You are on page 1of 24

‫مفهوم الديداكتيك‬

‫منذ ظهور علوم التربية‪ ،‬والبحث متواصل من أجل عقلنة وترشيد العملية التعليمية التعلمية‪.‬‬
‫ولقد استفادت هذه األخيرة بالفعل‪ ،‬في كثير من جوانبها‪ ،‬مما وصلت إليه الدراسات واألبحاث في‬
‫عدد من فروع علوم التربية‪ ،‬خاصة ما يتصل منها بشكل مباشر بالفعل التعليمي وبشروط‬
‫إنجازه‪ .‬وهكذا تم استثمار معطيات فلسفة التربية في تحديد هدفية التربية وقيمتها وإمكاناتها‬
‫وحدودها‪ .‬كما تم استثمار معطيات سيكولوجية التربية في تحديد أساليب التعامل مع املتعلم‪.‬‬
‫وتم كذلك استثمار معطيات سيكوسوسيولوجية التربية في رصد الظواهر السيكوسوسيولوجية‬
‫السائدة داخل الفصل‪ ،‬ووعي مستوى العالقات بين املتعلمين واملدرس‪ ،‬وضبط عوامل تحسين‬
‫مناخ الفصل ليكون أرضية تعلم مالئمة حقا‪ .‬وتم أيضا استثمار معطيات سوسيولوجية التربية‬
‫في إدراك ووعي البعد االجتماعي الذي يتحكم في العملية التعليمية التعلمية ومختلف التأثيرات‬
‫التي يحدثها فيها‪.‬‬
‫كل هذه االستثمارات وغيرها‪ ،‬انعكست على العمل التعليمي داخل الفصل‪ ،‬فصار لزاما على‬
‫الدارسين واملمارسين لعملية التعليم‪ ،‬أن يتمثلوا عددا من املفاهيم والتصورات التي تستند إليها‬
‫املمارسة التعليمية على ضوء الديداكتيك‪.‬‬
‫فما هو هذا الديداكتيك ؟ وكيف تم االنتقال من البيداغوجية إلى الديداكتيك ؟ وأي معنى‬
‫للمنهاج الدراس ي‪ ،‬من خالل أسسه ومكوناته‪ ،‬على ضوء الخطاب الديداكتيكي ؟‬

‫تعاريف حول مفهوم الديداكتيك‬


‫على املستوى املعجمي و املوسوعي‬
‫تشير بعض املعاجم املتخصصة بأن كلمة الديداكتيك ظهرت كصفة في القرون الوسطى حيث تم إدراجها في‬
‫معجم ‪ Le grand Larousse encyclopédique‬سنة ‪ 1954‬و هو كاصطالح مشتق من كلمة يونانية‬
‫األصل‪,‬ديداكتكوس ‪,‬ومنحدر من لفظ ديداسكين ‪ Didaskine‬وتعني "درس"‪ , Enseigner‬ويقصد بها كل مايوحي‬
‫إلى التثقيف‪ ,‬أي إلى التزود باملعارف و األفكار و املعلومات بهدف بناء الشخصية‪.‬‬
‫كما قبل اصطالح الديداكتيك كالحال في األكاديمية الفرنسية سنة ‪.1835‬ويشير أحد الباحثين‪,‬بأن اسم‬
‫الديداكتيكا‪-‬كما هو منطوق به اآلن‪-‬لم يتم إدراجه ال في ‪ Le darmesteter‬املؤرخ سنة ‪ ,1888‬و ال في لروبير في‬
‫عشر أجزائه‪,‬وال أيضا في ‪ Le quillet‬بمجلداته الستة‪ ,‬وال حتى في الروس املوسوعة أو في موسوعة الروس لسنة‬
‫‪.1961‬‬
‫وفي معجم لروبير سنة‪ 1955‬وليتري لسنة ‪,1960‬ثم إدراج الديداكتيك كفن للتعليم‪ .‬ما يمكن استنتاجه من‬
‫هذه التحديات‪ ,‬كون الديداكتيك كان يخلط في مختلف هذه املعاجم بالبيداغوجيا‪ ,‬ما دامت هذه األخيرة مناطا‬
‫بها مهمة التأمل و التفكير في املمارسة التعليمية‪ ,‬عكس ما أصبح عليه الديداكتيك حاليا‪.‬‬
‫و على مستوى الدراسات التي تنتمي لحقول العلوم اإلنسانية ظهرت كلمة ديداكتيك في بعض األبحاث‬
‫التربوية سنة ‪ .1903‬كما إقترحأكبلي سنة ‪ ,1951‬إعادة تجديد الطرائق الديداكتيكية‪ ,‬انطالقا من تصورات‬
‫إجرائية للذكاء‪ ,‬و التي تم تطويرها من خالل أعمال "جان بياجي"‪ .‬كما أشار"الكومب" في املوسوعة العاملية‬
‫لسنة ‪ 1968‬باستعمال اصطالح اليداكتيك كتعبير للبيداغوجيا أو بشكل أخر للتعليم‪ ,‬نفس املالحظة‬
‫السابقة نجد في كتيب الطرائق البيداغوجية‪,‬أن الديداكتيك كان ينعت به مختلف الطرائق التعليمية التي‬
‫تتمركز على التلقين و الحشو)‪.1979(G.Palmade‬‬
‫الديداكتيك في ‪ La grande didactique, Coménieus, 1640 :‬هو فن التعليم‪ ،‬ومجموعة من الوسائل‬
‫واألساليب التي ترمي إلى استعمال املعرفة‪ ،‬أو العمل على معرفة موضوع ما ‪ ،‬وبشكل عام معرفة اختصاص‬
‫علمي أو لغة أو فن ‪...‬‬
‫بروسو ‪ :‬ديداكتيك الرياضيات ‪ :‬تحديدات وتعاليق‪.1991 .‬‬
‫اليف ‪ :‬تطلق الديداكتيك على كل فعل أو خطوة يكون موضوعها التثقيف بواسطة التعليم‪.J.Leife .‬‬
‫اليف ‪ :‬نعني بالديداكتيك مجموعة من املواد واملحتويات الخاصة بالتعليم ‪.J.Leife‬‬

‫وبتحليلنا ملحتوى هذه التعاريف‪ ،‬نجد أنفسنا أمام تحديدات أولية للديداكتيك‪ ،‬لم ترق بعد‬
‫للمستوى العلمي الذي سيعرفه هذا العلم في بداية الثمانينات من القرن العشرين – كما سبقت اإلشارة إلى‬
‫ذلك ‪ ،-‬خصوصا بعد أن منح لنفسه صفة املساعد الخاص – للمعلم – حتى يتسنى لهذا األخير تنظيم‬
‫وضعيات التعلم‪ ،‬تنظيما معقلنا يساهم بشكل أساس ي في تحقيق األهداف البيداغوجية املرتقبة من النشاط‬
‫التعليمي التعلمي‪ .‬وفي هذا اإلطار يعرف » ‪ « Lavalle‬الديداكتيك‪ :‬بالدراسة العلمية لتنظيم وضعية التعلم‬
‫التي يعيشها من يتربى من اجل الوصول إلى هدف معرفي أو وجداني أو حركي‪ ...‬وأن التنظيم ال يأخذ املعنى‬
‫الضيق الذي نصادفه بالنسبة لإلدارة‪ ،‬بل يعني أن املعلم يكون مسؤوال على تنظيم وتجديد وخلق وضعيات‬
‫التعلم املناسبة والضرورية‪ ،‬للوصول إلى األهداف املرغوب فيها‪ ،‬وهذه األهداف هي التي عمل املدرس إلى‬
‫ترجمتها إلى أهداف خاصة لكي يجعلها تتالءم مع متعلميه‪.‬‬
‫املالحظة األولية التي يمكننا استخالصها من هذا التعريف‪ ،‬هي اعتبار الديداكتيك علما قائم الذات‪،‬‬
‫ال تقتصر وظيفته على التأمل والتفكير كما هو الشأن بالنسبة للبيداغوجيا‪ ،‬وإنما على البحث والتحليل‬
‫وصياغة استراتيجيات التعلم بعد عملية التجريب‪.‬‬
‫ولقد نحى "محمد الدريج" نفس املنحى في تعريفه للديداكتيك العام باعتباره ‪" :‬دراسة علمية ملحتويات التدريس‬
‫وطرقه وتقنياته‪ ،‬وألشكال تنظيم مواقف التعلم التي يخضع لها التلميذ‪ ،‬دراسة تستهدف صياغة نماذج‬
‫ونظريات تطبيقية معيارية بقصد بلوغ األهداف املرجوة‪ ،‬سواء على املستوى العقلي أو االنفعالي أو الحس ي‬
‫الحركي" التدريس الهادف ص‪.28.‬‬
‫وإذا ما قارنا بين التعريفين املقدمين‪ ،‬قد ال نجد ثمة فرق بينهما‪ ،‬أن لم نقل بأن "الدريج" مختلف التحديدات‬
‫املعطاة استلهم من تعريف ‪ Lavalle ،‬الصطالح الديداكتيك‬

‫على املستوى املفاهيمي‬


‫• يستعمل لفظ ديداكتيك أساسا‪ ،‬كمفردات للبيداغوجيا أو للتعليم‪ ،‬بيد أنه ما استبعدنا بعض االستعماالت‬
‫األسلوبية‪ ،‬فإن اللفظ يوحي بمعاني أخرى تعبر عن مقاربة خاصة ملشكالت التعليم‪ .‬فالديداكتيك ال تشكل‬
‫حقال معرفيا قائما بذاته أو فرعا لحقل معرفي ما كما ال تشكل أيضا مجموعة من الحقول املعرفية‪ ،‬إنها نهج‪،‬‬
‫أو بمعنى أدق‪ ،‬أسلوب معين لتحليل الظواهر التعليمية‪.)Devolay, M. 1991 Lacomb, D. 1968 ( .‬‬
‫• الديداكتيك هي‪ ،‬باألساس‪ ،‬تفكير في املادة الدراسية بغية تدريسها‪ ،‬فهي تواجه نوعين من املشكالت‪ :‬مشكالت‬
‫تتعلق باملادة وبنيتها ومنطقها‪ ،‬وهي مشاكل تنشأ عن موضوعات ثقافية سابقة الوجود ومشاكل ترتبط بالفرد‬
‫في وضعية التعلم وهي مشاكل منطقية وسيكولوجية‪ .‬فالديداكتيك ليست إذن حقال معرفيا قائما بذاته‪ ،‬وذلك‬
‫على األقل في املرحلة الحالية من تطورها‪ ،‬وقد ال تكون مدعوة ألن تصبح حقال معرفيا مستقبال‪ ،‬ومع ذلك‪،‬‬
‫ليس ثمة شك في وجود مجال للنشاط خاص بتدريس مختلف املواد الدراسية‪ .‬والذي يتطلب بحثا مستمرا‬
‫قصد تحسين التواصل‪ ،‬وباألخص‪ ،‬البحث في كيفية اكتساب املتعلم للمفاهيم‪.)Jasmin, B. 1973( .‬‬
‫• الديداكتيك هي شق من البيداغوجيا موضوعه التدريس (‪ ),Lalande .A1972‬وإنها‪ ،‬كذلك نهج ‪ ،‬أو بمعنى أدق‬
‫(‪.)Lacombe.D.1968‬‬ ‫التعليمية‬ ‫الظواهر‬ ‫لتحليل‬ ‫معين‬ ‫أسلوب‬ ‫‪،‬‬
‫أما بالنسبة ل ‪ B.JASMIN‬فهي باألساس تفكير في املادة الدراسية بغية تدريسها ‪ ،‬فهي تواجه نوعين من‬
‫املشكالت ‪ :‬مشكالت تتعلق باملادة الدراس ي ( وبنيتها ومنطقها ‪ ..‬ومشاكل ترتبط بالفرد في وضعية التعلم‪ ،‬وهي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)JASMIN.B1973‬‬ ‫‪..‬‬ ‫وسيكولوجية‬ ‫منطقية‬ ‫مشاكل‬
‫* ويمكن تعريف (الديداكتيك) ـ أيضا ـ حسب ( ‪ : ) REUCHLIN‬كمجموع الطرائق والتقنيات والوسائل التي‬
‫تساعد على تدريس مادة معينة ( ‪.) Reuchlin.M.1974‬‬
‫• الديداكتيك هي الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات التعلم التي يعيشها املتربي ‪ Le séduquant‬لبلوغ هدف عقلي‬
‫أو وجداني أو حس ي حركي‪ ،‬وتتطلب الدراسة العلمية‪ ،‬كما نعلم‪ ،‬شروطا دقيقة منها باألساس‪ ،‬االلتزام باملنهج‬
‫العلمي في وضع الفرضيات وصياغتها والتأكد من صحتها عن طريق االختبار والتجريب‪ .‬كما تنصب الدراسات‬
‫الديداكتيكية على الوضعيات العلمية‪ ،‬التي يلعب فيها املتعلم (التلميذ) الدور األساس ي‪ .‬بمعنى أن دور املدرس‬
‫هو تسهيل عملية تعلم التلميذ بتصنيف املادة التعلمية تصنيفا يالئم حاجات التلميذ‪ ،‬وتحديد الطريقة‬
‫املالئمة لتعلمه‪ ،‬وتحضير األدوات الضرورية واملساعدة على هذا التعلم‪ .‬ويبدو أن هذا التنظيم ليس بالعملية‬
‫السهلة‪ ،‬فهو يتطلب االستنجاد بمصادر معرفية مساعدة‪ ،‬كالسيكولوجيا ملعرفة هذا الطفل وحاجاته‪،‬‬
‫والبيداغوجيا لتحديد الطرق املالئمة‪ .‬وينبغي أن يقود هذا التنظيم املنهجي للعملية التعليمية التعلمية إلى‬
‫تحقيق أهداف تراعي شمولية السلوك اإلنساني‪ .‬أي أن نتائج التعلم ينبغي أن تتجلى على مستوى املعارف‬
‫العقلية التي يكتسبها املتعلم‪ ،‬وعلى مستوى املواقف الوجدانية‪ ،‬وكذلك على مستوى املهارات الحسية –‬
‫الحركية‪ ،‬التي تتجلى مثال في الفنون والرياضيات‪. Lavallée ،‬‬
‫• علم تطبيقي موضوعه تحضير وتجريب استراتيجيات بيداغوجية تهدف إل تسهيل إنجاز مشاريع‪ )1( .‬يمكن‬
‫للديداكتيك أن تكتس ي خصائص العلم التطبيقي‪ )2( .‬باعتبار الديداكتيك علما تطبيقيا فهي تسعى إلى تحقيق‬
‫هدف عملي (وضع استراتيجيات بيداغوجية)‪ )3( .‬لتحقيق هدفها تستعين الديداكتيك بعلوم السيكولوجيا‪،‬‬
‫والسوسيولوجيا واالبستمولوجيا ‪...‬الخ‪ )4( .‬تسعى الديداكتيك كمجال معرفي متميز ألن تصبح مطبوعة‬
‫بطابع علمي ألنها‪ )1( :‬يمكن أن تؤلف نظاما منسجما من املعارف في تحول مستمر بفعل اندماج املعارف‬
‫القديمة باملعارف الجديدة‪ )2( .‬يمكن أن تتمخض عن نتائج إذا ما وضعت تحت املالحظة املنهجية بواسطة‬
‫أدوات تقربها أكثر من الدقة واملوضوعية‪ )3( .‬يمكن أن تمتنع عن كل تأمل ميتافيزيقي‪ )4( .‬ويمكنها‪ ،‬في األخير أن‬
‫ال تكتفي بوصف الظواهر والربط بينها فقط‪ ،‬ولكن‪ ،‬يمكنها أيضا تفسيرها‪DEsautels, J. in C.F.P.C.R.P, ( .‬‬
‫‪.)1979‬‬
‫• علم مساعد للبيداغوجيا‪ ،‬التي تعهد إليه بمهمات تربوية أكثر عمومية‪ ،‬وذلك إلنجاز بعض تفاصيلها‪ :‬كيف‬
‫نستدرج التلميذ الكتساب هذه الفكرة أو هذه العملية؟ أو تقنية عمل ما؟ هذه هي املشكالت التي يبحث‬
‫الديداكتيك عن حلها‪ ،‬باستحضار معرفته السيكولوجية باألطفال وبتطورهم التعليمي‪.)Aebli Hans( .‬‬
‫• مادة تربوية موضوعها التركيب بين عناصر الوضعية البيداغوجية وموضعها األساس ي هو دراسة شروط إعداد‬
‫الوضعيات أو املشكالت املقترحة على التالميذ قصد تيسير تعلمه‪ )Broussaut 1983( .‬وعلم إنساني مطبق‬
‫موضوعه إعداد وتجريب وتقويم وتصحيح االستراتيجيات البيداغوجية التي تتيح بلوغ األهداف العامة‬
‫والنوعية لألنظمة التربوية‪.)Legende. R. 1988( .‬‬

