‪ :‬الشرط في القرآن على نهج اللسانيات الوصفية ‪ ،‬ص‪.22-21‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪24‬‬
‫وعي لجمل الشرط (الشرط والجواب)‬
‫ب) التّصنيف ال ّن ّ‬

‫أن جملةَ ال ّشرط في اللغة العر ّبية تتألف من ثالثة أركان‪ :‬أداة الشرط‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المعروف َّ‬ ‫من‬

‫إن ْلم َّ‬


‫نعده‬ ‫اسما‪ ،‬أو حرفًا‪ ،‬أو ظرفًا‪ْ ،‬‬
‫أن تكون ً‬
‫والشرط‪ ،‬وجواب الشرط‪ .‬وأداة الشرط‪ ،‬إما ْ‬

‫ذكرنا َّ‬
‫أن أدوات الشرط المستخدمة في الجمل الواردة في آيات الميراث‪ ،‬إنما‬ ‫وقد ْ‬
‫اسماً‪ْ .‬‬

‫(م ْن) االسمية الجازمة‪ ،‬و(لو) الحرفية غير الجازمة‪ ،‬و(إذا) الظرفية غير الجازمة‪،‬‬
‫هي َ‬

‫و(إن) الحرفية الجازمة‪.‬‬

‫ِ‬
‫بتحليل نوع الطّرفين الداخلين في‬ ‫نقوم‬
‫أن َ‬ ‫حوي للجمل الشرطية‪ْ ،‬‬
‫الن ُّ‬
‫ويقتضي التّحلي ُل ّ‬

‫الخاصّية البارزة في هذا السياق‬


‫ّ‬ ‫التركيب الشرطي‪ ،‬ونعني بذلك ال ّشرط والجواب‪ .‬و‬

‫بالنسبة إلى الجملة الشرطية‪ ،‬تتمثّل في مدى ائتالف طرف الشرط وطرف الجواب أو‬
‫ّ‬

‫ويقصد باالئتالف ورودهما جملتين من النوع نفسه كأن تكونان‬


‫مدى اختالفهما نوعاً‪ً .‬‬

‫قصد باالختالف ورودهما متنوعتين‪.‬‬


‫وي َ‬
‫فعليتين أو اسميتين‪ُ ،‬‬

‫ائتالف الطرفين‪:‬‬

‫يرد في الجمل الشرطية في آيات المواريث‪ ،‬الشرط فعالً‬


‫‪ -٠‬االئتالف في الفعلية‪ :‬لم ْ‬

‫فعال كذلك‪ ،‬سوى في موضعين‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪( :‬واذا حضر ِ‬


‫الق ْسمةَ أولو‬ ‫وجوابه ً‬
‫َ‬
‫‪٠‬‬
‫من‬
‫المساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قوالً معروفًا) ‪ ،‬وقوله‪( :‬لو تركوا ْ‬
‫ُ‬ ‫القربى واليتامى و‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪2‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪21‬‬
‫ذرّيةً ضعافًا خافوا عليهم)‪ .٠‬والمالحظ أن هاتين اآليتين ليستا من آيات الميراث‬
‫خلفهم ّ‬

‫التفصيلية التي فيها تحديد لألنصبة‪.‬‬

‫الفعلية ال يستكمل مغزاه إال‬


‫ّ‬ ‫نوعيةُ‬
‫الحديث عن ائتالف جزَئي الشرط من حيث ّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ولعل‬

‫آخ َر في صلبه هو تنوع أزمنة األفعال الثالثة‪ :‬الماضي والمضارع‬


‫تنوٍع َ‬
‫بالتعرض إلى ّ‬
‫ّ‬

‫واألمر‪ ،‬ونالحظ أنه ورد في اآلية األولى‪ :‬أداة الشرط (إذا)– فعل ماض (حضر)– فعل‬

‫أمر (ارزقوهم)‪.‬‬

‫وفي اآلية الثانية‪ :‬أداة الشرط (لو)– فعل ماض (تركوا)– فعل ماض (خافوا)‪.‬‬

‫أن يحقّقوا جواب الشرط‬


‫ع في اآلية األولى يأمر المسلمين ْ‬
‫المشر َ‬
‫ِّ‬ ‫والسبب في ذلك أن‬

‫(ارزقوهم)‪ ،‬في حال حصل الشرط‪( :‬واذا حضر ِ‬


‫الق ْسمةَ أولو القربى واليتامى‬ ‫َ‬

‫إخبار لما هو‬


‫ٌ‬ ‫المشرع‪ ،‬إنما فيها‬
‫ّ‬ ‫المساكين)‪ ،‬أما في اآلية الثانية‪ ،‬فليس فيها طلب من‬
‫ُ‬ ‫و‬

‫بمجرد‬
‫ّ‬ ‫أن يحص َل‪ ،‬حيث َّ‬
‫إن جواب الشرط‪ ،‬سيحص ُل بشكل تلقائي (ارزقوهم)‪،‬‬ ‫طبيعي ْ‬

‫حصول فعل الشرط (تركوا من خلفهم ذرية ضعافا)‪.‬‬

‫ألنه جاء فعال طلبياً‪ ،‬وهو‬


‫ورد جواب الشرط في اآلية األولى مقترًنا بفاء الجزاء‪ّ ،‬‬
‫وقد َ‬

‫فعل األمر (ارزقوهم)‪ ،‬ولم ِ‬


‫يأت جواب الشرط في اآلية الثانية مقترًنا بفاء الجزاء‪َّ ،‬‬
‫ألن‬

‫حويون في وجوب اقتران الجواب‬


‫الن ّ‬
‫ذكرها ّ‬ ‫ِ‬
‫الجواب‪ْ ،‬لم يأت في حالة من األحوال التي َ‬

‫بفاء الجزاء‪.‬‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪9‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪22‬‬
‫فسنجد‬
‫ُ‬ ‫‪ -٢‬االئتالف في االسمية‪ :‬إذا َع َد ْدنا جملةَ الشرط المنسوخة بكان‪ ،‬جمل ًة اسمية‪،‬‬

‫أن الجم َل الشرطية التي وردت في آيات الميراث‪ ،‬مما ائتُلِف شرطُها وجوابها وكانا جمالً‬
‫َّ‬

‫اسمية‪ ،‬خمس عشرة جملة‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪٠‬‬
‫فلهن ثلثا ما ترك)‬ ‫ِ‬
‫اثنتين َّ‬ ‫نساء فوق‬
‫ً‬ ‫(فإن َّ‬
‫كن‬ ‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪٢‬‬
‫النصف)‬
‫كانت واحدةً فلها ّ‬
‫ْ‬ ‫‪( -‬وا ْن‬

‫‪٢‬‬
‫كان له ولد)‬ ‫ألبويه ِّ ٍ‬
‫‪( -‬و ِ‬
‫إن َ‬‫ترك ْ‬
‫دس مما َ‬
‫الس ُ‬
‫لكل واحد منهما ّ‬
‫‪4‬‬
‫فألم ِه الثّلث)‬
‫ولد وورثه أبواه ّ‬
‫يكن له ٌ‬
‫(فإن ْلم ْ‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪7‬‬
‫وصي ٍة يوصي بها أو َدين)‬
‫ّ‬ ‫‪( -‬فإن كان له إخوةٌ فألمه السدس من ِ‬
‫بعد‬ ‫ّ ّ‬ ‫ْ َ‬
‫‪1‬‬
‫ولد)‬ ‫يكن َّ‬
‫لهن ٌ‬ ‫إن ْلم ْ‬
‫اجكم ْ‬
‫ك أزو ُ‬
‫نصف ما تر َ‬
‫ُ‬ ‫‪( -‬ولكم‬

‫‪7‬‬ ‫وصي ٍة ِ‬
‫يوص ْي َن بها أو َد ْي ِن)‬ ‫ولد فلكم الربع مما تركن من ِ‬
‫بعد‬ ‫كان َّ‬
‫لهن ٌ‬
‫ّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(فإن َ‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪8‬‬
‫ولد)‬
‫يكن لكم ٌ‬
‫إن ْلم ْ‬
‫مما تركتم ْ‬
‫الربعُ ّ‬ ‫َّ‬
‫(ولهن ُّ‬ ‫‪-‬‬

‫غير‬ ‫يوصى بها أو َد ٍ‬


‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫وصي ٍة‬
‫ّ‬ ‫فلهن الثّمن مما تركتم من ِ‬
‫بعد‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ولد َّ‬
‫كان لكم ٌ‬
‫فإن َ‬
‫‪ْ ( -‬‬
‫‪9‬‬
‫مضار)‬
‫َّ‬
‫‪٠١‬‬
‫السدس)‬ ‫أخت ِّ ٍ‬
‫فلكل واحد منهما ّ‬ ‫أخ أو ٌ‬
‫ث كاللةً أوامرأةٌ وله ٌ‬
‫يور ُ‬
‫كان رج ٌل َ‬
‫‪( -‬وا ْن َ‬

‫من اآلية ‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫من اآلية‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية ‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من اآلية‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫من اآلية‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫من اآلية ‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫من اآلية ‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.9‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫‪29‬‬
‫وصي ٍة يوصى بها أو َد ٍ‬
‫ين‬ ‫َّ‬ ‫‪( -‬فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثّلث من ِ‬
‫بعد‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫‪٠‬‬
‫ضار)‬
‫غير ُم ّ‬
‫َ‬
‫‪٢‬‬
‫ف ما ترك)‬
‫ص ُ‬ ‫ِ‬
‫أخت فلها ن ْ‬
‫ولد وله ٌ‬
‫هلك ليس له ٌ‬
‫امرؤ َ‬
‫‪( -‬إن ٌ‬
‫‪٢‬‬
‫يكن لها ولد)‬
‫إن ْلم ْ‬
‫‪( -‬وهو يرثها ْ‬
‫‪4‬‬
‫مما ترك)‬ ‫اثنتين فلهما الثّ ِ‬
‫لثان ّ‬ ‫ِ‬ ‫(فإن كانتا‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪7‬‬
‫كر مث ُل حظِّ األنثيين)‬
‫ونساء فلل ّذ ِ‬
‫ً‬ ‫‪( -‬وا ْن كانوا إخوةً رجاالً‬

‫إن‪ ،‬غير أن‬


‫ولع ّل أول ما نالحظه في هذه اآليات أن أداة الشرط في جميعها هي ْ‬

‫(إن) في صدر الجملة‪ ،‬وأخرى كانت جزًءا من جملة اسمية‪ ،‬فكأن‬


‫ثمة آيات أتت فيها ْ‬
‫ّ‬

‫الجملة اسمية مقيدة بشرط‪ ،‬وقد درسنا هذه الجمل وحللناها تحليالً نحويا في الموضع‬

‫الذي تحدثنا فيه عن الجمل االسمية المقيدة بشرط في آيات المواريث‪ ،‬وهذه الجمل هي‬

‫أربع‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫كان له ولد)‬ ‫ألبويه ِّ ٍ‬
‫‪( -‬و ِ‬
‫إن َ‬‫ترك ْ‬
‫دس مما َ‬
‫الس ُ‬
‫لكل واحد منهما ّ‬
‫‪7‬‬
‫ولد)‬ ‫يكن َّ‬
‫لهن ٌ‬ ‫إن ْلم ْ‬
‫اجكم ْ‬
‫ك أزو ُ‬
‫نصف ما تر َ‬
‫ُ‬ ‫‪( -‬ولكم‬

‫‪8‬‬
‫ولد)‬
‫يكن لكم ٌ‬
‫إن ْلم ْ‬
‫مما تركتم ْ‬
‫الربعُ ّ‬ ‫َّ‬
‫(ولهن ُّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪٠‬‬
‫يكن لها ولد)‬
‫إن ْلم ْ‬
‫‪( -‬وهو يرثها ْ‬

‫من اآلية‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫من اآلية‪114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية ‪114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من اآلية‪114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫من اآلية‪114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫من اآلية ‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫من اآلية ‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪94‬‬
‫(إن)‪ ،‬فقد جاءت كلُّها ُم َّ‬
‫صد َرةً‬ ‫ف الشرط ْ‬
‫ت َح ْر َ‬
‫ض َّمَن ْ‬
‫بقية الجمل الشرطية التي تَ َ‬
‫أما ّ‬

‫بإن الشرطية مسبوقة بواو عطف أو استئناف‪ ،‬أو فاء عطف أو استئناف‪ ،‬وكان الشرط‬
‫ْ‬

‫أخت‬
‫ولد وله ٌ‬
‫ك ليس له ٌ‬
‫امرؤ هل َ‬
‫منسوخا بكان إال في جملة واحدة في قوله تعالى‪( :‬إن ٌ‬
‫ً‬

‫ولد وورثه‬
‫يكن له ٌ‬
‫‪٢‬‬ ‫ِ‬
‫(فإن ْلم ْ‬
‫ف ما ترك) ‪ ،‬ووردت كان مرة منفية في قوله تعالى‪ْ :‬‬
‫ص ُ‬
‫فلها ن ْ‬

‫تامةً في قوله تعالى‪:‬‬ ‫أن َّ‬ ‫‪٢‬‬ ‫ِ‬


‫نعدها ّ‬ ‫فألمه الثّلث) ‪ ،‬ووردت في جملة واحدة يمكن فيها ْ‬
‫أبواه ّ‬

‫ث)‪ ،4‬وكان جواب الشرط في الجمل كلِّها مقترًنا بفاء الجزاء‪ ،‬وجواب‬
‫يور ُ‬
‫كان رج ٌل َ‬
‫(وا ْن َ‬
‫ٍ‬
‫معطوف عليه‪ ،‬وهي أغلب‬ ‫غير‬
‫ورد فيها ال ّشرط َ‬
‫جمال َ‬
‫ثمةَ ً‬
‫الشرط جملة اسمية‪ .‬غير أن ّ‬

‫للداللة على أن نتيجة‬


‫الجمل‪ ،‬وثمة جملتان ورد فيهما الشرط معطوفًا على جملة أخرى‪ّ ،‬‬

‫شرط و ٍ‬
‫احد‪.‬‬ ‫الشرط ال تتحقق إال بتحقق الشرطين‪ ،‬وليس بتحقق ٍ‬

‫وأما الجمل التي ورد فيها الشرط غير معطوف عليه‪ ،‬فهي‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫فلهن ثلثا ما ترك)‬ ‫ِ‬
‫اثنتين َّ‬ ‫نساء فوق‬
‫ً‬ ‫(فإن َّ‬
‫كن‬ ‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫النصف)‬
‫كانت واحدةً فلها ّ‬
‫ْ‬ ‫‪( -‬وا ْن‬

‫‪7‬‬
‫السدس)‬
‫فألمه ّ‬
‫كان له إخوةٌ ّ‬
‫(فإن َ‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪8‬‬
‫الربع)‬
‫ولد فلكم ّ‬ ‫كان َّ‬
‫لهن ٌ‬ ‫(فإن َ‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫من اآلية ‪114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫من اآلية‪114‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من اآلية‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من اآلية ‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫من اآلية ‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫من اآلية‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫من اآلية ‪11‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫من اآلية‪12‬‬ ‫سورة النّساء‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪91‬‬
‫‪٠‬‬
‫ولد َّ‬
‫فلهن الثّمن)‬ ‫كان لكم ٌ‬
‫(فإن َ‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪٢‬‬
‫شركاء في الثّلث)‬
‫ُ‬ ‫من ذلك فهم‬
‫أكثر ْ‬
‫(فإن كانوا َ‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪٢‬‬
‫مما ترك)‬ ‫اثنتين فلهما الثّ ِ‬
‫لثان ّ‬ ‫ِ‬ ‫(فإن كانتا‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫‪4‬‬
‫كر مث ُل حظِّ األنثيين)‬
‫ونساء فلل ّذ ِ‬
‫ً‬ ‫‪( -‬وا ْن كانوا إخوةً رجاالً‬

‫نحويا‪ ،‬نجد ّأنها وردت كلُّها في سيا ٍ‬


‫ق واحد‪:‬‬ ‫ِ‬
‫تحليل اآليات ًّ‬ ‫وهكذا‪ ،‬بعد‬

‫فاء‪+‬إن‪+‬الفعل الناسخ كان‪ +‬اسمه وخبره‪ +‬فاء الجزاء‪ +‬جواب الشرط جملة‬
‫ْ‬ ‫واو أو‬

‫اسمية‪.‬‬

‫أن هذه الجم َل كلَّها َوَرَد ْ‬


‫ت في تحديد أنصبة األوالد‪ .‬ومنها في تحديد‬ ‫ولعلّنا نالحظُ َّ‬

‫معيًنا إذا‬
‫نصيبا ّ‬
‫ً‬ ‫ق ِم َن اإلرث‬
‫لكل ُم ْستَ ِح ٍّ‬
‫تحديد ِّ‬
‫ٌ‬ ‫أنصبة الزوج والزوجة‪ .‬وفي ٍّ‬
‫كل منها‬

‫أن ينا َل نصيبه‬


‫دون ْ‬
‫ثمة مانعٌ يحو ُل َ‬
‫انطبق عليه ال ّشرط المذكور الواحد‪ ،‬إال إذا كان ّ‬

‫السّنة النبوية‪ ،‬واجتهاد الفقهاء‪.‬‬


‫صلَتْه ّ‬
‫مما فَ َّ‬

‫أن‬ ‫ورَد فيهما الشرط معطوفًا عليه‪ ،‬ليدلّنا على َّ‬


‫أن شرطين يجب ْ‬ ‫أما الجملتان اللتان َ‬

‫يتحققا حتى ينال المستحق نصيبه من اإلرث هما‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫السدس)‬ ‫أخت ِّ ٍ‬
‫فلكل واحد منهما ّ‬ ‫أخ أو ٌ‬
‫ث كاللةً أوامرأةٌ وله ٌ‬
‫يور ُ‬
‫كان رج ٌل َ‬
‫‪( -‬وا ْن َ‬
‫‪1‬‬
‫ف ما ترك)‬
‫ص ُ‬ ‫ِ‬
‫أخت فلها ن ْ‬
‫ولد وله ٌ‬
‫هلك ليس له ٌ‬
‫امرؤ َ‬
‫‪( -‬إن ٌ‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪114‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪114‬‬ ‫‪.0‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.5‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪114‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪92‬‬
‫أخا‬ ‫يكون ٌّ‬
‫كل منهما ً‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫ُّدس‪ ،‬بشرطين‪ْ ،‬‬
‫نصيب الس ُ‬
‫َ‬ ‫األخت يستحقّان‬
‫األخ و َ‬ ‫وهكذا‪َّ ،‬‬
‫فإن َ‬

‫الد له‪ .‬وفي الجملة‬


‫ولد وال و َ‬
‫الميت ال َ‬
‫أن يكون ْ‬
‫ألم الميت‪ ،‬وال ّشرط الثاني‪ْ ،‬‬
‫أو أختا ّ‬

‫إن ْلم‬
‫النصف من اإلرث بشرطين‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫نصيب ّ‬ ‫الزوجةَ تحص ُل على‬
‫أن ّ‬‫الثانية نستد ّل منها َّ‬

‫أن تكون له أخت‪.‬‬


‫يكن لزوجها الميت ولد‪ ،‬والشرط الثاني ْ‬
‫ْ‬

‫جميعها‬
‫َ‬ ‫(إن)‪ ،‬وجدناها‬
‫ومن خالل استقرائنا‪ ،‬للجمل االسمية الواقعة في جواب شرط ْ‬

‫(فإن كانوا‬
‫وخبر‪ ،‬والخبر متقدم على المبتدأ‪ ،‬إال في جملة واحدة هي‪ْ :‬‬
‫ًا‬ ‫تتضم ُن مبتدأً‬
‫ّ‬

‫حيث َّ‬
‫تقد َم المبتدأ (هم) على الخبر (شركاء)‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫شركاء في الثّلث)‪،٠‬‬
‫ُ‬ ‫من ذلك فهم‬
‫أكثر ْ‬
‫َ‬

‫أهمّية المخاطَبين‬ ‫النكرة‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬


‫ع أراد إبرَاز ّ‬
‫المشر َ‬
‫ِّ‬ ‫ألن‬ ‫االسم ّ‬ ‫أكثر معرفةً من‬
‫كون الضمير َ‬

‫بأنهم شركاء في الثلث‪.‬‬


‫وتخصيصهم ّ‬

‫دائما شبهَ جملة‪َّ ،‬‬


‫مقدما على المبتدأ‪،‬‬ ‫الخبر ً‬
‫ُ‬ ‫أما غير ذلك من اآليات‪ ،‬فقد كان‬

‫دائما كان فيه تحديد لنصيب المستحقين من الميراث‪ ،‬والجمل هي‪:‬‬


‫والمبتدأ ً‬
‫ِّ‬
‫فلكل‬ ‫فلهن الثّمن‪/‬‬
‫الربع‪ّ /‬‬ ‫َفلَهُ َّن ثلثا‪ /‬فلها ِّ‬
‫السدس‪ /‬فلكم ّ‬
‫فألمه ّ‬
‫فألمه الثلث‪ّ /‬‬
‫صف‪ّ /‬‬‫الن ُ‬

‫نصف ما ترك‪ /‬فلهما الثّلثان‪َّ /‬‬


‫فللذ َك ِر مث ُل حظ األنثيين‪.‬‬ ‫السدس‪ /‬فلها‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫واحد منها ّ‬

‫المتتب َع لهذه الجمل‪ ،‬يرى َّ‬


‫أن المبتدأ فيها معرفة‪ ،‬سواء معرفًا بأل التعريف‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫كما أن‬

‫وجوبا‪ ،‬مما‬
‫ً‬ ‫أن يتقدم الخبر عليه‬
‫مضافًا إلى معرفة‪ ...‬وكونه معرفة ُيخرجه من حكم ْ‬

‫أن ثمة حكمة في تقديم الخبر على المبتدأ‪َّ ،‬‬


‫ألن الخبر في هذا السياق ليس‬ ‫يجعلنا نوقن َّ‬

‫من الحاالت التي ذكرها النحويون في وجوب تقدم الخبر على المبتدأ‪.‬‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية‪12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪93‬‬
‫أن الخبر في هذه الجمل َّ‬
‫تقد َم على المبتدأ الذي فيه تحديد ألنصبة الورثة‪،‬‬ ‫والواقع‪َّ ،‬‬

‫ألن الخبر عند المتكلِّم‬


‫شرعُ إلى تخصيص األنصبة لهؤالء الورثة ال لغيرهم‪ ،‬و َّ‬
‫الم ِّ‬
‫ليلفتنا ُ‬
‫أن هذه األنصبةَ محصورةٌ بهؤ ِ‬
‫الء‬ ‫ع يريد أن يلفتنا إلى َّ‬
‫المشر َ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫وكأن‬ ‫أهم من المبتدأ‪،‬‬
‫ُّ‬

‫الورثة‪ ،‬ال بسواهم‪.‬‬

‫شرط وجوابه)‪ :‬ورد الشرط غير مؤتلف في جمل الميراث‪ ،‬في‬


‫عدم ائتالف الطرفين (ال ّ‬

‫موضعين‪ ،‬هما‪:‬‬

‫‪٠‬‬
‫يبدلونه)‬
‫فإنما إثمه على الذين ّ‬ ‫(فم ْن َّ‬
‫بدله بعدما سمعه ّ‬ ‫‪َ -‬‬
‫‪٢‬‬
‫إثم عليه)‬ ‫ٍ‬
‫فأصلح بينهم فال َ‬
‫َ‬ ‫إثما‬
‫موص َجَنفًا أو ً‬ ‫من‬
‫خاف ْ‬
‫َ‬ ‫‪( -‬فَ َم ْن‬

‫يرد فيهما تحديد أنصبة المواريث‪ ،‬و َّ‬


‫أن الشرط جاء‬ ‫ونالحظ ّأوًال أن هاتين الجملتين لم ْ‬

‫فعالً‪ ،‬والجواب أتى جملة اسمية‪ ،‬ذلك أن الشرط ههنا‪ ،‬يدل على حدث لو قام به‬

‫الفاعل‪ ،‬فإنما ستكون نتيجته كما ورد في الجملتين‪ ،‬وقد جاء جواب ال ّشرط جملة اسمية‬

‫المورث بعد‬ ‫وصيةَ‬


‫ّ‬ ‫يبد ُل‬ ‫ليدل على ثبات الحكم‪ ،‬و ّأنه صالح لكل زمان ومكان؛ ُّ‬
‫فكل َم ْن ِّ‬ ‫َّ‬
‫ّ‬

‫أن َم ْن يخاف ِم ْن أن ي َ‬
‫جحف‬ ‫أن عليه إثم ًا‪ ،‬و َّ‬
‫يتغير وهو َّ‬
‫ثابت ال ّ‬
‫فحكمهُ ٌ‬
‫ُ‬ ‫أن َي ْس َم َعها‪،‬‬

‫إثم في‬ ‫ٍ‬


‫أن ال َ‬
‫تتغي ُر‪ْ ،‬‬
‫فساهم في إصالحهما‪ ،‬فنتيجة ذلك ثابتةٌ ال ّ‬
‫َ‬ ‫وصيته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫موص في‬

‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية ‪121‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية ‪122‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪90‬‬
‫أن ال‬
‫الوصية ْ‬
‫ّ‬ ‫يد إصالح‬
‫المصلح الذي ير ُ‬
‫يح ُ‬‫ت ال النافية للجنس ههنا‪ ،‬لتُر َ‬
‫ورد ْ‬
‫ذلك‪ ،‬وقد َ‬

‫جنس لإلثم عليه‪ ،‬ولتبرئته من ِّ‬


‫كل إثم‪.‬‬ ‫َ‬
‫يفيد َّ‬
‫كل‬ ‫ماضيا‪ ،‬إال ّأنه ُ‬ ‫ط في هاتين الجملتين ورد فعال‬ ‫الرغم من َّ‬
‫أن ال َش ْر َ‬
‫ً‬ ‫وعلى ّ‬

‫ماضيا في ال ّشرط‪ ،‬يفيد الحاضر والمستقبل‪ ،‬كما في قول‬


‫ً‬ ‫أن الفعل ولو كان‬ ‫ٍ‬
‫زمان‪ ،‬ذلك َّ‬

‫احتسابا ُغفر له ما تقدم من ذنبه‬


‫ً‬ ‫إيمانا و‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪َ :‬م ْن صام رمضان ً‬

‫وما تأخر"‪.‬‬

‫خالصة تحليل الجمل في آيات المواريث‬

‫وبعد تحليل الجمل في آيات المواريث‪َّ ،‬‬


‫تبين لنا َّ‬
‫أن الجمل االسمية والشرطية هي‬

‫تتغير في‬
‫األحكام ثابتةٌ ال ّ‬
‫َ‬ ‫فألنها تد ّل على َّ‬
‫أن هذه‬ ‫فأما الجمل االسمية ّ‬
‫الغالبة عليها‪ّ ،‬‬

‫وقد وردت الجمل االسمية في األحكام العامة‬


‫كل زمان ومكان بعد نزول هذه األحكام‪ْ ،‬‬

‫فقد احتوت األحكام‬


‫التي ليس فيها تحديد فعلي ألنصبة الوارثين‪ ،‬أما الجمل الشرطية‪ْ ،‬‬

‫يكون هناك شروط َّ‬


‫محددة‬ ‫َ‬ ‫ألي نصيب ال ُب َّد أن‬ ‫التّفصيلية للميراث‪ ،‬ذلك َّ‬
‫أن المستحق ّ‬

‫مقيدة بشرط‪ ،‬و ّأنه حتى‬


‫اسميةً ّ‬
‫ّ‬ ‫جمال‬ ‫تنطبق عليه حتى يحوزها‪ ،‬كما كان الفتًا َّ‬
‫أن هناك ً‬

‫أحكام‬
‫َ‬ ‫دليال على َّ‬
‫أن‬ ‫اسمية ً‬
‫ّ‬ ‫جمال‬
‫كان الشرط والجواب في معظمها ً‬
‫في الجمل الشرطية َ‬

‫مكان َّ‬
‫محد َد ْي ِن‪.‬‬ ‫بزمان أو ٍ‬
‫ٍ‬ ‫المواريث ّإنما هي قوانين ثابتة ال تتعلّق‬

‫‪95‬‬
‫ثانيا‪ :‬دراسة أحاديث الميراث نحوايا‬
‫ً‬

‫المعيار الذي‬
‫َ‬ ‫حد َد‬
‫أن ُي ّ‬ ‫ًّ‬
‫نحويا‪ْ ،‬‬ ‫ال ُب َّد للباحث قب َل الشروع في دراسة أحاديث المواريث‬

‫اعتمدهُ في اختيار األحاديث الشريفة‪ ،‬حتى تكون دراسته موضوعية‪ ،‬ويكون استقراؤهُ‬

‫ستتم دراستها في هذا المبحث‪ ،‬إنما هي األحاديث الشريفة التي‬


‫دقيقًا‪ .‬وأما المادة التي ّ‬

‫من صلب‬ ‫ِ‬


‫تناولت موضوع توزيع المواريث‪ ،‬وقد استُْبع َد في هذا المجال ك ّل ما ْلم يكن ْ‬

‫تحدثت عن‬
‫توزيع المواريث كاألحاديث التي تحث على طلب هذا العلم‪ ،‬أو تلك التي ّ‬

‫تم استبعاد ك ّل ما ورد في السنة الفعلية أو التقريرية للرسول صلى اهلل عليه‬
‫فضله‪ ،‬كما َّ‬

‫درس‬
‫اعتمد الباحث على األحاديث التي نطق بها الفم الشريف فقط‪ ،‬كما َ‬
‫وسلم‪ ،‬و َ‬

‫أي حديث في هذا المجال إال إذا كان‬


‫ستبعد َّ‬
‫ْ‬ ‫األحاديث الشريفة برواياتها كافة‪ ،‬ولم ي‬

‫حس ْن‪.‬‬
‫ضعيفًا لم ُي َّ‬

‫الباحث في هذا المجال هي خمسة أحاديث‪:‬‬


‫ُ‬ ‫درسها‬
‫واألحاديث التي َ‬

‫‪ -‬ما رواه عبد اهلل بن عباس رضي اهلل تعالى عنهما‪ ،‬أن النبي صلى اهلل عليه‬

‫وسلم قال‪" :‬ألحقوا الفرائض بأهلها‪ ،‬فما بقي فهو ألولى َر ُجل ذكر"‪.1‬‬

‫‪ -‬حديث أسامة بن زيد رضي اهلل عنه‪ ،‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ال‬

‫المسلم"‪.٢‬‬
‫َ‬ ‫الكافر‬
‫ُ‬ ‫يرث‬
‫الكافر‪ ،‬وال ُ‬
‫َ‬ ‫يرث المسلم‬

‫أخرجه البخاري في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ميراث الولد من أبيه وأمه‪ ،‬ح‪ . 4132‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر‬ ‫‪.1‬‬
‫العسقالني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ومحب الدبن الخطيب‪ ،‬دار الريان للتراث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1049 ،2‬هـ‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ .12‬وأخرجه‬
‫مسلم في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ألحقوا الفرائض بأهلها‪ ،‬ح‪ . 1415‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن شرف النووي‪ ،‬دار‬
‫الخير‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1010 ،1‬هـ‪ ،‬المجلد الرابع (‪. )222/11‬‬
‫أخرجه البخاري في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم‪ ،‬ح‪ . 4140‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪،12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ص‪ . 51‬وأخرجه مسلم في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ألحقوا الفرائض بأهلها‪ ،‬ح‪ .1410‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪ ،‬المجلد الرابع‬
‫(‪. )221/11‬‬
‫‪94‬‬
‫‪ -‬حديث عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما‪ ،‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬

‫قال‪" :‬ال يتوارث أه ُل ملتين شتى"‪.٠‬‬

‫رب رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬


‫‪ -‬ما رواه المقدام بن َم ْعدي َك َ‬

‫وم ْن ترك كالاا فإلينا‪ -‬وربما قال‪ :‬فإلى اهلل والى‬


‫"من ترك ماالً فلورثته‪َ ،‬‬
‫قال‪َ :‬‬

‫ارث‬
‫ارث َم ْن ال و َ‬
‫رسوله‪ -‬وأنا أرث َم ْن ال وارث له‪ ،‬أعقل عنه وأرثه‪ ،‬والخا ُل و ُ‬

‫له‪ ،‬يعق ُل عنه ويرثه"‪.٢‬‬

‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬


‫‪ -‬حديث عائشة رضي اهلل عنها في قصة َبريرةَ‪ ،‬و َّ‬

‫الثمن"‪.٢‬‬
‫َ‬ ‫لم ْن أعتق‪ ،‬أو قال‪ :‬أعطى‬
‫الء َ‬
‫قال لها‪" :‬أعتقيها‪ ،‬فإنما الو ُ‬

‫الجمل الفعلية في أحاديث الميراث‪:‬‬

‫‪ o‬ألحقوا الفرائض بأهلها‪.‬‬

‫المسلم الكافر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يرث‬
‫‪ o‬ال ُ‬

‫المسلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫الكافر‬
‫ُ‬ ‫يرث‬
‫‪ o‬ال ُ‬

‫‪ o‬ال يتوارث أه ُل ملتين شتى‪.‬‬

‫‪ o‬أعقل عنه وأرثه‪.‬‬

‫‪ o‬يعق ُل عنه ويرثه‪.‬‬

‫أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ميراث أهل اإلسالم من أهل الشرك‪ ،‬ح‪ ،2131‬السنن‪ ،‬ص‪.290-293‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ذوي األرحام‪ ،‬ح‪ ،2132‬السنن‪ ،‬ص‪.395‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أخرجه البخاري في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ميراث السائبة ‪ ،‬ح‪ . 4150‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪ .01‬وأخرجه مسلم في‬ ‫‪.3‬‬
‫كتاب العتق‪ ،‬باب الوالء لمن أعتق‪ ،‬ح‪ . 1540‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪ ،‬المجلد الرابع (‪. )113-142/14‬‬
‫‪91‬‬
‫‪ o‬أعتقيها‪.‬‬

‫الجمل االسمية في أحاديث الميراث‪:‬‬

‫ارث له‪.‬‬
‫أرث َم ْن ال و َ‬
‫‪ o‬أنا ُ‬

‫ارث له‪.‬‬
‫ارث َم ْن ال و َ‬
‫‪ o‬الخا ُل و ُ‬

‫لم ْن أعتق‪.‬‬
‫الء َ‬
‫‪ o‬إنما الو ُ‬

‫الجمل الشرطية في أحاديث الميراث‪:‬‬

‫‪ -‬ما بقي فهو ألولى رجل ذكر‪.‬‬

‫‪َ -‬م ْن ترك ماالً فلورثته‪.‬‬

‫ك كالً فإلينا‪.‬‬
‫‪َ -‬م ْن تر َ‬

‫‪ -‬من ترك كالً فإلى اهلل والى رسوله‪.‬‬

‫دراسة الجمل الفعلية في أحاديث الميراث‪:‬‬

‫لعلنا نالحظُ أن الجمل الفعلية في أحاديث الميراث التي ندرسها‪ ،‬جاءت أفعالها كلّها‬

‫أمر ُم َّبرر‪،‬‬
‫يرد في الجمل الفعلية أفعال ماضية‪ ،‬وذلك ٌ‬
‫إما مضارعة‪ ،‬أو أفعال أمر‪ ،‬ولم ْ‬

‫مستمرة منذ زمن تشريعها حتى‬


‫ّ‬ ‫أن تبقى‬ ‫إ ْذ َّ‬
‫إن أحكام المواريث هي قواعد ثابتة‪ ،‬وينبغي ْ‬

‫‪92‬‬
‫قيام الساعة‪ ،‬والفعل المضارع يفيد االستم اررية والثبات ويؤدي الوظيفة التي تتطلبها‬

‫صياغة أحكام عامة وثابتة‪ ،‬وجاءت أفعال األمر في أحاديث الميراث للداللة على‬

‫فرض وليس سنة ُم ْستحبة‪.‬‬


‫وجوب تطبيقها‪ ،‬وعلى أنها ٌ‬

‫أ) جمل فعلية أفعالها مضارعة‪:‬‬

‫المسلم الكافر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يرث‬
‫‪ -‬ال ُ‬

‫المسلم‪.‬‬
‫َ‬ ‫الكافر‬
‫ُ‬ ‫يرث‬
‫‪ -‬ال ُ‬

‫‪ -‬ال يتوارث أه ُل ملتين شتى‪.‬‬

‫‪ -‬أعقل عنه وأرثه‪.‬‬

‫‪ -‬يعق ُل عنه ويرثه‪.‬‬

‫تعرض ألحكام المواريث مما لم يذكره القرآن‪ٌّ ،‬‬


‫وكل منها يشير إلى‬ ‫ُ‬ ‫والجمل الفعلية هذه‬
‫ْ‬

‫عي الشكل‪ ،‬لكن فيه معنى‬


‫وردت في سياق مضار ِّ‬
‫ْ‬ ‫وقد‬
‫قانون ثابت‪ ،‬ينبغي تطبيقه‪ْ ،‬‬

‫األمر‪ .‬وقد وردت الجمل الثالث األولى مسبوقة بـ (ال النافية)‪ ،‬لتنفي في الجملة األولى‬

‫الكافر المسلم‪ ،‬ولتنفي في‬


‫ُ‬ ‫أن يرث‬
‫المسلم الكافر‪ ،‬ولتنفي في الجملة الثانية ْ‬
‫ُ‬ ‫حكم أن يرث‬

‫أن يتوارث أهل ملتين مختلفتين‪.‬‬


‫الجملة الثالثة ْ‬

‫والجملتان األوليان وردتا على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪/‬الكافر)‪+‬‬
‫ُ‬ ‫فاعل(المسلم‬
‫ُ‬ ‫متعد إلى مفعول به واحد (يرث)‪+‬‬
‫ّ‬ ‫ال النافية‪ +‬فعل مضارع‬

‫المسلم)‪.‬‬
‫َ‬ ‫(الكافر‪/‬‬
‫ُ‬ ‫مفعول به‬

‫‪99‬‬
‫وفي الجملتين لفظتان وردتا في كل منهما وهما لفظتا (المسلم والكافر)‪ ،‬وقد وردت كل‬

‫المسلم الكافر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أن يرث‬
‫تم في الجملة األولى نفي ْ‬
‫منهما مرة فاعالً ومرة مفعوالً به‪ ،‬حيث ّ‬

‫الكافر المسلم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أن يرث‬
‫تم في الجملة الثانية نفي ْ‬
‫في حين ّ‬

‫أما الجملة الثالثة فقد وردت على الشكل التالي‪:‬‬

‫ارث)‪ +‬فاعل مضاف (أه ُل)‪ +‬مضاف إليه في حالة‬


‫ال النافية‪ +‬فعل مضارع الزم (يتو ُ‬

‫المثنى (ملتين)‪ +‬حال (شتى)‪.‬‬

‫جاءت أكثر‬
‫ْ‬ ‫والجملة الثالثة تحمل الحكم الذي أفادته الجملتان األولى والثانية‪ ،‬إال أنها‬

‫يرث أحدهما اآلخر مطلقًا‪.‬‬


‫عموماًا لتشير إلى أن أية ملتين مهما كانتا ال ُ‬

‫فإن ْلم تكونا‬


‫وقد جاء الحال (شتى) لتصف هيئة أهل الملتين بأنهما مختلفتان‪ْ ،‬‬
‫ْ‬

‫يرث أحدهما اآلخر‪.‬‬


‫مختلفتين فإنه ُ‬

‫والجملتان الفعليتان المضارعيتان الرابعة والخامسة‪ ،‬وردت كلتاهما على الشكل التالي‪:‬‬

