Professional Documents
Culture Documents
مفهوم الديداكتيك PDF
مفهوم الديداكتيك PDF
منذ ظهور علوم التربية ،والبحث متواصل من أجل عقلنة وترشيد العملية التعليمية التعلمية.
ولقد استفادت هذه األخيرة بالفعل ،في كثير من جوانبها ،مما وصلت إليه الدراسات واألبحاث في
عدد من فروع علوم التربية ،خاصة ما يتصل منها بشكل مباشر بالفعل التعليمي وبشروط
إنجازه .وهكذا تم استثمار معطيات فلسفة التربية في تحديد هدفية التربية وقيمتها وإمكاناتها
وحدودها .كما تم استثمار معطيات سيكولوجية التربية في تحديد أساليب التعامل مع املتعلم.
وتم كذلك استثمار معطيات سيكوسوسيولوجية التربية في رصد الظواهر السيكوسوسيولوجية
السائدة داخل الفصل ،ووعي مستوى العالقات بين املتعلمين واملدرس ،وضبط عوامل تحسين
مناخ الفصل ليكون أرضية تعلم مالئمة حقا .وتم أيضا استثمار معطيات سوسيولوجية التربية
في إدراك ووعي البعد االجتماعي الذي يتحكم في العملية التعليمية التعلمية ومختلف التأثيرات
التي يحدثها فيها.
كل هذه االستثمارات وغيرها ،انعكست على العمل التعليمي داخل الفصل ،فصار لزاما على
الدارسين واملمارسين لعملية التعليم ،أن يتمثلوا عددا من املفاهيم والتصورات التي تستند إليها
املمارسة التعليمية على ضوء الديداكتيك.
فما هو هذا الديداكتيك ؟ وكيف تم االنتقال من البيداغوجية إلى الديداكتيك ؟ وأي معنى
للمنهاج الدراس ي ،من خالل أسسه ومكوناته ،على ضوء الخطاب الديداكتيكي ؟
وبتحليلنا ملحتوى هذه التعاريف ،نجد أنفسنا أمام تحديدات أولية للديداكتيك ،لم ترق بعد
للمستوى العلمي الذي سيعرفه هذا العلم في بداية الثمانينات من القرن العشرين – كما سبقت اإلشارة إلى
ذلك ،-خصوصا بعد أن منح لنفسه صفة املساعد الخاص – للمعلم – حتى يتسنى لهذا األخير تنظيم
وضعيات التعلم ،تنظيما معقلنا يساهم بشكل أساس ي في تحقيق األهداف البيداغوجية املرتقبة من النشاط
التعليمي التعلمي .وفي هذا اإلطار يعرف » « Lavalleالديداكتيك :بالدراسة العلمية لتنظيم وضعية التعلم
التي يعيشها من يتربى من اجل الوصول إلى هدف معرفي أو وجداني أو حركي ...وأن التنظيم ال يأخذ املعنى
الضيق الذي نصادفه بالنسبة لإلدارة ،بل يعني أن املعلم يكون مسؤوال على تنظيم وتجديد وخلق وضعيات
التعلم املناسبة والضرورية ،للوصول إلى األهداف املرغوب فيها ،وهذه األهداف هي التي عمل املدرس إلى
ترجمتها إلى أهداف خاصة لكي يجعلها تتالءم مع متعلميه.
املالحظة األولية التي يمكننا استخالصها من هذا التعريف ،هي اعتبار الديداكتيك علما قائم الذات،
ال تقتصر وظيفته على التأمل والتفكير كما هو الشأن بالنسبة للبيداغوجيا ،وإنما على البحث والتحليل
وصياغة استراتيجيات التعلم بعد عملية التجريب.
ولقد نحى "محمد الدريج" نفس املنحى في تعريفه للديداكتيك العام باعتباره " :دراسة علمية ملحتويات التدريس
وطرقه وتقنياته ،وألشكال تنظيم مواقف التعلم التي يخضع لها التلميذ ،دراسة تستهدف صياغة نماذج
ونظريات تطبيقية معيارية بقصد بلوغ األهداف املرجوة ،سواء على املستوى العقلي أو االنفعالي أو الحس ي
الحركي" التدريس الهادف ص.28.
وإذا ما قارنا بين التعريفين املقدمين ،قد ال نجد ثمة فرق بينهما ،أن لم نقل بأن "الدريج" مختلف التحديدات
املعطاة استلهم من تعريف Lavalle ،الصطالح الديداكتيك
تاريخ الديداكتيك
كلمة ( )Didactiqueاصطالح قديم جديد ،قديم حيث استخدم في األدبيات التربوية منذ بداية القرن ، 17
وهو جديد بالنظر إلى الدالالت التي ما انفك يكتسبها حتى وقتنا الراهن ،وفيما سيأتي نحاول تتبع التطور
التاريخي لهذا املصطلح بداية من االشتقاق اللغوي وصوال إلى االستخدام االصطالحي .
