You are on page 1of 120

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة محمد الصديق بن يحي‪-‬جيجل‪-‬‬

‫قسم اللغة واألدب العربي‬ ‫كلية اآلدب واللغات‬

‫الرقم التسلسلي‪....:‬‬

‫عنوان المذكرة‪:‬‬

‫"رواية األسود يليق بك" ألحالم مستغانمي‬


‫‪-‬دراسة أسلوبية‪-‬‬

‫مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في اللغة واألدب العربي‬


‫تخصص‪ :‬أدب جزائري‪.‬‬
‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبتين‪:‬‬
‫*أحمد موهوب‬ ‫*ريمة مغالوي‬
‫*سناء طيغة‬
‫أعضاء لجنة المناقشة‪:‬‬
‫أ‪ .‬يوسف معاش‪................................................................‬رئيسا‪.‬‬
‫أ‪ .‬حناشي نجيم‪ ..............................................................‬مناقشا‪.‬‬
‫أ‪ .‬أحمد موهوب‪.........................................................‬مشرفا ومقررا‪.‬‬

‫السنة الجامعية‪8102 :‬م‪8102/‬م‬

‫‪0342‬ه‪0331/‬ه‬
‫و‬
‫>> اﻟﺤﻤﺪ ﷲ اﻟﺬي ﻫﺪاﻧﺎ ﻟﻬﺬا‪ ،‬وﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻟﻨﻬﺘﺪي ﻟﻮ ﻻ أن ﻫﺪاﻧﺎ اﷲ <<‬
‫ﻗـﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‪ :‬ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺸﻜﺮ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺸﻜﺮ اﷲ‬
‫ﻧﺘﻘﺪم ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ اﻟﺠﺰﻳﻞ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ أو ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ وﻧﺨﺺ‬
‫ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﻤﺸﺮف "أﺣﻤﺪﻣﻮﻫﻮب" اﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺧﻄﻮات ﻋﻤﻠﻨﺎ‬
‫وﺗﻘﺪﻳﺮا ﻣﻨﺎ ﻟﻪ وإﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﻌﻄﺎﺋﻪ‪ ،‬واﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺒﺨﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﺎﺗﻪ ﻃﻴﻠﺔ إﻧﺠﺎز ﻫﺬﻩ‬
‫اﻟﻤﺬﻛﺮة‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻧﺘﻘﺪم ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ اﻟﺠﺰﻳﻞ إﻟﻰ ﻛﻞ أﺳﺎﺗﺬة ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻠﻐﺎت ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﺟﻴﺠﻞ وﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﻮﻇﻔﻲ ﻋﻤﺎل اﻹدارة وﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻨﺎ وﻣﺪﻧﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ إﺛﺮاء ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ‪.‬‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫احلمد هلل الذي نستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعود باهلل من شر أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل‬

‫فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن حممدا عبده‬

‫ورسوله أما بعد‪:‬‬

‫فإن خري احلديث كتاب اهلل‪ ،‬وخري اهلدي هدى حممد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وشر األمور حمدثاهتا وكل‬

‫حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة يف النار‪.‬‬

‫تطورت املناهج األدبية تطورا كبريا يف العصر احلديث وكان هذا التطور نتيجة لعوامل عديدة يأيت على رأسها‬

‫تطور علوم اللغة واللسانيات احلديثة‪ ،‬وعلم األسلوب يعد صورة هلذا التطور الكبري الذي ارتبط بدراسة‬

‫اخلطاب األديب‪ ،‬وهو منهج ال غىن عنه يف الدراسات النقدية احلديثة‪ ،‬ولعل أهم هذه املناهج النقدية وأكثرها‬

‫استخداما يف الدراسات النقدية العربية املعاصرة جند منهج النقد األسلويب‪ ،‬هذا املنهج بدوره يرتكز على‬

‫منهجني الوصفي والتحليلي كإجراءين لتحقيق املقاربة األسلوبية‪ ،‬وعليه كان هذا البحث حماولة اقرتاب من‬

‫هذا املنهج وتطبيقه يف رواية "األسود يليق بك" للكاتبة اجلزائرية املتميزة "أحالم مستغامني" ‪ ،‬ويف هذه الدراسة‬

‫حاولنا أن جنيب عن بعض األسئلة‪:‬‬

‫‪ -‬ما هو األسلوب واألسلوبية؟‬

‫‪ -‬ما هي مبادئ واجتاهات وخصائص األسلوبية؟‬

‫‪ -‬ما هي مستويات التحليل األسلويب؟‬

‫‪ -‬ما الذي مييز رواية "األسود يليق بك" عن غريها من التجارب الروائية احلديثة؟‬

‫‪ -‬ما الذي مييز النص الروائي عن باقي النصوص األخرى؟‬

‫وسنحاول من خالل هذا البحث أن جنيب عن هذه اإلشكاليات جاهدين على أن تكون الدراسة‬

‫موضوعية بعيدة عن امليوالت العاطفية‪ ،‬ولقد كان الدافع الختيار هذا املوضوع هو دافع ذايت وذلك لرغبتنا‬

‫أ‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫امللحة يف خوض دراسة يف مثل هذا النوع نظرا الحتوائها على الرباعة الفنية‪ ،‬أما الدافع املوضوعي فيتمثل يف‬

‫حماولة الوصول إىل معرفة مدى أصالة األسلوبية يف الرواية ومدى قدرهتا على التأثري يف املتلقي كوهنا جنس أديب‬

‫تتعايش فيه أجناس أدبية أخرى‪.‬‬

‫وكان اهلدف من هذا العمل هو حماولة استثمار األسلوبية يف جنس الرواية والكشف عن احرتافية‬

‫املبدع من خالل استقصائها للقيم اجلمالية وإبراز الروح الفنية للمبدع‪ ،‬وقد استوت هذه الدراسة على خطة‬

‫منهجية احتوت على املقدمة واملدخل وفصلني ‪ :‬فصل أول نظري وآخر تطبيقي باإلضافة إىل امللحق واخلامتة‪.‬‬

‫احتوى املدخل على مفاهيم حول الرواية بصفة عامة وكذلك حتدثنا عن الرواية العربية منها اجلزائرية‬

‫أما الفصل األول فخصصناه لدراسة ماهية األسلوب واألسلوبية‪ ،‬جاء على مخسة عناصر ‪ :‬األول حول مفهوم‬

‫األسلوب والثاين عن األسلوبية ونشأهتا وتطورها‪ ،‬أما الثالث يتمحور حول خصائص ومبادئ األسلوبية ويف‬

‫الرابع جماالهتا واجتاهاهتا‪ ،‬وأخريا مستويات التحليل األسلويب‪ .‬أما الفصل الثاين فقد اعتمدنا على حتليل رواية "‬

‫األسود يليق بك" حتليال أسلوبيا وفق خمطط يشمل العناصر التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬ملخص الرواية‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬أسلوبية العنوان‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الشخصيات‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬البنية الزمانية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬البنية املكانية‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬الوصف‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬احلوار‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬اللغة‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫تاسعا‪ :‬البنية االجتماعية‪.‬‬

‫أما املراجع اليت اعتمدنا عليها نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬األسلوبية الرؤية والتطبيق‪ :‬يوسف أبو العدوس‪.‬‬

‫‪ -‬األسلوبية واألسلوب‪ :‬عبد السالم مسدي‪.‬‬

‫‪ -‬األسلوبية وحتليل اخلطاب‪ :‬نور الدين السد‪.‬‬

‫‪ -‬البىن األسلوبية‪ :‬حسن ناظم‪.‬‬

‫‪ -‬البالغة واألسلوبية‪ :‬حممد عبد املطلب‪ ...‬وغريها‪.‬‬

‫واخلامتة كانت مبثابة حوصلة ملا توصلنا إليه من نتائج ونأمل أن نكون قد وفقنا يف هذه الدراسة‪ ،‬ويف‬

‫األخري نتقدم بالشكر اجلزيل لألستاذ الفاضل أمحد موهوب الذي مل يبخل علينا بتوجيهاته القيمة وإىل كل من‬

‫ساعدنا من قريب أو بعيد يف إمتام هذا العمل املتواضع‪.‬‬

‫ج‬
‫ﻣﺪﺧﻞ‬
‫نشأة الرواية وتطورها‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫لكل من الفنون األدبية أشكال وقوالب يصاغ عليها‪ ،‬وباعتبار اإلبداع األديب فن له أشكال وقوالب‬
‫تعرف باألجناس األدبية منها الشعرية والنثرية‪.‬‬
‫وتعد الرواية من أبرز أشكال السردية اليت ظهرت يف الساحة األدبية إذ اهنا جنحت يف احتالل املقام االول‬
‫يف اجملال األديب وذلك التصاهلا بالواقع املعيشي‪ ،‬فهي مبثابة سجل مأله شواغل اجملتمع وتطلعاته‪ ،‬ومن مث أضحت‬
‫مرآة تعكس هويته وانتماءه‪ ،‬حيث تطورت لتواكب احلياة املعاصرة يف شىت اجملاالت لتأخذ شيئا فشيئا نصيبا وافرا‬
‫‪1‬‬
‫من النقد لدى الكثري من النقاد والدارسني‪.‬‬
‫فالرواية شكل من أشكال األدبية اليت حتضى بشعبية وحضور واسع لدى مجهور كبري من القراء‪ ،‬وهي‬
‫أبرز التعبريات الفنية اليت توحي بنض اإلحساس بالشصصية القومية وتصوير حي بانطباعات الكفاح واملعاناة‬
‫بشكل سيجل هذه الشصصية ويبلورها ويبني مالحمها ومميزاهتا وعرب ضمري احلياة األدبية محلت إلينا رسالة‬
‫األدب‪ ،‬وهي اليت وجد الكثري من النقاد والدارسني يف حتديد مفهوم دقيق وشامل هلا وذلك لتعدد اجتاهاهتا‬
‫وتطور اساليبها مع تطور اختالف العصور ومنهم "مارط رويار" اليت تؤكد « أ ّن الرواية مل حتظ بتعريف دقيق وهي‬
‫‪2‬‬
‫إىل حد ما غري قابلة للتعريف»‬
‫تعترب الرواية ذلك اجلنس األديب النثري التصيلي‪ ،‬فهي حتاول التقاط ما هو جوهري وجديل يف حياة‬
‫اإلنسان‪ ،‬وتفرز هذه الرواية بصفة عامة ما يرتبط حبياة اإلنسان وطموحه‪ ،‬كما تواكب األحداث وفق اآلفاق‬
‫الروائية كوهنا تسرد االحداث من أعماقه البعيدة املاضية وتصور ذلك املاضي يف إطاره الزمين من أجل بعث‬
‫الوعي‪.‬‬
‫فهذه الرواية اليت يعتربها الكثريون أوسع ميادين األدب العاملي وأعمقها أثرا يف الوعي القومي تعرف‬
‫تداخالت كثرية وتنوعات خمتلفة‪ ،‬قيمة بدورها‪.3‬‬
‫فمن بني انواع الروايات جند‪ :‬الرواية الواقعية‪ ،‬الرواية الرومانسية‪ ،‬الرواية التارخيية‪ ،‬الرواية البوليسية‪ ،‬الرواية‬
‫السياسية‪ ،‬رواية اخليال العلمي‪.‬‬
‫وقد اكتمل مفهوم الرواية عند االدباء الغربيني منذ ظهور الطبيعيني والواقعيني الذين ختلصت الرواية على‬
‫أيديهم من العامل الشعيب الذي حلقت فيه مدة طويلة كما ختلصت أيضا من الدوران حول العامل املثايل‪ ،‬فصاضت‬

‫‪ -1‬ابراهيم عباس‪ :‬الرواية املغاربية اجلدلية التارخيية‪ ،‬والواقع املعيشي (دراسة يف بنية املوضوع)‪ ،‬املؤسسة الوطنية لإلتصال والنشر‪ ،‬دط‪2002 ،‬م‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪ -2‬الصادق قسومة‪ :‬نشأة احلس الروائي باملشرق العريب‪ ،‬دار العيون للنشر‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪2002 ،2‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -3‬نواف أبو ساري‪ :‬الرواة التارخيية ومولدها وأثرها الوعي القومي العريب‪ ،‬هباء الدين للنشر والتوزيع‪ ، ،‬قسنطينة‪،‬دط‪2002 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 22-22‬‬
‫‪5‬‬
‫نشأة الرواية وتطورها‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫يف جوانب مظلمة من حياة األفراد واجملتمعات وأصبحت مرآة عاكسة للمجتمع‪ ،‬فيقول عنها الناقد "سانت بيت"‬
‫على ّأهنا حقل جتارب واسع فيه جمال كل األشكال العبقرية أو كل الطرق‪...‬‬
‫فمفهوم الرواية العربية ال خيتلف عن مفهوم الرواية الغربية ذلك أ ّن نشأهتا يف معزل عن تأثري الرواية‬
‫الغربية‪ ،‬وظروف نشأهتا ختتلف من قطر آلخر‪ ،‬وقد ساهم يف تطورها أو نشأهتا عامالن أساسيان مها الصحافة‬
‫والرتمجة‪ ،‬وقد اختذ أدباء العرب هذا الفن جماال يصبون يف شىت إبداعاهتم الروائية‪ ،‬ومن بني هؤالء جند‬
‫"سليم البس تاين"‪" ،‬جورجي زيدان" ومصطلح الرواية عندهم يطلق على كل عمل سردي مطول نسبيا معقد‬
‫الرتكيب والبناء والرواية بصفة عامة من جنس أديب راقي ذات بنية شديدة التعقيد متالمحة فيما بينها وتتداخل يف‬
‫النهاية حىت تشكل لنا شكال أدبيا مجيال مادته اللغة واخليال‪.1‬‬
‫ولقد مرت الرواية العربية مبحطات تارخيية‪ ،‬واختذت هلا مسارا يف تطورها‪ ،‬كان للظروف السياسية‬
‫واالجتماعية دورا هاما يف مسارها‪ ،‬حيث جند بداياهتا رواية تعليمية إصالحية‪ ،‬متأثرة يف أسلوهبا بالكتابات العربية‬
‫القدمية‪ ،‬كاملقامة؛ فالظروف اليت كانت تسرد العامل العريب آنذاك دفعت باملثقفني األدباء إىل أن ينهجوا املنه‬
‫التعليمي يف كتاباهتم ورواياهتم‪ ،‬فاألديب رسالة حياول إبالغها وحياول من خالهلا معاجلة مشاكل جمتمعه ألن غاية‬
‫الرواية باعتبارها فنا هي جتسيد احلياة اإلنسانية على حنو أعمق وأخصب‪.2‬‬
‫فاألديب ابن جمتمعه يؤثر ويتأثر‪.‬‬
‫كما تأثر الروائيون العرب بالفن الروائي األورويب وذلك عن طريق الرتمجة والبعثات العلمية يف عصر‬
‫النهضة العربية وقد ظهر التأثر بالغرب يف روايات كثرية من الروايات العربية منذ أوائل القرن العشرين مع رواية‬
‫"زينب" حملمد حسني هيكل‪ ،‬فقد متيزت الرواية العربية يف هذه املرحلة بتقليد الرواية الغربية من حيث املضامني‬
‫واألشكال الفنية واجلمالية‪.‬‬
‫إال أ ّن الروائيني العرب مل يتسلموا للتقليد األعمى‪ ،‬بل ربطوا أعماهلم بالواقع الذي برزت فيه صوره‬
‫املصتلفة‪ ،‬وهذا ما نلمسه عند "طه حسني" يف روايته "املعذبون يف األرض" وغريها من الروايات اليت تعترب بداية يف‬
‫بناء الرواية العربية‪.‬‬
‫ومنه فالرواية العربية واليت ال ختتلف كثريا عن الرواية الغربية يف ظروف نشأهتا‪ ،‬فكانت الكتابة فيها أكثر‬
‫مما جعلها تتطور إىل مستوى أرقى فتنوعت مضامينها وتطورت آلياهتا السردية‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد املالك مرتاض‪ :‬يف نظرية الرواية‪ :‬البحث يف تقنيات السرد‪ ،‬اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬دط‪2791 ،‬م‪ ،‬ص‪.27-22‬‬
‫‪ -2‬روجب ميكل‪ :‬قراءة الرواية‪ ،‬مدخل إىل تقنيات التفسري‪ ،‬تر‪ :‬صالح رزق‪ ،‬دار الغريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.299‬‬
‫‪6‬‬
‫نشأة الرواية وتطورها‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫انبثقت الرواية اجلزائرية من رحم الرواية العربية‪ ،‬إال أ ّن بدايتها كانت بداية ضعيفة إن مل نقل سطحية وهذا يعود‬
‫لألوضاع االجتماعية والسياسية للشعب اجلزائري‪ ،‬فهذا اجلنس األديب كغريه من األجناس األدبية األخرى البد له‬
‫من تربة خصبة إلخراج انتاج ذا جودة عالية‪ ،‬فالظروف اليت عاشتها اجلزائر أنتجت لنا أعمال روائية تتماشى مع‬
‫هذه الظروف‪.‬‬
‫فقد اتسمت الرواية اجلزائرية قبل السبعينات ببساطة األسلوب وسذاجة املوضوع‪ ،‬وألن اجلزائري كان‬
‫مشغوال بالثورة املسلحة فالبداية الفعلية للرواية اجلزائرية كانت يف السبعينات مع رواية "ريح اجلنوب" لعبد احلميد‬
‫بن هدوقة‪ ،‬أما موضوعاهتا يف تلك الفرتة تناولت موضوع الثورة‪ ،‬إما حرب التحرير أو الثورة االجتماعية عامة‬
‫فالثورة هي املنبع الذي استلهم منه الروائيون اجلزائريون ابداعاهتم الفنية الروائية‪.‬‬
‫كما أ ّن الرواية اجلزائرية املكتوبة بالفرنسية‪ ،‬قد شغلت الكثري من الروائيني اجلزائريني‪ ،‬ألهنم ناضلوا وكافحوا‬
‫بالقلم من أجل توصيل آالم الشعب اجلزائري إىل كل أقطار العامل‪ ،‬حني كانت الرواية املكتوبة بالفرنسية سابقة‬
‫الظهور على خالف تلك املكتوبة باللغة العربية اليت ظهرت فيما بعد‪.‬‬
‫تعد الرواية املكتوبة بالفرنسية يف املغرب العريب انتصارا جليا لالستعمار‪ ،‬فهي طريق مواجهته‪ ،‬والتصدي‬
‫له متكن هذا األدب من النض والوصول إىل العاملية "فالضرر الذي حلق الدول املغاربية ككل مل تفلت منه اجلزائر‬
‫إذا انتهجت فرنسا سياسة متطابقة يف كل أقطار العربية واإلسالمية‪ 1‬وضمن هذا اجلو املليء بالنزاعات ولد‬
‫األدب اجلزائري‪ ،‬إذ ميكننا القول ان األدب اجلزائري املكتوب بالفرنسية ظهر وتطور نتيجة ظروف سياسية‬
‫وثقافية‪ « ،‬فاألقالم اليت حتررت وحتركت بعد احداث ‪ 8‬ماي ‪ 5491‬مل تعرب إال عن االستياء العام والغضب‬
‫الشامل من الواقع األسود»‪.2‬‬
‫والطبقة األوىل للكتّاب اجلزائريني ممن يشتغلون ويكتبون باللغة الفرنسية من الطبقة الوجيهة املثقفة يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬وهم من خرجي املدرسة الفرنسية‪ ،‬فكانت صورة اجلزائر حاضرة كمرآة يف األدب املكتوب أنداك‪.‬‬
‫فلو عدنا للبدايات األوىل سنصادف جمموعة من املثقفني اجلزائريني الذي عربوا بالفرنسية « هذه النصبة‬
‫اليت طالبت يف احملافل األدبية‪ ...‬طالبت بإدماج اجلزائري يف الفرنسي كمطلب حقيقي وأساسي ومن هؤالء‬
‫الروائيني "حممد ولد الشيخ"‪" ،‬ماري لويس عمروش" كأول روائية جزائرية بإصدار "الياقوتة السوداء" ‪ 5491‬ويف‬
‫نفس السنة أصدرت الصحفية "مجيلة دباش" رواية "ليلى شابة جزائرية"»‪.3‬‬

‫‪ -1‬أم اخلري جبور‪ :‬الرواية اجلزائرية املكتوبة بالفرنسية‪ ،‬دار ميم للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2022 ،2‬ص‪.22‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ :‬ص‪.22‬‬
‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ :‬ص‪.23‬‬
‫‪7‬‬
‫نشأة الرواية وتطورها‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫أما أول رواية كتبت باللغة الفرنسية كانت عام ‪ 5491‬للقايد بن شريف حتت عنوان "أمحد بن مصطفى‬
‫القومي" اليت تلتها رواية "زهرة زوجة املنجم" لعبد القادر التاج محو عام ‪ ،5491‬حيث جاءت كتاباهتم صادقة‬
‫تعرب عن آمال وآالم الشعب اجلزائري فكانوا شهداء على ظلم االستعمار وإجرامه‪.‬‬
‫اللغة الفرنسية يف كتاباهتم الروائية مل يكن حبا وإعجابا باحلضارة‬ ‫إ ّن هؤالء الكتاب الذين اعتمدوا‬
‫الفرنسية‪ ،‬وإمنا القضية هنا قضية تاريخ أكرب من جمرد الرغبة بالكتابة باللغة الفرنسية‪ ،‬باإلضافة إىل أن اللغة‬
‫ليست ملكا ألحد كما يقول حممد بوربون فمسحت صغرية ألعمال حممد ذيب‪ ،‬وكاتب ياسني‪ ،‬ومالك حداد‬
‫وآسيا جبار‪ ،‬وغريهم تثبت ذلك‪ ،‬إذ يقول أحد النقاد الفرنسيني من أعمال كاتب ياسني‪" :‬إهنا روايات عربية‬
‫مرتمجة إىل الفرنسية ألهنا تعمل بصدق آمال هذا الشعب وآالمه"‪ ،1‬ومنه فالرواية اجلزائرية املكتوبة بلغة املستعمر‬
‫ما هي إال نضال وكفاح إليصال قضية الشعب اجلزائري إىل أقطار العامل‪.‬‬
‫أما الرواية اجلزائرية املكتوبة باللغة العربية فهي مل حتظى بنمو ونض وافر مقارنة بالنض والتطور الذي‬
‫عرفته الرواية اجلزائرية املكتوبة بالفرنسية‪ ،‬وقد ظهرت البوادر األوىل للرواية املكتوبة باللغة العربية على يد األديب‬
‫اجلزائري "أمحد رضا حوحو" يف رواية "غادة أم القرى" وهي قصة طويلة مل تعد جمرد حماوالت أوىل على درب هذا‬
‫الفن‪ ،‬حيث أهنا افتقرت إىل اإلتقان يف الكثري من جوانب الرواية‪.2‬‬
‫ويعود ظهور فن الرواية يف اجلزائر إىل تصاعد الوعي الوطين خالل األربعينيات والستينات‪ ،‬غري أن هذا‬
‫التطور كان متأخرا بسبب جمموعة من الظروف السياسية واالجتماعية‪ ،‬إضافة إىل أن الثقافة اجلزائرية كانت عبارة‬
‫عن ثقافة شعرية‪.‬‬
‫وتعد مرحلة السبعينات مرحلة ازدهار وتطور الرواية اجلزائرية حيث ظهرت العديد من النصوص الروائية‬
‫اليت استطاعت بدورها أن متأل الفراغ الذي كان مسجال على مستوى الفن الروائي املكتوب باللغة العربية‬
‫منها‪ ،‬رواية "ماال تدور الرياح" حملمد عرعار "ريح اجلنوب" لعبد احلميد بن هدوقة‪ ،‬وهذه الرواية عكست لنا‬
‫الصراع الطبقي يف الريف اجلزائري غداة إجراء اإلصالح الزراعي‪ ،‬وتندرج الرواية اجلزائرية املكتوبة باللغة العربية‬
‫ضمن النظرة الوقائعية‪ ،‬واالجتاه الواقعي‪ ،‬فكانت الرواية مرآة عاكسة لسلوكات ومواقف خمتلفة‪.3‬‬

‫‪ -1‬واسيين األعرج‪ :‬اجتاهات الرواية العربية يف اجلزائر‪ ،‬حبث يف أصول التارخيية واجلمالية للرواية اجلزائرية‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬دط‪،‬‬
‫‪2713‬م‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪ -2‬إدريس بوديبة‪ :‬الرؤية والبنية يف روايات الطاهر وطار‪ ،‬سحب الطباعة الشعبية للجيش‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬دط‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.22-22‬‬
‫‪ -3‬أم اخلري جبور‪ :‬الرواية اجلزائرية املكتوبة بالفرنسية‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪8‬‬
‫نشأة الرواية وتطورها‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫وقد حظيت الرواية منذ ظهورها مبكانة عميقة ومرموقة عند الفرد واجملتمع بصفة خاصة وعند اجملتمع‬
‫العريب والغريب بصفة عامة ففي اجملتمع الغريب تظهر مكانتها من خالل التعاريف اليت قدمها أدبائها وباحثيها‬
‫للرواية‪ ،‬فاألكادميية الفرنسية تنظر إىل الرواية على اهنا قصة نثرية ومكتوبة بالنثر فصاحبها يهتم اهتماما بالغا‬
‫بتحليل العواطف ووصف الطباع‪ ،‬حيث يصفها "بلزاك" يف مقدمة كتابة الذي حيمل عنوان "امللهاة البشرية" على‬
‫أهنا خطة واسعة جدا‪ ،‬جتمع بني التاريخ ونقد اجملتمع وحتليل أضراره ومناقشة مذاهبه‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‪ :‬ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ وﻣﺠﺎﻻﺗﻬﺎ وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ‬

‫ﺑﺎﻟﻌﻠﻮم اﻷﺧﺮى‬

‫أوﻻ‪ :‬ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻷﺳﻠﻮب‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ‪ :‬اﻟﻨﺸﺄة واﻟﺘﻄﻮر‬

‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪ :‬ﺧﺼﺎﺋﺺ وﻣﺒﺎدئ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ‬

‫راﺑﻌﺎ‪ :‬ﻣﺠﺎﻻﺗﻬﺎ واﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻬﺎ وﻋﻼﻗﺘﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮم اﻷﺧﺮى‬

‫ﺧﺎﻣﺴﺎ‪ :‬ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻷﺳﻠﻮﺑﻲ‬


‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف األسلوب‪.‬‬

‫‪-1-1‬مفهومه اللغوي‪.‬‬

‫األسلوب (‪ )style‬كلمة تشري إىل موقع الشمع‪ ،‬وهي أداة الكتابة على ألواح الشمع‪ ،‬ولقد اشتقت من‬

‫اللفظ الالتيين )‪ )stilus‬تعين اإلزميل أو إبىة احلفى (النقش) واختذت يف الالتينية املعىن العام نفسه‪ ،‬وكذلك األمى‬
‫‪1‬‬
‫يف اللغات احلديثة‪.‬‬

‫ويف املعاجم العىبية ورد يف لسان العىب البن منظور‪« :‬ويقال للسطى من النخيل أسلوب‪ ،‬وكل طىيق ممتد‬

‫فهو أسلوب‪ ،‬قال واألسلوب الطىيق‪ ،‬الوجه‪ ،‬املذهب‪ ،‬يقال أنتم يف أسلوب سوء‪ ،‬وجيمع أساليب واألسلوب‬

‫الطىيق تأرخذ فيه‪ ،‬واألسلوب بالضم‪ ،‬الفن‪ ،‬وقال أرخد فالن يف أساليب من القول‪ ،‬أي أفانني منه»‪.2‬‬

‫أما يف معجم الوسيط‪ ،‬فاألسلوب‪ ،‬الطىيق‪ ،‬ويقال سلكت أسلوب فالن يف كذا‪ ،‬طىيقته ومذهبه‪ ،‬وطىيقة‬

‫الكاتب يف كتابته والفن‪ ،‬يقال‪ :‬أرخذنا يف أساليب من القول‪« :‬فنون متنوعة والصف من النخيل وحنوه مجع‬

‫أساليب»‪.3‬‬

‫أما يف معجم حميط احمليط‪ ،‬فقد ورد كلمة سلب‪« :‬ة‪ ،‬ج‪ ،‬ون‪ ،‬أن ] س ل ب] (فا‪ ،‬من‪ ،‬سلب) أمى‬

‫سالب‪ ،‬عكس املوجب ما كان اجتاهه سري مضاد لالجتاه املوجب‪ ،‬كهىباء سالبة‪ ،‬إذا جتاوز عدد اإللكرتونات على‬

‫سطح املادة عدد الربوتونات»‪.4‬‬

‫ب‪ ،‬س ْلبًا الشيء‪ ،‬انتزع قهىا ونصبا‬


‫َسلَ َ‬
‫‪5‬‬
‫ب‪ ،‬س ْلبًا‪ :‬إذا املىء ليست السالب»‪.‬‬
‫َسل َ‬

‫‪ 1‬حسن ناظم‪ :‬البىن األسلوبية‪ ،‬املىكز الثقايف العىيب‪ ،‬دار البيضاء‪ ،‬املغىب‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 2‬ابن منظور‪ :‬لسان العىب‪ ،‬مج‪ ،7‬دار الصادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،4‬دس‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ 3‬إبىاهيم مصطفى‪ :‬معجم الوسيط‪ ،‬جممع اللغة العىبية لإلدارة العامة للمعجمات‪ ،‬املكتبة اإلسالمية للطباعة والنشى‪ ،‬تىكيا‪ ،‬ط‪ ،2‬دس‪ ،‬ص ‪.441‬‬
‫‪ 4‬بطىس البستاين‪ :‬حميط احمليط‪ ،‬قاموس عصىي مطول للغة العىبية‪ ،‬ج‪ ،4‬دار الكتابة العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪ 5‬يوسف حممد رضا‪ ،‬معجم العىبية الكالسكية املعاصىة‪ ،‬مكتبة لبنان ناشىون‪ ،‬ط‪2007 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.881‬‬
‫‪11‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كلمة أسلوب أصلها التيين مشتقة من الكلمة )‪ ، )stilus‬وهلا عدة معاين من بينها‪ :‬السطى من النخيل‬

‫وكل طىيق ممتد‪ ،‬الوجه‪ ،‬املذهب‪ ،‬كما تعين كذلك كلمة "سلب" أرخد الشيء وهنب‪ ،‬وكما أنه عكس‬

‫املوجب‪ ،‬وما كان اجتاهه سري مضاد لالجتاه املوجبة‪.‬‬

‫‪2-1‬االصطالحي‪.‬‬

‫حاول عدد من األدباء والنقاد العىب القدامى احلديث عن األسلوب عند معاجلتهم بعض القضايا النقدية‬

‫والبالغة وقضية إعجاز القىآن الكىمي وميكن اإلشارة هنا إىل بعض اإلضاءات والقضايا املهمة اليت طىحها عدد من‬

‫النقاد العىب القدامى حول األسلوب‪ ،‬وهذه اإلشارات ال تعين أن هؤالء النقاد قد حبثوا كل قضايا األسلوب‬

‫واألسلوبية‪ ،‬وإمنا هي معامل واضحة هلا دور‪ -‬ولو بشكل بسيط‪ -‬يف تاريخ الدراسات األسلوبية‪.‬‬

‫‪1-2-1‬عند العرب‪.‬‬

‫‪ -‬القدماء‪:‬‬

‫حاول القدماء أن يضعوا مفاهيم عديد لعلم األسلوب من بينهم جند‪:‬‬

‫أ‪ -‬الجاحظ (‪222‬م‪968 ،‬م)‪:‬‬

‫يقول‪« :‬أن حسن ارختيار اللفظة يقوم على سالمة جىسها وارختيار معجميا يقوم على ألفتها‪ ،‬وارختيار‬

‫إحيائيا يقوم على الظالل اليت ميكن أن يرتكها استعمال الكلمة يف النفس وكذلك حسن التناسق بني الكلمات‬

‫املتجاورة تآلفا وتناسبا»‪.1‬‬

‫إن مبدأ ارختيار اجلاحظ هو آلية من آليات علم األسلوب الذي يصى على ضىورة ارختيار كلمة بعينها‬

‫دون غريها‪ ،‬لذا فهذا قائم على سالمة األلفاظ من حيث خمارجها وتناسقها مما يرتك أثىا إجيابيا يف نفس السامع‬

‫واملتلقي‪.‬‬

‫‪ 1‬يوسف أبو العدوس‪ :‬األسلوبية الىؤية والتطبيق‪ ،‬دار املسرية للنشى والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪ -‬األردن‪ ،‬ط‪2007 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪12‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ب‪ -‬ابن قتيبة‪276( :‬م‪998 /‬م)‪:‬‬

‫إذا ما حبثنا جند أن هناك حماوالت عديدة يف هذا اجملال يعطي لكلمة األسلوب مفهوما حمددا يف كتابه‬

‫"التأويل مشكل القىآن" رابطا بني تعدد األساليب واالفتنان فيها وطىق العىب يف أداء املعىن يقول‪« :‬وإمنا يعىف‬

‫فضل القىآن َم ْن كثَُى نظىه‪ ،‬واتسع عمله‪ ،‬وفهم مذاهب العىب وافتناهنا من األساليب‪ ،‬وما رخص اهلل به لغتها‬

‫دون مجيع اللغات‪ ،‬فإنه ليس يف األمم أمة أو تبت من العارضة والبيان واتساع اجملال ما أوتيَته العىب رخصيصى‬

‫من اهلل‪ ،‬كما جعل علم نيب من املىسلني من أشبه األمور مبا يف زمانه املبعوث فيه‪ ،‬فكان ملوسى فلق البحى‪ ،‬واليد‬

‫الىواء إىل سائى أعالمه زمن السحى»‪.1‬‬


‫والعصا‪ ،‬وتفجى احلجى يف التيه باملاء ُّ‬

‫يبدو لنا أن ابن قتيبة ربط بني األسلوب وطىق أداء املعىن يف نسق خمتلف حبيث يكون لكل مقام مقال‬

‫وهذا راجع إىل ارختالف املوافق واملوضوع إذ أنه استطاع التوصل إىل الىبط بني النوع األديب وطىق الصياغة عندما‬

‫يىبط بني اخلطبة واملوضوع الذي يتصل به من حتضيض أو صلح‪ ،‬واألسلوب عنده ال يقتصى على اجلملة‬

‫الواحدة‪ ،‬بل يشمل النص األديب كذلك‪.‬‬

‫ج‪ -‬األمدي‪073( :‬هـ‪893 /‬م)‪:‬‬

‫«كان نقد األمدي لشعى متام قائما على االحنىاف األسلويب الذي مييز أسلوب أيب متام عن أسلوب الشعىاء‬

‫األوائل من رخالل تلمسه لالستخدامات اللغوية املناسبة‪ ،‬ومد شيوعها كثىة أو قلة‪ ،‬مما يتيح اجملال ملعىفة الفوارق‬

‫األسلوبية بني أسلوب أيب متام وأسلوب القدماء‪.2»...‬‬

‫جند هنا أن األسلوب خيتلف من شاعى إىل آرخى حيث أسلوبه خمتلف عن أسلوب األوائل‪ ،‬فاالحنىاف هو ما‬

‫مييز أسلوبه من رخالل االستخدامات اللغوية املناسبة‪.‬‬

‫‪ 1‬حممد عبد املطلب‪ :‬البالغة واألسلوبية‪ ،‬الشىكة املصىية العاملية للنشى والتوزيع‪ ،‬القاهىة‪ ،‬ط‪1224 ،1‬م‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 2‬يوسف أبو العدوس‪ :‬األسلوبية الىؤية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪13‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫د‪ -‬الخطابي‪889 /099( :‬م)‪:‬‬

‫«فقد ربط اخلطايب بني األسلوب والطىيقة أو املذهب‪ ،‬فكما تعددت املوضوعات اليت يطىقها األديب‬

‫تعددت األساليب وتشكلت بطبيعة هذا املوضوع‪ ،‬وهو يىبط كذلك بني األسلوب والطىيقة يف األداء باعتبار أن هذا‬

‫الىبط رخري وسيلة إلدراك اإلعجاز القىآين»‪.1‬‬

‫جند هنا أن اخلطايب ربط األسلوب بالطىيقة الفنية يف األداء والتقدمي‪ ،‬وهذا الىبط يعترب وسيلة إلدراك‬

‫اإلعجاز القىآين وبالتايل فحسبه تعدد املوضوعات يؤدي بالضىورة إىل تعدد األساليب‪.‬‬

‫ه‪ -‬عبد القاهر الجرجاني‪171( :‬هـ‪1379 /‬م)‪:‬‬

‫«يعترب مفهوم األسلوب النظم من حيث هو نظم للمعاين وتىتيب هلا وهو يطابق بينهما من حيث كانا‬

‫ميثالن تنوعا لغويا يصدر عن وعي وارختيار ومن حيث إمكانية هذه التنوعات يف أن تصنع نسقا وتىتيبا يعتمد على‬

‫إمكانيات النحو‪ ...‬وعالقة النظم باألسلوب يف عالقة اجلزء بالكل‪ ...‬وهكذا فإن النظم يتحقق عند اجلىجاين عن‬

‫طىيق إدراك املعاين النحوية واستغالل هذا اإلدراك يف حسن االرختيار والتأليف‪.2»...‬‬

‫نى هنا أن اجلىجاين قد طابق بني النظم واألسلوب معتربا العالقة بينهما عالقة اجلزء بالكل ال أكثى‪ ،‬مؤكدا‬

‫أن حتقيق النظم يتم عن طىيق إدراك املعاين النحوية يف املقدرة على االرختيار والرباعة يف التأليف‪ ،‬فهو هبذا مل يفصل‬

‫بني األسلوب والنظم حيث جعلها شيئان متالزمان ومكمالن لبعضهما البعض‪.‬‬

‫‪ -‬المحدثين‪:‬‬

‫لقد أشىنا سابقا يف احلديث عن األسلوب لد العىب القدامى‪ ،‬وسلطنا الضوء على رائدين بارزين ميثلون‬

