You are on page 1of 13

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫استق الل النيابة العامة عن وزارة العدل‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يعتبر جهاز النيابة العامة مؤسسة ذات دور فعال في النظام القضائي‬
‫المغربي ‪ ،‬تمثل المجتمع من خالل مباشرتها للدعوى العمومية ‪ ،‬وتهدف‬
‫من وراء ذلك وبتنسيق مع جهاز الشرطة القضائية إلى حماية المواطنين‬
‫كيفما كان موقعهم االجتماعي في أرواحهم وأجسادهم وممتلكاتهم في‬
‫إطار القانون‪.‬‬
‫فالنيابة العامة إذن هي الجهاز أو الهيئة التي عهد إليها المشرع تحريك‬
‫الدعوى العمومية ومراقبة سيرها إلى غاية صدور الحكم فيها ثم‬
‫تنفيذه(‪ .)1‬بمعنى لها أن تلتمس تطبيق القانون وتسخير القوة العمومية‬
‫مباشرة‪ ،‬وهي طرف رئيسي في القضايا الزجرية وفي مناقشة القضايا‬
‫المعروضة على هيئات الحكم‪ ،‬وكل حكم ينطق به في غيبتها يكون‬
‫‪)2( .‬‬
‫باطال‪ ،‬وبذلك يجب النطق بجميع القرارات بحضورها‬

‫وتمثل النيابة العامة ركنا أساسيا داخل المنظومة القضائية المغربية‬


‫القائمة على مبدأ االستقالل القضائي‪ ،‬هذا األخير الذي يعتبر مبدأ‬
‫دستوريا تفرضه طبيعة القضاء ذاته‪ ،‬فبدون هذا االستقالل ال يمكن‬
‫للمحاكم أن تنال ثقة المتقاضين‪.‬‬
‫وإن كانت حقيقة استقالل القضاء بصفة عامة قد حظي بتزكية‬
‫دستورية نظرا النفصال المؤسسات القضائية عن السلطة التشريعية‬
‫والتنفيذية‪ ،‬وانضوائها تحت سلطة ثالثة قائمة بذاتها هي السلطة القضائية‪،‬‬
‫فإن القول باستقالل النيابة العامة شكل موضوعا شائكا بين المؤيدين‬
‫والمعارضين لهذه االستقاللية‪ ،‬بحيث ظل هذا الجهاز تحت وصاية‬

‫‪ -1‬محمد بنعليلو‪ :‬واقع عمل النيابة العامة في المغرب بين الممارسة القضائية وضمان الحقوق والحريات‪ ،‬دراسة من طرف المركز العربي‬
‫لتطوير حكم القنون والنزاهة‪ ،‬ص‪7 :‬‬
‫‪ -2‬أحمد أبو العالء‪ :‬دليل الباحث في قانون المسطرة الجنائية المغربي من خالل األسئلة واألجوبة‪ ،‬مطبعة الهداية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2016‬ص‪6:‬‬

‫‪2‬‬
‫السلطة الحكومية‪ .‬ومن هذا المنطلق فإن اإلشكالية المحورية التي‬
‫يطرحها هذا الموضوع هي إلى أي حد يمكن فصل جهاز النيابة العامة‬
‫على السلطة الحكومية ومنحها اإلستقالل المادي والبشري؟ وما هي‬
‫التدابير واآلليات القانونية التي وضعها المشروع لتعزيز هذه‬
‫اإلستقاللية؟‬
‫هذا ما سنتناوله بالتحليل في المطلبين التاليين ‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التأسيس الدستوري الستقاللية النيابة العامة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التنزيل القانوني الستقاللية النيابة العامة‬

