You are on page 1of 97

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫‪République Algérienne Démocratique et Populaire‬‬


‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬
‫‪Ministère de l’enseignement supérieur et de la recherche scientifique‬‬
‫‪UNIVERSITE 08 MAI 1945-GUELMA‬‬
‫جامـــعــة‪ 8‬مـاي ‪ 1945‬قـالمــــة‬
‫‪F‬‬ ‫‪faculté : des lettres et des langues‬‬ ‫كلية اآلداب واللغات‬
‫‪.‬‬

‫‪N° :‬‬ ‫‪23‬‬ ‫الرقم‪23 :‬‬


‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬

‫الماست ـ ـ ـ ـ ــر‬
‫(تخصص تحليل الخطاب)‬
‫البعد التداولي في تحليل الخطاب السياسي‬
‫خطاب الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة "(سطيف)‬
‫أنموذجا‪.‬‬

‫مقدمة من طرف‪:‬‬
‫حليمة سلمى‪.‬‬
‫تاريخ المناقشة ‪……………… :‬‬

‫جامعة قالمة‪.‬‬ ‫أستاذ محاضر ب‬ ‫رئيسا‬ ‫العياشي عميار‬


‫جامعة قالمة‪.‬‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫مشرفا مقرر ا‬ ‫بوزيد الساسي هادف‬
‫جامعة قالمة‪.‬‬ ‫أستاذ مساعد أ‬ ‫ممتحنا‬ ‫عمار بعداش‬

‫السنة‪2014 :‬‬
‫خاتمة‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫بعد هذه الدراسة التي ال أزعم انفرادها بخصائص مميزة‪ ،‬و ال أجزم بصحتها‪ ،‬و إنما هي‬
‫محاولة مني لتحليل الخطاب السياسي الذي يجسد بنسبة كبيرة لغة واقعية وفق نظرية لسانية‬
‫هي "التداولية"‪ ،‬فإنه من المفيد لهذه الدراسة أن أجمع أهم المالحظات و النتائج المتحصل‬
‫عليها فيما يأتي‪:‬‬

‫* إن الخطاب بمفهومه العام هو عبارة عن رسالة يتم التواصل بها مع اآلخرين‪ ،‬يبعث بها‬
‫المتكلم قصد اإلقناع و التأثير في المستمع‪ ،‬و هو نظام قولي قائم على الدليل والحجة‪.‬‬

‫* يعد الخطاب السياسي انطالقا من الخطاب الذي قمنا بدراسته أرضية خصبة لتطبيق‬
‫مبادئ النظرية التداولية‪ ،‬فهو بذلك يعد النوع األكثر تماشيا مع طبيعة المنهج التداولي‪.‬‬

‫* إن التداولية هي نظرية من النظريات اللسانية التي وجدت صداها في المدة األخيرة‪ ،‬كما‬
‫استطاعت أن تتخذ لنفسها طريقا بوصفها تخصصا لسانيا له موضوع خاص مستقل يدرس‬
‫كيفية استخدام الناس للغة في صلب خطاباتهم‪.‬‬

‫* تشمل التداولية مواضيع عديدة يصلح كل منها أن يكون موضوعا للبحث و التحليل‪.‬‬

‫* على الرغم من الغموض الذي كان يكتنف التداولية إال أنها قد أفلحت في اإلجابة على‬
‫العديد من التساؤالت و اإلشكاليات الهامة التي لم تتمكن المناهج اللسانية السابقة اإلجابة‬
‫عنها‪.‬‬

‫* منح استعمال اإلشاريات بمختلف أنواعها( شخصية‪ ،‬زمانية‪ ،‬مكانية) الرئيس الجزائري‬
‫"عبد العزيز بوتفليقة" إمكانية التعبير عن مقاصده المختلفة‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫خاتمة‬

‫* بينت الدراسة خصائص اشتغال آليات الحجاج في الخطاب السياسي‪ ،‬كما شرحت أهم‬
‫أدواته اإلجرائية في الخطاب‪ ،‬و من ثم توصلنا إلى أن الخطاب السياسي يتوفر على قدر‬
‫غير قليل من اآلليات الظاهرة و الخفية الباعثة على التأثير و اإلقناع‪.‬‬

‫* ساعد احترام مبدأ التأدب‪ ،‬على التقريب بين الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" و‬
‫مخاطبه‪.‬‬

‫* يعد السياق من أهم األعمدة التي تقوم عليها التداولية إذ يؤدي دو ار مهما و بار از في‬
‫إجالء و توضيح المعنى أثناء صياغة ملفوظات الخطاب السياسي‪.‬‬

‫و في األخير أسأل اهلل السداد في إنجاز هذا البحث فإن أصبت منه وحده‪ ،‬و إن أخطأت‬
‫فمن نفسي و الشيطان‪ ،‬و ال يسعني في آخر المطاف سوى قول "الحمد هلل رب العالمين"‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫فهرس الموضوعات‬

‫مقدمة ‪.......................................................................‬أ‪ -‬د‬

‫مدخل‪ :‬التداولية بين النشأة و التشكل……………………………………(‪)23-7‬‬

‫‪ -1‬مفهوم التداولية‪07................................................................‬‬

‫‪ -2‬التداولية بين النشأة و التشكل‪10..................................................‬‬

‫‪ -1-2‬أوستين و التداولية‪10...................................................‬‬

‫‪ -2-2‬سيرل و التداولية‪12.....................................................‬‬

‫‪ -3-2‬جرايس و التداولية‪13 ...................................................‬‬

‫‪ -3‬وظائف التداولية‪15...............................................................‬‬

‫‪ -4‬مفهوم الخطاب‪18................................................................‬‬

‫‪ -5‬مفهوم السياسة‪20................................................................‬‬

‫‪ -6‬مفهوم الخطاب السياسي‪21.......................................................‬‬

‫‪ -7‬نبذة عن حياة الرئيس الجزائري "عبد العزيز بو تفليقة"‪22...........................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬االطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‪)46-24(...............‬‬

‫المبحث األول‪ :‬االشاريات‬

‫‪ -1‬تعريفها‪25........................................................................‬‬

‫‪77‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫‪ -2‬أنواعها‪25.......................................................................‬‬

‫‪ -1-2‬االشاريات الشخصية‪25..............................................‬‬

‫‪ -2-2‬االشاريات الزمانية‪26................................................‬‬

‫‪ -3-2‬االشاريات المكانية‪27................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أفعال الكالم‪.‬‬

‫‪ -1‬ال فعل الكالمي عند أوستين‪28...................................................‬‬

‫‪ -2‬الفعل الكالمي عند سيرل‪31....................................................‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬االستلزام الحواري‪33................................................‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬االفتراض المسبق‪35.................................................‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬الحجاج و آلياته‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهومه‪36...................................................................‬‬

‫‪ -2‬تقنيات و آليات الحجاج‪38....................................................‬‬

‫أ‪ -‬األدوات اللّغوية‪38.....................................................‬‬

‫ب‪ -‬اآلليات البالغية‪38...................................................‬‬

‫ج‪ -‬السلم الحجاجي‪41.....................................................‬‬

‫المبحث السادس‪ :‬السياق و أنواعه‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهومه‪42...................................................................‬‬

‫‪78‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫‪ -2‬أنواع السياق‪43..........................................................‬‬

‫‪ -3‬عناصر السياق‪45.......................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بو تفليقة"…(‪)68-48‬‬

‫المبحث األول‪ :‬االشاريات في الخطاب‪48....................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أفعال الكالم في الخطاب‪53.................................‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬االفتراض المسبق في الخطاب‪58............................‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬البعد الحجاجي في الخطاب‪60...............................‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬السياق و تداولية الخطاب‪68...............................‬‬

‫خاتمة‪70...................................................................‬‬

‫قائمة المصادر و المراجع ‪72................................................‬‬

‫فهرس الموضوعات‪77......................................................‬‬

‫‪79‬‬
‫المصادر و المراجع‬

‫قائمة المصادر و المراجع‪:‬‬

‫أولا‪ -‬المعاجم و الموسوعات‪:‬‬

‫‪ -1‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫مج‪ ،11 ،2/‬ط‪.1994 ،3‬‬

‫‪ -2‬أبو القاسم جابر اهلل محمد بن عمر بن أحمد الزمخشري‪ :‬أساس البالغة‪،‬ج‪ ،1‬تح‪/‬باسل‬
‫عيون السود‪ ،‬منشورات دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1998 ،1‬‬

‫‪ -3‬أحمد مختار عمر‪ :‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬مج‪،2/‬‬
‫ط‪.2008 ،1‬‬

‫‪ -4‬جميل صليبا‪ :‬المعجم الفلسفي باأللفاظ العربية و الفرنسية و االنجليزية و الالتينية‪،‬‬


‫الشركة العالمية للكتاب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،1‬د ط‪.1994 ،‬‬

‫‪ -5‬سعد علوش‪ :‬معجم المصطلحات األدبية المعاصرة‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫د ط‪.1985 ،‬‬

‫‪ -6‬عبد الفتاح أبو عيشة‪ :‬موسوعة القادة السياسيين‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫ط‪.2002 ،1‬‬

‫‪ -7‬عبد الوهاب الكيالي‪ :‬موسوعة السياسة‪ ،‬ج‪ ،3/‬المؤسسة العربية للدراسات و النشر‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬ط‪.1993 ،3‬‬

‫‪-8‬فراس البيطار‪ :‬الموسوعة السياسية و العسكرية‪ ،‬ج‪ ،2/‬دار أسامة‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.1،2003‬‬

‫‪ -9‬وضاح زيتوني‪ :‬المعجم السياسي‪ ،‬دار أسامة‪/‬المشرق الثقافي‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2006‬‬

‫‪72‬‬
‫المصادر و المراجع‬

‫ثاني ا‪ -‬المراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫‪ -10‬إبراهيم صحراوي‪ :‬تحليل الخطاب األدبي‪ ،‬دراسة تطبيقية‪ ،‬دار اآلفاق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.1999‬‬

‫‪ -11‬أبو بكر العزاوي‪ :‬اللغة و الحجاج‪ ،‬العمدة في الطبع‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬

‫‪ -12‬أحمد المتوكل‪ :‬الوظائف التداولية في اللغة العربية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬ط‪.1985 ،1‬‬

‫‪ -13‬أحمد المتوكل‪ :‬قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية‪ ،‬بنية الخطاب من الجملة‬
‫إلى النص‪ ،‬دار األمان‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬د ط‪.2001 ،‬‬

‫‪-14‬الجرجاني(شريف علي بن محمد)‪ :‬التعريفات‪ ،‬تح‪/‬إبراهيم األبياري‪ ،‬دار اللسان العربي‪،‬‬


‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د ط‪.1992 ،‬‬

‫‪ -15‬خلود العموش‪ :‬الخطاب القرآني‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬

‫‪ -16‬خولة طالب اإلبراهيمي‪ :‬مبادئ في اللسانيات‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪. 2008‬‬

‫‪ -17‬ذهبية حمو الحاج‪ :‬لسانيات التلفّظ و تداولية الخطاب‪ ،‬دار األمل للطباعة و النشر و‬
‫التوزيع ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د ط‪.2005 ،‬‬

‫‪ -18‬ردة اهلل بن ردة بن ضيف الطلحي‪ :‬داللة السياق‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪،‬‬
‫ط‪1423 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪ -19‬سامية الدريدي‪ :‬الحجاج في الشعر العربي القديم‪ ،‬بنيته و أساليبه حتى القرن الثاني‬
‫الهجري‪ ،‬عالم الكتاب الحديث‪ ،‬أربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬

‫‪73‬‬
‫المصادر و المراجع‬

‫‪ -20‬شفيقة العلوي‪ :‬محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة‪ ،‬أبحاث للترجمة و النشر و‬


‫التوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬

‫‪ -21‬صابر الحباشة‪ :‬التداولية و الحجاج‪ ،‬مداخل و نصوص‪ ،‬صفحات للدراسة و النشر و‬


‫التوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬االصدار األول‪.2008 ،‬‬

‫‪ -22‬طاهر سليمان حمودة‪ :‬ابن قيم الجوزية‪-‬جهود في الدرس اللغوي‪ -‬دار الجامعات‬
‫المصرية‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ -23‬طه عبد الرحمن‪ :‬اللسان و الميزان أو التكوثر العقلي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬د ط‪.1993 ،‬‬

‫‪ -24‬طه عبد الرحمن‪ :‬تجديد المنهج في تقويم التراث‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬د ط‪.1993 ،‬‬

‫‪ -25‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ :‬استراتيجيات الخطاب(مقاربة لغوية تداولية)‪ ،‬دار‬


‫الكتاب الجديدة المتحدة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬

‫‪ -26‬علي آيت أوشان‪ :‬السياق و النص الشعري(من البنية إلى القراءة)‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪.2000 ،1‬‬

‫‪ -27‬عمر بلخير‪ :‬تحليل الخطاب المسرحي في ضوء النظرية التداولية‪ ،‬منشورات‬


‫االختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪.2003 ،1‬‬

‫‪ -28‬محمد خطابي‪ :‬لسانيات النص‪-‬مدخل إلى انسجام الخطاب‪ -‬المركز الثقافي العربي‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪.1991 ،1‬‬

‫‪ -29‬محمود أحمد نحلة‪ :‬آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬د ط‪.2002 ،‬‬

‫‪74‬‬
‫المصادر و المراجع‬

‫‪ -30‬محمود أحمد نحلة‪ :‬التعريف و التنكير بين الداللة و الشكل‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬د ط‪.1999 ،‬‬

‫‪ -31‬مسعود صحراوي‪ :‬التداولية عند العلماء العرب‪ ،‬دراسة تداولية لظاهرة "األفعال‬
‫الكالمية" في التراث اللساني العربي‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2005 ،1‬‬

‫‪ -32‬نعمان بوقرة‪ :‬المدارس اللسانية المعاصرة‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ -33‬يوسف نور عوض‪ :‬علم النص و نظرية الترجمة‪ ،‬دار الثقة‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1410‬ه‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬المراجع المترجمة‪:‬‬

‫‪ -34‬آن روبول و جاك موشالر‪ :‬التداولية اليوم علم جديد في التواصل‪ ،‬تر‪/‬سيف الدين‬
‫دغفوس ومحمد الشيباني‪ ،‬مراجعة‪ :‬لطيف زيتوني‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬ط‪.1،2003‬‬

‫‪ -35‬الجياللي دالش‪ :‬مدخل إلى اللسانيات التداولية‪ ،‬تر‪ /‬محمد يحياتن‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د ط‪.2004 ،‬‬

‫‪ -36‬سارة ميلز‪ :‬الخطاب‪ ،‬تر‪ /‬يوسف بغول‪ ،‬مطبعة البعث‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪،‬دط‪.2004،‬‬

‫‪ -37‬فان ديك‪ :‬علم النص‪ ،‬مدخل متداخل االختصاصات‪ ،‬تر‪/‬حسن بحيري‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ط‪.2001 ،1‬‬

‫‪ -38‬فرانسواز أرمنيكو‪ :‬المقاربة التداولية‪ ،‬تر‪ /‬سعيد علوش‪ ،‬مركز االنماء القومي‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬المغرب‪.1986 ،‬‬

‫‪ -39‬فليب بروتون وجيل جوتييه‪ :‬تاريخ نظريات الحجاج‪ ،‬تر‪ /‬محمد صالح ناحي الغامدي‪،‬‬
‫جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪.2011 ،1‬‬

‫‪75‬‬
‫المصادر و المراجع‬

‫‪ -40‬فيليب بالنشيه‪ :‬التداولية من أوستين إلى غوفمان‪ ،‬تر‪ /‬صابر الحباشة‪ ،‬دار الحوار‪،‬‬
‫الالذقية‪ ،‬سورية‪ ،‬ط‪.2007 ،1‬‬

‫ربع ا‪ -‬المجالت و الدوريات‪:‬‬

‫‪-41‬محمد العبد‪ :‬النص الحجاجي العربي (دراسة في وسائل االقناع)‪ ،‬مجلة فصول‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬عدد‪ ،60:‬صيف ‪.2002‬‬

‫‪-42‬محمد الولي‪ :‬الموضوعات الحجاجية الكبرى في المغرب‪ ،‬مجلة عالمات‪ ،‬المغرب‪،‬‬


‫عدد‪.2004 ،19 :‬‬

‫‪-43‬نعمان بوقرة‪ :‬نحو نظرية لسانية عربية لألفعال الكالمية‪ ،‬قراءة استكشافية للتفكير‬
‫التداولي في المدونة اللسانية التراثية‪ ،‬مجلة اللغة واألدب‪ ،‬د ت‪ ،‬عدد‪.17 :‬‬

‫خامس ا‪ -‬الرسائل الجامعية‪:‬‬

‫‪ -44‬محمد األمين ولد سيد أحمد‪ :‬تحليل الخطاب السياسي(دراسة اثنوجرافية‪ -‬اتصالية في‬
‫الخطاب الموريتاني السياسي)‪ ،‬مذكرة ماجستير‪-‬مخطوطة‪ ،‬جامعة الدول العربية‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫سادس ا‪ -‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫‪ -45‬خطاب الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة " منشور يوم‪.2012/05/09 :‬‬

‫‪www.ennaharonline.com‬‬ ‫النهار أون الين‬

‫‪76‬‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫تعد التداولية من أحدث االتجاهات اللغوية التي ظهرت على ساحة الدرس اللساني‬
‫الحديث‪ ،‬و التي أثارت اهتمام الكثير من الباحثين في مختلف المجاالت بما تطرحه من‬
‫إمكانات لحل مشكالتهم العالقة‪ ،‬فهي فضاء مفتوح على مختلف المعارف اإلنسانية و بذلك‬
‫فقد اتخذت لنفسها موقعا في األبحاث اللسانية بعد أن كانت في نظر الكثير سلة مهمالت‪.‬‬

‫كما أن موضوع الخطاب عامة و الخطاب السياسي على الخصوص من أكثر‬


‫الموضوعات التي لقيت اهتماما كبي ار من لدن الدارسين في العالم و خاصة في الوقت‬
‫الحالي‪.‬‬

‫و تعود أهمية الخطاب السياسي في كونه أكثر الخطابات اللغوية التصاقا بالجمهور‬
‫باعتباره خطابا ينشد التأثير و االستمالة في المتلقي هذا من ناحية‪ ،‬و من ناحية أخرى هو‬
‫أكثر خطورة؛ ألنه األكثر قدرة على التالعب بالعقول و من ثم الوصول إلى المبتغى‪.‬‬

‫و نظ ار ألهمية كل من االتجاه التداولي باعتباره تقديما علميا جديدا‪ ،‬و الخطاب السياسي‬
‫باعتباره األقرب إلى الحياة اليومية و خاصة في الوقت الراهن فقد جاء الموضوع موسوما‬
‫ب‪:‬‬

‫البعد التداولي في تحليل الخطاب السياسي‪:‬‬

‫خطاب الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة"(سطيف)‬

‫أنموذجا‪.‬‬

‫حيث انطلقنا فيه من مجموعة من اإلشكاالت لنتمكن من معالجته من مختلف جوانبه و هذه‬
‫اإلشكاالت تتمثل في‪:‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫* كيف عمل الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" على استغالل السياق الوجودي في‬
‫التواصل مع متلقيه؟ و ما الطريقة التي استغل بها اإلشاريات في الخطاب‪ ،‬للتعبير عن‬
‫مقاصده و غاياته؟‬

‫* ما هي األفعال الكالمية التي استعملها مع مخاطبيه؟ و كيف ساهمت في التفاعل مع‬


‫المتلقي و توجيهه نحو الفعل؟‬

‫* ما هي مختلف اآلليات الحجاجية التي لجأ إلى استعمالها في خطابه بهدف الوصول إلى‬
‫إقناع متلقيه؟‬

‫و قد جاء هذا الموضوع نتيجة مجموعة من األسباب نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬العالقة الوطيدة بين الموضوع و التخصص الذي ننتمي له و هو تحليل الخطاب‪.‬‬

‫‪ -‬أهمية هذا الموضوع إذ أنه يعطي نظرة جديدة لتحليل النصوص‪ ،‬فهو عبارة عن تطبيق‬
‫منهج مهم و هو "المنهج التداولي" على نص يتماشى و هذا االتجاه ذلك أن التداولية تدرس‬
‫اللغة الفعلية أو اللغة في االستعمال‪ ،‬و ليس هناك حسب رأيي نص يجسد ذلك أكثر من‬
‫الخطاب السياسي‪.‬‬

‫‪ -‬قلة الدراسات التطبيقية التي تناولت هذا االتجاه على حسب علمي و خاصة بكلية األدب‬
‫و اللغات بجامعتنا‪.‬‬

‫‪ -‬رغبتي الشديدة في الخوض في هذا الموضوع اللساني الحديث‪ ،‬فقد صادفني هذا البحث‬
‫في السنة األولى ماستر‪ ،‬فحاولت أن أنميه ليخرج في شكل رسالة تفيدني و تفيد غيري‪.‬‬