‫اإلنارة األوىل يف تعىيف األسلوب أمثال‪ :‬أمحد الشايب‪ ،‬أمني اخلويل‪ ،‬أمحد أمني‪ ،‬ليعود بنا الدرس العىيب بإسهامات‬

‫مؤلفية يف هذا اجملال فالدرس األسلويب هو حمور نقاش ال ينتهي‪ ،‬ونكتفي بذكى اجلهود اليت بدلت وتبدل يف النقد‬

‫‪ 1‬يوسف أبو العدوس‪ :‬األسلوبية الىؤية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪14‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫والبالغة لد العىب احملدثني‪ ،‬حيث محلت الدراسة األدبية اليوم ما جاوزه التأصيل البالغي القدمي يف حدود العلوم‬

‫الثالث‪ ،‬علم املعاين والبيان والبديع‪ ،‬يف الوقت الذي تؤكد فيه الدراسات النقدية األدبية نفسها على دراسة أسلوب‬

‫وأطىه اللغوية والفنية‪.‬‬

‫أ‪ -‬أحمد الشايب‪:‬‬

‫يقول‪« :‬أن األسلوب هو الصورة اللفظية اليت يُعرب هبا عن املعاين أو نظم الكالم وتأليفه ألداء‬

‫األفكار»‪،1‬كما جند له تعىيف آرخى يقول فيه‪« :‬أن األسلوب هو فن من الكالم يكون قصصا أو حوارا شبيها أو‬

‫جمازا أو كتابة تقىيى أو أمثاال»‪.2‬‬

‫يعين هبذا أن األسلوب هو األوسع للفن األديب‪ ،‬حيث يتخذه األديب لإلقناع والتأثري على السامع‬

‫واملتلقي‪ ،‬سواء كان صورة شعىية أو حكمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬أمين الخولي‪:‬‬

‫لقد عىف أمني اخلويل األسلوب على أنه‪« :‬ألوان من التخيلة والت ْخلية بالنسبة لبالغتها لتأرخذ طابعا‬

‫عصىيا»‪.3‬‬

‫حاول أمني اخلويل أن ينقل لنا أفكار غىبية إىل الفكى العىيب ورخاصة يف جمال البالغة حيث ربط بني‬

‫املستويات الفكىية عند كل من املبدع واملتلقي‪.‬‬

‫جـ‪ -‬أحمد أمين‪:‬‬

‫أمحد أمني يقول يف مطلع كتابه "النقد األديب" وهو من جزأين‪« :‬إن هذه احملاضىات ‪ ...‬أول درس للنقد‬

‫األديب (‪ )...‬كما يقول يف رأي املؤلف‪ ،‬أن (اللغة) وسيلة للتعبري عن األفكار واملعاين يف حني أن العواطف حتتاج‬

‫‪ 1‬أمحد علي حممد‪ :‬دراسة أسلوبية إحصائية‪ ،‬جملة جامعة دمشق‪ ،‬مج ‪ ،25‬ع‪( ،2+1‬دط)‪2010 ،‬م‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 2‬أمحد الشايب‪ :‬األسلوب دراسة بالغة حتليلية ألصول األساليب األدبية‪ ،‬مكتبة النهضة املصىية‪ ،‬ط‪1221 ،8‬م‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 3‬يوسف أبو العدوس‪ :‬األسلوبية الىؤية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪15‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التعبري عنها إىل االستعانة بطىيقة تأليف الكالم أو نظمه وما هلا من بيان‪ ...‬و(األسلوب) الذي يسميه أمحد أمني‬

‫أيضا بالنظم أو نظم الكالم أو تأليف الكالم أو التعبري»‪.1‬‬

‫يقصد هبذا أن أي ارختالف يف التعبري ينتج عنه ارختالف يف تأثري نظم الكالم‪ ،‬وهو الوسيلة اليت يستخدمها‬

‫األديب يف عىضه لألشياء واألمور‪ ،‬الغاية منه يف األساس هو إثارة املشاعى ملا له من القوة ما جيعله عنصىا قائما‬

‫بنفسه‪.‬‬

‫‪ 2-2-1‬األسلوب عند الغرب‪:‬‬

‫أ‪ -‬جورج بوفون*‪1737( :‬م‪1799 -‬م)‪.‬‬

‫جند اللغوي الفىنسي "بوفون" هو أول من عىف األسلوب تعىيفا رخال من كثري من الشهىة واالنتشار‪ ،‬حيث قال‪:‬‬

‫األسلوب هو الشخص نفسه‪« LE STYLE EST L’HOMME MEME »2 .‬‬

‫يتضح من رخالل التعىيف أن األسلوب مىتبط باإلنسان الذي بدوره يتلقى الىسالة اللغوية‪ ،‬وهي عالقة‬

‫قائمة بني املىسل واملىسل إليه‪.‬‬

‫ب‪ -‬بيرجيرو ‪1812( **:‬م‪1890 -‬م)‪.‬‬

‫يعىف األسلوب على أنه‪« :‬املظهى الذي يف اخلطاب ينجم عن ارختيار وسائل التعبري واليت بدورها حتددها‬

‫مقاصد املتكلم أو الكاتب وطبيعته»‪.3‬‬

‫يظهى لنا أن األسلوب مىتبط بالىسالة اليت متضهىت شخصية البات‪ ،‬حيث يقوم برتمجة الىسالة‬

‫‪ 1‬عدنان بن ذريل‪ :‬اللغة واألسلوب‪ ،‬دار اجملد للنشى والتوزيع‪ ،‬عمان‪-‬األردن‪ ،‬ط‪2005 ،2‬م‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫(بوفون)‪ :‬كان عامل تاريخ طبيعي والىياضيات وكان موسوعة فىنسي ولد سنة ‪1707‬م‪ ،‬وقد كان أسلوبه هو الىجل‪ ،‬ساعد على إرساء دعائم‬ ‫*‬

‫االنرتبولوجيا علم األجناس البشىية‪ ،‬كان أبا لكل الفكى يف التاريخ الطبيعي تويف سنة ‪1788‬م‪.‬‬
‫‪ 2‬فيلي ساندريس‪ :‬حنو نظىية أسلوبية لسانية‪ ،‬تى‪ :‬رخالد حممد مجعة‪ ،‬دار الفكى بدمشق‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.22-28‬‬
‫** (بريجريو)‪ :‬هو عامل ولد سنة ‪1212‬م‪ ،‬ألف عديد من الكتب منها كتاب "األسلوبية" وتىمجه منذر عياشي‪ ،‬تويف سنة ‪1281‬م‪.‬‬
‫‪ 3‬عدنان بن ذريل‪ :‬النص واألسلوبية بني النظىية والتطبيق (دراسة)‪ ،‬منشورات احتاد الكتاب العىب‪ ،‬دط‪2000 ،‬م‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪16‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫على حسب احلالة النفسية والبيئة االجتماعية اليت ينتمي إليها وكذلك األهداف اليت يسعى البات لتحقيقها‪.‬‬

‫ج‪ -‬جان كوهن*‪1818( :‬م‪.)1881-‬‬

‫«األسلوب هو كل ما ليس عاديا أو شائعا وال عاديا وال مطابقا للمعيار املألوف‪ ...‬إنه انزياح بالنسبة إىل‬

‫معيار أي أنه رخطأ ولكنه رخطأ مقصود»‪.1‬‬

‫إن األسلوب عند جان كوهن يعترب حدث لغوي ألنه يبتعد بنظام اللغة يف االستعمال املألوف وكذاك يعترب‬

‫كاالستعارة يف القدمي وبالتايل فاألسلوب يعمل قيمة مجالية يف األدب‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ماهية األسلوبية‪.‬‬

‫‪ 1-2‬مفهوم األسلوبية‪.‬‬

‫األسلوبية هي املقابل األجنيب (‪ )STYLISTIQUE‬وهو دال مىكب من جذور األسلوب (‪(STYLE‬‬

‫والالحقة (ية) )‪ (QUE‬وداللة األسلوب نسبية‪ ،‬فهو ذو بعد إنساين ذايت‪ ،‬وأما الالحقة فتتصل بالبعد العلمي‬

‫العقلي‪ ،‬وبالتايل املوضوعي‪ ،‬وميكن فك الدال االصطالحي إىل مدلوله عما يوافق عبارة علم األسلوب ‪(SCIENCE‬‬

‫)‪ DE STYLE‬وبذلك تعىف األسلوبية بداهة البحث عن األسس املوضوعية إلرساء علم األسلوب‪.2‬‬

‫«األسلوبية أو علم األسلوب علم لغوي حديث يبحث يف الوسائل اللغوية اليت تكسب اخلطاب العادي أو‬

‫األديب رخصائصه التعبريية ومتيزه عن غريه‪ ...‬أهنا تتقى الظاهىة األسلوبية باملنهجية العلمية اللغوية‪ ،‬ويعترب األسلوب‬

‫ظاهىة يف األساس لغوية‪ ،‬هذه االعتبارات املنهجية اجلديدة ميزت البحث األسلويب عن البحث البالغي‪ ،‬إذ تىيد‬

‫‪ 1‬جان كوهن‪ :‬بنية اللغة الشعىية‪ ،‬تى‪ :‬حممد الوايل وحممد العمىي‪ ،‬دار تويفال للنشى‪ ،‬ط‪1285 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(جان كوهن‪ :‬ناقد فىنسي من مواليد ‪1212‬م‪ ،‬هو أول من حتدث بالتفصيل عن مفهوم اإلنزياح وذلك يف كتابه "بناء لغة الشعى" وطبع كتابه سنة‬
‫‪1255‬م‪ ،‬وتىجم إىل العىبية سنة ‪1281‬م‪ ،‬وتويف سنة ‪1224‬م‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد السالم املسدي‪ :‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪17‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫األسلوبية اليوم أن تكون "علمية تقىيىية" تصف الوقائع وتصنفها بشكل موضوعي ومنهجي بعد أن كانت البالغة‬

‫تدرس األسلوب بىوح معيارية نقدية صىحية‪ ،‬وتعلم األفضل من القول»‪.1‬‬

‫‪ 1-1-2‬مفهوم األسلوبية عند الغرب‪:‬‬

‫يى "شارل بايل" أن‪« :‬اللغة جمموعة من وسائل التعبري اليت تتناول الفكىة أي الدالالت املضافة مع‬

‫الفكىة‪ ،‬وأن علم األسلوب يعىن بدراسة الوسائل اليت يستخدمها املتكلم عن أفكار معينة»‪.2‬‬

‫"أمادو ألونسو"‪« :‬هي علم يهدف إىل املعىفة احلميمية للعمل األديب وملبدعه عن طىيق أسلوبه‪ ،‬واملبدأ‬

‫الذي يعتمد عليه هو كل رخاصية لغوية يف األسلوب تطابق رخاصية نفسية‪ ،‬والبد أن تكون مثة تناغم مستمى بني‬

‫التعبري اللغوي والعمل الفين بأكمله»‪.3‬‬

‫"ريفاتري" «هي علم يهدف للكشف عن العناصى املتميزة اليت هبا يستطيع املؤلف مىاقبة حىية اإلدراك لد‬

‫القارئ املتقبل مث ينتهي إىل أن األسلوبية (اللسانيات) تعىن بظاهىة محل على فهم معني وإدراك خمصوص»‪.4‬‬

‫"دوالس"‪« :‬األسلوبية تعىف بأهنا منهج لساين»‪.5‬‬

‫"جاكسون"‪« :‬هي بعث يتميز هبا الكالم الفين عن باقي مستويات اخلطاب أوال‪ ،‬وعن سائى األصناف‬

‫ثانيا»‪.6‬‬

‫"شبلز"‪« :‬دراسة االستعمال اللغوي البناء»‪.7‬‬

‫‪ 1‬عدنان بن ذريل‪ :‬اللغة واألسلوب‪ ،‬ص ‪.111‬‬


‫‪ 2‬صالح فضل‪ :‬علم األسلوب مبادئه وإجىاءاته‪ ،‬دار الشىوق‪ ،‬القاهىة‪ ،‬ط‪1228 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ 4‬عبد السالم املسدي‪ :‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ 5‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ 6‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 7‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫"بريوجري"‪ :‬أن األسلوبية بالغة حديثة ذات شكل مضاعف‪ ،‬إهنا علم التعبري وهي نقد األساليب‬

‫الفىدية‪ ،‬وملا كان األسلوب هو املسلك إىل األسلوبية‪ ،‬فإن األسلوبية حتليل لغوي موضوعه األسلوب وشىطه‬

‫املوضوعي وركيزته األلسنة‪.1‬‬

‫‪2-1-2‬مفهوم األسلوبية عند العرب المحدثين‪:‬‬

‫‪ -1‬منذر عياشي‪ :‬األسلوبية علم يدرس اللغة ضمن نظام اخلطاب‪ ،‬ولكنها علم يدرس اخلطاب م ً‬
‫وزعا على مبدأ‬

‫هوية األجناس ولذا كان موضوع هذا العلم متعدد املستويات وخمتلف املشارب واالهتمامات‪ ،‬متنوع األهداف‬

‫واالجتاهات‪ ،‬ومادامت اللغة ليست حكىا على ميدان إيصايل دون اآلرخى‪ ،‬فإن موضوع علم األسلوبية ليست حكىا‬

‫له أيضا على ميدان تعبريي دون آرخى‪ ،‬ولكن يبقى صحيحا‪ ،‬إن األسلوبية علم يىقى مبوضوعه‪ ،‬أو هو يعلوا عليه‬

‫لكي حييله إىل درس علمي‪ ،‬ولوال ذلك ملا حازت األسلوبية على هذه الصفة وملا تعددت مدارسها ومذاهبها‪ ،‬كما‬

‫يبقى صحيحا أيضا أن األسلوبية هي صلة اللسانيات باألدب ونقده‪ ،‬وهبا تنتقل من دراسة اجلملة –لغة‪ -‬إىل دراسة‬
‫‪2‬‬
‫اللغة نصا‪ ،‬فخطابا فأجناسا‪ ،‬ولذا كانت األسلوبية "جسى اللسانيات إىل تاريخ األدب‪.‬‬

‫املالحظ أن األسلوبية هي علم قام بدراسة اللغة واخلطاب فقد لقي هذا العلم اهتمام كبري من قبل الباحثني‬

‫بسبب دراسة اللغة‪ ،‬فقد ربطت األسلوبية األدب باللسانيات‪ ،‬ولقد أصبحت جسى اللسانيات إىل تاريخ األدب‪.‬‬

‫‪ -2‬عبد السالم المسدي‪ :‬يصفها بأهنا البحث عن األسس املوضوعية إلرساء علم األسلوب‪ ،‬ويعىن بدراسة‬

‫اخلصائص إىل وظيفة تأثريية ومجالية‪ ،‬مهمة األسلوبية لديه هي البحث عن القيمة التأثىية لعناصى اللغة‬
‫‪3‬‬
‫املنظمة‪ ،‬والفاعلية املتبادلة بني العناصى التعبريية اليت تتالقي بشكل نظام الوسائل اللغوية‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظى‪ :‬عبد السالم املسدي‪ ،‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬ص ‪.17‬‬


‫‪ 2‬ينظى‪ :‬منذر عياشي‪ ،‬األسلوبية وحتليل اخلطاب‪ ،‬مىكز اإلمناء احلضاري للنشى‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ 3‬ينظى‪ :‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪19‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يى أن األسلوبية امتداد للبالغة ونفي هلا يف نفس الوقت‪ ...‬فهي مثابة حبل التواصل وحظ القطيعة يف‬

‫نفس الوقت أيضا‪ ،‬حيث أن األوىل بديلة للثانية ومها يفرتقان عند مجلة من النقاط‪ ،‬فالبالغة علم معياري تعليمي‬

‫يعتمد فصل الشكل عن املضمون واخلطاب بينما األسلوبية علم وصفي حتليلي يىفق الفصل بني دال اخلطاب‬
‫‪1‬‬
‫ومدلوله‪.‬‬

‫املالحظ أن املسدي حياول إفىاز املفارقة الكبرية بني علمني علم األسلوب احلديث والبالغة القدمية‪ ،‬باعتبار‬

‫البالغة أكثى معيارية‪.‬‬

‫‪ 2-2‬نشأة األسلوبية وتطورها‪.‬‬

‫لقد ظهىت األسلوبية يف أوارخى القىن ‪ 12‬وبداية القىن ‪ ،20‬على أنقاض البالغة التقليدية اليت استنفدت‬

‫إمكانياهتا التعليمية‪.‬‬

‫يف عام ‪1871‬م أطلق "فون درجبلنتش" مصطلح األسلوبية على دراسة عرب االنزياحات اللغوية والبالغية‬

‫يف الكتابة األدبية‪ ،‬ومل تكن األسلوبية وقتها قد اتضحت معاملها‪ ...‬على إثى ازدهار (علم اللغة) احلديث على يد‬

‫"فىيديناندو دي سوسري" (‪ ،)1211 -1817‬اذ يى أحد تالمذته وهو شارل بايل (‪ )1242-1851‬لدراسة‬

‫األسلوب بالطىق العلمية اللغوية‪ ،‬حيث استهوته بنيوية اللغة‪ ،‬فعمل على إرساء قواعد األسلوب عليها يف كتابه "فن‬

‫األسلوبية الفىنسية " عام ‪1202‬م حتديدا‪.2‬‬

‫«ابتداء من هذا التاريخ بدأ االهتمام بالدراسات األسلوبية يتزايد شيئا فشيئا مهتديا باملعطيات العلمية‬

‫األلسنية متقاطعا مع حدود علمية أرخى كالبالغة وفقه اللغة‪ ،‬والنقد األديب وعلم العالمات‪ ...‬حيث ظهى بعد‬

‫‪ 1‬ينظى‪ :‬عبد السالم املسدي‪ ،‬األسلوبية واالسلوب‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫‪ 2‬ينظى‪ :‬عدنان بن ذريل‪ :‬اللغة واألسلوب‪ ،‬ص ‪.112-111‬‬
‫‪20‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫"شارل بايل" طائفة من األسلوبيني الذين شقوا ألنفسهم طىقا واجتاهات ضمن هذا العلم اجلديد‪ ،‬أثى البحث‬

‫األسلويب بىؤ معىفية جديدة‪ ،‬ورمست علما متعدد االجتاهات»‪.1‬‬

‫ومن بني هؤالء الذين سامهوا يف إثىاء الدرس األسلويب جند "بريجريو" الذي عمل على إظهار االزدواج‬

‫الوظيفي الذي يبني جمال العمل األسلويب‪ ،‬وحمتو التفكري البالغي‪ ...‬وذلك يف مطلع اخلمسينيات‪ ،‬إذ صدرت‬

‫طبعته األوىل من كتابه "األسلوبية" ‪1214‬م‪ ،‬ورأ أن موضوع الفاعلية بالنسبة لكل منهما واحد هو فن الكتابة‬

‫وفن األدب‪.‬‬

‫ويف سنة ‪1251‬م أصدر "تيزفيتان تودوروف" أعمال الشكالنيني الىوس مرتمجة إىل الفىنسية‪ ،‬األمى الذي‬

‫ساعد على تبيني موضوعات األسلوبية يف اجملالت اللغوية‪ ،‬وأيضا النقدية رخاصة أن رائد هذه اجلماعة "روبان‬

‫جاكبسون" الذي عمل على إغناء البحث اللغوي األسلويب بآرائه وإليه تعود وظائف اللغة الذي اعتمد فيها بعدا يف‬

‫دراسته األسلوبية وغريها من جماالت البحث العلمي‪.‬‬

‫على هذا النحو صار األسلوبيون يطمئنون إىل موضوعهم‪ ،‬جماله ومنهجيته‪ ،‬ويف عام ‪1252‬م يؤكد‬
‫‪2‬‬
‫"ستيفان اوملان" كعلم لغوي نقدي‪ ...‬كما أنه يظهىها لألسلوبية من فضل على النقد األديب وعلم اللغة‪.‬‬

‫ويف عام ‪1270‬م أصدر "فىيدريك ديلوفى" كتابه "األسلوبية الشعىية الفىنسية"‪ ،‬فنقض البحث األصويل‬

‫الوظيفي يف العمل األسلويب مسلما بداهة مبا قبله املنهج يف كل حبث أسلويب‪...‬‬

‫ويف عام ‪1271‬م أصدر "نيقوال ريفارتري" يف كتابه "األسلوبية البنيوية" فأظهى كيف أن األسلوب هو‬

‫العالمة املميزة للقول دارخل اخلطاب‪...‬وأن البنية النوعية للنص هي نفسها أسلوبه فاللغة تعرب لكن األسلوب يربز‬
‫‪3‬‬
‫(‪ )...‬ولذلك يدرسه من حيث أثى املتلقي أي السامع أو القارئ‪.‬‬

‫‪ 1‬يوسف وغليسي‪ :‬مناهج النقد األديب‪ ،‬جسور للنشى والتوزيع‪ ،‬اجلزائى‪ ،‬ط‪2007 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ 2‬ينظى‪ :‬عدنان بن ذريل‪ ،‬اللغة واألسلوب ص ‪.111-112‬‬
‫‪ 3‬ينظى‪ :‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يتبني هنا أن أول من أطلق مصطلح األسلوبية هو "فون درجبلنتس"‪ ،‬لكنها مل تتضح معاملها إال بعد‬

‫ازدهار(علم اللغة ) على يد "فىديناند دي سوسري" وتعمق يف دراستها أكثى تلميذه "شارل بايل" الذي عمل على‬

‫إرساء قواعد األسلوب وذلك من رخالل كتابه "فن األسلوبية الفىنسية"‪ ،‬وظهى بعده جمموعة من األسلوبيني الذين‬

‫اختذوا ألنفسهم طىق خمتلفة يف هذا العلم من بينهم "تزفيتان تودوروف‪ ،‬ستيفان أوملان‪ ،‬نيقوال ريفاتري‪...‬اخل" كل‬

‫هؤالء سامهوا يف تطور األسلوبية وانتشارها يف العامل‪.‬‬

‫‪ 0-2‬الفرق بين األسلوبية واألسلوب‪.‬‬

‫ميز الدارسون بني مصطلح األسلوب واألسلوبية من حيث النشأة‪ ،‬حيث أن العىب استخدم األسلوب منذ‬

‫القدمي يف مصنفاهتم ودراساهتم األدبية والنقدية‪.‬‬

‫أما عن املصطلح الثاين األسلوبية فنشأته غىبية‪ ،‬وارتبط استعمال هذا العلم بظهور الدراسات اللغوية احلديثة‬

‫كمدرسة " فىديناند دي سوسري " الذي قىر أن يتخذ األسلوب علما يدرس بذاته ويوظف يف رخدمة التحليل األديب‬

‫أو النفسي أو االجتماعي‪.‬‬

‫«األسلوب وصف للكالم أما األسلوبية فإهنا علم له أسس وقواعد "مىكب جذره أسلوب ‪ "STYLE‬الحقته‬

‫هي ‪ ،IQUE‬ورخصائص األصل تقابله انطالقا من أبعاد الالحقة‪ ،‬فاألسلوب ذو مدلول إنساين ذايت وبالتايل‬

‫نسيب‪ ،‬والالحقة ختتص فيما ختتص به البعد العلماين العقلي‪ ،‬وبالتايل املوضوعي‪ ،‬وميكن يف كلتا احلالتني تفكيك‬

‫الدال االصطالحي إىل مدلوله مبا يطابق عبارة علم األسلوب )‪ (SEANCE DE STYLE‬لذلك تعىف األسلوبية‬
‫‪1‬‬
‫بداهة بالبحث عن األسس املوضوعية إلنشاء علم األسلوب»‪.‬‬

‫أيضا تبقى األسلوبية كما وصفناها يف هذا الكتاب «دراسة للتعبري اللساين أما كلمة أسلوب إذا أردت إىل‬
‫‪2‬‬
‫تعىيفها األصلي فهي تعين طىيقة للتعبري الفكى بواسطة اللغة»‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد السالم املسد ‪ :‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬ص ‪.14‬‬


‫‪ 2‬بريجريو‪ :‬األسلوبية‪ ،‬تى‪ :‬منذر عياشي‪ ،‬مىكز االمناء احلضاري‪ ،‬حلب‪-‬سوريا‪ ،‬ط‪1224 ،2‬م ‪،‬ص ‪.10‬‬
‫‪22‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫واجلدول اآليت يوضح الفىق بني األسلوب واألسلوبية‪:‬‬

‫األسلوبية‬ ‫األسلوب‬

‫‪ -‬دراسة لغوية لألسلوب‬ ‫‪ - -‬دراسة لغوية للبالغة‬

‫‪ -‬معىفة يف الذاتية‬ ‫‪ - -‬فىدي‬

‫‪ -‬طاقة كامنة يف احمللل‬ ‫‪ - -‬طاقة كامنة يف اللغة‬

‫‪ -‬غري قابل للقياس مطلقا‬ ‫‪ - -‬غري قابل للقياس أحيانا‬

‫‪ -‬طىيقة‪ /‬منهجية‬ ‫‪ - -‬منوذج‪ /‬قالب‬

‫‪ -‬تالية على األسلوب‬ ‫‪ - -‬أسبق من األسلوبية‬

‫‪ -‬منتوج ذايت متغري احمللل النص‬ ‫‪ - -‬منتوج دالالت األلفاظ مع معاين النحو‬

‫‪ -‬انزياح مزاجي ضمن وسط وثقافة‬ ‫‪ - -‬انزياح لساين مجايل‬

‫‪ -‬تفىيق بني اللغة والكالم‪ /‬الىمز ‪/‬الىسالة‪ /‬اللغة واملقابلة‬ ‫‪ - -‬ال يفىق بني اللغة والكالم‬

‫‪ -‬هتتم أكثى باملكتوب‬ ‫‪- -‬يظهى األسلوب يف النطق واملكتوب‬

‫‪ -‬أبعدت القيم التعليمية‬ ‫‪ - -‬يهتم بالقيم التعليمية‬

‫‪ -‬اهتمت باستعمال تلك األلفاظ‬ ‫‪ - -‬اهتم بدراسة األلفاظ وقواعدها‬

‫‪ -‬ال حتتكم إىل قواعد معيارية‬ ‫‪ - -‬يتحكم يف قواعد معيارية‬

‫‪ -‬تعاطف ضىوري بني احمللل والنص‬ ‫‪ - -‬ال يوجد تعاطف بني احمللل والنص‬

‫‪ -‬مفهوم األسلوبية بنيوي حداثي‬ ‫‪ - -‬مفهوم األسلوب بالغي قدمي‬

‫‪ -‬تستمد معايريها من العلم الذي تنتمي إليه‬ ‫‪ - -‬تدرخل اجلانب اللغوي موقف املؤلف واجلانب اجلمايل‬

‫‪ 1‬صاحل بلعيد‪ :‬نظىية النظم‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشى والتوزيع‪ ،‬اجلزائى‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.118 -117‬‬
‫‪23‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫نستنتج أن األسلوب أسبق من األسلوبية وأمشل منها‪ ،‬حيث أن هذه األرخرية تستمد معايريها من األسلوب‬

‫إال أنه يوجد ارختالف كبري يف مفهومه بالغي القدمي أما األسلوبية فهي بنيوي حداثي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬خصائص ومبادئ األسلوبية‪.‬‬

‫‪ 1-0‬خصائصها‪.‬‬

‫يذهب علماء األسلوبية إىل أن عملية اخللق األسلويب يستند إىل جمموعة من اخلصائص وهي‬

‫اإلضافة‪ ،‬االرختيار‪ ،‬االنزياح‪ ،‬الرتكيب‪.‬‬

‫‪ 1-1-0‬اإلضافة‪:‬‬

‫وهذا يعين أن األسلوب شيء‬ ‫‪ADDITION HINZUFUGUNG‬‬ ‫لقد ُعد األسلوب إضافة أو زيادة‬

‫يضاف أو يزاد على اللغة تدرخل به ويدرخل هبا‪ ،‬عرب ما ميكن أن مييز الكالم حبضور مسة أو عالمة من العالمات‬
‫‪1‬‬
‫األسلوبية‪ ،‬وهو أمى يقتضي ويستدعي يف نفس الوقت وجود تعبري حمايد فريد من أسلوب أو ليس له أسلوب‪.‬‬

‫أي أن األسلوب إضافة فإنه يستدعي ناقدا أو قارئا يتعامل مع هذه اإلضافة ويى فاعليتها وشكلها‬

‫وتأثريها‪.‬‬

‫وإذا كان األسلوب إضافة فإنه يعين التحسني والزرخىفة والتجميل للتعبريات واإلضافة يف األسلوب األديب‬

‫تقابل اإلضافة يف فنون أرخى ‪ ،‬مثل الىسم وغريه من الفنون التشكيلية‪ ،‬فاأللوان واخلطوط تضاف على اللوحة الفنية‬
‫‪2‬‬
‫البد أهنا متضمنة لفاعلية ولتأثريات فنية ووجدانية تساهم يف رخلق التفاعل من اإلضافة والتعبري والقارئ‪.‬‬

‫وإذا كان األمى كذلك فإن الزرخىفة والتزيني للتعبري عن شيء نابع من قصدية املؤلف أو البات وليس شيئا‬

‫زائدا‪ ،‬ألنه سيسهم يف تشكيل رؤية قادرة على استنفار إدراك وعي املتلقي وعلى هذا األساس ال ميكن أن ننكى أن‬

‫‪ 1‬موسى ربابعة‪ :‬األسلوبية مفاهيمها وجتلياهتا‪ ،‬دار الكندي للنشى والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫األسلوب إضافة‪ ،‬إال إذا كانت اللغة لغة ذات مسار واحد وذات مستو واحد‪ ،‬وهذا األمى نبده صيغة اللغة املتمثلة‬
‫‪1‬‬
‫يف أن املبدعني قادرين على تشكيل تغريات غري موجودة من قبل‪.‬‬

‫يتضح بأن املقصود باألسلوب إضافة هو التحسني والتعبري فيما جيول يف أعماق وذات املؤلف‪ ،‬فهو ال يعترب‬

‫أسلوبا زائدا‪ ،‬وبالتايل ميكن القول بأن األسلوب إضافة‪.‬‬

‫‪ 2-1-0‬االختيار‪.‬‬

‫إن تعىيف األسلوب على أنه ارختيار يطىح يف املقام األول السؤال التايل‪ :‬ملاذا خيتار املبدع هذه الكلمة أو‬

‫هذا الرتكيب أو هذا العنوان أو هذه التقنية‪ ،‬دون غريها من التقنيات؟ وهذا السؤال يقود إىل سؤال آرخى‪ :‬هل‬

‫االرختيار عملية واعية‪ ،‬أو غري واعية‪ ،‬وكيف ميكن حتديد مثل هذا السؤال أو اإلجابة عليه ألن االرختيار أمى ال يتعلق‬
‫‪2‬‬
‫بالقارئ وإمنا يتعلق باملبدع‪.‬‬

‫ميكن أن يُعد االرختيار من بني املبادئ اليت شكلت منطلقا لفكىة األسلوب‪ ،‬بل إن هناك عالقة وثيقة بني‬

‫فكىة األسلوب وقضية االرختيار‪ ،‬فاألسلوب يف أحد تعىيفاته هو ارختيار من بني الدالئل العديدة‪ ،‬وإن أي فكىة من‬

‫األفكار ميكن إبالغها بأشكال وكيفيات متنوعة‪ ،‬ومعىن ذلك أن نفس الشحنة االرختيارية ميكن سبكها يف صيغ‬
‫‪3‬‬
‫لسانية متعددة‪.‬‬

‫املالحظ أن االرختيار يتعلق باملبدع‪ ،‬كما أنه من بني العناصى اليت كانت منطلقا لفكىة األسلوب‪.‬‬

‫‪ 1‬موسى ربابعة‪ :‬االسلوبية مفاهيمها وجتلياهتا‪ ،‬دار الكندي للنشى والتوزيع‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 2‬يوسف أبو العدوس‪ :‬األسلوبية الىؤية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.150‬‬
‫حسيبة بوالىوايح وسفيان صوكو‪ :‬مذكىة مكملة لنيل شهادة املاسرت بعنوان "ديوان رسالة يف احلب" للشاعى عبد اهلل عيسى حليلح دراسة أسلوبية‬ ‫‪3‬‬

‫جامعة الصديق بن حيىي‪ ،‬جيجل‪ ،‬عام ‪2017-2015‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪25‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من الشائع يف الدراسات األسلوبية أن األسلوب ارختيار‪ ،‬حيث أن املنشئ يستطيع أن خيتار من إمكانيات‬

‫اللغة ما يستطيع وما يى أنه األقدر على رخدمة رؤية موقفه‪ ،‬وما ميكن أن يكون قادرا على رخلق استجابة معينة عند‬
‫‪1‬‬
‫املتلقي‪.‬‬

‫من رخالل هذا يتضح أن عملية االرختيار يف األسلوبية ميكن أن تكون بطىق وأساليب متعددة‪ ،‬ألنه يعتمد‬

‫يف األساس على ثىوة املنشئ اللغوية وقدرته على االنتقاء من النظام اللغوي‪ ،‬الذي يقدم له إمكانيات واحتماالت‬

‫متعددة يستطيع أن خيتار ما يناسبه‪.‬‬

‫إذن عملية االرختيار ميكن أن تكون ال هنائية بل مفتوحة على إمكانيات ال حصى هلا‪ ،‬ليس على صعيد‬

‫املعجم فقط وإمنا على صعيد الرتكيب كذلك‪ ،‬فاهلدف من عملية االرختيار هي عملية مجالية بالدرجة األوىل تسعى‬

‫إىل تشكيل اإلثارة والدهشة لد املتلقي‪ ،‬وطبقا هلذا تكون عملية االرختيار غري بىيئة من قصدية املنشئ الذي‬
‫‪2‬‬
‫يستعمل اللغة استعماال مقصودا وإراديا‪.‬‬

‫أي أن عملية االرختيار هي عملية مقصودة من املنشئ ألن غايته هي االرختيار من بني اإلمكانيات املتعددة‬

‫وهذا األرخري يكون واعيا ومقصودا‪.‬‬

‫‪ 0-1-0‬االنزياح‪.‬‬

‫يعد االنزياح اللغوي ظاهىة بارزة يف الدراسة األسلوبية‪ ،‬حىت أن بعضهم ذهب إىل تعىيف األسلوب على أنه‬

‫االرختيار اللغوي أو االنزياح عن االستعمال املألوف‪ ،‬ذلك أن اللغة توفى للمتكلم طىقا خمتلفة للتعبري عن شيء فيتوىل‬

‫املؤلف ارختيار ما يشاء من اللغة ويف هذا يكمن أسلوبه‪ ،‬كما يتوىل األسلويب النظى يف طبيعة ذلك االرختيار ومنشأه‬

‫‪ 1‬موسى ربابعة‪ :‬األسلوبية مفاهيمها وجتلياهتا‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ :‬ص ‪.22‬‬
‫‪26‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ووظيفته‪ ،‬وذلك االرختيار هو الذي يعرب عنه "جاكبسون" بالتحول من حمور االرختيار اجلدويل إىل حمور التأليف‬
‫‪1‬‬
‫السياقي‪.‬‬

‫وهذا إن ذل على شيء فهو يدل على أن االنزياح خيىج اللغة من دائىة املعاين املعجمية الضيقة واملعيارية‬

‫احملددة والثابتة إىل دائىة النشاط اإلنساين احلي‪ ،‬وهذا ما يبني أن االنزياح يىتبط باالرختيار ارتباطا وثيقا‪ ،‬ألن االرختيار‬

‫تقوم على إمكانيات عديدة ومتعددة تفتح اجملال حلدوث االنزياح‪.‬‬

‫ويىجع الغىبيون أصول النظىية القائلة بانزياح إىل عهد "بيفون" الذي ربط األسلوب بشخصية صاحبه‪ ،‬فأبىز‬

‫اجلانب الفىدي الشخصي فيه‪ ،‬وتبلورت هذه النظىية تدرجييا ويكاد ال خيلو مقال يف األسلوب من اإلشارة إىل هذه‬

‫الظاهىة‪ ،‬فسميت بأمساء خمتلفة متقابلة مرتادفة ومن بني تلك املىادفات نذكى منها‪:‬‬

‫)‪L’ALUNS (P.VALERY‬‬ ‫‪ ‬التجاوز عند فالريي‬

‫االنتهاك عند كوهان )‪LE VIOL (J. COHEN‬‬ ‫‪‬‬

‫الشناعة عند بارت)‪LES XENDALE (R.BORTHER‬‬ ‫‪‬‬

‫الشدود عند تودوروف )‪L’ANOMALIE (T.TODOROV‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪LA DEVIATION (F. SPITZER‬‬ ‫‪ ‬االحنىاف عند سيرتز‬

‫اجلنون عند أراقون )‪LA FOLIE (ARAGON‬‬ ‫‪‬‬

‫املخالفة عند تريي )‪L’ INFRACTION (THIRY‬‬ ‫‪‬‬

‫املفاجأة عند فارن )‪LE SURPRISE (K.VARGA‬‬ ‫‪‬‬

‫)‪L’ATTENT (R.JACKBSON‬‬ ‫‪ ‬رخيبة االنتظار عند جاكبسون‬

‫‪ 1‬اهلادي اجللطالوي‪ :‬مدرخل إىل األسلوبية تنظريا وتطبيقا‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغىب‪ ،‬ط‪1222 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪27‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫هذه املصطلحات كلها تندرج ضمن نقطة واحدة‪ ،‬وهي متيز اللغة األدبية وهذا التميز ال معىن له وال‬

‫إمكانية حلصىه ما دمنا جنهل املادة أو املألوف‪ ،‬وميكن لنا أن نقارن بني احلالة العامة يف اللغة واحلالة اجلديدة اخلاصة‬
‫‪1‬‬
‫عند الكاتب مما يربز لنا معىفة االنزياح‪.‬‬