يقول حنفي بن عيس ى ،كلمة تعليمية في اللغة العربية مصدر صناعي لكلمة تعليم ،وهذه األخيرة مشتقة من
ّ
علم أي وضع عالمة أو سمة من السمات للداللة على الش يء دون إحضاره.
أما في اللغة الفرنسية فإن كلمة ( )Didactiqueصفة اشتقت من األصل اليوناني ()Didaktikos
وتعني فلنتعلم أي يعلم بعضنا بعضا ،و( )Didaskeinتعني التعليم ،وقد استخدمت هذه الكلمة في علم التربية
أول مرةسنة 1613من قبل كل من كشوف هيلفج ( )Helwig .Kوراتيش و( ).Ratich wفي بحثهم حول نشاطات
راتيش التعليمية ،وقد استخدموا هذا املصطلح كمرادف لفن التعليم ،وكانت تعني عندهم نوعا من املعارف
التطبيقية و الخبرات ،كما استخدمه كامنيسكي ( )Kamenskyسنة 1657في كتابه "الديداكتيكا الكبرى" ،
حيث يقول أنه يعرفنا بالفن العام للتعليم في جميع مختلف املواد التعليمية ،ويضيف بأنها ليست فن فقط
التعليم بل للتربية أيضا.
واستمر مفهوم التعليمية كفن للتعليم إلى أوائل القرن 19حيث ظهر الفيلسوف األملاني فردريك
هيرببارت(،)1770-1841 FHerbertالذي وضع األسس العلمية للتعليمية كنظرية للتعليم ،تستهدف تربية
الفرد ،فهي نظرية تخص النشاطات املتعلقة بالتعليم فقط ،أي كل ما يقوم به املعلم من نشاط ،فاهتم
بذلك الهربرتيون بصورة أساسية باألساليب الضرورية لتزويد املتعلمين باملعارف ،واعتبروا الوظيفة األساسية
للتعليمية هي تحليل نشاطات املعلم في املدرسة.
وفي القرن 19وبداية القرن 20ظهر تيار التربية الجديدة بزعامة جون ديوي(،)Dewey 1952-1959 .J
وقد أكد هذا التيار على أهمية النشاط الحي والفعال للمتعلم في العملية التعليمية واعتبروا بهذا التعليمية
نظرية للتعلم ال للتعليم (عبد هللا قلي ص.)118-117
روافد الديداكتيك
النظريات املعرفية و البنائية في السيكولوجيا تصور يعتمد أساسا على أطروحات"البناء املعرفي"
املعاصرة. (التعلم) التصورات النظرية
في هذا الجدول يتضح حجم أو مقدار اعتماد الديداكتيكي على التحليالت السيكولوجية سواء تعلق
األمر بمجال وضع نماذج للتدريس أو بناء وضعيات تعلمية أو بحصر تأثيرات التعلم املدرس ي على السلوكات أو
بغير ذلك من املوضوعات الظواهر املختلفة.
و ربما كانت حاجة ديداكتيك العلوم إلى النظريات السيكولوجية البنائية و املعرفية أكبر من حاجتها
إلى نظريات سيكولوجية أخرى حول املوضوع ،و سيتضح لنا ذلك في السطور التالية حينما نتعرض بالدراسة
إلى نظرية بياجي أو غيرها من النظريات األخرى.
التمثالت و العوائق
التمثالت
لهذا املفهوم أهمية خاصة في مجال البحث الديداكتيكي ،ألنه يلقي الضوء على نوعية التصورات
الدهنية أو الفكرية القبلية لدى املتعلم ،و التي تدخل في تفاعل مستمر خالل عملية بناء أي مفهوم من
املفاهيم العلمية .
و لم يقتصر استعمال هذا املفهوم على الديداكتيك ،فقد استخدم أيضا بكثافة في العديد من
التخصصات العلمية األخرى ،و خاصة في إطار علم النفس االجتماعي ،فقد لجأ إليه الباحث 1S.
Moscoviciموسكوفيش ي في أبحاثه إللقاء الضوء على الدور الرئيس ي الذي تلعبه التمثالت
البيفردية interindividuellesفي تحديد سلوكات و تفاعالت األشخاص فيما بينهم داخل جماعة بشرية .و
الجدير بالذكر أن هذا التصور قد استقاه موسكوفيش ي من االنتربولوجي Lu levy Bruhlالذي وظفه في تحليل
ما أسماه بالعقلية البدائية
في تعريفه لـمفهوم التمثالت يؤكد جويلي Jouelet
" إنها شكل من أشكال املعرفة ،يتم وضعه و اقتسامه اجتماعيا و له هدف عملي إذ ساهم في بناء
واقع مشترك بين أفراد ضمن بينية اجتماعية معينة ".
