Professional Documents
Culture Documents
المجتمع المدني والتنشيط السوسيوثقافي
المجتمع المدني والتنشيط السوسيوثقافي
معمومات التواصؿ
Bensouissi.hela@yahoo.fr
1
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
اىتمت ىذه الدراسة بموضوع المجتمع المدني وعالقتو بالتنشيط السوسيوثقافي والنتائج التي أفضت إلييا
انطالقا من تحديد أىمية مصطمح المجتمع المدني الذي لقي انتشا ار واسعا لمتعبير عن تمك القوى الفاعمة
المختمفة والمتعددة التي تنشط في المجتمع المدني بيدف تحقيق مطالب واحتياجات الجماعات التي تمثميا
ومن أىميا الجمعيات غير الحكومية .وتيدف ىذه الدراسة إلى ابراز دور ىذه الجمعيات في المجتمع
المدني من أجل تحقيق التواصل االجتماعي ومدى مساىمتيا في دعم التنشيط السوسيوثقافي من خالل
المؤسسات الثقافية ومختمف أعماليا الفنية واإلبداعية ،وبالتالي مدى مساىمتيا في النيوض بالواقع
السوسيوثقافي وتحقيق التنمية الثقافية.ولتفكيك طبيعة ىذه العالقة اعتمدنا عمى المنيج الكيفي بغرض
التحقق من فرضية ميام الجمعيات غير حكومية تساىم في دعم التنشيط السوسيوثقافي وتحقيق التواصل
االجتماعي وأن العالقة بينيما ىي عالقة تفاعمية تكاممية باألساس.
المقدمة :
لقد حضي مفيوم المجتمع المدني بقدر من األىمية فرضتو عودتو القوية في بداية سبعينات من القرن
الماضي في أوروبا الشرقية أوال ثم في كامل أوروبا وباقي دول العالم.
ولقد شيد ىذا المفيوم المدني مند ظيوره العديد من التغييرات التي ارتبطت باختالف المفكرين والفالسفة
الصراعات
خضم ً
ً وبحسب اختالف المجتمعات وخصوصياتيا ،باإلضافة إلى أن نشأتو جاءت في
السياسية واالجتماعية الذي عرفو المجتمع االوروبي مند القرن السابع عشر .ومن الطبيعي أن تتباين
اآلراء من حول ىذا المفيوم .فمقد انتقل متأخر إلى العالم العربي أي في حدود أواسط القرن العشرين أين
عرف رواجا واسعا خاصة في البمدان التي تبنت مشروع التحول الديمقراطي.غير أن االستخدام الواسع
ليذا المفيوم من قبل تيارات مختمفة كرس نوعا من الغموض والتشتت وصعوبة التأصيل النظري ليذا
2
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
المفيوم ،ولكن عمى الرغم من ىذا الموقع الذي يحتمو ىذا المفيوم إال أن الجدل مازال مستم ار من حولو
باعتبار أنو يعد من المواضيع والمصطمحات التي تمقى رواجا أكاديميا في العصر الحديث عمى جميع
األصعدة .كما أنو يعتبر من المواضيع المتجددة والتي يبقى االسيام فييا مفتوحا في إطار المقاربات
العممية االنثروبولوجية والسوسيوثقافية .إن ىذا الجدل واالنتشار الذي عرفو ىذا المصطمح في السنوات
األخيرة جاء لمتعبير عن تمك القوى االجتماعية المختمفة والمتنوعة الفاعمة والتي تنشط في المجتمع والتي
تسعى إلى تحقيق أىداف ومطالب واحتياجات األفراد والجماعات،إذ أصبحت قيمة مختمف المجتمعات
كمكمل
ً بالدور الذي يقوم بو المجتمع المدني ومختمف مكوناتو
حد كبير ً
وال ًشعوب تقاس وترتبط إلى ً
وكمساعد بل وكشريك فاعل في تحقيق التًنمية الشاممة.