‫و قد اعتمد البحث في نموه على مقدمة‪ ،‬يليها مدخل و فصلين باإلضافة إلى خاتمة‬
‫وقائمة المصادر و المراجع‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫قمنا في المدخل بتحليل عنوان البحث و ذلك من خالل تناول اإلطار االصطالحي و‬
‫الموضوعاتي و النشأوي للتداولية إضافة إلى مفهوم كل من الخطاب و السياسة و الخطاب‬
‫السياسي مع تقديم نبذة موجزة عن حياة الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة"‪.‬‬

‫أما الفصل األول فقد جاء نظريا يعرض ألهم ما جاء به البحث التداولي من إجراءات و‬
‫آليات ستطبق على الخطاب السياسي( إشاريات‪ ،‬أفعال الكالم‪ ،‬اإلستلزام الحواري‪ ،‬اإلفتراض‬
‫المسبق‪ ،‬الحجاج‪ ،‬السياق )‪.‬‬

‫و حتى يفضي البحث إلى نتائج ملموسة خصص الفصل الثاني ليمثل الجزء التطبيقي‬
‫للدراسة و الذي انصب حول تطبيق ما جاء في الفصل النظري على خطاب الرئيس‬
‫الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة"‪.‬‬

‫و ختمنا البحث بأهم ما توصلنا إليه من خالل مرحلة التعايش مع البحث‪.‬‬

‫و كأي بحث فقد واجهتنا صعوبات تمثلت في كيفية التعامل تطبيقيا مع طبيعة الموضوع‪،‬‬
‫و التعامل مع المنهج المختار للدراسة‪ ،‬و كذا مشكلة ضبط المصطلحات‪.‬‬

‫و لتذليل هذه الصعوبات أعانتنا بعض المراجع المتخصصة في ذلك نذكر منها‪ :‬التداولية‬
‫عند العلماء العرب( دراسة تداولية لظاهرة األفعال الكالمية في التراث اللساني العربي )‬
‫لمسعود صحراوي‪ ،‬و التداولية اليوم علم جديد في التواصل ألن روبول و جاك موشالر‬
‫ترجمة‪ :‬سيف الدين دغفوس و محمد الشيباني‪ ،‬و التداولية و الحجاج مداخل و نصوص‬
‫لصابر الحباشة و غيرها‪.‬‬

‫و إن كان البد من كلمة تتوج هذه المقدمة فهي كلمة شكر و تقدير و عرفان لألستاذ‬
‫المشرف الدكتور "بوزيد الساسي هادف" الذي لم يبخل على بحثي هذا بعنايته وتوجيهاته‬
‫منذ أن كان فكرة إلى أن أصبح رسالة قابلة للنقاش فله ألف كلمة شكر و تقدير‪.‬‬

‫ج‬
‫مقدمة‬

‫و في األخير أسأل اهلل التوفيق و السداد في الرأي و العمل و أن يتقبله مني و يجعله من‬
‫صالح األعمال‪.‬‬

‫د‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫جاءت التداولية لتجيب عن مجموعة من اإلشكاالت التي تمثل موضوعا لها مثل‪:‬‬
‫ماذا نصنع حين نتكلم؟ ماذا نقول بالضبط حين نتكلم؟ من يتكلم إذن؟ والى من يتكلم؟ وألجل‬
‫من؟ وماذا علينا أن نعلم حتى يرتفع اإلبهام عن جملة أو أخرى‪ ،‬وكيف نتكلم بشيء ونريد‬
‫أخر؟ وهل يمكن أن نركن إلى المعنى الحرفي لقصد ما؟‪.‬‬

‫أما عن اهتمامها فهو ينصب أساسا عن المتكلم انطالقا من سياق الملفوظات‪ ،‬كما‬
‫اهتمت بالخطاب لكونه إنتاجا لغويا ينظر إليه في عالقاته بظروفه المقامية والسياقية‪ ،‬أي أن‬
‫الخطاب تدخل فيه عناصر من العالم غير اللغوي‪ ،‬بمعنى أن "يستلزم األمر العودة إلى‬
‫خارج الملفوظ (خارج الخطاب) لكشف المحدودات االجتماعية واإليديولوجية التي تتحكم‬
‫في إنتاج الملفوظ وهو ما يبين أن العالقة التي تصل الدالالت في الخطاب بالظروف‬
‫االجتماعية والتاريخية ليست بثانوية‪ ،‬ولكنها مكونات من الدالالت نفسها وهو ما يتبلور‬
‫في عنصر السياق"(‪.)1‬‬

‫ومن هنا برزت أهمية السياق مع هذا المنهج‪ ،‬ولذلك فإن اهتمام التداولية بجوانب‬
‫الخطاب المختلفة مكنها من تحديد جوانب تمكن المتكلم من تحقيق الفهم واإلفهام‪ ،‬وتحقيق‬
‫ما يصبو إليه‪ ،‬كونها تتجاوز وظيفة نقل الخبر أو وصف الواقع‪ ،‬ومن أهم هذه الجوانب‬
‫نذكر ‪ :‬اإلشاريات‪ ،‬أفعال الكالم‪ ،‬االستلزام الحواري‪ ،‬االفتراض المسبق ‪ ،‬الحجاج‪ ،‬السياق‪،‬‬
‫وفيما يأتي تفصيل لكل منها‪.‬‬

‫(‪ -)1‬ذهبية حمو الحاج‪ ،‬لسانيات التلفظ وتداولية الخطاب‪ ،‬دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د ط‪،2005 ،‬‬
‫ص ‪.138‬‬

‫‪24‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلشاريات‬

‫تعد االشاريات الدرجة األولى من درجات التحليل التداولي‪ ،‬وتعنى باستجالء مدى‬
‫ظهور المخاطب والسياق الزماني والمكاني في الخطاب‪ ،‬وذلك من خالل تتبع العناصر‬
‫اإلشارية‪ ،‬والمتمثلة في الضمائر وظروف الزمان والمكان وما تحيل عليه في السياق‬
‫الذي وردت فيه‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريفها‪:‬‬
‫هي" العالمات اللغوية التي ال يتحدد مرجعها إال في سياق الخطاب التي وردت فيه‬
‫ألنها خالية من أي معنى في ذاتها‪ .‬لذلك سميت مبهمات أو متحوالت‪ ،‬ورغم أن كل‬
‫الكلمات في اللغة تحيل على مدلول معين‪ ،‬إال أن اإلشاريات تتواجد في المعجم الذهني‬
‫(‪)1‬‬
‫للمتكلمين باللغة دون ارتباطها بمدلول معين‪".‬‬

‫‪ -2‬أنواعها‪:‬‬

‫يمكن تقسيم االشاريات إلى ثالثة أنواع هي‪ :‬اإلشاريات الشخصية‪ ،‬اإلشاريات المكانية ‪،‬‬
‫اإلشاريات الزمانية‪ .‬وفيما يلي تفصيل لكل نوع‪:‬‬

‫‪ -1-2‬اإلشاريات الشخصية‪:‬‬
‫وتشمل ضمائر المتكلم‪ ،‬والمخاطب والغائب‪ ،‬فهذه الضمائر عناصر إشارية ألن مرجعها‬
‫(‪)2‬‬
‫مثل‪ :‬أنا نعسان فالسياق هو الذي يحدد‬ ‫يعتمد اعتمادا تاما على السياق الذي تستخدم فيه‬
‫إحالة الضمير(أنا)‪.‬‬

‫(‪ -)1‬ينظر‪ :‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ ،‬استراتيجيات الخطاب‪( ،‬مقاربة لغوية تداولية)‪ ،‬ص ‪.80-79‬‬

‫(‪ -)2‬محمود أحمد نحلة‪ ،‬آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر‪ ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪25‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫ٍ‬
‫بكاف أن‬ ‫والبد في اإلحالة من تحقق شرط الصدق‪ ،‬فلو قالت امرأة‪ :‬أنا أم نابليون فليس‬
‫يكون مرجع الضمير هو تلك المرأة‪ ،‬بل البد من التحقق من مطابقة المرجع للواقع بأن تكون‬
‫هذه المرأة هي أم نابليون فعال‪ ،‬أو تكون الجملة قيلت في الظروف التاريخية المناسبة(‪.)1‬‬

‫وقد ينشأ نوع من اللبس في استخدام الضمائر‪ ،‬إذ أن تعدد األشخاص يؤدي إلى تعدد في‬
‫إحاالت الضمائر‪.‬‬

‫‪ -2-2‬اإلشاريات الزمانية‪:‬‬
‫وهي كلمات تدل على زمان يحدده السياق بالقياس إلى زمان التكلم‪ ،‬فزمان التكلم هو‬
‫مركز اإلشارة الزمانية في الكالم‪ ،‬فإذا لم يعرف زمان التكلم أو مركز اإلشارة الزمانية التبس‬
‫األمر على السامع أو القارئ‪.‬‬
‫واإلحالة إلى الزمان لها عالقة وطيدة بالسياق الذي ترد فيه‪ ،‬في حالة اتساع داللة بعض‬
‫العناصر اإلشارية في التعبير عن الزمان‪ ،‬فمثال‪ ":‬يتجاوز مدلول كلمة اليوم في عبارة بنات‬
‫اليوم داللة هذا العنصر اإلشاري إلى الكوني الذي يتحدد بأربع وعشرين ساعة إلى أن‬
‫يشمل العصر الذي نعيش فيه‪ ،‬وهذه الداللة اإلضافية موكولة إلى السياق الذي ترد فيه‬
‫هذه العناصر اإلشارية"(‪.)2‬‬
‫من هنا يتضح أن لحظة التلفظ هي المرجع األساسي لتأويل الخطاب تأويال صحيحا‪.‬‬
‫لذا وجب على المتلقي أن يدرك هذه اللحظة وذلك حتى يؤول الخطاب بناءا على معرفتها‪.‬‬

‫(‪ -)1‬محمود أحمد نحلة‪ ،‬أفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر‪ ،‬ص ‪.18‬‬

‫(‪ -)2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪26‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -3-2‬اإلشاريات المكانية‪:‬‬
‫هي عناصر إشارية إلى أماكن يعتمد استعمالها وتفسيرها على معرفة مكان المتكلم وقت‬
‫التكلم أو على مكان أخر معروف للسامع أو المخاطَب‪.‬‬
‫وال يمكن للمتكلم أن يتخلى عن المكان عند تلفظه بالخطاب وهذا ما يعطي اإلشاريات‬
‫المكانية مشروعية إسهامها في الخطاب فنجد أنها تختص" بتحديد المواقع باالنتساب إلى‬
‫نقاط مرجعية في الحدث الكالمي‪،‬وتقاس أهمية التحديد المكاني بشكل عام انطالقا من‬
‫الحقيقة القائلة بأن هناك طريقتان رئيستان لإلشارة إلى األشياء هما‪ :‬إما بالتسمية أو‬
‫الوصف من جهة أولى أو بتحديد أماكنها من جهة أخرى"(‪.)1‬‬

‫(‪ -)1‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ ،‬استراتيجيات الخطاب‪( ،‬مقاربة لغوية تداولية)‪ ،‬ص ‪.84‬‬

‫‪27‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أفعال الكالم‬


‫نظر لحضورها العميق والقوي في الدرس التداولي المعاصر فقد ذهب "هانسن"‬
‫ا‬
‫(‪ 1974)Hansson‬إلى تصنيفها في إطار تداولية الدرجة الثالثة بحكم تشغيلها العميق‬
‫واألوسع للسياق‪ ،‬ثم لتأثيرها في بعض االتجاهات النقدية واللسانية(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬الفعل الكالمي عند "أوستين"(‪:)Austin‬‬


‫هو التصرف(أو العمل)االجتماعي‪ ،‬أو المؤسساتي الذي ينجزه اإلنسان بالكالم‪ ،‬كاألمر‬
‫والنهي وغيرها‪ ،‬والتي تعتبر"أغراضا تواصلية" ترمي إلى صناعة أفعال أو مواقف‬
‫اجتماعية أو فردية بالكلمات والتأثير في المخاطب بحمله على فعل أو تركه‪ ،‬وبالتالي‬
‫رموز للتعبير عن الفكر‬
‫ا‬ ‫فاللغة ليست أداة للتواصل (عند أصحاب المدرسة الوظيفية) وال‬
‫(عند اصحاب المدرسة التوليدية)‪ ،‬بل هي أداة لتغيير العالم وصنع أحداثه والتأثير فيه(‪،)2‬‬
‫وقد ميز "أوستين"(‪ )Austin‬بين نوعين من األفعال اللغوية‪:‬‬

‫أ‪ -‬أفعال إخبارية‪ :‬توصف بالصدق أو الكذب (وهذا بعد رفضه لثنائية الصدق والكذب‬

‫بالنسبة لجمل اإلثبات عن المناطقة)‪ ،‬فقولنا مثال‪( :‬الشمس تشرق من الشرق) هو فعل‬
‫إخباري يتأكد صدقه بمطابقته للواقع‪ ،‬وقولنا (األرض ثابتة ال تدور) فعل إخباري كاذب‬
‫ألنه مخالف للواقع‪.‬‬

‫(‪ -)1‬علي أيت أوشان‪ ،‬السياق والنص الشعري‪ ،‬من البنية إلى القراءة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫ط‪ ،2000 ،1‬ص‪. 16‬‬

‫(‪ -)2‬ينظر‪ :‬مسعود صحراوي‪ ،‬التداولية عند العلماء العرب‪ ،‬ص ‪.11-10‬‬

‫‪28‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫ب‪-‬أفعال أدائية أو إنشائية(انجازية)‪ :‬إذا نطق بها المتكلم أنجز فعال‬

‫(هي عكس النوع األول إذ ننفي عنها الصدق والكذب) (‪.)1‬‬


‫أما عن شروط نجاح الفعل فيها فهي‪:‬‬

‫ب‪ -1‬شروط تكوينية‪ :‬هي ضرورية‪ ،‬ويمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ :1‬وجود إجراء عرفي مقبول كالزواج مثال‪ ،‬وأن يتضمن نطق كلمات محددة من طرف أناس‬
‫معينين‪.‬‬

‫‪ :2‬أن يكون الناس مؤهلين للتنفيذ والذي يجب أن يكون صحيحا وكامال‪.‬‬

‫ب‪ -2‬شروط قياسية‪ :‬هي ليست ضرورية ولكن حضورها يساعدنا في الحكم على نجاح‬

‫الفعل أو فشله مثل‪:‬الصدق في أداء الفعل وحسن أدائه(‪.)2‬‬

‫كما أقر "أوستين"(‪ )Austin‬إمكانية الخلط بين األفعال اإلخبارية واألفعال اإلنشائية‬
‫ومثال عن ذلك قولنا ( أنا عطشان) فعل إخباري يؤدي وظيفة فعل إنشائي بمعنى‬
‫(‪)3‬‬
‫كما أقر أيضا أن "كل جملة تامة مستعملة تقابل انجاز‬ ‫الطلب(أحضر لي كوب ماء)‬
‫(‪)4‬‬
‫عمل لغوي واحد على األقل"‬

‫(‪ -)1‬الجياللي دالش‪ ،‬مدخل إلى اللسانيات التداولية ‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫(‪ -)2‬محمود أحمد نحلة‪ ،‬آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر‪ ،‬ص ‪.45-44‬‬
‫(‪ -)3‬المرجع نفسه ص ‪.45‬‬
‫(‪ -)4‬آن روبول وجاك موشالر‪ ،‬التداولية اليوم علم جديد في التواصل‪ ،‬ص‪. 31‬‬

‫‪29‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫ويميز هنا بين ثالث أنواع من األعمال اللغوية هي‪:‬‬

‫‪ ‬العمل القولي‪ :‬هو العمل الذي يتحقق ما إن نتلفظ بشيء ما‪.‬‬


‫‪ ‬العمل المتضمن في القول‪ :‬هو العمل الذي يتحقق نتيجة لقولنا شيئا ما‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ‬عمل التأثير بالقول‪ :‬هو العمل الذي يتحقق نتيجة قولنا شيئا ما‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫أما فيما يخص األعمال الالقولية فقد اقترح "أوستين"(‪ )Austin‬خمسة أقسام هي‬

‫‪-1‬الحكميات‪ :‬تتمثل في الحكم‪ ،‬نحو التبرئة‪ ،‬اإلدانة ‪،‬الفهم ‪،‬إصدار األمر‪ ،‬اإلحصاء ‪،‬‬

‫التوقع‪ ،‬التقويم ‪ ،‬التصنيف ‪ ،‬التشخيص‪ ،‬الوصف‪ ،‬التحليل‪....‬‬

‫‪-2‬التنفيذيات‪ :‬وتقضي بمتابعة أعمال مثل‪ :‬الطرد ‪ ،‬العزل‪ ،‬التسمية‪ ،‬االتهام‪ ،‬التوصية ‪،‬‬

‫االستقالة‪ ،‬التوسل‪ ،‬الفتح ‪ ،‬أو الغلق‬

‫ويبدو هذا القسم فسيحا جدا‪.‬ويتأسس التمييز بين األعمال المندرجة فيه وبين األعمال‬
‫المندرجة ضمن الصنف األول‪ ،‬على كون التنفيذيات هي أعمال تنفيذ األحكام‪ ،‬ولكنها ليست‬
‫في حد ذاتها حكميات‪.‬‬

‫‪-3‬الوعديات‪ :‬إن الوعديات تلزم المتكلم بالقيام بتصرف بطريقة ما‪ ،‬مثل ‪:‬‬

‫التعاقد والعزم والنية والقسم واإلذن والتفضيل‪ ...‬واذا وجدت فروق في الدرجة‬
‫ُ‬ ‫الوعد والموافقة و‬
‫"التعاقد" و"النية"‪ ،‬فاألمر يتعلق بأعمال من طبيعة واحدة‪ ،‬التي تُحمل على القول‬
‫ُ‬ ‫بين‬
‫اإلنشائي األولي‪" :‬سأفعل"‪.‬‬

‫(‪ -)1‬آن روبول وجاك موشالر‪ ،‬التداولية اليوم علم جديد في التواصل ‪ ،‬ص ‪. 32-31‬‬
‫(‪ -)2‬فيليب بالنشيه‪ ،‬التداولية من أوستين إلى غوفمان‪ ،‬ص ‪. 62‬‬

‫‪30‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪-4‬السلوكيات‪ :‬وهي أعمال تتفاعل مع أفعال الغير‪ ،‬نحو‪ :‬االعتذار والشكر والتهنئة‬

‫والرأفة والنقد والتصفيق والترحيب والكره والتحريض‪....‬‬

‫‪-5‬الفرضيات‪ :‬وهي أعمال تختص َ‬


‫بالع ْرض مثل ‪ :‬التأكيد والنفي والوصف واإلصالح‬

‫والذكر والمحاجة والقول والتأويل والشهادة والنقل والتوضيح والتفسير والتدليل واإلحالة ‪....‬‬

‫‪ -2‬الفعل الكالمي عند "سيرل"(‪:)searle‬‬


‫وسع " جون سيرل" نظرية أستاذه "أوستين"(‪ " )Austin‬فطور نظرية أفعال الكالم‬
‫أفكار هامة حيث أنه صنف األفعال الكالمية إلى أفعال‬
‫وأضاف إلى ما جاء به "أوستين" ًا‬
‫مباشرة وأفعال غير مباشرة‪ ،‬أما األولى فهي ال تكون فيها عالمات الفعل المقصود في‬
‫القول نفسه في حين أن األفعال غير المباشرة تحتاج إلى تأويل إلظهار نيتها أو قصدها‬
‫اإلنجازي" (‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وقد صنف "سيرل"(‪ )searle‬نظرية األفعال الكالمية إلى خمسة أقسام هي ‪:‬‬

‫‪ .1‬أفعال اإلثبات‪ :‬غايتها الكالمية تكمن في جعل المتكلم مسؤوال عن وجود وضع‬

‫لألشياء ويشمل‪ :‬التأكيد ‪ ،‬الوصف‪...‬‬

‫‪ .2‬أفعال التوجيه‪ :‬وغايتها حمل الشخص على القيام بفعل معين وتشمل‪ :‬األمر‪،‬‬
‫النهي‪....‬‬

‫‪.3‬أفعال الوعد‪ :‬وغايتها إلزام المتكلم بالقيام بشيء معين‪.‬‬

‫(‪ -)1‬خولة طالب اإلبراهيمي‪ ،‬مبادئ في اللسانيات‪ ،‬دار القصبة للنشر ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ط‪ ،2006 ،2‬ص ‪. 163-162‬‬

‫(‪ -)2‬عمر بلخير‪ ،‬تحليل الخطاب المسرحي في ضوء النظرية التداولية‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص‬
‫‪.161-160‬‬

‫‪31‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪.4‬األفعال التعبيرية‪ :‬وتتمثل في التعبير عن حالة نفسية مثل‪ :‬االعتذار والسرور‪.‬‬

‫‪.5‬اإلعالنات‪ :‬غايتها إحداث تغيير عن طريق اإلعالن وتشمل األفعال الدالة على ذلك‬
‫مثل‪ :‬اإلعالم‪ ،‬اإلعالن‪ ،‬اإلخبار‪. ...‬‬