‫فعل مضارع (أعق ُل‪ /‬يعق ُل)‪ +‬فاعل (ضمير مستتر)‪ +‬جار ومجرور(عنه)‪ +‬حرف‬

‫عطف(و)‪ +‬فعل مضارع(أرث‪ /‬يرث)‪ +‬فاعل (ضمير مستتر)‪ +‬مفعول به ضمير‬

‫متصل(الهاء)‪.‬‬

‫أن الفعلـَين في أوالهما وردا مصرفين مع ضمير المتكلم‪،‬‬


‫وال تختلف الجملتان سوى ّ‬

‫المتكلم هو الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬بينما الفعالن في ثانيهما وردا مصرفين مع‬
‫ُ‬ ‫و‬

‫ضمير الغائب‪ ،‬لإلشارة إلى الخال الذي ورد ذكره في الحديث في الجملة التي سبقت‬

‫هذه الجملة‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫حكما ثابتًا من أحكام الميراث‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فالجملة الرابعة والخامسة‪ ،‬تعطي كل منهما ً‬

‫وهو أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم يعقل عمن ال وارث له‪ ،‬ويرثه‪ ،‬وأن الخال يعقل‬

‫عمن ال وارث له ويرثه‪.‬‬

‫ب) جمل فعلية أفعالها أمر‪:‬‬

‫‪ -‬ألحقوا الفرائض بأهلها‪.‬‬

‫‪ -‬أعتقيها‪.‬‬

‫الخطاب فيها عاماً للجميع‪ ،‬ليس فيه تخصيص‪،‬‬


‫ُ‬ ‫ولعلـّنا نالحظ أن الجملة األولى جاء‬

‫لحق الفرائض أي ما‬


‫أن ُي َ‬
‫وفيه أمر لكل من يوزع قسمة المواريث‪ ،‬أو ُيعهد إليه بذلك ْ‬

‫األمر موجهًا إلى‬


‫ُ‬ ‫فرضه اهلل من قسمة المواريث بأهلها‪ ،‬أما الجملة الثانية‪ ،‬فجاء‬

‫المخاطبة وهي السيدة عائشة رضي اهلل عنها‪ ،‬حيث كان صلى اهلل عليه وسلم يطلب‬

‫أن تعتق األمة "بريرة"‪.‬‬


‫منها ْ‬

‫دراسة الجمل االسمية في أحاديث الميراث‬

‫ارث له‪.‬‬
‫أرث َم ْن ال و َ‬
‫‪ -‬أنا ُ‬

‫وتتألف من المبتدأ (أنا) والخبر (أرث)‪ ،‬الذي جاء جملة فعلية‪ ،‬وورد المفعول به‬

‫(من)‪ ،‬ووردت صلة الموصول جملة اسمية منسوخة بال‬


‫اسماً موصوالًا بمعنى الذي ْ‬

‫النافية للجنس والخبر شبه جملة متعلق بمحذوف تقديره موجود‪.‬‬

‫ارث له‪.‬‬
‫ارث َم ْن ال و َ‬
‫‪ -‬الخا ُل و ُ‬
‫‪141‬‬
‫وتتألف من المبتدأ (الخال) والخبر (وارث)‪ ،‬الذي جاء اسماًا مفرداً‪ ،‬وورد المفعول به‬

‫(من)‪ ،‬ووردت صلة الموصول جملة اسمية منسوخة بال‬


‫اسماًا موصوالً بمعنى الذي ْ‬

‫النافية للجنس والخبر شبه جملة متعلق بمحذوف تقديره موجود‪.‬‬

‫ولعلنا نالحظ أن الجملة االسمية األولى ورد خبرها جملة فعلية مضارعة‪ ،‬بينما‬

‫الجملة الثانية‪ ،‬ورد الخبر فيها اسماًا مفرداًا وورد بصيغة اسم الفاعل (وارث)‪.‬‬

‫لم ْن أعتق‪.‬‬
‫الء َ‬
‫‪ -‬إنما الو ُ‬

‫ومؤكدا بـ(إنما)‪ ،‬لتشير إلى تأكيد حكم‬


‫ً‬ ‫وقد جاء المبتدأ في هذه الجملة محصو اًر‬

‫لمن أعتق‪.‬‬
‫الوالء ْ‬

‫دراسة الجمل الشرطية في أحاديث الميراث‬

‫‪ -‬ما بقي فهو ألولى رجل ذكر‪.‬‬

‫‪َ -‬م ْن ترك ماالً فلورثته‪.‬‬

‫ك كالً فإلينا‪.‬‬
‫‪َ -‬م ْن تر َ‬

‫‪ -‬من ترك كالً فإلى اهلل والى رسوله‪.‬‬

‫باسم شرط‪ ،‬وفعل الشرط ورد في ٍّ‬


‫كل منها‬ ‫ِ‬
‫جميعها ّأنها تبدأُ ِ‬ ‫ِ‬
‫الجمل‬ ‫بين هذه‬
‫ك َ‬ ‫الم ْشتََر ُ‬
‫و ُ‬
‫ماضيا‪ ،‬وجواب الشرط ورد في ٍّ‬
‫كل منها مسبوقًا بفاء الجزاء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فعال‬
‫ً‬

‫اسما لغير العاقل‪َّ ،‬‬


‫ألن ال ّشرط‬ ‫ت ً‬ ‫والالفت‪َّ ،‬‬
‫أن أداة ال ّشرط في الجملة األولى َوَرَد ْ‬

‫المادّية التي تبقى بعد توزريع قسمة‬


‫ّ‬ ‫ق بما هو غير عاقل وهو المال أو المنافع‬
‫يتعلّ ُ‬
‫‪142‬‬
‫(م ْن) َّ‬
‫ألن الشرط في‬ ‫الميراث‪ ،‬بينما كانت أداة الشرط في الجملتين التاليتين هي َ‬

‫ال أو َك ًّال‪.‬‬
‫ممن تركوا ما ً‬
‫يخص العقالء‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الجملتين‬

‫تتم كما ُذ ِك َر‬ ‫وقد صيغت هذه األحكام في قالب أسلوب الشرط‪َّ ،‬‬
‫ألن قسمة اإلرث ال ّ‬ ‫ْ‬

‫إال بعد تحقـّق ال ّشرط المذكور‪ ،‬أو ال ّشروط المذكورة‪ ،‬فال يأخذ أولى رجل ذكر نصيبه إال‬

‫أن‬
‫المادّية بعد ْ‬
‫أن يتبقّى من المال أو المنافع ّ‬
‫أن تُعطَى الفرائض ألهلها‪ ،‬و ْ‬
‫بعد شرطين‪ْ :‬‬

‫يأخذ أهل الفرائض حقوقهم‪.‬‬

‫أن الورثة يأخذون المال في ِ‬


‫حال‬ ‫وفي الجملتين الثانية والثّالثة‪ ،‬أفاد أسلوب ال ّشرط َّ‬

‫الميت ماالً أو ًّ‬


‫كال‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ك‬
‫تََر َ‬

‫‪143‬‬
‫الفصل الثّالث‪ :‬دراسة آيات المواريث وأحاديث المواريث دالل ايا‬

‫ّأوًال‪ :‬دراسة آيات المواريث دالل ايا‬

‫اللي ُة للكلمات‬
‫الد ّ‬‫أ) الدراس ُة ّ‬

‫بون‬ ‫ك الو ِ‬
‫الدان واألقر َ‬ ‫مما تر َ‬ ‫(للر ِ‬
‫نصيب ّ‬
‫ٌ‬ ‫جال‬ ‫(الرجال) في قوله تعالى‪ِّ :‬‬
‫‪ -‬داللة لفظة ِّ‬

‫نصيبا‬ ‫الدان واألقربون مما َّ‬


‫قل منه أو َكثَُر‬ ‫ك الو ِ‬
‫مما تر َ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫نصيب ّ‬
‫ٌ‬ ‫وللنساء‬

‫مفروضا)‪.٠‬‬
‫ً‬
‫ِ ‪٢‬‬
‫ل‪"،‬بضم الجيم وسكونِه" و"قد ُيجمع رجل ً‬
‫‪٢‬‬
‫أيضا على َر ْجلة"‬ ‫ِّ‬ ‫الر ُج‬
‫الرجا ُل جمع َّ‬
‫ِّ‬

‫و ِ"ر َجلة"‪ 4‬و"قال الجوهري في جمع الرجل أراجل"‪ 7‬و"رجاالت جمع الجمع"‪ .1‬وقد‬

‫معاني للفظة (الرجل)؛ منها‪:‬‬ ‫المعاجم عدةَ‬ ‫ِ‬


‫ذكرت‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫من نوِع اإلنسان خالف المرأة"‪"7‬أي ليس بأنثى"‪.8‬‬


‫‪ -‬الرجل هو"ال َذ َك ُر ْ‬

‫وشب"‪.9‬‬
‫َّ‬ ‫احتلم‬
‫َ‬ ‫ك إذا‬
‫يكون رجالً فوق الغالم‪ ،‬وذل َ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬وقيل‪" :‬إنما‬

‫ك"‪.٠١‬‬
‫بعد ذل َ‬
‫أمه إلى ما َ‬
‫‪ -‬وقيل‪" :‬هو رج ٌل ساعةَ تلده ُّ‬

‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.1‬‬ ‫‪.1‬‬


‫انظر‪ :‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬مرتضى الزبيدي‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬دراسة وتحقيق علي شيري‪ ،‬بيروت‬ ‫‪.2‬‬
‫‪1010‬هـ‪1990-‬م‪ ،‬المجلد (‪ )24|10‬ص‪ -242‬وانظر‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬الفيروز آبادي‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬الجزء (‪)0|3‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ص ‪.392‬‬
‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1010‬هـ| ‪1990‬م‪ ،‬المجلد (‪ ، )15|11‬ص ‪.244‬‬ ‫‪.0‬‬
‫الفيروز آبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬ج (‪ ، )0|3‬ص ‪.392‬‬ ‫‪.5‬‬
‫الجوهري‪ :‬الصحاح‪ ،‬دار الحضارة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪1915‬م‪ ،‬ص‪.314‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد (‪ )15|11‬ص‪.244‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬المجلد (‪ )15|11‬ص ‪.245‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الفراهيدي‪ :‬العين‪ ،‬تحقيق د‪.‬مهدي المخزومي ود‪.‬إبراهيم السامرائي‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬ب غداد‪ ،1924‬ط‪ ،2‬ج (‪ ، )2|4‬ص ‪.141‬‬ ‫‪.9‬‬
‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد (‪ )15|11‬ص‪.245‬‬ ‫‪.14‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬المجلد (‪ )15|11‬ص‪.245‬‬ ‫‪.11‬‬
‫‪140‬‬
‫من ِ‬
‫أهل اليمن‪ :‬الكثير ال ِجماع"‪.٠‬‬ ‫ِ‬
‫العرب ْ‬ ‫‪" -‬والرجل في ِ‬
‫كالم‬

‫ك َّ‬
‫الشدةَ والكمال"‪٢‬و"هذا رجل أي كامل‬ ‫"وقد يكون الرج ُل صفةً يعني بذل َ‬
‫ْ‬ ‫‪-‬‬

‫جولية"‪ ،٢‬و"الرجال الكاملون هم الممتازون‬


‫الر ّ‬‫جولي ِة و ُّ‬
‫الر ّ‬‫بين َّ‬
‫في الرجال َ‬

‫بعلمهم وتقواهم‪ ،‬والرجا ُل عند الصوفية هم الرجال الممتازون بارتقائهم‬

‫وتقدمهم في الحياة الروحية"‪.4‬‬

‫‪" -‬وتقول‪ :‬هذا رجل أي راجل"‪"7‬وهو خالف الفارس"‪.1‬‬

‫ك جميعها‬ ‫غير َّ‬


‫أن هذه المعاني الستة التي أوردتها أمهات المعاجم العربية‪ ،‬تشتر ُ‬ ‫َ‬

‫تتباين في تحديد ِّ‬


‫السن التي يكون‬ ‫ُ‬ ‫من اإلنسان‪ ،‬ولكنها‬
‫الذكر َ‬
‫ُ‬ ‫بالداللة على َّ‬
‫أن الرجل هو‬

‫الذكر رجالً على داللتين‪:‬‬


‫ُ‬ ‫فيها‬

‫يولد إلى ما بعد ذلك‪.‬‬ ‫إنسان ٍ‬


‫ذكر ساعةَ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أي‬
‫‪ -‬الرجل هو ُّ‬

‫َّ‬
‫وشب‪.‬‬ ‫احتلم‬
‫َ‬ ‫ك إذا‬
‫‪ -‬الرج ُل هو فوق الغالم وذل َ‬

‫(الرجال) في اآلية الكريمة ُم ٌّ‬


‫لح ‪ ،‬بل هو‬ ‫وال َّ‬
‫شك َّ‬
‫أن تحديد الداللة المقصودة للفظة ّ‬

‫أساسي‪ ،‬ال سيما أنه يحدد األعمار التي تشملها أنصبة الميراث‪ ،‬حيث َّ‬
‫إن لفظة الرجال‬ ‫ٌّ‬

‫كبير‪-‬‬
‫صغير أم ًا‬
‫ًا‬ ‫إنسان ٍ‬
‫ذكر‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫أن ِّ‬
‫لكل‬ ‫عي َّ‬
‫كان الحكم الشر ُّ‬
‫إذا حملناها على المعنى األول َ‬

‫الزبيدي‪ :‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬المجلد (‪ )24|10‬ص‪.242‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد (‪ )15|11‬ص‪.244‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الزمخشري‪ :‬أساس البالغة‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪1925‬م‪ ،‬الجزء (‪ ، )2\1‬ط‪ ،3‬ص ‪.325‬‬ ‫‪.3‬‬
‫دوزي‪ ،‬رينهارت‪ :‬تكملة المعاجم العربية‪ ،‬نقله إلى العربية د‪.‬محمد سليم النعيمي‪ ،‬دار الرشيد للنشر‪ ،‬بغداد‪1922‬م‪ ،‬ج (‪ ، )11|5‬ص ‪.04‬‬ ‫‪.0‬‬
‫انظر‪ :‬العين‪ ،‬ج (‪ ، )2|4‬ص ‪ .141‬وانظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد (‪ ، )15|11‬ص‪.244‬‬ ‫‪.5‬‬
‫الفيومي‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي المقري‪ :‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي‪ ،‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده‪ ،‬بمصر‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫دون تاريخ‪ ،‬ج (‪ )2\2‬ص ‪.234‬‬
‫‪145‬‬
‫تماما‬
‫من اإلرث؛ واذا حملناها على المعنى اآلخر‪ ،‬كان نصيب الميراث مختلفًا ً‬
‫نصيبا َ‬
‫ً‬

‫من الميراث‪ ،‬وتكون األنصبةُ محصورةً‬


‫الصغار َ‬
‫ُ‬ ‫الذكور‬
‫ُ‬ ‫حرُم‬
‫عن الحكم األول‪ ،‬إ ْذ ُي َ‬

‫من الذكور‪.‬‬
‫بالبالغين َ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫دالالت على‬ ‫ٍ‬
‫داللة أو‬ ‫ِ‬
‫تغليب‬ ‫الكالم الفص ُل في‬ ‫السياق –عادةً‪ -‬يكون له‬ ‫كان‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واذا َ‬

‫ترجيح ربما يتم من خارج‬


‫َ‬ ‫َّ‬
‫ولكن ال‬ ‫ِّح داللة على أخرى‪،‬‬
‫السياق هنا‪ ،‬ال يرج ُ‬
‫َ‬ ‫غيرها‪َّ ،‬‬
‫فإن‬

‫ِ‬
‫المختلف عليها في هذا‬ ‫ِ‬
‫الداللة‬ ‫اللفظة ِ‬
‫ذات‬ ‫ٍ‬ ‫بين هذه‬ ‫ٍ‬
‫ك من خالل مقارنة َ‬
‫النص وذل َ‬
‫ّ‬

‫آخر‪ .‬كما َّ‬


‫أن روايات أسباب نزول اآلية‪،‬‬ ‫ق عليها في سيا ٍ‬ ‫اللفظة ِ‬
‫نفسها المتف ِ‬ ‫ق‪ ،‬و ِ‬
‫السيا ٍ‬
‫ق َ‬

‫سبر أغو ِار المعنى على ما سنجده الحقًا‪.‬‬


‫تعين في ِ‬
‫قد ُ‬

‫عند الفقهاء والمفسرين‪:‬‬


‫(الرجال) َ‬
‫‪ ‬داللة لفظة ِّ‬

‫فذهب الجمهور إلى‬


‫َ‬ ‫(الرجال) في اآلية الكريمة؛‬
‫المفسرون في داللة ّ‬
‫َ‬ ‫الفقهاء و‬
‫ُ‬ ‫اختلف‬
‫َ‬

‫تعقيبا على هذه اآلية‪:‬‬


‫ً‬ ‫أن المر َاد بـ(الر ِ‬
‫جال) الذكور‪ ،‬ولو غير بالغين‪ .٠‬قال "الطبري"‬ ‫َّ‬
‫ّ‬

‫الد الرجل الميت ِحصَّة من ميراثه"‪ ،٢‬وفي تفسير الجاللين‪(" :‬للرجال)‬


‫"للذكور من أو ِ‬
‫ِ ْ‬

‫بالرجال الذكور"‪ ،4‬وفي زِاد المسير‪" :‬والمراد‬


‫ِ‬ ‫ني‬
‫"الم ْع ُّ‬
‫‪٢‬‬
‫األوالد واألقرباء" وفي البحر المحيط َ‬
‫‪7‬‬
‫سبب اختيارهم لهذه الداللة‬
‫كان معظم الفقهاء والمفسرين لم يعلّلوا َ‬
‫بالرجال الذكور" ‪ .‬واذا َ‬

‫قاس معناها على ما‬ ‫فإن بعضهم استند إلى َّ‬


‫أن لفظة (رجال) إنما ُي ُ‬ ‫دون الداللة األخرى‪َّ ،‬‬

‫انظر‪ :‬تفسير آيات األحكام‪ :‬ا لشيخ علي السايس‪ ،‬مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأوالده بميدان األزهر‪1313( ،‬هـ‪1953-‬م) ص‬ ‫‪.1‬‬
‫‪. 31‬وانظر‪ :‬أحكام القرآن في سورة النساء‪ :‬د‪.‬نور الدين عتر (من محاضرات الدراسات العليا)‬
‫الطبري‪ :‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن المسمى بتفسير الطبري‪ ،‬تحقيق د‪.‬عبد هللا بن عبد المحسن التركي‪ ،‬بالتعاون مع مركز البحوث‬ ‫‪.2‬‬
‫والدراسات العربية واإلسالمية بدار هجر‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة (‪1022‬هـ‪2441-‬م) ‪ ،‬ج (‪ ، )24|4‬ص ‪.029‬‬
‫انظر‪ :‬تفسير الجاللين بهامش المصحف العثماني وقد ذيل بكتاب أسباب النزول للسيوطي‪ :‬جالل الدين المحلي‪ -‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬دار‬ ‫‪.3‬‬
‫الفيحاء‪ ،‬دمشق‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص‪143‬‬
‫أبو حيان‪ :‬التفسير الكبير المسمى البحر المحيط وبهامشه تفسيران أحدهما الهر الماد من البحر ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط من البحر المحيط‬ ‫‪.0‬‬
‫لتاج الدين ابن مكتوم‪ ،‬مكتبة و مطابع النصر الحديثة‪ ،‬الرياض‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ج (‪ )2|3‬ص ‪.110‬‬
‫ابن الجوزي‪ ،‬أبو الفرج عبد الرحمن‪ :‬زاد المسير في علم التفسير‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬المجلد (‪ ، )9|2‬ص ‪.12‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪144‬‬
‫َّ‬
‫(وبث منهما رجاالً كثي اًر‬ ‫دلّت عليه اللفظة نفسها في صدر السورة قي قوله تعالى‬

‫ِ‬
‫اآلية العموم وليس التخصيص‪ ،‬كما استند آخرون إلى‬ ‫من‬ ‫‪٠‬‬
‫حيث المقصود َ‬
‫ُ‬ ‫ونساء)‬
‫ً‬

‫روايات أسباب النزول وهي كثيرة‪.‬‬

‫يمكن‬ ‫أن الحكم على الداللة المقصودة من لفظة (رجال) في ِ‬


‫آية الميراث‪ ،‬ال‬ ‫والواقعُ‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫اللفظتان في‬ ‫ِ‬
‫وردت‬ ‫ِ‬
‫اآلية األخرى‪ ،‬وا ْن‬ ‫قياسها على الداللة نفسها للفظة (الرجال) في‬

‫ِ‬
‫المجال‬ ‫ِ‬
‫القياس في هذا‬ ‫ِ‬
‫مختلفتين‪ ،‬واتباع‬ ‫ِ‬
‫اللذين وردتا فيه‬ ‫السياقين‬
‫ْ‬ ‫أن‬ ‫سورٍة واحدة؛ ذل َ‬
‫ك َّ‬

‫فيه ُّ‬
‫تمحل واعتساف‪.‬‬

‫أن المر َاد بـ(الرجال) "الذكور البالغون"‪٢‬؛ َّ‬


‫ولكن هؤالء‬ ‫رون إلى َّ‬
‫آخ َ‬‫ومفسرون َ‬
‫َ‬ ‫فقهاء‬
‫ُ‬ ‫وذهب‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫بموجب هذه اآلية‪ -‬الذكور غير البالغين من‬‫مون‪-‬‬
‫حر َ‬‫الفقهاء والمفسرون أنفسهم ال َي ِ‬

‫أن ِّ‬
‫تحد َد أنصبتهم‪ ،‬وهم في‬ ‫ك أنهم ذهبوا َّ ِ‬
‫أن آيات الميراث التفصيلية ال تلبث ْ‬ ‫الميراث‪ ،‬ذل َ‬

‫التدرج في التّشريع‪.‬‬
‫يعدونه من باب ّ‬
‫ك ّ‬ ‫ذل َ‬

‫ولم نتخذ‬
‫أن تكون لفظة (رجال) في اآلية الكريمة إنما تعني الذكور مطلقًا‪ْ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫ونرج ُح ْ‬

‫ِ‬
‫سياقين مختلفين‪ ،‬وانما رأينا َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫لفظتين في‬ ‫بين‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫استنادا إلى مقارنة عقيمة َ‬
‫ً‬ ‫هذا الحكم‬

‫آيات الميراث التفصيلية تؤيد هذا المعنى وتخالف اآلخر حيث إنها ْلم تحرم الذكور غير‬

‫أقرب إلى اليقين‪ ،‬بعد االستناد إلى روايات‬


‫َ‬ ‫صبح الرأي هذا‬
‫وي ُ‬‫البالغين من الميراث‪ُ ،‬‬

‫يتم ترجيح مدلوالت إحدى ألفاظها‪.‬‬


‫أسباب نزول اآلية التي ُّ‬

‫سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.1‬‬ ‫‪.1‬‬


‫انظر‪ :‬تفسير آيات األحكام‪ :‬الشيخ علي السايس‪ ،‬ص ‪ .34‬وانظر‪ :‬أحكام القرآن في سورة النساء‪ :‬د‪.‬نور الدين عتر (من محاضرات‬ ‫‪.2‬‬
‫الدراسات العليا) ‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫ِ‬
‫الفقهاء والمفسرين‪ ،‬حول داللة لفظة (الرجال) في آية الميراث‪،‬‬ ‫بين‬ ‫غير َّ‬
‫الخالف َ‬
‫َ‬ ‫أن‬

‫ِ‬
‫يلتقيان في النهاية على‬ ‫ألن كال الر ِ‬
‫أيين‬ ‫يع أنصبة الميراث َّ‬ ‫ٍ‬
‫خالف في توز ِ‬ ‫لم ِّ‬
‫يؤد إلى‬

‫توريث الذكور عامةً‪ّ ،‬إال ما استثنته األحاديث الشريفة في أبواب الميراث والوصية‬

‫"كالرق والقتل واختالف الدين‬


‫ّ‬ ‫والفرائض‪ ،‬وما ذكرته كتب الفقه في ِ‬
‫باب موانع اإلرث‪:‬‬

‫الرّدة واختالف الدارين‪ ،‬وهو خاص بغير المسلمين"‪.٠‬‬


‫وِ‬

‫من ِ‬
‫شأن الخالف حول دالالت الرق والقتل واختالف الدين والردة واختالف‬ ‫وقد كان ْ‬
‫ْ‬

‫تنوع في األحكام بين المذاهب‪ ،‬وهذا ما سيتط أر إليه الباحث في مجاله في‬
‫الدارين‪ّ ،‬‬

‫دراسة األحاديث الشريفة في أبواب الميراث والوصية والفرائض‪.‬‬

‫أن ُيشير إلى اللفتة البالغية في استخدام لفظة‬ ‫وال َّ‬


‫بد للباحث في هذا المجال ْ‬

‫المجاز المفرِد المرسل حيث‬


‫ِ‬ ‫وردت فيه فهو من ِ‬
‫باب‬ ‫ْ‬ ‫(الرجال) في السياق الذي‬

‫ِ‬
‫لمالحظة عالقة المعنى المنقول عنه‬ ‫األصلي‬ ‫قصدا في ِ‬
‫غير معناها‬ ‫ً‬ ‫استخدمت "الكلمة‬
‫ّ‬

‫األصلي‪ ،‬وهذه العالقة هي اعتبار ما‬ ‫عدم إر ِ‬


‫ادة المعنى‬ ‫ينة ٍ‬
‫دالة على ِ‬ ‫والمنقول إليه مع قر ٍ‬
‫ّ‬
‫‪٢‬‬
‫أن يكونوا كبا اًر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الصغار ْ‬ ‫ك َّ‬
‫ألن مآ َل‬ ‫يكون" ‪ ،‬وذل َ‬

‫انظر‪ :‬الميراث على المذاهب األربعة دراسةً وتطبيقًا‪ ،‬القاضي الشيخ حسين غزال‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت (‪1020‬هـ‪2443-‬م) ط‪ ،2‬ص ‪-13‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪. 10‬وانظر‪ :‬الوجيز في الميراث على المذاهب األربعة‪ :‬منشاوي عبود‪ ،‬اإلدارة العامة للمعاهد األزهرية‪ ،‬مصر (‪1393‬هـ‪1910-‬م) ص‪-2‬‬
‫‪.9‬‬
‫السيد أحمد الهاشمي‪ :‬جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع‪ ،‬ط‪ ، 4‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.233-232‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪142‬‬
‫* داللة لفظة (نصيب)‪:‬‬

‫ٍ‬
‫شيء‪ .‬والجمع أنصباء‬ ‫بالكسر لغةٌ فيه"‪" :٠‬الحظُّ من ِّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ب‬
‫صُ‬ ‫ِّ‬
‫و"الن ْ‬ ‫‪ -‬النصيب‪،‬‬

‫نصيب فيه‪ :‬أي ِقسم‪ ،‬منصوب‬


‫ٌ‬ ‫صب"‪ .٢‬و"من المجاز‪ :‬لي‬
‫و"ن ُ‬
‫ُ‬
‫‪٢‬‬
‫وأنصبة"‬

‫ُم َش َّخص"‪.4‬‬

‫‪ -‬و"النصيب الحوض"‪َّ ،7‬‬


‫نص عليه الجوهري‪.‬‬

‫ك المنصوب‪ ،‬فهو إ ًذا فعي ٌل بمعنى منصوب"‪.1‬‬ ‫و"النصيب‪َّ :‬‬


‫الش َر ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪-‬‬

‫وردت فيه لفظة (نصيب) ال يحتم ُل إال الداللةَ األولى‪ ،‬أي‬


‫ْ‬ ‫أن السياق الذي‬ ‫وال َّ‬
‫شك َّ‬

‫من‬ ‫ك الو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الحظ من ِّ‬


‫الدان واألقربون َ‬ ‫وللنساء حظاً مما تر َ‬ ‫للرجال‬ ‫أن‬ ‫كل شيء‪ْ ،‬‬

‫الميراث‪.‬‬

‫عند الفقهاء والمفسرين‪:‬‬


‫داللة لفظة (نصيب) َ‬

‫أن الفقهاء والمفسرين حملوا لفظة (نصيب)على معناها اللغوي‪ ،‬وهو الحظُّ‬
‫الواقع‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫من الشيء‪ ،‬كما في تفسير الجاللين "نصيب‪ :‬حظّ"‪ ،7‬وفي تفسير ابن الجوزي‪:‬‬

‫"النصيب‪ :‬الحظ من الشيء"‪ ،8‬وفي تفسير الطبرسي‪" :‬نصيب‪:‬حظ وسهم"‪.9‬‬

‫انظر‪ :‬العين‪ ،‬ج (‪ )2|1‬ص ‪ -134‬وانظر‪ :‬تاج العروس‪ ،‬المجلد (‪ ، )24|2‬ص ‪.034‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد (‪ )15|1‬ص ‪.141‬‬ ‫‪.2‬‬
‫دوزي‪ :‬تكملة المعاجم العربية‪ ،‬نقله إلى العربية وعلق عليه جمال الخياط‪ ،‬ج (‪ ، )11|14‬ص ‪.231‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الزبيدي‪ :‬تاج العروس‪ ،‬المجلد (‪ ، )24|2‬ص ‪.034‬‬ ‫‪.0‬‬
‫الجوهري‪ :‬الصحاح‪ ،‬ص ‪.1111‬‬ ‫‪.5‬‬
‫الزبيدي‪ :‬تاج العروس‪ ،‬المجلد (‪ ، )24|2‬ص ‪.034‬‬ ‫‪.4‬‬
‫انظر‪ :‬تفسير الجاللين بهامش المصحف العثماني وقد ذيل بكتاب أسباب النزول للسيوطي‪ :‬جالل الدين المحلي‪-‬جالل الدين السيوطي‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ص‪.143‬‬
‫ابن الجوزي‪ ،‬أبو الفرج عبد الرحمن‪ :‬زاد المسير في علم التفسير‪ ،‬المجلد (‪ ، )9|2‬ص ‪.12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الطبرسي‪ ،‬أبو علي الفضل بن الحسن‪ :‬مجمع البيان في تفسير القرآن‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬المجلد‪ ،2‬بيروت (‪1324‬هـ‪1941-‬م) ‪ ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪.9‬‬
‫‪149‬‬
‫ين وفقهاء آخرين اختاروا لفظةً أخرى للحظِّ‪ ،‬وكأني بهم لم تسترْح‬ ‫على َّ‬
‫أن مفسر َ‬
‫ِ‬
‫اإلرث‬ ‫يع‬ ‫فهم منها َّ‬
‫أن توز َ‬ ‫قد ُي ُ‬
‫أنفسهم الختيار اللفظ الذي تشير إليه داللة الحظّ‪ ،‬ألنها ْ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫لحكمة أرادها القدير‪ ،‬فحملوا لفظة (نصيب) على داللة الحصة‪،‬‬ ‫من ِ‬
‫باب الحظوظ وليس‬

‫"للذكور من أو ِ‬ ‫ِ‬
‫الد الرجل‬ ‫ِ ْ‬ ‫اآلية بقوله‪:‬‬ ‫صدر‬
‫َ‬ ‫حيث فس ََّر‬
‫ُ‬ ‫ذهب الطّبري في تفسيره‪،‬‬
‫َ‬ ‫كما‬

‫الميت ِح َّ‬
‫صةٌ من ميراثه"‪.٠‬‬

‫ين‪ ،‬وانما‬
‫المفسر َ‬
‫معنى فقهياً جديداً عند الفقهاء و ِّ‬ ‫تحمل‬
‫ْ‬ ‫وهكذا‪َّ ،‬‬
‫فإن لفظة (نصيب) لم‬
‫ً‬

‫اللغوي‪ ،‬وا ِن استخدم بعض المفسر َ‬


‫ين والفقهاء‪ ،‬ألفاظاً أخرى غير‬ ‫ّ‬ ‫ت على معناها‬
‫حافظَ ْ‬

‫لفظة (حظّ) َّ‬


‫ولكن مدلوالت األلفاظ المختارة‪ ،‬إنما تدور حول السياق اللغوي‪.‬‬

‫*داللة لفظة (ترك)‪:‬‬

‫الشيء ترًكا‪ :‬خلَّيته‪ .‬وتاركته‬


‫َ‬ ‫‪.‬و"تركت‬
‫ُ‬
‫‪٢‬‬
‫الشيء"‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫‪٢‬‬
‫‪" -‬التَّْر ُ‬
‫ك التخلية عن الشيء" أو َ"و ْد ُع َ‬
‫‪4‬‬
‫قصدا واختيا اًر أو قه اًر أو اضط ار اًر‪،‬‬
‫ً‬ ‫الشيء رفضه‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫"تر ُ‬
‫اغب ْ‬
‫البيع متاركةً" ‪ .‬وقال الر ُ‬

‫البحر رهواً)‪.1‬‬ ‫يومئذ يموج في بعض)‪ 7‬وقوله‪( :‬و ِ‬


‫اترك‬ ‫ِ‬ ‫فمن األول قوله‪( :‬وتركنا بعضهم‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫بعد موته‪ ،‬أو ما‬


‫فالن‪ :‬لما يخلفه َ‬ ‫ٍ‬
‫جنات وعيون)‪ ،7‬ومنه تركة ٍ‬ ‫ومن الثاني‪( :‬كم تركوا من‬

‫يتركه من التراث المتروك"‪.8‬‬

‫الطبري‪ :‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن المعروف بتفسير الطبري‪ ،‬ج (‪ ، )24|4‬ص ‪.029‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ابن فارس‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تحقيق وضبط عبد السالم هارون‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت (‪1011‬هـ‪1991-‬م) ‪ ،‬المجلد (‪ ، )4|1‬ص‬ ‫‪.2‬‬
‫‪.305‬‬
‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد (‪ )15|14‬ص ‪.045‬‬ ‫‪.3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.045‬‬ ‫‪.0‬‬
‫سورة الكهف‪ ،‬اآلية‪.99‬‬ ‫‪.5‬‬
‫سورة الدخان‪ ،‬من اآلية ‪.20‬‬ ‫‪.4‬‬
‫سورة الدخان‪ ،‬من اآلية ‪.25‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الزبيدي‪ :‬تاج العروس‪ ،‬المجلد (‪ ، )24|13‬ص ‪.534‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪114‬‬
‫عز َّ‬
‫وجل (وتركنا عليه في اآلخرين)‪٠‬؛ أي أبقينا عليه"‪.٢‬‬ ‫‪-‬و"التَّْرك‪ :‬اإلبقاء كما في قوله َّ‬

‫‪٢‬‬
‫ترد‪-‬كما‬
‫شديدا" ‪ ،‬أو ُ‬
‫ً‬ ‫شديدا أي جعلته‬
‫ً‬ ‫الحبل‬
‫َ‬ ‫تركت‬
‫ُ‬ ‫ك بمعنى َج َع َل‪ ،‬يقال‬
‫‪" -‬وقد ترد تََر َ‬

‫قال الزمخشري والبيضاوي‪ -4‬بمعنى صير فتجري على ِ‬


‫نمط أفعال القلوب كقوله تعالى‬

‫(تركهم في ظلمات)‪.7‬‬

‫ك َّ‬
‫أن الداللتين‬ ‫ِ‬
‫الشيء‪ ،‬ذل َ‬ ‫وردت بمعنى التخلية عن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫اآلية‬ ‫ك) في سيا ِ‬
‫ق‬ ‫ولفظة (تر َ‬

‫األخيرتَْين ال يحتملهما السياق‪ ،‬ويكون المعنى للرجال نصيب مما خاله الو ِ‬
‫الدان‬

‫واألقربون قه اًر أو اضط ار اًر‪.‬‬

‫المفسرين‪:‬‬
‫‪ ‬داللة لفظة (ترك) عند الفقهاء و ّ‬
‫ِ‬
‫الفقهاء والمفسرين‪ ،‬لم يشيروا في كتبهم إلى داللة لفظة (ترك)‬ ‫معظم‬ ‫الواقع‪َّ ،‬‬
‫أن‬
‫َ‬

‫ك ّأنهم‬
‫منفردةً‪ ،‬وانما ذهبوا إلى تفسير دالالت اآليات من حيث معانيها المركبة‪ ،‬ذل َ‬

‫األعمق‬
‫َ‬ ‫التفسير‬
‫َ‬ ‫أن المعاني المعجمية قاصرة عن تفسير المعاني وحدها‪ ،‬وا َّن‬
‫أدركوا َّ‬

‫واألصح هو في دراسة التراكيب في الجمل‪ .‬فالطبري على سبيل المثال لم يشرْح دالالت‬

‫األلفاظ منفردةً في اآلية التي نحن بصددها‪ ،‬وانما شرح دالالت التركيب وعقَّ َ‬
‫ب على‬

‫"للذكور من أو ِ‬
‫الد الرجل الميت حصة من ميراثه‪ ،‬ولإلناث منهم حصَّة منه‪ ،‬من‬ ‫ِ ْ‬ ‫اآلية‪:‬‬

‫قليل ما خلَّ َ‬
‫ف بعده وكثيره‪."...‬‬

‫سورة الصافات‪ ،‬اآلية ‪.142‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد (‪ )15|14‬ص ‪.045‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن فارس‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬ا لمجلد (‪ ، )4|1‬ص ‪.304‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الزبيدي‪ :‬تاج العروس‪ ،‬ا لمجلد (‪ ، )24|13‬ص ‪.534‬‬ ‫‪.0‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية‪.11‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪111‬‬
‫ك)عند الطبري (خلّف)‪ .‬وعقَّ َ‬
‫ب الطبرسي على قوله‬ ‫وهكذا‪ ،‬تكون داللة لفظة (تر َ‬

‫من تركة الوالدين واألقربين‪ .‬حيث فسر الفعل‬ ‫ك الو ِ‬


‫الدان واألقربون) أي ْ‬ ‫تعالى (مما تر َ‬

‫باالسم‪.‬‬

‫*داللة لفظة (الوالدان)‪:‬‬

‫األب والداً َّ‬


‫ألن الولد منه ومن‬ ‫ُ‬ ‫"وسم َي‬
‫ِّ‬ ‫الدان"‪.٠‬‬
‫األم‪ .‬وهما الو ِ‬
‫األب‪ .‬والوالدةُ ُّ‬
‫ُ‬ ‫"الوالد‪:‬‬

‫تضار والدة بولدها)‪.٢‬‬


‫َّ‬ ‫الوالدة‪ ،‬ولالشتراك جاء الفرق بينهما بالتاء"‪ ،٢‬كقوله تعالى‪( :‬ال‬

‫‪ ‬داللة لفظة (الوالدان) عند الفقهاء والمفسرين‪:‬‬

‫ك على األرجح يعود‬


‫معظم المفسرين للقرآن داللة لفظة (الوالدان)‪ ،‬وذل َ‬
‫ُ‬ ‫ْلم يشرح‬

‫غير َّ‬
‫أن الفقهاء في تقعيدهم لقواعد‬ ‫فعل معظم الفقهاء‪َ ،‬‬
‫ك َ‬ ‫لكونها معروفة الداللة‪ ،‬وكذل َ‬