لقد اعتبر المجتمع المدني حمقة وصل ىامة وضرورية بالنسبة لتقدم المجتمعات وتطور الشعوب في
جميع المجاالت وعمى جميع األصعدة سياسيا،اجتماعيا،ثقافيا واقتصاديا أيضا .كما تمعب الجمعيات غير
الحكومية باعتبارىا العمود الفقري لممجتمع المدني واحدى مكوناتو األساسية دو ار ىاما في مساعدة االفراد
عمى تحقيق أىدافيم وطموحاتيم .فالعمل الجمعياتي أصبح يمثل المرآة العاكسة لمقضايا االجتماعية
والفكرية والثقافية التي تطغى عمى المجتمع،وىو يرتبط أيضا باالىتمامات الشبابية وتطمعات ىده الفئة
يعد أساسا لكل ما يوضع من سياسات وبرامج
الحساسة التي كانت ميمشة في الحقل الفكري والثقافي،وىو ً
ميما كانت أىدافيا .كما أن العمل الجمعياتي يساعد عمى خمق روابط بين اإلنتاج الفكري والثقافي
والجميور ويساىم في نشر الوعي المشترك بأىم القضايا التي يطرحيا.
وفي ىذا االطار عرفت المجتمعات العربية ومن بينيا المجتمع التونسي في العقود األخيرة حركية
ممحوظة في تقوية وتوسيع النسيج الجمعياتي الذي يستقطب االفراد وخاصة الشباب في االنخراط في
اعمال جماعية ثقافية واجتماعية منظمة تقوم أساسا عمى التطوع في مجاالت متعددة ومتنوعة منيا
الثقافية واالجتماعية واالقتصادية وغيرىا .ولقد بمغ المجموع العام لمجمعيات في تونس سنة 6102إلى
3
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
04466جمعية .0ويشير ىذا العدد المتنامي باستمرار إلى االقبال الكبير نحو العمل المدني الذي يدل
بدوره عمى الوعي المجتمعي بالمكانة التي ال بد أن يحضى بيا المجتمع المدني بتونس .وتتوزع الجمعيات
عمى جميع واليات الجميورية وتأتي والية تونس في مقدمة الواليات والتي تضم أكثر عدد من الجمعيات
5352جمعية،في حين تتوزع بقية الجمعيات بأعداد مختمفة بين بقية الجيات حيث تتمركز 434جمعية
بوالية سوسة في حين لم تسجل والية زغوان سوى 642جمعية وتوزر 652جمعية .6وتم احداث أغمب
الجمعيات بعد الثورة حيث تكونت بوالية تونس 6004جمعية من جممة 5352بعد 04جانفي 6100
و 452جمعية بسوسة و 054جمعية بتوزر و 055جمعية بتطاوين.5
وخاصة
ً ولذلك تسعى الدولة بفضل االستراتيجيات التًنموية التي تعتمدىا إلى اعطاء الفرصة لمواطنييا
عممية انخراطيم
طوعية والمساىمة في تنمية مجتمعاتيم ،وذلك عن طريق ً
لمشباب من خالل المشاركة ال ً
وجمعيات غير حكومية تعمل لمصالح العام في مختمف الميادين من أجل تعزيز
ً في تمك تنظيمات
االجتماعية المختمفة .ولكن رغم مختمف ىذه
ً التًماسك والتًضامن االجتماعي بين الفئات والًطبقات
المجيودات إال أن ىذه الدولة بجميع ىياكميا ومؤسساتيا ليس ليا القدرة عمى استيعاب تطمًعاتيم دون
غالبية
ً يسبب نوىا مف االحباط لدى
''مما ً
إمكانية حقيقة لمدولة إلإشباع تمك التًطمعات واألماني ً
ً وجود
شباب نتيجة لمضغوط النفسية واالجتماعية التي تالحقو والتي تحوؿ دوف تحقيؽ رغبتو في اال نجاز
ال ً
الذي ربما يقدر عمى تحقيقو فعؿ،وتحوؿ أيضا دوف الوصوؿ إلى تحقيؽ طموحاتو'' 4.ومن ىنا جاءت
الحاجة الممحة إلى العمل الجمعياتي باعتباره يدخل ضمن المؤسسات االجتماعية والثقافية ويشكل دعامة
المجتمع وذلك من خالل توفير المناخ المالئم لتأطير الشباب وتمكينيم فعميا من ابراز ادوارىم الفعالة في
المجتمع من جية ،باإلضافة إلى العمل عمى ادماجيم في عممية النمو االجتماعي واالقتصادي وفتح
المجال لإلبداع واالبتكار من جية ثانية.
-دراسة حول واقع المجتمع المدني بتونس،مركز إفادة لإلعالم والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات،ماي ،6102تحت موقع
1
http:/www./jamaity.org/2016/06.
2
-- .نفس المرجع السابق
3
-نفس المرجع السابق.
4
Galland (Olivier),les jeunes,paris,la découverte, edit2011,p32.