و الجدير بالذكر أن التمثالت يمكن أن تتنوع بتنوع الوسط االجتماعي الذي ينتمي إليه الفرد ،و هكذا
نجد فرقا واضحا بين التمثالت إذا انتقلنا من وسط قروي إلى وسط حضري ،كما يمكن أن تختلف باختالف
املنشأ االجتماعي لألفراد و انتماءاتهم االجتماعية.
استخدم مفهوم التمثل أو التصور في أعمال بياجي ليدل على مجموع التصورات الفكرية التي تتكون
لدى الذات حول املوضوع من خالل تفاعلهما املستمر ،فهذه التصورات هي بمثابة تأويالت تستند على عملية
تالءم مع خصائص املوضوع ،و بعدها إلى استيعاب " املعلومات " الصادرة عن املوضوع في إطار البنيات
الذهنية التي تشكلت في مرحلة ما من مراحل نمو الفرد /الذات.
و في إطار التحليل النفس ي و رد مفهوم التمثل ،فقد أثار في مناسبات عدة إلى أن تجاربنا اليومية و
األكثر حميمية تضعنا أمام أفكار تخامرنا و ال نعرف مصدرها و الكيفية التي نتجت بها.
و قد كتب ميشيل سانر M Sannerموضحا الوظيفة التنظيمية لالستيهامات fantasmesفي بناء
املفاهيم ،فقوة الصورة و اإلشارة توجد في قلب الفهم الحقيقي للتمثالت.
يقول ،Sannerمبينا الطريق املؤدي إلى فهم التمثالت ،أن هذا الطريق يمر عبر رصد مسار التبادالت
املستمرة التي تتم على مستوى الـمخيال ،بدون توقف بين لالندفاعات pulsionsالذاتية
املستوعية assimilatriceمن جهة و الحميميات املوضوعية الناتجة و املتعلقة بالوسط الطبيعي و االجتماعي
" 1من جهة ثانية.
بالنسبة لكل ما سبق ،يبدو أن البعد املعرفي للتمثالت هو البعد األكثر أهمية من وجهة نظرنا
الديداكتيكية ،ألنها تشير إلى نوع من النظريات الشخصية التي تمنح للفرد /املتعلم تفسيرا أو تأويال للظواهر
امللموسة أو املجردة.
و في سياق العملية التعليمية التعلمية ،يمثل حضور التمثالت لدى املتعلم عنصرا أساسيا فهي من
العناصر الذي تحدد " أسلوب التعلم " و التي تستدعي الرصد و التوقف بدل اإلهمال و عدم االكتراث .
وظائف التمثالت :
يبدو أن كل الباحثين الذين استعملوا مفهوم التمثل ،قد أجمعوا على أن وجود تمثالت لدى الفرد،
هو وجود وظيفي ألنها تتيح له تلبية بعض الحاجات األساسية :فلنتذكر هنا الدور الوظيفي الذي أعطاه جان
بياجي لـمفهوم املعرفة (تصورا كانت أم سيرورة) و هو الدور التوازني ،إذ أنها تمنح الفرد إمكانية التكيف مع
محيطه ،الش يء الذي يمكنه من تحقيق ما أسماه بياجي بالتكيف الثانوي (النفس ي) في مقابل التكيف البدائي
(العضوي).
هذه الخاصية الوظيفية للمثالت برزت أيضا في كتابات Moscoviciعندما أكد أن هذه التمثالت
تلعب وظيفتان بالنسبة لألفراد ،فهي تتيح لهم من جهة إمكانية تنظيم و ترتيب إدراكاتهم حتى يتمكنوا من
توجيه تصرفاتهم داخل املحيط الذي يعيشون داخله ،كما تمكنهم من جهة ثانية ،من إقامة تواصل فيما بينهم
من خالل وضع ضوابط لتواصل تواريخهم الشخصية و الجماعية
أما على املستوى املعرفي ،فقد بين دينيس Denisسنة 1989أن التمثالت تلعب على األقل أربعة
أدوار أساسية:
أوال -الحفاظ على املعلومات ،بما في ذلك املعلومات املتعلقة بالبنيات و العالقات.
ثانيا – كأداة لتخطيط األنشطة و األفعال
ثالثا – تنظيم و تنسيق املعارف.