‫ويقيم على أساس املعيار النحوي حنوا ثانويا مكونا من صور االنزياح‪ ،‬وميكن أن تكون هذه الصور من‬

‫طبيعتني‪ :‬فهي رخىق املعيار النحوي (بالىرخص الشعىية) مثل‪ :‬االستعارة من جهة‪ ،‬وتطبيق هلذا املعيار باالستعانة‬
‫‪2‬‬
‫بقواعد إضافية من جهة ثانية‪.‬‬

‫لكن يف الدراسات السابقة تنازع بني املصطلحات الثالث (االنزياح‪ ،‬جتاوز‪ ،‬عدول) وأرخذ يتزايد بزيادة‬

‫البدائل االصطالحية اجلديدة‪ ،‬وإن بدا لنا أن مصطلح (االنزياح) أو يف داللة أوفى حظا من التداول والشيوع‪ ،‬حيث‬

‫انتهى الباحث "امحد حممد ويس" ضمن دراسة قيمة موسومة باالنزياح وتعدد املصطلح إىل أن االنزياح هو أحسن‬
‫‪3‬‬
‫تىمجة للمصطلح الفىنسي ‪. ECART‬‬

‫‪ 1-1-0‬التركيب‪.‬‬

‫تقوم ظاهىة الرتكيب يف املنظور األسلويب على االرختيار اليت ال تكون ذات جدو إال إذا أحكم تىكيب‬

‫الكلمات املختارة يف اخلطاب األديب‪ ،‬وتىكب الكلمات يف اخلطاب من مستويني حضوري وغيايب‪ ،‬فهي توزع سياقيا‬

‫على امتداد رخطي ويكون لتجاوزها تأثري داليل وصفي تىكييب‪ ،‬وهو ما يدرخلها يف عالقات ركنية‪ ،‬وهي أيضا تتوزع‬

‫غيابيا يف شكل تداعيات للكلمات املنتمية لنفس اجلدول الداليل‪ ،‬فتدرخل إذا يف عالقة جدلية أو استداللية فيصبح‬
‫‪4‬‬
‫األسلوب بذلك شبكة تقاطع العالقات الىكنية بالعالقات اجلدولية وجمموع عالقاهتما ببعضهما البعض‪.‬‬

‫‪ 1‬اهلادي اجللطالوي‪ :‬مدرخل إىل األسلوبية تنظريا وتطبيقا‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 2‬هنىش بليت‪ :‬البالغة األسلوبية حنو منوذج سيميائي لتحليل النص‪ ،‬تى‪ :‬حممد العمىي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط‪1222 ،‬م‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 3‬يوسف وغليسي ‪ :‬إشكالية املصطلح يف اخلطاب النقدي العىيب اجلديد‪ ،‬الدار العىبية للعلوم‪ ،‬اجلزائى‪ ،‬دط‪2008 ،‬م‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫‪ 4‬نور الدين السد‪ :‬األسلوبية وحتليل اخلطاب‪ ،‬ج‪ ،1‬دار هومة للطباعة والنشى والتوزيع‪ ،‬اجلزائى‪ ،‬ط‪2010 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.185‬‬
‫‪28‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫على املتكلم أن خيتار مادته من الثىوة اللغوية‪ ،‬مث تأيت بعد ذلك مىحلة التوزيع‪ ،‬أي التصىف يف األلفاظ‬

‫وارختيار الكالم وصياغته سياقيا‪ ،‬فالتوزيع الغري احملكم يؤدي إىل ارختالل أسلويب أي أن اجلزء يؤدي إىل ارختالل‬
‫‪1‬‬
‫الكل‪ ،‬فاملتكلم ينشئ كالمه وفق الرتاكيب النحوية الصىفية هلذا يكون األسلوب ضىوريا‪.‬‬

‫إن املنشئ يف عملية الرتكيب يهدف إىل حتديد موطن كل عنصى من صاحبه‪ ،‬مع مىاعاة ما يتبعها من تقدمي‬

‫وتأرخري أو احلذف أو إظهار وما سو ذلك‪ ،‬مبا يتالءم مع القوانني اللغوية العامة من تعىيف وتنكري‪ ...‬حيث يتبادر‬

‫إىل ذهن املتكلم عمليتان أساسيتان ال يشعى هبما ومها‪:‬‬

‫‪ -1‬عملية تحليلية‪ :‬مييز فيها العقل بني عدد معني من العناصى اليت تنشأ بينهما عالقة معينة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -2‬عملية تركيبية‪ :‬يىكب فيها العقل‪ ،‬أي عقل الكاتب‪ ،‬ويؤلف من هذه العناصى املختلفة لتكوين البناء اللغوي‪.‬‬

‫يبدو مها مقدرة املنشئ يف القول وبىاعته يف طىق التفاوت‪ ،‬والرتتيب اخلاص دارخل البناء اللغوي‪ ،‬أي بىاعته‬

‫يف استفادته من طاقات اللغة حسب قوانينها‪.‬‬

‫‪ 2-0‬مبادئها‪.‬‬

‫تعتمد الدراسة األسلوبية على ثالث دعائم أساسية هي‪ :‬املخاطب وامل َخاطب واخلطاب أو أركان التبليغ‬
‫ُ‬
‫الثالثة‪ :‬الكاتب القارئ والنص‪.‬‬

‫‪ 1-2-0‬التركيز على الكاتب (المنشئ)‪.‬‬

‫الكاتب هو واضع اخلطاب‪ ،‬فالىسالة اللغوية من حيث حدوثها تنبثق من منشأها تصور ورخلقا وإبىاز‬

‫للوجود فتبدأ عملية اإلنشاء عند املنشئ بوجود مثريات أو انفعاالت أو حبىكات دارخلية نابعة من ذاته أو رخارجة من‬

‫‪ 1‬نور الدين السد‪ :‬األسلوبية وحتليل اخلطاب‪ ،‬ص ‪.188‬‬


‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪29‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫البيئة احمليطة به‪ ،‬هذه املثريات تتحول إىل أفكار ومعاين يف ذهن صاحبها‪ ،‬مث ترتجم يف عبارات لفظية متثل أسلوب‬
‫‪1‬‬
‫املنشئ‪.‬‬

‫وهذا يعين أن لكل أسلوب صورة رخاصة بصاحبه تبني طىيقة تفكريه وكيفية نظىته لألشياء وتفسريه هلا‬
‫‪2‬‬
‫وصيغة انفعاالته‪ ،‬فالذاتية هي ركيزة أساسية يف تكوين األسلوب‪.‬‬

‫وكل منشئ خيتلف عن أقىانه املنشئني مبا يتسم به من مسات ذهنية وفكىية وانفعالية‪ ،‬وخيتلف هذا األسلوب‬
‫‪3‬‬
‫الذي هو تعبري عن شخصية منشئه وانعكاس هلا من فىد آلرخى هبذا التمايز الشخصي يتبعه تفىد األسلوب‪.‬‬

‫وهذا ما أشار إليه "بفون" بقوله‪" :‬اإلنسان هو األسلوب نفسه" ويفهم من ذلك أن األسلوب صورة‬

‫تنعكس عليها ذات الكاتب وفكىه‪ ،‬فأصبحت غاية الدراسة للكشف عن شخصية الكاتب وتفكريه‪ ،‬من رخالل‬
‫‪4‬‬
‫أسلوبه الذي يعترب إهلاما تولده عبقىية الكاتب‪ ،‬وهذا التصور نابع من علم النفس الفىودي الذي جاء به فىويد‪.‬‬

‫فأصبحت دراسة األثى تىمي إىل إبىاز الدوافع النفسية الظاهىة والباطنة يف الوعي الكاتب واملربرة لتصىفاته‬

‫وميوله ومقومات شخصيته‪ ،‬إذ هناك ما يسمى "بالتفىد األسلويب" وهذا ما يؤكد أن املنشئ مهما أويت من املهارة‬

‫اللغوية والقدرة اللسانية والتنوع يف أسلوب الكتابة الستخدام كل املعجم الذي تعىفه لغته‪ ،‬وال يفيد من كل‬
‫‪5‬‬
‫إمكانيات البنية اللغوية املتاحة له عندما يتحدث أو يكتب اللغة‪.‬‬

‫‪ 2-2-0‬التركيز على القارئ (المتلقي)‪.‬‬

‫يعد القارئ ركنا أساسيا يف األدب وال يكون األدب أدبا حىت خيىج إىل القارئ‪ ،‬ومن أجل القارئ مسيت البالغة‬

‫بالغة واألدب أدبا‪ ،‬والكاتب قدميا وحديثا يتصور قبل شىوعه بالكتابة مميزات قارئه ويطىح بعض التساؤالت‬

‫‪ 1‬فتح اهلل أمحد سليمان‪ :‬األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهىة‪ ،‬دط ‪2004 ،‬م‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 2‬أمحد الشايب‪ :‬األسلوبية دراسة بالغة حتليلية ألصول األساليب األدبية‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ 3‬فتح اهلل أمحد سليمان‪ :‬األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 4‬اهلادي اجللطالوي‪ :‬مدرخل إىل األسلوبية تنظريا وتطبيقا‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 5‬فتح اهلل أمحد سليمان‪ :‬األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪30‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫حوله‪ :‬هل هو من اخلاصة أو من العامة؟ وما منزلته؟ ما نسبه؟ ما عالقة الكاتب به؟ ما الغاية من الكتابة‬
‫‪1‬‬
‫إليه؟‪ ...‬والكاتب حسب هذه املعطيات املختلفة يكيف كتابته‪.‬‬

‫ويقوم هذا املنظور على أساس أن كل منشئ يعرب عن ذاته‪ ،‬فإنشائه نابع من نفسه وليس موجها إليه‪.‬‬

‫وإذا كانت عملية اإلنشاء تقتضي وجود منشئ وهو أساسها‪ ،‬وأثىا أدبيا يظهىها يف نفس صاحبه من أفكار ويعكس‬

‫شخصيته اإلنسانية‪ ،‬فإنه البد من متلقي يستقبل النص األديب‪ ،‬فاملتلقي ميثل البعد الثالث للعملية اإلبالغية‪ ،2‬ودور‬

‫هذا املتلقي مهم ومؤثى فكما ال يوجد نص بال منشئ كذلك ليس مثة إفهام أو تأثري أو توصيل بال قارئ‪ ،‬فهو احلكم‬
‫‪3‬‬
‫على اجلودة والىداءة‪ ،‬وهو الفيصل يف قبول النص أو رفضه واملنشئ حينما يكتب يكون معنيا بأمىين‪.‬‬

‫األول‪ :‬أنه يىيد الكشف عن إحساساته وانفعاالته والتعبري عنها وعما جتود به قىائحه وإظهار مشاعىه الدفينة يف‬

‫الشكل األديب الذي يىاه مالئما‪ ،‬فتصبح عملية التعبري مبثابة استبطان للذات املنشأة‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬إنه يدرك أن هناك متلقيا ملا يكتب‪ ،‬فهو لن حيس مبا يبدعه ولن يشعى به إال بوجود مستقبل‪ ،‬ويغري املتلقي‬

‫فيصبح الكاتب كمن حيادث نفسه‪ ،‬وبالتايل حضور املتلقي ترتاء أمام املنشئ وال تغيب عنه‪ ،‬فالقارئ هو الغائب‬
‫‪4‬‬
‫احلاضى‪.‬‬

‫واألسلوبية املعاصىة تويل القارئ منزلة كرب ‪ ،‬وأرخذت ما ذهب إليه مع "ريفاتري" أن البحث عن األسلوب ال يكون‬
‫‪5‬‬
‫يف النص بقدر ما يكون يف ردود فعل القارئ وما يبدعه من أحكام يف شأن النص‪.‬‬

‫‪ 1‬اهلادي اجللطالوي‪ :‬مدرخل إىل األسلوبية تنظريا وتطبيقا‪ ،‬ص‪.41‬‬


‫‪ 2‬فتح اهلل أمحد سليمان‪ :‬األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 3‬املىجع نفسه‪ :‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 4‬املىجع نفسه‪ :‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 5‬املىجع نفسه‪ :‬ص ‪.42‬‬
‫‪31‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ 0-2-0‬التركيز على النص (الخطاب)‪.‬‬

‫ىسل واملىسل إليه‪ ،‬أو املخاطب واخلطاب‬ ‫تىتكز كل شحنة تعبريية على ثالث عناصى‪ :‬املىسل واملُ َ‬
‫واملخاطَب‪ ،‬وال ميكننا أن نتصور وجود أحد هذه العناصى دون العنصىين اآلرخىين‪ ،‬هبذا فإن دراسة األسلوب تىتبط‬
‫ُ‬
‫ارتباطا مباشىا بالعنصى البشىي الواضع له‪ ،‬وهو الكاتب أو املستقبل له‪ ،‬فاألسلوب ظاهىة لغوية كامنة يف النص‬

‫وحده وهذه الفكىة قد أرخذهتا األسلوبية من "دي سوسري" واملنهج البنيوي يف دراسة النص‪ ،‬باعتبار أن النص ال‬

‫يتألف من كلمات تىصف الواحدة جيانب األرخى ‪ ،‬وإمنا هو نظام وهيكل يكسب كل عنصى فيه مميزاته من عالقته‬

‫ببقية العناصى حىت يتم إدراك خمتلف العالقات الىابطة من أجزاء النص كعالقات التشابه واالرختالف واالنفصال‬
‫‪1‬‬
‫واالتصال‪ ...‬ويف كل املستويات (الصويت‪ ،‬الصىيف‪ ،‬النحوي‪ ،‬الداليل‪ ،‬اإليقاعي‪.)...‬‬

‫يىجع هذا املفهوم إىل اللغوي السويسىي "فىدينان دي سوسري" الذي أسس "املدرسة الوصفية يف العلوم‬

‫اللغوية"‪ ،‬حيث قامت دراسته على أساس ما ميكن أن نسميه بالثنائية اللغوية وثنائية تقسم النظام إىل مستويني اثنني‬

‫مستو اللغة‪ ،‬ومستو اخلطاب‪ ،‬ويشتمل املستو األول على قواعد البنية األساسية للغة‪ ،‬بينما ميثل املستو الثاين‬
‫‪2‬‬
‫اللغة يف حالة االستخدام‪.‬‬

‫ومن هنا يتمثل العمل األسلويب يف تفكيك العناصى املؤلفة للكالم والكشف عن العالقة الطىيفة بينهما عند‬
‫‪3‬‬
‫استعمال الكاتب هلا وتلك الطىافة هي العنصى الفجائي يف األسلوب وهي املتسببة يف ردود فعل القارئ‪.‬‬

‫أي أن األسلوبية تىتكز على مبادئ أساسية تتلخص يف الكاتب الذي يضع اخلطاب والقارئ أو املتلقي‬

‫الذي يعترب دعامة أساسية يف عملية التواصل‪ ،‬فمن أجله يضع املنشئ نصه بعد أن يفكى جيدا يف مستو القارئ‬

‫الذي يوجه إليه اخلطاب‪.‬‬

‫‪ 1‬فتح اهلل أمحد سليمان‪ :‬األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪32‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫رابعا‪ :‬مجاالتها وعالقتها بالعلوم األخرى‪.‬‬

‫‪ 1-1‬مجاالتها‪.‬‬

‫منذ أن ظهىت األسلوبية يف العصى احلديث على يد العامل اللغوي السويسىي "بايل"‪ ،‬وهي حتاول أن تىسي‬

‫أسسا ومناهج علمية يف البحث األسلويب‪ ،‬يهدف إىل إضفاء العملية عليه وانتزاع االعرتاف به من النقاد واللغويني‬

‫واملنشغلني بالدراسات األدبية‪ ،‬فاألسلوبية تتحدد يف ثالثة جماالت رئيسية وهي‪:‬‬

‫‪1-1-1‬األسلوبية النظرية )‪.(THEORTICAL STYLISTICS‬‬

‫وهي اليت تسعى إىل التنظري لألدب من منطلق أن اللغة املستخدمة يف النص األديب وتطمع إىل أن تصل يوما‬

‫ما إىل تفسري أدبية اخلطاب اإلبداعي‪ ،‬باالعتماد على املكونات اللغوية‪ ،‬وهذا ما جيعل هلا التحويل املطلق على‬
‫‪1‬‬
‫اللسانيات مبختلف فىوعها‪.‬‬

‫فاألسلوبية النظىية هتدف إىل إرساء القواعد النظىية اليت ينطلق منها الناقد األسلويب يف حتليل النص‪.‬‬

‫‪ 2-1-1‬األسلوبية التطبيقية )‪.(APPLIED STYLISTIES‬‬

‫وغايتها تعىية النص األديب وإظهار رخصائصه ومساته‪ ،‬من حيث أنه شكل فين يبني املنشئ عن طىيقه التأثري‬

‫اإلقناع‪ ،‬ومدرخلها يف التطبيق هو لغة األثى األديب‪.‬‬

‫وإذا كانت األسلوبية النظىية تتسم باالستقىار على مناهج بعينها‪ ،‬فإن األسلوبية التطبيقية تعاين من تعدد‬
‫‪2‬‬
‫اجتاهاهتا وتشعبها‪ ،‬كما أن الرتابط املنهجي بني كل اجملالني التنظري والتطبيقي يكاد يكون منعدما‪.‬‬

‫‪ 1‬فتح اهلل أمحد سليمان‪ :‬األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية‪ ،‬ص ‪.42-41‬‬
‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ 1-1-4‬األسلوبية المقارنة )‪(COMPERATIVE STYLISTICS‬‬

‫وتعتمد املقارنة أساسا وال تتجاوز حدود لغة واحدة‪ ،‬وهي تدرس أساليب الكالم يف مستو معني من‬

‫مستويات اللغة الواحدة لتبني رخصائصها املميزة عن طىيق مقابلة بعضها البعض اآلرخى‪ ،‬لتقديى أدوارها املختلفة يف‬

‫بناء اجلمال يف النصوص األدبية‪.‬‬

‫وتقتضي عملية املقارنة األسلوبية حضور نصني فأكثى‪ ،‬والبد من وجود عنصى أو عناصى اشرتاك بني‬

‫النصوص املقارنة لالشرتاك يف املوضوع‪ ،‬أو الغىض العام‪ ،‬مع االشرتاك يف املؤلف أو عدم االشرتاك يف املؤلف مع‬
‫‪1‬‬
‫ارختالف املوضوع أو الغىض أو جنس الكتابة‪.‬‬

‫أي أن األسلوبية املقارنة حتصى نفسها يف إطار اللغة الواحدة وال تتجاوزها‪ ،‬وهي هبذا ختتلف بينيا عن‬

‫األدب املقارن الذي يدرس عالقة التأثري والتأثى بني اآلداب العاملية أو يف آداب أمة بعينها أو يف نطاق اللغة الواحدة‪.‬‬

‫‪ 2-1‬اتجاهات األسلوبية‪.‬‬

‫مادامت األسلوبية هي الدرس العلمي للغة اخلطاب‪ ،‬فإهنا أيضا موقف من اخلطاب ولغته وهذا ما جعل‬

‫الدرس األسلويب متعدد املذاهب والنظىيات واملدارس اليت استفادت من الدرس اللساين الذي سنه "دي سوسري"‬

‫فمنه األسلوبية التعبريية‪ ،‬واألسلوبية الفىدية‪ ،‬واألسلوبية البنيوية‪ ،‬واألسلوبية الوظيفية واألسلوبية اإلحصائية‪.‬‬

‫‪1-2-1‬األسلوبية التعبيرية (الوصفية)‪.‬‬

‫وأشهى من مثلها "شارل بايل" مؤسس علم األسلوب‪ ،‬ومن مميزات هذا االجتاه أنه يدرس العالقة بني الصيغ‬

‫والفكى (عالقة الشكل مع التفكري) وهي تتناسب مع تفكري القدماء‪ ،‬وهي ال ختىج عن نطاق اللغة وال تتعد‬
‫‪2‬‬
‫وقائعها‪ ،‬ويعتمد فيها باألبنية اللغوية ووظائفها دارخل اللغة فهي وصفية حبثه‪.‬‬

‫‪ 1‬فتح اهلل أمحد سليمان‪ :‬األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 2‬منذر عياشي‪ :‬مقاالت يف األسلوبية‪ ،‬منشورات احتاد كتاب العىب‪ ،‬ط‪1220 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.74-71‬‬
‫‪34‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وهكذا تصبح أسلوبية التعبري دراسة لقيم انطباعية رخاصة مبختلف وسائل التعبري اليت يف حوزة اللغة‪ ،‬وتىتبها‬

‫هذه القيم بوجود متغريات أسلوبية‪ ،‬أي أهنا تىتبها بأشكال خمتلفة للتعبري عن فكىة واحدة‪ ،‬وهذا يعين وجود‬
‫‪1‬‬
‫مرتادفات للتعبري يف وجه رخاص من أوجه اإليصال‪.‬‬

‫وعلى هذا يفسى قوله‪( :‬لكي تدرس التاريخ األديب لعصى ما‪ ،‬فإنه ينبغي على األقل االهتمام بالتحليل‬

‫اللغوي بنفس القدر الذي يهتم فيه بتحليل االجتاهات السياسية واالجتماعية والدينية لبيئة النص)‪.2‬‬

‫لكن الذي منا هذا االجتاه هو العامل النمساوي "ليوسبيرتزر" وقد كتب مؤلفا مهما يف علم اللغة والتاريخ‬

‫األديب‪ ،‬ويف مقدمته عىض املنهج الذي اتبعه يف دراساته والذي تتلخص يف النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬املنهج ينبع من اإلنتاج األديب‪ ،‬وليس من مبادئ رخارجة عنه وعلى هذا يقول‪( :‬أريد أن أكىر أنه على األسلوبية‬

‫أن تأرخذ احلمل الفين نقطة انطالق وليس أن تأرخذ بعض وجهات النظى اخلارجة عنه)‪.‬‬

‫‪ -‬كل عمل يشكل وحدة كاملة‪ ،‬ويف املىكز نى فكى مبدعه‪ ،‬الذي يشكل مبدأ التالحم الدارخلي وهذا ما يسميه‬

‫اجلذر الىوحي‪.‬‬

‫‪ -‬ال بد أن تقودنا اجلزئيات إىل حمور العمل‪ ،‬وينبغي أن تىصد هذه األجزاء بعناية حىت نتوصل من رخالهلا إىل انفتاح‬

‫العمل‪.‬‬

‫‪ -‬ارخرتاق العمل األديب يكون عن طىيق احلدس الناتج عن املوهبة والتجىبة‪ ،‬وعن طىيقه ميكن أن نشعى بأننا نسري‬

‫على الطىيق الصحيح أم ال‪.‬‬

‫‪ -‬ينبغي أن تكون نقطة البدء يف الدراسة األسلوبية لغوية‪ ،‬غري أنه ميكن أن تكون من مسات أرخى (أي مباء اخللق‬

‫الشعىي واحدة لكننا ميكن أن نتناوهلا بدءا من املناهج اللغوية أو األفكار أو من العقدة أو التشكيل) ومن رخالل‬

‫هذه النقطة وضع "سبيتزر" طىقا للغة وتاريخ األدب‪.‬‬

‫‪ 1‬بريجريو‪ :‬األسلوبية‪ ،‬تى‪ :‬منذر عياشي‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 2‬أمحد درويش‪ :‬األسلوب واألسلوبية‪ ،‬مج فصول‪ ،‬جملد اخلامس‪ ،‬العدد األول‪/‬أكتوبى‪ ،‬ديسمرب ‪1284‬م‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪35‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬املالمح اخلاصة للعمل الفين هي وسيلة للكالم اخلاص واالبتعاد عن الكالم العام‪.‬‬

‫‪ -‬لقد كان هلذا املنهج الذي وضعه سيتزر أثى كبري يف إثىاء النقد األديب وختليصه من بعض اآلثار السلبية لالجتاه‬

‫الوظيفي الذي كان ميثله "النسون" وارتكزت يف النقد األديب مبادئ مل تكن شائعة نذكى منها‪:‬‬

‫أ‪ -‬ينبغي على النقد أن يكون دارخليا وأن يأرخذ نقطة ارتكازه من العمل األديب‪.‬‬

‫ب‪ -‬جوهى النص يوجود يف روح مؤلفه‪ ،‬وليس يف الظىوف املادية اخلارجية‪.‬‬

‫ج‪ -‬على العمل األديب أن ميدنا مبعايريه اخلاصة لتحليله‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫د‪ -‬إن اللغة تعكس شخصية املؤلف‪ ،‬وتظل غري منفصلة عن بقية الوسائل األرخى اليت ميتلكها‪.‬‬

‫املالحظ أن "فوسلري" هو من تزعم هذه الدراسة وقد تأثى بالفيلسوف األملاين "كىوشيته"‪ ،‬حيث كان‬

‫يبحث عن العالقة بني اإليقاع واألسلوب ولكن هذا االجتاه منا مع العامل النمساوي "ليوستيزر" الذي وضع هلذا‬

‫املنهج جمموعة من املبادئ اليت جيب أن يكون عليها‪ ،‬وبالتايل كان له دور يف هذا االجتاه‪.‬‬

‫‪ 2-2-1‬األسلوبية التكوينية (أسلوبية الكاتب)‪.‬‬

‫يطلق عليها بعض الدارسني أسلوبية الفىد أو األسلوبية النفسية وقد أطلق عليها "صالح فضل" تسمية‬

‫املثالية األملانية‪ ،3‬وأشهى من مثلها "ليوسبتزر" الذي حاول أن يقيم صلة بني نفسية الكاتب وأسلوبيته‪ ،‬فهو يى كل‬

‫عاطفة أو إفىاز يصدر عن حالتنا النفسية الطبيعية يكون من رخالله األسلوب صورة لصاحبه تبني طىيقة تفكريه‬
‫‪4‬‬
‫وكيفية نظىه لألشياء‪ ،‬تفسري هلا طبيعة انفعاالهتا‪ ،‬فالذاتية عنده أساس تكوين األسلوب‪.‬‬

‫‪ 1‬بريجريو‪ :‬األسلوبية‪ ،‬تى‪ :‬منذر عياشي‪ ،‬ص ‪.80-72‬‬


‫‪ 2‬أمحد درويش‪ :‬دراسة يف األسلوب بني املعاصىة والرتاث‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 3‬يوسف أبو العدوس‪ :‬األسلوبية الىؤية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ 4‬بشري تاوريت‪ :‬احلقيقة الشعىية يف ضوء املناهج النقدية املعاصىة ا لنظىيات الشعىية‪ ،‬دراسة يف األصول واملفاهيم‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1‬‬
‫‪2010‬م‪ ،‬ص ‪.157‬‬
‫‪36‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لذا كانت أسلوبيته تىصد السمات األسلوبية‪ ،‬وميكن أن تتنوع وختتلف وأن تفسى بواسطة اخلصائص‬

‫السيكولوجية اليت تتمتع هبا أو خيتلف هبا كاتب عن كاتب‪ 1.‬وهذا يعين أن األسلوبية تبحث عن العالقة بني ما هو‬

‫نفسي وما هو لساين‪ ،‬فما هو نفسي متعلق باملبدع‪ ،‬ومتعلق بفحص لغة النص‪ ،‬اليت تبحث فيها عن االحنىافات‬

‫فاملسلك الذي سلكه "لوسبيتزر" أن أول أمىه بالعثور على االنزياح يف األسلوب قياسا على االستعمال الشائع مث‬

‫تقديىه باعتباره مسة معتربة مث املالئمة بينه وبني األثى األديب‪.‬‬

‫كما استفاد من أحباث علم النفس يف إلقاء الضوء على األصل االشتقاقي لبعض السمات األسلوبية الفىدية‬

‫لكاتب ما أو شاعى‪ ،‬ألن حقل املبدع أثناء إبداعه لعمله الشعىي أو النثىي أشبه بنظام مشسي تنجذب إىل مساره‬
‫‪2‬‬
‫العناصى كلها وللغة دوافع معقدة‪ ،‬وهذا كله يؤثى يف املظهى اللفظي للنص‪.‬‬

‫وهذا يعين أنه ينطلق من النص األديب دون االعتماد على فكىة رخارجة عليه‪.‬‬

‫كما أن هلذه األسلوبية عدة تسميات تتمثل يف ما يلي‪:‬‬

‫هذه األسلوبية هي نقد لألسلوب ودراسات لعالقات التعبري مع الفىد أو مع اجملتمع الذي أنشأها‬

‫واستعملها‪ ،‬ومن هنا ميكن أن ينظى هلا بأهنا دراسة تكوينية وليست معيارية كما أن هذه األسلوبية مل تلغي الدراسة‬
‫‪3‬‬
‫التارخيية كما فعل "شارل بايل" يف أسلوبيته‪.‬‬

‫‪0-2-1‬األسلوبية األدبية‪.‬‬

‫تزعم هذه املدرسة "كارل فوسلري" الذي تأثى بكتاب الفيلسوف األملاين "كىوشيته" (اجلمال كعلم للتعبري‬

‫وعامل اللغة العام) والذي يلفت فيه العلماء اللغة إىل أننا كلما قمنا بتحليل التعبري وجدنا أنفسنا أمام ظاهىة مجالية إذ‬

‫‪ 1‬إبىاهيم حممود رخليل‪ :‬النقد األديب احلديث‪ ،‬دار املسرية للنشى والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص ‪.111‬‬
‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬حسن ناظم‪ :‬البىن األسلوبية‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪37‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أن اللغة نفسها تعبري رخالص‪ ،‬ومن مت فهي علم اجلمال وهذا التصور أسلويب‪ ،1‬إذ أن الشكل العادي للتعبري عند‬

‫"كىوشيتيه" دائما رخيايل موسيقي بقدر ما هو تعبريي‪.‬‬

‫ولقد كان هلذا التفكري التأثري البالغ على "كارل فوسلري" حيث كتب ل "كىوشيته" يعده بتقدمي حتليل مجايل‬

‫رخالص يبحث فيه عن العالقة بني اإليقاع والقافية واألسلوب وكان بوسعه أن يعرب على نفس الفكىة يف كتبه علم‬

‫اجلمال ومن هنا يثبت عند فولتري فكىة مفادها أن علم األسلوب ميثل اجملال اللغوي كمنظور وتاريخ‪ ،‬وكان هذا‬

‫مدرخل "فوسلري" إلضافته الىئيسية لعلم األسلوب على أساس تصور األسلوب كمصب جلميع وسائل التعبري‬
‫‪2‬‬
‫اجلمالية‪.‬‬

‫وهذا ما عرب عنه "متام حسان" والبالغيني عند العىب القدماء بأن الوجه البالغي هو التعبري عن فكىة واحدة‬
‫‪3‬‬
‫مببان خمتلفة أي تعدد البيان للمعىن الواحد‪.‬‬

‫ويالحظ هذا النوع من التدارخل والتخارج بني األسلوبية والبنيوية على اعتبار أن األوىل اشتقت من الفكى‬

‫اللغوي واألديب متأثىة بذات االجتاهات اليت سامهت يف تشكيل البنيوية‪ ،‬وبالتايل هناك نوع من الرتابط بني األلسنية‬

‫من جهة واجتاهات دراسة األساليب التعبريية من جهة ثانية‪ ،‬وعلى أنه من الطىيف أن "بايل" كان يعىن باملظهى‬
‫‪4‬‬
‫اللغوي لألسلوب رخارج نطاق األدب ويىكز على اجلانب العاطفي يف تشكيل مسات مميزة لألساليب اللغوي‪.‬‬

‫وقد بني " بايل"‪ :‬أن موضوع األسلوبية بأهنا تدرس أسلوبية وقائع التعبري اللغوي من ناحية مضامينها‬
‫‪5‬‬
‫الوجداين‪ ،‬أي أهنا تدرس الوقائع احلساسة املعرب عنها لغويا كما تدرس فعل الوقائع اللغوية على احلساسية‪.‬‬

‫‪ 1‬صالح فضل‪ :‬علم األسلوب ومبادئه وإجىاءاته‪ ،‬ص ‪.44‬‬


‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ 3‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 4‬صالح فضل‪ :‬مناهج النقد املعاصى‪ ،‬مرييت للنشى واملعلومات‪ ،‬القاهىة‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ 5‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫املالحظ أن "بايل" يف تقسيمه املألوف عن الظاهىة الكالمية ويصنف الواقع اللغوي تصنيفا آرخى إذ يى أن‬

‫اخلطاب نوعني "ما هو حامل لذاته غري مشحون البنية‪ ،‬وما هو حامل للعواطف واخللجان‪ ،‬وتبعا لذلك حدد حقل‬

‫األسلوبية بظواهى تعبري الكالم وفعل ظواهى الكالم على احلساسية‪.‬‬

‫ذلك املضمون هو الذي ينبغي دراسته عرب العبارة اللغوية «مفىدات وتىاكيب دون حبث رخصوصية املتكلم‬

‫ألهنا من ارختصاص البحث األديب واألسلويب لألسلوبية اليت هي جزء من الدراسة اللسانية العامة‪ ،‬كما غض النضى‬
‫‪1‬‬
‫عن استخدام املؤلف للقيم التعبريية وللتساؤل عن رخواص الشخصيات واملواقف أو إيقاع العمل األديب»‪.‬‬

‫إذ يعد األسلوب واحدا من علوم اللغة كعلم األصوات‪ ،‬الرتاكيب والصيغ‪ ،‬فدعا إىل عدول علم اللغة عن‬

‫املنهج التارخيي واعتماده التلقائية الطبيعية املتكلمة‪.‬‬

‫‪ 1-2-1‬األسلوبية البنيوية‪.‬‬

‫من أكثى املذاهب األسلوبية شيوعا اآلن‪ ،‬وهي امتداد متطور ملذاهب "بايل" يف األسلوبية الوصفية‪ ،‬ويى‬

‫أصحاب هذا االجتاه (ريفاتري‪ ،‬جاكسون) أن اللغة نظام أي جمموعة من االعتبارات تكمن قيمتها يف العالقات‬
‫‪2‬‬
‫املتبادلة فيما بينها فضمن البىن تتعدد وظيفتها‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس ال ميكن ألي عنصى من العناصى االنفصال عن بقية العناصى األرخى ‪ ،‬وذلك يف إطار‬
‫‪3‬‬
‫بنية لغوية متكاملة حتكمها عالقات خمتلفة تعطي القيمة األسلوبية دارخل النظام‪.‬‬

‫ركز "جاكبسون" يف حتليله للثنائية (رمز‪ ،‬رسالة) على اجلزء منهما‪ ،‬دون أن يهمل األول ألنه يعتقد أن‬

‫الىسالة هي التجسيد الفعلي للمزج بني أطىاف هذه الثنائية وهو مزج عرب عنه حني مسى إحد دراساته حول هذه‬

‫القضية (قواعد الشعى وشعى القواعد) وهو يعين بقواعد الشعى دراسة تعبريية الشعىية‪.‬‬

‫‪ 1‬نور الدين السد‪ :‬األسلوبية وحتليل اخلطاب‪ ،‬ص ‪.51‬‬


‫‪ 2‬بريجريو‪ :‬األسلوبية‪ ،‬تى‪ :‬منذر عياشي‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ 3‬بشري تاوريت‪ :‬األسلوبية يف الكتابات النقدية العىبية املعاصىة‪ ،‬دار آفاق للمعىفة‪ ،‬العدد ‪ ،118‬آذار ‪2010‬م‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويعين شعى القواعد دراسة الفعالية الناجتة عن وضع هذه الىسائل اليت يتم هبا التواصل ختتلف مع عوامل‬

‫كثرية ولكن تبقى هلا بعض الثوابت يسميها (املواصالت أو متغريات السىعة) ومن بينها هذا التقسيم الثالثي‬

‫للضمائى حيث اعتمد التطبيق‪ ،‬ضمائى املتكلم وضمائى املخاطب وضمائى الغائب وقابله مع التقسيم الثالثي‬

‫لوظائف اللغة ومثله يف الوظيفية التعبريية والوظيفة التأثىية والوظيفة الذهنية وقال أنه يلتقي مع التقسيم الثالثي يف‬
‫‪1‬‬
‫العمل األديب ويتمثل يف املؤلف (أنا)‪ ،‬القارئ (أنت)‪ ،‬الشخصيات (هو)‪.‬‬

‫يى أصحاب هذا االجتاه أن اللغة هي جمموعة من اإلشارات تكمن قيمتها يف العالقات املتبادلة فيما بينها‬

‫وعلى هذا األساس ال ميكن أن نفصل بني أجزاء هذه العناصى وبالتايل فهي مرتابطة فيما بينها‪ ،‬كما جند أن لكل‬

‫عمل أديب جيب أن تتوفى فيه هذه العناصى‪ :‬املؤلف‪ ،‬القارئ‪ ،‬الشخصيات‪.‬‬

‫‪ 2-2-1‬األسلوبية الوظيفية‪.‬‬

‫إن ما يلمس االنتقادات اليت كان يوجهها اللسانيون‪ ،‬ومنهم " جورج مونان" إىل بعض النقاد البنيويون‬

‫انطالقا من الىكيزة املعىفية اليت شيدت عليها اللسانيات صىحها‪ ،‬كما هي لد "سوسري" و"بلومفليد" وتتمثل يف‬

‫إقصاء الداللة‪ ،‬ودراسة املعىن من حقلها‪ ،‬وهذه من الصعوبات اليت واجهت البنيوية األدبية وهي تقرتب من النصوص‬

‫مبىجعية لسانية فكان على النقد البنيوي أن جيدد ارختياراته املنهجية لينتقل من اجلملة إىل اخلطاب ومن النسق احملايث‬
‫‪2‬‬
‫إىل النسق املفتوح الذي ينبغي أن حيتوي الداللة ويقىهبا من احملايثة اليت ينشدها‪.‬‬

‫وإذا كانت اللسانيات الوظيفية تنظى إىل الدراسة اللسانية نظىة وصفية‪ ،‬وتؤكد الطابع الصويت للسان‪ ،‬خمالفة‬