‫الديداكتيك صفة مرتبطة بما يلي‪:‬‬


‫• ارتبطت الديداكتيك في دراستها بعلم النفس ونظريات التعلم والسوسيولوجيا‪ ،‬واستعارت مفاهيمها من علوم‬
‫ومجاالت معرفية أخرى‪ .‬وكانت حسب (‪ )Aebli Hans‬علما مساعدا للبيداغوجية‪ .‬كما أسند إليها دور بناء‬
‫االستراتيجيات البيداغوجية املساعدة على بلوغ األهداف‪ .‬أما حديثا فقد تطورت الديداكتيك نحو بناء‬
‫مفهومها الخاص بفعل تطور البحوث األساسية والعلمية‪ .‬وبدأت تكسب استقاللها عن هيمنة العلوم األخرى‪.‬‬
‫وفي املغرب أنجزت العديد من الدراسات والبحوث ذات الطابع الديداكتيكي املهتم بالتفكير في املادة‬
‫ومفاهيمها‪ ،‬وبناء استراتيجيات لتدريسها‪( ،‬بنيامنة صالح‪.)1991 ،‬‬
‫• يهتم الديداكتيكي بمجموعة من املجاالت يمكن تحديدها كما يلي‪ :‬الحقول التي يستمد منها الديداكتيكي‬
‫املعطيات التي يبحث عنها هي‪ )1( :‬الحقل السيكولوجي‪ ،‬نظريات التعلم‪ ،‬علم النفس التكويني‪ ،‬علم النفس‬
‫االجتماعي‪ ،‬التحليل النفس ي‪ )2( .‬الحقل السوسيولوجي‪ :‬سوسيولوجيا التربية‪ ،‬أنتربولوجيا التربية‪،‬نظرية‬
‫الثقافة‪ )3( .‬الحقل االبستمولوجي‪( :‬نظريات املعرفة‪ ،‬تاريخ العلوم‪ ،‬املنطق‪ ،‬امليتودلوجيا ‪ )4( .)...‬حقل املادة‬
‫(اللغة‪ ،‬الرياضيات‪ ،‬الفلسفة‪ ،‬األدب ‪ )5( .)...‬حقل التربية‪ :‬التقييم والقياس‪ ،‬نظريات بيداغوجية‪ ،‬فلسفة‬
‫التربية‪ )6( .‬حقول أخرى‪( :‬نظرية املعلومات والتواصل‪ ،‬السيبرنتيكا‪ ،‬اللسانيات ‪ )...‬العمليات التي يقوم بها‬
‫الديداكتيكي هي تحديد إشكاليات متعلقة بوضعيات التعليم والتعلم‪ ،‬وصياغة فرضيات حولها‪ ،‬ثم تصميم‬
‫استراتيجيات الختبارها وفحصها تنتهي إلى تنفيذها وتقويمها‪ .‬وتتصل هذه العمليات بالوضعيات التربوية‬
‫وعمليات التعليم والتعلم والطرق واألنشطة والوسائل واملناهج واألنظمة ومفاهيم املادة (أسريري‪ ،‬ج‪ ،‬د‪.‬‬
‫‪.)1991‬‬
‫• هناك مجاالت تربوية وبيداغوجية يمكن اعتبارها موضوعا للممارسة والبحث الديداكتيكيين وهي‪ )1( :‬تهتم‬
‫الديداكتيك ببناء األهداف ويدخل ضمن هذا املجال الصنافات‪ )2( .‬تهتم الديداكتيك بطرق إيصال املعارف‬
‫واملهارات واملواقف ورصد الوسائل التعليمية‪ )3( .‬تهتم كذلك بطرق وأدوات التقويم‪( .‬فاتيحي محمد‪.)1992 ،‬‬
‫• للديداكتيك مجموعة من القواعد تقوم عليها تتحدد في قاعدتين أساسيتين هما‪ :‬القاعدة األولى للديداكتيك‬
‫هي‪« :‬انثربولوجيا الطفل» واملقصود بذلك أن الوعي الحديث بخصوصية الطفل يحدد نوعية العالقة بينه وبين‬
‫املدرس‪ .‬وهي عالقة ينبغي أن تراعي فيها أطبيعة الطفل من جهة‪ ،‬ومحيطه الشخص ي القريب الذي تتبلور فيه‬
‫اهتماماته الطفولية من جهة أخرى ‪ ...‬ومن ثم تكون أنثربولوجيا الطفل هذه هي تاريخه الشخص ي املرتبط‬
‫بثقافة الوسط الذي يعيش فيه‪ ،‬وعاداته وأخالقه‪ ،‬إنها إذن‪ ،‬جملة تصورات ومفاهيم عن اإلنسان وكيف‬
‫ينبغي أن يكون‪ .‬وبمراعاة هذه الشروط وأخذها بعين االعتبار يكون الديداكتيكي قد وضع حديدا للمجال الذي‬
‫ينبغي أن يدور فيه البحث الديداكتيكي‪ .‬هذا املجال إذن‪ ،‬هو الذي يشكل القاعدة األولى للديداكتيك‪ .‬أما‬
‫القاعدة الثانية للديداكتيك فترتبط بالفينومنولوجيا‪ ،‬والفينومنولوجيا مأخوذة هنا بمعناها اللغوي‪ ،‬وال‬
‫عالقة لها باالتجاه الفلسفي للظاهرانية‪ .‬ويقصد بها دراسة الظواهر الديداكتيكية‪ ،‬كما تبدو للباحث في‬
‫الواقع‪ .‬أي الظواهر التي لها عالقة بالتدريس والتعليم‪ ،‬والتي تتجلى من خالل التفاعالت اليومية بين املدرس‬
‫والطفل (التلميذ)‪ .‬فاالنطالق من هذه الظواهر يساعد على إعطاء الديداكتيك طابعا أكثر علمية‪ ،‬نظرا‬
‫العتماده على تحليل الوضعيات الديداكتيكية‪ ،‬أي وضعيات التعليم والتعلم ‪ ...‬وعلى هذا األساس يكون البحث‬
‫في الديداكتيك يسير في مستويين‪ :‬مستوى أفقي يتناول دراسة الظاهرة التربوية املمارسة كما تبدو للباحث في‬
‫الظاهر‪ .‬مستوى عمودي يتتبع تاريخ الطفل وعاداته وأخالقه التي يحملها من مجتمعه والتي ترافقه إلى وسطه‬
‫املدرس ي وتؤثر على عملية تعلمه‬
‫نستخلص من هذه التعاريف أن الديداكتيك تهتم بكل ما هو تعليمي تعلمي‪ ،‬أي كيف يعلم األستاذ مع التركيز‬
‫على‪:‬‬
‫كيف يتعلم التلميذ؟ ودراسة كيفية تسهيل عملية التعلم‪ ،‬وجعلها ممكنة ألكبر فئة‪ ،‬ثم اتخاذ اإلجراءات‬
‫املناسبة لفئة التالميذ ذوي صعوبات في التعليم‪ ،‬وبالتالي فهي دراسة التفاعل التعليمي‬

‫تاريخ الديداكتيك‬
‫كلمة (‪ )Didactique‬اصطالح قديم جديد ‪ ،‬قديم حيث استخدم في األدبيات التربوية منذ بداية القرن ‪، 17‬‬
‫وهو جديد بالنظر إلى الدالالت التي ما انفك يكتسبها حتى وقتنا الراهن ‪ ،‬وفيما سيأتي نحاول تتبع التطور‬
‫التاريخي لهذا املصطلح بداية من االشتقاق اللغوي وصوال إلى االستخدام االصطالحي ‪.‬‬

‫يقول حنفي بن عيس ى‪ ،‬كلمة تعليمية في اللغة العربية مصدر صناعي لكلمة تعليم ‪ ،‬وهذه األخيرة مشتقة من‬
‫ّ‬
‫علم أي وضع عالمة أو سمة من السمات للداللة على الش يء دون إحضاره‪.‬‬

‫أما في اللغة الفرنسية فإن كلمة (‪ )Didactique‬صفة اشتقت من األصل اليوناني (‪)Didaktikos‬‬

‫وتعني فلنتعلم أي يعلم بعضنا بعضا‪ ،‬و(‪ )Didaskein‬تعني التعليم ‪ ،‬وقد استخدمت هذه الكلمة في علم التربية‬
‫أول مرةسنة ‪ 1613‬من قبل كل من كشوف هيلفج (‪ )Helwig .K‬وراتيش و(‪ ).Ratich w‬في بحثهم حول نشاطات‬
‫راتيش التعليمية‪ ،‬وقد استخدموا هذا املصطلح كمرادف لفن التعليم‪ ،‬وكانت تعني عندهم نوعا من املعارف‬
‫التطبيقية و الخبرات‪ ،‬كما استخدمه كامنيسكي (‪ )Kamensky‬سنة ‪ 1657‬في كتابه "الديداكتيكا الكبرى" ‪،‬‬
‫حيث يقول أنه يعرفنا بالفن العام للتعليم في جميع مختلف املواد التعليمية‪ ،‬ويضيف بأنها ليست فن فقط‬
‫التعليم بل للتربية أيضا‪.‬‬

‫واستمر مفهوم التعليمية كفن للتعليم إلى أوائل القرن ‪ 19‬حيث ظهر الفيلسوف األملاني فردريك‬
‫هيرببارت(‪،)1770-1841 FHerbert‬الذي وضع األسس العلمية للتعليمية كنظرية للتعليم ‪ ،‬تستهدف تربية‬
‫الفرد ‪ ،‬فهي نظرية تخص النشاطات املتعلقة بالتعليم فقط ‪ ،‬أي كل ما يقوم به املعلم من نشاط ‪ ،‬فاهتم‬
‫بذلك الهربرتيون بصورة أساسية باألساليب الضرورية لتزويد املتعلمين باملعارف‪ ،‬واعتبروا الوظيفة األساسية‬
‫للتعليمية هي تحليل نشاطات املعلم في املدرسة‪.‬‬
‫وفي القرن ‪ 19‬وبداية القرن ‪ 20‬ظهر تيار التربية الجديدة بزعامة جون ديوي(‪،)Dewey 1952-1959 .J‬‬
‫وقد أكد هذا التيار على أهمية النشاط الحي والفعال للمتعلم في العملية التعليمية واعتبروا بهذا التعليمية‬
‫نظرية للتعلم ال للتعليم (عبد هللا قلي ص‪.)118-117‬‬

