‫‪ ‬المحور الثاني‪ :‬اإلنسان كائن ثقافي‬

‫تمهيد‪ :‬إن اعتبار اإلنسان كائنا ثقافيا يعني أنه منتج للثقافة بكل مظاهرها سواء‬
‫كأفكار وقيم ومعتقدات‪ ،‬أو عندما تتحول إلى طقوس وممارسات وسلوكات‪ ،‬وأنماط عيش‪.‬‬
‫مما يجعلها عالما متميزا عن عالم الطبيعة الذي يتمثل في القوانين البيولوجية والغرائز التي‬
‫تتحكم في اإلنسان مثله مثل باقي الحيوانات األخرى‪ ،‬مما يدخل هذين العالمين في حالة‬
‫صراع‪ .‬فما الذي يجعل من اإلنسان كائنا منتميا إلى الثقافة؟‬

‫أوال‪ :‬اإلنسان كائن لغوي‬

‫تحليل نص كلود ليفي ستراوس‪ ،‬ص‪84:‬‬

‫‪ ‬التعريف بصاحب النص‪:‬‬

‫مفكر أنثروبولوجي فرنسي معاصر‪ ،‬اهتم بتحليل ودراسة ثقافة المجتمعات البدائية غير‬
‫األوروبية‪ .‬من مؤلفاته‪" :‬البنى األولية للقرابة" و "األنثروبولوجية البنيوية"‪.‬‬
‫مفاهيم النص األساسية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫مفهوم اللغة‪ :‬سلسة من األصوات الدالة المتعارف عليها عند جماعة بشرية معينة‬ ‫‪-‬‬
‫تستعملها بغرض التواصل والتبليغ‪.‬‬
‫التمفصل اللغوي‪ :‬قابلية الجمل والمنظومات اللغوية للتقطيع والتجزيء إلى عدد ال نهائي‬ ‫‪-‬‬
‫من الوحدات اللغوية الدالة (الفونيمات) أو الوحدات اللغوية غير الدالة (المورفيمات)‬
‫اإلنسان الصانع‪ :‬الكائن اإلنساني المتميز بخاصية الصنع من خالل تحويله لمواد الطبيعة‬ ‫‪-‬‬
‫الخام إلى منتوجات قابلة لالستعمال‪.‬‬
‫سنن‪ :‬نظام من الرموز والعالمات تحمل دالالت معينة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إشكال النص‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ما الذي يجعل من اإلنسان كائنا منتميا إلى عالم الثقافة؟ هل هو معيار صنع األدوات أم‬
‫معيار اللغة؟‬
‫‪ ‬أطروحة النص‪:‬‬
‫يرفض صاحب النص مختلف التصورات التي ربطت حضور الثقافة عند اإلنسان بمعيار‬
‫صنع األدوات‪ .‬وفي مقابل ذلك أكد على أن ما يجعل من اإلنسان كائنا ثقافيا هو قدرة اإلنسان‬
‫على التواصل اللساني مع باقي أفراد جماعته البشرية‪ .‬وبالتالي فاللغة –حسبه‪ -‬هي العالمة‬
‫األساسية المميزة للثقافة اإلنسانية ال صنع األدوات‪.‬‬
‫‪ ‬حجاج النص‪:‬‬
‫إلثبات أطروحة اعتمد صاحب النص على إستراتيجية حجاجية نقدية بامتياز (أسلوب‬
‫الدحض)‪ ،‬حيث رفض كل المواقف الفلسفية التي اعتبرت صنع األدوات عالمة مميزة‬
‫للثقافة‪ ،‬مبررا هذا الرفض بسببين رئيسيين‪ :‬أوال إمكانية افتراض وجود كائنات خارج كوكب‬
‫األرض له تصنع األدوات‪ .‬وثانيا قدرة بعض الحيوانات على صناعة أدوات في حدود‬
‫إمكانياتها البسيطة‪ .‬وفي مقابل هذه التصورات طرح تصورا مغاير تماما أكد فيه على أن‬
‫اللغة هي التي جعلت من اإلنسان كائنا ثقافيا‪ ،‬وذلك ألنها مكتسبة وليست فطرية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫كونها أداة إدماج؛ بموجبها يكتسب الفرد ثقافة مجتمعه‪ ،‬عالوة على أنها تشكل المظهر الثقافي‬
‫األكثر اكتماال مقارنة مع باقي المظاهر الثقافية األخرى (الفن‪ ،‬الحق‪ ،‬األخالق ‪)...‬‬
‫تركيب‪ :‬من خالل النص‪ ،‬نستنتج أن اللغة هي الخط الفاصل بين عالم الطبيعة وعالم‬ ‫‪‬‬
‫الثقافة وليس معيار الصنع‪.‬‬