‫وانطالقا من تحديد معاني أفعال الكالم وتقسيماتها يرى"فان ديك" أن أفعال الكالم هي‬
‫الغرض الرئيس للتداولية فيقول‪ " :‬وغني عن القول أن تحليالً سليماً ألفعال الكالم هو‬
‫الغرض الرئيسي للتداولية (أفعال الكالم) ألنه يمكن أن يتم بغير فهم مسبق لمعنى الفعل‬
‫أو التصرف"(‪.)1‬‬

‫(‪ -)1‬فان ديك ‪ ،‬النص والسياق‪ ،‬استقصاء البحث في الخطاب الداللي والتداولي‪ ،‬ترجمة عبد القادر قنيني‪ ،‬إفريقيا الشرق‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬د ط‪ ،2000 ،‬ص ‪. 227‬‬

‫‪32‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثالث‪ :‬االستلزام الحواري‬

‫يقصد به أن يستعمل المتكلم آلية ال يرتبط فيها اللفظ برابط لغوي‪ ،‬بل يرتبط ببيان القصد‬
‫على إسهام عناصر السياق الموظفة‪ ،‬فالمتلقي ال يدرك معناها إال من خالل القرائن وأضرب‬
‫االستدالل العقلي‪ ،‬كأن يرد المخاطب على السائل ردا ال يصلح حرفيا أن يكون جوابا عما‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫سئل عنه في مقام التعريض‪ ،‬وهو المصطلح عليه باالستلزام الحواري‬
‫وقد نشأت هذه الفكرة عند "جرايس" (‪ )Grice‬نتيجة لتفرقته بين المعنى الصريح للجملة‬
‫(‪)2‬‬
‫وبين ما تحمله من معنى متضمن فيها وهو بذلك يفرق بين نوعين من االستلزام الحواري‬
‫وهما‪:‬‬
‫أ‪.‬االستلزام العرفي‪ :‬وهو قائم على ما تعارف عليه أصحاب اللغة من استلزام بعض‬

‫األلفاظ دالالت بعينها ال تنفك عنها مهما اختلف بها السياق وتغيرت التراكيب‪.‬‬

‫ب‪ .‬االستلزام الحواري‪ :‬وهو يتغير بتغير السياق الذي يرد فيه‪ ،‬فحين يقال كم الساعة فإن‬

‫مقصد المتكلم يختلف حسب السياق الذي وردت فيه الجملة‪ ،‬فقد يكون سؤاال وقد يكون‬
‫توبيخا للتأخر‪.‬‬
‫وقد رأى "جرايس" (‪ )Grice‬أن الناس في حديثهم قد يقولون ما يقصدون‪ ،‬وقد يقصدون‬
‫أكثر مما يقولون‪ ،‬وقد يقصدون عكس ما يقولون‪ ،‬ولحل مشكلة سوء التفاهم بين الناس رأى‬
‫"جرايس"(‪ )Grice‬أن أي خطاب يجب أن يقوم على مبدأ التعاون بين المرسل والمتلقي وقد‬
‫تفرع عن هذا المبدأ المبادئ التالية‪:‬‬

‫(‪ -)1‬نعمان بوقرة‪ ،‬نحو نظرية لسانية عربية لألفعال الكالمية‪ ،‬قراءة استكشافية للتفكير التداولي في المدونة اللسانية‬
‫التراثية‪ ،‬مجلة اللغة واألدب‪ ،‬د ت‪ ،‬عدد ‪ ،17‬ص ‪.199‬‬
‫(‪ -)2‬محمود أحمد نحلة‪ ،‬التعريف والتنكير بين الداللة والشكل‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق‪ ،‬مصر‪ ،‬د ط‪ ،1999 ،‬ص ‪.55‬‬

‫‪33‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬مبدأ الكم‪ :‬يجب أن يكون الحوار مناسبا من غير زيادة أو نقصان‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ الكيف‪ :‬ال ينبغي قول ما هو غير صحيح أو ما ليس فيه دليل عليه‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ المناسبة‪ :‬مناسبة الكالم للموضوع‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ الطريقة‪ :‬أي الوضوح والتحديد‪ ،‬مع تجنب الغموض‪ ،‬واللبس والقيام باإليجاز‬

‫وترتيب الكالم (‪.)1‬‬

‫(‪ -)1‬ينظر‪ :‬آن روبول وجاك موشالر‪ ،‬التداولية اليوم علم جديد في التواصل‪ ،‬ص‪. 55‬‬

‫‪34‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الرابع‪ :‬االفتراض المسبق‬

‫ينتمي االفتراض المسبق إلى الجهاز المفاهيمي لالستراتيجية التداولية‪ ،‬وهو يحدد‬
‫على أساس معطيات لغوية بين المتكلم والمستمع‪ ،‬ويرى التداولين أن " االفتراضات المسبقة‬
‫ذات أهمية قصوى في عملية التواصل واإلبالغ‪ ،‬ففي التعليميات تم االعتراف بدور‬
‫االفتراضات المسبقة منذ زمن طويل‪ ،‬فال يمكن تعليم الطفل معلومة جديدة إال بافتراض‬
‫وجود أساس سابق يتم االنطالق منه والبناء عليه‪ .‬أما مظاهر سوء التفاهم المنضوية‬
‫تحت التواصل الشيء فلها سبب أصلي مشترك هو ضعف أساس االفتراضات المسبقة‬
‫(‪)1‬‬
‫الضروري لنجاح كل تواصل كالمي"‪.‬‬

‫ومن هنا يتضح أنه على المتكلم أن يؤسس حديثه وتواصله مع المتلقي على أساس‬
‫المعلومة السابقة المشتركة بينهما‪ ،‬بمعنى أن يوجه المتكلم حديثه إلى السامع على أساس ما‬
‫يفترض سلفا أنه معلوم له‪ ،‬فاالفتراض المسبق إذن هو" مالم يصرح به المتكلم باأللفاظ‪ ،‬بل‬
‫(‪)2‬‬
‫ما يؤخذ به ضمنا حينما يعبر عن أمر ما"‪.‬‬

‫نحو‪ :‬إذا قال رجل آلخر(أغلق النافذة) فهذا يعني أن هناك خلفيةُ افتراض مسبق مضمونها‬
‫مبرر يدعو إلى إغالقها‪.‬‬
‫ا‬ ‫أن النافذة مفتوحة‪ ،‬وأن هناك‬

‫(‪ -)1‬مسعود صحراوي‪ ،‬التداولية عند العرب‪ ،‬دراسة تداولية لظاهرة "األفعال الكالمية" في التراث اللساني العربي‪ ،‬ص ‪32‬‬
‫(‪ -)2‬شفيقة العلوي‪ ،‬محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة‪ ،‬أبحاث للترجمة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪.86‬‬

‫‪35‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الخامس‪ :‬الحجاج وآلياته‬


‫يعد الحجاج من بين أهم النظريات التي تهتم بها التداولية‪ ،‬ذلك أنه آلية مهمة تبنتها‬
‫أغلب بحوث تحليل الخطاب المعاصرة‪ ،‬وتكمن أهميتها في انطباقها السهل واليسير على‬
‫جل المدونات التي يعنيها الدرس التداولي بالتحليل‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهومه‪:‬‬

‫دارت معاني الحجاج في المعاجم اللغوية حول مادة (ح ج ج) ‪ ،‬ومنها ما جاء في لسان‬
‫العرب" الحجة‪ :‬البرهان‪ ،‬وقيل الحجة ما دوفع به الخصم‪ ،‬والحجة الوجه الذي يكون به‬
‫الظفر عند الخصومة‪...‬التحاجج‪ :‬التخاصم‪ .‬االحتجاج من احتج بالشيء أي اتخذه‬
‫(‪)1‬‬
‫حجة‪ ...‬والحجة الدليل والبرهان‪ ،‬وأحج خصمي أي أغلبه بالحجة‪".‬‬

‫(‪)2‬‬
‫وقد قال "الجرجاني"‪" :‬الحجة ما ُدل به على صحة الدعوى‪ ،‬وقيل الحجة والدليل واحد‪".‬‬

‫ومما جاء في المعجم الفلسفي "لجميل صليبا"‪ ":‬الحجاج هو جملة من الحجج التي يؤتى‬

‫(‪)3‬‬
‫بها للبرهان على رأي أو إبطاله أو هو طريقة تقديم الحجج واالستفادة منها‪".‬‬

‫بهذا نلحظ أن الحجاج يحمل معاني كثيرة منها‪ :‬التخاصم‪ ،‬التنازع‪ ،‬التغالب‪ ،‬وذلك‬
‫باستعمال الوسيلة المتمثلة في الدليل والبرهان‪ ،‬فأساس الحجاج إذن االرتكاز على دليل معين‬
‫قصد إثبات قضية ما‪.‬‬

‫(‪ -)1‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مج‪ ،02 /‬ص‪.228‬‬
‫(‪ -)2‬الجرجاني(الشريف علي بن محمد)‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تح‪ :‬إبراهيم األبياري‪ ،‬دار اللسان العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د ط ‪،‬‬
‫‪1992‬م‪ ،‬ص ‪.482‬‬
‫(‪ -)3‬جميل صليبا‪ ،‬المعجم الفلسفي باأللفاظ العربية والفرنسية واإلنجليزية‪ ،‬والالتينية‪ ،‬ج‪ ،1‬الشركة العالمية للكتاب‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د ط‪ 1994 ،‬م‪ ،‬ص ‪.446‬‬

‫‪36‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫أما من الناحية االصطالحية فمفهوم الحجاج مفهوم عائم يصعب حصره والتعريف به‪،‬‬
‫فنجد "طه عبد الرحمن" في كتابه( اللسان والميزان) قد عقد له باب سماه (الخطاب‬
‫والحجاج) كما عرف الحجاج انطالقا من مبدأين أساسيين هما‪ :‬قصد اإلدعاء وقصد‬
‫االعتراض ‪ ،‬اذ يقول‪ ":‬إذ حد الحجاج أنه كل منطوق به موجه إلى الغير إلفهامه دعوى‬
‫(‪)1‬‬
‫خصومة يحق له االعتراض عليها‪".‬‬
‫والحجاج عند "شيفرين")‪ ": (Schiffrin‬جنس من الخطاب‪ ،‬تبنى فيه جهود األفراد‬
‫(‪)2‬‬
‫دعامة مواقفهم الخاصة‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬الذي ينقضون فيه دعامة موقف خصومهم‪".‬‬
‫كما أن "بيرلمان")‪ (Perelman‬يعرفه على أنه‪ ":‬التقنيات الخطابية التي تسمح بإثارة‬
‫(‪)3‬‬
‫أو زيادة موافقة األذهان مع األطروحات التي تعرض عليها بهدف تقبلها‪".‬‬
‫أما "بالنتان")‪ (Plantin‬فقد تناول الحجاج من وجهة نظر لغوية باألساس‪ ،‬فهو يعرفه‬
‫"كعملية لغوية يحاول من خاللها مستخدم اللغة الحصول على قبول متلقيه لنتيجة ما‬
‫(‪)4‬‬
‫وذلك بتقديمه لسبب يجعل هذه النتيجة مقبولة‪".‬‬
‫من خالل هذه المفاهيم نخلص إلى أن الحجاج جنس خاص من الخطاب‪ ،‬صادر من‬
‫متكلم له دعواه الخاصة التي يريد إيصالها إلى المتلقي واقناعه بها‪ ،‬عبر مجموعة من‬
‫التبريرات والتعليالت والبراهين‪ ،‬مع العلم أن للمتلقي الحق في القبول أو االعتراض على هذه‬

‫(‪ -)1‬طه عبد الرحمن‪ ،‬اللسان والميزان أو التكوثر العقلي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪، 1998 ،1‬‬
‫ص‪.226‬‬
‫(‪ -)2‬محمد العبد‪ ،‬النص الحجاجي العربي (دراسة في وسائل اإلقناع)‪ ،‬مجلة فصول‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬عدد ‪ ،60‬صيف‬
‫‪ ،2002‬ص ‪. 44‬‬
‫(‪ -)3‬فيليب بروتون وجيل جوتييه ‪ ،‬تاريخ نظريات الحجاج‪ ،‬تر‪ /‬محمد صالح ناحي الغامدي جامعة الملك عبد العزيز‪،‬‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪2011 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫(‪ -)4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.101‬‬

‫‪37‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫الدعوة‪ ،‬فالحجاج إذن ميزة من ميزات التخاطب التداولي ألنه يعتبر آلية من آليات التأثير‬
‫واإلقناع‪.‬‬

‫‪ -2‬تقنيات وآليات الحجاج‪:‬‬


‫تتمثل تقنيات الحجاج في ثالثة أنواع وهي‪ :‬األدوات اللغوية‪ ،‬اآلليات البالغية والسلم‬
‫الحجاجي‪ ،‬وفيما يأتي تفصيل لكل منها‪.‬‬

‫أ‪ -‬األدوات اللغوية‪:‬‬


‫ونقصد بها العوامل والروابط الحجاجية‪ ،‬وهنا وجب التفريق بينهما‪ "،‬فالروابط تربط بين‬
‫قولين‪ ،‬أو بين حجتين على األصح(أو أكثر)‪ ،‬ويمكن التمثيل للروابط الحجاجية باألدوات‬
‫التالية‪ :‬بل ‪ ،‬لكن ‪ ،‬حتى ‪ ،‬السيما‪ ،‬إذن‪ ،‬بما أن‪ ،‬إذ‪ ،...‬أما العوامل الحجاجية‪ ،‬فهي ال‬
‫تربط بين متغيرات حجاجية (أي بين حجة ونتيجة أو بين مجموعة حجج)‬
‫كثير ‪،‬‬
‫ًا‬ ‫تقريبا‪ ،‬كاد ‪ ،‬قليالً‪،‬‬
‫ً‬ ‫وتضم العوامل الحجاجية مجموعة من األدوات من قبيل‪:‬ربما‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫إال‪ ،‬وجل أصوات القصر"‬

‫ب‪ -‬اآلليات البالغية‪:‬‬


‫كثير ما يندمج الحجاج مع البالغة في كثير من األساليب واألدوات من أجل الوصول‬
‫ا‬
‫إلى غرض محدد‪ ،‬وما يهمنا في هذا الموضع هو الوظائف الحجاجية التي تؤديها الصور‬
‫البالغية ضمن الحجاج‪ "،‬فاألساليب البالغية قد يتم عزلها عن سياقها البالغي لتؤدي‬
‫وظيفة إقناعية استداللية‪ .‬ومن هنا يتبين أن معظم األساليب البالغية تتوفر على خاصية‬
‫‪ ،‬ومن‬ ‫(‪)2‬‬
‫التحول ألداء أغراض تواصلية‪ ،‬وإلنجاز مقاصد حجاجية وإلفادة أبعاد تداولية‪".‬‬
‫بين اآلليات البالغية نذكر‪:‬‬

‫(‪ -)1‬أبو بكر العزاوي‪ ،‬اللغة والحجاج‪ ،‬العمدة في الطبع‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص‪.27‬‬

‫(‪ -)2‬صابر الحباشة‪ ،‬التداولية والحجاج مداخل ونصوص‪ ،‬صفحات للدراسة والنشر‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬اإلصدار األول‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.50‬‬

‫‪38‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫ب‪ -1-‬تقسيم الكل إلى أجزائه‪:‬‬


‫بمعنى أن يذكر المرسل حجته كليا في أول األمر‪ ،‬ثم يعود إلى تفنيدها وتعداد أجزائها‪ ،‬إن‬
‫كانت ذات أجزاء ‪ ،‬وذلك ليحافظ على قوتها الحجاجية فكل جزء منها بمثابة دليل على‬
‫(‪)1‬‬
‫دعواه‬

‫ب‪ -2-‬االستعارة‪:‬‬
‫هي إحدى آليات الحجاج البالغية‪ ،‬وتعرف االستعارة الحجاجية بكونها" تلك االستعارة التي‬
‫(‪)2‬‬
‫تهدف إلى إحداث تغيير في الموقف الفكري أو العاطفي للمتلقي‪".‬‬

‫ب‪ -3-‬التمثيل‪:‬‬
‫وهو عقد الصلة بين صورتين‪ ،‬ليتمكن المرسل من االحتجاج وبيان حججه‪.‬‬

‫ب‪ -4-‬البديع‪:‬‬
‫يعتمد المرسل على علم البديع وما فيه من محسنات إلقناع المرسل إليه بوجهة نظره‪،‬‬
‫فيخرج بذلك من دائرته الجمالية إلى دائرة أوسع هي اإلقناع وفي هذا يقول "صابر‬
‫بديعيا لهو حجاجي إذا كان استعماله‪ ،‬وهو يؤدي دوره في تغيير‬
‫ً‬ ‫الحباشة"‪ ":‬إن محسناً‬
‫زاوية النظر‪ ،‬يبدوا معتا ًدا في عالقته بالحالة الجديدة المقترحة‪ .‬وعلى العكس من ذلك‪،‬‬
‫فإذا لم ينتج عن الخطاب استمالة المخاطب‪ ،‬فإن المحسن سيتم إدراكه باعتباره زخرفة‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫سن أسلوب; ويعود ذلك إلى تقصيره عن أداء دور اإلقناع‪".‬‬
‫أي باعتباره ُم َح َ‬
‫ب‪ -5-‬التكرار‪:‬‬
‫إلى جانب كل من التمثيل و البديع و األليات البالغية األخرى‪ ،‬نجد التكرار الذي هو‬

‫(‪ -)1‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ ،‬استراتيجيات الخطاب‪ ،‬ص ‪.494‬‬


‫(‪ -)2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.495‬‬
‫(‪ -)3‬صابر الحباشة‪ ،‬التداولية والحجاج مداخل ونصوص‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪39‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫أيضا عنصر من عناصر الحجاج المهمة‪ ،‬إذ له دور بارز في زيادة حضور الفكرة في‬
‫ذهن المتلقي و تقريبها و ذلك من خالل ترديدها‪ ،‬كما أنه من أكثر األساليب السائدة في‬
‫مختلف الخطابات و هو ما تؤكده "سامية الدريدي" إذ ترى أن "التكرار أسلوب شائع‬
‫في الخطابات على تنوع مواضيعها و اختالف أجناسها ولكنه ال يدرس ضمن الحجج‬
‫و البراهين التي يقدمها المتكلم لفائدة أطروحة ما‪ ،‬حيث يوفر لها طائفة مضافة‬
‫تحدث أث ارً جليالً في المتلقي‪ ،‬و تساعد على نحو فعال في إقناعه‪ ،‬أو حمله على‬
‫اإلذعان‪ ،‬ألن التكرار يساعد على‪:‬‬

‫التبليغ و اإلفهام‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ترسيخ الرأي أو الفكرة في المتلقي"‪.‬‬


‫(‪)1‬‬
‫‪-‬‬

‫وال شك في أن للتكرار فائدة تداولية‪ ،‬ألن مناط االهتمام هو المخاطَب الذي‬


‫يعد الطرف المقصود في عملية التواصل‪ ،‬حيث يتم التوجه إليه بتأكيد األمر‪،‬‬
‫إلشعاره بعظمته سواء تعلق األمر بالمتلقي أو المتكلم‪ ،‬وهذا من شأنه تمتين‬
‫اللحمة بينهما "سواء تعلق األمر بتكرار اللفظ أو تكرار المعنى‪ ،‬وذلك ألن من‬
‫يريد التأثير في األخر و إقناعه‪ ،‬وحمله على اإلذعان‪ ،‬البد أن يعيد الحديث‬
‫عن الفكرة نفسها في أكثر من موضع‪ .‬وبما أن الفكرة ال جديد فيها‪ ،‬يمكننا‬
‫تسمية هذا النوع من التكرار بالتكرار المغالطي أو المضلل‪ ،‬ولكنه فاعل في‬
‫(‪)2‬‬
‫المتلقي لخفائه و عجز المتلقي عن اكتشافه ألول وهلة"‪.‬‬

‫(‪ -)1‬سامية الدريدي‪ ،‬الحجاج في الشعر العربي القديم‪ ،‬بنيته و أساليبه حتى القرن الثاني الهجري‪ ،‬عالم الكتاب الحديث‪،‬‬
‫أربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص ‪.168‬‬
‫(‪ -)2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.117‬‬

‫‪40‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫ج‪ -‬السلم الحجاجي‪:‬‬


‫هو عالقة ترتيبية للحجج‪ ،‬فعندما تقوم بين الحجج المنتمية إلى فئة حجاجية ما عالقة‬
‫ترتيبية معينة‪ ،‬فإن هذه الحجج تنتمي إلى نفس السلم الحجاجي وهو‪:‬‬
‫" مجموعة غير فارغة من األقوال مزودة بعالقة ترتيبية وموفية بالشرطين التاليين‪:‬‬
‫‪ -1‬كل قول يقع في مرتبة ما من السلم يلزم عنه ما يقع تحته بحيث تلزم عن القول‬
‫الموجود في الطرف األعلى جميع األقوال التي ُدوَنه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ال أقوى عليه‪".‬‬
‫‪ -2‬كل قول كان في السلم دليالً عن مدلول معين‪ ،‬كان ما يعلوه دلي ً‬

