Professional Documents
Culture Documents
الرقم التسلسلي....:
عنوان المذكرة:
0342ه0331/ه
و
>> اﻟﺤﻤﺪ ﷲ اﻟﺬي ﻫﺪاﻧﺎ ﻟﻬﺬا ،وﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻟﻨﻬﺘﺪي ﻟﻮ ﻻ أن ﻫﺪاﻧﺎ اﷲ <<
ﻗـﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ :ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺸﻜﺮ اﻟﻨﺎس ،ﻟﻢ ﻳﺸﻜﺮ اﷲ
ﻧﺘﻘﺪم ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ اﻟﺠﺰﻳﻞ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ أو ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ وﻧﺨﺺ
ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﻤﺸﺮف "أﺣﻤﺪﻣﻮﻫﻮب" اﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺧﻄﻮات ﻋﻤﻠﻨﺎ
وﺗﻘﺪﻳﺮا ﻣﻨﺎ ﻟﻪ وإﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﻌﻄﺎﺋﻪ ،واﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺒﺨﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﺎﺗﻪ ﻃﻴﻠﺔ إﻧﺠﺎز ﻫﺬﻩ
اﻟﻤﺬﻛﺮة.
ﻛﻤﺎ ﻧﺘﻘﺪم ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ اﻟﺠﺰﻳﻞ إﻟﻰ ﻛﻞ أﺳﺎﺗﺬة ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻠﻐﺎت ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ
ﺟﻴﺠﻞ وﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﻮﻇﻔﻲ ﻋﻤﺎل اﻹدارة وﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻨﺎ وﻣﺪﻧﺎ
ﺑﺎﻟﻌﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ إﺛﺮاء ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ.
ﻣﻘﺪﻣﺔ
مقدمة:
احلمد هلل الذي نستعينه ونستغفره ،ونعود باهلل من شر أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده اهلل
فال مضل له ،ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،وأشهد أن حممدا عبده
فإن خري احلديث كتاب اهلل ،وخري اهلدي هدى حممد صلى اهلل عليه وسلم ،وشر األمور حمدثاهتا وكل
تطورت املناهج األدبية تطورا كبريا يف العصر احلديث وكان هذا التطور نتيجة لعوامل عديدة يأيت على رأسها
تطور علوم اللغة واللسانيات احلديثة ،وعلم األسلوب يعد صورة هلذا التطور الكبري الذي ارتبط بدراسة
اخلطاب األديب ،وهو منهج ال غىن عنه يف الدراسات النقدية احلديثة ،ولعل أهم هذه املناهج النقدية وأكثرها
استخداما يف الدراسات النقدية العربية املعاصرة جند منهج النقد األسلويب ،هذا املنهج بدوره يرتكز على
منهجني الوصفي والتحليلي كإجراءين لتحقيق املقاربة األسلوبية ،وعليه كان هذا البحث حماولة اقرتاب من
هذا املنهج وتطبيقه يف رواية "األسود يليق بك" للكاتبة اجلزائرية املتميزة "أحالم مستغامني" ،ويف هذه الدراسة
-ما الذي مييز رواية "األسود يليق بك" عن غريها من التجارب الروائية احلديثة؟
وسنحاول من خالل هذا البحث أن جنيب عن هذه اإلشكاليات جاهدين على أن تكون الدراسة
موضوعية بعيدة عن امليوالت العاطفية ،ولقد كان الدافع الختيار هذا املوضوع هو دافع ذايت وذلك لرغبتنا
أ
مقدمة:
امللحة يف خوض دراسة يف مثل هذا النوع نظرا الحتوائها على الرباعة الفنية ،أما الدافع املوضوعي فيتمثل يف
حماولة الوصول إىل معرفة مدى أصالة األسلوبية يف الرواية ومدى قدرهتا على التأثري يف املتلقي كوهنا جنس أديب
وكان اهلدف من هذا العمل هو حماولة استثمار األسلوبية يف جنس الرواية والكشف عن احرتافية
املبدع من خالل استقصائها للقيم اجلمالية وإبراز الروح الفنية للمبدع ،وقد استوت هذه الدراسة على خطة
منهجية احتوت على املقدمة واملدخل وفصلني :فصل أول نظري وآخر تطبيقي باإلضافة إىل امللحق واخلامتة.
احتوى املدخل على مفاهيم حول الرواية بصفة عامة وكذلك حتدثنا عن الرواية العربية منها اجلزائرية
أما الفصل األول فخصصناه لدراسة ماهية األسلوب واألسلوبية ،جاء على مخسة عناصر :األول حول مفهوم
األسلوب والثاين عن األسلوبية ونشأهتا وتطورها ،أما الثالث يتمحور حول خصائص ومبادئ األسلوبية ويف
الرابع جماالهتا واجتاهاهتا ،وأخريا مستويات التحليل األسلويب .أما الفصل الثاين فقد اعتمدنا على حتليل رواية "
األسود يليق بك" حتليال أسلوبيا وفق خمطط يشمل العناصر التالية:
ثانيا:أسلوبية العنوان.
ثالثا :الشخصيات.
سادسا :الوصف.
سابعا :احلوار.
ثامنا :اللغة.
ب
مقدمة:
واخلامتة كانت مبثابة حوصلة ملا توصلنا إليه من نتائج ونأمل أن نكون قد وفقنا يف هذه الدراسة ،ويف
األخري نتقدم بالشكر اجلزيل لألستاذ الفاضل أمحد موهوب الذي مل يبخل علينا بتوجيهاته القيمة وإىل كل من
ج
ﻣﺪﺧﻞ
نشأة الرواية وتطورها مدخل:
لكل من الفنون األدبية أشكال وقوالب يصاغ عليها ،وباعتبار اإلبداع األديب فن له أشكال وقوالب
تعرف باألجناس األدبية منها الشعرية والنثرية.
وتعد الرواية من أبرز أشكال السردية اليت ظهرت يف الساحة األدبية إذ اهنا جنحت يف احتالل املقام االول
يف اجملال األديب وذلك التصاهلا بالواقع املعيشي ،فهي مبثابة سجل مأله شواغل اجملتمع وتطلعاته ،ومن مث أضحت
مرآة تعكس هويته وانتماءه ،حيث تطورت لتواكب احلياة املعاصرة يف شىت اجملاالت لتأخذ شيئا فشيئا نصيبا وافرا
1
من النقد لدى الكثري من النقاد والدارسني.
فالرواية شكل من أشكال األدبية اليت حتضى بشعبية وحضور واسع لدى مجهور كبري من القراء ،وهي
أبرز التعبريات الفنية اليت توحي بنض اإلحساس بالشصصية القومية وتصوير حي بانطباعات الكفاح واملعاناة
بشكل سيجل هذه الشصصية ويبلورها ويبني مالحمها ومميزاهتا وعرب ضمري احلياة األدبية محلت إلينا رسالة
األدب ،وهي اليت وجد الكثري من النقاد والدارسني يف حتديد مفهوم دقيق وشامل هلا وذلك لتعدد اجتاهاهتا
وتطور اساليبها مع تطور اختالف العصور ومنهم "مارط رويار" اليت تؤكد « أ ّن الرواية مل حتظ بتعريف دقيق وهي
2
إىل حد ما غري قابلة للتعريف»
تعترب الرواية ذلك اجلنس األديب النثري التصيلي ،فهي حتاول التقاط ما هو جوهري وجديل يف حياة
اإلنسان ،وتفرز هذه الرواية بصفة عامة ما يرتبط حبياة اإلنسان وطموحه ،كما تواكب األحداث وفق اآلفاق
الروائية كوهنا تسرد االحداث من أعماقه البعيدة املاضية وتصور ذلك املاضي يف إطاره الزمين من أجل بعث
الوعي.
فهذه الرواية اليت يعتربها الكثريون أوسع ميادين األدب العاملي وأعمقها أثرا يف الوعي القومي تعرف
تداخالت كثرية وتنوعات خمتلفة ،قيمة بدورها.3
فمن بني انواع الروايات جند :الرواية الواقعية ،الرواية الرومانسية ،الرواية التارخيية ،الرواية البوليسية ،الرواية
السياسية ،رواية اخليال العلمي.
وقد اكتمل مفهوم الرواية عند االدباء الغربيني منذ ظهور الطبيعيني والواقعيني الذين ختلصت الرواية على
أيديهم من العامل الشعيب الذي حلقت فيه مدة طويلة كما ختلصت أيضا من الدوران حول العامل املثايل ،فصاضت
-1ابراهيم عباس :الرواية املغاربية اجلدلية التارخيية ،والواقع املعيشي (دراسة يف بنية املوضوع) ،املؤسسة الوطنية لإلتصال والنشر ،دط2002 ،م ،ص.5
-2الصادق قسومة :نشأة احلس الروائي باملشرق العريب ،دار العيون للنشر ،تونس ،ط2002 ،2م ،ص.22
-3نواف أبو ساري :الرواة التارخيية ومولدها وأثرها الوعي القومي العريب ،هباء الدين للنشر والتوزيع ، ،قسنطينة،دط2002 ،م ،ص . 22-22
5
نشأة الرواية وتطورها مدخل:
يف جوانب مظلمة من حياة األفراد واجملتمعات وأصبحت مرآة عاكسة للمجتمع ،فيقول عنها الناقد "سانت بيت"
على ّأهنا حقل جتارب واسع فيه جمال كل األشكال العبقرية أو كل الطرق...
فمفهوم الرواية العربية ال خيتلف عن مفهوم الرواية الغربية ذلك أ ّن نشأهتا يف معزل عن تأثري الرواية
الغربية ،وظروف نشأهتا ختتلف من قطر آلخر ،وقد ساهم يف تطورها أو نشأهتا عامالن أساسيان مها الصحافة
والرتمجة ،وقد اختذ أدباء العرب هذا الفن جماال يصبون يف شىت إبداعاهتم الروائية ،ومن بني هؤالء جند
"سليم البس تاين"" ،جورجي زيدان" ومصطلح الرواية عندهم يطلق على كل عمل سردي مطول نسبيا معقد
الرتكيب والبناء والرواية بصفة عامة من جنس أديب راقي ذات بنية شديدة التعقيد متالمحة فيما بينها وتتداخل يف
النهاية حىت تشكل لنا شكال أدبيا مجيال مادته اللغة واخليال.1
ولقد مرت الرواية العربية مبحطات تارخيية ،واختذت هلا مسارا يف تطورها ،كان للظروف السياسية
واالجتماعية دورا هاما يف مسارها ،حيث جند بداياهتا رواية تعليمية إصالحية ،متأثرة يف أسلوهبا بالكتابات العربية
القدمية ،كاملقامة؛ فالظروف اليت كانت تسرد العامل العريب آنذاك دفعت باملثقفني األدباء إىل أن ينهجوا املنه
التعليمي يف كتاباهتم ورواياهتم ،فاألديب رسالة حياول إبالغها وحياول من خالهلا معاجلة مشاكل جمتمعه ألن غاية
الرواية باعتبارها فنا هي جتسيد احلياة اإلنسانية على حنو أعمق وأخصب.2
فاألديب ابن جمتمعه يؤثر ويتأثر.
كما تأثر الروائيون العرب بالفن الروائي األورويب وذلك عن طريق الرتمجة والبعثات العلمية يف عصر
النهضة العربية وقد ظهر التأثر بالغرب يف روايات كثرية من الروايات العربية منذ أوائل القرن العشرين مع رواية
"زينب" حملمد حسني هيكل ،فقد متيزت الرواية العربية يف هذه املرحلة بتقليد الرواية الغربية من حيث املضامني
واألشكال الفنية واجلمالية.
إال أ ّن الروائيني العرب مل يتسلموا للتقليد األعمى ،بل ربطوا أعماهلم بالواقع الذي برزت فيه صوره
املصتلفة ،وهذا ما نلمسه عند "طه حسني" يف روايته "املعذبون يف األرض" وغريها من الروايات اليت تعترب بداية يف
بناء الرواية العربية.
ومنه فالرواية العربية واليت ال ختتلف كثريا عن الرواية الغربية يف ظروف نشأهتا ،فكانت الكتابة فيها أكثر
مما جعلها تتطور إىل مستوى أرقى فتنوعت مضامينها وتطورت آلياهتا السردية.
-1عبد املالك مرتاض :يف نظرية الرواية :البحث يف تقنيات السرد ،اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت ،دط2791 ،م ،ص.27-22
-2روجب ميكل :قراءة الرواية ،مدخل إىل تقنيات التفسري ،تر :صالح رزق ،دار الغريب ،القاهرة ،مصر ،دط ،دت ،ص.299
6
نشأة الرواية وتطورها مدخل:
انبثقت الرواية اجلزائرية من رحم الرواية العربية ،إال أ ّن بدايتها كانت بداية ضعيفة إن مل نقل سطحية وهذا يعود
لألوضاع االجتماعية والسياسية للشعب اجلزائري ،فهذا اجلنس األديب كغريه من األجناس األدبية األخرى البد له
من تربة خصبة إلخراج انتاج ذا جودة عالية ،فالظروف اليت عاشتها اجلزائر أنتجت لنا أعمال روائية تتماشى مع
هذه الظروف.
فقد اتسمت الرواية اجلزائرية قبل السبعينات ببساطة األسلوب وسذاجة املوضوع ،وألن اجلزائري كان
مشغوال بالثورة املسلحة فالبداية الفعلية للرواية اجلزائرية كانت يف السبعينات مع رواية "ريح اجلنوب" لعبد احلميد
بن هدوقة ،أما موضوعاهتا يف تلك الفرتة تناولت موضوع الثورة ،إما حرب التحرير أو الثورة االجتماعية عامة
فالثورة هي املنبع الذي استلهم منه الروائيون اجلزائريون ابداعاهتم الفنية الروائية.
كما أ ّن الرواية اجلزائرية املكتوبة بالفرنسية ،قد شغلت الكثري من الروائيني اجلزائريني ،ألهنم ناضلوا وكافحوا
بالقلم من أجل توصيل آالم الشعب اجلزائري إىل كل أقطار العامل ،حني كانت الرواية املكتوبة بالفرنسية سابقة
الظهور على خالف تلك املكتوبة باللغة العربية اليت ظهرت فيما بعد.
تعد الرواية املكتوبة بالفرنسية يف املغرب العريب انتصارا جليا لالستعمار ،فهي طريق مواجهته ،والتصدي
له متكن هذا األدب من النض والوصول إىل العاملية "فالضرر الذي حلق الدول املغاربية ككل مل تفلت منه اجلزائر
إذا انتهجت فرنسا سياسة متطابقة يف كل أقطار العربية واإلسالمية 1وضمن هذا اجلو املليء بالنزاعات ولد
األدب اجلزائري ،إذ ميكننا القول ان األدب اجلزائري املكتوب بالفرنسية ظهر وتطور نتيجة ظروف سياسية
وثقافية « ،فاألقالم اليت حتررت وحتركت بعد احداث 8ماي 5491مل تعرب إال عن االستياء العام والغضب
الشامل من الواقع األسود».2
والطبقة األوىل للكتّاب اجلزائريني ممن يشتغلون ويكتبون باللغة الفرنسية من الطبقة الوجيهة املثقفة يف
اجملتمع ،وهم من خرجي املدرسة الفرنسية ،فكانت صورة اجلزائر حاضرة كمرآة يف األدب املكتوب أنداك.
فلو عدنا للبدايات األوىل سنصادف جمموعة من املثقفني اجلزائريني الذي عربوا بالفرنسية « هذه النصبة
اليت طالبت يف احملافل األدبية ...طالبت بإدماج اجلزائري يف الفرنسي كمطلب حقيقي وأساسي ومن هؤالء
الروائيني "حممد ولد الشيخ"" ،ماري لويس عمروش" كأول روائية جزائرية بإصدار "الياقوتة السوداء" 5491ويف
نفس السنة أصدرت الصحفية "مجيلة دباش" رواية "ليلى شابة جزائرية"».3
-1أم اخلري جبور :الرواية اجلزائرية املكتوبة بالفرنسية ،دار ميم للنشر ،اجلزائر ،ط ،2022 ،2ص.22
-2املرجع نفسه :ص.22
-3املرجع نفسه :ص.23
7
نشأة الرواية وتطورها مدخل:
أما أول رواية كتبت باللغة الفرنسية كانت عام 5491للقايد بن شريف حتت عنوان "أمحد بن مصطفى
القومي" اليت تلتها رواية "زهرة زوجة املنجم" لعبد القادر التاج محو عام ،5491حيث جاءت كتاباهتم صادقة
تعرب عن آمال وآالم الشعب اجلزائري فكانوا شهداء على ظلم االستعمار وإجرامه.
اللغة الفرنسية يف كتاباهتم الروائية مل يكن حبا وإعجابا باحلضارة إ ّن هؤالء الكتاب الذين اعتمدوا
الفرنسية ،وإمنا القضية هنا قضية تاريخ أكرب من جمرد الرغبة بالكتابة باللغة الفرنسية ،باإلضافة إىل أن اللغة
ليست ملكا ألحد كما يقول حممد بوربون فمسحت صغرية ألعمال حممد ذيب ،وكاتب ياسني ،ومالك حداد
وآسيا جبار ،وغريهم تثبت ذلك ،إذ يقول أحد النقاد الفرنسيني من أعمال كاتب ياسني" :إهنا روايات عربية
مرتمجة إىل الفرنسية ألهنا تعمل بصدق آمال هذا الشعب وآالمه" ،1ومنه فالرواية اجلزائرية املكتوبة بلغة املستعمر
ما هي إال نضال وكفاح إليصال قضية الشعب اجلزائري إىل أقطار العامل.
أما الرواية اجلزائرية املكتوبة باللغة العربية فهي مل حتظى بنمو ونض وافر مقارنة بالنض والتطور الذي
عرفته الرواية اجلزائرية املكتوبة بالفرنسية ،وقد ظهرت البوادر األوىل للرواية املكتوبة باللغة العربية على يد األديب
اجلزائري "أمحد رضا حوحو" يف رواية "غادة أم القرى" وهي قصة طويلة مل تعد جمرد حماوالت أوىل على درب هذا
الفن ،حيث أهنا افتقرت إىل اإلتقان يف الكثري من جوانب الرواية.2
ويعود ظهور فن الرواية يف اجلزائر إىل تصاعد الوعي الوطين خالل األربعينيات والستينات ،غري أن هذا
التطور كان متأخرا بسبب جمموعة من الظروف السياسية واالجتماعية ،إضافة إىل أن الثقافة اجلزائرية كانت عبارة
عن ثقافة شعرية.
وتعد مرحلة السبعينات مرحلة ازدهار وتطور الرواية اجلزائرية حيث ظهرت العديد من النصوص الروائية
اليت استطاعت بدورها أن متأل الفراغ الذي كان مسجال على مستوى الفن الروائي املكتوب باللغة العربية
منها ،رواية "ماال تدور الرياح" حملمد عرعار "ريح اجلنوب" لعبد احلميد بن هدوقة ،وهذه الرواية عكست لنا
الصراع الطبقي يف الريف اجلزائري غداة إجراء اإلصالح الزراعي ،وتندرج الرواية اجلزائرية املكتوبة باللغة العربية
ضمن النظرة الوقائعية ،واالجتاه الواقعي ،فكانت الرواية مرآة عاكسة لسلوكات ومواقف خمتلفة.3
-1واسيين األعرج :اجتاهات الرواية العربية يف اجلزائر ،حبث يف أصول التارخيية واجلمالية للرواية اجلزائرية ،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،دط،
2713م ،ص.90
-2إدريس بوديبة :الرؤية والبنية يف روايات الطاهر وطار ،سحب الطباعة الشعبية للجيش ،اجلزائر ،دط2009 ،م ،ص.22-22
-3أم اخلري جبور :الرواية اجلزائرية املكتوبة بالفرنسية ،ص.27
8
نشأة الرواية وتطورها مدخل:
وقد حظيت الرواية منذ ظهورها مبكانة عميقة ومرموقة عند الفرد واجملتمع بصفة خاصة وعند اجملتمع
العريب والغريب بصفة عامة ففي اجملتمع الغريب تظهر مكانتها من خالل التعاريف اليت قدمها أدبائها وباحثيها
للرواية ،فاألكادميية الفرنسية تنظر إىل الرواية على اهنا قصة نثرية ومكتوبة بالنثر فصاحبها يهتم اهتماما بالغا
بتحليل العواطف ووصف الطباع ،حيث يصفها "بلزاك" يف مقدمة كتابة الذي حيمل عنوان "امللهاة البشرية" على
أهنا خطة واسعة جدا ،جتمع بني التاريخ ونقد اجملتمع وحتليل أضراره ومناقشة مذاهبه.
9
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول :ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ وﻣﺠﺎﻻﺗﻬﺎ وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ
ﺑﺎﻟﻌﻠﻮم اﻷﺧﺮى
-1-1مفهومه اللغوي.
األسلوب ( )styleكلمة تشري إىل موقع الشمع ،وهي أداة الكتابة على ألواح الشمع ،ولقد اشتقت من
اللفظ الالتيين ) )stilusتعين اإلزميل أو إبىة احلفى (النقش) واختذت يف الالتينية املعىن العام نفسه ،وكذلك األمى
1
يف اللغات احلديثة.
ويف املعاجم العىبية ورد يف لسان العىب البن منظور« :ويقال للسطى من النخيل أسلوب ،وكل طىيق ممتد
فهو أسلوب ،قال واألسلوب الطىيق ،الوجه ،املذهب ،يقال أنتم يف أسلوب سوء ،وجيمع أساليب واألسلوب
الطىيق تأرخذ فيه ،واألسلوب بالضم ،الفن ،وقال أرخد فالن يف أساليب من القول ،أي أفانني منه».2
أما يف معجم الوسيط ،فاألسلوب ،الطىيق ،ويقال سلكت أسلوب فالن يف كذا ،طىيقته ومذهبه ،وطىيقة
الكاتب يف كتابته والفن ،يقال :أرخذنا يف أساليب من القول« :فنون متنوعة والصف من النخيل وحنوه مجع
أساليب».3
أما يف معجم حميط احمليط ،فقد ورد كلمة سلب« :ة ،ج ،ون ،أن ] س ل ب] (فا ،من ،سلب) أمى
سالب ،عكس املوجب ما كان اجتاهه سري مضاد لالجتاه املوجب ،كهىباء سالبة ،إذا جتاوز عدد اإللكرتونات على
1حسن ناظم :البىن األسلوبية ،املىكز الثقايف العىيب ،دار البيضاء ،املغىب ،ط2002 ،1م ،ص .11
2ابن منظور :لسان العىب ،مج ،7دار الصادر ،بريوت ،لبنان ،ط ،4دس ،ص .221
3إبىاهيم مصطفى :معجم الوسيط ،جممع اللغة العىبية لإلدارة العامة للمعجمات ،املكتبة اإلسالمية للطباعة والنشى ،تىكيا ،ط ،2دس ،ص .441
4بطىس البستاين :حميط احمليط ،قاموس عصىي مطول للغة العىبية ،ج ،4دار الكتابة العلمية ،بريوت ،لبنان ،ط2002 ،1م ،ص .105
5يوسف حممد رضا ،معجم العىبية الكالسكية املعاصىة ،مكتبة لبنان ناشىون ،ط2007 ،1م ،ص .881
11
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
كلمة أسلوب أصلها التيين مشتقة من الكلمة ) ، )stilusوهلا عدة معاين من بينها :السطى من النخيل
وكل طىيق ممتد ،الوجه ،املذهب ،كما تعين كذلك كلمة "سلب" أرخد الشيء وهنب ،وكما أنه عكس
2-1االصطالحي.
حاول عدد من األدباء والنقاد العىب القدامى احلديث عن األسلوب عند معاجلتهم بعض القضايا النقدية
والبالغة وقضية إعجاز القىآن الكىمي وميكن اإلشارة هنا إىل بعض اإلضاءات والقضايا املهمة اليت طىحها عدد من
النقاد العىب القدامى حول األسلوب ،وهذه اإلشارات ال تعين أن هؤالء النقاد قد حبثوا كل قضايا األسلوب
واألسلوبية ،وإمنا هي معامل واضحة هلا دور -ولو بشكل بسيط -يف تاريخ الدراسات األسلوبية.
1-2-1عند العرب.
-القدماء:
يقول« :أن حسن ارختيار اللفظة يقوم على سالمة جىسها وارختيار معجميا يقوم على ألفتها ،وارختيار
إحيائيا يقوم على الظالل اليت ميكن أن يرتكها استعمال الكلمة يف النفس وكذلك حسن التناسق بني الكلمات
إن مبدأ ارختيار اجلاحظ هو آلية من آليات علم األسلوب الذي يصى على ضىورة ارختيار كلمة بعينها
دون غريها ،لذا فهذا قائم على سالمة األلفاظ من حيث خمارجها وتناسقها مما يرتك أثىا إجيابيا يف نفس السامع
واملتلقي.
1يوسف أبو العدوس :األسلوبية الىؤية والتطبيق ،دار املسرية للنشى والتوزيع والطباعة ،عمان -األردن ،ط2007 ،1م ،ص .11
12
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
إذا ما حبثنا جند أن هناك حماوالت عديدة يف هذا اجملال يعطي لكلمة األسلوب مفهوما حمددا يف كتابه
"التأويل مشكل القىآن" رابطا بني تعدد األساليب واالفتنان فيها وطىق العىب يف أداء املعىن يقول« :وإمنا يعىف
فضل القىآن َم ْن كثَُى نظىه ،واتسع عمله ،وفهم مذاهب العىب وافتناهنا من األساليب ،وما رخص اهلل به لغتها
دون مجيع اللغات ،فإنه ليس يف األمم أمة أو تبت من العارضة والبيان واتساع اجملال ما أوتيَته العىب رخصيصى
من اهلل ،كما جعل علم نيب من املىسلني من أشبه األمور مبا يف زمانه املبعوث فيه ،فكان ملوسى فلق البحى ،واليد
يبدو لنا أن ابن قتيبة ربط بني األسلوب وطىق أداء املعىن يف نسق خمتلف حبيث يكون لكل مقام مقال
وهذا راجع إىل ارختالف املوافق واملوضوع إذ أنه استطاع التوصل إىل الىبط بني النوع األديب وطىق الصياغة عندما
يىبط بني اخلطبة واملوضوع الذي يتصل به من حتضيض أو صلح ،واألسلوب عنده ال يقتصى على اجلملة
«كان نقد األمدي لشعى متام قائما على االحنىاف األسلويب الذي مييز أسلوب أيب متام عن أسلوب الشعىاء
األوائل من رخالل تلمسه لالستخدامات اللغوية املناسبة ،ومد شيوعها كثىة أو قلة ،مما يتيح اجملال ملعىفة الفوارق
جند هنا أن األسلوب خيتلف من شاعى إىل آرخى حيث أسلوبه خمتلف عن أسلوب األوائل ،فاالحنىاف هو ما
1حممد عبد املطلب :البالغة واألسلوبية ،الشىكة املصىية العاملية للنشى والتوزيع ،القاهىة ،ط1224 ،1م ،ص.11
2يوسف أبو العدوس :األسلوبية الىؤية والتطبيق ،ص .11
13
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
«فقد ربط اخلطايب بني األسلوب والطىيقة أو املذهب ،فكما تعددت املوضوعات اليت يطىقها األديب
تعددت األساليب وتشكلت بطبيعة هذا املوضوع ،وهو يىبط كذلك بني األسلوب والطىيقة يف األداء باعتبار أن هذا
جند هنا أن اخلطايب ربط األسلوب بالطىيقة الفنية يف األداء والتقدمي ،وهذا الىبط يعترب وسيلة إلدراك
اإلعجاز القىآين وبالتايل فحسبه تعدد املوضوعات يؤدي بالضىورة إىل تعدد األساليب.