‫من البيداغوجيا الى الديداكتيك‬

‫مفهوم البيداغوجية ‪:La pédagogie‬‬


‫تتكون كلمة " بيداغوجيا " في األصل اليوناني‪ ،‬من حيث االشتقاق اللغوي‪ ،‬من شقين‪ ،‬هما‪ Péda :‬وتعني‬
‫الطفل‪ ،‬و‪ Agôgé‬وتعني القيادة والسياقة‪ ،‬وكذا التوجيه‪ .‬وبناء على هذا‪ ،‬كان البيداغوجي ‪ Le pédagogue‬هو‬
‫الشخص املكلف بمراقبة األطفال ومرافقتهم في خروجهم للتكوين أو النزهة‪ ،‬واألخذ بيدهم ومصاحبتهم‪ .‬وقد‬
‫كان العبيد يقومون بهذه املهمة في العهد اليوناني القديم‪.‬‬
‫فقد أخذت كلمة "بيداغوجيا" بمعان عدة‪ ،‬من حيث االصطالح‪ ،‬حيث اعتبرها إميل دوركهايم ‪:E. Durkheim‬‬
‫نظرية تطبيقية للتربية‪ ،‬تستعير مفاهيمها من علم النفس وعلم االجتماع‪ .‬واعتبرها أنطوان ماكرينكو ‪A.‬‬
‫‪(Makarenko‬العالم التربوي السوفياتي)‪ :‬العلم األكثر جدلية‪ ،‬يرمي إلى هدف عملي‪ .‬وذهب روني أوبير ‪R.‬‬
‫‪ ،Hubert‬إلى أنها ليست علما وال تقنية وال فلسفة وال فنا‪ ،‬بل هي هذا كله‪ ،‬منظم وفق تمفصالت منطقية‪.‬‬
‫واملالحظ أن هذه التعاريف‪ ،‬وكثير غيرها‪ ،‬تقيم دليال قويا على تعقد " البيداغوجيا " وصعوبة ضبط مفهومها‪،‬‬
‫مما يدفع دائما إلى االعتقاد أن تلك التعاريف وغيرها‪ ،‬ليست في واقع األمر سوى وجهات نظر في تحديد مفهوم "‬
‫البيداغوجيا "‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬من الصعب تعريف " البيداغوجيا " تعريفا جامعا ومانعا‪ ،‬بسبب تعدد واختالف دالالتها االصطالحية من‬
‫جهة‪ ،‬وبسبب تشابكها وتداخلها مع مفاهيم وحقول معرفية أخرى مجاورة لها من جهة أخرى‪ .‬ولعل هذا ما يبرر‬
‫سعي كل من غاستون مياالري ‪G. Mialaret‬وروبير الفون ‪ ،R. Lafon‬إلى استعمال قاموس لغوي‪ ،‬يحاول أن‬
‫يغطي ميادين متعددة متداخلة فيما بينها تداخال شديدا‪ .‬وهذا ليس بغريب‪ ،‬ما دامت علوم التربية ال تزال‬
‫قائمتها مفتوحة الستقبال علوم أخرى‪ .‬ولكن الفعل واملمارسة ال يستطيعان انتظار استكمال القواميس‬
‫واستقراء املعاجم‪ .‬ولهذا االعتبار‪ ،‬نأخذ بوجهة نظر التي تميز في لفظ " بيداغوجيا " بين استعمالين‪ ،‬يتكامالن‬
‫فيما بينهما بشكل كبير‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫* إنها حقل معرفي‪ ،‬قوامه التفكير الفلسفي والسيكولوجي‪ ،‬في غايات وتوجهات األفعال واألنشطة املطلوب‬
‫ممارستها في وضعية التربية والتعليم‪ ،‬على الطفل و الراشد‪.‬‬
‫* إنها نشاط عملي‪ ،‬يتكون من مجموع املمارسات واألفعال التي ينجزها كل من املدرس واملتعلمين داخل الفصل‪.‬‬
‫هذان االستعماالن مفيدان في التمييز بين ما هو نظري في البيداغوجيا‪ ،‬وما هو ممارسة وتطبيق داخل حقلها‪.‬‬
‫مفهوم الديداكتيك ‪:La didactique‬‬
‫تنحدر كلمة ديداكتيك‪ ،‬من حيث االشتقاق اللغوي‪ ،‬من أصل يوناني ‪ didactikos‬أو ‪،didaskein‬‬
‫ٌّ‬ ‫وتعني حسب قاموس روبير الصغير ‪ٌّ " ،Le Petit Robert‬‬
‫درس أو علم " ‪ .enseigner‬ويقصد بها اصطالحا‪ ،‬كل ما‬
‫يهدف إلى التثقيف‪ ،‬وإلى ما له عالقة بالتعليم‪ .‬ولقد عرف محمد الدريج‪ ،‬الديداكتيك في كتابه " تحليل العملية‬
‫التعليمية "‪ ،‬كما يلي‪ " :‬هي الدراسة العلمية لطرق التدريس وتقنياته‪ ،‬وألشكال تنظيم مواقف التعليم التي‬
‫يخضع لها املتعلم‪ ،‬قصد بلوغ األهداف املنشودة‪ ،‬سواء على املستوى العقلي املعرفي أو االنفعالي الوجداني أو‬
‫الحس حركي املهاري‪ .‬كما تتضمن البحث في املسائل التي يطرحها تعليم مختلف املواد‪ .‬ومن هنا تأتي تسمية "‬
‫تربية خاصة " أي خاصة بتعليم املواد الدراسية (الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك املواد) أو " منهجية‬
‫التدريس "(املطبقة في مراكز تكوين املعلمين واملعلمات)‪ ،‬في مقابل التربية العامة (الديداكتيك العام)‪ ،‬التي تهتم‬
‫بمختلف القضايا التربوية‪ ،‬بل وبالنظام التربوي برمته مهما كانت املادة امللقنة "‪.‬‬
‫ورغم ما يكتنف تعريف الديداكتيك من صعوبات فإن معظم الدارسين املهتمين بهذا الحقل‪ ،‬لجئوا‬
‫إلى التمييز في الديداكتيك‪ ،‬بين نوعين أساسيين يتكامالن فيما بينهما بشكل كبير‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪ -‬الديداكتيك العام‪ :‬يهتم بكل ما هو مشترك وعام في تدريس جميع املواد‪ ،‬أي القواعد واألسس العامة التي‬
‫يتعين مراعاتها من غير أخذ خصوصيات هذه املادة أو تلك بعين االعتبار‪.‬‬
‫‪ -‬الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك املواد‪ :‬يهتم بما يخص تدريس مادة من مواد التكوين أو الدراسة‪ ،‬من حيث‬
‫الطرائق والوسائل واألساليب الخاصة بها‪.‬‬
‫لكن هناك تداخل وتمازج بين االختصاصين‪ ،‬بل البد من تضافر جهود كل االختصاصات في علوم‬
‫التربية بدون استثناء‪ .‬إن التأمل في أي مادة دراسية‪ ،‬تجرنا إلى اعتبارات نظرية شديدة التنوع‪ :‬علمية‪،‬‬
‫سيكولوجية‪ ،‬سيكوسوسيولوجية‪ ،‬سوسيولوجية‪ ،‬فلسفية وغيرها‪ .‬كما تفرض علينا في الوقت ذاته‪ ،‬العناية‬
‫ببعض الجزئيات والتقنيات الخاصة‪ ،‬وبعض العمليات والوسائل التي يجب التفكير فيها أوال عند تحضير‬
‫الدروس‪ ،‬ثم عند ممارستها بعد ذلك‪ .‬فال بد من تجاوز االنفصال والقطيعة بين النظريات العامة واألساليب‬
‫العملية التطبيقية‪ .‬فعلينا كمدرسين‪ ،‬أال نحاول الوصول إلى أفضل الطرق العملية فحسب‪ ،‬بل نحاول أن‬
‫نتبين بوضوح‪ ،‬ما بين النتائج التي نتوصل إليها عند ممارسة الفصل الدراس ي‪ ،‬وبين النظريات العامة من عالقة‬
‫جدلية‪.‬‬
‫االنتقال من البيداغوجية الى الديداكتيك‬
‫من الضروري أن نقيم تمييزا واضحا بين البيداغوجيا التجريبية و الديداكتيك‪ .‬فلقد اعتاد‬
‫البيداغوجيون أن يستندوا في بناء فرضياتهم على نظريات سيكولوجية‪ ،‬و خاصة النظريات التي تهتم بالنمو‬
‫العقلي أو الوجداني أو النفس ي ‪ -‬الحركي لألطفال‪ .‬و بذلك ظلت البيداغوجيا وفية‪ ،‬في معظم أبحاثها‪ ،‬لجذورها‬
‫االشتقاقية ( طفل = ‪ (peidos‬و تدل على ذلك حتى الشواهد التاريخية التي أتينا على ذكرها سابقا‪ .‬و إذا كنا قد‬
‫تحدثنا في نفس السياق عن التفكير الديداكتيكي فقد حرصنا على استعمال لفظة تفكير‪،‬متحاشين بذلك‪،‬‬
‫الحديث عن الديداكتيك كعلم‬
‫و واضعين في عين اعتبارنا‪،‬و لو بطريقة ضمنية‪ ،‬أن كل اقتراح بيداغوجي‪ ،‬حتى و لو انطلق من تصور‬
‫سيكولوجي‪ ،‬هو في ذات الوقت اقتراح ديداكتيكي‪ ،‬و أن العالقة بينهما هي‪ ،‬بالضبط عالقة الجزء بالكل‪.‬‬
‫البيداغوجيا التجريبية هي إذن ديداكتيك‪ ،‬ينقصها جزء مهم‪ ،‬وهو التساؤل اإلبستمولوجي حول طبيعة‬
‫املعرفة‪ ،‬أي محتوى التعلم‪ .‬إذ ال يكفي تقديم طريقة في التدريس أو في تنظيم و بناء املقررات… معتمدين في‬
‫ذلك فقط على السؤال " كيف يتعلم الشخص ؟ " و لكن البد من طرح السؤال املكمل " و ماذا يفرض تعلم‬
‫املعرفة من أدوات و مناهج و وسائل؟" بل و لربما امتدت التساؤالت إلى السياق السوسيوثقافي الذي تجري‬
‫فيه عملية التعلم ذاتها ‪.‬‬
‫و حتى تصبح الديداكتيك علما‪ ،‬باملعنى الحقيقي للكلمة كان ال بد من أن يحاول الباحثون أن يؤسسوا‬
‫أبحاثهم‪ ،‬ليس فقط على التقليد أو النزعة االختبارية ‪ ،‬و إنما على مقاربة عقالنية لألسئلة املطروحة … مقاربة‬
‫معتمدة على متن من الفرضيات البيداغوجية مقاربات إبستمولوجية و سيكولوجية‬
‫و ربما لن يكون ذلك كافيا‪ ،‬لتأسيس هذا العلم الذي يحاول وضع نماذج و طرائق لتدبير النشاط‬
‫العليمي‪ -‬التعلمي بل البد أن ينضاف إلى ذلك كله‪ ،‬حس تجريبي لفحص الفرضيات و إثبات صالحية الطرائق و‬
‫النماذج و التقنيات املوضوعة أو املقترحة‪ .‬و لكي تكتمل الصورة على هذا النحو‪ ،‬كان ال بد من االنتظار إلى‬
‫حدود الستينات من القرن العشرين‪ ،‬حتى يصل البحث الديداكتيكي إلى مستوى محترم من النضج العلمي و‬
‫يتم االعتراف به من الناحية املؤسسة األكاديمية‪ ،‬و ليس في هذا القول أي اقصاء لالعمال العلمية ذات الطابع‬
‫الديداكتيكي التي قام بها ممهدون من أمثال ‪ Meunann‬و الي ‪ lay‬منذ نهاية القرن التاسع العشر‪ ،‬أو‬
‫معاصرون من أمثال تورندايك و غيرهم‪ .‬و لكن البد من التأكيد هنا على النزعة التجريبية املغالية لهذه‬
‫األعمال و ما تالها‪،‬و على اقتصارها في بناء الفرضيات الديداكتيكية املختلفة على النماذج و التصورات‬
‫السيكولوجية بالدرجة األولى‬
‫‪les connaissances scientifiques, (1983) cité par Astolfi , la dédactique des sciences, (1989) .6.‬‬