‫الميراث‪ ،‬نجدهم يجمعون على َّ‬


‫أن ثمةَ حاالت يكون فيها البن االبن وا ْن نزل ‪-‬عند‬

‫ِّ‬
‫للجد وان عال ‪-‬عند موت‬ ‫موت االبن‪ -‬نصيب االبن‪ ،‬وثمة حاالت يكون فيها‬

‫األب‪-‬نصيب األب‪.4‬‬

‫األم فحسب‪ ،‬واّنما تشم ُل‬


‫األب و َّ‬ ‫واذا َّ‬
‫صح هذا الزعم‪ ،‬كانت لفظة (الوالدان) ال تشمل َ‬

‫عند عدم وجود األب أو األم‪ ،‬غير َّ‬


‫أن معظم كتب‬ ‫علت ْ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫الجد وا ْن عال‪ ،‬والجدة وا ْن‬

‫الميراث تستنبطُ هذا الحكم من خالل ٍ‬


‫آيات أخرى‪ ،‬أو من خالل السنة الشريفة‪ ،‬أو‬

‫اإلجماع‪.‬‬

‫الجوهري‪ :‬الصحاح‪ ،‬ص‪.1310‬‬ ‫‪.1‬‬


‫أبو حيان‪ :‬التفسير الكبير المسمى البحر المحيط وبهامشه تفسيران أحدهما ا ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط من البحر المحيط لتاج الدين ابن‬ ‫‪.2‬‬
‫مكتوم‪ ،‬ج (‪ )2|3‬ص ‪.110‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬من آلية ‪.233‬‬ ‫‪.3‬‬
‫انظر‪ :‬الميراث على المذاهب األربعة دراسةً وتطبيقًا‪ ،‬القاضي الشيخ حسين غزال ‪ ،‬ص ‪.10 -13‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪112‬‬
‫ِ‬
‫يدخالن في‬ ‫الجدة‬
‫الجد و ّ‬
‫الجدة‪ ،‬كان ّ‬
‫الجد و ّ‬
‫واذا لم تكن لفظة (الوالدان) تحمل معنى ّ‬

‫عموم "األقربين"؛ اللفظة المعطوفة على (الوالدان) في قوله تعالى‪( :‬مما ترك الو ِ‬
‫الدان‬

‫واألقربون)‪.٠‬‬

‫الخالف‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ولكن‬ ‫الجدة‪،‬‬
‫الجد و ّ‬ ‫ٍ‬
‫حاالت يرث فيها ّ‬ ‫ك‬ ‫الخالف على َّ‬
‫أن هنا َ‬ ‫ُ‬ ‫وهكذا‪ ،‬فليس‬

‫ط منه هذا الحكم‪ ،‬أهو من القرآن وفي أيـّة آية ْأم من السنة أم‬
‫على المصدر الذي استنب َ‬

‫من اإلجماع؟‪.‬‬

‫أعم من‬
‫من الوالدين ما هو ّ‬
‫أن ير َاد َ‬
‫"وج ِّوَز ْ‬
‫تعقيبا على لفظة (الوالدان)‪ُ :‬‬
‫ً‬ ‫قال األلوسي‬

‫رض بأنه يلزم توريث أوالد األوالد‬


‫أن يكون بواسطة أو بغيرها‪ ،‬فيشمل الجد والجدة‪ ،‬واعتُ َ‬
‫ْ‬

‫آخر ال‬ ‫بأن عدم التوريث في هذه الصورة معلوم من ٍ‬


‫أمر َ‬ ‫ُجيب َّ‬
‫مع وجود األوالد‪ ،‬وأ َ‬

‫يخفى"‪.٢‬‬

‫الجد والجدة يمكن استنباطه من لطائف إشارات‬ ‫الباحث إلى َّ‬


‫أن حكم ميراث ّ‬ ‫ُ‬ ‫ويمي ُل‬

‫ِ‬
‫بصدد دراستها‪ ،‬وانما في آية الميراث‬ ‫القرآن اللغوية‪ ،‬ولكن ليس في هذه اآلية التي نحن‬

‫ك َّ‬
‫أن لفظة (أبويه)‬ ‫‪٢‬‬ ‫لكل و ٍ‬
‫احد منهما السدس) ‪ ،‬ذل َ‬ ‫التفصيلية‪ ،‬في قوله تعالى (وألبويه ِّ‬

‫أن لفظة (الوالدان) ال ُّ‬


‫تدل إال على األب‬ ‫األرجح َّ‬
‫َ‬ ‫تختلف عن لفظة (الوالدان)؛ إ ْذ َّ‬
‫إن‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.1‬‬ ‫‪.1‬‬


‫األلوسي‪ ،‬أبو الفضل شهاب الدين محمود‪ :‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ، ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ج (‪ ، )34|0‬المجلد (‪ ، )15|2‬ص‪.214‬‬
‫سورة النساء‪،‬من اآلية‪.11‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪113‬‬
‫أبيكم إبراهيم)‪،٠‬‬
‫ْ‬ ‫الجد اسم األب‪ ،‬كما في قوله تعالى (ملَّةَ‬
‫طلق على ِّ‬
‫قد ُي ُ‬
‫واألم‪ ،‬بينما ْ‬

‫اهيم واسحق ويعقوب)‪.٢‬‬


‫اتبعت ملةَ آبائي إبر َ‬
‫وقوله‪( :‬و ُ‬

‫*داللة لفظة(األقربون)‪:‬‬

‫(قرب) "القاف والراء والباء أص ٌل صحيح ُّ‬


‫يدل على خالف البعد"‪ .٢‬واألقربون جمع‬

‫دنو‬
‫القريب‪ .‬والقريب والقريبة ذو القرابة‪ ،‬والجمع من النساء قرائب‪ .‬والقرابة والقربى‪ :‬ال ّ‬

‫الر ِحم‪ ،‬وهي في األصل مصدر‪ .‬وفي التّنزيل العزيز‪:‬‬


‫في النسب‪ ،‬والقربى في ّ‬

‫(والجار ذي القربى)‪.4‬‬

‫تك‬
‫أنذر عشير َ‬
‫األدنون‪ .‬وفي التنزيل العزيز‪( :‬و ْ‬
‫َ‬ ‫وأقارب الرجل‪ ،‬وأقربوه‪:‬عشيرته‬

‫‪7‬‬
‫قربة‪،‬‬
‫قربة‪ ،‬وقُربة‪ ،‬و ُ‬
‫وم ُ‬
‫قربة‪َ ،‬‬
‫وم َ‬
‫ب‪ ،‬وقربى‪َ ،‬‬
‫األقربين) ‪ .‬وتقول‪ :‬بيني وبينه قرابة‪ ،‬وقُ ْر ٌ‬

‫بضم الراء‪ ،‬وهو قريبي‪ ،‬وذو قرابتي‪ ،‬وهم أقربائي‪ ،‬وأقاربي‪ .‬والعامة تقول‪ :‬هو قرابتي‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫أن‬
‫وهم قراباتي‪ .‬وقوله تعالى‪( :‬قل ال أسألكم عليه أج اًر إال المودة في القربى) أي ْ‬

‫تودوني في قرابتي أي في قرابتي منكم‪.7‬‬

‫‪1‬‬
‫سورة الحج‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سورة يوسف‪ ،‬من اآلية ‪.32‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن فارس‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬المجلد (‪ ، )4|5‬ص ‪.24‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.34‬‬ ‫‪.0‬‬
‫سورة الشعراء‪ ،‬من اآلية ‪.210‬‬ ‫‪.5‬‬
‫سورة الشورى ‪ ،‬من اآلية ‪.23‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد (‪ )15|1‬ص ‪.445‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪110‬‬
‫*داللة لفظة (األقربون) عند المفسرين والفقهاء‪:‬‬

‫الفقهاء والمفسرون على المعنى اللغوي للفظة (األقربين)‪ ،‬وهم ذوو القرابة‬
‫ُ‬ ‫لئن اتفق‬

‫من تشملهم داللة (األقربين) في اآلية‪ ،‬على رأيين‪:‬‬


‫للميت‪ ،‬فإنهم اختلفوا على ْ‬

‫ذهب إلى َّ‬


‫أن المقصود باألقربين‪ ،‬المتوارثون من ذوي القرابات‪ .‬قال أبو‬ ‫َ‬ ‫أي‬
‫‪ -‬رٌ‬

‫أبهم في لفظ (األقربون)‬


‫وقد َ‬‫حيان‪" :‬واألقربون هم المتوارثون من ذوي القرابات‪ْ ،‬‬

‫كما أبهم في النصيب"‪.٠‬وفي تفسير أبي السعود "والمراد باألقربين المتوارثون‬

‫تعقيبا على لفظة (األقربون)‪" :‬والمراد‬


‫ً‬ ‫منهم"‪ ،٢‬وفي تفسير تنوير األذهان‪،‬‬

‫المتوارثون منهم وهم؛ األبوان‪ ،‬والزوجان‪ ،‬واالبن‪ ،‬والبنت"‪ .٢‬وفي تفسير النسفي‪:‬‬

‫"هم المتوارثون من ذوي القرابات دون غيرهم"‪ ،4‬وذهب اإلمام الرازي َّ‬
‫أن المراد من‬

‫ٍ‬
‫وحينئذ ال يدخل فيهم ذوو األرحام‪ ،‬وعليه يكون عطف‬ ‫األقربين الوالدان واألوالد‪،‬‬

‫الخاص"‪.7‬‬
‫ّ‬ ‫(األقربون) على (الوالدان) من عطف العام على‬

‫وقد ذهبت إلى هذا ال أري المذاهب جميعها إال الحنفية واإلمامية‪.1‬‬
‫ْ‬

‫أي آخر‪ ،‬ذهب إلى َّ‬


‫أن المقصود باألقربين عموم ذوي األرحام‪ ،‬وهم األقربون الذين‬ ‫ور ٌ‬

‫ليسوا أصحاب فروض‪ ،‬وال تعصيب‪ ،‬كالعمات والخاالت وأوالد البنات‪ ،‬والى هذا الرأي‬

‫أبو حيان‪ :‬التفسير الكبير المسمى البحر المحيط وبهامشه تفسيران (أحدهما الهر الماد من البحر) ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط من‬ ‫‪.1‬‬
‫البحر المحيط لتاج الدين ابن مكتوم‪ ،‬ج (‪ )2|3‬ص ‪.115‬‬
‫أبو السعود‪ ،‬تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المجلد (‪ ، )5|1‬ج (‪ ، )2|2‬ص‪.104‬‬
‫البروسويّ‪ ،‬إسماعيل حقي‪ :‬تنوير األذهان من تفسير روح البيان‪ ،‬اختصار وتحقيق‪ :‬الشيخ محمد علي الصابوني‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‬ ‫‪.3‬‬
‫(‪1042‬هـ‪1922-‬م) ‪ ،‬ج (‪ ، )0|1‬ص ‪.319‬‬
‫النسفي‪ ،‬أبو البركات عبد هللا بن أحمد بن محمود‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬المجلد (‪ ، )2|1‬ج (‪ ، )0|1‬ص‪.242‬‬ ‫‪.0‬‬
‫انظر‪ :‬تفسير آيات األحكام‪ ،‬الشيخ محمد السايس‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪.5‬‬
‫انظر‪ :‬تفسير آيات األحكام‪ ،‬الشيخ محمد السايس‪ ،‬ص ‪ ، 31‬وانظر‪ :‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ :‬األلوسي‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ج (‪ ، )34|0‬المجلد (‪ ، )15|2‬ص‪211‬‬
‫‪115‬‬
‫أن ظاهر اآلي ِة يشهد لهم‪ ،‬و َّ‬
‫أن في‬ ‫ك َّ‬
‫ذهب السادة األحناف واإلمامية‪ .‬وحجتهم في ذل َ‬
‫‪٠‬‬
‫عام لذوي القرابة النسبية‬
‫ٌ‬ ‫بين‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫األق‬ ‫َّ‬
‫"إن‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫قا‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫وم‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫تأويل الرأي األول الكثير من التكلّف‬

‫والسببية‪ ،‬جع َل اآلية متضمنة لحكم الزوج والزوجة واستحقاق كل منهما اإلرث من‬

‫يذهب إلى ذلك وقال‪َّ :‬‬


‫إن األقربين خاص بذوي القرابة النسبية جعل‬ ‫ْ‬ ‫وم ْن لم‬
‫صاحبه‪َ ،‬‬

‫فهم االستحقاق كفهم المقدار المستحق مما سيأتي من اآليات"‪.٢‬‬

‫الحجج التي استند إليها أصحاب الرأي األول‬


‫َ‬ ‫ذكر اإلمام فخر الرازي في تفسيره‪،‬‬
‫وقد َ‬

‫أجاب أصحابنا من وجهين‪ :‬أحدهما‪:‬‬ ‫في ِّ‬


‫ردهم على أصحاب الرأي الثاني‪ ،‬حيث قال‪" :‬و َ‬

‫وباإلجماع ليس لذوي‬


‫ِ‬ ‫مقد ًرا‪،‬‬
‫نصيبا ّ‬
‫ً‬ ‫مفروضا)‪ ٢‬أي‬
‫ً‬ ‫(نصيبا‬
‫ً‬ ‫ّأنه تعالى قال في آخر اآلية‬

‫داخلين في هذه اآلية‪ ،‬وثانيهما‪َّ :‬‬


‫أن هذه اآلية‬ ‫َ‬ ‫فثبت أنهم ليسوا‬
‫َ‬ ‫األرحام نصيب َّ‬
‫مقدر‪،‬‬

‫إن ذوي األرحام من األقربين؟ وتحقيقه َّأنه إما ْ‬


‫أن يكون‬ ‫فلم قلتم َّ‬
‫مختصَّة باألقربين‪َ ،‬‬

‫من جميع‬ ‫ٍ‬


‫كان أقرب ْ‬
‫من شيء آخر‪ ،‬أو المراد منه َم ْن َ‬
‫أقرب ْ‬
‫كان َ‬
‫بين َم ْن َ‬
‫المراد من األقر َ‬

‫ٍ‬
‫إنسان له نسب مع‬ ‫ألن َّ‬
‫كل‬ ‫األشياء‪ ،‬واألول باطل؛ ألنه يقتضي دخول أكثر الخلق فيه‪َّ ،‬‬

‫أن‬ ‫ٍ‬
‫بوجه بعيد‪ ،‬وهو االنتساب إلى آدم عليه السالم‪ ،‬وال َّ‬ ‫ٍ‬
‫بوجه قر ٍ‬
‫بد و ْ‬ ‫يب أو‬ ‫غيره إما‬

‫النص وهو باطل‪ ،‬ولما‬


‫ّ‬ ‫يكون هو أقرب إليه من ولده‪ ،‬فيلزم دخول كل الخلق في هذا‬

‫من‬
‫يكون المراد َ‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫النص على االحتمال الثاني وهو ْ‬
‫ّ‬ ‫حمل‬
‫وجب ْ‬
‫َ‬ ‫بط َل هذا االحتمال‬

‫النص ال‬
‫َّ‬ ‫فثبت َّ‬
‫أن هذا‬ ‫ك إال الو ِ‬
‫الدان واألوالد‪َ ،‬‬ ‫كان أقرب الناس إليه‪ ،‬وما ذا َ‬
‫بين َم ْن َ‬
‫األقر َ‬

‫انظر‪ :‬أ حكام القرآن في سورة النساء‪ :‬د‪.‬نور الدين عتر‪ ،‬ص ‪.93-92‬‬ ‫‪.1‬‬
‫اآل لوسي‪ :‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ ،‬ج (‪ ، )34|0‬المجلد (‪ ، )15|2‬ص‪.211-214‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.1‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪114‬‬
‫يدخل فيه ذوو األرحام‪ ،‬ال ُيقال‪ :‬لو حملنا األقربين على الوالدين لزم التكرار؛ ألنا نقول‪:‬ا‬

‫ثم ذكر‬
‫فثبت أنه تعالى َذ َك َر الوالد‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ألقرب جنس يندرج تحته نوعان‪ :‬الوالد والولد‪،‬‬

‫ذكر الجنس‪ ،‬فلم يلزم التكرار"‪.٠‬‬


‫ثم َ‬
‫ذكر النوع‪ ،‬من َّ‬
‫األقربين‪ ،‬فيكون المعنى أنه َ‬
‫أن ظاهر ِ‬
‫اآلية يشهد للحنفية القائلين بتوريث ذوي األرحام‪ ،‬وفي حجج الرأي‬ ‫والواقع‪َّ ،‬‬

‫ك أنهم َبنوا رأيهم على دليلين عقيمين‪ ،‬أولهما َّ‬


‫أن اآلي َة‬ ‫اآلخر تكلف واعتساف‪ ،‬ذل َ‬

‫أن عدم تحديد‬ ‫مقد ًار َّ‬


‫محد ًدا‪ ،‬وزعموا َّ‬ ‫نصيبا َّ‬
‫ً‬ ‫ُذِّيلَ ْ‬
‫ت بقوله تعالى (نصيباً مفروضاً) أي‬

‫داخلين في هذه اآلية‪ .‬ونقول ّإنهم أوالً أخذوا‬


‫َ‬ ‫ثبت أنهم ليسوا‬
‫نصيب ذوي األرحام ُي َ‬

‫ون َسوا‬ ‫مقد ًار ُم َّ‬


‫حد ًدا‪َ ،‬‬ ‫المعنى اللغوي للفظة (مفروضاً) على ما يدعم مذهبهم‪ ،‬في كونه َّ‬

‫من‬
‫أن نصيبَ ذوي األرحام إنما يؤخذ ْ‬ ‫أو تناسوا َّأنها تعني كذل َ‬
‫ك اإليجاب‪ ،‬وأغفلوا َّ‬

‫من أدلَّ ٍة أخرى‪َّ .‬‬


‫أما الدليل اآلخر الذي‬ ‫َّ ٍ‬
‫أدلة أخرى‪ ،‬كما أُخ َذ مقدار ميراث غيرهم ْ‬

‫استندوا إليه هو َّ‬


‫أن األقربين يقتضي دخول أكثر الخلق فيه‪ ،‬وهذا تمح ٌل في القول‪ ،‬إ ْذ‬

‫َّ‬
‫إن األقربين بالمعنى المعروف هم ذوو القربى‪ ،‬أو ذوو األرحام‪.‬‬

‫*داللة لفظة (النساء)‪:‬‬

‫وضمها"‪-٢‬‬
‫ِّ‬ ‫النسوة "ب َك ْس ِر النون‬
‫النساء جمع المرأة من غير لفظها‪ ،‬وتُ ْج َمعُ على ُّ‬
‫ُ‬

‫أيضا ابن سيده‪ُّ 4‬‬


‫النسوان‪-‬‬ ‫و"كسر النون أفصح"‪ -٢‬وتجمع كذلك على ِّ‬
‫الن ْسوان وز َاد ً‬

‫الرازي‪ ،‬الفخر‪ :‬التفسير الكبير‪ ،‬المطبعة البهية المصرية‪ ،‬ط‪ 1351 ،1‬هـ‪1932‬م‪ ، ،‬ج (‪ )32|9‬المجلد (‪ ، )32|5‬ص ‪.190‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الرازي‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت (‪1044‬هـ‪1924-‬م) ص ‪.452‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الفيومي‪ ، ،‬أحمد بن محمد بن علي المقري‪ :‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي‪ ، ،‬ج (‪ )2\2‬ص ‪.213‬‬ ‫‪.3‬‬
‫نقالً عن تاج العروس‪ ، ،‬المجلد (‪ ، )24|24‬ص ‪.232‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪111‬‬
‫نين‪ .‬وقال ابن سيده‪ :٠‬والنساء جمع النسوة‬ ‫الن ُسون و ِّ‬
‫الن ْس ُ‬ ‫بضم النون‪ -‬كما تُجمع على ِّ‬

‫وي‪ ،‬فَ َرَّدهُ إلى واحده‪،‬وتصغير‬ ‫ِ‬ ‫‪٢‬‬


‫ك قال سيبويه في اإلضافة إلى نساء ن ْس ّ‬
‫إذا كثرن‪ ،‬ولذل َ‬

‫ويقال ُن َسَّيات وهو تصغير الجمع‪.‬‬


‫نسوة ُن َسَّية‪ُ ،‬‬

‫‪.‬و"المرء ‪(:‬مثلثة الميم)‪:‬الرجل"‪.4‬وقيل‪ 7‬المرء‪ :‬اإلنسان‬


‫ُ‬
‫‪٢‬‬
‫الم َرةُ "أنثى المرء"‬
‫والمرأةُ أو َ‬

‫رجالً كان أو امرأة وال ُيجمع من لفظه بل جمعه على المعنى قوم‪" .‬فال ُيقال أمراء‪،‬‬

‫وال امرؤ‪ ،‬وال مرؤون‪ ،‬وال أمارئ‪ .‬وقد جاء في حديث الحسن‪" :‬أحسنوا مألكم أيها‬

‫المرؤون"‪.1‬وفي النهاية يقال‪ِ :‬مراء ومرؤ‪" .‬فإن لم ِ‬


‫تأت باأللف والالم في المرء قلت‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬

‫دائما‪،‬‬
‫امرؤ بكسر همزة الوصل‪ .‬وفي امرئ مع ألف الوصل ثالث لغات‪ :‬فتح الراء ً‬
‫ٌ‬

‫دائما"‪.7‬‬
‫دائما‪ ،‬واعرابها ً‬
‫وضمها ً‬

‫المفسرين‪:‬‬
‫‪ ‬داللة لفظة (نساء) عند الفقهاء و ّ‬

‫اختلف الفقهاء والمفسرون على لفظة (رجال)اختلفوا كذلك على لفظة (النساء) في‬
‫َ‬ ‫كما‬

‫أن المر َاد بـ(النساء) اإلناث‪،‬ولو غير بالغات‪.8‬قال‬


‫فذهب الجمهور إلى َّ‬
‫َ‬ ‫اآلية الكريمة؛‬

‫تعقيبا على هذه اآلية‪":‬لإلناث منهم حصة منه"‪ 9‬أي من الميراث‪ ،‬وفي البحر‬
‫ً‬ ‫الطبري‬

‫نقالً عن لسان العرب‪ ،‬المجلد (‪ )15|15‬ص ‪.321‬‬ ‫‪.1‬‬


‫المرجع نفسه‪ ،‬المجلد (‪ )15|15‬ص ‪.321‬‬ ‫‪.2‬‬
‫حسن سعيد الكرمي‪ : :‬الهادي إلى لغة العرب‪ ،‬دار لبنان للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت (‪1011‬هـ‪1991-‬م) ج (‪ )0|0‬ص ‪.141‬‬ ‫‪.3‬‬
‫انظر‪ : :‬المعجم الوسيط (مجمع اللغة العربية) ‪ ،‬قام بإخراجه‪ :‬إبراهيم مصطفى‪-‬أحمد حسن الزيات‪-‬حامد عبد القادر‪-‬محمد علي النجار‪ ،‬دار‬ ‫‪.0‬‬
‫الدعوة‪ ،‬إستانبول ( (‪1392‬هـ‪1912-‬م) ‪ ،‬ج ( (‪ )2|2‬ص ‪.244‬‬
‫الشيخ أحمد رضا‪ :‬معجم متن اللغة‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت ( (‪1324‬هـ‪1944-‬م) ‪ ،‬ج ( (‪ )5|5‬ص ‪41‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد ( (‪ )15|1‬ص ‪.154‬‬ ‫‪.4‬‬
‫انظر‪ :‬المعجم الوسيط ( (مجمع اللغة العربية) ‪ ،‬ج ( (‪ )2|2‬ص ‪.244‬‬ ‫‪.1‬‬
‫انظر‪ :‬تفسير آيات األحكام‪ :‬الشيخ علي السايس‪ ،‬ص ‪. 31‬وانظر‪ :‬أحكام القرآن في سورة النساء‪ :‬د‪.‬نور الدين عتر ( (من محاضرات الدراسات‬ ‫‪.2‬‬
‫العليا)‬
‫الطبري‪ :‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن المسمى بتفسير الطبري‪ ،‬ج ( (‪ ، )24|4‬ص ‪.029‬‬ ‫‪.9‬‬
‫‪112‬‬
‫المعني بالنساء اإلناث"‪ ،٠‬وفي زاد المسير‪" :‬والمراد بالنساء‪ :‬اإلناث"‪ .٢‬واذا‬
‫ّ‬ ‫المحيط‪" ،‬‬

‫سبب اختيارهم لهذه الداللة دون الداللة األخرى‪،‬‬


‫َ‬ ‫كان معظم الفقهاء والمفسرين لم يعلّلوا‬
‫َ‬

‫قاس معناها على ما دلت عليه اللفظة‬ ‫فإن بعضهم استند إلى َّ‬
‫أن لفظة (نساء) إنما ُي ُ‬ ‫َّ‬

‫حيث المقصود‬
‫ُ‬
‫‪٢‬‬
‫ونساء)‬ ‫كثير‬ ‫َّ‬
‫(وبث منهما رجاالً ًا‬ ‫نفسها في صدر السورة قي قوله تعالى‬
‫ً‬
‫من ِ‬
‫اآلية العموم وليس التخصيص‪ ،‬كما استند آخرون إلى روايات أسباب النزول وهي‬ ‫َ‬

‫كثيرة‪.‬‬

‫الحكم على‬
‫َ‬ ‫(الرجال) يقول في هذا المجال كذلك‪َّ ،‬‬
‫إن‬ ‫وكما رجح الباحث في لفظة ّ‬

‫يمكن قياسها على الداللة نفسها‬ ‫الداللة المقصودة من لفظة (نساء) في ِ‬


‫آية الميراث‪ ،‬ال‬
‫ُ‬

‫السياقين‬ ‫اللفظتان في سورٍة واحدة؛ ذل َ‬


‫ك َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وردت‬ ‫للفظة (النساء) في ِ‬
‫اآلية األخرى‪ ،‬وا ْن‬
‫ْ‬

‫ِ‬
‫المجال فيه ُّ‬
‫تمحل واعتساف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القياس في هذا‬ ‫ِ‬
‫مختلفتين‪ ،‬واتباع‬ ‫ِ‬
‫اللذين وردتا فيه‬

‫(النساء) "اإلناث البالغات"‪4‬؛ َّ‬


‫ولكن هؤالء‬ ‫رون إلى َّ‬
‫أن المر َاد بـ ّ‬ ‫آخ َ‬‫ومفسرون َ‬
‫َ‬ ‫فقهاء‬
‫ٌ‬ ‫وذهب‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫بموجب هذه اآلية‪ -‬اإلناث غير البالغات من‬‫مون‪-‬‬
‫حر َ‬‫الفقهاء والمفسرين أنفسهم ال َي ِ‬

‫أن ِّ‬
‫تحد َد أنصبتهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ك أنهم ذهبوا إلى َّ‬
‫أن آيات الميراث التفصيلية ال تلبث ْ‬ ‫الميراث‪ ،‬ذل َ‬

‫التدرج في التّشريع‪.‬‬
‫يعدونه من باب ّ‬
‫ك ّ‬ ‫وهم في ذل َ‬

‫أن تكون لفظة (نساء) في اآلية الكريمة إنما تعني اإلناث مطلقًا‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫رج ُح الباحث ْ‬
‫وي ّ‬

‫آيات الميراث التفصيلية تؤيد هذا المعنى وتخالف اآلخر حيث إنها ْلم تحرم اإلناث غير‬
‫أبو حيان‪ :‬التفسير الكبير المسمى البحر المحيط وبهامشه تفسيران أحدهما الهر الماد من البحر ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط من البحر المحيط‬ ‫‪.1‬‬
‫لتاج الدين ابن مكتوم ‪ ،‬ج (‪ )2|3‬ص ‪.110‬‬
‫ابن الجوزي‪ ،‬أبو الفرج عبد الرحمن‪ :‬زاد المسير في علم التفسير‪ ،‬المجلد (‪ ، )9|2‬ص ‪.12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية‪.1‬‬ ‫‪.3‬‬
‫انظر‪ :‬تفسير آيات األحكام‪ :‬الشيخ علي السايس‪ ،‬ص ‪. 34‬وانظر‪ :‬أحكام القرآن في سورة النساء‪ :‬د‪.‬نور الدين عتر (من محاضرات الدراسات‬ ‫‪.0‬‬
‫العليا) ‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫أقرب إلى اليقين‪ ،‬بعد االستناد إلى روايات‬
‫َ‬ ‫صبح الرأي هذا‬
‫وي ُ‬‫البالغات من الميراث‪ُ ،‬‬

‫يتم ترجيح مدلوالت إحدى ألفاظها‪.‬‬


‫أسباب نزول اآلية التي ُّ‬

‫ِ‬
‫الفقهاء والمفسرين‪ ،‬حول داللة لفظة (الّرجال) في آية‬ ‫بين‬ ‫غير َّ‬
‫الخالف َ‬
‫َ‬ ‫أن‬

‫ِ‬
‫يلتقيان في‬ ‫ألن كال الر ِ‬
‫أيين‬ ‫يع أنصبة الميراث َّ‬ ‫ٍ‬
‫خالف في توز ِ‬ ‫الميراث‪ ،‬لم ِّ‬
‫يؤد إلى‬

‫النهاية على توريث اإلناث عامةً‪.‬‬

‫و(كثر) ‪:‬‬
‫َ‬ ‫*داللة لفظة َّ‬
‫(قل)‬

‫قل َي ِق ُّل ِقلَّةً وقُالًّ ‪ ،‬فهو قلي ٌل‬


‫وقد َّ‬ ‫القلَّةُ‪ :‬خالف الكثرة‪ .‬و ُّ‬
‫القل‪ :‬خالف ال ُكثْر‪ْ ،‬‬ ‫" قلل‪ِ :‬‬

‫وقُال ٌل وقَال ٌل بالفتح عن ابن جني"‪.٠‬‬

‫"كثر‪:‬ال َكثرة‪ ،‬وتكسر الكاف‪ :‬نقيض القلة‪ ،‬وفي الصحاح‪ :‬الكسر لغة رديئة‪.‬وحكى‬
‫َ‬

‫أنكر‬ ‫ابن عالّن في شرح االقتراح َّ‬


‫أن الكثرة مثلثة الكاف‪،‬والفتح أشهر‪،‬ونقله غيره‪،‬و َ‬
‫مقرونا مع ِ‬
‫القلة لالزدواج ‪،‬كال ُكثر‬ ‫كان‬
‫ً‬ ‫ب جماعة الكسر إذا َ‬
‫‪،‬وصو َ‬
‫َّ‬ ‫الضم جماعةٌ‬
‫َّ‬

‫الق ِّل و ِ‬
‫الكثْر‪ ،‬وقال الليث‪ :‬ال َكثرةُ‪ :‬نماء‬ ‫ثر و ِ‬ ‫الحمد ِ‬
‫هلل على القُ ّل وال ُك ِ‬ ‫ُ‬ ‫بالضم‪،‬يقال‪:‬‬

‫العدد"‪.٢‬‬

‫و(كثر) عند الفقهاء والمفسرين‪:‬‬ ‫*داللة لفظة َّ‬


‫(قل)‬
‫َ‬

‫(قل) و ( َك َثر) ألنهما معروفتا الداللة‪،‬‬ ‫ِ‬


‫داللة لفظة َّ‬ ‫المفسرون إلى‬
‫الفقهاء و‬ ‫ْلم ُي ِش ِر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫لكنهم أشاروا إلى مرجع الضمير المستتر في َّ‬
‫(قل) و(كثر)‪ ،‬فأحالوه إلى التركة‪.‬قال‬ ‫َّ‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬المجلد (‪ )15|11‬ص ‪.543‬‬ ‫‪.1‬‬


‫الزبيدي‪ :‬تاج العروس‪ ،‬المجلد (‪ ، )24|1‬ص ‪.035‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪124‬‬
‫تعقيبا على قوله تعالى (مما َّ‬
‫قل منه أو كثر)‪" ٠‬أي سواء‬ ‫ً‬ ‫الشيخ محمد الصابوني‬

‫كانت التركة قليلة أو كثيرة"‪.٢‬وفي تفسير الجاللين‪( ٢‬مما َّ‬


‫قل منه) أي المال‪ .‬وانما‬

‫المقصود بالمال التركة‪ .‬واستد ّل بعض الفقهاء والمفسرين من هاتين اللفظتين‪" ،‬د ْفع‬

‫توهم اختصاص بعض األموال ببعض الورثة‪،‬كالخيل وآالت الحرب"‪ ،4‬وبهذا ُي َرُّد‬
‫ّ‬

‫على اإلمامية ألنهم يخصُّون أكبر ِ‬


‫أبناء الميت من تركته بالسيف والمصحف والخاتم‬ ‫َ َ‬

‫البدني بدون عوض عند أكثرهم‪.‬‬


‫ّ‬ ‫واللباس‬

‫(مفروضا)‪:‬‬ ‫*داللةُ ِ‬
‫لفظة‬
‫ً‬

‫صحيح ُّ‬
‫يدل‬ ‫ٌ‬ ‫ض و(فرض) الفاء والراء والضاد أص ٌل‬
‫مفروض اسم مفعول من فَ َر َ‬

‫حز أو غيره‪...‬ومن الباب اشتقاق الفرض الذي أوجبه اهلل‬ ‫ٍ‬


‫شيء من ِّ‬ ‫على ٍ‬
‫تأثير في‬

‫معالم وحدوداً"‪.7‬‬
‫َ‬ ‫ك َّ‬
‫ألن له‬ ‫وس ِّم َي كذل َ‬
‫تعالى‪ُ ،‬‬

‫والواقعُ‪َّ ،‬‬
‫أن ثمةَ دالالت مختلفة للفظة (فرض)‪،‬أبرزها‪:‬‬

‫أفرضت الرج َل‪ :‬أعطيته"‪.1‬‬


‫ُ‬ ‫بغير فَ ْر ٍ‬
‫ض‪.‬و‬ ‫"العطية‪ ،‬وقيل‪ :‬ما أعطيته ِ‬
‫َّ‬ ‫‪‬‬

‫‪" ‬اإليجاب"‪ .٠‬و"فَرض اهلل على العباد‪ :‬ما يجب عليهم أداؤه مثل الصالة و ِ‬
‫الزكاة‬ ‫َ َ ُ‬

‫ضتُهُ‪ ،‬للتكثير‪ :‬أوجبته"‪.٢‬‬


‫وفر ْ‬
‫فرضا‪َّ ،‬‬
‫ً‬ ‫الشيء أفرضه‬ ‫‪".‬وفرضت‬
‫ُ‬
‫‪٢‬‬ ‫ِ‬
‫الصيام ونحوذلك"‬
‫و‬
‫َ‬

‫ك الفرائض في الميراث"‪.4‬‬
‫أمر بها ونهى عنها‪ ،‬وكذل َ‬
‫ائض اهلل‪ :‬حدوده التي َ‬
‫"وفر ُ‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.1‬‬ ‫‪.1‬‬


‫محمد الصابوني‪ :‬صفوة التفاسير‪ ،‬دار القرآن الكريم‪ ،‬القسم الثاني‪ ،‬بيروت (‪1041‬هـ‪1921‬م) ص ‪.21‬‬ ‫‪.2‬‬
‫انظر‪ :‬تفسير الجاللين بهامش المصحف العثماني وقد ذيل بكتاب أسباب النزول للسيوطي‪ :‬جالل الدين المحلي‪-‬جالل الدين السيوطي‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ص‪.143‬‬
‫البروسويّ‪ ،‬إسماعيل حقي‪ :‬تنوير األذهان من تفسير روح البيان‪ ،‬ج (‪ ، )0|1‬ص ‪.319‬‬ ‫‪.0‬‬
‫ابن فارس‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬المجلد (‪ ، )4|0‬ص ‪.022‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ابن سيده‪ :‬المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬القاهرة (‪1020‬هـ‪2443-‬م) ‪ ،‬المجلد (‪ ، )2|2‬ج (‪، )2|2‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ص ‪.125‬‬
‫‪121‬‬
‫‪" ‬التقدير" ‪،7‬كقوله تعالى‪( :‬فنصف ما فرضتم)أي قدرتم‪.‬‬

‫مقطوعا َّ‬
‫محد ًدا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مفروضا) أي‬
‫ً‬ ‫(نصيبا‬
‫ً‬ ‫‪" ‬القطع" ‪،1‬كقوله تعالى‪:‬‬

‫ك القرآن) أي أنزل‪.‬‬
‫فرض علي َ‬ ‫‪" ‬اإلنزال"‪ ،7‬كقوله تعالى َّ‬
‫(إن الذي َ‬

‫‪" ‬البيان"‪،8‬كقوله تعالى (سورة أنزلناها وفرضناها) أي بيناها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫فرض اهللُ له)أي‬
‫َ‬ ‫من حرٍج فيما‬
‫النبي ْ‬
‫ِّ‬ ‫كان على‬
‫‪" ‬اإلحالل" ‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬ما َ‬

‫َّ‬
‫أحل اهلل له‪.‬‬

‫ض‪ :‬التُّرس"‪.٠١‬‬
‫‪ ‬و"الفَ ْر ُ‬

‫الحز للفُرضة في ِسَي ِة القوس والخشبة"‪.٠٠‬‬


‫ض‪ُّ :‬‬‫‪ ‬و"الفَ ْر ُ‬
‫ِ‬
‫الدالالت األخرى جميعها‪،‬‬ ‫الداللتان األخير ِ‬
‫تان ال يقبلهما سياق اآلية‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كانت‬ ‫واذا‬

‫ف نصيب الميراث بأنه‬


‫يوص ُ‬
‫َ‬ ‫حمال أوجه‪ ،‬إ ْذ‬
‫آن َّ‬
‫ك فالقر ُ‬
‫ضير في ذل َ‬
‫يحتملها السياق‪ ،‬وال َ‬
‫ِ‬
‫باإلضافة‬ ‫ب من اهلل‪،‬‬
‫وموج ٌ‬ ‫ِ‬
‫الوقت عينه مفروض‬ ‫من الميت‪ ،‬وهو في‬
‫َ‬ ‫عطية من اهلل أو َ‬

‫آن أحكامه َّ‬


‫وحد حدوده‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ومحد ٌد‪ ،‬أنز َل اهللُ سبحانه في القر ِ‬ ‫إلى أنه َّ‬
‫مقدٌر‬

‫العين‪ ،‬ج (‪ )2|1‬ص ‪.29‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ابن دريد‪ :‬جمهرة اللغة‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ج (‪ ، )0|2‬ص‪.21‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن سيده‪ :‬المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬المجلد (‪ ، )2|2‬ج (‪ ، )2|2‬ص ‪.125‬‬ ‫‪.3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬المجلد (‪ ، )2|2‬ج (‪ ، )2|2‬ص ‪.125‬‬ ‫‪.0‬‬
‫مصطفى عاشور‪ :‬علم الميراث (أسراره وألغازه‪-‬أمثلة محلولة‪-‬تعريفات مبسطة) ‪ ،‬مكتبة القرآن‪ ،‬القاهرة (‪1042‬هـ‪1922-‬م) ‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪.5‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫مصطفى عاشور‪ :‬علم الميراث (أسراره وألغازه‪-‬أمثلة محلولة‪-‬تعريفات مبسطة) ‪ ،‬ص‪.32‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪.9‬‬
‫العين‪ ،‬ج (‪ )2|1‬ص ‪.29‬‬ ‫‪.14‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪.11‬‬
‫‪122‬‬
‫المفسرين‪:‬‬
‫(مفروضا) عند الفقهاء و ِّ‬
‫ً‬ ‫‪ ‬داللة لفظة‬