‫‪3‬‬
‫المطلب االول‪ :‬التأسيس الدستوري الستقاللية النيابة العامة‬
‫إن استقالل النيابة العامة وخروجها عن وصاية السلطة الحكومية‬
‫شكل موضوعا شغل الساحة القضائية في اآلونة األخيرة بين مؤيد‬
‫ومعارض‪ ،‬فكان من أهم المؤسسات التي دافعت عن استقالل النيابة‬
‫العامة هي هيئة اإلنصاف والمصالحة والهيئة العليا للحوار الوطني‪،‬‬
‫الشيئ الذي تعزز بدستور ‪ 2011‬الذي نص على مبدأ الفصل بين السلط‬
‫القائم على التوازن والتعاون‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬توصيات الهيئة كأساس اإلستقاللية الستقاللية النيابة العامة‬
‫تعتبر هيئة اإلنصاف والمصالحة (‪ )3‬لجنة وطنية مغربية للحقيقة‬
‫واإلنصاف والمصالحة‪ ،‬ذات اختصاصات غير قضائية في مجال تسوية‬
‫ملفات ما في اإلنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان‪ ،‬من مهامها البحث عن‬
‫الحقيقة والتحري وتقييم الضرر والتحكيم واإلقتراح‪.‬‬
‫وكان من بين أهم نتائج اجتماع وعمل هذه الهيئة ان خرجت بعدة‬
‫توصيات ووضعت عدة اقتراحات كان من أهمها تقوية استقالل القضاء‬
‫التي تتطلب فضال عن التوصيات ذات الطابع الدستوري مراجعة النظام‬
‫األساسي للمجلس األعلى للقضاء ‪ -‬المجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫حاليا‪ -‬مع اإلقرار باستقالله الذاتي بشريا وماليا وتمكينه من سلطات‬
‫واسعة في مجال تنظيم المهنة القضائية ووضع ضوابها وأخالقياتها‪،‬‬
‫وتقييم عمل القضاة وتأديبهم‪ ،‬وتخويله إعداد تقرير سنوي عن سير‬
‫العدالة‪.‬‬
‫ويستفاد من مضمون هذه التوصيات أن تقرير الهيئة نص على تقوية‬
‫استقالل القضاء واإلقرار باستقالله الذاتي والبشري والمالي وتمكينه من‬
‫سلطات واسعة في مجال تنظيمه‪ ،‬وبما أن قضاة النيابة العامة جزء ال‬
‫‪ -3‬تم إحداث هيئة االنصاف والمصالحة بتاريخ ‪ 7‬يتاير ‪ ،2004‬بناءا على قرار ملكي بالموافقة على توصية صادرة على المجلس اإلستشاري‬
‫لحقوق اإلنسان وعلى الظهير الشريف المتضمن للنظام األساسي للهيئة الصادر بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪2004‬‬

‫‪4‬‬
‫يتجزأ من جسم العدالة‪ ،‬فيجب أيضا أن يتمتع باستقاللية ويخرج عن‬
‫وصاية رجل السياسية المتمثل في وزير العدل والحريات‪.‬‬
‫وإلى جانب هيئة اإلنصاف والمصالحة توجد أيضا الهيئة العليا‬
‫للحوار الوطني التي لعبت دورا مهما من اجل استقالل القضاء والنيابة‬
‫العامة‪ .‬فقد شكل الخطاب الملكي ‪ 9‬غشت ‪ 2009‬خارطة طريق رسمها‬
‫جاللة الملك كخطوات ينبغي اتباعها من أجل إصالح منظومة العدالة‪،‬‬
‫وتضمنت الخطة ‪ 6‬محاور (‪ )4‬شملت جميع مجاالت القضاء والعدالة‪،‬‬
‫وقد رصد المحور األول لدعم ضمانات اإلستقاللية‪.‬‬
‫ويندرج إصالح القضاء واستقالليته ضمن األوراش اإلستراتيجية‬
‫التي أطلقها جاللة الملك الستكمال ترسانة اإلصالحات السياسية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬كما أصبح من إصالح القضاء إجراءا جوهريا‬
‫يستمد أهمية من األدوار المحورية التي تضطلع بها منظومة العدالة في‬
‫توطيد دعائم دولة الحق والقانون وكسب ثقة المتقاضين وضمان نزاهة‬
‫األحكام وتبسيط المساطر وتسريعها‪ ،‬وتحديث هياكل المؤسسة‬
‫القضائية)‪.(5‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دستور ‪ 2011‬لدعامة استقاللية النيابة العامة‬