4
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
وبناءا عمى ذلك يمكن القول بأن العمل الجمعياتي لم يعد ظاىرة ثقافية فحسب بل أصبح
ظاىرة اجتماعية تستوجب منا االىتمام والبحث في األسباب العميقة التي تحول دون تحقيق الشباب
لطموحاتيم رغم المجيودات التي تبذليا الدولة مع ابراز أىمية دور المجتمع المدني وتحديدا دور
الجمعيات غير الحكومية في المجتمع التونسي في دعم التنشيط السوسيوثقافي وتحقيق التواصل
االجتماعي.
إذا وحتى نكسب ىذا العمل الكثير من االنسجام وفقا لمقتضيات اكاديمية،وعالوة عن المقدمة
والخاتمة قسمنا ىذا العمل إلى قسمين اثنين يعنى األول بالجانب النظري والمنيجي،ذلك أنو يضم
االشكالية والفرضيات والمفاىيم والمنيجية المعتمدة في ىذا البحث .أما القسم الثاني فيضم نتائج البحث
الميداني مع محاولة لتقييميا.
الجمعيات غير
ً النحو التًالي :فيم يتمثل دور
إشكالية بحثنا عمى ً
ً بناء عمى ما سبق ،تتحدد
المدني في مجال
ً ونسي كتجسيد تطبيقي لفكرة المجتمع
الحكومية التي تستيدف فئة ال ًشباب في المجتمع التً ً
السوسيوثقافي؟ وما طبيعة العالقة بينيما؟ ىل ىي عالقة متكاممة أو متناقضة؟
التًنشيط ُ
وتبعا ليذه اإلشكالية ارتأينا إلى اعتماد فرضيتين اثنتين تتمثل أساسا في :
ميام الجمعيات غير الحكومية تساىم في دعم التنشيط الوسيوثقافي وتحقيق التواصل
االجتماعي.
وسيوثقافي ىي عالقة تفاعمية تكاممية باألساس.
ً الس
الجمعيات بالتًنشيط ُ
ً عالقة
5
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
لقد تعددت التعريفات لمفيوم المجتمع المدني تبعا لالختالفات االيديولوجية بين الباحثين والمفكرين
فنجد المفيوم الميبرالي لممصطمح مختمفا عن الفيم الماركسي وكل منيما يختمف عن الفيم الديمقراطي
الراديكالي واإلسالمي لو’’ .فيو مفيوـ ضبابي ومطًاط عمى نحو ال مناص منو،بحيث أنو ال يوفر
3
يعرف المجتمع المدني ''بأنو كؿ
بسيولة قد ار كبي ار مف الدقة'' .ولكن وعمى الرغم من ىذه االختالفات ً
المؤسسات التي تتيح لألفراد القدرة عمى التمكيف مف الخيرات والمنافع دوف تدخؿ أو وساطة مف
الدولة'' 6.ويعرف’’ستيفن ديمو’’''المجتمع المدني بأنو األشكاؿ العديدة والمختمفة مف الجمعيات التي
تشير إلى فعؿ الخير المستقؿ،والدي يوفر لألفراد حرية تتبع عدد متنوع مف خبرات الحياة التي تتيحيا
تجمعات متنوعة ويستطيع األفراد االنضماـ إلييا'' .7كما خضع ىذا المفيوم إلى مسارات فكرية
عديدة،فيو مفيوم يرادف المجتمع السياسي المتكون بناءا عمى التعاقد االجتماعي''،إذ يؤلؼ عدد مف
الناس جماعة واحدة ويتخمى كؿ منيـ عف سمطة تنفيد النشر الطبيعية التي يتنازؿ عنيا لممجتمع ينشأ
عند دلؾ فقط مجتمع سياسي أو مدني''.8ولكن ىناك من انتقد مفيوم التعاقد االجتماعي لممجتمع المدني
ألنو يشكل''فكرة مثالية لممفيوـ،باعتبار أف المجتمع في صبغتو التعاقدية قاصر عمى تحقيؽ األمف
5
-جون اهنبرغ،المجتمع المدني،التاريخ التقدي للفكرة،ترجمة علي حاكم صالحوحسين ناظم،المنظمة العربية للترجمة،بيروت،8002،ص.440
6
- Badie(Bertrand),L’Etat Importé:L’occdentalisation politique, nouvelle édition,2017, URL
https://livre.fnac.com/a10293532/Bertrand-Badie-L-Etat-importe-L-occidentalisation-de-l-ordre-politique.