‫يف ذلك "املنهج الفيلولوجي" الذي كان يىكز على الكتابة بدل الصوت‪ ،‬وتنطلق من فكىة اليت هي أن اللسان‬

‫مؤسسة اجتماعية فإهنا تنفىد من اللسانيات العامة‪ ،‬واليت أرسى هلا "سوسري" دعائمها‪ ،‬يف كوهنا تىتكز على الطابع‬

‫‪ 1‬أمحد درويش‪ :‬دراسة األسلوب بني املعاصىة والرتاث‪ ،‬ص ‪.14-11‬‬


‫‪ 2‬أمحد يوسف‪ :‬القىاءة النسقية سلطة البنية وسلطة احملايثة‪ ،‬منشورات االرختالف‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪2001 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪40‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الوصفي للغة‪ 1.‬ويبىن هذا اإلجىاء عصبة غري قليلة من الدارسني ومنهم "أندري مارتيين" الذي جعل الدراسة الرتكيبية‬

‫الوصفية تبلغ مىحلة متميزة من مىاحل تطورها حيث كان جادا يف استئثار النتائج العملية احملققة يف جمال الدراسة‬

‫الفيزيولوجية استثمارها واسع وكان ذلك إدراكا منه ألمهية الدراسة الرتكيبية الوظيفية يف حقل األصوات‪ ،‬وهذه املدرسة‬

‫الوظيفية حتاول الكشف عما إذا كانت كل القطع الصوتية اليت عليها النص تؤدي وظيفة التبليغ أم ال‪.2‬‬

‫وقد أمجل "مارتني" الوظائف يف‪:‬‬

‫‪ -‬وظيفة اإلبالغ والتواصل‪.‬‬

‫‪ -‬وظيفة التفكري‪.‬‬

‫‪ -‬وظيفة التعبري الذايت‪.‬‬

‫‪ -‬الوظيفة اجلمالية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ولعل أهم هذه الوظائف حسب "مارتيين" الوظيفة التواصلية‪.‬‬

‫أما حلقة الرباغ (املدرسة البنيوية الوظيفية) فقد كان هلا فضل كبري على الكثري من االجتاهات اللسانية اليت‬

‫أتت بعدها‪ ،‬حيث حاول بعض أعضائها توسيع مدارك النسق بإرخىاجه من اإلطار اللساين احملدود إىل اإلطار األديب‬

‫الواسع‪ ،‬ومن أهم املبادئ الذي جتسد االجتاه الوظيفي هلذه املدرسة‪ ،‬اعتبار اللغة نظاما لوسائل االتصال وكل عناصى‬

‫اللغة ختدم هذه الوظيفة كما أن التقسيم الوظيفي للجملة يوضح كيفية ربط اجلملة باملوقف الكالمي الذي نشأ عنه‬
‫‪4‬‬
‫كما أن موضوع الكالم حسب "ماتىيوس" جيب أن يكون معلوما من قبل السامع لتحقيق عملية تواصلية سلمية‪.‬‬

‫بداش حنيفة‪ :‬رسالة ماجستري بالعنوان‪ :‬األسلوبية الوظيفية وموقعها من كتاب البيان يف روائع القىآن لتمام حسان‪ ،‬جامعة قسنطينة‪2008 ،‬م‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.12‬‬
‫‪ 2‬رخولة طالب إبىاهيم‪ :‬مبادئ يف اللسانيات‪ ،‬دار القصبة للنشى والتوزيع‪ ،‬اجلزائى‪ ،‬ط‪2000 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ 3‬أمحد يوسف‪ :‬القىاءة النسقية سلطة البنية والسلطة احملايثة‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ 4‬بداش حنيفة‪ :‬األسلوبية الوظيفية وموقعها من كتاب البيان يف روائع القىآن لتمام حسان‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪41‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ 6-2-1‬األسلوبية اإلحصائية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫قال "بريجريو" أن اإلحصاء ال يتواىن عن فىض نفسه أداة من األدوات األكثى فعالية يف دراسة األسلوب‪.‬‬

‫وكما هو معلوم فقد استوطن اإلحصاء سائى العقول املنهجية يف سياق غزو العلوم التجىيبية ومناهجها للعلوم‬

‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬ووجد اإلحصاء لنفسه منافذ متعددة يف دراسة الظواهى األدبية‪.‬‬

‫لذا جند املنهج اإلحصائي حياول أن يصل إىل حتديد مالمح األسلوبية للنص عن طىيق الكم‪ ،‬وهي بالتايل‬
‫‪2‬‬
‫تقوم على أبعاد احلدس لصاحل القيم العددية‪.‬‬

‫لقد استحسن الكثري من درخول الدراسة اإلحصائية إىل جمال علم األسلوب باعتبار أن البعد اإلحصائي يف‬

‫أي علم يعد أحد املعايري املوضوعية اليت ميكن من رخالهلا تشخيص األساليب ومتيز الفىوق بينهما‪.‬‬

‫يعىف "بريجريوا" األسلوب بأنه انزياح يعىف كميا بالقياس إىل معيار آرخى‪ 3.‬وهذا التعىيف مستند إىل‬

‫اإلحصاء‪ ،‬وكان "جون كوهن" قدم تشىيعا للقاء األسلوبية باإلحصاء مبا أهنا نظىية تعتمد اعتمادا كبريا على‬

‫اإلحصاءات اليت تقيس هبا مد ارتفاع شعىية‪ ،‬نصوص حقبة معينة بالنسبة إىل حقبة أرخى ‪.‬‬

‫يقول كوهن «لتكون األسلوبية علم االنزياحات اللغوية واإلحصاء علم االنزياحات عامة‪ ،‬فمن اجلائز‬

‫تضييق نتائج اإلحصاء على األسلوبية لتصبح الواقعية الشعىية وقتها قابلة للقياس ليربز كمتوسط تىد االنزياحات اليت‬
‫‪4‬‬
‫تقدمها اللغة الشعىية بالنظى إىل النثى‪».‬‬

‫ويؤدي هذا القول ويعده «بريجريو" الذي يى أن منوذجية األساليب تسمح بفك رخيوط تكىارية‪ ،‬فإذا‬

‫رسدنا مسات مشرتكة يف كل النصوص الشعىية‪ ،‬ورأينا أهنا غائبة يف النصوص النثىية‪ ،‬هنا نى أنه البد من وجود‬

‫‪ 1‬بريجريو‪ :‬األسلوبية‪ ،‬تى‪ :‬منذر عياشي‪ ،‬ص ‪.84‬‬


‫‪ 2‬هنىش بليت‪ :‬البالغة واألسلوبية حنو منوذج سيميائي لتحليل النص‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 3‬بريجريو‪ :‬األسلوبية‪ ،‬تى‪ :‬منذر عياشي‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪ 4‬حسن ناظم‪ :‬البىن األسلوبية‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪42‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫عالقة سبب وعلة بني الشعى وهذه السمات‪ ،‬ونى هنا أيضا أن اإلحصاء يسمح لنا بتقديى االنزياح‪.‬‬

‫من رخالل ما ذكى ميكن إعطاء تعىيف شامل لألسلوبية اإلحصائية‪ :‬على أهنا منهج لتحليل النصوص‬

‫األدبية ينطلق من فىضية إمكان الوصول إىل املالمح األسلوبية للنص عن طىيق الكم‪ ،‬ويقرتح إجياد احلدس لصاحل‬
‫‪2‬‬
‫القيم العددية‪ ،‬وكلما كانت اإلجىاءات دقيقة كلما كان املنت احمللل واسعا كانت نتائج اإلحصاء دقيقة‪.‬‬

‫‪ 0-1‬عالقة األسلوبية بالعلوم األخرى‪.‬‬

‫من الواضح أن األسلوبية هلا عالقات تتدارخل مع العلوم األرخى وهي أقىب ما تكون إليها‪ ،‬ويف مقدمتها‬

‫البالغة واللسانيات والنقد‪ ،‬كما استفادت األسلوبية منها أيضا‪:‬‬

‫‪ 1-0-1‬عالقة األسلوبية بالبالغة‪.‬‬

‫«يقى الدارسون بوجود عالقة محيمة بني البالغة واألسلوبية وذلك من رخالل جمموعة مثل بريجريو يؤمن بأن‬
‫‪3‬‬
‫األسلوبية وريثة البالغة‪ ،‬وهي بالغة حديثة ذات شكل مضاعف إهنا علم التعبري ونقد األساليب الفىدية»‪.‬‬

‫جند أن األسلوبية هلا عالقة كبرية وقوية مع البالغة‪ ،‬حيث تعترب األسلوبية بدون البالغة ال شيء‪ ،‬وبالتايل‬

‫فهي جزء من البالغة وجزء من األسلوبية‪ ،‬ومها مرتابطان معا للوصول إىل دراسات حول النص األديب‪.‬‬

‫أما "شكىي عياد" فري أن األسلوبية ذات نسب عىيق يف العىبية يظهى ذلك يف كتابه "مدرخل إىل علم‬

‫األسلوب"‪ ،‬ويف قوله‪« :‬ولكنين إذ أقدم إليك هذا الكتاب ال أغىيك ببضاعة جديدة مستوردة فعلم األسلوب ذو‬
‫‪4‬‬
‫نسب عىيق عندنا‪ ،‬ألن أصوله تىجع إىل علوم البالغة»‪.‬‬

‫نستنتج أن األسلوبية أصوهلا حقيقية‪ ،‬يىجع ذلك إىل علوم البالغة وذلك من رخالل كتاب "مدرخل إىل علم‬

‫األسلوب" حيث حتدث عن صلتها ونسبها العىيق جدا‪ ،‬وبالتايل فاألسلوبية هلا صلة وثيقة بالعلوم األرخى ‪.‬‬

‫‪ 1‬بريجريو‪ :‬األسلوبية‪ ،‬تى‪ :‬منذر عياشي‪ ،‬ص‪.141‬‬


‫‪ 2‬هنىيش بليت‪ :‬البالغة واألسلوبية حنو منوذج مسيائي لتحليل النص‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 3‬ينظى‪ :‬يوسف أبو العدوس‪ :‬األسلوبية الىؤية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ 4‬شكىي عياد‪ :‬مدرخل إىل علم األسلوب‪ ،‬مكتبة اجلربة العامة‪ ،‬ط‪1222 ،2‬م‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪43‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وعلى الىغم من هاته الصلة الوثيقة اليت تىبط كال منها باألرخى ‪ ،‬فإنه من غري املعقول أن تقوم األسلوبية‬

‫مقام البالغة والعكس صحيح فقد فىقت بني العلمني جوانب عدة ميكن إمجاهلا يف النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أولت األسلوبية اهتماما كبريا باملخاطب وحالته النفسية واالجتماعية‪ ،‬بوصفه أحد العناصى الثالثة إىل تشكل‬

‫العملية اإلبداعية‪ ،‬يف حني أغفلت البالغة املخاطب واعتنت حبالته اعتناء بالغ‪ ،‬وذلك حديث العلماء املفصل عن‬
‫‪1‬‬
‫مطابقة الكالم ملقتضى احلال‪.‬‬

‫‪ -‬هتتم األسلوبية اهتماما كبريا بقضية الذوق الشخصي للمبدع فهو الذي يبدع اللغة إبداعا يتناسب مع تكوينه‬
‫‪2‬‬
‫النفسي واالجتماعي والثقايف‪ ،‬دون اعتماده على مناذج الىاقية واملصطفاة وعلى بالغة اللغة نفسها‪.‬‬

‫‪ -‬البالغة علم معياري يىسل األحكام التقييمية‪ ،‬بينما تعزف األسلوبية عن إطالق تلك األحكام على العمل‬

‫األديب‪ ،‬فمهمة األسلوبية تكمن يف البحث عما يقبع رخلف ذلك الكائن اللغوي‪ ،‬وبيان داللته ورصد مواطن اإلبداع‬
‫‪3‬‬
‫فيه‪.‬‬

‫وجند حممد عزام من بني الدارسني الذي أقىوا بوجود ارختالف بني البالغة واألسلوبية حيث‬

‫يقول‪« :‬أن البالغة علم معياري يىصد األحكام املعيارية التقييمية‪ ،‬ويىمي إىل "تعلم" مادته وموضوعه هو البالغة‬

‫البيان أما األسلوبية فتنفي عن نفسها كل معيارية وتعزف عن إرساء األحكام التقييمية باملدح والذم‪ ،‬وال نسعى إىل‬

‫غاية علمية حبثة‪ ،‬فالبالغة حتكم مبقتضى أمناط مسبقة وتصنيفات جاهزة بينهما تتحدد األسلوبية بقيود منهج العلوم‬
‫‪4‬‬
‫الوصفية»‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظى‪ :‬يوسف أبو العدوس‪ ،‬األسلوبية الىؤية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.51‬‬


‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ :‬ص ‪.51‬‬
‫ينظى‪ :‬املىجع نفسه‪ :‬ص ‪.71‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬حممد عزام‪ :‬األسلوبية منهجا نقديا‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪( ،‬دط)‪1282 ،‬م‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪44‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫نستخلص من هذا القول أن هذا ما مييز البالغة عن األسلوبية‪ ،‬حيث أن األوىل معيارية والثانية وصفية‪ ،‬وأن‬

‫البالغة فصلت بني ثنائية الشكل واملضمون أما األسلوبية فقد عملت على الىبط بني قطيب هذه الثنائية‪ ،‬فالنص‬

‫كيان لغوي واحد بدواله ومدلوالته‪.‬‬

‫‪ 2-0-1‬عالقة األسلوبية باللسانيات‪.‬‬

‫إن عالقة األسلوبية باللسانيات هي عالقة وطيدة حيث يقول عبد السالم املسدي عن هذه العالقة‪« :‬أن‬

‫األسلوبية تىتبط باللسانيات ارتباط الناشئ بعلة نشوءه فقد تفاعل علم اللسان مع مناهج النقد حىت أرخصته فأرسى‬

‫معه قواعد األسلوب وما فتئت دعائمه وجتلت رخصائصه فيفىد مبضمون معىيف جعله رخليفا مبجادلة اآلرخى يف فىضياته‬
‫‪1‬‬
‫وبىاهينه مما يتوسل به إىل قىار وحقائقه»‪.‬‬

‫يظهى لنا أن األسلوبية تىتبط باللسانيات ارتباطا قوي ومع ذلك فإن األسلوبية هويتها النوعية‪ ،‬فقد تفاعل‬

‫علم اللسان مع مناهج النقد‪ ،‬مما أصبحت صلة بينهما قوبة ومتفاعلة وذلك من رخالل إعطاء بىاهني وفىضيات من‬

‫أجل الوصول إىل حلول وحقائق حول دراسات النص األديب‪.‬‬

‫كما علق "ميشال ايىفاي" و"دوالس و"ريفاتري" «عن قضية اعتبار األسلوبية من املعارف املتخصصة بذاهتا‬

‫واعتبارها جمىد مواصفة لسانية أو منهجا نقديا فاعترب األول األسلوبية وصفا للنص األديب حسب طىائق مستقاة من‬

‫اللسانيات‪ ،‬وهذا إثبات يف تبعية األسلوبية للسانيات واعترب الثاين األسلوبية بأهنا منهج لساين‪ ،‬وهو تأكيد غري بعيد‬
‫‪2‬‬
‫عن األول وينهي ريفاتري إىل اعتبار األسلوبية لسانيات تعىن بظاهىة محل النص على فهم معني وإدراك منصوص»‪.‬‬

‫ومن رخالل هذا القول يتضح لنا أن كل "ايىفاي" و"دوالس" و"ريفاتري" من تعىيف األسلوبية بأهنا علم‬

‫يهدف إىل الكشف عن العناصى املميزة‪ ،‬واليت يستطيع املؤلف مىاقبة حىية اإلدراك لد القارئ‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد السالم املسدي‪ :‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬ص ‪.05 -01‬‬


‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ :‬ص ‪.48‬‬
‫‪45‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ويضيف "جاكيسون" تبعية األسلوبية للسانيات يف أن «األسلوبية فن من أفنان شجىة اللسانيات»‪.‬‬

‫ومن رخالل هذا القول أن األسلوبية هي جزء من أجزاء اللسانيات فهي مبثابة عنصى أساسي هلا فال‬

‫األسلوبية تستطيع أن تتخلى عن اللسانيات‪ ،‬وال اللسانيات تستطيع أن تتخلى عن األسلوبية فهما مكمالن‬

‫لبعضهما البعض‪.‬‬

‫وهناك العديد من املالحظات عن الفىق بني اللسانيات واألسلوبية وهي‪:‬‬

‫اللسانيات‪.‬‬

‫‪ -1‬تعىن بدراسة اجلملة‪.‬‬

‫‪ -2‬تعىن بالتنظري للغة بكوهنا مشكال مفرتضا‪.‬‬

‫‪ -1‬تعىن باللغة من حيث هي مدرك جمىد متثله قوانينها‪.‬‬

‫‪ -4‬تدرس اللغة وتسعى إىل كشف القوانني اليت حتكمها‪.‬‬

‫األسلوبية‪.‬‬

‫‪ -1‬تعىن باإلنتاج الكلي للكالم‪.‬‬

‫‪ -2‬تتجه حنو املنجز فعال (الكالم)‪.‬‬

‫‪ -1‬تعىن باللغة من حيث األثى الذي ترتكه يف نفس املتلقي‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -4‬تىكز على القيمة البالغية واإلفهامية‪.‬‬

‫نالحظ من رخالل هذا الفىق بني كل من اللسانيات واألسلوبية أهنم يبحثون عن اللغة والصياغة دارخل‬

‫اخلطاب األديب‪ ،‬وكذلك نى أن أصحاب هذا االجتاه أنكىوا العالقة املوجودة بني اللسانيات والنقد‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد السالم املسدي‪ :‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬ص ‪.47‬‬


‫‪ 2‬عبد الغين ناصىي‪ :‬قصيدة "سىحان يشىب القهوة يف الكافيترييا" حملمود درويش‪ ،‬دراسة أسلوبية‪ ،‬مذكىة مقدمة لنيل شهادة املاسرت يف اآلداب واللغة‬
‫العىبية‪ ،‬كلية اآلداب واللغات‪ ،‬جامعة حممد رخيضى‪ ،‬بسكىة‪2011 ،‬م‪2015-‬م‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪46‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪0-0-1‬عالقة األسلوبية بالنقد‪.‬‬

‫إن العالقة بني األسلوبية والنقد هي عالقة موضوعية‪ ،‬حيث يوجد ارختالف يف املنهج‪ ،‬فاألسلوبية حتاول أن‬

‫تدرس ما هو دارخل النص على عكس النقد‪ ،‬حيث أن األسلوبية تىتكز على ظاهىة لغوية تبحث على أسس اجلمال‬

‫احملتمل قيام الكالم عليه‪.‬‬

‫والنقد يعتمد يف ارختيار عنصىين الصحة واجلمال‪ ،‬والصحة مادة الكالم أما اجلمال فهو جوهىه‪ ،‬وتكون‬

‫األسلوبية مبثابة القنطىة اليت تىبط نظام العالقات بني اللغة والنقد األديب‪ ،‬حيث يهدف إىل إصدار األحكام والقيم‬

‫بينما األسلوبية تكشف على الرتاكيب والقيم اجلمالية‪ ،‬حيث «تعد األسلوبية مدرسة لغوية تعاجل النص األديب من‬

‫رخالل عناصىه ومقوماته الفنية وأدواته اإلبداعية متخذة من اللغة والبالغة جسىا تصف به النص األديب‪ ،‬أما النقد‬

‫فيعتمد يف ارختياره عنصى من الصحة واجلمال والصحة مادة الكالم أما اجلمال فجوهىه تكون األسلوبية مبثابة مهزة‬
‫‪1‬‬
‫وصل اليت تىبط نظام العالقات بني علم اللغة والنقد األديب»‪.‬‬

‫وعليه يكون االندماج بني األسلوبية والنقد‪ ،‬فالنقد جزء من األسلوبية واألسلوبية جزء من النقد‪ ،‬فهي متثل‬

‫اجتاهات وتصىفات وهي تتعاون معا للوصول إىل أعماق النص األديب‪.‬‬

‫ومع ذلك فإن األسلوبية والنقد يلتقيان من حيث جمال دراستهما يف هذا الصدد قال فتح اهلل أمحد سليمان‬

‫«األسلوبية والنقد يلتقيان من حيث جمال دراستهما هو األدب وبتحديد أدق النص األديب‪ ،‬ولكن األسلوبية تدرس‬

‫األثى األديب مبعزل عما حييط به من ظىوف سياسية أو رخارجية‪ ...‬وغريها فمجال عملها النص فحسب‪ ،‬أما النقد‬
‫‪2‬‬
‫فال يغفل يف أثناء دراسته للنص‪ ،‬تلك األوضاع احمليطة به»‪.‬‬

‫ومن رخالل القول يتبني لنا أن األسلوبية تدرس األثى األديب مبعزل عن األوضاع احمليطة به وأما النقد فهو‬

‫العكس صحيح فهو يدرس األثى األديب وكذلك يدرس األوضاع احمليطة به‪.‬‬

‫‪ 1‬يوسف أبو العدوس‪ :‬األسلوبية الىؤية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ 2‬فتح اهلل أمحد سليمان‪ :‬األسلوبية مدرخل نظىي ودراسة تطبيقية‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪47‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وعلى الىغم من ذلك فإن األسلوبية والنقد هلم عالقة جدلية قائمة على ما ميكن أن يقدمه كل طىف‬

‫لآلرخى‪ ،‬فكالمها يستطيع أن ميد اآلرخى خبربات متعددة واستقائها يف جمال الدراسة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وميكن توضيح العالقة بني علم اللغة واألسلوبية من رخالل الشكل اآليت‪:‬‬

‫اللغة‬

‫مناهج‬ ‫مستويات‬
‫النقد‬ ‫التحليل‬

‫ناقد‬ ‫ناقد‬ ‫المحلل األسلوبي‬ ‫اللغوي‬

‫النقد األدبي‬ ‫علم األسلوب‬ ‫علم اللغة‬

‫الحدس‬

‫ناقد أسلوبي‬

‫األسلوبية‬

‫‪ 1‬يوسف أبو العدوس‪ :‬األسلوبية الىؤية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.12-18‬‬


‫‪48‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خامسا‪ :‬مستويات التحليل األسلوبي‪.‬‬

‫يقوم التحليل األسلويب بدوره على عدة مستويات تتجسد على مستو النص األديب‪ ،‬هذا ملا حيتوي عليه‬

‫النص من مستويات فنجد املستو الصويت واملستو النحوي واملستو الداليل واملستو الرتكييب‪.‬‬

‫‪ 1-2‬المستوى الصوتي‪.‬‬

‫يتناول املستو الصويت دراسة النظام الصويت للغة ما‪ ،‬وهذا النظام يتضمن عددا من الوحدات والفصائل‬

‫وختتلف من لغة إىل أرخى وفق طبيعة هذه اللغة‪ ،‬فاللغة االجنليزية مثال تتميز بأهنا ذات توقيت نربي مبعىن أن النربة يف‬

‫اللغة االجنليزية املنطوقة يقع على مسافات زمنية متساوية مهما ارختلف عدد املقاطع يف كل وحدة‪ ،‬فإذا قلنا‪:‬‬

‫‪/THIS IS THE / THOUSE THAT/ JACK/ BUILT‬‬


‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫فإن هذه اجلملة من الناحية الصوتية تتكون من أربع وحدات إيقاعية تستغىق كل وحدة منها نفس الزمن‬

‫الذي تستغىقه الوحدات األرخى ‪ 1.‬رغم تفاوت عدد املقاطع يف كل منها إذ أن الوحدة األوىل تتكون من ثالث‬

‫مقاطع يف حني تتكون الثانية من مقطعني اثنني‪ ،‬أما الثالثة والىابعة فتتكون من مقطع واحد فقط‪ ،‬أما اللغة العىبية‬

‫فتتميز شأهنا شأن اللغة الفىنسية بأهنا ذات توقيت مقطعي‪ SYLLABBLE TIMING‬أي أن كل مقطع يف اللغة‬

‫العىبية املنطوقة يستغىق تقىيبا نفس الوقت الذي تستغىقه املقاطع األرخى يف اجلملة‪ ،‬سواء كانت هذه املقاطع ذات‬

‫نرب قوي أو ضعيف‪ ،‬ولذا فإن اجلملة اليت تتكون –على سبيل املثال‪ -‬من اثنيت عشىة مقطعا تستغىق ضعف الزمن‬

‫َّرس" تتكون من اثنيت عشىة‬


‫"الولَ َدان يَكْتُبَا ْن الد َ‬
‫الذي تستغىقه اجلملة املكونة من ستة مقاطع‪ ،‬فجملة َ‬
‫مقطعا‪ ،‬وتستغىق ضعف الوقت أو املسافة الزمنية اليت تستغىقها مجلة "يُ َذاك ُى أَرخي" اليت تتكون من ستة‬

‫مقاطع‪ ،‬وخيتلف تىكيب املقاطع من لغة إىل أرخى ‪ ،‬ففي اللغة االجنليزية جند أنواعا من املقاطع يبلغ عددها اثنيت عشىة‬

‫‪ 1‬علي عزت‪ :‬االجتاهات احلديثة يف علم األساليب وحتليل اخلطاب‪ ،‬شىكة أبو اهلول للنشى‪ ،‬دار نوبار للطباعة‪ ،‬القاهىة‪ ،‬ط‪1225 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪49‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مقطعا‪ ،‬أما يف اللغة العىبية (اللهجة العامية املصىية)‪ ،‬فيمكن متييز مخسة أمناط أو أنواع من املقاطع‪ ،‬فإذا افرتضنا أن‬

‫كل مقطع يبدأ بصوت ساكن )‪ (CONSOMONT‬جند لدينا األمناط التالية اليت تتكون من أصوات ساكنة‬

‫ومتحىكة‪:1‬‬

‫‪ -1‬مقطع قصري‪ :‬ويتكون من صوت ساكن‪ +‬صوت متحىك مثال‪ :‬املقطع األول يف كلمة (سخ ْن) أو (بىْد) أو‬

‫(نزْل) أو (فه ْم)‪( ،‬تعترب الفتحة والكسىة والضمة أصوات متحىكة قصرية)‪.‬‬

‫صة)‬
‫‪ -2‬مقطع متوسط‪ :‬يتكون من صوت ساكن‪ +‬صوت متحىك‪ +‬صوت ساكن‪ ،‬مثل املقطع األول يف كلمة (فُ ْى َ‬
‫أو (نام) أو (صوم)‪.‬‬

‫‪ -1‬مقطع متوسط‪ :‬يتكون من ساكن ‪ +‬متحىك ‪ +‬متحىك‪ ،‬أي متحىك طويل مثل املقطع األول يف كلمة (عارف)‬

‫أو (نامي) أو (بارد) ‪.‬‬

‫‪ -4‬مقطع طويل‪ :‬يتكون من ساكن‪ +‬متحىك‪ +‬متحىك‪ +‬ساكن مثل كلمة (صام) أو (عام) أو (نام) أو (صوم)‪.‬‬

‫(عدَّ)‪( ،‬بنت) ومثل املقطع‬


‫ب)‪َ ،‬‬
‫(ح َّ‬
‫‪ -1‬مقطع طويل‪ :‬يتكون من ساكن‪ +‬متحىك‪ +‬ساكن‪ +‬ساكن‪ ،‬مثال كلمة َ‬
‫األرخري يف كلمة ( ضىبت) (يستعد) تعترب الشدة تصعيب للصوت الساكن‪.‬‬

‫نالحظ أن هذه املقاطع صنفت حسب ما تتكون حىوفه‪.‬‬

‫من الناحية األسلوبية ميكن للمحىر اللغوي أن يدرس بعض أو كل مالمح الفونولوجيا املميزة اليت‬

‫يستخدمها الكاتب يف أسلوبه مثل تكىار األصوات الساكنة أو املتحىكة بشكل معني ومثل دراسة املقاطع من حيث‬

‫الطول والقصى والتوازن الذي حيدث بني الرتكيب املقطعي لبعض الكلمات إلحداث إيقاع معني‪ ،‬والوزن يف الشعىية‬

‫والنغمة الكالمية )‪ (INTANATION‬وحدة الصوت‪ (PITCH) ،‬وعالقته‬ ‫‪STRESS‬‬ ‫وطىيقة استخدام النرب‬

‫علي عزت‪ :‬االجتاهات احلديثة يف علم األساليب وحتليل اخلطاب‪ ،‬ص‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪50‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫باإليقاع )‪ (RHYTHEM‬يف األداء الصويت للغة املنطوقة إىل جانب احملسنات البديعية التقليدية املعىوفة يف النقد‬
‫‪1‬‬
‫األديب‪ ،‬مثل اجلناس التام‪ ،‬اجلناس الناقص والسجع‪...‬إخل‪.‬‬

‫‪( 2-2‬المستوى النحوي)‪.‬‬

‫ويتشكل هذا اإلطار من فصول التحليل األسلويب يف دراسة النصوص ويتمثل هذا اإلطار يف جمموعة‬

‫املعاين اليت تتصل باألبواب النحوية‪.‬‬

‫إن جمموعة املعاين اليت يفيدها الرتكيب النحوي كاخلرب واإلنشاء والنفي واإلثبات‪ ،‬وقد أفادت األسلوبية‬

‫من الدراسات النحوية كاملقابلة بني اخلرب واإلنشاء والشىط اإلمكاين مقابل الشىط اإلمتناعي واملدح مقابل الذم‬

‫واجلديى بالذكى أن األسلوبيات أفادت كثريا من املباحث اليت قدمها "تشومسكي" يف النحو التوليدي‪ ،2‬فاللغة‬

‫ليست جمىد أصوات فحسب‪ ،‬بل تنظم هذه األصوات يف وحدات أكرب من الكلمات والعبارات‬

‫واجلمل‪ ،‬فاملستو النحوي يقوم بدراسة تىكيب ونظام هذه الوحدات وكيفية استخدامها يف متواليات أفقية‪ ،‬وملا‬

‫كانت اللغة ختتلف عن بعضها البعض‪ ،‬فإن كل لغة تتميز بوحدات وفصائل خمتلفة عن وحدات وفصائل اللغات‬

‫األرخى ‪ ،‬هذه الوحدات تعىف على أسس ومعايري ختتلف عن األسس واملعايري اليت تستخدم يف تعىيف والوحدات‬

‫والفصائل الصوتية‪ ،‬ففي اللغة العىبية مثال هناك أجزاء الكالم اسم وفعل وحىف‪ ،‬مث شبه اجلملة اليت تتكون من‬

‫اجلار واجملىور أو الظىف بنوعيه الزمان واملكان مث اجلملة بنوعيها االمسية والفعلية‪ ،‬أما يف اللغة االجنليزية فتبدأ‬

‫بطبقات الكلمات ‪ word classes‬مثل األمساء واألفعال والصفات والظىف‪ ،‬مث باجملموعات بنوعيها االمسية‬

‫والفعلية مثل العبارات والوصفية والعبارات الظىفية‪ ،‬مث اجلملة اليت تعترب أكرب وحدة حنوية ميكن تعىيفها‪ ،‬وميكن‬

‫متثيل هذه الوحدات الوصفية يف اللغة االجنليزية مىتبة يف تسلسل هىمي كما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬علي عزت‪ :‬االجتاهات احلديثة يف علم األساليب وحتليل اخلطاب‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪51‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مجلة‬

‫عبارة‬

‫جمموعة‬

‫كلمة‬

‫وحدة صىفية (مورفيم)‬

‫ويعين السهم هنا أن اجلملة يف اللغة االجنليزية قد تتكون من عبارة واحدة أو أكثى‪ ،‬وأن العبارة ترتكب من‬

‫جمموعة أو أكثى واجملموعة من كلمة أو أكثى والكلمة من وحدة حنوية كما نالحظ أن تىتيب الكلمات يف اجلملة‬

‫هو أيضا جزء من البنية الدارخلية للغة‪.‬‬

‫وقد جى العىف يف دراسة النحو على أن يقسم إىل قسمني‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫الصرف‪ :‬وهو دراسة الرتاكيب الدارخلية للكلمات واشتقاقها‪.‬‬

‫النظم أو التراكيب‪ :‬وهي دراسة العالقات اخلارجية بني هذه الكلمات وطبقات الكلمات‪.‬‬

‫فالدراسة األسلوبية فيما خيتص باملستو النحوي فمن املمكن إبىاز نوع اجلمل الشائعة يف أسلوب‬

‫الكاتب من الكتاب حيث يكون منطا مميزا عن غريه‪ ،‬فقد يؤثى الكاتب استخدام اجلمل البسيطة واجلمل‬

‫املىكبة‪ ،‬وقد تشيع يف أسلوبه اجلمل الفعلية أكثى من االمسية أو العكس‪.‬‬

‫‪ 0-2‬المستوى الداللي أو المنهجي‪.‬‬

‫ويتمثل يف دراسة معاين الكلمات وداللتها يف النص‪ ،‬فاأللفاظ ليست إشارات أو عالمات كاشفة‬

‫للغىض من احلديث‪ ،‬فهذه العالمة أو اإلشارة تتكون من دال ومدلول‪ ،‬فالدال هو الصورة الصوتية‬

‫‪ 1‬علي عزت‪ :‬االجتاهات احلديثة يف علم األساليب وحتليل اخلطاب‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪52‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اللفظية‪ ،‬واملدلول هو الصورة الذهنية (املعىن) لذلك الدال وهذه األلفاظ حتمل معاين حقيقية مثل الشجىة‬

‫فالشجىة هلا مدلول عيين وهو الشجىة نفسها‪ ،‬وهلا مدلول ذهين وهو تصوره هلا ووجودها يف ذاكىته‪ ،‬فإذا كنت‬

‫األسلوبية هي البحث يف اللغة بأكملها وليس يف جانب واحد‪ ،‬فقد دعى "بايل" مدرسته إىل دراسة اللغة يف‬

‫عالقتها املتبادلة وإىل ارختيار مد ما حيتويه كل تعبري من عناصى وإزاء هذه االرختيارات فإن دراسة التعبريات‬

‫يتوقف فهمها على دراسة اللغة مبستوياهتا‪ 1.‬كما يعىن املستو الداليل بدراسة بعض اجلمل والعبارات يف النص‬

‫وهو معىن يتجاوز معىن املفىدات كل على حدا وتتناول هذه املوضوعات أو األغىاض اليت يعىض هلا الكاتب‬

‫وطىيقة عىضه هلا وتطورها يف العمل الفين‪ -‬املفاهيم اليت تشيع يف النص ككل واستخدام ألوان احملسنات البديعية‬

‫واملهارات اللفظية يف التعبري عن أفكاره وصوره كاالستعارة والتشبيه والتورية والىمز واملبالغة والتصغري واالستفهام‬

‫البالغي والتلميح ‪ ...‬ومييل بعض اللغويني إىل استبعاد هذا املستو من التحليل اللغوي بوصفه غري رخاضع ملعايري‬

‫موضوعية ولذلك يقرتح الىبط بني املستو الداليل وبقية املستويات اللغوية ألهنا متكن من استكشاف العالقة بني‬
‫‪2‬‬
‫كل أو بعض األغىاض اليت تناوهلا الكاتب وبعض السمات اليت تىتبط أو تشيع هذا الغىض أو ذاك‪.‬‬

‫ففي املستو الداليل يتم استغالل كل قدرات القارئ يف حماولة إدراك معاين النص املىتبطة مبقاصد‬

‫اخلطاب هلذا يشدد على فكىة أن يكون ا حمللل أو القارئ واسع الثقافة وكثري املطالعة والقىاءة على األقل يكون‬

‫على جنس النص الذي يدرسه‪ ،‬وهبذا يصبح النص حقال دالليا ثىيا‪ ،‬تتعدد فيه القىاءات والتفاسري‪ ،‬فاحتا الباب‬

‫إلبداعات أرخى ‪ ،‬فبفضل املستو الداليل يستطيع معىفة معاين اجلمل والعبارات يف النصوص والفوضى يف‬

‫مدلوالهتا اخلفية اليت جيعلها الكاتب غري مكشوفة‪.‬‬

‫‪ 1‬حسيبة بو الىوايح وسفيان صوكو‪ :‬ديوان رسالة يف احلب للشاعى عبد اهلل عيسى حليلح –دراسة أسلوبية‪ ،-‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 2‬املىجع نفسه‪ :‬ص ‪.42‬‬
‫‪53‬‬
‫مفهومها وجماالهتا وعالقاهتا بالعلوم األرخى‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ 1-2‬المستوى التركيبي‪.‬‬

‫يف هذا املستو يتم االعتماد فيه على النحو وعلم الصىف وعلم البالغة يف رخطوة حتديد طبيعة تىكيب‬

‫اجلمل يف إطارها النحوي لتوسيع العملية إىل حتديد عالقة هذه اجلمل ببعضها البعض والوظائف اليت تؤديها‬

‫اجلمل الفعلية واجلمل االمسية دارخل السياق‪« ،‬إن الباحث األسلويب ال ميكنه أن يشىع يف التحليل‪ ،‬دون االستناد‬

‫إىل النحو بكل فىوعه‪ :‬األصوات‪ ،‬التحليل الصويت والصىف والرتاكيب واملعجم باإلضافة إىل الدالئل‪ ،‬ومبا أن‬

‫الصيغ النحوية هي الىكيزة األساسية يف بناء األسلوب وجيذ ر باحمللل األسلويب أن يفحص هذه الصيغ النحوية‬

‫ويفسىها متصلة مبقاصد صاحب النص وعند االنتهاء من الرتاكيب النحوية ينتقل إىل دراسة الرتاكيب اجملازية‬

‫ودرجة حضورها وغياهبا‪ ،‬ففي هذا اجلانب يرتاء لنا احلضور اللغوي واجلمايل املؤلف يف قدرته على التعبري‬