رابعا – دور التواصل أي االندماج في أنظمة معقدة كثيرا أو قليال لتبادل املعلومات.
أما جيوردان و فيش ي Giordan et Vecchiفقد أكدا على ثالثة وظائف متميزة للتمثالت و هي :
أوال – وظيفة لحفظ أو االحتفاظ باملعارف التي لم يعد من املمكن الوصول إليها بشكل آتي و مباشر.
و أهمية هذه الوظيفة تتجلى في تمكن الفرد من الحفاظ على املعلومات الضرورية ملواجهة وضعيات جديدة .
ثانيا – وظيفة التنسيق و التنظيم و تسمح للفرد بإقامة العالقات املناسبة لكي يسهل عليه تذكرها و
إعادة إنتاجها.
و أخيرا ،تمكن التمثالث من تنظيم و بنينة إدراك الواقع تمهيدا لنشاط معين أو لتوقع محدد .
كل هذه الوظائف تتحرك و تنشط ،في كل مرة ،يجد فيها الفرد نفسه مشكلة أو وضعية معينة
موقف ينظر إليها كمعارف جزئية بدائية شائعة قد تعين على بناء املفاهيم العلمية الجديدة . •
و في الترسيمة التالية ملخص للتوجهات اإلبستمولوجية إزاء مفهوم التمثالت مرتبطة باإلختيارات
الديداكتيكية و البيداغوجية املترتبة عنها
العوائق
يندرج هذا املقال في مجال بيداغوجية التدريس و خصوصا تدريس املواد العلمية .فكيف يمكن أن
نقدم عن طرائق و استراتيجيات تدرس هذه املواد؟
فمنذ حقب طويلة ،لم يتجرأ أحد على تحديد مشاكل التعليم كعوائق حقيقية .نتكلم دائما عن عدم
التمكن من املعرفة عن مشكل ضعف في املستوى ،عن شكل قدرة التلميذ على االستيعاب خصوصا بالنسبة
للتعلمات السابقة ،و هكذا ظلت املسألة مجرد وصف لصعوبة تقف حاجزا في تلقين العلوم.
من هنا نستشف أن الواجب فعله ،أن تكون جميع اإلجراءات التربوية منصبة على نتائج ملموسة
تالءم األهداف املتوخات من التدريس هذه املواد ،فهناك أفكار جدية بخصوص تعليم العلوم :تأليف الكتب
املدرسية ،طرق التدريس ،و لكن رغم هذا التفكير الجاد ،يظل العمل ناقصا على مستوى التمثالت ،و تقييم
التعبير الكتابي و الشفوي لدى الطلبة ،زد على ذلك تحليل الكتب املدرسية فجميع هذه الحيثيات هي التي
تؤهلنا للتدريس من خالل العوائق بهدف تحقيق جودة أفضل.
و هنا نحضر مسألة بناء و بلورة مشاريع التعليم و التخطيط لها كمرحلتين أساسيتين لتطوير
استراتيجيات فعالة للتدريس.
و املرحلة التي تسبقها هي أوال و قبل كل ش يء ،مالحظة و تشخيص املعيقات و التي أن تكون نابعة من
املفاهيم التي يراد تلقينها ،مما يسمح ببناء استراتيجيات للتدريس مالئمة و ناجحة وراصد لكل معيقات
التعليم.
و كل إجراء تعليمي ال يأخذ بعين االعتبار هذا الطرح ،يكون مصيره الفشل فهناك مثال معيقات تتعلق
بالرغبة و االلتزام لدى املتعلم ،وهي معيقات غير واردة ،رغم أنها تمثل أسباب رئيسية كعائق للتعليم.
ِنؤكد مرة أخرى على األهمية القصوى الذي يكتسبها مفهوم الحاجز أو العائق في املجال النظري و
التطبيقي .فالعديد من أعمال باحثين و منظرين اهتموا بهذا الجانب األساس ي في التدريس.
و نذكر على سبيل املثال :بروسو ( ،)1989فيينو ( )1986سيير بينسكا ( .)1989الذي أوضحوا من
خالل أعمالهم أن التعليم الذين يهدف شرح و فهم معرفي يظهر عوائق بالنسبة للذكاء ،و سنرصد في أخر فقرة
من مقالنا هذا :التوضيح بشكل ملموس التفكير النظري من خالل بعض عناصر التدريس تبين العوائق
متعلقة بمقارنة فيزيائية-كيميائية ،و حالة ظاهرة طاقية للنبتات الخضراء.