7
-فاطمة علي أبو الحديد،دور المجتمع المدني في مواجهة الفقر في المناطق العشوائية،دار معرفة الجامعية،8008،ص.00
-محمد عابد الجابري،المجتمع المدني بين المدني والمفيوم،مجمًة مواقف،العدد،5،6113ص.41
8
6
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
تميز
السبب يعود إلى ما ً
لمدولة،ػولعؿ ً
ً وعمى حماية المصالح الخاصة فضال عف المصالح العامة
مكونات المجتمع المدني مف تناقض في المصالح''.9
ً
الجمعيات غير الحكومية ال يمكن فصميا عن مفيوم المجتمع المدني ألن ىذا
ً إن مفيوم
أىم الوحدات المرًكبة لممجتمع المدني
فالجمعيات ىي ً
ً جمعيات مستقمًة وناشطة، ً االخير ال يتحقق دون
تدؿ عمى مجموعة مف األفراد ينتظموف السياسية والًنقابات والنوادي''وىي منظًمات ً
إلى جانب األحزاب ً
الجمعيات
ً يشبو
محددة وأىداؼ مرسومة،وىناؾ مف ً
فييا بمقتضى قواعد مضبوطة ونتائج ً
بالمؤسسات،حيث يعتبرىا تركيبة يبتدعيا اإلنساف بالتعاوف مع األفراد اآلخريف في المجتمع وبالتالي
ً
كالزواج والعائمة ومختمؼ الييئات''.10
كؿ التنظيمات القائمة في المجتمع ً
المؤسسة ىو ً
ً فمفيوـ
9
-Muxel(A),L’experience politique des jeunes,Paris,Edition presses de Sciences Po,2001,p12.
10
-Ibid,pp15-16.
11
-Hemel(Carl),Eléments d’épistomologie,2 em edition 2002,p28.
-محمد بن عمي ،التنشيط :األساليب والتقنيات ،منشورات عالم المعرفة ،الدار البيضاء ،6114ص .03
12
7
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
نظ ار لمطبيعة الكيفية لموضوع المجتمع المدني وتحديدا الجمعيات غير الحكومية وصعوبة
تحديد عالقتيا بمسألة التنشيط السوسيوثقافي عمى نحو ما تبينا من خالل تحميمنا لجممة من المعطيات
المتوفرة في بيئة أو فئة أو جنس معين من االفراد،قامت دراستنا الميدانية التي أنجزناىا بين شير فيفيري
ومارس 6104في والية تونس الكبرى .ووقع اختيارنا عمى جممة من الخيارات المنيجية التي تتعمق
بالخصوص بالمجال البشري أو العينة وأيضا بتقنية جمع البيانات .ولقد اخترنا والية تونس الكبرى نظ ار
لكونيا تحتوي عمى العدد االكبر من الجمعيات 6004 ،جمعية من جممة 5352بعد 04جانفي
.056100تنشط في قطاعات مختمفة .كما اعتمدنا في ىذا البحث عمى''المنيج الوصفي التحميمي'' نظ ار
المكونة لممجتمع من جية ،ونظ ار لما
ّ لما يمثّمو من أىمية عمى مستوى التحميل البنيوي الوظيفي لمعناصر
السببية
الوظيفية و ً
ً المتغيرة ومعرفة عالقتيا
ّ أىمية في عممية تحميل التفاعالت بين العناصر
تممكو من ّ
النسق المجتمعي من جية ثانية.
بتغير ً
ّ
أ.العينة:
من المعروف أن العينة التقاس في البحوث الكيفية بحجميا أوبطريقة اختيارىا وال بتمثيميتيا
العددية لممجتمع األم ’’بؿ بمدى قدرتيا عمى استخراج أغمب مايحكـ سموؾ وآراء فئة معينة مف أفراد
04
المجتمع،باعتبارىـ فاعميف مباشريف لما أتوه مف أفعاؿ ولما بنوه مف مواقؼ ومناطؽ وأىداؼ’’ .
---دراسة حول واقع المجتمع المدني بتونس،مركز إفادة لإلعالم والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات،ماي ،6102تحت موقع
13
http:/www./jamaity.org/2016/06
14
-Frisch(Françoise),Les études qualitatives, Editions d’organisation, Paris;1999,p106.
8
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
وعمى ىذا األساس تم اختيارنا بصفة عشوائية عمى ستة افراد من أصيمي والية تونس الكبرى،
وتتمخص جممة الخصائص التي تميزىم فيما يبينو
ً وىم أعضاء ومنخرطين في جمعية’’تمكين ال ًشباب’’.