‫(‪ -)1‬طه عبد الرحمن‪ ،‬اللسان والميزان أو التكوثر العقلي‪ ،‬ص ‪.277‬‬

‫‪41‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث السادس‪ :‬السياق وأنواعه‬


‫ُي َعد السياق من اإلجراءات الكبرى التي تعتمدها االستراتيجيات التداولية ألن التناول‬
‫المراعي لحيثيات السياق هو التناول األقرب إلى الصواب‪ ،‬لذلك هناك دراسات كثيرة تهتم‬
‫بهذا الجانب اإلجرائي الذي من خالله يمكن تحديد مقاصد الخطاب‪ ،‬ذلك أن كل المعاني‬
‫والمقاصد البد لها من سياق معين ترد فيه كون" العديد من الملفوظات ال يمكن تحديد‬
‫معناها بدقة إال بمعرفة سياقها الذي وردت فيه‪ ،‬فعادة ما يسأل شخص عن معنى كلمة‬
‫فيضطر إلى التساؤل عن سياقها الذي وردت فيه"(‪ ،)1‬فالعناية بالسياق إذن وسيلة للوصول‬
‫على المعنى وتحديده وفي هذا الصدد يقول "ابن قيم الجوزية"‪ ":‬السياق يرشد إلى تبيين‬
‫المجمل‪ ،‬وتعيين المحتمل‪ ،‬والقطع بعدم احتمال غير المراد‪ ،‬وتخصيص العام‪ ،‬وتقييد‬
‫المعاني‪ ،‬وتنوع الداللة‪ ،‬وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم‪ ،‬فمن أهمله غلط‬
‫(‪)2‬‬
‫في نظره‪ ،‬وغالط في مناظرته‪".‬‬

‫‪ -1‬مفهومه‪:‬‬
‫تعرفه "خلود العموش" بقولها ‪ ":‬أن السياق يفسر الكثير من العمليات المصاحبة‬
‫ألداء اللغة في وظيفتها التواصلية واالبالغية‪ ،‬لدى كل من منتج الكالم والمتلقي‪ ،‬وأنه ركن‬
‫(‪)3‬‬
‫أساس في فهم الرسالة اللغوية‪".‬‬
‫ويرى "هاليداي" )‪ (Halliday‬أن السياق‪ ":‬هو النص اآلخر‪ ،‬أو النص المصاحب للنص‬
‫(‪)4‬‬
‫الظاهر‪ ،‬وهو بمثابة الجسر الذي يربط التمثيل اللغوي ببيئته الخارجية‪".‬‬

‫(‪ -)1‬علي آيت أوشان‪ ،‬السياق والنص الشعري ‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫(‪ -)2‬الطاهر سليمان حمودة‪ ،‬ابن القيم الجوزية‪ -‬جهود في الدرس اللغوي‪ -‬دار الجامعات المصرية‪ ،‬دط‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪183‬‬
‫(‪ -)3‬خلود العموش‪ ،‬الخطاب القرآني ‪ ،‬عالم الكتب الحديث ‪،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص ‪.26‬‬
‫(‪ -)4‬يوسف نور عوض‪ ،‬علم النص ونظرية والترجمة‪ ،‬دار الثقة‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪1410 ،1‬ه‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪42‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫أما في حقل التداوليات فقد عرف السياق بكونه " مجموعة الظروف التي تحف حدوث‬
‫فعل التلفظ بموقف الكالم(‪ )...‬وتسمى هذه الظروف في بعض األحيان بالسياق‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪" )contexte‬‬

‫من خالل التعاريف نلحظ أن داللة السياق قد وجدت عناية فائقة لدى الباحثين‪ ،‬على‬
‫مختلف اتجاهاتهم‪ ،‬تتناسب مع أهميتها في تحديد داللة الخطاب أو الكالم‪ ،‬والتي تشمل‬
‫معتقدات المتكلم وشخصيته وتكوينه وثقافته‪ ،‬ومن يشارك في الحدث اللغوي‪ ،‬والوقائع‬
‫الخارجية مثل‪ :‬الظروف المكانية والزمانية والظواهر االجتماعية المرتبطة باللغة‪.‬‬

‫‪ -2‬أنواع السياق‪:‬‬
‫ُيعد السياق أهم مباحث الدرس التداولي‪ ،‬وذلك الرتباط التداوليات على اختالف‬
‫نماذجها ومقترحاتها به‪ ،‬ويمكن أن نجمل أنواع السياق المرتبطة بالدرس التداولي فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪-‬السياق النصي‪ :‬وهو سياق القرائن أو ما يسمى بنحو النص‪.‬‬

‫ب‪-‬السياق الوجودي‪ :‬ويتضمن هذا السياق المرجعي بطبعه (عالم األشياء‪ ،‬حالتها‪،‬‬

‫األحداث) التي ترجع إليها التعبيرات اللغوية‪ ،‬ويتم االنتقال من الداللة إلى التداولية حالما‬
‫ُي ْد َرك أن المرسل والمرسل إليه‪ ،‬وكذلك موقعهم الزماني والمكاني هي مؤشرات للسياق‬
‫(‪)2‬‬
‫الوجودي‪.‬‬

‫(‪ -)1‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ ،‬استراتيجيات الخطاب‪ ،‬ص ‪. 41‬‬


‫(‪ -)2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.43-42‬‬

‫‪43‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫ج‪ -‬السياق المقامي‪" :‬نعبر هنا من شيء مادي خالص إلى شيء وسيط ثقافياً‪،‬‬

‫يتميز المقام باالعتراف به اجتماعياً كمتضمن لغاية أو غايات وعلى معنى مالزم‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫تتقاسمه الشخصيات المنتمية إلى نفس الثقافة"‬
‫مثل‪ :‬ما يدور بين طبيبين من محادثات حول حالة مرضية ما‪ ،‬إذن في هذه الحالة‬
‫مقامها العلمي هو الذي يحكم المحادثة‪.‬‬

‫د‪ -‬سياق الفعل‪ " :‬تعد األفعال اللغوية أصنافًا جزئية من السياق المقامي‪.....‬‬

‫واألفعال اللغوية أفعاالً إاردية‪ ،‬إذ يقصد المرسل انجازها ويريد أن يدرك المرسل إليه هذا‬
‫(‪)2‬‬
‫فسياق الفعل إذن هو العالقة التي تربط بين طرفي االتصال‪.‬‬ ‫القصد‪".‬‬

‫ه‪ -‬السياق النفسي‪:‬‬


‫إن اعتبار الخطاب فعال‪ ،‬وأن الفعل اللغوي قصد مشروط يؤدي إلى دمج الحاالت‬
‫الذهنية والنفسية‪ ،‬فتصبح المقاصد والرغبات مسؤولة عن برنامج الفعل والتفاعل وهو‬
‫(‪)3‬‬
‫محط اهتمام التفسير التداولي‪.‬‬
‫إجماال نلحظ أن هذه األنواع من السياقات متداخلة ومترابطة فيما بينها‪ ،‬فال يستغني أي‬
‫منها على األنواع األخرى‪.‬‬

‫(‪ -)1‬علي أيت أوشان‪ ،‬السياق والنص الشعري‪ ،‬ص‪.60‬‬


‫(‪ -)2‬عبد الهادي بن ظافر الشهري ‪ ،‬استراتيجيات الخطاب‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫(‪ -)3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.44‬‬

‫‪44‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -3‬عناصر السياق‪:‬‬

‫للسياق مكونات عديدة وعناصر مختلفة‪ ،‬تظهر أثناء تفاعله في دورة خطابية معينة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ونجد "هاليداي")‪ (Halliday‬يجمل عناصر السياق فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬موضوع الحدث األساسي‪.‬‬

‫‪ -1‬الوسيلة اللغوية نطقا أو كتابة‪.‬‬


‫‪ -2‬نوع النص من حيث كونه سرديا أو جدليا‪(....‬النوع األدبي مثال‪).‬‬
‫‪ -3‬أسلوب النص( نوع الكالم نحويا) األمر‪ ،‬االستفهام‪ ،‬الرجاء‪ ،‬و(نوع الكالم اجتماعيا)‬
‫من حيث الرسمية وعدمها‪.‬‬
‫‪ -4‬المتكلم‪.‬‬
‫‪ -5‬المخاطب (السامع)‪.‬‬
‫‪ -6‬المشاركون في الحدث اللغوي من حيث المستوى االجتماعي والثقافي‪ ،‬وعالقة كل منهم‬
‫بالمتكلم والسامع‪ ،‬أو بالحدث في إجماله‪.‬‬
‫‪ -7‬الغاية التي يساق لها النص(الغرض) كاإلخبار‪ ،‬والوصف‪ ،‬والطلب بعمومه‪...‬‬

‫‪ -9‬األشياء المحيطة بالحدث (المكان والزمان)‬

‫(‪ -)1‬ردة اهلل بن ردة بن ضيف اهلل الطلحي‪ ،‬داللة السياق‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪1423 ،1‬ه‪ ،‬ص‪.570 -569‬‬

‫‪45‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫ويرى "الشهري" أن السياق يتكون من "المرسل والمرسل إليه‪ ،‬وما بينهما من عالقة‬
‫باإلضافة إلى مكان التلفظ وزمانه‪ ،‬وما فيه من شخوص وأشياء‪ ،‬وما يحيط بهما من‬
‫عوامل حياتية‪ :‬اجتماعية‪ ،‬أو سياسية‪ ،‬أو ثقافية‪ ،‬وأثر التبادل الخطابي في أطراف‬
‫(‪)1‬‬
‫الخطاب األخرى‪".‬‬
‫يالحظ في األخير أن بين هذه العناصر تداخال شديد‪ ،‬إذ ال يمكن فصل عنصر عن آخر‪،‬‬
‫ذلك أن مجموع هذه العناصر المشكلة للسياق تعد من العوامل األساسية التي تحدد مقاصد‬
‫الخطاب‪.‬‬

‫(‪ -)1‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ ،‬استراتيجيات الخطاب‪ ،‬ص ‪45‬‬

‫‪46‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪47‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪48‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬االشاريات‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أفعال الكالم‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬االستلزام الحواري‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬االفتراض المسبق‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬الحجاج و آلياته‪.‬‬

‫المبحث السادس‪ :‬السياق و أنواعه‪.‬‬


‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‪ :‬االشاريات‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريفها‪.‬‬
‫‪ -2‬أنواعها‪.‬‬
‫‪ -1-2‬االشاريات الشخصية‪.‬‬

‫‪ -2-2‬االشاريات الزمانية‪.‬‬

‫‪ -3-2‬االشاريات المكانية‪.‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أفعال الكالم‪.‬‬

‫‪ -1‬الفعل الكالمي عند "أوستين"‪.‬‬

‫‪ -2‬الفعل الكالمي عند "سيرل"‪.‬‬


‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثالث‪ :‬االستلزام الحواري‪.‬‬


‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الرابع‪ :‬االفتراض المسبق‪.‬‬


‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الخامس‪ :‬الحجاج و آلياته‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهومه‪.‬‬
‫تقنيات وأليات الحجاج‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫األدوات اللّغوية‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫األليات البالغية‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫السلم الحجاجي‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬


‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث السادس‪ :‬السياق و أنواعه‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهومه‪.‬‬

‫‪ -2‬أنواع السياق‬

‫‪ -3‬عناصر السياق‪.‬‬
‫اإلطار النظري للتحليل التداولي للخطاب السياسي‬ ‫الفصل األول‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاني‪ :‬التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلشاريات في الخطاب‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أفعال الكالم في الخطاب‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬االفتراض المسبق في الخطاب‬

‫المبحث الرابع‪ :‬البعد الحجاجي في الخطاب‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬السياق و تداولية الخطاب‪.‬‬


‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أفعال الكالم في الخطاب‪.‬‬

‫‪ -1‬أفعال اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -2‬أفعال التوجيه‪.‬‬
‫‪ -3‬أفعال الوعد‪.‬‬
‫‪ -4‬األفعال التعبيرية‪.‬‬
‫‪ -5‬األفعال اإلعالنية‪.‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلشاريات في الخطاب‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلشاريات الشخصية‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلشاريات الزمانية‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلشاريات المكانية‪.‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثالث‪ :‬االفتراض المسبق في الخطاب‪.‬‬


‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الرابع‪ :‬البعد الحجاجي في الخطاب‪.‬‬

‫‪ -1‬األدوات اللغوية( العوامل و الروابط الحجاجية )‪.‬‬


‫‪ -2‬اآلليات البالغية‪.‬‬
‫‪ -3‬السلم الحجاجي‪.‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الخامس‪ :‬السياق و تداولية الخطاب‪.‬‬

‫‪ -1‬السياق التاريخي‪.‬‬
‫‪ -2‬السياق االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -3‬السياق النفسي‪.‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التّحليلّالتّداوليّلخطابّالرئيسّالجزائريّ"عبدّالعزيزّبوتفليقة"ّ‬
‫فيّسطيفّبمناسبةّإشرافهّعلىّاالحتفاالتّالمخلدةّلذكرىّمجازرّ‪ّ08‬مايّ‪ّ1945‬وّ‬
‫زيارةّالعملّالتيّيقومّبهاّلهذهّالوالية‪:‬‬

‫ّّتمهيد‪ّ:‬‬

‫ألن المست تتتوت الت ت تداولي يجيت تتب عت تتن مجموعت تتة مت تتن األست تتئلة التت تتي تمثت تتل مو ت تتوعا ل ت ت‬
‫فستيوون وول اهتمامنتتا منصتتبا فتتي هتاا المجتتال و "منناّالوننروريّ اّنعننرفّعلننىّامنننلّمنناّ‬
‫هننوّالمننتكلمّوّمنناّهننوّالمسننتم ّوّزمننااّوّمكننااّإنتننا ّالخطنناب"ّ(‪ّ)1‬وهتتاا ول ت متتن وجتتل‬
‫التوصتتل ىلتتد اصتتد المتتتولا و فتتي الخطتتاب ال تا بتتين ويتتدينا المتتتولا وو ملقتتي الخطتتاب هتتو‬
‫الرئيس الج ازئتر "عبندّالعزينزّبوتفليقنة" و اتد ورترنا فيمتا ستبى ىلتد نبتاة اصتيرة عتن حياتت‬
‫و‬ ‫وما فيما يخص المستمع وو متلقي الخطاب فقد وج هاا األخير ىلتد رتباب مدينتة ستطي‬
‫من خاللها ىلد ول الرباب الجزائر و هو ما نجده في اولت ‪(:‬ماّهذهّالمنطقةّالمتميزةّإلنىّ‬
‫كلّالشبابّالجزائري‪ّ،‬بوديّ اّ خاطبّشبابّالجزائرّمناّخن لّشنابّسنطيفّالمجيند )‬
‫ومتا زمتتان الخطتتاب فقتتد ولقتتاه الترئيس الج ازئتتر الستتيد "عبنندّالعزيننزّبوتفليقننة" يتتوا الثالثتتا ‪08‬‬
‫و بمتا ون الخطتاب جتا‬ ‫ما ‪ 2012‬و الموتان التا ولقتي فيت الخطتاب هتو مدينتة ستطي‬
‫جريتدة النهتتار اليوميتتة الجزائريتتة فتتيمون‬ ‫فتي رتتول مقتتال موتتتوب ومنرتور علتتد ىحتتدت صتتفحا‬
‫توجي من وراد ون يطلع علي ىلد المواع اإللوتروني للجريدة‪.‬‬

‫البح ت‬ ‫متتن هنتتا ستتفحاول فتتي هتاا الفصتتل التطبيقتتي التطتترى ىلتتد وهتتا جوانتتب وو مجتتا‬
‫الت تداولي و ستتفروز علتتد وتتل العناصتتر التتتي تجعتتل ه تاا الخطتتاب السياستتي ال تا بتتين ويتتدينا‬
‫خطابا تداولي‬

‫الم تترب ط‪1‬‬ ‫التتنص متتدخل ىلتتد انستتجاا الخطتتاب المروتتز الثقتتافي العربتتي التتدار البي تتا‬ ‫(‪ )1‬محمتتد خطتتابي ‪ :‬لستتانيا‬
‫‪ 1991‬ص ‪.297‬‬

‫‪47‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحثّامول‪ّ:‬اإلشارياتّفيّخطابّالرئيسّالجزائري"ّعبدّالعزيزّبوتفليقة" ّ‬

‫التحليل التداولي و هي تعتمد وساسا علد‬ ‫الدرجة األولد من درجا‬ ‫ّّّّّتعد اإلراريا‬
‫بين المتخاطبين و اد حاول الرئيس الجزائر "ّعبدّالعزيزّ‬ ‫السياى الوجود للعالاا‬
‫بوتفليقةّ" ىوساب خطاب المرونة و الك ب رض تدعيا العالاة بين و بين مخاطبي و‬
‫بالتالي التفثير فيها و ىاناعها‪.‬‬

‫و اد استعمل في هاه ا ستراتيجية مبدو التفدب و التخلى في الوالا و الك لسببين‪ :‬ىما‬
‫مراعاة لعالات الحسنة مع المتلقي وو بقصد تفسيسها مع من خالل الخطاب‪.‬‬

‫عن معالا مبدو التفدب في‬ ‫وجب وو البح‬ ‫و ابل الرروع في تفصيل ونواع اإلراريا‬
‫حظنا خصورها بقوة؛ ألن الرئيس الجزائر وان يقصد من خالل هاا‬ ‫الخطاب حي‬
‫الخطاب التقرب من الرعب الجزائر و باألخص فئة الرباب و هو ما نلحظ منا بداية‬
‫علد ىثر‬ ‫هنف الرئيس الجزائر "ّعبدّالعزيزّبوتفليقةّ" فريى وفاى سطي‬ ‫الخطاب حي‬
‫نيل لوفس الجمهورية‪ .‬وما هنف وي ا فريى رباب بلوزداد علد ما ادم من جهد لنيل الوفس‬
‫و الك في اول ‪ّ(:‬وّبهذهّالمناسبةّ جدّنفسيّسعيداّّوّ ناّ رىّالفرحةّماّتزالّتغمركمّ‬
‫علىّإثرّنيلّفريقكمّالعتيدّوفاقّسطيفّكأسّالجمهورية‪ّ،‬كماّ هنئّفريقّشبابّبلوزدادّ‬
‫علىّماّ ب هّماّجميلّالب ءّبأنانةّلنيلّالكأس ) ّ‬

‫التي تتيحها الل ة من وجل تقوية التواصل و الترابط و‬ ‫وما نجده اد است ل اإلموانيا‬
‫ىخواني األفا ل ردوا بالوا يا و د ‪ ...‬فقد استعمل‬ ‫التماسك نحو‪ :‬وخواتي الف ليا‬
‫وي ا مجموعة وبيرة من األلفاظ العامية التي عبر من خاللها عن التقدير و ا حتراا للرعب‬
‫هاه األخيرة ىلد التودد و التقرب بين و بين‬ ‫الجزائر عامة و الرباب خاصة وما ود‬
‫المتلقي و هو ما يرمي ىلي الرئيس الجزائر "ّعبدّالعزيزّبوتفليقةّ" من خالل الخطاب‬

‫‪48‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫خطابية يعطي فيها للمخاطب الحى بقبول وو رفض ما يسمع‬ ‫بالرغا من ون يمنح مساحا‬
‫ط علي ‪.‬‬ ‫دون ممارسة و‬

‫‪ّ-1‬اإلشارياتّالشخصية‪:‬‬

‫من خالل تفمل الخطاب نالحظ ون يحفل بعنصر الااتية فالرئيس الجزائر "عبدّالعزيزّ‬
‫و الك من خالل تعيين نفس علد روس العملية التواصلية فهو‬ ‫بوتفليقة" انطلى من اات‬
‫ملقي الخطاب‪.‬‬

‫مي ار بار از (متصال وو منفصال) وو‬ ‫فقد ورد ال مير "ونا" الدال علد المتولا سوا ووان‬
‫مير المتولا بصفة المفرد وو الجمع عدة م ار في الخطاب و‬ ‫مي ار مستت ار و سوا‬ ‫وان‬
‫الك في اول ‪ ّ(:‬ناّ رىّالفرحةّماّتزالّتغمركم‪ ّ،‬نول‪ ّ،‬هيبّبكلّ بناءّالجزائر‪ّ،‬ماّكنتّ‬
‫ميلّلحزبّودّآخر‪ّ،‬شجعت‪ ّ،‬تمنى‪ ّ،‬شرتّماّنبلّوّ كرر ) ّ‬

‫مير متصل في‬ ‫مير المتولا "ونا" في الخطاب في رول ( )‬ ‫وما ورد وي ا‬
‫اول ‪ (:‬خواتيّالفوليات‪ّ،‬إخوانيّامفاول‪ ّ،‬جدّنفسي‪ّ،‬سامحوني‪ّ،‬يشجعني‪ّ،‬انتمائيّ‬
‫السياسي‪ّ،‬مساهمتي‪ّ،‬بودي ) ّ‬

