You are on page 1of 34

‫الفهرس‬

‫‪................................................................................................................................................................2‬مقدمة‬
‫‪.......................................................... 3‬الواحات ‪ :‬مكون مجالي و بيئي أساسي للمنظومة الترابية الوطنية ‪I‬‬
‫‪ ........................................................................................6‬الواحات ‪ :‬حلقة وصل كونية ذات أهمية عالمية ‪II‬‬
‫‪ ............................................................................................................................................. 11‬تفاقم ندرة المياه‬
‫‪ .................................................................................................... 14‬الكتظاظ السكاني الكبير وأهمية مداخيل الهجرة‬
‫‪............................................................................................ 17‬فلحة استهلكية غير مؤهلة وقاعدة اقتصادية مختنقة‬
‫‪ .................................................................................................................................... 19‬آفاق الندثار البطيء ‪4-‬‬
‫‪.............................................. 20‬أهم الختيارات الستراتيجية للمشروع الوطني ‪:‬لتهيئة و إنقاذ الواحات ‪IV‬‬
‫‪ ...............................................................................................................................20‬العمل على تدبير ندرة المياه‬
‫‪........................................................................................................................... 21‬فيما يصلح النموذج المعتمد؟ ‪-1‬‬
‫‪ ..................................................................................................................................... 24‬الهداف والمقاييس ‪-2‬‬
‫‪................................................................................................................................... 24‬الهيكلة ومراحل البناء ‪-3‬‬
‫‪................................................................................................................................................... 25‬الـنتـائـج ‪-4‬‬
‫‪-5‬‬ ‫‪.............................................................................................................. 26‬النتائج المستخلصة من الجدول‪:‬‬
‫‪.................................................................................................................... 27‬العتماد التدريجي للفلحة المشهدية‬
‫‪.................................................................................................................................27‬الحد من الضغط الديمغرافي‬
‫‪......................................................................................28‬تحسين نمط العيش عبر تأهيل المراكز القروية المندمجة‪-.‬‬
‫‪ ............................................................................................................................29‬تنويع القتصاد وإنعاش الشغل‬
‫‪............................................................................................................................ 29‬تأهيل السكن والرث المعماري‬
‫‪........................................................................................................................ 30‬مسؤولية الدولة في تدبير الموارد‬
‫‪ ............................................................................................................................30‬تطوير آليات الدعم والمساعدة‬
‫‪................................................................................................................... 30‬تفعيل مشروع التهيئة والنقاذ ‪V‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫قام ت مديرية إعداد التراب الوطن ي‪ ،‬ما بين ‪ 2002‬و ‪ 2004‬بإنجاز دراسة تتعلق بتهيئة‬
‫وتنمية الواحات بالمغرب‪ .‬وته دف هذه الدراس ة إلى تشخي ص واقع حال الواحات‪ ،‬ووضع‬
‫إستراتيجية لتنميتها وتهيئتها وذلك عبر وضع برنامج عمل‬
‫على المدى القصير والمتو س ط بغي ة تأهيل وإعادة العتبار‬
‫لهذه المجالت الحساسة‪.‬‬

‫وتشمل هذه الدراسة ثلثة مراحل‪:‬‬


‫‪-‬المرحلة الولى‪ ،‬تضمنت تحليل و تصنيف الواحات بهدف إبراز وتقيي م واقع‬
‫الحال ع بر تحليل المؤهلت والكراهات والفاق بالنسب ة لك ل ص نف من‬
‫الواحات‪ .‬وقد أفرزت هذه المرحلة حصيلة مفصلة حول الجوانب الجتماعية‬
‫والتاريخي ة‪ ،‬من خلل مكونات المجال الواحي والقطاعات المنتجة والتم دين‬
‫والوظائف الحضرية ومستويات التجهيز والطار القانوني والمؤسساتي؛‬
‫‪ -‬المرحلة الثانية‪ ،‬لجل تعميق وفهم الشكاليات التي طرحها التشخيص الترابي‪،‬‬
‫ت م التركي ز في هذه المرحلة على ‪ 230‬م ن الفاعلين مو زعين على مختلف‬
‫القطاعات والهتمامات المتعلقة بموضوع الدرا سة‪ .‬كم ا ت م جرد أه م المشاريع‬
‫والنجازات بغية ت قيي م مقارباتها وقياس نتائجها‪ ،‬وتمحورت اللقاءات حول ‪6‬‬
‫مواضيع مهمة‪ :‬الماء‪ ،‬الفلحة‪ ،‬السياحة‪ ،‬المدن والسكن‪ ،‬الهجرة والبيئة والتنمية‬
‫المستدامة؛‬
‫المرحلة الثالثة ‪ ،‬وتهم " وضع إس تراتيجية للتنمي ة وبرنام ج عمل" وهي‬ ‫‪-‬‬

‫الس تراتيجية الت ي تبرز منظ ور ورؤية إعداد التراب الوطن ي ف ي معالجة‬
‫الشكاليات والقضايا الت ي أبرزتها المراحل السا بقة كما ر سمت هذه المرحلة‬
‫الخطوط العريضة لمقاربة مندمجة لجل حماية وتنمية المجالت الواحية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ I‬الواحات‪ :‬مكون مجالي و بيئي أساسي للمنظومة الترابية الوطنية‬
‫يمكن قياس م دى خصو صية وتميز المجال المغرب ي بمقارنت ه م ع محيطه الجهوي‬
‫المغاربي‪ .‬فالمجال المغاربي السائد هو مجال مزدوج‪ ،‬يتعارض فيه الساحل المنفتح على‬
‫البحر والر ط ب نسبيا‪ N‬م ع العمق القاري القاحل‪ .‬هذا ا لوضع ه و الذي جع ل المهتمين‬
‫بقطاع إعداد التراب الوطني ينتقدون التركز الساحلي المقابل لتهميش المناطق الداخلية‪،‬‬
‫ويقترحون "إعاد ة التوازن بينهما"‪ .‬و م ن حسن ح ظ المغرب أن حالته ل تطابق هذا‬
‫الوضع‪ ،‬حيث أن التراب الوطني يتشكل من أربع مجالت نطاقية‪:‬‬
‫‪-‬النطاق الطلسي ‪ :‬من طنجة إلى لكويرة‪.‬‬
‫‪-‬النطاق المتوسطي ‪ :‬من طنجة إلى السعيدية‪.‬‬
‫‪ -‬النطاق الوسطي ‪ :‬يجم ع الدي ر بالجبـال‪ ،‬على امتداد محور‬
‫فاس– مراكش‪ ،‬ويمتد في اتجاه الشرق من خلل ممر تازة‪.‬‬
‫‪ -‬النطاق القاحل ‪ :‬ابتداء من سهوب الحـلفاء إلى الصحراء بعد‬
‫اختراق تافيللت ودرعة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫يقع المجال الراب ع الذي يضم المجالت الواحية جنوب شرق ال طلس الكبير‪ .‬ومباشرة‬
‫جنوب هذا الحاجز الطبيعي‪ ،‬يبدأ المجال‬
‫القاحل المرتب ط بالصحراء والذي عرف تطور‬
‫حضارة واحية مزدهر ة شكلت مكون ا أساسيا‬
‫لثقافة وتاريخ المغرب‪ .‬ويتشكل هذا المجال من‬
‫ثلثة عناصر‪ :‬سهوب وجبال المغرب الشرقي‪،‬‬
‫واحات تافيللت ود رع ة ث م الصحراء‪ .‬و تتميز‬
‫الوساط الثلثة بتباين واضح فيما بينها‪ ،‬لكنها‬
‫تجتمع حول قاس م مشترك وحاس م يتمث ل في‬
‫ندرة المياه وتدهور الوساط الطبيعية بفعل تدخل النسان أساسا‪.‬‬
‫في هذه المجالت‪ ،‬تكون مشاريع التنمية ملزمة‪ ،‬سواء تعلق المر بالسياحة أو بالقنص‪،‬‬
‫بالخ ذ بعين العتبار ا لمتطلبات البيئية‪ .‬ولهذا يجب أن تع ط ى الولوي ة المطلقة لعادة‬
‫تكوين الغطاء النباتي والتدبير المحكم للموارد المائية‪ .‬وبما أن هذا المجال يشكل جسرا‬
‫بيومناخيا قاريا بين النطاق الستوائي والمتوسطي فإن المقاربة البيئية تصبح أساسا لكل‬
‫أشكال التنمية ذات المنظور البعيد المدى‪.‬‬