الجدول الموالي:
9
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
المصدر:الدراسة الميدانية
إذا من خالل ما يتضمنو ىذا الجدول السابق من معطيات يكون من الميم أن نسوق
المالحظات التالية:
ينتمي أفراد المجموعة في الغالب إلى فئة الشباب،موزعين بين اناث وذكور وتتراوح
أعمارىم بين 60سنة و 53سنة باإلضافة إلى كونيم يتميزون بمستويات تعميمية ىامة
بالرغم من التفاوت الممحوظ عمى المستوى التعميمي :تعميم ثانوي وتعميم عالي.
كان أغمب أفراد المجموعة من المنخرطين بينما نجد رئيسا ونائبا رئيس واحدا،أيضا
عضوا واحدا.وىدا يعود إلى طبيعة تركيبة الجمعيات،فكل جمعية ليا رئيس واحد
لضمان نجاح العمل الجمعياتي التطوعي.مع ضرورة تضامن كل االفراد المخرطين
لتحقيق التواصل االجتماعي.
تنوعت دوافع االنضمام إلى الجمعية فنجد أن أغمب األفراد يرجعونيا إلى حب الخير
والواجب االخالقي والضرورة االنسانية،وىذا يدل عمى أن ىدف األفراد داخل الجمعية
ىو مساعدة االخرين والرفع من معنوياتيم وتمكينيم بالتالي من إبراز أدوارىم الفعالة في
المجتمع.
لقد تنوعت وتعددت مجاالت العمل الجمعياتي لجمعية ’’تمكين الشباب’’فنجدىا
تشارك في المجال الثقافي واالجتماعي واإلبداعي.
10
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
إن عممية توزيع األدوار داخل ىذه الجمعية تتم وفق مبدأ التشاور والتعاون واعتماد
اسموب الحوار كمنيجية عمل بين مختمف أفراد واعضاء الجمعية لكي تنجح عممية
التواصل والتفاعل االجتماعي بينيم.
ب.تقنيات البحث:
لقد اعتمدنا في بحثنا الميداني عمى تقنية المقابمة الفردية المعمقة وىي تقنية كيفية تتماشى
والمقاربة الفردانية المنيجية التي وضعنا ىدا البحث في إطارىا .وعموما حاولنا عن طريق جممة من
المقابالت التي أجريناىا مع ىؤالء االفراد إدراك المعاني والغايات التي يريد الفاعمين االجتماعيين
إضفاءىا عمى ممارساتيم وعمى األحداث ''التي كاف بإمكانيـ أف يكونوا شيودا عمييا وحيف نرغب في
ويعرفوف انطالقا منيا'' ،15ألف بيف
يوجيوف أنفسيـ ً
المعيارية التي ً
ً توضيح انساؽ القيـ والمرتكزات
الواقع التًي يجمي داخؿ الجماعات توجد وقائع تعكس طبيعة الجماعة مف حيث كونيا جماعة في
ذاتيا وال تعكس فقط طبيعة أفرادىا'' .16
باإلضافة إلى ما تم رصده من خصوصيات مشتركة بين مجموعة األشخاص الذين أجرينا
معيم المقابالت الفردية كتميزىم بمستوى تعميمي ىام أو انتمائيم إلى فئات شبابية نشيطة،يمكن القول أن
أول النتائج الكيفية التي تم تبينيا من خالل العمل الميداني عموما ىو أن العمل الجمعياتي ىو مكون
أساسي من مكونات المجتمع المدني يعمل عمى تحقيق أىداف مرسومة والوصول إلى غايات واضحة
وقابمة لمتطبيق .وبعد القيام بعممية تصنيف نتائج البحث الميداني،بدا لنا من الممكن تفسير وتحميل
الفرضية األولى التي اعتمدناىا في ىذا البحث واعتبار بأن ميام الجمعيات تساىم في دعم التنشيط
السوسيوثقافي وتحقيق التواصل االجتماعي باعتبار أن عممية انضمام االفراد إلى الجمعيات تساىم في
تحقيق التماسك االجتماعي بين األفراد''إف درجة التماسؾ االجتماعي تعتمد عمى طبيعة الجماعة
15
Blanchet ( A ) et Gotman ( A ),L'enquete et ses méthodes,Paris,1992,p27.-
16
Mauss ( Marcel ),Essai de sociologie, Paris,Es,du Minuit,1968,p8.-
11
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
والمنظمات والمجتمعات التي تؤثر تأثي ار كبي ار ومباش ار في أنماط سموؾ األفراد'' .17وبناءا عمى ذلك يمكن
أن نستنتج أن من أىم مبادئ العمل الجمعياتي ىو السعي إلى تحقيق التماسك االجتماعي أو المحمة
االجتماعية عمى حد عبارة دوركايم .كما توجد مبادئ أساسية أخرى ىامة يقوم عمييا العمل الجمعياتي
ولضمان تماسكيا واستم اررتيا وبالتالي إلبراز أىمية دورىا في المجتمع وتحقيق التواصل االجتماعي بين
االفراد والجماعات.