‫روافد الديداكتيك‬

‫الرافد اإلبستمولوجي ‪:‬‬


‫ينطوي أي نشاط تعلمي على بعدين رئيسيين ‪ :‬البعد األول يتمثل في نشاط فاعل له من القدرات و‬
‫االستعدادات املختلفة ما يؤهله إلقامة تفاعل محدد مع أي موضوع خارجي‪ .‬أما البعد الثاني فيتجلى في وجود‬
‫محتوى دراس ي منظم و مهيكل و منتقى ليشكل موضوع التعلم املقترح‪.‬‬
‫و يحدث التعلم في الوقت الذي يجري فيه تفاعل منهجي بين الطرفين‪ ،‬املتعلم و املحتوى‪ ،‬في سياق وضعية‬
‫معينة و تحت إشراف وسيط ‪ médiateur‬محدد املواصفات‪.‬‬
‫و منذ أن برزت الديداكتيك‪ ،‬سواء في منحاها الفلسفي التقليدي‪ 1‬أو صيغتها العلمية الحالية‪ ،‬غلب‬
‫عليها االهتمام بتحليل العالقة بين نمط املعرفة‪ ،‬و أساليب املتعلم في اكتسابها‪ ،‬و فرض عليها هذا االهتمام‬
‫توثيق الصلة بينها و بين بعض التخصصات العلمية األخرى و على رأسها‪ :‬اإلبستمولوجيا و السيكولوجيا‪.‬‬
‫يشرح استولفي ‪ Astolfi‬هذه القضية عندما يؤكد أن ‪" :‬بروز الديداكتيك بقي مرتبطا بتحليل تفاعلي‬
‫ملعطيات سيكولوجية‬
‫و إبستمولوجية‪ ،‬ليتوقف تطور هذا التحليل على الطريقة التي يشغل بها مفاهيمه التي اقتبس بعضها من‬
‫مجاالت قريبة فخضع لتعديالت ضرورية و تم وضع البعض اآلخر في اإلطار الجديد للديداكتيك "‪.‬‬
‫إن ما جعل الديداكتيك ترتبط باإلبتسمولوجيا هو بالذات حاجة الباحثين في هذا املجال إلى التعرف‬
‫على البنيات الداخلية للمعارف العلمية و الوسائل املوظفة في إنتاجها و الكيفية التي تتطور وفقها مفاهيمها و‬
‫مناهجها‪ .‬و الحاجة إلى ذلك نابعة من ضرورة وضع و تجريب نماذج و برامج و طرق تدريس تستند إلى تحليل‬
‫إبستمولوجي غير قابل للتجاوز للقيام باملهام املذكورة ‪.‬‬
‫و ربما كانت املفاهيم الباشالرية من أهم املفاهيم ( هناك أيضا مفاهيم النظريات التكوينية و‬
‫املعرفية في مجال السيكولوجيا) التي ألهمت الديداكتيكين و كمنت وراء العديد من فرضياتهم و نماذجهم‬
‫التحليلية‬
‫و التجريبية‪ .‬و الواقع أن املرء ال ينبغي أن يندهش لنفاذ املفاهيم املذكورة و ثرائها املعرفي‪ ،‬ألن صاحبها كان على‬
‫وعي تام بأنه يبحث في اإلبستمولوجيا و التربية ماثلة بين عينيه‪.‬‬
‫يقول باشالر في هذا الصدد ‪:‬‬
‫" لقد أثارني على الدوام كون مدرس ي العلوم … ال يفهمون بأن الفهم قد ال يتحقق‪ .‬فقليل منهم قد‬
‫تمكن من العيش في سيكولوجيا الخطأ و الجهل و انعدام التفكير …‬
‫)‪(Bachelard . G. Formation de l’esprit scientifique, (1979) ^18.‬‬
‫لقد كان الرجل واعيا باالرتباط الالزم بين التفكير الديداكتيكي و التحليل اإلبتسمولوجي للمعرفة‪،‬‬
‫أكثر من ذلك‪ ،‬كانت نظرية باشالر مدمجه لنوع ما من التفكير السيكولوجي‪ ،‬الرجل الثانية التي يقف عليها‬
‫البحث الديداكتيكي‪ ،‬فهو لم يتوقف طيلة مشروعه اإلبستمولوجي من الترديد أنه بصدد القيام بتحليل‬
‫نفس ي ‪ psychanalyse‬للعلماء‪ ،‬قصد التعرف على مراحل و لحظات بنائهم للمعرفة‪ ،‬سواء تعلق األمر بلحظات‬
‫النجاح أو لحظات اإلخفاق‪ ،‬بفترات الخصوبة أو فترات العقم و التوقف‪،‬‬
‫و ما يترتب عن ذلك من تعديالت و تصحيحات في املفاهيم و تجاوز لألخطاء و إعادة النظر في الوسائل و‬
‫األدوات و من تم ‪:‬‬
‫" يكتس ي التحليل النفس ي كامل مضمونه‪ :‬ينبغي التعرف على املاض ي الفكري‪ ،‬و املاض ي الوجداني‪،‬‬
‫كما هما‪ ،‬أي كماض ي و علينا رسم خطوط التقاطع أو التداخل التي تؤدي إلى أفكار علمية باالنطالق من‬
‫جذورها الفعلية كما علينا أن نخضع الديناميكية النفسية التي تسري داخلها للمراقبة "‬
‫على هذا النحو‪ ،‬كانت املفاهيم و املبادئ التي أسندت إليها " عقالنيته املطبقة " ‪Rationalisme‬‬
‫‪appliqué‬من أكثر املفاهيم توظيفا على مستوى البحث الديداكتيكي‪ ،‬و تكفي اإلشارة هنا إلى املفاهيم أو‬
‫املبادئ التالية ‪:‬‬
‫القانون الثالثي لحاالت الفكر العلمي ‪:‬‬
‫وهو قانون يستعرض الحاالت التي يمر منها التكوين الفردي للفكر العلمي و عدد هذه الحاالت‪،‬‬
‫تتحدد‪ ،‬كما يرى باشالر في ‪:‬‬
‫‪ -‬الحالة املحسوسة أو امللموسة حيث يستمتع املفكر باللهو بواسطة صور أولية حول الظاهرة و تعتمد على‬
‫قاموس فلسفي يمجد الطبيعة في وحدتها و ثراء تنوعها ‪.‬‬
‫‪ -‬الحالة –امللموسة‪ -‬املجردة يلحق املفكر هنا التجربة الفيزيائية باألشكال الهندسية و تعتمد على فلسفة‬
‫تبسيطية‪ .‬يوجد الفكر هنا في وضع مفارق ‪ :‬بقدر ما يكون هناك يقين بالتجريد‪ ،‬بقدر ما يكون التجريد ممثال‬
‫بوضوح بواسطة حدس حس ي‪.‬‬
‫‪ -‬الحالة املجردة حيث يستقي الفكر العلمي معلومات بشكل إرادي من الواقع الفعلي فيفصلها بقصد عن‬
‫التجربة اآلتية في جو من " النزاع " مع الواقع األولي الذي يفتقد دوما إلى الصفاء‪.‬‬
‫مفهوم القطيعة اإلبستمولوجية ‪:‬‬
‫مفهوم انتشر بشكل واسع في أوساط العلماء و املفكرين من مختلف املشارب و التخصصات‪ .‬و‬
‫يشير‪ ،‬في معناه باختصار إلى أن التطور الذي تعرفه املفاهيم و النظريات العلمية‪ ،‬ال يسير وفق مسار خطى‪،‬‬
‫تكمل فيه النظرية أو املعرفة الحالية سابقتها‪ ،‬بل إن التطور يأخذ معنى أو صيغة قطائع و طفرات كيفية‬
‫يتغير فيها السؤال و يعاد النظر فيها‪ ،‬في املعلومات و األدوات و املناهج و النماذج التحليلية أو التجريبية‪ .‬و‬
‫بذلك يصبح االكتشاف العلمي‪ ،‬وفقا‪ ،‬لهذه الرؤية‪ ،‬تصحيحا ملا شاع من معارف و معلومات سابقة حول‬
‫ظاهرة معينة أو موضوع محدد ‪ :‬الثقافة العلمية تصحيح يقطع مع الثقافة املشاعة ‪.Vulgaire‬و غير خفي نوع‬
‫التأثير الذي مارسه هذا التصور على البحث الديداكتيكي الذي انبرى يبعث عن أشكال االنقطاع أو االتصال‬
‫بين الثقافة املشاعة التي يحملها املتعلم و الثقافة العلمية التي ترغب املدرسة في تكوينها لديه ‪.‬‬
‫الرافد السيكولوجي ‪:‬‬
‫االتصال حدث منذ زمن ليس بقريب‪ ،‬فالتعامل تربويا مع املتعلم في الفكر الديداكتيكي‪ ،‬سبق‬
‫التعامل مع املعرفة امللقنة على األقل فيما يخص معظم التجارب البيداغوجية التي اقترحها املفكرون و بعض‬
‫الفالسفة كنماذج ينبغي العمل على منوالها للقيام بمهمة التدريس‪.‬‬
‫و لسنا في حاجة هنا للعودة إلى التاريخ لذكر هذا االتصال الذي حدث بين السيكولوجيا و‬
‫الديداكتيك‪ ،‬و خاصة في طورها ما قبل العلمي لدينا على سبيل املثال ‪ :‬اقتراحات روسو و فروبل و ماريا‬
‫مونتيسوري و ديوي و ماكارينكو … و غيرهم‪.‬‬
‫و قبل أن نتطرق على أهم املفاهيم السيكولوجية التي كونت أرضية انطلق منها البحث الديداكتيكي‪،‬‬
‫ال بد من اإلشارة إلى أن أسئلة الديداكتيكي‪ .‬هي أسئلة تهم مجاال تطبيقيا أي مجال املمارسة التربوية و لذلك‬
‫فهو في حاجة إلى تقديم نماذج و أدوات لالشتغال أكثر من حاجته إلى بناء نظريات تفسيرية كبرى‪ .‬و مبررات‬
‫لجوءه إلى السيكولوجيا تمليها‪ ،‬على األقل‪ ،‬ضرورتان ‪:‬‬
‫ضرورة التعرف على الكيفية التي يتعلم بها الفرد و التي يكتسب من خاللها معارف و خبرات و كفايات و‬ ‫‪-I‬‬
‫مواقف و استراتيجيات …‬
‫ضرورة التعرف على الشروط النمائية ‪ développemental‬التي تحيط بعملية التعلم و تتحكم في سيرورتها و‬ ‫‪-II‬‬
‫مجرياتها املختلفة‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬يحتاج الديداكتيكي في عمله‪ ،‬إلى تحليالت و تفاسير مستقاة من نظريات‬
‫التعلم (سيكولوجيا التعلم و إلى جانبها يحتاج‪ ،‬أيضا‪ ،‬إلى ما توصلت إليه سيكولوجيا النمو من نتائج و حقائق‬
‫تعينه على صياغة فرضايته و تصوراته على مستوى املمارسة التربوية‪.‬‬
‫و الختصار عالقات الديداكتيك بالسيكولوجيا نقترح االستئناس بما سيرد في الجدول التالي ‪:‬‬

‫السيكولوجيا‬ ‫الديداكتيك‬ ‫مجال الدراسة‬


‫التركيز على املواضع التالية ‪:‬‬ ‫• التركيز حول ‪:‬‬
‫• سلوكات الفاعلين في الوضعيات املختلفة ‪.‬‬ ‫‪ .1‬املنهجيات الضرورية الكتساب املحتويات ‪.‬‬
‫• تأثير التعلم على التصرفات‪.‬‬ ‫‪ .2‬بناء و وضع نماذج لفهم التعلم على أساس‬
‫• العمليات الذهنية املوظفة في التعلم ‪.‬‬ ‫األبعاد التالية‪:‬‬
‫• األبعاد النمائية للتعلم‬ ‫• البعد السيكولوجي‬
‫• دور اآلليات الوجدانية‬ ‫• البعد االكسيولوجي‬
‫و االنفعالية و الحسية‬ ‫املوضوعات الخاضعة • البعد اإلبستمولوجي‬
‫و الحركية في التعلم‬ ‫للدراسة • البعد السيكولوجي التعلمي‬
‫• ما هي األدوات العقلية املستخدمة في بناء‬
‫املعرفة أو اكتسابها ‪.‬‬
‫• توضيح القدرات‬ ‫• تحليل االنتاجات اللفظية أو املكتوبة للوقوف‬
‫و العمليات املستخدمة ‪.‬‬ ‫على اآلليات املوظفة‪.‬‬
‫• التعرف على االهتمامات و الحاجات املتنوعة‬ ‫• دراسة مختلف الوضعيات التعلمية‬
‫للشخص و صلتها بالـمتعلم‪.‬‬ ‫على مستوى املنهجية و تأثيراتها على سلوكات‬
‫أو املنهجيات و تصرفات املعلمين‬
‫بالنسبة للسيكولوجي أي مجال أو فضاء تجريبي‬
‫يوفر فرص معاينة و مالحظة العالقات بين‬
‫الفرد و املحيط الخارجي‪.‬‬ ‫بالنسبة للديداكتيكي يتمثل هذا الفضاء أساسا في‬
‫و الهدف هو التعرف على الشروط الداخلية و‬ ‫الفصل الدراس ي‪ ،‬الذي يوفر بعض الشروط‬
‫الخارجية و كيفية التفاعل القائم بينها حين‬ ‫فضاء جمع املعلومات و إلعادة إنتاج الشروط "املكانية و الزمانية" لبناء‬
‫االكتساب و التعلم‪.‬‬ ‫املعارف أو إعادة بنائها‪.‬‬ ‫رصدها‬

‫النظريات املعرفية و البنائية في السيكولوجيا‬ ‫تصور يعتمد أساسا على أطروحات"البناء املعرفي"‬
‫املعاصرة‪.‬‬ ‫(التعلم)‬ ‫التصورات النظرية‬

‫في هذا الجدول يتضح حجم أو مقدار اعتماد الديداكتيكي على التحليالت السيكولوجية سواء تعلق‬
‫األمر بمجال وضع نماذج للتدريس أو بناء وضعيات تعلمية أو بحصر تأثيرات التعلم املدرس ي على السلوكات أو‬
‫بغير ذلك من املوضوعات الظواهر املختلفة‪.‬‬
‫و ربما كانت حاجة ديداكتيك العلوم إلى النظريات السيكولوجية البنائية و املعرفية أكبر من حاجتها‬
‫إلى نظريات سيكولوجية أخرى حول املوضوع‪ ،‬و سيتضح لنا ذلك في السطور التالية حينما نتعرض بالدراسة‬
‫إلى نظرية بياجي أو غيرها من النظريات األخرى‪.‬‬