‫‪4‬‬
5
‫‪ II‬الواحات ‪ :‬حلقة وصل كونية ذات أهمية عالمية‬

‫يرجع ا لفضل في ت واجد الواحات المغربية إلى جبال الطلس الت ي تست ند عليها‪ .‬فهذه‬
‫الخيرة‪ ،‬تم تد عل ى شكل جدار ط ولي يقاب ل الصحراء‪ ،‬تزود الواحات بالموارد المائية‬
‫وتوفر لها الظروف المناخية التي تمكنها من توفير مناخ محلي وحيوي وبالتالي تجعلها‬
‫تشكل مجال انتقاليا‪ ،‬فالمجال الشب ه صحراوي يقاوم بكيفية م ستميتة و دائمة ز حف‬
‫الصحراء وذلك عن طريق الموارد المائية الدخيلة وأيضا بواسطة العمل الدؤوب لساكنة‬
‫ذات مهارات عالية‪.‬‬

‫الشبه‬ ‫وهكذا‪ ،‬يعتبر المجال‬


‫الصحراوي ف ي ح د ذاته " علمة‬
‫ودلل ة جد م عبر ة عن العلقات‬
‫المتواجدة ب ين الجهات الرطبة‬
‫والمجالت القاحلة والصحراوية‪،‬‬
‫كم ا أنه ي شكل بوجود ه وحالته‬
‫معيارا للتحولت ال مناخي ة الكبرى‬
‫للكرة الرضية"‪.1‬‬

‫" وبالفعل يظهر جليا‪ ،‬على الصعيد العالمي‪ ،‬أننا دخلنا حاليا في وضعية مناخية حرجة‬
‫وأن المجال الشبه صحراوي المعرض للتصحر أضحى في تراجع مستمر وسريع"‪.2‬‬

‫وفيما يخص النطاق الشبه الصحراوي المغربي‪ ،‬فإن عددا من المؤشرات الكبرى كصحة‬
‫النخيل و وضعية الغطاء النباتي والترب ة وزح ف الصحراء وتوازن الفرشات المائية…‬
‫إلخ‪ ،‬تنم على وضعية مقلقة ولكن في نفس الوقت تدل على توفر شروط وظروف إعادة‬
‫العتبار الضروري لهذا المجال م ن أجل استدامة وظ يفته " كحلق ة كبرى ض من هذا‬
‫الحزام الواسع‪ ،‬حزام النطاق الشب ه صحراوي‪ .‬والذي تكمن مه مت ه ف ي التقلي ل من‬
‫حالة التدهور الذي وصلت إليه خلل العشر السنوات الخيرة كل هذه النطاقات في كل‬
‫أنحاء المعمور"‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫المحمية الحيوية لواحات جنوب المغرب‪2000 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫المحمية الحيوية لواحات جنوب المغرب‪2000 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫المحمية الحيوية لواحات جنوب المغرب‪2000 ،‬‬
‫‪6‬‬
‫و لب د م ن التأكي د على البع د الكون ي لهذا النطـ اق الواصل بي ن الصحراء والنطاق‬
‫البيومناخي المتوسطي والذي يقوم بوظيفة التوازنات البيومناخية واليكولوجية التي تمكن‬
‫من مواجهة زحف الصحراء‪ .‬و لعل هذا الموقع الستراتيجي للواحات وما تزخر به من‬
‫تراث عالمي فريد هو الذي دفع بمنظمة اليونسكو إلى إدماج واحات النخيل المغربي في‬
‫الشبكة العالمية للمحميات الحيوية‪.‬‬

‫في الواقع‪ ،‬تعتبر الواحات من‬


‫لنادرة التي‬ ‫المجالت ا‬
‫استطاعت ت طوير نموذج‬
‫تقليدي لكن ه فعال و ناجع‬
‫للستغلل الدائم للموارد‬
‫المحدودة‪ .‬كما شكلت نمطا‬
‫للتنمي ة المستدام ة قبل أن‬
‫تنخرط هذه المجالت بقوة في‬
‫اقتصاد السوق مما ترتبت عنه‬
‫النتائج المعروف ة على صعيد‬
‫جل البلدان المعنية مما يتطلب اليوم المحافظة على هذا النموذج وإعادة تأهيله‪.‬‬
‫وإذا كانت الوضعي ة الحالية للواحات تد عو إلى بلوغ هذا الهدف‪ ،‬فإن الجهود المبذولة‬
‫من ط رف الحكوم ة و السلطات المحلية و فعاليات المجتمع المدني النشي ط ة في هذا‬
‫الميدان علوة على أهمية الدعم الدولي في هذا المضمار كلها عوامل تشكل القاطرة الم‬
‫للمشروع الوطني لنقاذ وتهيئة الواحات بالمغرب‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫موقع ونطاقات المحمية البيولوجية‬
‫لواحات جنوب المغرب‬

‫‪8‬‬
‫‪ III‬الواحات‪ :‬تشخيص واقع الحال‬

‫تنتمي الواحات المغربية للنطاق الجاف الذي يمثل أحد النطاقات الربع الساسية المشكلة‬
‫للتراب الوطني‪ ،‬حيث يق ع ثلث أرباعها م ا بين خط وط تسا وي المطر ‪ 50‬و ‪ 100‬ملم‬
‫بينم ا يقع ا لرب ع المتبق ي ما ب ين ‪ 100‬و ‪ 200‬ملم‪ .‬وتصل مساحة المجال الواحي إلى‬
‫‪ 107.324‬كلم ‪ 2‬تقطنه ساكنة تصل إلى ‪ 1.6‬مليون نسمة أي ما يمثل ‪ %5.3‬من ساكنة‬
‫المغرب (حسب إحصاءات ‪.)2004‬‬
‫يتكون هذا المجال من د ي ر الطلس الصغير وأ ودية در ع ة وزيز ودادس وتافيللت‬
‫وفكيك‪ .‬وهو مجال يتكون من مجموعة مراكز متقدمة يتهدد أغلبها زحف الصحراء‪.‬‬
‫و تمتد مناطـق الواحات‪ ،‬على مستوى التقسيم الداري‪ ،‬على كل أو بعـض من اقاليم‬
‫‪.‬أسا‪-‬زاك‪ ،‬كلميم‪ ،‬تزنيت‪ ،‬طاطا‪ ،‬تارودانت‪ ،‬ورزازات‪ ،‬زاكورة‪ ،‬الرشيدية وفكيك‬

‫واعتمادا على الحدود الدارية من جهة والخصائص الطبيعية والبشرية والتقنية‬


‫والقتصادية من جهة أخرى فقد تم تقسيم مناطق الواحات إلى أربعة أحواض كبرى‪:‬‬
‫‪.‬كلميم‪-‬طاطا‪ ،‬درعة‪ ،‬زيز‪ ،‬فكيك وهي بدورها مقسمة إلى أحواض واحية صغرى‬

‫وإذا كان المجال الواحي يتميز بتفرد‬


‫وجاذبية مشهده الطبيعي فإنه يخفي خلف‬
‫ذلك هشاش ة قصوى؛ إذ ي كف ي أدنى خلل‬
‫على مستوى الفرشة الباطنية أو الجريان‬
‫السط حي لختلله واضطرابه‪ .‬وبالرغم‬
‫من قساوة ظروف المناخ‪ ،‬فقد لعبت هذه‬
‫المجالت‪ ،‬ولقرون عدي دة‪ ،‬دورا حاسما‬
‫في تاريخ بلدنا وهي اليوم تختزن تراثا‬
‫ذا قيمة عالمية كما تتحمل اليوم مسؤولية‬
‫جسي مة تتمث ل في الحفاظ على هذه‬
‫المنظومة البيئية‪.‬‬
‫وإذا كانت اغلب الواحات توجد ح اليا في وضع ية ح رجة‪ ،‬فان ا لتحولت المناخية ل‬
‫تفسر لوحدها هذه الوضعية التي هي نتاج لتداخل عدة عوامل بشرية بالساس‪:‬‬
‫‪ ‬التدبير الغ ير اللئق للموارد ال مائية ‪ :‬غالبا ما تتعدد عمليات‬
‫ضخ المياه حول الواحات‪ ،‬وكأن الفرشات المائي ة تتوفر على‬
‫مخزون و صبيب ل ينضب‪ .‬وقد تسبب هذا النتشار العشوائي‬
‫والمفرط للضخ في تدهور حالة العديد من الواحات‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪‬تفكك المجتمعات التقليدية ‪ :‬ترتبط الواحات بشكل وثيق يصعب‬
‫فصم ه عن البنيات الجتماعي ة الت ي أفرزته ا ودبرتها خلل‬
‫قرون‪ ،‬بصر امة واهتمام كبيرين‪ ،‬وو ع ي رفي ع المست وى بقيمة‬
‫الماء‪ .‬لذا فان الزم ة الحالية للواحات تر تب ط‪ ،‬ف ي بع ض من‬
‫جوانبه ا‪ ،‬بتفكك هذه المجتمعات التقليدية‪ ،‬مما أدى إلى انهيار‬
‫صيانة الواحات‪ .‬و م ا النمو العشو ائي للضخ إل مظهرا ودليل‬
‫يعبر عن تصدع المجتمع التقليدي‪ .‬هذا التحول في المجتمع قد‬
‫ل يمث ل ف ي ح د ذاته م شكل إذا م ا تم بو س ط طبيعي قادر على‬
‫أن يتحمل نتائج هذا التحول‪ .‬إل أنه يستنتج أن هذه الوضعية ل‬
‫تنطبق على الواحات بالمغرب‪ .‬و بذلك تتمث ل الولوي ة المطلقة‬
‫بالنسبة له ذه الوس اط في أن ت لعب الدولة د ور المنسق العام‬
‫للمحافظة على التوازنات الك برى بين الموارد المتوفرة‬
‫وحاجيات السكان‪.‬‬