العوائق التي تحول دون التعليم:
تقدم كل معرفة كيفما كان نوعها يصطدم بعدد من املعيقات تحول دون تحقيق تلك املعرفة ،نتكلم
هنا عن معيق أي عن صعوبة في تعلم مفاهيم متعلقة بمادة معينة .ومن خالل معطيات لعدة أعمال عملية في
هذا املجال ومن خالل أبحاث شخصية يمكن أن نقول بأن أنواع املعيقات متنوعة و متشعبة وهناك العديد
من النصوص التاريخية التي نؤكد أن ضبط نفس املفهوم بنفس الضوابط العلمية قد احتاج ملجهودات مهمة
مكنت من اجتياز العديد من املعيقات تطور املعرفة العلمية.
في األقسام ،يمكن للمتعلمين أن يعبروا عن صعوبات يمكن أن تعترضهم عبر تاريخ مواد أخرى.
في العمل اليومي لتدريس املواد ،املعارف تقدم بشكل مغاير ،ممنهج و منتظم لكي يتالءم مع حاجيات
التالميذ و مستواهم العقلي و سنهم ،فاملدرس ،سواء بشكل صحيح أو خطأ ،فهو مجبر على تلقين معارف تمثل
اختالفا ،في البعض األحيان كبير جدا ،إزاء املعارف الولية فالتبسيط في غالب األحيان و إعادة الصياغات
تصبح تجانب وال تعكس حقيقة املعارف األولية في صيغتها الحقيقية .فاملعارف تصبح خارج عن نطاق الواقعي،
ما يجعلنا أمام تطور مفهوم مدرس ي أو متعلق بمادة ما ،و يرتبط هذا املفهوم الجديد بعدد من معيقات
التعليم.
لنأخذ مثال البيولوجيا ،فاللغة املستعملة في هذا املجال ليس خاصة بالبيولوجيا فالكلمات املستعملة
هي مأخوذة من اللغة العامة التي يمكن أن تستعمل في املجاالت عدة .مما يكون عائقا لتطوير الحس لبيولوجي
حسب املفهوم امللقن .و زيادة على كل هذا ،فاملجال البيولوجيا تظل املفاهيم متجاهلة من طرف األخصائيين،
رغم أنه إذا تم التعمق في هذه املسائل ،ستتضح العديد من العوائق التي ال تسمح للتلميذ ببناء مجموعة من
املفاهيم العلمية.
ما هي مصادر معيقات التعلم:
إذا أردنا أن نأخذ بعين االعتبار املعيقات في إطار التعليم البد من املعرفة ،ولو جزئية ملصادر
املعيقات ،فمن جهة هذه املعرفة تمكن من محاصرة هذه العوائق و من جهة أخرى ،تسمح باستعمال أفضل
على املستوى التربوي.
و تظل معرفة مصادر هذه املعيقات تحتاج من طرف املدرس كفايات محددة ،هذه الكفايات يمكن
أن يحمل عليها خالل التكوين في مراكز تكوين املدرسين ،وهذا طبعا ممكن إذا كانت كل عوامل التكوين كلها
تجمع على إعطاء هذه الكفايات .وسيكون من العبث القول بأنه من املمكن معرفة كل مصادر املعيقات في
التعليم .هذا ال يمنع من تقديم قائمة غير كاملة عن بعض أسباب هذه املعيقات:
* عوائق متعلقة باللغة.
* عوائق متعلقة بالتبسيط للمعرفة و املفاهيم من أجل التدريس.
* عوائق ناجمة عن طبيعة املادة.
*عوائق متعلقة باملفاهيم األساسية لفهم .concept
* عوائق متعلقة بالكتب املدرسية.
* عوائق متعلقة باألمثلة املقترحة من طرف املدرس أو املراجع.
* عوائق ناجمة عن نمط التعلم لدى املتعلم.
* عوائق متعلقة باإلجراءات التربوية لدى املدرس.
بالنسبة للمعيقات على املستوى اللغوي:
يتطلب استخدام اللغة تحمل عدة مفاهيم علمية.
عقبات متعلقة باللغة:
كل تدريس يستوجب لغة تحمل عدة مفاهيم علمية ،و هذه حقائق ،فمثال بالنسبة لعلم اإلحياء
الذي يمثل مجاال معرفيا غير رسمي بشكل تام ،و الذي ال يعرف تمثالت رمزية متعددة ،بل تظل التمثالت
اللغوية تطغى عليه بشكل كبير ،..ولهذا تصبح املفردات املستعملة في التدريس ذات أهمية قصوى لتمرير
املفاهيم العلمية من طرف املدرسين ،و لكن اإلشكال الذي يطرح نفسه :هل املدرس له الكفايات الكفيلة
بتدريس هذه املفاهيم؟ ومن هنا نستشف أن بعض العوائق تظل رهينة بالخطاب الذي يتبناه املدرس خالل
اإلجراءات التربوية.