‫والتصويى‪ ،‬من عدول عن املعيار إن اللغة اجملازية لغة يعدل فيها الكاتب أو الشاعى عن االستعمال اللغوي املألوف‬
‫‪1‬‬
‫إىل غري املألوف وهي وسيلة بيانية يستعني هبا األديب لكي يكسي صياغته ثوبا مجاليا»‪.‬‬

‫من هنا تبني لنا أن النحو وصيغتة أهم أساس يف بناء أسلوب القصيدة أو الىواية‪ ،‬فيجب على احمللل‬

‫األسلويب أن يقف عند كل نقطة من النقاط النحوية‪ ،‬ويفسىها ويوضحها وعند النهاية ينتقل إىل دراسة الرتاكيب‬

‫اجملازية أيضا دراسة أسلوبية‪.‬‬

‫‪ 1‬فتح اهلل أمحد سليمان‪ :‬مدرخل نظىي ودراسة وتطبيقية‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪54‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬ﺗﺤﻠﻴﻞ رواﻳﺔ "اﻷﺳﻮد ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻚ"‬

‫أﺳﻠﻮﺑﻴﺎ‬

‫أوﻻ‪ :‬ﻣﻠﺨﺺ اﻟﺮواﻳﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ اﻟﻌﻨﻮان‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺜﺎ‪ :‬اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت‪.‬‬

‫راﺑﻌﺎ‪ :‬اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫ﺧﺎﻣﺴﺎ‪ :‬اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻤﻜﺎﻧﻴﺔ‪,‬‬

‫ﺳﺎدﺳﺎ‪ :‬اﻟﻮﺻﻒ‪.‬‬

‫ﺳﺎﺑﻌﺎ‪ :‬اﻟﺤﻮار‪.‬‬

‫ﺛﺎﻣﻨﺎ‪ :‬اﻟﻠﻐﺔ‪.‬‬

‫ﺗﺎﺳﻌﺎ‪ :‬اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪.‬‬


‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬ملخص الرواية‪.‬‬

‫تدور أحداث الرواية حول شابة جزائرية من مروانة بالد األوراس يف السابعة والعشرين من العمر عملت‬

‫كمدرسة للغة العربية يف املستوى االبتدائي إمسها "هالة الوايف " وبسبب هتديدات اإلرهابيني غادرت اجلزائر الوطن‬

‫الذي أحبته إىل سوريا مع والدهتا دون أن تدرك متاما ما حصل وكان جرمها الوحيد أهنا غنت يف الذكرى األوىل‬

‫لوفاة والدها‪ ،‬متحدية اإلرهابيني الدين سلبوها أعز الناس عليها أخوها ووالدها وأطفؤا وهج السعادة يف قلبها‬

‫متحدية كذلك بفعلتها هذه أقارهبا الذين رفضوا فكرة غنائها ألهنا فيها مماس شرف العائلة‪ .‬غادرت وطنها‪ ،‬مل‬

‫تأخذ معها سوى الذكريات احلزينة ويف ظهورها يف برنامج تليفزيوين كان بداية لتغري حياهتا‪ ،‬كلماهتا املرجتلة يومها‬

‫كان هلا وجع يف قلب ذلك الرجل الفاحش الثراء "طالل اهلاشم" رجل أعمال لبناين لديه سلسلة من املطاعم‬

‫الفاخرة يف عدة بلدان من العامل‪ ،‬فقرر الفوز هبذه الزهرة الربية اجلزائرية وكان يعلم جيدا أين يضع خطواته هو‬

‫يتسلق ليصل إىل هذه الزهرة‪ ،‬ويقطفها يف الوقت املناسب‪.‬‬

‫أحب طالل يف هالة مجاهلا الطبيعي طلتها شجاعتها‪ ،‬فخطى خطوته األوىل حنوها وبعث هلا بباقة من‬

‫ورود التوليب املميزة بذل الورود احلمراء يف عيد احلب مصحوبة بعبارة "األسود يليق بك" يف كل مرة كان يسعى‬

‫ملفاجئتها وإدهاشها وكان يلقي هلا الطعم تلو اآلخر ليستدرجها لفخه ويصطاد هذه العصفورة اليت تطوق للحرية‬

‫وكانت بال وعي تقع يف شباك ه لتعيش معه قصة حب‪ ،‬قدمت له فيها قلبها يف حني هو قدم هلا مامل حتلم به‪ ،‬وملا‬

‫فشلت يف إمتالكها وأصبح ضعيفا أمامها لدرجة إخبارها بسره الذي حرصه طوال حياته‪ ،‬فقام بإهانتها لتغادر‬

‫حياته بكربيائها إىل األبد‪ ،‬وتستعيد بعد كل هذا نفسها وحريتها‪ ،‬لتعيش احلياة ألول مرة يف حياهتا كمغنية يف‬

‫حفل عاملي أقيم يف ميونيخ‪ ،‬ألجل مجع التربعات العراقيني‪ ،‬لتتخلى يف هذا اليوم عن اللون األسود الذي كان‬

‫يلف جسدها منذ زمن وتستبدله باللون الزهري وتكون بذلك قد تركت كل شيء خلفها وانطلقت حنو املستقبل‬

‫‪56‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إن رواية مستغامني جاءت حمملة بدفء الكلمات وبلغت التعبري عن مكونات الروح والقدرة على حتميل‬

‫اجلمل ومعاين احلب واحلياة‪ ،‬كما أودعت أحالم مواقفها السياسية من اإلرهابيني وتعاطي حكومة اجلزائر معهم‬

‫فمرة هي ضد اإلرهابيني الذين احرتفوا يف استهداف الفنانني والصحفيني وأي موظف يف الدولة‪ ،‬ومرة ترثي حال‬

‫اإلرهابيني وما يتعرضون له من تعذيب على يد اجليش اجلزائري‪ ،‬ومل تنجو أحالم مستغامني يف هذه الرواية عن‬

‫سطوة التاريخ اجلزائري ككل‪ ،‬ثالثيتها‪ ،‬تنطلق فيها من األوراس هناية التسعينيات ومتر بلبنان وسوريا وفرنسا لتنتهي‬

‫مع سقوط بغداد‪ ،‬وهذه القصة تدور يف املطارات الباردة والعواصم البعيدة‪ ،‬إال أهنا ال تنفصل عن البيئة السياسية‬

‫واالجتماعية املشحونة للعامل العريب الذي يتخبط يف خماضات وحراك مستمر‪ ،‬وأهم ما مييز هذه الرواية احلوار‬

‫والسرد القصصي واجلملة الشعرية فيها حكمة وشخصيات الرواية‪ ،‬حمدودة وغري معقدة وبذلك يسهم يف متابعة‬

‫األحداث بسهولة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أسلوبية العنوان‪.‬‬

‫يتضح لنا أن النص املوازي حيوز اهتماما كبريا يف املقاربات النقدية املعاصر‪ ،‬بل أضحى ميتلك نظريته‬

‫اخلاصة به يف خضم النظرية األدبية‪ ،‬ذلك أن النص املوازي مبكوناته‪ :‬العنوان الرئيسي‪ ،‬العنوان الفرعي‪ ،‬العناوين‬

‫الداخلية‪ ،‬اسم املؤلف‪ ،‬الغالف‪ ،‬اإلهداء‪ ،‬املقدمة‪ ،‬اخلامتة‪ ،‬كلمة الناشر‪ ،‬وغري ذلك من العناصر النصية اليت‬
‫‪1‬‬
‫تكون اإلطار اخلارجي للنص‪ ،‬هذا النص املوازن هو الذي مينح النص األساسي هويته واختالفه‪.‬‬

‫من الصعب احلديث عن العنوان مبعزل عن الغالف ألهنما يفاجئان القارئ معا‪ ،‬وتلتقطهما عيناه يف‬

‫نفس الوقت‪ ،‬وسنتحدث عن العنوان وحده‪ ،‬والغالف وحده خوفا من الوقوع يف التشتت‪.‬‬

‫‪ 1‬خالد حسني حسني‪ :‬سيميائية العنوان القوة الداللة‪ ،‬مقال يف جملة جامعة دمشق‪ ،‬مج ‪ ،12‬ع ‪1002 ،4+3‬م‪ ،‬ص ‪.320‬‬
‫‪57‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 1-2‬العنوان‪.‬‬

‫لقد أعطت امل ناهج احلداثية عناية خاصة بالعنوان نظرا ملا تلعبه من دور فعال يف إضاءة النص‪ ،‬ولذلك‬

‫فقد عد الوجه الرئيسي يف الكشف على مكتنزات النص وبنياته املختلفة ألنه يشكل يف األعمال اإلبداعية عامة‬

‫حتوي اجلينات الداللية اليت يتكون فيها العمل األديب‪.‬‬

‫إن العنوان هو اإلشارة األوىل اليت يرسلها املبدع للمتلقي والرابط األول واألخري بني الكاتب والعمل األديب‬

‫والقارئ‪ ،‬فالعنوان يف الدراسة األسلوبية هتدي القارئ إىل الطريق الذي يصل به إىل النواة الداللية اليت يسعى‬

‫للوصول إليها‪ ،‬وكثريا ما جند العنوان حيمل يف تركيبته اللغوية مسة أسلوبية‪.‬‬

‫الرواية اليت بني أيدينا اختارت الكاتبة تسميتها "األسود يليق بك' فالعنوان يتكون من جزأين‪ ،‬األول‬

‫مبتدأ "األسود" وهو جيسد معىن الثبات واالنتماء ما يؤكد ثبات حقدها على الذين جعلوا هلا األسود رفيقا‪ ،‬واجلزء‬

‫الثاين خربا واجلملة الفعلية "يليق بك" حيث جند كلمة "يليق" فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره‬

‫والفاعل ضمري مسترت تقديره هو‪ ،‬و"ب" حرف جر و"ك" ضمري متصل يف حمل اسم جمرور وجيسد هذا املعىن‬

‫احلركية واالستمرار من خالل الفعل املضارع "يليق" تعبريا على أن اللباس األسود شاهد حي على تواصل معاناهتا‬

‫ومآسيها وتداعياهتا على نفسيتها احملطمة‪.‬‬

‫‪ 1-1‬الغالف‪.‬‬

‫يعترب الغالف اخلارجي ألي عمل إبداعي‪ ،‬أول واجهة مفتوحة أمام القارئ وهتيئه لتلقي العمل األديب فغالف‬

‫الكتاب إذا هو واجهة اشهارية وتقنية‪ ،‬وبالتايل فعملية تصميم الغالف البد أن ختضع لنوع من الدقة‪ ،‬وتراعي فيها‬

‫مجلة من الشروط واملواصفات تتعلق أساسا باملتلقي وباحمليط الذي يصدر فيه هذا العمل األديب‪ ،‬وهذا ما يتم فعال‬

‫على مستوى دار النشر حيث تستند هذه العملية إىل أخصائيني يف تقنية اإلخراج املطبعي وهنا جيب أن نأخذ‬

‫‪58‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بعني االعتبار بأن كل عنصر من العناصر املشكلة الفضاء اخلارجي‪ ،‬مبا يف ذلك األلوان‪ ،‬فهي حتمل داللة معينة‬
‫‪1‬‬
‫وهلا مرجعيتها داخل العمل األديب‪.‬‬

‫يبدوا العنوان أيقونة شكلية تتكون من حروف غليظة مائلة ومثبتة يف أعلى صفحة الغالف‪ ،‬على اليسار‬

‫وهذا يشكل حيزا نصيا كبريا إذا ما قورن بالعناصر األخرى املكونة للغالف كاسم املؤلفة واسم دار النشر‪ ،‬وصورة‬

‫الغالف‪ ،‬مما جعله يبدوا بارزا وواضحا ويكمن هذا الوضوح يف احتالله موقع إخباري من حيث تصدره للواجهة‬

‫األمامية للمؤلف اخبارا عن مضمون الرواية‪ ،‬وإقناعي من حيث البنية الشكلية‪ ،‬اليت تدل على غاية املؤلفة الضمين‬

‫املتمثل يف إضارة انتباه القارئ مث حثه على قراءة مضمون الرواية‪.‬‬

‫‪ 3-2‬المستوى الصوتي للعنوان‪.‬‬

‫املستوى الصويت حييلنا غلى جمموعة من الفونيمات (ال‪ ،‬أ‪ ،‬س‪ ،‬و‪ ،‬د‪ ،‬ي‪،‬ل‪ ،‬ي‪ ،‬ق‪ ،‬ب‪ ،‬ك) اليت تشري‬

‫إىل بعض اآلثار األولية للمعىن املرتبط باخلطاب الروائي‪ ،‬فإذا ما حاولنا استخراج هذه الفونيمات فإننا جندها‬

‫تضمر جمموعة من املعاين اليت هلا عالقة مباشرة باملضمون فـ"ال" تستعمل للتعريف واأللف على الواحد من كل‬

‫شيء‪ ،‬يف حني جند الدال يرمز إىل التوجه‪ ،‬والالم حييل على االسم املبهم‪ ،‬الباء ترمز إىل نواة الرجل والكاف تدل‬

‫على الرجل املصلح لألمور‪ ،‬وهكذا تتضح العالقة بني الفونيمات والعنوان واملضمون الروائي‪" ،‬ال" التعريف تدل‬

‫على أن الشخص الذي تتوجه إليه الروائية معروف وحمدد‪ ،‬أما األلف تدل على أن اخلطاب يوجه لشخص‬

‫واحد‪ ،‬وهو الشخصية الرئيسية للرواية‪ :‬هالة الوايف‪ ،‬والدال يرمز إىل توجه هذه األخرية إىل االنتقام عرب‬

‫الغناء‪ ،‬وفيما خيص النكاح الذي حييل عليه حرف الباء فهو يدل على أن كثرة املصائب اليت واجهت البطلة‬

‫جعلتها تأخذ من احلداد رفيق هلا‪ ،‬أما الفونيم "ك" فهو يدل على عفة هالة الوايف وامتناعها عن تقدمي نفسها إىل‬

‫حبيبها طالل‪.2‬‬

‫‪ 1‬قراءة سيميائية لرواية "األسود يليق بك"‪ 9 ،‬يناير ‪1022‬م‪https//agialpress .com.‬‬


‫‪ 2‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬الشخصيات‪.‬‬

‫إن دراسة الشخصيات يف أي عمل روائي تكتسي أمهية بالغة‪ ،‬ذلك راجع ألمهية الشخصية داخل العمل‬

‫األديب أو الروائي‪ ،‬إذ ال ميكن ختيل عمل أديب ال وجود للشخصية فيه‪ ،‬وتعترب الشخصية عامال حامسا يف تكوين‬

‫النص الروائي كما تضفيه على األحداث من حركية وتشويق‪ ،‬فقد يستطيع الروائي أن يتخلص من احلبكة أو بعض‬

‫العناصر األخرى لكنه ال يستطيع التخلي عن الشخصيات يف عامله الروائي‪ ،‬ألهنا أساس وجود الرواية ككل‪ ،‬فهي‬

‫نبض النص واحلركة اليت تسري يف شرايينه‪ ،‬ال يستطيع جتاوزها بأي حال من األحوال‪.‬‬

‫إن أمهية الشخصية يف الرواية ليست نابعة من الشكل البسيط الذي تؤديه يف صريورة األحداث‪ ،‬وإمنا‬

‫كوهنا مركز األحداث‪ ،‬وجوهر الرواية اليت تصب بقية العناصر األخرى‪ ،‬بعبارة أخرى عامل من عوامل بناء‬

‫اخلطاب يستخدمه الروائي‪ ،‬ال يتحقق له هذا البناء دون أن يستدعي جمموعة من الشخوص ترتبط بإعداده‬

‫وبعنصري الزمان واملكان وهو الذي مينحها املالمح النهائ ية‪ ،‬فالشخصية هبذا املعىن تشكل يف إطار صريورة‬

‫األحداث والفضاءات الزمانية واملكانية‪.1‬‬

‫‪ 1-3‬الشخصيات الرئيسية‪.‬‬

‫‪ 1-1-3‬هالة الوافي‪.‬‬

‫فتاة جزائرية يف السابعة والعشرون من العمر كانت معلمة يف املستوى االبتدائي‪ ،‬تدخل عامل الفن بعد مقتل‬

‫أعز الناس لديها أبوها وأخوها على يد اإلرهابيني‪ ،‬وذلك من خالل احلفل الذي أحيته يوم ذكرى وفاة والدها‪،‬‬

‫تبدو من خالل مواقفها بأهنا امرأة تتصف بالشجاعة والقوة ومتلك شخصية رجولية كانت تنازل اإلرهابيني بالغناء‪،‬‬

‫تتميز بارتدائها اللون األسود وأثناء مقابلة تلفزيونية سأهلا املذيع عن سر لبسها بشكل مستمر اللون األسود‬

‫فتجيبه بأهنا تلبسه حداد على وفاة والدها وأخيها يف اجلزائر‪ ،‬وبعد االنتهاء من اللقاء التلفزيوين أرسل هلا طالل‬

‫‪ 1‬إبراهيم صحرواي‪ :‬حتليل اخلطاب األديب‪ ،‬دار األفاق‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪2999 ،2‬م‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫‪60‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫باقة من الورد كتب عليها "األسود يليق بك" وهو نفسه عنوان الرواية‪ ،‬وهو أول جسر حب بينهما‪ ،‬وهذا األخري‬

‫جعلها تتخلى عن نفسها أمام عامله السحري‪ ،‬لتستعيد يف األخري حريتها‪.‬‬

‫‪ 2-1-3‬طالل هاشم‪.‬‬

‫رجل أعمال لبناين مخسيين فاحش الثراء‪ ،‬غادر لبنان بسبب احلرب األهلية املوجودة آنذاك‪ ،‬سافر إىل الربازيل‬

‫حيث قام بإنشاء مطعم لبناين متواضع يف "ري ودي جانريو" يقدم الوجبات اللبنانية‪ ،‬مث قام بعمل سلسلة مطاعم‬

‫عصرية على الطريقة األمريكية‪ ،‬تعرف على فتاة كانت ترتدد على مطعمه فتزوجها وأجنب منها ابنتني‪ ،‬حيب اللغة‬

‫والقراءة‪ ،‬ويقول عن نفسه أن ه شاعر‪ ،‬مل تكن له أي عالقة نسائية يف بريوت حيث حيمي صورته كرجل كامل‪،‬‬

‫صاحب إرادة قوية وهي صفته األوىل‪ ،‬ال يقبل اخلسارة‪ ،‬إذا أراد شيئا إال حصل عليه‪ ،‬كان يعاين من عجز‬

‫عاطفي حيول دون تسليم قلبه المرأة‪ ،‬أعجب هبالة الوايف وسعى لإليقاع هبا ليتخلى عنها يف األخري إلحساسه‬

‫بالضعف أمامها واستحوذت على سره الذي صانه منذ أمد بعيد‪.‬‬

‫‪ 2-3‬الشخصيات الثانوية‪:‬‬

‫‪ 1-2-3‬الجد‪.‬‬

‫كان من "أوالد السلطان" الذين يقال عند ذكرهم "سالطني ما ملكو" لسخائهم‪ ،‬بل إهنم سالطني مبا وهبوا‬

‫ال مبا كسبوا‪ ،1‬هو رجل بسيط‪ ،‬زاهد يف مهارج احلياة‪ ،‬حيضر األعراس ويستمتع بالوالئم‪ ،‬ينشد مع املنشدين‬

‫يغين مع املغنني ما حيفظ من تراث الرببري الشاوي‪ ،‬لكنه ال يقبل مال من أحد وحىت إن كان من أبناءه‪ ،‬عاش‬

‫متصوفا على طريقته‪ ،‬مل يستهلك يوما ربطات عنق وال أحدية جديدة‪ .2‬كان يلبس اللباس الشعيب (الربنوس) كان‬

‫شديد الكرم وإذا أتى إليه الضيوف يستقبلهم ثالث أيام وعندما يغادروا بيته إال حمملني باهلدايا‪ ،‬بقل عيد ميالدها‬

‫السابع عشر بأيام توىف‪ ،‬وموته كان أول عالقة هلا بالفاجعة‪ ،‬يف طفولتها كانت تقامسه نزهته‪ ،‬تتسلق معه اجلبال‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬دار نوفل‪ ،‬بريوت‪-‬لبنان‪1021 ،‬م‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪61‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ممسكة بيده إىل أن يبلغا أعلى نقطة ميكن أن تصلها قدماه اللتان تربتا على تسلق اجلبال‪ ،‬من حني آلخر جيلس‬

‫حتت شجرة من أشجار الصنوبر وعندما يرتاح يأخذ ناية املعلق إىل ظهر برنوسه ويشرع يغين‪ ،‬يفضي به إىل‬

‫التجلي بنشوة كلما عرب صوته األودية إىل اجلبال األخرى‪.1‬‬

‫‪ 1-1-3‬عالء‪.‬‬

‫شقيق هالة‪ ،‬كان يدرس الطب‪ ،‬حاول على مدى أربع مستويات أن يضع مسافة حذر بينه وبني زمالئه‬

‫لكن ليس بينه وبني الزميالت الاليت كن يلجأن إليه ملا يوحي به من طمأنينة‪ ،‬وكانوا أصحاب اللحي مل يغفروا له‬

‫خطواته لدى بنات اجلامعة‪ ،‬برغم قدر االحرتام الذي كان حيكم عالقته هبن‪ ،2‬كان يكره أصحاب البزات‬

‫وأصحاب اللحي بالتساوي‪ ،‬وقضى عمره خمتطفا بينهما بالتناوب‪ ،‬وجد نفسه خطأ يف كل تصفية حساب‪ ،‬حيتاج‬

‫حليته حينا ليثبت هلؤالء تقواه‪ ،‬وحيتاج حللقها ليثبت لآلخرين براءته‪ ،‬انتهى به األمر أن أصبح ضدمها معا‪.‬‬

‫‪ 3-1-3‬نجالء‪ .‬ابنة خالة هالة‪ ،‬كانت أمها تريد أن تزوجها بعالء تقول «إن أحدمها ُخلِق لآلخر وإهنما ما‬

‫شاء اهلل االثنني حلوين»‪ ،3‬كانت جنالء صديقة مقربة هلالة وكانت تساعدها على اختيار مالبسها وحتكي هلا عن‬

‫أسرارها وعلى ما جيوب يف خاطرها وتنصحها‪.‬‬

‫‪ 4-1-3‬والدة هالة‪ :‬غادرت سوريا وهي صبية مع والدهتا وإخوهتا يف محاه ذلك نتيجة احلرب األهلية قبل‬

‫ثالثني سنة يف سنة ‪ 2991‬يف زمن الرئيس "حافظ األسد"‪ ،‬فما عادوا يستطيعون العيش يف بيت ذبح فيه‬

‫والدهم‪ ،‬وهم خيتبئون حتت األسرة‪ ،‬هذه األم تزوجت قبل ثالثني سنة وهربت إىل أبعد مكان عن رائحة املوت إىل‬

‫اجلزائر واستقرت فيها‪.‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك ‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪62‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الشخصيات الهامشية‪.‬‬ ‫‪3-3‬‬

‫‪ 1-3-3‬عم هالة‪.‬‬

‫يف السبعينات سافر إىل فرنسا للعمل وعندما جاء إىل اجلزائر ليتقاعد‪ ،‬بدا وكأنه كل تلك السنني اليت عاشها‬

‫يف أوربا مل ترتك أثرا يف عقليته‪ ،‬فجأت طالت حليته‪ ،‬وتغريت لغته اعتمد لباسا يقارب زي األفغان‪ ،‬وأصبح ال‬

‫يرتد د على بيته دون أن يعلن ذلك كان واضحا أنه يرى يف احرتاف أخيه للغناء ارتكابا لفعل مستهجن يقارب‬

‫احلرام‪.1‬‬

‫‪ 2-3-3‬عز الدين‪.‬‬

‫هو الشخص الذي التقت به هالة يف باريس‪ ،‬يعمل يف األمم املتحدة‪ ،‬عرفها به صديقه "كمال ساري"‬

‫الذي التقت به هالة يف املطار عرفها بصديقه "عز الدين" مد الرجل يده يصافحها حبرارة قال بالفرنسية مسعت‬

‫عنك كثريا‪ ،‬يسعدين أن ألتقي‪ ،‬يعطيك الصحة يا الفحلة نتاعنا‪.2‬‬

‫يف لقائهما األول مل يطلب منها رقم هاتفها‪ ،‬ودع لقائهما على األيام والصدف وهذا ما حدث حني‬

‫التقت به مرة أخرى دون موعد « كانت هتم مبغادرة القاعدة عندما وجدت نفسها عند الباب أمام ذلك اجلزائري‬

‫الذي التقت به رفقة الرجل اآلخر يف الفندق نسيت امسه الكامل‪ ،‬لكنها تذكرت متاما مالحمه وطلته الفارقة لعل‬

‫امسه عز الدين‪ ،‬غمرته سعادة عارمة وهو يراها‪ ،‬أما هي فسعدت ألنه منحها فرصة يف حيز رجل وحده يعنيها قال‬
‫‪3‬‬
‫بالفرنسية‪« :‬أما قلت لك ال تعطيين الرقم‪ ...‬أثق أننا سنلتقي»‬

‫كان عز الدين متنقال من جنيف والعراق‪ ،‬كان يعمل للدفاع عن حقوق االنسان‪ ،‬ولقد كان باب خري‬

‫على هالة وذلك من خالل عرضه هلا أن تشارك يف حفل عاملي يف ميونيخ‪.‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.129‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.122‬‬
‫‪3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ن‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 3-3-3‬كمال سادي‪.‬‬

‫رجل جزائري متزوج صديق عز الدين التقت به هالة يف هبو الفندق يف باريس‪.‬‬

‫‪ 4-3-3‬مصطفى‪.‬‬

‫مدرس خفيف الظل أنيق‪ ،‬كانت له حوارات عديدة مع هالة‪ ،‬أحب هالة يف سبعينيات القرن املاضي‪ ،‬لكنه‬

‫تركته بعد أن سافرت إىل سوريا‪ ،‬وتزوج من فتاة أخرى‪.‬‬

‫‪ 2-3-3‬أبناء العم‪.‬‬

‫وضعتهم الروائية كديكور‪.‬‬

‫‪ 2-3-3‬جمال‪.‬‬

‫ابن عم هالة‪ ،‬فيه شيء من عالء‪.‬‬

‫‪ 2-3-3‬أم جمال‪.‬‬

‫ذكرت من خالل أسئلتها هلالة عن قصة أخيها عالء‪.‬‬

‫‪ 9-3-3‬عمار‪.‬‬

‫اجلار الذي كان أمريا يف اجلبال‪ ،‬وهو املشتبه الوحيد يف نظر أم هالة‪ ،‬هو الذي كان سبب وراء صعود عالء‬

‫للجبل‪.‬‬

‫‪ 9-3-3‬هدى‪.‬‬

‫تعمل كمقدمة أخبار‪ ،‬كانت حبيبة عالء أيام اجلامعة‪.‬‬

‫‪ 20-3-3‬األب‪.‬‬

‫مغين قتله اإلرهاب‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫رابعا‪ :‬البنية الزمانية‪.‬‬

‫لقد احتلت ظاهرة الزمن يف القص و الرواية حيزا كبريا يف النقد العريب احلديث كوهنا تقنية من التقنيات‬

‫اليت يلجأ إليها الروائيون للتالعب الزمين الروائي أو القصصي‪ ،‬وجند أنه ليس من الضروري أن تتطابق االحداث‬

‫يف رواية أو قصة ما‪ ،‬مع الرتتيب الطبيعي إلحداثها فحىت بالنسبة للروايات اليت حترتم هذا الرتتيب‪ ،‬فإن الوقائع اليت‬

‫حتدث يف زمن واحد البد أن ترتب يف البناء الروائي تتابعيا‪ ،‬ألن طبيعة الكتابة تفرض ذلك ما دام الراوي ال‬

‫يستطيع أبدا أن يروي عددا من الوقائع يف آن واحد‪ ،‬تتمظهر البنية الزمانية يف جانبني أوهلما نسق الزمن والثاين‬

‫إيقاع الزمن‪.‬‬

‫‪ 1-4‬نسق الزمن‪.‬‬

‫ويظهر هذا من خالل نوعني يف املفارقات السردية حسب تسمية جينيت‪ :‬األوىل‪ :‬االسرتجاع‬

‫(‪ )Analepse‬اإلستباق (‪.)prolepse‬‬

‫‪ 1-1-4‬االسترجاع (‪.)Analepse‬‬

‫وتعين العودة إىل الوراء‪ ،‬أو اإلخبار البعدي‪.‬‬

‫تقي م النصوص الروائية عالقة خاصة تربطها باالسرتجاع هذه العالقة مبجموعة من القيم اجلمالية اليت‬

‫تشكل نص الرواية ويعترب جريار جينيت االسرتجاع « بالقياس إىل احلكاية اليت يندرج فيها حكاية ثانية زمنيا‪ ،‬تابعة‬

‫لالوىل (‪ )...‬وتطلق من اآلن تسمية احلكاية األوىل على املستوى الزمين للحكاية الذي بالقياس إليه تتحدد مفارقة‬

‫زمنية بصفتها كذلك»‪.1‬‬

‫وهذا االسرتجاع يكون على ثالثة أنواع‪ :‬خارجي‪ ،‬داخلي‪ ،‬خمتلط‪.‬‬

‫‪ 1‬جريار ج نيت‪ :‬خطاب احلكاية‪ ،‬تر‪ :‬حممد معتصم عبد اجلليل اجمللس األعلى للثقافة‪ ،‬اهليئة العامة للمطابع األمريية‪ ،‬ط‪2992 ،1‬م‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪65‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االسترجاع الخارجي‪ :‬يفسره حينيت على أنه مقاطع اسرتجاعية تعود بالذاكرة إىل ما قبل بداية الرواية‪.‬‬

‫االسترجاع الداخلي‪ :‬هو خالفا لالسرتجاع األول‪ :‬حيث تقع األحداث ضمن اإلطار الزمين احملكي‪ :‬األول‪.‬‬

‫االسترجاع المختلط‪ :‬هو الذي جيمع بني االسرتجاع اخلارجي والداخلي‪ ،‬ويقصد به خمتلف التفصيالت الزمنية‬

‫واحلديثة اليت تنطلق من نقطة زمنية تقع خارج نطاق احملكي األول مث متتد حركة السرد حىت تنظم إىل منطلق‬

‫احملكي األول وتتعداه‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق سنحاول تعميق هذه االحنرافات الزمنية بالقراءة والتحليلي انطالقا من نص رواية‪:‬‬

‫األسود يليق بك‪.‬‬

‫االسترجاع الخارجي‪.‬‬

‫تتناول االسرتجاعات اخلارجية حسب تصور جينيت «مضمونا قصصيا خمتلفا عن مضمون احلكاية األوىل‪،‬‬

‫إمنا تناول بكيفية كالسيكية جدا شخصية يتم إدخاهلا حديثا ويريد السارد إضاءة سوابقها»‪ ،1‬تصور لنا رواية‬

‫(األسود يليق بك) حكاية فتاة جزائرية يف السابعة والعشرين من العمر‪ ،‬أتعبتها ذكريات املاضي األليمة يف فرتة‬

‫العشرية السوداء‪ ،‬وما عرفت به من قتل وسفك دماء األبرياء‪ ،‬ويبدوا لنا أن لعنة القتل وراثية فهي متتد من مقتل‬

‫جدها والد أمها قبل ثالثني سنة‪ ،‬حيث تصور الكاتبة تأثر والدهتا بالفاجعة اليت حلت هبا ويتضح ذلك من‬

‫خالل املقطع التايل‪« :‬لقد عاشت أمها الفاجعة يف سنة ‪ 2991‬يوم غادرت وهي صبية مع والدهتا وأخواهتا‬

‫محاه‪ ،‬لتقيم لدى أخواهلا يف حلب‪ ،‬ما استطاعوا العيش يف بيت ذبح فيه والدهم وهم خيتبِئون حتت األسرة‪ ،‬مسعوا‬

‫ص ْوتَهُ وهو يستجدي قتلته‪ ،‬مث شهقة موته وصوت ارتطام جسده باألرض‪ ،‬عندما غادروا خمابئهم بعد وقت‪ ،‬كان‬
‫َ‬
‫أرضا وسط بركة دم‪ ،‬رأسه شبه مفصول عن جسده‪ ،‬حليته خمضبة بالدماء‪ ،‬كانت حليته هي شبهته‪ ،‬فقد دخل‬

‫اجليش إىل محاه لينظفها من اإلسالميني فمحاها من الوجود»‪ 2‬هذا املقطع االسرتجاعي أفاد الرواية يف أن تصف‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.294‬‬
‫‪66‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫األحداث اليت مرت هبا سوريا آنذاك‪ ،‬وذلك من خالل أن مدينة محاه كانت تعيش مسلسل القتل ويتضح ذلك‬

‫سرا‪ ،‬كما يدفن قطاع الطرق على عجل‪ ،‬رقم بني‬


‫ً‬ ‫من خالل هذا املقطع‪« :‬األشد أملا أن رجال يف مقامه ُدفِ َن‬

‫األرقام‪ ،‬ال أحد مشي يف جنازته‪ ،‬وال أحد عزى فيه‪ ،‬كانت محاه الورعة التقية‪ ،‬تدفن ثالثني ألف قتيل يف بضعة‬

‫أيام‪ ،‬بعضهم دفن الوديعة يف جنح الظالم‪ .‬كن مثة زمحة موت‪ ،‬لذا مل حيض الراحلون بدمع كثري‪ ،‬وحدهم املوتى‬

‫كان ميشون بعضهم يف جنازة بعض»‪.1‬‬

‫االسترجاع الداخلي‪.‬‬

‫يتوقف فيه تنامي السرد صعودا من احلاضر حنو املستقبل‪ ،‬ليعود بذاكرته إىل املاضي‪ ،‬فاالسرتجاع مثل القصة‬

‫يكون حقله الزمين متضمنا يف احلقل الزمين للحكاية األوىل‪.2‬‬

‫ومن أمثلة االسرتجاع الداخلي سرد قصة عالء يف مراحل خمتلفة وأول اسرتجاع لقصته وهو يف‬

‫اجلامعة‪ ،‬وذلك ما اسرتجعته هالة‪« :‬مث حدت على أيام الرئيس بوضياف‪ ،‬أن دامهت السلطات اجلامعة‪ ،‬وقضيت‬

‫على عشرات اإلسالميني‪ ،‬وأرسلتهم إىل معتقالت الصحراء بعد أن ضاقت املدن بسجنائها‪ ،‬عندئذ قرر عالء أن‬

‫يرتك الدراسة حال تقدميه امتحانات آخر السنة‪ ،‬استجابة إلحلاح أمه على أن يسافر الحقا ملواصلة دراسته هناك‬

‫كان يفصله عن االمتحانات شهران‪ ،‬لكن القدر كان أسرع منه‪ ،‬ما مر أسبوع حىت حضر اجلامعة رجال األمن‬

‫واقتادوه مع اثنني آخرين»‪.3‬‬

‫ومن هنا تغريت مسار حياة عالء‪ ،‬ليصبح غارقا يف مأساة مل يكن يتوقعها يوما‪ ،‬فبني ليلة وضحاها وجد‬

‫نفسه يف معتقالت الصحراء وهذه هي النقطة اليت غريت حياته‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل هذا املقطع‪« :‬وجد‬

‫عالء نفسه متعاطفا مع األسرى‪ ،‬بعد ما رآه من مظامل وتعذيب‪ ،‬وما عاشه من قهر وهو حياول عبثا إثبات‬

‫براءته‪ ،‬بعد مخسة أشهر أطلق سراحه‪ ،‬مل يُِقم بني أهله أكثر من بضعة أسابيع‪ ،‬كان يف كل حي شبكات‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.294‬‬


‫‪ 2‬جريار جنيت‪ :‬خطاب احلكاية‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 3‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪..29-29‬‬
‫‪67‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الختطاف األطباء والتقنيني وكل ما حيتاج اإلرهابيون إىل مهاراته‪ ،‬أقنعوه بأن يلتحق باجلبال‪ ،‬ليضع خربته يف‬

‫إسعاف "اإلخوة" هناك ومعاجلة جرحاهم»‪ 1‬هكذا اسرتجعت هالة قصة أخيها عالء قبل أن تنام «حاولت أن‬

‫خترج أخاها من تفكريها كي تستطيع النوم»‪ ،2‬حيث كانت اسرتجاعاهتا متفرقة يف أطراف الرواية‪ ،‬حاولت‬

‫اسرتجاع ذكريات موت أخيها املؤملة يف بيت عمها عندما سألتها زوجة عمها عن موت عالء «اآلن هي‬

‫تروي‪ ،‬بنربة عادية‪ ،‬قصة حدثت قبل سنتني لشاب مجيل‪ ،‬كما أولئك الذين يشتهيهم املوت‪ ...‬كان أخاها‬

‫الوحيد»‪.3‬‬

‫يف كل مرة تباغتها ذكريات أخيها واسرتجاعاهتا مل تكن متسلسلة ففي كل مرة تسرتجع جزء من قصة‬

‫أخيها عالء‪ ،‬وهذه املرة كانت هدى السبب برجوع هالة لذكرياهتا من خالل هذا املقطع‪« :‬إن يوم نادهتا على‬

‫خربا ما‪ ،‬لكن اخلرب كان‪ ..‬أن هدى هي من تقدم نشرة‬


‫عجل لتشاهد شيئا على التلفزيون توقعت أن يكون ً‬
‫األخبار على قناة (اجلزيرة)‪ ،‬كانت تتحدث عن سجن أبو غريب وفضيحة تعذيب اجليش األمريكي لألسرى‬

‫العراقيني مل تلتقط إال مجلتها األوىل‪ ،‬أخذهتا املفاجأة بعيدا فال ميكن لوجداهنا أن يفصل بني هدى وعالء إىل هذا‬