‫‪ ‬انحصا ر وإعاقة إعادة تشك ي ل المنظوم ة الواحية ‪ :‬لم ت ستطع‬


‫المجتمعات الواحية إعادة تشكيل نفسها‪ ،‬وتعذر عليها تحقيق هذا‬
‫المسل سل بسبب التحول الديم وغرافي‪ ،‬وع دم ملئمة ا لقوانين‬
‫العرفية والتقليدية للتحولت السريعة ‪ .‬فقد حالت حقوق النتفاع‬
‫واستحالة التقسيم دون إعادة هيكل ة و تنظي م الوضاع العقارية‪.‬‬
‫كما وفرت حوالت العمال المهاجري ن مداخيل ب ديلة‪ ،‬ساهمت‬
‫ف ي تفكك البنيات ا لجتماعي ة وتراج ع القاعدة القتصادية‬
‫للواحات‪ .‬و قد انضاف‪ ،‬ف ي الوقت ا لراه ن‪ ،‬خط ر جديد يهدد‬
‫هذه المواطن ا لمحملة بالتاري خ‪ ،‬ويتعلق المر بالبنايات الجديدة‪،‬‬
‫التي ألحقت إلى حد الن‪ ،‬أضرارا بليغ ة بالمناظر الفريدة‬
‫والهشة والتي ميزت هذه الواحات خلل قرون عديدة‪.‬‬

‫‪ ‬وتقسي م الراضي و ت عقد الوضع العقاري‪ :‬يت مث ل العنصر‬


‫الساسي الذي ي مي ز كاف ة مناطق الواحات ف ي الضغط على‬
‫العقار والذي ازداد بارتفاع عدد السكان وهو ما نتج عنه تقسيم‬
‫هام للراضي حيث أن مساحة قطعة الرض المستغلة تقل عن‬
‫‪ 0.15‬هكتار ف ي العالية بينما ل تتعدى ‪ 0.5‬هكتار ف ي حين‬
‫توجد القطع ذات المساحة الكبرى بأحواض "فكيك" و "كلميمة"‪.‬‬
‫يمثل التقسيم المتزايد للراضي عائقا للستغلل الفلحي حيث‬

‫‪10‬‬
‫أن المساحات المست غلة تعتبر ذات مر دودي ة اقتصا دية ضعيفة‬
‫كما ل تسمح بالستثمار‬

‫إن كل الواحات ف ي خطر‪ ،‬وإذا ما‬


‫اس تمرت الوضعي ة ف ي نف س المنحى‬
‫الحالي‪ ،‬فإنه ا ستؤول ل محالة إلى‬
‫الزوال والندثار‪ .‬لذلك يعتبر إنقاذ و‬
‫تنمية الواحات مسأل ة اس تعجالية‪ ،‬يجب‬
‫أن تحظى بال ولوية‪ .‬فلم يعد بالمكان‬
‫التست ر وراء مبرر التغيرات المناخية‬
‫لتفسي ر أزمة الواحات‪ ،‬فالزمة نتاج‬
‫لتفاعل عد ة عوامل‪ ،‬لعل أهمه ا يرتبط‬
‫بالعنصر البشري‪ .‬لذلك فإن إعادة تأهيل الواحات يتطلب ع مل شمولي ا‪ ،‬يأخذ ب عين‬
‫العتبار مجموع المشاكل المطروحة‪.‬‬

‫تفاقم ندرة المياه‬


‫يمثل الماء عنصر ا مركزي ا ضمن الش كالي ة المطروحة بالواحات‪ .‬وي رجع تفاق م العجز‬
‫في المياه إلى الختلل ب ين إمكانيات الوس ط وحجم الحاجيات المتزايدة‪ ،‬فقد تشكلت‬
‫الواحات ف ي حقب كان ت ساكن ة هذه المناط ق أق ل بستة مرات مم ا ه ي علي ه ف ي الوقت‬
‫الراهن‪ .‬لق د كان هناك تطاب ق بين مؤهلت الو س ط الطبيعي و عدد السكان‪ ،‬مع حدوث‬
‫فترات شح م ن حي ن إلى آخر ل ك ن التوازن العام يظل قائما ن تيجة الن سجام والتآزر‬
‫الجتماعيين والنضباط الجماعي و نجاعة التقنيات المستعملة‪.‬‬

‫بع د أن اخت ل التوازن القديم ‪ ،‬أصبحت ندرة ا لمياه في الواحات تشه د تدهورا سريعا‬
‫نتيج ة لتواجده ا ف ي س افلة الحواض المائية‪ .‬وأح سن مثال على ذلك حالة حو ض زيز‬
‫حيث الرتباط جد و طيد بإفراغات س د الحسن الداخل‪ .‬إل أن المجالت العليا المغذية‬
‫لحقينة السد تعرف حاليا إفراطا في عملية الضخ المفرط وهو ما سيؤدي ل محالة إلى‬
‫تقليص موارد السد مما ستكون له انعكاسات سلبية على منطقة تافيللت‪.‬‬

‫والمفارقة الكبيرة التي أفرزتها المنطقة فيما يتعلق بندرة المياه هي ظهور صيرورة ليس‬
‫فقط في نقص الموارد المائية بل على العكس من ذلك يلحظ تنامي إهدار هذا المورد‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫وهو ضياع ناتج عن تدخل مختلف الفاعلين نتيجة التخلي عن نظام سقي تقليدي بواسطة‬
‫السو اقي المتراتب ة ابتداء م ن السد والنتقال إلى نظام الفراغ الدوري لكميات محددة‬
‫حسب ما توفره الحقينة والتي وصلت إلى وضعية مقلقة في أودية مجهزة بنظام سواقي‬
‫م ن الحجم الكبير‪ ،‬بينم ا يلجأ المست غلون إلى الضخ انطلقا م ن الفرش ة القريبة و ا لتي‬
‫تتغذى ب دورها على الفراغات‪ ،‬و ه و م ا أدى إلى تنام ي الضخ الفردي الغير المراقب‪.‬‬
‫والنتيج ة الواضحة في أغلب الحالت أن كمي ة المياه الت ي تصل إلى المشارات ل تمثل‬
‫سوى ‪ 20%‬من الكمية المفرغة‪ .‬و من العوائق المرتبطة بتصريف المياه نذكر كذلك‪:‬‬
‫‪ -‬تعطي المنظومة الحالية للتصرف في الماء أكثر حظوظا للسكان المتواجدين‬
‫بالحواض العليا على حساب السكان المتواجدين بالحواض السفلى ؛‬
‫‪-‬تشعب الشبكات التقليدية لتوزيع ونقل المياه وما ينجر عنه من ضياع؛‬
‫‪-‬تعدد المتدخلين في مجال التصرف في الماء؛‬
‫‪-‬ملكية الماء ل تأخذ بعين العتبار نوعية الزراعات والتربة؛‬
‫‪ -‬تعاطي الزراعات م ن طرف الفلحين ح سب توفر الماء دون اعتبار‬
‫المردودية ؛‬

‫‪12‬‬
13
‫وقد شهدت الواحات أزمة حادة تمثلت ف ي اندثار ثلث ي النخيل المغربي خلل القرن‬
‫العشرين‪ ,‬إ‪d‬ذ كانت المجالت المنتجة تتأقلم و نمط الحياة فأضحت اليوم عرضة للتدهور‬
‫والتلف نتيجة الضغوط القاسية سواء الطبيعية منها أو البشرية‪ ،‬ونذكر منها على سبيل‬
‫المثال ل الحصر‪:‬‬
‫‪ ‬انتشار زراعة الحبوب التي ت غطي أ كثر‬
‫م ن نصف الراض ي الفلحية وذلك في‬
‫ظروف زراعية غير اقتصادية؛‬
‫‪ ‬ضع ف زراعة الشجار وتفاقم مرض‬
‫البيوض الذي يصيب أشجار النخيل؛‬
‫‪ ‬انتشار ظاهرة الجراد وتوالي سنوات‬
‫الجفاف؛‬
‫‪‬تو سع الن سيج الحضري العصري‬
‫والنشطة القتصادية الموازية؛‬
‫‪‬تنوع أشكال التصحر ‪ :‬التعرية الريحية وزحف الرمال وملوحة المياه والتربة‪.‬‬
‫وإذا م ا اس تمرت الوضعي ة على نفس المنوال و بنف س الوثيرة فإننا س نقوم خلل الخمس‬
‫عشرة سنة المقبلة بتنظيم مدارات سياحية للمجلت الواحية المندثرة‪.‬‬