‫التمثالت و العوائق‬

‫التمثالت‬
‫لهذا املفهوم أهمية خاصة في مجال البحث الديداكتيكي‪ ،‬ألنه يلقي الضوء على نوعية التصورات‬
‫الدهنية أو الفكرية القبلية لدى املتعلم‪ ،‬و التي تدخل في تفاعل مستمر خالل عملية بناء أي مفهوم من‬
‫املفاهيم العلمية ‪.‬‬
‫و لم يقتصر استعمال هذا املفهوم على الديداكتيك‪ ،‬فقد استخدم أيضا بكثافة في العديد من‬
‫التخصصات العلمية األخرى‪ ،‬و خاصة في إطار علم النفس االجتماعي‪ ،‬فقد لجأ إليه الباحث ‪1S.‬‬
‫‪ Moscovici‬موسكوفيش ي في أبحاثه إللقاء الضوء على الدور الرئيس ي الذي تلعبه التمثالت‬
‫البيفردية ‪ interindividuelles‬في تحديد سلوكات و تفاعالت األشخاص فيما بينهم داخل جماعة بشرية‪ .‬و‬
‫الجدير بالذكر أن هذا التصور قد استقاه موسكوفيش ي من االنتربولوجي ‪ Lu levy Bruhl‬الذي وظفه في تحليل‬
‫ما أسماه بالعقلية البدائية‬
‫في تعريفه لـمفهوم التمثالت يؤكد جويلي ‪Jouelet‬‬
‫" إنها شكل من أشكال املعرفة‪ ،‬يتم وضعه و اقتسامه اجتماعيا و له هدف عملي إذ ساهم في بناء‬
‫واقع مشترك بين أفراد ضمن بينية اجتماعية معينة "‪.‬‬
‫و الجدير بالذكر أن التمثالت يمكن أن تتنوع بتنوع الوسط االجتماعي الذي ينتمي إليه الفرد‪ ،‬و هكذا‬
‫نجد فرقا واضحا بين التمثالت إذا انتقلنا من وسط قروي إلى وسط حضري‪ ،‬كما يمكن أن تختلف باختالف‬
‫املنشأ االجتماعي لألفراد و انتماءاتهم االجتماعية‪.‬‬
‫استخدم مفهوم التمثل أو التصور في أعمال بياجي ليدل على مجموع التصورات الفكرية التي تتكون‬
‫لدى الذات حول املوضوع من خالل تفاعلهما املستمر‪ ،‬فهذه التصورات هي بمثابة تأويالت تستند على عملية‬
‫تالءم مع خصائص املوضوع‪ ،‬و بعدها إلى استيعاب " املعلومات " الصادرة عن املوضوع في إطار البنيات‬
‫الذهنية التي تشكلت في مرحلة ما من مراحل نمو الفرد ‪ /‬الذات‪.‬‬
‫و في إطار التحليل النفس ي و رد مفهوم التمثل‪ ،‬فقد أثار في مناسبات عدة إلى أن تجاربنا اليومية و‬
‫األكثر حميمية تضعنا أمام أفكار تخامرنا و ال نعرف مصدرها و الكيفية التي نتجت بها‪.‬‬
‫و قد كتب ميشيل سانر ‪ M Sanner‬موضحا الوظيفة التنظيمية لالستيهامات ‪ fantasmes‬في بناء‬
‫املفاهيم‪ ،‬فقوة الصورة و اإلشارة توجد في قلب الفهم الحقيقي للتمثالت‪.‬‬
‫يقول ‪ ،Sanner‬مبينا الطريق املؤدي إلى فهم التمثالت‪ ،‬أن هذا الطريق يمر عبر رصد مسار التبادالت‬
‫املستمرة التي تتم على مستوى الـمخيال‪ ،‬بدون توقف بين لالندفاعات ‪ pulsions‬الذاتية‬
‫املستوعية ‪ assimilatrice‬من جهة و الحميميات املوضوعية الناتجة و املتعلقة بالوسط الطبيعي و االجتماعي‬
‫"‪ 1‬من جهة ثانية‪.‬‬
‫بالنسبة لكل ما سبق‪ ،‬يبدو أن البعد املعرفي للتمثالت هو البعد األكثر أهمية من وجهة نظرنا‬
‫الديداكتيكية‪ ،‬ألنها تشير إلى نوع من النظريات الشخصية التي تمنح للفرد ‪ /‬املتعلم تفسيرا أو تأويال للظواهر‬
‫امللموسة أو املجردة‪.‬‬
‫و في سياق العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬يمثل حضور التمثالت لدى املتعلم عنصرا أساسيا فهي من‬
‫العناصر الذي تحدد " أسلوب التعلم " و التي تستدعي الرصد و التوقف بدل اإلهمال و عدم االكتراث ‪.‬‬
‫وظائف التمثالت ‪:‬‬
‫يبدو أن كل الباحثين الذين استعملوا مفهوم التمثل‪ ،‬قد أجمعوا على أن وجود تمثالت لدى الفرد‪،‬‬
‫هو وجود وظيفي ألنها تتيح له تلبية بعض الحاجات األساسية ‪ :‬فلنتذكر هنا الدور الوظيفي الذي أعطاه جان‬
‫بياجي لـمفهوم املعرفة (تصورا كانت أم سيرورة) و هو الدور التوازني‪ ،‬إذ أنها تمنح الفرد إمكانية التكيف مع‬
‫محيطه‪ ،‬الش يء الذي يمكنه من تحقيق ما أسماه بياجي بالتكيف الثانوي (النفس ي) في مقابل التكيف البدائي‬
‫(العضوي)‪.‬‬
‫هذه الخاصية الوظيفية للمثالت برزت أيضا في كتابات ‪ Moscovici‬عندما أكد أن هذه التمثالت‬
‫تلعب وظيفتان بالنسبة لألفراد‪ ،‬فهي تتيح لهم من جهة إمكانية تنظيم و ترتيب إدراكاتهم حتى يتمكنوا من‬
‫توجيه تصرفاتهم داخل املحيط الذي يعيشون داخله‪ ،‬كما تمكنهم من جهة ثانية‪ ،‬من إقامة تواصل فيما بينهم‬
‫من خالل وضع ضوابط لتواصل تواريخهم الشخصية و الجماعية‬
‫أما على املستوى املعرفي‪ ،‬فقد بين دينيس ‪ Denis‬سنة ‪ 1989‬أن التمثالت تلعب على األقل أربعة‬
‫أدوار أساسية‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬الحفاظ على املعلومات‪ ،‬بما في ذلك املعلومات املتعلقة بالبنيات و العالقات‪.‬‬
‫ثانيا – كأداة لتخطيط األنشطة و األفعال‬
‫ثالثا – تنظيم و تنسيق املعارف‪.‬‬
‫رابعا – دور التواصل أي االندماج في أنظمة معقدة كثيرا أو قليال لتبادل املعلومات‪.‬‬
‫أما جيوردان و فيش ي ‪ Giordan et Vecchi‬فقد أكدا على ثالثة وظائف متميزة للتمثالت و هي ‪:‬‬
‫أوال – وظيفة لحفظ أو االحتفاظ باملعارف التي لم يعد من املمكن الوصول إليها بشكل آتي و مباشر‪.‬‬
‫و أهمية هذه الوظيفة تتجلى في تمكن الفرد من الحفاظ على املعلومات الضرورية ملواجهة وضعيات جديدة ‪.‬‬
‫ثانيا – وظيفة التنسيق و التنظيم و تسمح للفرد بإقامة العالقات املناسبة لكي يسهل عليه تذكرها و‬
‫إعادة إنتاجها‪.‬‬
‫و أخيرا‪ ،‬تمكن التمثالث من تنظيم و بنينة إدراك الواقع تمهيدا لنشاط معين أو لتوقع محدد ‪.‬‬
‫كل هذه الوظائف تتحرك و تنشط‪ ،‬في كل مرة‪ ،‬يجد فيها الفرد نفسه مشكلة أو وضعية معينة‬

‫كيف تتكون التمثالت ؟‬


‫لم يفت الباحثين أن يطرحوا إشكالية تكوين التمثالت‪ ،‬فقد عكف السوسيولوجيون و السيكو‬
‫سوسيولوجيون و السيكولوجيون على دراسة هذه اإلشكالية لتوضيح الكيفية التي تتكون حسبها التمثالت‬
‫و اآلليات املختلفة التي تساهم في تشكلها لدى األفراد‪.‬‬
‫ففي أعمال الباحث ‪ Moscovici‬موسكوفيش ي‪ ،‬نجد الحديث عن آلتين أساسيتين وراء تكون‬
‫التمثالت‪ ،‬و هما ‪:‬‬
‫آلية املوضعة ‪ : Objectivation‬و يحددها موسكوفيش ي بكونها عبارة " تنظيم خاص للمعارف املتعلقة‬
‫باملوضوع " و هي معارف جزئية تم انتقاؤها من خالل مجمل املعلومات الرائجة مجتمعيا‪ .‬في مرحلة أولى تتكون‬
‫لدى الفرد خطاطة من الصور و هنا يتمكن الفرد من تكوين ما يمكن تسميته بصورة عن املفاهيم … و عن‬
‫طريق التطيبع ‪ naturalisation‬املرحلة الثانية للموضعة‪ ،‬تصبح الخطاطة بديهية أي واقعا اجتماعيا تفصل‬
‫عن سياقها و تصبح قابلة لالستعمال في سياقات مختلفة و متعددة و تستعص ي عن التساؤل و يصل األمر إلى‬
‫حد ينس ى منعه أنه املصدر الذي ابتدع ذلك التصور أو تلك الفكرة‪.‬‬
‫آلية الترسيخ ‪ : ancrage‬أي " التأثير الذي تمارسه قيمة مرجعية في تصور جملة من املثيرات " ‪..‬‬
‫فيصبح الترسيخ كنسق مرجعي‪ ،‬و بذلك يمثل نوعا من االمتداد لعملية الـموضعة‪ ،‬فيصبح التمثل‬
‫هو تلك الشبكة التي يرى منها الواقع " ‪.‬‬
‫و على هذا األساس‪ ،‬يمكن القول أن التمثالت تتكون أوال باالنطالق من التجارب الشخصية أو‬
‫الجماعية املعيشة‪ ،‬فتدمج فيما بعد في حياة الفرد كإطار مرجعي للتأويل‪ ،‬و العمل معا ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لجيوردان و فيش ي فإن تكون التمثالت املعرفية يتم في سياق سيرورة التعلم ألن ‪:‬‬
‫" الواقع هو منبع ما يراه الفرد‪ ،‬غير أن الواقع يقارب و يقطع و يشفر و يستثمر وفقا لألسئلة و‬
‫لإلطار املرجعي و العمليات الذهنية للمتعلم الش يء الذي يسمح بتشكيل شبكة للقراءة قابلة للتطبيق على‬
‫محيطه "‪.‬‬
‫الوضع الديداكتيكي للتمثالت‬
‫لطاملا اعتبرت تمثالت املتعلمين و كأنها مجرد أخطاء ناتجة عن سوء فهم أو انعدام القدرة على الفهم‬
‫الصحيح‪ ،‬و لذلك تترك جانبا و يخضع املتعلمون " تكثيفا " دراس ي حتى يتجاوزوا حاله لسوء الفهم التي يعانون‬
‫منها ‪.‬‬
‫ديداكتيكيا أصبح أمر التعامل مع تمثالت املتعلمين مسألة في غاية األهمية باعتبارها " نظريات "‬
‫مسؤوله‪ ،‬بصورة أساسية على طريقة تصور و فهم و إدراك املتعلمين ملا يعرض عليهم من أنشطة و معلومات و‬
‫مفاهيم‪.‬إنها في الواقع تشكل الفارق املوجود بين املعرفة الشائعة و املعرفة العلمية‪.‬‬
‫إن دراسة تمثالت املتعلمين ليست مجرد عملية صادرة عن وجهات نظر شخصية‪ ،‬بل إنها تنطلق‬
‫أساسا من مواقف إبستمولوجية و إسيوكولولجية محددة‪ ،‬تتخذ في سياقها التمثالت وضعا معينا‪ ،‬إما بكونها‬
‫أخطاء أي معرفة ما قبل علمية‪ ،‬أو معيقات تحول دون بناء معارف جديدة‪ ،‬أو معارف أولية قد تشكل أساسا‬
‫للمعرفة الجديدة ‪.‬‬
‫و أهمية التعرف على الخلفيات اإلبستمولوجية للدراسات املهتمة بالتمثالت تكمن في كونها تفصح‬
‫إلى حد بعيد عن نوعية املقاربة الديداكتيكية و البيداغوجية التي ستحدد نمط التعامل معها و مع حاملها‪ ،‬أي‬
‫الـمتعلم ‪.‬‬
‫و في هذا السياق أبرز أبيمبوال ‪ )1988(Abinbola‬أن هناك مدرستان إبستولوجيتان تميزان أنماط‬
‫املقاربات الديداكتيكية و البيداغوجية ملفهوم التمثالت ‪:‬‬
‫أوال – االختبارية املنطقية‪empirisme logique :‬‬
‫و ترى أن املعرفية العلمية تتطور بشكل خطي‪ ،‬فكل نظرية جديدة هي إكمال و تتميم لـما سبقها من‬
‫نظريات‪ .‬و الجديد العلمي هو بالدرجة األولى خالصة ملالحظات و تجارب متنوعة‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬ينظر إلى التمثالت كمعارف دون املعرفة العلمية‪ ،‬إنها " أخطاء " أو " اعتقادات خاطئة‬
‫" أو تصورات مخطئة على حد التعبيرات املفضلة لدى االختباريين‪.‬‬
‫و يترتب عن هذا املنطلق من الناحية الديداكتيكية‪ ،‬البحث عن سبل و طرق معينة لتصحيح‪ ،‬مثل‬
‫تلك التصورات املخطئة املوجودة لدى املتعلمين و التشبث فقط بتقنيات املالحظة و التجربة باعتبارها‬
‫السبل الكفيلة بالوصول إلى املعرفة العلمية الدقيقة ‪.‬‬
‫ثانيا – البنائية ‪Constructivisme :‬‬
‫املعرفة العلمية تتطور وفق قفزات ثورية تتمثل في إعادة تنظيم داخلي للمفاهيم و التصورات‬
‫النظرية‪ .‬و من هنا ينتفي التطور الخطي للعلم الذي ينطلق من مفهوم تراكم املعرفة‪ ،‬ليحل محله مفهوم البناء‬
‫أو إعادة البناء التي يدل على أن تطور العلم هو تطور نوعي يقلب اإلشكاليات و يعدلها‪ ،‬و يسفر عن بناءات‬
‫معرفية جديدة‪ .‬و بعد التفاعل بين العقل و الواقع‪ ،‬بين النظرية و التجربة‪ ،‬بين الذات و املوضوع‪ ،‬أحد‬
‫اآلليات األساسية لبلوغ تلك البناءات ‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬يمكن اعتبار التمثالت‪ ،‬معارف‪ ،‬تستوجب التعامل وفق موقفين ‪:‬‬
‫موقف يعتبرها معارف معيقة ال بد من إعادة النظر فيها أو حتى تحطيمها‪.‬‬ ‫•‬

‫موقف ينظر إليها كمعارف جزئية بدائية شائعة قد تعين على بناء املفاهيم العلمية الجديدة ‪.‬‬ ‫•‬