‫بالرجوع إلى الفصل األول من من الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬نجده‬


‫ينص على مبدأ فصل السلط المقرون بالتوازن والمشروط بالتعاون‪،‬‬
‫بمعنى أن فصل السلطة القضائية عن باقي السلطتين التشريعية والتنفيذية‬
‫مقيد بالتوازن والتعاون بينهما‪ ،‬نظرا لمكانة النيابة داخل الجهاز القضائي‬

‫‪ -4‬المحاور الستة للخطاب الملكي‪:‬‬


‫المحور األول‪ :‬دعم ضمانات اإلستقاللية‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬تحديث المنظومة القانونية وخصوصا ما يتعلق منها باإلستثمار وشروط المحاكمة العادلة‪.‬‬
‫المحور الثالث ‪ :‬تأهيل الهياكل القضائية واإلدارية ونهج حكامة جيدة للمصالح المركزية لوزارة العدل والمحاكم‪.‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬تأهيل الموارد البشرية تكوينا وأداءا وتقويما‪.‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬الرفع من النجاعة القضائية للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وتعقيد وبطئ العدالة‪.‬المحور السادس‪ :‬تخليق القضاء‬
‫لتحصينه من اإلرتشاء واستغالل النفوذ للمساهمة في تخليق الحياة العامة بالطرق القانونية‪ .‬الخطاب الملكي ‪ 9‬غشت ‪2009‬‬
‫‪ -5‬الخطاب الملكي‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪5‬‬
‫وخضوعهما من حيث الوصاية للسلطة التنفيذية ممثال في وزير العدل‪،‬‬
‫فقد تعالت األصوات من أجل استقالل هذا الجهاز‪ ،‬فما هو موقف دستور‬
‫‪ 2011‬من هذه المسألة؟‬
‫بالرجوع إلى المقتضيات الدستورية تحديدا الفصل ‪ 107‬نجده ينص‬
‫على أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة‬
‫التنفيذية‪ ،‬وأن الملك هو الضامن الستقالل السلطة القضائية‪.‬‬
‫بما سيستفاد منه أنه خصهم بأحكام خاصة‪ .‬وما يؤيد هذا الطرح هو‬
‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 110‬من الدستور التي تنص على ما يلي‪" :‬‬
‫يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون‪ ،‬كما ينبغي عليهم اإللتزام‬
‫بالتعليمات الكتابية الصادرة على السلطة التي يتبعون لها‬
‫وباستقراء مقتضيات الفصول من ‪ 108‬إلى الفصل ‪ 110‬قراءة متأنية‬
‫يتضح جليا أن الدستور خص قضاة النيابة العامة بأحكام خاصة‪ ،‬وهو ما‬
‫فسره البعض بسكوت المشرع عن الجهة التي يخضع لها جهاز النيابة‬
‫العامة حيث ظلت منذ صدور الدستور سنة ‪ 2011‬تحت وصاية السلطة‬
‫التنفيذية متمثلة في وزير العدل‪.‬‬
‫والحقيقة أن الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬سكت عن هذا الموضوع‬
‫ليس سهوا منه وال العتبارات سياسية كما فهم البعض‪ ،‬وإنما ربما إحالة‬
‫على قوانين ستصدر الحقا بعد إنضاج النقاش لتحس في الجهة التي‬
‫يتبعون لها‪ .‬وهو الطرح الذي تعزز بصدور القانون رقم ‪ 33.17‬المتعلق‬
‫بنقل اخصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك‬
‫لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة ‪.‬‬
‫فما مضمون القانون؟‬