‫مير المتولا بصي ة الجمع لما يحمل من ايمة تداولية تتمثل‬ ‫و استعمل المخاطب والك‬
‫في اعتماده وساسا علد مبدو المراروة بين طرفي العملية التواصلية و يظهر هاا في‬
‫اول ‪(:‬نلقيّاليوم‪ ،‬هنيئاّّلناّمعكم‪ ،‬نستحورّاليوم‪ّ،‬مترحمياّفيّخشوعّواكبار‪ّ،‬البدّ اّ‬
‫نعيد‪ّ،‬نتحاور‪ّ،‬يحاسبنا )‬

‫‪49‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مير المخاطب (ونتا) فقد ورد في اول ‪(:‬ماّتزالّتغمركم‪ّ،‬نيلّفريقكم‪ ّ،‬خاطبكمّ‬ ‫وما عن‬
‫نتمّالمحافظياّلألمانة‪ّ،‬كماّفعلتمّفيّكلّالمنعرجات‪ ّ،‬نتمّالذياّحفظتمّالدروسّوّالعبر‪ّ،‬‬
‫إكتويتمّبجحيمّاإلستعمار ) ّ‬

‫وما ال مير ال يبي فقد ورد بوثرة في الخطاب و نجده في اول ‪ّ(:‬هيّالّتيّ رادهاّالمحتل‪ّ،‬وّ‬
‫هوّيحرزّالكأسّللمرةّالثامنة‪ّ،‬هيّثقافة‪ّ،‬هيّتقتويّتحكيمّالومير‪ ّ،‬عمقّماّماّهيّ‬
‫عليه‪ّ،‬فهوّوّإاّ خطأّفهوّمصيبّ) ّ‬

‫يتحدد مرجعها ى في سياى الخطاب الا‬ ‫في الخطاب‬ ‫ول هاه ال مائر التي ورد‬
‫تحتو علد و معند في ااتها فد لتها تحدد داخل السياى الا ورد‬ ‫فهي‬ ‫في‬ ‫ورد‬
‫في في الخطاب‪.‬‬

‫‪-2‬اإلشارياتّالزمانية‪:‬‬

‫تتمثل في استعمال األلفاظ الدالة علد الزمن و في الخطاب نجد ون الزمن الحا ر‬
‫يوتسب وهمية عظمد ألن يجعل الخطاب ووثر ررعية فهاا الخطاب السياسي وتد مواوبا‬
‫المخلدة لاورت ‪ 08‬ما ‪ 1945‬ألن الرئيس الجزائر "عبدّالعزيزّبوتفليقة"‬ ‫لالحتفا‬
‫ولقاه يوا الثالثا ‪ 08‬ما ‪.2012‬‬

‫من الزمن التاريخي و ىنما‬ ‫يحدد‬ ‫عن ىان صاحب الخطاب‬ ‫الا يتحد‬ ‫فالحد‬
‫و هو الزمن الحا ر و من الصيغ الدالة علد الزمن الحا ر في‬ ‫من زمن الحدي‬
‫الخطاب نجد‪ّ(:‬اليوم‪ّ،‬جزائرّاليوم‪ّ،‬ماّاآلاّوّصاعدا‪ّ،‬اآلاّمطلوبّمنكم‪ّ ) ،‬‬

‫‪50‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وما توجد وي ا مجموعة من األلفاظ الدالة علد الزمن في الخطاب ناور منها‪ّ(:‬منذّ‬
‫خمسياّعاما‪ّ،‬عبرّالتّاريخ‪ّ،‬الماويّالعسير‪ّ،‬مستقبلّيسير‪ّ،‬تدخلناّعهداّّمشحوناّ‪ّ،‬خ لّ‬
‫السنواتّامخيرة‪ّ،‬جزائرّالغد‪ّ،‬نبلّسبعةّوّستياّسنة‪ّ ) ،‬‬

‫تدل علد زمان يحدده السياى بالقياس ىلد زمان التولا فزمان التولا هو‬ ‫ولها ولما‬
‫مروز اإلرارة الزمانية في الخطاب‪.‬‬

‫‪ّ-3‬اإلشارياتّالمكانية‪ّ :‬‬

‫الموانية الواردة في الخطاب فمنها ما جا في رول وسما ىرارة وعادة ما‬ ‫تتنوع المبهما‬
‫فهي ىان غير حقيقية ألن الخطاب موتوب و ناور‬ ‫المتحد‬ ‫توون مصاحبة إلرا ار‬
‫منها‪ّ(:‬هذهّ المدينة‪ّ،‬هذهّالمنطقة‪ّ،‬ماّهذهّالقلعةّالرمز‪ّ،‬فيّجغرافيةّموربةّهناّوّهناك‪ّ،‬‬
‫هذهّالقاعة ) و اد تتدخل عناصر السياى لتو يح ال موض ىن وجد مع العلا ون الموان‬
‫فهاه المدينة ىان ستوون المرجع الا تو ح من‬ ‫الا ولقي في الخطاب هو مدينة سطي‬
‫خالل وسما اإلرارة‪.‬‬

‫و نجد ون المتولا اور في الخطاب وي ا مجموعة من األمونة برول صريح يمون ون‬
‫نجمل بع ا منها في‪ّ(:‬منطقةّسطيف‪ّ،‬وطنناّالجزائر‪ّ،‬عالمناّالعربي‪ّ،‬البلدااّالعربيةّ‬
‫) وهي وماون معروفة لدت السامع‬ ‫اإلس مية‪ّ،‬مناطقّالب د‪ّ،‬نالمةّخراطة‪ّ،‬مدينةّ رزيو‬
‫وو المخاطب فالرئيس الجزائر "عبدّالعزيزّبوتفليقة" لا ياور هاه األماون برول عروائي‬
‫االمة خراطة رهد‬ ‫معروفة لدت السامع فول من سطي‬ ‫و ىنما ألنها تحمل د‬
‫مجازر واتل جماعي وثنا ا حتالل الفرنسي للجزائر ووالك اوره لمدينة ورزيو باعتبارها‬
‫و في اول ‪ :‬عالمنا العربي البلدان العربية اإلسالمية‬ ‫عصب الجزائر لما تحوي من خي ار‬

‫‪51‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫في عزلة و ىنما هي منتمية للعالا العربي‬ ‫وراد ون يوصل للمتلقي ون الجزائر ليس‬
‫اإلسالمي‪.‬‬

‫ّّّّ‬

‫‪52‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ّّّالمبحثّالثاني‪ ّ:‬فعالّالك مّفيّخطابّالرئيسّ"عبدّالعزيزّبوتفليقة"‬

‫بفحص األفعال الوالمية التي ينجزها الخطاب السياسي و الك‬ ‫سفاوا في هاا المبح‬
‫وفى تقسيا "سيرل"(ّ‪ )ّsearle‬لها و الا يمثل ن ج نظرية الفعل الوالمي و القائا علد‬
‫األاساا الخمسة لألعمال الالاولية ( و اد و حنا في الدراسة النظرية ونها تمثل األفعال‬
‫المقصودة من النظرية برمتها ) و هي واآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬فعالّاإلثبات‪ّ ّ:‬‬

‫من خالل الخطاب في اول ‪ّ(:‬إنهّلرهااّوطنيّ ؤكدهّماّهذهّ‬ ‫تتمثل وفعال اإلثبا‬


‫المنطقة)؛ فهو هنا يبدو متيقنا مما يقول حول رفع الرباب الجزائر تحد اإلصالحا‬
‫الوبرت التي باررتها الجزائر علد وافة األصعدة‪.‬‬

‫وي ا المجودة في الخطاب اول ‪ّ(:‬لقدّكانتّالجزائرّإيجابيةّالتفاعلّ‬ ‫و من وفعال اإلثبا‬


‫م ّحركةّالتاريخّّفيّخووهاّثورةّتحريريةّكبرىّوّإنجازّتنميةّشاملةّمستدامةّوّ‬
‫اعتمادّديمقراطيةّ صليةّ) فالرئيس الجزائر واثى و متفود مما اال فالنتائج و اإلنجا از‬
‫ىليها الجزائر خير دليل علد والم ‪.‬‬ ‫التي وصل‬

‫في الخطاب و منها‪ّّّّّّ:‬‬ ‫التي ورد‬ ‫و يمون ون نفخا مجموعة وخرت من وفعال اإلثبا‬
‫(ّهذهّاالنتخاباتّالتشريعيةّستكواّمغايرةّلسابقتهاّمتميزةّماّحيثّالمشاركةّاموس ّ)‬
‫(ّستكواّهذهّاالنتخاباتّمتميزةّماّحيثّالوماناتّالعديدةّ) (ّمراجعةّالدستورّالّذيّ‬
‫سيكواّفاتحةّعهدّجديدّ) (ّنؤكدّلكمّبأاّّامسسّصحيحةّوّفيهاّماّالخبراتّماّيكفيّ‬
‫موالدهاّ) (ّ ناّواثقّبأاّّشبابّالجزائرّالذيّتخر ّبالم يياّماّّالمدرسةّالجزائريةّ‬
‫ّسيتصدىّلماّيتربصّبالب دّش اّر؛ّواثقّبأنّهّسيتصدىّلدعاةّالفتنةّوّالفرنةّوّ‬
‫حساباتّالتدخلّامجنبيّ)‬

‫‪53‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ول هاه األفعال اإلثباتية غر ها اإلنجاز يتمثل في نقل واائع من طر المتولا و‬

‫اإلخبار و التفويد عليها للرباب الجزائر ‪.‬‬

‫‪ ّ-2‬فعالّالتوجيه‪ّ :‬‬

‫و من رواهده في‬ ‫يقصد بها وفعال الطلب مثل األمر بفعل ري ما وو النهي عن‬
‫الخطاب ما يلي‪ ّ(:‬دعواّالجمي ّإلىّالخرو ّيومّاالنتراع‪ ّ،‬دعواّكلّالشرائحّوّالفئاتّ اّ‬
‫تعبرّعاّاختيارها‪ّ،‬آملّ اّتهبّ يّهاّالشعبّالجزائريّكماّعهدناك‪ّ،‬داعياّّالجزائريياّوّ‬
‫الجزائرياتّللذهابّإلىّصندوقّاالنتراع‪ ّ،‬رجوّماّالشبابّ اّيعملواّ كثرّفأكثر‪ّ،‬ياّشبابّ‬
‫الب دّفيّيدكمّ نتمّحافظواّعليها‪ّ،‬نودرّلكمّاممانةّف ّتخونوهاّوّالّتتركوهاّلغيركمّيلعبّ‬
‫بها ) ّ‬

‫و خاصة‬ ‫وما عن غرض وفعال التوجي اإلنجاز فهو حمل المخاطبين( الرعب الجزائر‬
‫التي تواج األمة وما يدعوها‬ ‫فئة الرباب ) و التفثير فيها وي يوونوا في مستوت التحديا‬
‫ون يستجيبوا لندا الوطن و هو الخروج ىلد ا اتراع ليبرزوا للعالا الوج الناصع لجزائر‬
‫اليوا و جزائر ال د‪.‬‬

‫‪ ّ-3‬فعالّالوعد‪ّ :‬‬

‫يوجد في الخطاب‪ -‬الا بين ويدينا‪ -‬و فعل للوعد وو التعهد برول صريح و لا‬
‫يستعمل وفعا من ابل‪ :‬وتعهد و من واسا‪ .....‬و لون هناك وفعال للوعد في الخطاب‬
‫مني نفخا منها اول الرئيس الجزائر "عبدّالعزيزّبوتفليقة"‪ّ(:‬هذهّ‬ ‫برول‬ ‫جا‬
‫اإلنتخاباتّالتشريعيةّالّتيّستكواّمغايرةّلسابقتها‪ّ،‬متميزةّماّحيثّالمشاركةّاموس ّ‬

‫‪54‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫لمختلفّالتياراتّالسياسيةّ) و اول وي ا‪ّ(:‬ستكواّهذهّاإلنتخاباتّمتميزةّماّحيثّ‬


‫الوماناتّالعديدةّالّتيّوفرناهاّلتكواّكماّيريدهاّشعبناّنظيفةّوشفافة ّ‬

‫) فالرئيس الجزائر من خالل هاه الرواهد‬ ‫‪ّ،‬إنتخاباتّناجحةّبفولّمساهمةّالحمي‬


‫الترريعية انتخابا‬ ‫المقدمة يتعهد وماا الرعب الجزائر بفومل ون توون هاه ا نتخابا‬
‫التي وفر من وجل الك‪.‬‬ ‫رفافة ناجحة بول المقاييس و الك نظ ار لل مانا‬

‫‪ّ-4‬امفعالّالتعبيرية‪:‬‬

‫ويمون تقسيمها حسب ما ت من الخطاب من وفعال ىلد‪:‬‬

‫‪ ّ-‬فعالّإظهارّالفرح‪ّ:‬و يت ح الك في اول ‪ ّ(:‬جدّنفسيّسعيداّوّ ناّ رىّالفرحةّماّ‬

‫تزالّتغمركم) و اول ‪ (:‬هنأّفريقّشبابّبلوزدادّعلىّماّ ب هّماّجميلّب ءّ)ّو والك‬


‫اول ‪ّ(:‬هنيئاّّإلىّالرياويياّجميعاّوّهنيئاّّلناّمعكمّ)ّو اول وي ا‪ّ(:‬يومّاالنتراعّعرسا‪ّ،‬‬
‫عرساّللديمقراطيةّالجزائريةّالحبيبةّ) ّ‬

‫عاطفية ي لب عليها جانب الفرح الا يهيمن علد‬ ‫في هاه التراويب المقدمة م مونا‬
‫الرئيس الجزائر السيد "عبدّالعزيزّبوتفليقة" و من الناحية التداولية فهي تعرض لنا جانبا‬
‫بوفس الجمهورية و يتمند‬ ‫من رخص و الك بعده متولما فهو سعيد بفوز وفاى سطي‬
‫العاابة الجيدة وي ا لفريى رباب بلوزداد الا ااا بتهنئت برول صريح علد ما ادم من‬
‫مجهود‪.‬‬

‫ب‪ ّ-‬فعالّإظهارّالحزا‪ّ:‬و تظهر في اول ‪ّ(:‬نستحورّاليومّالذكرىّامليمةّللثاماّماّ‬

‫مايوّخمسّوّ ربعيا‪ّ،‬نتذكرّبعظيمّاإلكبارّالثماّالباهظّالّذيّدفعهّالشعبّالجزائري‪ّ،‬‬

‫‪55‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫انتلعواّماّ روهمّوّصودرتّهويتهم‪ّ،‬للذياّاستشهدواّصابرياّصامديا‪ّ،‬الذياّوحوا‬
‫جياالّمتتاليةّبالغاليّوّالنفيسّماّ جلّ اّيحياّ بناءهمّ)‬

‫ول ما تقدا يدل علد حزن المخاطب في هاه الاورت األليمة لمجازر‪ 8‬ما ‪1945‬‬
‫ج ار ما لحى بالرعب الجزائر ىبان ا حتالل من مجازر وليمة و من اتل و ترريد و نهب‬
‫البالد‪.‬‬ ‫و است الل لثروا‬

‫‪ ّ-‬فعنننالّإظهنننارّالقنننوة‪ :‬مثتتل‪ّ( :‬النننذياّ بننندواّشنننجاعةّمنقطعنننةّالنظينننرّإبنننااّالثنننورةّ‬

‫متتن‬ ‫التحريرينننةّ) و فتتي هتتاا ىظهتتار لرتتدة اتتوة الرتتعب الج ازئتتر الثتتائر و هتتاه القتتوة جتتا‬
‫غ بها الرديد لما يرون من ظلا صادر من المحتل الفرنسي‪.‬‬

‫و في اولت ‪ّ(:‬رافعياّتحديّاإلص حاتّالكبرىّالّتيّباشرتهاّالجزائرّعلىّكافةّامصنعدةّ)‬


‫هو فعل يبين اوة الرباب الجزائر الفورية و الثقافية‪.‬‬

‫و من وفعال ىظهار القوة وي ا اولت ‪ ّ( :‬ناّواثقّبأاّّشنبابّالجزائنرّالنذيّتخنر ّبنالم يياّ‬


‫منناّالمدرسننةّالجزائرية سيتصنندىّلمنناّيتننربصّبننالب دّشن اّر‪ّ،‬واثننقّبأنننهّسيتصنندىّلنندعاةّ‬
‫الفتنننةّوّحسنناباتّالتنندخلّامجنبنني ) فالتصتتد فتتي هتتاا الترويتتب دليتتل علتتد اتتوة الرتتباب‬
‫الجزائر و ادرت علد الدفاع عن بلده‪.‬‬

‫و في اولت ‪ّ(:‬مرةّ خرىّإنّهّ هلّللمسؤوليةّسيرف ّالتحدي‪ّ،‬وّيصدحّبصوتهّعالياّ‪ّ،‬رافعناّّ‬


‫الوطاّشامخاّّ) دليل علد اإلرادة و العزيمة التي يتمتع بها رباب الوطن وما ونت يتدل علتد‬
‫يستتهان بهتا و وتالك‬ ‫التعلى بالوطن فلطالما وبرز الرتباب الج ازئتر للعتالا بفوملت بتفن اوتت‬
‫األمر بالنسبة لحب لوطن فهو رمز لالرتقا بالوطن عاليا‪.‬‬

‫‪ّ-5‬امفعالّاإلع نية(ّالتصريحيةّ)‪ّ :‬‬

‫‪56‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و تتمثل في التراويب التالية‪ّ(:‬هذهّاالنتخاباتّالتشريعيةّستكواّمغايرةّلسنابقتها‪ّ،‬متمينزةّ‬


‫ماّحيثّالمشاركةّاموس ّلمختلفّالتياراتّالسياسيةّ) ّ‬

‫و اولت ‪ّ(:‬ستكواّهذهّاالنتخاباتّمتميزةّماّحيثّالوماناتّالعديدةّالّتيّوفرناهناّلتكنواّ‬
‫) هتتي ولهتتا‬ ‫كمنناّيرينندهاّشننعبناّنظيفننةّشننفافة‪ّ،‬انتخابنناتّناجحننةّبفوننلّمسنناهمةّالجمين‬
‫المقدمتتة حتتتد توتتون‬ ‫التر تريعية و لل تتمانا‬ ‫وفعتتال تص تريحية لمتتا ستتتوون علي ت ا نتخابتتا‬
‫نزيهة رفافة‪.‬‬ ‫انتخابا‬

‫تتمن وفع تتال الوع تتد فه تتي وي تتا مح تتل‬ ‫ه تتاه التراوي تتب المقدم تتة باإل تتافة ىل تتد ونه تتا تن تتدرج‬
‫استرهاد علد األفعال اإلعالنيتة و هتاا فيمتا يعتر بتعتدد القتوت اإلنجازيتة ىا يموتن ون نجتد‬
‫لعبارة واحدة عدة وفعال ىنجازية‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثالث‪ :‬االفتراض المسبق في خطاب الرئيس الجزائري "عبد العزيز‬


‫بوتفليقة"‬

‫بنينا في الجانب النظري أن االفتراض المسبق يعنى بالمعلومات المشتركة بين المتكلم‬
‫والمتلقي أي أن يوجه المتكلم حديثه إلى السامع على أساس مما يفترض سلفا أنه معلوم له‪.‬‬

‫و فيما يلي سنعرض أهم نماذج االفتراض المسبق التي وردت في الخطاب السياسي الذي‬
‫بين أيدينا في ظل ما رأيناه في مجال التحليل النظري لهذا النوع من المتضمنات‪.‬‬

‫في قوله‪ (:‬تستحضر اليوم الذكرى ال ليمة للثام م مايو خمس و رربعي ) في هذه‬
‫الجملة افتراض مسبق و هو أن المخاطبين ( الشعب الجزائري )على علم بمثل ما حدث في‬
‫هذا اليوم‪ ،‬أي أنهم يعلمون المجازر و القتل الجماعي الذي قام به االستعمار الفرنسي ضد‬
‫الشعب الجزائري و الثمن الباهض الذي دفعه هذا الشعب من أجل حريته و كرامته‪.‬‬

‫وفي قوله‪ (:‬لقد كا ثم استرجاع الحرية و السيادة الوطنية باهضا ) فاالفتراض‬


‫المسبق هنا أن المخاطبين على علم بالمعلومة التي مفادها أن الجزائر ضحت بمليون و‬
‫نصف مليون شهيد من أجل استقاللها و كذلك في قوله‪ (:‬هذه االنتخابات التشريعية التي‬
‫ستكو مغايرة لسابقتها ) فاالفتراض المسبق في هذه الجملة أن االنتخابات السابقة كانت‬
‫غير مرضية للشعب الجزائري بمعنى أنها لم تكن انتخابات نزيهة نظيفة وشفافة‪.‬‬

‫وأنا أرى أن هذا االفتراض المسبق الذي وضعه المتكلم قويا إلى درجة أنه يحقق التواصل‬
‫الجيد بين الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" وجمهور المخاطبين‪.‬‬

‫فمن الناحية الضمنية فقد أعرب المتكلم عن علمه بأن االنتخابات التشريعية السابقة لم‬
‫تكن نظيفة و شفافة كما يريدها الشعب الجزائري و هذا ما يشكل االفتراض المسبق‪ ،‬و قد‬