‫و في الترسيمة التالية ملخص للتوجهات اإلبستمولوجية إزاء مفهوم التمثالت مرتبطة باإلختيارات‬
‫الديداكتيكية و البيداغوجية املترتبة عنها‬
‫العوائق‬
‫يندرج هذا املقال في مجال بيداغوجية التدريس و خصوصا تدريس املواد العلمية‪ .‬فكيف يمكن أن‬
‫نقدم عن طرائق و استراتيجيات تدرس هذه املواد؟‬
‫فمنذ حقب طويلة‪ ،‬لم يتجرأ أحد على تحديد مشاكل التعليم كعوائق حقيقية‪ .‬نتكلم دائما عن عدم‬
‫التمكن من املعرفة عن مشكل ضعف في املستوى‪ ،‬عن شكل قدرة التلميذ على االستيعاب خصوصا بالنسبة‬
‫للتعلمات السابقة‪ ،‬و هكذا ظلت املسألة مجرد وصف لصعوبة تقف حاجزا في تلقين العلوم‪.‬‬
‫من هنا نستشف أن الواجب فعله‪ ،‬أن تكون جميع اإلجراءات التربوية منصبة على نتائج ملموسة‬
‫تالءم األهداف املتوخات من التدريس هذه املواد‪ ،‬فهناك أفكار جدية بخصوص تعليم العلوم‪ :‬تأليف الكتب‬
‫املدرسية‪ ،‬طرق التدريس‪ ،‬و لكن رغم هذا التفكير الجاد‪ ،‬يظل العمل ناقصا على مستوى التمثالت‪ ،‬و تقييم‬
‫التعبير الكتابي و الشفوي لدى الطلبة‪ ،‬زد على ذلك تحليل الكتب املدرسية فجميع هذه الحيثيات هي التي‬
‫تؤهلنا للتدريس من خالل العوائق بهدف تحقيق جودة أفضل‪.‬‬
‫و هنا نحضر مسألة بناء و بلورة مشاريع التعليم و التخطيط لها كمرحلتين أساسيتين لتطوير‬
‫استراتيجيات فعالة للتدريس‪.‬‬
‫و املرحلة التي تسبقها هي أوال و قبل كل ش يء‪ ،‬مالحظة و تشخيص املعيقات و التي أن تكون نابعة من‬
‫املفاهيم التي يراد تلقينها‪ ،‬مما يسمح ببناء استراتيجيات للتدريس مالئمة و ناجحة وراصد لكل معيقات‬
‫التعليم‪.‬‬
‫و كل إجراء تعليمي ال يأخذ بعين االعتبار هذا الطرح‪ ،‬يكون مصيره الفشل فهناك مثال معيقات تتعلق‬
‫بالرغبة و االلتزام لدى املتعلم‪ ،‬وهي معيقات غير واردة‪ ،‬رغم أنها تمثل أسباب رئيسية كعائق للتعليم‪.‬‬
‫ِنؤكد مرة أخرى على األهمية القصوى الذي يكتسبها مفهوم الحاجز أو العائق في املجال النظري و‬
‫التطبيقي‪ .‬فالعديد من أعمال باحثين و منظرين اهتموا بهذا الجانب األساس ي في التدريس‪.‬‬
‫و نذكر على سبيل املثال‪ :‬بروسو (‪ ،)1989‬فيينو (‪ )1986‬سيير بينسكا (‪ .)1989‬الذي أوضحوا من‬
‫خالل أعمالهم أن التعليم الذين يهدف شرح و فهم معرفي يظهر عوائق بالنسبة للذكاء‪ ،‬و سنرصد في أخر فقرة‬
‫من مقالنا هذا‪ :‬التوضيح بشكل ملموس التفكير النظري من خالل بعض عناصر التدريس تبين العوائق‬
‫متعلقة بمقارنة فيزيائية‪-‬كيميائية‪ ،‬و حالة ظاهرة طاقية للنبتات الخضراء‪.‬‬
‫العوائق التي تحول دون التعليم‪:‬‬
‫تقدم كل معرفة كيفما كان نوعها يصطدم بعدد من املعيقات تحول دون تحقيق تلك املعرفة‪ ،‬نتكلم‬
‫هنا عن معيق أي عن صعوبة في تعلم مفاهيم متعلقة بمادة معينة‪ .‬ومن خالل معطيات لعدة أعمال عملية في‬
‫هذا املجال ومن خالل أبحاث شخصية يمكن أن نقول بأن أنواع املعيقات متنوعة و متشعبة وهناك العديد‬
‫من النصوص التاريخية التي نؤكد أن ضبط نفس املفهوم بنفس الضوابط العلمية قد احتاج ملجهودات مهمة‬
‫مكنت من اجتياز العديد من املعيقات تطور املعرفة العلمية‪.‬‬
‫في األقسام‪ ،‬يمكن للمتعلمين أن يعبروا عن صعوبات يمكن أن تعترضهم عبر تاريخ مواد أخرى‪.‬‬
‫في العمل اليومي لتدريس املواد‪ ،‬املعارف تقدم بشكل مغاير‪ ،‬ممنهج و منتظم لكي يتالءم مع حاجيات‬
‫التالميذ و مستواهم العقلي و سنهم‪ ،‬فاملدرس‪ ،‬سواء بشكل صحيح أو خطأ‪ ،‬فهو مجبر على تلقين معارف تمثل‬
‫اختالفا‪ ،‬في البعض األحيان كبير جدا‪ ،‬إزاء املعارف الولية فالتبسيط في غالب األحيان و إعادة الصياغات‬
‫تصبح تجانب وال تعكس حقيقة املعارف األولية في صيغتها الحقيقية‪ .‬فاملعارف تصبح خارج عن نطاق الواقعي‪،‬‬
‫ما يجعلنا أمام تطور مفهوم مدرس ي أو متعلق بمادة ما‪ ،‬و يرتبط هذا املفهوم الجديد بعدد من معيقات‬
‫التعليم‪.‬‬
‫لنأخذ مثال البيولوجيا‪ ،‬فاللغة املستعملة في هذا املجال ليس خاصة بالبيولوجيا فالكلمات املستعملة‬
‫هي مأخوذة من اللغة العامة التي يمكن أن تستعمل في املجاالت عدة‪ .‬مما يكون عائقا لتطوير الحس لبيولوجي‬
‫حسب املفهوم امللقن‪ .‬و زيادة على كل هذا‪ ،‬فاملجال البيولوجيا تظل املفاهيم متجاهلة من طرف األخصائيين‪،‬‬
‫رغم أنه إذا تم التعمق في هذه املسائل‪ ،‬ستتضح العديد من العوائق التي ال تسمح للتلميذ ببناء مجموعة من‬
‫املفاهيم العلمية‪.‬‬
‫ما هي مصادر معيقات التعلم‪:‬‬
‫إذا أردنا أن نأخذ بعين االعتبار املعيقات في إطار التعليم البد من املعرفة‪ ،‬ولو جزئية ملصادر‬
‫املعيقات‪ ،‬فمن جهة هذه املعرفة تمكن من محاصرة هذه العوائق و من جهة أخرى‪ ،‬تسمح باستعمال أفضل‬
‫على املستوى التربوي‪.‬‬
‫و تظل معرفة مصادر هذه املعيقات تحتاج من طرف املدرس كفايات محددة‪ ،‬هذه الكفايات يمكن‬
‫أن يحمل عليها خالل التكوين في مراكز تكوين املدرسين‪ ،‬وهذا طبعا ممكن إذا كانت كل عوامل التكوين كلها‬
‫تجمع على إعطاء هذه الكفايات‪ .‬وسيكون من العبث القول بأنه من املمكن معرفة كل مصادر املعيقات في‬
‫التعليم‪ .‬هذا ال يمنع من تقديم قائمة غير كاملة عن بعض أسباب هذه املعيقات‪:‬‬
‫* عوائق متعلقة باللغة‪.‬‬
‫* عوائق متعلقة بالتبسيط للمعرفة و املفاهيم من أجل التدريس‪.‬‬
‫* عوائق ناجمة عن طبيعة املادة‪.‬‬
‫*عوائق متعلقة باملفاهيم األساسية لفهم ‪.concept‬‬
‫* عوائق متعلقة بالكتب املدرسية‪.‬‬
‫* عوائق متعلقة باألمثلة املقترحة من طرف املدرس أو املراجع‪.‬‬
‫* عوائق ناجمة عن نمط التعلم لدى املتعلم‪.‬‬
‫* عوائق متعلقة باإلجراءات التربوية لدى املدرس‪.‬‬
‫بالنسبة للمعيقات على املستوى اللغوي‪:‬‬
‫يتطلب استخدام اللغة تحمل عدة مفاهيم علمية‪.‬‬
‫عقبات متعلقة باللغة‪:‬‬
‫كل تدريس يستوجب لغة تحمل عدة مفاهيم علمية‪ ،‬و هذه حقائق‪ ،‬فمثال بالنسبة لعلم اإلحياء‬
‫الذي يمثل مجاال معرفيا غير رسمي بشكل تام‪ ،‬و الذي ال يعرف تمثالت رمزية متعددة‪ ،‬بل تظل التمثالت‬
‫اللغوية تطغى عليه بشكل كبير‪ ،..‬ولهذا تصبح املفردات املستعملة في التدريس ذات أهمية قصوى لتمرير‬
‫املفاهيم العلمية من طرف املدرسين‪ ،‬و لكن اإلشكال الذي يطرح نفسه‪ :‬هل املدرس له الكفايات الكفيلة‬
‫بتدريس هذه املفاهيم؟ ومن هنا نستشف أن بعض العوائق تظل رهينة بالخطاب الذي يتبناه املدرس خالل‬
‫اإلجراءات التربوية‪.‬‬
‫و هناك عوائق أخرى متعلقة بالكفايات املتعلقة بكتابة و شرح املفاهيم العلمية‪ ،‬و هذا يظهر جليا في‬
‫أعمال دورنيران و روبير (‪.)1991‬‬
‫• عقبات متعلقة بتبسيط املعارف من أجل تدريسها‪:‬‬

‫إن املعارف العلمية تنضبط لتغييرات أساسية لتصبح معرف مواد و قابلة للتدريس‪ .‬و هذه األشكال‬
‫الجديدة للمفاهيم يمكن أن تصبح عقبات للتعلم بالنسبة للمتعلم‪ ،‬رغم أن تغيير املعرفة الرهين باإلنتقال‬
‫الديداكتيكي ليس املشكل األعظم‪ ،‬فهو إشكال ال مفر منه لكي تصبح املعرفة في املتناول‪.‬‬
‫و هناك عمليات تربوية خاصة تقلل عدد هذه املعيقات‪ .‬هذه العمليات تتمحور حول إجراءات‬
‫تستنبط املعطيات األساسية لبناء استراتيجيات و طرائق رهينة بتوفير تدريس في املستوى‪.‬‬
‫و نحن ال نزعم أننا سنعطي قائمة كاملة بجميع الطرق‪ ،‬و نقدم بعضا منها‪:‬‬
‫‪ -‬تحليل التاريخ –تحليل مفاهيمي للمعرفة‬
‫– تقييم شخص ي للتعلمات السابقة‬
‫– تحليل متعمق للعقبات‬
‫– تحليل التمثالت املتعلقة باملعرفة املراد تدريسها‬
‫– معرفة أساليب التعليم لدى التلميذ تصور و بناء استراتجيات ‪modelisation‬‬
‫– تحليل املفاهيم القريبة من مجال املادة املدرسة‪.‬‬
‫• عقبات متعلقة بطبيعة املعرفة‪:‬‬

‫إن عملية التدريس و خصوصا ملدة طويلة يجعلنا نأخذ بعين االعتبار مسألة تعقد املفاهيم العلمية و‬
‫هذا ما تؤكده عدة أعمال ديداكتيكية‪ .‬إذا يظل مجرد تقديم املفاهيم غير كاف‪ ،‬ففي بعض الحاالت لكي تتم‬
‫مقاربة اإلشكاليات التي تحيلنا على هذه املفاهيم‪ .‬و من الطبيعي أن نعرف أن بعض املدرسين ال يعرفون ما هو‬
‫املفهوم العلمي حسب مدران (‪ )1898‬و بهذا الخصوص البد من إجراءات مصاحبة و متكررة لتحدي العقبات‬
‫املتعلقة باملادة املدرسة‪.‬‬
‫• عقبات نابعة من الكتاب املدرس ي‪:‬‬

‫الكل متفق على الكتب املدرسية تلعب دورا أساسيا ألنها تظل املرجع ذو األولوية الكبرى بالنسبة‬
‫للمتعلم‪ .‬و لكن التعابير‪ ،‬طريقة التقديم‪ ،‬و األمثلة املقترحة لتلقين املعارف و املعلومات املدرسية‪ ،‬يمكن أن‬
‫تكون حاجزا إلستعاب سهل للمفاهيم التي تقترحها هذه املراجع و كذلك نوعية األمثلة‪ ،‬و مقابلة مضامين من‬
‫خالل إشكاالت بنفس الوحدة‪ .‬إن تأليف الكتاب املدرس ي و الترجمة الكتابية للمعارف بشكل صحيح‪ ،‬تبقى‬
‫عملية صعبة جدا‪ ،‬ألنها تستوجب كفايات‪ ،‬لغوية‪ ،‬تربوية‪ ،‬ديداكتيكية و أسلوبية‪ ،‬و كل هذه الكفاءات ال‬
‫يتوفر عليها املؤلفون دائما سواء على املستوى القطاع املدرس ي أو الجامعي‪.‬‬
‫و يظل االستغالل البيداغوجي للمراجع عامال أساسيا للتدريس‪ ،‬و لكن شريطة أن ينضبط لنظرة‬
‫انعكاسية لدى املدرس‪ .‬و كل هذه التحليالت أساسية لتجعل استعمال املراجع ذات فائدة‪.‬‬
‫• عوائق متعلقة باألمثلة املقترحة من طرف املدرس أو من طرف املراجع املدرسية‪:‬‬

‫إن تدريس جميع املواد العلمية يستعمل أمثلة للشرح‪ ،‬و طرح اإلشكاليات أو سبق حول تطور قبلي‬
‫لحالة ما‪ .‬و اختيار أنشطة للتكييف اإلجراءات الديداكتيكية ذات األهمية األولية ألنها هي التي تتحكم في‬
‫التعلمات و تطورها‪ .‬و تظل األنشطة البيداغوجية منصبة على أمثلة يمكن أن تكون حاجزا لفهم املعرفة إذا ما‬
‫لم تؤخذ بعض اإلحتياطات من طرف املدرس‪.‬‬
‫و يجب أن نشير إلى أن التكوين املؤهل من طرف املدرس يمثل مسارا ممكنا للحصول على الكفايات‬
‫التي تسمح للمدرس لكي يقود بشكل مالئم أنشطة التدريس‪ ،‬و يختار األمثلة الجيدة‪.‬‬
‫✓ العوائق املتعلقة بالتمثالت لدى التلميذ أو األستاذ‪:‬‬