و هناك عوائق أخرى متعلقة بالكفايات املتعلقة بكتابة و شرح املفاهيم العلمية ،و هذا يظهر جليا في
أعمال دورنيران و روبير (.)1991
• عقبات متعلقة بتبسيط املعارف من أجل تدريسها:
إن املعارف العلمية تنضبط لتغييرات أساسية لتصبح معرف مواد و قابلة للتدريس .و هذه األشكال
الجديدة للمفاهيم يمكن أن تصبح عقبات للتعلم بالنسبة للمتعلم ،رغم أن تغيير املعرفة الرهين باإلنتقال
الديداكتيكي ليس املشكل األعظم ،فهو إشكال ال مفر منه لكي تصبح املعرفة في املتناول.
و هناك عمليات تربوية خاصة تقلل عدد هذه املعيقات .هذه العمليات تتمحور حول إجراءات
تستنبط املعطيات األساسية لبناء استراتيجيات و طرائق رهينة بتوفير تدريس في املستوى.
و نحن ال نزعم أننا سنعطي قائمة كاملة بجميع الطرق ،و نقدم بعضا منها:
-تحليل التاريخ –تحليل مفاهيمي للمعرفة
– تقييم شخص ي للتعلمات السابقة
– تحليل متعمق للعقبات
– تحليل التمثالت املتعلقة باملعرفة املراد تدريسها
– معرفة أساليب التعليم لدى التلميذ تصور و بناء استراتجيات modelisation
– تحليل املفاهيم القريبة من مجال املادة املدرسة.
• عقبات متعلقة بطبيعة املعرفة:
إن عملية التدريس و خصوصا ملدة طويلة يجعلنا نأخذ بعين االعتبار مسألة تعقد املفاهيم العلمية و
هذا ما تؤكده عدة أعمال ديداكتيكية .إذا يظل مجرد تقديم املفاهيم غير كاف ،ففي بعض الحاالت لكي تتم
مقاربة اإلشكاليات التي تحيلنا على هذه املفاهيم .و من الطبيعي أن نعرف أن بعض املدرسين ال يعرفون ما هو
املفهوم العلمي حسب مدران ( )1898و بهذا الخصوص البد من إجراءات مصاحبة و متكررة لتحدي العقبات
املتعلقة باملادة املدرسة.
• عقبات نابعة من الكتاب املدرس ي:
الكل متفق على الكتب املدرسية تلعب دورا أساسيا ألنها تظل املرجع ذو األولوية الكبرى بالنسبة
للمتعلم .و لكن التعابير ،طريقة التقديم ،و األمثلة املقترحة لتلقين املعارف و املعلومات املدرسية ،يمكن أن
تكون حاجزا إلستعاب سهل للمفاهيم التي تقترحها هذه املراجع و كذلك نوعية األمثلة ،و مقابلة مضامين من
خالل إشكاالت بنفس الوحدة .إن تأليف الكتاب املدرس ي و الترجمة الكتابية للمعارف بشكل صحيح ،تبقى
عملية صعبة جدا ،ألنها تستوجب كفايات ،لغوية ،تربوية ،ديداكتيكية و أسلوبية ،و كل هذه الكفاءات ال
يتوفر عليها املؤلفون دائما سواء على املستوى القطاع املدرس ي أو الجامعي.
و يظل االستغالل البيداغوجي للمراجع عامال أساسيا للتدريس ،و لكن شريطة أن ينضبط لنظرة
انعكاسية لدى املدرس .و كل هذه التحليالت أساسية لتجعل استعمال املراجع ذات فائدة.
• عوائق متعلقة باألمثلة املقترحة من طرف املدرس أو من طرف املراجع املدرسية:
إن تدريس جميع املواد العلمية يستعمل أمثلة للشرح ،و طرح اإلشكاليات أو سبق حول تطور قبلي
لحالة ما .و اختيار أنشطة للتكييف اإلجراءات الديداكتيكية ذات األهمية األولية ألنها هي التي تتحكم في
التعلمات و تطورها .و تظل األنشطة البيداغوجية منصبة على أمثلة يمكن أن تكون حاجزا لفهم املعرفة إذا ما
لم تؤخذ بعض اإلحتياطات من طرف املدرس.
و يجب أن نشير إلى أن التكوين املؤهل من طرف املدرس يمثل مسارا ممكنا للحصول على الكفايات
التي تسمح للمدرس لكي يقود بشكل مالئم أنشطة التدريس ،و يختار األمثلة الجيدة.