‫‪6‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التنزيل القانوني الستقاللية النيابة العامة‬
‫فكما هو معلوم فإن تجربة المغرب في ما يسمى بالعدالة االنتقالية‬
‫كشفت على أن تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء لم يكن ليحصل‬
‫لوال تبعية النيابة العامة للسلطة التنفيذية‪ ،‬ومن هذا المنطلق فقد اعتمد‬
‫المناصرون الستقالل النيابة العامة على مقاربات قانونية وحقوقية ونادوا‬
‫إلى تجسيد هذه المقاربة في قالب قانوني مؤسس لدور جديد للنيابة العامة‬
‫على أرض الواقع‪ ،‬وهو ما تبلور مع صدور القانون رقم ‪ 33.17‬الذي‬
‫وضع حدا للجدل بين مناهضي ومناصري استقالل النيابة العامة عن‬
‫السلطة الحكومية‪ .‬فما مضمون هذا القانون؟‬
‫هذا ما سنتناوله في الفقرتين التاليتين‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات النيابة العامة‬

‫لقد تم بموجب القانون رقم ‪ )6( 33.17‬نقل اختصاصات السلطة الحكومية‬


‫المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا‬
‫للنيابة العامة‪ .‬وفي هذا اإلطار يمارس قضاة النيابة العامة مهامهم‬
‫واختصاصاتهم المنصوص عليها في التشريعات الجاري بها العمل تحت‬
‫سلطة وإشراف ومراقبة رئيس النيابة العامة ورؤسائهم التسلسيين)‪.(7‬‬
‫وكان من أهم ما نص عليه القانون ‪ 33.17‬هو حلول الوكيل العام الملك‬
‫لدى محكمة النقض‪ .‬بصفته رئيسا للنيابة العامة محل وزير العدل في‬
‫ممارسة االختصاصات الموكولة لهذا األخير المتعلقة بسلطته وإشرافه‬
‫على النيابة العامة وعلى خصائصها‪ ،‬بما في ذلك إصدار األوامر‬
‫والتعليمات الكتابية القاتنونية الموجهة إليهم طبقا للنصوص التشريعية‬
‫الجاري بها العمل‪.‬‬
‫‪ -6‬القانون رقم ‪ 33.17‬الصادر بتنفيذه الظيهر الشريف رقم ‪ .1.17.45‬صادر في ‪ 30‬أغسطس ‪ ،2017‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 33.17‬المتعلق بنقل‬
‫اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد‬
‫لتنظيم رئاسة النيابة العامة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6605‬بتاريخ ‪ 18‬ستمبر ‪2017‬‬
‫‪ -7‬المادة ‪1‬من القانون رقم ‪33.17‬‬

‫‪7‬‬
‫وعالوة على اإلختصاصات الموكولة إليه بموجب إليه بموجب‬
‫النصوص التشريعية الجاري بها العمل‪ ،‬يحل الوكيل العام لدى محكمة‬
‫النقض محل وزير العدل في‪:‬‬
‫‪ ‬السهر على حسن سير الدعاوى في مجال اختصاصاتها‪.‬‬
‫‪ ‬اإلشراف على عمل النيابة العامة ومراقبتها في ممارسة‬
‫صالحياتها المرتبطة بممارسة الدعوى العمومية ومراقبة‬
‫سيرها في إطار احترام مضامين السياسة الجنائية طبقا‬
‫للتشريعات الجاري بها العمل‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على حسن سير الدعاوى في مجال اختصاصاتها‪.‬‬
‫‪ ‬ممارسة الطعون وتتبع القضايا المعروضة على المحاكم التي‬
‫تكون النيابة العامة طرفا فيها)‪.(8‬‬
‫كما منح القانون صرامة وذلك تطبيقا للمادة ‪ 80‬من القانون التنظيمي‬
‫رقم ‪ 100.13‬المتعلق بالمجلس األعلى للسلطة القضائية أنه يجب‬
‫استشارة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة‬
‫العامة قبل تعيين أو اقتراح قضاة النيابة العامة المدعوون لرئاسة هيئة أو‬
‫لجنة أو لشغل منصب عضوا بها‪ ،‬أو للقيام بأية مهمة مؤقتة أو دائمة‬
‫لديها)‪.(9‬‬

