You are on page 1of 6

‫األكثر قراءة‬ ‫منوعات‬

‫حقوق إنسان‬

‫بدائل االعتقال االحتياطي عىل ضوء مرشوع قانون املسطرة‬


‫الجنائية املغربي‬

‫إيمان االدريسي‬
‫‪ 26 21:00‬أبريل‪2020 ,‬‬

‫إن األصل في اإلنسان البراءة‪ ،‬إًذ ا ال يلقى القبض على أحد‪ ،‬وال يعتقل‪ ،‬إال طبًق ا للقانون وفق حكم حائز لقوة‬
‫الشيء المقضي به‪ ،‬وهذا ما أكدته المواثيق واالتفاقات الدولية‪ ،‬وكذلك كل التشريعات ومن بينها التشريع‬
‫المغربي ويعتبر االعتقال االحتياطي أهم إجراء ماس بحرية األفراد اعتمده المشرع بقانون المسطرة‬
‫الجنائية‪ ،‬لما يترتب عنه من سلب لحرية الفرد مدة من الزمن على الرغم من أنه لم يحكم بعد باإلدانة‪ .‬بل ال‬
‫يزال متمتًع ا بضمانة قرينة البراءة ما دعا بشكل أساسي للبحث عن آليات بديلة لالعتقال االحتياطي تكفل‬
‫سير تطبيق اإلجراءات القضائية دون اللجوء إلى سلب حرية المتهم‪.‬‬

‫إن البحث عن بدائل االعتقال االحتياطي من أهم التحديات التي تواجه التشريعات والسياسة الجنائية‪،‬‬
‫فالوضع تحت االعتقال االحتياطي يؤدي إلى تجاوزات تطال حقوق االفراد وتهدد حرياتهم وكرامتهم‪،‬‬
‫خاصة بالمرحلة التي تسبق المحاكم‪.‬‬

‫ولقد عمد المشرع المغربي إلى التأكيد على الطابع االستثنائي لالعتقال االحتياطي‪ ،‬وذلك من خالل توسيع‬
‫الخيارات المطروحة أمام األجهزة‪.‬‬

‫وسنتناول الحديث يشكل مفصل عن اآلليات التقليدية والحديثة في مقاربة االعتقال االحتياطي‪.‬‬
‫األكثر قراءة‬ ‫منوعات‬ ‫المحور األول‪:‬‬

‫المقاربة التقليدية لمواجهة االعتقال االحتياطي‬

‫لقد نظم المشرع المغربي نظام المراقبة القضائية‪ ،‬وذلك بمشروع قانون المسطرة الجنائية بالمواد ‪-160‬‬
‫‪ 161‬وبعض المواد المتناثرة‪ ،‬ويالحظ أن المشرع المغربي لم يعرف فقط ما ورد بالمادة ‪160‬؛ باعتبارها‬
‫بدياًل عن االعتقال االحتياطي‪ ،‬ما ترك المجال للفقه لمحاولة تعريفه‪ ،‬فيمكن القول إنه اإلجراء القسري الذي‬
‫يتخذه قاضي التحقيق في حق المتهم‪ ،‬وذلك بإخضاعه لواحد أو اكثر من التدابير أو االلتزامات كلما تعلق‬
‫األمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية‪.‬‬

‫وتعتبر المراقبة القضائية تدبيًر ا استثنائًي ا ال يعمل به‪ ،‬إال بالجنايات والجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة‬
‫للحرية‪ ،‬وذلك ما يتطابق كذاك مع توجه المشرع الفرنسي حيث إنه نص على نفس المقتضيات بالمادة ‪137‬‬
‫من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي‪.‬‬

‫إن اعتبار المراقبة القضائية بدياًل لالعتقال االحتياطي يؤكد العمل على صيانة مبدأ قرينة البراءة‪ ،‬والتي‬
‫تعد ضمانة أساسية للمحاكمة العادلة‪.‬‬

‫وباستقرائنا للمادة ‪ 175‬من مشروع قانون المسطرة الجنائية يتبين ان المشرع الزم قاضي التحقيق بتعليل‬
‫االمر الصادر باالعتقال االحتياطي‪ ،‬واشترط كونه كتابًي ا‪ ،‬ويبين كذلك األسباب التي حالت دون تطبيق‬
‫بدائله‪ .‬بينما في المقابل لم يلزمه بتعليل قراره بالوضع تحت المراقبة القضائية‪.‬‬

‫إن المادة ‪ 160‬من مشروع قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ترجع االختصاص لقاضي التحقيق بإصدار األمر‬
‫بالوضع تحت تدابير المراقبة القضائية لمدة شهرين قابلة للتجديد مرتين لنفس المدة إذا تعلق األمر بجنحة‪،‬‬
‫السيما ألجل ضمان حضوره‪ ،‬وهذا اإلجراء يعتبر إمكانية مخولة لقاضي التحقيق خالل سريان عملية‬
‫التحقيق‪ ،‬فله السلطة التقديرية التخاذه من عدمه‪.‬‬

‫كما نجد الفقرة الثانية من المادة ‪ 160‬أعطت للغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف الحق في النظر في‬
‫االستئنافات المرفوعة ضد أوامر قاضي التحقيق بشأن المراقبة القضائية‪ ،‬سواء من طرف المتهم أو النيابة‬
‫العامة‪ .‬ولقد اعتبرت الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف المالذ األكبر بعد قاضي التحقيق‪ ،‬ولها أن تضيف‬
‫تدبيًر ا آخر‪ ،‬أو أن تعدل التدابير المتخذة‪ ،‬كما يمكنها وهي تبت في استئناف قرارات قاضي التحقيق أن‬
‫تطبق تدبير الوضع تحت المراقبة القضائية بإخضاع المتهم لبعض التدابير المنصوص عليها بالمادة ‪ 161‬من‬
‫م‪ .‬ق‪ .‬م‪ .‬ج‪.‬‬

‫ولقد رتب المشرع المغربي عن تدبير المراقبة القضائية مجموعة من التدابير ملقاة على عاتق المتهم وذلك‬
‫بـ‪ 18‬بند يلتزم بها‪.‬‬
‫األكثر قراءة‬ ‫لقد نصت المادة ‪ 74‬من مشروع قانون المسطرة الجنائية أنه كلما تعلق األمر بجنحة معاقب عليها بالحبس منوعات‬
‫فلوكيل الملك أن يتخد في حق المتهم تدبيًر ا أو أكثر من تدابير المراقبة القضائية وفق ما هو منصوص‬
‫عليه بالمادة ‪ ،161‬وما بعده من م‪ .‬ق‪ .‬م‪ .‬ج كما أنه جعل اللجوء لالعتقال االحتياطي ال يتم إال في حالة‬
‫عدم كفايتها‪.‬‬

‫وقد نصت نفس المادة أن لمحامي الموقوف حق الحضور أثناء استنطاق موكله عرض تقديم كفالة مالية أو‬
‫شخصية مقابل إطالق سراحه‪ ،‬ففي إطار عقلنة االعتقال االحتياطي يالحظ أن المشرع نص بالمادة ‪159‬‬
‫من ق‪ .‬م‪ .‬ج‪ .‬والتي أبقى عليها بالمشروع أن االعتقال االحتياطي تدبير استثنائي‪ ،‬فاألصل هو إطالق سراح‬
‫المتهم‪ ،‬ولذلك منح الدفاع حق التقدم بطلبات إلطالق سراح الموقوفين خالل عرض ملفاتهم أمام النيابة‬
‫العامة مقابل تقديم كفالة مالية أو شخصية لضمان حضورهم أمام هيئة المحكمة‪.‬‬

‫وتعتبر الكفالة تدبيًر ا جديًد ا يمكنه تعويض االعتقال االحتياطي وتدخل إجراءاتها في نطاق المراقبة‬
‫القضائية طبًق ا للمادة ‪ 159‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬ويجوز لقاضي التحقيق بكافة القضايا أن يأمر بالسراح المؤقت عن‬
‫المتهمين بشرط استشارة النيابة العامة‪ ،‬وذلك مقابل دفع كفالة مالية أو شخصية‪.‬‬

‫فالكفالة المالية إحدى اآلليات البديلة التي يمكن من خاللها تفادي اإلشكاليات المترتبة‪.‬‬

‫وتقديم المتهم لكفالة يراعى في تقديرها مجموعة من المعايير األساسية ويضمن مقرر تحديدها بسجل‬
‫خاص وتوضع بالملف نسخة من المقرر ومن وصل اإليداع‪.‬‬

‫ولقد المشرع المغربي عليها بمشروع قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬خاصة بعد التنصيص على اعتبار االعتقال‬
‫االحتياطي بدياًل ال يلجأ إليه إال في الحاالت االستثنائية‪ ،‬وأن يكون معلاًل ‪.‬‬

‫وتضمن الكفالة حضور المتهم في جميع إجراءات التحقيق وتنفيذ الحكم‪ ،‬وكذلك واالمتثال لمجموعة من‬
‫التدابير‪ ،‬إال أن ما يسجل على هاته األخيرة أنها تعتبر بمثابة وسيلة ألداء ضمانات الضحية من مصاريف‬
‫مسبقة وتعويض عن الضرر مع العلم أن هاته األخيرة يجب أن تحدد من طرف محكمة الموضوع‬

‫وعلى أثر ذلك تعمل النيابة العامة فوًر ا بمجرد اطالعها على وصل دفع الكفالة بتنفيذ األمر باإلفراج‬
‫المؤقت‪.‬‬

‫وعند غياب إمكانية تقديم كفالة مالية يمكن لقاضي التحقيق االعتماد على الكفالة الشخصية‪ ،‬خاصة عندما‬
‫يتعلق األمر بالتأكد من استحالة أداء المبلغ المطلوب نظًر ا للوضعية المالية للمتهم‪ ،‬خاصة وأن بعضهم قد‬
‫تتوفر فيهم ضمانات الحضور عن طريق الكفالة الشخصية‪ ،‬وال يتأتى لهم أداء كفالة مالية‪ .‬فالمشرع أتاح‬
‫للجهة القضائية المختصة إمكانية متابعة اإلجراءات في حق المتهم عن طريق كفالة شخصية تدفع من‬
‫طرف المتهم أو دفاعه وتعتبر وسيلة إلقرار حضور المتهم لمتابعة االجراءات‪.‬‬
‫األكثر قراءة‬ ‫منوعات‬ ‫المبحث الثاني‬

‫التوجهات الحديثة في مقاربة االعتقال االحتياطي وأوجه فشل هاته البدائل‬

‫تعتبر المراقبة اإللكترونية من الوسائل البديلة لالعتقال االحتياطي‪ ،‬وهي من أهم ما أفرزه التقدم‬
‫التكنولوجي‪ ،‬والذي انعكس على السياسة العقابية‪ ،‬وذلك بمعظم األنظمة العقابية المعاصرة‪ .‬ومفهوم‬
‫المراقبة اإللكترونية مشتق من التعبير الفرنسي ‪ électronique surveillance‬أو السوار اإللكتروني‪.‬‬

‫فقد تم العمل على ابتكار جهاز إلكتروني يوضع برجل أو يد المحكوم عليه‪ ،‬وذلك بأمر من القاضي‬
‫المختص‪ ،‬ويتصل مباشرة بجهاز إلكتروني لدى السلطة القضائية المعنية‪ ،‬ويسمح للمراقب أن يتابع‬
‫تحركات المتهم‪ ،‬ومعرفة مكان تواجده‪.‬‬

‫وتعتبر المراقبة اإللكترونية بمثابة نوع من اإلقامة اإلجبارية المفروضة على الجاني‪ ،‬وبذلك تمنعه من‬
‫حريته‪ ،‬إال وفق ما يحدده القضاء‪.‬‬

‫وللمراقبة اإللكترونية العديد من المميزات فهي تمكن المتهم من ممارسة وظائفه كما أنها تعمل على تقليص‬
‫النفقات المرصودة للمؤسسات السجنية خاصة وأن المعتقلين االحتياطيين يشكلون نسبة جد مرتفعة من‬
‫الساكنة السجنية وما يترتب عليها من مساوئ‪.‬‬

‫ولقد عمل المشرع المغربي بالمقابل على التنصيص على آلية المراقبة اإللكترونية كآلية بديلة لالعتقال‬
‫االحتياطي بمشروع قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫فالمراقبة اإللكترونية ال تعني استبعاد االعتقال االحتياطي بشكل نهائي‪ ،‬وإنما وجود هاته اإلمكانية‬
‫التكنولوجية يعطي قدًر ا من التفضيل بينها وبين الحبس االحتياطي‪.‬‬

‫لقد تطرق تعديل قانون المسطرة الجنائية بالمادة ‪ 1-174‬للمراقبة اإللكترونية بواسطة قيد الكتروني بشكل‬
‫يسمح برصد تحركاته داخل الحدود الترابية وفق ما يحدده قاضي التحقيق‪.‬‬

‫إن هذا التدبير ال يطبق اال على األشخاص البالغة أعمارهم ‪ 18‬سنة فأكثر وبالتالي فإنه يستثني الحدث‬
‫المتابع‪ ،‬ولقد أناط المشرع وظيفة وضعه على جسم المتهم وتتبعه لضابط الشرطة القضائية‪ ،‬كما له إمكانية‬
‫االستعانة بأشخاص من ذوي الخبرة كلما تطلب األمر ذلك‪ .‬كما ألزمه المشرع بتتبع هاته العملية ورفع تقارير‬
‫لقاضي التحقيق كما أنه أتاح للمتهم طلب فحص طبي إذا ما رأى أنها تشكل خطًر ا عليه‪ ،‬بحيث يقوم‬
‫قاضي التحقيق بإحالته للفحص الطبي‪.‬‬

‫ولقد تمت اإلشارة بالمادة ‪ 1-174‬من مشروع قانون المسطرة الجنائية على أن المراقبة اإللكترونية‬
‫بواسطة قيد إلكتروني سيحدد أحكام العمل بها وشروطها ومختلف الشكليات المرتبطة بها من خالل قانون‬
‫األكثر قراءة‬ ‫منوعات‬ ‫تنظيمي‪ ،‬تمت اإلحالة إليه بالفقرة األخيرة من المادة السابقة‪.‬‬

‫وتثير المراقبة اإللكترونية عدة مشكالت كالمالئمة من الناحية القانونية بين مكان تنفيذه في البيت ومبدأ‬
‫عدم االعتداء على حرمة المسكن وعلى الحياة الخاصة ألن حرمة المسكن قد تنتهك من طرف نظام‬
‫المراقبة إذا كان هذا المسكن مشترك كذا إشكالية التعويض عن المراقبة اإللكترونية غير المبررة‪ ،‬ومدى‬
‫جواز خصم مدتها المراقبة من مدة العقوبة والتقادم‪.‬‬

‫إن تبني التدابير البديلة لالعتقال االحتياطي‪ ،‬بعد أهم وأبرز التطورات العلمية بمجال العدالة الجنائية رغم‬
‫االنتقادات التي توجه اليه‪ ،‬إذ إنها في المقابل تساهم في حماية المتهم‪ ،‬وذلك عن طريق إبعاده من الوسط‬
‫اإلجرامي (السجن)‪ ،‬كما أنها تشكل ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة‪ ،‬وكذاك من ضمانات حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وتعزز المبدأ الدستوري قرينة البراءة‪.‬‬

‫إن تطبيق مقتضيات مشروع قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ودخوله حيز التنفيذ‪ ،‬وتفعيل بدائل االعتقال‬
‫االحتياطي‪ ،‬سواء المراقبة القضائية أو الكفالة بنوعيها‪ ،‬وكذلك المراقبة اإللكترونية‪ ،‬سيؤدي ال محالة‬
‫إلعطاء صورة إيجابية لتطور المنظومة الجنائية بالمغرب‪.‬‬

‫عرض التعليقات‬ ‫المصادر‬

‫تحميل المزيد‬
‫󪀖‬

‫أفكار حرة تقرأ العالم واألحداث عبر عيون اإلنسان العربي‬

‫© ‪ 2022‬معلومات عامة‬

‫من نحن‬ ‫اكتب معنا‬ ‫سياسة‬


‫دليل التحرير‬ ‫ساسة رانك‬ ‫اقتصاد‬
‫اتصل بنا‬ ‫مقاالت رأي‬ ‫ترجمات‬
‫ثقافة‬
‫منوعات‬
‫األكثر قراءة‬ ‫منوعات‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫󪀠‬
‫لقراءة أحدث التقارير والترجمات ومقاالت الرأي كل يوم‪ ،‬اشترك في النشرة البريدية ليصلك كل جديد‬

‫‪yourname@email.com‬‬

‫االشتراك‬

‫تخضع المواد اإلبداعية في ساسة بوست لرخصة المشاع اإلبداعي ‪َ -‬ن سب‬

‫الُم صَّن ف ‪ -‬غير تجاري ‪ -‬منع االشتقاق ‪ 4.0‬دولي (‪ )CC BY-NC-ND 4.0‬وال‬

‫ينطبق ذلك على المواد المنقولة من طرف ثالث‬

You might also like