‫(مفروضا)على الدالالت اللغوية‪ ،‬قال‬


‫ً‬ ‫حم َل الفقهاء والمفسرون الدالالت الفقهية للفظة‬

‫مفروضا)‪" :‬حصة مفروضة واجبة‪ ،‬معلومة‬


‫ً‬ ‫(نصيبا‬
‫ً‬ ‫الطبري تعقيبباً على قوله تعالى‬

‫مؤقتة"‪َّ .٠‬‬
‫لكن بعضهم اختار من الدالالت اللغوية الداللة التي رآها مناسبة مع َّ‬
‫أن‬

‫الدالالت األخرى يحتملها السياق‪.‬‬

‫قال ابن الجوزي‪" :‬والمفروض‪ :‬الذي فرضه اهلل‪ ،‬وهوآكد من الواجب"‪ ،٢‬وفي الكشاف‪،‬‬

‫(مفروضاً) أي‪" :‬مقطوعاً واجبباً ال ُب َّد لهم من ْ‬


‫أن يحوزوه وال ُيستأثر به"‪ ،٢‬وفي تنوير‬

‫اجبا لهم"‪ ،4‬وفي مجمع البيان‬


‫األذهان‪( :‬نصيباً مفروضاً) أي نصيبباً مقطوعاً مفروضاً و ً‬

‫فرض اهلل تسليمه إلى مستوجبه ومستحقِّه‬


‫َ‬ ‫في تفسير القرآن‪( :‬نصيباً مفروضاً) أي حظّا‬

‫ال محالة"‪.7‬‬

‫ذهب‬ ‫ٍ‬ ‫وقد كان من ِ‬


‫عي على آخر‪ ،‬فقد َ‬
‫ترجيح حكمٍ شر ٍّ‬
‫ِ‬ ‫داللة على أخرى‪،‬‬ ‫ترجيح‬
‫ِ‬ ‫شأن‬ ‫ْ‬

‫(مقد ٍار ُم َح َّد ٍد)‪َّ ،‬‬


‫أن‬ ‫الذين حملوا داللة (نصيباً مفروضاً) على َّ‬
‫َ‬ ‫بعض الفقهاء والمفسرين‬

‫من‬
‫نصيب َ‬
‫ٌ‬ ‫أن ليس لهم‬
‫ت ْ‬‫عدم تحديد آيات الميراث لهذا النصيب لذوي القربى ُيثْبِ ُ‬

‫الذين ذهبوا إلى وجوب توريث ذوي القربى كالسادة األحناف‪ ،‬فإنهم حملوا‬
‫َ‬ ‫الميراث‪ .‬أما‬

‫لفظة (مفروضاً)على معنى واجباً فرضه اهلل سبحانه وتعالى‪.1‬‬

‫الطبري‪ :‬تفسير الطبري‪ ،‬ج (‪ ، )24|4‬ص‪.029‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ابن الجوزي‪ ،‬عبد الرحمن‪ :‬زاد المسير في علم التفسير‪ ،‬المجلد (‪ ، )9|2‬ص ‪.12‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الزمخشري‪ ،‬جار هللا أبو القاسم محمود بن عمر‪ :‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل‪ ،‬تحقيق وتعليق ودراسة‪ :‬الشيخ‬ ‫‪.3‬‬
‫عادل عبد الموجود‪-‬الشيخ علي معوض‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض (‪1012‬هـ‪1992‬م) ‪ ،‬ج (‪ ، )4|2‬ص‪04‬‬
‫البروسويّ‪ ،‬إسماعيل حقي‪ :‬تنوير األذهان من تفسير روح البيان‪ ،‬ج (‪ ، )0|1‬ص ‪.319‬‬ ‫‪.0‬‬
‫الطبرسي‪ ،‬أبو علي الفضل بن الحسن‪ :‬مجمع البيان في تفسير القرآن‪ ،‬المجلد‪ ،2‬ص ‪.24‬‬ ‫‪.5‬‬
‫الرازي‪ ،‬الفخر‪ :‬التفسير الكبير ‪ ،‬ج (‪ )32|9‬المجلد (‪ ، )32|5‬ص ‪.190‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪123‬‬
‫(مفروضا) دون لفظة (موجباً)‪،‬‬
‫ً‬ ‫وأشار بعض المفسرين إلى دقّة استخدام القرآن للفظة‬

‫كذلك‬
‫َ‬ ‫بين الفرض والوجوب َّ‬
‫أن الفرض يقتضي فارضاً فرضه وليس‬ ‫حيث َّ‬
‫"إن الفرق َ‬

‫ك َّ‬
‫صح وجوب‬ ‫الوجوب‪ ،‬ألنه قد يجب الشيء في نفسه من غير إيجاب موجب‪ ،‬ولذل َ‬

‫ك فرض ومفروض‪ ،‬وأصل الفرض‬


‫أن يقال لذل َ‬
‫الثواب والعوض عليه تعالى‪ .‬ولم يجز ْ‬

‫الثبوت‪ ،‬فالفرض ُّ‬


‫الحز في سية القوس حيث يثبت الوتر‪ ،‬والفرض ما أثبته على نفسك‬

‫من هبة أو صلة‪ ،‬والفرض‪ :‬ما أعطيت من غير فرض لثبوت تمليكه‪ ،‬وأصل الوجوب‬

‫الوقوع‪ :‬يقال‪ :‬وجب الحائط وجوباً إذا وقع‪ ،‬وسمعت وجبة أي وقعة كالهدة‪ ،‬ووجب الحق‬

‫خفق من فزٍع"‪.٠‬‬
‫ووجب القلب وجيبباً إذا َ‬
‫َ‬ ‫وجوباً إذا وقع سببه‬

‫آن صيغُ ٍ‬
‫أمر كثيرة‪ ،‬كقوله تعالى‪َّ :‬‬
‫(إن‬ ‫جاءت في القر ِ‬
‫‪ -‬اختيار لفظة (يوصيكم)‪" :‬لقد َ‬

‫بالعد ِل واإلحسان) ‪ ،‬و َ‬


‫‪٢‬‬
‫ض‪ ،‬كقوله تعالى‪:‬‬
‫تب) بمعنى فَ َر َ‬
‫آن صيغة ( ُك َ‬
‫استخد َم القر ُ‬ ‫يأمر ْ‬‫اهلل ُ‬

‫الصيام)‪ ،٢‬وغيرها من صيغ الطّلب كما هو معروف‬


‫عليكم ّ‬
‫ُ‬ ‫تب‬
‫(يا ّأيها الذين آمنوا ُك َ‬

‫عند علماء أصول الفقه‪.‬‬


‫َ‬

‫الدليل‬
‫الوصية من اهلل فَ ْرض‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫وقوله يوصيكم أي يأمركم ويفرض عليكم‪َّ ،‬‬
‫ألن معنى‬

‫وصاكم به لعلّكم‬
‫بالحق ذلكم ّ‬
‫ّ‬ ‫حرَم اهلل إال‬
‫على ذلك قوله تعالى‪( :‬وال تقتلوا النفس التي َّ‬

‫الم َحتَّم علينا"‪.7‬‬ ‫ِ‬


‫الفرض ُ‬ ‫تعقلون)‪ ،4‬وهذا من‬

‫الطبرسي‪ ،‬أبو علي الفضل بن الحسن‪ :‬مجمع البيان في تفسير القرآن‪ ،‬المجلد‪ ،2‬ص ‪.25‬وانظر‪ :‬تفسير الشعراوي‪ :‬الشيخ محمد متولي‬ ‫‪.1‬‬
‫الشعراوي‪ ،‬راجع أصله وخرج أحاديثه د‪.‬أحمد هاشم أخبار اليوم قطاع الثقافة‪ ،‬ج (‪ ، )11|0‬القاهرة‪1991‬م ‪ ،‬ص ‪.2415‬‬
‫سورة النحل‪ ،‬من اآلية ‪.94‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية ‪.123‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة األنعام‪ ،‬من اآلية ‪.151‬‬ ‫‪.0‬‬
‫سليمان بن عمر العجيلي الشافعي الشهير بالجمل (ت ‪ 1240‬هـ) ‪ :‬الفتوحات اإللهية بتوضيح تفسير الجاللين للدقائق الخفية‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ط‪ ،1‬بيروت ‪ 1014‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.11‬‬
‫‪120‬‬
‫األحكام واألغراض اآلتية‪:‬‬
‫َ‬ ‫وقد جاء استعمال لفظة اإليصاء ُم َحقِّقًا‬

‫الصلة يتحقّق بهذه الوصية‪ ،‬وذلك من المعاني اللّغوية‬


‫‪ -٠‬معنى الوصل واإليصال و ّ‬

‫أرض‬
‫وصى النبت‪ :‬إذا اتّصل و َكثَُر‪ ،‬و ٌ‬ ‫ص َل واتَّ َ‬
‫ص َل‪ّ ،‬‬ ‫"ووصى الشيء‪َ :‬و َ‬
‫ّ‬ ‫للوصية‪،‬‬
‫ّ‬

‫واصيةٌ أي متّصلة بالنبات"‪ ،٠‬ويقول الشيخ رشيد رضا‪" :‬يوصيكم أي يوصلُكم‬

‫اهلل إلى حقوق أوالدكم بعد موتكم"‪.٢‬‬

‫الوصية دنياه بآخرته‪.‬‬


‫ّ‬ ‫فالميت يص ُل بهذه‬
‫‪ -٢‬معنى االتّصال‪ْ ،‬‬

‫فرضية أحكام الميراث وايصالها إلى أصحابها‪ ،‬وحقّقت‬


‫ّ‬ ‫ت على‬
‫الصيغة دلّ ْ‬
‫‪ -٢‬هذه ّ‬

‫جزما‪ ،‬أكثر من أية صيغة أخرى‪ ،‬فال يملك المكلَّف التقصير أو التّفريط‬
‫تأكيدا و ً‬
‫ً‬

‫ألنه أبلغ وأد ّل على‬


‫"وعد َل عن األمر إلى اإليصاء‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫فيها‪ .‬يقول اآللوسي‪:‬‬

‫االهتمام وطلب الحصول بسرعة"‪.٢‬‬

‫أرحم بهم‬
‫ُ‬ ‫الرحمة‪ ،‬فاهلل يوصينا بأوالدنا‪ ،‬أي ّأنه‬ ‫‪َّ -4‬‬
‫إن في صيغة اإليصاء معنى ّ‬

‫ُّ‬
‫الرب خالقنا‪ ،‬يوصينا في‬ ‫منا‪ ،‬ويقول ال ّشعراوي في شرح هذه اآلية‪" :‬نِ ْع َم‬
‫ّ‬

‫محب لنا"‪.4‬‬
‫ٌّ‬ ‫رحيم بنا‬
‫أحب منا عند آبائنا فهو ٌ‬
‫الدنا‪...‬كأننا عند رّبنا ّ‬
‫ّ‬ ‫أو‬

‫األصفهاني‪ ،‬أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب األصفهاني (ت ‪ 542‬هـ) ‪ :‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬تحقيق محمد سيد‬ ‫‪.1‬‬
‫كيالني‪ ،‬دار المعرفة للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪. 525‬الرازي‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن عبد القادر (ت ‪ 444‬هـ) ‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪ . 125‬إبراهيم أنيس وآخرون‪ :‬المعجم الوسيط‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ط‪ ،2‬ج ‪ ،2‬ص ‪.1431‬‬
‫محمد رشيد رضا‪ :‬تفسير المنار‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬ج ‪ ،0‬ص‪.040‬‬ ‫‪.2‬‬
‫اآللوسي‪ ،‬شهاب الدين السيد محمود البغدادي (ت ‪ 1214‬هـ) ‪ :‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ ،‬دار إحياء التراث‬ ‫‪.3‬‬
‫العربي‪ ،‬ط‪ ،0‬بيروت ‪1045‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،0‬ص ‪.214‬‬
‫الشعراوي‪ ،‬محمد متولي‪ :‬تفسير الشعراوي‪ ،‬ج ‪ ،0‬ص ‪.2423‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪125‬‬
‫‪ -‬اختيار لفظة (أوالدكم) في قوله تعالى ( يوصيكم اهلل في أوالدكم)‪:1‬‬

‫الصغار والكبار‪ ،‬والموجود أو الجنين في‬


‫لفظة (أوالدكم) لفظٌ شام ٌل لل ّذكور واإلناث ّ‬

‫بطن أمه‪ ،‬كما شمل الخنثى والمفقود‪ ،‬وشم َل أوالد االبن وا ْن نزلوا سواء على سبيل‬

‫الحقيقة أو المجاز‪ .٢‬ويكون اختيار هذا اللفظ قد َّ‬


‫دل على األحكام التّالية‪:‬‬

‫جميع‬
‫َ‬ ‫ألنها جمعٌ ُعِّرف باإلضافة؛ فَ َش َم َل‬
‫صيغ العموم ّ‬
‫ِ‬ ‫آنية من‬
‫‪ -٠‬هذه اللّفظة القر ّ‬

‫الصغار والكبار‪ ،‬والفقراء واألغنياء‪ ،‬وال ّذكور واإلناث‪ ،‬والموجود حقيقة أو تقدي اًر‪،‬‬
‫األوالد ّ‬

‫كالجنين‪.‬‬

‫ص كالولد القاتل‪ ،‬أو الذي به مانع‬


‫بالن ّ‬
‫ص ّ‬ ‫‪ -٢‬خرج من هذا ال ّشمول والعموم ما ُخ َّ‬

‫‪٢‬‬
‫أن النبي صلى اهلل عليه‬
‫الدين ‪ ،‬كحديث "أسامة بن زيد" رضي اهلل عنه‪ّ ،‬‬
‫كاختالف ّ‬

‫المسلم"‪ ،4‬وحديث عبد اهلل بن عمرو‬


‫َ‬ ‫الكافر‬
‫ُ‬ ‫يرث‬
‫الكافر‪ ،‬وال ُ‬
‫َ‬ ‫المسلم‬
‫ُ‬ ‫وسلم قال‪" :‬ال يرث‬

‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ال يتوارث أه ُل ملّتين شتى"‪.7‬‬
‫رضي اهلل عنهما‪َّ ،‬‬

‫الرضاعة‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫االبن من ّ‬
‫َ‬ ‫‪ -٢‬قوله تعالى (في أوالدكم) ولم يقل (في أبنائكم) أخرَج بذلك‬

‫الرضاعة‪ ،‬وال ُيقال ولده من الرضاعة‪،1‬‬


‫فيقا ُل ابنه من ّ‬
‫األبناء من الرضاعة ال يرثون‪ُ ،‬‬

‫الرضاعة‪.‬‬
‫فلو قال في أبنائكم لدخل فيه االبن من ّ‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ابن العربي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.330‬‬ ‫‪.2‬‬
‫محمد رشيد رضا‪ :‬تفسير المنار‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.045‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أخرجه البخاري في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم‪ ،‬ح‪ . 4140‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪،12‬‬ ‫‪.0‬‬
‫ص‪ . 51‬وأخرجه مسلم في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ألحقوا الفرائض بأهلها‪ ،‬ح‪ . 1410‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪ ،‬المجلد الرابع‬
‫(‪)221/11‬‬
‫أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ميراث أهل اإلسالم من أهل الشرك‪ ،‬ح‪ ،2131‬السنن‪ ،‬ص‪.290-293‬‬ ‫‪.5‬‬
‫السهيلي‪ :‬الفرائض‪ ،‬ص ‪.30‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪124‬‬
‫َّ‬
‫المتبنى من اإلرث‪ ،‬فكان زيد يقول‪ :‬أنا ابن محمد‪ ،‬وال‬ ‫االبن‬ ‫‪َّ -4‬‬
‫إن هذا اللّفظ قد أخرج َ‬

‫يقول أنا ولد محمد‪ ،‬ولذا قال تعالى‪( :‬وحالئل أبنائكم من أصالبكم)‪.٢"٠‬‬

‫البنوة أوسعُ من لفظة الوالدة‪َّ ،‬‬


‫ألن المقصود بها الدعوى والنسب‪ ،‬فإذا‬ ‫‪َّ -7‬‬
‫إن لفظة ّ‬
‫ت فقد تنسب إلى و ٍ‬
‫الد وغيره‪ ،‬أال ترى قوله تعالى‪( :‬وابن السبيل)‪ ،‬فنسب إلى السبيل‬ ‫نسب َ‬
‫ْ‬
‫ُ‬

‫يحسن في شيء من‬


‫ُ‬ ‫وليس بوالده‪ ،‬وكذلك قولهم ابن آوى وابن عرس‪ ،‬وبنات نعش‪ ،‬وال‬

‫هذا لفظ الولد‪.٢‬‬

‫أجنة في بطون‬
‫كبارا‪ ،‬ولو ّ‬
‫صغار أو ً‬
‫ًا‬ ‫حصر اإلرث في األوالد‬
‫َ‬ ‫‪ -1‬لفظ (الولد) قد َحقَّ َ‬
‫ق‬

‫أمهاتهم‪ ،‬ولو استُعمل لفظ (األبناء) بد َل (األوالد) لَ َخ َرج بذلك ميراث الجنين‪.‬‬

‫الحر الستخدامه تعالى‬


‫يرث أباه َّ‬
‫العبد ال ُ‬ ‫تضم َن َّ‬
‫أن الولد َ‬ ‫َّ‬ ‫‪ -7‬في قوله تعالى‪( :‬أوالدكم)‬

‫العبد‬
‫لفظة (أوالدكم)‪ ،‬بإضافة التعريف‪ ،‬ولم يقل اهلل تعالى‪ :‬يوصيكم اهلل في ما ولدتم‪..‬و ُ‬

‫ك‬
‫عبد فالن‪ ،‬ومملو ُ‬
‫فيقال ُ‬
‫سيده‪ُ ،‬‬
‫عرف باإلضافة إلى والده إنما ُيضاف دائماً إلى ّ‬
‫ال ُي َّ‬

‫فالن وابن فالن‪ ،4‬وبذا يكون هذا اللّفظ قد حمل داللة فقهية‬
‫ولد ٍ‬‫الحر ُ‬
‫ويقال في ّ‬
‫فالن‪ُ ،‬‬

‫الر َّ‬
‫ق مانعٌ من موانع الميراث‪.‬‬ ‫أن ّ‬‫واضحة‪ ،‬وهي َّ‬

‫‪ -‬اختيار لفظة (الذكر) في قوله تعالى (للذكر مثل حظ األنثيين)‪:‬‬

‫نصيب اثنتين من اإلناث‪ُّ ،‬‬


‫وكل ذلك يد ّل‬ ‫ِ‬ ‫نصيبهُ بمقدار‬
‫َ‬ ‫وبيان َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫جاء البدء بال َّذكر‪،‬‬

‫على فضله‪ ،‬إذ ال ُي ْعطى ال ّذكر هذا التقديم وهذه الزيادة وهذا التوضيح إال لميزات فيه‪.‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.23‬‬ ‫‪.1‬‬


‫السهيلي‪ :‬الفرائض‪ ،‬ص ‪.34‬‬ ‫‪.2‬‬
‫السهيلي‪ :‬الفرائض‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪.3‬‬
‫السهيلي‪ :‬الفرائض‪ ،‬ص ‪.39-32‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪121‬‬
‫"هال قيل لالثنتين مثل حظ الذكر‪ ،‬أو لألنثى نصف حظ الذكر‪،‬‬
‫يقول الزمخشري‪ّ :‬‬

‫قلت ليبدأ ببيان حظّ الذكر لفضله‪ ،‬كما ضوعف حظّه لذلك‪ ،‬و َّ‬
‫ألن قوله للذكر مثل حظّ‬ ‫ُ‬

‫األنثيين قصد إلى بيان فضل الذكر‪ ،‬وقوله لألنثيين مثل حظ الذكر قصد إلى بيان‬

‫قصدا إلى بيان فضله كان أد ّل على فضله من القصد إلى بيان‬
‫ً‬ ‫نقص األنثى‪ ،‬وما كان‬

‫نقص غيره عنه"‪.٠‬‬

‫إن‬
‫مما تََر َك ْ‬ ‫ٍ‬ ‫اختيار لفظة "وألبويه" في قوله تعالى‪( :‬وألبويه ِّ‬
‫دس ّ‬
‫الس ُ‬
‫لكل واحد منهما ّ‬

‫ولد)‪.‬‬
‫له ٌ‬‫كان ُ‬
‫َ‬

‫دس إن‬ ‫ٍ‬ ‫بأن َّ‬


‫األم َّ‬ ‫نصيب ِ‬ ‫"و ِ‬
‫ألبويه" َّ‬
‫الس ُ‬
‫كل واحد منهما له ّ‬ ‫ونصيب ِّ‬
‫َ‬ ‫األب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ت‬
‫حد َد ْ‬

‫ت هي صيغةُ‬
‫ورَد ْ‬ ‫بيد َّ‬
‫أن الصيغةَ التي َ‬ ‫ولد‪َ .‬‬
‫الميت أو البنتهم المتوفّاة ٌ‬
‫كان البنهم ْ‬

‫عند عدم‬ ‫الجد مقام ِ‬


‫األب َ‬ ‫األجداد؛ فيقوم ُّ‬
‫َ‬ ‫المثنى‪ ،‬وهناك من فَ ِه َم منها ّأنها تشم ُل َ‬
‫األب و‬ ‫ّ‬
‫َ‬

‫ب به‬ ‫ِ‬
‫كاألب َح َج َ‬ ‫الج َّد كاألب‪ .‬فمن جعل َّ‬
‫الجد‬ ‫ِ‬
‫يجعل َ‬ ‫وجوده مهما عال‪ ،‬وهناك من لم‬

‫كالسادة األحناف(‪ .)٢‬ومن لم يجع ْله كاألب وهم‬ ‫األشقاء أو األب‬ ‫اإلخوةَ واألخو ِ‬
‫ات‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫(‪)٢‬‬
‫َّب معهم‪ ،‬على اختالف في كيفية توريثه‪.‬‬
‫َج َعلَه كاألخ يتعص ُ‬ ‫الجمهور‬

‫جداه وال َم ْن‬


‫الميت قريباً‪ ،‬ال ّ‬
‫حيان‪" :‬ظاهر قوله وألبويه‪ ،‬اللّذان ولدا ْ‬
‫ويقول أبو ّ‬

‫أن أوالدكم يتناول من َسف َل من األبناء قالوا َّ‬


‫ألن األبوين لفظٌ‬ ‫عال من األجداد‪ ،‬وزعموا َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الج ْم َع بخالف قولِه في أوالدكم‪ ،‬وفي ما قالوا ٌ‬
‫نظر وهما‬ ‫العموم وال َ‬
‫َ‬ ‫مثنى ال يحتم ُل‬
‫ّ‬

‫الزمخشري‪ :‬الكشاف‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.544-545‬‬ ‫‪.1‬‬


‫عبد هللا بن محمود بن مودود‪ ،‬دار المعرفة للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬االختيار لتعليل المختار‪1395( ،‬هـ ‪1915 -‬م) (ط‪ ، )3‬ج‪ ،5‬ص‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ ،141‬ابن عابدين محمد أمين‪ ،‬دار الفكر‪1324( ،‬هـ ‪1944 -‬م) (ط‪ ، )2‬حاشية ر ّد المحتار على الدر المختار‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪.121‬‬
‫ابن جزي محمد بن أحمد الكلبي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬القوانين الفقهية‪ ،‬ص ‪ ،251‬الحصني‪ :‬كفاية األخيار‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،312‬البهوتي‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫كشاف القناع‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.042 ،041‬‬
‫‪122‬‬
‫األبناء ّإال‬
‫َ‬ ‫القول على حقيقَتِ ِه‪ ،‬فال يتناو ُل إال‬
‫ِ‬ ‫إن ُن ِظ َر إلى َح ْم ِل‬
‫الداللة ْ‬
‫اء في ّ‬
‫عندي سو ٌ‬

‫من ولداه قريباً ال من سفل‪ ،‬كاألبوين ال يتناول إال من ولداه قريب ًا ال َم ْن عال‪ ،‬أو إلى‬

‫مجازِه فيشترك اللفظان في ذلك‪ ،‬فيطلق األبوان على من ولداه قريباً‬


‫ِ‬ ‫َح ْم ِل اللفظ على‬

‫ومن عال‪ ،‬كما يطلق األوالد على من ولداهم قريباً ومن سفل"(‪ ،)٠‬وممن قال َّ‬
‫بأن لفظ‬

‫‪،‬و َّ‬
‫استدل على ذلك قوله‬ ‫(‪)٢‬‬
‫الرازي‬ ‫ِ‬
‫األجداد على سبيل المجاز اإلمام ّ‬
‫َ‬ ‫األبوين يشم ُل‬

‫نعبد إلهك واله آبائك إبراهيم واسماعيل واسحق)‪.3‬‬


‫تعالى‪( :‬قالوا ُ‬

‫أن لفظة "األبوين" هنا‪ ،‬ال تتناول َّ‬


‫الجد وان عال لألدلّة اآلتية‪:‬‬ ‫نرج ُحهُ َّ‬
‫والذي ِّ‬

‫حدود لها‪ ،‬فلم ِ‬


‫يأت بلفظة األب بصيغة المفرد وال الجمع‪ ،‬بل‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن دقّة القرآن ال‬ ‫‪-٠‬‬

‫ابن ِ‬
‫االبن وا ْن َن َز َل على‬ ‫المثنى‪ ،‬وهذا أمر له داللته‪ ،‬فإذا قلنا االبن‪ ،‬يشمل َ‬
‫جاء بصيغة ّ‬

‫فإنه على الحالين يقوم مقامه عند عدم وجوده‪ ،‬فجاء تعبير‬
‫سبيل الحقيقة أو المجاز‪ّ ،‬‬

‫الجد ال‬
‫يحجب اإلخوةَ‪ ،‬و ّ‬
‫ُ‬ ‫األب‬
‫َ‬ ‫الج ّد‪ ،‬وهو َّ‬
‫أن‬ ‫بين األب و َ‬
‫المثنى لتحقيق هذا الفَ ْرق َ‬

‫ذكر األبوين بصيغة المثنى‬


‫يحجب األخوة‪ ،‬بل يشارُكهُ ْم في التعصيب؛ فلفظُ القرآن الذي َ‬
‫ُ‬

‫بين ِّ‬
‫الجد واألب‪.‬‬ ‫الفرق َ‬
‫َ‬ ‫الحكم‪ ،‬وحقَّ َ‬
‫ق هذا‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫أدى هذا‬

‫لث في بعض‬
‫األم تأخذ الثّ َ‬
‫السدس‪ ،‬بينما ّ‬ ‫إن َّ‬
‫الجدةَ لها مقام األم‪ ،‬فال تأخ ُذ إال ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫الجد‪.‬‬
‫الجدة‪ ،‬كذا األب يختلف عن ّ‬
‫األم يختلف عن ّ‬
‫نصيب َّ‬
‫َ‬ ‫الحاالت‪ ،‬وكما َّ‬
‫أن‬

‫أبو حيان‪ :‬البحر المحيط‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.532‬‬ ‫‪.1‬‬


‫الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪.194‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية ‪.133‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪129‬‬
‫َّ‬
‫الجد كاألب‪ ،‬وما استدلّوا به من اآليات كاإلمام‬ ‫ما احتَ َّج به القائلون َّ‬
‫بأن‬ ‫‪-٢‬‬

‫(‪)٠‬‬
‫فاختلف األمر‪.‬‬
‫َ‬ ‫المثنى‪،‬‬
‫الصيغة صيغةَ الجمع آبائك‪ ،‬وهنا صيغة ّ‬
‫الرازي ‪ ،‬فقد كانت ّ‬

‫ع أراد في قوله أوالدكم بيان العموم‪ ،‬ومقصده هنا بيان النوعين من‬
‫شر َ‬
‫الم ِّ‬
‫إن ُ‬‫َّ‬ ‫‪-4‬‬

‫(‪)٢‬‬
‫و ثمة فارق بين العموم وبين بيان النوع‪.‬‬ ‫اآلباء الذكر واألنثى‬

‫َّ‬
‫إن لفظة األبوين جاء بعدهما في اآلية ما يد ّل على أنه يقصد بيان النوع‪ ،‬لقوله‬ ‫‪-7‬‬

‫ِّ‬
‫لكل واحد منهما‪ ،‬فال ُيراد بذلك ال ّشمول والعموم‪.‬‬

‫أفضلية ال ّذكر في الميراث انطباقاً مع القاعدة ال ّشرعية‬


‫ّ‬ ‫التعبير بأبويه ُّ‬
‫يدل على‬ ‫‪-1‬‬

‫َّ‬
‫للذكر مثل حظ األنثيين‪ ،‬ولو جاء التعبير لوالديه لفات هذا المعنى‪.‬‬

‫تقدم من الدالالت واألحكام‪،‬‬


‫جاءت بما ّ‬
‫ْ‬ ‫يتبين مما سبق‪َّ ،‬‬
‫أن لفظة األبوين بصيغة المثنى‬ ‫ّ‬

‫ولو جاء بصيغة أخرى لغاب ذلك‪.‬‬

‫كان‬
‫إن َ‬‫مما تر َك ْ‬
‫السدس ّ‬
‫اختيار لفظة "ولد" في قوله تعالى‪( :‬وألبويه لكل واحد منهما ّ‬

‫ولد)‪.‬‬
‫له ٌ‬‫ُ‬

‫مرتين‪ ،‬وفي اآلية الثّانية أربع مرات‪ ،‬وفي‬


‫ت لفظة "ولد" في اآلية األولى ّ‬
‫َوَرَد ْ‬
‫(‪)٢‬‬
‫ويشمل أوالد االبن وان نزلوا واحداً أو‬ ‫اآلية الثالثة مرتين‪ ،‬والولد يشمل ال ّذكر واألنثى‬

‫(‪)4‬‬
‫وردت فيه على‬
‫ْ‬ ‫السياق الذي‬
‫أكثر ‪ ،‬ولذا فإن لفظة "الولد" ‪ ،‬نستد ّل منها من خالل ّ‬

‫األحكام اآلتية‪:‬‬

‫الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج ‪ ،9‬ص ‪ ،149‬ابن القيم‪ ،‬أعالم الموقعين‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،310‬البهوتي‪ :‬كشاف القناع‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.041‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ابن العربي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.331‬‬ ‫‪.2‬‬
‫البيضاوي‪ :‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،212‬تفسير الجاللين‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪.12‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪ ،149‬األلوسي‪ :‬روح المعاني‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪ ،220‬ابن عاشور‪ :‬التحرير والتنوير‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.251‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪134‬‬
‫فإنه داخ ٌل‬
‫تناول هذا اللفظ االبن وولد االبن سواء على سبيل الحقيقة أو المجاز‪ّ ،‬‬ ‫‪-٠‬‬

‫فإن األب واألم ال يأخذ ٌّ‬


‫كل واحد‬ ‫تحت هذا اللفظ ويأخذ حكمه‪ ،‬في حال عدم وجوده‪َّ ،‬‬

‫السدس إال إذا ُو ِج َد للميت ٌ‬


‫ولد أذكر أو أنثى‪ ،‬واحداً أو أكثر‪ ،‬ولو وجد للميت بنت‬ ‫منهما ّ‬

‫السدس‪ ،‬إال‬ ‫ٍ‬ ‫ط يتحقّق بأن يكون ِّ‬ ‫فإن َّ‬


‫ابن‪ ،‬أو بنت ابن ابن‪َّ ،‬‬
‫لكل واحد من األبوين ّ‬ ‫الش ْر َ‬

‫المؤنث؛ ألنه يكون‬


‫ّ‬ ‫تعصيبا إن بقي شيء عند وجود الفرع‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫أن األب يأخذ السدس الباقي‬

‫أولى رجل ذكر‪ ،‬فاختيار كلمة الولد في اآلية األولى من آيات المواريث قد َّ‬
‫أدى هذه‬

‫المعاني الكثيرة لشموله وتناوله حاالت عديدة‪.‬‬

‫في قوله تعالى‪( :‬ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن‬ ‫‪-٢‬‬

‫الولد هنا يد ّل على‬


‫فإن َ‬ ‫ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين)‪َّ 1‬‬
‫ُ‬

‫وولد االبن وان نزل‪ ،‬وسواء كان الولد من الزوج أو من‬


‫ب َ‬ ‫الص ْل َ‬
‫الولد َّ‬
‫ال ّشمول‪ ،‬ويشم ُل َ‬

‫الرّد من النصف إلى‬


‫غيره‪ ،‬يقول الرازي‪" :‬والولد من ذلك الزوج‪ ،‬ومن غيره سواء في ّ‬

‫الربع إلى الثّمن(‪.)٢‬‬


‫الربع‪ ،‬أو من ّ‬
‫ّ‬

‫أما قوله تعالى‪( :‬إن امرؤ هلك ليس له ولد)‪( ،3‬وهو يرثها إن لم يكن لها ولد)‪،4‬‬ ‫‪-٢‬‬

‫َّ‬
‫فإن لفظ الولد هنا شمل االبن والبنت وابن االبن وولد االبن وان نزلوا كما هو لفظ الولد‬

‫في الموضعين السابقين‪ ،‬وشمل لفظ الولد هنا الوالد أيضاً فيكون لفظ الولد في كل آية‬

‫من اآليات قد انتظم حاالت مشتركة وانفرد بأحوال أخرى‪.‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪ ،112‬وانظر‪ :‬أبو حيان‪ :‬البحر المحيط‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،500‬رشيد رضا‪ :‬المنار‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪،024‬‬ ‫‪.2‬‬
‫القوجوي‪ :‬حاشية محيي الدين زادة على تفسير البيضاوي‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.214‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.114‬‬ ‫‪.3‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.114‬‬ ‫‪.0‬‬


‫‪131‬‬
‫يقول اإلمام القرطبي‪" :‬إن إمرؤ هلك ليس له ولد أي ليس ولد وال والد فاكتفى بذكر‬

‫أحدهما‪ ،‬قال الجرجاني لفظ الولد ينطلق على الوالد والمولود فالوالد ُي َس َّمى والداً ألنه ال‬

‫أن ُيقا َل ولد‬


‫األحسن ْ‬
‫ُ‬ ‫تلد وأطلق عليه والد من ِ‬
‫باب التّغليب‪ ،‬و‬ ‫يلد واّنما الوالدة هي التي ُ‬
‫ُ‬

‫ي هذا الغرض‬
‫ليؤد َ‬
‫مقامها لفظ آخر ّ‬ ‫له‪ ،‬وهكذا َّ‬
‫فإن كلمة ولد بهذا ال ّشمول ال يقوم َ‬

‫بانتظام حاالت كثيرة جداً‪.‬‬

‫اختيار لفظة "اإلخوة" ‪:‬‬

‫فألمه‬
‫ّ‬ ‫وردت لفظة اإلخوة في آيات المواريث في قوله تعالى‪( :‬فإن كان له إخوة‬

‫السدس)‪( ،1‬وان كان رجل يورث كاللة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما‬

‫السدس)‪ ،2‬وفي قوله تعالى‪ ( :‬إن إمرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك‬

‫ولد فإن كانتا إثنتين فلهما الثلثان مما ترك وان كانوا إخوة‬
‫وهو يرثها إن لم يكن لها ُ‬

‫رجاالً ونساء فللذكر حظ اإلنثيين)‪ ،3‬وقد وردت لفظة اإلخوة مجموعة كما في اآلية‬

‫األولى‪ ،‬ووردت مفردةً مذكرةً مرة ومؤنثةً أخرى‪ ،‬كما في اآلية الثانية‪ ،‬ووردت مفردةً‬

‫مؤنثةً كما في اآلية األخيرة‪ ،‬وبصيغة الجمع بعد ذكر األخت‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬في اآلية األولى في معرض نصيب األم ورد لفظ اإلخوة مجموعاً مطلقاً‪،‬‬

‫واطالقه من غير ٍ‬
‫قيد جعله يشم ُل جميع األخوة ذكو اًر أو إناثاً‪ ،‬ألبوين أو ألب‪ ،‬أو ألم‪.‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬


‫‪.1‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬
‫‪.2‬‬
‫‪ .3‬سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.114‬‬
‫‪132‬‬
‫فاختيار لفظ الجمع المطلق هنا قد حقّق الشرط في حاالت كثيرة‪ ،‬فلو كان للميت أخوان‬

‫ذكران أو أكثر‪ ،‬أو كان له أخ وأخت‪ ،‬أو كانت له أختان فأكثر‪ ،‬أو كان له أخ وأخت‬

‫من أبوين أو من أب‪ ،‬أو من ّأم‪ ،‬أو له أخوان أو أختان فأكثر من ّأية جهة كانوا فقد‬

‫السدس‪ ،‬وهكذا نجد َّ‬


‫أن لفظة إخوة بهذه الصيغة‬ ‫األم ّ‬
‫تحقّق ال ّشرط‪ ،‬ويكون نصيب ّ‬

‫المختارة‪ ،‬قد غطّت حاالت كثيرة ًّ‬


‫جدا وأغنى عن التفصيل والتفريع الكثير‪.‬‬

‫قال البيضاوي‪" :‬والجمهور على َّ‬


‫أن المراد باإلخوة عدد من له إخوة من غير اعتبار‬

‫التثليث سواء كان من األخوة أو األخوات‪ ،‬وقال ابن عباس رضي اهلل عنهما ال يحجب‬

‫األم من الثلث ما دون الثالثة وال األخوات الخلّص أخذاً بالظاهر(‪ ،)٠‬وقال ال ّشوكاني‪:‬‬
‫ّ‬

‫فرق بين اإلخوة ألبوين أو ألحدهما"(‪ ،)٢‬ولفظ اإلخوة‬


‫"إطالق اإلخوة يد ّل على أّنه ال َ‬

‫عباس‬
‫يشمل االثنين فأكثر في حجب األم من الثّلث إلى السدس إال ما ُيروى عن ابن ّ‬

‫ّأنه جعل االثنين كالواحد في عدم الحجب"(‪.)٢‬‬

‫أن لفظ اإلخوة يشمل الثالثة فما‬ ‫َّ‬


‫استدل ابن عباس َّ‬ ‫أدلّة ابن عباس على ما ذهب إليه‪:‬‬

‫فوق؛ ألنه ورد بصيغة الجمع فال يشمل االثنين(‪.)4‬‬

‫القرطبي‪ :‬الجامع األحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ناصر الدين عبد هللا بن عمر السيرازي البيضاوي‪( ،‬ت ‪191‬هـ) ‪ :‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل وبهامش حاشية العالمة أبي‬ ‫‪.2‬‬
‫الفضل القرشي الصديقي المشهور بالكازورني‪ ،‬حققه عبد القادر عرفات‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص ‪ ،155‬وانظر‪ :‬حاشية الكازروني‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،155‬الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪ ،110‬األلوسي‪ :‬روح المعاني‪،‬‬
‫ج‪ ،0‬ص ‪.225‬‬
‫الشوكاني‪ ،‬فتح القدير‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.033‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،322‬الموصلي‪ ،‬االختيار‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ ،94‬ابن جزي‪ ،‬القوانين الفقهية ص‪،254‬‬ ‫‪.0‬‬
‫الشوكاني‪ ،‬فتح القدير‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.033‬‬
‫‪133‬‬
‫أن لفظ اإلخوة يشمل االثنين فأكثر من األخوة أو‬ ‫َّ‬
‫استدل الجمهور على َّ‬ ‫أدلّة الجمهور‪:‬‬