«يعترب مفهوم األسلوب النظم من حيث هو نظم للمعاين وتىتيب هلا وهو يطابق بينهما من حيث كانا
ميثالن تنوعا لغويا يصدر عن وعي وارختيار ومن حيث إمكانية هذه التنوعات يف أن تصنع نسقا وتىتيبا يعتمد على
إمكانيات النحو ...وعالقة النظم باألسلوب يف عالقة اجلزء بالكل ...وهكذا فإن النظم يتحقق عند اجلىجاين عن
طىيق إدراك املعاين النحوية واستغالل هذا اإلدراك يف حسن االرختيار والتأليف.2»...
نى هنا أن اجلىجاين قد طابق بني النظم واألسلوب معتربا العالقة بينهما عالقة اجلزء بالكل ال أكثى ،مؤكدا
أن حتقيق النظم يتم عن طىيق إدراك املعاين النحوية يف املقدرة على االرختيار والرباعة يف التأليف ،فهو هبذا مل يفصل
بني األسلوب والنظم حيث جعلها شيئان متالزمان ومكمالن لبعضهما البعض.
-المحدثين:
لقد أشىنا سابقا يف احلديث عن األسلوب لد العىب القدامى ،وسلطنا الضوء على رائدين بارزين ميثلون
اإلنارة األوىل يف تعىيف األسلوب أمثال :أمحد الشايب ،أمني اخلويل ،أمحد أمني ،ليعود بنا الدرس العىيب بإسهامات
مؤلفية يف هذا اجملال فالدرس األسلويب هو حمور نقاش ال ينتهي ،ونكتفي بذكى اجلهود اليت بدلت وتبدل يف النقد
والبالغة لد العىب احملدثني ،حيث محلت الدراسة األدبية اليوم ما جاوزه التأصيل البالغي القدمي يف حدود العلوم
الثالث ،علم املعاين والبيان والبديع ،يف الوقت الذي تؤكد فيه الدراسات النقدية األدبية نفسها على دراسة أسلوب
يقول« :أن األسلوب هو الصورة اللفظية اليت يُعرب هبا عن املعاين أو نظم الكالم وتأليفه ألداء
األفكار»،1كما جند له تعىيف آرخى يقول فيه« :أن األسلوب هو فن من الكالم يكون قصصا أو حوارا شبيها أو
يعين هبذا أن األسلوب هو األوسع للفن األديب ،حيث يتخذه األديب لإلقناع والتأثري على السامع
لقد عىف أمني اخلويل األسلوب على أنه« :ألوان من التخيلة والت ْخلية بالنسبة لبالغتها لتأرخذ طابعا
عصىيا».3
حاول أمني اخلويل أن ينقل لنا أفكار غىبية إىل الفكى العىيب ورخاصة يف جمال البالغة حيث ربط بني
أمحد أمني يقول يف مطلع كتابه "النقد األديب" وهو من جزأين« :إن هذه احملاضىات ...أول درس للنقد
األديب ( )...كما يقول يف رأي املؤلف ،أن (اللغة) وسيلة للتعبري عن األفكار واملعاين يف حني أن العواطف حتتاج
1أمحد علي حممد :دراسة أسلوبية إحصائية ،جملة جامعة دمشق ،مج ،25ع( ،2+1دط)2010 ،م ،ص .41
2أمحد الشايب :األسلوب دراسة بالغة حتليلية ألصول األساليب األدبية ،مكتبة النهضة املصىية ،ط1221 ،8م ،ص .41
3يوسف أبو العدوس :األسلوبية الىؤية والتطبيق ،ص .21
15
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
التعبري عنها إىل االستعانة بطىيقة تأليف الكالم أو نظمه وما هلا من بيان ...و(األسلوب) الذي يسميه أمحد أمني
يقصد هبذا أن أي ارختالف يف التعبري ينتج عنه ارختالف يف تأثري نظم الكالم ،وهو الوسيلة اليت يستخدمها
األديب يف عىضه لألشياء واألمور ،الغاية منه يف األساس هو إثارة املشاعى ملا له من القوة ما جيعله عنصىا قائما
بنفسه.
جند اللغوي الفىنسي "بوفون" هو أول من عىف األسلوب تعىيفا رخال من كثري من الشهىة واالنتشار ،حيث قال:
يتضح من رخالل التعىيف أن األسلوب مىتبط باإلنسان الذي بدوره يتلقى الىسالة اللغوية ،وهي عالقة
يعىف األسلوب على أنه« :املظهى الذي يف اخلطاب ينجم عن ارختيار وسائل التعبري واليت بدورها حتددها
يظهى لنا أن األسلوب مىتبط بالىسالة اليت متضهىت شخصية البات ،حيث يقوم برتمجة الىسالة
1عدنان بن ذريل :اللغة واألسلوب ،دار اجملد للنشى والتوزيع ،عمان-األردن ،ط2005 ،2م ،ص .112
(بوفون) :كان عامل تاريخ طبيعي والىياضيات وكان موسوعة فىنسي ولد سنة 1707م ،وقد كان أسلوبه هو الىجل ،ساعد على إرساء دعائم *
االنرتبولوجيا علم األجناس البشىية ،كان أبا لكل الفكى يف التاريخ الطبيعي تويف سنة 1788م.
2فيلي ساندريس :حنو نظىية أسلوبية لسانية ،تى :رخالد حممد مجعة ،دار الفكى بدمشق ،ط2001 ،1م ،ص .22-28
** (بريجريو) :هو عامل ولد سنة 1212م ،ألف عديد من الكتب منها كتاب "األسلوبية" وتىمجه منذر عياشي ،تويف سنة 1281م.
3عدنان بن ذريل :النص واألسلوبية بني النظىية والتطبيق (دراسة) ،منشورات احتاد الكتاب العىب ،دط2000 ،م ،ص .48
16
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
على حسب احلالة النفسية والبيئة االجتماعية اليت ينتمي إليها وكذلك األهداف اليت يسعى البات لتحقيقها.
«األسلوب هو كل ما ليس عاديا أو شائعا وال عاديا وال مطابقا للمعيار املألوف ...إنه انزياح بالنسبة إىل
إن األسلوب عند جان كوهن يعترب حدث لغوي ألنه يبتعد بنظام اللغة يف االستعمال املألوف وكذاك يعترب
1-2مفهوم األسلوبية.
والالحقة (ية) ) (QUEوداللة األسلوب نسبية ،فهو ذو بعد إنساين ذايت ،وأما الالحقة فتتصل بالبعد العلمي
العقلي ،وبالتايل املوضوعي ،وميكن فك الدال االصطالحي إىل مدلوله عما يوافق عبارة علم األسلوب (SCIENCE
) DE STYLEوبذلك تعىف األسلوبية بداهة البحث عن األسس املوضوعية إلرساء علم األسلوب.2
«األسلوبية أو علم األسلوب علم لغوي حديث يبحث يف الوسائل اللغوية اليت تكسب اخلطاب العادي أو
األديب رخصائصه التعبريية ومتيزه عن غريه ...أهنا تتقى الظاهىة األسلوبية باملنهجية العلمية اللغوية ،ويعترب األسلوب
ظاهىة يف األساس لغوية ،هذه االعتبارات املنهجية اجلديدة ميزت البحث األسلويب عن البحث البالغي ،إذ تىيد
1جان كوهن :بنية اللغة الشعىية ،تى :حممد الوايل وحممد العمىي ،دار تويفال للنشى ،ط1285 ،1م ،ص .11
(جان كوهن :ناقد فىنسي من مواليد 1212م ،هو أول من حتدث بالتفصيل عن مفهوم اإلنزياح وذلك يف كتابه "بناء لغة الشعى" وطبع كتابه سنة
1255م ،وتىجم إىل العىبية سنة 1281م ،وتويف سنة 1224م.
2عبد السالم املسدي :األسلوبية واألسلوب ،ص .14
17
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
األسلوبية اليوم أن تكون "علمية تقىيىية" تصف الوقائع وتصنفها بشكل موضوعي ومنهجي بعد أن كانت البالغة
يى "شارل بايل" أن« :اللغة جمموعة من وسائل التعبري اليت تتناول الفكىة أي الدالالت املضافة مع
الفكىة ،وأن علم األسلوب يعىن بدراسة الوسائل اليت يستخدمها املتكلم عن أفكار معينة».2
"أمادو ألونسو"« :هي علم يهدف إىل املعىفة احلميمية للعمل األديب وملبدعه عن طىيق أسلوبه ،واملبدأ
الذي يعتمد عليه هو كل رخاصية لغوية يف األسلوب تطابق رخاصية نفسية ،والبد أن تكون مثة تناغم مستمى بني
"ريفاتري" «هي علم يهدف للكشف عن العناصى املتميزة اليت هبا يستطيع املؤلف مىاقبة حىية اإلدراك لد
القارئ املتقبل مث ينتهي إىل أن األسلوبية (اللسانيات) تعىن بظاهىة محل على فهم معني وإدراك خمصوص».4
"جاكسون"« :هي بعث يتميز هبا الكالم الفين عن باقي مستويات اخلطاب أوال ،وعن سائى األصناف
ثانيا».6
"بريوجري" :أن األسلوبية بالغة حديثة ذات شكل مضاعف ،إهنا علم التعبري وهي نقد األساليب
الفىدية ،وملا كان األسلوب هو املسلك إىل األسلوبية ،فإن األسلوبية حتليل لغوي موضوعه األسلوب وشىطه
-1منذر عياشي :األسلوبية علم يدرس اللغة ضمن نظام اخلطاب ،ولكنها علم يدرس اخلطاب م ً
وزعا على مبدأ
هوية األجناس ولذا كان موضوع هذا العلم متعدد املستويات وخمتلف املشارب واالهتمامات ،متنوع األهداف
واالجتاهات ،ومادامت اللغة ليست حكىا على ميدان إيصايل دون اآلرخى ،فإن موضوع علم األسلوبية ليست حكىا
له أيضا على ميدان تعبريي دون آرخى ،ولكن يبقى صحيحا ،إن األسلوبية علم يىقى مبوضوعه ،أو هو يعلوا عليه
لكي حييله إىل درس علمي ،ولوال ذلك ملا حازت األسلوبية على هذه الصفة وملا تعددت مدارسها ومذاهبها ،كما
يبقى صحيحا أيضا أن األسلوبية هي صلة اللسانيات باألدب ونقده ،وهبا تنتقل من دراسة اجلملة –لغة -إىل دراسة
2
اللغة نصا ،فخطابا فأجناسا ،ولذا كانت األسلوبية "جسى اللسانيات إىل تاريخ األدب.
املالحظ أن األسلوبية هي علم قام بدراسة اللغة واخلطاب فقد لقي هذا العلم اهتمام كبري من قبل الباحثني
بسبب دراسة اللغة ،فقد ربطت األسلوبية األدب باللسانيات ،ولقد أصبحت جسى اللسانيات إىل تاريخ األدب.
-2عبد السالم المسدي :يصفها بأهنا البحث عن األسس املوضوعية إلرساء علم األسلوب ،ويعىن بدراسة
اخلصائص إىل وظيفة تأثريية ومجالية ،مهمة األسلوبية لديه هي البحث عن القيمة التأثىية لعناصى اللغة
3
املنظمة ،والفاعلية املتبادلة بني العناصى التعبريية اليت تتالقي بشكل نظام الوسائل اللغوية.
يى أن األسلوبية امتداد للبالغة ونفي هلا يف نفس الوقت ...فهي مثابة حبل التواصل وحظ القطيعة يف
نفس الوقت أيضا ،حيث أن األوىل بديلة للثانية ومها يفرتقان عند مجلة من النقاط ،فالبالغة علم معياري تعليمي
يعتمد فصل الشكل عن املضمون واخلطاب بينما األسلوبية علم وصفي حتليلي يىفق الفصل بني دال اخلطاب
1
ومدلوله.
املالحظ أن املسدي حياول إفىاز املفارقة الكبرية بني علمني علم األسلوب احلديث والبالغة القدمية ،باعتبار
لقد ظهىت األسلوبية يف أوارخى القىن 12وبداية القىن ،20على أنقاض البالغة التقليدية اليت استنفدت
إمكانياهتا التعليمية.
يف عام 1871م أطلق "فون درجبلنتش" مصطلح األسلوبية على دراسة عرب االنزياحات اللغوية والبالغية
يف الكتابة األدبية ،ومل تكن األسلوبية وقتها قد اتضحت معاملها ...على إثى ازدهار (علم اللغة) احلديث على يد
"فىيديناندو دي سوسري" ( ،)1211 -1817اذ يى أحد تالمذته وهو شارل بايل ( )1242-1851لدراسة
األسلوب بالطىق العلمية اللغوية ،حيث استهوته بنيوية اللغة ،فعمل على إرساء قواعد األسلوب عليها يف كتابه "فن
«ابتداء من هذا التاريخ بدأ االهتمام بالدراسات األسلوبية يتزايد شيئا فشيئا مهتديا باملعطيات العلمية
األلسنية متقاطعا مع حدود علمية أرخى كالبالغة وفقه اللغة ،والنقد األديب وعلم العالمات ...حيث ظهى بعد
"شارل بايل" طائفة من األسلوبيني الذين شقوا ألنفسهم طىقا واجتاهات ضمن هذا العلم اجلديد ،أثى البحث
ومن بني هؤالء الذين سامهوا يف إثىاء الدرس األسلويب جند "بريجريو" الذي عمل على إظهار االزدواج
الوظيفي الذي يبني جمال العمل األسلويب ،وحمتو التفكري البالغي ...وذلك يف مطلع اخلمسينيات ،إذ صدرت
طبعته األوىل من كتابه "األسلوبية" 1214م ،ورأ أن موضوع الفاعلية بالنسبة لكل منهما واحد هو فن الكتابة
وفن األدب.
ويف سنة 1251م أصدر "تيزفيتان تودوروف" أعمال الشكالنيني الىوس مرتمجة إىل الفىنسية ،األمى الذي
ساعد على تبيني موضوعات األسلوبية يف اجملالت اللغوية ،وأيضا النقدية رخاصة أن رائد هذه اجلماعة "روبان
جاكبسون" الذي عمل على إغناء البحث اللغوي األسلويب بآرائه وإليه تعود وظائف اللغة الذي اعتمد فيها بعدا يف
على هذا النحو صار األسلوبيون يطمئنون إىل موضوعهم ،جماله ومنهجيته ،ويف عام 1252م يؤكد
2
"ستيفان اوملان" كعلم لغوي نقدي ...كما أنه يظهىها لألسلوبية من فضل على النقد األديب وعلم اللغة.
ويف عام 1270م أصدر "فىيدريك ديلوفى" كتابه "األسلوبية الشعىية الفىنسية" ،فنقض البحث األصويل
الوظيفي يف العمل األسلويب مسلما بداهة مبا قبله املنهج يف كل حبث أسلويب...
ويف عام 1271م أصدر "نيقوال ريفارتري" يف كتابه "األسلوبية البنيوية" فأظهى كيف أن األسلوب هو
العالمة املميزة للقول دارخل اخلطاب...وأن البنية النوعية للنص هي نفسها أسلوبه فاللغة تعرب لكن األسلوب يربز
3
( )...ولذلك يدرسه من حيث أثى املتلقي أي السامع أو القارئ.
1يوسف وغليسي :مناهج النقد األديب ،جسور للنشى والتوزيع ،اجلزائى ،ط2007 ،1م ،ص .75
2ينظى :عدنان بن ذريل ،اللغة واألسلوب ص .111-112
3ينظى :املىجع نفسه ،ص ن.
21
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
يتبني هنا أن أول من أطلق مصطلح األسلوبية هو "فون درجبلنتس" ،لكنها مل تتضح معاملها إال بعد
ازدهار(علم اللغة ) على يد "فىديناند دي سوسري" وتعمق يف دراستها أكثى تلميذه "شارل بايل" الذي عمل على
إرساء قواعد األسلوب وذلك من رخالل كتابه "فن األسلوبية الفىنسية" ،وظهى بعده جمموعة من األسلوبيني الذين
اختذوا ألنفسهم طىق خمتلفة يف هذا العلم من بينهم "تزفيتان تودوروف ،ستيفان أوملان ،نيقوال ريفاتري...اخل" كل
ميز الدارسون بني مصطلح األسلوب واألسلوبية من حيث النشأة ،حيث أن العىب استخدم األسلوب منذ
أما عن املصطلح الثاين األسلوبية فنشأته غىبية ،وارتبط استعمال هذا العلم بظهور الدراسات اللغوية احلديثة
كمدرسة " فىديناند دي سوسري " الذي قىر أن يتخذ األسلوب علما يدرس بذاته ويوظف يف رخدمة التحليل األديب
«األسلوب وصف للكالم أما األسلوبية فإهنا علم له أسس وقواعد "مىكب جذره أسلوب "STYLEالحقته
هي ،IQUEورخصائص األصل تقابله انطالقا من أبعاد الالحقة ،فاألسلوب ذو مدلول إنساين ذايت وبالتايل
نسيب ،والالحقة ختتص فيما ختتص به البعد العلماين العقلي ،وبالتايل املوضوعي ،وميكن يف كلتا احلالتني تفكيك
الدال االصطالحي إىل مدلوله مبا يطابق عبارة علم األسلوب ) (SEANCE DE STYLEلذلك تعىف األسلوبية
1
بداهة بالبحث عن األسس املوضوعية إلنشاء علم األسلوب».
أيضا تبقى األسلوبية كما وصفناها يف هذا الكتاب «دراسة للتعبري اللساين أما كلمة أسلوب إذا أردت إىل
2
تعىيفها األصلي فهي تعين طىيقة للتعبري الفكى بواسطة اللغة».
1
واجلدول اآليت يوضح الفىق بني األسلوب واألسلوبية:
األسلوبية األسلوب
-منتوج ذايت متغري احمللل النص - -منتوج دالالت األلفاظ مع معاين النحو
-تفىيق بني اللغة والكالم /الىمز /الىسالة /اللغة واملقابلة - -ال يفىق بني اللغة والكالم
-تعاطف ضىوري بني احمللل والنص - -ال يوجد تعاطف بني احمللل والنص
-تستمد معايريها من العلم الذي تنتمي إليه - -تدرخل اجلانب اللغوي موقف املؤلف واجلانب اجلمايل
1صاحل بلعيد :نظىية النظم ،دار هومة للطباعة والنشى والتوزيع ،اجلزائى ،ط2002 ،1م ،ص .118 -117
23
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
نستنتج أن األسلوب أسبق من األسلوبية وأمشل منها ،حيث أن هذه األرخرية تستمد معايريها من األسلوب
إال أنه يوجد ارختالف كبري يف مفهومه بالغي القدمي أما األسلوبية فهي بنيوي حداثي.
1-0خصائصها.
يذهب علماء األسلوبية إىل أن عملية اخللق األسلويب يستند إىل جمموعة من اخلصائص وهي
1-1-0اإلضافة:
وهذا يعين أن األسلوب شيء ADDITION HINZUFUGUNG لقد ُعد األسلوب إضافة أو زيادة
يضاف أو يزاد على اللغة تدرخل به ويدرخل هبا ،عرب ما ميكن أن مييز الكالم حبضور مسة أو عالمة من العالمات
1
األسلوبية ،وهو أمى يقتضي ويستدعي يف نفس الوقت وجود تعبري حمايد فريد من أسلوب أو ليس له أسلوب.
أي أن األسلوب إضافة فإنه يستدعي ناقدا أو قارئا يتعامل مع هذه اإلضافة ويى فاعليتها وشكلها
وتأثريها.
وإذا كان األسلوب إضافة فإنه يعين التحسني والزرخىفة والتجميل للتعبريات واإلضافة يف األسلوب األديب
تقابل اإلضافة يف فنون أرخى ،مثل الىسم وغريه من الفنون التشكيلية ،فاأللوان واخلطوط تضاف على اللوحة الفنية
2
البد أهنا متضمنة لفاعلية ولتأثريات فنية ووجدانية تساهم يف رخلق التفاعل من اإلضافة والتعبري والقارئ.
وإذا كان األمى كذلك فإن الزرخىفة والتزيني للتعبري عن شيء نابع من قصدية املؤلف أو البات وليس شيئا
زائدا ،ألنه سيسهم يف تشكيل رؤية قادرة على استنفار إدراك وعي املتلقي وعلى هذا األساس ال ميكن أن ننكى أن
1موسى ربابعة :األسلوبية مفاهيمها وجتلياهتا ،دار الكندي للنشى والتوزيع ،األردن ،ط2001 ،1م ،ص .22
2املىجع نفسه ،ص ن.
24
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
األسلوب إضافة ،إال إذا كانت اللغة لغة ذات مسار واحد وذات مستو واحد ،وهذا األمى نبده صيغة اللغة املتمثلة
1
يف أن املبدعني قادرين على تشكيل تغريات غري موجودة من قبل.
يتضح بأن املقصود باألسلوب إضافة هو التحسني والتعبري فيما جيول يف أعماق وذات املؤلف ،فهو ال يعترب
2-1-0االختيار.
إن تعىيف األسلوب على أنه ارختيار يطىح يف املقام األول السؤال التايل :ملاذا خيتار املبدع هذه الكلمة أو
هذا الرتكيب أو هذا العنوان أو هذه التقنية ،دون غريها من التقنيات؟ وهذا السؤال يقود إىل سؤال آرخى :هل
االرختيار عملية واعية ،أو غري واعية ،وكيف ميكن حتديد مثل هذا السؤال أو اإلجابة عليه ألن االرختيار أمى ال يتعلق
2
بالقارئ وإمنا يتعلق باملبدع.
ميكن أن يُعد االرختيار من بني املبادئ اليت شكلت منطلقا لفكىة األسلوب ،بل إن هناك عالقة وثيقة بني
فكىة األسلوب وقضية االرختيار ،فاألسلوب يف أحد تعىيفاته هو ارختيار من بني الدالئل العديدة ،وإن أي فكىة من
األفكار ميكن إبالغها بأشكال وكيفيات متنوعة ،ومعىن ذلك أن نفس الشحنة االرختيارية ميكن سبكها يف صيغ
3
لسانية متعددة.
املالحظ أن االرختيار يتعلق باملبدع ،كما أنه من بني العناصى اليت كانت منطلقا لفكىة األسلوب.
1موسى ربابعة :االسلوبية مفاهيمها وجتلياهتا ،دار الكندي للنشى والتوزيع ،ص .21
2يوسف أبو العدوس :األسلوبية الىؤية والتطبيق ،ص .150
حسيبة بوالىوايح وسفيان صوكو :مذكىة مكملة لنيل شهادة املاسرت بعنوان "ديوان رسالة يف احلب" للشاعى عبد اهلل عيسى حليلح دراسة أسلوبية 3
من الشائع يف الدراسات األسلوبية أن األسلوب ارختيار ،حيث أن املنشئ يستطيع أن خيتار من إمكانيات
اللغة ما يستطيع وما يى أنه األقدر على رخدمة رؤية موقفه ،وما ميكن أن يكون قادرا على رخلق استجابة معينة عند
1
املتلقي.
من رخالل هذا يتضح أن عملية االرختيار يف األسلوبية ميكن أن تكون بطىق وأساليب متعددة ،ألنه يعتمد
يف األساس على ثىوة املنشئ اللغوية وقدرته على االنتقاء من النظام اللغوي ،الذي يقدم له إمكانيات واحتماالت
إذن عملية االرختيار ميكن أن تكون ال هنائية بل مفتوحة على إمكانيات ال حصى هلا ،ليس على صعيد
املعجم فقط وإمنا على صعيد الرتكيب كذلك ،فاهلدف من عملية االرختيار هي عملية مجالية بالدرجة األوىل تسعى
إىل تشكيل اإلثارة والدهشة لد املتلقي ،وطبقا هلذا تكون عملية االرختيار غري بىيئة من قصدية املنشئ الذي
2
يستعمل اللغة استعماال مقصودا وإراديا.
أي أن عملية االرختيار هي عملية مقصودة من املنشئ ألن غايته هي االرختيار من بني اإلمكانيات املتعددة
0-1-0االنزياح.
يعد االنزياح اللغوي ظاهىة بارزة يف الدراسة األسلوبية ،حىت أن بعضهم ذهب إىل تعىيف األسلوب على أنه
االرختيار اللغوي أو االنزياح عن االستعمال املألوف ،ذلك أن اللغة توفى للمتكلم طىقا خمتلفة للتعبري عن شيء فيتوىل
املؤلف ارختيار ما يشاء من اللغة ويف هذا يكمن أسلوبه ،كما يتوىل األسلويب النظى يف طبيعة ذلك االرختيار ومنشأه
ووظيفته ،وذلك االرختيار هو الذي يعرب عنه "جاكبسون" بالتحول من حمور االرختيار اجلدويل إىل حمور التأليف
1
السياقي.