‫‪58‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫عبر عن هذا بشكل ضمني بهدف تمرير خطابه إلى الشعب الجزائري لبلوغ الغاية المنشودة‬
‫و هي الدعوة إلى التوجه إلى مكاتب االقتراع و التعبير عن الرأي‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الرابع‪ :‬البعد الحجاجي في خطاب الرئيس الجزائري"عبد العزيز بوتفليقة"‬

‫يعد الخطاب السياسي خطابا حجاجيا بالدرجة األولى و ذلك لكونه من أكثر الخطابات‬
‫اللغوية التصاقا بالجمهور كما أنه يتوفر على خصوصية جوهرية هي التأثير و اإلقناع و‬
‫االستمالة حيث يقصد المخاطب من خالله التأثير في متلقيه إما بدفعه إلى تبني رأي ما أو‬
‫االستجابة لطلب معين و إما لتدعيم موقف أو لتغييره‪.‬‬

‫و النص الذي بين أيدينا من نوع المحاججة الجماهيرية ألن الرئيس الجزائري "عبد العزيز‬
‫بوتفليقة" يتوجه بهذا الخطاب إلى غيره ( الشعب الجزائري ) بغية إقناعه بالخروج يوم‬
‫االقتراع لممارسة حقه الدستوري والتعبير عن رأيه وتحمل مسؤوليته اتجاه الوطن و لكي‬
‫يتمكن الرئيس الجزائري من التأثير في المتلقي و إقناعه اعتمد على مجموعة من التقنيات و‬
‫اآلليات الحجاجية التي سنحاول الكشف عن أهمها في هذا المبحث وهي كالتي‪:‬‬

‫‪ -1‬الدوات اللغوية‪ (:‬العوامل و الروابط الحجاجية )‪:‬‬

‫‪ -‬الرابط الحجاجي "كي"‪ :‬و يظهر في قوله ‪ (:‬وفاء لذكرى شهيدات و شهداء الواجب‬

‫الوطني بكل شرائحهم‪...‬الذي تصدوا آللة الموت و ال رهاب المقيت كي تبقى الجمهورية‬
‫واقفة متوحدة متصالحة قوية شامخة متألقة ( من خالل هذا القول نجد‪:‬‬

‫الحجة‪ :‬الوفاء لذكرى شهيدات و شهداء الواجب الوطني‪ ...‬الذين تصدوا آللة الموت و‬

‫اإلرهاب المقيت‪.‬‬

‫الرابط الحجاجي ‪ :‬كي‪.‬‬

‫النتيجة‪ :‬تبقى الجمهورية واقفة متوحدة متصالحة قوية شامخة متألقة‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫استعملت "كي" هنا للربط بين ما هو سابق لها و ما هو الحق فنتيجة لتصدي شهداء و‬
‫شهيدات الجزائر لالستعمار الفرنسي ظلت الجزائر واقفة متوحدة متصالحة قوية شامخة‬
‫متألقة‪.‬‬

‫‪ -‬الرابط الحجاجي "الم التعليل"‪ :‬جاء في قوله‪:‬‬

‫( رهنئ شباب بلوزداد على ما رباله م جميل البالء بأناقة وفعالية لنيل الكأس ) و‬
‫من هنا نجد‪:‬‬

‫النتيجة‪ :‬أن شباب بلوزداد أبلى بالء حسنا في المباراة‪.‬‬

‫الرابط الحجاجي‪ :‬الم التعليل‪.‬‬

‫الحجة ‪ :‬نيل الكأس‪.‬‬

‫الرابط الحجاجي هنا جاء لتبرير النتيجة و تعليلها و مفادها أن ما قدمه شباب بلوزداد‬
‫من جهد كان من أجل نيل كأس الجمهورية‪.‬‬

‫‪ -‬ال اربط الحجاجي "لك "‪ :‬و يظهر في قوله‪:‬‬

‫(خمسي سنة م بعد نحمل ركاليل الزهر و الورود للشهداء و المجاهدي لك نقول‬
‫بأ دورهم انتهى بالنسبة لتسيير البالد )‪.‬‬

‫في هذا المثال نجد أن ( لكن ) جاءت للربط بين حجتين متعارضتين أي بين ما يتقدم‬
‫الرابط وما يتلوه فالقسم األول ( خمسين سنة نحمل أكاليل الزهر و الورود للشهداء و‬
‫المجاهدين) نجد فيه حجة فيها تقدير و احترام للشهداء و المجاهدين الذين ضحوا‬
‫بالغالي و النفيس من أجل البالد أما القسم الثاني( دورهم انتهى بالنسبة لتسير البالد)هي‬

‫‪61‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حجة ثانية تخدم نتيجة مضادة لألولى و مفادها أن الوقت قد حان لترك المجال للشباب‬
‫لتسير البالد‪.‬‬

‫‪ -‬الرابط الحجاجي "حتى"‪ :‬وقد جاء هذا الرابط من خالل قوله ‪ (:‬رمل ر تهب ريها‬

‫الشعب الجزائري كما عهدناك في المواعيد الهامة ملتزما بأداء واجبك الوطني و‬
‫ممارسة حقك الدستوري واعيا متحمال مسؤوليتك حتى ال يترك مصيرنا للغد مجهوال )‬

‫فالرابط الحجاجي (حتى) في هذا المثال قد ربط بين مجموعة من الحجج و هي على‬
‫التوالي‪:‬‬

‫* أمل أن تهب أيها الشعب الجزائري كما عهدناك في المواعيد الهامة‪ :‬حجة ‪.1‬‬

‫* ملتزما بأداء واجبك الوطني‪ :‬حجة ‪.2‬‬

‫* ممارسة حقك الدستوري‪ :‬حجة ‪.3‬‬

‫* واعيا متحمال مسؤوليتك‪ :‬حجة‪.4‬‬

‫* ال يترك مصيرنا للغد مجهول‪ :‬حجة ‪.5‬‬

‫كل هذه الحجج سواء الواردة قبل الرابط ( حتى ) أو بعده تخدم نتيجة واحدة و المتمثلة‬
‫في التزام الشعب الجزائري بمسؤوليته اتجاه الوطن و إعطاء رأيه باختيار ممثليه في‬
‫البالد و كل هذا من أجل أن تبقى الجزائر شامخة متألقة‪.‬‬

‫و نالحظ في هذا المثال أن الحجة التي جاءت بعد الرابط ( حتى ) هي الحجة األقوى‬
‫ألنها زادت من تأكيد الحجج السابقة‪.‬‬

‫كانت هذه بعض األمثلة المتعلقة بالروابط الحجاجية من خالل الخطاب السياسي الذي‬
‫بين أيدينا أما فيما يتعلق بالعوامل الحجاجية فسنأخذ األمثلة اآلتية‪:‬‬

‫‪62‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬العامل الحجاجي ( ال‪...‬إال )‪ :‬و يظهر من خالل الخطاب في قوله ‪ (:‬ال يكلف‬

‫اهلل نفسا إال وسعها )‬

‫استعمل الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" هذا العامل الحجاجي ليؤكد للشباب‬
‫الجزائري أن الوقت قد حان ليباشر الشباب في تحمل مسؤولية البالد فالجيل الذي سبقه‬
‫أصبح غير قادر على تسيير البالد و المضي بها إلى األمام فاهلل عز وجل ال يكلف‬
‫نفسا إال وسعها‪.‬‬

‫‪ -‬العامل الحجاجي ( كاد )‪ :‬مثال ذلك قوله ‪ ( :‬الشعب الجزائري الذي ضحى بالنفس‬
‫و النفيس م رجل االستقالل و ضحى كذلك في حرب رهلية كادت تأخذ جذوره‪ ،‬ال بد ر‬
‫يبره مرة رخرى على رنه على كل شيء قدير)‪.‬‬

‫تظهر القيمة الحجاجية للعامل ( كاد ) في محاولة ربطه بين ما أتى قبله و ما أتى‬
‫بعده‪ ،‬فالشعب الجزائري الذي ضحى باألمس بالغالي و النفيس من أجل الجزائر وجب‬
‫عليه أن يبرهن اليوم أنه قادر على تحمل أي مسؤولية تقع على عاتقه‪.‬‬

‫‪ -2‬اآلليات البالغية‪:‬‬

‫ر‪ -‬تقسيم الكل إلى رجزائه‪ :‬من األمثلة على ذلك قوله‪ (:‬ستكو هذه االنتخابات‬

‫متميزة م حيث الضمانات العديدة التي وفرناها لتكو كما يريدها شعبنا نظيفة و‬
‫شفافة‪ ،‬انتخابات ناجحة بفضل مساهمة الجميع‪ ،‬قضاء مستقل‪ ،‬و إدارة محايدة‪ ،‬و‬
‫رحزاب فاعلة‪ ،‬و جمعيات نشيطة يقظة‪ ،‬و صحافة حرة‪ ،‬و مراقبة وطنية فضولية‪.)...‬‬

‫من خالل المثال نالحظ أن الرئيس الجزائري قام بعرض أطروحة تتمثل في أن هذه‬
‫االنتخابات التشريعية ستكون مغايرة تماما لسابقتها ثم أخذ يتوسع فيها و ذلك بعرضه‬

‫‪63‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫لمجموعة من الحجج و كل حجة منها تخدم هذه القضية أو األطروحة‪ ،‬بمعنى آخر‬
‫يمكن أن نعتبر القضية المطروحة بمثابة النتيجة و كل جزء هو بمثابة حجة تخدم هذه‬
‫النتيجة‪.‬‬

‫ب‪ -‬البديع‪ :‬إن المحسنات البديعية هي األخرى يمكن أن تؤدي الوظيفة الحجاجية و‬
‫نأخذ من هذه المحسنات التي استعملها الرئيس الجزائري كآلية حجاجية من أجل التأثير‬
‫في المتلقي و استمالته و إقناعه الطباق و قد ورد في قوله‪ (:‬المقدس للذاكرة وضد‬
‫النسيا )‪ (،‬هنا و هناك )‪ (،‬جزائر اليوم و جزائر الغد )‪ (،‬كبا ار و شبابا )‪ ،‬فباألضداد‬
‫تتميز األشياء و لما تتضح هذه األخيرة تساهم في اإلقناع‪.‬‬

‫ج‪ -‬التمثيل‪ :‬يؤدي التمثيل دو ار هاما في الحجاج لما له من قدرة إقناعيه هائلة‪ ،‬و من‬

‫خالل الخطاب السياسي الذي بين أيدينا يمكن أن نأخذ المثال التالي‪ (:‬لقد كا ثم‬
‫استرجاع الحرية باهضا مثله كا ثم صو وحدة البالد والنظام الجمهوري و تكيس‬
‫الم و السلم و المصلحة )‪.‬‬

‫من خالل هذا التمثيل أراد الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" أن يوصل للمتلقي‬
‫نتيجة مفادها أن الجزائر دفعت الكثير و الكثير من أجل استرجاع حريتها و سيادتها و‬
‫كرامتها أثناء االحتالل الفرنسي لها ومثل هذا الثمن الباهض دفعته مرة أخرى لتحافظ‬
‫على وحدة البالد وأمنها و استقرارها لذلك وجب على الشعب الجزائري كله خاصة الشباب‬
‫أن يقدروا هذا الجهد و أن يحافظوا على ما وصلت إليه الجزائر كما وجب عليهم‬
‫مواصلة العمل الجاد لبلوغ مكانة محترمة بين األمم‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫د‪ -‬التكرار‪ :‬تعد تقنية التكرار أو المعاودة من أبرز األساليب الحجاجية التي يقدمها‬

‫المتكلم لفائدة أطروحة ما و هو ما تم تأكيده في الجانب النظري و لتوضيح ذلك‬


‫سنعرض أهم الصيغ اللغوية المتكررة في المدونة و دورها الحجاجي في الخطاب‬
‫السياسي الذي بين أيدينا‪.‬‬

‫نجد في قوله‪ (:‬ردعو الجميع‪ ،‬ردعو الجميع إلى الخروج يوم االقتراع‪ ،‬ردعو الجميع‬
‫إلى الخروج يوم االقتراع خروجا حاشدا‪ ...‬ردعو كل الشرائح و الفئات ر تعبر ع‬
‫اختيارها الحر‪ )...‬ففي قوله هذا نجد أن لفظة واحدة تكررت أربع مرات و هي لفظة‬
‫( أدعو) و ذلك من أجل تأكيد الرئيس الجزائري للمخاطبين دعاءه للمشاركة في‬
‫االنتخابات التشريعية و ذلك للتعبير عن اختيارهم الحر لممثليهم‪.‬‬

‫و في قوله كذلك‪ (:‬آمل ر تهب ريها الشعب الجزائري كما عهدناك في المواعيد‬
‫الهامة‪ ،‬ملتزما بأداء واجبك الوطني و ممارسة حقك الدستوري‪ ،‬واعيا متحمال‬
‫مسؤوليتك حتى ال يترك مصيرنا للغد مجهوال رقول حتى ال يترك مصيرنا للغد مجهوال )‬
‫نجد أن الرئيس الجزائري قد اعتمد في بداية القول على تكرار المعنى و ذلك من أجل‬
‫التأثير في المتلقي فهو إذن كرر فكرة واحدة مفادها دعوة الشعب الجزائري إلى تحمل‬
‫المسؤولية و التوجه إلى مكاتب االقتراع و المشاركة في االنتخابات التشريعية و قد زاد‬
‫من تثبيت هذا المعنى من خالل تكرار لفظة ( حتى ال يترك مصيرنا للغد مجهول ) فهي‬
‫إذن تخدم المعنى نفسه و هو التأكيد للمخاطب بضرورة اختيار ممثله في البالد‪.‬‬

‫نالحظ من خالل هذه األمثلة‪ ،‬كيف أن التكرار ال يأتي إذن في الكالم إال لغاية‬
‫حجاجية إذ أن ذلك الترديد الذي يحدثه المرسل في خطابه‪ ،‬ينتج زيادة في حضور الفكرة‬
‫في ذهن المتلقي‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى قبول تلك الفكرة و االقتناع بها‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -3‬السلم الحجاجي‪:‬‬

‫السلم الحجاجي كما رأينا في الجانب النظري يقوم على ترتيب الحجج عموديا من الحجة‬
‫الضعيفة إلى الحجة القوية في فئة حجاجية واحدة‪ ،‬كما يكون كل قول في السلم دليل‬
‫على مدلول معين‪ ،‬كان ما يعلوه مرتبة دليال أقوى منه‪.‬‬

‫من هنا سنحاول إسقاط هذا التعريف على الخطاب السياسي الذي بين أيدينا‪ ،‬و الذي‬
‫ال يخلو بدوره من مثل هذا النوع اللغوي‪.‬‬

‫ففي قوله‪ (:‬آمل ر تهب ريها الشعب الجزائري كما عهدناك في المواعيد الهامة ملتزم‬
‫بأداء واجبك الوطني‪ ،‬و ممارسة حقك الدستوري‪ ،‬واعيا متحمال مسؤوليتك حتى ال‬
‫يترك مصيرنا للغد مجهوال )‪.‬‬

‫نالحظ تدرجا و تراتبا في الحجج المقدمة‪ ،‬حيث بدأ بالحجة األقل قوة ثم انتقل إلى‬
‫الحجة القوية‪ ،‬ثم إلى الحجة األكثر قوة‪.‬‬

‫و يمكن أن نمثل السلم بالشكل اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬حتى ال يبقى مصيرنا للغد مجهوال‪.‬‬


‫‪ -‬واعيا متحمال مسؤوليتك‪.‬‬
‫‪ -‬و ممارسة حقك الدستوري‪.‬‬
‫‪ -‬ملتزما بأداء واجبك الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬آمل أن تهب أيها الشعب الجزائري كما عهدناك في المواعيد الهامة‪.‬‬

‫فالحجة التي جاءت بعد الرابط الحجاجي ( حتى ) هي الحجة التي وردت في أعلى‬
‫السلم الحجاجي نظ ار لما تحمله من قوة و لذلك تركها الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة"‬

‫‪66‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫في األخير ليدعم بها القول برمته‪ ،‬فلو أنه بدأ بهذه الحجة لكان هناك خلل في الترتيب مما‬
‫يؤدي إلى عدم إقناع المتلقي‪.‬‬

‫و لنأخذ مثال آخر و المتمثل في قول الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة"‪ (:‬ستكو‬
‫هذه االنتخابات متميزة م حيث الضمانات العديدة التي وفرناها لتكو كما يريدها شعبنا‬
‫نظيفة شفافة‪ ،‬انتخابات ناجحة بفضل مساهمة الجميع‪ ،‬قضاء مستقل‪ ،‬و إدارة محايدة‪ ،‬و‬
‫رحزاب فاعلة‪ ،‬و جمعيات نشيطة يقظة و صحافة حرة‪ ،‬و مراقبة وطنية فضولية‪ ،‬و‬
‫مواطنات و مواطني غيوري على سيادة بلدهم )‪.‬‬

‫يمكن أن نمثل هذه الحجج في السلم اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬و مواطنات و مواطنين غيورين عل سيادة بلدهم‪.‬‬


‫‪ -‬و مراقبة وطنية فضولية‪.‬‬
‫‪ -‬و صحافة حرة‪.‬‬
‫‪ -‬و جمعيات نشيطة يقظة‪.‬‬
‫‪ -‬و أحزاب فاعلة‪.‬‬
‫‪ -‬و إدارة محايدة‪.‬‬
‫‪ -‬قضاء مستقل‪.‬‬

‫كل هذه الحجج التي أوردها الرئيس الجزائري السيد "عبد العزيز بوتفليقة" جاءت متفاوتة‬
‫من حيث القوة‪ ،‬رغم أنها تخدم نتيجة واحدة مفادها أن االنتخابات التشريعية القادمة ستكون‬
‫متميزة عن سابقتها‪ ،‬أي أنها ستكون انتخابات ناجحة نظيفة شفافة بفضل الضمانات العديدة‬
‫التي وفرت لها‪ ،‬و قد تحقق الحجاج في هذا المثال بفضل الرابط الحجاجي حرف ( الواو )‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الخامس‪ :‬السياق و تداولية خطاب الرئيس الجزائري "عبد العزيز‬


‫بوتفليقة"‬

‫يعد السياق من بين أهم العناصر التي تعنى بتحليله مختلف الدراسات التداولية‪ ،‬و ذلك‬
‫ألن معظم النظريات التي تندرج ضمنها تسعى إلى البحث عن العالقة التي تربط بين المتكلم‬
‫و المتلقي‪ ،‬و السياق الكالمي الذي تتم فيه عملية التواصل‪.‬‬

‫و بحكم إق اررنا بمصطلح السياق كأداة إجرائية ناجعة‪ ،‬بكل المستويات الداللية و التداولية‬
‫في تحليل النصوص و الوصول إلى محاصرة معناها من كل الجوانب‪ ،‬فقد ميزنا في‬
‫الخطاب السياسي الذي بين أيدينا ثالثة أنواع من السياق هي كاآلتي‪:‬‬

‫السياق التاريخي‪:‬‬ ‫ر‪-‬‬

‫حاول الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" منذ بداية خطابه تذكير الشعب الجزائري‬
‫بالظلم و االستبداد و الدمار الذي عاشه الشعب الجزائري إبان االحتالل الفرنسي له و ذلك‬
‫من خالل استحضار الذكرى األليمة لمجازر الثامن من مايو خمس و أربعين‪ ،‬و الترحم‬
‫على أرواح الشهداء األبرار‪ ،‬كما ذكر أيضا الثمن الباهظ الذي دفعته الجزائر من أجل نيل‬
‫حريتها و كرامتها‪.‬‬

‫ب‪ -‬السياق الجتماعي‪:‬‬

‫أهم قيمة اجتماعية تبرز في نص الخطاب السياسي الذي ألقاه الرئيس الجزائري "عبد العزيز‬
‫بوتفليقة" هي دعوته للشعب الجزائري عامة و فئة الشباب خاصة بالتوجه إلى مكاتب‬
‫اال قتراع و ممارسة حقهم الدستوري في اختيار ممثليهم بشكل حر‪ ،‬و كذلك حثهم على العمل‬
‫الجاد و المستمر من أجل بلوغ الجزائر مكانة محترمة بين األمم‪ ،‬فالجزائر أمانة بين أيدي‬
‫الشباب لذلك وجب عليهم تحمل المسؤولية و المحافظة عليها‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫التحليل التداولي لخطاب الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ج‪ -‬السياق النفسي‪:‬‬

‫تقوم مؤشرات عدة في هذا الخطاب السياسي بوظيفة وصف نفسية الرئيس الجزائري‬
‫"عبد العزيز بوتفليقة" المتأثرة بما أحدثه االستعمار الفرنسي من مجازر و قتل جماعي في‬
‫مثل هذا اليوم و ذلك من خالل قوله‪ (:‬نستحضر اليوم الذكرى الليمة للثام م مايو‪،‬‬
‫نتذكر بعظيم الكبار الثم الباهظ الذي دفعه الشعب الجزائري‪ ،‬وفاء للذي استشهدوا‬
‫صابري صامدي ‪.)...‬‬