‫األخوات بما يأتي‪:‬‬

‫الصحابة على َّ‬


‫أن لفظ اإلخوة يشمل االثنين فما فوق‬ ‫عمل الصحابة‪ :‬فجمهور ّ‬ ‫‪-٠‬‬

‫السدس‪ ،‬قال الحصني وانما اكتفينا باألخوين مع أن‬


‫األم من الثّلث إلى ّ‬
‫في حجبهما ّ‬

‫يعبر به عن اثنين‪ ،‬وقال ابن عباس‬ ‫اآلية وردت في صيغة الجمع َّ‬
‫ألن الجمع قد ّ‬

‫رد شيء‬
‫تردها إلى السدس بأخوين وليسا بإخوة؟ فقال عثمان ال أستطيع ّ‬
‫لعثمان‪ :‬كيف ّ‬

‫كان قبلي ومضى في البلدان‪ ،‬وتوارث الناس به‪ ،‬فأشار إلى اجتماعهم عليه قبل أن‬

‫(‪)٠‬‬
‫يدل على َّ‬
‫أن الصحابة قد وافقوا عثمان‪ ،‬واذا كان‬ ‫يظهر ابن عباس الخالف ‪ ،‬وهذا ّ‬

‫وم ْن بعدهم قد وافقوا جمهور‬ ‫الصحابة على هذا ولم يخال ْفهم إال ابن عباس َّ‬
‫فإن التابعين َ‬

‫اعلم ّأنه تأكد هذا (قول الصحابة) بإجماع‬


‫الصحابة‪ ،‬وأجمعوا على ذلك‪ ،‬يقول الرازي‪" :‬و ْ‬

‫األصح في أصول الفقه َّ‬


‫أن اإلجماع الحاصل‬ ‫ّ‬ ‫التابعين على سقوط مذهب ابن عباس و‬

‫عقيب الخالف حجة(‪.)٢‬‬

‫إن الجمع يشمل االثنين واالثنتين فهو يذكر بمعنى التثنية(‪ ،)٢‬قال تعالى‪( :‬فقد‬
‫َّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫صغت قلوبكما)‪ ،4‬وقد ورد هذا االستعمال في مواقع كثيرة من القرآن كقوله تعالى‪( :‬وهل‬

‫(الحصني‪ ،‬كفاية األخيار‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،322‬الموصلي االختيار‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ ، 94‬بدران أبو العينين بدران‪ ،‬أحكام التركات والمواريث في‬ ‫‪.1‬‬
‫الشريعة اإلسالمية والقانون‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪2443 ،‬م‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫الحصني‪ :‬كفاية األخيار‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ ، 322‬محمد الخطيب الشربيني‪ :‬مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪.2‬‬
‫للطباعة والنشر‪1392 ،‬هـ ‪1912 -‬م‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،14‬الموصلي‪ :‬االختيار‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪.94‬‬
‫الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪.115‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من سورة التحريم‪ ،‬اآلية ‪.0‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪130‬‬
‫تسوروا المحراب)‪ ،1‬وهما اثنان‪ ،‬واستعمل الجمع في ذلك‪ ،‬وقال‬
‫أتاك نبأ الخصم إذ ّ‬

‫تعالى بعد ذكر الجمع‪( :‬خصمان بغى بعضنا على بعض)‪ ،‬وفي قوله تعالى‪( :‬فإن كن‬

‫نساء فوق اثنتين)‪ ،2‬فقد شمل االثنتين‪.‬‬

‫التّرجيح‪ :‬والذي يراه الباحث َّ‬


‫أن لفظ اإلخوة يشمل االثنين‪ ،‬لقوة أدلّة الجمهور‪ ،‬ثم ألدلّة‬

‫أخرى نذكر منها‪:‬‬

‫َّ‬
‫إن حكم االثنين في الميراث كحكم الجماعة‪ ،‬فقد جعل اهلل حكم البنتين كالبنات‬ ‫‪-٠‬‬

‫(‪)٢‬‬
‫ألم كالثالثة‪ ،‬قال تعالى‪( :‬وان كان‬
‫ّ‬ ‫اإلخوة‬ ‫من‬ ‫االثنين‬ ‫وحكم‬ ‫‪.‬‬ ‫واألختين كاألخوات‬

‫رجل يورث كاللة أو امرأة وله أخ أو أخت فلك ّل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من‬

‫ذلك فهم شركاء في الثلث)‪.4‬‬

‫كل حجب تعلَّ َ‬


‫ق بعدد كان ّأوله اثنين كحجب البنتين لبنت االبن وحجب‬ ‫إن َّ‬
‫‪َّ -٢‬‬

‫(‪)5‬‬
‫السدس‬
‫األم من الثّلث إلى ّ‬
‫األختين الشقيقتين لألخوات ألب ‪ ،‬وهذا يجعل حجب ّ‬

‫فإن قول الجمهور َّ‬


‫أن لفظ‬ ‫باالثنين من اإلخوة منسجماً مع هذه القاعدة‪ ،‬ولهذا َّ‬

‫يوسع مدار االستدالل‪.‬‬


‫اإلخوة يشمل اإلثنين ّ‬

‫سورة ص‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الموصلي‪ :‬االختيار‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪.94‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.0‬‬
‫زكي الدين شعبان وأحمد الغندور‪ :‬أحكام الوصية والميراث والوقف في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬الكويت‪ ،‬مكتبة الفالح‪1014 ،‬ه‪- ،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪1929‬م‪( ،‬ط‪ ، )2‬ص ‪.222‬‬
‫‪135‬‬
‫اختيار لفظتي "األخ" و"األخت" في اآلية الثانية من آيات المواريث‪.‬‬

‫يورث كاللةً أو امرأة وله أخ أو أخت)‪ ،٠‬فقد استخدم لفظ‬


‫ُ‬ ‫كان رج ٌل‬
‫قال تعالى‪( :‬وا ْن َ‬

‫األم َّ‬
‫ألن‬ ‫مؤنثاً مفرداً مطلقاً‪َّ ،‬‬
‫لكن األخ واألخت هنا من ّ‬ ‫األخ مفرداً مطلقاً ولفظ األخت ّ‬

‫مما يؤ ّكد َّ‬


‫أن اإلخوة هنا ليس‬ ‫اآلية األخيرة ذكرت األخ واألخت فأعطتهما حكماً آخر ‪ّ ،‬‬

‫اإلخوة هناك‪.‬‬

‫األم‪ ،‬ويد ّل عليه قراءة أبي وسعد بن مالك وله‬


‫من ّ‬ ‫قال البيضاوي‪" :‬وله أخ أو أخت أي َ‬

‫األم‪ ،‬و ّأنه ذكر في آخر السورة َّ‬


‫أن لألختين الثلثين ولإلخوة الك ّل وهو ال‬ ‫أخ وأخت من ّ‬

‫األم وأن ما قدر ههنا فرض األم فيناسب أن يكون ألوالدها‪ ،‬وساوى هنا بين‬
‫يليق بأوالد ّ‬

‫ألن اإلدالء بمحض األنوثة"(‪ ،)٢‬وقال القرطبي‪" :‬أجمع‬


‫الذكر واألنثى في القسمة؛ َّ‬

‫ألم"(‪.)٢‬‬ ‫العلماء على َّ‬


‫أن اإلخوة ههنا هم اإلخوة ّ‬

‫وأفرد الضمير في قوله وله أخ أو أخت؛ َّ‬


‫ألن المراد كل واحد منهما‪ ،‬كما جرت بذلك‬

‫عادة العرب إذا ذكروا اسمين مستويين في الحكم فإنهم قد يذ ّكرون الضمير الراجع إليهما‬

‫مفرداً‪ ،‬كما في قوله‪( :‬واستعينوا بالصبر والصالة واّنها لكبيرة إال على الخاشعين)‪،4‬‬

‫وقوله أيضاً‪( :‬والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل اهلل)‪ ،5‬وقد يذكرونه‬

‫غنيا أو فقي اًر فاهلل أولى بهما)‪.6‬‬


‫مثنى كما قوله‪( :‬إن يكن ًّ‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪-1‬‬


‫البهوتي‪ :‬كشاف القناع‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪ ، 014‬ابن قدامة موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن محمود‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت (‪1392‬هـ ‪-‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪1912‬م) ‪ ،‬المغني‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.14‬‬
‫البيضاوي‪ :‬أنوار التنزيل‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،151‬وانظر حاشية القوجوي‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،211‬ابن عطية‪ :‬المحرر الوجيز‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪،522‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الشنقيطي‪ :‬أضواء البيان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.200 ،205‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية ‪.05‬‬ ‫‪-0‬‬
‫سورة التوبة‪ ،‬من اآلية ‪.30‬‬ ‫‪-5‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪.135‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪134‬‬
‫‪1‬‬
‫يبين الحالة األخرى‪،‬‬
‫أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) ‪ّ ،‬‬
‫فإن كانوا َ‬
‫وقوله تعالى‪ْ ( :‬‬

‫األم فأكثر‪.‬‬
‫أن يكون هناك أكثر من أخ أو أكثر من أخت أو أخ وأخت من ّ‬
‫وهي ْ‬

‫مفرد ْي ِن مطلقَ ْي ِن‪ّ ،‬‬


‫لكنهما قُيِّدا‬ ‫تقدم ‪ ،‬يرى الباحث َّ‬
‫أن لفظ األخ هنا واألخت وردا َ‬ ‫مما ّ‬
‫ّ‬

‫اإلخوة واألخوات في هذه اآلية‬


‫ّ‬ ‫الح ْك َم ْين بين‬ ‫وع ِر َ‬
‫ف هذا القيد من تغاير ُ‬ ‫األم‪ُ ،‬‬
‫بأنهما من ّ‬
‫ّ‬

‫وفي اآلية األخيرة؛ ففي اآلية األولى اإلخوة واألخوات ال يزيد نصيبهما على الثلث‪،‬‬

‫ويشتركون فيه بالتساوي‪ ،‬وفي اآلية األخيرة اإلخوة واألخوات يأخذون التّركة كلّها‪،‬‬

‫كل آية من اآليتيين َبَّيَن ِت‬


‫وللذكر مثل حظّ األنثيين‪ ،‬وهذا يعطي سعة في الداللة‪ ،‬وا َّن َّ‬

‫األخرى َوَدلَّ ْ‬
‫ت على َّ‬
‫أن ل ْفظ األخ واألخت في كل آية ليس ما ورد في األخرى‪ ،‬مع أن‬

‫ولد له وال والد‪ ،‬فاختيار اللفظ يتناول‬


‫رث كاللة‪ ،‬وهو َم ْن له ٌ‬
‫الجامع بين اآليتين أن الوا َ‬

‫ما ال يتناوله لفظ آخر من غير لبس أو احتياج إلى تفريع أو زيادة في األلفاظ وال يغني‬

‫عن هذا لفظ سواه‪.‬‬

‫اختيار لفظة "اإلخوة" في اآلية ‪ 176‬من سورة ال ّنساء‪:‬‬

‫وفي اآلية األخيرة من سورة النساء ورد لفظ (األخت ولها النصف) فهي األخت من‬

‫عبر عنه بالضمير وهو يرثها إن لم يكن لها‬


‫األبوين أو من األب‪ ،‬ولفظ األخ المنفرد ّ‬

‫ولد‪ ،‬وذكر لفظ الجمع الذي يشمل اإلخوة ذكو اًر واناثاً فإن كانوا إخوة رجاالً ونساء فللذكر‬

‫مثل حظ األنثيين‪ ،‬وبذلك انتظمت جميع حاالت اإلخوة واألخوات منفردين أو من‬

‫ت هذه األلفاظ القرآنية جميع‬ ‫َّ‬


‫الجنسين ومن جميع الجهات ألبوين أو ألب أو ألم فغط ْ‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ية ‪.12‬‬ ‫‪-1‬‬


‫‪131‬‬
‫أحوال اإلخوة واألخوات‪ ،‬وانتظمت حقوقهما فال تخرج حالة لهما عن هذا البيان إلى يوم‬

‫القيامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اختيار كلمة" نفعاً" في قوله تعالى‪( :‬آباؤكم وأبناؤكم ال تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً)‬

‫الدنيا أو‬
‫ي أو معنوي‪ ،‬عاجل أو آجل‪ ،‬في ّ‬
‫ماد ّ‬
‫أي نفع ّ‬
‫وردت اللفظة نكرة مطلقاً‪ ،‬فشمل ّ‬

‫في اآلخرة‪.‬‬

‫ب‬
‫الدنيا كانتفاعه باإلنفاق عليه والتّربية له‪ ،‬وال ّذ ّ‬
‫النفع انتفاع بعضهم ببعض في ّ‬
‫ومن ّ‬

‫عنه‪ ،‬وانتفاع بعض األقارب بشفاعة أقاربهم لهم في اآلخرة(‪ ،)٢‬يقول ال ّشيخ الشعراوي‪:‬‬

‫فالنفعية في اآلباء‬
‫النفعية في األبناء؛ ّ‬ ‫قد ِر ما ّ‬
‫تظن من ّ‬ ‫"فإياك أن ِّ‬
‫تحد َد األنصباء على ْ‬ ‫ّ‬

‫النفعية‬
‫فرص المستقبل‪ ،‬و ّ‬
‫صَن َع لي َ‬
‫تتّضح عندما يقول اإلنسان لقد رّباني أبي‪ ،‬وهو الذي َ‬

‫في األبناء تتّضح عندما يقو ُل اإلنسان‪َّ :‬‬


‫إن أبي راحل وأبنائي هم الذين سيحملون ذكري‬

‫الحق إياك أن تحكم بمثل هذا الحكم‪ ،‬فليس لك‬


‫ّ‬ ‫واسمي‪ ،‬والحياة مقبلة عليهم‪ ،‬فيوضح‬

‫شأن بهذا األمر‪ ،‬ال تدرون ّأيهم أقرب لكم نفعاً‪ .‬وما دمت ال تدري ّأيهم أقرب لكم نفعاً‬

‫فالتزم حكم اهلل الذي يعلم المصلحة التوجيهية في األنصبة كما يجب أن تكون"(‪.)٢‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫‪-1‬‬


‫الشوكاني‪ :‬فتح القدير‪ ،‬ج‪ .1‬ص ‪ ، 035‬وانظر‪ :‬القرطبي‪ :‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪.12‬‬ ‫‪-2‬‬
‫حاشية القوجوي‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.215‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪132‬‬
‫النفعُ بهذا ال ّشمول َف ِع ْلم العبد قاصر عن تحديد األنفع له من األب أو الولد‪،‬‬
‫كان ّ‬
‫واذا َ‬

‫وحدهُ العالم بالنافع واألنفع؛ ويمكن‬ ‫ٍ‬


‫شيء علماً‪ ،‬فهو َ‬ ‫فنأخذ الحكم من الذي أحاط ِّ‬
‫بكل‬

‫األخذ من هذا اللفظ األحكام اآلتية‪:‬‬

‫ألنه الذي‬ ‫ِّ‬


‫الحق في التشريع هو اهلل وحده؛ ّ‬ ‫صاحب‬
‫َ‬ ‫يرشدنا هذا اللفظ إلى َّ‬
‫أن‬ ‫‪-٠‬‬

‫ٍ‬
‫شيء علماً‪.‬‬ ‫أحاط بك ّل‬

‫يرشدنا استعمال هذا اللفظ إلى امتثال أمره سبحانه؛ َّ‬


‫ألن في امتثال أمره تحقيق‬ ‫‪-٢‬‬

‫اإلنسان ال يستطيعُ‬
‫َ‬ ‫المنفعة‪ ،‬والعاقل يسعى في َج ْل ِب المنافع ودرء المفاسد‪ ،‬كما َّ‬
‫أن‬

‫فإن المكلَّف يسعى إلى‬ ‫ِ‬


‫المنفعة في العاجل واآلجل وفي األمور كلِّها(‪)٠‬؛ لذا َّ‬ ‫معرفةَ‬

‫امتثال أمر اهلل‪ ،‬وعدم مخالفته أو التحايل عليه؛ َّ‬


‫ألن في ذلك تحصي َل منافعه في‬

‫الدارين‪.‬‬

‫هذه ال ّشريعة مبناها على تحقيق المصالح ودرء المفاسد‪ ،‬حيث كان المقصد من‬ ‫‪-٢‬‬

‫للنفع‬
‫شامال ّ‬
‫ً‬ ‫عاماً‬
‫النكرة مما يجعله ّ‬
‫توزيع أنصبة الورثة هو النفع‪ ،‬والذي ورد بصيغة ّ‬

‫للجميع‪ ،‬وتدخل فيه منافع الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫ِ‬
‫اآلباء أو األبناء أو ال ّذكور أو غيرهم من األقارب قد‬ ‫تفضيل‬
‫َ‬ ‫‪َّ -7‬‬
‫إن الذين اختاروا‬

‫الضرار‪ ،‬وتفوتهم بذلك منافعُ ال تُحصى‪.‬‬


‫الضرر و ّ‬
‫أوقعوا أنفسهم في ّ‬

‫تفسير الشعراوي‪ :‬ج‪ ،0‬ص ‪ ،2429‬وانظر‪ :‬ابن عاشور‪ :‬التحرير والتنوير‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.242‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪139‬‬
‫حكيما)‪.1‬‬
‫ً‬ ‫عليما‬
‫ً‬ ‫إن اهلل كان‬
‫اختيار لفظة "فريضة" في قوله تعالى‪( :‬فريضة من اهلل َّ‬

‫الحتْم واللزوم وليس‬


‫األمر على سبيل َ‬ ‫أن‬ ‫التّعبير القرآني بكلمة فريضة ُّ‬
‫يدل على َّ‬
‫َ‬

‫الرجحان‪ ،‬وهي توضيح لما ورد في مطلع اآلية بقوله يوصيكم‪ .‬قال‬
‫على سبيل التخيير و ّ‬

‫البيضاوي‪" :‬فريضة من اهلل مصدر مؤكد أو مصدر يوصيكم اهلل ألنه في معنى يأمركم‬

‫ويفرض عليكم"(‪.)٢‬‬

‫وقال الجمل‪" :‬فريضة فيها ثالثة أوجه أظهرها ّأنه مصدر مؤ ّكد لمضمون الجملة السابقة‬

‫من الوصية؛ َّ‬


‫ألن معنى يوصيكم اهلل فرض عليكم ذلك فصار المعنى يوصيكم اهلل‬

‫وصية فرض‪ ،‬والثاني ّأنه مصدر منصوب بفعل محذوف من لفظها أي فرض اهلل ذلك‬

‫فرضا"(‪ ،)٢‬والذي يبدو‬


‫فريضة‪ ،‬والثالث ّأنه فريضة نصب المصدر المؤكد أي فرض ذلك ً‬

‫لي َّ‬
‫أن لفظة الفريضة قد حققت األحكام اآلتية‪:‬‬

‫يد ّل على تأكيد الحكم فيكون توزيع المواريث فرضاً مؤ ّكداً بمؤ ّكدات كثيرة‪ ،‬منها‬ ‫‪-٠‬‬

‫ما ُذ ِك َر في صيغة (يوصيكم)‪ ،‬ومنها استخدام لفظ (الفريضة)‪ ،‬حتّى يبادر المكلَّ ُ‬
‫ف إلى‬

‫تأخر أو تحايل‪.‬‬
‫تطبيقها من غير ّ‬

‫الرجحان ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫ب على سبيل ّ‬
‫إن الثواب في تطبيق أحكام الميراث كبير جداً‪ ،‬فما طُل َ‬ ‫‪-٢‬‬

‫مرة واحدةً ال‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يصل أجره إلى ِ‬


‫ب على سبيل الحتم‪ ،‬وأجر الفرض الذي أُك َد ّ‬
‫أجر ما طُل َ‬

‫مرة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫يصل إلى ِ‬


‫من ّ‬
‫أكثر ْ‬
‫أجر الفرض الذي أُكد َ‬

‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪.11‬‬ ‫‪.1‬‬


‫انظر اآللوسي‪ :‬روح المعاني‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.222‬‬ ‫‪.2‬‬
‫البيضاوي‪ :‬أنوار التنزيل‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.154‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪104‬‬
‫يفسر ما ورد في مطلع اآلية‬
‫بعضه بعضاً‪ ،‬فجاء لفظ "الفريضة" ّ‬
‫ُ‬ ‫يفسر‬ ‫َّ‬
‫إن القرآن ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫"يوصيكم"‪.‬‬

‫ولهن‬
‫َّ‬ ‫ولهن"‪ ،‬في قوله تعالى‪( :‬ولكم نصف ما ترك أزواجكم‪...‬‬
‫اختيار لفظتي‪" :‬ولكم"‪َّ " ،‬‬

‫مما تركتم)‪.‬‬
‫الربع ّ‬
‫ّ‬

‫يقل‬
‫النساء‪ ،‬ولم ْ‬
‫"ولهم نصف ما ترك أزواجهم" كما جاء خطاب ّ‬ ‫لم ِ‬
‫يقل اهلل تعالى‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ضمير المخاطب لألزواج وضمير الغائب‬ ‫لَ ُك َّن الربع مما ترك أزواجكن‪ِ ،‬‬
‫فقد اختار‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫الرجل بصيغة الخطاب‪ ،‬والمرأة بصيغة الغائب‪.‬‬


‫اختص ّ‬
‫للزوجات‪ ،‬و ّ‬

‫حيث‬
‫ألنه تعالى ُ‬
‫النساء؛ ّ‬
‫الرجال على ّ‬ ‫يقول الرازي‪" :‬في اآلية ما ُّ‬
‫يدل على فَ ْ ِ‬
‫ضل ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫النساء على‬
‫وحيث ذ َك َر ّ‬ ‫ِ‬
‫سبيل المخاطبة‪،‬‬ ‫الرجا َل في هذه اآلية‪َ ،‬ذ َك َرهم على‬
‫ُ‬ ‫َذ َك َر ّ‬

‫مرات وذكر النساء فيها على سبيل‬


‫سبع ّ‬
‫الرجال في هذه اآلية َ‬
‫خاطب ّ‬
‫َ‬ ‫المغايبة‪ ،‬وأيضاً‬

‫النساء‪...‬ونبه بهذه الدقيقة على‬


‫ّ‬ ‫الرجال على‬
‫الغيبة أق ّل من ذلك‪ ،‬وهذا يد ّل على تفضيل ّ‬

‫عليهن"(‪.)٠‬‬
‫ّ‬ ‫مزيد فضلهم‬

‫يكون له‬
‫َ‬ ‫آني ال ُب َّد أن‬
‫ص القر ّ‬
‫الن ّ‬
‫بين خطاب المرأة وخطاب الرجل في ّ‬
‫فالتّغاير َ‬

‫السفر‪ ،‬والتّجارة‪،‬‬
‫الرجل وسفره ومقابلته لغيره في ّ‬
‫ودالالت كثيرةٌ منها‪ :‬كثرةُ خروج ّ‬
‫ٌ‬ ‫مقاصد‬
‫ُ‬

‫وهذا يتناسب مع الخطاب المباشر الّذي دلت عليه (كاف) الخطاب بخالف المرأة التي‬

‫يبنى حالها على الستر‪ ،‬والقرار في البيت‪ ،‬فيناسبها صيغة الغائب‪.‬‬

‫الرّازي‪ ،‬مختار الصّحاح‪ ،‬ص ‪ ،514‬األصفهاني‪ ،‬المفردات ص ‪ ،031‬إبراهيم أنيس وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.194‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ال ّزمخشري‪ :‬الكشاف‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.514‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪101‬‬
‫اختيار لفظة "األزواج"‪ ،‬في قوله تعالى‪( :‬ولكم نصف ما ترك أزواجكم)‪.‬‬

‫المفرد منها وال لفظاً غيرها كما ورد‬ ‫ِ‬


‫يستخدم‬ ‫الصيغة ولم‬
‫َ‬ ‫آني بهذه ّ‬
‫فقد جاء التّعبير القر ّ‬
‫ث لكم)‪ ،1‬وقوله‪( :‬أ ِ‬
‫ُح َّل لكم ليلة الصيام‬ ‫في نصوص أخرى مثل قوله تعالى‪( :‬نساؤكم َح ْر ٌ‬

‫الرفث إلى نسائكم)‪ ،2‬ولم يقل زوجاتكم بل قال أزواجكم ونرى َّ‬
‫أن هذا اللفظ يحمل أحكاماً‬ ‫ّ‬

‫عديدة منها‪:‬‬

‫ذكرها على سبيل الجمع‪ ،‬والجمع إذا أضيف كان من ألفاظ العموم فيشمل‬ ‫‪-٠‬‬

‫العدة‪ ،‬واحدة‬
‫الزوجة المدخول بها‪ ،‬وغير المدخول بها‪ ،‬والمطلّقة الرجعية إذا كانت في ّ‬

‫ِ‬
‫الحاالت المذكورةَ‪.‬‬
‫المعاني‪ ،‬و‬ ‫أو أكثر‪ ،‬فشمل هذا اللّفظ هذه‬
‫َ‬

‫َصلَ ْحنا له زوجه)‪،3‬‬


‫‪ -٢‬لفظ الزوج في القرآن يشمل الذكر واألنثى قال تعالى‪َ ( :‬وأ ْ‬

‫أسكن أنت وزوجك الجنة)‪ ،4‬وفي آيات المواريث‬


‫ْ‬ ‫وقال تعالى‪( :‬وقلنا يا آدم‬

‫الزوجات‪ ،‬كما‬
‫ولهن دالّة على ّ‬
‫جاءت صيغة الخطاب (ولكم) دالة على األزواج‪ّ ،‬‬

‫أن‬ ‫تعدد الزوجات‪ ،‬فإن صيغة الجمع (أزواجكم) دلَّ ْ‬


‫ت على َّ‬ ‫أقر ّ‬ ‫َّ‬
‫إن اإلسالم إذ َّ‬

‫تعد ْد َن‪.‬‬
‫للزوجات إذا ّ‬
‫النصيب المذكور يكون ّ‬
‫َ‬

‫البقرة‪ ،‬من اآلية ‪.223‬‬ ‫‪.1‬‬


‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية ‪.121‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة األنبياء‪ ،‬من اآلية ‪.94‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬من اآلية ‪.35‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪102‬‬
‫كان رج ٌل يورث كاللة)‬
‫داللة لفظة "الكاللة" في قوله تعالى‪( :‬وا ْن َ‬

‫عند ذكر‬
‫النساء" َ‬
‫مرة في اآلية الثّانيةَ عشرةَ من "سورة ّ‬
‫ورد لفظ الكاللة في القرآن مرتين‪ّ ،‬‬
‫َ‬

‫ومرة في اآلية األخيرة من "سورة النساء" عند ذكر نصيب اإلخوة‬


‫نصيب اإلخوة ألم‪ّ ،‬‬

‫وسنقف مع مفهوم الكاللة في اللغة والشرع‪.‬‬


‫ُ‬ ‫واألخوات ألبوين أو البن‪،‬‬

‫ف‪،‬‬
‫ض ُع َ‬
‫وكالال َ‬
‫ً‬ ‫"الكاللة" في اللّغة‪ :‬مصدر بمعنى "الكالل" وهو ذهاب القوة‪َ ،‬ك َّل كاللةً‬

‫العم األباعد‪،‬‬ ‫ف‪َّ ،‬‬ ‫ب‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫كل فالن َّ‬
‫ُيقا ُل َّ‬
‫كالال بنو ّ‬
‫وكل ً‬ ‫ض ُع َ‬
‫يف َ‬
‫الس ُ‬
‫وكل ّ‬ ‫ص ُر أي تَع َ‬
‫الب َ‬
‫وكل َ‬

‫الراغب‪:‬‬
‫كأنه أخذ طرفيه من جهة الوالد والولد‪ ،‬وقال ّ‬
‫النسب أي تطرفه‪ّ ،‬‬
‫وقيل تكللة ّ‬

‫ألنها‬ ‫ت للقرابة من ِ‬
‫غير جهة الولد والوالد ّ‬ ‫عير ْ‬
‫الكاللة اسم لما َعدا الولد والوالد‪ ،‬فاستُ َ‬
‫(‪)٢‬‬
‫في اشتقاق‬ ‫باإلضافة إلى قرابتهما كالة ضعيفة(‪ ،)٠‬وهناك وجوه أخرى ذكرها العلماء‬

‫لفظ الكاللة منها‪:‬‬

‫تباعد ِت القرابةُ فَ ُس ِّمَي ِت القرابةُ البعيدةُ كاللة‪.‬‬


‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وفالن إذا‬ ‫بين ٍ‬
‫فالن‬ ‫الرحم َ‬
‫َّ ِ‬
‫ُيقا ُل كلت ّ‬ ‫‪-٠‬‬

‫قوته ثم جعلوا هذا اللفظ استعارة من‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬


‫يقا ُل كل الرج ُل كال وكاللة إذا أعيا وذهبت ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫القرابة الحاصلة ال من جهة الوالدة فيكون فيها ضعف‪.‬‬

‫الكاللة في أصل اللغة عبارة عن اإلحاطة‪ ،‬ومنه اإلكليل إلحاطته بالرأس‪ ،‬ويقال‬ ‫‪-٢‬‬

‫تكلّل السحاب أي صار محيطاً بالجوانب‪ ،‬ومن عدا الولد والوالد سموا بالكاللة ألنهم‬

‫األصفهاني‪ ،‬المفردات‪ ،‬ص ‪ ،031‬الزمخشري‪ ،‬الكشاف‪ /‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،514‬الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ ،119‬الشنقيطي‪ ،‬أضواء البيان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.205‬‬
‫ابن العربي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،301‬البيضاوي‪ :‬أنوار التنزيل‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،151‬الجمل‪ :‬الفتوحات‬ ‫‪.2‬‬
‫اإللهية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،23‬أبو حيان‪ :‬البحر المحيط‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،505‬ابن عطية‪ :‬المحرر الوجيز‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.522‬‬
‫‪103‬‬
‫كالدائرة المحيطة باإلنسان‪ ،‬وكاإلكليل المحيط بالرأس‪ ،‬أما قرابة الوالدة فليست كذلك‪،‬‬

‫ع ِ‬
‫بعضها عن بعض وتوارث بعضهم من بعض‪.‬‬ ‫فإن فيها تفر َ‬

‫أقوال الفقهاء في الكاللة(‪.)٠‬‬

‫بناء على مفهومها في اللغة وأصل اشتقاقها‬


‫كثرت أقوال الفقهاء في تفسير الكاللة ً‬

‫المعاني اآلتية‪:‬‬
‫َ‬ ‫آني‪ ،‬فهي تحتم ُل‬
‫ص القر ّ‬
‫الن ّ‬
‫وداللتها في ّ‬

‫يخلف والداً وال ولداً‪.‬‬


‫ْ‬ ‫من ْلم‬ ‫‪-٠‬‬

‫قرابة ليس من جهة الوالد أو الولد‪.‬‬ ‫‪-٢‬‬

‫من ال يكون والداً وال ولداً‪.‬‬ ‫‪-٢‬‬

‫الخلو من الولد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-4‬‬

‫المال الموروث‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫آنية َسَّبَب ْ‬
‫ت إشكاالً لكثيرين‬ ‫غوي والداللة القر ّ‬
‫وهذه االحتماالت الكثيرة حسب المفهوم اللّ ّ‬

‫أن الشريعةَ ُّ‬


‫تحث‬ ‫منهم عمر بن الخطاب‪ ،‬ووظّفت العقول في االجتهاد‪ ،‬وهذا ُّ‬
‫يدل على َّ‬

‫اهب واألوقات للوصول إلى‬ ‫ِ‬


‫ف فيه المو ُ‬
‫االجتهاد الذي تسمو به العقول‪ ،‬وتَُوظّ ُ‬ ‫على‬

‫عية‪.‬‬
‫الحقيقة الشر ّ‬

‫ابن العربي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،301‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪.11‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪100‬‬
‫الخامس وهو المال الموروث وقد قا َل به عطاء‬
‫َ‬ ‫وبالنظر إلى األقوال السابقة‪َّ ،‬‬
‫فإن القو َل‬ ‫ّ‬
‫(‪)٠‬‬
‫أما القول‬
‫ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫وجه له"‬
‫"أما من قا َل ّإنه المال فال َ‬
‫هو قول ضعيف‪ ،‬قال ابن العربي‪ّ :‬‬

‫الرابع فقد ورد عن عمر بن الخطاب‪ ،‬وقال به الحكم به عتبة(‪ .)٢‬دليل هذا القول قوله‬
‫ّ‬

‫تعالى‪( :‬إن إمرؤ هلك ليس له ولد)‪ ،‬وهذا االستدالل ال يستقيم ألمور‪:‬‬

‫ولد له وال والد؛ َّ‬


‫ألن اهلل َح َك َم بتوريث اإلخوة وال يرث اإلخوة‬ ‫َّ‬
‫إن اآلية تعني من ال َ‬ ‫‪-٠‬‬

‫مع وجود األب(‪.)٢‬‬

‫ك والداً‬
‫الضعف‪ ،‬ومن تََر َ‬
‫يكون كاللةً‪ ،‬ألن الكاللةَ تد ّل على ّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫إن َم ْن تََر َك والداً ال‬ ‫‪-٢‬‬

‫يتقوى بوالده‪.‬‬
‫ال يكون ضعيفاً‪ ،‬ألنه ّ‬

‫بقي والده أو ولده‬ ‫َّ‬


‫من االشتقاقات اللّغوية للكاللة انتهاء طرفي النسب؛ ألن َم ْن َ‬ ‫‪-٢‬‬

‫فهو موروث بجزم نسب ال بتكلل(‪.)4‬‬

‫وقد أَ ْش َكلَ ِت اآلية على عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه‪ ،‬حتى ألحف على رسول اهلل في‬

‫بيانها‪ ،‬فقال أال تكفيك آية الصيف وهي آخر سورة النساء‪ ،‬وفي صحيح مسلم عن‬

‫معدان بن أبي طلحة أن عمر بن الخطاب خطب يوم الجمعة فذكر نبي اهلل ‪ ،‬وذكر أبا‬

‫أهم عندي من الكاللة‪ ،‬وما أغلظ لي في شيء ما‬


‫بكر ثم قال‪" :‬إني ال أدع بعدي شيئاً ّ‬

‫أغلظ لي فيه حتى طعن بإصبعه في صدري‪ ،‬وقال يا عمر‪ :‬أال تكفيك آية الصيف التي‬

‫ابن عطية‪ :‬المحرر الموجيز‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،521‬أبو حيان‪ ،‬البحر المحيط‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.505‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪.142‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن عطية‪ ،‬المحرر الوجيز‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.521‬‬ ‫‪.3‬‬
‫صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬كتاب الفرائض‪ ،‬حديث رقم ‪ ،1411‬ج‪ ،11‬ص‪.15‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪105‬‬
‫في أخر سورة النساء واني إن أعش أقض فيها بقضية يقضي بها من يق أر القرآن ومن ال‬

‫يق أر القرآن"(‪.)٠‬‬

‫ويتقرر فيها حكمة‪ ،‬ثم يقضي به‬


‫يتم اجتهاده فيها ّ‬
‫وتأخير عمر قضائه في الكاللة حتى ّ‬

‫نص‬
‫الناس‪ ،‬ولعل إغالظ النبي له لخوفه من اتّكاله واتّكال غيره على ما ّ‬
‫شيعه بين ّ‬
‫وي ُ‬‫ُ‬

‫ردوه إلى‬
‫عليه صريحاً وتركهم االستنباط من النصوص‪ ،‬وقد قال اهلل تعالى‪( :‬ولو ّ‬

‫الرسول والى أولي األمر منهم لعلمه الذي يستنبطونه منهم)‪ ،2‬فاالعتناء باالستنباط من‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫المسائل‬ ‫من‬ ‫ٍ‬
‫بيسير َ‬ ‫الصريحة ال تفي إال‬
‫ّ‬ ‫صوص‬ ‫الن‬ ‫آكد الواجبات المطلوبة؛ َّ‬
‫ألن ّ‬
‫َ‬
‫(‪)٢‬‬
‫حيث التّوريث فسواء‬
‫أما األقوال الثالثة األخرى فإنها تؤول إلى قول واحد من ُ‬
‫الحاثة ‪ّ ،‬‬

‫فإن النتيجة واحدة‪ ،‬وهي َّ‬


‫أن الذين يرثون في‬ ‫كان المقصود الميت‪ ،‬أو القرابة‪ ،‬أو الورثة‪َّ ،‬‬

‫الجمهور َّ‬
‫أن الكاللةَ هي ما خال‬ ‫ُ‬ ‫ذهب إليه‬
‫َ‬ ‫هذه الحالة هم ما سوى الولد والوالد‪ ،‬والذي‬

‫الولد والوالد(‪ ،)4‬وقال ابن كثير وهو قول األئمة األربعة وجمهور السلف والخلف(‪.)7‬‬

‫أدلّة الجمهور‪ :‬استد ّل الجمهور على ما ذهبوا إليه بما يلي‪:‬‬

‫ويقا ُل َك َّل‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫تباع َدت القرابةُ‪ُ ،‬‬
‫الرحم إذا َ‬
‫مسك باشتقاق لفظ الكاللة ُيقا ُل َكلت ّ‬
‫التّ ّ‬ ‫‪-٠‬‬

‫ت قوته‪ ،‬ومنه اإلكليل إلحاطته بالرأس(‪ُّ ،)1‬‬


‫وكل ذلك يد ّل على قرابة‬ ‫الرج ُل إذا أعيا َوَذ َهَب ْ ّ‬

‫أبو زكريا يحيى أبن شرف النووي‪ ،‬شرح صحيح مسلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة مناهل العرفان‪ ،‬ج ‪ ،11‬ص ‪.51‬‬ ‫‪.1‬‬
‫النساء‪ ،‬من اآلية ‪.23‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أبو حيان‪ :‬البحر المحيط‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،505‬ابن عطية‪ ،‬المحرر الوجيز‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،521‬الشوكاني‪ :‬فتح القدير‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ج‪ ،1‬ص ‪ ،030‬ابن عاشور‪ :‬التحرير والتنوير‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.240‬‬
‫محمد علي الصابوني‪ ،‬مختصر تفسير ابن كثير‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار القرآن الكريم‪1042 ،‬هـ‪1( ،‬ط) ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‬ ‫‪.0‬‬
‫‪.340‬‬
‫الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪.119‬‬ ‫‪.5‬‬
‫الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪.119‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪104‬‬
‫ما سوى الولد والوالد ألنها قرابة ضعيفة تحيطُ بالميت‪ ،‬وهي ليست كقرابة الولد والوالد‬

‫فهي أساس الميت أو امتداده‪.‬‬

‫ّأنه تعالى ما َذ َك َر الكاللة إال في هذه اآلية وفي آخر السورة؛ وألن اهلل حكم في‬ ‫‪-٢‬‬

‫هاتين اآليتين بتوريث اإلخوة وال يرث اإلخوة مع وجود األب(‪.)٠‬‬

‫ذكر اهلل قبل ذلك ميراث األوالد والوالدين فيكون التّرتيب هنا ميراث غير األوالد‬ ‫‪-٢‬‬

‫والوالدين(‪.)٢‬‬

‫من األدلّة على ما ذهب إليه الجمهور حديث جابر ‪ ،‬قال‪ :‬مرضت فأتاني رسول‬ ‫‪-4‬‬