وهذا إن ذل على شيء فهو يدل على أن االنزياح خيىج اللغة من دائىة املعاين املعجمية الضيقة واملعيارية
احملددة والثابتة إىل دائىة النشاط اإلنساين احلي ،وهذا ما يبني أن االنزياح يىتبط باالرختيار ارتباطا وثيقا ،ألن االرختيار
ويىجع الغىبيون أصول النظىية القائلة بانزياح إىل عهد "بيفون" الذي ربط األسلوب بشخصية صاحبه ،فأبىز
اجلانب الفىدي الشخصي فيه ،وتبلورت هذه النظىية تدرجييا ويكاد ال خيلو مقال يف األسلوب من اإلشارة إىل هذه
الظاهىة ،فسميت بأمساء خمتلفة متقابلة مرتادفة ومن بني تلك املىادفات نذكى منها:
1اهلادي اجللطالوي :مدرخل إىل األسلوبية تنظريا وتطبيقا ،الدار البيضاء ،املغىب ،ط1222 ،1م ،ص .10
27
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
هذه املصطلحات كلها تندرج ضمن نقطة واحدة ،وهي متيز اللغة األدبية وهذا التميز ال معىن له وال
إمكانية حلصىه ما دمنا جنهل املادة أو املألوف ،وميكن لنا أن نقارن بني احلالة العامة يف اللغة واحلالة اجلديدة اخلاصة
1
عند الكاتب مما يربز لنا معىفة االنزياح.
ويقيم على أساس املعيار النحوي حنوا ثانويا مكونا من صور االنزياح ،وميكن أن تكون هذه الصور من
طبيعتني :فهي رخىق املعيار النحوي (بالىرخص الشعىية) مثل :االستعارة من جهة ،وتطبيق هلذا املعيار باالستعانة
2
بقواعد إضافية من جهة ثانية.
لكن يف الدراسات السابقة تنازع بني املصطلحات الثالث (االنزياح ،جتاوز ،عدول) وأرخذ يتزايد بزيادة
البدائل االصطالحية اجلديدة ،وإن بدا لنا أن مصطلح (االنزياح) أو يف داللة أوفى حظا من التداول والشيوع ،حيث
انتهى الباحث "امحد حممد ويس" ضمن دراسة قيمة موسومة باالنزياح وتعدد املصطلح إىل أن االنزياح هو أحسن
3
تىمجة للمصطلح الفىنسي . ECART
1-1-0التركيب.
تقوم ظاهىة الرتكيب يف املنظور األسلويب على االرختيار اليت ال تكون ذات جدو إال إذا أحكم تىكيب
الكلمات املختارة يف اخلطاب األديب ،وتىكب الكلمات يف اخلطاب من مستويني حضوري وغيايب ،فهي توزع سياقيا
على امتداد رخطي ويكون لتجاوزها تأثري داليل وصفي تىكييب ،وهو ما يدرخلها يف عالقات ركنية ،وهي أيضا تتوزع
غيابيا يف شكل تداعيات للكلمات املنتمية لنفس اجلدول الداليل ،فتدرخل إذا يف عالقة جدلية أو استداللية فيصبح
4
األسلوب بذلك شبكة تقاطع العالقات الىكنية بالعالقات اجلدولية وجمموع عالقاهتما ببعضهما البعض.
على املتكلم أن خيتار مادته من الثىوة اللغوية ،مث تأيت بعد ذلك مىحلة التوزيع ،أي التصىف يف األلفاظ
وارختيار الكالم وصياغته سياقيا ،فالتوزيع الغري احملكم يؤدي إىل ارختالل أسلويب أي أن اجلزء يؤدي إىل ارختالل
1
الكل ،فاملتكلم ينشئ كالمه وفق الرتاكيب النحوية الصىفية هلذا يكون األسلوب ضىوريا.
إن املنشئ يف عملية الرتكيب يهدف إىل حتديد موطن كل عنصى من صاحبه ،مع مىاعاة ما يتبعها من تقدمي
وتأرخري أو احلذف أو إظهار وما سو ذلك ،مبا يتالءم مع القوانني اللغوية العامة من تعىيف وتنكري ...حيث يتبادر
-1عملية تحليلية :مييز فيها العقل بني عدد معني من العناصى اليت تنشأ بينهما عالقة معينة.
2
-2عملية تركيبية :يىكب فيها العقل ،أي عقل الكاتب ،ويؤلف من هذه العناصى املختلفة لتكوين البناء اللغوي.
يبدو مها مقدرة املنشئ يف القول وبىاعته يف طىق التفاوت ،والرتتيب اخلاص دارخل البناء اللغوي ،أي بىاعته
2-0مبادئها.
تعتمد الدراسة األسلوبية على ثالث دعائم أساسية هي :املخاطب وامل َخاطب واخلطاب أو أركان التبليغ
ُ
الثالثة :الكاتب القارئ والنص.
الكاتب هو واضع اخلطاب ،فالىسالة اللغوية من حيث حدوثها تنبثق من منشأها تصور ورخلقا وإبىاز
للوجود فتبدأ عملية اإلنشاء عند املنشئ بوجود مثريات أو انفعاالت أو حبىكات دارخلية نابعة من ذاته أو رخارجة من
البيئة احمليطة به ،هذه املثريات تتحول إىل أفكار ومعاين يف ذهن صاحبها ،مث ترتجم يف عبارات لفظية متثل أسلوب
1
املنشئ.
وهذا يعين أن لكل أسلوب صورة رخاصة بصاحبه تبني طىيقة تفكريه وكيفية نظىته لألشياء وتفسريه هلا
2
وصيغة انفعاالته ،فالذاتية هي ركيزة أساسية يف تكوين األسلوب.
وكل منشئ خيتلف عن أقىانه املنشئني مبا يتسم به من مسات ذهنية وفكىية وانفعالية ،وخيتلف هذا األسلوب
3
الذي هو تعبري عن شخصية منشئه وانعكاس هلا من فىد آلرخى هبذا التمايز الشخصي يتبعه تفىد األسلوب.
وهذا ما أشار إليه "بفون" بقوله" :اإلنسان هو األسلوب نفسه" ويفهم من ذلك أن األسلوب صورة
تنعكس عليها ذات الكاتب وفكىه ،فأصبحت غاية الدراسة للكشف عن شخصية الكاتب وتفكريه ،من رخالل
4
أسلوبه الذي يعترب إهلاما تولده عبقىية الكاتب ،وهذا التصور نابع من علم النفس الفىودي الذي جاء به فىويد.
فأصبحت دراسة األثى تىمي إىل إبىاز الدوافع النفسية الظاهىة والباطنة يف الوعي الكاتب واملربرة لتصىفاته
وميوله ومقومات شخصيته ،إذ هناك ما يسمى "بالتفىد األسلويب" وهذا ما يؤكد أن املنشئ مهما أويت من املهارة
اللغوية والقدرة اللسانية والتنوع يف أسلوب الكتابة الستخدام كل املعجم الذي تعىفه لغته ،وال يفيد من كل
5
إمكانيات البنية اللغوية املتاحة له عندما يتحدث أو يكتب اللغة.
يعد القارئ ركنا أساسيا يف األدب وال يكون األدب أدبا حىت خيىج إىل القارئ ،ومن أجل القارئ مسيت البالغة
بالغة واألدب أدبا ،والكاتب قدميا وحديثا يتصور قبل شىوعه بالكتابة مميزات قارئه ويطىح بعض التساؤالت
1فتح اهلل أمحد سليمان :األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية ،مكتبة اآلداب ،القاهىة ،دط 2004 ،م ،ص .12
2أمحد الشايب :األسلوبية دراسة بالغة حتليلية ألصول األساليب األدبية ،ص .114
3فتح اهلل أمحد سليمان :األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية ،ص .11
4اهلادي اجللطالوي :مدرخل إىل األسلوبية تنظريا وتطبيقا ،ص .41
5فتح اهلل أمحد سليمان :األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية ،ص .11
30
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
حوله :هل هو من اخلاصة أو من العامة؟ وما منزلته؟ ما نسبه؟ ما عالقة الكاتب به؟ ما الغاية من الكتابة
1
إليه؟ ...والكاتب حسب هذه املعطيات املختلفة يكيف كتابته.
ويقوم هذا املنظور على أساس أن كل منشئ يعرب عن ذاته ،فإنشائه نابع من نفسه وليس موجها إليه.
وإذا كانت عملية اإلنشاء تقتضي وجود منشئ وهو أساسها ،وأثىا أدبيا يظهىها يف نفس صاحبه من أفكار ويعكس
شخصيته اإلنسانية ،فإنه البد من متلقي يستقبل النص األديب ،فاملتلقي ميثل البعد الثالث للعملية اإلبالغية ،2ودور
هذا املتلقي مهم ومؤثى فكما ال يوجد نص بال منشئ كذلك ليس مثة إفهام أو تأثري أو توصيل بال قارئ ،فهو احلكم
3
على اجلودة والىداءة ،وهو الفيصل يف قبول النص أو رفضه واملنشئ حينما يكتب يكون معنيا بأمىين.
األول :أنه يىيد الكشف عن إحساساته وانفعاالته والتعبري عنها وعما جتود به قىائحه وإظهار مشاعىه الدفينة يف
الشكل األديب الذي يىاه مالئما ،فتصبح عملية التعبري مبثابة استبطان للذات املنشأة.
الثاني :إنه يدرك أن هناك متلقيا ملا يكتب ،فهو لن حيس مبا يبدعه ولن يشعى به إال بوجود مستقبل ،ويغري املتلقي
فيصبح الكاتب كمن حيادث نفسه ،وبالتايل حضور املتلقي ترتاء أمام املنشئ وال تغيب عنه ،فالقارئ هو الغائب
4
احلاضى.
واألسلوبية املعاصىة تويل القارئ منزلة كرب ،وأرخذت ما ذهب إليه مع "ريفاتري" أن البحث عن األسلوب ال يكون
5
يف النص بقدر ما يكون يف ردود فعل القارئ وما يبدعه من أحكام يف شأن النص.
ىسل واملىسل إليه ،أو املخاطب واخلطاب تىتكز كل شحنة تعبريية على ثالث عناصى :املىسل واملُ َ
واملخاطَب ،وال ميكننا أن نتصور وجود أحد هذه العناصى دون العنصىين اآلرخىين ،هبذا فإن دراسة األسلوب تىتبط
ُ
ارتباطا مباشىا بالعنصى البشىي الواضع له ،وهو الكاتب أو املستقبل له ،فاألسلوب ظاهىة لغوية كامنة يف النص
وحده وهذه الفكىة قد أرخذهتا األسلوبية من "دي سوسري" واملنهج البنيوي يف دراسة النص ،باعتبار أن النص ال
يتألف من كلمات تىصف الواحدة جيانب األرخى ،وإمنا هو نظام وهيكل يكسب كل عنصى فيه مميزاته من عالقته
ببقية العناصى حىت يتم إدراك خمتلف العالقات الىابطة من أجزاء النص كعالقات التشابه واالرختالف واالنفصال
1
واالتصال ...ويف كل املستويات (الصويت ،الصىيف ،النحوي ،الداليل ،اإليقاعي.)...
يىجع هذا املفهوم إىل اللغوي السويسىي "فىدينان دي سوسري" الذي أسس "املدرسة الوصفية يف العلوم
اللغوية" ،حيث قامت دراسته على أساس ما ميكن أن نسميه بالثنائية اللغوية وثنائية تقسم النظام إىل مستويني اثنني
مستو اللغة ،ومستو اخلطاب ،ويشتمل املستو األول على قواعد البنية األساسية للغة ،بينما ميثل املستو الثاين
2
اللغة يف حالة االستخدام.
ومن هنا يتمثل العمل األسلويب يف تفكيك العناصى املؤلفة للكالم والكشف عن العالقة الطىيفة بينهما عند
3
استعمال الكاتب هلا وتلك الطىافة هي العنصى الفجائي يف األسلوب وهي املتسببة يف ردود فعل القارئ.
أي أن األسلوبية تىتكز على مبادئ أساسية تتلخص يف الكاتب الذي يضع اخلطاب والقارئ أو املتلقي
الذي يعترب دعامة أساسية يف عملية التواصل ،فمن أجله يضع املنشئ نصه بعد أن يفكى جيدا يف مستو القارئ
1فتح اهلل أمحد سليمان :األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية ،ص.42
2املىجع نفسه ،ص ن.
3املىجع نفسه ،ص .41
32
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
1-1مجاالتها.
منذ أن ظهىت األسلوبية يف العصى احلديث على يد العامل اللغوي السويسىي "بايل" ،وهي حتاول أن تىسي
أسسا ومناهج علمية يف البحث األسلويب ،يهدف إىل إضفاء العملية عليه وانتزاع االعرتاف به من النقاد واللغويني
وهي اليت تسعى إىل التنظري لألدب من منطلق أن اللغة املستخدمة يف النص األديب وتطمع إىل أن تصل يوما
ما إىل تفسري أدبية اخلطاب اإلبداعي ،باالعتماد على املكونات اللغوية ،وهذا ما جيعل هلا التحويل املطلق على
1
اللسانيات مبختلف فىوعها.
فاألسلوبية النظىية هتدف إىل إرساء القواعد النظىية اليت ينطلق منها الناقد األسلويب يف حتليل النص.
وغايتها تعىية النص األديب وإظهار رخصائصه ومساته ،من حيث أنه شكل فين يبني املنشئ عن طىيقه التأثري
وإذا كانت األسلوبية النظىية تتسم باالستقىار على مناهج بعينها ،فإن األسلوبية التطبيقية تعاين من تعدد
2
اجتاهاهتا وتشعبها ،كما أن الرتابط املنهجي بني كل اجملالني التنظري والتطبيقي يكاد يكون منعدما.
1فتح اهلل أمحد سليمان :األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية ،ص .42-41
2املىجع نفسه ،ص ن.
33
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
وتعتمد املقارنة أساسا وال تتجاوز حدود لغة واحدة ،وهي تدرس أساليب الكالم يف مستو معني من
مستويات اللغة الواحدة لتبني رخصائصها املميزة عن طىيق مقابلة بعضها البعض اآلرخى ،لتقديى أدوارها املختلفة يف
وتقتضي عملية املقارنة األسلوبية حضور نصني فأكثى ،والبد من وجود عنصى أو عناصى اشرتاك بني
النصوص املقارنة لالشرتاك يف املوضوع ،أو الغىض العام ،مع االشرتاك يف املؤلف أو عدم االشرتاك يف املؤلف مع
1
ارختالف املوضوع أو الغىض أو جنس الكتابة.
أي أن األسلوبية املقارنة حتصى نفسها يف إطار اللغة الواحدة وال تتجاوزها ،وهي هبذا ختتلف بينيا عن
األدب املقارن الذي يدرس عالقة التأثري والتأثى بني اآلداب العاملية أو يف آداب أمة بعينها أو يف نطاق اللغة الواحدة.
2-1اتجاهات األسلوبية.
مادامت األسلوبية هي الدرس العلمي للغة اخلطاب ،فإهنا أيضا موقف من اخلطاب ولغته وهذا ما جعل
الدرس األسلويب متعدد املذاهب والنظىيات واملدارس اليت استفادت من الدرس اللساين الذي سنه "دي سوسري"
فمنه األسلوبية التعبريية ،واألسلوبية الفىدية ،واألسلوبية البنيوية ،واألسلوبية الوظيفية واألسلوبية اإلحصائية.
وأشهى من مثلها "شارل بايل" مؤسس علم األسلوب ،ومن مميزات هذا االجتاه أنه يدرس العالقة بني الصيغ
والفكى (عالقة الشكل مع التفكري) وهي تتناسب مع تفكري القدماء ،وهي ال ختىج عن نطاق اللغة وال تتعد
2
وقائعها ،ويعتمد فيها باألبنية اللغوية ووظائفها دارخل اللغة فهي وصفية حبثه.
1فتح اهلل أمحد سليمان :األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية ،ص .41
2منذر عياشي :مقاالت يف األسلوبية ،منشورات احتاد كتاب العىب ،ط1220 ،1م ،ص .74-71
34
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
وهكذا تصبح أسلوبية التعبري دراسة لقيم انطباعية رخاصة مبختلف وسائل التعبري اليت يف حوزة اللغة ،وتىتبها
هذه القيم بوجود متغريات أسلوبية ،أي أهنا تىتبها بأشكال خمتلفة للتعبري عن فكىة واحدة ،وهذا يعين وجود
1
مرتادفات للتعبري يف وجه رخاص من أوجه اإليصال.
وعلى هذا يفسى قوله( :لكي تدرس التاريخ األديب لعصى ما ،فإنه ينبغي على األقل االهتمام بالتحليل
اللغوي بنفس القدر الذي يهتم فيه بتحليل االجتاهات السياسية واالجتماعية والدينية لبيئة النص).2
لكن الذي منا هذا االجتاه هو العامل النمساوي "ليوسبيرتزر" وقد كتب مؤلفا مهما يف علم اللغة والتاريخ
األديب ،ويف مقدمته عىض املنهج الذي اتبعه يف دراساته والذي تتلخص يف النقاط التالية:
-املنهج ينبع من اإلنتاج األديب ،وليس من مبادئ رخارجة عنه وعلى هذا يقول( :أريد أن أكىر أنه على األسلوبية
أن تأرخذ احلمل الفين نقطة انطالق وليس أن تأرخذ بعض وجهات النظى اخلارجة عنه).
-كل عمل يشكل وحدة كاملة ،ويف املىكز نى فكى مبدعه ،الذي يشكل مبدأ التالحم الدارخلي وهذا ما يسميه
اجلذر الىوحي.
-ال بد أن تقودنا اجلزئيات إىل حمور العمل ،وينبغي أن تىصد هذه األجزاء بعناية حىت نتوصل من رخالهلا إىل انفتاح
العمل.
-ارخرتاق العمل األديب يكون عن طىيق احلدس الناتج عن املوهبة والتجىبة ،وعن طىيقه ميكن أن نشعى بأننا نسري
-ينبغي أن تكون نقطة البدء يف الدراسة األسلوبية لغوية ،غري أنه ميكن أن تكون من مسات أرخى (أي مباء اخللق
الشعىي واحدة لكننا ميكن أن نتناوهلا بدءا من املناهج اللغوية أو األفكار أو من العقدة أو التشكيل) ومن رخالل
1
-املالمح اخلاصة للعمل الفين هي وسيلة للكالم اخلاص واالبتعاد عن الكالم العام.
-لقد كان هلذا املنهج الذي وضعه سيتزر أثى كبري يف إثىاء النقد األديب وختليصه من بعض اآلثار السلبية لالجتاه
الوظيفي الذي كان ميثله "النسون" وارتكزت يف النقد األديب مبادئ مل تكن شائعة نذكى منها:
أ -ينبغي على النقد أن يكون دارخليا وأن يأرخذ نقطة ارتكازه من العمل األديب.
ب -جوهى النص يوجود يف روح مؤلفه ،وليس يف الظىوف املادية اخلارجية.
املالحظ أن "فوسلري" هو من تزعم هذه الدراسة وقد تأثى بالفيلسوف األملاين "كىوشيته" ،حيث كان
يبحث عن العالقة بني اإليقاع واألسلوب ولكن هذا االجتاه منا مع العامل النمساوي "ليوستيزر" الذي وضع هلذا
املنهج جمموعة من املبادئ اليت جيب أن يكون عليها ،وبالتايل كان له دور يف هذا االجتاه.
يطلق عليها بعض الدارسني أسلوبية الفىد أو األسلوبية النفسية وقد أطلق عليها "صالح فضل" تسمية
املثالية األملانية ،3وأشهى من مثلها "ليوسبتزر" الذي حاول أن يقيم صلة بني نفسية الكاتب وأسلوبيته ،فهو يى كل
عاطفة أو إفىاز يصدر عن حالتنا النفسية الطبيعية يكون من رخالله األسلوب صورة لصاحبه تبني طىيقة تفكريه
4
وكيفية نظىه لألشياء ،تفسري هلا طبيعة انفعاالهتا ،فالذاتية عنده أساس تكوين األسلوب.
لذا كانت أسلوبيته تىصد السمات األسلوبية ،وميكن أن تتنوع وختتلف وأن تفسى بواسطة اخلصائص
السيكولوجية اليت تتمتع هبا أو خيتلف هبا كاتب عن كاتب 1.وهذا يعين أن األسلوبية تبحث عن العالقة بني ما هو
نفسي وما هو لساين ،فما هو نفسي متعلق باملبدع ،ومتعلق بفحص لغة النص ،اليت تبحث فيها عن االحنىافات
فاملسلك الذي سلكه "لوسبيتزر" أن أول أمىه بالعثور على االنزياح يف األسلوب قياسا على االستعمال الشائع مث
كما استفاد من أحباث علم النفس يف إلقاء الضوء على األصل االشتقاقي لبعض السمات األسلوبية الفىدية
لكاتب ما أو شاعى ،ألن حقل املبدع أثناء إبداعه لعمله الشعىي أو النثىي أشبه بنظام مشسي تنجذب إىل مساره
2
العناصى كلها وللغة دوافع معقدة ،وهذا كله يؤثى يف املظهى اللفظي للنص.
وهذا يعين أنه ينطلق من النص األديب دون االعتماد على فكىة رخارجة عليه.
هذه األسلوبية هي نقد لألسلوب ودراسات لعالقات التعبري مع الفىد أو مع اجملتمع الذي أنشأها
واستعملها ،ومن هنا ميكن أن ينظى هلا بأهنا دراسة تكوينية وليست معيارية كما أن هذه األسلوبية مل تلغي الدراسة
3
التارخيية كما فعل "شارل بايل" يف أسلوبيته.
0-2-1األسلوبية األدبية.
تزعم هذه املدرسة "كارل فوسلري" الذي تأثى بكتاب الفيلسوف األملاين "كىوشيته" (اجلمال كعلم للتعبري
وعامل اللغة العام) والذي يلفت فيه العلماء اللغة إىل أننا كلما قمنا بتحليل التعبري وجدنا أنفسنا أمام ظاهىة مجالية إذ
1إبىاهيم حممود رخليل :النقد األديب احلديث ،دار املسرية للنشى والتوزيع ،ط ،2001 ،1ص .111
2املىجع نفسه ،ص ن.
3حسن ناظم :البىن األسلوبية ،ص .17
37
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
أن اللغة نفسها تعبري رخالص ،ومن مت فهي علم اجلمال وهذا التصور أسلويب ،1إذ أن الشكل العادي للتعبري عند
ولقد كان هلذا التفكري التأثري البالغ على "كارل فوسلري" حيث كتب ل "كىوشيته" يعده بتقدمي حتليل مجايل
رخالص يبحث فيه عن العالقة بني اإليقاع والقافية واألسلوب وكان بوسعه أن يعرب على نفس الفكىة يف كتبه علم
اجلمال ومن هنا يثبت عند فولتري فكىة مفادها أن علم األسلوب ميثل اجملال اللغوي كمنظور وتاريخ ،وكان هذا
مدرخل "فوسلري" إلضافته الىئيسية لعلم األسلوب على أساس تصور األسلوب كمصب جلميع وسائل التعبري
2
اجلمالية.
وهذا ما عرب عنه "متام حسان" والبالغيني عند العىب القدماء بأن الوجه البالغي هو التعبري عن فكىة واحدة
3
مببان خمتلفة أي تعدد البيان للمعىن الواحد.
ويالحظ هذا النوع من التدارخل والتخارج بني األسلوبية والبنيوية على اعتبار أن األوىل اشتقت من الفكى
اللغوي واألديب متأثىة بذات االجتاهات اليت سامهت يف تشكيل البنيوية ،وبالتايل هناك نوع من الرتابط بني األلسنية
من جهة واجتاهات دراسة األساليب التعبريية من جهة ثانية ،وعلى أنه من الطىيف أن "بايل" كان يعىن باملظهى
4
اللغوي لألسلوب رخارج نطاق األدب ويىكز على اجلانب العاطفي يف تشكيل مسات مميزة لألساليب اللغوي.
وقد بني " بايل" :أن موضوع األسلوبية بأهنا تدرس أسلوبية وقائع التعبري اللغوي من ناحية مضامينها
5
الوجداين ،أي أهنا تدرس الوقائع احلساسة املعرب عنها لغويا كما تدرس فعل الوقائع اللغوية على احلساسية.
املالحظ أن "بايل" يف تقسيمه املألوف عن الظاهىة الكالمية ويصنف الواقع اللغوي تصنيفا آرخى إذ يى أن
اخلطاب نوعني "ما هو حامل لذاته غري مشحون البنية ،وما هو حامل للعواطف واخللجان ،وتبعا لذلك حدد حقل
ذلك املضمون هو الذي ينبغي دراسته عرب العبارة اللغوية «مفىدات وتىاكيب دون حبث رخصوصية املتكلم
ألهنا من ارختصاص البحث األديب واألسلويب لألسلوبية اليت هي جزء من الدراسة اللسانية العامة ،كما غض النضى
1
عن استخدام املؤلف للقيم التعبريية وللتساؤل عن رخواص الشخصيات واملواقف أو إيقاع العمل األديب».
إذ يعد األسلوب واحدا من علوم اللغة كعلم األصوات ،الرتاكيب والصيغ ،فدعا إىل عدول علم اللغة عن
1-2-1األسلوبية البنيوية.
من أكثى املذاهب األسلوبية شيوعا اآلن ،وهي امتداد متطور ملذاهب "بايل" يف األسلوبية الوصفية ،ويى
أصحاب هذا االجتاه (ريفاتري ،جاكسون) أن اللغة نظام أي جمموعة من االعتبارات تكمن قيمتها يف العالقات
2
املتبادلة فيما بينها فضمن البىن تتعدد وظيفتها.
وعلى هذا األساس ال ميكن ألي عنصى من العناصى االنفصال عن بقية العناصى األرخى ،وذلك يف إطار
3
بنية لغوية متكاملة حتكمها عالقات خمتلفة تعطي القيمة األسلوبية دارخل النظام.
ركز "جاكبسون" يف حتليله للثنائية (رمز ،رسالة) على اجلزء منهما ،دون أن يهمل األول ألنه يعتقد أن
الىسالة هي التجسيد الفعلي للمزج بني أطىاف هذه الثنائية وهو مزج عرب عنه حني مسى إحد دراساته حول هذه
القضية (قواعد الشعى وشعى القواعد) وهو يعين بقواعد الشعى دراسة تعبريية الشعىية.
ويعين شعى القواعد دراسة الفعالية الناجتة عن وضع هذه الىسائل اليت يتم هبا التواصل ختتلف مع عوامل
كثرية ولكن تبقى هلا بعض الثوابت يسميها (املواصالت أو متغريات السىعة) ومن بينها هذا التقسيم الثالثي
للضمائى حيث اعتمد التطبيق ،ضمائى املتكلم وضمائى املخاطب وضمائى الغائب وقابله مع التقسيم الثالثي
لوظائف اللغة ومثله يف الوظيفية التعبريية والوظيفة التأثىية والوظيفة الذهنية وقال أنه يلتقي مع التقسيم الثالثي يف
1
العمل األديب ويتمثل يف املؤلف (أنا) ،القارئ (أنت) ،الشخصيات (هو).