‫العامل ليحب هذه الفتاة‪ ...‬وميضي»‪.4‬‬

‫االسترجاع المختلط‪.‬‬

‫إن االسرتجاع املختلط أقل تواتر من الصنفني السابقني ويسمى خمتلطا لكونه جيمع بني االسرتجاع‬

‫اخلارجي واالسرتجاع الداخلي‪ ،‬واجهت هالة يف باريس ذكرياهتا املؤملة ورجعت هبا الذاكرة خلمس سنوات من قبل‬

‫يوم زارهتا وكانت سعيدة مع أبيها وأخيها وكان يف استقباهلما عمها «يف مدينة زارهتا قبل مخس سنوات سعيدة‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.92‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.120‬‬
‫‪68‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وتعود إليها وحيدة»‪ 1‬أما اليوم فهي يف هاته البلدة وحيدة أحزهنا فراق أخيها عالء وسفرها بدونه‪ ،‬وأسعدها أن‬

‫عمها غري موجود «محدت اهلل أن يكون عمها الذي استقبلها هي ووالدها وعالء آنذاك يف بيته قد ترك باريس‬

‫وعاد بعد تقاعده للعيش يف اجلزائر»‪ ،2‬ألن عمها كان متعصبا ومتشددا وكان يتهمها بتدنيس شرف العائلة وذلك‬

‫ما جعلها تغادر اجلزائر ويف نفس اللحظة أخذهتا الذاكرة للثمانينات يوم سافر والدها حللب وقد تعلم الكثري أما‬

‫ومعقدا «ويف الثمانينيات قصد والدها حلب‬


‫ً‬ ‫عمها الذي غادر اجلزائر يف السبعينيات إىل فرنسا عاد متشددا‬

‫لدراسة املوسيقى‪ ،‬فعاد منها بعد سنتني وكأنه خترج من مدرسة احلياة‪ ،‬بينما كان عمها قد سافر يف السبعينيات‬

‫للعمل يف فرنسا‪ ،‬وعندما عاد للجزائر ليتقاعد بدا وكأن تلك السنني يف أوروبا مل ترتك أثرا يف عقليته‪ ،‬فجأة طالت‬

‫حليته‪ ،‬وتغريت لغته‪ ،‬واعتمد لباسا يقارب زي األفغان»‪ 3‬وسافرت هبا الذكريات إىل جدها الذي فقدته وأليامها‬

‫اجلميلة اليت كانت تقضيها معه وما كان يروي هلا عن الثروة «روى هلا أن أثناء حرب التحرير كان يصعد إىل أبعد‬

‫مرتفع يف اجلبل‪ ،‬للقيام بنوبة حراسة للقرية‪ ،‬وعندما يرى من بعيد قوافل (البالندي) واملدرعات الفرنسية مقبلة‬

‫ينادي منبها أبناء الدشرة لقدوم الفرنسيني فيتلقف صداه (تراس) يف اجلبل اآلخر‪ ،‬مث آخر‪ ،‬ويتناقل الرجال النداء‬

‫عرب اجلبال متناوبني على إيصال اخلرب إىل كافة األهايل»‪ 4‬لقد عمقت هذه املقاطع املذكورة سابقا اإلحساس‬

‫بصريورة الزمن‪ ،‬ويظهر ذلك يف التحول من عبارة "يف الثمانينات" و"السبعينات" كذلك «أثناء حرب التحرير‬

‫فلفظة (حرب التحرير) متتد جذورها إىل زمن سابق على نقطة انطالق القص الذي تتدرج ضمن ما بعد انتهاء‬

‫حرب ال تحرير وبالضبط يف فرتة العشرية السوداء اليت عرفتها اجلزائر ويف املقابل يكشف فعل "نامت" عن جتاوز‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.20‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.22 -24‬‬
‫‪69‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫القص لرتجع إىل زمن القص وكيف استقبلتها باريس «نامت متعبة‪ ،‬متنت لو استقبلتها باريس باألحضان‪ ،‬لكنها‬

‫استقبلتها باألمطار وبباقة ورد تقول ‪« :‬متنيت أن ال ختسري الرهان»‪.1‬‬

‫إ ن أي قراءة فاحصة حلركة االسرتجاعات تنتج معطيات‪ ،‬منها كثرة االسرتجاعات الداخلية واخلارجية يف‬

‫الرواية حيث تكاد تكون بعض االسرتجاعات قصصا قائما بذاهتا‪ ،‬كاسرتجاع قصة األخ عالء اليت ذكرت عرب‬

‫صفحات متفرقة يف الرواية‪.‬‬

‫‪ 2-1-4‬االستباق‪.‬‬

‫يعد االستباق أحد املفارقات الزمنية اليت تعتمد إىل شطي النسق األفقي الزمين بواسطة تقدمي أحداث‬

‫زمنية مكان أخرى سابقة عليها يف احلدوث‪.‬‬

‫االستباق الخارجي‪.‬‬

‫يقع االستباق اخلارجي على مقربة زمن السرد أو الكتابة‪ ،‬أي‪« :‬خارج حدود العقل الزمين للحكاية األوىل‪،‬‬

‫وتكون وظيفتها ختامية يف أغلب األحيان‪ ،‬مبا أهنا تصلح للدفع خبط عمل ما إىل هنايته املنطقية»‪.2‬‬

‫ومن األمثلة اليت تضمنتها رواية "األسود يليق بك" استباق مستقل إحدى الشخصيات وهي شخصية‬

‫رئيسية "طالل هاشم" فبعدما وصفت طريقة تناوله للنساء ومنظار الريبة اليت يطل به على كل الفتيات وحكمه‬

‫عليهن باخليانة‪ ،‬حت كم بدورها عليه بأنه سيستمر يف شكوكه هذه طول حياته‪ ،‬كما يتضح يف هذا املقطع «هو‬

‫نفسه ال يدري ملاذا فعل ذلك بكل امرأة أحبها أو توهم حبها‪ ،‬كان يعاين عجزا عاطفيا حيول دون تسليم قلبه‬

‫حقا المرأة‪ ،‬رمبا مل يشف من خيانة املرأة األوىل يف حياته تلك اليت ختلت عنه لتتزوج غريه‪ ،‬طول عمره سيشك يف‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ 2‬جريار جنيت‪ :‬خطاب احلكاية‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪70‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫صدق النساء‪ ،‬وسيتخلى عنهن خشية أن يتخلني عنه‪ ،‬كشهريار‪ ،‬سيعاقبهن على جرمية ال علم هلن هبا»‪.1‬‬

‫فالكاتبة هنا تستند إىل ماضيه األليم وتعرضه للخيانة لتؤسس رأيها يف مستقبله‪.‬‬

‫كما ورد استباق خارجي كذلك عندما روت الكاتبة ختلي هالة عن األسود‪ ،‬فكان ختليها عن هذا اللون‬

‫إعالنا عن ختليها عن كل ما يربطها بطالل‪ ،‬فقد قال هلا يوما «سأظل أتعرف إليك ما دام األسود لونك‪ ..‬أعين‬

‫لوننا»‪ ،2‬ختليها عنه ال يتوقف على زمن الرواية فحسب‪ ،‬بل كان فراقهما أبديا حسب الرواية فهي جتزم على أن ما‬

‫عاشه لن يتكرر أبدا‪ ،‬األمر الذي يتضح يف املقطع الثاين « األحالم اليت تبقى أحالما ال تؤملنا‪ ،‬حنن ال حنزن على‬

‫شيء متنيناه ومل حيدث‪ ،‬األمل العميق هو على ما حدث مرة واحدة‪ ،‬ما كنا ندري أنه لن يتكرر‪ ،‬األكثر وجعا ليس‬

‫ما مل يكن يوما لنا‪ ،‬بل ما امتلكناه برهة من الزمن‪ ،‬وسيظل ينقصنا إىل األبد»‪ ،3‬ومل يرد أي إشارة توحي بأمل‬

‫لقائهما يف املستقبل‪.‬‬

‫االستباق الداخلي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫كان أكثر توظيف يف الرواية ويتميز بكونه «يدفع داخل املدى الزمين للمحكي األول دون أن يتجاوزه»‬

‫غدا يف مطعم على‬


‫ومن أمثلة االستباق الداخلي دعوة طالل هلا له للعشاء قالت هلا جنالء «أنت مدعوة للعشاء ً‬

‫ظهر مركب عائم يف النيل»‪ 5‬وهو ما كتبه طالل على البطاقة املغمورة بباقة األزهار «هل تقبلني دعويت للعشاء‬

‫غدا؟ حتما ستتعرفني علي هذه املرة‪ ،‬أنتظرك عند الثامنة مساءا على مركب الباشا»‪ 6‬وهنا يكون القارئ حمور على‬

‫انتظار فعل قبول الدعوة وهنا يكون عنصر التوقع الذي يعمد القص إىل خلقه عن طريق مقاطع سياقية‪.‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.242‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.309‬‬
‫‪ 4‬جريار جنيت‪ :‬خطاب احلكاية‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 5‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫‪ 6‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.222‬‬
‫‪71‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إن كان االستباق الداخلي هو إحدى املفارقات الزمنية اليت تشكل معىن من معاين زمن املستقبل فإنه‬

‫يعمل من جهة أخرى على تشويش ذهن املتلقي وتشويقه ملتابعة السرد بشغف‪ ،‬للتمكن من اإلجابة على‬

‫التساؤالت اليت تثار يف ذهنه‪.‬‬

‫‪ 2-4‬إيقاع الزمن‪.‬‬

‫باالعتماد على مظهرين أساسيني‪ :‬تسريع السرد‪ ،‬وذلك عن طريق تقنييت‪ :‬اخلالصة واحلذف‪ ،‬ويعمل املظهر الثاين‬

‫على إبطاء السرد ويشمل تقنييت‪ :‬املشهد والتوقف‪.‬‬

‫الخالصة‪.sommaire :‬‬ ‫‪2-1-4‬‬

‫وتعد اخلالصة إحدى حركات السردية األربع اليت يلجأ إليها الراوي لتسريع الزمن وتقوم على «سرد بضع فقرات‪،‬‬

‫أو بضع صفحات لعدة أيام‪ ،‬أو شهرين‪ ،‬أو سنوات من الوجود دون تفاصيل أعمال وأقوال»‪.1‬‬

‫ويقودنا تعريف جينيت على إحدى الوظائف التقليدية اليت ينهض هبا اخلالصة على مستوى القص‪.‬‬

‫سنأخذ مثاال من املنت الروائي للتوضيح أكثر حيث اختصرت الروائية سفرهتا إىل فرنسا اليت كانت ملدة (‪ )20‬أيام‬

‫«أتعلمني مىت تعود؟ ليس قبل عشرة أيام»‪ ،2‬فسردت هذه األحداث يف (‪ )42‬صفحة‪ ،‬حيث قامت باختصار‬

‫ثالثة أيام دون أن تذكر شيء عن األحداث اليت جرت يف هاته الفرتة أو املدة «هي فرنسا منذ ثالثة أيام»‪ ،3‬أما‬

‫اليوم الرابع فذكرت فيه املساء «مساء للغد رن اهلاتف يف غرفتها يف الفندق»‪ ،4‬فسردت األحداث اليت دارت يف‬

‫هذا املساء يف (‪ )21‬صفحة‪.‬‬

‫الحذف‪.l’ellipse :‬‬ ‫‪1-1-4‬‬

‫يعرف احلذف يف النقد الروائي بأنه‪ :‬جتاوز بعض املراحل من القصة دون اإلشارة بشيء إليها‪.‬‬

‫‪ 1‬جرار جنيت‪ :‬خطاب احلكاية‪ ،‬ص ‪.209‬‬


‫‪ 2‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.229‬‬
‫‪72‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما جريار جينيت فيقوم بتقسيم حركة احلذف إىل مستويني تطبيقني‪ :‬املستوى الزمين‪ :‬الذي ينظر من‬

‫خالله‪ « :‬إىل زمن القصة احملذوفة وأول مسألة هنا هي معرفة تلك املدة املشار إليها (حذف حمدد) أم غري مشار‬

‫إليها (حذف غري حمدد)»‪ 1‬واملستوى الشكلي حيث يكون (احملذوف صريح) تصدر عن إشارة زمنية (حمددة أو‬

‫غري حمددة) (‪ )...‬فالنص يوصي هبذا الشكل أو ثغرة إمياء أكثر متاثلية‪ ،‬أكثر أيقونة‪.‬‬

‫أما احملذوف الضمين‪ :‬فهو الذي ال يصرح من النص بوجودها‪ ،‬وترك مهمة االستدالل عليها للقارئ حيث‬

‫حياول تتبع التسلسل الزمين وموقع الثغرات‪ ،‬على أن الصعوبة تزداد إذا تعلق األمر باحلذف االفرتاضي‪ ،‬حيث‬

‫يصعب حتديد موقعه من ثنايا النصوص الروائية‪ .2‬واستنادا إىل هذا التقسيم جند يف رواية "األسود يليق بك" وفرة‬

‫استخدام ثنائية احلذف الصريح (غري حمدد زمنيا) واحلذف الضمين على اخلط الزمين للحكاية األوىل‪ ،‬والذي يبدوا‬

‫واضحا أكثر يف االسرتجاعات‪ ،‬لدا فالقارئ مضطر لتنظيم الوحدات السردية للماضي‪ ،‬بالعودة إىل الوراء تكون‬

‫متبوعة خبطوة إىل األمام‪.‬‬

‫لقد استعملك الكاتبة العديد من احلذف احملدد زمنيا على خط احلاضر وسنورد بعض املقاطع اليت تدل على‬

‫ذلك فيما يلي‪ « :‬منذ سنتني ما استطاعت يوما واحدا أن تتقبل فكرة غيابه‪ ،‬فكيف تنساه يف باريس اليت زارهتا‬

‫معه»‪.3‬‬

‫« حىت هذه الفتاة ليست أمجل ما عرف من نساء‪ ،‬مل تكرتث بوجوده على مدى أربع ساعات اليت قضتها‬

‫مبحاذاته»‪.4‬‬

‫‪ 1‬جرار جنيت‪ :‬خطاب احلكاية‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ :‬ص ‪.229‬‬
‫‪ 3‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.22‬‬
‫‪73‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫«وهو اآلن يود أن يعرف من بعيد‪ ،‬ما حل هبا منذ سنتني إىل اليوم ال يريد أن تراه على ما هو من بأس‬

‫املظهر»‪.1‬‬

‫ويف املقابل جند كذلك بعض احملذوفات‪ :‬الغري حمددة زمنيا جند هلا ظهور خافت باملقارنة بنظريهتا األوىل‬

‫وسنعطي بعض األمثلة عليها من خالل ذكر بعض املقاطع‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫«مل يُقم بني أهله أكثر من بضعة أسابيع»‪.2‬‬

‫«علم بذلك بعد أشهر عندما نزل من اجلبل مع من نزل معه من التائبني يف إطار العفو العام واملصاحلة الوطنية»‪.3‬‬

‫«كانت قد مرت بضعة أسابيع على عودهتا من باريس حني وصلتها دعوة إلقامة حفل يف القاهرة»‪.4‬‬

‫املالحظ أن الرواية تقوم على اسرتاتيج ية مجعت فيها بني احلذف الصريح احملدد زمنيا اليت اعتمدت عليه‪ ،‬وهو‬

‫الذي ظلت الروايات التقليدية هتتم به‪ ،‬غري أن الروائيون اجلدد استخدموا القطع الضمين الذي ال يصرح به‬

‫الراوي‪.‬‬

‫‪ 3-2-4‬المشهد‪.la scène :‬‬

‫السارد أعطى احلرية لشخصياهتا لتعرب عن أفكارها وأراءها عن طريق احلوار الذي يكشف عن خوارج‬

‫الشخصيات‪ ،‬فالشخصيات تتحاور فيما بينها للتعبري عن أفكارها بعيدا عن وصايا املؤلف يتيح هلا فرصة احلديث‬

‫عن نفسها دون تدخل منه‪ ،‬وأصبحت الشخصية حتدد موقفها اجتاه اآلخرين سواء بالقبول أو املعارضة ولتمثيل‬

‫اللحظة يكاد يتطابق فيها زمن القصة بزمن احلكاية‪.‬‬

‫نتوقف عند بعض املشاهد يف الرواية واليت نربزها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.99‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.203‬‬
‫‪74‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المقطع األول‪:‬‬

‫«ارجتف صوهتا كما جربته ألول مرة قبل أن تغين‪:‬‬

‫‪ -‬ألو‬

‫‪ -‬رد بصوت رجل على الطرف اآلخر‪:‬‬

‫‪ -‬أهال‬

‫‪ -‬ساد بينهما حلظات صمت‪ ،‬قال فاحتا باب الكالم‪:‬‬

‫‪ -‬سعيد بالتحدث إليك‪...‬‬

‫‪ -‬وجد نفسه يواصل‪:‬‬

‫‪ -‬كنت استعجل هذه اللحظة‪.‬‬

‫‪ -‬ردت بنربة ال ختلو من الدعابة يف إشارة إىل بطاقته السابقة‪.‬‬

‫‪ -‬صنتك متلك كل الوقت!‬

‫‪ -‬أن أملك كل الوقت ال يعين أم أملك الصرب‪..‬‬

‫‪ -‬علقت بالدعابة نفسها‬

‫‪ -‬أما أنا فطوعتين‪ ...‬ال أكثر صربا من األسود!‬

‫‪ -‬أعتقد أن اجلولة مهما ستبدأ على هذا العلو الشاهق‪ ،‬أما هي فما ضنت أهنا ستخفي إرتباكها باملزاح‪ ،‬ليست‬

‫هذا ما متنت أن تقوله»‪.1‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪75‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تسمح الروائية للشخصيات بالتعبري عن ما يوجد داخل نفسيتها من مشاعر وأحاسيس وما يعرتيها من‬

‫أفكار يف هذا احلوار‪ ،‬وتروي بذلك جتربة يعيشها الكاتب واملتلقي على حد سواء‪.‬‬

‫المقطع الثاني‪:‬‬

‫«حني عودهتا إىل الشام صاحت جنالء مبتهجة‪:‬‬

‫‪ -‬ماذا فعليت لتشعي هباء هكذا؟‬

‫تضحك‪ ..‬تقسم‪ ..‬تؤكد‬

‫‪ -‬واهلل ال شيء‬

‫‪ -‬عدا عملك ممرضة ماذا فعلت خالل عشرة أيام؟‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬تعنني خالل ثالثة أيام‪ ..‬احلب يأيت متأخرا دائما! »‬

‫جند هنا الكاتبة ختلط السرد بالوصف واحلوار‪ ،‬فتود إخبارنا بأن الثالثة أيام اليت قضتها مع طالل زادهتا هباءا‬

‫ومجاال‪.‬‬

‫يعد احلوار مكونا أساسيا يف البنية الزمنية للنص‪ ،‬فقد ساهم يف تعطيل عملية السرد واحلد من وتريته السريعة‬

‫وتظهر مجاليته حينما تتحول الشخصيات من مستواها الظاهر إىل كائنات بشرية‪ ،‬حتب وتكره‪ ،‬تفرح وحتزن‬

‫فكلما ارتفع صوهتا وازدادت مشاركتها زاد القارئ تومها بواقعيتها‪.‬‬

‫‪ 4-2-4‬الوقف‪.(pouse) :‬‬

‫قد تنوعت الوقفات بني تعاليق السارد‪ ،‬والتحليل النفسي والوصف ففي تعاليق السارد يتوقف احلدث‬

‫مؤقتا‪ ،‬ليمنح السارد حضورا ووجودا يف الن ص الروائي‪ ،‬أو يلجأ إىل التعليق بني مقطع سردي وآخر وكأن تعاليق‬

‫السارد التارخيية أو اإليديولوجية حمطات يسرتيح فيها القارئ من توتر احلدث وحركته‪.‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.293‬‬


‫‪76‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وإذا ما حاولنا تتبع مواقع انقطاع السريورة الزمنية‪ ،‬وتعطيل حركتها بني صفحات الرواية (األسود يليق‬

‫بك) جند أن السرد يتوقف ليفسح اجملال أمام العملية الوصفية اليت تعمل على تقدمي أوصاف الشخصيات‬

‫واألماكن‪ ،‬مثال تصف الروائية مالمح شخصية هالة يف هذا املقطع «يذكر طلتها تلك‪ ،‬يف مجاهلا البكر كانت‬

‫تكمن فتن تها‪ ،‬فلم تكن تشبه أحد يف زمن ما عادت النجوم تتكون يف السماء‪ ،‬بل يف عيادات التجميل‪ ،‬مل تكن‬

‫جنمة‪ ،‬كانت كائنا ضوئيا‪ ،‬ليست يف حاجة إىل التربج كي تكون أنثى يكفي أن تتكلم»‪ .1‬مث يتوقف السرد مرة‬

‫أخرى لتواصل وصف الشخصية «إهنا أهبى من الشاشة‪ ،‬لكنها طويلة كما كانت تبدوا‪ ،‬وهذه أول مرة يراها داخل‬

‫معطف أسود‪ ،‬معطف أنيق دون هبرجة‪ ،‬حبزام مربوط على جنب‪ ،‬يزينه شعرها املنسدل على كتفيها»‪ 2‬وينطبق‬

‫األمر نفسه على معظم شخصيات الرواية مثل‪ :‬طالل‪ ،‬أم هالة‪ ،‬عالء‪ ،‬وجدها‪ ..‬كما تتواتر بني ثنايا النص‬

‫الروائي مقاطع وصفية تتعلق بطبوغرافية الفضاءات واألشياء املدرجة بداخلها‪ ،‬حيث يشكل وجودها تعليقا لزمن‬

‫القصة‪ ،‬وانفتاح على أمكنة ال يستطيع القارئ التقرب منها والتماس هندستها إال من خالل اللغة نفسها‪.‬‬

‫إن الكاتبة أحالم مستغامني استخدمت تقنيات الزمن مبهارة عالية وأهم تقنية استخدمتها هي تقنية االسرتجاع يف‬

‫بناء أحداث الرواية‪ ،‬أما طريقة عرض األحداث وتشابكه يف الزمان كان مقنعا بتقنية احلوار اليت كانت هي السبيل‬

‫لعرض األحداث‪ ،‬فكل حد تقريبا يف الرواية قائم على احلوار بني البطل والبطلة‪ ،‬وبني الشخصيات األخرى داخل‬

‫اخلطاب السردي‪.‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.22‬‬
‫‪77‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خامسا‪ :‬البنية المكانية‪.‬‬

‫ال يشي د بيت إال بأعمدة يرتكز عليها وكذلك األمر للرواية فهي تعتمد يف بنياهتا على املكان الذي صار‬

‫ركيزة من الركائز األساسية يف الرواية‪ ،‬حيث أن املكان مل يعد عنصرا ثانويا يف الرواية فقد صار عنصر أساسي‬

‫للعمل الروائي‪.‬‬

‫فيتخذ أشكاال وحيمل دالالت خمتلفة‪ ،‬يكشفها التحليل والدراسة وفق تصورها‪ ،‬خيضع أبدا القطعية‬

‫القائمة على ثنائية التضاد بني األمكنة‪ ،‬تتقابل معربة عن العالقات اليت تربط الشخصيات مبكان حتركها أو عيشها‬

‫تبعا للثقافة والعادات واألفكار والسلوكات العادية»‪ ،1‬وهذا يعين أن املكان أساسي يف العمل الروائي حيث‬

‫«يتحد د املكان يف الرواية باعتباره مكانا واقعيا مرجعيا وذلك إليهام بواقعية األحداث وعادة ما يكون وصف‬

‫املكان مرتبط بوظيفته يف احلكاية‪ ،‬إذ حيدد إطارها ويوثق ارتباطها ومرجعيتها خاصة يف الرواية الواقعية اليت تراهن‬

‫على متثيل الواقع وحماكاته»‪.2‬‬

‫جند أن هناك عالقة وطيدة بني املكان والشخصيات وأحداث الرواية‪ ،‬وبذلك «يصبح املكان كائنا حيا‬

‫ميارس حركته يف اخلطاب يأثر ويتأثر مبا يف املكونات الروائية خاصة الشخصيات»‪.3‬‬

‫كما جند نوعان من األماكن‪ :‬األماكن املغلقة واألماكن املفتوحة‪.‬‬

‫‪ 1-5‬األماكن المغلقة‪.‬‬

‫ويقصد هبا األماكن اليت ينتقل بينها اإلنسان والشكل الذي يرونه يناسب تصور عصره‪ ،‬كما تؤدي األمكنة‬

‫املغلقة دورا حيويا يف الرواية‪ ،‬ألهنا ذات عالقة وثيقة بشكل الشخصيات الروائية‪ ،‬ويظهر هذا النوع من األمكنة يف‬

‫رواية "األسود يليق بك" فنجد‪:‬‬

‫‪ 1‬الشريف حبيلة‪ :‬بنية اخلطاب الروائي (دراسة يف روايات جنيب الكيالين)‪ ،‬عامل الكتاب احلديث‪ ،‬أريد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1020 ،2‬م‪ ،‬ص ‪.294‬‬
‫‪ 2‬زهرة كمون‪ :‬الشعري يف روايات أحالم مستغامني‪ ،‬دار الصمد للنشر والتوزيع‪ ،‬هنج صفاقص‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪ ،2‬مارس ‪1002‬م‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ 3‬الشريف حبيلة‪ :‬بنية اخلطاب الروائي‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪78‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 1-1-5‬البيت‪.‬‬

‫البيت هو أهم األماكن يف حياة اإلنسان وال ميكن أن يستغين عنه حيث وصفه "غاستون باشالر" بقوله‪:‬‬

‫«البيت جسد وروح وهو عامل اإلنسان األول»‪ .1‬إذن البيت هو املكان الذي حيس اإلنسان فيه بالراحة وذلك ملا‬

‫له من اخلصوصية ومتثل البيوت منوذج ملظاهر احلياة الداخلية كما يقول "ويلك" «فإنك إذا وصفت البيت فقد‬

‫وصفت اإلنسان‪ ،‬فالب يوت تعرب عن أصحاهبا وهي تفعل اجلو يف نفوس اآلخرين الذي يتوجب عليهم أن يعيشوا‬

‫فيه»‪.2‬‬

‫فاإلنسان ال يستطيع االستغناء عن الفضاء املكاين‪ ،‬ففي الرواية جند قول الكاتبة «عاد إىل البيت بعد‬

‫انتهاءه من عشاء طويل‪ ،‬كان متعبا من السفر واالجتماعات املتواصلة حىت املساء‪ ،‬انتهت أعماله تقريبا لكنه‬

‫حيتاج إىل متديد إقامته لريتاح بعض الوقت يف باريس»‪ ،3‬فالبيت ميثل "لطالل هاشم" مكان للراحة بعد جهد كبري‬

‫من العمل وقد جعله آخر حمطاته «عند منتصف الليل قرر العودة إىل البيت»‪.4‬‬

‫أما بالنسبة "هلالة الوايف" فإن داللة البيت داللة مؤملة هلا ألهنا مرتبطة بوالدها وأخاها عندما زاروا عمها يف‬

‫فرنسا وهو ما كان له أ ثر كبري على احلالة النفسية هلالة عندما عادت لزيارة بيت عمها من دوهنما «عبثا هربت من‬

‫ذلك املنزل‪ ،‬ال تريد أن ترى أطياف عالء ووالدها‪ ...‬يف الصالون حول مائدة الطعام‪ ،‬وخاصة ال تريد الرد على‬

‫تلك األسئلة اليت توقظ املواجع»‪ ،5‬وأيضا «كانت سرتد بأهنا وحدها الذاكرة تطاردها‪ ..‬كما يف هذا البيت»‪.6‬‬

‫البيت بالنسبة لطالل هاشم ميثل له االستقرار والراحة‪ ،‬خاصة أنه هو من يوضع تصاميم هندسية لبيوته‬

‫حيث تقول الكاتبة يف وصفها أحد بيوته «كما يف البيت الذي اشرتاه يف كان وأصر على أن يستحدث يف‬

‫‪ 1‬غاستون باشالر‪ :‬مجاليات املكان‪ ،‬تر‪ :‬غالب مهسة‪ ،‬املؤسسة اجلامعية للدراسات للنشر والتوزيع‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪2994 ،2‬م‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ 2‬حسن حبراوي‪ :‬بنية الشكل الروائي‪ ،‬املركز الثقايف العريب للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ط‪1009 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ 3‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ 5‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.92‬‬
‫‪ 6‬املصدر نفسه‪ :‬ص ن‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حديقته هضبة صخرية ينزل منها شالل اصطناعي يعرب حتتها جسر خشيب‪ ،‬هو مهووس بالنوافر الرومانية‬

‫واألندلسية‪ ،‬اجلدارية منها والدائرية‪ ،‬حيتاج إىل هبجة منظرها وصوت خرير املياه كإحدى سيمفونيات الكون كي‬

‫يستعيد طمأنينته يف عامل صاخب»‪.1‬‬

‫املالحظ بأن البيوت تعرب عن أصحاهبا وعن املستوى املعيشي وهنا جند أهنا تدل على املستوى الراقي‬

‫الذي ينتمي إليه طالل يف وصف الكاتبة « أتوقع أن يكون بيتك فائق اجلمال ما دمت تفضله على بيت يف هذه‬

‫املنطقة»‪ ،2‬وتقول أيضا «بينما راحت تتأمل الشقة يف أناقة أثاثها قليال واملنتقى بدوق عصري راق‪ ،‬كل شيء‬

‫شفاف من الزجاج السميك الفاخر الطاوالت كما الرفوف تقف على أعمدة زجاجية بقواعد ذهبية‪ ،‬حىت‬

‫الكراسي بلون عاجي غري مثقلة بالزخرفات‪ ،‬إن ه فن الساحة ال شيء يثقل فضاء الرؤية‪ ،‬والسجاد يبدو لوحة‬

‫حريرية بألوان ناعمة مدت على األرض»‪ ،3‬وكذلك عند دخول "هالة" إىل شقة "طالل" املوجودة يف باريس‬

‫واندهاشها مبا رأته و ذلك ما يدل عليه هذا املقطع «للشقة مدخل خاص باخلدم‪ ..‬يف البيت أربع غرف نوم‬

‫مرفقة حبماماهتا هذه مواصفات شقة طالل يف باريس»‪.4‬‬

‫إن البيوت اليت ميتلكها "طالل هاشم" واألثاث املوجود فيها يدل على املستوى الراقي الذي ينتمي إليه‬

‫أما "هالة" على عكس "طالل" تركت بيتها يف قرية مروانة‪ ،‬جمربة نظرا للظروف السياسية واألمنية اليت كانت‬

‫تعيشها اجلزائر آنذاك‪ ،‬فقد كان بيتها املوجود يف سوريا كبديل للبيت اليت تركته يف اجلزائر ويتجلى ذلك من خالل‬

‫هذا املقطع «جاءت العمة حمملة مبا طلبت منها أمها‪ ،‬إحضاره‪ ،‬حاجات تعز عليها‪ ،‬وما استطاعت محلها يوم‬

‫غادروا‪ ،‬أشياء هلا قيمة عاطفية‪ ،‬أما ما عداها‪ ،‬فما عاد يعنيها‪ ،‬لقد تركت البيت على حاله ألخي زوجها‪ ،‬مثة‬

‫خسارات كبرية إىل حد ال خسارة بعدها تستحق احلزن‪ ،‬قالت أمها وهي تأخذ قرارها‪ :‬البيت برجاله ال جبدرانه‬

‫‪1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.242‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.229‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.102 -102‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.109‬‬
‫‪80‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ومن كانوا يصنعوا هبجة البيت غادروه‪ ،‬فما نفعه بعدهم‪ ،‬كان عمها منصفا أىب إال أن يدفع مثن البيت مبا ادخر‬

‫من مال أثناء عمله يف فرنسا‪ ،‬هكذا متكنوا من شراء شقة يف الشام»‪ ،1‬نستخلص أن الظروف حتتم على‬

‫اإلنسان إىل هجر بيته األصلي إىل املنفى‪.‬‬

‫وخالل زيارهتا إىل فيينا إغتنمت الفرصة لشراء مقتنيات تذكارية لتزين هبا شقتها املوجودة ببريوت ولسوء‬

‫احلظ افرتقا قبل أن يزور شقتها ويتجلى ذلك من خالل هذا املقطع «استفادت من عودهتا قبله فأخذت يف‬

‫حقيبتها ما اشرتته من مقتنيات تذكارية‪ ،‬متاثيل نصفية صغرية ألشهر موسيقي يف فيينا‪ ،‬أرادت أن يراها ألول مرة‬

‫حني تزور شقتها يف بريوت‪ ،‬فهي ما زالت تواظب على تأثيث تلك الشقة مقتطعة مبلغا شهريا لدفع إجيارها على‬

‫حساب كثري من احتياجاهتا جملرد إدهاشه يوم يزورها»‪.2‬‬

‫إن البيت يأخذ معناه وداللته الشاملة بإدراج صورة ساكنيه الذين يقطنون به‪ ،‬فالبيت له معىن نفسي وهو ما يدل‬

‫عليه املقطع التايل‪« :‬البيت يصنع مجاله من يقامسنا اإلقامة فيه»‪.3‬‬

‫وحبكم الصلة اليت تربط املكان بالشخصيات‪ ،‬فالبيت هو العامل الذي حيقق لإلنسان الراحة النفسية‪.‬‬

‫نستخلص مما سبق أن البيت يف اخلطاب الروائي مل يعد جمرد شيء تزينه جمموعة من األثاث وأصبح للبيت داللة‬

‫بالتأثري اجلديل بني املكان والشخصية فالكاتبة جندها ركزت على البعد النفسي للشخصيات‪ ،‬حيث ختتلف نظرة‬

‫الشخصية حسب نفسيتها‪.‬‬

‫‪ 1-2-2‬المطار‪.‬‬

‫إن املطار مكان يع ج باملسافرين من خمتلف اجلنسيات وقعت فيه الكثري من أحداث الرواية‪ ،‬فقد قرر‬

‫البطل "طالل" أن ينتظر هالة يف مطار شارل ديغول وطلب منها أن تتعرف عليه وسط حشود املسافرين وهذا ما‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.293‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.149‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.209‬‬
‫‪81‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يدل عليه هذا املقطع «إن مل يدلك قلبك علي فلن تريين أبدا‪ ..‬وهذه القصة ال تستحق عندئذ أن تعاش»‪.1‬‬

‫وعندما وصلت إىل املكان بدأت أحالمه تتهشم «وهو راح يتابع حريهتا أمام وجوه الرجال وهيئاهتم‬

‫تأملها من بعيد وقد استوقف نظرها رجل متنت أن يكون هو‪ ،‬بادهلا الرجل بنفس النظرات عندما رآها حتدق فيه‬

‫لكن قبل أن تتوجه حنوه‪ ،‬قادها حدسها إىل اختيار خاطئ آخر‪ ..‬باملعايري اجلمالية ذاهتا»‪ ،2‬ليس هو الوحيد اليت‬

‫حتطمت آماله بل حىت هالة « فما كاد هبو املطار أن يفرغ يف انتظار وصول الرحلة القادمة حىت رآها تغادر املطار‬

‫خائبة»‪ ،3‬فهي مل تتوقع أن تقع يف فخ كهذا‪ ،‬فهذا املكان ترك انطباعا حزينا لكال الطرفني وخاصة طالل‪.‬‬

‫يبدو أن مطار شارل ديغول مطار مشئوم‪ ،‬أما مطار فيينا هو مطار املوسيقى‪ ،‬فاملوسيقى هنا ليست من‬

‫الكماليات بل منط احلياة املوجودة يف كل مكان هناك «حطت يف مطار فيينا مشيا على سولفج األحالم‪ ،‬كما لو‬

‫كانت تقفز على نوتات البيانو‪ ،‬خبفة راقصة بايل»‪ ،4‬وهذا املكان نفسه الذي التقت فيه بكمال ساري وعز‬

‫الدين الذين عرضا عليها مشروع الغناء فيما بعد‪.‬‬

‫نستنتج أن الكاتبة وظفت األماكن املغلقة يف الرواية لتعطي للخطاب خصوصية مكانية وأن هناك تعدد‬

‫األماكن والدالالت اليت تعكسها هذه األمكنة على نفسية الشخصيات‪.‬‬

‫الفندق‪.‬‬ ‫‪3-2-2‬‬

‫هو مكان يقيم فيه اإلنسان أثناء سفره من بلد آلخر وهو ما يدل عليه املقطع التايل‪« :‬سأرافقك إىل‬

‫الفندق لتجمعي حاجاتك»‪ 5‬وأيضا «قبل مغادرة الفندق طلبت فاتورة إقامتها»‪ 6‬وحبكم عمل هالة كمغنية فهي‬

‫دائما يف تنقل من بلد آلخر‪ ،‬ففي تقدميها يف الفنادق «كنت أريد التأكد من وجود غرفة شاغرة هذا املساء تدرين‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.229‬‬
‫‪ 5‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.229‬‬
‫‪ 6‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.190‬‬
‫‪82‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫هذا الفندق هو أعرق فنادق باريس جلماله طلب أحد النبالء يف القرن ‪ 29‬أن يقضي فيه ليلته األخرية»‪ 1‬ويف‬

‫وصف الروائية للفندق املوجود يف فيينا « أمام مبىن فخامة قصر عريق من الزمن اجلميل مطوقا باحلدائق ما توقعت‬

‫أن يكون فندقا»‪.2‬‬

‫و «حجز جناحني متصلني بباب‪ ،‬اجلناح من عدة صالونات وسرير ملكي شاسع‪ ،‬ومغطس ومحام‬

‫دائري‪ ،‬وستائر تنزل من علو مخسة أمتار أو أكثر»‪ ،3‬وأيضا «توقف أمام كبري مبىن مزخرف بالنقوش الذهبية‬

‫دخال إىل قاعة عريقة تغطي جدراهنا املرايا واإلطارات الذهبية يعلوها سقف مزدان بالرسوم الزيتية‪ ،‬تتدىل منه ثريات‬