‫إن التلميذ في املسار الدراس ي الرسمي‪ ،‬يحمل معه تمثالت معينة حول مفهوم علمي أو شرح معلومات‬
‫وهي معارف تستوجب طرقا خاصة في التعامل معها‪ .‬ألنها في الحقيقة األمر معرفة وظيفية و عملية‪ .‬و بالنسبة‬
‫للمدرس‪ ،‬فهو يهيء و يبني الوحدات التربوية من خالل تمثالت تتحكم بشكل كلي في أنشطته البيداغوجية‬
‫املبرمجة‪ .‬و في كلتا الحلتين‪ ،‬هذه التمثالت تكون مصدرا لعقبات يجب أن ندرك كيف نتعامل معها حتى نؤمن‬
‫أنشطة بيداغوجية كفيلة بأن توفر للتلميذ معرفة دائمة و ذات معنى‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬اعتبار أن املفهوم العلمي هو مفهوم إجرائي‪ ،‬مسألة كذلك إعطاء قيمة ‪ manipulation‬في‬
‫األنشطة التعليمية‪ ،‬و ال ننس ى اعتماد النهج التحليلي سواء من طرف املدرس أو من طرف املتعلم‪ ،‬هذه كلها‬
‫عوامل تحكم جودة التعلمات منهجة‪ ،‬و كذلك طبيعتها املتطورة من جهة أخرى‪.‬‬
‫و نقدم عمل أورالندي (‪ )1994‬الذي يسمح بفهم تأثير املفاهيم لدى املدرسين حول الطريقة‬
‫التجريبية على طبيعة الطرق البيداغوجية املستعملة‪ ،‬و كل املشاريع البيداغوجية التي ال تأخذ بعين االعتبار‬
‫هذه املفاهيم ليست سوى خطابات جذابة و لكن غير مقنعة بالنسبة للتالميذ ولن يكون لها أي تأثير فعال‬
‫بخصوص كفايات التلميذ‪ ،‬و ذلك ألنها ال تعتمد إدماج املعرفة امللقنة‪ ،‬و كل األفكار املسبقة و املختارة يمكن‬
‫أن تمثل عائق حقيقي الستيعاب املعرفة الجديدة سواء على املستوى املدرس ي أو الجامعي‪.‬‬
‫• عوائق متعلقة بأسلوب التعلم لدى التلميذ‪:‬‬

‫ليست كل األنشطة املقترحة من طرف األستاذ مالئمة ألسلوب أو طريقة التعلم لدى التلميذ‪ .‬فبشكل‬
‫عام‪ ،‬ففكرة املشاريع التعلمية ال تحترم مسألة تعلم التلميذ‪ ،‬مما يحدث عدم تناغم بين األنشطة املقترحة‪ ،‬بل‬
‫املفروضة و طرق التعليم لدى التالميذ‪ ،‬في نفس السياق‪ ،‬يمكن ان نتحدث عن التمثالت اللغوية التي تطغى‬
‫على املعرفة في حين أن بعض التالميذ أكثر تقبال للعروض الرمزية‪ :‬رياضيات أو أشكال هندسية‪.‬‬
‫و هذا واضح أكثر بالنسبة للمواد التي تتطرق لعمل أو وصف النظم الطبيعية أو اإلصطناعية‪.‬‬
‫✓ معيقات متعلقة باإلجراءات التعلمية التي يقوم بها األستاذ‪:‬‬

‫إن مشاريع التعلم املتبناة من قبل األستاذ تستند إلى أمثلة و قوالب لفظية‪ ،‬و عبارات‪ ،‬و تمثالت و‬
‫طرائف بيداغوجية و كذلك و سائل بيداغوجية إلى أخره‪ ،‬و هي مجموعة من اآلليات و الوسائل التي تسمح‬
‫بأجرأة خطط عمل و مشاريع التعلم‪ .‬و في حقيقة األمر يظل اللجوء إلى هاته اآلليات قصد تسهيل عملية‬
‫التعليم‪ ،‬مولدا لعقبات التعلم‪ .‬و مرة أخرى تبقى جودة تكوين املدرس هي الوحيدة املحددة لطبيعة و عدد‬
‫العوائق‪.‬‬
‫و التكوين الذي تلقاه املدرس هو الذي يؤهله لضبط عدد هذه املعيقات‪ ،‬و خلف إجراءات و أنشطة‬
‫تقض ي على هذه العوائق‪.‬‬
‫نحن ال نقترح هنا تصنيفا مغلقا لجميع عقبات التعلم‪ ،‬بل فقط هي افتراضات حول مصدر و طبيعة‬
‫العقبات التي تعترض الطريق إلى تعلمات ذات معنى و وظيفة‪ ،‬تعلمات مفاهيم عملية هي الهدف من جميع‬
‫األنشطة البيداغوجية‪ ،‬طبعا كل فئة هنا يمكن أن تشكل منطلقا للتفكير و البحث عن حقيقة نوعية العقبة‬
‫أو العائق‪ .‬ال بد من القيام بأعمال و أبحاث تندرج في اطار عقلنة و املصادقة‪ ،‬إن كل محاولة تهدف تعريف‬
‫العائق للتعلم تتطلب عمال فيه بعض املجازفة ألن صعوبة بناء تعريف يشتمل مجموعة تطبعها اختالفات‬
‫مهمة بالنسبة للعقبات استيعاب املعرفة‪ ،‬و سيكون من املهم أن نحصر الوظيفة البيداغوجية للمعيقات لكي‬
‫نستنبط العمليات التربوية املهمة‪ .‬إن العديد من العقبات هي رهينة بتقديم املعرفة‪ ،‬و ال يمكن تجنبها و لكن‬
‫إذا كان هناك تكوين أولي ممنهج و مصاحبة حقيقية للمدرس كل هذا سيمكن من فهم عقالني و كذا تأطير‬
‫جيد لهذه املعيقات و نؤكد على أن من أهم أبعاد مهنة التدريس إدارة املخاطر املرتبطة بالحواجز التي تعترض‬
‫التعلم‪.‬‬

‫أنواع الديداكتيك‬

‫يجب التميز في تعريفنا للديداكتيك‪ ،‬حسب‪ Legendre.‬بين ثالث مستويات ‪:‬‬


‫الديداكتيك األساسية‪Didactique.Fondamentale. :‬وهي جزءمن الديداكتيك‪ ،‬يتضمن مجموع‬
‫النقط النظرية واألسس العامة التي تتعلق بتخطيط الوضعيات البيداغوجية دون أي اعتبار ضروري‬
‫ملمارسات تطبيقية خاصة‪ .‬وتسمى أيضا الديداكتيكالنظرية (‪)Legendre.R.1988‬‬
‫الديداكتيك العامة‪ :‬وهي التي تسعى إلى تطبيق مبادئها وخالصة نتائجها على مجموع املواد التعليمية‬
‫وتنقسم إلى قسمين‪:‬القسم األول يهتم بالوضعية البيداغوجية‪ ،‬حيت تقدم املعطيات القاعدية التي تعتبر‬
‫أساسية لتخطيط كل موضوع وكل وسيلة تعليمية ملجموع التالميذ؛ والقسم الثاني يهتم بالديداكتيك التي‬
‫تدرس القوانين العامة للتدريس‪ ،‬بغض النظر عن محتوى مختلف مواد التدريس‬
‫الديداكتيك الخاصة‪ :‬وهي التي تهتم بتخطيط عملية التدريس أو التعلم ملادة دراسية معينة أو ما‬
‫يطلق عليها ديداكتيك املواد‬

‫ديداكتيك مادة العلوم ‪:‬‬


‫➢ النقل الديداكتيكي ‪:‬‬
‫منذ أن أدرج ميشال فيري ‪ M. Verret‬مفهوم النقل الديداكتيكي في أحد مؤلفاته سنة ‪ ، 1975‬تحول‬
‫هذا املفهوم ليصبح موضوع اهتمام كبير من طرف املشتغلين بحقل الديداكتيك‪ ،‬فانتشر بالتالي توظيفه‬
‫بصورة مكثفة في أغلب األبحاث املنتمية إلى هذا الحقل العلمي الناش ئ‬
‫يشير النقل الديداكتيكي في إحدى معانيه األساسية إلى العمل الضروري الذي يقض ي بإعادة تنظيم و‬
‫تصنيف و ترتيب و هيكلة املحتويات الدراسية املستقلة من التخصصات العلمية املتنوعة و ذلك بناء على ما‬
‫يتطلبه الفعل التعليمي ‪ -‬التعلمي ‪.‬‬
‫و اإلشكالية التي يطرحها النقل الديداكتيكي‪ ،‬تكمن‪ ،‬إذا في الكيفية التي تتيح إمكانية االنتقال من‬
‫معرفة عاملة إلى معرفة للتدريس و التعلم‪ .‬و بما أن التحليل أو البحث الديداكتيكي الذي يتوخى النظرة‬
‫املوضوعية و الشمولية قد يضع النقل الديداكتيكي ضمن أولياته‪ ،‬فإنه اختار أن يقارب تلك اإلشكالية في‬
‫سياق مثلثه املعروف باملثلث الديداكتيكي ‪ :‬املعرفة ‪ -‬املتعلم – املدرس‪ .‬و بذلك‪ ،‬يصبح النقل الديداكتيكي‬
‫عبارة عن تحويل فعلي للمعرفة تبتعد فيها عن حالتها الخام‪ ،‬أي كما أنتجت في سياق سوسيولوجي محدد‪،‬‬
‫لتصير مادة مدرسية فتخضع بذلك إلى شروط و قوانين هي‪ ،‬في نهاية املطاف شروط املؤسسة املدرسية كسياق‬
‫سوسيولوجي مغاير‪.‬‬
‫إن عمليات النقل الديداكتيكي للمعرفة العلمية إلى فضاء املؤسسة املدرسية‪ ،‬ال يمر دون مخاطر‬
‫تحمل إمكانية التشويه و التحريف‪ ،‬بل و قد تنطوي هذه املخاطر ذاتها إمكانية معرفة مدرسية ال تعدو أن‬
‫تكون مجرد جملة من العوائق أمام اإلحاطة الفعلية بمختلف املفاهيم العلمية ‪.‬‬
‫إن املعرفة العلمية املقترحة للتدريس‪ ،‬هي في الواقع‪ ،‬معرفة مجردة عن شروط إنتاجها املؤسسية و‬
‫الذاتية‪ ،‬فهي‪ ،‬في األصل‪ ،‬معرفة أنتجت في أوساط علمية متنوعة كاملختبرات و الجامعات و املعاهد‪ ،‬كما أنها‬
‫احتاجت في إنتاجها ذاك إلى مجهود فكري و وجداني مبذول من طرف العالم أو مجموعة من العلماء املبدعون‬
‫لها للوهلة األولى‪ ،‬بل مر مسار عملهم و جهدهم من فترات نجاح و لحظات إخفاق و توقف مختلفة قبل أن‬
‫يتوصلوا إلى إخراج ما أنتجوه إلى حيز العلن ‪.‬‬
‫و عندما ينقل املنتوج العلمي ذاك‪ ،‬إلى الحقل التعليمي فمعنى ذلك أننا نفصله عن كل تلك‬
‫املالبسات و الشروط التي أحاطت بإنتاجه‪ ،‬فنحن نقدم املعرفة العلمية إلى املتعلم منظمة و مرتبة على نحو‬
‫آخر‪ ،‬بحيث تستبعد أو بحذف كل ما يمكن أن يحيل إلى األخطاء أو اإلخفاقات التي رافقت بناء املعرفة‬
‫العلمية‪.‬‬
‫و على هذا األساس‪ ،‬تصبح عملية النقل الديداكتيكي مدعوة إلى مراعاة جملة من املعايير و القواعد‬
‫حتى ال تقع ضحية املخاطر التي أشرنا إليها سابقا و من بين هذه القواعد نكتفي باإلشارة إلى ما يلي ‪ :‬اليقظة‬
‫الديداكتيكية خاصية الصدق التقيد بالبرمجة التدريجية و هناك على العموم‪ ،‬عددا من املستويات يمكن أن‬
‫يتم حسبها النقل الديداكتيكي ‪ :‬فهناك على سبيل املثال النقل الديداكتيكي الذي يقوم به املدرس عندما ينتقل‬
‫من موضوع التعلم إلى موضوع التعليم‪ ،‬و قد يندرج هذا املستوى من النقل‪ ،‬تحت مستوى أعم و نعني النقل‬
‫الديداكتيكي الذي يقوم به الديداكتيكي ذاته‪.‬‬
‫➢ العقد الديداكتيكي ‪:‬‬
‫يمكن تعريف العقد الديداكتيكي حسب أعمال جي‪ .‬بروسو ‪ Guy Brousseau‬بأنه ‪:‬‬
‫" مجموع السلوكات الصادرة عن املدرس و املنتظرة من طرف املتعلمين‪ ،‬و مجموع السلوكات الصادرة‬
‫عن املتعلم و املنتظرة من طرف املدرس‪ .‬و هذا العقد عبارة عن مجموع القواعد التي تحدد‪ ،‬بصورة أقل‬
‫وضوحا و أكثر تسترا‪ ،‬ما يتوجب على كل شريك في العالقة الديداكتيكية‪ ،‬تدبيره و ما سيكون موضوع محاسبة‬
‫أمام اآلخر "‬
‫و العقد الديداكتيكي واقع حاصل في كل عملية تعليمية ‪ -‬تعلمية حتى و إن كانت بنوده غير معلنة أو‬
‫غير مصرح بها‪ ،‬و قد يمر بصورة غير ملحوظة إال في حالة ما إذا في حدث تعثر في عملية التعلم‪ ،‬يفصح عن‬
‫مدى عمومية العقد الديداكتيكي و مدى فضفاضية بنوده أو استعصائها عن الفهم من طرف املتعلمين‬
‫➢ اآلثار الديداكتيكية ‪:‬‬
‫عادة ما يدرج الباحثون هذه اآلثار ضمن " انحرافات " املدرس عن العقد الديداكتيكي الـمبرم صراحة‬
‫أو ضمنا مع مجموع املتعلمين‪ .‬مهمة املدرس األساسية هي أن يقود كل املتعلمين إلى التحكم في األهداف‬
‫املتوخاة من العملية التعلمية – التعلمية‪ ،‬و لكنه قد يقع‪ ،‬و هو يحرص في بعض األحيان على مساعدتهم و‬
‫مدهم ببعض الوسائل التي تسهل الفهم لديهم أو تتيح نجاحهم في األداء‪ .‬في شأن بعض " املخالفات "‬
‫• االتجاهات الحالية لألبحاث ‪:‬‬