يى أصحاب هذا االجتاه أن اللغة هي جمموعة من اإلشارات تكمن قيمتها يف العالقات املتبادلة فيما بينها
وعلى هذا األساس ال ميكن أن نفصل بني أجزاء هذه العناصى وبالتايل فهي مرتابطة فيما بينها ،كما جند أن لكل
عمل أديب جيب أن تتوفى فيه هذه العناصى :املؤلف ،القارئ ،الشخصيات.
2-2-1األسلوبية الوظيفية.
إن ما يلمس االنتقادات اليت كان يوجهها اللسانيون ،ومنهم " جورج مونان" إىل بعض النقاد البنيويون
انطالقا من الىكيزة املعىفية اليت شيدت عليها اللسانيات صىحها ،كما هي لد "سوسري" و"بلومفليد" وتتمثل يف
إقصاء الداللة ،ودراسة املعىن من حقلها ،وهذه من الصعوبات اليت واجهت البنيوية األدبية وهي تقرتب من النصوص
مبىجعية لسانية فكان على النقد البنيوي أن جيدد ارختياراته املنهجية لينتقل من اجلملة إىل اخلطاب ومن النسق احملايث
2
إىل النسق املفتوح الذي ينبغي أن حيتوي الداللة ويقىهبا من احملايثة اليت ينشدها.
وإذا كانت اللسانيات الوظيفية تنظى إىل الدراسة اللسانية نظىة وصفية ،وتؤكد الطابع الصويت للسان ،خمالفة
يف ذلك "املنهج الفيلولوجي" الذي كان يىكز على الكتابة بدل الصوت ،وتنطلق من فكىة اليت هي أن اللسان
مؤسسة اجتماعية فإهنا تنفىد من اللسانيات العامة ،واليت أرسى هلا "سوسري" دعائمها ،يف كوهنا تىتكز على الطابع
الوصفي للغة 1.ويبىن هذا اإلجىاء عصبة غري قليلة من الدارسني ومنهم "أندري مارتيين" الذي جعل الدراسة الرتكيبية
الوصفية تبلغ مىحلة متميزة من مىاحل تطورها حيث كان جادا يف استئثار النتائج العملية احملققة يف جمال الدراسة
الفيزيولوجية استثمارها واسع وكان ذلك إدراكا منه ألمهية الدراسة الرتكيبية الوظيفية يف حقل األصوات ،وهذه املدرسة
الوظيفية حتاول الكشف عما إذا كانت كل القطع الصوتية اليت عليها النص تؤدي وظيفة التبليغ أم ال.2
-وظيفة التفكري.
-الوظيفة اجلمالية.
3
ولعل أهم هذه الوظائف حسب "مارتيين" الوظيفة التواصلية.
أما حلقة الرباغ (املدرسة البنيوية الوظيفية) فقد كان هلا فضل كبري على الكثري من االجتاهات اللسانية اليت
أتت بعدها ،حيث حاول بعض أعضائها توسيع مدارك النسق بإرخىاجه من اإلطار اللساين احملدود إىل اإلطار األديب
الواسع ،ومن أهم املبادئ الذي جتسد االجتاه الوظيفي هلذه املدرسة ،اعتبار اللغة نظاما لوسائل االتصال وكل عناصى
اللغة ختدم هذه الوظيفة كما أن التقسيم الوظيفي للجملة يوضح كيفية ربط اجلملة باملوقف الكالمي الذي نشأ عنه
4
كما أن موضوع الكالم حسب "ماتىيوس" جيب أن يكون معلوما من قبل السامع لتحقيق عملية تواصلية سلمية.
بداش حنيفة :رسالة ماجستري بالعنوان :األسلوبية الوظيفية وموقعها من كتاب البيان يف روائع القىآن لتمام حسان ،جامعة قسنطينة2008 ،م 1
ص .12
2رخولة طالب إبىاهيم :مبادئ يف اللسانيات ،دار القصبة للنشى والتوزيع ،اجلزائى ،ط2000 ،1م ،ص .85
3أمحد يوسف :القىاءة النسقية سلطة البنية والسلطة احملايثة ،ص .51
4بداش حنيفة :األسلوبية الوظيفية وموقعها من كتاب البيان يف روائع القىآن لتمام حسان ،ص .51
41
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
6-2-1األسلوبية اإلحصائية.
1
قال "بريجريو" أن اإلحصاء ال يتواىن عن فىض نفسه أداة من األدوات األكثى فعالية يف دراسة األسلوب.
وكما هو معلوم فقد استوطن اإلحصاء سائى العقول املنهجية يف سياق غزو العلوم التجىيبية ومناهجها للعلوم
اإلنسانية واالجتماعية ،ووجد اإلحصاء لنفسه منافذ متعددة يف دراسة الظواهى األدبية.
لذا جند املنهج اإلحصائي حياول أن يصل إىل حتديد مالمح األسلوبية للنص عن طىيق الكم ،وهي بالتايل
2
تقوم على أبعاد احلدس لصاحل القيم العددية.
لقد استحسن الكثري من درخول الدراسة اإلحصائية إىل جمال علم األسلوب باعتبار أن البعد اإلحصائي يف
أي علم يعد أحد املعايري املوضوعية اليت ميكن من رخالهلا تشخيص األساليب ومتيز الفىوق بينهما.
يعىف "بريجريوا" األسلوب بأنه انزياح يعىف كميا بالقياس إىل معيار آرخى 3.وهذا التعىيف مستند إىل
اإلحصاء ،وكان "جون كوهن" قدم تشىيعا للقاء األسلوبية باإلحصاء مبا أهنا نظىية تعتمد اعتمادا كبريا على
اإلحصاءات اليت تقيس هبا مد ارتفاع شعىية ،نصوص حقبة معينة بالنسبة إىل حقبة أرخى .
يقول كوهن «لتكون األسلوبية علم االنزياحات اللغوية واإلحصاء علم االنزياحات عامة ،فمن اجلائز
تضييق نتائج اإلحصاء على األسلوبية لتصبح الواقعية الشعىية وقتها قابلة للقياس ليربز كمتوسط تىد االنزياحات اليت
4
تقدمها اللغة الشعىية بالنظى إىل النثى».
ويؤدي هذا القول ويعده «بريجريو" الذي يى أن منوذجية األساليب تسمح بفك رخيوط تكىارية ،فإذا
رسدنا مسات مشرتكة يف كل النصوص الشعىية ،ورأينا أهنا غائبة يف النصوص النثىية ،هنا نى أنه البد من وجود
1
عالقة سبب وعلة بني الشعى وهذه السمات ،ونى هنا أيضا أن اإلحصاء يسمح لنا بتقديى االنزياح.
من رخالل ما ذكى ميكن إعطاء تعىيف شامل لألسلوبية اإلحصائية :على أهنا منهج لتحليل النصوص
األدبية ينطلق من فىضية إمكان الوصول إىل املالمح األسلوبية للنص عن طىيق الكم ،ويقرتح إجياد احلدس لصاحل
2
القيم العددية ،وكلما كانت اإلجىاءات دقيقة كلما كان املنت احمللل واسعا كانت نتائج اإلحصاء دقيقة.
من الواضح أن األسلوبية هلا عالقات تتدارخل مع العلوم األرخى وهي أقىب ما تكون إليها ،ويف مقدمتها
«يقى الدارسون بوجود عالقة محيمة بني البالغة واألسلوبية وذلك من رخالل جمموعة مثل بريجريو يؤمن بأن
3
األسلوبية وريثة البالغة ،وهي بالغة حديثة ذات شكل مضاعف إهنا علم التعبري ونقد األساليب الفىدية».
جند أن األسلوبية هلا عالقة كبرية وقوية مع البالغة ،حيث تعترب األسلوبية بدون البالغة ال شيء ،وبالتايل
فهي جزء من البالغة وجزء من األسلوبية ،ومها مرتابطان معا للوصول إىل دراسات حول النص األديب.
أما "شكىي عياد" فري أن األسلوبية ذات نسب عىيق يف العىبية يظهى ذلك يف كتابه "مدرخل إىل علم
األسلوب" ،ويف قوله« :ولكنين إذ أقدم إليك هذا الكتاب ال أغىيك ببضاعة جديدة مستوردة فعلم األسلوب ذو
4
نسب عىيق عندنا ،ألن أصوله تىجع إىل علوم البالغة».
نستنتج أن األسلوبية أصوهلا حقيقية ،يىجع ذلك إىل علوم البالغة وذلك من رخالل كتاب "مدرخل إىل علم
األسلوب" حيث حتدث عن صلتها ونسبها العىيق جدا ،وبالتايل فاألسلوبية هلا صلة وثيقة بالعلوم األرخى .
وعلى الىغم من هاته الصلة الوثيقة اليت تىبط كال منها باألرخى ،فإنه من غري املعقول أن تقوم األسلوبية
مقام البالغة والعكس صحيح فقد فىقت بني العلمني جوانب عدة ميكن إمجاهلا يف النقاط التالية:
-أولت األسلوبية اهتماما كبريا باملخاطب وحالته النفسية واالجتماعية ،بوصفه أحد العناصى الثالثة إىل تشكل
العملية اإلبداعية ،يف حني أغفلت البالغة املخاطب واعتنت حبالته اعتناء بالغ ،وذلك حديث العلماء املفصل عن
1
مطابقة الكالم ملقتضى احلال.
-هتتم األسلوبية اهتماما كبريا بقضية الذوق الشخصي للمبدع فهو الذي يبدع اللغة إبداعا يتناسب مع تكوينه
2
النفسي واالجتماعي والثقايف ،دون اعتماده على مناذج الىاقية واملصطفاة وعلى بالغة اللغة نفسها.
-البالغة علم معياري يىسل األحكام التقييمية ،بينما تعزف األسلوبية عن إطالق تلك األحكام على العمل
األديب ،فمهمة األسلوبية تكمن يف البحث عما يقبع رخلف ذلك الكائن اللغوي ،وبيان داللته ورصد مواطن اإلبداع
3
فيه.
وجند حممد عزام من بني الدارسني الذي أقىوا بوجود ارختالف بني البالغة واألسلوبية حيث
يقول« :أن البالغة علم معياري يىصد األحكام املعيارية التقييمية ،ويىمي إىل "تعلم" مادته وموضوعه هو البالغة
البيان أما األسلوبية فتنفي عن نفسها كل معيارية وتعزف عن إرساء األحكام التقييمية باملدح والذم ،وال نسعى إىل
غاية علمية حبثة ،فالبالغة حتكم مبقتضى أمناط مسبقة وتصنيفات جاهزة بينهما تتحدد األسلوبية بقيود منهج العلوم
4
الوصفية».
4حممد عزام :األسلوبية منهجا نقديا ،منشورات وزارة الثقافة ،دمشق ،سوريا( ،دط)1282 ،م ،ص .42
44
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
نستخلص من هذا القول أن هذا ما مييز البالغة عن األسلوبية ،حيث أن األوىل معيارية والثانية وصفية ،وأن
البالغة فصلت بني ثنائية الشكل واملضمون أما األسلوبية فقد عملت على الىبط بني قطيب هذه الثنائية ،فالنص
إن عالقة األسلوبية باللسانيات هي عالقة وطيدة حيث يقول عبد السالم املسدي عن هذه العالقة« :أن
األسلوبية تىتبط باللسانيات ارتباط الناشئ بعلة نشوءه فقد تفاعل علم اللسان مع مناهج النقد حىت أرخصته فأرسى
معه قواعد األسلوب وما فتئت دعائمه وجتلت رخصائصه فيفىد مبضمون معىيف جعله رخليفا مبجادلة اآلرخى يف فىضياته
1
وبىاهينه مما يتوسل به إىل قىار وحقائقه».
يظهى لنا أن األسلوبية تىتبط باللسانيات ارتباطا قوي ومع ذلك فإن األسلوبية هويتها النوعية ،فقد تفاعل
علم اللسان مع مناهج النقد ،مما أصبحت صلة بينهما قوبة ومتفاعلة وذلك من رخالل إعطاء بىاهني وفىضيات من
كما علق "ميشال ايىفاي" و"دوالس و"ريفاتري" «عن قضية اعتبار األسلوبية من املعارف املتخصصة بذاهتا
واعتبارها جمىد مواصفة لسانية أو منهجا نقديا فاعترب األول األسلوبية وصفا للنص األديب حسب طىائق مستقاة من
اللسانيات ،وهذا إثبات يف تبعية األسلوبية للسانيات واعترب الثاين األسلوبية بأهنا منهج لساين ،وهو تأكيد غري بعيد
2
عن األول وينهي ريفاتري إىل اعتبار األسلوبية لسانيات تعىن بظاهىة محل النص على فهم معني وإدراك منصوص».
ومن رخالل هذا القول يتضح لنا أن كل "ايىفاي" و"دوالس" و"ريفاتري" من تعىيف األسلوبية بأهنا علم
يهدف إىل الكشف عن العناصى املميزة ،واليت يستطيع املؤلف مىاقبة حىية اإلدراك لد القارئ.
1
ويضيف "جاكيسون" تبعية األسلوبية للسانيات يف أن «األسلوبية فن من أفنان شجىة اللسانيات».
ومن رخالل هذا القول أن األسلوبية هي جزء من أجزاء اللسانيات فهي مبثابة عنصى أساسي هلا فال
األسلوبية تستطيع أن تتخلى عن اللسانيات ،وال اللسانيات تستطيع أن تتخلى عن األسلوبية فهما مكمالن
لبعضهما البعض.
اللسانيات.
األسلوبية.
نالحظ من رخالل هذا الفىق بني كل من اللسانيات واألسلوبية أهنم يبحثون عن اللغة والصياغة دارخل
اخلطاب األديب ،وكذلك نى أن أصحاب هذا االجتاه أنكىوا العالقة املوجودة بني اللسانيات والنقد.
إن العالقة بني األسلوبية والنقد هي عالقة موضوعية ،حيث يوجد ارختالف يف املنهج ،فاألسلوبية حتاول أن
تدرس ما هو دارخل النص على عكس النقد ،حيث أن األسلوبية تىتكز على ظاهىة لغوية تبحث على أسس اجلمال
والنقد يعتمد يف ارختيار عنصىين الصحة واجلمال ،والصحة مادة الكالم أما اجلمال فهو جوهىه ،وتكون
األسلوبية مبثابة القنطىة اليت تىبط نظام العالقات بني اللغة والنقد األديب ،حيث يهدف إىل إصدار األحكام والقيم
بينما األسلوبية تكشف على الرتاكيب والقيم اجلمالية ،حيث «تعد األسلوبية مدرسة لغوية تعاجل النص األديب من
رخالل عناصىه ومقوماته الفنية وأدواته اإلبداعية متخذة من اللغة والبالغة جسىا تصف به النص األديب ،أما النقد
فيعتمد يف ارختياره عنصى من الصحة واجلمال والصحة مادة الكالم أما اجلمال فجوهىه تكون األسلوبية مبثابة مهزة
1
وصل اليت تىبط نظام العالقات بني علم اللغة والنقد األديب».
وعليه يكون االندماج بني األسلوبية والنقد ،فالنقد جزء من األسلوبية واألسلوبية جزء من النقد ،فهي متثل
اجتاهات وتصىفات وهي تتعاون معا للوصول إىل أعماق النص األديب.
ومع ذلك فإن األسلوبية والنقد يلتقيان من حيث جمال دراستهما يف هذا الصدد قال فتح اهلل أمحد سليمان
«األسلوبية والنقد يلتقيان من حيث جمال دراستهما هو األدب وبتحديد أدق النص األديب ،ولكن األسلوبية تدرس
األثى األديب مبعزل عما حييط به من ظىوف سياسية أو رخارجية ...وغريها فمجال عملها النص فحسب ،أما النقد
2
فال يغفل يف أثناء دراسته للنص ،تلك األوضاع احمليطة به».
ومن رخالل القول يتبني لنا أن األسلوبية تدرس األثى األديب مبعزل عن األوضاع احمليطة به وأما النقد فهو
العكس صحيح فهو يدرس األثى األديب وكذلك يدرس األوضاع احمليطة به.
وعلى الىغم من ذلك فإن األسلوبية والنقد هلم عالقة جدلية قائمة على ما ميكن أن يقدمه كل طىف
لآلرخى ،فكالمها يستطيع أن ميد اآلرخى خبربات متعددة واستقائها يف جمال الدراسة.
1
وميكن توضيح العالقة بني علم اللغة واألسلوبية من رخالل الشكل اآليت:
اللغة
مناهج مستويات
النقد التحليل
الحدس
ناقد أسلوبي
األسلوبية
يقوم التحليل األسلويب بدوره على عدة مستويات تتجسد على مستو النص األديب ،هذا ملا حيتوي عليه
النص من مستويات فنجد املستو الصويت واملستو النحوي واملستو الداليل واملستو الرتكييب.
1-2المستوى الصوتي.
يتناول املستو الصويت دراسة النظام الصويت للغة ما ،وهذا النظام يتضمن عددا من الوحدات والفصائل
وختتلف من لغة إىل أرخى وفق طبيعة هذه اللغة ،فاللغة االجنليزية مثال تتميز بأهنا ذات توقيت نربي مبعىن أن النربة يف
اللغة االجنليزية املنطوقة يقع على مسافات زمنية متساوية مهما ارختلف عدد املقاطع يف كل وحدة ،فإذا قلنا:
فإن هذه اجلملة من الناحية الصوتية تتكون من أربع وحدات إيقاعية تستغىق كل وحدة منها نفس الزمن
الذي تستغىقه الوحدات األرخى 1.رغم تفاوت عدد املقاطع يف كل منها إذ أن الوحدة األوىل تتكون من ثالث
مقاطع يف حني تتكون الثانية من مقطعني اثنني ،أما الثالثة والىابعة فتتكون من مقطع واحد فقط ،أما اللغة العىبية
فتتميز شأهنا شأن اللغة الفىنسية بأهنا ذات توقيت مقطعي SYLLABBLE TIMINGأي أن كل مقطع يف اللغة
العىبية املنطوقة يستغىق تقىيبا نفس الوقت الذي تستغىقه املقاطع األرخى يف اجلملة ،سواء كانت هذه املقاطع ذات
نرب قوي أو ضعيف ،ولذا فإن اجلملة اليت تتكون –على سبيل املثال -من اثنيت عشىة مقطعا تستغىق ضعف الزمن
مقاطع ،وخيتلف تىكيب املقاطع من لغة إىل أرخى ،ففي اللغة االجنليزية جند أنواعا من املقاطع يبلغ عددها اثنيت عشىة
1علي عزت :االجتاهات احلديثة يف علم األساليب وحتليل اخلطاب ،شىكة أبو اهلول للنشى ،دار نوبار للطباعة ،القاهىة ،ط1225 ،1م ،ص .11
49
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
مقطعا ،أما يف اللغة العىبية (اللهجة العامية املصىية) ،فيمكن متييز مخسة أمناط أو أنواع من املقاطع ،فإذا افرتضنا أن
كل مقطع يبدأ بصوت ساكن ) (CONSOMONTجند لدينا األمناط التالية اليت تتكون من أصوات ساكنة
ومتحىكة:1
-1مقطع قصري :ويتكون من صوت ساكن +صوت متحىك مثال :املقطع األول يف كلمة (سخ ْن) أو (بىْد) أو
(نزْل) أو (فه ْم)( ،تعترب الفتحة والكسىة والضمة أصوات متحىكة قصرية).
صة)
-2مقطع متوسط :يتكون من صوت ساكن +صوت متحىك +صوت ساكن ،مثل املقطع األول يف كلمة (فُ ْى َ
أو (نام) أو (صوم).
-1مقطع متوسط :يتكون من ساكن +متحىك +متحىك ،أي متحىك طويل مثل املقطع األول يف كلمة (عارف)
-4مقطع طويل :يتكون من ساكن +متحىك +متحىك +ساكن مثل كلمة (صام) أو (عام) أو (نام) أو (صوم).
من الناحية األسلوبية ميكن للمحىر اللغوي أن يدرس بعض أو كل مالمح الفونولوجيا املميزة اليت
يستخدمها الكاتب يف أسلوبه مثل تكىار األصوات الساكنة أو املتحىكة بشكل معني ومثل دراسة املقاطع من حيث
الطول والقصى والتوازن الذي حيدث بني الرتكيب املقطعي لبعض الكلمات إلحداث إيقاع معني ،والوزن يف الشعىية
والنغمة الكالمية ) (INTANATIONوحدة الصوت (PITCH) ،وعالقته STRESS وطىيقة استخدام النرب
علي عزت :االجتاهات احلديثة يف علم األساليب وحتليل اخلطاب ،ص.15 1
50
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
باإليقاع ) (RHYTHEMيف األداء الصويت للغة املنطوقة إىل جانب احملسنات البديعية التقليدية املعىوفة يف النقد
1
األديب ،مثل اجلناس التام ،اجلناس الناقص والسجع...إخل.
ويتشكل هذا اإلطار من فصول التحليل األسلويب يف دراسة النصوص ويتمثل هذا اإلطار يف جمموعة
إن جمموعة املعاين اليت يفيدها الرتكيب النحوي كاخلرب واإلنشاء والنفي واإلثبات ،وقد أفادت األسلوبية
من الدراسات النحوية كاملقابلة بني اخلرب واإلنشاء والشىط اإلمكاين مقابل الشىط اإلمتناعي واملدح مقابل الذم
واجلديى بالذكى أن األسلوبيات أفادت كثريا من املباحث اليت قدمها "تشومسكي" يف النحو التوليدي ،2فاللغة
ليست جمىد أصوات فحسب ،بل تنظم هذه األصوات يف وحدات أكرب من الكلمات والعبارات
واجلمل ،فاملستو النحوي يقوم بدراسة تىكيب ونظام هذه الوحدات وكيفية استخدامها يف متواليات أفقية ،وملا
كانت اللغة ختتلف عن بعضها البعض ،فإن كل لغة تتميز بوحدات وفصائل خمتلفة عن وحدات وفصائل اللغات
األرخى ،هذه الوحدات تعىف على أسس ومعايري ختتلف عن األسس واملعايري اليت تستخدم يف تعىيف والوحدات
والفصائل الصوتية ،ففي اللغة العىبية مثال هناك أجزاء الكالم اسم وفعل وحىف ،مث شبه اجلملة اليت تتكون من
اجلار واجملىور أو الظىف بنوعيه الزمان واملكان مث اجلملة بنوعيها االمسية والفعلية ،أما يف اللغة االجنليزية فتبدأ
بطبقات الكلمات word classesمثل األمساء واألفعال والصفات والظىف ،مث باجملموعات بنوعيها االمسية
والفعلية مثل العبارات والوصفية والعبارات الظىفية ،مث اجلملة اليت تعترب أكرب وحدة حنوية ميكن تعىيفها ،وميكن
متثيل هذه الوحدات الوصفية يف اللغة االجنليزية مىتبة يف تسلسل هىمي كما يلي:
1علي عزت :االجتاهات احلديثة يف علم األساليب وحتليل اخلطاب ،ص .17
2املىجع نفسه ،ص .12
51
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
مجلة
عبارة
جمموعة
كلمة
ويعين السهم هنا أن اجلملة يف اللغة االجنليزية قد تتكون من عبارة واحدة أو أكثى ،وأن العبارة ترتكب من
جمموعة أو أكثى واجملموعة من كلمة أو أكثى والكلمة من وحدة حنوية كما نالحظ أن تىتيب الكلمات يف اجلملة
النظم أو التراكيب :وهي دراسة العالقات اخلارجية بني هذه الكلمات وطبقات الكلمات.
فالدراسة األسلوبية فيما خيتص باملستو النحوي فمن املمكن إبىاز نوع اجلمل الشائعة يف أسلوب
الكاتب من الكتاب حيث يكون منطا مميزا عن غريه ،فقد يؤثى الكاتب استخدام اجلمل البسيطة واجلمل
ويتمثل يف دراسة معاين الكلمات وداللتها يف النص ،فاأللفاظ ليست إشارات أو عالمات كاشفة
للغىض من احلديث ،فهذه العالمة أو اإلشارة تتكون من دال ومدلول ،فالدال هو الصورة الصوتية
اللفظية ،واملدلول هو الصورة الذهنية (املعىن) لذلك الدال وهذه األلفاظ حتمل معاين حقيقية مثل الشجىة
فالشجىة هلا مدلول عيين وهو الشجىة نفسها ،وهلا مدلول ذهين وهو تصوره هلا ووجودها يف ذاكىته ،فإذا كنت
األسلوبية هي البحث يف اللغة بأكملها وليس يف جانب واحد ،فقد دعى "بايل" مدرسته إىل دراسة اللغة يف
عالقتها املتبادلة وإىل ارختيار مد ما حيتويه كل تعبري من عناصى وإزاء هذه االرختيارات فإن دراسة التعبريات
يتوقف فهمها على دراسة اللغة مبستوياهتا 1.كما يعىن املستو الداليل بدراسة بعض اجلمل والعبارات يف النص
وهو معىن يتجاوز معىن املفىدات كل على حدا وتتناول هذه املوضوعات أو األغىاض اليت يعىض هلا الكاتب
وطىيقة عىضه هلا وتطورها يف العمل الفين -املفاهيم اليت تشيع يف النص ككل واستخدام ألوان احملسنات البديعية
واملهارات اللفظية يف التعبري عن أفكاره وصوره كاالستعارة والتشبيه والتورية والىمز واملبالغة والتصغري واالستفهام
البالغي والتلميح ...ومييل بعض اللغويني إىل استبعاد هذا املستو من التحليل اللغوي بوصفه غري رخاضع ملعايري
موضوعية ولذلك يقرتح الىبط بني املستو الداليل وبقية املستويات اللغوية ألهنا متكن من استكشاف العالقة بني
2
كل أو بعض األغىاض اليت تناوهلا الكاتب وبعض السمات اليت تىتبط أو تشيع هذا الغىض أو ذاك.
ففي املستو الداليل يتم استغالل كل قدرات القارئ يف حماولة إدراك معاين النص املىتبطة مبقاصد
اخلطاب هلذا يشدد على فكىة أن يكون ا حمللل أو القارئ واسع الثقافة وكثري املطالعة والقىاءة على األقل يكون
على جنس النص الذي يدرسه ،وهبذا يصبح النص حقال دالليا ثىيا ،تتعدد فيه القىاءات والتفاسري ،فاحتا الباب
إلبداعات أرخى ،فبفضل املستو الداليل يستطيع معىفة معاين اجلمل والعبارات يف النصوص والفوضى يف
1حسيبة بو الىوايح وسفيان صوكو :ديوان رسالة يف احلب للشاعى عبد اهلل عيسى حليلح –دراسة أسلوبية ،-ص .17
2املىجع نفسه :ص .42
53
مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى الفصل األول:
1-2المستوى التركيبي.