‫علي‪،‬‬
‫وصبه ّ‬
‫ّ‬ ‫علي‪ ،‬فلم أكلّ ْمه‪ ،‬فتوضأ‬
‫اهلل يعودني هو وأبو بكر ماشيين‪ ،‬وقد أغمي ّ‬

‫فأفقت فقلت‪ :‬يا رسول اهلل كيف أصنع في مالي ولي أخوات؟ فنزلت آية المواريث‪:‬‬

‫(يستفتونك قل اهلل يفتيكم في الكاللة)‪ ،)4( ٢‬قال الخطابي‪ :‬وكان جابر يوم نزول اآلية‬

‫ليس له ولد وال والد(‪.)7‬‬

‫والراجح في مسألة الكاللة ما ذهب إليه الجمهور‪ ،‬ومما يشهد لذلك باإلضافة إلى ما‬

‫ذكرنا‪:‬‬

‫ألم من‬
‫األب يمنعان اإلخوة ّ‬ ‫َّ‬
‫الجد و َ‬ ‫األب والجد ال يدخالن في الكاللة؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫‪-٠‬‬

‫ألم فقال‪( :‬وان كان رجل يورث كاللة أو‬


‫نص على ميراث اإلخوة ّ‬
‫الميراث‪ ،‬وهلل تعالى َّ‬

‫الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪ ،119 ،124‬إبن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.240‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أخرجه أبو داوود واللفظ له‪ ،‬كتاب الفرائض‪ ،‬باب الكاللة‪ ،‬حديث رقم ‪ ، 2223‬والترمذي‪ ،‬أبواب الفرائض باب الميراث األخوات‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سورة النّساء‪ ،‬من اآلية ‪.114‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الخطابي حمد بن محمد‪( ،‬ت ‪322‬هـ) ‪ :‬معالم ال سنن شرح سنن أبي داوود‪ ،‬طبعه وصححه محمد راغب الطباخ في مطبعته العلمية بحلب‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪1352‬هـ ‪1930 -‬م‪( ،‬ط‪ ، )1‬ج‪ ،0‬ص ‪.92‬‬
‫عماد الدين بن محمد الطبري المعروف بالكيا الهراسي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1043 ،‬هـ ‪1923 -‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.344‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪101‬‬
‫أن ال يكون هنالك أب أو جد من‬
‫ألم ْ‬ ‫اإلخوة‬ ‫اث‬
‫ر‬ ‫مي‬ ‫عند‬ ‫م‬ ‫امرأة وله أخ أو أخت)‪ ،1‬فتحتَّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬

‫جهة األب وان عال‪.‬‬

‫البنت وبنت االبن وان نزلت ال تدخل في الكاللة؛ ألنها تحجب اإلخوة ألم‪،‬‬ ‫‪-٢‬‬

‫فيشترط في ميراثهم عدم وجود الفرع الوارث مطلقاً وان نزل‪.‬‬

‫وجود األب‬
‫َ‬ ‫جد؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫اآلية األخيرة من سورة النساء تد ّل على أنه ال يوجد أب أو ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫النصيب‬
‫النصف‪ ،‬وهو ّ‬
‫الجد من جهة األب ال يجعل األخت تأخ ُذ ّ‬
‫يحجب اإلخوة‪ ،‬ووجود ّ‬
‫ُ‬

‫الج َّد كاألب في‬


‫عدوا َ‬
‫الحنفية فقد ّ‬
‫ّ‬ ‫أما‬
‫الذي ذكرته اآلية‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه الجمهور‪ّ ،‬‬

‫حجب اإلخوة واألخوات(‪.)٢‬‬

‫ونأخذ من لفظ الكاللة باإلضافة إلى ما ذكرنا ما يأتي‪:‬‬

‫بعمودي النسب الفروع‬


‫ّ‬ ‫ميراث الكاللة ميراث ضعيف‪ ،‬فأقوى طرق اإلرث ما كان‬ ‫‪-٠‬‬

‫ألم الذين يرثون بطريق الكاللة ال يزيد نصيبهم عن الثلث‪،‬‬


‫واألصول‪ ،‬ولذا فاإلخوة ّ‬

‫واإلخوة واألخوات ألبوين أو ألب ال يرثون إال عند عدم األب‪ ،‬وعند عدم االبن وان‬

‫المؤنث وان نزل‪ ،‬ولما كان هذا الميراث بهذه‬


‫ّ‬ ‫نزل‪ ،‬وينقص ميراثهم بوجود الفرع الوارث‬

‫يتصور‬
‫ّ‬ ‫الصفة جاء النهي عن وصية الضرار عند ذكر الكاللة؛ ألن من يورث كاللة‪،‬‬

‫منه اإلجحاف في الوصية في حق الورثة‪.‬‬

‫ص القاطع‬
‫الن ّ‬
‫كان عمر رضي اهلل عنه يطلب من النبي صلّى اهلل عليه وسلّم ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫السالم يحمله على البيان الواقع مع اإلطالق الذي وكل فيه‬


‫الصالة و ّ‬
‫للعذر‪ ،‬وهو عليه ّ‬

‫سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.12‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ابن العربي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.302‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪102‬‬
‫إلى االجتهاد باألخذ من اللغة ومقاطع القول ومرابط البيان ومفاصله‪ ،‬وهذا النص في‬

‫ونص في التكلم بالرأي المستفاد وعند النظر الصائب(‪.)٠‬‬


‫جواز االجتهاد ّ‬

‫فتكون كلمة "الكاللة" قد أدت إلى َش ْحذ الهمم واستنهاض الطاقات االجتهادية للفقهاء‬

‫الرسول الكريم صلّى اهلل عليه وسلّم عمر رضي اهلل‬


‫للوصول إلى األحكام‪ ،‬ولذا أرشد ّ‬

‫مما يدل على أن اآلية ‪ ٠٢‬هي آية‬


‫عنه إلى آية الصيف ليكتفي بها في االستدالل‪ّ ،‬‬

‫الشتاء‪.‬‬

‫ألنها تعني ذهاب الطرفين‬


‫الجد فال يدخل في الكاللة؛ ّ‬
‫االشتقاق يقتضي خروج ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫الجد لإلخوة ألم‪ ،‬وعدم أخذ‬


‫ّ‬ ‫الجد أحد الطرفين في النسب‪ ،‬وهذا يؤخذ منه حجب‬
‫و ّ‬

‫النصيب المنصوص عليه لإلخوة واألخوات ألبوين أو ألب في اآلية األخيرة من سورة‬
‫ّ‬

‫لكن عند الجمهور يقاسم اإلخوة ويأخذ األحظ له‪.‬‬


‫النساء إال عند عدم وجود الجد‪ْ ،‬‬

‫استدل الكيا الهراسي من خالل هذه اللفظة عند سؤال عمر عنها وأنه وكله إلى‬ ‫‪-4‬‬

‫استنباطه على تفويض اإلجماع إلى آراء المستنبطين‪ ،‬كما فوض االستنباط إلى رأي‬

‫عمر رضي اهلل عنه(‪ ،)٢‬فلم يجب الرسول صلّى اهلل عليه وسلّم عمر رضي اهلل عنه‬

‫بين‬
‫جواباً مباش اًر ُي َح ّدد له فيه معنى الكاللة‪ ،‬واّنما أرشده إلى استنباطه من الجميع َ‬

‫األدلّة‪ ،‬واستعماالت اللغة‪ ،‬واذا كان هذا االجتهاد الفردي مشروعاً كان اتّفاق اجتهادات‬

‫المجتهدين مشروعاً باألولى‪.‬‬

‫الكيا الهراسي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.344‬‬ ‫‪.1‬‬


‫الكيا الهراسي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.344‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪109‬‬
‫في الكلمة داللة على حكم المشتركة إذا لم يرث اإلخوة األشقاء عن طريق األب‬ ‫‪-7‬‬

‫(‪)٠‬‬
‫المشتركة هي اجتماع اإلخوة األشقاء‬
‫ّ‬ ‫المسألة‬
‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ص فهم شركاء في الثّلث‬
‫الن ّ‬
‫فيشمله ّ‬

‫ألم وال يبقى لألشقاء شيء من التركة‪ ،‬فإنهم يشتركون‬


‫ألم عندما يرث اإلخوة ّ‬
‫مع اإلخوة ّ‬

‫في الثلث مع اإلخوة ألم‪ ،‬وصورة المسألة أن تموت امرأة عن زوج‪ ،‬و ّأم‪ ،‬وأخوين أل ّم‬

‫فأكثر‪ ،‬وأخ شقيق فأكثر‪ ،‬فالزوج نصيبه النصف‪ ،‬واألم نصيبها السدس‪ ،‬واألخوين ألم‬

‫يبق لإلخوة األشقاء شيء‪ ،‬فاحتجوا لعمر رضي اهلل عنه‪ ،‬وأنهم يشتركون مع‬
‫الثلث‪ ،‬فلم َ‬

‫الميت في األم‪ ،‬فأشرك بينهم وبين األخوة ألم في الثلث‪ ،‬ووافق ذلك رضا الصحابة‪.‬‬

‫وصية"‪.‬‬
‫اختيار لفظة " ّ‬

‫ٍ‬
‫وصية‬ ‫"وصية" في أربعة مواضع في آيات المواريث‪ ،‬قال تعالى‪( :‬من بعد‬
‫ّ‬ ‫ت كلمة‬
‫َوَرَد ْ‬

‫يوصي بها أو دين) ‪ ،‬وقوله‪( :‬من بعد وصية يوصين بها أو دين)‪ ،‬وقوله‪( :‬من بعد‬

‫ت في‬
‫وصية توصون بها أو دين)‪ ،‬وقوله‪( :‬من بعد وصية يوصى بها أو دين)‪َ ،‬وقَ ْد َوَرَد ْ‬

‫المواضع األربعة مفردةً نكرة مطلقة‪ ،‬فشملت جميع أنواع الوصايا‪ ،‬فقد شملت الوصية‬

‫الواجبة والمندوبة والمباحة‪ ،‬وشملت الوصية بحقوق اهلل أو بحقوق العباد‪ ،‬وغير هذه‬

‫اللفظة ال تؤدي هذه المعاني‪.‬‬

‫وبأي‬
‫ّ‬ ‫الوصية بك ّل المال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ظاهر هذه اآلية يقتضي جو َاز هذه‬
‫َ‬ ‫"اعلم َّ‬
‫أن‬ ‫ْ‬ ‫يقول الرازي‪:‬‬

‫ٍ‬
‫بعض أريد‪ ،‬إال ّأنا نقو ُل َّ‬
‫إن هذه العمومات مخصوصة من وجهين‪ :‬األول في قدر‬

‫الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪ ،121‬والحديث أخرجه البخاري في كتاب الوصايا‪ ،‬باب ‪ ،2‬حديث رقم ‪.2102‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪154‬‬
‫الوصية بك ّل المال بداللة القرآن والسنة‪ ،‬أما القرآن فاآليات الدالة‬
‫ّ‬ ‫فإنه ال يحوز‬
‫الوصية ّ‬

‫على الميراث مجمالً ومفصالً‪ ،‬أما المجمل فقوله تعالى‪( :‬للرجال نصيب مما ترك‬

‫الوالدان واألقربون) ]‪ :7‬النساء[‪ ،‬ومعلوم أن الوصية بكل المال تقتضي نسخ هذا النص‪،‬‬

‫وأما المفصل فهي آيات المواريث كقوله تعالى‪( :‬للذكر مثل حظ األنثيين) ]‪ :٠٠‬النساء[‪،‬‬

‫وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم) ]‪:9‬‬


‫َ‬ ‫ويدل عليه قوله‪( :‬‬

‫النساء[‪ ،‬وأما السنة فالحديث المشهور وهو قوله صلّى اهلل عليه وسلّم‪" :‬الثلث والثلث‬

‫كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس"(‪ ،)٠‬ويؤخذ من‬

‫لفظة الوصية بناء على ذلك األحكام اآلتية‪:‬‬

‫الوصية الواجبة والمندوبة والمباحة‪ ،‬فهي دليل‬


‫ّ‬ ‫الوصية في اآليات السابقة‬
‫ّ‬ ‫شملت‬ ‫‪-٠‬‬

‫تعد تجهيز‬
‫أن تقسيم الميراث ال يجوز إال بعد تنفيذ هذه الوصايا من ثلث التركة ّ‬
‫عليها‪ ،‬و ّ‬

‫الميت‪ ،‬وسداد ديونه‪.‬‬

‫هذه الوصية المفردة المطلقة قابلة للتقييد بما ورد في النصوص األخرى‪ ،‬فنكون‬ ‫‪-٢‬‬

‫عنده ا قد أعملنا جميع األدلة‪ ،‬فال تجوز الوصية لوارث إال إذا أجاز الورثة؛ ألن‬

‫الشخص يملك التنازل عن حقّه‪.‬‬

‫الوصية و َّ‬
‫الد ْين يكون جميع المال للورثة(‪.)٢‬‬ ‫ّ‬ ‫إذا انعدمت‬ ‫‪-٢‬‬

‫الحج والزكاة يجب إخراجهما إذا أوصى بهما أو لم يوص كما هو عند‬ ‫‪-4‬‬

‫(‪)٠‬‬
‫فإن أوصى بهما من رأس المال أو‬
‫الشافعية ‪ ،‬فعند الشافعية تكون من رأس المال‪ْ ،‬‬

‫أبو حيان‪ :‬البحر المحيط‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.501‬‬ ‫‪.1‬‬


‫الخطيب الشربيني‪ :‬مغني المحتاج‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،41‬أبو حيان‪ ،‬البحر المحيط‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.501‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪151‬‬
‫الثلث عمل به(‪ ،)٢‬وبذلك يدخل في الوصية ديون اهلل سبحانه وتعالى؛ ألنها إن كانت‬

‫من رأس المال أو الثلث ال تقسَّم التركة على الورثة إال بعد تنفيذها‪.‬‬

‫اختيار لفظة (يستفتونك)‪.‬‬

‫وردت هذه الصيغة في القرآن مرتين وجاء ذلك في سورة النساء‪ ،‬وفي أحكام النساء وهي‬

‫قوله‪( :‬ويستفتونك في النساء قل اهلل يفتيكم فيهن) ]‪ :٠٢7‬النساء[‪ ،‬وقوله‪( :‬يستفتونك قل‬

‫اهلل يفتيكم في الكاللة) ]‪ :٠71‬النساء[‪ ،‬وقد وردت صيغ مشابهة مثل‪( :‬ويسألونك عن‬

‫اليتامى) ]‪ :٢٢١‬البقرة[‪(،‬ويسألونك عن الخمر والميسر) ]‪ :٢٠9‬البقرة[‪ ،‬ونحاول أن‬

‫نستثمر هذه الصيغة لالستدالل بها على بعض األحكام الفقهية والدالالت الشرعية‪.‬‬

‫ب َأرَْيهُ في المسألة‪ ،‬واالستفتاء طلب‬


‫ب الفتيا‪ ،‬واستفتاه طَلَ َ‬
‫"االستفتاء" في اللغة‪ :‬طَلَ ُ‬

‫الجواب عن األمر المشكل‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪( :‬وال تستفت فيهم منهم أحداً) ]‪:٢٢‬‬

‫إفتاء وفتيا وفتوى‪ ،‬وأفتيت فالناً في رؤياه عبرتها له‪ ،‬والفتيا والفتوى‬
‫ً‬ ‫الكهف[‪ ،‬وأفتاه‬

‫عما يشكل من األحكام‪ ،‬ومعنى اإلفتاء إظهار المشكل من المسائل‪ ،‬وأصله من‬
‫الجواب ّ‬

‫الفتى وهو الشاب الذي قوي واكتمل(‪.)٢‬‬

‫ابن رشد‪ :‬بداية المجتهد‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.043‬‬ ‫‪.1‬‬


‫الخطيب الشربيني‪ :‬مغني المحتاج‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.41‬‬ ‫‪.2‬‬
‫األصفهاني‪ ،‬المفرداتـ ص ‪ ،313‬أبن منظور جمال الدين محمد بن مكرم‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج‪ /15‬ص ‪– 105‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪ .102‬الرازي‪ ،‬مختارالصحاح‪ ،‬ص ‪ /091‬إبراهيم أنيس وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،413‬أبو حيان البحر المحيط‪ ،‬ج‪،3‬‬
‫ص ‪.314‬‬
‫‪152‬‬
‫وكأن المفتي ببيانه ما أشكل يثبت ويقوي"(‪.)٠‬‬
‫َّ‬

‫بأنها إخبار عن اهلل تعالى في إلزام أو إباحة(‪ ،)٢‬والمفتي‬


‫وقد عرف اإلمام القرافي الفتوى ّ‬

‫له أهمية كبيرة‪ ،‬قال الشاطبي‪" :‬والمفتي قائم في األمم مقام النبي صلّى اهلل عليه‬

‫(‪)٢‬‬
‫وسلّم ‪ ،‬وقد َبَّي َن ابن القيم ّ‬
‫أن المفتي مبلغ عن اهلل‪ ،‬وقال‪" :‬واذا كان منصب التوقيع عن‬

‫الملوك بالمحل الذي ال ينكر فضله وال يجهل قدره‪ ،‬وهو من أعلى المراتب السنيات‬

‫رب األرض والسموات‪ ،‬فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن‬


‫فكيف بمنصب التوقيع عن ّ‬

‫يتأهب له أهبته"(‪ ،)4‬ووجود المفتي عصمة لألمة من الضالل‪ ،‬يقول‬


‫عدته‪ ،‬وأن ّ‬
‫يعد له ّ‬
‫ّ‬

‫صلّى اهلل عليه وسلّم‪" :‬إن اهلل ال يقبض هذا العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد‪ ،‬ولكن يقبض‬

‫فسئلوا فأفتوا بغير‬


‫يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهاال ُ‬
‫العلم بقبض العلماء حتى إذا لم َ‬

‫أن الفتوى هي الرئاسة الحقيقية"(‪ ،)1‬كذلك‬


‫علم فضلوا وأضلوا"(‪ ،)7‬قال ابن حجر‪" :‬وفيه َّ‬

‫يفهم من الحديث َّ‬


‫أن المفتي بعلم مهتد إلى الصواب‪ ،‬هاد إليه‪ ،‬ومما تقدم نأخذ األحكام‬

‫اآلتية‪:‬‬

‫الصيغة (يستفتونك) لم تَ ِرْد في القرآن إال مرتين وكان تعلقها في المرتين بحكمين‬ ‫‪-٠‬‬

‫دقيقين سبق حديث القرآن عنهما‪ .‬فَقَ ْد أخبرت سورة النساء عن حقوق النساء وصداقهن‬

‫وبينت المحرمات من النساء‪ ،‬وبينت حقوقهن في الميراث كذلك سبق آية الصيف (اآلية‬

‫األخيرة من سورة النساء) اآلية رقم (‪ )٠٢‬من السورة نفسها التي أخبرت عن الكاللة‪ ،‬لذا‬

‫قطف األزهار في كشف األسرار‪ ،‬تحقيق أحمد بن محمد الحمادي‪ ،‬قطر‪ ،‬وزارة األوقاف اإلسالمية‪1010 ،‬هـ‪190 - ،‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.155‬‬ ‫‪.1‬‬
‫القرافي أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن‪ ،‬الفروق عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.15‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الشاطبي إبراهيم بن موسى اللخمي‪( ،‬ت ‪ 914‬هـ) ‪ ،‬الموافقات في أصول الشريعة‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.000‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ابن قيم الجوزية محمد بن أبي بكر‪( ،‬ت ‪151‬ـ) ‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪1913 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.14‬‬ ‫‪.0‬‬
‫أخرجه البخاري‪ ،‬انظر ابن حجر‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.190‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ابن حجر‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.190‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪153‬‬
‫فإن صيغة يستفتونك دلّت على دقة المسألة وأنه ال يصل إليها إال القلّة من العلماء‪،‬‬

‫تدبر ومزيد ٍ‬
‫نظر في النصوص‪ ،‬وهذا يعطي أهمية لعلم الميراث‪ ،‬فال‬ ‫فهي تحتاج إلى ّ‬

‫يتقنه إال الفحول من العلماء‪ ،‬ولذا وردت هذه الصيغة في األمور المشكلة كتعبير الرؤيا‬

‫للملك‪ ،‬وطلب ملكة سبأ الح ّل في ما أشكل عليها‪( :‬قالت يا أيها المأل أفتوني في أمري‬

‫ما كنت أم اًر حتى تشهدون) ]‪ :٢٢‬النمل[‪.‬‬

‫الفتوى ال يقوم بها إال األقوياء‪ ،‬ألنها من الفتوة التي تكتمل فيها القوة‪ ،‬وتنعكس‬ ‫‪-٢‬‬

‫هذه القوة على المستفتي وعلى المجتمع‪ ،‬وأخذ الحكم بقوة أمر مقصود شرعاً‪ ،‬قال‬

‫تعالى‪( :‬يا يحيى خذ الكتاب بقوة) ]‪ :٠٢‬مريم[‪.‬‬

‫هذه الصيغة جاءت متعلقة بالحقوق‪ ،‬حقوق اليتيمات‪ ،‬وحقوق الكاللة‪ ،‬وهي‬ ‫‪-٢‬‬

‫حقوق للضعفاء‪ ،‬واذ تحترم الشريعة حقوق الجميع‪ ،‬لكنها تؤكد بشكل أكبر على حقوق‬

‫الضعفاء‪ ،‬فهذه الشريعة فيها نصوص كثيرة تح ّذر من أكل أموال اليتامى‪ ،‬وتوصي‬

‫بالوالدين‪ ،‬ال سيما في كبرهما‪ ،‬وتوصي بحقوق األطفال‪ ،‬واألسرى والمستأمنين وغيرهم‪،‬‬

‫حق الكاللة‪ ،‬وعدم التجاوز عليه‪ ،‬لذا فقد‬


‫فيضفي هذا االستعمال القرآني قوة وتأكيداً على ّ‬

‫الضرار وهي أن يحيف المورث بوصيته على‬


‫اقترن بحكم الكاللة التحذير من وصية ّ‬

‫الورثة‪ ،‬إذ يتصور هذا الحيف عندما يكون الورثة كاللة‪.‬‬

‫صيغة يستفتونك تد ّل على دقّة األمر المستفتى عنه‪ ،‬فال يصل إلى فهمه إال‬ ‫‪-4‬‬

‫القليل‪ ،‬وتد ّل على أن المعطيات الشرعية متوفرة لمن أحسن استعمالها وتوجيهها‪ ،‬وعندما‬

‫سأل عمر رضي اهلل عنه عن الكاللة قال له رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أال يكفيك‬
‫‪150‬‬
‫آية الصيف وطعن في صدره‪ ...‬وقال ثالث لو بينها رسول اهلل خير من الدنيا وما فيها‪.‬‬

‫فقد غاب أمر الكاللة وغابت دالالت اآليات عن عمر رضي اهلل عنه وهو الفقيه‬

‫الجهبذ‪ ،‬وصاحب الشأن في الفهم واالجتهاد‪.‬‬

‫كانوا في الجاهلية يرثون النساء كرهاً‪ ،‬ومن كانت عنده يتيمة كبنت عمه مثالً‬ ‫‪-7‬‬

‫األحق بها‪ ،‬ويهضم مهرها وصداقها‪ ،‬كذلك كانوا ال يورثون النساء‪ ،‬بل ير َّ‬
‫ثوهن‬ ‫ّ‬ ‫كان هو‬

‫كرهاً‪ ،‬فكان موقع قوله يستفتونك في القرآن في أمر لم يكن معهوداً لهم في الجاهلية‬

‫وجاء بصيغة األمر للرسول صلّى اهلل عليه وسلم (قل اهلل يفتيكم)‪ ،‬وهذا يد ّل على‬

‫المكانة العظيمة والدقيقة للفتوى كما أوردنا عن ابن القيم والشاطبي‪ ،‬وابن حجر‪.‬‬

‫‪ -1‬إذا كان االستفتاء في أمر دقيق وال يصل إليه إال الفحول واذا كان جوابه من‬

‫اهلل‪ ،‬وهو موجود في النصوص‪ ،‬ومستقر فيرشد ذلك المجتهدين للبحث عنه‪،‬‬

‫واعمال العقول والمواهب للوصول إلى دقائقه وأس ارره كما يد ّل على أهمية‬

‫تطبيقه وتنفيذه واألخذ به‪ ،‬فنفاسة الشيء تتناسب مع الجهد المبذول في الوصول‬

‫إليه وفي مصدره وفي استق ارره‪.‬‬

‫اختيار لفظة (هلك) في قوله تعالى‪( :‬إن إمرؤ هلك ليس له ولد)‪.‬‬

‫عبر به‬
‫يعبر القرآن بلفظ مات أو قضى نحبه أو غير ذلك‪ ،‬وهذا الفعل بهذه الصيغة ّ‬
‫لم ّ‬

‫عن الموت في موضعين فقط‪ ،‬في آية الكاللة‪ ،‬وفي سورة غافر عن سيدنا يوسف عليه‬

‫‪155‬‬
‫السالم‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم‬

‫به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث اهلل من بعده رسوالً) ]‪ :٢4‬غافر[ قال صاحب المنار‪:‬‬

‫"هلك‪ :‬مات وال يستعمل منذ قرون إال في مقام التحقير وقد استعمله القرآن في غير هذا‬

‫المكان بمعنى الموت مطلقاً بقوله عن يوسف حتى إذا هلك"(‪.)٠‬‬

‫قال الراغب‪" :‬هلك"‪ :‬على ثالثة أوجه‪ :‬افتقاد الشيء عنك وهو عند غيرك موجود كقوله‬

‫تعالى‪( :‬هلك عني سلطانيه) ]‪ :٢9‬الحاقة[‪ ،‬وهالك الشيء باستحالة وفساد كقوله تعالى‪:‬‬

‫( ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم‬

‫لن يبعث اهلل من بعده رسوالً) ]‪ :٢4‬غافر[(‪.)٢‬‬

‫الراغب وصاحب‬
‫المفسرين في حدود اطّالعي من ذكر أكثر مما ذكره ّ‬
‫ّ‬ ‫أجد من‬
‫ولم ْ‬
‫ْ‬

‫أن عطاء القرآن ال ينضب‪ ،‬وداللته ال تنتهي‪ ،‬فإذا لم يرد هذا‬


‫تفسير المنار‪ ،‬والذي أراه ّ‬

‫اللفظ إال في الموضعين المذكورين يراد به الموت‪ ،‬ومسألة التحقير غير مقصودة في‬

‫هذين االستعمالين‪ ،‬لكنني أرى َّ‬


‫أن من مات وليس له ولد هو الذي يقال عنه "هلك"؛ ألن‬

‫الولد امتداد ألبيه‪ ،‬واألوالد يحملون اسم أبيهم وصفاته ورسالته‪ ،‬وال ينقطع عمله بالولد‬

‫الصالح وقد صرح القرآن بذلك في سورة النساء "إن أمرؤ هلك ليس له ولد‪ "..‬فأرى َّ‬
‫أن‬

‫يوسف عليه السالم إذا أسند له الفعل أنه لم يكن له ولد ومما يد ّل على ذلك أن الولد‬

‫من أكبر نعم اهلل على العبد‪ ،‬فانظر إلى سؤال زكريا في خشوع يسأل ربه الولد‪ ،‬قال‬

‫رشيد رضا‪ ،‬تفسير المنار‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ‪.142‬‬ ‫‪.1‬‬


‫األصفهاني‪ ،‬المفردات‪ ،‬ص ‪.500‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪154‬‬
‫تعالى‪( :‬وزكريا إذ نادى ربه رب ال تذرني فرداً وأنت خير الوارثين) ]‪ :89‬األنبياء[‬

‫أن نعمة الولد من ِ‬


‫أكرم نعم اهلل عليه‪ ،‬قال‬ ‫وانظر إلى إبراهيم عليه السالم إذ يجعل َّ‬

‫تعالى على لسان خليله‪( :‬الحمد اهلل الذي وهب لي على الكبر إسماعيل واسحق) ]‪:٢9‬‬

‫إبراهيم[‪ ،‬وانظر إلى بشارات اهلل ألنبيائه ورسله بالولد‪.‬‬

‫بنص قرآني أو حديث نبوي َّ‬


‫أن له ولداً نجده يسند له هذا‬ ‫أما سيدنا يوسف الذي لم يثبت ّ‬
‫ّ‬

‫قصته وحياته يذكر نعم اهلل عليه إذ‬


‫الفعل هلك َب َد َل مات أو قضى‪ ،‬ونجده في ختام ّ‬
‫ٍ‬
‫بدعاء ومناجاة وذكر لنعم‬ ‫أخرجه من السجن‪ ،‬وجمع شمله بوالديه واخوانه‪ ،‬ويختم حياته‬

‫رب قد آتيتني من الملك وعلمتني‬


‫اهلل‪ ،‬ولم يذكر من تلك النعم نعمة الولد قال تعالى‪ّ ( :‬‬

‫من تأويل األحاديث فاطر السماوات واألرض أنت وليي في الدنيا واآلخرة توفني مسلماً‬

‫وألحقتني بالصالحين) ]‪ :٠١٠‬يوسف[‪.‬‬

‫أدى معنى خاصاً وهو وفاة شخص ليس له ولد‪،‬‬ ‫تقدم‪ ،‬نرى َّ‬
‫أن لفظ "هلك" قد ّ‬ ‫ومما ّ‬
‫ّ‬

‫مر بنا‪ ،‬ولذلك يكثر الفرضيون من استعمال‬


‫ويستقر بذلك معنى الكاللة‪ ،‬ويتأ ّكد كما ّ‬

‫مثال‪.‬‬
‫كلمة "هلك" و"هالك" عن زوجة‪ ،‬وأخت شقيقة‪ ،‬وعم ً‬

‫‪151‬‬
‫ب) العبارة ودالالتها على األحكام الشرعية‬

‫تخص هذا االختيار‪ ،‬وللكلمة القرآنية دالالت‬


‫ّ‬ ‫كان للحرف الذي اختاره القرآن دالالت‬
‫إذا َ‬

‫كثيرة كذلك‪َّ ،‬‬


‫فإن للعبارة أو للجملة القرآنية في اختيارها دالالت فقهية‪ ،‬ومعان وأحكام ال‬

‫وسنفصل ذلك في المطالب اآلتية‪:‬‬


‫ّ‬ ‫يؤديها غيرها من العبارات والجمل‪،‬‬
‫ّ‬

‫المطلب األول‪ :‬لل ّذكر مثل حظ األنثيين‪.‬‬

‫جاء ذلك في قوله تعالى‪( :‬يوصيكم اهلل في أوالدكم للذكر مثل حظ األنثيين)‪:٠٠] .‬‬

‫النساء[‪ ،‬وفي قوله تعالى‪( :‬وان كانوا إخوة رجاالً ونساء فللذكر مثل حظ األنثيين)‪.‬‬

‫أي‬
‫ظ األنثى نصف حظ الذكر‪ ،‬أو ال ّذكر له حظ األنثيين أو ّ‬
‫يقل ح ّ‬
‫]‪ :٠71‬النساء[‪ ،‬فلم ْ‬

‫تعبير آخر غيرهما‪ ،‬وجاء التعبير القرآني المذكور دالالً على أحكام كثيرة نذكر منها ما‬

‫يأتي‪:‬‬

‫خص ال ّذكر ببيان نصيبه أوًّال‪ ،‬وذلك يد ّل على‬


‫فضل األوالد ذكو اًر واناث ًا فقد ّ‬ ‫‪-٠‬‬

‫البيضاوي‪" :‬وتخصيص ال ّذكر بالتنصيص‬


‫ّ‬ ‫فضله وتقديمه على األنثى‪ ،‬قال‬

‫ألن القصد إلى بيان فضله"(‪.)1‬‬


‫على حظّه َّ‬

‫فلهن‬
‫رد على فعل أهل الجاهلية من حرمان اإلناث‪ّ ،‬‬
‫هذه الجملة القرآنية فيها ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫حظ من الميراث فال يحرمن‪ ،‬ويكفي في تفضيل الذكر أن يكون له ضعف‬

‫البيضاوي‪ ،‬أنوار التنزيل‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.142‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪152‬‬
‫نصيب األنثى‪ ،‬فحرمانها تفريط في حقها مع أنها تشترك معه باالتصال‬

‫بالميت(‪.)1‬‬

‫في اآلية داللة على فضل اإلناث‪ ،‬حيث َج َع َل نصيبهم هو المعيار والمقياس‬ ‫‪-٢‬‬

‫في الميراث‪ ،‬فإذا أردنا معرفة نصيب الذكر أجابنا القرآن بمقدار حظ أنثيين‪.‬‬

‫يقول الشيخ الشعراوي‪" :‬لقد أراد اهلل أن يكون المقياس أو المكيال هو حظ‬

‫األنثيين ويكون حظ الذكر هنا منسوباً إلى األنثى"(‪ ،)2‬ويقول الطاهر بن‬

‫عاشور‪" :‬ولكن قد أوثر هذا التعبير لنكتة لطيفة وهي اإليماء إلى أن حظ‬

‫األنثى صار في اعتبار الشرع أهم من حظ الذكر إذ كانت مهضومة الجانب‬

‫عند أهل الجاهلية فصار اإلسالم ينادي بحظها في أول ما يقرع األسماع"(‪.)3‬‬

‫هذا التعبير أيضاً عمم هذه القاعدة في ك ّل ذكر وأنثى من صنف واحد‪،‬‬ ‫‪-4‬‬

‫فنصيب األخ كنصيب األختين في األشقاء‪ ،‬واألخوة واألخوات ألب‪ ،‬وكذلك‬

‫تجري هذه القاعدة بين أبناء األبن وبنات اإلبن وان نزلوا‪ ،‬وحيث ما كان‬

‫الذكر عصبة لألنثى‪.‬‬

‫تجري هذه القاعدة بين األزواج والزوجات‪ ،‬فنصيب الزوج ضعف نصيب‬ ‫‪-7‬‬

‫الزوجة‪ ،‬في فروض نص القرآن عليه‪ ،‬حيث نصيب الزوجة األكبر عند عدم‬

‫وجود ولد للزوج هو الربع‪ ،‬ونصيب الزوج من تركة الزوجة حيث ال ولد لها‬

‫حاشية القوجوي‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.212‬‬ ‫‪.1‬‬


‫تفسير الشعراوي‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪ ،2425‬وانظر‪ :‬رشيد رضا‪ ،‬تفسير المنار‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.045‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.251‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪159‬‬
‫هو النصف‪ ،‬كما أن نصيبها الثمن حيث يكون لها ولد‪ ،‬ونصيبه الربع إن‬

‫كان له ولد‪.‬‬

‫وتجري أيضاً في حالة األبوين حيث ال يكون للميت ولد‪ ،‬قال تعالى‪( :‬فإن لم‬ ‫‪-1‬‬

‫يكن له ولد وورثه أبواه فألمه الثلث) ] ‪ :٠٠‬النساء[‪ ،‬فيكون الباقي وهو‬

‫الثلثان لألب وكذلك في إحدى المسألتين الغراويتين عند عدم الولد للميت‬

‫ووجود الزوج فيكون نصيب الزوج النصف ونصيب األم ثلث الباقي‪ ،‬والباقي‬

‫لألب تعصيباً‪ ،‬إذ يكون لألم سهم واحد وهو السدس في هذه الحالة ولألب‬

‫سهمان وهو الثلث‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬فوق اثنتين‪.‬‬

‫فلهن ثلثا ما ترك) ]‪ :٠٠‬النساء[‪،‬‬ ‫فإن َّ‬


‫كن نساء فوق اثنتين ّ‬ ‫ورد ذلك في قوله تعالى‪ْ ( :‬‬

‫معهن ذكر‬
‫ّ‬ ‫فقد شمل هذا التعبير القرآني "فوق اثنتين" نصيب البنتين والثالثة إن لم يكن‬

‫أي‬
‫يعصبهما‪ ،‬وشمل ما زاد على ذلك‪ ،‬فهو تعبير قرآني غطّى حاالت كثيرة‪ ،‬وال يقوم ّ‬

‫تعبير آخر مكانه كما سنرى‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫جمهور الفقهاء يقولون بأن نصيب البنتين الثلثان(‪ ،)٠‬وخالف في ذلك ابن عباس فلم‬

‫يجعل نصيب البنتين الثلثين بل جعله النصف(‪ ،)٢‬واستدل ابن عباس بما يأتي‪:‬‬

‫إن في اللغة لالشتراط فد ّل على أن أخذ الثلثين مشروط بكونهن ثالثاً‬


‫كلمة ْ‬ ‫‪-٠‬‬

‫فصاعداً‪ ،‬ظاهر اللفظ يد ّل على ذلك(‪.)٢‬‬

‫تلحق االثنتين بالواحدة‪ ،‬فهو األظهر من باب دليل الخطاب(‪.)4‬‬ ‫‪-٢‬‬

‫لما تعارضا دار نصيب البنتين بين الثلثين وبين النصف‪ ،‬والنصف‬
‫إن الدليلين ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫متيقن والزيادة عليه مشكوك فيها فنغلّب اليقين على الشك(‪.)7‬‬

‫رد جمهور العلماء على ابن عباس‪:‬‬

‫النصف) ]‪ :٠٠‬النساء[‪ ،‬فالنصف مشروط‬


‫قوله تعالى‪( :‬وان كانت واحدة فلها ّ‬ ‫‪-٠‬‬

‫النصف لالثنتين(‪.)1‬‬
‫بكونها واحدة‪ ،‬وهذا ينفي أن يكون ّ‬

‫النصف والثلثين‪ ،‬فاحتاج إلى مرجح من الخارج‪ ،‬وهذا‬


‫يتردد بين ّ‬
‫نصيب االثنتين ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫المرجح هو صريح السنة في قضاء الرسول في ابنتي "سعد"‪ ،‬حيث قضى لهما‬

‫بالثلثين(‪.)7‬‬

‫الموصلي‪ ،‬اإلختيار‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪ ،21‬ابن جزي القوانين الفقهية‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،9‬البهوتي‪ ،‬كشاف القناع‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪ ،021‬الرازي‪ ،‬مفاتيح‬ ‫‪.1‬‬
‫الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪ ،141‬األلوسي‪ ،‬روح المعاني‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.222‬‬
‫الموصلي‪ ،‬االختيار‪ ،‬ج‪ /5‬ص ‪ /21‬الخطيب‪ ،‬البهوتي‪ ،‬كشاف القناع‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪ ،021‬ابن العربي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪،334‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪.141‬‬
‫الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪ ،199‬الموصلي االختيار‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪.21‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ابن رشد‪ ،‬بداية المجتهد‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.041‬‬ ‫‪.0‬‬
‫األلوسي‪ ،‬روح المعاني‪ ،‬ج‪ / ،0‬ص ‪.223‬‬ ‫‪.5‬‬
‫الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪ ،144‬الشنقيطي‪ ،‬أضواء البيان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.203‬‬ ‫‪.4‬‬
‫الشنقيطي‪ ،‬أضواء البيان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،200‬ابن العربي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.334‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪141‬‬
‫أدلّة الجمهور‪:‬‬

‫قوله تعالى‪( :‬لل ّذكر مثل حظ األنثيين) ]‪ :٠٠‬النساء[‪ ،‬فلو خلف ابناً وبنتاً لكان‬ ‫‪-٠‬‬