بالعودة إلى االرث السوسيولوجي الكالسيكي نجد أن اميل دوركايم قد استند إلى مفيوم
التماسك االجتماعي في كتابيو تقسيم العمل والعمل االنتحاري واىتم في أبحاثو إلى ابراز الصمة الدقيقة
بين الفرد والمجتمع وطرح بالتالي ثنائية '' التماسك االجتماعي أو التضامن االجتماعي'' ،وىو عبارة عف
شبكة الروابط االجتماعية التي تشد أفراد المجتمع إلى بعضيـ البعض.18
وتقول في ىذا اإلطار إحدى المستجوبات التي اجرينا معيا إحدى المقابالت '':الفرد وحدو
جمعية ما خاطرىا
ً ماينجمش يوصؿ ويحقًؽ طموحاتو إال بالتًعاوف مع أفراد آخريف أو يكوف مشارؾ في
قوية ،وينجـ يواجو المشاكؿ المي تعترض طريقو'' .
ىي المًي تساعدو باش تكوف عندو شخصية ً
إذا من خالل ىذا القول يمكن أن نستنتج أىمية العمل الجمعياتي والمشاركة في الحياة
الجمعياتي،نظ ار لما تحققو من أىداف في جميع المجاالت اجتماعية كانت أو ثقافية او أيضا ابداعية،
وىذا ما لمسناه فعميا في جمعية ’’تمكين الشباب’’ .ويمكن القول بان ىذه الجمعية تنشط في المجال
االجتماعي والثقافي،إذ نجدىا تسعى دائما إلى نشر الوعي الفردي والجماعي عن طريق فتح المجال أمام
الشباب لمتعبير عن رغباتيم والتعرف عمى العالم الخارجي،باإلضافة إلى صقل المواىب
وتطوير المعارف والمساىمة في التنشئة االجتماعية وخمق عالقات وروابط جديدة .كما أنيا تساىم في
--ايميل دوركايم،في تقسيم العمل االجتماعي،ترجمة حافظ الجمالي،المجنة المبنانية لترجمة الروائع ،بيروت،الطبعة الثالثة،6100،ص60
17
18
-نفس المرجع والصفحة.
12
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
التوعية بالمشاكل االجتماعية والثقافية ويبرز ذلك من خالل مساىمتيا في إقامة الندوات الثقافية العممية
والتظاىرات الشبابية مع الجيات ذات العالقة أي بالمؤسسات الثقافية والتي تيتم بمجال التنشيط الشبابي
والثقافي،فيده المؤسسات توفر الفرصة المثالية لاللتقاء والتواصل وحقال معطاءا وشاسعا لتبادل اآلراء
والرؤى،حيث يمكن أن تنفتح عمى العطاء واإلبداع الفني،وعميو يمكن أن يتحقق التواصل االجتماعي
وتبادل المعارف والتجارب والخبرات وىدا ما صرح بو احدى المستجوبين خالل ىذا البحث الميداني'' :إف
اليدؼ األساسي التي تسعى إلى تحقيقو جمعيتنا ىو تحقيؽ التواصؿ االجتماعي بيف االفراد وتبادؿ
االفكار لكي تحصؿ الفائدة العامة أو المصمحة العامة''.
وليده الجمعية دور تكميمي ونتبين ذلك من خالل سعييا المتواصل إلى تنشئة األعضاء
وابراز مواىبيم وصقل الطاقات التي تأخذ اشكاال متعددة في صورة أنشطة مختمفة ومتنوعة مما يكسبيم
الثقة في النفس وتجعميم أكثر ايجابية وأكثر مساىمة في الممارسة الجمعياتية ودلك من خالل االىتمام
بالجوانب االبداعية وتشجيع المواىب االبداعية عمى مختمف المستويات واألعمار باإلضافة الى مساىمتيم
في ايجاد المؤسسات المتخصصة لصقل المواىب االبداعية وتنميتيا .