✓ العوائق املتعلقة بالتمثالت لدى التلميذ أو األستاذ:
إن التلميذ في املسار الدراس ي الرسمي ،يحمل معه تمثالت معينة حول مفهوم علمي أو شرح معلومات
وهي معارف تستوجب طرقا خاصة في التعامل معها .ألنها في الحقيقة األمر معرفة وظيفية و عملية .و بالنسبة
للمدرس ،فهو يهيء و يبني الوحدات التربوية من خالل تمثالت تتحكم بشكل كلي في أنشطته البيداغوجية
املبرمجة .و في كلتا الحلتين ،هذه التمثالت تكون مصدرا لعقبات يجب أن ندرك كيف نتعامل معها حتى نؤمن
أنشطة بيداغوجية كفيلة بأن توفر للتلميذ معرفة دائمة و ذات معنى.
فمثال ،اعتبار أن املفهوم العلمي هو مفهوم إجرائي ،مسألة كذلك إعطاء قيمة manipulationفي
األنشطة التعليمية ،و ال ننس ى اعتماد النهج التحليلي سواء من طرف املدرس أو من طرف املتعلم ،هذه كلها
عوامل تحكم جودة التعلمات منهجة ،و كذلك طبيعتها املتطورة من جهة أخرى.
و نقدم عمل أورالندي ( )1994الذي يسمح بفهم تأثير املفاهيم لدى املدرسين حول الطريقة
التجريبية على طبيعة الطرق البيداغوجية املستعملة ،و كل املشاريع البيداغوجية التي ال تأخذ بعين االعتبار
هذه املفاهيم ليست سوى خطابات جذابة و لكن غير مقنعة بالنسبة للتالميذ ولن يكون لها أي تأثير فعال
بخصوص كفايات التلميذ ،و ذلك ألنها ال تعتمد إدماج املعرفة امللقنة ،و كل األفكار املسبقة و املختارة يمكن
أن تمثل عائق حقيقي الستيعاب املعرفة الجديدة سواء على املستوى املدرس ي أو الجامعي.
• عوائق متعلقة بأسلوب التعلم لدى التلميذ:
ليست كل األنشطة املقترحة من طرف األستاذ مالئمة ألسلوب أو طريقة التعلم لدى التلميذ .فبشكل
عام ،ففكرة املشاريع التعلمية ال تحترم مسألة تعلم التلميذ ،مما يحدث عدم تناغم بين األنشطة املقترحة ،بل
املفروضة و طرق التعليم لدى التالميذ ،في نفس السياق ،يمكن ان نتحدث عن التمثالت اللغوية التي تطغى
على املعرفة في حين أن بعض التالميذ أكثر تقبال للعروض الرمزية :رياضيات أو أشكال هندسية.
و هذا واضح أكثر بالنسبة للمواد التي تتطرق لعمل أو وصف النظم الطبيعية أو اإلصطناعية.
✓ معيقات متعلقة باإلجراءات التعلمية التي يقوم بها األستاذ:
إن مشاريع التعلم املتبناة من قبل األستاذ تستند إلى أمثلة و قوالب لفظية ،و عبارات ،و تمثالت و
طرائف بيداغوجية و كذلك و سائل بيداغوجية إلى أخره ،و هي مجموعة من اآلليات و الوسائل التي تسمح
بأجرأة خطط عمل و مشاريع التعلم .و في حقيقة األمر يظل اللجوء إلى هاته اآلليات قصد تسهيل عملية
التعليم ،مولدا لعقبات التعلم .و مرة أخرى تبقى جودة تكوين املدرس هي الوحيدة املحددة لطبيعة و عدد
العوائق.
و التكوين الذي تلقاه املدرس هو الذي يؤهله لضبط عدد هذه املعيقات ،و خلف إجراءات و أنشطة
تقض ي على هذه العوائق.
نحن ال نقترح هنا تصنيفا مغلقا لجميع عقبات التعلم ،بل فقط هي افتراضات حول مصدر و طبيعة
العقبات التي تعترض الطريق إلى تعلمات ذات معنى و وظيفة ،تعلمات مفاهيم عملية هي الهدف من جميع
األنشطة البيداغوجية ،طبعا كل فئة هنا يمكن أن تشكل منطلقا للتفكير و البحث عن حقيقة نوعية العقبة
أو العائق .ال بد من القيام بأعمال و أبحاث تندرج في اطار عقلنة و املصادقة ،إن كل محاولة تهدف تعريف
العائق للتعلم تتطلب عمال فيه بعض املجازفة ألن صعوبة بناء تعريف يشتمل مجموعة تطبعها اختالفات
مهمة بالنسبة للعقبات استيعاب املعرفة ،و سيكون من املهم أن نحصر الوظيفة البيداغوجية للمعيقات لكي
نستنبط العمليات التربوية املهمة .إن العديد من العقبات هي رهينة بتقديم املعرفة ،و ال يمكن تجنبها و لكن
إذا كان هناك تكوين أولي ممنهج و مصاحبة حقيقية للمدرس كل هذا سيمكن من فهم عقالني و كذا تأطير
جيد لهذه املعيقات و نؤكد على أن من أهم أبعاد مهنة التدريس إدارة املخاطر املرتبطة بالحواجز التي تعترض
التعلم.