‫نصيب البنت الثلث فكيف يكون حظها مع أختها أق ّل من حظّها مع أخيها(‪.)٠‬‬

‫عن جابر رضي اهلل عنه قال جاءت امرأة "سعد بن الربيع" إلى رسول اهلل صلى‬ ‫‪-٢‬‬

‫اهلل عليه وسلّم فقالت يا رسول اهلل‪ :‬هاتان ابنتا سعد قتل أبوهما يوم أحد وان عمهما أخذ‬

‫مالهما‪ ،‬ولم يدع لهما ماالً‪ ،‬وال ينكحان إال ولهما مال‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫يقضى اهلل تعالى في ذلك فنزلت آية الميراث فبعث إلى عمهما فقال‪ :‬أعط ابنتي "سعد"‬

‫الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك(‪.)٢‬‬

‫إن اهلل تعالى ذكر في هذه اآلية حكم البنت الواحدة المنفردة‪ ،‬وحكم الثالث فما‬ ‫‪-٢‬‬

‫ص على نصيب االثنتين من البنات‪ ،‬وذكر في اآلية األخيرة‬


‫الن ّ‬
‫فوق‪ ،‬ولم يذكر مباشرة ّ‬

‫نصيب األختين بأنه ا لثلثان‪ ،‬فأولى أن يكون نصيب البنتين الثلثين‪ ،‬ألنهن أكثر صلة‬

‫بالميت‪ ،‬وأكثر قرباً من األخوات(‪.)٢‬‬

‫ورد عن ابن مسعود عن النبي صلى اهلل عليه وسلم في الصحيح أنه قضى في‬ ‫‪-4‬‬

‫بنت ابن وأخت بالنصف للبنت والسدس لبنت االبن تكملة الثلثين وما بقي فلألخت‪ ،‬فإن‬

‫كان لبنت االبن والبنت الثلثان‪ ،‬فأولى أن يكون هذا النصيب للبنتين(‪.)4‬‬

‫ابن العربي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،334‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪ .141‬ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.252‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سبق تخريجه‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن العربي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،334‬الشنقيطي‪ ،‬أضواء البيان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،202‬رشيد رضا‪ ،‬تفسير المنار‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.202‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ابن العربي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ ، 334‬والحديث أخرجه البخاري في كتاب الفرائض‪ ،‬باب ميراث ابنه مع ابنة‪ ،‬حديث رقم ‪.4134‬‬ ‫‪.0‬‬
‫‪142‬‬
‫إن النصف سهم لم يجعل اهلل فيه اشتراك بل شرع خالصاً للواحدة‪ ،‬أما الثلثان‬
‫ّ‬ ‫‪-7‬‬

‫فإنه سهم لالشتراك بدليل دخول الثالث فيه فمال فوقهن فدخلت فيه االثنتان(‪.)٠‬‬

‫الترجيح‪:‬‬

‫ذهب إليه الجمهور لما يأتي‪:‬‬


‫الراجح هو ما َ‬
‫أن ّ‬‫الذي نراه َّ‬

‫قوة األدلة التي استدلّوا بها‪ ،‬فاآليات واضحة الداللة على ما ذهبوا إليه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪-٠‬‬

‫واألحاديث صحيحة السند‪ ،‬ودالة داللة واضحة على المسألة وقول الجمهور هو الذي‬

‫عليه العمل‪ ،‬ولم يخالف ذلك إال ابن عباس‪ ،‬وحديث الرسول صلى اهلل عليه وسلم في‬

‫إعطاء ابنتي سعد الثلثين فيصل في ذلك‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن النصف جعله اهلل لالنفراد‪ ،‬إذ هو نصيب الواحدة من البنات‪ ،‬ونصيب الواحدة‬ ‫‪-٢‬‬

‫من األخوات ألبوين أو ألب إذا انفردت‪ ،‬ونصيب الزوج إذا لم يكن للزوجة ولد‪ ،‬كذلك‬

‫نصيب بنت االبن وان نزلت إذا لم يكن لها ولد‪ ،‬كذلك نصيب بنت االبن وان نزلت إذا‬

‫ٍ‬
‫مساو لها‪،‬‬ ‫لم يكن فوقها بنت أو بنت ابن أعلى منها‪ ،‬ولم يكن فرع مذ ّكر أعلى منها أو‬

‫أما الثلثان فلم يكن في القرآن والسنة إال لالشتراك كالبنتين كما في حديث ابنتي سعد‪،‬‬

‫والبنات‪ ،‬وبنات االبن وان نزلن‪ ،‬واألخوات ألبوين أو ألب‪.‬‬

‫هذا التعبير فوق اثنتين عرف به نصيب فوق االثنتين من األخوات في اآلية‬ ‫‪-٢‬‬

‫األخيرة‪ ،‬حيث ذكرت اآلية األخيرة نصيب األختين‪ ،‬ولم تذكر نصيب الثالثة وما فوقها‪،‬‬

‫كن‬
‫ينص عليه من نصيب األخوات إذا ّ‬
‫فجاء التعبير فوق اثنتين مفس اًر وموضحاً ما لم ّ‬

‫ابن العربي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬د‪ ،1‬ص ‪.334‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪143‬‬
‫فوقهن ال يزيد على الثلثين‪ ،‬فمن‬
‫ّ‬ ‫أكثر من اثنين‪ ،‬فإذا كان نصيب البنات الثالث فما‬

‫باب أولى ّأال يزيد عن ذلك نصيب األخوات‪.‬‬

‫أفاد هذا التّعبير أن فوق ليست زائدة بل ُم ْحكمة كقوله‪ :‬فاضربوا فوق األعناق"؛‬ ‫‪-4‬‬

‫ألن الظروف ال تزاد وضربة العنق يجب أن تكون من المفصل دون الدماغ‪ ،‬ولو كان‬

‫لفظ فوق زائداً لقال لهما‪ ،‬ولم يقل فلهن(‪.)٠‬‬

‫عدد ُه َّن ال يستغرْق َن‬ ‫هذا التعبير القرآني فوق اثنتين ُعلِ َم منه َّ‬
‫أن البنات مهما زاد ُ‬ ‫‪-7‬‬

‫التركة كلّها‪ ،‬بخالف االبن فقد يستغرق التركة كلها(‪.)٢‬‬

‫هذا التعبير فيه إعمال لعقول المجتهدين حتى يصلوا إلى الحكم‪ ،‬واهلل سبحانه لم‬ ‫‪-1‬‬

‫مبيناً حال البنتين‬


‫ص عليها‪ ،‬يقول ابن العربي‪" :‬لو كان ّ‬
‫بالن ّ‬
‫يذكر جميع األحكام مباشرة ّ‬

‫بيانه لحال الواحدة وما فوق البنتين لكان ذلك قاطعاً‪ ،‬ولكنه ساق األمر مساق اإلشكال‬

‫ليبين درجة العالمين‪ ،‬وترتفع منزلة المجتهدين(‪ ،)٢‬وبالغوص على المعاني‪ ،‬واالجتهاد في‬
‫ّ‬

‫الوصول إلى الحكم الشرعي‪ ،‬واستثمار دالالت القرآن‪ ،‬تقوية العقل‪ ،‬وذلك مقصد من‬

‫مقاصد الشارع أداه هذا التعبير القرآني‪.‬‬

‫يفسر بعضه بعضاً وفي اآلية الثانية ما يد ّل َّ‬


‫أن فوق االثنتين من البنات‬ ‫القرآن ّ‬ ‫‪-7‬‬

‫يشمل االثنتين قال تعالى‪( :‬وان كان رجل يورث كاللة أو إمرأة وله أخ أو أخت فلكل‬

‫واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث)‪ :٠٢] .‬النساء[‪،‬‬

‫ابن عطية‪ ،‬المحرر الوجيز‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،513‬الشوكاني‪ ،‬فتح القدير‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.032‬‬ ‫‪.1‬‬
‫رشيد رضا‪ ،‬تفسير المنار‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.015‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن العربي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.334‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪140‬‬
‫فللواحد أو الواحدة السدس‪ ،‬وأكثر من واحد أو أكثر من واحدة النصيب الثاني وهو‬

‫الثلث‪ ،‬فاالثنان ألحقوا بالثالثة وما فوق‪ ،‬ولم يلحقوا بالواحد أو الواحدة‪.‬‬

‫ذكر تعالى فوق االثنتين حقّق القياس‪ ،‬والحاق النظير بنظيره‪ ،‬بأن ألحقت‬ ‫‪-7‬‬

‫رد على نفاة‬


‫البنتين باألختين وألحقت األخوات بالبنات‪ ،‬وفي ذلك اإلعمال ّ‬

‫القياس‪.‬‬

‫بدال من‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اختيار البدل‪" :‬لكل واحد منهما"‪ ،‬فقوله "لكل واحد منهما"‪ً ،‬‬

‫قوله ‪‬وألبويه‪.‬‬

‫قوله تعالى‪( :‬وألبويه لك ّل واحد منهما السدس) ]‪ :٠٠‬النساء[‪ ،‬فلو جاء التعبير وألبويه‬

‫السدس‪،‬‬ ‫ولكن هذه الزيادة دلّت على َّ‬


‫أن نصيب األب ّ‬ ‫َّ‬ ‫السدس ألوهم اشتراكهما فيه‪،‬‬
‫ّ‬

‫السدس كذلك في هذه الحالة‪ ،‬قال الزمخشري‪ ..." :‬وفائدة هذا البدل أنه لو‬
‫األم ّ‬
‫ونصيب ّ‬

‫قيل وألبويه السدس لكان ظاهره اشتراكهما فيه‪ ،‬ولو قيل ألبويه السدسان ألوهم قسمة‬

‫(‪)٠‬‬
‫ومما تقدم نرى َّ‬
‫أن وجود البدل المذكور‬ ‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫السدسين عليهما على التسوية‪ ،‬وعلى خالفها"‬

‫أدى الفوائد اآلتية‪:‬‬


‫في اآلية السابقة قد ّ‬

‫َح َّد َد نصيب ٍّ‬


‫كل من األب واألم في حالة وجود الولد من غير إشكال وهو‬ ‫‪-٠‬‬

‫وحق األب في حالة وجود الولد‪،‬‬


‫حق األم ّ‬ ‫السدس‪ ،‬ولوال هذا التعبير القرآني لما َّ‬
‫تبي َن لنا ّ‬

‫الزمخشري‪ ،‬الكشاف‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،541‬األلوسي‪ ،‬روح المعاني‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.223‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪145‬‬
‫نعرف أحكام الصالة لما استطعنا القيام بها‬
‫ْ‬ ‫ومعرفة الحكم ال ُب َّد منها لتطبيقه‪ ،‬فلو لم‬

‫على الوجه المشروع‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن التأكيد على الحكم يسهم في تقريره‪ ،‬ووضوح المطلوب‪ ،‬ونفي االلتباس عنه‪،‬‬ ‫‪-٢‬‬

‫وعدم التأخير في تطبيقه‪ ،‬أو التهاون في القيام به‪ ،‬لذلك نجد في القرآن تأكيدات متنوعة‬

‫المهم من األحكام‪ ،‬وكلما ازدادت المؤكدات‪ ،‬قوي المكلّف للنهوض بالحكم‪،‬‬


‫ّ‬ ‫وكثيرة على‬

‫يقول الزمخشري‪..." :‬وأي فائدة في ذكر األبوين أوًال ثم في اإلبدال منهما قلت َّ‬
‫ألن في‬

‫اإلبدال والتفصيل بعد اإلجمال تأكيدا أو تشديداً"(‪ ،)٠‬وقال أبو حيان‪" :‬فكان هذا التركيب‬

‫في غاية النصية والفصاحة"(‪.)٢‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬قوله تعالى‪( :‬فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث)‪.‬‬

‫ألم مهما زاد عددهم فال يزيد‬ ‫التعبير القرآني َّ‬


‫دل على َّ‬
‫أن العدد من اإلخوة أو األخوات ّ‬ ‫ُ‬

‫ص على الشركة بينهم‪ ،‬وأحكام‬ ‫نصيبهم عن الثّلث‪ ،‬وا َّن الثلث ُيقَسَّم بينهم بالتساوي‪ّ ،‬‬
‫للن ّ‬

‫أخرى دلّت عليها العبارة القرآنية نقف مع بعضها‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫ألم سواء أكانوا ذكو اًر أم إناثاً أو اجتمع ذكورهم‬


‫هذا النصيب خاص باألخوة ّ‬ ‫‪-٠‬‬

‫واناثهم‪َّ ،‬‬
‫ألن هذه اآلية ذكرت األخوة واألخوات‪ ،‬وفارقت في الحكم بينهم وبين اإلخوة‬

‫مما يدل على َّ‬


‫أن األخوة هنا ليسوا هم‬ ‫المذكورين في اآلية األخيرة من سورة النساء‪ّ ،‬‬

‫المفسرون هنا على َّ‬


‫أن‬ ‫ّ‬ ‫الذين ُذ ِكروا في اآلية األخيرة من السورة‪ ،‬يقول الرازي‪" :‬أجمع‬

‫ألنه تعالى أثبت في‬


‫المر َاد من األخ واألخت األخ واألخت من األم‪ .‬وانما حكموا بذلك ّ‬

‫الزمخشري‪ ،‬الكشاف‪ ،‬ج‪ ،541 ،1‬األلوسي‪ ،‬روح المعاني‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.223‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أبو الحيان‪ ،‬البحر المحيط‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.532‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪144‬‬
‫آخرة السورة لألختين الثلثين‪ ،‬ولإلخوة المال كله‪ ،‬وهنا أثبت لإلخوة واألخوات الثلث‪،‬‬

‫فوجب أن يكون المراد من األخوة واألخوات ههنا غير اإلخوة واألخوات في تلك اآلية‪،‬‬

‫فالمراد ههنا اإلخوة واألخوات ألم‪ ،‬وهناك اإلخوة واألخوات من األب واألم أو من األب‪،‬‬

‫وألن الذي ذكر هنا هو السدس والثلث وهو نصيب األم"(‪.)٠‬‬

‫ألم ألن اهلل شرك بينهم في‬ ‫دلّت اآلية على َّ‬
‫أن الذكر كاألنثى من اإلخوة ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫أن األمة أجمعت على ذلك(‪ ،)٢‬وقال األلوسي‪" :‬وهذا‬ ‫(‪)٢‬‬


‫الثلث ‪ ،‬وقد نص القرطبي على ّ‬

‫مما ال خالف فيه ألحد من األمة(‪ ،)4‬ويفهم ذلك من كلمة شركاء فالشركة تقتضي‬

‫أن القرابة التي من جهة الذكور يكون فيها للذكر مثل حظ‬
‫ومما يد ّل على ذلك ّ‬
‫المساواة‪ّ ،‬‬
‫األنثيين‪ ،‬كاإلخوة واألخوات ٍ‬
‫ألب أو ألبوين واألبناء والبنات‪ ،‬وأبناء وبنات االبن وان‬

‫نزلوا‪.‬‬

‫ألم استكملت بهم المسألة يأخذون نصيبهم قبل األخوة‬ ‫دلّت اآلية على َّ‬
‫أن اإلخوة ّ‬ ‫‪-٢‬‬

‫ألبوين أو ألب‪ ،‬وذلك ألن نصيب اإلخوة ألم ذكر قبل نصيب اإلخوة األشقاء(‪ ،)7‬أو‬

‫ألب‪ ،‬ولقول الرسول صلى اهلل عليه وسلّم‪" :‬ألحقوا الفرائض بأهلها‪ ،‬فما بقي فألولى رجل‬

‫ذكر"(‪.)1‬‬

‫الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪.121‬‬ ‫‪.1‬‬


‫حاشية القوجوي‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.212‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الشوكاني‪ ،‬فتح القدير‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.035‬‬ ‫‪.3‬‬
‫القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪.19‬‬ ‫‪.0‬‬
‫األلوسي‪ ،‬روح المعاني‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.231‬‬ ‫‪.5‬‬
‫الشوكاني‪ ،‬فتح القدير‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.035‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪141‬‬
‫ألم وفي ذلك إبطال لما كان عليه أهل‬
‫أثبتت هذه اآلية حظّا من الميراث لإلخوة ّ‬ ‫‪-4‬‬

‫الجاهلية الذي ال يورثون هؤالء(‪.)٠‬‬

‫دلّت اآلية على قوة العصبة وهي القرابة التي ال يدخل فيها إلى الميت أنثى‪،‬‬ ‫‪-7‬‬

‫فيمكن للعصبة كاألخ ألبوين أو ألب أن يرث المال كله‪ ،‬ويحجب من كان أبعد منه‪،‬‬

‫لكن الميراث عن طريق اإلناث ال يصل إلى قوة التعصيب‪ ،‬فيأخذ فرضه فقط‪ ،‬وال يقوى‬

‫على حجب غيره حجباً كامالً‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬قوله تعالى‪ (:‬يوصي بها)‪.‬‬

‫وردت الوصية في آيات المواريث أربع مرات‪ ،‬مرة بعد ذكر نصيب األوالد والوالدين‪،‬‬

‫ووردت عقب ذكر نصيب األزواج‪ ،‬ثم بعد ذكر نصيب الزوجات ثم بعد الكاللة‪ ،‬ومن‬

‫الدالالت هذا التعبير القرآني ما يأتي‪:‬‬

‫قسمة التركة بين الورثة ال تكون إال بعد إخراج الوصية‪.‬‬ ‫‪-٠‬‬

‫يد ّل ذكرها على أن الوصية ملتصقة بالمكلف فجاءت بعد ذكر كل صنف من‬ ‫‪-٢‬‬

‫مما يد ّل على ّأنه ينبغي االهتمام بها‪ ،‬والمحافظة عليها‪ ،‬وتنفيذها‪ ،‬قال‬
‫أصناف الورثة‪ّ ،‬‬

‫صلّى اهلل عليه وسلم‪" :‬ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به إن يبيت ليلتين إال‬

‫وصيته مكتوبة عنده"(‪.)٢‬‬

‫أخرجه البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الفرائض‪ ،‬باب ميراث الولد من أبيه وأمه حديث رقم ‪ ،4132‬مسلم صحيح المسلم‪ ،‬كتاب‬ ‫‪.1‬‬
‫الفرائض‪ ،‬حديث رقم ‪.1415‬‬
‫أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب الوصايا‪ ،‬الباب األول‪ ،‬حديث رقم ‪.2132‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪142‬‬
‫يتوهم َّ‬
‫أن المراد الوصية التي كانت‬ ‫ّ‬ ‫قوله تعالى‪" :‬يوصي بها"‪ ،‬فجاءت لئال‬ ‫‪-٢‬‬

‫مفروضة قبل شرع الفرائض(‪.)٠‬‬

‫وهم ّأنهم ممنوعات من اإليصاء‬


‫قوله تعالى‪" :‬يوصين بها"‪ ،‬جاءت لدفع التّ ّ‬ ‫‪-4‬‬

‫والتداين كما كان الحال في الجاهلية‪ ،‬وذكرها بعد ذكر نصيب النساء توصون بها أو‬

‫دين‪ ،‬ليدل على أن الميراث ال يكون إال بعد إخراج الوصية‪.‬‬

‫فائدة الوصف يوصى بها‪ :‬للترغيب بالوصية والندب إليها(‪.)٢‬‬ ‫‪-7‬‬

‫مضار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المطلب السادس‪ :‬قوله تعالى‪ :‬غير‬

‫الضرر‪ ،‬وال صفته‪ ،‬وال الجهة التي‬


‫مضار مطلقاً فلم يذكر نوع ّ‬
‫ّ‬ ‫جاء التعبير القرآني غير‬

‫الضرر‪ ،‬ليجتنب الموصي أي صورة من صور الضرر‪ ،‬فال يوصي لمحرم‪،‬‬


‫يلحق بها ّ‬

‫أو لمعصية‪ ،‬وال يوصي بمحرم أو بمعصية‪ ،‬وال يقصد بوصيته اإلضرار بأحد‪ ،‬فإن‬

‫الوصية بشيء من ذلك ضرر يلحقه هو‪ ،‬أو يلحق األسرة أو المجتمع‪ ،‬وال يوصي بما‬

‫يزيد عن الثلث؛ ألن الرسول صلّى اهلل عليه وسلم حدد ذلك فقال‪" :‬الثلث والثلث بأن‬

‫يكون باعثه على الوصية إنقاص حصة الورثة فقد جاء التعبير القرآني شامالً لكل ذلك‪.‬‬

‫(‪)٢‬‬
‫بحق ليس‬
‫يقر ّ‬
‫كأن ّ‬
‫قال ابن عطية ‪" :‬ووجوه المضارة كثيرة ال تنحصر وكلها ممنوعة‪ْ ..‬‬

‫عليه‪ ،‬أو يوصي بأكثر من ثلثه‪ ،‬أو لوارثه‪ ،‬أو بالثلث ف ار اًر عن وارث محتاج‪ ،‬وغير‬

‫ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ ،‬ج‪241 ،0‬‬ ‫‪.1‬‬


‫اآللوسي‪ ،‬روح المعاني‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.019‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سبق تخريجه ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪149‬‬
‫ذلك‪ .‬وفي المذهب قول‪" :‬إن المضارة ترد وان كانت في الثلث‪ ،‬إذا علمت بإقرار أو‬

‫قرينة‪ ،‬ويؤيد هذا قوله تعالى‪( :‬فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم) ]‪:٠8٢‬‬

‫البقرة[‪.‬‬

‫أقر بدين والحال أنه لم يأخذ ممن أقر له شيئاً‪ ،‬ألجل مضارة الورثة‪ ،‬فهذا معصية‪،‬‬
‫ولو ّ‬

‫أو يبيع بثمن رخيص للتنقيص على الورثة‪ ،‬أو إذا زاد عن الثلث‪ ،‬وعن ابن عباس َّ‬
‫أن‬

‫اإلضرار بالوصية من الكبائر(‪.)٠‬‬

‫وأخرج أحمد وأبو داوود والترمذي عن أبي هريرة رضي اله عنهم مرفوعاً‪َّ :‬‬
‫"إن الرجل‬

‫ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة ‪ ،‬فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله‬

‫فيدخل النار‪ ،‬وا ّن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له‬

‫بخير عمله فيدخل الجنة(‪.)٢‬‬

‫الضرر منه ما هو ظاهر حدده الشرع كالزيادة عن الثلث‪ ،‬ومنه ما هو متعلق بقصد‬
‫و ّ‬

‫الموصي‪ ،‬كقصده اإلنقاص من حصة الوارثة‪ ،‬وهذا النوع إن دل عليه أمر ظاهر بطلت‬

‫الوصية(‪.)٢‬‬

‫فجاء التعبير يحمل داللة بطالن وصية اإلضرار إذا دل عليها دليل ظاهر ألن النهي‬

‫يدل على الفساد‪ ،‬وألن الضرر مرفوع في الشريعة‪ ،‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫"ال ضرر وال ضرار"(‪.)٠‬‬

‫الرازي‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪ ،122‬حاشية القوجوي‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،212‬وانظر‪ :‬رشيد رضا‪ ،‬تفسير المنار‪ ،‬ج‪،0‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ص ‪ ،025‬األلوسي‪ ،‬روح المعاني‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.031‬‬
‫أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب الوصايا‪ ،‬حديث ‪ ، 2240‬وأخرجه الترمذي‪ ،‬أبواب الوصايا‪ ،‬الباب الثاني‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.244‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪114‬‬
‫ثانيا‪ :‬دراسة أحاديث المواريث داللياً‬
‫ً‬

‫اختيار لفظتي " المسلم" و"الكافر"‪:‬‬

‫يرث‬
‫الكافر‪ ،‬وال ُ‬
‫َ‬ ‫المسلم‬
‫ُ‬ ‫ورد في الحديث الشريف قوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ال يرث‬

‫المقصود من هذا الحديث واضح‪ ،‬إال أنه يتعين على المعهود‬


‫َ‬ ‫الكافر المسلم"‪ .‬ومع أن‬
‫ُ‬

‫يعرف المقصود من داللة لفظة "مسلم" وداللة لفظة "كافر"‪،‬‬


‫َ‬ ‫أن‬
‫إليه توزيع قسمة الميراث ْ‬

‫أن َّ‬
‫نعد الميت أو‬ ‫إ ْذ َّ‬
‫إن تحديد داللة كل من هاتين اللفظتين ضروري لمعرفة متى يمكن ْ‬

‫من‬
‫أن يكون دقيقاً ألن ْ‬
‫الذي له نصيب من الميراث مسلماً أو كاف اًر‪ ،‬وهذا التحديد ينبغي ْ‬

‫أن يرث نصيبه أو حرمانه منه‪.‬‬


‫أن يكون سبباً في إعطاء ما من حقّه ْ‬
‫شأنه ْ‬

‫فر بمنظار الشريعة اإلسالمية؟‪.‬‬


‫ومن هو الكا ُ‬
‫فَ َم ْن هو المسلم؟ ْ‬

‫ٍ‬
‫معان كثيرة‪ :‬منها المستسلم‪ ،‬والمستسلم لغيره ُيقال له مسلم‪،‬‬ ‫المسلم لغة يطلق على‬
‫ُ‬

‫آمَّنا قُ ْل لَ ْم تُ ْؤ ِم ُنوا َولَ ِك ْن قُولُوا‬


‫اب َ‬ ‫ومنه على أحد التفسيرين قوله تعالى‪( :‬قَالَ ِت ْاأل ْ‬
‫َع َر ُ‬
‫(‪)٢‬‬
‫أي قولوا‪ :‬استسلمنا‪ ،‬ولم نقاتلكم‪.‬‬ ‫َسلَ ْمَنا)‪.‬‬
‫أْ‬

‫اإلسالم هلل‬
‫ُ‬ ‫والقول الثاني في اآلية يبين تعريف المسلم اصطالحا‪ :‬إن المراد باإلسالم‬

‫عز وج ّل وهو الصحيح‪.‬‬


‫ّ‬

‫أخرجه ابن ماجه‪ ،‬كتاب األحكام‪ ،‬باب رقم ‪ ،11‬حديث رقم ‪ ، 2304‬وأحمد قي مسنده‪ ،‬وانظر الجامع الصغير في شرح أحاديث‬ ‫‪.1‬‬
‫البشير النذير‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪( ،‬ط‪ ، )0‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،243‬ورمز له السيوطي بالحسن‪.‬‬
‫سورة الحجرات ‪ ،‬اآلية (‪. )10‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪111‬‬
‫ولتوضيح القول الثاني يطلق اإلسالم على األصول الخمسة التي بينها النبي صلى اهلل‬

‫عليه وسلم لجبريل عليه السالم حين سأله ع ن اإلسالم‪ ،‬فقال‪" :‬أن تشهد أن ال إله إال‬

‫اهلل وأن محمداً رسول اهلل‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتؤتي الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‪ ،‬وتحج‬

‫(‪)٠‬‬
‫البيت"‪.‬‬

‫ويطلق اإلسالم على السالمة‪ ،‬يعني أن يسلم الناس من شر اإلنسان‪ ،‬فيقال‪ :‬أسلم‬

‫بمعنى دخل في السلم أي المسالمة للناس‪ ،‬بحيث ال يؤذي الناس‪ ،‬ومنه الحديث‪:‬‬

‫"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"‪.‬‬

‫وفي حديث جبريل عليه السالم‪ ..." :‬وقال يا محمد أخبرني عن اإلسالم؟ فقال رسول‬

‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬اإلسالم أن تشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأن محمداً رسول اهلل‬

‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتؤتي الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‪ ،‬وتحج البيت إن‬

‫استطعت إليه سبيال ‪ ،‬قال صدقت‪.٢"...‬‬

‫واذا اعتمدنا هذا الحديث الشريف لتحديد المسلم من غير المسلم‪ ،‬وعدم اعتبار المسلم‬

‫مسلما إال في حال أقام أركان اإلسالم الخمسة ما ْلم تسقط عنه فريضة‪ ،‬فإن هذا‬
‫ً‬

‫التحديد ُيدخ ُل َم ْن يو َك ُل إليه توزيع الميراث في حيص بيص‪ ،‬ويؤدي إلى كثرة النزاعات‬

‫في المجتمع‪ ،‬وما تكفل اهلل وضع أحكام المواريث‪ ،‬وتحديد األنصبة بنفسه إال ليحفظ‬

‫للمجتمع اإلسالمي توازنه‪ ،‬وقوته‪ ،‬ولذلك فإن المسلم المقصود من هذا الحديث إنما هو‬

‫أخرجه البخاري برقم (‪ ، )54‬باب سؤال جبريل النبي عن اإليمان واإلسالم واإلحسان وعلم الساعة‪ ،‬وأخرجه مسلم في اإليمان برقم‬ ‫‪.1‬‬
‫(‪ ، ) 2‬باب بيان اإليمان واإلسالم واإلحسان ووجوب اإليمان بإثبات قدر هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫رواه مسلم برقم (‪ ، )2‬باب بيان اإليمان واإلسالم واإلحسان ووجوب اإليمان بإثبات قدر هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪112‬‬
‫الذي يشهد أن ال إله إال اهلل وأن محمدا رسول اهلل ومن ينتمي إلى دين اإلسالم‪ ،‬وال‬

‫نكر أركان اإلسالم وا ْن كان ُمقص ار في أداء بعضها‪.‬‬


‫ُي ُ‬

‫عن أنس رض ي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل‬

‫قال‪" :‬يا معاذ بن جبل" قال‪ :‬لبيك يا رسول اهلل وسعديك ثالثاً قال‪" :‬ما من أحد يشهد أن‬

‫(‪)٠‬‬
‫ال إله إال اهلل وأن محمداً رسول اهلل صادقاً من قلبه إال َح َّرمه اهلل على النار"‪.‬‬

‫اختيار لفظة "ذكر"‪:‬‬

‫بقي فهو ألولى رجل‬


‫قال الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ألحقوا الفرائض بأهلها‪ ،‬فما َ‬
‫‪٢‬‬
‫لم ْن سواهم من العصبة‬
‫َ‬ ‫ائض‬
‫ر‬ ‫الف‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫أه‬ ‫ب‬ ‫حج‬‫ي‬ ‫أن‬
‫ْ َ ُ َ‬ ‫الحديث‬ ‫بهذا‬ ‫ب‬ ‫ج‬‫"و‬
‫ََ َ‬ ‫وقد‬ ‫‪.‬‬ ‫ذكر"‬

‫أن يحجب‬
‫لم ْن دونه‪ ،‬لقوله ألولى رجل‪ ،‬و ْ‬
‫يحجب األقرب من العصبة َ‬
‫أن ُ‬‫واألقارب‪ ،‬و ْ‬

‫شقيق األب ألخيه من األب‪ ،‬وكذلك ابن‬


‫ُ‬ ‫الشقيق من اإلخوة لألخ من األب‪ ،‬وكذلك العم‬

‫العم وابن األخ على هذه الرتبة‪.٢"..‬‬

‫وردت فيه ال سيما‬


‫ْ‬ ‫تناسب السياق الذي‬
‫ُ‬ ‫غير أن لفظة "ذكر" تبدو في ظاهر األمر ال‬

‫أن يكون الرج ُل ذك اًر‪ .‬فما الذي أضافته‬


‫وردت بعد لفظة "رجل"؛ إ ْذ من البديهي ْ‬
‫ْ‬ ‫أنها‬

‫صادر من فم َم ْن أوتي جوامع‬


‫ٌ‬ ‫لفظة "ذكر" في سياق الحديث الشريف‪ ،‬ال سيما أنه‬

‫اختصارا؟‪.‬‬
‫ً‬ ‫صر له الكالم‬
‫اختُ َ‬
‫ومن ْ‬
‫الكلم‪ْ ،‬‬

‫رواه البخاري في كتاب اللباس (‪ ، )5941‬وفي كتاب االستئذان (‪ ، )4241‬وفي كتاب الرقاق برقم (‪ ، )4544‬ومسلم في كتاب‬ ‫‪.1‬‬
‫اإليمان برقم (‪ )102‬و (‪. )103‬‬
‫سبق تخريج الحديث‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫السهيلي‪ :‬الفرائض‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪113‬‬
‫ويرى السهيلي أن الذين فهموا من "ألولى رجل ذكر" أي أقرب الرجال من الميت‬

‫وأقعدهم أي أقربهم إليه من الجد األكبر غير صحيح‪ ،‬كما أنه ال يرى أن قوله "ذكر"‬

‫نعني به ال َّر ُجل‪ .‬واستُِد َّل على عدم صحة هذا التأويل من ثالثة أوجه‪" :‬أحدهما‪ :‬عدم‬

‫أن يكون رجل إال وهو ذكر‪ ،‬ويجل رسول‬


‫الفائدة في وصف رجل بذكر؛ إ ْذ ال ُيتصور ْ‬

‫أن يتكلم بما هو حشو من الكالم‪ ،‬ليس فيه فائدة وال تحته‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن ْ‬

‫فقه‪ ،‬وال يتعلق به حكم‪.‬‬

‫ولم يكن فيه بيان لحكم‬


‫الوجه الثاني‪ :‬أنه لو كان كما تأولوه لنقص فقه الحديث‪ْ ،‬‬

‫الطفل الرضيع الذي هو ليس برجل؛ وقد علم أن الميراث يجب لألقعد وان كان ابن‬

‫رج ٌل إال للبالغ‪ ،‬فما فائدة تخصيصه بالبيان دون‬


‫ساعة‪ ،‬وال ُيقال في ُع ْرف اللغة ُ‬

‫الصغير؟!‪.‬‬

‫والوجه الثالث‪ :‬أن الحديث إنما ورد لبيان من يجب له الميراث من القرابة بعد‬

‫يكن فيه بيان لقرابة األم‪ ،‬والتفرقة بينهم وبين‬


‫أصحاب السهام‪ ،‬فلو كان كما تأولوه لم ْ‬

‫عث _عليه السالم_ ليبين للناس ما‬


‫يفيد بياناً‪ ،‬وانما ُب َ‬
‫الحديث مجمالً ال ُ‬
‫ُ‬ ‫قرابة األب؛ فبقي‬

‫نز َل إليه ْم"‪.٠‬‬

‫يد القريب األقرب‬


‫وفسر السهيلي قوله صلى اهلل عليه وسلم "أولى رجل ذكر" بأنه "ير ُ‬

‫وص ْلب‪ ،‬ال من قبل بطن ورحم‪ .‬فاألولى أولى‬


‫في النسب الذي قرابته من قبل رجل ُ‬

‫الميت‪ ،‬فهو مضاف إليه في المعنى دون اللفظ إضافة نسب‪ ،‬وهو في اللفظ مضاف إلى‬

‫السهيلي‪ :‬الفرائض‪ ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪110‬‬
‫السبب وهو الصلب‪ ،‬وعبر عن الصلب بقوله "أولى رجل"؛ ألن الصلب ال يكون ولداً وال‬

‫رجال‪ .‬وأفاد بقوله "أولى رجل" _يريد القريب األقرب_ نفي الميراث عن‬
‫سيما حتى يكون ً‬

‫األولى الذي هو من قبيل األم كالخال؛ ألن الخال أولى الميت والية بطن ال والية‬

‫صلب‪ .‬وأفاد بقوله "ذكر" نفي الميراث عن النساء وان يكن من األولين بالميت من قبل‬

‫صلب ألنهن إناث؛ فذكر نعت ألولى‪ ،‬ولما كان مخفوضاً في اللفظ حسب أنه نعت‬

‫‪٠‬‬
‫لرجل"‪.‬‬

‫السهيلي‪ :‬الفرائض ‪ ،‬ص ‪.24-25‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪115‬‬
‫نتائج البحث‬

‫أهمها‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫مجموعة من النتائج‪ ،‬نذكر َّ‬ ‫البحث إلى‬ ‫ص‬
‫ُ‬ ‫َخلُ َ‬

‫الرحمة‪ ،‬ويقوم‬ ‫بعيدا َّ‬


‫كل البعد ِ‬
‫الدقّة و ّ‬
‫عن العدل واإلنصاف و ّ‬ ‫ارث قب َل اإلسالم ً‬
‫كان التّو ُ‬
‫‪َ -‬‬

‫النساء واألطفال من اإلرث‪،‬‬


‫القبلية‪ ،‬وكانوا يحرمون ّ‬
‫ّ‬ ‫العصبية‬
‫ّ‬ ‫الجاهلية و‬
‫ّ‬ ‫النعرات‬
‫على ّ‬

‫حق الضعفاء‪ :‬النساء واألطفال‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫نصف راعى فيه ّ‬‫وم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنظام دقي ٍ‬
‫ق وعادل ُ‬ ‫اإلسالم‬
‫ُ‬ ‫فجاء‬

‫محكوما بالرحمة اإللهية في َن َس ٍ‬


‫ق من الدقّة ما ال يتأتّى لبشر أو‬ ‫ً‬ ‫يع الميراث‬
‫وجعل توز َ‬
‫َ‬

‫يأتي بمثله‪.‬‬
‫قانون أن َ‬

‫حق النساء‪،‬‬
‫إجحاف في ّ‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬ليس في إعطاء ال ّذكر مثل حظ األنثيين في توزيع التركة‪،‬‬

‫قمة اإلنصاف والرحمة والعدالة‪ ،‬ولم ُي ِ‬


‫كرم المرأةَ‬ ‫يدعي أعداء اإلسالم‪ ،‬بل في ذلك ّ‬
‫كما ّ‬

‫الم جعل للمرأة كما الرجل‬


‫دين أو ف ٌكر أو عقيدة أو فلسفة كما أكرمها اإلسالم؛ فاإلس ُ‬
‫ٌ‬

‫اإلسالم جعل‬
‫ُ‬ ‫أن كانت في الجاهلية من سقط المتاع‪ ،‬وا ْن كان‬
‫نصيبا في الميراث‪ ،‬بعد ْ‬
‫ً‬

‫ألن ه رفع عنها في المقابل عبء اإلنفاق ومشقة‬


‫نصف مقدار نصيب الرجل‪ ،‬ف ّ‬
‫َ‬ ‫نصيبها‬
‫َ‬

‫غنية‪ ،‬ميسورةَ‬
‫العمل‪ ،‬ولم يكلّ ْفها بشيء من ذلك في حال من األحوال‪ ،‬حتى لو كانت ّ‬

‫الرجل‬
‫النفقة عليها واجبة على زوجها وأوالدها أو َم ْن يقوم مقامهما‪ ،‬وتفضيل ّ‬
‫الحال‪ ،‬و ّ‬

‫ردا في حاالت الميراث جميعها‪.‬‬


‫على المرأة في الميراث ليس مطّ ً‬

‫طهََّرِة‪ ،‬واجماع‬
‫الم َ‬ ‫الن ّ ِ‬ ‫آن الكر ِيم‪ ،‬والس ِ‬ ‫علم الموار ِ‬
‫يث من القر ِ‬ ‫مد أحكام ِ‬
‫تُستَ ُّ‬
‫بوية ُ‬ ‫نة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪-‬‬

‫ِ‬
‫المسائل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫الصحابة‪ ،‬واجتهاداتِ ِه ْم في‬

‫‪114‬‬
‫ت‬ ‫ت ٍ‬
‫آيات‪َ ،‬وَرَد ْ‬ ‫ومجموعها ِس ُّ‬ ‫فصلة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وم ّ‬
‫‪ -‬آيات الميراث في القرآن الكريم نوعان‪ُ :‬مجملة ُ‬

‫المفصلة فهي اآليات‬


‫ّ‬ ‫فأما اآليات‬
‫النساء‪ ،‬وآيةٌ في سورة األنفال‪ّ .‬‬
‫َخ ْم ٌس منها في سورة ّ‬