‫الكتظاظ السكاني الكبير وأهمية مداخيل الهجرة‬

‫تبلغ ساكنة المجال الواحي حوالي ‪ 1.6‬مليون ن سمة ( حسب إحصاءات ‪ ، )2004‬وتنمو‬
‫هذه الساكنة بوثيرة توازي المعدل الوط ني (‪ 0.9‬ف ي المائة م ا بي ن إحصائي ‪-1994‬‬
‫‪ 2004‬مقابل ‪ 1.4‬على المستوى الوطني)‪ .‬ويتميز الستقرار السكاني بالتركز خصوصا‬
‫حول موارد المياه‪ .‬فالكثاف ة المتوسطة تبلغ ‪ 16‬نسم ة في كلم ‪ 2‬سنة ‪ .2004‬إل أنها قد‬
‫تصل في بعض الواحات إلى ‪ 615‬نسمة في كلم ‪ .2‬ول تمثل المساحة الفلحية الصالحة‬
‫للزراع ة سوى ‪ %2‬من المجال الواحي‪ ،‬أما ‪ %98‬المتبقية فتت شك ل م ن أراضي قاحلة‪.‬‬
‫فالكثافة السكاني ة بالنسبة للم ساحة الفلحي ة الصالحة للزراعة تتجاوز ‪ 700‬نسم ة في‬
‫الهكتار‪ .‬ولق د ت م هذا النم و السكاني بالرتكاز على قاع دة اقتصا دية هشة وآيلة إلى‬
‫التدهور‪ ،‬كما قاد إلى تراكم ساكنة مرتفعة بالنظر لقتصاد المنطقة وقدرة تحمل الوسط‬
‫الطبيعي‪.‬‬

‫‪14‬‬
15
‫إنن ا أمام مفارق ة خاصة تعرفه ا المنطقة و يف سر ها الدور الريادي الذي تلعب ه مداخيل‬
‫الهجرة‪ .‬فالمنطق ة ل تعتم د فق ط على اقتصادها الذاتي ولكن على ا لعائدات النقدية‬
‫للمهاجرين المغارب ة القاطنين بالخارج والت ي تمثل حوالي ‪ %60‬م ن الرساليات المالية‬
‫للمغارب ة المهاجرين بالخارج‪ .‬هذا الدعم المالي المنتظ م يعتبر موردا أسا سيا لقتصاد‬
‫المنطقة‪ ،‬و عامل مساعدا على‬
‫استقرار السك ان في م واطن‬
‫إقامتهم نتيجة التضامن السري‬
‫القوي‪ .‬وهي كذلك أساس‬
‫التحولت التي تشه دها هذه‬
‫المناطق‪ ،‬حيث تساهم في تنمية‬
‫التجارة وتحسين ظروف ع يش‬
‫السكان‪ .‬لك ن هذه الوضعية‬
‫تسجل نتائج ع كسية‪ ،‬إذ في‬
‫غياب نظام محلي أو جهوي‬
‫قادر على تقديم فر ص إس تثمار توازي حج م وقدرات السا كنة المعني ة‪ ،‬يصرف جزء‬
‫بسيط في الستثمار المنتج بينما المصاريف الهامة تصرف في البناء الذي يتلف و يشوه‬
‫الوس ط الطبيعي و ينم ي المضارب ة العقارية كم ا يمك ن من تم ويل العمليات الفلحية‬
‫المرتكزة على الضخ المفرط للفرشة المائية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫فلحة استهلكية غير مؤهلة وقاعدة اقتصادية مختنقة‬

‫تختلف الوضعية الفلحية بالواحات حسب المناطق‪ ،‬لكن المؤشرات العامة تبرز تدهور‬
‫واضح لهذا النشاط الساسي‪ .‬وبالرغم من ضعف نسبة المجالت الزراعية والتي تمثل‬
‫فقط ‪ 2‬في المائة فإنها تشهد تضررا بليغا جراء الضخ المفرط للفرشات المائية‪ .‬فالفلحة‬
‫الواحية فلحة إجتماعية تسمح بخلق توازن في المداخيل والحد من ظاهرة الفقر‪.‬‬

‫لق د انخفضت مداخيل النخيل نظرا لتراجع‬


‫المنتوج بحوالي ‪ .%34‬كما أن ع ملية تدم ير‬
‫واجتثاث النخيل في منطقة تافيللت تؤدي إلى‬
‫فقدان حوالي ‪ 3600‬قد م ف ي السن ة أي ما‬
‫يعادل ‪ 3.5‬ف ي المائة م ن مجموع النخيل‪.‬‬
‫وعم وم ا هناك مجموع ة م ن العوام ل تعمل‬
‫على تدهور المجال الواحي‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫النتائج العكسية‬ ‫‪‬‬
‫لعائدات الهجرة‪،‬‬
‫‪ ‬الكتظاظ السكاني‬
‫بالمقارن ة مع‬
‫المكانات الفلحية‬
‫المحدودة‪،‬‬
‫‪ ‬النقص المتزايد في‬
‫كمية المياه‬
‫المتوفرة والذي ل‬
‫يفسر فق ط بعوامل‬
‫مناخي ة وإنما كذلك‬
‫بسبب ا لفراط في‬
‫ضخها خاصة‬
‫بالقرب من واحات‬
‫النخيل‪،‬‬
‫‪ ‬ضع ف زراعة‬
‫الشجار وتفاقم‬
‫مرض البيوض‬
‫الذي يصيب أشجار‬
‫النخيل‪،‬‬
‫انتشار زراعة‬ ‫‪‬‬
‫الحبوب التي تشغل‬
‫أكث ر م ن نصف‬
‫المسا حة الصالحة‬
‫للزراع ة وذلك في‬
‫ير‬ ‫ظروف غ‬
‫اقتصادية‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ ‬المشكل العقاري‬
‫والذي يعت بر عائقا‬
‫كبيرا يؤدي أ حيانا‬
‫عن‬ ‫إلى التخلي‬
‫الزراعة في مناطق‬
‫ذات مؤهلت جيدة‬
‫وانتقالها إلى أ ماكن‬
‫أقل خصوبة وإلى‬
‫انتشار الفلحة‬
‫خارج واحات‬
‫النخيل ‪،‬‬
‫‪‬النظام الحالي لتملك‬
‫وتوزيع المياه‬
‫يؤدي إلى البقاء‬
‫على وضعي ة ريع‬
‫غير مقبولة‬
‫اقتصا ديا مم ا يعيق‬
‫كل إمكانية لتحسين‬
‫الفلحة‪،‬‬
‫‪ ‬أساليب وتقنيات‬
‫الري الت ي تعتمد‬
‫على غمر‬
‫المشارات الزراعية‬
‫مما يؤدي إلى هدر‬
‫مهم للموارد المائية‬
‫المحدودة‪.‬‬

‫فالزم ة الفلحي ة ل تترج م فقط باختناق الوضعي ة القتصادي ة الحالية‪ ،‬بل تؤدي كذلك‬
‫إلى ت دمي ر أس س التنمي ة المستقبلية‪ .‬فم ستقبل الواحات مرت ب ط باستثمار المؤهلت‬
‫السياحية المتميزة‪ .‬إل أن تلك المؤهلت القائمة على المشاهد والمناظر الفريدة يتهددها‬
‫الندثار والتلف سواء تعلق المر بالقصور أو القصبات أو واحات النخيل‪.‬‬

‫‪ 4-‬آفاق الندثار البطيء‬

‫‪19‬‬
‫إن الديناميات الحالية التي تشه دها المجالت الواحي ة تخف ي ف ي طياته ا حركي ة مميتة‬
‫بالنظ ر للهشاشة ا لقصو ى الت ي تميز هذا المجال‪ .‬لقد تطلب إعداد هذه المجالت مراحل‬
‫ك برى‪ ،‬امتدت للف السنين و تميزت بالعمل الدؤوب والمنتظ م ف ي كل ا لمراحل وذلك‬
‫بالرغم من شح وقساوة الظروف الطبيعية‪.‬‬

‫إل أنن ا نلحظ اليوم أن مع ظم هذه‬


‫الوساط آيلة للتدهور والندثار‬
‫نظرا لكونها تقو م على الجم ع بين‬
‫تناقضات يصعب إن لم يكن يستحيل‬
‫التحكم فيها‪ .‬إن ما ق ام ت به‬
‫السلطات العمومي ة يعتب ر غير كاف‬
‫بالنظر للرهانات التاريخية لهذه‬
‫الوس اط الواقعة على حدود المجال‬
‫مكن ضمان‬ ‫المأهول والذي ل ي‬
‫اس تمراره إل بالعمل الدؤوب القائم‬
‫على رؤية بعيدة المدى الشيء الذي يجعل إعداد التراب الوطني في مقدمة المعنيين بهذا‬
‫المر‪.‬‬