‫و هناك أيضا ألفاظ عدة دالة على إظهار الفرح و منها( رجد نفسي سعيدا و رنا ررى‬
‫الفرحة ما تزال تغمركم‪ ،‬هنيئا إلى الرياضيي جميعا و هنيئا لنا معكم‪ )...‬ففي هذه التراكيب‬
‫مضمونات عاطفية يغلب عليها جانب الفرح الذي يهيمن على الرئيس الجزائري بسبب نيل‬
‫وفاق سطيف كأس الجمهورية‪.‬‬

‫كما نجد أيضا مجموعة من األلفاظ الدالة على إظهار القوة و ذلك في قوله‪ (:‬ربدوا‬
‫شجاعة منقطعة النظير‪ ،‬رافعي تحدي الصالحات الكبرى‪ ،‬رنا واثق ر شباب الجزائر الذي‬
‫تخرج بالماليي م المدرسة الجزائرية‪....‬سيتصدى لم يتربص بالبالد شرا‪.)...‬‬

‫‪69‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫المدخل‪:‬‬
‫‪ -1‬مفهوم التداولية‪.‬‬
‫‪ -2‬التداولية بين النشأة و التشكل‪.‬‬

‫‪ -1-2‬أوستين و التداولية‪.‬‬

‫‪ -2-2‬سيرل و التداولية‪.‬‬

‫‪ -3-2‬جرايس و التداولية‪.‬‬

‫‪ -3‬وظائف التداولية‪.‬‬
‫‪ -4‬مفهوم الخطاب‪.‬‬
‫‪ -5‬مفهوم السياسة‪.‬‬
‫‪ -6‬مفهوم الخطاب السياسي‪.‬‬
‫‪ -7‬نبذة عن حياة الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة"‪.‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪ -1‬مفهوم التداولية‪:‬‬

‫‪ -1-1‬لغة‪:‬‬
‫(د َو َل) في لسان العرب‪ ،‬وهي مشتقة من دول‪ ،‬يتداول‪ ،‬تداوالً ويقال‪ ":‬تداولنا‬
‫وردت مادة َ‬
‫األمر‪ ،‬أخذناه بالدول وقالوا دواليك أي مداولة على األمر‪ ....‬ودالت األيام أي دارت‪ ،‬واهلل‬
‫يداولها بين الناس‪ ،‬وتداولته األيدي أخذته هذه مرة وهذه مرة‪ ،‬وتداولنا العمل واألمر بيننا‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫بمعنى تعاوناه فعمل هذا مرة وهذا مرة‪".‬‬

‫وقد جاء في معجم أساس البالغة للزمخشري‪:‬‬

‫" دول ‪ :‬دالت له الدولة‪ ،‬ودالت األيام بكذا‪ ،‬وأدال اهلل بني فل ن من عدوهم‪ ،‬جعل الكرة‬
‫لهم عليه‪ ...‬وأديل المؤمنون على المشركين يوم بدر‪ ،‬وأديل المشركون على المسلمين‬
‫يوم أحد‪ ....‬واهلل يداول األيام بين الناس مرة لهم ومرة عليهم‪ .‬وتداولوا الشيء بينهم‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والماشي يداول بين قدميه‪ :‬يراوح بينهما‪".‬‬

‫من خالل هذه المفاهيم يتبين أن مصطلح التداولية في أصله العربي يرجع إلى الجذر‬
‫(د َو َل) وبالرغم من تعدد تعاريفه في المعاجم العربية إال أنها ال تخرج عن معاني‬
‫اللغوي َ‬
‫التحول والتبدل واالنتقال سواء كان ذلك من مكان إلى آخر أو من حال إلى آخر وهو ما‬
‫يدل على المشاركة والتفاعل وهو مفهوم قريب من مفهوم التداولية التي تعنى بالتفاعل بين‬
‫المتكلم والمتلقي‪.‬‬

‫(‪-)1‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬لبنان‪ ،‬مج‪ ،11/‬ط‪ ،1994 ،3‬ص‬
‫‪.253-252‬‬
‫(‪-)2‬أبي القاسم جابر اهلل محمد بن عمر بن أحمد الزمخشري‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬ج‪ ،1‬تح‪/‬محمد باسل عيون السود‪،‬‬
‫منشورات دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1988 ، 1‬ص ‪.303‬‬

‫‪7‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪ -1-2‬اصطلحا‪:‬‬

‫ميز الفيلسوف األمريكي" تشارلز موريس")‪)1979-1901( (Charles Morris‬‬


‫في مقال كتبه في موسوعة علمية بين مختلف االختصاصات التي تعالج اللغة وهي‪:‬‬

‫أ‪ -‬علم التراكيب‪(:‬النحو) الذي يقتصر على دراسة العالقة القائمة بين العالمات‪.‬‬

‫ب‪ -‬علم الداللة‪ :‬الذي يدور على الداللة التي تتحدد بعالقة تعيين المعنى الحقيقي القائمة‬
‫بين العالمات وما تدل عليه‪.‬‬

‫ج‪ -‬وأخي اًر التداولية‪ :‬التي تعنى في رأي "موريس"(‪ (Morris‬بالعالقات بين العالمات‬
‫(‪)1‬‬
‫ومستخدميها‪.‬‬

‫ما يهمنا بدرجة أكبر في هذا التعريف هو الشق الثالث منه‪ ،‬أي دراسة العالمات‬
‫بمستعمليها والجمل بمكلميها‪ ،‬فالتداولية إذن تتناول مفاهيم كانت غائبة تماماً عن الدرس‬
‫اللغوي واللساني‪ .‬وهنا تمكن الثورة التي قادتها التداولية‪ ،‬أي في تجاوزها للبعد الداخلي للنحو‬
‫والداللة واللسانيات إلى البعد االستعمالي للغة‪.‬‬
‫وتبقى فقط اإلشارة أن محاولة الوقوف على تعريف موحد للتداولية يعد من الصعوبة‬
‫بمكان وهذا راجع إلى تنوع خلفياتها الفكرية والثقافية‪ ،‬وهو ما أدى إلى تعدد التعاريف بحسب‬
‫تخصصات أصحابها ومجاالت اهتمامهم‪ ،‬ومن أبرز ما قدمه "فرانسيس جاك" ( ‪Francis‬‬
‫‪.)Jaques‬إذ يقول‪« :‬تتطرق التداولية إلى اللغة الخطابية وتواصلية اجتماعية معاً‪،".‬‬
‫اعد موز ٍ‬
‫عة تخضع لشروط‬ ‫فاللغة من هنا استعمال بين شخصين للعالمات استناداً إلى قو َ‬
‫(‪)2‬‬
‫إمكانية الخطاب‬

‫(‪ -)1‬ينظر‪ ،‬آن ربول‪ ،‬جاك موشالر‪ ،‬التداولية اليوم علم جديد في التواصل‪ ،‬تر‪/‬سيف الدين دغفوس‪ ،‬محمد الشيباني‬
‫مراجعة‪ :‬لطيف زيتوني‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص ‪.29‬‬
‫(‪ -)2‬فرانسواز أرمنيكو‪ ،‬المقاربة التداولية‪ ،‬تر‪/‬سعيد علوش‪ ،‬مركز اإلنماء القومي‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،1986 ،‬ص ‪.08‬‬

‫‪8‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫ويعرفها "الجيللي دالش" بأنها‪ ":‬تخصص لساني يدرس كيفية استخدام الناس للداللة‬
‫اللغوية في صلب أحاديثهم وخطاباتهم‪ .‬كما يعني من جهة أخرى كيفية تأويلهم لتلك‬
‫(‪)1‬‬
‫الخطابات واألحاديث‪".‬‬

‫فهي من خالل هذا التعريف تهتم بدراسة اللغة بوصفها ظاهرة خطابية وتواصلية‬
‫بالدرجة األولى‪.‬‬

‫وقد انتقلت التداولية بمفاهيمها الغربية للفكر العربي المعاصر‪ ،‬ونجد "طه عبد‬
‫الرحمان" الذي ترجم المصطلح بالتداوليات يقول‪ ":‬وقد وقع اختيارنا منذ ‪ 1970‬على‬
‫مصطلح "التداوليات" مقابلً للمصطلح الغربي(براغماتيا) ألنه يوفي المطلوب حقه باعتبار‬
‫داللته على معنيين‪ :‬االستعمال والتفاعل ‪ ،‬من خلل عناية التداولية بكل عناصر التواصل‪،‬‬
‫ألنها تدرس اللغة وهي تدور بين ألسنة المتخاطبين‪ ،‬ودراسة التفاعل بين طرفي العملية‬
‫اء أكانت داخلية أو خارجية‪،‬‬
‫التواصلية ألن األطراف كلها تنتمي إلى ظروف مقامية سو ً‬
‫يجب مراعاتها عند الدراسة‪ ،‬وعدم إغفال أنها تنظر إلى المتكلم والمخاطب لتتمكن من‬
‫(‪)2‬‬
‫دراسة التفاعل الذي يقتضي النظرة العامة ألطراف التواصل‪".‬‬
‫من خالل شبكة هذه المفاهيم يتضح لنا أن التداولية في معناها العام هي دارسة‬
‫اللغة أثناء االستعمال والتداول وذلك بالنظر إلى كل من المتكلم والمتلقي باإلضافة إلى سياق‬
‫وبناء على هذا يمكن القول أن التداولية هي علم االستعمال اللغوي‪.‬‬
‫ً‬ ‫الكالم‪،‬‬

‫(‪ -)1‬الجياللي دالش‪ ،‬مدخل إلى اللسانيات التداولية‪ ،‬تر‪ /‬محمد يحياتن‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د ط‪،‬‬
‫‪ ،1992‬ص ‪.01‬‬
‫(‪ -)2‬ينظر‪ :‬طه عبد الرحمن‪ ،‬تجديد المنهج في تقويم التراث‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الرباط ‪ ،‬المغرب ‪ ،‬د ط‪،1993 ،‬‬
‫ص ‪.244 -243‬‬

‫‪9‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪ -2‬التداولية بين النشأة والتشكل‪:‬‬

‫تتناسب نشأتها مع نشأة العلوم المعرفية(علم النفس‪ ،‬اللسانيات‪ ،‬فلسفة العقل‪ )...‬رداً على‬
‫التيار السلوكي(‪ )1‬إال أن بداياتها األولى كانت مع الرواقيين‪ ،‬ثم سقراط‪ ،‬ثم أرسطو‪،)2( ...‬‬
‫لكنها لم تكن واضحة المعالم‪ ،‬بل كانت مجرد إشارات عابرة متفرقة بين طيات أعمالهم‪.‬‬

‫وحديثاً تعود إلى خمسينيات القرن العشرين(‪)1956‬مع مقاالت "تشومسكي"‬


‫(‪" ،)Chomsky‬ميلر"(‪" ،)Miller‬نيوال"(‪....)Newell‬أو إلى (‪ )1955‬مع"جون‬
‫(‪)3‬‬
‫أوستين" )‪ (John. Austin‬وطورها "سيرل" (‪ )Searle‬و"جرايس" (‪)Grice‬‬

‫وكانت متداخلة مع العلوم المعرفية –السابقة ذكرها‪ -‬ولم تستقل إال مع العلماء الثالثة‬
‫السابق ذكرهم‪ ،‬فالتداولية إذن موجودة منذ القديم أي منذ وجود اإلنسان ألنه اجتماعياً بطبعه‬
‫دائما إلى التواصل مع غيره والتواصل من أحد مميزات البعد التداولي‪.‬‬
‫يحتاج ً‬
‫وسنبين فيما يلي نشأة التداولية عند العلماء الثالثة السابق ذكرهم باعتبارهم أهم العلماء‬
‫الذين استقلت التداولية وتطورت على يدهم‪.‬‬

‫‪ -1-2‬أوستين)‪ (Austin‬والتداولية‪:‬‬
‫عرف هذا الفيلسوف اإلنجليزي في محاضرات "وليام جيمس"(‪ )William James‬التي‬
‫ألقاها عام ‪ ،1955‬ولم يكن هدفه تأسيس فرع من فروع اللسانيات بقدر ما كان يهدف إلى‬
‫تأسيس اختصاص فلسفي جديد هو فلسفة اللغة‪.‬‬

‫(‪ -)1‬ينظر‪ :‬آن ربول‪ ،‬جاك موشالر‪ ،‬التداولية اليوم علم جديد في التواصل‪ ،‬ص ‪.28-27‬‬
‫(‪ -)2‬ينظر‪ :‬فيليب بالنشيه‪ ،‬التداولية من أوستين إلى غوفمان‪ ،‬تر‪/‬صابر الحباشة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬سورية‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‬
‫‪.20‬‬
‫(‪ -)3‬ينظر‪ :‬محمود أحمد نحلة‪ ،‬آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،‬د ط‪،2002 ،‬‬
‫ص ‪.09‬‬

‫‪10‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫وقد انطلق هذا األخير من مالحظة بسيطة مفادها" أن الكثير من الجمل التي ليست‬
‫استفهامية أو تعجبية أو أمرية ال تصف مع ذلك أي شيء وال يمكن الحكم عليها بمعيار‬
‫الصدق أو الكذب وبالفعل‪ ،‬ال تستعمل هذه الجمل لوصف واقع بل لتغييره فهي ال تقول‬
‫شيئا عن حالة الكون الراهنة أو السابقة‪ ،‬وانما تغيرها أو تسعى إلى تغييرها‪ .‬من هنا‬
‫ً‬
‫استنتج "أوستين")‪ (Austin‬انطلقا من ملحظة أن هناك جملً خبرية يمكن الحكم عليها‬
‫بمعيار الصدق أو الكذب‪ ،‬فهو من هذا المنطلق يرفض ثنائية الصدق والكذب بالنسبة‬
‫لجمل اإلثبات والتي وضعها المناطقة فلقد الحظ أوالً بوجود ذوات بنية متشابهة لجمل‬
‫اإلثبات والتي من خللها يمكن للمتكلم أن يصطنع بها أشياء عديدة وتتفرد الجمل‬
‫اإلنشائية بعدد معين من الخصائص ال توجد في الجمل الوصفية‪ ،‬من ذلك أنها تسند إلى‬
‫ضمير المتكلم في زمن الحال وتتضمن فعلً من قبيل "أمر" و"وعد" و"قسم" ويفيد معناها‬
‫(‪)1‬‬
‫على وجه الدقة إنجاز عمل‪".‬‬
‫وقد اكتشف أوستين)‪ (Austin‬فيما بعد أن المقابلة بين الجمل الوصفية والجمل اإلنشائية‬
‫ليست بالبساطة التي كان يظن‪.‬‬

‫من هنا يتضح أن األفكار والمالحظات التي جاء بها "أوستين"(‪ (Austin‬شكلت بداية‬
‫موفقة لنظرية أفعال الكالم‪ ،‬التي تعتبر أول نظرية لسانية تداولية اتبعها مجموعة من‬
‫الفالسفة لتشكيل نظريات أخرى‪.‬‬

‫(‪ -)1‬آن روبول‪ ،‬جاك موشالر‪ ،‬التداولية اليوم علم جديد في التواصل‪ ،‬ص ‪.31-30‬‬

‫‪11‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪ -2-2‬سيرل (‪ )Searle‬والتداولية‪:‬‬

‫يعد "سيرل" (‪ )Searle‬أحد رواد نظرية أفعال اللغة وقد نحا نفس منحى" أوستين"‬
‫(‪ (Austin‬فيما ذهب إليه لألفعال المنجزة‪ ،‬إذ ال يمكن إنجاز أفعال لغوية إال من خالل‬
‫عالقاتها بالمقاطع األخرى في الجمل‪ ،‬أو النص إال أن "سيرل" (‪ )Searle‬وجه بعض‬
‫االنتقادات الرامية إلى وجود بعض النقائص في دراسات "أوستين"(‪ (Austin‬لألفعال اللغوية‬
‫التي لم تبن على أصول واضحة‪ ،‬باإلضافة إلى وجود بعض التداخل بين مجموعات األفعال‬
‫نظر لعدم وضوح األساس الذي قسم من خالله هذه األفعال وكذلك فإن جهود‬
‫اللغوية ًا‬
‫"أوستين")‪ (Austin‬في هذا المجال كانت موجهة نحو دراسة األلفاظ وليس األفعال‪ ،‬أي‬
‫منجز بكل ما يحمله من حركية ومادية‪ ،‬وهذا ما أشار إليه‬
‫ًا‬ ‫دراسة لفظ الفعل وليس الفعل‬
‫"سيرل" (‪ )Searle‬عندما أكد على أن أصل المشكلة في تقسيم "أوستين")‪ (Austin‬أنه‬
‫عبارة عن تقسيم أللفاظ األفعال الموضوعة للداللة على األفعال الكالمية وليس نظرة إلى‬
‫ذات تلك األفعال‪ ،‬ومن ثم فإن مساهمات "سيرل" (‪ )Searle‬في هذا المجال تعد مهمة‬
‫وفعالة‪.‬‬

‫وهذا النطالقه من أن نظرية األفعال الكالمية ال تكون إال بالرجوع إلى الفعل ومن هذا‬
‫المنطلق بالذات عمل على تحليل الفعل اللغوي إلى قوى متضمنة في القول‪ ،‬ومنه ميز بين‬
‫فعل القول والفعل المتضمن في القول‪ ،‬وهو أهم ما جاء به "سيرل"(‪ )Searle‬في مجال‬
‫(‪)1‬‬
‫نظرية أفعال الكالم‪.‬‬

‫ما نستنتجه في األخير أن "سيرل" (‪ )Searle‬قد طور نظرية أستاذه "أوستين")‪(Austin‬‬


‫ومن أهم األبعاد التي ركز عليها هي المقاصد والموضوعات‪.‬‬

‫(‪ -)1‬نعمان بوقرة‪ ،‬المدارس اللسانية المعاص ةر ‪ ،‬مكتبة اآلداب ‪ ،‬القاه ةر ‪ ،‬مصر‪ ،‬د ط ‪ ،‬د ت ‪ ،‬ص ‪. 194‬‬

‫‪12‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪ -3-2‬جرايس (‪ )Grice‬والتداولية‪:‬‬

‫تدرج تداولية "جرايس"(‪ )Grice‬ضمن تداولية الدرجة الثانية‪ ،‬وينطلق "جرايس"(‪)Grice‬‬


‫من تمييزه لثالثة مظاهر للداللة‪ :‬التواضعية واإلشارة والقصد‪ ،‬وقد ارتكز "جرايس"(‪)Grice‬‬
‫بدرجة كبيرة على إمكانيتين لم يصنفهما هؤالء المنظرون‪ ":‬القدرة على اكتساب حاالت‬
‫ذهنية‪ ،‬والقدرة على نسبتها إلى اآلخرين‪ .‬واقترح "جرايس" تعريفا للداللة غير الطبيعية‪ :‬أن‬
‫شيئا ما من خلل جملة معينة فذلك يعني أن هذا القائل كان ينوي‬
‫تقول إن القائل قصد ً‬
‫ط ِبه بفضل فهم هذا المخاطب لنيته‪....‬‬
‫وهو يتلفظ بهذه الجملة إيقاع التأثير في م َخا َ‬
‫وهكذا يشدد "جرايس" في التواصل اللغوي على نوايا القائل وعلى فهم الم َخاطَب لهذه‬
‫(‪)1‬‬
‫النوايا"‪.‬‬

‫ولعل أهم مقال" لجرايس" هو المقال المنشور سنة ‪ 1975‬الذي يدور على ما يسميه‬
‫صاحبه (منطق المحادثة)" يسجل هذا المقال تطور في مفهوم الداللة غير الطبيعية‬
‫حصرا‪ .‬وقد أدخل فيه "جرايس"‬
‫ً‬ ‫ويصوغ مقاربة إلنتاج الجمل وتأويلها غير تواضعية‬
‫مفهومين مهمين‪ :‬االستلزام الخطابي ومبدأ التعاون‪ ....‬لهذا السبب ميز بين الجملة‬
‫والقول فالجملة هي سلسلة الكلمات التي يمكن لزيد أو عمر التلفظ بها في ملبسات‬
‫مختلفة وال تتغير بتغير هذه الملبسات‪ ،‬أما القول فهو حاصل التلفظ بجملة وهو يتغير‬
‫(‪)2‬‬
‫بتغير الملبسات"‬

‫(‪ -)1‬آن ربول‪ ،‬جاك موشالر‪ ،‬التداولية اليوم علم جديد في التواصل‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫(‪ -)2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.55 -54‬‬

‫‪13‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫واذا عدنا إلى مفهومي مبدأ التعاون و االستلزام الخطابي نجد أن "جرايس" قد افترض وجود‬
‫احترام لمبدأ التعاون بين مجموع المتخاطبين المساهمين في محادثة مشتركة‪ ،‬ولهذا المبدأ‬
‫أربعة قواعد متفرعة عنه هي‪ :‬قاعدة الكم‪ ،‬قاعدة النوع‪ ،‬قاعدة العالقة‪ ،‬قاعدة الكيف‪.‬‬

‫أما مفهوم االستلزام الخطابي فيقصد به ما تم نقله أو ما تم تبليغه وهناك طريقتين للتبليغ‪:‬‬
‫طريقة تواضعية تستدعي استلزاماً تواضعياً وطريقة محادثتية تستدعي استلزاماً محادثياً‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪-3‬وظائف التداولية‪:‬‬

