You are on page 1of 4

‫تأهيل الموارد البشرية للجماعات الترابية‬

‫التونسي يوسف‬
‫باحث في القانون العام‬
‫موقع‪hakamatourabia.site :‬‬

‫التدبير األمثل للموارد البشرية يعتبر من الخطوات األساسية لتطوير تدبير الجماعات‬
‫لشؤونها والرفع من جودة الخدمات التي كلفت بأدائها‪،‬بالتالي وجب العمل على تحديث‬
‫أبرزها‪1 :‬‬ ‫الوظيفة العمومية الجماعية وتجاوز ما يشوبها من نقائص والتي من‬

‫‪ -‬تضخم تكلفة األجور التي وصلت إلى ‪ 9‬مليار درهم نتيجة العدد الهائل للموظفين في‬
‫مقابل عدم استجابة التوظيفات للحاجيات الحقيقية‪.‬‬
‫‪ -‬العجز في التنظيم و انعدام الكفاءة والمردودية‪.‬‬
‫‪ -‬سوء استخدام الكفاءات المتوفرة‪.‬‬
‫‪ -‬الضعف الشديد في معدالت التأطير وعدم مالءمة التكوين للوظائف التي يتم شغلها‪.‬‬
‫‪ -‬النقص في تأهيل الموظفين بالنظر إلى المهام المسندة إليهم‪.‬‬

‫بالتالي فإن هذا الميدان يتطلب جهدا أكثر للنهوض به‪ ،‬األمر الذي يقتضي اعتماد سياسة‬
‫شمولية لتكوين الموظفين وتأهيلهم بما يمكنهم من تأدية عملهم على الوجه المطلوب‪.‬‬

‫فسوء األداء في تقديم الخدمات العمومية غالبا ما يرجع إلى ضعف التكوين لدى العاملين‬
‫وعدم مالءمة معارفهم النظرية والتطبيقية مع تطور حاجيات التدبير العمومي‪ ،‬ومتطلبات‬
‫المواطنين المتزايدة‪.‬‬

‫‪ 1‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات ‪2012‬‬


‫من هذا المنطلق‪،‬فإن هدف كل سياسة للتكوين هو ضمان توظيف الموظفين لمعارفهم‬
‫ومؤهالتهم العلمية والعملية‪،‬وتعريفهم بمهام األقسام والمصالح المشتغلين بها أو المسؤولين‬
‫عنها و التمكن من قدر معقول من القدرات التي يتطلبها إنجاز العمل‪.‬‬

‫هذا إلى جانب تمكينهم من التكيف مع متغيرات الوظيفة ومستجداتها خاصة مع تنامي‬
‫اإلعتماد على التقنيات التكنولوجية الحديثة في اإلدارات العمومية‪،‬وهو ما يستدعي تدريب‬
‫الموظفين على طرق استخدامها‪ 2.‬باإلضافة إلى تمكينهم من اكتساب القدرة على على تبني‬
‫وتنفيذ و مواكبة مختلف المشاريع والبرامج التنموية و تبادل الخبرات والتجارب الناجحة‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وتبرز أهمية التكوين كذلك في كونه يستهدف بصفة عامة رفع مستوى الموظف وتأمين‬
‫قدرته المهنية من أ جل ضمان تقديم الخدمات وأداء األعمال اإلدارية بفعالية وكفاءة عالية‪.‬‬
‫فرغم المجهودات المبذولة في اختيار األطر والعاملين‪،‬فإن هؤالء يظلون دائما في حاجة‬
‫ماسة إلى صقل وزيادة معارفهم وتطوير قدراتهم التدبيرية بما يستجد في مجال عملهم‪.‬‬

‫فالتكوين الحديث ال يقتصر فقط على الجوانب "الجوهرية" لعمل وتخصص الموظفين بل‬
‫يشمل كذلك تقنيات التواصل مع الجمهور‪،‬وتمكينهم من آليات صياغة اإلستراتيجيات‬
‫التنموية لمواكبة الحاجيات المستجدة والمستقبلية للمواطنين‪،‬والمساهمة الفعلية في إعداد‬
‫البعيد‪4.‬‬ ‫التصورات التنموية الطموحة على المدى‬