‫‪ IV‬أهم الختيارات الستراتيجية للمشروع الوطني‪ :‬لتهيئة و إنقاذ الواحات‬

‫إن إعادة تأهيل الواحات تفترض تدخل شم وليا يأخ ذ بعين ال عتبار مجموع المشاكل‬
‫المطروحة‪ .‬وإذا كان المورد المائي ف ي صلب هذ ه المشاك ل‪ ،‬فإنه يندرج ع بر مقاربة‬
‫قطاعية‪ .‬في حين تقوم رؤية إعداد التراب على التحول فيما يتعلق بالتدبير الحالي للمياه‪.‬‬
‫فالمقاربة المألوفة تقوم عل ى أساس الحاجيات‪ .‬و هنا يك م ن صلب الرهان ضم ن خطة‬
‫تجاذبات قطاعي ة‪ ،‬اجتماعي ة ومجالية‪ .‬ولعل أه م الصعوبات تت مث ل أس اسا في إنجاح‬
‫النتقال من موقف يعتمد الحاجيات إلى موقف يعتمد المؤهلت‪.‬‬
‫وتتلخص أهم اختيارات المشروع الوطني لعادة تأهيل وإنقاذ الواحات كالتالي ‪:‬‬

‫العمل على تدبير ندرة المياه‬

‫‪20‬‬
‫إن الشكالي ة المحوري ة التي ت شهدها هذه‬
‫المجالت والن ظام الواحي بصف ة عامة‬
‫يمك ن اختزالها ف ي السؤال التالي‪ :‬م ا هي‬
‫الطريقة المثلى ل س تخدام الموارد المائية‬
‫المتاح ة؟ للجاب ة ع ن هذا التساؤل‪ .‬فإن‬
‫يعنى‬ ‫ذجا‬ ‫المشروع يقترح نمو‬
‫‪ ":‬بالستعمال المثل للموارد ا لمائية‬
‫المتاحة"‪Optimisation de l’Utilisation de la :‬‬

‫‪ . )Ressource Hydraulique Imputable (OURHI‬وه ي آلية جدي دة تساع د على معرفة واختبار‬
‫التماس ك الذي يوج د بين مختلف مصادر المياه المتوفرة حسب ك ل قطاع وذلك استنادا‬
‫إلى تنوع وتعدد العلقات الت ي تهيكل المجال ‪ .‬لذا فإن هذا النموذج المعتم د يمثل إطارا‬
‫مرجعيا ي ه م الموارد المائي ة المتاحة وال ستعمالت ا لممكن ة ف ي إطار ما يت وف ر من‬
‫إمكانيات بالنسبة لكل حوض واحي‪.‬‬

‫‪-1‬فيما يصلح النموذج المعتمد؟‬


‫يسا عد النموذج الذي تم اختياره عل ى طرح المسا ئل المتعلقة بوفرة ا لمياه وبالتالي ضبط‬
‫إطار يمك ن من خلله إيجاد الحلول الملئمة‪ .‬لذا فه و يمث ل آلي ة تفكير ت ساعد على‬
‫المتابعة والتحقق من مستويات التطابق بين القتراحات والتوصيات من ناحية‪ ،‬والكميات‬
‫المائي ة المتوفرة م ن ناحي ة ثانية‪ ،‬وذلك ضم ن س ياق الضوابط الكبرى المحددة للمجال‬
‫المدروس‪ .‬ومن هذا المنطلق يمثل النموذج رافدا أساسيا لمعرفة الوضعية الحالية لوفرة‬
‫الموارد المائية‪ .‬إل أنه وخلل السنوات القادم ة وعبر معرفة أدق وأ شمل لهذه الموارد‪،‬‬
‫يمكن د عم هذا النموذج عبر ضمانات أه م مما ه و متوف ر حاليا‪ .‬يجب اعتبار النتائج‬
‫المحصل عليها في الوقت الحاضر كقيم تقريبية و واقعية‪ ،‬كافية لطرح المسائل الكبرى‬
‫التي تهمنا‪ .‬إل أنها في نفس الوقت تبدو في حاجة ماسة إلى المزيد من التدقيق‪.‬‬

‫‪21‬‬
22
23
‫‪-2‬الهداف والمقاييس‬

‫يهدف النموذج إلى تحسي ن استعمال المورد المائي الموجود فعل‪ .‬فالمقياس‬
‫المعتم د ه و كمية الماء الموضوع ة ره ن إشارة المستعملين‪ ،‬وه و ما سميناه‬
‫بالمياه المست عملة فعليا أي تلك الت ي تصل إلى الستغللية‪ .‬فمشكل إعداد‬
‫التراب إذن هو توزيع كمية الماء الموجودة على مختلف أنواع المستعملين‪ ،‬ثم‬
‫اقتراح الجراءات اللزمة ل لزيادة ف ي فعالية هذه المدادات‪ ،‬ولهذا ي دعى‬
‫النموذج "نموذج الستعمال المثل للموارد المائية المتاحة"‪.‬‬

‫هذا النموذج يدمج المعطيات المائي ة والقتصادية والديمو غرافي ة م ع تحديد‬


‫مختلف أنواع أن شط ة السكان‪ .‬يتعلق الم ر بالحصو ل على أقصى‬
‫الستعمالت‪ ،‬مع احترام المداد المائي الشام ل‪ ،‬وحماية ا لغطاء النباتي‬
‫وخاصة النخيل وكذا تثمين المؤهلت السياحية للمنطقة‪.‬‬

‫‪-3‬الهيكلة ومراحل البناء‬

‫هيكلة النموذج تنبني عل ى نظرية القاعدة ا لقتصادي ة التي ت مي ز النشطة‬


‫الس اسية عن النشط ة الثانوية‪ .‬والم ر هن ا بسي ط إذ نمي ز فق ط بين ن شاطين‬
‫رئيسيين ؛ الفلحة والسياحة‪.‬‬

‫بالنسب ة للفلح ة نمي ز بين أ ربع ة أنشطة‪ :‬الفلحة الغي ر المسق ية‪ ،‬الستغلل‬
‫المكث ف للمراع ي‪ ،‬السقي المكثف‪ ،‬السق ي الخفيف والذي يه م أس اسا الفلحة‬
‫المشهدية‪ .‬بالنسب ة للمراعي وا لراض ي الجاف ة فالمساحات هي تلك المتوفرة‬
‫حاليا‪ .‬فيم ا يخ ص النوعي ن المتعلقي ن بالمساحة الم سق ية‪ ،‬فإنن ا نلجأ إلى تق سيم‬
‫المسا حة الحالية بناءا على ك مية الماء المتوفرة‪ .‬وإن طلق ا م ن ذلك يمكننا‬
‫استنتاج الس تعمال الضروري بمساعدة م عام ل الشغ ل في الهكتار وكميات‬
‫الماء الضرورية بناءا على المدادات التي تمت‪.‬‬

‫فيم ا يخ ص السي احة‪ ،‬فقد حدد المشروع إمكانيات المناط ق من خلل قياس‬
‫قدرة طاقاتها الي وائية‪ .‬فبمعرف ة حصة ا لشغ ل لك ل س رير‪ ،‬واستهلكه المائي‬
‫فإننا نستطيع إستنتاج حجم الشغل والحاجيات من المياه المطابقة له‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ونطبق عل ى مناصب الشغ ل الس اسية في القطاع الفلحي المعام ل الناتج‬
‫الخاص وآخ ر على مناصب الشغ ل السا سية في القطاع السياحي‪ ،‬هذا المر‬
‫يسم ح بتحديد مجموع م ناصب الشغ ل الناتج ة ومجموع مناصب الشغل‬
‫الساسية والمناصب الناتجة وهو ما يعطينا مناصب الشغل الجمالية‪.‬‬

‫بمعرفة معدل نشاط السكان يمكننا استنتاج عدد السكان النشيطين‪ ،‬أي أولئك‬
‫الذين يعي شون من أجرة محددة أو منتوج نشاط مقاولة‪ .‬و نحدد فيم ا بعد عدد‬
‫السك ان المتقاعدي ن كما نقوم بتعداد ال شخاص المتوفرين على حوالة‪ .‬هذا‬
‫التعداد أص بح ممكن ا بفضل نتائج البحث التي أعطت نا عدد التحويلت المالية‬
‫بالنسبة لكل منطقة‪ ،‬ومن تم إمكانية حساب معدل كل منطقة وعدد الشخاص‬
‫المعنيين‪.‬‬