‫تعد التداولية همزة وصل بين العديد من العلوم اإلنسانية منها‪ :‬الفلسفة‪ ،‬علم النفس‬
‫اللسانيات‪...‬وبذلك أدت مهام مختلفة في دراسة اللغة‪ ،‬تتلخص فيما يلي‪" :‬دراسة استعمال‬
‫اللغة‪ ،‬فهي ال تدرس البنية اللغوية ذاتها ولكن تدرس اللغة حين استعمالها في الطبقات‬
‫وموجها إلى مخاطب‬
‫ً‬ ‫محددا صادر من متكلم محدد‪،‬‬
‫ً‬ ‫كلما‬
‫المقامية المختلفة‪ ،‬أي باعتبارها ً‬
‫محدد بلفظ محدد في مقام تواصلي محدد لتحقيق غرض تواصلي محدد‪ ،‬كما تشرح كيفية‬
‫جريان العمليات االستداللية في معالجة الملفوظات وبيان أسباب أفضلية التواصل غير‬
‫المباشر وغير الحرفي على التواصل الحرفي المباشر وكذا شرح أسباب فشل المعالجة‬
‫(‪)1‬‬
‫اللسانية البنيوية في معالجة الملفوظات‪".‬‬

‫من هنا يتضح أن المهام األساسية للتداولية هي إبراز النشاط التفاعلي للغة وباألخص‬
‫التفاعل في العملية التواصلية‪ ،‬ولكن هناك شروط يجب أن تتوافر لكي يتحقق هذا التفاعل‬
‫في العملية التواصلية وهذه الشروط هي شروط اجتماعية وادراكية كما يجب أن يتحدد‬
‫الحديث بحدود زمانية ومكانية محددة أيضا لتحقق هذا التفاعل‪.‬‬
‫ولم تبقى مهام التداولية محصورة في تحقيق التواصل فحسب بل نجد أن لها وظائف عدة‪.‬‬
‫استنادا إلى "سيمون ديك" ) ‪ )Simon Dik‬فقد قسمها "المتوكل" إلى نوعين ‪ :‬داخلية‬
‫و ً‬
‫وخارجية حيث‪« :‬تتسم الوظائف التداولية الداخلية بكونها تسند إلى عناصر تنتمي إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫وتضم وظيفتي المحور والبؤرة‪ ،‬أما النوع الثاني فغير مرتبطة بعناصر‬ ‫الجملة ذاتها"‬
‫الجملة‪ ،‬حيث تسند إلى مكونات خارجة عن الجمل وتشمل وظيفتي المبتدأ أو الذيل إضافة‬

‫(‪ -)1‬مسعود صحراوي‪ ،‬التداولية عند العلماء العرب‪ ،‬دراسة تداولية لظاهرة األفعال الكالمية في التراث اللساني العربي‪،‬‬
‫دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص‪.27-26‬‬
‫(‪ -)2‬أحمد المتوكل‪ ،‬قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية‪ ،‬بنية الخطاب من الجملة إلى النص‪ ،‬دار األمان للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬د ط‪ ،2001 ،‬ص ‪.110‬‬

‫‪15‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫إلى الوظيفة التي أضافها" المتوكل" وهي وظيفة المنادى‪ ،‬وفيما يلي تفصيل لهذه‬
‫الوظائف‪:‬‬

‫‪ -1-3‬الوظيفتان الداخليتان‪:‬‬
‫‪ -1-1-3‬الوظيفة المحور‪ :‬يعرف "المتوكل" المحور بقوله‪ " :‬تسند وظيفة » المحور«‬
‫(‪)1‬‬
‫إلى المكون الدال على ما يشكل»المتحدث عنه« داخل الجمل"‬
‫وهذا يعني أن المحور هو الذات التي تشكل محط خطاب ما‪ ،‬نحو‪ :‬متى رجع زيد؟ رجع‬
‫زيد البارحة‪ ،‬فزيد هنا يشكل محور الجملتين ألنه محط الحديث فيهما‪ ،‬وهو بهذا يأخذ وظيفة‬
‫المحور بمقتضى الوضع التخابري القائم بين المتكلم والمخاطب في طبقة مقامية معينة‪.‬‬

‫‪ -2-1-3‬الوظيفة البؤرة‪ :‬تعرف بأنها‪ ":‬تسند وظيفة البؤرة إلى المكون الحامل‬
‫(‪)2‬‬
‫بروز في الجملة"‬
‫للمعلومة األكثر أهمية أو األكثر ًا‬
‫ويميز "المتوكل" بين نمطين من البؤرة ( بؤرة الجديد) وتستند إلى العنصر الحامل‬
‫للمعلومة يجهلها المتكلم في حالة اإلخبار مثل‪ :‬ماذا أكل الولد؟ أكل الولد التفاحة‪.‬‬
‫والنمط الثاني من البؤرة هي (بؤرة المقابلة) وتسند إلى العنصر الحامل للمعلومة المتجادل‬
‫في ورودها‪.‬‬

‫‪ -2-3‬الوظائف الخارجية‬

‫(‪ -)1‬أحمد المتوكل‪ ،‬الوظائف التداولية في اللغة العربية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪،1985 ،1‬‬
‫ص ‪.69‬‬

‫(‪ -).2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫‪16‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪ -1-2-3‬الوظيفة المبتدأ‪ :‬عرف "سيمون ديك"(‪ )Simon Dik‬المبتدأ بقوله‪ ":‬المبتدأ‬


‫(‪)1‬‬
‫نحو‪ :‬زيد أبوه مسافر‪،‬‬ ‫اردا"‬
‫هو ما يحدد مجال الخطاب الذي يعتبر الحمل بالنسبة إليه و ً‬
‫وهذا يعني أن المبتدأ هو ما يشكل موضوع الحديث أو هو الموضوع الذي يتركز الحديث‬
‫عنه‪.‬‬

‫‪ -2-2-3‬الوظيفة الذيل‪ :‬يقترح "سيمون ديك" ( ‪ )Simon Dik‬بالنسبة لوظيفة الذيل‬


‫(‪)2‬‬
‫التعريف اآلتي‪ ":‬يحمل الذيل المعلومة التي توضح معلومة داخل الحمل أو تعدلها"‬
‫نحو‪ :‬ازرني محمد بل علي‪ ،‬من خالل التعريف وبحسب ما ذهب إليه "المتوكل" فإن هذه‬
‫الوظيفة تفيد ثالثة(‪ )3‬معاني تداولية‪ :‬التوضيح التعديل والتصحيح وبذلك نحصل على أنواع‬
‫ثالثة من الذيول‪ :‬ذيل التوضيح ‪،‬ذيل التعديل ‪،‬وذيل التصحيح‪.‬‬

‫‪ -3-2-3‬الوظيفة المنادى‪ :‬وجب هنا اإلشارة إلى أن هذه الوظيفة من وضع الباحث‬

‫المغربي "أحمد المتوكل" الذي لم يكتف بالتقسيم الرباعي لدى "سيمون ديك") ‪Simon‬‬
‫‪ ،)Dik‬وقد اقترح هذا التعريف‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫" المنادى وظيفة تسند إلى المكون الدال على الكائن المنادى في مقام معين"‪.‬‬
‫نحو‪ :‬يا زيد قرأت مذكراتك‪ ،‬هذا وقد أشار الباحث إلى ضرورة التفريق بين "النداء" كفعل‬
‫لغوي شأنه في ذلك شأن األفعال اللغوية األخرى كاإلخبار واالستفهام‪ ...‬و"المنادى" كعالقة‬
‫تسند إلى أحد مكونات الجملة على الرغم من التالزم الوارد بين النداء والمنادى‪.‬‬

‫(‪ -)1‬أحمد المتوكل‪ ،‬الوظائف التداولية في اللغة العربية‪ ،‬ص ‪.115‬‬


‫(‪ -)2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪147‬‬
‫(‪ -)3‬المرجع نفسه ص ‪161‬‬

‫‪17‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪ -4‬مفهوم الخطاب‪:‬‬
‫عرف » معجم المصطلحات األدبية المعاصرة « الخطاب بأنه‪" :‬مجموعة التعبير‬
‫(‪)1‬‬
‫الخاصة التي تحدد بوظائفها االجتماعية ومشروعها اإليديولوجي"‪.‬‬
‫والخطاب كمفردة لغوية يشير إلى" مصدر الفعل خاطب يخاطب خطابا ومخاطبة وهو يدل‬
‫على توجيه الكلم لمن يفهم‪ ،‬أي نقله من الداللة على الحدث المجرد من الزمن إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫الداللة االسمية‪ ،‬فأصبح قديماً يدل على ما خوطب به وهو الكلم"‪.‬‬

‫وقد ورد في "المعجم السياسي" معنى الخطاب بأنه‪" :‬تعبير عن األفكار بالكلمات تعبير‬
‫بالمحادثة بين طرفين أو أكثر مناقشة رسمية مكتوبة لموضوع ما معالجة مكتوبة لموضوع‬
‫ما حوار أو كلم‪ .‬وفي علم اللغويات هو أي امتداد لغوي له بناء منطقي سليم و يكون‬
‫(‪)3‬‬
‫والخطاب حسب "إميل بنفنست" (‪)1976-1902‬‬ ‫أكبر من الجملة أو الفقرة المتكاملة"‪.‬‬
‫هو‪ ":‬ملفوظ منظو ارً إليه من وجهة آليات وعمليات اشتغاله في التواصل وبمعنى آخر هو‬
‫(‪)4‬‬
‫كل تلفظ يفرض متكلماً ومستمعاً وعند األول هدف التأثير على الثاني بطريقة ما"‪.‬‬

‫إذن الخطاب محور مهم في أي عملية اتصالية‪ ،‬الهدف منها إحداث رد فعل مطلوب من‬
‫متلقي الخطاب حول القضية المطروحة‪.‬‬

‫(‪ -)1‬سعد علوش‪ ،‬معجم المصطلحات األدبية المعاصرة‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د ط‪ ،1985،‬ص‪.83‬‬
‫(‪-)2‬عبد الهادي بن ظافر الشهري استراتيجيات الخطاب‪ ،‬مقاربة لغوية تداولية‪ ،‬دار الكتاب الجديدة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1‬‬
‫‪ ،2004،‬ص‪.36‬‬
‫(‪ -)3‬وضاح زيتون‪ ،‬المعجم السياسي‪ ،‬دار أسامة‪ /‬المشرق الثقافي‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص‪.163‬‬
‫(‪ -)4‬إبراهيم صحراوي‪ ،‬تحليل الخطاب األدبي‪ ،‬دراسة تطبيقية‪ ،‬دار األفاق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ،1999 ،1‬ص ‪.10‬‬

‫‪18‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫تقى فقط اإلشارة إلى أن الخطاب حضي بتعريفات متعددة بتعدد التخصصات وزوايا‬
‫الرؤيا وهو ما تؤكده "سارة ميلز" حيث ترى "أن وضع تعريف موحد للخطاب عملية معقدة‬
‫ألن من ناحية أغلب الباحثين الذين يستعملون المصطلح ال يحددون أياً من تعاريفه وهم‬
‫بصدد التعامل معه‪ ،‬ومن ناحية أخرى فإن العديد من الباحثين الذين يصوغون التعريفات‬
‫انطلقاً من توجهات معينة يقومون بتغييرها أو بإدخال تعديلت عليها‪ ،‬أي أن تعريف‬
‫الخطاب غير ثابت األمر الذي أدى إلى تداخله مع جملة من المصطلحات األخرى مما‬
‫(‪)1‬‬
‫خلق لبساً في تحديد المفاهيم"‪.‬‬

‫(‪ -)1‬سارة ميلز‪ ،‬الخطاب‪ ،‬تر‪ /‬يوسف بغول‪ ، ،‬مطبعة البعث‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د ط‪،2004 ،‬ص‪.06‬‬

‫‪19‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪ -5‬مفهوم السياسة‪:‬‬
‫اس‬
‫السياسة في » معجم اللغة العربية المعاصرة « مصدر مشتق من الفعل الثالثي َس َ‬
‫بناء عليها‪ .‬وهي سلوك الحكومات والدول‬
‫وس وهي مبادئ معتمدة تتخذ اإلجراءات ً‬
‫وأصله َس َ‬
‫(‪)1‬‬
‫وموافقها اتجاه القضايا المتعلقة بالدول األخرى‪.‬‬
‫عند "عبد الوهاب الكيالي" السياسة هي‪" :‬فن ممارسة القيادة والحكم‪ ،‬وعلم السلطة أو‬
‫الدولة‪ ،‬وأوجه العلقة بين الحاكم والمحكوم‪ .‬وفي تعريف آخر السياسة هي النشاط‬
‫االجتماعي الذي يضمن األمن ويقيم التوازن والوفاق بين األفراد والجماعات‪ .‬وهو علم‬
‫دراسة المصالح المتضاربة‪ ،‬وانعكاسها على تكوين السلطة والحفاظ على امتيازات الطبقة‬
‫(‪)2‬‬
‫الحاكمة"‪.‬‬
‫والسياسة في »المعجم السياسي « هي‪ ":‬القوة والهيمنة التي تمثلها أنواع الحكومات‬
‫وتتسم بمفهومين‪ :‬األول تقليدي ضيق‪ ،‬يركز على أن السياسة هي دراسة األنماط‬
‫السياسية للمؤسسات‪ ،‬أما المفهوم الثاني شامل ومعاصر‪ ،‬ينظر لسياسة على أنها علم‬
‫دراسة الوظائف واألنشطة المختلفة‪ ،‬وتركز على المنافسة والصراع من أجل السيطرة‬
‫(‪)3‬‬
‫والنفوذ"‪.‬‬
‫من خالل التعاريف المقدمة يمكن القول أن العصر الذي نعيش فيه هو عصر شيوع‬
‫الظاهرة السياسية بأوسع معانيها‪ ،‬فهي تحتل مكانة متميزة في وقتنا الحالي ومما تقدم نلحظ‬
‫أن للسياسة مفاهيم مختلفة ومتنوعة‪ ،‬فقد تدل على كل ما تقوم به الدولة أو الحكومة من‬

‫(‪)1‬أحمد مختار عمر‪ ،‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬مج‪ ،2/‬ص ‪.1134‬‬

‫(‪ -)2‬عبد الوهاب الكيالي‪ ،‬موسوعة السياسة‪ ،‬ج‪ ،3/‬المؤسسة العربية للد ارسات والنشر‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،1993 ،3‬ص ‪.362‬‬
‫(‪ -)3‬وضاح زيتون المعجم السياسي‪ ،‬ص‪.215‬‬

‫‪20‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫أعمال‪ ،‬كما قد نجدها تدل على الدراسة العلمية للمسلك الحكومي‪...‬ومن هنا يتبين أن‬
‫مصطلح السياسة قد تطور دالليا وانتقل من مجال داللته إلى مجال دالالت أخرى‪.‬‬

‫‪-6‬مفهوم الخطاب السياسي‪:‬‬


‫يقصد بالخطاب السياسي ذلك الشكل الخاص والمتميز من التواصل الموجه ألجل‬
‫إقناع المتلقي وتعديل سلوكه بصدد موضوعات تهم الدولة وتوجهاتها الداخلية والخارجية‪،‬‬
‫ويستمد تميزه من شخصية ِ‬
‫مرسله والمقام الذي يتم فيه فضالً عن بنيته اللغوية وما تتضمن‬
‫(‪)1‬‬
‫من دالالت وأفكار وأساليب بالغية‪ ،‬هدفها إقناع المتلقي‪.‬‬

‫كما يعرف بأنه" ذلك النسيج اللغوي المنطوق والمكتوب المترابط‪ ،‬المنسجم‪،‬‬
‫فكر وسلو ًكا( تفاعلت وممارسات) وفاعلين متفاعلين في سياق‬
‫المشحون بالسياسة ًا‬
‫مخصوص ( اجتماعي‪ ،‬لغوي‪ ،‬زماني‪ ،‬مكاني‪ )...‬ومعرفة إشكاالت المكتمل في داللته‬
‫(‪)2‬‬
‫بذاته‪ ،‬ذو الغرض االتصالي والخصوصية التداولية"‪.‬‬
‫خطابا إقناعي بامتياز‪ ،‬حيث‬
‫ً‬ ‫من خالل هذه المفاهيم يمكن اعتبار الخطاب السياسي‬
‫يهدف إلى حمل المخاطب على القبول والتسليم بفكرة ما وذلك عبر التقنيات واآلليات‬
‫اللسانية والمنطقية والعقالنية‪ ،‬بهدف التأثير في المستمع مما يؤدي إلى إقناعه‪.‬‬

‫(‪ -)1‬ينظر‪ :‬محمد الولي‪ ،‬الموضوعات الحجاجية الكبرى في المغرب ‪ ،‬مجلة عالمات ‪ ،‬المغرب‪ ،‬العدد ‪ ، 2004 ،19‬ص‬
‫‪.124‬‬

‫(‪ -)2‬محمد األمين ولد سيد أحمد ‪ ،‬تحليل الخطاب السياسي (دراسة اثنوجرافية‪ -‬اتصالية في الخطاب السياسي‬
‫الموريتاني) ‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ -‬مخطوطة ‪ ،‬جامعة الدول العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪21‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪ -7‬نبذة عن حياة الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة"‪:‬‬


‫هو الرئيس الجزائري الحالي‪ ،‬ولد في تلمسان سنة ‪1937‬م‪ ،‬دخل الحياة السياسية‬
‫وهو على مقاعد الدراسة الثانوية في المغرب من خالل اتصاله بحزب االستقالل‪ ،‬عضو‬
‫االتحاد العام للطالب الجزائريين‪ ،‬ترك دراسته والتحق بجبهة التحرير‪ ،‬قام بعدة مهمات في‬
‫الداخل وبشكل خاص في الوالية الخامسة‪ ،‬أيد الجيش( بن بلة وبومدين) في صراعه ضد‬
‫الحكومة المؤقتة‪ .‬نائب عن تلمسان ووزير الشباب والرياضة في أول حكومة للجزائر‬
‫(‪)1‬‬
‫المستقلة ‪1962‬م‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1963‬بعد مقتل محمد خميسي اختير عبد العزيز بوتفليقة ليحل محله‬
‫في و ازرة الخارجية وكان عمره آنذاك ‪ 26‬عاماً‪ .‬وقف في مؤتمر نيسان‪ -‬أبريل ‪1965‬م بن‬
‫بلة حول مسألة دور جيش التحرير الوطني في الدولة‪ .‬وقد قرر هذا األخير إبعاده مما عجل‬
‫في حركة ‪ 19‬حزيران‪ -‬يونيو ‪1965‬م التي أطاحت بن بلة‪ ،‬وقد ثبته النظام الجديد في‬
‫ير للخارجية‪ ،‬هو المنصب الذي لم يبعد عنه إال بعد وفاة الرئيس هواري بومدين‬
‫منصبه وز ًا‬

‫عام ‪1979‬م‪ .‬وقد عمل بنشاط في المجالس والمؤتمرات الدولية‪ .‬وانتخب عام ‪1974‬م رئيساً‬
‫للجمعية العامة األمم المتحدة وقد كان بذلك من المساهمين في ظهور السيد ياسر عرفات‬
‫رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في األمم المتحدة‪.‬‬
‫عضوا في المكتب‬
‫ً‬ ‫وباإلضافة إلى مناصبه السياسية فقد كان عبد العزيز بوتفليقة‬
‫وعضوا في مجلس الثورة من‬
‫ً‬ ‫السياسي لجبهة التحرير الوطني من ‪1964‬م إلى ‪1981‬م‬
‫‪1965‬م إلى ‪1979‬م‪.‬‬

‫(‪ -)1‬عبد الفتاح أبو عيشة‪ ،‬موسوعة القادة السياسيين‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2002 ،1‬ص ‪.202‬‬

‫‪22‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫وفي عام ‪1981‬م اتخذت اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني في دورتها السادسة قرار‬
‫(‪)1‬‬
‫بتعليق عضوية بوتفليقة في اللجنة‪.‬‬
‫مستشار لدى المجلس األعلى للدولة عام ‪1993‬م‪ ،‬ثم‬
‫ًا‬ ‫وقد عرض عليه منصب بصفته‬

‫بصفته ممثل دائم لدى األمم المتحدة‪ ،‬إال أنه رفض‪ .‬وبعدها في سنة ‪1994‬م أصبح رئيساً‬
‫(‪)2‬‬
‫للجمهورية بعد عشرين عاماً من غياب البومدينية‪.‬‬

‫(‪ -)1‬عبد الوهاب الكيالي وآخرون‪ ،‬موسوعة السياسة‪ ،‬ص ‪.837‬‬


‫(‪ -)2‬فراس البيطار‪ ،‬الموسوعة السياسية والعسكرية‪ ،‬ج‪ ،2/‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص ‪-787‬‬
‫‪.788‬‬

‫‪23‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪24‬‬
‫التداولية بين النشأة و التشكل‬ ‫مدخل‬

‫‪25‬‬

You might also like