‫أما اآليات المجملة فهما اآليتان ‪ 7‬و ‪ 8‬من سورة‬


‫النساء‪ ،‬و ّ‬
‫‪ ،٠٠‬و‪ ،٠٢‬و‪ ٠71‬من سورة ّ‬

‫النساء‪ ،‬واآلية ‪ 77‬من سورة األنفال‪.‬‬

‫إن ثالثةَ ٍ‬
‫آيات من سورة‬ ‫قمة في البالغة واإلعجاز‪ ،‬حيث َّ‬
‫‪ -‬آيات الميراث في القرآن ّ‬

‫معظم قواعد علم الميراث‪ ،‬واستنبطَ الفقهاء منها مسائل كثيرة ومتنوعة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫وضع ْ‬
‫َ‬ ‫النساء‬
‫ّ‬

‫مقدار نصيبه‪ ،‬أو‬


‫َ‬ ‫آن‬
‫مستحق لإلرث من أصحاب الفروض ّإال وذكر القر ُ‬
‫ّ‬ ‫وليس ثمة‬

‫ورد في سياق بليغ‬ ‫يستنتج من اآليات ما َّ‬


‫حد َدتْه له الشريعة‪ ،‬ك ّل ذلك َ‬ ‫َ‬ ‫يمكن للفقيه أن‬
‫ُ‬

‫ٍ‬
‫اختالل في بالغة ال‬ ‫دون‬ ‫متناغم مع اآليات التي قبلها‪ ،‬و ِ‬
‫ٍ‬
‫بعدها َ‬
‫اآليات التي َ‬ ‫ُمعجز‪،‬‬

‫تتأتى إال ٍّ‬


‫لرب قدير‪.‬‬

‫ت عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وفيها‬


‫قولية َوَرَد ْ‬
‫‪ -‬أحاديث الميراث نوعان‪ :‬أحاديث ّ‬

‫تبيان أحكام سكت عنها القرآن‪ ،‬أو فيها تفصي ٌل ألحكام أوردها القرآن‪ ،‬كما أوردت السنة‬

‫أحاديث حثت على تعلّم علم الفرائض‪ ،‬وتبيان أهميته‪ .‬ومن أحاديث الميراث ما جاء‬

‫مما قضى فيه بتوزيع الميراث‬


‫بي صلّى اهلل عليه وسلّم ّ‬
‫الن ّ‬
‫فعلية أو تقريرّية عن ّ‬
‫سنةً ّ‬
‫ّ‬

‫بنفسه‪.‬‬

‫يستقيم به‬ ‫معنى ال‬ ‫كل حرف من حروف المعاني في القرآن الكريم ُّ‬
‫يدل على ً‬ ‫ورد ُّ‬
‫‪َ -‬‬
‫ُ‬

‫شرع سبحانه وتعالى؛ فداللة‬


‫الم ّ‬
‫غيره‪ ،‬ولو استقام فال يؤدي المعنى الدقيق الذي أراده ُ‬

‫‪111‬‬
‫توه ُم أنه ال يختلف عن‬
‫قد ُي ّ‬
‫حرف الجر (في) في قوله تعالى (يوصيكم اهلل في أوالدكم)‪ْ ،‬‬

‫استخدام حرف الجر الباء لتصبح (يوصيكم اهلل بأوالدكم) ال سيما أن مادة الوصية‬

‫الموضع إال مصحوبة بالباء‪ .‬غير أن‬


‫ِ‬ ‫والفعل وصى لم ِ‬
‫تأت في القرآن في غير هذا‬

‫أن تكون مغروسةً‬


‫الوصية ْ‬
‫ّ‬ ‫المشرع ههنا استخدم حرف الجر (في) في الوصية ألنه أراد‬
‫ِّ‬

‫أيت الظّرف وهو الولد ذكرت الوصية ‪ ،‬وحرف الجر (في)‬


‫ومثبتة في األوالد؛ فكلّما ر َ‬
‫ّ‬

‫ومتغلغال‬
‫ً‬ ‫داخال‬
‫ً‬ ‫الموصى به‬
‫َ‬ ‫يفيد معنى أقوى من باء اإللصاق‪ ،‬إ ْذ جعلت في هذا السياق‬

‫الموصى له‪ ،‬كأن الوصية داخلة في اجزائه‪.‬‬


‫َ‬ ‫في أجزاء‬

‫االسمية‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫الجمل‬ ‫‪ -‬من خالل استقراء الجمل في آيات الميراث‪َّ ،‬‬
‫تبي َن للباحث غلبةَ‬

‫الوصية ما‬
‫ّ‬ ‫أمر ُم َّبرر ومنطقي َّ‬
‫ألن أحكام الميراث و‬ ‫الفعلية‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ّ‬ ‫رطية على الجمل‬
‫وال ّش ّ‬
‫ّ‬

‫تستقر فيه هذه األحكام هي الجمل‬


‫ُّ‬ ‫خير قالَ ٍب‬ ‫انين ثابتةٌ ‪ ،‬ولذلك َّ‬
‫فإن َ‬ ‫أحكام وقو ُ‬
‫ٌ‬ ‫هي إال‬

‫االسمية‪.‬‬
‫ّ‬

‫النسبة التي يستحقّها ك ّل وارث‪،‬‬


‫تحديد المستفيدين من الميراث‪ ،‬وتحديد ّ‬
‫َ‬ ‫وبما أن‬

‫اسمي ٍة فحسب‪ّ ،‬‬


‫ألنه وا ْن يكن‬ ‫ٍ‬
‫بجمل ّ‬ ‫مرتبطٌ بشروط‪ ،‬فإنه ال يمكن صياغةُ أحكام الميراث‬

‫ك أحكام ًا‬
‫فإن هنا َ‬ ‫ٍ‬
‫بشكل عام‪َّ ،‬‬ ‫النساء‬
‫الرجال و ّ‬
‫ثمة أحكام ثابتة في الميراث كعموم ميراث ّ‬
‫ّ‬

‫يعرض أحكام الميراث وقوانينه‪،‬‬


‫َ‬ ‫رطية لكي‬
‫استخدم القرآن الجمل ال ّش ّ‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫مشروطة‪ ،‬ولذل َ‬

‫بعض الجمل االسمية جاءت مشروطة‪ ،‬وجاء جواب ال ّشرط محذوفًا يد ّل سياق‬
‫َ‬ ‫كما َّ‬
‫أن‬

‫االسمية على ما ُح ِذ َ‬
‫ف منه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الجملة‬

‫‪112‬‬
‫ولم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الفعلية في آيات الميراث‪ ،‬إال بشكل محدود‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫السياق القرآني الجمل‬
‫‪ْ -‬لم يستخدم ّ‬

‫إما في مسته ّل‬


‫غالبا ّ‬
‫الفعلية في صميم أحكام الميراث وقوانينه‪ ،‬إنما كانت ً‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫تكن الجمل‬

‫الفعلية‬
‫ّ‬ ‫وغالبا ما كانت أفعاالً مضارعة‪ .‬ومن المعروف َّ‬
‫أن الجمل‬ ‫ً‬ ‫اآلية‪ ،‬أو في نهايتها‪،‬‬

‫يشرعها اهلل في زمن نزول‬ ‫المضارعة ُّ‬


‫تدل على التجدد‪ ،‬و َّ‬
‫الوصية ْلم ّ‬
‫ّ‬ ‫أن أحكام الميراث و‬

‫أي ٍ‬
‫مكان وزمان‪.‬‬ ‫عت َّ‬
‫لتطبق منذ نزولها في ِّ‬ ‫شر ْ‬
‫اآليات فحسب‪ ،‬لكنها ِّ‬

‫‪ -‬بعد استقراء الباحث للجمل االسمية التي وردت في آيات الميراث‪ ،‬وجدها قد جاءت‬

‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫في ثالثة مواضع‪ :‬في فواصل اآليات‪ ،‬ويمكن تقسيمها قسمين‪ :‬فواصل تصف‬

‫لهذه األحكام‪ ،‬وفواصل تصف عاقبة الملتزمين بحدود اهلل‪ ،‬والمخالفين لها‪ ،‬وفي الموضع‬

‫جمال اسمية عامة في أحكتم الميراث‪ ،‬ووردت في الموضع الثالث اسمية‬


‫وردت ً‬
‫ْ‬ ‫الثاني‬

‫إنما ُم ّقيدة بشرط‪.‬‬

‫جاءت معظمها في صدر‬


‫ْ‬ ‫ِ‬
‫أحكام الميراث‪ّ ،‬إنما‬ ‫ِ‬
‫صلب‬ ‫الفعلية لم ِ‬
‫تأت في‬ ‫‪ -‬الجمل‬
‫ّ ْ‬

‫الفعلية محذوفة الفعل‪،‬‬


‫ّ‬ ‫وقد جاءت بعض الجمل‬
‫فصيلية‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫اآليات‪ ،‬أو بعد ذكر األحكام التّ‬

‫الفعلية‬ ‫ِ‬
‫الجمل‬ ‫من‬
‫يرد َ‬
‫ولم ْ‬ ‫عية َّ‬
‫ّ‬ ‫الدوام‪ْ ،‬‬
‫لتدل على الثّبات و ّ‬ ‫معظم الجمل مضار ّ‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫وورد ْ‬
‫َ‬

‫المفسرون والفقهاء على ّأنهما منسوختان‪.‬‬


‫ّ‬ ‫فق‬
‫الماضية سوى جملتين‪ ،‬يكاد يتّ ُ‬

‫تسع َة‬ ‫بع آيات من ِ‬


‫ت في سورة النساء‪َ ،‬‬
‫آيات الميراث التي َوَرَد ْ‬ ‫‪ -‬أحصى الباحث في أر ِ‬

‫استخد َم‬
‫َ‬ ‫خلص إلى النتائج اآلتية‪:‬‬
‫َ‬ ‫عشر جملةً شرطية‪ ،‬وبعد تتبعه للظواهر النحوية‪،‬‬
‫َ‬

‫(م ْن)‪ ،‬وظرف‬


‫بع أدوات للشرط‪ ،‬ليس غير‪ ،‬اسم جازم وهو َ‬
‫القرآن في آيات المواريث‪ ،‬أر َ‬

‫لما ُيستقبل من الزمان يتضمن معنى الشرط‪ ،‬وهو (إذا)‪ ،‬وحرفان‪ ،‬أحدهما جازم وهو‬
‫‪119‬‬
‫(م ْن) الشرطية فقد وردت في موضعين و(إذا)‬
‫فأما َ‬
‫(إن)‪ ،‬وآخر غير جازم وهو (لو)‪ّ .‬‬
‫ْ‬

‫(إن) في بقية المواضع‪ ،‬أي في ستةَ‬ ‫و(لو)‪ ،‬ورد ٌّ‬


‫كل منها في موضع واحد‪ ،‬ووردت ْ‬

‫ك‬
‫ض لمعنى الشرط بحيث ال تنف ّ‬
‫تتمح ُ‬
‫ّ‬ ‫موضعا َّ‬
‫ألن هذه األداة هي الوحيدة التي‬ ‫ً‬ ‫عشر‬

‫رطي بها‪ ،‬وهي تدخل في‬


‫تعبر عن غيره‪ ،‬والطّراد التركيب ال ّش ّ‬
‫عنه في االستعمال‪ ،‬وال ّ‬

‫األغلب على شرط غير ُمتيقن حدوثه‪.‬‬

‫أدى أهدافاً وحكماً كثيرة‪ ،‬فلو استعمل بدل يوصيكم يأمركم‪،‬‬


‫‪ -‬استعمال الكلمة القرآنية قد ّ‬

‫أو يفرض عليكم‪ ،‬أو كتب عليكم‪ ،‬لغابت أحكام كثيرة كما ذكرنا من بيان الرحمة‬

‫تطبيق هذه األحكام يص ُل فيه المكلَّف‬


‫َ‬ ‫أن‬
‫الربانية‪ ،‬وأن اهلل أرحم باألوالد من آبائهم بهم‪ ،‬و ّ‬

‫دنياه بآخرته‪ ،‬وتنفيذ هذه األحكام يجعل صاحبه مأجو اًر على عمله بعد وفاته‪ ،‬وغيرها‬

‫من المقاصد‪ ،‬وكذلك األمر في كلمات قرآنية كثيرة مبينة في البحث‪.‬‬

‫المحددة دون غيرها‪ ،‬كاستخدام‬


‫ّ‬ ‫الباحث دقّةَ األداء القرآني في اختيار األلفاظ‬
‫ُ‬ ‫‪ّ -‬بين‬

‫العب َد‬
‫الرضاعة والولد ْ‬
‫من ّ‬‫االبن َ‬
‫أن َ‬ ‫المشرع لفظة (أوالدكم) وليس (أبنائكم) ليد ّل في ذلك َّ‬
‫ِّ‬

‫المعرفة باإلضافة‪ ،‬وكونها تشم ُل‬


‫ّ‬ ‫ليس له نصيب من الميراث‪ ،‬وما تفيده لفظة (أوالدكم)‬

‫وكبارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫صغار‬
‫ًا‬ ‫جميع األوالد‬
‫َ‬

‫الجمهور في داللة الكاللة وهي ما خال الولد والوالد‪،‬‬


‫ُ‬ ‫ذهب إليه‬
‫َ‬ ‫الباحث ما‬
‫ُ‬ ‫رجح‬
‫‪ّ -‬‬

‫الجد من‬
‫األب و ّ‬
‫َ‬ ‫أي الذي ُيخرج‬
‫تبنى الر َ‬
‫ومنطقية‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬ ‫وفقهية‬
‫ّ‬ ‫لغوية‬
‫عتمدا على أدلّة ّ‬
‫ُم ً‬

‫ت‪.‬‬
‫الكاللة‪ ،‬والبنت وبنت االبن وا ْن نزلَ ْ‬
‫‪124‬‬
‫أحكاما ال يؤديها‬ ‫ٍ‬ ‫الباحث َّ‬
‫فقهي ًة ومعان َي و ً‬
‫دالالت ّ‬ ‫أن للعبارة القرآنية في اختيارها‬ ‫ُ‬ ‫‪ّ -‬بين‬

‫غيرها من العبارات والجمل؛ فعبارة (للذكر مثل حظ األنثيين) داللة على فضل اإلناث‪،‬‬

‫أردنا معرفة نصيب‬


‫المشرعُ نصيبهم في الميراث هو المعيار والمقياس‪ ،‬فإذا ْ‬
‫ّ‬ ‫حيث جع َل‬
‫ُ‬

‫أجابنا القرآن بمقدار حظ أنثيين‪.‬‬


‫الذكر‪َ ،‬‬

‫أن يكون‬ ‫الباحث دقّة اختيار األلفاظ والعبارات في أحاديث الميراث‪َّ ،‬‬
‫ورجح ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪ّ -‬بين‬

‫الكافر‬
‫ُ‬ ‫يرث‬
‫الكافر‪ ،‬وال ُ‬
‫َ‬ ‫المسلم‬
‫ُ‬ ‫يرث‬
‫مفهوم المسلم في قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ال ُ‬

‫نكر أركان‬ ‫المسلم" َّ‬


‫بأن المسلم هو الذي ينطق الشهادتين‪ ،‬وينتمي إلى اإلسالم‪ ،‬وال ُي ُ‬

‫قص ًار في أداء بعضها‪.‬‬


‫اإلسالم‪ ،‬وا ْن كان ُم ّ‬

‫‪121‬‬
‫المصادر والمراجع‬

‫‪ .1‬القرآن الكريم‪.‬‬

‫الفائض شرح عمدة الفارض‪ ،‬دار‬ ‫‪ .٢‬إبراهيم بن عبد اهلل الفرضي‪ :‬العذب‬

‫الفكر‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ٠٢94 ،٢‬هـ ‪ .‬ابن الجوزي‪ ،‬أبو الفرج عبد الرحمن‪ :‬زاد‬

‫المسير في علم التفسير‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪*.٠‬ابن حجر العسقالني‪،‬‬

‫أحمد بن علي‪ :‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد‬

‫الباقي‪ ،‬ومحب الدبن الخطيب‪ ،‬دار الريان للتراث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪٠4١9 ،٢‬هـ‪.‬‬

‫ابن دريد‪ :‬جمهرة اللغة‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫‪ .٢‬ابن سيده‪ :‬المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬طبعة المنظّمة العر ّبية للتّربية والثّقافة‬

‫والعلوم‪ ،‬معهد المخطوطات العر ّبية‪ ،‬القاهرة ‪.٢١١٢‬‬

‫‪ .4‬ابن عابدين‪ :‬رد المحتار على الدر المختار‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،٢‬‬

‫‪٠٢81‬هـ‪.‬‬

‫‪ .7‬ابن عربي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر‬

‫عطا‪ ،‬بيروت‪٠٢٢7 ،‬هـ‪*.‬ابن فارس‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تحقيق وضبط‬

‫عبد السالم هارون‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت (‪٠4٠٠‬هـ‪٠99٠-‬م)‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫‪ .1‬ابن كثير‪ ،‬الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي‪ :‬تفسير القرآن‬

‫العظيم‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد السالمة‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬اإلصدار‬

‫الثاني‪ ،‬ط‪٠،٠4٢٢‬هـ‪.‬‬

‫‪ .7‬ابن ماجه‪ :‬سنن ابن ماجه‪ ،‬دار السالم‪ ،‬الرياض ‪ ،‬ط‪ ٠4٠4 ،٠‬هـ‪.‬‬

‫‪ .8‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪ ، 1‬بيروت ‪.٠997‬‬

‫‪ .9‬ابن هشام‪ :‬مغني اللبيب‪ ،‬تحقيق المبارك وحمد اهلل‪ ،‬ج‪ ،٢‬دار الفكر‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫أ بو بكر بن حسن الكشناوي‪ :‬أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه‬ ‫‪.٠١‬‬

‫إمام األئمة مالك‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد السالم شاهين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪٠4٠7،٠‬هـ‪.‬أبو حيان‪ :‬التفسير الكبير المسمى البحر المحيط‬

‫وبهامشه تفسيران أحدهما الهر الماد من البحر ألبي حيان وكتاب الدر اللقيط‬

‫من البحر المحيط لتاج الدين ابن مكتوم‪،‬مكتبة ومطابع النصر الحديثة‪،‬‬

‫الرياض‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫‪ .٠٠‬أبو السعود‪ ،‬تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا‬

‫القرآن الكريم‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ .٠٢‬أبو عبيد القاسم بن سالم الهروي‪ :‬الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما‬

‫فيه من الفرائض والسنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن صالح المديفر‪ ،‬مكتبة الرشد‪،‬‬

‫الرياض‪ ،‬ط‪٠4٠8 ،٢‬هـ‪.‬‬

‫‪ .٠٢‬أحمد بن حنبل‪ :‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل بتحقيق أحمد شاكر‪ ،‬دار‬

‫المعارف‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.4‬‬

‫‪ .٠4‬الشيخ أحمد رضا‪ :‬معجم متن اللغة‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‬

‫(‪٠٢8١‬هـ‪٠91١-‬م)‪.‬‬

‫‪ .٠7‬السيد أحمد الهاشمي‪ :‬جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫‪ .٠1‬األلوسي‪ ،‬أبو الفضل شهاب الدين محمود‪ :‬روح المعاني في تفسير القرآن‬

‫العظيم والسبع المثاني‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫البروسوي‪ ،‬إسماعيل حقي‪ :‬تنوير األذهان من تفسير روح البيان‪،‬‬


‫ّ‬ ‫‪.٠7‬‬

‫اختصار وتحقيق‪ :‬الشيخ محمد علي الصابوني‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق(‪٠4١8‬هـ‪-‬‬

‫‪٠988‬م)‪.‬‬

‫‪ .٠8‬البيهق ي‪ ،‬أبو بكر أحمد بن الحسين‪ :‬سنن البيهقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد‬

‫العزيز الخالد‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ٠4٠4 ، ٠‬هـ‪.‬‬

‫‪ .٠9‬الجوهري‪ :‬الصحاح‪ ،‬دار الحضارة العربية‪ ،‬ط‪ ،٠‬بيروت‪٠977‬م‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪ .٢١‬حسن سعيد الكرمي‪ :‬الهادي إلى لغة العرب‪ ،‬دار لبنان للطباعة‬

‫والنشر‪،‬ط‪ ،٠‬بيروت (‪٠4٠٠‬هـ‪٠99٠-‬م)‪.‬‬

‫‪ .٢٠‬القاضي الشيخ حسين غزال‪ :‬الميراث على المذاهب األربعة دراسةً‬

‫وتطبيق ‪،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت (‪٠4٢4‬هـ‪٢١١٢-‬م) ط‪.٢‬‬


‫ً‬

‫الجامعية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مقدمة لدراسة علم اللغة‪ ،‬دار المعرفة‬
‫‪ .٢٢‬د‪ .‬حلمي خليل‪ّ :‬‬

‫‪٢١١‬الراغب األصفهاني‪ :‬مفردات ألفاظ القرآن‪ ،‬تحقيق‪ :‬صفوان الداوودي‪،‬‬

‫دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬والدار الشامية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪٠4٠7 ،٢‬هـ‪.‬‬

‫‪ .٢٢‬دوزي‪ ،‬رينهارت‪ :‬تكملة المعاجم العربية‪ ،‬نقله إلى العربية د‪.‬محمد سليم‬

‫النعيمي‪ ،‬دار الرشيد للنشر‪ ،‬بغداد‪.٠98٢‬‬

‫‪ .٢4‬الرازي‪ ،‬الفخر‪ :‬التفسير الكبير‪،‬المطبعة البهية المصرية‪ ،‬ط‪٠،٠٢77‬‬

‫هـ‪٠9٢8‬م‪.‬‬

‫‪ .٢7‬الرازي‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت (‪٠4١1‬هـ‪-‬‬

‫‪٠981‬م)‪.‬‬

‫‪ .٢1‬الزبيدي‪ ،‬مرتضى‪ :‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ :‬دار الفكر للطباعة‬

‫والنشر والتوزيع‪ ،‬دراسة وتحقيق علي شيري‪ ،‬بيروت ‪٠4٠4‬هـ‪٠994-‬م‪.‬‬

‫‪ .٢7‬الزجاج‪ :‬تهذيب معاني القرآن واعرابه‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ عرفان بن سليم‬

‫العشا حسونة‪ ،‬دار المكتبة العصرّية‪ ،‬ط‪ ،٠‬بيروت ‪.٢١١1‬‬


‫‪125‬‬
‫‪ .٢8‬الزجاج‪ ،‬أبو اسحق إبراهيم بن السَّري‪ :‬معاني القرآن واعرابه‪ ،‬شرح‬

‫وتحقيق د‪.‬عبد الجليل عبده شلبي‪ ،‬بيروت (‪٠4١8‬هـ‪٠988-‬م)‪.‬‬

‫‪ .٢9‬الزمخشري‪ :‬أساس البالغة‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪٠987‬‬

‫م‪.‬‬

‫‪ .٢١‬الزمخشري‪ -‬جار اهلل أبو القاسم محمود بن عمر‪ :‬الكشاف عن حقائق‬

‫غوامض التنزيل وعيون األقاويل‪ ،‬تحقيق وتعليق ودراسة‪ :‬الشيخ عادل عبد‬

‫الرياض‬ ‫العبيكان‪،‬‬ ‫ط‪،٠‬مكتبة‬ ‫معوض‪،‬‬ ‫علي‬ ‫الموجود‪-‬الشيخ‬

‫(‪٠4٠8‬هـ‪٠998‬م)‪.‬‬

‫العلمية‪ ،‬ط‪ ،٠‬بيروت ‪.٠999‬‬


‫ّ‬ ‫‪ .٢٠‬سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬دار الكتب‬

‫‪ .٢٢‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين و جالل الدين المحلي‪ :‬تفسير الجاللين بهامش‬

‫المصحف العثماني وقد ذيل بكتاب أسباب النزول للسيوطي‪ ،‬دار‬

‫الفيحاء‪،‬دمشق‪،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫‪ .٢٢‬الطبرسي‪ ،‬أبو علي الفضل بن الحسن‪ :‬مجمع البيان في تفسير القرآن‪،‬‬

‫دار مكتبة الحياة‪ ،‬المجلد‪،٢‬بيروت (‪٠٢8١‬هـ‪٠91٠-‬م)‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ .٢4‬الطبري‪ :‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن المسمى بتفسير الطبري‪،‬‬

‫تحقيق د‪.‬عبد اهلل بن عبد المحسن التركي‪ ،‬بالتعاون مع مركز البحوث‬

‫والدراسات العربية واإلسالمية بدار هجر‪ ،‬ط‪ ،٠‬القاهرة (‪٠4٢٢‬هـ‪٢١١٠-‬م)‪.‬‬

‫النحو الوافي‪،‬دار المعارف بمصر‪،‬ط‪ ،7‬القاهرة‪،‬ج ‪. ٠‬‬


‫‪ .٢7‬عباس حسن‪ّ :‬‬

‫النهضة العر ّبية‪ ،‬ط‪ ،٠‬بيروت‬


‫النحوي‪ ،‬دار ّ‬
‫الراجحي‪ :‬التّطبيق ّ‬
‫‪ .٢1‬د‪.‬عبده ّ‬

‫‪٢١١4.‬‬

‫النهضة العر ّبية‪ ،‬بيروت‬


‫الصرفي‪ ،‬دار ّ‬
‫ّ‬ ‫الراجحي‪ :‬التّطبيق‬
‫‪ .٢7‬د‪ .‬عبده ّ‬

‫‪.٠974‬‬

‫‪ .٢8‬عبد الرحمن بن عبد اهلل السهيلي‪ :‬الفرائض‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬إبراهيم البنا‪،‬‬

‫المكتبة الفيصلية‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪ ٠4١7 ،٢‬هـ‪.‬‬

‫‪ .٢9‬عبد الرحمن بن علي بن الجوزي‪ ،‬زاد المسير في علم التفسير‪ ،‬المكتب‬

‫اإلسالمي بيروت‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪٠4١7 ،4‬هـ ‪.‬‬

‫‪ .4١‬د‪ .‬عبد السالم المسدي‪ ،‬د‪ .‬محمد الهادي الطرابلسي‪ :‬ال ّشرط في القرآن‬

‫الوصفية‪ ،‬الدار العر ّبية للكتاب‪ ،‬ليبيا‪-‬تونس ‪.٠987‬‬


‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫على نهج‬

‫النهضة العر ّبية‪ ،‬بيروت ‪.٠987‬‬


‫‪ .4٠‬د‪ .‬عبد العزيز عتيق‪ :‬علم المعاني‪ ،‬دار ّ‬

‫‪ .4٢‬د‪ .‬عبد القادر جعفر‪ :‬مذكرة الميراث على مذهب اإلمام مالك‪ ،‬دار الكتب‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ٠4٢7 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫‪ .4٢‬عبد اهلل بن محمد الشنشوري‪ :‬الفوائد الشنشورية في شرح المنظومة‬

‫الرحبية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن سليمان البسام‪ ،‬دار عالم الفوائد‪ ،‬مكة المكرمة‪،‬‬

‫ط‪٠4٢٢ ،٠‬هـ‪.‬‬

‫‪ .44‬العكبري‪ ،‬أبو البقاء عبد اهلل بن الحسين‪ :‬التبيان في إعراب القرآن‪ ،‬وضع‬

‫حواشيه محمد حسين شمس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬ط‪ ،٠‬بيروت‬

‫(‪٠4٠9‬هـ‪٠998-‬م)‪.‬‬

‫‪ .47‬علي بن محمد الجرجاني‪ :‬التعريفات‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم األبياري‪ ،‬دار‬

‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪٠4٠٢ ،٢‬هـ‪.‬‬

‫‪ .41‬الشيخ علي السايس‪ :‬تفسير آيات األحكام‪ :‬مكتبة ومطبعة محمد علي‬

‫صبيح وأوالده بميدان األزهر‪٠٢7٢( ،‬هـ‪٠97٢-‬م)‪.‬‬

‫الناشر‪ :‬دار الغد‬


‫اإلسالمية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫للعلوم‬ ‫هبية‬
‫‪ .47‬د‪ .‬فاطمة محجوب‪ :‬الموسوعة ال ّذ ّ‬

‫بي‪ ،‬القاهرة ‪ ٠99٢‬م‪.‬‬


‫العر ّ‬

‫‪ .48‬الفراء‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن زياد‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬ط‪،٢‬‬

‫بيروت‪٠98١‬م‪.‬‬

‫‪ .49‬الفراهيدي‪ ،‬الخليل بن أحمد‪ :‬العين‪،‬تحقيق د‪.‬مهدي المخزومي ود‪.‬إبراهيم‬

‫السامرائي‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬ط‪ ،٢‬بغداد‪.٠981‬‬

‫‪ .7١‬الفيروز آبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫‪ .7٠‬الفيومي‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي المقري‪ :‬المصباح المنير في غريب‬

‫الشرح الكبير للرافعي‪ ،‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده‪ ،‬بمصر‪ ،‬دون‬

‫تاريخ‪.‬‬

‫‪ .7٢‬مجمع اللغة العربية‪ :‬المعجم الوسيط‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ .7٢‬محمد الصابوني‪ :‬صفوة التفاسير‪ ،‬دار القرآن الكريم‪ ،‬القسمالثاني‪ ،‬بيروت‬

‫(‪٠4١٠‬هـ‪٠98٠‬م)‪.‬‬

‫‪ .74‬محمد الطاهر بن عاشور‪ :‬تفسير التحرير والتنوير‪ ،‬تونس‪ ،‬الدار التونسية‬

‫للنشر‪٠984 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .77‬محمد بن عرفة الدسوقي‪ :‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير‪،‬‬

‫مطبعة التقدم العلمية بمصر‪ ٠٢٢٠ ،‬هـ‪ ،‬توزيع‪ :‬دار الفكر‪ ،‬بيروت ‪.‬‬

‫‪ .71‬محمد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي‪ :‬حاشية محيي الدين شيخ زادة‬

‫على تفسير البيضاوي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكنب العلمية‪ ٠4٠9،‬هـ‪.‬‬

‫‪ .77‬الشيخ محمد علي الصابوني‪ :‬المواريث في الشريعة اإلسالمية في ضوء‬

‫الكتاب والسنة‪ ،‬توزيع دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ .78‬محمد متولي الشعراوي‪ :‬تفسير الشعراوي‪ ،‬أخبار اليوم‪.‬‬

‫النهضة‪،‬‬
‫‪ .79‬د‪ .‬محمود السعران‪ :‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬دار ّ‬

‫بيروت‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫الزبيدي‪ :‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬دراسة وتحقيق علي‬
‫‪ .1١‬مرتضى ّ‬

‫النشر والتّوزيع‪ ،‬بيروت ‪.٠994‬‬


‫شيري‪ ،‬دار الفكر للطباعة و ّ‬

‫الرشيد‬
‫‪ .1٠‬د‪ .‬مصطفى جمال الدين‪ :‬البحث النحوي عند األصوليين‪ ،‬دار ّ‬

‫للنشر‪ ،‬العراق ‪.٠98١‬‬


‫ّ‬

‫‪ .1٢‬مصطفى عاشور‪ :‬علم الميراث (أس ارره وألغازه‪ -‬أمثلة محلولة‪ -‬تعريفات‬

‫مبسطة)‪ ،‬مكتبة القرآن‪ ،‬القاهرة (‪٠4١8‬هـ‪٠988-‬م)‪.‬‬

‫‪ .1٢‬منشاوي عبود‪ :‬الوجيز في الميراث على المذاهب األربعة‪ :‬اإلدارة العامة‬

‫للمعاهد األزهرية‪،‬مصر (‪٠٢9٢‬هـ‪٠974-‬م)‪.‬‬

‫‪ .14‬الشيخ مصطفى الغالييني‪ :‬جامع الدروس العربية‪ ،‬دار المكتبة العصرية‪،‬‬

‫بيروت‪.‬‬

‫‪ .17‬د‪ .‬ناصر بن محمد الغامدي‪ :‬الخالصة في علم الفرائض‪ ،‬دار طيبة‬

‫الخضراء‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪٠4٢1 ،4‬هـ‪.‬‬

‫‪ .11‬ناصر الدين عبد اهلل بن عمر السيرازي البيضاوي‪( ،‬ت ‪79٠‬هـ)‪ :‬أنوار‬

‫التنزيل وأسرار التأويل وبهامش حاشية العالمة أبي الفضل القرشي الصديقي‬

‫المشهور بالكازورني‪ ،‬حققه عبد القادر عرفات‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر للطباعة‬

‫والنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪ .17‬النسفي‪ ،‬أبو البركات عبد اهلل بن أحمد بن محمود‪ ،‬دار إحياء الكتب‬

‫العربية‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬


‫‪194‬‬
‫النساء‪ ،‬من محاضرات‬
‫الدين العتر‪ :‬أحكام القرآن في سورة ّ‬
‫‪ .18‬د‪ .‬نور ّ‬

‫الدراسات العليا‪ ،‬بيروت‪.٢١١4‬‬


‫ّ‬

‫‪ .19‬النووي‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن شرف‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،‬دار‬

‫الخير‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪٠4٠4 ،٠‬هـ‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫الفهرس‬

‫‪ -‬اإلهداء ‪٢.....................................................................‬‬
‫‪ -‬المقدمة ‪٢.....................................................................‬‬
‫‪ -‬الفصل األول‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف علم المواريث ومرادفاته‪٠٢...........................‬‬ ‫‪-‬‬
‫اث لغةً‬
‫أ) المير ُ‬ ‫‪‬‬
‫اصطالحا‪٠٢...........................................‬‬
‫ً‬ ‫و‬
‫اصطالحا‪٠1.........................................‬‬
‫ً‬ ‫ائض لغةً و‬
‫ب) الفر ُ‬ ‫‪‬‬
‫اصطالحا‪٠8.........................................‬‬
‫ً‬ ‫ج) التركات لغة و‬ ‫‪‬‬
‫أهم مصطلحاته‬‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر علم المواريث و ّ‬ ‫‪-‬‬
‫أوًال‪ :‬مصادر علم المواريث‪٠9..........................................:‬‬ ‫‪‬‬
‫أهم مصطلحات علم المواريث‪٢7..................................‬‬‫ثانيا‪ّ :‬‬
‫ً‬ ‫‪‬‬
‫الجاهلية وصدر اإلسالم‪٢8....................‬‬
‫ّ‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬الميراث في‬ ‫‪-‬‬
‫إلسالمي في‬
‫ّ‬ ‫خصائص التّشريع ا‬ ‫‪-‬‬
‫المواريث‪٢4...............................‬‬
‫مسألة‪ :‬ال ّشبهة المثارة حول ميراث الذكرضعف نصيب االنثى‪٢7............‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬الفصل الثاني‪ :‬دراسة آيات المواريث واألحاديث الشريفة نحوايا‬
‫أوًال‪ :‬دراسة اآليات ًّ‬
‫نحويا‪٢7..............................................‬‬ ‫‪-‬‬
‫أ) داللة الحروف في آيات الميراث‪٢8..................................‬‬ ‫‪‬‬
‫ب) دراسة الجمل في آيات الميراث‪4٢...................................‬‬ ‫‪‬‬
‫ثانيا‪ :‬دراسة أحاديث الميراث ًّ‬
‫نحويا‪91....................................‬‬ ‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬الفصل الثالث‪ :‬دراسة آيات المواريث وأحاديث المواريث دالليا‬
‫أوًال‪ :‬دراسة آيات المواريث ًّ‬
‫دالليا‪٠١4......................................‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪192‬‬
‫أ) الدراسة الداللية للكلمات‪٠١4 ...........................................‬‬
‫داللة لفظة (الرجال)‪٠١4.............................................‬‬ ‫*‬
‫داللة لفظة (نصيب)‪٠١9..............................................‬‬ ‫*‬
‫(تر َك)‪٠14.................................................‬‬
‫داللة لفظة َ‬ ‫*‬
‫داللة لفظة (الوالدان)‪٠12..............................................‬‬ ‫*‬
‫داللة لفظة (األقربون)‪٠٠4.............................................‬‬ ‫*‬
‫(النساء)‪٠٠7...............................................‬‬
‫داللة لفظة ّ‬ ‫*‬
‫داللة لفظتي ( َق َّل) و( َكثَُر)‪٠٢١.........................................‬‬ ‫*‬
‫(مفروضا)‪٠٢٠.............................................‬‬
‫ً‬ ‫داللة لفظة‬ ‫*‬
‫اختيار لفظة (يوصيكم)‪٠٢4...........................................‬‬ ‫*‬
‫اختيار لفظة (أوالدكم)‪٠٢1 .............................................‬‬ ‫*‬
‫اختيار لفظة (الذكر)‪٠٢7..............................................‬‬ ‫*‬
‫اختيار لفظة (ألبويه)‪٠٢8.............................................‬‬ ‫*‬
‫اختيار لفظة (ولد)‪٠٢١................................................‬‬ ‫*‬
‫اختيار لفظة (اإلخوة)‪٠٢٢.............................................‬‬ ‫*‬
‫اختيار لفظتي (األخ) و(األخت)‪٠٢1...................................‬‬ ‫*‬
‫اختيار لفظة (اإلخوة)‪٠٢7.............................................‬‬ ‫*‬
‫فعا)‪٠٢8...............................................‬‬
‫اختيار لفظة (ن ً‬ ‫*‬
‫اختيار لفظة (فريضة)‪٠4١............................................‬‬ ‫*‬
‫َّ‬
‫و(لهن)‪٠4٠.....................................‬‬ ‫اختيار لفظتَي (ولكم)‬ ‫*‬
‫اختيار لفظة (األزواج)‪٠4٢............................................‬‬ ‫*‬
‫‪193‬‬
‫*داللة لفظة (الكاللة)‪٠4٢................................................‬‬

‫وصية)‪٠7١................................................‬‬
‫*اختيار لفظة ( ّ‬

‫*اختيار لفظة (يستفتونك)‪٠7٢......................................................‬‬

‫*اختيار لفظة (هلك)‪٠77..........................................................‬‬

‫عية‬
‫‪ -‬ب) العبارة ودالالتها على األحكام الشر ّ‬

‫األول‪ :‬للذكر مثل حظّ األنثيين‪٠78...............................‬‬


‫* المطلب ّ‬

‫* المطلب الثّاني‪ :‬فوق اثنتين‪٠1١...........................................‬‬

‫* المطلب الثّالث‪ :‬اختيار البدل‪" :‬لك ّل و ٍ‬


‫احد منهما"‪٠17.......................‬‬

‫"فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثّلث"‪٠11.........‬‬


‫الرابع‪ْ :‬‬
‫* المطلب ّ‬

‫* المطلب الخامس‪ :‬قوله تعالى‪( :‬يوصي بها)‪٠18...........................‬‬

‫مضار)‪٠19..........................‬‬
‫ّ‬ ‫* المطلب ال ّسادس‪ :‬قوله تعالى‪( :‬غير‬

‫ثانيا‪ :‬دراسة أحاديث المواريث ًّ‬


‫دالليا‬ ‫‪ً -‬‬

‫* اختيار لفظتَي" المسلم" و"الكافر" ‪٠7٠.......................................‬‬

‫* اختيار لفظة "ذكر"‪٠7٢.....................................................‬‬

‫‪ -‬نتائج البحث‪٠71.................................................................‬‬

‫‪ -‬المصادر والمراجع‪٠8٢...........................................................‬‬

‫‪ -‬الفهرس‪٠9٢......................................................................‬‬

‫‪190‬‬

You might also like