‫إن مجموع الساكن ة يتألف م ن السكان النشي طين ‪ +‬المتقاعدين ‪ +‬المكفولين‪،‬‬


‫ونطبق على هذه الساكنة حصة إستهلك الماء الشروب ثم نضيف إليها معامل‬
‫ثان ي لتغطية الن شط ة الحرفية والخدماتي ة وذلك بغي ة الحصول على مجموع‬
‫الحاجيات من المياه لمجموع الساكنة والنشطة الناجمة‪ .‬و يكفي جمع كميات‬
‫المياه الت ي تستهلكها الن شط ة الساسي ة الت ي ت م حسا بها سابقا للحصول على‬
‫مجموع كمية المياه المتاحة للمنطقة المعنية‪.‬‬

‫ويقدم النموذج ثلث مؤشرات كبرى‪ :‬مجموع مناصب ا لشغ ل‪ ،‬الساكنة‬


‫الجمالية والحاجيات من الموارد المائية‪ .‬فالمعطى الستراتيجي هو إذن كمية‬
‫المياه المتاحة والت ي تمث ل الكراه المطلق‪ ،‬فهي ا لمتغي ر الذي يسمح بتع ديل‬
‫النموذج وبوضع الفرق بين السقي الكثيف والخفيف‪.‬‬

‫‪-4‬الـنتـائـج‬

‫يقترح الجدول الموالي وهو عبارة على رسم توضيحي؛ الحصيلة العامة للنموذج‬
‫المقترح‪ .‬وتنبني هذه الحصيلة على خمسة محاور وهي‪:‬‬

‫‪.1‬المساحة الجمالية للمغرب‪:‬أكثر من ‪ 710.000‬كلم‪. 2‬‬


‫‪ .2‬مساحة المغرب بدون الجهات الصح راوية حيث المكانيات المائية محدودة‪.‬‬
‫ذلك أن المغرب غير الصحراوي ومناطق الواحات يغطيان ‪ 372.000‬كلم‪.2‬‬
‫‪.3‬مساحة المجال الواحي لوحده ‪ 107.324‬كلم‪.2‬‬
‫‪25‬‬
‫‪.4‬حصة المجال الواحي من المساحة الجمالية‪:‬الرطبة والواحية‪.‬‬
‫‪ .5‬العلقة بين نسبة المناطق الواحية من ناحية ونسبة الجهات الرطبة والواحية‬
‫من ناحية ثانية‪.‬‬

‫جدول‪ :‬الحصيلة العامة خلل الفترة الممتدة إلى حدود سنة ‪2025‬‬
‫العلقة‬ ‫النسبة‬ ‫الجهات‬ ‫مجموع التراب‬ ‫مجموع التراب‬
‫الصحراوية‬ ‫المغربي بدون‬ ‫المغربي‬
‫الصحراء‬
‫‪2/3‬‬ ‫‪%2/3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪%‬‬ ‫‪28.9‬‬ ‫‪107324‬‬ ‫‪37200‬‬ ‫‪710850‬‬ ‫‪2‬‬
‫)المساحة (كلم‬ ‫أ‬
‫‪8.3‬‬ ‫‪459‬‬ ‫‪5500‬‬ ‫‪5550‬‬ ‫المياه‪ :‬الكمية الحقيقية‬ ‫ب‬
‫المخصصة‬
‫للستغلليات (مليون‬
‫‪2‬‬
‫)م ‪/3‬كلم‬
‫‪0.29‬‬ ‫‪4277‬‬ ‫‪14785‬‬ ‫‪7808‬‬ ‫حجم المياه المتاحة (م‬ ‫ت‬
‫‪2‬‬
‫)‪/3‬كلم‬
‫‪8.3‬‬ ‫‪14555‬‬ ‫‪174404‬‬ ‫‪175989‬‬ ‫حجم التدفق المتاح‬ ‫ث‬
‫)(لتر‪/‬ثانية‬
‫‪3.5‬‬ ‫‪1367000‬‬ ‫‪39300000‬‬ ‫‪40000000‬‬ ‫توقعات حجم السكان‬ ‫ج‬
‫لسنة ‪2005‬‬
‫‪2.40‬‬ ‫‪336‬‬ ‫‪140‬‬ ‫‪139‬‬ ‫معدل المياع‬ ‫ح‬
‫المستعملة في حدود‬
‫‪( 2025‬م‬
‫)‪/3‬سنة‪/‬شخص‬
‫‪12.1‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪106‬‬ ‫‪56‬‬ ‫كثافة السكان‬ ‫خ‬
‫)(نسمة‪/‬كلم ‪2‬‬
‫‪0.42‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪225‬‬ ‫‪227‬‬ ‫معدل عدد السكان‬ ‫د‬
‫بالنسبة لحجم التدفق‬
‫(لتر‪/‬ثانية‬
‫الكثافة=الواردات المائية في الكلم ‪/ 2‬المياه المستعملة بالنسبة لكل ساكن‬ ‫ث=ج‪/‬ت‬

‫‪1‬المياه المتا حة ح سب العداد (يعرف كذلك بالمياه الت ي تخضع لعملية القياس وا لترقيم)‪ :‬تمثل الكميات الح قيقية من المياه‬
‫الموضوعة في متناول الستغلليات‪ .‬بالنسبة للمغرب فان هذه الكمية تمثل ‪ %40‬من الموارد المتاحة ككل (‪5.5‬مليار م‪)3‬‬
‫في حين أن النسبة ل تتعدى ‪ % 25‬فقط في المناطق الواحية‪.‬‬

‫النتائج المستخلصة من الجدول ‪:‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪ .1‬يحت ل المجال الواح ي نسبة ‪ % 28.9‬م ن مسا حة المجال ذو المناخ الرط ب والشبه‬
‫الرطب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ .2‬يتوفر ا لمجال الواحي على كميات م ن الموارد المائية تقدر بحوالي ‪ 460‬مليون م‬
‫في السنة‪ .‬وهو ما يمثل ‪ %8.3‬من المجموع العام على مستوى المملكة‪.‬‬
‫‪.3‬تقدر ح صة المجال ا لواح ي من الواردات المائي ة الطبيعية بحوالي‪ 4277‬مليون متر‬
‫مكعب في الكلم‪ .2‬معنى ذلك ان مستوى الواردات المائية في المناطق الواحية يساوي‬
‫‪ 0.29‬عدد مرات المستوى العام داخل المملكة‪.‬‬
‫‪.4‬يقدر معدل الصبيب الحالي بالمناطق الواحية بحوالي ‪ 14.5‬م‪/3‬الثانية‪.‬‬
‫‪ .5‬ينتظر أن يبلغ عدد السك ان في ا لمناطق الواحية ‪-‬وعلى امتداد فترة نشأة ا لجيل‬
‫القادم‪ -‬حوالي ‪ 1.367.000‬نسم ة مقابل ‪ 39.3‬مليون نسمة ب النسبة للق الي م الرطبة‬
‫في المغرب القصى‪ .‬وهو ما يقابل ‪ %3.5‬فقط من مساهمة المناطق الواحية‪ .‬معنى‬