أنواع الديداكتيك
لقد أنجزت ديداكتيك مادة الرياضيات ٬إن صح القول(٬املفاهيم العميقة) لعموم الديداكتيكا٬مثل:
النقل الديداكتيكي التعاقد الديداكتيكي ٬نظرية األوضاع الديداكتيكية٬الوضعية -املشكل٬وهي املفاهيم التي
تم فحص انتشارها و استعمالها في الفصل الثاني.
وتشكل األبحاث التي تم إجرائها بمؤسسات البحث من أجل تعلم الرياضيات في اغلبها تعميقا لهده
الورشات مع حرصها أساسا على تشكيل الوسائل األزمة في نهدا اإلطار.وبالفعل٬فان أحسن معنى ملفهوم
(هندسة الديداكتيك)٬ال يمكن أن يوجد إال في مجال الرياضيات.
ويتعلق األمر بدا بترتيب املناهج:فالتجريب باألقسام ش يء ثابت بالنسبة لجميع املستويات كما إن
عملية اإلنتاج تتسم بالضخامة.
إن األبحاث املتنوعة و املتعلقة ب (األوضاع الديداكتيكية) و بأشكلة (التعاقد الديداكتيكي) ٬قد
تبلورت على أساس هده التيمات أما األمر الثاني٬فيتعلق بتحديد مجموعة من املفاهيم التالية:
* جدلية األداة املوضوع و عالقة التعليم بالتعلم٬فقد يكون نفس املفهوم الرياض ي أداة يجد وظيفته
العلمية ضمن مختلف املشاكل بحلها قد يكون موضوعا ٬و يصبح في هذه الحالة معطى ثقافي له موقعه داخل
صرح أوسع و نعني به املعرفة الرياضية.وفي أوضاع التعلم ٬يستخدم التلميذ مواضيع معروفة كأدوات ٬ويعمل
على توسيع حقل تطبيقها كما يعترف بمحدوديتها ٬مما يضطره إلى استعمال أدوات جديدة .
* نمدجة مفهوم"الوضعية الديداكتيكية"٬من خالل مفهوم اللعب).)G.Brousseauفالالعب يوجد في
عالقة مع محيطه ٬ويمكن التميز في هدا اإلطار بين إستراتيجيتين ٬هما:ا إلستراتيجية الرابحة و اإلستراتيجية
الخاسرة ٬حيث نعزل مقتضيات االختيار و القرار و الصالحية.
و نسجل هنا االهتمام الذي توليه النصوص التاريخية الرياضية حيث نلتقي الوثائق مسحوبة
بالتعليقات عليها.
هكذا٬توضح الرياضيات بشكل تام ٬ما يمكن أن تكون عليه برامج البحث الديداكتيكي أد تقوم بدورة
كاملة بدا بإسالة التعلم ٬من الروض إلى الجامعة ٬ومرورا بالبحث التاريخي و الفلسفي املتعلق بتعدد
االختصاصات.
و قد يعب على األبحاث في ديداكتيك مادة الرياضيات ٬تفتتها أو تشتتها٬لكن دلك هو الثمن الذي
تؤديه هده األبحاث بسبب وفرتها وغناها.
• توقع نوع من الصورية عن طريق استعمال وصف إحصائي او رموز رياضية حول بعض املتغيرات.
• توظيف النمدجة عن طريق جهل التالميذ يحاولون تنظيم معارفهم بتحديد عدد من املكونات و العناصر
الربط بينهما.
• توقع توظيف معارف املتعلمين قصد إكسابها صالحية عن طريق إجراء استطالعات ميدانية تجعلهم
يصوغون مشكالت و يقترحون فرضيات ثم يختبرون هده الفرضيات ميدانيا ) 4(.إعداد خريطة
املفاهيم concetptogrammeوهي ادات يمكن استعمالها لتخطيط التعليم و تحديد موقع مفهوم بالنسبة
ملفاهيم أخرى و تحديد العالقات التي تجعل منه مفهوما وظيفيا.
)معجم علوم التربية ٬مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك ٬عبد اللطيف الفرابي٬عبد العزيز
الغرضاف٬محمد ايت موحى٬عبد الكريم غريب