إن ما يمكن استنتاجو من خالل ىذا البحث الميداني أيضا ،أننا الحظنا نوعا من التنسيق
والتعاون بين مختمف أعضاء ومنخرطي ىذه الجمعية،فأغمب أفراد العينة المستجوبة صرحت بأنيم
يفضمون اعتماد اسموب الحوار وتبادل األفكار ،فيم ال يريدون االنفراد بالسمطة عند أخد الق اررات أو في
أي مسالة من المسائل المرتبطة بالجمعية .إن حب العمل الجمعياتي التطوعي الجماعي ىو الدافع
األساسي والرئيسي الذي يجمع بينيم .كما أنيم يقرون بأن التفاعل والتضامن بين مختمف االعضاء
13
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
والمنخرطين ىو ضرورة انسانية يؤدي إلى تحقيق التواصل االجتماعي.وبالتالي فأن المجتمع المدني لو
دور في تحقيق التواصل االجتماعي.اذا تمثل مؤسسات المجتمع المدني جوىر المجتمعات الديمقراطية
المتحضرة’’،وىي منظمات تقوـ بعممية تثقيؼ وتفعيؿ مشاركة الناس في تقرير مصيرىـ السياسي
ومواجية األزمات والتحوالت السياسية التي تؤثر في مستوى حياتيـ ومعيشتيـ باعتبارىا مف أىـ
قنوات المشاركة داخؿ المجتمعات التي تبيح المشاركة السياسية بكؿ ديمقراطية’’.19
إذا من خالل ىذا القول نستنتج أن ميام جمعية’تمكين الشباب’’تساىم في دعم التنشيط
السوسيوثقافي وتحقيق التواصل االجتماعي وذلك من خالل تقديم جممة من الخدمات واألعمال واألنشطة
ألفراد المجتمع منيا ماىو يتعمق بالجانب االجتماعي التوعوي ،ومنيا مايتعمق بالجانب الثقافي االبداعي.
إن مثل ىده الخدمات تساىم فعميا في نشر روح التعاون وتحقيق التماسك االجتماعي بين مختمف مكونات
19
Muxel(A),L’experience politique des jeunes,Paris, Edition Press de sciences Po,2010pp15-16.
14
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
المجتمع،باالضافة في تحقيق االستقرار االجتماعي واالنسجام بين االفراد من خالل إتاحة فرص المشاركة
في الجيود التًنموية،والمساىمة في ابراز أدوارىم الفعالة في تحقيق التنمية الشاممة.
أفرزت نتائج البحث وتحديدا من خالل نتيجة الفرضية الثانية المعتمدة والتي مفادىا فعال بان
الجمعيات
ً وسيوثقافي ىي عالقة تفاعمية تكاممية باألساس،باعتبار أن ىذه
ً الس
الجمعيات بالتًنشيط ُ
ً عالقة
وسيوثقافي .وىذا ما أكده لنا رئيس
ً الس
غير الحكومية ىي التي تسعى الى دعم وتأطير عممية التًنشيط ُ
جمعية ’’تمكين الشباب’’،ومختمف األعضائا والمنخرطين ،باإلضافة الى كون عممية التنشيط تخضع
الجمعيات غير الحكومية
ً تقدميا ىذه
بدورىا إلى ارتباطيا ارتباطا كبي ار بطبيعة البرامج واألنشطة التي ً
الحقيقية لم ًشباب والى ضرورة التًطبيق الفعمي لمبادئ وأسس وتقنيات التًنشيط
ً لتمبية االحتياجات
وسيوثقافي'' .إف التنشيط السوسيوثقافي ىو عبارة عف مجموعة مف الممارسات واألنشطة
ً الس
ُ
والعالقات،وتتعمؽ ىذه الممارسات واألنشطة بالمصالح التي يعبر عنيا األفراد في حياتيـ الثقافية،
وبصفة خاصة في أوقات الفراغ ،التي يمكف تصنيؼ اىتماماتيـ عمى النحو التالي :فنية وفكرية
20
واجتماعية وعممية ومادية''.
pratiques,URL https://books.openedition.org/ies/1482.
15
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
وبناءا عمى ذلك يمكن أن نحدد جممة من االستنتاجات اليامة تتمثل في أن العمل السوسيوثقافي أصبح
ركيزة أساسية في تربية األجيال الجديدة من خالل الربط بين مجاالت اجتماعية ثالثة وىي المجال الثقافي
بماىو مجال لبناء التمثالت من جية،والمجال الشبابي بماىو مجال لتنشئة الفاعمين من جية ثانية
والمجال الترفييي بما ىو مجال لصياغة طرق العيش من جية أخيرة،فيدخل ضمن تكوينيم خمقيا ونفسيا
واجتماعيا،كما يحفز الشباب خاصة عمى االنخراط في األعمال الثقافية لتحقيق االفادة من الطاقات
الشبابية وتنميتيا لخدمة المجتمع.