‫‪26‬‬
‫ذلك أن الجهات ا لواحية في المغرب ل تست قطب سوى ‪ % 3.5‬م ن مجموع السكان‬
‫ولكنها تتصرف في ‪ % 8.3‬من مجموع الموارد المائية المتاحة‪ .‬هذه المفارقة تجعلنا‬
‫بالتأكيد نشير إلى أن القتصاد الواحي يبدو اقتصادا شديد الستهلك للموارد المائية‪.‬‬
‫ذلك أن الفلحة المسقية ل تزال تعد أهم نشاط اقتصادي‪ .‬وفي المقابل فإن القتصاد‬
‫الوطني للمملكة يبدو أ كثر تنوع ا ويضم قطاعات ه امة غ ير م ستهلكة للمياه بالوفرة‬
‫التي توجد في النظام الواحي‪.‬‬
‫‪ .6‬تحتاج بنية النظام ا لجتماعي‪ -‬القتصا دي في الواحات إلى معدل س نوي من المياه‬
‫يقدر ب‪ 336‬م‪ 3‬ب النسبة للفرد الواح د وه و ما ي مثل حوالي ‪ 2.4‬عدد مرات المعدل‬
‫الفردي على المستوى الوطني والذي يقدر ب ‪ 140‬م‪.3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.7‬إن ك ثاف ة السك ان داخل المج ال تسا وي كمية الماء المتوفرة ( المتاحة) في الكلم‬
‫مقسومة على عدد المتار المكعبة المستهلكة بالنسبة للساكن الواحد(ح)‪.‬‬
‫‪ -‬الكثافة العامة في الجهات المغربية الرطبة = ‪106=140/14.785‬‬
‫‪ -‬الكثافة العامة بالجهات الواحية = ‪13= 366 / 4277‬‬
‫النتيجة هي أن المناطق الواحية لها واردات مائية تبدو ثلثة مرات أقل مما هو متاح على‬
‫المستوى الوطني ولها طاقة استهلك تقدر ب ‪ 2.4‬عدد مرات أكثر من المعدل الوطني‪ .‬كل‬
‫ذلك يفضي حتما إلى معدلت كثافة تكون أقل من المعدل الوطني بحوالي ‪ 9‬مرات ‪.‬‬
‫د‪ .‬عبر صبيب يصل إلى لتر واح د ف ي الثانية فإن النظام ا لجتماع ي والقتصادي للق اليم‬
‫المغربية ذات المناخ الرطب يوف ر العيش ل ‪ 225‬ش خ ص مقابل ‪ 94‬نسم ة فق ط في‬
‫المناط ق الواحية‪ .‬لذا فإن ا لستهلك المفرط للمياه ف ي النظام الواحي غالب ا م ا يمثل‬
‫عنصرا هيكلي ا ف ي منظوم ة النتاج إل أن ه وف ي السنوات الخيرة أ صبح يطرح عدة‬
‫مشاكل تبدو جد عويصة‪.‬‬
‫‪.5‬العتماد التدريجي للفلحة المشهدية‬
‫في غياب إمكانيات قيام فلح ة عصرية ي توجب التفكي ر ف ي مقايي س ك ل من‬
‫المردودي ة والمكننة و تكلف ة اليد ا لعاملة والقيم ة المضافة … إلخ‪ .‬إن د عم هذه‬
‫الفلح ة بغية البقاء عليها ر غ م كونها غ ير تناف سي ة سيدخلنا ف ي مسا ر غير‬
‫رجعي‪ .‬هذا ل ي عن ي أن كل القطاع الفلحي بالواحات يتطلب نف س المعالجة‪،‬‬
‫حيث أن السقي الكثيف صالح في المجالت التي تتوفر على مؤهلت مائية هامة‬
‫تضمن تزويد مستمر يصل إلى ‪ 6500‬م ‪/ 3‬هكتار ‪ .‬بينما في مناطق أخرى سيتم‬
‫اختيار نوع آخر من الفلحة بتزويد أقل يصل إلى ‪ 2000‬م ‪/ 3‬هكتار يكون هدفه‬
‫البقاء على النخيل والزراعات المعاشية‪ .‬هذا النوع الثاني ل يم ك ن أن يتم إل‬
‫بد ع م من الدولة ب ما أن الهدف م ن دع م وظيف ة الفلح ة الواحية ه و إجتماعي‬
‫وبيئي‪ .‬وسيبقى مستقبل الواحات مرتبطا بهذا النوع من الفلحة‪.‬‬

‫‪.4‬الحد من الضغط الديمغرافي‬

‫‪27‬‬
‫يعرف التطور الديمغراف ي بالمناط ق الواحية نموا هاما ‪ %1،8‬ف ي مجال يعاني‬
‫م ن الشح ا لمائي‪ ،‬وهذا ق د يؤدي إلى مخاط ر حقيقية إذا لم تتخذ إجراءات فعلية‬
‫بشكل سريع‪ .‬حيث أن الضخ الغير المنظم يفسر بارتفاع الحاجة إلى الماء لتزويد‬
‫سا كنة مهمة‪ .‬فتراج ع الضغ ط الديمغرافي يتم ب شك ل ط بيعي أو عن طريق‬
‫الهجرة‪ ،‬لكن يجب الحذر من السقوط في الحالت القصوى التي تؤدي أحيانا إلى‬
‫هجرة الواحات واندثار تراث فريد من نوعه‪.‬‬
‫لقد أ ضح ى م ن الواجب المبادرة إلى تنظيم و معالجة ه ذه الظاهرة ارتباطا‬
‫بالظروف المحلية‪ ،‬وهذا يتطلب التفكير في خلق أنشطة بديلة‪.‬‬

‫تثمين الموارد البشرية ‪-‬‬

‫يتمي ز سكان الواحات بع دة خاصيات يتعين تثمي نه ا كالتعاون والتضامن؛ المثابرة‬


‫والتعلق بالرض؛ التجرب ة المكتسب ة في المجالت المتعلق ة باس تغلل الراضي‬
‫والماء والتجارة‪ .‬كل هذه المؤهلت تفر ض تدبي ر جدي د للموارد البشرية و ذلك‬
‫ف ي إطار مقارب ة منظم ة ينخرط فيه ا ك ل المتدخلين‪ .‬وفي هذا المجال يقترح ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تحسي ن الرب ط بي ن المناط ق الجغرافية و ذلك بف ك العزلة عن سكان‬


‫المناطق الوعرة؛ و ا لرب ط بي ن المراك ز المحلية والمدن والجهات‬
‫بالضافة إلى تحسين ظروف السكن ونوعية الحياة‬
‫‪ -‬دع م برام ج التنمية والخدمات الجتماعية‪ :‬من خلل ت وفير المدارس؛‬
‫مراكز الصحة؛ التجارة؛ الخدمات الدارية؛ الفضاءات الثقافية؛‬
‫‪ -‬تنويع نقاط الد ع م لتنمي ة الفلحة و تكثيف شبكات الجمع والتوزيع‬
‫وإنعاش المراكز القروية‪.‬‬

‫‪- 3‬تحسين نمط العيش عبر تأهيل المراكز القروية المندمجة‪.‬‬

‫تؤك د الستراتيجية القروية لسنة ‪ 2020‬على أن المحرك ا لضاف ي لدينامية ا لتنمية الريفية‬
‫س يكون بالساس العتماد على سياسة المدن الصغرى والقرى ا لريفية‪ .‬لذا فان خلق‬
‫المراكز القروية سيساعد على تجهيز المجالت المهمشة (توفير البنية التحتية)؛ إعادة تأهيل‬
‫السك ن الريف ي؛ تطوي ر أنشطة البناء؛ والخدمات والنتاج المحلي بالضاف ة إلى تثبيت‬
‫السكان‪.‬‬
‫و لضمان ديموم ة هذه الهياك ل ل بد من ر بطه ا بمشاري ع منتج ة م ن الناحي ة القتصادية‬
‫وقادرة على خ لق مناص ب الشغل و توفير الثروة‪ .‬هذه القرى القروي ة ستوفر فرص إقرار‬
‫"البرامج الريادية" وذلك عبر البحث عن الطرق التقنية الجديدة في مجال الري (تجميع مياه‬

‫‪28‬‬
‫المطار؛ ا لفلح ة عبر ت وظيف سيلن المياه) تطوير الطاقات المتجددة ( الطاق ة الشمسية؛‬
‫الطاق ة الهوائية‪)..‬؛ العتماد على المواد ا لمحلي ة في مجال البناء؛ تشج يع البناء‬
‫الذاتي‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪.7‬تنويع القتصاد وإنعاش الشغل‬
‫ساهمت التغييرات المناخي ة وندرة الموارد المائية و سيادة قطاع فلحي تقليدي‬
‫غير تنافسي في زيادة حدة هشاشة القتصاد الواحي وارتفاع نسبة الفقر‪ .‬في حين‬
‫هناك إمكانات هام ة لتنمي ة القاعدة القتصا دية وإنعاش الشغل‪ .‬فالفلح ة المسقية‬
‫في بعض المناطق وتنمية تربية البقار الحلوب تشكل عامل هاما لخلق وحدات‬
‫صناعية للفلحة الغذائية‪ .‬كما أن معالجة المنتوجات الغابوية كالعسل والخدمات‬
‫المرتبط ة بالفلحة وت شجيع السياحة الخضراء والصحراوية كله ا س بل يجب‬
‫تطوي رها‪ .‬فعلى برام ج التكوي ن والتأهي ل المهن ي أن تعمل على ت طوي ر السبل‬
‫النف ة الذك ر‪ ،‬كم ا يج ب على مراكز ال ستثمار الجهوي أن تولي اهتماما خاصا‬
‫بهذه المناطق بهدف خلق دينامية حقيقية للتنمية المحلية‪.‬‬

‫‪.4‬تأهيل السكن والرث المعماري‬

‫قامت المؤسسات المعنية بقطاع ا لسك ن بمجهودات ك برى بحيث ق ام ت بتغطية‬


‫المدن والقرى التابعة للجهة بوثائق التعمير المختلفة‪ .‬لذا فان موضوع التوصيات‬
‫الموالي ة سيركز عل ى دعم هذه المبادرات بحيث تكون م شاري ع التعمير جاهزة‬
‫ومطابقة للنمط المعماري الواحي‪ .‬ويتمحور مخطط العمل المقترح بالنسبة للمدن‬
‫الواحية حول ثلثة محاور أساسية‪:‬‬
‫‪.1‬إعادة تأهيل السكن والمناطق الحضرية‬
‫‪.2‬عمليات التدخل التي تهم القصور‪ -‬القصبات وترميم المعالم الثرية‬
‫‪.3‬تدخلت على المستوى الجتماعي والثقافي‬