‫‪ -8‬المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪33.17‬‬


‫‪ -9‬المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪33.17‬‬

‫‪8‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تنظيم رئاسة النيابة العامة‬

‫تعزيزا الستقالل النيابة العامة منحها القانون ‪ 33.17‬آليات مادية‬


‫كفيلة بتعزيز استقاللها تتجلى في البنيات اإلدارية والمالية والتقنية‬
‫لمساعدة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض على القيام بمهامه‪ .‬تحدد‬
‫اختصاصاتها وقواعد تنظيمها وكيفيات سيرها بموجب قرار يعده الوكيل‬
‫العام للملك لدى محكمة النقض ويعرضه على تأشيرة السلطة الحكومية‬
‫المكلفة بالمالية)‪.(10‬‬
‫كما خول هذا القانون لرئيس النيابة العامة في توظيف أفراد إدارية‬
‫وتقنية وفق الشروط والكيفيات المحددة بموجب النظام األساسي المطبق‬
‫على موظفي المجلس األعلى للسلطة القضائية)‪.(11‬‬
‫كما تتوفر في رئاسة النيابة العامة على موارد بشرية مؤهلة تتكون من‬
‫قضاة وموظفين يلحقون لديها أو يوضعون رهن إشارتها طبقا للنصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل)‪.(12‬‬
‫ولم يقف المشروع عن هذا الحد بل تعدى إلى أن منح لرئيس النيابة‬
‫العامة الحق في اإلستعانة كلما اقتضت حاجة المصلحة ذلك بخبراء‬
‫ومستشارين خارجين يتولى التعاقد معهم للقيام بمهام محددة ولمدة‬
‫معينة)‪.(13‬‬
‫وتعزيزا لالستقالل المالي للنيابة العامة رصد لها مشروع اعتمادا‬
‫يخصص من الميزانية العامة للدولة‪ .‬ويعتبر الوكيل العام للملك لدى‬
‫محكمة النقض هو األمر بصرف تلك اإلعتمادات كما له أن يفوض هذا‬

‫‪ -10‬الفقرة األولى من المادة ‪ 4‬من القانون ‪33.17‬‬


‫‪-11‬الفقرة الثانية‪ :‬من المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪33.17‬‬
‫‪ -12‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪33.17‬‬
‫‪ -13‬الفقرة األخيرة من المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪33.17‬‬

‫‪9‬‬
‫االختصاص وفق األشكال والشروط المنصوص عليها في القوانين‬
‫واألنظمة الجاري بها العمل)‪.(14‬‬
‫كما تضع الدولة رهن إشارتها العقارات والمنقوالت الالزمة التي‬
‫)‪(15‬‬
‫تمكنها من القيام بمهامها‬
‫وما يمكن قوله في األخير بخصوص المقتضيات المنظمة لرئاسة‬
‫النيابة العامة أن المشروع نحى منحى صريحا وواضحا بخصوص‬
‫استقالل النيابة العامة عن السلطة الحكومية التي ظلت منضوية تحتها منذ‬
‫االستقالل‪ ،‬وبالتالي حققت أمال العديد من مؤيدي استقالل السلطة‬
‫القضائية بصفة عامة والنيابة العامة على وجه الخصوص‪.‬‬