الحقيقية
ً السوسيوثقافي ذو وظيفة تنفيذية وتوجييية في آن واحد ييدف إلى تحقيق التنمية
إذا إن الًتنشيط ً
لألفراد ،وذلك برفع قدراتيم المعرفية إضافة إلى تحقيق التواصل وفتح مجال لمحوار بين األفراد والمن ًشطين
والقائمين عمى عمميات التًنشيط وفيما بينيم وبين المؤسسات ًلراعية لمًشباب والثقافة ولقضاياىم.
16
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
الجمعيات وجيان
ً السوسيوثقافي و
كما يمكن أن نستنتج من خالل ىذا البحث أن التًنشيط ً
لعممة واحدة ،فال يمكن الحديث عن أحدىما دون ذكر االخر وىذا يتًضح لنا من خالل تحديدنا ألدوار كل
منيما ،فالًتنشيط الًسوسيوثقافي يسعى إلى تبسيط المعرفة وجعميا في المتناول بحيث يصبح الحديث ىنا
المتمعن من توظيف طاقاتو ومياراتو من أجل فيم ما يعترضو من قضايا واحداث عالقات
ً عن ال ًشخص
السوسوثقافي ىي جزء من ديناميكية معرفية أوسع
عممية التًنشيط ً
اجتماعية ىامة داخل المجتمع .كما أن ً
تيدف إلى الفيم واإلفيام قصد ترقية الوجدان وتطوير الذوق وتقويم السموك وتشجيع المبادرة والمنافسة
ماسة إلى من ًشط فاعل وقادر عمى تحقيق التواصل واالندماج
داخل المجموعة ،وىذه األخيرة في حاجة ً
ممحة في المجتمع حيث فرض
السوسيوثقافي اليوم ضرورة ً
عممية التًنشيط ً
االجتماعي .وعميو أصبحت ً
ومؤسساتيا.
ً نفسو نظرًيا
الخػػػػػػػاتمة :
في خاتمة ىذا العمل وفي ضوء نتائج البحث الميداني عمى وجو الخصوص يمكن أن نقول
أن عممية ازدياد اىتمام المجتمع المدني وتحديدا الجمعيات غير الحكومية باعتبارىا احدى أىم مكوناتو
األساسية وحاجتو الممحة إلى االعمال الثقافية ييدف أساسا إلى تقريب المادة الثقافية من كافة الشرائح
االجتماعية والعمرية لتأمين االستفادة الجماىيرية الواسعة من المنتوج الثقافي وضمان المشاركة الفعالة في
عممية االبداع فضال عن مساىمتيا في التنشئة الثقافية لألجيال الصاعدة ومساعدة الطاقات الشبابية
عمى صقل مواىبيم وتمكينيم من ابراز قدراتيم وأدوارىم الفعالة في تحقيق التنمية الثقافية من خالل
المؤسسات الثقافية ومختمف أعماليا الفنية واإلبداعية ،وىذه األخيرة ىي أساس تنمية المجتمعات وتفاعميا
17
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
فال يمكن ان تتحقق إال من خالل اإلنسان والعمل الثقافي فيو يعتبر من أىم أسس التنمية البشرية والتي
بدورىا تسعى إلى تحقيق التنمية الثقافية .ولكن ال بد أن نشير أيضا في خاتمة ىذا العمل بأن ىذه
الجمعيات غير الحكومية مثميا مثل مختمف الجمعيات الناشطة في مجال الثقافي والشبابي تتعرض في
مشوارىا االداري والثقافي إلى عدة مشاكل وصعوبات من أىميا مشكمة المقر فيي تعتبر المعضمة
االساسية التي تواجو أغمب الجمعيات،وأيضا نجد ان معظم الجمعيات تفتقد إلى الدعم المادي.
18
العدد التاسع
2102 – 7 – 2 :تاريخ اإلصدار
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
Heinz(Mose),Emanuel(Muller),Heinz(Wettstein)et Alex(Weller),Animation
socioculturelle ;Fondements, modèles et Pratiques, URL
https://books.openedition.org/ies/1482.
19
العدد التاسع
تاريخ اإلصدار2102 – 7 – 2 :
ISSN: 2663-5798 www.ajsp.net
20