يف هذا املستو يتم االعتماد فيه على النحو وعلم الصىف وعلم البالغة يف رخطوة حتديد طبيعة تىكيب
اجلمل يف إطارها النحوي لتوسيع العملية إىل حتديد عالقة هذه اجلمل ببعضها البعض والوظائف اليت تؤديها
اجلمل الفعلية واجلمل االمسية دارخل السياق« ،إن الباحث األسلويب ال ميكنه أن يشىع يف التحليل ،دون االستناد
إىل النحو بكل فىوعه :األصوات ،التحليل الصويت والصىف والرتاكيب واملعجم باإلضافة إىل الدالئل ،ومبا أن
الصيغ النحوية هي الىكيزة األساسية يف بناء األسلوب وجيذ ر باحمللل األسلويب أن يفحص هذه الصيغ النحوية
ويفسىها متصلة مبقاصد صاحب النص وعند االنتهاء من الرتاكيب النحوية ينتقل إىل دراسة الرتاكيب اجملازية
ودرجة حضورها وغياهبا ،ففي هذا اجلانب يرتاء لنا احلضور اللغوي واجلمايل املؤلف يف قدرته على التعبري
والتصويى ،من عدول عن املعيار إن اللغة اجملازية لغة يعدل فيها الكاتب أو الشاعى عن االستعمال اللغوي املألوف
1
إىل غري املألوف وهي وسيلة بيانية يستعني هبا األديب لكي يكسي صياغته ثوبا مجاليا».
من هنا تبني لنا أن النحو وصيغتة أهم أساس يف بناء أسلوب القصيدة أو الىواية ،فيجب على احمللل
األسلويب أن يقف عند كل نقطة من النقاط النحوية ،ويفسىها ويوضحها وعند النهاية ينتقل إىل دراسة الرتاكيب
1فتح اهلل أمحد سليمان :مدرخل نظىي ودراسة وتطبيقية ،ص .12
54
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﺗﺤﻠﻴﻞ رواﻳﺔ "اﻷﺳﻮد ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻚ"
أﺳﻠﻮﺑﻴﺎ
ﺛﺎﻟﺜﺎ :اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت.
ﺳﺎدﺳﺎ :اﻟﻮﺻﻒ.
ﺳﺎﺑﻌﺎ :اﻟﺤﻮار.
ﺛﺎﻣﻨﺎ :اﻟﻠﻐﺔ.
تدور أحداث الرواية حول شابة جزائرية من مروانة بالد األوراس يف السابعة والعشرين من العمر عملت
كمدرسة للغة العربية يف املستوى االبتدائي إمسها "هالة الوايف " وبسبب هتديدات اإلرهابيني غادرت اجلزائر الوطن
الذي أحبته إىل سوريا مع والدهتا دون أن تدرك متاما ما حصل وكان جرمها الوحيد أهنا غنت يف الذكرى األوىل
لوفاة والدها ،متحدية اإلرهابيني الدين سلبوها أعز الناس عليها أخوها ووالدها وأطفؤا وهج السعادة يف قلبها
متحدية كذلك بفعلتها هذه أقارهبا الذين رفضوا فكرة غنائها ألهنا فيها مماس شرف العائلة .غادرت وطنها ،مل
تأخذ معها سوى الذكريات احلزينة ويف ظهورها يف برنامج تليفزيوين كان بداية لتغري حياهتا ،كلماهتا املرجتلة يومها
كان هلا وجع يف قلب ذلك الرجل الفاحش الثراء "طالل اهلاشم" رجل أعمال لبناين لديه سلسلة من املطاعم
الفاخرة يف عدة بلدان من العامل ،فقرر الفوز هبذه الزهرة الربية اجلزائرية وكان يعلم جيدا أين يضع خطواته هو
أحب طالل يف هالة مجاهلا الطبيعي طلتها شجاعتها ،فخطى خطوته األوىل حنوها وبعث هلا بباقة من
ورود التوليب املميزة بذل الورود احلمراء يف عيد احلب مصحوبة بعبارة "األسود يليق بك" يف كل مرة كان يسعى
ملفاجئتها وإدهاشها وكان يلقي هلا الطعم تلو اآلخر ليستدرجها لفخه ويصطاد هذه العصفورة اليت تطوق للحرية
وكانت بال وعي تقع يف شباك ه لتعيش معه قصة حب ،قدمت له فيها قلبها يف حني هو قدم هلا مامل حتلم به ،وملا
فشلت يف إمتالكها وأصبح ضعيفا أمامها لدرجة إخبارها بسره الذي حرصه طوال حياته ،فقام بإهانتها لتغادر
حياته بكربيائها إىل األبد ،وتستعيد بعد كل هذا نفسها وحريتها ،لتعيش احلياة ألول مرة يف حياهتا كمغنية يف
حفل عاملي أقيم يف ميونيخ ،ألجل مجع التربعات العراقيني ،لتتخلى يف هذا اليوم عن اللون األسود الذي كان
يلف جسدها منذ زمن وتستبدله باللون الزهري وتكون بذلك قد تركت كل شيء خلفها وانطلقت حنو املستقبل
56
تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا الفصل الثاني:
إن رواية مستغامني جاءت حمملة بدفء الكلمات وبلغت التعبري عن مكونات الروح والقدرة على حتميل
اجلمل ومعاين احلب واحلياة ،كما أودعت أحالم مواقفها السياسية من اإلرهابيني وتعاطي حكومة اجلزائر معهم
فمرة هي ضد اإلرهابيني الذين احرتفوا يف استهداف الفنانني والصحفيني وأي موظف يف الدولة ،ومرة ترثي حال
اإلرهابيني وما يتعرضون له من تعذيب على يد اجليش اجلزائري ،ومل تنجو أحالم مستغامني يف هذه الرواية عن
سطوة التاريخ اجلزائري ككل ،ثالثيتها ،تنطلق فيها من األوراس هناية التسعينيات ومتر بلبنان وسوريا وفرنسا لتنتهي
مع سقوط بغداد ،وهذه القصة تدور يف املطارات الباردة والعواصم البعيدة ،إال أهنا ال تنفصل عن البيئة السياسية
واالجتماعية املشحونة للعامل العريب الذي يتخبط يف خماضات وحراك مستمر ،وأهم ما مييز هذه الرواية احلوار
والسرد القصصي واجلملة الشعرية فيها حكمة وشخصيات الرواية ،حمدودة وغري معقدة وبذلك يسهم يف متابعة
األحداث بسهولة.
يتضح لنا أن النص املوازي حيوز اهتماما كبريا يف املقاربات النقدية املعاصر ،بل أضحى ميتلك نظريته
اخلاصة به يف خضم النظرية األدبية ،ذلك أن النص املوازي مبكوناته :العنوان الرئيسي ،العنوان الفرعي ،العناوين
الداخلية ،اسم املؤلف ،الغالف ،اإلهداء ،املقدمة ،اخلامتة ،كلمة الناشر ،وغري ذلك من العناصر النصية اليت
1
تكون اإلطار اخلارجي للنص ،هذا النص املوازن هو الذي مينح النص األساسي هويته واختالفه.
من الصعب احلديث عن العنوان مبعزل عن الغالف ألهنما يفاجئان القارئ معا ،وتلتقطهما عيناه يف
نفس الوقت ،وسنتحدث عن العنوان وحده ،والغالف وحده خوفا من الوقوع يف التشتت.
1خالد حسني حسني :سيميائية العنوان القوة الداللة ،مقال يف جملة جامعة دمشق ،مج ،12ع 1002 ،4+3م ،ص .320
57
تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا الفصل الثاني:
1-2العنوان.
لقد أعطت امل ناهج احلداثية عناية خاصة بالعنوان نظرا ملا تلعبه من دور فعال يف إضاءة النص ،ولذلك
فقد عد الوجه الرئيسي يف الكشف على مكتنزات النص وبنياته املختلفة ألنه يشكل يف األعمال اإلبداعية عامة
إن العنوان هو اإلشارة األوىل اليت يرسلها املبدع للمتلقي والرابط األول واألخري بني الكاتب والعمل األديب
والقارئ ،فالعنوان يف الدراسة األسلوبية هتدي القارئ إىل الطريق الذي يصل به إىل النواة الداللية اليت يسعى
للوصول إليها ،وكثريا ما جند العنوان حيمل يف تركيبته اللغوية مسة أسلوبية.
الرواية اليت بني أيدينا اختارت الكاتبة تسميتها "األسود يليق بك' فالعنوان يتكون من جزأين ،األول
مبتدأ "األسود" وهو جيسد معىن الثبات واالنتماء ما يؤكد ثبات حقدها على الذين جعلوا هلا األسود رفيقا ،واجلزء
الثاين خربا واجلملة الفعلية "يليق بك" حيث جند كلمة "يليق" فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره
والفاعل ضمري مسترت تقديره هو ،و"ب" حرف جر و"ك" ضمري متصل يف حمل اسم جمرور وجيسد هذا املعىن
احلركية واالستمرار من خالل الفعل املضارع "يليق" تعبريا على أن اللباس األسود شاهد حي على تواصل معاناهتا
1-1الغالف.
يعترب الغالف اخلارجي ألي عمل إبداعي ،أول واجهة مفتوحة أمام القارئ وهتيئه لتلقي العمل األديب فغالف
الكتاب إذا هو واجهة اشهارية وتقنية ،وبالتايل فعملية تصميم الغالف البد أن ختضع لنوع من الدقة ،وتراعي فيها
مجلة من الشروط واملواصفات تتعلق أساسا باملتلقي وباحمليط الذي يصدر فيه هذا العمل األديب ،وهذا ما يتم فعال
على مستوى دار النشر حيث تستند هذه العملية إىل أخصائيني يف تقنية اإلخراج املطبعي وهنا جيب أن نأخذ
58
تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا الفصل الثاني:
بعني االعتبار بأن كل عنصر من العناصر املشكلة الفضاء اخلارجي ،مبا يف ذلك األلوان ،فهي حتمل داللة معينة
1
وهلا مرجعيتها داخل العمل األديب.
يبدوا العنوان أيقونة شكلية تتكون من حروف غليظة مائلة ومثبتة يف أعلى صفحة الغالف ،على اليسار
وهذا يشكل حيزا نصيا كبريا إذا ما قورن بالعناصر األخرى املكونة للغالف كاسم املؤلفة واسم دار النشر ،وصورة
الغالف ،مما جعله يبدوا بارزا وواضحا ويكمن هذا الوضوح يف احتالله موقع إخباري من حيث تصدره للواجهة
األمامية للمؤلف اخبارا عن مضمون الرواية ،وإقناعي من حيث البنية الشكلية ،اليت تدل على غاية املؤلفة الضمين
املستوى الصويت حييلنا غلى جمموعة من الفونيمات (ال ،أ ،س ،و ،د ،ي،ل ،ي ،ق ،ب ،ك) اليت تشري
إىل بعض اآلثار األولية للمعىن املرتبط باخلطاب الروائي ،فإذا ما حاولنا استخراج هذه الفونيمات فإننا جندها
تضمر جمموعة من املعاين اليت هلا عالقة مباشرة باملضمون فـ"ال" تستعمل للتعريف واأللف على الواحد من كل
شيء ،يف حني جند الدال يرمز إىل التوجه ،والالم حييل على االسم املبهم ،الباء ترمز إىل نواة الرجل والكاف تدل
على الرجل املصلح لألمور ،وهكذا تتضح العالقة بني الفونيمات والعنوان واملضمون الروائي" ،ال" التعريف تدل
على أن الشخص الذي تتوجه إليه الروائية معروف وحمدد ،أما األلف تدل على أن اخلطاب يوجه لشخص
واحد ،وهو الشخصية الرئيسية للرواية :هالة الوايف ،والدال يرمز إىل توجه هذه األخرية إىل االنتقام عرب
الغناء ،وفيما خيص النكاح الذي حييل عليه حرف الباء فهو يدل على أن كثرة املصائب اليت واجهت البطلة
جعلتها تأخذ من احلداد رفيق هلا ،أما الفونيم "ك" فهو يدل على عفة هالة الوايف وامتناعها عن تقدمي نفسها إىل
حبيبها طالل.2
ثالثا :الشخصيات.
إن دراسة الشخصيات يف أي عمل روائي تكتسي أمهية بالغة ،ذلك راجع ألمهية الشخصية داخل العمل
األديب أو الروائي ،إذ ال ميكن ختيل عمل أديب ال وجود للشخصية فيه ،وتعترب الشخصية عامال حامسا يف تكوين
النص الروائي كما تضفيه على األحداث من حركية وتشويق ،فقد يستطيع الروائي أن يتخلص من احلبكة أو بعض
العناصر األخرى لكنه ال يستطيع التخلي عن الشخصيات يف عامله الروائي ،ألهنا أساس وجود الرواية ككل ،فهي
نبض النص واحلركة اليت تسري يف شرايينه ،ال يستطيع جتاوزها بأي حال من األحوال.
إن أمهية الشخصية يف الرواية ليست نابعة من الشكل البسيط الذي تؤديه يف صريورة األحداث ،وإمنا
كوهنا مركز األحداث ،وجوهر الرواية اليت تصب بقية العناصر األخرى ،بعبارة أخرى عامل من عوامل بناء
اخلطاب يستخدمه الروائي ،ال يتحقق له هذا البناء دون أن يستدعي جمموعة من الشخوص ترتبط بإعداده
وبعنصري الزمان واملكان وهو الذي مينحها املالمح النهائ ية ،فالشخصية هبذا املعىن تشكل يف إطار صريورة
1-3الشخصيات الرئيسية.
1-1-3هالة الوافي.
فتاة جزائرية يف السابعة والعشرون من العمر كانت معلمة يف املستوى االبتدائي ،تدخل عامل الفن بعد مقتل
أعز الناس لديها أبوها وأخوها على يد اإلرهابيني ،وذلك من خالل احلفل الذي أحيته يوم ذكرى وفاة والدها،
تبدو من خالل مواقفها بأهنا امرأة تتصف بالشجاعة والقوة ومتلك شخصية رجولية كانت تنازل اإلرهابيني بالغناء،
تتميز بارتدائها اللون األسود وأثناء مقابلة تلفزيونية سأهلا املذيع عن سر لبسها بشكل مستمر اللون األسود
فتجيبه بأهنا تلبسه حداد على وفاة والدها وأخيها يف اجلزائر ،وبعد االنتهاء من اللقاء التلفزيوين أرسل هلا طالل
1إبراهيم صحرواي :حتليل اخلطاب األديب ،دار األفاق ،اجلزائر ،ط2999 ،2م ،ص .224
60
تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا الفصل الثاني:
باقة من الورد كتب عليها "األسود يليق بك" وهو نفسه عنوان الرواية ،وهو أول جسر حب بينهما ،وهذا األخري
2-1-3طالل هاشم.
رجل أعمال لبناين مخسيين فاحش الثراء ،غادر لبنان بسبب احلرب األهلية املوجودة آنذاك ،سافر إىل الربازيل
حيث قام بإنشاء مطعم لبناين متواضع يف "ري ودي جانريو" يقدم الوجبات اللبنانية ،مث قام بعمل سلسلة مطاعم
عصرية على الطريقة األمريكية ،تعرف على فتاة كانت ترتدد على مطعمه فتزوجها وأجنب منها ابنتني ،حيب اللغة
والقراءة ،ويقول عن نفسه أن ه شاعر ،مل تكن له أي عالقة نسائية يف بريوت حيث حيمي صورته كرجل كامل،
صاحب إرادة قوية وهي صفته األوىل ،ال يقبل اخلسارة ،إذا أراد شيئا إال حصل عليه ،كان يعاين من عجز
عاطفي حيول دون تسليم قلبه المرأة ،أعجب هبالة الوايف وسعى لإليقاع هبا ليتخلى عنها يف األخري إلحساسه
بالضعف أمامها واستحوذت على سره الذي صانه منذ أمد بعيد.
2-3الشخصيات الثانوية:
1-2-3الجد.
كان من "أوالد السلطان" الذين يقال عند ذكرهم "سالطني ما ملكو" لسخائهم ،بل إهنم سالطني مبا وهبوا
ال مبا كسبوا ،1هو رجل بسيط ،زاهد يف مهارج احلياة ،حيضر األعراس ويستمتع بالوالئم ،ينشد مع املنشدين
يغين مع املغنني ما حيفظ من تراث الرببري الشاوي ،لكنه ال يقبل مال من أحد وحىت إن كان من أبناءه ،عاش
متصوفا على طريقته ،مل يستهلك يوما ربطات عنق وال أحدية جديدة .2كان يلبس اللباس الشعيب (الربنوس) كان
شديد الكرم وإذا أتى إليه الضيوف يستقبلهم ثالث أيام وعندما يغادروا بيته إال حمملني باهلدايا ،بقل عيد ميالدها
السابع عشر بأيام توىف ،وموته كان أول عالقة هلا بالفاجعة ،يف طفولتها كانت تقامسه نزهته ،تتسلق معه اجلبال
1أحالم مستغامني :األسود يليق بك ،دار نوفل ،بريوت-لبنان1021 ،م ،ص .21
2املصدر نفسه ،ص .22
61
تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا الفصل الثاني:
ممسكة بيده إىل أن يبلغا أعلى نقطة ميكن أن تصلها قدماه اللتان تربتا على تسلق اجلبال ،من حني آلخر جيلس
حتت شجرة من أشجار الصنوبر وعندما يرتاح يأخذ ناية املعلق إىل ظهر برنوسه ويشرع يغين ،يفضي به إىل
1-1-3عالء.
شقيق هالة ،كان يدرس الطب ،حاول على مدى أربع مستويات أن يضع مسافة حذر بينه وبني زمالئه
لكن ليس بينه وبني الزميالت الاليت كن يلجأن إليه ملا يوحي به من طمأنينة ،وكانوا أصحاب اللحي مل يغفروا له
خطواته لدى بنات اجلامعة ،برغم قدر االحرتام الذي كان حيكم عالقته هبن ،2كان يكره أصحاب البزات
وأصحاب اللحي بالتساوي ،وقضى عمره خمتطفا بينهما بالتناوب ،وجد نفسه خطأ يف كل تصفية حساب ،حيتاج
حليته حينا ليثبت هلؤالء تقواه ،وحيتاج حللقها ليثبت لآلخرين براءته ،انتهى به األمر أن أصبح ضدمها معا.
3-1-3نجالء .ابنة خالة هالة ،كانت أمها تريد أن تزوجها بعالء تقول «إن أحدمها ُخلِق لآلخر وإهنما ما
شاء اهلل االثنني حلوين» ،3كانت جنالء صديقة مقربة هلالة وكانت تساعدها على اختيار مالبسها وحتكي هلا عن
4-1-3والدة هالة :غادرت سوريا وهي صبية مع والدهتا وإخوهتا يف محاه ذلك نتيجة احلرب األهلية قبل
ثالثني سنة يف سنة 2991يف زمن الرئيس "حافظ األسد" ،فما عادوا يستطيعون العيش يف بيت ذبح فيه
والدهم ،وهم خيتبئون حتت األسرة ،هذه األم تزوجت قبل ثالثني سنة وهربت إىل أبعد مكان عن رائحة املوت إىل
1-3-3عم هالة.
يف السبعينات سافر إىل فرنسا للعمل وعندما جاء إىل اجلزائر ليتقاعد ،بدا وكأنه كل تلك السنني اليت عاشها
يف أوربا مل ترتك أثرا يف عقليته ،فجأت طالت حليته ،وتغريت لغته اعتمد لباسا يقارب زي األفغان ،وأصبح ال
يرتد د على بيته دون أن يعلن ذلك كان واضحا أنه يرى يف احرتاف أخيه للغناء ارتكابا لفعل مستهجن يقارب
احلرام.1
2-3-3عز الدين.
هو الشخص الذي التقت به هالة يف باريس ،يعمل يف األمم املتحدة ،عرفها به صديقه "كمال ساري"
الذي التقت به هالة يف املطار عرفها بصديقه "عز الدين" مد الرجل يده يصافحها حبرارة قال بالفرنسية مسعت
يف لقائهما األول مل يطلب منها رقم هاتفها ،ودع لقائهما على األيام والصدف وهذا ما حدث حني
التقت به مرة أخرى دون موعد « كانت هتم مبغادرة القاعدة عندما وجدت نفسها عند الباب أمام ذلك اجلزائري
الذي التقت به رفقة الرجل اآلخر يف الفندق نسيت امسه الكامل ،لكنها تذكرت متاما مالحمه وطلته الفارقة لعل
امسه عز الدين ،غمرته سعادة عارمة وهو يراها ،أما هي فسعدت ألنه منحها فرصة يف حيز رجل وحده يعنيها قال
3
بالفرنسية« :أما قلت لك ال تعطيين الرقم ...أثق أننا سنلتقي»
كان عز الدين متنقال من جنيف والعراق ،كان يعمل للدفاع عن حقوق االنسان ،ولقد كان باب خري
على هالة وذلك من خالل عرضه هلا أن تشارك يف حفل عاملي يف ميونيخ.
3-3-3كمال سادي.
رجل جزائري متزوج صديق عز الدين التقت به هالة يف هبو الفندق يف باريس.
4-3-3مصطفى.
مدرس خفيف الظل أنيق ،كانت له حوارات عديدة مع هالة ،أحب هالة يف سبعينيات القرن املاضي ،لكنه
2-3-3أبناء العم.
2-3-3جمال.
2-3-3أم جمال.
9-3-3عمار.
اجلار الذي كان أمريا يف اجلبال ،وهو املشتبه الوحيد يف نظر أم هالة ،هو الذي كان سبب وراء صعود عالء
للجبل.
9-3-3هدى.
20-3-3األب.
64
تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا الفصل الثاني:
لقد احتلت ظاهرة الزمن يف القص و الرواية حيزا كبريا يف النقد العريب احلديث كوهنا تقنية من التقنيات
اليت يلجأ إليها الروائيون للتالعب الزمين الروائي أو القصصي ،وجند أنه ليس من الضروري أن تتطابق االحداث
يف رواية أو قصة ما ،مع الرتتيب الطبيعي إلحداثها فحىت بالنسبة للروايات اليت حترتم هذا الرتتيب ،فإن الوقائع اليت
حتدث يف زمن واحد البد أن ترتب يف البناء الروائي تتابعيا ،ألن طبيعة الكتابة تفرض ذلك ما دام الراوي ال
يستطيع أبدا أن يروي عددا من الوقائع يف آن واحد ،تتمظهر البنية الزمانية يف جانبني أوهلما نسق الزمن والثاين
إيقاع الزمن.
1-4نسق الزمن.
ويظهر هذا من خالل نوعني يف املفارقات السردية حسب تسمية جينيت :األوىل :االسرتجاع
1-1-4االسترجاع (.)Analepse
تقي م النصوص الروائية عالقة خاصة تربطها باالسرتجاع هذه العالقة مبجموعة من القيم اجلمالية اليت
تشكل نص الرواية ويعترب جريار جينيت االسرتجاع « بالقياس إىل احلكاية اليت يندرج فيها حكاية ثانية زمنيا ،تابعة
لالوىل ( )...وتطلق من اآلن تسمية احلكاية األوىل على املستوى الزمين للحكاية الذي بالقياس إليه تتحدد مفارقة
1جريار ج نيت :خطاب احلكاية ،تر :حممد معتصم عبد اجلليل اجمللس األعلى للثقافة ،اهليئة العامة للمطابع األمريية ،ط2992 ،1م ،ص.20
65
تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا الفصل الثاني:
االسترجاع الخارجي :يفسره حينيت على أنه مقاطع اسرتجاعية تعود بالذاكرة إىل ما قبل بداية الرواية.
االسترجاع الداخلي :هو خالفا لالسرتجاع األول :حيث تقع األحداث ضمن اإلطار الزمين احملكي :األول.
االسترجاع المختلط :هو الذي جيمع بني االسرتجاع اخلارجي والداخلي ،ويقصد به خمتلف التفصيالت الزمنية
واحلديثة اليت تنطلق من نقطة زمنية تقع خارج نطاق احملكي األول مث متتد حركة السرد حىت تنظم إىل منطلق
ومن هذا املنطلق سنحاول تعميق هذه االحنرافات الزمنية بالقراءة والتحليلي انطالقا من نص رواية:
االسترجاع الخارجي.
تتناول االسرتجاعات اخلارجية حسب تصور جينيت «مضمونا قصصيا خمتلفا عن مضمون احلكاية األوىل،
إمنا تناول بكيفية كالسيكية جدا شخصية يتم إدخاهلا حديثا ويريد السارد إضاءة سوابقها» ،1تصور لنا رواية
(األسود يليق بك) حكاية فتاة جزائرية يف السابعة والعشرين من العمر ،أتعبتها ذكريات املاضي األليمة يف فرتة
العشرية السوداء ،وما عرفت به من قتل وسفك دماء األبرياء ،ويبدوا لنا أن لعنة القتل وراثية فهي متتد من مقتل
جدها والد أمها قبل ثالثني سنة ،حيث تصور الكاتبة تأثر والدهتا بالفاجعة اليت حلت هبا ويتضح ذلك من
خالل املقطع التايل« :لقد عاشت أمها الفاجعة يف سنة 2991يوم غادرت وهي صبية مع والدهتا وأخواهتا
محاه ،لتقيم لدى أخواهلا يف حلب ،ما استطاعوا العيش يف بيت ذبح فيه والدهم وهم خيتبِئون حتت األسرة ،مسعوا
ص ْوتَهُ وهو يستجدي قتلته ،مث شهقة موته وصوت ارتطام جسده باألرض ،عندما غادروا خمابئهم بعد وقت ،كان
َ
أرضا وسط بركة دم ،رأسه شبه مفصول عن جسده ،حليته خمضبة بالدماء ،كانت حليته هي شبهته ،فقد دخل
اجليش إىل محاه لينظفها من اإلسالميني فمحاها من الوجود» 2هذا املقطع االسرتجاعي أفاد الرواية يف أن تصف
األحداث اليت مرت هبا سوريا آنذاك ،وذلك من خالل أن مدينة محاه كانت تعيش مسلسل القتل ويتضح ذلك
األرقام ،ال أحد مشي يف جنازته ،وال أحد عزى فيه ،كانت محاه الورعة التقية ،تدفن ثالثني ألف قتيل يف بضعة
أيام ،بعضهم دفن الوديعة يف جنح الظالم .كن مثة زمحة موت ،لذا مل حيض الراحلون بدمع كثري ،وحدهم املوتى
االسترجاع الداخلي.