‫إن الهدف م ن إعادة تأهي ل السك ن والمناط ق الحضري ة ه و تلبية احتياجات‬


‫وطلبات كل الطبقات الجتماعية وذلك عبر‪:‬‬
‫‪-‬الملءمة الجيدة للعرض مع حاجيات السكان وقدراتهم المالية‪.‬‬
‫‪ -‬تكثي ف انتشار المساك ن بمعدل يتراوح م ا بين ‪ 40‬و ‪ 45‬م سك ن في‬
‫الهكتار الواحد وذلك بحك م محدودية المكانيات والمجالت العقارية‬
‫المتاحة‪.‬‬
‫‪-‬حماية الرث العقاري وإعادة تأهيل الحياء ضعيفة التجهيز‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪.8‬مسؤولية الدولة في تدبير الموارد‬
‫لق د بادرت وزارة الفلحة إلى تعمي م وتقنين‬
‫استعمال الموارد ب وضع البنيات ذات ا لنفع‬
‫الجماعي‪ .‬إل أن ه يجب إخراج الن ص القانوني‬
‫إلى حي ز الوجود و ذلك م ن أجل خلق و تنظيم‬
‫مجموعات التنمي ة الفلحية‪ .‬فعلى المستوى‬
‫الترابي الملئم‪ ،‬ي سمح اختيار هذا النوع من‬
‫البنيات بانخراط ا لفاعلي ن ف ي المسؤولية لضمان‬
‫ص يانة واستغلل التجهيزات المائي ة والغابوية‬
‫الجماعية والحفاظ عليها‪.‬‬
‫‪.8‬تطوير آليات الدعم والمساعدة‬
‫إن تطو ير آليات الدع م والمسا عدة هو اختيار سيا سي محض‪ .‬في هذا المجال‬
‫يج ب أن تست ثمر سياس ة اجتماعي ة قوي ة تعتمد مبدأ التآزر والتضامن‪ .‬كم ا يجب‬
‫تقوية الديناميات المحلية ذات الوظيفة البيئية والتراثية‪ .‬هذه السياسة يجب أن تهم‬
‫أساسا الميادي ن الفلحية‪ -‬البيئي ة وحماية التراث والح د م ن التصحر‪ .‬و يمكن أن‬
‫تتطور إلى التزامات تعاقدي ة تدم ج الفاعلي ن المعنيين ‪ :‬الدولة ـ الجماعات‬
‫الترابية ـ المؤسسات العمومية والقطاع الخاص وجمعيات المجتمع المدني‪ .‬كما‬
‫يجب التركيز على د ع م المجتمع الدولي ف ي ظل الكراهات المالية حيث أن‬
‫وض ع برنامج متما س ك وفعال يبرز إرادة ا لسلطات و يبق ى أمرا ضروري ا لتنفيذ‬
‫وتطبيق المشروع الوطني لنقاذ الواحات‪.‬‬

‫تفعيل مشروع التهيئة والنقاذ‬ ‫‪V‬‬

‫إن تفعيل م شروع م ن هذا الحجم وم ن هذا النوع سيتم على المدى المتو سط‬
‫والبعيد‪ .‬حيث يتعلق المر بمشروع طموح يتطلب نف سا طويل وي ستد عي أساسا‬
‫توفير الشرو ط الملئم ة لتأهيل النظام الفلحي‪ -‬اليكولوج ي الواحي وإعادة‬
‫العتبار للفلحة الواحي ة‪ ،‬وذلك ف ي أفق ‪ 10‬و ‪ 30‬و ‪ 50‬سنة‪ .‬فبالفعل‪ ،‬أمام‬
‫الستقطاب الكبير للمدن ونمط الحياة الحديثة‪ ،‬فإن الرتباط بالرض والمجال لن‬

‫‪30‬‬
‫يه م من ال ن فصاعدا الجيال الجديدة الت ي تغذي حاليا الفواج المتزايدة‬
‫للمهاجرين نحو أوربا ونحو المدن المغربية الكبرى‪.‬‬

‫إن الحصاء الخير لسنة ‪ ،2004‬ي وضح بجلء بالنسبة للجماعات الواحية‬
‫المعني ة بالتدهور البيئي‪ ،‬أهمي ة حركة الهجرة‪ ،‬لذا يج ب التفكير في م ستقبل‬
‫الواحات ارتباط ا بهذا المعط ى الجتماع ي الجديد‪ ،‬وذلك بتعبئ ة ك ل الوسائل‬
‫والمكانيات التي من شأنها أن تعيد لهذا المجال قدرته الستقطابية أو على القل‬
‫بعث قيمته على المدى البعيد‪.‬‬

‫فتفعيل الم شروع سيتم على م ستويين ‪ :‬المستو ى الوطن ي ث م المستوى المحلي‬
‫والجهوي‪ ،‬استنادا إلى الحواض المحددة من ط رف المشروع‪ ،‬وذلك وفق‬
‫مسلسل ت واصلي م ستمر ومتكرر ي مك ن الدولة م ن تصح يح برامجها حسب‬
‫الحاجيات الحقيقية المع بر عنه ا محليا‪ ،‬ويمك ن كذلك هذا المستوى المحلي من‬
‫تصح يح مشاريع ه وفق التوجهات الوطنية‪ .‬و يعت بر التعاق د في هذا الشأ ن نمطا‬
‫ملئم ا لتوحي د الهداف المشتركة ل مختلف الفاعلين‪ ،‬وتحدي د المسؤ وليات وتدبير‬
‫أفضل للموارد‪.‬‬

‫ـ على المست وى الوطني ‪ :‬يعتبر المشروع إطارا لتن سيق و تناغم مختلف‬
‫تدخلت الدولة‪ .‬فطبيعة العمال التي يجب اتخاذها على هذا المستوى تتعلق أول‬
‫بتوفير الظروف والستجابة للشروط التي تدخل في اختصاصات الدولة ‪ :‬كاتخاذ‬
‫التدابير المؤسساتية والتنظيمية كتلك التي تتعلق بإحداث الجهات الدارية لمجالت‬
‫الواحات أو بتن ظيم الد عم والتعاو ن الدوليي ن وكذلك بالتخطيط ال ستراتيجي‪.‬‬
‫بالضافة إلى التدابي ر القانوني ة كتلك التي تتعل ق بتفعيل ب عض مقتضيات قانون‬
‫الماء مثل‪ .‬لق د أصبحت مهن إنعاش الديناميات المحلية وتح سي س الفاعلين وخلق‬
‫حركي ة دؤوبة ب ي ن مختلف القوى الحي ة ف ي كل مجال على حدى و مصاحبة‬
‫المجالت على مست وى تنمية القدرات والتك وي ن من ا لمهن ال ساسي ة التي يجب‬
‫اكتسابها لتطوير الحكامة المحلية؛‬

‫ـ على المستوى المحلي‪ ،‬هذا المست وى ه و الذي يوفر شر طي الوحدة‬


‫الزماني ة اللزم ة للبرمج ة والوحدة المجالية اللزم ة لتفعي ل المشاريع‪ .‬ويرتكز‬
‫تفعي ل المشروع أساسا على ا لمنه ج الترابي ومفهوم مجالت المشاريع‪ .‬فهذه‬
‫المنهجي ة تنبن ي على خلق أو دع م هيكل محلي للتنمي ة المست دامة المحلية‪ ،‬هيكل‬
‫يجمع على مستوى كل حوض مجموع الفاعلين المعنيين في ميدان التنمية المحلية‬

‫‪31‬‬
‫حول مفه وم الوحدة الترابية ذات الهوي ة المحلية‪ ،‬والت ي من شأ نها أن تكرس‬
‫الهوية وتم ن ح للجه ة قيم ة حقيقي ة ينبني علي ها المشروع المحلي المشترك‪ ،‬على‬
‫المدى المتوسط والبعيد ‪.‬‬

‫لهذا سيقوم الفاعلون المحليون باقتراح وتبن ي مشاريع شاملة ومن دمجة على‬
‫مست وى ك ل حوض وف ق هذا المسلسل الت شاوري والتفاوض ي بين الجماعات‬
‫المحلية والدولة‪ ،‬و الذي سيمنح اعترافا وطنيا بالمشاريع المحلية‪ .‬وتكمن صعوبة‬
‫تفعي ل مث ل هذه المشاري ع ف ي طابعها ا لفقي وتعد د المتدخلين‪ .‬فجميع قطاعات‬
‫الدولة معنية بهذا المشروع وهو ما يحتم التعاون فيما بينها‪.‬‬

‫وتجدر الشارة إ لى أن المشاري ع المعتمدة من طرف القطاعات الحكومية‬


‫والمؤس سات العمومي ة كالمكاتب الجهوي ة للس تثمار الفلحي بك ل من ورزازات‬
‫والراشيدية‪ ،‬وكذلك المبادرات التي يقوم بها السكان‪ ،‬والجمعيات الغير الحكومية‬
‫والتجارب ذات الطاب ع العلمي الت ي يقوم به ا المعه د الوطن ي للبحث الزراعي‪،‬‬
‫سيتم تطعيمها ودمجها وتنسيقها حتى تنتج القيمة الضافية الضرورية‪.‬‬

‫‪32‬‬
33

You might also like