‫‪ -14 -‬المادة ‪ 5‬من القانون رقم ‪33.17‬‬


‫‪ -15‬المادة ‪ 6‬من القانون رقم ‪33.17‬‬

‫‪10‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫ما يمكن استنتاجه من خالل تحليلنا ومعالجتنا لموضوع استقاللية‬
‫النيابة العامة‪ .‬أن المشروع كان جريئا من خالل حسمه الخالف الذي ظل‬
‫قائما لسنوات بخصوص استقالل القضاء بصفة عامة والنيابة العامة‬
‫بصفة خاصة من خالل إصداره للقانون ‪ 33.17‬الذي يقضي بإخراج‬
‫جهاز النيابة العامة عن وصاية السلطة الحكومية وإسنادها رئاسة هذا‬
‫الجهاز للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض‪ .‬وبهذه الخطوة يكون‬
‫المنشرع المغربي قد حذا حذوه والتشريعات المقارنة التي تاخذ بنظام‬
‫استقالل النيابة العامة كالنظام اإلسباني‪.‬‬
‫وقد أثار هذا القانون جدال كبيرا خاصة في ما يتعلق برقابة الوكيل‬
‫العام للملك لدى محكمة النقض خاصة وأن النيابة العامة كجهازال تمثل‬
‫سلطة واحدة في حد ذاتها بل تمثل المجتمع ككل بمختلف مكوناته‪ ،‬لكن‬
‫اإلشكال المطروح في نظرنا ليس هو الجهة التابع لها النيابة العامة بقدر‬
‫ما هو إشكال مرتبط أساسا بمدى خضوع واحترام هذا الجهاز للقانون‬
‫الذي يبقى سيدا للجميع يعلو وال يعلى عليه‪ ،‬تماشيا مع روح الفصل ‪6‬‬
‫من الدستور الذي جاء في فقرته األولى بأن القانون أسمى تعبير عن‬
‫إرادة األمة والجميع أشخاصا ذاتيين واعتباريين بما فيهم السلطات‬
‫العمومية متساوون أمامهم وملتزمون باإلمتثال لهم‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫‪ ‬محمد بنعليلو‪ :‬واقع عمل النيابة العامة في المغرب بين الممارسة القضائية‬
‫وضمان الحقوق والحريات‪ ،‬دراسة من طرف المركز العربي لتطوير‬
‫حكم القنون والنزاهة‪ ،‬ص‪7 :‬‬
‫‪ ‬أحمد أبو العالء‪ :‬دليل الباحث في قانون المسطرة الجنائية المغربي من‬
‫خالل األسئلة واألجوبة‪ ،‬مطبعة الهداية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2016‬ص‪6:‬‬
‫‪ ‬تم إحداث هيئة االنصاف والمصالحة بتاريخ ‪ 7‬يتاير ‪ ،2004‬بناءا على‬
‫قرار ملكي بالموافقة على توصية صادرة على المجلس اإلستشاري‬
‫لحقوق اإلنسان وعلى الظهير الشريف المتضمن للنظام األساسي للهيئة‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪2004‬‬
‫‪ ‬نص الخطاب الملكي بتاريخ ‪ 9‬غشت ‪2009‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 33.17‬الصادر بتنفيذه الظيهر الشريف رقم ‪.1.17.45‬‬
‫صادر في ‪ 30‬أغسطس ‪ ،2017‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 33.17‬المتعلق بنقل‬
‫اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام إلى الوكيل‬
‫العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد‬
‫لتنظيم رئاسة النيابة العامة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6605‬بتاريخ ‪18‬‬
‫ستمبر ‪.2017‬‬

‫‪12‬‬
‫الفهرس‪:‬‬
‫المقدمة‪2.......................................................................:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التأسيس الدستوري الستقاللية النيابة العامة‪4...............‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬توصيات الهيئة كأساس الستقاللية النيابة العامة‪4............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دستور ‪ 2011‬لدعامة استقاللية النيابة العامة‪5...............‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التنزيل القانوني الستقاللية النيابة العامة‪7..................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاصات رئاسة النيابة العامة‪7...........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تنظيم رئاسة النيابة العامة‪9....................................‬‬

‫خاتمة‪11.......................................................................:‬‬
‫إلئحة المراجع‪12.............................................................:‬‬
‫الفهرس‪13.....................................................................:‬‬

‫‪13‬‬

You might also like