يتوقف فيه تنامي السرد صعودا من احلاضر حنو املستقبل ،ليعود بذاكرته إىل املاضي ،فاالسرتجاع مثل القصة
ومن أمثلة االسرتجاع الداخلي سرد قصة عالء يف مراحل خمتلفة وأول اسرتجاع لقصته وهو يف
اجلامعة ،وذلك ما اسرتجعته هالة« :مث حدت على أيام الرئيس بوضياف ،أن دامهت السلطات اجلامعة ،وقضيت
على عشرات اإلسالميني ،وأرسلتهم إىل معتقالت الصحراء بعد أن ضاقت املدن بسجنائها ،عندئذ قرر عالء أن
يرتك الدراسة حال تقدميه امتحانات آخر السنة ،استجابة إلحلاح أمه على أن يسافر الحقا ملواصلة دراسته هناك
كان يفصله عن االمتحانات شهران ،لكن القدر كان أسرع منه ،ما مر أسبوع حىت حضر اجلامعة رجال األمن
ومن هنا تغريت مسار حياة عالء ،ليصبح غارقا يف مأساة مل يكن يتوقعها يوما ،فبني ليلة وضحاها وجد
نفسه يف معتقالت الصحراء وهذه هي النقطة اليت غريت حياته ،ويتضح ذلك من خالل هذا املقطع« :وجد
عالء نفسه متعاطفا مع األسرى ،بعد ما رآه من مظامل وتعذيب ،وما عاشه من قهر وهو حياول عبثا إثبات
براءته ،بعد مخسة أشهر أطلق سراحه ،مل يُِقم بني أهله أكثر من بضعة أسابيع ،كان يف كل حي شبكات
الختطاف األطباء والتقنيني وكل ما حيتاج اإلرهابيون إىل مهاراته ،أقنعوه بأن يلتحق باجلبال ،ليضع خربته يف
إسعاف "اإلخوة" هناك ومعاجلة جرحاهم» 1هكذا اسرتجعت هالة قصة أخيها عالء قبل أن تنام «حاولت أن
خترج أخاها من تفكريها كي تستطيع النوم» ،2حيث كانت اسرتجاعاهتا متفرقة يف أطراف الرواية ،حاولت
اسرتجاع ذكريات موت أخيها املؤملة يف بيت عمها عندما سألتها زوجة عمها عن موت عالء «اآلن هي
تروي ،بنربة عادية ،قصة حدثت قبل سنتني لشاب مجيل ،كما أولئك الذين يشتهيهم املوت ...كان أخاها
الوحيد».3
يف كل مرة تباغتها ذكريات أخيها واسرتجاعاهتا مل تكن متسلسلة ففي كل مرة تسرتجع جزء من قصة
أخيها عالء ،وهذه املرة كانت هدى السبب برجوع هالة لذكرياهتا من خالل هذا املقطع« :إن يوم نادهتا على
العراقيني مل تلتقط إال مجلتها األوىل ،أخذهتا املفاجأة بعيدا فال ميكن لوجداهنا أن يفصل بني هدى وعالء إىل هذا
االسترجاع المختلط.
إن االسرتجاع املختلط أقل تواتر من الصنفني السابقني ويسمى خمتلطا لكونه جيمع بني االسرتجاع
اخلارجي واالسرتجاع الداخلي ،واجهت هالة يف باريس ذكرياهتا املؤملة ورجعت هبا الذاكرة خلمس سنوات من قبل
يوم زارهتا وكانت سعيدة مع أبيها وأخيها وكان يف استقباهلما عمها «يف مدينة زارهتا قبل مخس سنوات سعيدة
وتعود إليها وحيدة» 1أما اليوم فهي يف هاته البلدة وحيدة أحزهنا فراق أخيها عالء وسفرها بدونه ،وأسعدها أن
عمها غري موجود «محدت اهلل أن يكون عمها الذي استقبلها هي ووالدها وعالء آنذاك يف بيته قد ترك باريس
وعاد بعد تقاعده للعيش يف اجلزائر» ،2ألن عمها كان متعصبا ومتشددا وكان يتهمها بتدنيس شرف العائلة وذلك
ما جعلها تغادر اجلزائر ويف نفس اللحظة أخذهتا الذاكرة للثمانينات يوم سافر والدها حللب وقد تعلم الكثري أما
لدراسة املوسيقى ،فعاد منها بعد سنتني وكأنه خترج من مدرسة احلياة ،بينما كان عمها قد سافر يف السبعينيات
للعمل يف فرنسا ،وعندما عاد للجزائر ليتقاعد بدا وكأن تلك السنني يف أوروبا مل ترتك أثرا يف عقليته ،فجأة طالت
حليته ،وتغريت لغته ،واعتمد لباسا يقارب زي األفغان» 3وسافرت هبا الذكريات إىل جدها الذي فقدته وأليامها
اجلميلة اليت كانت تقضيها معه وما كان يروي هلا عن الثروة «روى هلا أن أثناء حرب التحرير كان يصعد إىل أبعد
مرتفع يف اجلبل ،للقيام بنوبة حراسة للقرية ،وعندما يرى من بعيد قوافل (البالندي) واملدرعات الفرنسية مقبلة
ينادي منبها أبناء الدشرة لقدوم الفرنسيني فيتلقف صداه (تراس) يف اجلبل اآلخر ،مث آخر ،ويتناقل الرجال النداء
عرب اجلبال متناوبني على إيصال اخلرب إىل كافة األهايل» 4لقد عمقت هذه املقاطع املذكورة سابقا اإلحساس
بصريورة الزمن ،ويظهر ذلك يف التحول من عبارة "يف الثمانينات" و"السبعينات" كذلك «أثناء حرب التحرير
فلفظة (حرب التحرير) متتد جذورها إىل زمن سابق على نقطة انطالق القص الذي تتدرج ضمن ما بعد انتهاء
حرب ال تحرير وبالضبط يف فرتة العشرية السوداء اليت عرفتها اجلزائر ويف املقابل يكشف فعل "نامت" عن جتاوز
القص لرتجع إىل زمن القص وكيف استقبلتها باريس «نامت متعبة ،متنت لو استقبلتها باريس باألحضان ،لكنها
إ ن أي قراءة فاحصة حلركة االسرتجاعات تنتج معطيات ،منها كثرة االسرتجاعات الداخلية واخلارجية يف
الرواية حيث تكاد تكون بعض االسرتجاعات قصصا قائما بذاهتا ،كاسرتجاع قصة األخ عالء اليت ذكرت عرب
2-1-4االستباق.
يعد االستباق أحد املفارقات الزمنية اليت تعتمد إىل شطي النسق األفقي الزمين بواسطة تقدمي أحداث
االستباق الخارجي.
يقع االستباق اخلارجي على مقربة زمن السرد أو الكتابة ،أي« :خارج حدود العقل الزمين للحكاية األوىل،
وتكون وظيفتها ختامية يف أغلب األحيان ،مبا أهنا تصلح للدفع خبط عمل ما إىل هنايته املنطقية».2
ومن األمثلة اليت تضمنتها رواية "األسود يليق بك" استباق مستقل إحدى الشخصيات وهي شخصية
رئيسية "طالل هاشم" فبعدما وصفت طريقة تناوله للنساء ومنظار الريبة اليت يطل به على كل الفتيات وحكمه
عليهن باخليانة ،حت كم بدورها عليه بأنه سيستمر يف شكوكه هذه طول حياته ،كما يتضح يف هذا املقطع «هو
نفسه ال يدري ملاذا فعل ذلك بكل امرأة أحبها أو توهم حبها ،كان يعاين عجزا عاطفيا حيول دون تسليم قلبه
حقا المرأة ،رمبا مل يشف من خيانة املرأة األوىل يف حياته تلك اليت ختلت عنه لتتزوج غريه ،طول عمره سيشك يف
صدق النساء ،وسيتخلى عنهن خشية أن يتخلني عنه ،كشهريار ،سيعاقبهن على جرمية ال علم هلن هبا».1
فالكاتبة هنا تستند إىل ماضيه األليم وتعرضه للخيانة لتؤسس رأيها يف مستقبله.
كما ورد استباق خارجي كذلك عندما روت الكاتبة ختلي هالة عن األسود ،فكان ختليها عن هذا اللون
إعالنا عن ختليها عن كل ما يربطها بطالل ،فقد قال هلا يوما «سأظل أتعرف إليك ما دام األسود لونك ..أعين
لوننا» ،2ختليها عنه ال يتوقف على زمن الرواية فحسب ،بل كان فراقهما أبديا حسب الرواية فهي جتزم على أن ما
عاشه لن يتكرر أبدا ،األمر الذي يتضح يف املقطع الثاين « األحالم اليت تبقى أحالما ال تؤملنا ،حنن ال حنزن على
شيء متنيناه ومل حيدث ،األمل العميق هو على ما حدث مرة واحدة ،ما كنا ندري أنه لن يتكرر ،األكثر وجعا ليس
ما مل يكن يوما لنا ،بل ما امتلكناه برهة من الزمن ،وسيظل ينقصنا إىل األبد» ،3ومل يرد أي إشارة توحي بأمل
لقائهما يف املستقبل.
االستباق الداخلي.
4
كان أكثر توظيف يف الرواية ويتميز بكونه «يدفع داخل املدى الزمين للمحكي األول دون أن يتجاوزه»
ظهر مركب عائم يف النيل» 5وهو ما كتبه طالل على البطاقة املغمورة بباقة األزهار «هل تقبلني دعويت للعشاء
غدا؟ حتما ستتعرفني علي هذه املرة ،أنتظرك عند الثامنة مساءا على مركب الباشا» 6وهنا يكون القارئ حمور على
انتظار فعل قبول الدعوة وهنا يكون عنصر التوقع الذي يعمد القص إىل خلقه عن طريق مقاطع سياقية.
إن كان االستباق الداخلي هو إحدى املفارقات الزمنية اليت تشكل معىن من معاين زمن املستقبل فإنه
يعمل من جهة أخرى على تشويش ذهن املتلقي وتشويقه ملتابعة السرد بشغف ،للتمكن من اإلجابة على
2-4إيقاع الزمن.
باالعتماد على مظهرين أساسيني :تسريع السرد ،وذلك عن طريق تقنييت :اخلالصة واحلذف ،ويعمل املظهر الثاين
وتعد اخلالصة إحدى حركات السردية األربع اليت يلجأ إليها الراوي لتسريع الزمن وتقوم على «سرد بضع فقرات،
أو بضع صفحات لعدة أيام ،أو شهرين ،أو سنوات من الوجود دون تفاصيل أعمال وأقوال».1
ويقودنا تعريف جينيت على إحدى الوظائف التقليدية اليت ينهض هبا اخلالصة على مستوى القص.
سنأخذ مثاال من املنت الروائي للتوضيح أكثر حيث اختصرت الروائية سفرهتا إىل فرنسا اليت كانت ملدة ( )20أيام
«أتعلمني مىت تعود؟ ليس قبل عشرة أيام» ،2فسردت هذه األحداث يف ( )42صفحة ،حيث قامت باختصار
ثالثة أيام دون أن تذكر شيء عن األحداث اليت جرت يف هاته الفرتة أو املدة «هي فرنسا منذ ثالثة أيام» ،3أما
اليوم الرابع فذكرت فيه املساء «مساء للغد رن اهلاتف يف غرفتها يف الفندق» ،4فسردت األحداث اليت دارت يف
يعرف احلذف يف النقد الروائي بأنه :جتاوز بعض املراحل من القصة دون اإلشارة بشيء إليها.
أما جريار جينيت فيقوم بتقسيم حركة احلذف إىل مستويني تطبيقني :املستوى الزمين :الذي ينظر من
خالله « :إىل زمن القصة احملذوفة وأول مسألة هنا هي معرفة تلك املدة املشار إليها (حذف حمدد) أم غري مشار
إليها (حذف غري حمدد)» 1واملستوى الشكلي حيث يكون (احملذوف صريح) تصدر عن إشارة زمنية (حمددة أو
غري حمددة) ( )...فالنص يوصي هبذا الشكل أو ثغرة إمياء أكثر متاثلية ،أكثر أيقونة.
أما احملذوف الضمين :فهو الذي ال يصرح من النص بوجودها ،وترك مهمة االستدالل عليها للقارئ حيث
حياول تتبع التسلسل الزمين وموقع الثغرات ،على أن الصعوبة تزداد إذا تعلق األمر باحلذف االفرتاضي ،حيث
يصعب حتديد موقعه من ثنايا النصوص الروائية .2واستنادا إىل هذا التقسيم جند يف رواية "األسود يليق بك" وفرة
استخدام ثنائية احلذف الصريح (غري حمدد زمنيا) واحلذف الضمين على اخلط الزمين للحكاية األوىل ،والذي يبدوا
واضحا أكثر يف االسرتجاعات ،لدا فالقارئ مضطر لتنظيم الوحدات السردية للماضي ،بالعودة إىل الوراء تكون
لقد استعملك الكاتبة العديد من احلذف احملدد زمنيا على خط احلاضر وسنورد بعض املقاطع اليت تدل على
ذلك فيما يلي « :منذ سنتني ما استطاعت يوما واحدا أن تتقبل فكرة غيابه ،فكيف تنساه يف باريس اليت زارهتا
معه».3
« حىت هذه الفتاة ليست أمجل ما عرف من نساء ،مل تكرتث بوجوده على مدى أربع ساعات اليت قضتها
مبحاذاته».4
«وهو اآلن يود أن يعرف من بعيد ،ما حل هبا منذ سنتني إىل اليوم ال يريد أن تراه على ما هو من بأس
املظهر».1
ويف املقابل جند كذلك بعض احملذوفات :الغري حمددة زمنيا جند هلا ظهور خافت باملقارنة بنظريهتا األوىل
وسنعطي بعض األمثلة عليها من خالل ذكر بعض املقاطع ،نذكر منها:
«علم بذلك بعد أشهر عندما نزل من اجلبل مع من نزل معه من التائبني يف إطار العفو العام واملصاحلة الوطنية».3
«كانت قد مرت بضعة أسابيع على عودهتا من باريس حني وصلتها دعوة إلقامة حفل يف القاهرة».4
املالحظ أن الرواية تقوم على اسرتاتيج ية مجعت فيها بني احلذف الصريح احملدد زمنيا اليت اعتمدت عليه ،وهو
الذي ظلت الروايات التقليدية هتتم به ،غري أن الروائيون اجلدد استخدموا القطع الضمين الذي ال يصرح به
الراوي.
السارد أعطى احلرية لشخصياهتا لتعرب عن أفكارها وأراءها عن طريق احلوار الذي يكشف عن خوارج
الشخصيات ،فالشخصيات تتحاور فيما بينها للتعبري عن أفكارها بعيدا عن وصايا املؤلف يتيح هلا فرصة احلديث
عن نفسها دون تدخل منه ،وأصبحت الشخصية حتدد موقفها اجتاه اآلخرين سواء بالقبول أو املعارضة ولتمثيل
المقطع األول:
-ألو
-أهال
-أعتقد أن اجلولة مهما ستبدأ على هذا العلو الشاهق ،أما هي فما ضنت أهنا ستخفي إرتباكها باملزاح ،ليست
تسمح الروائية للشخصيات بالتعبري عن ما يوجد داخل نفسيتها من مشاعر وأحاسيس وما يعرتيها من
أفكار يف هذا احلوار ،وتروي بذلك جتربة يعيشها الكاتب واملتلقي على حد سواء.
المقطع الثاني:
-واهلل ال شيء
1
-تعنني خالل ثالثة أيام ..احلب يأيت متأخرا دائما! »
جند هنا الكاتبة ختلط السرد بالوصف واحلوار ،فتود إخبارنا بأن الثالثة أيام اليت قضتها مع طالل زادهتا هباءا
ومجاال.
يعد احلوار مكونا أساسيا يف البنية الزمنية للنص ،فقد ساهم يف تعطيل عملية السرد واحلد من وتريته السريعة
وتظهر مجاليته حينما تتحول الشخصيات من مستواها الظاهر إىل كائنات بشرية ،حتب وتكره ،تفرح وحتزن
4-2-4الوقف.(pouse) :
قد تنوعت الوقفات بني تعاليق السارد ،والتحليل النفسي والوصف ففي تعاليق السارد يتوقف احلدث
مؤقتا ،ليمنح السارد حضورا ووجودا يف الن ص الروائي ،أو يلجأ إىل التعليق بني مقطع سردي وآخر وكأن تعاليق
السارد التارخيية أو اإليديولوجية حمطات يسرتيح فيها القارئ من توتر احلدث وحركته.
وإذا ما حاولنا تتبع مواقع انقطاع السريورة الزمنية ،وتعطيل حركتها بني صفحات الرواية (األسود يليق
بك) جند أن السرد يتوقف ليفسح اجملال أمام العملية الوصفية اليت تعمل على تقدمي أوصاف الشخصيات
واألماكن ،مثال تصف الروائية مالمح شخصية هالة يف هذا املقطع «يذكر طلتها تلك ،يف مجاهلا البكر كانت
تكمن فتن تها ،فلم تكن تشبه أحد يف زمن ما عادت النجوم تتكون يف السماء ،بل يف عيادات التجميل ،مل تكن
جنمة ،كانت كائنا ضوئيا ،ليست يف حاجة إىل التربج كي تكون أنثى يكفي أن تتكلم» .1مث يتوقف السرد مرة
أخرى لتواصل وصف الشخصية «إهنا أهبى من الشاشة ،لكنها طويلة كما كانت تبدوا ،وهذه أول مرة يراها داخل
معطف أسود ،معطف أنيق دون هبرجة ،حبزام مربوط على جنب ،يزينه شعرها املنسدل على كتفيها» 2وينطبق
األمر نفسه على معظم شخصيات الرواية مثل :طالل ،أم هالة ،عالء ،وجدها ..كما تتواتر بني ثنايا النص
الروائي مقاطع وصفية تتعلق بطبوغرافية الفضاءات واألشياء املدرجة بداخلها ،حيث يشكل وجودها تعليقا لزمن
القصة ،وانفتاح على أمكنة ال يستطيع القارئ التقرب منها والتماس هندستها إال من خالل اللغة نفسها.
إن الكاتبة أحالم مستغامني استخدمت تقنيات الزمن مبهارة عالية وأهم تقنية استخدمتها هي تقنية االسرتجاع يف
بناء أحداث الرواية ،أما طريقة عرض األحداث وتشابكه يف الزمان كان مقنعا بتقنية احلوار اليت كانت هي السبيل
لعرض األحداث ،فكل حد تقريبا يف الرواية قائم على احلوار بني البطل والبطلة ،وبني الشخصيات األخرى داخل
اخلطاب السردي.
ال يشي د بيت إال بأعمدة يرتكز عليها وكذلك األمر للرواية فهي تعتمد يف بنياهتا على املكان الذي صار
ركيزة من الركائز األساسية يف الرواية ،حيث أن املكان مل يعد عنصرا ثانويا يف الرواية فقد صار عنصر أساسي
للعمل الروائي.
فيتخذ أشكاال وحيمل دالالت خمتلفة ،يكشفها التحليل والدراسة وفق تصورها ،خيضع أبدا القطعية
القائمة على ثنائية التضاد بني األمكنة ،تتقابل معربة عن العالقات اليت تربط الشخصيات مبكان حتركها أو عيشها
تبعا للثقافة والعادات واألفكار والسلوكات العادية» ،1وهذا يعين أن املكان أساسي يف العمل الروائي حيث
«يتحد د املكان يف الرواية باعتباره مكانا واقعيا مرجعيا وذلك إليهام بواقعية األحداث وعادة ما يكون وصف
املكان مرتبط بوظيفته يف احلكاية ،إذ حيدد إطارها ويوثق ارتباطها ومرجعيتها خاصة يف الرواية الواقعية اليت تراهن
جند أن هناك عالقة وطيدة بني املكان والشخصيات وأحداث الرواية ،وبذلك «يصبح املكان كائنا حيا
ميارس حركته يف اخلطاب يأثر ويتأثر مبا يف املكونات الروائية خاصة الشخصيات».3
1-5األماكن المغلقة.
ويقصد هبا األماكن اليت ينتقل بينها اإلنسان والشكل الذي يرونه يناسب تصور عصره ،كما تؤدي األمكنة
املغلقة دورا حيويا يف الرواية ،ألهنا ذات عالقة وثيقة بشكل الشخصيات الروائية ،ويظهر هذا النوع من األمكنة يف
1الشريف حبيلة :بنية اخلطاب الروائي (دراسة يف روايات جنيب الكيالين) ،عامل الكتاب احلديث ،أريد ،األردن ،ط1020 ،2م ،ص .294
2زهرة كمون :الشعري يف روايات أحالم مستغامني ،دار الصمد للنشر والتوزيع ،هنج صفاقص ،تونس ،ط ،2مارس 1002م ،ص .133
3الشريف حبيلة :بنية اخلطاب الروائي ،ص .292
78
تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا الفصل الثاني:
1-1-5البيت.
البيت هو أهم األماكن يف حياة اإلنسان وال ميكن أن يستغين عنه حيث وصفه "غاستون باشالر" بقوله:
«البيت جسد وروح وهو عامل اإلنسان األول» .1إذن البيت هو املكان الذي حيس اإلنسان فيه بالراحة وذلك ملا
له من اخلصوصية ومتثل البيوت منوذج ملظاهر احلياة الداخلية كما يقول "ويلك" «فإنك إذا وصفت البيت فقد
وصفت اإلنسان ،فالب يوت تعرب عن أصحاهبا وهي تفعل اجلو يف نفوس اآلخرين الذي يتوجب عليهم أن يعيشوا
فيه».2
فاإلنسان ال يستطيع االستغناء عن الفضاء املكاين ،ففي الرواية جند قول الكاتبة «عاد إىل البيت بعد
انتهاءه من عشاء طويل ،كان متعبا من السفر واالجتماعات املتواصلة حىت املساء ،انتهت أعماله تقريبا لكنه
حيتاج إىل متديد إقامته لريتاح بعض الوقت يف باريس» ،3فالبيت ميثل "لطالل هاشم" مكان للراحة بعد جهد كبري
من العمل وقد جعله آخر حمطاته «عند منتصف الليل قرر العودة إىل البيت».4
أما بالنسبة "هلالة الوايف" فإن داللة البيت داللة مؤملة هلا ألهنا مرتبطة بوالدها وأخاها عندما زاروا عمها يف
فرنسا وهو ما كان له أ ثر كبري على احلالة النفسية هلالة عندما عادت لزيارة بيت عمها من دوهنما «عبثا هربت من
ذلك املنزل ،ال تريد أن ترى أطياف عالء ووالدها ...يف الصالون حول مائدة الطعام ،وخاصة ال تريد الرد على
تلك األسئلة اليت توقظ املواجع» ،5وأيضا «كانت سرتد بأهنا وحدها الذاكرة تطاردها ..كما يف هذا البيت».6
البيت بالنسبة لطالل هاشم ميثل له االستقرار والراحة ،خاصة أنه هو من يوضع تصاميم هندسية لبيوته
حيث تقول الكاتبة يف وصفها أحد بيوته «كما يف البيت الذي اشرتاه يف كان وأصر على أن يستحدث يف
1غاستون باشالر :مجاليات املكان ،تر :غالب مهسة ،املؤسسة اجلامعية للدراسات للنشر والتوزيع ،بريوت ،لبنان ،ط2994 ،2م ،ص .39
2حسن حبراوي :بنية الشكل الروائي ،املركز الثقايف العريب للنشر ،الدار البيضاء ،املغرب ،ط1009 ،1م ،ص .43
3أحالم مستغامني :األسود يليق بك ،ص .30
4املصدر نفسه ،ص .42
5املصدر نفسه :ص .92
6املصدر نفسه :ص ن.
79
تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا الفصل الثاني:
حديقته هضبة صخرية ينزل منها شالل اصطناعي يعرب حتتها جسر خشيب ،هو مهووس بالنوافر الرومانية
واألندلسية ،اجلدارية منها والدائرية ،حيتاج إىل هبجة منظرها وصوت خرير املياه كإحدى سيمفونيات الكون كي
املالحظ بأن البيوت تعرب عن أصحاهبا وعن املستوى املعيشي وهنا جند أهنا تدل على املستوى الراقي
الذي ينتمي إليه طالل يف وصف الكاتبة « أتوقع أن يكون بيتك فائق اجلمال ما دمت تفضله على بيت يف هذه
املنطقة» ،2وتقول أيضا «بينما راحت تتأمل الشقة يف أناقة أثاثها قليال واملنتقى بدوق عصري راق ،كل شيء
شفاف من الزجاج السميك الفاخر الطاوالت كما الرفوف تقف على أعمدة زجاجية بقواعد ذهبية ،حىت
الكراسي بلون عاجي غري مثقلة بالزخرفات ،إن ه فن الساحة ال شيء يثقل فضاء الرؤية ،والسجاد يبدو لوحة
حريرية بألوان ناعمة مدت على األرض» ،3وكذلك عند دخول "هالة" إىل شقة "طالل" املوجودة يف باريس
واندهاشها مبا رأته و ذلك ما يدل عليه هذا املقطع «للشقة مدخل خاص باخلدم ..يف البيت أربع غرف نوم
إن البيوت اليت ميتلكها "طالل هاشم" واألثاث املوجود فيها يدل على املستوى الراقي الذي ينتمي إليه
أما "هالة" على عكس "طالل" تركت بيتها يف قرية مروانة ،جمربة نظرا للظروف السياسية واألمنية اليت كانت
تعيشها اجلزائر آنذاك ،فقد كان بيتها املوجود يف سوريا كبديل للبيت اليت تركته يف اجلزائر ويتجلى ذلك من خالل
هذا املقطع «جاءت العمة حمملة مبا طلبت منها أمها ،إحضاره ،حاجات تعز عليها ،وما استطاعت محلها يوم
غادروا ،أشياء هلا قيمة عاطفية ،أما ما عداها ،فما عاد يعنيها ،لقد تركت البيت على حاله ألخي زوجها ،مثة
خسارات كبرية إىل حد ال خسارة بعدها تستحق احلزن ،قالت أمها وهي تأخذ قرارها :البيت برجاله ال جبدرانه
ومن كانوا يصنعوا هبجة البيت غادروه ،فما نفعه بعدهم ،كان عمها منصفا أىب إال أن يدفع مثن البيت مبا ادخر
من مال أثناء عمله يف فرنسا ،هكذا متكنوا من شراء شقة يف الشام» ،1نستخلص أن الظروف حتتم على
وخالل زيارهتا إىل فيينا إغتنمت الفرصة لشراء مقتنيات تذكارية لتزين هبا شقتها املوجودة ببريوت ولسوء
احلظ افرتقا قبل أن يزور شقتها ويتجلى ذلك من خالل هذا املقطع «استفادت من عودهتا قبله فأخذت يف
حقيبتها ما اشرتته من مقتنيات تذكارية ،متاثيل نصفية صغرية ألشهر موسيقي يف فيينا ،أرادت أن يراها ألول مرة
حني تزور شقتها يف بريوت ،فهي ما زالت تواظب على تأثيث تلك الشقة مقتطعة مبلغا شهريا لدفع إجيارها على
إن البيت يأخذ معناه وداللته الشاملة بإدراج صورة ساكنيه الذين يقطنون به ،فالبيت له معىن نفسي وهو ما يدل
وحبكم الصلة اليت تربط املكان بالشخصيات ،فالبيت هو العامل الذي حيقق لإلنسان الراحة النفسية.