‫ضخمة»‪ ،4‬هذا يدل على أن طالل هاشم يعيش يف رفاهية وهلذا يويل عناية كبرية باألماكن اليت يكون فيها‪.‬‬

‫‪ 1-2‬األماكن المفتوحة‪.‬‬

‫إن األماكن املفتوحة تسمح لإلنسان التنقل بدون قيود وبكل حرية‪ ،‬فاألماكن املفتوحة هي اليت تكون‬

‫متاحة للجميع‪.‬‬

‫‪1-2-5‬مروانة‪.‬‬

‫هي املكان الذي نشأت هالة فيه وتربت فيه‪ ،‬يقع يف والية باتنة يف جبال األوراس اليت انطلقت منها شرارة‬

‫التحرير‪ ،‬أهم ما مي ز هذه القرية أهلها الذي يتميزون بالغناء "بالناي" ويتجلى ذلك يف قول الروائية «لعل شجن‬

‫مروانة جاءها من (القصبة) اليت مل تعرف آلة سواها»‪ ،5‬فالقصبة هي آلة البوح وذلك يف قوهلا «أدركت أن غناء‬

‫رجال مروانة كان امتداد ألنني الناي (القصبة) آلة البوح ال تكف عن النواح كطفل تائه عن أمه‪ ،‬ويروي قصته‬

‫لكل من يستمع إليه فيبكيه»‪ 6‬وهلذه اآللة داللة على حزن رجال أهل مروانة‪ ،‬وكانوا يتنافسون على ذلك «إن‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.142‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص‪.142‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.249‬‬
‫‪ 5‬املصدر نفسه‪ :‬ص‪.24‬‬
‫‪ 6‬املصدر نفسه‪ :‬ص ن‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫رجال مروانة يتجملون باحلزن‪ ،‬يتنافسون على من حيتفي بالشجن أكثر‪ ،‬فالشجن حزن متنكر يف طرب ذلك أن‬

‫الطبيعة جعلتهم قساة وعاطفيني»‪ ،1‬وأثناء التعريف بقريتها تقول «مروانة اسم أنثوي كدندنة‪ ،‬ختاله أغنية‪ ،‬هي‬

‫صغرية وغري مرئية كنوتة موسيقية‪ ،‬ال توجد على خرائط املدن اجلزائرية‪ ،‬بل على خريطة السولفيج»‪ .2‬كما جندها‬

‫تقول أيضا «مروانة‪ ..‬يا لغرورها‪ ،‬بلدة ختال نفسها بالدا‪ ،‬فهي تعتقد أن مضارهبا تصل حيث يصل موهتا! »‪.3‬‬

‫متثل قرية مروانة املكان اليت ولدت فيه البطلة هالة وسنوات الصىب اليت عاشتها يف اجلزائر قبل االنتقال للعيش يف‬

‫الشام والسبب وراء هذا االنتقال هو الوضع األمين السائد يف اجلزائر يف تلك الفرتة وهي العشرية السوداء‪.‬‬

‫‪ 1-1-2‬الشام‪.‬‬

‫هو املكان الذي جلأت إليه هالة ووالدهتا خوفا عليها من اإلرهاب‪ ،‬فضال عن كونه املكان الذي ولدت‬

‫وتربت فيه والدهتا اليت هي سورية األصل «إن إمرأة واقفة يف حلبة املالكمة دون أن حيمي ظهرها رجل ودون أن‬

‫تضع قفازات املالكم‪ ،‬أو حتمل يف جيبها املنديل الذي يلقى إلعالن االستسالم‪ ،‬احتمال اخلسارة غري وارد باملسبة‬

‫هلا‪ ،‬لذا تفتح شجاعتها شهية الرجال على هزميتها هذا ما أخاف والديت وجعلها تصر على مغادرة اجلزائر إىل‬

‫الشام حبكم أهنا سورية»‪ .4‬هذا نظرا لألوضاع املطربة اليت كانت تعيشها قرية مروانة آنذاك‪ ،‬وعليه فالشام هو‬

‫امللجأ الوحيد هلالة ووالدهتا ويعترب صمام األمان بالنسبة هلم واالبتعاد من كل ما حيدث يف قرية مروانة‪.‬‬

‫‪ 3-1-2‬بيروت‪.‬‬

‫متثل هلالة بداية مشوارها الغنائي‪ ،‬فلقد حظيت باهتمام كبري من طرف اإلعالم «بريوت حتبك‪ ..‬لقد خصص‬

‫لك إعالمها استقباال مجيال‪ ،‬صحيح‪ ..‬أنا مدينة هلا بانطالقيت»‪ 5‬فهو املكان الذي كانت تسجل فيه هالة‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص‪.22‬‬
‫‪ 5‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.29‬‬
‫‪84‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أغانيها وتطلق منها ألبوماهتا «سآيت إىل بريوت األسبوع القادم بدعوة من شركة اإلنتاج إلطالق ألبومي اجلديد»‪.1‬‬

‫‪ 4-2-5‬القاهرة‪.‬‬

‫مكان ألول حفل تقيمه هالة يف مصر‪ ،‬رغم عدم مساح والدهتا هلا بالسفر خوفا عليها «وصلتها دعوة إلقامة‬

‫حفل يف القاهرة‪ ،‬راحت تفاوض والدهتا للسماح هلا بالسفر إىل مصر وكأهنا تفاوض على قضية الشرق األوسط‪،‬‬

‫ففي القاهرة ليس هلا أهل»‪ .2‬ولقد كانت عائدات هذا العمل اخلريي إلنشاء مستشفى ألمراض السرطان‪ ،‬وقبل‬

‫بداية هذا احلفل قام "طالل هاشم" بشراء كل البطاقات ليحضر احلفل وتغين له وحده‪ ،‬كما أنه أول مكان تلتقي‬

‫فيه بطالل وتتحدث معه‪ ،‬وبعد انتهاء احلفل‪ ،‬أرسل إليها باقة ورد كعادته وكتب هلا عليها أنه يدعوها للعشاء‪،‬‬

‫وهي مل تكن تدري أنه نفس الشخص الذي غنت له وحده يف املسرح‪ ،‬وبعد أن هيأت نفسها اجتهت حنو مركب‬

‫الباشا مكان الدعوة «ق صدت طاولة توقعت أنه كان سيختارها‪ ،‬يف زاوية مجيلة تضيئها أنوار خارجية تتألأل على‬

‫سطح النيل‪ ،‬إن املكان طرف ثالث يف أي موعد أول»‪.3‬‬

‫‪ 4-1-2‬فيينا‪.‬‬

‫هي مكان هناية قصة "هالة الوايف" و"طالل هاشم" هذا بعد أن كان طالل قد دعاها للعشاء يف هذه املدينة‬

‫«أنتظرك هذا املساء للعشاء يف فيينا‪ ..‬عندي لك مفاجأة مجيلة»‪ ،4‬ولكون هذه أول مرة تزور فيها "هالة" هذه‬

‫املدينة‪ ،‬سأهلا طالل عن األماكن اليت تريد زيارهتا «سأهلا يف الصباح ماذا تريد أن تزور فيينا‪.‬‬

‫أجابت‪ :‬ليس يل أية فكرة عن هذه املدينة‪ ،‬لكين شاهدت قلب سنوات فيلم "اإلمرباطور السيسي" أمتىن أن‬

‫أزور املكان الذي عاشت فيه‪ ..‬وصوروا فيه الفيلم»‪ 5‬وفيها كانت هناية القصة‪.‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.219‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.203‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.204‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.142‬‬
‫‪ 5‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.122‬‬
‫‪85‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كما ذكرت الروائية عدة أماكن أخرى مثل‪ :‬مدينة ميونيخ األملانية اليت أقامت فيها "هالة" حفل لفائدة الالجئني‬

‫العراقيني وأمريكا اليت أراد مصطفى السفر إليها‪.‬‬

‫املالحظ أن كل األماكن اليت ذكرت يف الرواية كانت هلا دور فعال يف حياة البطلة "هالة" وكان هلا تأثري على‬

‫نفسيتها وشخصياهتا‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬الوصف‪.‬‬

‫تستعني السارد بتقنية الوصف حينما يقوم يوصف إطار مكاين معني أو يف وصف لشخصيات روائية‪ ،‬ليبقى‬

‫الوصف تعطيل لزمنية السرد لفرتة قد تطول أو تقصر الرواية حتتوي على نوعني من الوصف‪:‬‬

‫‪ 1-6‬الوصف المرتبط بإطار مكاني معين‪.‬‬

‫وهو الوصف الذي يقف السارد أمامه متأمال حقائقه وتفاصيله ومن أمثلة ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬وصف الكاتبة لغرفة هالة املوجودة يف الفندق حيث جاء وصفها سطحيا دون الغوص يف كل زواياه‪ ،‬حيث‬

‫تقول الروائية ‪« :‬الغ رفة على مجاهلا هي أصغر من أن يليق برجل حيجز قاعة بأكملها‪ ،‬ليجلس على مقعد واحد‬

‫شعرت أن الطاولة فارغة وأن‬


‫ْ‬ ‫ال متلك الستقباله سوى أريكتني‪ ،‬وطاولة يف زاوية من الغرفة‪ ،‬على شكل صالون‪،‬‬

‫سلة الفواكه حتتاج إىل إعادة الرتتيب‪ ،‬وضعت مكاهنا على الطاولة مزهرية‪ ،‬كي تبدو الغرفة أمجل»‪.1‬‬

‫‪ -‬كما جند وصفها للحمام ب وصفه من ملحقات البيت‪ ،‬واملكان الذي دائما جتدد فيه هالة هيئتها حيث تقول‬

‫« مث أسرعت إىل احلمام لتجدد هيئتها‪ ،‬حني تذكرت أنه قد يدخل احلمام ويقع نظره على لوازم زينتها‪ ...‬مجعت‬

‫كل شيء وأخفته داخل اخلزانة املوجودة حتت املغسلة»‪ ،2‬وأيضا «فانسحبت على عجلة إىل احلمام جتدد هيئتها‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.232-232‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.232‬‬
‫‪86‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وضعت شيئا من احلمرة وزادت الكحلة كي ختفي آثار دموعها»‪.1‬‬

‫‪ -‬وصف الفندق املوجود يف فيينا حيث جندها تقول‪« :‬توقفت السيارة أمام مبىن يف فخامة قصر عريق من الزمن‬

‫اجلميل‪ ،‬مطوقا باحلدائق‪ ،‬ما توقعت أن يكون فندقا كان مهيبا جدا جعلها تراجع كل حركة تقوم هبا‪ ،‬وهي جتتاز‬

‫بوابته الذهبية البالغة الفخامة»‪ ،2‬وأيضا «جناحني متصلني بباب اجلناح‪ ،‬شقة من عدة صالونات‪ ،‬وسرير ملكي‬

‫شاسع ومغطس ومحام دائري»‪.3‬‬

‫‪ -‬وصف الفندق املوجود يف باريس «كانت تطوقها اجلدران املذهبة‪ ،‬ورأس السرير يف فخامته والسقف والثريات‬

‫والستائر»‪.4‬‬

‫‪ -‬وصف ألحد املطاعم الفاخرة اليت ميتلكها "طالل" «مطعم أقدامه يف البحر‪ ،‬جدرانه أكواريوم تسبح فيه‬

‫األمساك بلوحات مبهجة‪ ،‬أما األرضية فيتصورها كثبان رملية منخفضة‪ ،‬تتناثر عليها األصداف املختلفة األشكال‬

‫يرتفع فوقها على علو نصف مرت زجاج على البحر»‪.5‬‬

‫‪ -‬وصف املطبخ املوجود يف بيت "طالل" يف باريس والذي زارته "هالة" فكان وصفها له بقوهلا «كان الرباد‬

‫ببابني كل شيء فيه مرتبا وشهيا كما يف إعالن تلفزيوين»‪.6‬‬

‫‪ -‬وصف البالتو وهو املكان الذي أقيم فيه االحتفال بعيد احلب وكانت حلقة تلفزيونية عنه كاملة‪ ،‬وحيث دعت‬

‫هالة من طرف معد الربنامج وهذا الوصف يتجلى يف هذا املقطع «بدا اجلو احتفاليا‪ :‬قلوب محراء‪ ،‬وسائد محراء‬

‫ورود محراء‪ ،‬علب وهدايا بشرائح محراء‪ ،‬هل األمجل من األسود لونا حيقد عليه األمحر قرانه يف عيد احلب!»‪.7‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.192‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.142‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.142‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.122‬‬
‫‪ 5‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.242‬‬
‫‪ 6‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.122‬‬
‫‪ 7‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.22‬‬
‫‪87‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 2-6‬وصف الشخصيات‪.‬‬

‫‪-‬وصف هالة البطلة‪ :‬فتاة هبية الطلعة ليست طويلة‪ ،‬تبدو أنيقة يف معطف أسود «ويزينه شعرها املنسدل على‬

‫كتفيها»‪.1‬‬

‫•وصفها عند صعودها إىل املسرح حيث تقول الساردة «بدأت الفرقة تعزف متهيدا لظهورها على املسرح‪ ،‬مث‬

‫أطلت كبجعة سوداء داخل ثوب أسود من املوسلني لكأهنا (ماريا كالس) يف ثوب أوبرايل‪ ،‬ال يزينه إال جيدها‬

‫العاري وشعر أسود مرفوع إىل األعلى‪ ،‬إهنا الفتنة يف بساطتها العصية»‪.2‬‬

‫‪ -‬وصف طالل هاشم‪ :‬رجل مخسيين‪ ،‬أستاذ أدب مقارن ميلك سلسلة من املطاعم عنيد وصارم ال يقبل اهلزمية‬

‫متسلط‪ ،‬كل ما يطلبه جيده حيث تقول الكاتبة «رجل مخسيين بابتسامة على مشارف الصيف»‪ ،3‬صاحب إرادة‬

‫قويه «عنيد وصارم»‪ 4‬ال يقبل اخلسارة‪.‬‬

‫‪ -‬وصف عم هالة يف هذا املقطع «فجأة طالت حليته‪ ،‬وتغريت لغته‪ ،‬واعتمد لباس األفغان»‪.5‬‬

‫‪ -‬وصف عالء أخو هالة‪ ،‬كان وسيم‪ ،‬حسن اخللق‪ ،‬مهذب حيث جند خالتها تقول «يقربين شو طيب وشو‬

‫عاقل هذا الولد»‪.6‬‬

‫أرى بأن الوصف مل يتوفر بكثرة يف هذه الرواية على عكس العناصر األخرى املوجودة يف الرواية‪.‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص‪.229‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص‪.104‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.202‬‬
‫‪ 5‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 6‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.29‬‬
‫‪88‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫سابعا‪ :‬الحوار‪.‬‬

‫لقد اكتسب احلوار أمهية خاصة تنطلق من كون الرواية نفسها رواية حوار ال رواية أحداث‪ ،‬ذلك أهنا‬

‫تعتمد على السرد املعهود يف الفن الروائي‪ ،‬بقدر ما يتخذ احلوار شكال تعبرييا عن األحداث‪ ،‬وإذا كان دليل‬

‫السمة السردية ما يسرد الروائي يف النص الروائي‪ ،‬فإن خطوة عامة إىل تدخالت الروائيني توقفنا عند حالة السرد‬
‫‪1‬‬
‫قياما إىل كثرة احلوارات‪.‬‬

‫إن احلوار هو وسيلة لتبادل األفكار واآلراء واملعلومات ويعد من أهم جماالت التعبري للوصول إىل‬

‫األهداف املنشودة وميكننا تعريف احلوار بأنه حمادثة بني طرفني أو أكثر تتبادل اآلراء واألفكار وتستهدف حتقيق‬

‫قدر أكرب من الفهم والتفاهم ( وهو ما يسمى باحلوار اخلارجي )‪ (dialogue‬وقد ال يقتصر احلوار يف العمل‬

‫القصصي أو الروائي على نوع واحد‪ ،‬فاحلوار يف العمل الروائي أو القصصي على نوع واحد‪ ،‬فاحلوار اخلارجي يتم‬

‫إجراءه بني اثنني أو أكثر من شخوص وهناك أيضا احلوار الداخلي أو املناجاة )‪ (monologue‬وهو حوار‬

‫الفرد مع ذاته‪ ،‬وال يشرتط فيه أن يكون مسموع وإمنا يكتفي أحيانا باهلمس والتفكري والتذكر‪.‬‬

‫وقد ورد احلوار يف رواية األسود يليق بك كاآليت‪:‬‬

‫‪ 1-7‬الحوارات الخارجية‪.‬‬

‫احلوار الذي دار بني "هالة" و"مقدم الربنامج"‪:‬‬

‫«‪-‬مل تظهري يوما إال بثوبك األسود‪ ..‬إىل مىت سرتتدين احلداد؟‬

‫جتيب كمن يبعد شبهة‪:‬‬

‫‪ -‬احلداد ليس يف ما نرتديه بل ما نراه‪.‬‬

‫‪ -‬يوم أخذت قرار اعتالء املنصة ألول مرة‪ ،‬هل توقعت جناحا كهذا؟‬

‫‪ 1‬حممد كرمي الكواز‪ :‬علم األسلوب (مفاهيمه وتطبيقاته)‪ ،‬احتاد كتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬دط‪2999 ،‬م‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪89‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬هل تعتقد أن املرء أمام املوت يفكر يف النجاح؟ كل ما يريده هو أن ينجح يف البقاء على قيد احلياة‪ ،‬ما أردته‬

‫هو أن أشارك يف احلفل الذي نظمه بعض املطربني يف الذكرى األوىل الغتيال أيب بأدائهم أغانيه‪.‬‬

‫‪ -‬أما خفيت أن تشقي طريقك إىل الغناء بني اجلثث؟‬

‫‪ -‬لقد غري هتديد األقارب سلم خماويف‪ ،‬إن إمرأة ال ختشى القتلة ختاف جمتمعا يتحكم فيه محاة الشرف يف‬

‫رقابه»‪.1‬‬

‫«أتعتقدين أن قصتك الشخصية أسهمت يف رواج أغانيك؟‬

‫‪ -‬حتما استفدت من تعاطف اجلمهور لكن العواطف اجلميلة وحدها ال تصنع جناح فنان‪ ..‬األمر حيتاج إىل‬

‫مثابرة وإصرار»‪.2‬‬

‫احلوار الذي جرى بني "هالة" و"طالل" الذي مجع بني صوهتما يف بداية الرواية عرب التلفون‪:‬‬

‫‪ -‬ألو‪..‬‬

‫رد صوت رجل على الطرف اآلخر‪:‬‬

‫‪ -‬أهال‪.‬‬

‫ساد بينهما للحظات صمت البدايات‪ ،‬قال فاحتا باب الكالم‪:‬‬

‫‪ -‬سعيد باحلديث إليك‪...‬‬

‫وجد نفسه يواصل‪:‬‬

‫‪ -‬كنت استعجل هذه اللحظة‪.‬‬

‫ردت بنربة ال ختلوا من الدعابة يف إشارة إىل بطاقته السابقة‪:‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ :‬ص ‪.22‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.22‬‬
‫‪90‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬ظننتك متلك كل الوقت!‬

‫‪ -‬أنا أملك الوقت ال يعين أين أملك الصرب‪..‬‬

‫علقت بالدعابة نفسها‪:‬‬

‫‪ -‬أما أنا فطوعتين احلياة‪ ..‬ال أكثر صربا من األسود!»‪.1‬‬

‫وأيضا «أي ساعة تصل طائرتك؟‬

‫قالت‪:‬‬

‫‪ -‬الساعة السادسة بتوقيت باريس‪.‬‬

‫‪ -‬على أي مطار؟‬

‫‪ -‬مطار شارل ديغول‪.‬‬

‫‪ -‬حسنا‪ ..‬مثة رحالت من لندن كل ساعة تقريبا‪ .‬سأغادر لندن حبيث أصل قبلك وأنتظرك هناك عند خمرج‬

‫الركاب القادمني‪.‬‬

‫واصل بعد شيء من الصمت‪:‬‬

‫‪ -‬أمتىن أن تتعريف علي وسط حشود املسافرين‪.‬‬

‫ردت‬

‫‪ -‬يف مجيع احلاالت لن يضيع أحدنا اآلخر‪ ،‬فأنت تعرفين أليس كذلك؟‬

‫رد بنربة حادة‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬إن مل يدلك قلبك علي فلن تريين أبدا‪ ..‬وهذه القصة ال تستحق أن تعاش!»‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.22‬‬
‫‪91‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫احلوار الذي دار بني "هالة" و"جنالء"‪.‬‬

‫«ردت جنالء على اهلاتف مبتهجة‪:‬‬

‫‪ -‬كيفك حبيبيت‪ ..‬إن شاء اهلل وصلت خبري؟‬

‫‪ -‬احلمد هلل وإنتو كيفكم؟‬

‫‪ -‬متام وهيد األخوت تبع الورد‪ ..‬كيف طلع؟ إن شاء اهلل حلو؟‬

‫ردت باقتضاب‪:‬‬

‫‪ -‬إيه حلو‪..‬‬

‫لو قالت أهنا مل تره‪ ،‬لكان عليها أن حتكي نصف ساعة لتشرح ما حدث‪ ،‬وهي على هاتف الفندق وسعر املكاملة‬

‫مضاعف‪.‬‬

‫‪ -‬فيكي تعطيين ماما؟‬

‫‪ -‬خالة عم بتصلي‪..‬‬

‫‪ -‬طيب طمنيها إين وصلت خبري‪ ،‬بكرة حبكيها‪ ..‬باي حبيبيت»‪.1‬‬

‫احلوار الذي كان بني "عالء" و"نذير" (أخو هدى)‪:‬‬

‫«قال ندير‪:‬‬

‫‪ -‬واش‪ ..‬مازلت حي؟‬

‫رد عالء بالسخرية نفسها‪:‬‬

‫‪ -‬وأنت مازلت يف )‪ (la planète‬متاعنا؟ حسبتك بدلت اجملرة؟‬

‫‪ -‬أنا يف اجملاري ياخو‪ ..‬أنت على األقل كنت يف اجلبل‪ ،‬عندكم األكسجني فوق‪ ..‬هنا نشفولنا حىت اهلوا‪.‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪92‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬واش راك تدير هاذ اليامات؟‬

‫ضحك ندير‪ ،‬ال أحد سأله ماذا يفعل هذه األيام‪ ،‬فأن تبقى على قيد احلياة يف حد ذاته فعل‪.‬‬

‫رد بتهكم‪:‬‬

‫‪ -‬ما اندير والو‪ ،‬راين ندور‪.‬‬

‫‪ -‬رد عالء كما ليربر محاقته‪:‬‬

‫‪ -‬ماعالباليش واشر صاريل كاره حيايت؟‬

‫‪ -‬ياخو إذا كاره حياتك أقطع البحر مش تطلع للجبل‪ ..‬عندك على األقل احتمال توصل للجنة‪ ..‬وتعيش يف‬

‫فرنسا وإال يف اسبانيا تاكل كل يوم (البايال)‪،‬‬

‫رد عالء بسخرية سوداء‪:‬‬

‫‪ -‬واهلل ياكلك احلوت قبل ما تاكل(البايال)!‬

‫‪ -‬ياكلين احلوت وال ياكلين الدود‪.1»..‬‬

‫احلوارات اليت دارت بني العازفني أثناء تقدميها حلفل يف القاهرة‪:‬‬

‫سأل أحد العازفني‪:‬‬

‫‪ -‬لو حضرتو ما جاش نعمل إيه؟‬

‫رد اآلخر‪:‬‬

‫‪ -‬مالنا بيه‪ ..‬جيي وإال ما جييش إحنا شغالني‪.‬‬

‫‪ -‬يعين عاوزنا نعزف لقاعة مافيهاش حد!‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.93-91‬‬


‫‪93‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬ومالو!‪ ..‬أدي أم كلثوم كلها وغنت للكراسي‪..‬‬

‫‪ -‬إزاي بقى ياعم؟ هي جتننت؟!‬

‫‪ -‬أبوها هو اللي جتنن‪ ...‬سبع ساعات ومها على احلمار جايني من الريف عشان أم كلثوم تغين يف احلوازة دي‪..‬‬

‫وملا وصلوا لقوا السراديق جاهز والكلوجات ضاوية والكراسي مصفوفة بس ماكنش فيه حد‪ ..‬وال حىت العريس!‬

‫راح العازف حيكي بقية القصة‪ ،‬سأله الثاين غري مصدق‪:‬‬

‫‪ -‬عرفت القصة دي منني؟‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬كتبتها الست يف مذكراهتا‪»..‬‬

‫احلوار الذي دار بني "هالة" و"جنالء"‪:‬‬

‫‪ -‬كنت رائعة‪..‬‬

‫وعندما مل تسمع جوابا واصلت‪:‬‬

‫‪ -‬أفهم أن األمر ما كان سهال‪ ،‬ولكنها جتربة مجيلة ومثرية‪ ،‬الغناء لشخص واحد!‬

‫ردت‪:‬‬

‫‪ -‬ما كان شخصا‪ ..‬إن من حيجز قاعة بأكملها ليستمع وحده إىل احلفل خيال نفسه إالها‪ ،‬لذا كان ضربا من‬

‫الكفر أن أقبل الغناء له‪.‬‬

‫‪ -‬ال تضخمي األشياء‪ ،‬أنت يا عزيزيت مفرطة يف عزة النفس‪.‬‬

‫‪ -‬هذا أفضل من أفرط بنفسي‪ ،‬أال ترين يف تصرف هذا الرجل غطرسة واضحة؟ حىت الورود اليت بعث يل هبا‬

‫ليست مرفقة ببطاقة كما تقتضي اللباقة‪.‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص‪.202‬‬


‫‪94‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬أكنت تريدنه أن جيثوا عند قدميك؟ إن الورود احلمراء ال حتتاج إىل بطاقة‪ ،‬من الواضح أنه متيم‪ ،‬يكفي ما‬

‫دفع ليستمع وحده إليك هذا تكرمي لن حتظ به على علمي مطربة عربية‪.‬‬

‫‪ -‬تسمني هذا تكرميا؟!»‪.1‬‬

‫وأيضا‪:‬‬

‫«ماذا فعليت لتشعي هباءا هكذا؟‬

‫تضحك‪ ..‬تقسم‪ ..‬تؤكد‪.‬‬

‫‪ -‬واهلل ال شيء‪.‬‬

‫‪ -‬عدا عملك ممرضة ماذا فعلت خالل عشرة أيام؟‬

‫‪ -‬تعنني خالل ثالثة أيام‪..‬احلب يأيت متأخرا دائما!»‪.2‬‬

‫«صاحت جنالء‪:‬‬

‫‪ -‬ال! أكان هو إذا ذلك الرجل الذي هاتفين؟ كم مجيل أن ينتحل عاشق صفة ليفاجئ حبيبته!‬

‫‪ -‬مل تكن مفاجأة بل "مفاجعة" غُ ِش َي علي وأنا أراه عند باب غرفيت‪ ،‬يف ذلك الفندق البائس‪ ،‬ليتك أخربتين‬

‫هباتفه‪.‬‬

‫‪ -‬وما أدراين به‪ ..‬مث هو يعلم أنك لست ثرية‪.‬‬

‫‪ -‬وأصبح يدري اآلن كم هو قوي‪ ،‬إهنا سطوة املال‬

‫‪ -‬أهذا مأخذك عليه؟ أتدرين عاشقا بائسا كأولئك الذي تركتهم يف اجلزائر‪.‬‬

‫‪ -‬مل ألتقه يف باريس سوى ثالث مرات‪ ،‬كيف له أن جيملين!‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ :‬ص ‪.223-221‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.293‬‬
‫‪95‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬طبعا هناك حب جيعلنا أمجل وآخر جيعلنا نذبل»‪.1‬‬

‫احلوار الذي جرى بني "عمة هالة" ووالدهتا‪:‬‬

‫«كانت العمة حتمل أخبارا سارة‬

‫‪ -‬احلمد هلل رانا يف رمحة ريب‪ ..‬رجع لنا األمان يا هند يا أخيت‪ ..‬ياريتك صربيت شوية‪.‬‬

‫‪ -‬ما قدرتش انعيش مع اللي قتلوا وليدي وقتلوا راجلي‪ ..‬لو قعدت هناك كنت مت وال قتلت حد‪.‬‬

‫‪ -‬الناس كلهم صابرين‪ ..‬واللي ما عندوش وين يروح واش يدير‪ ..‬نوكلو عليهم ريب" يا قاتل الروح وين‬

‫تروح"!»‪.2‬‬

‫تدخلت لتلطف األجواء هالة وكمال ساري وعز الدين‪:‬‬

‫قال‪:‬‬

‫«سعيد أن أصادفك جمددا‪ ،‬أنا كمال ساري‪ ،‬ألتقيتك يف املطار أتذكرينين؟ انتظرت مهاتفة منك‪ ،‬خفت أن أفقد‬
‫‪3‬‬
‫االتصال بك»‬

‫‪ -‬البارحة جئت على ذكرك مع صديقي‪ ،‬فكرنا يف مشروع ميكن أن يهمك‪ ،‬حسن أننا صادفناك هنا‪.‬‬

‫ابتهجت من هلجته أنه جزائري‪ ،‬فقد حدثها يف املطار بالفرنسية عرفها بصديقه عز الدين‪.‬‬

‫هذا الرجل مد يده ليصافحها حبرارة قال بالفرنسية‪:‬‬

‫‪ -‬مسعت عنك كثريا‪ ،‬يسعدين أن ألتقيك _واصل بلهجة جزائرية حمببة إىل قلبها_ ‪ -‬يعطيك الصحة يالفحلة‬

‫نتاعنا!‬

‫تنفست الصعداء عندما عرفت أهنما حضرا إىل هذا الفندق ملوعد خاص ليس أكثر قال‪:‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص‪.294‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.292‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.122‬‬
‫‪96‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬باملناسبة زوجيت حتبكي كثريا هل ميكن أن تكلميها؟ سيسعدها هذا»‪.1‬‬

‫«تبادلت مع املرأة كلمات جماملة‪ ،‬وقبل أن يودعها أمدها الرجل اآلخر ببطاقته قال‪:‬‬

‫‪ -‬لن أطلب منك هاتفك‪ ،‬أثق أننا سنلتقي!‬

‫مل جتد ما تقوله ردت جبواب ساذج "إن شاء اهلل"!»‪.2‬‬

‫حوار هالة مع عز الدين‪:‬‬

‫«ذات صباح رن اهلاتف‪ :‬قال صوت رجايل‪:‬‬

‫‪ -‬واشبيك يا الال‪ ..‬ما تسأليش علينا؟‬

‫إهنا اجلزائر تسأل "كيف هي أنت مواليت؟ أال سألت عنا؟"‬

‫مل تعرف تلك الصوت‪ ،‬لكنها تعرف تلك اللهجة الغالية على القلب ففي اجلزائر حيدث أن تنادي احلراير (الال)‪.‬‬

‫ردت‪:‬‬

‫‪ -‬أهال‬

‫قال الرجل على الطرف اآلخر‪:‬‬

‫‪ -‬أنا عز الدين‪ ..‬هل تذكرتين؟‬

‫‪ -‬طبعا أذكرك‪ ..‬لكن ما توقعت وجودك يف سوريا‪ ،‬طمين عنك‪.‬‬

‫‪ -‬إين هنا يف مهمة‪ ،‬قلت أسلم عليك‪ ،‬عساك خبري‪.‬‬

‫‪ -‬خبري شكرا‪ ،‬واصلت مازحة‪ :‬خبري ما دمت ال أتابع األخبار»‪.3‬‬

‫«‪ -‬أنت حمظوظة‪ ..‬أنا ال أتابع األخبار‪ ..‬بل أتبعها!‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.122‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص‪.229‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.329‬‬
‫‪97‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬وأين القت بك احلروب؟‬

‫‪ -‬مازلت بني جنيف والعراق تعبت‪ ..‬إهنا بسبع أرواح‪.‬‬

‫‪ -‬أغبطك‪ ..‬ال تتدمر‪ ..‬يف العمل اإلنساين على األقل ال تكافئ باجلحود‪ ،‬ألنك ال تعمل لإلنسان بل لإلنسانية‬

‫‪ -‬صدقت واهلل‪ ،‬مآسي الناس تنسيك قدرهتم على األذى‪.‬‬

‫‪ -‬إىل مىت أنت هنا؟‬

‫‪ -‬ألربعة أيام على األكثر‪.‬‬

‫‪ -‬نلتقي غدا إذا»‪.1‬‬

‫‪ 2-7‬الحوارات الداخلية )‪.(monologue‬‬

‫املونولوج الداخلي فتفتح حبدث قدمي وتذكار هذا احلدث هو انطالق شرارة الرواية وانفتاح باب عاملها‬

‫التخيلي‪:‬‬

‫«لن يعرتف حىت لنفسه بأنه خسرها سيدعي أهنا من خسرت‪ ،‬وأنه من أراد هلما فراقا قاطعا كضربة سيف قاطع‬

‫فهو يفضل على حضورها العابر غيابا طويال‪ ،‬وعلى املتع الصغرية أملا كبريا‪ ،‬وعلى االنقطاع املتكرر قطيعة‬

‫حامسة»‪.2‬‬

‫املالحظ أن الكاتبة وظفت الكثري من احلوارات اخلارجية‪ ،‬على عكس احلوار الداخلي الذي كان قليل‬

‫وشبه منعدم كما جند أن الكاتبة استخدمت تقنية احلوار اليت كانت هي السبيل لعرض األحداث‪ ،‬فكل حدث‬

‫تقريبا من الرواية قائم على احلوار بني البطل والبطلة‪ ،‬وبني الشخصيات األخرى داخل بنية اخلطاب السردي‪،‬‬

‫وتشد الروائية القراء لروايتها عن طريق عرض األحداث عرب احلوار الذي تعرب عن واقع العالقة بني الشخصني مما‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص ‪.310‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.22‬‬
‫‪98‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يعزز يف النص حالة االرتياب وجنحت يف أخذ القارئ إىل عامل النص‪ ،‬ليظل مرتدا طامعا إىل بلوغ حالة اليقني‬

‫طوال حركة السرد وامتداده‪ ،‬حىت ليمكن القول إن الرباعة الفنية للروائية شكلت جانبا كبريا من أسرار إحكام‬

‫الن ص ويعود هذا إىل قدرة الروائية على اإلمساك خبيط املوازنة بني الضوء والعتمة‪ ،‬وإبقاء ذهن القارئ متأرجحا بني‬

‫االرتياب واليقني اللذين جسدا النص‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬البنية اللغوية‪.‬‬

‫اللغة هي الوسيلة اليت يتعامل هبا الناس يف حياهتم اليومية‪ ،‬وهي وسيلة األديب الوحيدة يف التعبري‬

‫وتوصيل األفكار‪ ،‬وحتتل املرتبة األوىل يف النص األديب وخاصة الرواية‪ ،‬حتقق االنسجام بني األسلوب واللغة كما‬

‫ميكن حتديد هوية الشخصية‪ ،‬إذن فاحمليط العام للشخصية متوقف على حسن اإلجابة اللغوية‪ ،‬كما أن البد‬

‫للعمل اإلبداعي الذي تتنوع بنيته اللغوية حيظى بقدرة إبداعية فائقة وترتقي قدرته بارتقاء تنوعها‪ ،‬تتكثف لغة‬

‫الراوي وتنحو منحا شعريا يف الكثري من املواضع فيختلط األسلوب النثري باألسلوب الشعري‪ ،‬فتصبح اللغة رصينة‬

‫وتعبريات قوية‪ ،‬إن أسلوب الكاتب حيقق تأثريه من خالل بساطته ورشاقته‪ ،‬مما جيعل القارئ حيس أن لغة الكاتب‬

‫كتلة كبرية من األحاسيس اليت تعكس أبعادا نفسية ووجدانية‪.‬‬

‫أما لغة الرواية فهي لغة شعرية مرهفة باألحاسيس خمتلفة عن لغة األعمال األخرى والسيما الثالثية اليت‬

‫سبقت هذه الرواية‪ ،‬فهناك اللغة أصعب من لغة "األسود يليق بك"‪ ،‬وقد عرف عن الكاتبة أحالم اختياراهتا‬

‫اللفظية املبهرة اليت متتزج بلغة الشعر وخصوصيتها غري العادية‪.‬‬

‫وعند تشخيص لغة الرواية جندها تشخيص السهل املمتنع ذلك ملا امتلك من تركيب خطاب وتركيب‬

‫املنت احلكائي الذي يشكل ظاهرة ضمن نطاق عامل السرد التخيلي‪.‬‬

‫فالرواية إضاءة للحياة ومن ممارسة القراءة والتلقي انشغلت بتشخيص آليات اشتغال اللغة الواصفة وتبىن‬

‫على القراءة النصية املراهنة على التأويل‪.‬‬


‫‪99‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وألن مستويات اللغة العربية ومنها العامية تعكس االنتماء للمجتمع البسيط فإن الكاتبة تبين احلوار‬

‫الواقعي املتعدد لشخصيات الرواية عليها يف أكثر من مقام سردي يضفي عليه خصوصية حملية نشم من خالهلا‬

‫رائحة االنتماء فتقول‪« :‬نصرية تسلم عليك بزاف‪ ...‬طلبت مين تلفونك واش نعطيهوهلا؟ باملناسبة‪ ..‬قالت يل‬

‫باللي مصطفى تزوج من أستاذة جاءت جديدة للمدرسة وطلب نقلهم للتدريس يف باتنة»‪.1‬‬

‫«وهدى واش راهي؟‬

‫هدى تقول حد دعا عليها دعوة شر! يرحم باباك كاين واحد يروح يعمل يف التلفزيون واإلرهابيون كل أسبوع‬

‫يقتلون صحايف؟! يا خويا حتب األضواء بزاف‪" ..‬مضروبة عليها" خليها متوت حتت األضواء»‪.2‬‬