‫من جهة أخرى‪،‬ينبغي أن تتم مواكبة التكوين األساسي والمستمر للموظفين بموجب‬
‫مخططات "للتدبير التوقعي" للموظفين تحدد بدقة شروط وأهداف عمليات التوظيف‬
‫‪5‬‬
‫ومحددات واضحة لتقييم األداء و الترقية و تنفيذ برامج التكوين المستمر‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Sekion Blondin. Gestion des ressources humaines. LARCIER. 2 Edition. 2001 . p. 337‬‬
‫‪ 3‬يوم دراسي بعنوان‪ :‬ترسيخ الالمركزية ومواكبة الجماعات المحلية من خالل التكوين ودعم القدرات‪ ،‬مديرية تأهيل األطر اإلدارية والتقنية‪،‬‬
‫وزارة الداخلية‪ ،‬الرباط ‪ 14‬دجنبر ‪2014‬‬
‫‪4‬إبراهيم كوغمار المرافق العامة الكبرى على نهج التحديث‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ 2009، ،‬ص ‪293‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Fadoua lghazaoui, Audit interne vecteur de changement des pratiques managériales locales , Revue‬‬
‫‪marocaine d’audit et de développement, N 22 , 2006, p. 166‬‬
‫هذا مع اعتماد تدبير توقعي للموارد البشرية وفق الحاجيات اآلنية والمستقبلية على مستوى‬
‫الكفاءات‪.‬وذلك بشكل ينسجم مع مشاريع الجماعات ومستلزمات تحقيق جودة الخدمات‬
‫‪6‬‬
‫المقدمة‪.‬‬

‫تكوين وتطوير أداء العنصر البشري بالجماعات ينبغي أن يشمل المنتخبين الجماعيين‬
‫كذلك‪،‬باعتبارهم الجهة "المسؤولة" عن اتخاذ القرار و تحديد اإلختيارات التنموية لجماعاتهم‬
‫من خالل إعداد وتنفيذ مخططات التنمية‪.‬األمر الذي يتطلب توفرهم على مستوى تعليمي‬
‫مقبول يؤهلهم لتأدية واجباتهم على النحو المطلوب‪.‬‬

‫وحسب اإلحصائيات فإن ‪ 23‬في المائة فقط من المنتخبين يتوفرون على مستوى تعليم‬
‫عالي‪،‬في حين أن أكثر من ‪ 80‬في المائة منهم يتوفرن على شهادة التعليم اإلبتدائي أو حتى‬
‫بدون‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫األمر الذي يؤكد أن غالبية مدبري الشأن المحلي من المنتخبين وبالنظر إلى مستواهم‬
‫التعليمي‪،‬يفتقدون ألساسيات التعامل مع قضايا التدبير اليومي للجماعات مالية كانت أو‬
‫بشرية أو تقنية‪،‬مما يجعلهم بعيدين عن الوفاء بالتزاماتهم التنموية وتلبية إحتياجات‬
‫المواطنين من التجهيزات والخدمات األساسية‪.‬‬

‫وإن كان التدبير الترابي اليوم يتطلب معارف أكثر عمقا تهم مجاال التدبير اإلستراتيجي‬
‫والمقاوالتي وغيرها من المفاهيم المرتبطة بالتدبير العمومي الحديث‪.‬بالتالي فإن مهمة‬
‫تكوين المنتخبين المحليين ينبغي أن ال تكتفي بالمعارف األساسية بل أن تتجاوزها إلى‬
‫تلقينهم أدوات وأساليب التدبير العصرية في مختلف المجاالت التقنية والمالية‪.‬‬

‫وهو ما يقتضي بذل جهود كبيرة من الدولة بتنسيق مع الجماعات الترابية للعمل على‬
‫النهوض بمستوى المنتخبين عبر الرفع من عدد الدورات والندوات التكوينية سواء على‬
‫المستوى الوطني أو الجهوي‪ ،‬و ذلك وفق برامج تكوين حديثة وعلى مدار السنة لجعل‬
‫المنتخب مواكبا للمستجدات القانونية والتدبيرية‪.‬‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات ‪2012،‬‬ ‫‪6‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪35‬‬ ‫‪7‬‬


‫وفي هذا السياق نص القانون التنظيمي للجهة في المادة ‪ 82‬منه على دور مجلس الجهة في‬
‫"اإلشراف على التكوين المستمر لفائدة أعضاء المجالس و موظفي الجماعات الترابية‪".‬‬

‫وفي المقابل ينبغي أن تعمل األحزاب السياسية بجهد اكبر لتطوير وتأهيل المستوى المعرفي‬
‫والعملي لمنتسبيها المدبرين لشؤون الجماعات‪.‬بالشكل الذي يجعل المنتخبين أكثر قابلية‬
‫للتعامل مع متطلبات التنمية و أساليب التدبير الحديثة وتقنيات التواصل‪ ،‬بما يواكب حاجيات‬
‫وانتظارات المواطنين‪.‬‬

‫وتبقى مساهمة األحزاب إلى اآلن محدودة للغاية في تأطير و تأهيل المنتخبين التابعين لهم‬
‫وهو دور ينبغي أن يكون أكثر بروزا لكون تكوين وتأهيل النخب المحلية هو في الواقع شأن‬
‫عام ال يهم الدولة أو الجماعات الترابية فقط‪ ،‬حيث يمكن للمساهمة اإليجابية لألحزاب أن‬
‫‪8‬‬
‫تشكل إضافة نوعية في هذا الشأن‪.‬‬

‫تدبير وتنمية الكفاءات البشرية رافعة أساس لنجاح الجهوية المتقدمة‪ ،‬تقرير للمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،2013 ،‬ص ‪73‬‬ ‫‪8‬‬

You might also like