نستخلص مما سبق أن البيت يف اخلطاب الروائي مل يعد جمرد شيء تزينه جمموعة من األثاث وأصبح للبيت داللة
بالتأثري اجلديل بني املكان والشخصية فالكاتبة جندها ركزت على البعد النفسي للشخصيات ،حيث ختتلف نظرة
1-2-2المطار.
إن املطار مكان يع ج باملسافرين من خمتلف اجلنسيات وقعت فيه الكثري من أحداث الرواية ،فقد قرر
البطل "طالل" أن ينتظر هالة يف مطار شارل ديغول وطلب منها أن تتعرف عليه وسط حشود املسافرين وهذا ما
يدل عليه هذا املقطع «إن مل يدلك قلبك علي فلن تريين أبدا ..وهذه القصة ال تستحق عندئذ أن تعاش».1
وعندما وصلت إىل املكان بدأت أحالمه تتهشم «وهو راح يتابع حريهتا أمام وجوه الرجال وهيئاهتم
تأملها من بعيد وقد استوقف نظرها رجل متنت أن يكون هو ،بادهلا الرجل بنفس النظرات عندما رآها حتدق فيه
لكن قبل أن تتوجه حنوه ،قادها حدسها إىل اختيار خاطئ آخر ..باملعايري اجلمالية ذاهتا» ،2ليس هو الوحيد اليت
حتطمت آماله بل حىت هالة « فما كاد هبو املطار أن يفرغ يف انتظار وصول الرحلة القادمة حىت رآها تغادر املطار
خائبة» ،3فهي مل تتوقع أن تقع يف فخ كهذا ،فهذا املكان ترك انطباعا حزينا لكال الطرفني وخاصة طالل.
يبدو أن مطار شارل ديغول مطار مشئوم ،أما مطار فيينا هو مطار املوسيقى ،فاملوسيقى هنا ليست من
الكماليات بل منط احلياة املوجودة يف كل مكان هناك «حطت يف مطار فيينا مشيا على سولفج األحالم ،كما لو
كانت تقفز على نوتات البيانو ،خبفة راقصة بايل» ،4وهذا املكان نفسه الذي التقت فيه بكمال ساري وعز
نستنتج أن الكاتبة وظفت األماكن املغلقة يف الرواية لتعطي للخطاب خصوصية مكانية وأن هناك تعدد
الفندق. 3-2-2
هو مكان يقيم فيه اإلنسان أثناء سفره من بلد آلخر وهو ما يدل عليه املقطع التايل« :سأرافقك إىل
الفندق لتجمعي حاجاتك» 5وأيضا «قبل مغادرة الفندق طلبت فاتورة إقامتها» 6وحبكم عمل هالة كمغنية فهي
دائما يف تنقل من بلد آلخر ،ففي تقدميها يف الفنادق «كنت أريد التأكد من وجود غرفة شاغرة هذا املساء تدرين
هذا الفندق هو أعرق فنادق باريس جلماله طلب أحد النبالء يف القرن 29أن يقضي فيه ليلته األخرية» 1ويف
وصف الروائية للفندق املوجود يف فيينا « أمام مبىن فخامة قصر عريق من الزمن اجلميل مطوقا باحلدائق ما توقعت
و «حجز جناحني متصلني بباب ،اجلناح من عدة صالونات وسرير ملكي شاسع ،ومغطس ومحام
دائري ،وستائر تنزل من علو مخسة أمتار أو أكثر» ،3وأيضا «توقف أمام كبري مبىن مزخرف بالنقوش الذهبية
دخال إىل قاعة عريقة تغطي جدراهنا املرايا واإلطارات الذهبية يعلوها سقف مزدان بالرسوم الزيتية ،تتدىل منه ثريات
ضخمة» ،4هذا يدل على أن طالل هاشم يعيش يف رفاهية وهلذا يويل عناية كبرية باألماكن اليت يكون فيها.
1-2األماكن المفتوحة.
إن األماكن املفتوحة تسمح لإلنسان التنقل بدون قيود وبكل حرية ،فاألماكن املفتوحة هي اليت تكون
متاحة للجميع.
1-2-5مروانة.
هي املكان الذي نشأت هالة فيه وتربت فيه ،يقع يف والية باتنة يف جبال األوراس اليت انطلقت منها شرارة
التحرير ،أهم ما مي ز هذه القرية أهلها الذي يتميزون بالغناء "بالناي" ويتجلى ذلك يف قول الروائية «لعل شجن
مروانة جاءها من (القصبة) اليت مل تعرف آلة سواها» ،5فالقصبة هي آلة البوح وذلك يف قوهلا «أدركت أن غناء
رجال مروانة كان امتداد ألنني الناي (القصبة) آلة البوح ال تكف عن النواح كطفل تائه عن أمه ،ويروي قصته
لكل من يستمع إليه فيبكيه» 6وهلذه اآللة داللة على حزن رجال أهل مروانة ،وكانوا يتنافسون على ذلك «إن
رجال مروانة يتجملون باحلزن ،يتنافسون على من حيتفي بالشجن أكثر ،فالشجن حزن متنكر يف طرب ذلك أن
الطبيعة جعلتهم قساة وعاطفيني» ،1وأثناء التعريف بقريتها تقول «مروانة اسم أنثوي كدندنة ،ختاله أغنية ،هي
صغرية وغري مرئية كنوتة موسيقية ،ال توجد على خرائط املدن اجلزائرية ،بل على خريطة السولفيج» .2كما جندها
تقول أيضا «مروانة ..يا لغرورها ،بلدة ختال نفسها بالدا ،فهي تعتقد أن مضارهبا تصل حيث يصل موهتا! ».3
متثل قرية مروانة املكان اليت ولدت فيه البطلة هالة وسنوات الصىب اليت عاشتها يف اجلزائر قبل االنتقال للعيش يف
الشام والسبب وراء هذا االنتقال هو الوضع األمين السائد يف اجلزائر يف تلك الفرتة وهي العشرية السوداء.
1-1-2الشام.
هو املكان الذي جلأت إليه هالة ووالدهتا خوفا عليها من اإلرهاب ،فضال عن كونه املكان الذي ولدت
وتربت فيه والدهتا اليت هي سورية األصل «إن إمرأة واقفة يف حلبة املالكمة دون أن حيمي ظهرها رجل ودون أن
تضع قفازات املالكم ،أو حتمل يف جيبها املنديل الذي يلقى إلعالن االستسالم ،احتمال اخلسارة غري وارد باملسبة
هلا ،لذا تفتح شجاعتها شهية الرجال على هزميتها هذا ما أخاف والديت وجعلها تصر على مغادرة اجلزائر إىل
الشام حبكم أهنا سورية» .4هذا نظرا لألوضاع املطربة اليت كانت تعيشها قرية مروانة آنذاك ،وعليه فالشام هو
امللجأ الوحيد هلالة ووالدهتا ويعترب صمام األمان بالنسبة هلم واالبتعاد من كل ما حيدث يف قرية مروانة.
3-1-2بيروت.
متثل هلالة بداية مشوارها الغنائي ،فلقد حظيت باهتمام كبري من طرف اإلعالم «بريوت حتبك ..لقد خصص
لك إعالمها استقباال مجيال ،صحيح ..أنا مدينة هلا بانطالقيت» 5فهو املكان الذي كانت تسجل فيه هالة
أغانيها وتطلق منها ألبوماهتا «سآيت إىل بريوت األسبوع القادم بدعوة من شركة اإلنتاج إلطالق ألبومي اجلديد».1
4-2-5القاهرة.
مكان ألول حفل تقيمه هالة يف مصر ،رغم عدم مساح والدهتا هلا بالسفر خوفا عليها «وصلتها دعوة إلقامة
حفل يف القاهرة ،راحت تفاوض والدهتا للسماح هلا بالسفر إىل مصر وكأهنا تفاوض على قضية الشرق األوسط،
ففي القاهرة ليس هلا أهل» .2ولقد كانت عائدات هذا العمل اخلريي إلنشاء مستشفى ألمراض السرطان ،وقبل
بداية هذا احلفل قام "طالل هاشم" بشراء كل البطاقات ليحضر احلفل وتغين له وحده ،كما أنه أول مكان تلتقي
فيه بطالل وتتحدث معه ،وبعد انتهاء احلفل ،أرسل إليها باقة ورد كعادته وكتب هلا عليها أنه يدعوها للعشاء،
وهي مل تكن تدري أنه نفس الشخص الذي غنت له وحده يف املسرح ،وبعد أن هيأت نفسها اجتهت حنو مركب
الباشا مكان الدعوة «ق صدت طاولة توقعت أنه كان سيختارها ،يف زاوية مجيلة تضيئها أنوار خارجية تتألأل على
4-1-2فيينا.
هي مكان هناية قصة "هالة الوايف" و"طالل هاشم" هذا بعد أن كان طالل قد دعاها للعشاء يف هذه املدينة
«أنتظرك هذا املساء للعشاء يف فيينا ..عندي لك مفاجأة مجيلة» ،4ولكون هذه أول مرة تزور فيها "هالة" هذه
املدينة ،سأهلا طالل عن األماكن اليت تريد زيارهتا «سأهلا يف الصباح ماذا تريد أن تزور فيينا.
أجابت :ليس يل أية فكرة عن هذه املدينة ،لكين شاهدت قلب سنوات فيلم "اإلمرباطور السيسي" أمتىن أن
أزور املكان الذي عاشت فيه ..وصوروا فيه الفيلم» 5وفيها كانت هناية القصة.
كما ذكرت الروائية عدة أماكن أخرى مثل :مدينة ميونيخ األملانية اليت أقامت فيها "هالة" حفل لفائدة الالجئني
املالحظ أن كل األماكن اليت ذكرت يف الرواية كانت هلا دور فعال يف حياة البطلة "هالة" وكان هلا تأثري على
نفسيتها وشخصياهتا.
سادسا :الوصف.
تستعني السارد بتقنية الوصف حينما يقوم يوصف إطار مكاين معني أو يف وصف لشخصيات روائية ،ليبقى
الوصف تعطيل لزمنية السرد لفرتة قد تطول أو تقصر الرواية حتتوي على نوعني من الوصف:
وهو الوصف الذي يقف السارد أمامه متأمال حقائقه وتفاصيله ومن أمثلة ذلك:
-وصف الكاتبة لغرفة هالة املوجودة يف الفندق حيث جاء وصفها سطحيا دون الغوص يف كل زواياه ،حيث
تقول الروائية « :الغ رفة على مجاهلا هي أصغر من أن يليق برجل حيجز قاعة بأكملها ،ليجلس على مقعد واحد
سلة الفواكه حتتاج إىل إعادة الرتتيب ،وضعت مكاهنا على الطاولة مزهرية ،كي تبدو الغرفة أمجل».1
-كما جند وصفها للحمام ب وصفه من ملحقات البيت ،واملكان الذي دائما جتدد فيه هالة هيئتها حيث تقول
« مث أسرعت إىل احلمام لتجدد هيئتها ،حني تذكرت أنه قد يدخل احلمام ويقع نظره على لوازم زينتها ...مجعت
كل شيء وأخفته داخل اخلزانة املوجودة حتت املغسلة» ،2وأيضا «فانسحبت على عجلة إىل احلمام جتدد هيئتها
-وصف الفندق املوجود يف فيينا حيث جندها تقول« :توقفت السيارة أمام مبىن يف فخامة قصر عريق من الزمن
اجلميل ،مطوقا باحلدائق ،ما توقعت أن يكون فندقا كان مهيبا جدا جعلها تراجع كل حركة تقوم هبا ،وهي جتتاز
بوابته الذهبية البالغة الفخامة» ،2وأيضا «جناحني متصلني بباب اجلناح ،شقة من عدة صالونات ،وسرير ملكي
-وصف الفندق املوجود يف باريس «كانت تطوقها اجلدران املذهبة ،ورأس السرير يف فخامته والسقف والثريات
والستائر».4
-وصف ألحد املطاعم الفاخرة اليت ميتلكها "طالل" «مطعم أقدامه يف البحر ،جدرانه أكواريوم تسبح فيه
األمساك بلوحات مبهجة ،أما األرضية فيتصورها كثبان رملية منخفضة ،تتناثر عليها األصداف املختلفة األشكال
-وصف املطبخ املوجود يف بيت "طالل" يف باريس والذي زارته "هالة" فكان وصفها له بقوهلا «كان الرباد
-وصف البالتو وهو املكان الذي أقيم فيه االحتفال بعيد احلب وكانت حلقة تلفزيونية عنه كاملة ،وحيث دعت
هالة من طرف معد الربنامج وهذا الوصف يتجلى يف هذا املقطع «بدا اجلو احتفاليا :قلوب محراء ،وسائد محراء
ورود محراء ،علب وهدايا بشرائح محراء ،هل األمجل من األسود لونا حيقد عليه األمحر قرانه يف عيد احلب!».7
2-6وصف الشخصيات.
-وصف هالة البطلة :فتاة هبية الطلعة ليست طويلة ،تبدو أنيقة يف معطف أسود «ويزينه شعرها املنسدل على
كتفيها».1
•وصفها عند صعودها إىل املسرح حيث تقول الساردة «بدأت الفرقة تعزف متهيدا لظهورها على املسرح ،مث
أطلت كبجعة سوداء داخل ثوب أسود من املوسلني لكأهنا (ماريا كالس) يف ثوب أوبرايل ،ال يزينه إال جيدها
العاري وشعر أسود مرفوع إىل األعلى ،إهنا الفتنة يف بساطتها العصية».2
-وصف طالل هاشم :رجل مخسيين ،أستاذ أدب مقارن ميلك سلسلة من املطاعم عنيد وصارم ال يقبل اهلزمية
متسلط ،كل ما يطلبه جيده حيث تقول الكاتبة «رجل مخسيين بابتسامة على مشارف الصيف» ،3صاحب إرادة
-وصف عم هالة يف هذا املقطع «فجأة طالت حليته ،وتغريت لغته ،واعتمد لباس األفغان».5
-وصف عالء أخو هالة ،كان وسيم ،حسن اخللق ،مهذب حيث جند خالتها تقول «يقربين شو طيب وشو
أرى بأن الوصف مل يتوفر بكثرة يف هذه الرواية على عكس العناصر األخرى املوجودة يف الرواية.
سابعا :الحوار.
لقد اكتسب احلوار أمهية خاصة تنطلق من كون الرواية نفسها رواية حوار ال رواية أحداث ،ذلك أهنا
تعتمد على السرد املعهود يف الفن الروائي ،بقدر ما يتخذ احلوار شكال تعبرييا عن األحداث ،وإذا كان دليل
السمة السردية ما يسرد الروائي يف النص الروائي ،فإن خطوة عامة إىل تدخالت الروائيني توقفنا عند حالة السرد
1
قياما إىل كثرة احلوارات.
إن احلوار هو وسيلة لتبادل األفكار واآلراء واملعلومات ويعد من أهم جماالت التعبري للوصول إىل
األهداف املنشودة وميكننا تعريف احلوار بأنه حمادثة بني طرفني أو أكثر تتبادل اآلراء واألفكار وتستهدف حتقيق
قدر أكرب من الفهم والتفاهم ( وهو ما يسمى باحلوار اخلارجي ) (dialogueوقد ال يقتصر احلوار يف العمل
القصصي أو الروائي على نوع واحد ،فاحلوار يف العمل الروائي أو القصصي على نوع واحد ،فاحلوار اخلارجي يتم
إجراءه بني اثنني أو أكثر من شخوص وهناك أيضا احلوار الداخلي أو املناجاة ) (monologueوهو حوار
الفرد مع ذاته ،وال يشرتط فيه أن يكون مسموع وإمنا يكتفي أحيانا باهلمس والتفكري والتذكر.
1-7الحوارات الخارجية.
«-مل تظهري يوما إال بثوبك األسود ..إىل مىت سرتتدين احلداد؟
-يوم أخذت قرار اعتالء املنصة ألول مرة ،هل توقعت جناحا كهذا؟
1حممد كرمي الكواز :علم األسلوب (مفاهيمه وتطبيقاته) ،احتاد كتاب العرب ،دمشق ،دط2999 ،م ،ص .24
89
تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا الفصل الثاني:
-هل تعتقد أن املرء أمام املوت يفكر يف النجاح؟ كل ما يريده هو أن ينجح يف البقاء على قيد احلياة ،ما أردته
هو أن أشارك يف احلفل الذي نظمه بعض املطربني يف الذكرى األوىل الغتيال أيب بأدائهم أغانيه.
-لقد غري هتديد األقارب سلم خماويف ،إن إمرأة ال ختشى القتلة ختاف جمتمعا يتحكم فيه محاة الشرف يف
رقابه».1
-حتما استفدت من تعاطف اجلمهور لكن العواطف اجلميلة وحدها ال تصنع جناح فنان ..األمر حيتاج إىل
مثابرة وإصرار».2
احلوار الذي جرى بني "هالة" و"طالل" الذي مجع بني صوهتما يف بداية الرواية عرب التلفون:
-ألو..
-أهال.
قالت:
-على أي مطار؟
-حسنا ..مثة رحالت من لندن كل ساعة تقريبا .سأغادر لندن حبيث أصل قبلك وأنتظرك هناك عند خمرج
الركاب القادمني.
ردت
-يف مجيع احلاالت لن يضيع أحدنا اآلخر ،فأنت تعرفين أليس كذلك؟
2
-إن مل يدلك قلبك علي فلن تريين أبدا ..وهذه القصة ال تستحق أن تعاش!»
-متام وهيد األخوت تبع الورد ..كيف طلع؟ إن شاء اهلل حلو؟
ردت باقتضاب:
-إيه حلو..
لو قالت أهنا مل تره ،لكان عليها أن حتكي نصف ساعة لتشرح ما حدث ،وهي على هاتف الفندق وسعر املكاملة
مضاعف.
-خالة عم بتصلي..
«قال ندير:
-أنا يف اجملاري ياخو ..أنت على األقل كنت يف اجلبل ،عندكم األكسجني فوق ..هنا نشفولنا حىت اهلوا.
ضحك ندير ،ال أحد سأله ماذا يفعل هذه األيام ،فأن تبقى على قيد احلياة يف حد ذاته فعل.
رد بتهكم:
-ياخو إذا كاره حياتك أقطع البحر مش تطلع للجبل ..عندك على األقل احتمال توصل للجنة ..وتعيش يف
رد اآلخر:
-أبوها هو اللي جتنن ...سبع ساعات ومها على احلمار جايني من الريف عشان أم كلثوم تغين يف احلوازة دي..
وملا وصلوا لقوا السراديق جاهز والكلوجات ضاوية والكراسي مصفوفة بس ماكنش فيه حد ..وال حىت العريس!
1
-كتبتها الست يف مذكراهتا»..
-كنت رائعة..
-أفهم أن األمر ما كان سهال ،ولكنها جتربة مجيلة ومثرية ،الغناء لشخص واحد!
ردت:
-ما كان شخصا ..إن من حيجز قاعة بأكملها ليستمع وحده إىل احلفل خيال نفسه إالها ،لذا كان ضربا من
-هذا أفضل من أفرط بنفسي ،أال ترين يف تصرف هذا الرجل غطرسة واضحة؟ حىت الورود اليت بعث يل هبا
-أكنت تريدنه أن جيثوا عند قدميك؟ إن الورود احلمراء ال حتتاج إىل بطاقة ،من الواضح أنه متيم ،يكفي ما
دفع ليستمع وحده إليك هذا تكرمي لن حتظ به على علمي مطربة عربية.
وأيضا:
-واهلل ال شيء.
«صاحت جنالء:
-ال! أكان هو إذا ذلك الرجل الذي هاتفين؟ كم مجيل أن ينتحل عاشق صفة ليفاجئ حبيبته!
-مل تكن مفاجأة بل "مفاجعة" غُ ِش َي علي وأنا أراه عند باب غرفيت ،يف ذلك الفندق البائس ،ليتك أخربتين
هباتفه.
-أهذا مأخذك عليه؟ أتدرين عاشقا بائسا كأولئك الذي تركتهم يف اجلزائر.
-احلمد هلل رانا يف رمحة ريب ..رجع لنا األمان يا هند يا أخيت ..ياريتك صربيت شوية.
-ما قدرتش انعيش مع اللي قتلوا وليدي وقتلوا راجلي ..لو قعدت هناك كنت مت وال قتلت حد.
-الناس كلهم صابرين ..واللي ما عندوش وين يروح واش يدير ..نوكلو عليهم ريب" يا قاتل الروح وين
تروح"!».2
قال:
«سعيد أن أصادفك جمددا ،أنا كمال ساري ،ألتقيتك يف املطار أتذكرينين؟ انتظرت مهاتفة منك ،خفت أن أفقد
3
االتصال بك»
-البارحة جئت على ذكرك مع صديقي ،فكرنا يف مشروع ميكن أن يهمك ،حسن أننا صادفناك هنا.
ابتهجت من هلجته أنه جزائري ،فقد حدثها يف املطار بالفرنسية عرفها بصديقه عز الدين.
-مسعت عنك كثريا ،يسعدين أن ألتقيك _واصل بلهجة جزائرية حمببة إىل قلبها_ -يعطيك الصحة يالفحلة
نتاعنا!
تنفست الصعداء عندما عرفت أهنما حضرا إىل هذا الفندق ملوعد خاص ليس أكثر قال:
«تبادلت مع املرأة كلمات جماملة ،وقبل أن يودعها أمدها الرجل اآلخر ببطاقته قال:
مل تعرف تلك الصوت ،لكنها تعرف تلك اللهجة الغالية على القلب ففي اجلزائر حيدث أن تنادي احلراير (الال).
ردت:
-أهال
-أغبطك ..ال تتدمر ..يف العمل اإلنساين على األقل ال تكافئ باجلحود ،ألنك ال تعمل لإلنسان بل لإلنسانية
املونولوج الداخلي فتفتح حبدث قدمي وتذكار هذا احلدث هو انطالق شرارة الرواية وانفتاح باب عاملها
التخيلي:
«لن يعرتف حىت لنفسه بأنه خسرها سيدعي أهنا من خسرت ،وأنه من أراد هلما فراقا قاطعا كضربة سيف قاطع
فهو يفضل على حضورها العابر غيابا طويال ،وعلى املتع الصغرية أملا كبريا ،وعلى االنقطاع املتكرر قطيعة
حامسة».2
املالحظ أن الكاتبة وظفت الكثري من احلوارات اخلارجية ،على عكس احلوار الداخلي الذي كان قليل
وشبه منعدم كما جند أن الكاتبة استخدمت تقنية احلوار اليت كانت هي السبيل لعرض األحداث ،فكل حدث
تقريبا من الرواية قائم على احلوار بني البطل والبطلة ،وبني الشخصيات األخرى داخل بنية اخلطاب السردي،
وتشد الروائية القراء لروايتها عن طريق عرض األحداث عرب احلوار الذي تعرب عن واقع العالقة بني الشخصني مما
يعزز يف النص حالة االرتياب وجنحت يف أخذ القارئ إىل عامل النص ،ليظل مرتدا طامعا إىل بلوغ حالة اليقني
طوال حركة السرد وامتداده ،حىت ليمكن القول إن الرباعة الفنية للروائية شكلت جانبا كبريا من أسرار إحكام
الن ص ويعود هذا إىل قدرة الروائية على اإلمساك خبيط املوازنة بني الضوء والعتمة ،وإبقاء ذهن القارئ متأرجحا بني
اللغة هي الوسيلة اليت يتعامل هبا الناس يف حياهتم اليومية ،وهي وسيلة األديب الوحيدة يف التعبري
وتوصيل األفكار ،وحتتل املرتبة األوىل يف النص األديب وخاصة الرواية ،حتقق االنسجام بني األسلوب واللغة كما
ميكن حتديد هوية الشخصية ،إذن فاحمليط العام للشخصية متوقف على حسن اإلجابة اللغوية ،كما أن البد
للعمل اإلبداعي الذي تتنوع بنيته اللغوية حيظى بقدرة إبداعية فائقة وترتقي قدرته بارتقاء تنوعها ،تتكثف لغة
الراوي وتنحو منحا شعريا يف الكثري من املواضع فيختلط األسلوب النثري باألسلوب الشعري ،فتصبح اللغة رصينة
وتعبريات قوية ،إن أسلوب الكاتب حيقق تأثريه من خالل بساطته ورشاقته ،مما جيعل القارئ حيس أن لغة الكاتب
أما لغة الرواية فهي لغة شعرية مرهفة باألحاسيس خمتلفة عن لغة األعمال األخرى والسيما الثالثية اليت
سبقت هذه الرواية ،فهناك اللغة أصعب من لغة "األسود يليق بك" ،وقد عرف عن الكاتبة أحالم اختياراهتا
وعند تشخيص لغة الرواية جندها تشخيص السهل املمتنع ذلك ملا امتلك من تركيب خطاب وتركيب
املنت احلكائي الذي يشكل ظاهرة ضمن نطاق عامل السرد التخيلي.