‫«واش ناوي أدير؟‬

‫ناوي على اهلربة ما يسلكين غري البحر‪ ،‬كاين بزاف راحوا وراهم يف اسبانيا لباس عليهم»‪.3‬‬

‫تبين أحالم مستغامني الشكل الفين للرواية على التناص و تداخل األجناس ألهنا تتقن صناعة الكلمة‬

‫الشعرية لرتتقي بلغة الكتابة الروائية إىل مستوى مجايل تربهن فيه على إذابة احلدود الومهية يف صناعة الكلمة‬

‫األدبية‪ ،‬تلك الكلمة اخلال قة للتوازن الروحي والفكري يف عامل ال يعرتف إال باملادة واإلنتاج املادي‪ ،‬إهنا تستحضر‬

‫رموز الرواية والشعر يف عصور األلق والتنوير‪ ،‬وبصمة الكلمة اجلميلة لتكتب عن فنية الفن تذكر من رواسب ذاكرة‬

‫قراءة كتب مكتبة أبيها "دوستفسكي ومريابو بودلري" وغريهم الكثريون من عامل الشعر والفن والرسم واملوسيقى‬

‫لتعلن عن مذهبها الفين‪ ،‬وهو ال حدود له بني األجناس والفنون وحدها الرواية مبرونتها تستوعب الكل‪ ،‬هكذا‬

‫وضفت مستويات عديدة للغة فحاورت شخوصها وحاورتنا بتجربة روائية خمتلفة توصلت فيها بوسائل فنية ال‬

‫تتقنها إال قرحية املرأة وللمرأة أيضا لغتها وبصمتها التحديدية للرواية‪.4‬‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ :‬ص ‪.14‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص ‪.94‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 4‬حنان علي‪ :‬قراءة يف رواية "األسود يليق بك"‪www.mahwar/org/com/ 1024/04/21 :‬‬
‫‪100‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أرى بأن اللغة لغة واقعية يف رواية "األسود يليق بك" للكاتبة الروائية اجلزائرية "أحالم مستغامني" قد‬

‫فتحت أفق اللغة على التأويل بلغة الرجل عن املرأة‪ ،‬إذا فاللغة مشحونة بتوظيف مستويات اللغة الروائية مما جيعلها‬

‫مدونة خصبة ملثل هذا التمثل الذي يصنف به أدبية الرواية املعاصرة‪.‬‬

‫تاسعا‪ :‬البنية االجتماعية‪.‬‬

‫إن النص الروائي عن النص الشعري بكونه جيسد البيانات اإلجتماعية‪ ،‬بشكل أوضح من خالل بعده‬

‫النثري وخلقه لعامل اجتماعي متخيل يتعامل مع العامل االجتماعي املعاش‪ ،‬وجتسد "أحالم مستغامني" يف رواية‬

‫"األسود يليق بك"‪ .‬اجملتمع اجلزائري الذي تنحدر منه البطلة "هالة الوايف" فهو جمتمع حمافظ يقدس العادات‬

‫والتقاليد وهذا يكون يف بعض األحيان عائقا للمرأة وحيد من حريتها وال ميكنها جتاوزه‪ ،‬فهي تعلم متاما أن قوانني‬

‫هذا اجملتمع ال تسامح من يتجاوز هذه القوانني‪ ،‬وهذا ما جنده يف كالم "هالة" «لقد غري هتديد األقارب سلم‬

‫خماوف‪ ،‬إن املرأة ال ختشى القتلة ختاف جمتمعا يتحكم الشرف يف رقابته‪ ،‬مثة إرهاب معنوي يفوق جرائم‬

‫اإلرهابيني‪ ...‬تصور حني وقفت على اخلشبة ألول مرة كان خويف من أقاريب يفوق خويف من اإلرهابيني أنفسهم‬

‫أنا ابنة مدينة عند أقدم األوراس ال تتساهل فيها مع الشرف»‪.1‬‬

‫فرغم حماربة ومواجهة هالة لإلرهاب‪ ،‬إال أهنا ال تستطيع مواجهة جمتمعها ألن خوفها من أقارهبا يتعدى‬

‫خوفها من اإلرهاب‪.‬‬

‫ويف تلك الفرتة انتشر اإلرهاب بكثرة يف اجلزائر ومسيت هذه الفرتة بـ"سنوات اجلمر" أو بـ'العشرية السوداء"‬

‫وكان هلا تأثريا وواضحا على اجملتمع اجلزائري وباألخص فئة الشباب‪ ،‬فخلفت هذه العشرية نسبة من اجلزائريني‬

‫الذين يعانون من اضطرابات نفسية وهذا ما جنده يف هذا املقطع «أتدرين أن نسبة اجلزائريني الذين يعانون من‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ :‬ص ‪.22‬‬


‫‪101‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االضطرابات النفسية أو العقلية ‪ ،‬تتجاوز حسب آخر االحصاءات ‪ 10 %‬حنن منلك بدون منازع أكرب مؤسسة‬

‫إلنتاج اجلنون»‪ ،1‬واملالحظ أن الظروف تركت آثار واضحة يف نفوس اجلزائريني أوصلت الكثري إىل حافة اجلنون‪.‬‬

‫«ما الذي خيرج املرء من صوابه غري أن لصوصا فوق احملاسبة‪ ..‬ينبهون وال يشبعون يضعون يديهم يف جيبك‬

‫وخيطفون اللقمة من فمك‪ ،‬وال يستحون‪ ،‬إنه القهر والظلم واحلقرة ما أوصل الناس إىل اجلنون‪ ،‬إذا فقد اجلزائري‬

‫كرامته فقد صوابه‪ ،‬ألنه ليس مربجما جينيا التأقلم مع اإلهانة‪ ،‬كيف تريدين أن تزوج وأجنب أوالدا يف عامل خمتال‬

‫كهذا؟»‪ 2‬يتبادر يل بأنه مل يعد مبقدور اجلزائري العيش كغريه مرتاح البال‪ ،‬فقد أخذوا منه اهلدوء‪ ،‬األمن‪ ،‬مستقبله‬

‫ومظاهر احلقرة جعلت الكثريين يفقدون صواهبم لعلمهم بذلك سيعيشون واقعهم املرير الذي يعيشونه‪.‬‬

‫إن الروائية أحالم مستغامني يف روايتها حتاول أن جتسد مرحلة حرجة من تاريخ اجملتمع اجلزائري‪ ،‬ألن‬

‫"هالة" شاهد حي على التحول االجتماعي يف فرتة السبعينات كما حتاول أحالم يف هذه الرواية أن ترسم صورة‬

‫المرأة عربية ثائرة على واقعها حماولة تغيريه‪ ،‬فتنجح يف حتقيق ذلك بالتخلص من سيطرة اإلرهاب الفكري عليها‬

‫وحينما تقرأ الرواية أحيانا ستشعر حبضور قوي للمجتمع اجلزائري‪ ،‬لكن يف أحيان كثرية نالحظ غياب كلي له‬

‫فنشعر بوجود أحداث روائية تبحث عن مربرات واقعية تربر كل األحداث‪ ،‬ومبا أن الرؤية واضحة متكن الكاتب‬

‫من فهم وإدراك الواقع االجتماعي‪ ،‬فإن الوعي أداة فاعلة يكتسبها اإلنسان من ذاته وواقعه الطبقي‪ ،‬وهالة يف‬

‫الرواية متتلك حضورا حمليا للواقع‪ ،‬فهي ليست جمرد أداة أو وسبة يف يد الروائية‪ ،‬إذ جند كل األحداث اليت تقوم هبا‬

‫هالة الوايف مربرة‪ ،‬كما أن هالة شابة متعلمة ومثقفة تعي متاما موقعها الطبقي‪.‬‬

‫ففي الرواية نالحظ وجود ذلك التفاوت االجتماعي بني عامل األغنياء وعامل الفقراء‪ ،‬وهالة كانت مدركة‬

‫متاما لذلك التناقض املوجود بني عاملها وعامل طالل‪ ،‬فنجدها أحيانا يف حالة تأقلم وتكيف مع عاملها اجلديد‬

‫‪ 1‬أحالم مستغامني‪ :‬األسود يليق بك‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪102‬‬
‫تحليل رواية األسود يليق بك أسلوبيا‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الذي أقحمها فيها طالل وأحيانا أخرى يف حالة الالتكيف لكنها حتاول دائما التكيف مع واقعها اجلديد وفق‬

‫معطيات حياة جديدة‪ ،‬وقيم وعالقات ختتلف كليا عن القيم والعالقات اليت حتكم أناس الطبقة الفقرية‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫ﺧﺎﺗﻤﺔ‬
‫خاتمة‬

‫إن الرواية كجنس أديب له خصائص متيزه عن باقي األجناس األخرى‪ ،‬ولقد حاولنا يف هذه الدراسة‬

‫استثمار األسلوبية يف اجلنس الروائي للكشف عن مدى أصالة األسلوبية يف الرواية فتوصلنا من خالل هذا‬

‫جملموعة من النتائج وهي‪:‬‬

‫‪ -‬األسلوبية وليدة الدراسات اللسانية ألن األسلوب حتليل لغوي موضوعه األسلوب وشرطه املوضوعية‪.‬‬

‫‪ -‬األسلوب مرتبط باملعىن ال باللفظ وبالتايل فهو من نتاج العقل‪.‬‬

‫‪ -‬األسلوبية هي علم يتميز بتعدد فروعه واجتاهاته ومن أبرز اجتاهاته‪ :‬التعبريية‪ ،‬التكوينية (أسلوبية‬

‫الكاتب‪ ،‬األدبية‪ ،‬البنيوية‪ ،‬الوظيفية‪ ،‬اإلحصائية‪.‬‬

‫‪ -‬التحليل األسلويب بقوم بدوره على مستويات تتجسد علي مستوى النص األديب وذلك ملا حيتوي عليه من‬

‫قيم مجالية ورواية" األسود يليق بك" خري مثال على ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬خلصت هذه الدراسة يف اجملال النظري إىل أن األسلوبية ال ميكن بأي حال من األحوال جتاهل العناصر‬

‫الثالث (الكاتب‪ ،‬املتلقي‪ ،‬النص (اخلطاب)‪.‬‬

‫‪ -‬توظيف الكاتبة للمقوالت الشهرية مما يكشف لنا املوسوعة الثقافية للكاتبة‪.‬‬

‫‪ -‬استعمال الروائية لبعض التعابري واللهجة اجلزائرية واملشرقية يف الرواية‪.‬‬

‫‪ -‬اعتماد الكاتبة على احلاضر مع العودة إىل املاضي من حني آلخر وذلك لربط احلاضر باملاضي‪.‬‬

‫‪ -‬الرواية متلك خصوصية ومتيزا على مستوى استثمارها للبيانات السردية‪.‬‬

‫‪ -‬استعمال الكاتبة للحوار بكثرة يف الرواية ألهنا وظفت احلوار يف العديد من صفحات الرواية‪.‬‬

‫‪ -‬تنوعت الشخوص الروائية من رئيسية وثانوية‪ ،‬هامشية سامهت يف تطور أحداث الرواية‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫ﻣﻠﺤﻖ‬
‫ملحق‬

‫نبذة عن حياة الروائية "أحالم مستغانمي"‪:‬‬


‫ولدت يف ‪ 31‬أفريل ‪3591‬م‪ ،‬كاتبة جزائرية من مواليد تونس‪ ،‬ترجع أصوهلا إىل مدينة قسنطينة‬
‫عاصمة الشرق اجلزائري حيث ولد أبوها حممد الشريف وكان والدها مشاركا يف الثورة اجلزائرية‪ ،‬عرف السجون‬
‫الفرنسية بسبب مشاركته يف مظاهرات ‪8‬ماي ‪3599‬م‪ ،‬وبعد أن أطلق سراحه سنة ‪3591‬م‪ ،‬وكان قد فقد‬
‫عمله بالبلدية ومع ذلك فإهنا يعترب حمظوظا إذ مل يلق حذفه مع من مات أنداك( ‪ 99‬ألف شهيد سقطوا خالل‬
‫تلك املظاهرات)‪ ،‬وأصبح مالحقا من قبل الشرطة الفرنسية‪ ،‬بسبب نشاطه السياسي بعد حل حزب الشعب‬
‫اجلزائري الذي أدى إىل والدة حزب جبهة التحرير الوطين ‪.FLN‬‬
‫الدراسة والتكوين‪:‬‬
‫التحقت بأول مدرسة عربية للبنات يف اجلزائر وهي "مدرسة الثعالبية" مث انتسبت لثانوية "عائشة أم‬
‫املؤمنني" أول ثانوية معربة للبنات‪ ،‬وسبب ذلك أن والدها تلقي تعليمه باللغة الفرنسية فقط لذلك حرص على أن‬
‫يعلم ابنته لغة الضاد‪.‬‬
‫خترجت من كلية اآلداب جبامعة اجلزائر عام ‪ 3513‬ضمن أول دفعة معربة تتخرج من اجلامعة اجلزائرية‬
‫بعد االستقالل‪ ،‬وانتقلت للعيش يف باريس مع بداية الثمانينات‪ ،‬وهناك تعرفت على صحفي لبناين وتزوجت‬
‫به‪ ،‬والتحقت بعد ذلك جبامعة السوربون وفيها حصلت على شهادة الدكتوراه يف علم االجتماع عام ‪3589‬‬
‫حتت إشراف املستشرق جاك بريك‪.‬‬
‫الوظائف والمسؤوليات‪:‬‬
‫عملت أستاذة زائرة وحماضرا يف العديد من اجلامعات أمهها اجلامعة االمريكية يف بريوت عام ‪3559‬‬
‫وعدة جامعات أمريكية مثل جامعة مرييالند سنة ‪ 3555‬وجامعة ييل عام ‪ ،5009‬مث معهد ماساتشوستس‬
‫للتكنولوجيا يف بوسطن عام ‪ ،5009‬جامعة ميشيغان سنة ‪ ،5009‬جامعات فرنسية مثل السوربون ومونبوليه‬
‫سنة ‪ 5005‬وجامعة ليون عام ‪.5001‬‬
‫إصداراتها‪:‬‬
‫‪ ‬الكتابة يف حلظة عري صادرة عن دار األدب بريوت سنة ‪3511‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ذاكرة اجلسد الصادرة عن دار اآلداب بريوت سنة ‪.3551‬‬
‫‪ ‬أكاذيب مسكة صادرة عن املؤسسة الوطنية للكتاب اجلزائر سنة ‪3511‬م‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫ملحق‬

‫‪ ‬فوضى احلواس الصادر عن دار اآلداب بريوت سنة ‪3551‬م‪.‬‬


‫‪ ‬عابر سرير سنة ‪5001‬م‪.‬‬
‫‪ ‬رواية نسيان كوم سنة ‪5030‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الجوائز واألوسمة‪:‬‬
‫عن روايتها "ذاكرة اجلسد" حازت على جائزة نور‪ ،‬متنح ألحسن إبداع نسائي باللغة العربية‪ ،‬منحت هلا‬
‫سنة ‪3551‬م من مؤسسة نور للقاهرة‪ ،‬وجائزة جنيب حمفوظ للرواية منحت هلا من قبل اجلامعة األمريكية بالقاهرة‬
‫سنة ‪3558‬م‪.‬‬

‫‪ -‬تلقت من جلنة رواد لبنان وسام ألعماهلا سنة ‪5009‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مسيت باملرأة العربية األكثر متيزا سنة ‪5001‬م‪ ،‬وقد مت اعتبارها من بني ‪ 180‬مرشحة من قبل مركز دراسات‬
‫املرأة العربية يف باريس‪ /‬ديب‪ ،‬نالت وسام الشرف من الرئيس اجلزائري عبد العزيز بوتفليقة سنة ‪5001‬م‪.‬‬
‫‪ -‬تلقت وسام التقدير واالمتنان من مؤسسة الشيخ عبد احلميد بن باديس يف قسنطينة سنة ‪5001‬م‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫اﻟﻤﺼﺎدر‬

‫واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‪.‬‬

‫‪ -1‬اﻟﻤﺼﺎدر‪.‬‬

‫أﺣﻼم ﻣﺴﺘﻐﺎﳕﻲ‪ :‬اﻷﺳﻮد ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻚ‪ ،‬دار ﻧﻮﻓﻞ‪ ،‬ﺑﲑوت‪-‬ﻟﺒﻨﺎن‪2012 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﻤﺮاﺟﻊ‪.‬‬

‫اﻟﻜﺘﺐ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺻﺤﺮاوي‪ :‬ﲢﻠﻴﻞ اﳋﻄﺎب اﻷدﰊ‪ ،‬دار اﻷﻓﺎق‪،‬اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬ط‪1999 ،1‬م‬

‫‪ -2‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻋﺒﺎس‪ :‬اﻟﺮواﻳﺔ اﳌﻐﺎرﺑﻴﺔ اﳉﺪﻟﻴﺔ اﻟﺘﺎرﳜﻴﺔ واﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﻴﺸﻲ )دراﺳﺔ ﰲ ﺑﻨﻴﺔ اﳌﻮﺿﻮع(‪ ،‬اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‬

‫ﻟﻼﺗﺼﺎل واﻟﻨﺸﺮ‪) ،‬دط(‪2002 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -3‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﳏﻤﻮد ﺧﻠﻴﻞ‪ :‬اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﰊ اﳊﺪﻳﺚ‪ ،‬دار اﳌﺴﲑ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -4‬أﲪﺪ اﻟﺸﺎﻳﺐ‪ :‬اﻷﺳﻠﻮب دراﺳﺔ ﺑﻼﻏﺔ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﻷﺻﻮل اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻷدﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬ط‪8‬‬

‫‪1991‬م‪.‬‬

‫‪ -5‬أﲪﺪ دروﻳﺶ‪ :‬دراﺳﺔ ﰲ اﻷﺳﻠﻮب ﺑﲔ اﳌﻌﺎﺻﺮ واﻟﱰاث‪ ،‬دار ﻏﺮﻳﺐ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ و اﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪) ،‬د‪.‬ط(‬

‫)دت(‪.‬‬

‫‪ -6‬أﲪﺪ ﻳﻮﺳﻒ‪ :‬اﻟﻘﺮاءة اﻟﻨﺴﻘﻴﺔ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺒﻨﻴﺔ وﺳﻠﻄﺔ اﶈﺎﻳﺜﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات اﻻﺧﺘﻼف‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪2003 ،1‬م‬

‫‪ -7‬إدرﻳﺲ ﺑﻮدﻳﺒﺔ‪ :‬اﻟﺮؤﻳﺔ واﻟﺒﻨﻴﺔ ﰲ رواﻳﺔ اﻟﻄﺎﻫﺮ وﻃﺎر‪ ،‬ﺳﺤﺐ اﻟﻄﺒﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﻴﺶ‪ ،‬اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬دط‬

‫‪2007‬م‪.‬‬

‫‪ -8‬أم اﳋﲑ ﺟﺒﻮر‪ :‬اﻟﺮواﻳﺔ اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ اﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬دار ﻣﻴﻢ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬ط‪2013 ،1‬م‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ -9‬ﺑﺸﲑ ﺗﺎورﻳﺖ‪ :‬اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﰲ ﺿﻮء اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﳌﻌﺎﺻﺮ و اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ )دراﺳﺔ اﻷﺻﻮل‬

‫واﳌﻔﺎﻫﻴﻢ( ﻋﺎﱂ اﻟﻜﺘﺐ اﳊﺪﻳﺚ‪ ،‬اﻷردن‪ ،‬ط‪،1‬ـ ‪2010‬م‬

‫‪ -10‬ﺣﺴﻦ ﲝﺮاوي‪ :‬ﺑﻨﻴﺔ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺮواﺋﻲ‪ ،‬اﳌﺮﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﰲ اﻟﻌﺮﰊ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء‪ ،‬اﳌﻐﺮب‪ ،‬ط‪2009 ،2‬م‪.‬‬

‫‪ -11‬ﺣﺴﻦ ﻧﺎﻇﻢ‪ :‬اﻟﺒﲎ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬اﳌﺮﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﰲ اﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء‪-‬اﳌﻐﺮب‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -12‬ﺧﻮﻟﺔ ﻃﺎﻟﺐ إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪ :‬ﻣﺒﺎدئ ﰲ اﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎت‪ ،‬دار اﻟﻘﺼﺒﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬ط‪2000، 1‬م‬

‫‪ -13‬زﻫﺮة ﻛﻤﻮن‪ :‬اﻟﺸﻌﺮي ﰲ رواﻳﺎت أﺣﻼم ﻣﺴﺘﻐﺎﳕﻲ‪ ،‬دار اﻟﺼﻤﺪ ﻟﻠﻨﺸﺮ و اﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬ﺞ ﺻﻔﺎﻗﺺ‪ ،‬ﺗﻮﻧﺲ‬

‫ط‪ 1‬ﻣﺎرس ‪ 2007‬م ‪.‬‬

‫‪ -14‬اﻟﺸﺮﻳﻒ ﺣﺒﻴﻠﺔ‪ :‬ﺑﻨﻴﺔ اﳋﻄﺎب اﻟﺮواﺋﻲ )دراﺳﺔ ﰲ رواﻳﺎت ﳒﻴﺐ اﻟﻜﻴﻼﱐ (‪ ،‬ﻋﺎﱂ اﻟﻜﺘﺎب اﳊﺪﻳﺚ ‪ ،‬أرﻳﺪ‬

‫اﻷردن ط‪2010 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -15‬ﺷﻜﺮي ﻋﻴﺎد‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ ﻋﻠﻢ اﻷﺳﻠﻮب‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﳉﱪة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ط‪1992 ،2‬م‬

‫‪ -16‬اﻟﺼﺎدق ﻗﺴﻮﻣﺔ‪ :‬ﻧﺸﺄة اﳊﺲ اﻟﺮواﺋﻲ ﺑﺎﳌﺸﺮق اﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬دار اﳉﻨﻮب ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ط‪2001 ،2‬م‪.‬‬

‫‪ -17‬ﺻﺎﱀ ﺑﻠﻌﻴﺪ‪ :‬ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻈﻢ‪ ،‬دار ﻫﻮﻣﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬ط‪2009 ،3‬م‪.‬‬

‫‪ -18‬ﺻﻼح ﻓﻀﻞ‪ :‬ﻋﻠﻢ اﻷﺳﻠﻮب ﻣﺒﺎدﺋﻪ وإﺟﺮاءاﺗﻪ‪ ،‬دار اﻟﺸﺮوق‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬ط‪1998 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -19‬ﺻﻼح ﻓﻀﻞ‪ :‬ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﻨﻘﺪ اﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﻣﲑﻳﺖ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﳌﻌﻠﻮﻣﺎت‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬ط‪ 2002 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -20‬ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم اﳌﺴﺪي‪ :‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ واﻷﺳﻠﻮب‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب‪ ،‬ﻃﺮاﺑﻠﺲ‪-‬ﻟﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬ط‪) ،3‬دس(‪.‬‬

‫‪ -21‬ﻋﺒﺪ اﳌﺎﻟﻚ ﻣﺮﺗﺎض‪ :‬ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺮواﻳﺔ‪ ،‬اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﺴﺮد‪ ،‬ا‪‬ﻠﺲ اﻟﻮﻃﲏ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻵداب‬

‫اﻟﻜﻮﻳﺖ‪ ،‬دط‪1978 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -22‬ﻋﺪﻧﺎن ﺑﻦ ذرﻳﻞ‪ :‬اﻟﻠﻐﺔ واﻷﺳﻠﻮب‪ ،‬دار ا‪‬ﺪ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬ﻋﻤﺎن‪-‬اﻷردن‪ ،‬ط‪2006 ،2‬م‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ -23‬ﻋﺪﻧﺎن ﺑﻦ ذرﻳﻞ‪ :‬اﻟﻨﺺ واﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﺑﲔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻖ )دراﺳﺔ(‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات اﲢﺎد اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮب‪ ،‬دط‬

‫‪2000‬م‪.‬‬

‫‪ -24‬ﻋﻠﻲ ﻋﺰت‪ :‬اﻻﲡﺎﻫﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ وﲢﻠﻴﻞ اﳋﻄﺎب‪ ،‬ﺷﺮﻛﺔ أﺑﻮ اﳍﻮل ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬دار ﻧﻮﺑﺎر‬

‫ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬ط‪1996 ،1‬م‬

‫‪ -25‬ﻓﺘﺢ اﷲ أﲪﺪ ﺳﻠﻴﻤﺎن‪ :‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻣﺪﺧﻞ ﻧﻈﺮي ودراﺳﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻷدب‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪) ،‬د‪.‬ط(‪2004 ،‬م‬

‫‪ -26‬ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﳌﻄﻠﺐ‪ :‬اﻟﺒﻼﻏﺔ واﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬اﻟﺸﺮﻛﺔ اﳌﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪-‬ﻣﺼﺮ‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -27‬ﳏﻤﺪ ﻋﺰام‪ :‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻧﻘﺪﻳﺎ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬دﻣﺸﻖ‪ ،‬ﺳﻮرﻳﺎ )د ط( ‪1989،‬م‬

‫‪ -28‬ﳏﻤﺪ ﻛﺮﱘ اﻟﻜﻮاز‪ :‬ﻋﻠﻢ اﻷﺳﻠﻮب )ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﺔ وﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻪ(‪ ،‬اﲢﺎد ﻛﺘّﺎب اﻟﻌﺮب‪ ،‬دﻣﺸﻖ‪) ،‬د ط( ‪1989،‬م‪.‬‬

‫‪ -29‬ﻣﻨﺪر ﻋﻴﺎﺷﻲ‪ :‬ﻣﻘﺎﻻت ﰲ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺸﻮرات اﲢﺎد ﻛﺘّﺎب اﻟﻌﺮب‪ ،‬ط‪1990، 1‬م‪.‬‬

‫‪ -30‬ﻣﻨﺬر ﻋﻴﺎﺷﻲ‪ :‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ وﲢﻠﻴﻞ اﳋﻄﺎب‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰ اﻹﳕﺎء اﳊﻀﺎري ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -31‬ﻣﻮﺳﻰ رﺑﺎﺑﻌﺔ‪ :‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻬﺎ وﲡﻠﻴﺎ‪‬ﺎ‪ ،‬دار اﻟﻜﻨﺪي ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬اﻷردن‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -32‬ﻧﻮاف أﺑﻮ ﺳﺎري‪ :‬اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺘﺎرﳜﻴﺔ ﻣﻮﻟﺪﻫﺎ وأﺛﺮﻫﺎ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻌﺮﰊ‪ ،‬ﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ‬

‫دط‪2003 ،‬م‪.‬‬

‫اﻟﺴﺪ‪ :‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ و اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﳋﻄﺎب‪ ،‬دار اﳍﻮﻣﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ و اﻟﻨﺸﺮ و اﻟﺘﻮزﻳﻊ‪،‬اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪1‬‬
‫‪ -33‬ﻧﻮر اﻟﺪﻳﻦ ّ‬
‫‪ 2010‬م‪.‬‬

‫‪ -34‬اﳍﺎدي اﳉﻠﻄﻼوي ‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ إﱃ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﺗﻨﻈﲑا و ﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ‪ ،‬اﳌﻐﺮب‪ ،‬ط‪ 1992 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -35‬واﺳﻴﲏ اﻷﻋﺮج‪ :‬اﲡﺎﻫﺎت اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬ﲝﺚ ﰲ أﺻﻮل اﻟﺘﺎرﳜﻴﺔ واﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺮواﻳﺔ اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ‬

‫اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب‪ ،‬اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬دط‪1986 ،‬م‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ -36‬ﻳﻮﺳﻒ أﺑﻮ اﻟﻌﺪوس‪ :‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ اﻟﺮؤﻳﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻖ‪ ،‬دار اﳌﺴﲑة ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ واﻟﻄﺒﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻋﻤﺎن‪-‬اﻷردن‪ ،‬ط‪1‬‬

‫‪2007‬م‪.‬‬

‫‪ -37‬ﻳﻮﺳﻒ وﻏﻠﻴﺴﻲ‪ :‬إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﳌﺼﻄﻠﺢ ﰲ اﳋﻄﺎب اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﻟﻌﺮﰊ اﳉﺪﻳﺪ‪ ،‬اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم اﳉﺰاﺋﺮ‬

‫)دط( ‪ 2008‬م ‪.‬‬

‫‪ -38‬ﻳﻮﺳﻒ وﻏﻠﻴﺴﻲ‪ :‬ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﰊ‪ ،‬ﺟﺴﻮر ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬اﳉﺰاﺋﺮ‪ ،‬ط‪2007 ،1‬م‪.‬‬

‫اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺘﺮﺟﻤﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺑﲑ ﺟﲑو‪ :‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﺗﺮ‪ :‬ﻣﻨﺪر ﻋﻴﺎﺷﻲ‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰ اﻹﳕﺎء اﳊﺼﺎري ‪ ،‬ﺣﻠﺐ –ﺳﻮرﻳﺎ ‪ ،‬ط‪1994 ، 2‬م‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺟﺎن ﻛﻮﻫﻦ‪ :‬ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺗﺮ‪ :‬ﳏﻤﺪ اﻟﻮاﱄ وﳏﻤﺪ اﻟﻌﻤﺮي‪ ،‬دار ﺗﻮﻳﻔﺎل ﻟﻠﻨﺸﺮ‪ ،‬ط‪1986 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺟﲑار ﺟﻨﻴﺖ‪ :‬ﺧﻄﺎب اﳊﻜﺎﻳﺔ‪ ،‬ﺗﺮ‪ :‬ﳏﻤﺪ ﻣﻌﺘﺼﻢ ﻋﺒﺪ اﳉﻠﻴﻞ‪ ،‬ا‪‬ﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﳍﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻄﺎﺑﻊ‬

‫اﻷﻣﱪﻳﺔ ‪ .‬ط‪1997 ،2‬م‬

‫‪ -4‬روﺟﺮب ﻣﻴﻜﻞ‪ :‬ﻗﺮاءة اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﺪﺧﻞ إﱃ ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﺘﻔﺴﲑ‪ ،‬ﺗﺮ‪ :‬ﺻﻼح رزق‪ :‬دار اﻟﻐﺮﻳﺐ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫﺮة‪ ،‬ﻣﺼﺮ‬

‫)د ط(‪) ،‬د ت(‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻏﺎﺳﺘﻮن ﺑﺎﺷﻼر‪ :‬ﲨﺎﻟﻴﺎت اﳌﻜﺎن ﺗﺮ‪ :‬ﻏﺎﻟﺐ ﳘﺴﺔ‪ ،‬اﳌﺆﺳﺴﺔ اﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ‪ ،‬ﺑﲑوت‪-‬‬

‫ﻟﺒﻨﺎن‪ ،‬ط‪1984 ،1‬م‬

‫‪ -6‬ﻓﻴﻠﻲ ﺳﺎﻧﺪرس ‪ :‬ﳓﻮ ﻧﻈﺮﻳﺔ أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺗﺮ ‪ :‬ﺧﺎﻟﺪ ﳏﻤﺪ ﲨﻌﺔ ‪ ،‬دار اﻟﻔﻜﺮ ﺑﺪﻣﺸﻖ‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻫﻨﺮﻳﺶ ﺑﻠﻴﺖ‪ :‬اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﳓﻮ ﳕﻮذج ﺳﻴﻤﺎﺋﻲ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﺺ ﺗﺮ‪ :‬ﳏﻤﺪ اﻟﻌﻤﺮي‪ ،‬ﺑﲑوت ﻟﺒﻨﺎن‪) ،‬د ط(‬

‫‪ 1999‬م‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫اﻟﻤﻌﺎﺟﻢ‪.‬‬

‫‪ -1‬إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣﺼﻄﻔﻰ‪ :‬ﻣﻌﺠﻢ اﻟﻮﺳﻴﻂ‪ ،‬ﳎﻤﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻺدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻌﺠﻤﺎت‪ ،‬اﳌﻜﺘﺒﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ‬

‫واﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﺗﺮﻛﻴﺎ‪ ،‬ط‪ ،2‬دس‪.‬‬

‫‪ -2‬إﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ :‬دار اﻟﺼﺎدر‪ ،‬ﺑﲑوت‪-‬ﻟﺒﻨﺎن‪ ،‬ﻣﺞ‪ ،7‬ط‪ ،4‬دس‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺑﻄﺮس اﻟﺒﺴﺘﺎﱐ‪ :‬ﳏﻴﻂ اﶈﻴﻂ‪ ،‬ﻗﺎﻣﻮس ﻋﺼﺮي ﻣﻄﻮل ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬دار اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺑﲑوت‪-‬ﻟﺒﻨﺎن‪ ،‬ج‪4‬‬

‫ط‪2009 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻳﻮﺳﻒ ﳏﻤﺪ رﺿﺎ‪ :‬ﻣﻌﺠﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ واﳌﻌﺎﺻﺮ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻟﺒﻨﺎن ﻧﺎﺷﺮون‪ ،‬ط‪2007 ،1‬م‪.‬‬

‫اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﺑﺪاش ﺣﻨﻴﻔﺔ‪ :‬رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﻴﺴﱰ ﺑﺎﻟﻌﻨﻮان‪ :‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ وﻣﻮاﻗﻌﻬﺎ ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﺒﻴﺎن ﰲ رواﺋﻊ اﻟﻘﺮآن ﻟﺘﻤﺎم‬

‫ﺣﺴﺎن‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ‪2008 ،‬م‬

‫‪ -2‬ﺣﺴﻴﺒﺔ ﺑﻮاﻟﺮواﻳﺢ وﺳﻔﻴﺎن ﺻﻮﻛﻮ‪ :‬ﻣﺬﻛﺮة ﻣﻜﻤﻠﺔ ﻟﻨﻴﻞ ﺷﻬﺎدة اﳌﺎﺳﱰ ﺑﻌﻨﻮان " دﻳﻮان رﺳﺎﻟﺔ اﳊﺐ" ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ‬

‫اﷲ ﻋﻴﺴﻰ ﳊﻴﻠﺢ‪ ،‬دراﺳﺔ أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺼﺪﻳﻖ ﺑﻦ ﳛﻲ ‪ ،‬ﺟﻴﺠﻞ ‪ ،‬ﻋﺎم ‪2016‬م ‪2017-‬م‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﺒﺪ اﻟﻐﺎﱐ ﻧﺎﺻﺮي‪ :‬ﻗﺼﻴﺪة "ﺳﺮﺣﺎن ﺑﺸﺮب اﻟﻘﻬﻮة ﰲ اﻟﻜﺎﻓﻴﺘﲑﻳﺎ ﶈﻤﻮد دروﻳﺶ" ‪ ،‬دراﺳﺔ أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺬﻛﺮة‬

‫ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻨﻴﻞ ﺷﻬﺎدة اﳌﺎﺳﱰ ﰲ اﻷدب و اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ‪ ،‬ﻛﻠﻴﺔ اﻷدب و اﻟﻠﻐﺎت ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﳏﻤﺪ ﺧﻴﻀﺮ‪ ،‬ﺑﺴﻜﺮة‬

‫‪2016-2015‬م‬

‫اﻟﻤﺠﻼت‪.‬‬

‫‪ -1‬ﳎﻠﺔ ﻓﺼﻮل ﳎﻠﺪ اﳋﺎﻣﺲ‪ ،‬اﻟﻌﺪد اﻷول‪ /‬أﻛﺘﻮﺑﺮ دﻳﺴﻤﱪ ‪1984‬م‪.‬‬

‫‪ -2‬ﳎﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪ ،‬ﻣﺞ ‪ ،26‬ع ‪)،2+1‬د ط( ‪2010 ،‬م‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ‬

‫‪ -3‬ﳎﻠﺔ اﳌﻌﺎرف‪ ،‬دار اﻷﻓﺎق ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻟﻠﻌﺪد ‪ ،558‬أذار ‪2010‬م‪.‬‬

‫‪ -4‬ﳎﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪ ،‬ﻣﺞ ‪ ،21‬ع ‪2005 4+3‬م‪.‬‬

‫اﻟﻤﻮاﻗﻊ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫‪w.w.w.mahwar.org.com-1‬‬

‫‪https/agialpress.com-2‬‬

‫‪115‬‬
‫ﻣﻠﺨﺺ اﻟﺒﺤﺚ‪:‬‬

‫ﺗﻄﻮرت اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻷدﺑﻴﺔ ﺗﻄﻮرا ﻛﺒﲑا ﰲ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻋﺪﻳﺪة ﻳﺄﰐ ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﺗﻄﻮر‬
‫ﻋﻠﻮم اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎت اﳊﺪﻳﺜﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻢ اﻷﺳﻠﻮب ﻳﻌﺪ ﺻﻮرة ﳍﺬا اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻜﺒﲑ اﻟﺬي ارﺗﺒﻂ ﺑﺪراﺳﺔ اﳋﻄﺎب اﻷدﰊ‪،‬‬
‫وﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ ﻻ ﻏﲎ ﻋﻨﻪ ﰲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﳊﺪﻳﺜﺔ‪ ،‬وﻟﻌﻞ أﻫﻢ ﻫﺬﻩ اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ وأﻛﺜﺮﻫﻢ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎ ﰲ‬
‫اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳌﻌﺎﺻﺮة‪ ،‬ﳒﺪ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻨﻘﺪ اﻷﺳﻠﻮﰊ ﻫﺬا اﳌﻨﻬﺞ ﺑﺪورﻩ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺠﲔ اﻟﻮﺻﻔﻲ‬
‫واﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ﻛﺈﺟﺮاﺋﲔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﳌﻘﺎرﺑﺔ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻤﻔﺘﺎﺣﻴﺔ‪:‬‬

‫اﻟﺮواﻳﺔ‪ ،‬اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬اﻷﺳﻠﻮب‪ ،‬اﳌﺴﺘﻮى‪.‬‬

You might also like