‫لقد أنجزت ديداكتيك مادة الرياضيات‪ ٬‬إن صح القول‪(٬‬املفاهيم العميقة) لعموم الديداكتيكا‪٬‬مثل‪:‬‬
‫النقل الديداكتيكي التعاقد الديداكتيكي‪ ٬‬نظرية األوضاع الديداكتيكية‪٬‬الوضعية‪ -‬املشكل‪٬‬وهي املفاهيم التي‬
‫تم فحص انتشارها و استعمالها في الفصل الثاني‪.‬‬
‫وتشكل األبحاث التي تم إجرائها بمؤسسات البحث من أجل تعلم الرياضيات في اغلبها تعميقا لهده‬
‫الورشات مع حرصها أساسا على تشكيل الوسائل األزمة في نهدا اإلطار‪.‬وبالفعل‪٬‬فان أحسن معنى ملفهوم‬
‫(هندسة الديداكتيك)‪٬‬ال يمكن أن يوجد إال في مجال الرياضيات‪.‬‬
‫ويتعلق األمر بدا بترتيب املناهج‪:‬فالتجريب باألقسام ش يء ثابت بالنسبة لجميع املستويات كما إن‬
‫عملية اإلنتاج تتسم بالضخامة‪.‬‬
‫إن األبحاث املتنوعة و املتعلقة ب (األوضاع الديداكتيكية) و بأشكلة (التعاقد الديداكتيكي) ‪ ٬‬قد‬
‫تبلورت على أساس هده التيمات أما األمر الثاني‪٬‬فيتعلق بتحديد مجموعة من املفاهيم التالية‪:‬‬
‫* جدلية األداة املوضوع و عالقة التعليم بالتعلم‪٬‬فقد يكون نفس املفهوم الرياض ي أداة يجد وظيفته‬
‫العلمية ضمن مختلف املشاكل بحلها قد يكون موضوعا‪ ٬‬و يصبح في هذه الحالة معطى ثقافي له موقعه داخل‬
‫صرح أوسع و نعني به املعرفة الرياضية‪.‬وفي أوضاع التعلم‪ ٬‬يستخدم التلميذ مواضيع معروفة كأدوات‪ ٬‬ويعمل‬
‫على توسيع حقل تطبيقها كما يعترف بمحدوديتها‪ ٬‬مما يضطره إلى استعمال أدوات جديدة ‪.‬‬
‫* نمدجة مفهوم"الوضعية الديداكتيكية"‪٬‬من خالل مفهوم اللعب)‪.)G.Brousseau‬فالالعب يوجد في‬
‫عالقة مع محيطه‪ ٬‬ويمكن التميز في هدا اإلطار بين إستراتيجيتين‪ ٬‬هما‪:‬ا إلستراتيجية الرابحة و اإلستراتيجية‬
‫الخاسرة ‪٬‬حيث نعزل مقتضيات االختيار و القرار و الصالحية‪.‬‬
‫و نسجل هنا االهتمام الذي توليه النصوص التاريخية الرياضية حيث نلتقي الوثائق مسحوبة‬
‫بالتعليقات عليها‪.‬‬
‫هكذا‪٬‬توضح الرياضيات بشكل تام‪ ٬‬ما يمكن أن تكون عليه برامج البحث الديداكتيكي أد تقوم بدورة‬
‫كاملة بدا بإسالة التعلم‪ ٬‬من الروض إلى الجامعة ‪ ٬‬ومرورا بالبحث التاريخي و الفلسفي املتعلق بتعدد‬
‫االختصاصات‪.‬‬
‫و قد يعب على األبحاث في ديداكتيك مادة الرياضيات‪ ٬‬تفتتها أو تشتتها‪٬‬لكن دلك هو الثمن الذي‬
‫تؤديه هده األبحاث بسبب وفرتها وغناها‪.‬‬

‫• ديداكتيك الرياضيات ‪:‬‬


‫دراسة عملية لسيرورات التعليم و التعلم متعلقة بتدريس الرياضيات قصد تطوير سيرورتها‬
‫وتحسينها‪ .‬وتشغيل هده الديداكتيك داخل حقول أربعة ‪ ) 1( :‬البعد الخاص باملادة الذي يشمل ثالثة‬
‫اتجاهات أثرت على التصورات الديداكتيكية هي ا ) اتجاه نحو التوحيد الذي ينظر إلى الرياضيات كبناء وحيد‬
‫يضم مفاهيم و سيرورات موحدة ‪.‬ب) اتجاه ديناميكي يرفض الرياضيات كبناء مشيد بشكل تابت وتعويضه‬
‫بفكرة أن الرياضيات بنية مزية ذات مظاهر منوعة تتغير تبعا لتغيير زاوية نظر الذي يمارسها‪ .‬ج) اتجاه تطبيقي‬
‫يحاول أن يجعل الرياضيات مندرجة في النشاط اإلنساني الذي يستعين بأدوات التطبيق‪ .‬ويفيد تعدد هده‬
‫االتجاهات إعطاء األهمية في تدريس الرياضيات للمحتويات املفهومية عوض املفاهيم املفصولة اعتمادا على‬
‫مبدأ اإلدماج و التوجيه من حيث البنية‪ .‬كما أن اختيار املحتوى التعليمي أصبح يهتم بسيرورات الترييص و‬
‫تكون املفاهيم و بينها ولم تعد مناهج تدريس الرياضيات مجرد توزيع عشوائي للمحتويات بل أصبحت تبنى‬
‫انطالقا من تيمات كبرى تغطى الحياة املدرسية للتلميذ‪ )2(.‬البعد البيداغوجي‪ ٬‬ويتعلق بالتفكير فيا أغراض‬
‫تعلم الرياضيات و أهدافها مما يدعو الديداكتيكي إلى ضرورة تكييف الصنافات حسب مقتضيات تدريس‬
‫الرياضيات‪ ) 3( .‬البعد السيكولوجي‪ ٬‬و يتعلق األمر بسيكولوجي التعلم و باألخص ما يقدمه االتجاهان السلوكي‬
‫و اإلنساني‪ ٬‬أد أقيمت تصورات عن ديداكتيك الرياضيات تتخذ كقاعدة لها احد االتجاهين‪ ٬‬إال إن اغلب‬
‫التصورات الحالية تتبنى النظرية اإلنسانية التي تعتبر البنية املعرفية للمتعلم‪ )4(.‬البعد البنائي أو التطبيقي‪٬‬‬
‫وهو البعد الذي يهتم بالعالقة بين النظرية و التطبيق آي وضع وحدات للتعلم أو مقاطع التعلم املكونة‬
‫لسيرورات التدخالت الديداكتيكية‪.‬‬
‫)معجم علوم التربية ‪ ٬‬مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك‪ ٬‬عبد اللطيف الفرابي‪٬‬عبد العزيز‬
‫الغرضاف‪٬‬محمد ايت موحى‪٬‬عبد الكريم غريب(‬

‫• ديداكتيك الفيزياء ‪:‬‬


‫دراسة لسيرورا ت التعليم و التعلم متعلقة بتدريس الفيزياء قصد تطوير سيرورتها و تحسينها‪ ٬‬وقد‬
‫بدأت ديداكتيك علوم الفيزياء مند الخمسينات نتيجة االهتمام بتدريس العلوم الفيزيائية قصد منافسة‬
‫السوفيات ‪ ٬‬و قد تطور هدا البحث خالل السبعينات حيث أنشئت عدة مختبرات للبحث من اجل تجديد‬
‫تعليم العلوم الفيزيائية وبناء منهجها وقد تطور البحث بفضل األعمال املختبرية و املساهمات الفردية التي‬
‫أنجزت أعماال حول االستدالل التلقائي في الديناميكا األولية وحول االستدالل املقطعي والحركي و حول سلوك‬
‫الخبراء و املبتدئين في حل املشكالت الفيزيائية‪.‬‬
‫وأظهرت أعمال أخرى استقرار كيفية إدراك املفهوم مثل البحوث حول تصورات مفهوم و تطور‬
‫البحث الديداكتيكي في مختلف الجهات‪ .‬ففي فرنسا تم االهتمام بعملية بناء و إعادة بناء املضامين التعليمية‬
‫في طور التحليل االبيستيمولوجي و تقويم برامج التعليم و استقصاء الحالة الحقيقية ملعارف التالميذ ملهاراتهم‬
‫و تصوراتهم كيفية استداللهم‪.‬‬
‫وفي أمريكا اتجه البحت الديداكتيكي إلى البحت األساس ي من خالل التحليل االبيستيمولوجي والبحت‬
‫العملي قصد تقديم املساعدة للمدرسين ‪.‬‬
‫وفي املغرب اتجه إلى تحضير اطروحات حول ديداكتيك العلوم الفيزيائية‪ .‬ومن الدراسات التي أنجزت‬
‫في هدا الصدد أعمال حول العوائق االبستيمولوجية عند التالميذ و االساتدة وفي الكتب املدرسية و البحت‬
‫عن التصورات التي تكونت لدى أساتدة العلوم التجريبية في ما يخص عناصر املنهج العلمي و البحث في تمثالت‬
‫التالميذ حول الظواهر الفيزيائية( بن يامنة‪ ٬‬صالح ‪.)1991‬‬
‫)معجم علوم التربية ‪ ٬‬مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك‪ ٬‬عبد اللطيف الفرابي‪٬‬عبد العزيز‬
‫الغرضاف‪٬‬محمد ايت موحى‪٬‬عبد الكريم غريب(‬

‫• ديداكتيك العلوم الطبيعية ‪:‬‬


‫‪-1‬الدراسة العلمية لسيرورات التعليم و التعلم قصد تنظيم هده السيرورة بكيفية تمكن‬
‫من اكتساب املفاهيم و مواقف تجاه الذات واملحيط الطبيعي و اإلنساني‪.‬و قد انصبت العلوم‬
‫الطبيعية على دراسة آليات اكتساب املفاهيم و على املتمثالت و النقل الديداكتيكي مؤسسة‬
‫نمادج و مبادئ تجريبية تنطلق من حقول متعددة و هي‪ :‬حقل االبيستيمولوجيا‪ ٬‬و باألخص ما‬
‫يتعلق بتطور املفاهيم و بنائها و العوائق االبيستيمولوجية التي تعوق اكتساب املفاهيم وتكوين‬
‫معرفة موضوعية و حقل السيكولوجية و بالخص ما يتعلق بتعلم املفاهيم تم حقل البيداغوجيا‬
‫و ما يتعلق منه بأشكال تدخالت املدرسين و أنشطة التعلم‪.‬‬
‫‪-2‬من أهم توجهات النقل الديداكتيكي في العلوم الطبيعية اعتبار التعلم عملية تغير مفاهيمي عن‬
‫طريق عمليات تفاعلية تتم بين مكونات االيكولوجية املفاهيمية التي تفيد مجموع النظريات و التغيرات‬
‫املفاهيمية التي تعبر عن التطور التاريخي للعلوم ‪٬‬من منطلق أن هناك توازيا بين اكتشاف العالم للمعارف‬
‫الجديدة و اكتساب املتعلم لهده املعرف‪.‬‬
‫و انطالقا من مفهوم االيكولوجي املفاهيمية‪ ٬‬يشتغل البحث الديداكتيكي حول الجوانب التالية‪ )1 (:‬دراسة‬
‫مكونات االيكولوجيا املفاهيمية (‪ )2‬انجاز أبحاث تجريبية لربط نتائج الدراسات مع التعلم‪ ) 3(.‬دراسة الشروط‬
‫التي تتغير فيها مكونات االيكولوجيا املفاهيمية لدى شخص معين‪ .‬أن الهدف من هده اإلجراءات هو تحقيق‬
‫أهداف تدريس العلوم الطبيعية التي هي اكتساب املفاهيم و خطوات املنهج التجريبي التي تمكن املتعلم من بناء‬
‫تصور حول الطبيعية و سيرورة بناء املعارف في مجال العلوم الطبيعية‪)Zaim-Idrissi,K.1983).‬‬
‫‪-3‬تهتم ديداكتيك العلوم الطبيعية بتصورات املتعلمين حول املفاهيم ودلك من مجموعة العلميات‪(:‬‬
‫‪ )1‬اعداد وضعيات تؤدي بالتالميد الى إنتاج خطاب حول مفهوم معين‪ )2(.‬تحليل الخطابات قصد التوصل الى‬
‫تحديد العوائق التي ينبغي تجاوزها نحو تصور اكثر تطورا‪ ) 3(.‬و لتطوير هده التصورات ينبغي اعداد‬
‫وضعيات ديداكتيكية تتميز بما يلي‪:‬‬
‫• توقع وضعيات تتميز بالصراع املعرفي اي صراع مواجهة أفكار التالميذ و املدرس والوسط‪.‬‬

‫• توقع نوع من الصورية عن طريق استعمال وصف إحصائي او رموز رياضية حول بعض املتغيرات‪.‬‬

‫• توظيف النمدجة عن طريق جهل التالميذ يحاولون تنظيم معارفهم بتحديد عدد من املكونات و العناصر‬
‫الربط بينهما‪.‬‬

‫• توقع توظيف معارف املتعلمين قصد إكسابها صالحية عن طريق إجراء استطالعات ميدانية تجعلهم‬
‫يصوغون مشكالت و يقترحون فرضيات ثم يختبرون هده الفرضيات ميدانيا‪ ) 4(.‬إعداد خريطة‬
‫املفاهيم ‪ concetptogramme‬وهي ادات يمكن استعمالها لتخطيط التعليم و تحديد موقع مفهوم بالنسبة‬
‫ملفاهيم أخرى و تحديد العالقات التي تجعل منه مفهوما وظيفيا‪.‬‬

‫)معجم علوم التربية ‪ ٬‬مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك‪ ٬‬عبد اللطيف الفرابي‪٬‬عبد العزيز‬
‫الغرضاف‪٬‬محمد ايت موحى‪٬‬عبد الكريم غريب‬

You might also like