فالرواية إضاءة للحياة ومن ممارسة القراءة والتلقي انشغلت بتشخيص آليات اشتغال اللغة الواصفة وتبىن
وألن مستويات اللغة العربية ومنها العامية تعكس االنتماء للمجتمع البسيط فإن الكاتبة تبين احلوار
الواقعي املتعدد لشخصيات الرواية عليها يف أكثر من مقام سردي يضفي عليه خصوصية حملية نشم من خالهلا
رائحة االنتماء فتقول« :نصرية تسلم عليك بزاف ...طلبت مين تلفونك واش نعطيهوهلا؟ باملناسبة ..قالت يل
باللي مصطفى تزوج من أستاذة جاءت جديدة للمدرسة وطلب نقلهم للتدريس يف باتنة».1
هدى تقول حد دعا عليها دعوة شر! يرحم باباك كاين واحد يروح يعمل يف التلفزيون واإلرهابيون كل أسبوع
يقتلون صحايف؟! يا خويا حتب األضواء بزاف" ..مضروبة عليها" خليها متوت حتت األضواء».2
ناوي على اهلربة ما يسلكين غري البحر ،كاين بزاف راحوا وراهم يف اسبانيا لباس عليهم».3
تبين أحالم مستغامني الشكل الفين للرواية على التناص و تداخل األجناس ألهنا تتقن صناعة الكلمة
الشعرية لرتتقي بلغة الكتابة الروائية إىل مستوى مجايل تربهن فيه على إذابة احلدود الومهية يف صناعة الكلمة
األدبية ،تلك الكلمة اخلال قة للتوازن الروحي والفكري يف عامل ال يعرتف إال باملادة واإلنتاج املادي ،إهنا تستحضر
رموز الرواية والشعر يف عصور األلق والتنوير ،وبصمة الكلمة اجلميلة لتكتب عن فنية الفن تذكر من رواسب ذاكرة
قراءة كتب مكتبة أبيها "دوستفسكي ومريابو بودلري" وغريهم الكثريون من عامل الشعر والفن والرسم واملوسيقى
لتعلن عن مذهبها الفين ،وهو ال حدود له بني األجناس والفنون وحدها الرواية مبرونتها تستوعب الكل ،هكذا
وضفت مستويات عديدة للغة فحاورت شخوصها وحاورتنا بتجربة روائية خمتلفة توصلت فيها بوسائل فنية ال
تتقنها إال قرحية املرأة وللمرأة أيضا لغتها وبصمتها التحديدية للرواية.4
أرى بأن اللغة لغة واقعية يف رواية "األسود يليق بك" للكاتبة الروائية اجلزائرية "أحالم مستغامني" قد
فتحت أفق اللغة على التأويل بلغة الرجل عن املرأة ،إذا فاللغة مشحونة بتوظيف مستويات اللغة الروائية مما جيعلها
مدونة خصبة ملثل هذا التمثل الذي يصنف به أدبية الرواية املعاصرة.
إن النص الروائي عن النص الشعري بكونه جيسد البيانات اإلجتماعية ،بشكل أوضح من خالل بعده
النثري وخلقه لعامل اجتماعي متخيل يتعامل مع العامل االجتماعي املعاش ،وجتسد "أحالم مستغامني" يف رواية
"األسود يليق بك" .اجملتمع اجلزائري الذي تنحدر منه البطلة "هالة الوايف" فهو جمتمع حمافظ يقدس العادات
والتقاليد وهذا يكون يف بعض األحيان عائقا للمرأة وحيد من حريتها وال ميكنها جتاوزه ،فهي تعلم متاما أن قوانني
هذا اجملتمع ال تسامح من يتجاوز هذه القوانني ،وهذا ما جنده يف كالم "هالة" «لقد غري هتديد األقارب سلم
خماوف ،إن املرأة ال ختشى القتلة ختاف جمتمعا يتحكم الشرف يف رقابته ،مثة إرهاب معنوي يفوق جرائم
اإلرهابيني ...تصور حني وقفت على اخلشبة ألول مرة كان خويف من أقاريب يفوق خويف من اإلرهابيني أنفسهم
فرغم حماربة ومواجهة هالة لإلرهاب ،إال أهنا ال تستطيع مواجهة جمتمعها ألن خوفها من أقارهبا يتعدى
خوفها من اإلرهاب.
ويف تلك الفرتة انتشر اإلرهاب بكثرة يف اجلزائر ومسيت هذه الفرتة بـ"سنوات اجلمر" أو بـ'العشرية السوداء"
وكان هلا تأثريا وواضحا على اجملتمع اجلزائري وباألخص فئة الشباب ،فخلفت هذه العشرية نسبة من اجلزائريني
الذين يعانون من اضطرابات نفسية وهذا ما جنده يف هذا املقطع «أتدرين أن نسبة اجلزائريني الذين يعانون من
االضطرابات النفسية أو العقلية ،تتجاوز حسب آخر االحصاءات 10 %حنن منلك بدون منازع أكرب مؤسسة
إلنتاج اجلنون» ،1واملالحظ أن الظروف تركت آثار واضحة يف نفوس اجلزائريني أوصلت الكثري إىل حافة اجلنون.
«ما الذي خيرج املرء من صوابه غري أن لصوصا فوق احملاسبة ..ينبهون وال يشبعون يضعون يديهم يف جيبك
وخيطفون اللقمة من فمك ،وال يستحون ،إنه القهر والظلم واحلقرة ما أوصل الناس إىل اجلنون ،إذا فقد اجلزائري
كرامته فقد صوابه ،ألنه ليس مربجما جينيا التأقلم مع اإلهانة ،كيف تريدين أن تزوج وأجنب أوالدا يف عامل خمتال
كهذا؟» 2يتبادر يل بأنه مل يعد مبقدور اجلزائري العيش كغريه مرتاح البال ،فقد أخذوا منه اهلدوء ،األمن ،مستقبله
ومظاهر احلقرة جعلت الكثريين يفقدون صواهبم لعلمهم بذلك سيعيشون واقعهم املرير الذي يعيشونه.
إن الروائية أحالم مستغامني يف روايتها حتاول أن جتسد مرحلة حرجة من تاريخ اجملتمع اجلزائري ،ألن
"هالة" شاهد حي على التحول االجتماعي يف فرتة السبعينات كما حتاول أحالم يف هذه الرواية أن ترسم صورة
المرأة عربية ثائرة على واقعها حماولة تغيريه ،فتنجح يف حتقيق ذلك بالتخلص من سيطرة اإلرهاب الفكري عليها
وحينما تقرأ الرواية أحيانا ستشعر حبضور قوي للمجتمع اجلزائري ،لكن يف أحيان كثرية نالحظ غياب كلي له
فنشعر بوجود أحداث روائية تبحث عن مربرات واقعية تربر كل األحداث ،ومبا أن الرؤية واضحة متكن الكاتب
من فهم وإدراك الواقع االجتماعي ،فإن الوعي أداة فاعلة يكتسبها اإلنسان من ذاته وواقعه الطبقي ،وهالة يف
الرواية متتلك حضورا حمليا للواقع ،فهي ليست جمرد أداة أو وسبة يف يد الروائية ،إذ جند كل األحداث اليت تقوم هبا
هالة الوايف مربرة ،كما أن هالة شابة متعلمة ومثقفة تعي متاما موقعها الطبقي.
ففي الرواية نالحظ وجود ذلك التفاوت االجتماعي بني عامل األغنياء وعامل الفقراء ،وهالة كانت مدركة
متاما لذلك التناقض املوجود بني عاملها وعامل طالل ،فنجدها أحيانا يف حالة تأقلم وتكيف مع عاملها اجلديد
الذي أقحمها فيها طالل وأحيانا أخرى يف حالة الالتكيف لكنها حتاول دائما التكيف مع واقعها اجلديد وفق
معطيات حياة جديدة ،وقيم وعالقات ختتلف كليا عن القيم والعالقات اليت حتكم أناس الطبقة الفقرية.
103
ﺧﺎﺗﻤﺔ
خاتمة
إن الرواية كجنس أديب له خصائص متيزه عن باقي األجناس األخرى ،ولقد حاولنا يف هذه الدراسة
استثمار األسلوبية يف اجلنس الروائي للكشف عن مدى أصالة األسلوبية يف الرواية فتوصلنا من خالل هذا
-األسلوبية وليدة الدراسات اللسانية ألن األسلوب حتليل لغوي موضوعه األسلوب وشرطه املوضوعية.
-األسلوبية هي علم يتميز بتعدد فروعه واجتاهاته ومن أبرز اجتاهاته :التعبريية ،التكوينية (أسلوبية
-التحليل األسلويب بقوم بدوره على مستويات تتجسد علي مستوى النص األديب وذلك ملا حيتوي عليه من
قيم مجالية ورواية" األسود يليق بك" خري مثال على ذلك.
-خلصت هذه الدراسة يف اجملال النظري إىل أن األسلوبية ال ميكن بأي حال من األحوال جتاهل العناصر
-توظيف الكاتبة للمقوالت الشهرية مما يكشف لنا املوسوعة الثقافية للكاتبة.
-اعتماد الكاتبة على احلاضر مع العودة إىل املاضي من حني آلخر وذلك لربط احلاضر باملاضي.
-استعمال الكاتبة للحوار بكثرة يف الرواية ألهنا وظفت احلوار يف العديد من صفحات الرواية.
-تنوعت الشخوص الروائية من رئيسية وثانوية ،هامشية سامهت يف تطور أحداث الرواية.
105
ﻣﻠﺤﻖ
ملحق
107
ملحق
-مسيت باملرأة العربية األكثر متيزا سنة 5001م ،وقد مت اعتبارها من بني 180مرشحة من قبل مركز دراسات
املرأة العربية يف باريس /ديب ،نالت وسام الشرف من الرئيس اجلزائري عبد العزيز بوتفليقة سنة 5001م.
-تلقت وسام التقدير واالمتنان من مؤسسة الشيخ عبد احلميد بن باديس يف قسنطينة سنة 5001م.
108
اﻟﻤﺼﺎدر
واﻟﻤﺮاﺟﻊ
ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ
-1اﻟﻤﺼﺎدر.
-2اﻟﻤﺮاﺟﻊ.
-2إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻋﺒﺎس :اﻟﺮواﻳﺔ اﳌﻐﺎرﺑﻴﺔ اﳉﺪﻟﻴﺔ اﻟﺘﺎرﳜﻴﺔ واﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﻴﺸﻲ )دراﺳﺔ ﰲ ﺑﻨﻴﺔ اﳌﻮﺿﻮع( ،اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ
-3إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﳏﻤﻮد ﺧﻠﻴﻞ :اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﰊ اﳊﺪﻳﺚ ،دار اﳌﺴﲑ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،ط2003 ،1م.
-4أﲪﺪ اﻟﺸﺎﻳﺐ :اﻷﺳﻠﻮب دراﺳﺔ ﺑﻼﻏﺔ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﻷﺻﻮل اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻷدﺑﻴﺔ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ ،ط8
1991م.
-5أﲪﺪ دروﻳﺶ :دراﺳﺔ ﰲ اﻷﺳﻠﻮب ﺑﲔ اﳌﻌﺎﺻﺮ واﻟﱰاث ،دار ﻏﺮﻳﺐ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ و اﻟﻨﺸﺮ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة) ،د.ط(
)دت(.
-6أﲪﺪ ﻳﻮﺳﻒ :اﻟﻘﺮاءة اﻟﻨﺴﻘﻴﺔ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺒﻨﻴﺔ وﺳﻠﻄﺔ اﶈﺎﻳﺜﺔ ،ﻣﻨﺸﻮرات اﻻﺧﺘﻼف ،ج ،1ط2003 ،1م
-7إدرﻳﺲ ﺑﻮدﻳﺒﺔ :اﻟﺮؤﻳﺔ واﻟﺒﻨﻴﺔ ﰲ رواﻳﺔ اﻟﻄﺎﻫﺮ وﻃﺎر ،ﺳﺤﺐ اﻟﻄﺒﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﻴﺶ ،اﳉﺰاﺋﺮ ،دط
2007م.
-8أم اﳋﲑ ﺟﺒﻮر :اﻟﺮواﻳﺔ اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ اﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،دار ﻣﻴﻢ ﻟﻠﻨﺸﺮ ،اﳉﺰاﺋﺮ ،ط2013 ،1م.
110
ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ
-9ﺑﺸﲑ ﺗﺎورﻳﺖ :اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﰲ ﺿﻮء اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﳌﻌﺎﺻﺮ و اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ )دراﺳﺔ اﻷﺻﻮل
-10ﺣﺴﻦ ﲝﺮاوي :ﺑﻨﻴﺔ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺮواﺋﻲ ،اﳌﺮﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﰲ اﻟﻌﺮﰊ ﻟﻠﻨﺸﺮ ،اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ،اﳌﻐﺮب ،ط2009 ،2م.
-11ﺣﺴﻦ ﻧﺎﻇﻢ :اﻟﺒﲎ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ،اﳌﺮﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﰲ اﻟﻌﺮﰊ ،اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء-اﳌﻐﺮب ،ط2002 ،1م.
-12ﺧﻮﻟﺔ ﻃﺎﻟﺐ إﺑﺮاﻫﻴﻢ :ﻣﺒﺎدئ ﰲ اﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎت ،دار اﻟﻘﺼﺒﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ ،اﳉﺰاﺋﺮ ،ط2000، 1م
-13زﻫﺮة ﻛﻤﻮن :اﻟﺸﻌﺮي ﰲ رواﻳﺎت أﺣﻼم ﻣﺴﺘﻐﺎﳕﻲ ،دار اﻟﺼﻤﺪ ﻟﻠﻨﺸﺮ و اﻟﺘﻮزﻳﻊ ،ﺞ ﺻﻔﺎﻗﺺ ،ﺗﻮﻧﺲ
-14اﻟﺸﺮﻳﻒ ﺣﺒﻴﻠﺔ :ﺑﻨﻴﺔ اﳋﻄﺎب اﻟﺮواﺋﻲ )دراﺳﺔ ﰲ رواﻳﺎت ﳒﻴﺐ اﻟﻜﻴﻼﱐ ( ،ﻋﺎﱂ اﻟﻜﺘﺎب اﳊﺪﻳﺚ ،أرﻳﺪ
-15ﺷﻜﺮي ﻋﻴﺎد :ﻣﺪﺧﻞ إﱃ ﻋﻠﻢ اﻷﺳﻠﻮب ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﳉﱪة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ط1992 ،2م
-16اﻟﺼﺎدق ﻗﺴﻮﻣﺔ :ﻧﺸﺄة اﳊﺲ اﻟﺮواﺋﻲ ﺑﺎﳌﺸﺮق اﻟﻌﺮﰊ ،دار اﳉﻨﻮب ﻟﻠﻨﺸﺮ ،ﺗﻮﻧﺲ ،ط2001 ،2م.
-17ﺻﺎﱀ ﺑﻠﻌﻴﺪ :ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻈﻢ ،دار ﻫﻮﻣﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،اﳉﺰاﺋﺮ ،ط2009 ،3م.
-18ﺻﻼح ﻓﻀﻞ :ﻋﻠﻢ اﻷﺳﻠﻮب ﻣﺒﺎدﺋﻪ وإﺟﺮاءاﺗﻪ ،دار اﻟﺸﺮوق ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ط1998 ،1م.
-19ﺻﻼح ﻓﻀﻞ :ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﻨﻘﺪ اﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﻣﲑﻳﺖ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ط 2002 ،1م.
-20ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم اﳌﺴﺪي :اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ واﻷﺳﻠﻮب ،اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب ،ﻃﺮاﺑﻠﺲ-ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ط) ،3دس(.
-21ﻋﺒﺪ اﳌﺎﻟﻚ ﻣﺮﺗﺎض :ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺮواﻳﺔ ،اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﺴﺮد ،اﻠﺲ اﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب
-22ﻋﺪﻧﺎن ﺑﻦ ذرﻳﻞ :اﻟﻠﻐﺔ واﻷﺳﻠﻮب ،دار اﺪ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،ﻋﻤﺎن-اﻷردن ،ط2006 ،2م.
111
ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ
-23ﻋﺪﻧﺎن ﺑﻦ ذرﻳﻞ :اﻟﻨﺺ واﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﺑﲔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻖ )دراﺳﺔ( ،ﻣﻨﺸﻮرات اﲢﺎد اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮب ،دط
2000م.
-24ﻋﻠﻲ ﻋﺰت :اﻻﲡﺎﻫﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ وﲢﻠﻴﻞ اﳋﻄﺎب ،ﺷﺮﻛﺔ أﺑﻮ اﳍﻮل ﻟﻠﻨﺸﺮ ،دار ﻧﻮﺑﺎر
-25ﻓﺘﺢ اﷲ أﲪﺪ ﺳﻠﻴﻤﺎن :اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻣﺪﺧﻞ ﻧﻈﺮي ودراﺳﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻷدب ،اﻟﻘﺎﻫﺮة) ،د.ط(2004 ،م
-26ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﳌﻄﻠﺐ :اﻟﺒﻼﻏﺔ واﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ،اﻟﺸﺮﻛﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة-ﻣﺼﺮ ،ط1994 ،1م.
-27ﳏﻤﺪ ﻋﺰام :اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻧﻘﺪﻳﺎ ،ﻣﻨﺸﻮرات وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،دﻣﺸﻖ ،ﺳﻮرﻳﺎ )د ط( 1989،م
-28ﳏﻤﺪ ﻛﺮﱘ اﻟﻜﻮاز :ﻋﻠﻢ اﻷﺳﻠﻮب )ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﺔ وﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻪ( ،اﲢﺎد ﻛﺘّﺎب اﻟﻌﺮب ،دﻣﺸﻖ) ،د ط( 1989،م.
-29ﻣﻨﺪر ﻋﻴﺎﺷﻲ :ﻣﻘﺎﻻت ﰲ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ،ﻣﻨﺸﻮرات اﲢﺎد ﻛﺘّﺎب اﻟﻌﺮب ،ط1990، 1م.
-30ﻣﻨﺬر ﻋﻴﺎﺷﻲ :اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ وﲢﻠﻴﻞ اﳋﻄﺎب ،ﻣﺮﻛﺰ اﻹﳕﺎء اﳊﻀﺎري ﻟﻠﻨﺸﺮ ،ط2002 ،1م.
-31ﻣﻮﺳﻰ رﺑﺎﺑﻌﺔ :اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻬﺎ وﲡﻠﻴﺎﺎ ،دار اﻟﻜﻨﺪي ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،اﻷردن ،ط2003 ،1م.
-32ﻧﻮاف أﺑﻮ ﺳﺎري :اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺘﺎرﳜﻴﺔ ﻣﻮﻟﺪﻫﺎ وأﺛﺮﻫﺎ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻌﺮﰊ ،ﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ
دط2003 ،م.
اﻟﺴﺪ :اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ و اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﳋﻄﺎب ،دار اﳍﻮﻣﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ و اﻟﻨﺸﺮ و اﻟﺘﻮزﻳﻊ،اﳉﺰاﺋﺮ ،ج ،1ط1
-33ﻧﻮر اﻟﺪﻳﻦ ّ
2010م.
-34اﳍﺎدي اﳉﻠﻄﻼوي :ﻣﺪﺧﻞ إﱃ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﺗﻨﻈﲑا و ﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ،اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ،اﳌﻐﺮب ،ط 1992 ،1م.
-35واﺳﻴﲏ اﻷﻋﺮج :اﲡﺎﻫﺎت اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ اﳉﺰاﺋﺮ ،ﲝﺚ ﰲ أﺻﻮل اﻟﺘﺎرﳜﻴﺔ واﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺮواﻳﺔ اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ
112
ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ
-36ﻳﻮﺳﻒ أﺑﻮ اﻟﻌﺪوس :اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ اﻟﺮؤﻳﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ،دار اﳌﺴﲑة ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ واﻟﻄﺒﺎﻋﺔ ،ﻋﻤﺎن-اﻷردن ،ط1
2007م.
-37ﻳﻮﺳﻒ وﻏﻠﻴﺴﻲ :إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﳌﺼﻄﻠﺢ ﰲ اﳋﻄﺎب اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﻟﻌﺮﰊ اﳉﺪﻳﺪ ،اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم اﳉﺰاﺋﺮ
-38ﻳﻮﺳﻒ وﻏﻠﻴﺴﻲ :ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﰊ ،ﺟﺴﻮر ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،اﳉﺰاﺋﺮ ،ط2007 ،1م.
اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺘﺮﺟﻤﺔ.
-1ﺑﲑ ﺟﲑو :اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﺗﺮ :ﻣﻨﺪر ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﻣﺮﻛﺰ اﻹﳕﺎء اﳊﺼﺎري ،ﺣﻠﺐ –ﺳﻮرﻳﺎ ،ط1994 ، 2م.
-2ﺟﺎن ﻛﻮﻫﻦ :ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺗﺮ :ﳏﻤﺪ اﻟﻮاﱄ وﳏﻤﺪ اﻟﻌﻤﺮي ،دار ﺗﻮﻳﻔﺎل ﻟﻠﻨﺸﺮ ،ط1986 ،1م.
-3ﺟﲑار ﺟﻨﻴﺖ :ﺧﻄﺎب اﳊﻜﺎﻳﺔ ،ﺗﺮ :ﳏﻤﺪ ﻣﻌﺘﺼﻢ ﻋﺒﺪ اﳉﻠﻴﻞ ،اﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﳍﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻄﺎﺑﻊ
-4روﺟﺮب ﻣﻴﻜﻞ :ﻗﺮاءة اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﺪﺧﻞ إﱃ ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﺘﻔﺴﲑ ،ﺗﺮ :ﺻﻼح رزق :دار اﻟﻐﺮﻳﺐ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻣﺼﺮ
-5ﻏﺎﺳﺘﻮن ﺑﺎﺷﻼر :ﲨﺎﻟﻴﺎت اﳌﻜﺎن ﺗﺮ :ﻏﺎﻟﺐ ﳘﺴﺔ ،اﳌﺆﺳﺴﺔ اﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،ﺑﲑوت-
-6ﻓﻴﻠﻲ ﺳﺎﻧﺪرس :ﳓﻮ ﻧﻈﺮﻳﺔ أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﺗﺮ :ﺧﺎﻟﺪ ﳏﻤﺪ ﲨﻌﺔ ،دار اﻟﻔﻜﺮ ﺑﺪﻣﺸﻖ ،ط2003 ،1م.
-7ﻫﻨﺮﻳﺶ ﺑﻠﻴﺖ :اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﳓﻮ ﳕﻮذج ﺳﻴﻤﺎﺋﻲ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﺺ ﺗﺮ :ﳏﻤﺪ اﻟﻌﻤﺮي ،ﺑﲑوت ﻟﺒﻨﺎن) ،د ط(
1999م.
113
ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ
اﻟﻤﻌﺎﺟﻢ.
-1إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣﺼﻄﻔﻰ :ﻣﻌﺠﻢ اﻟﻮﺳﻴﻂ ،ﳎﻤﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻌﺠﻤﺎت ،اﳌﻜﺘﺒﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ
-2إﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب :دار اﻟﺼﺎدر ،ﺑﲑوت-ﻟﺒﻨﺎن ،ﻣﺞ ،7ط ،4دس.
-3ﺑﻄﺮس اﻟﺒﺴﺘﺎﱐ :ﳏﻴﻂ اﶈﻴﻂ ،ﻗﺎﻣﻮس ﻋﺼﺮي ﻣﻄﻮل ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،دار اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑوت-ﻟﺒﻨﺎن ،ج4
ط2009 ،1م.
-4ﻳﻮﺳﻒ ﳏﻤﺪ رﺿﺎ :ﻣﻌﺠﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ واﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻟﺒﻨﺎن ﻧﺎﺷﺮون ،ط2007 ،1م.
اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ.
-1ﺑﺪاش ﺣﻨﻴﻔﺔ :رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﻴﺴﱰ ﺑﺎﻟﻌﻨﻮان :اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ وﻣﻮاﻗﻌﻬﺎ ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﺒﻴﺎن ﰲ رواﺋﻊ اﻟﻘﺮآن ﻟﺘﻤﺎم
-2ﺣﺴﻴﺒﺔ ﺑﻮاﻟﺮواﻳﺢ وﺳﻔﻴﺎن ﺻﻮﻛﻮ :ﻣﺬﻛﺮة ﻣﻜﻤﻠﺔ ﻟﻨﻴﻞ ﺷﻬﺎدة اﳌﺎﺳﱰ ﺑﻌﻨﻮان " دﻳﻮان رﺳﺎﻟﺔ اﳊﺐ" ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ
اﷲ ﻋﻴﺴﻰ ﳊﻴﻠﺢ ،دراﺳﺔ أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺼﺪﻳﻖ ﺑﻦ ﳛﻲ ،ﺟﻴﺠﻞ ،ﻋﺎم 2016م 2017-م.
-3ﻋﺒﺪ اﻟﻐﺎﱐ ﻧﺎﺻﺮي :ﻗﺼﻴﺪة "ﺳﺮﺣﺎن ﺑﺸﺮب اﻟﻘﻬﻮة ﰲ اﻟﻜﺎﻓﻴﺘﲑﻳﺎ ﶈﻤﻮد دروﻳﺶ" ،دراﺳﺔ أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ،ﻣﺬﻛﺮة
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻨﻴﻞ ﺷﻬﺎدة اﳌﺎﺳﱰ ﰲ اﻷدب و اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻛﻠﻴﺔ اﻷدب و اﻟﻠﻐﺎت ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ ،ﺑﺴﻜﺮة
2016-2015م
اﻟﻤﺠﻼت.
114
ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ
اﻟﻤﻮاﻗﻊ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ.
w.w.w.mahwar.org.com-1
https/agialpress.com-2
115
ﻣﻠﺨﺺ اﻟﺒﺤﺚ:
ﺗﻄﻮرت اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻷدﺑﻴﺔ ﺗﻄﻮرا ﻛﺒﲑا ﰲ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻋﺪﻳﺪة ﻳﺄﰐ ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﺗﻄﻮر
ﻋﻠﻮم اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ،وﻋﻠﻢ اﻷﺳﻠﻮب ﻳﻌﺪ ﺻﻮرة ﳍﺬا اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻜﺒﲑ اﻟﺬي ارﺗﺒﻂ ﺑﺪراﺳﺔ اﳋﻄﺎب اﻷدﰊ،
وﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ ﻻ ﻏﲎ ﻋﻨﻪ ﰲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ ،وﻟﻌﻞ أﻫﻢ ﻫﺬﻩ اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ وأﻛﺜﺮﻫﻢ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎ ﰲ
اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳌﻌﺎﺻﺮة ،ﳒﺪ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻨﻘﺪ اﻷﺳﻠﻮﰊ ﻫﺬا اﳌﻨﻬﺞ ﺑﺪورﻩ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺠﲔ اﻟﻮﺻﻔﻲ
واﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ﻛﺈﺟﺮاﺋﲔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﳌﻘﺎرﺑﺔ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ.
اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻤﻔﺘﺎﺣﻴﺔ: