You are on page 1of 18

‫المجلد ‪ / 04‬الع ــدد‪ ،)2020( 02 :‬ص ص ‪89 -72‬‬ ‫مجلـة إضافات اقتصادية‬

‫القيادة بالحب‪ :‬كأسلوب قيادي فعال يحقق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬


‫‪Driving with love: As an effective leadership style that achieves‬‬
‫‪job satisfaction for subordinates‬‬
‫سفيان خلوفي ‪ ،‬جامعة تبسة (اجلزائر)‪sofyane.kheloufi@univ-tebessa.dz ،‬‬
‫كمال شريط‪ ،‬جامعة تبسة ( اجلزائر)‪cherykam@yahoo.fr ،‬‬

‫تاريخ النشر‪2020/90/42 :‬‬ ‫تاريخ القبول‪2020/08/10 :‬‬ ‫تاريخ االستالم‪2020/05/01 :‬‬

‫ملخص‬
‫هدفت هذه الدراسة إىل تسليط الضوء على القيادة باحلب (القيادة األبوبة) أو كما تسمي‬
‫القيادة بفطرة األمومة باعتبارها أسلوب قيادي فعال‪ ،‬وحماولة تبيان دورها يف حتسني الرضا الوظيفي‬
‫للمرؤوسني‪ ،‬من خالل استقراء وحتليل العديد من الدراسات ذات العالقة‪ .‬وقد توصلت الدراسة‬
‫يف األخري إىل أن احلب أسلوب قيادي فعال لتحقيق الرضا الوظيفي‪ ،‬فمىت ما شعر العامل حبب‬

‫قائده له ورأى منه مواقف وتصرفات تنبئ عن حب صادق‪ ،‬فإنه سيقدم ما ميكن لقائده حباً ووفاءً‬
‫وتعاوناً وتضحية‪.‬‬
‫دائما على بناء بيئة عمل بعيدة عن الروتني‬
‫وأوصت الدراسة يف األخري بأن يعمل القائد ً‬
‫وقريبة من التفاعل والتناغم‪ ،‬وهذا ألن الرضا الوظيفي للعاملني هو مثرة من مثرات احلب‪ ،‬وليس‬
‫األنممة اجلامدة وايهياكل اجلوفاء واإلجراءات اإلدارية وال لوائح العقوبات‪.‬‬
‫كلمات مفتاحية‪ :‬قيادة حبب‪ ،‬رضا وظيفي‪ ،‬قيادة أبوية‪ ،‬قيادة بفطرة أمومة‪.‬‬
‫تصنيفات ‪.M54 ،J28 : JEL‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study aimed to shed light on love leadership (parenting‬‬
‫‪leadership) or as it is called maternal leadership as an effective leadership‬‬

‫المؤلف المرسل‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫ كأسلوب قيادي فعال يحقق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬:‫القيادة بالحب‬

style, and an attempt to demonstrate its role in improving the job satisfaction
of the subordinates, by extrapolating and analyzing many related studies.
finally, the study concluded that love is an effective leadership method to
achieve job satisfaction, when the worker feels the love of his leader, and
sees situations and behaviors that reveal love, he offers love, loyalty,
cooperation and sacrifice.
The study recommended that the leader always work to build a work
environment free from routine and close to interaction and harmony,
Because job satisfaction for employees is one of the fruits of love, not rigid
systems, hollow structures, administrative procedures, or sanctions
regulations.
Keywords: Driving with love, Job satisfaction, Parental leadership,
Driving by maternity instinct.
Jel Classification Codes: J28 ،M54.
__________________________________________

‫ مقدمة‬.1
‫ أدى إىل تغيري أساليب‬،‫إن املتغريات العاملية وطغيان املادة على العواطف واملشاعر اإلنسانية‬
‫تنفيذ املهام وخلق الكثري من التعارض االجتماعي وحتم على املنممات أن تعمل يف بيئة أكثر‬
‫ ومن هذا املنطلق كان الزما على‬،‫ وهو ما قد يقف يف وجه أهدافها‬،‫اضطرابا وأكثر خماطرة‬
‫ وحتاول إشراك كل األطراف داخل املنممة بشكل تضامين‬،‫املنممات أن تتأقلم مع هذه املتغريات‬
.‫حتفمه قوى احلب‬
‫والشك أن احلب هو تلك املشاعر النبيلة واليت يتم عليها بناء الثوابت يف العالقات‬
‫ وهو ما حيتاجه اإلنسان سواء كان مرؤوسا أو رئيسا أو حىت عميل لضبط عالقاته مع‬،‫اإلنسانية‬
‫ والقيادة باحلب‬،‫ لذلك ترتكز القيادة باحلب على دور املوظفني يف حتقيق أهداف املنممة‬،‫حميطه‬
‫ تدفع شعور املوظفني بالرضا عن تنفيذه‬،‫ ومسة أخالقية‬،‫هي عالمة إنسانية فريدة من نوعها‬
.‫ملهامهم‬

73
‫سفيان خلوفي‪ ،‬كمال شريط‬

‫‪ -1-1‬إشكالية الدراسة‬
‫من أهم اإلجراءات والسياسات واألساليب اليت تؤثر يف املورد البشرية جند األساليب القيادية‬
‫مؤخرا العديد من األساليب‬
‫واليت تعترب مهزة وصل بني املديرين واملسريين واملوظفني‪ ،‬وقد برزت ً‬
‫القيادية اليت ندى هبا املسريين وحىت الباحثني واألكادمييني لتحسني الرضا الوظيفي للعاملني‬
‫أيضا القيادة باحلب‪ .‬ومن خالل‬
‫كأسلوب القيادة بفطرة األمومة (القيادة األبوية) أو كما تسمي ً‬
‫ما سبق تتبلور معامل إشكالية دراسة واليت ميكن صياغتها يف السؤال احملوري التايل‪:‬‬
‫‪ ‬كيف يساهم أسلوب القيادة بالحب في تحقيق الرضا الوظيفي لدي لعاملين؟ وينبثق عن‬
‫هذا السؤال الرئيسي األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ما املقصود بالرضا الوظيفي للعاملني وما عالقته مبشاعر وعواطف املديرين والقادة؟‬
‫‪ -‬ماذا نعين بالقيادة باحلب كأسلوب قيادي فعال؟‬
‫‪ -‬ماهي مبادئ وأساسيات القيادة باحلب ؟‬
‫‪ -‬هل يساهم أسلوب القيادة باحلب فعالً يف حتقيق الرضا الوظيفي ؛‬
‫‪ -2-1‬أهمية الدراسة‪ :‬تكمن أمهية الدراسة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬حماولة التعرف على دور التوجه ألسلوب القيادة باحلب على املمارسات اإلدارية وانعكاساهتا‬
‫على حتقيق الرضا الوظيفي‪.‬‬
‫‪ -‬تزويد وتعريف متخذي القرار بأمهية تأثري األساليب اإلسرتاتيجية املتعلقة بالقيادة باحلب يف‬
‫السلوك واملمارسات اإلدارية ودورها يف حتقيق الرضا الوظيفي لبناء التميز وجتويد األداء‪.‬‬
‫‪ -‬فتح آفاق جديدة للباحثني يف دراسة القيادة باحلب كأسلوب إداري اسرتاتيجي للتميز‪.‬‬
‫‪ -3-1‬أهداف الدراسة‪ :‬هتدف هذه الدراسة إىل‪:‬‬
‫‪ -‬التعرف على مفهومي الرضا الوظيفي والقيادة باحلب من منمور األدبيات النمرية والتطبيقية‬
‫حول املوضوع؛‬
‫‪ -‬حتديد إسهامات أسلوب القيادة باحلب يف حتقيق الرضا الوظيفي للعاملني؛‬
‫‪74‬‬
‫القيادة بالحب‪ :‬كأسلوب قيادي فعال يحقق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬

‫‪ -‬إمكانية التوصل إىل جمموعة من النتائج اليت ميكن من خاليها حث خمتلف قادة ومديري حنو تبين‬
‫أساليب قيادية فعالة لتحقيق الرضا الوظيفي وحتسني األداء الوظيفي للعاملني؛‬

‫‪ -2‬الرضا الوظيفي للعاملين في منظمات األعمال وعالقته بمشاعر وعواطف المديرين‬


‫والقادة‬
‫بدأً‪ ،‬جيب أن منيز هنا بني رضا العاملني يف عملهم أي أن مصدر الرضا يكمن يف اجلو‬
‫االجتماعي اجليد للعمل‪ ،‬والذي هو موضوع هذا املقال‪ ،‬والثاين رضا العمال بعملهم أي بالعمل‬
‫نفسه (خصائصه)‪ ،‬وهذا ما أكده الباحث ‪ nezby‬سنة (‪ )7011‬يف دراسته للرضا الوظيفي بني‬
‫جمموعة من العمال الزراعيني‪ ،‬إذ تبني له أن مجيع هؤالء العمال تقريبًا كانوا راغبني يف عملهم ولكن‬
‫ليس بالعمل نفسه (طلعت لطفي‪ ،1992 ،‬صفحة ‪ .)131‬وال يوجد حىت اآلن اتفاق عام بشأن مفهوم‬
‫الرضا الوظيفي‪ ،‬ففي الواقع ال يوجد تعريف هنائي ملا متثله الوظيفة يف األساس‪ ،‬لذلك يصعب أن‬
‫يكون هناك تعريف متفق عليه لرضا الوظيفي‪ ،‬وخيتلف املؤلفني والباحثني يف حتديد تعريف الرضا‬
‫شيوعا حول الرضا الوظيفي‪:‬‬
‫الوظيفي‪ .‬وفيما يلي يتم ذكر بعض التعريفات األكثر ً‬
‫(‪ )5391‬الرضا الوظيفي بأنه‪":‬أي مزيج من المروف النفسية‬ ‫‪Hoppock‬‬‫عرف‬‫ّ‬
‫والفسيولوجية والبيئية اليت جتعل الشخص يقول بصدق أنين ر ٍ‬
‫اض عن وظيفيت"‪ ،‬ووف ًقا يهذا النهج‬
‫على الرغم من أن الرضا الوظيفي حتت تأثري العديد من العوامل اخلارجية‪ ،‬إال أنه يبقى شيئًا داخليًا‬
‫يتعلق بالطريقة اليت يشعر هبا املوظف‪ ،‬وهذا هو ما يقدم جمموعة من العوامل اليت تسبب الشعور‬
‫بالرضا" )‪.(AZIRI, 2011, p. 77‬‬

‫يف حني عرفته منال البارودي (‪ )4972‬على أنه‪" :‬نتيجة تفاعل الفرد مع وظيفته وهو‬
‫انعكاس ملدى اإلشباع الذي يستمده من هذا العمل‪ ،‬وانتمائه وتفاعله مع مجاعة عمله ومع بيئة‬
‫العمل الداخلية واخلارجية‪ ،‬وبالتايل فهو يشري إىل جمموعة املشاعر الوظيفية أو احلالة النفسية اليت‬
‫يشعر هبا الفرد حنو عمله" (البارودي‪ ،2112 ،‬صفحة ‪.)33‬‬

‫‪75‬‬
‫سفيان خلوفي‪ ،‬كمال شريط‬

‫كما عرفه ‪ )6152( Muhammad Noman Riaz‬على أنه‪":‬نتيجة لتصور املوظفني ملدى‬
‫توفري وظيفتهم لتلك األشياء اليت تعترب مهمة ألداء وظائفهم‪ ،‬وهو استجابة عاطفية حلالة وظيفية‪،‬‬
‫وغالبًا ما يتم حتديد الرضا الوظيفي وف ًقا ملدى تلبية التوقعات أو جتاوزها‪ ،‬والعديد من املواقف ذات‬
‫)‪(Muhammad, 2016, p. 01‬‬ ‫الصلة"‬
‫ويف األصل يطلق مصطلح الرضا الوظيفي كتعبري على مشاعر الفرد نتيجة شعوره بالقناعة‪،‬‬
‫واالرتياح والسعادة وتقبله لعمله‪ ،‬وهذا يتوقف حسب ما يراه الفرد لمروف عمله‪ ،‬ووف ًقا للعوامل‬
‫(محمد أحمد‪ ،2111 ،‬صفحة‬ ‫واملتغريات من األجر والرتقية والتقدم الوظيفي ونمرة اجملتمع وغريها‬
‫‪ ،)19‬كما وتساعد كذلك العوامل التحفيزية على إبقاء املوظفني راضني‪ ،‬ومن العوامل اليت ميكن‬
‫أن تسهم يف الرضا الوظيفي جند‪ :‬التطوير الشخصي واملهين‪ ،‬منو الوظيفة‪ ،‬الشعور بالوفاء يف‬
‫الوظيفة املنجزة‪ ،‬اإلجناز الشخصي واالعرتاف )‪..(Wasif, 2016, p. 101‬‬
‫أيضا على الرضا الوظيفي يف مكان العمل‪،‬‬
‫والتواصل بني الرؤساء واملرؤوسني له تأثري هام ً‬
‫فيمكن للطريقة اليت ينمر هبا املرؤوس إىل سلوك املشرف أو القائد أن تؤثر بشكل إجيايب أو سليب‬
‫على الرضا الوظيفي‪ ،‬ويعد سلوك االتصال مثل تعبري الوجه واالتصال بالعني والتعبري الصويت وحركة‬
‫دورا مركزيًا‬
‫أمرا بالغ األمهية للعالقة بني الرؤساء واملرؤوسني‪ ،‬أين تلعب الرسائل غري اللفمية ً‬
‫اجلسم ً‬
‫يف التفاعالت الشخصية فيما يتعلق بتشكيل االنطباع واخلداع واجلاذبية والتأثري االجتماعي والتعبري‬
‫العاطفي )‪.(Mishra, 2013, p. 47‬‬
‫وباعتبار أن القائد هو ذلك الشخص الذي يقود جمموعة من املرؤوسني‪ ،‬فال بد من أن‬
‫قائدا كفء يتمكن من إحداث‬
‫تتوفر فيه جمموعة من اخلصائص اليت ميكن من خاليها أن يكون ً‬
‫حكيما يف اختيار منط‬
‫ً‬ ‫التغيري يف املنممة‪ ،‬ونشر ثقافة اإلبداع لتصبح عادة‪ ،‬وكذا أن يكون‬
‫وأسلوب القيادة املناسب (جرمان و بن جمعة‪ ،2112 ،‬صفحة ‪.)121‬‬
‫وقد تكون الطريقة اليت يتواصل هبا القادة مع مرؤوسيهم أكثر أمهية من احملتوى‪ ،‬فاألفراد‬
‫استعدادا للتواصل وليس لديهم الدافع للعمل‪،‬‬
‫ً‬ ‫الذين يكرهون ويفكرون سلبًا يف قائدهم هم أقل‬
‫‪76‬‬
‫القيادة بالحب‪ :‬كأسلوب قيادي فعال يحقق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬

‫حيث يكون األفراد الذين حيبون ويفكرون بشكل إجيايب يف قائدهم أكثر عرضة للتواصل وراضني‬
‫جدا يف مكان العمل‪ ،‬لذلك‬ ‫مهما ً‬
‫عن عملهم وبيئة العمل‪ ،‬وتعترب عالقة املرؤوس بقائده جانبًا ً‬
‫استعدادا‬
‫ً‬ ‫فإن القائد الذي يستخدم الفورية غري اللفمية والود وخطوط االتصال املفتوحة هو أكثر‬
‫لتلقي ردود فعل إجيابية ورضا وظيفيًا عاليًا من أحد املرؤوسني‪ .‬حيث بصفته قائدا غري اجتماعي‬
‫وغري ودي وغري راغب يف التواصل‪ ،‬فمن الطبيعي أن يتلقى ردود فعل سلبية للغاية والرضا الوظيفي‬
‫املنخفض من مرؤوسيه يف مكان العمل )‪.(Mishra, 2013, p. 47‬‬
‫وبالتايل‪ ،‬املزاج والعواطف أثناء العمل هي املواد اخلام اليت ترتاكم لتكوين العنصر العاطفي‬
‫للرضا الوظيفي يف منممات األعمال‪.‬‬
‫ويشري العمل العاطفي (أو إدارة العاطفة) إىل خمتلف اجلهود إلدارة احلاالت العاطفية‬
‫والعروض‪ ،‬ويتضمن تنميم االنفعاالت مجيع اجلهود الواعية والالواعية لزيادة عنصر واحد أو أكثر‬
‫من املشاعر أو احلفاظ عليه أو إنقاصه‪ ،‬وعلى الرغم من أن الدراسات املبكرة لعواقب العمل‬
‫العاطفي أكدت على آثاره الضارة على العمال‪ ،‬تشري دراسات العمال يف جمموعة متنوعة من املهن‬
‫إىل أن عواقب العمل العاطفي ليست سلبية بشكل موحد‪ ،‬ووجد أن قمع املشاعر غري السارة يقلل‬
‫من الرضا الوظيفي وأن تضخيم املشاعر اللطيفة يزيد من الرضا الوظيفي ويتعلق فهم كيفية ارتباط‬
‫تنميم العاطفة بالرضا الوظيفي بنموذجني مها )‪:(Mishra, 2013, p. 47‬‬
‫‪ ‬التنافر العاطفي‪ :‬هو حالة من التناقض بني العروض العامة للعواطف والتجارب الداخلية‬
‫للعواطف‪ ،‬واليت غالبًا ما تتبع عملية تنميم العاطفة‪ ،‬ويرتبط التنافر العاطفي مع اإلرهاق العاطفي‬
‫املرتفع واخنفاض االلتزام التنميمي واخنفاض الرضا الوظيفي‪.‬‬
‫‪ ‬نموذج التفاعل االجتماعي‪ :‬قد ينمم تنميم العاطفة استجابات اآلخرين أثناء اللقاءات‬
‫الشخصية اليت تؤثر الح ًقا على رضاهم الوظيفي‪ ،‬وعلى سبيل املثال‪ :‬ميكن أن يؤثر تراكم‬
‫االستجابات اإلجيابية على إظهار العواطف السارة بشكل إجيايب على أداء الرضا الوظيفي‬
‫للمخاض العاطفي الذي ينتج النتائج املرجوة‪ ،‬وبالتايل‪ ،‬ميكن أن يزيد من الرضا الوظيفي‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫سفيان خلوفي‪ ،‬كمال شريط‬

‫ويف عصرنا احلاضر ومنذ سنوات ليست بالبعيدة‪ ،‬ويف ظل تطور العلوم وأدوات البحث‬
‫والكشف عن اجملهول‪ ،‬وزيادة اإلقبال على تنمية األداء البشري وتطويره للحصول على أفضل‬
‫وأجود منتج بأقل جهد مع توفري الوقت‪ ،‬ظهر ما يسمى بعلم "التنمية البشرية" الذي يعين بتنمية‬
‫وتبعا لذلك ظهرت دورات‬ ‫رشيدا ميتلك املهارات املختلفة‪ً ،‬‬
‫حكيما ً‬ ‫ً‬ ‫قدرات اإلنسان حىت يكون‬
‫عديدة منها‪ :‬فن القيادة‪ ،‬والتواصل‪ ،‬واإلقناع‪ ،‬وغرس القيم‪ ،‬وإدارة الوقت‪ ،‬وإدارة الذات (الشحات‪،‬‬

‫‪ ،2113‬صفحة ‪ .)13‬وهو ما يثري موضوع مهم عن كيفية جتسيد قيادة تراعي املشاعر اإلنسانية‬
‫للموارد البشرية يف منممات األعمال‪ ،‬وتعمل يف نفس الوقت على حتقيق الرضا الوظيفي‪.‬‬

‫‪ -3‬القيادة بالحب كأسلوب قيادي فعال‬


‫احملبة معين نفسي روحي مغروس يف أعماق النفس البشرية خملوق معها‪ ،‬وجزء من تركيبتها‬
‫متاما كما ميارس عملية التنفس‬ ‫الوجدانية العاطفية ال يستغين اإلنسان عنه‪ ،‬والبد من ممارسته ً‬
‫واألكل والشرب‪ ،‬فال بد لإلنسان أن حيب وال بد أن يكره طاملا هو إنسان وليس آلية (أبو الناصر‪،‬‬

‫‪ ،2112‬صفحة ‪.)12‬‬
‫وتعرف من جهة ثانية القيادة على أهنا‪ :‬كل شيء عن حتقيق وممارسة واالحتفاظ بالسلطة‪،‬‬
‫حيث ميلك املدير هدفا وعليه أن يعمل على التأكد من أن األشخاص يفعلون ما يريده‪ ،‬وتتكون‬
‫القيادة يف الغالب من اسرتاتيجيات واضحة املعامل )‪.(Matthew, 2012, p. 162‬‬
‫كما تعترب القيادة القائمة على احلب ذات تأثري إجيايب ومعرتف هبا بشكل واسع‪ ،‬حيث‬
‫انفتاحا وشجاعة وثقة‪ ،‬وهي مفيدة لألشخاص املثبطني أو املتعثرين‬
‫ً‬ ‫تقوم على قادة سعداء وأكثر‬
‫أيضا فهي‬
‫أو الذين يعانون من االكتئاب‪ ،‬كما أن سعادة اإلنسان ورفاهيته يها أمهية اجتماعية ً‬
‫ودا وأقل‬
‫تساهم يف تكوين جمتمع أكثر سعادة وأكثر إجيابية وفائدة والناس السعداء ليسوا أكثر ً‬
‫‪(Määttä & Uusiautti, 2013,‬‬ ‫تنميما وتعاونًا ومؤيدة للمجتمع وللخري‬
‫مادية ولكنهم أكثر ً‬
‫)‪p. 111‬‬

‫‪78‬‬
‫القيادة بالحب‪ :‬كأسلوب قيادي فعال يحقق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬

‫‪(John Hope, 2010, p.‬‬ ‫وتقوم القيادة باحلب على مخس (‪ )92‬قوانني أساسية هي‬
‫)‪:03‬‬

‫‪ ‬الخسارة تخلق القادة‪ :‬ال ميكن أن يكون هناك قوة بدون معاناة يف مشروع ما؛‬
‫‪ ‬الخوف يخفق‪ :‬فقط االحرتام واحملبة يؤديان إىل النجاح؛‬
‫‪ ‬الحب يجمع المال‪ :‬احلب يف جوهره الثروة احلقيقية؛‬
‫‪ ‬الضعيف هو القوة‪ :‬عندما تفتح على الناس يفتحون لك؛‬
‫‪ ‬العطاء هو الحصول عليه‪ :‬كلما كنت تقدم لآلخرين أكثر سوف يعطونك؛‬
‫واشتملت نمرية القيادة باحلب على مخسة (‪ )92‬أنواع للحب املنممي أو املؤسسي وهي‬
‫(سانفورد‪ ،2111 ،‬الصفحات ‪:)2-1‬‬
‫‪ -1-3‬حب المنظمة‬
‫املنممة بالنسبة للمدير هي مبثابة األسرة والبيت واألم‪ ،‬ولكن كيف ميكن للمدير أ حيب‬
‫مؤسسته؟‪ ،‬هناك طرق كثرية لرتمجة هذا احلب إىل عمل ولكن معرفة رسالة املنممة وفهمها واإلميان‬
‫بأهدافها وقيمها وتعليم اآلخرين عمق هذه الرسالة هي أهم مماهر حب القائد ملنممته‪ ،‬والبد أن‬
‫يشارك العاملون قائدهم هذا احلب حىت يتولد لديهم التزام قوي بأداء رسالة املنممة وحتقيق‬
‫أهدافها على الوجه األكمل‪ ،‬وحب املنممة وجناحها وجهان لعملة واحدة والقائد بالفطرة هو‬
‫الذي يضبط إيقاع هذا احلب وبرتمجته إىل سلوك أخالقي يرقى بأداء املنممة‪.‬‬
‫‪ -2-3‬حب العاملين‬
‫مييل معمم املديرين إىل االعتقاد بأن املوظفني والعاملني بالغون‪ ،‬حيتاج الرجال منهم إىل‬
‫االحرتام وحتتاج النساء منهم إىل الرعاية‪ ،‬لكن هذا ليس كافيا إذ حيتاج اإلنسان أيا كان عمره أو‬
‫حتكما أو تسيبًا‪ ،‬ولكنها‬
‫ً‬ ‫جنسه إىل احلب والرعاية واالحرتام والرعاية مبفهوم األمومة ليست‬
‫مساعدة اآلخرين يف الكشف عن قدراهتم وتنمية مهاراهتم ومتكينهم من إطالق كامل طاقاهتم‬

‫‪79‬‬
‫سفيان خلوفي‪ ،‬كمال شريط‬

‫وتنمية مهاراهتم ومتكينهم من إطالق كامل طاقاهتم‪ ،‬وهذا هو طريق تأكيد ثقتهم بأنفسهم وحبهم‬
‫واحرتامهم لذاهتم‪.‬‬
‫‪ -3-3‬حب العمالء‬
‫تعترب قيمة حب العميل وأحد من عناصر الضمري املؤسسي‪ ،‬حيث يعترب حب العميل وخدمته‬
‫بصدق من أهم ركائز وأسباب ازدهار األعمال ألهنا تتمكن بعد ذلك من ترمجة هذا احلب إىل‬
‫كفاءة يف األداء وآداب يف اللقاء‪ ،‬وينطوي هذا على ركيزتني أساسيتني‪ :‬األوىل هي أن اخلدمة‬
‫ستكون بالضرورة ممتازة إذا أشعر العميل حبب عارض ومقدم خدمته‪ ،‬والثانية هي أن اجلميع عمالء‬
‫خلدمة أو منتج ما‪ ،‬وتقدمي اخلدمة املمتازة للعميل مسألة مبدأ ومنطق تؤكده الفطرة ومع ذلك فما‬
‫تزال بعض املنممات ال تأبه كثريا خبدمة العميل وقد يعود ذلك لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬افتقار ثقافة املنممة لقيم احلب واحرتام العميل‪.‬‬
‫‪ -‬سيطرة مربرات االستغالل ودوافع الطمع‪.‬‬
‫‪ -‬سيطرة األنا وتضخم الذات بسبب غياب املنافسة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم حب املنممة للعاملني فهناك عالقة طردية بني رضا العامل وجودة العمل ورضا العميل‪.‬‬
‫‪ -‬عدم كفاءة العاملني أو جهلهم بفن ومهارة التعامل مع اآلخرين بصفة عامة أو العمالء بصفة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫‪ -‬االعتماد على سياسة املنممة اجلامدة وإمهال االهتمام الشخصي والرعاية الفردية لكل عميل‬
‫على حدة‪.‬‬
‫‪ -1-3‬حب المجتمع‬
‫ال تنفصل أي تنميم كان عن اجملتمع الذي حيتضن نشاطه‪ ،‬وحب املنممة احلقيقي للمجتمع‬
‫هو أقصر الطرق لتحقيق الربح‪ ،‬فمن هذا الربح تعرب املنممة عن املزيد من حبها جملتمعها فتدفع‬
‫الضرائب وحتافظ على البيئة وتفكر يف مستقبل اجملتمع ككل‪ ،‬إال أن اإلدارة بفطرة األمومة تعترب‬
‫خدمة اجملتمع احمليط هبا وثرواته الطبيعية من أهم مسئولياهتا ووسائلها للنهوض حبياة العاملني‬
‫‪80‬‬
‫القيادة بالحب‪ :‬كأسلوب قيادي فعال يحقق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬

‫والعمالء وأسرهم‪ ،‬ألن املنممات القوية ال توجد وال تنمو يف جمتمعات ضعيفة أو مريضة فليس‬
‫معقوال أن يركز العاملون على أعمايهم وهم منشغلون بسالمتهم ورفاهية أسرهم يف جمتمع تعمه‬
‫اجلرمية أو وهم قلقون على مستقبل أبنائهم يف مدارس وجامعات تعمها الفوضى واملخدرات‪،‬‬
‫ولذلك تساهم منممات الفطرة باجلهد واملال يف حتسني أحوال جمتمعها وتشجيع العاملني على‬
‫التطوع خلدمة جمتمعهم كما تقع على قيادة هذه املنممات مسؤولية املشاركة يف التخطيط ملستقبل‬
‫اجملتمع‪ .‬والشكل املوايل يوضح تلك العالقات‪:‬‬
‫الشكل (‪ :)11‬حب قائد المنظمة لمجتمعه‬

‫المصدر‪( :‬السعود‪ ،2112 ،‬صفحة ‪)11‬‬

‫‪ -2-3‬حب القائد لنفسه‪:‬‬


‫اإلنسان الذي حيب وحيرتم ذاته ال جيد صعوبة يف قيادة اآلخرين ورعايتهم‪ ،‬واحلب الذي‬
‫يقصد به يف هذا اجملال هو احلب األخالقي الذي خيلو من األنانية وحب التملك والسيطرة وحب‬
‫الذات‪ ،‬واحلنو على النفس يذهب إىل ماهو أبعد من ذلك ألنه وسيلة إىل حب ورعاية اآلخرين‪.‬‬
‫والقائد احملب لنفسه واقعي يف توقعاته ألن التعرف على الواقع وفهم متناقضاته حيمي اإلنسان من‬
‫مشاعر األسف والندم واالستياء والغضب اليت قد تصيبه حينما يقابله اآلخرون بالتجاهل وسوء‬

‫‪81‬‬
‫سفيان خلوفي‪ ،‬كمال شريط‬

‫التقدير واإلنكار‪ ،‬ولذلك تعترب الواقعية والتوقعات املنطقية من أهم أساليب حب النفس‪ ،‬وفيما‬
‫يلي بعض متناقضات الواقع اليت ال بد وأن يدركها الناس عامة والقادة خاصة‪:‬‬
‫‪ -‬حبك لآلخرين واهتمامك هبم ال يعين بالضرورة أن يبادلوك نفس احلب واالهتمام‪.‬‬
‫‪ -‬لن يرضى كل الناس عن عدالتك يف توجيه حبك وال عن أمانتك يف توزيع اهتمامك بني‬
‫مؤسستك ونفسك والعاملني معك والعمالء واجملتمع‪.‬‬
‫‪ -‬القيادة باحلب هي قيادة التغيري ورسالتها يف ذلك يف رعاية منو اآلخرين ملواجهة متطلبات‬
‫التغيري‪ ،‬ولكن قد يقابل التغيري باملقاومة واالستياء وسوء الفهم وعدم التقدير‪.‬‬
‫‪ -‬كلما زاد عطاؤك توقع اآلخرون منك املزيد واعتربوا ذلك حقا مكتسبا ونسو أو تناسوا أن‬
‫يشكروك على ما قدمت يهم‪ ،‬ألهنم سيعتربون عطاءك واجبا وأنت تعرف أنه ال شكر على‬
‫واجب‪.‬‬
‫‪ -‬كلما ازدادت حاجات الناس لك كلما انشغلوا عنك ونسوا قيمة العطاء‪.‬‬
‫‪ -‬القائد احملب ال يتوقف عن العطاء حىت وإن حتول إىل جندي جمهول‪ ،‬أو نسيه اآلخرين وأنكروا‬
‫فضله‪ ،‬وهذه هي فطرة األمومة‪.‬‬
‫‪ -1‬مبادئ وأساسيات القيادة بالحب‬
‫مبادئ نمرية القيادة باحلب موجودة يف الرتاث العريب اإلسالمي إال أننا مل نلتفت إليها‬
‫ضمن هذا السياق الذي طورته الباحثة "كاثلني سانفورد"‪ ،‬ذلك أننا نسمع يف موروثنا الشعيب‬
‫أوصافًا ألشخاص أن فالناً(شيخ)‪ ،‬أو أنه (إبن شيوخ)‪ ،‬وأحياناً نسمع مدحيًا لشخص بأنه ميلك‬
‫(أخالق امللوك)‪ ،‬وكل هذه العبارات حتاول القول أن يف هذا الشخص صفات انعكست يف‬
‫أخالقه وإدارته لعالقاته اخلاصة والعامة‪ ،‬مبا فيها املسؤوليات اليت حيملها يف أي عمل يتواله‪،‬‬
‫وأخالق الشيوخ منمومة مواصفات نفسية وأخالقية جندها يف فئات من الناس امتازت بالقيادة‬
‫األخالقية املبنية على السمو والشموخ واخللق الرفيع‪ .‬وهي جتعل الشخص الذي يتوىل إدارة شؤون‬
‫الناس يتصف مبا يلي (السعود‪ ،2112 ،‬الصفحات ‪:)19-13‬‬
‫‪82‬‬
‫القيادة بالحب‪ :‬كأسلوب قيادي فعال يحقق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬

‫‪ -‬أكثر قدرة على تقدمي األداء الرفيع‪ ،‬وحسن اإلدارة‪ ،‬وخباصة إذا رافق هذا كفاءة فنية وليس‬
‫شكليات الكفاءة واالستعراض؛‬
‫‪ -‬أكثر عدال بني من بيده أمورهم وأرزاقهم‪ ،‬فال يملم وال حيايب؛‬
‫‪ -‬أكثر أمانة يف التعامل مع املال العام؛‬
‫‪ -‬أكثر توقريا وإجالال واحرتاما للناس (أنزلوا الناس منازيهم)؛‬
‫‪ -‬أكثر حمافمة على خصوصيات الناس‪ ،‬وسرتا ألعراضهم؛‬
‫‪ -‬أكثر إدراكا لعقول املستمعني ومداركهم ومستوياهتم الفكرية؛ متمثال قوله "صلي اهلل عليه وسلم"‬
‫(أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقويهم)؛‬
‫‪ -‬أكثر بعدا عن فاحش القول وبذاءة اللسان والعنف اللفمي واجلسدي؛‬
‫‪ -‬أكثر بعدا عن سلوك التآمر والفتنة والوشاية والتشبيك السليب؛‬
‫‪ -‬أكثر بعدا عن الغلمة والتسلط والتأمر والملم واإلساءة‪ ،‬فالشيوخ خياصمون برجولة‪ ،‬وليس‬
‫بأخالق اجلبناء واألنذال؛‬
‫‪ -‬أكثر بعدا عن احلديث عن أنفسهم والتغين ببطوالهتم وأجمادهم‪ ،‬فالشيوخ ال ميدحون أنفسهم‪،‬‬
‫وإمنا الناس تتحدث عن الشيخ صاحب اخللق واالجناز (فال تزكوا أنفسكم هو أعلم مبن اتقى)؛‬
‫كما جتدر اإلشارة إىل أن فشل النمريات اإلدارية وتطبيقاهتا ال يعود إىل فشل مناهجها أو‬
‫إىل أخطاء فيها‪ ،‬بل يعود إىل افتقار اإلدارة للحب‪ ،‬وافتقار القيادة للفطرة واحلنان‪ ،‬وذلك أن احلب‬
‫هو سحر األمومة‪ ،‬واإلدارة بفطرة األمومة ختضع لنفس السحر‪ ،‬فاحلب هو العصا السحرية يهذه‬
‫‪ .)19‬والشكل املوايل يوضح‬ ‫(السعود‪ ،2112 ،‬صفحة‬ ‫النمرية وهو املسؤول عن جناح املنممات‬
‫املبادئ األساسية الثالثة عشر (‪ )71‬الواجب توفها يف القائد احملب‪:‬‬

‫‪83‬‬
‫سفيان خلوفي‪ ،‬كمال شريط‬

‫الشكل (‪ :)12‬المبادئ األساسية الثالثة عشر للقائد المحب‬

‫)‪Source : (Nishant & Mehta, 2018, p. 44‬‬


‫ميثل الشكل أعاله ببساطة املبادئ الثالثة عشر(‪ )71‬املقرتحة وهي املتغريات املستقلة اليت‬
‫اعا‪ ،‬وهذه‬
‫خيارا و ً‬
‫تسبب احلب الذي هو متغري مستقل‪ .‬حبيث القادة يتخذون موقف احلب كونه ً‬
‫املبادئ هي تلك اليت تؤدي إىل حتقيق احلب ككفاءة يف النهاية باملنممة‪ .‬لذلك احلب هو التأثري‬
‫هنا يف املقابل يؤدي احلب إىل القيادة‪ .‬واملبادئ املقرتحة هي املؤشرات يف الطبيعة اليت تسبب معا‬
‫ظاهرة تسمى احلب‪ ،‬وهذه املبادئ املقرتحة واسعة ومفتوحة ومرنة بطبيعتها‪ .‬ولكن نرى أهنا عاملية‬
‫بطبيعتها وال تعتمد على ثقافة معينة أو بلد معني على الرغم من أن ممهرها قد ختتلف‪ .‬يف الوقت‬
‫احلايل حنتاج أن تكون هذه املبادئ أكثر وضوحا ودقيقة‪ ،‬وهذه املبادئ تعترب أكثر مشولية وأولية‬

‫‪84‬‬
‫القيادة بالحب‪ :‬كأسلوب قيادي فعال يحقق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬

‫& ‪(Nishant‬‬ ‫وحتتاج املزيد من التدقيق والتجزئة من أجل حتديد الكفاءة اليت تسمى احلب‬
‫)‪Mehta, 2018, p. 44‬‬

‫‪ -2‬دور أسلوب القيادة بالحب في تحقيق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬


‫البشاشة هي أول الطريق لكسب حب اآلخرين وإدخال السرور إىل نفوسهم‪ ،‬وقد ذكر‬
‫النيبﷺ أحاديث كثرية يف هذا اجلانب منها‪( :‬تبسمك يف وجه أخيك صدقة) وقالﷺ‪( :‬ال حتقرن‬
‫من املعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)‪ .‬وهذه األحاديث تدل علة أن أبسط أنواع‬
‫(البارودي‪،‬‬ ‫املعروف هو البشاشة واالبتسامة فإذا فقدت فهذا يعين أن اإلنسان قد ترك املعروف‬
‫‪ ،2112‬صفحة ‪ ،)92‬وهذه الصفة من بني أهم الصفات اليت جيب أن يتحلى هبا القائد فهي‬
‫صفات أخالقية مرتبطة بالفرد أينما كان موقعه يف العمل‪ ،‬والسيما القادة واملديرين داخل العمل‪،‬‬
‫حيث تعمل على حتسني بيئة التعامل بني األفراد‪.‬‬
‫وحب واحرتام الذات قيمة حقيقية يف املنممات التقليدية وايهرمية اليت تدار بفلسفة‬
‫"العاملون ال يعرفون شيئا‪ ،‬ودورنا (كإدارة) هو أن حنميهم من أنفسهم ومن أفعايهم‪ ".‬وتلك محاقة‬
‫إدارية تؤدي إىل نشر العديد من األمراض املؤسسية بني العاملني‪ ،‬وعندما يتحكم املدير بالعاملني‬
‫والعمل فإنه ينشر أمراض الدونية واألنامالية (وأنا مايل) واخلوف واللوم والعنف‪ ،‬وتعترب اإلدارة‬
‫احلنونة هي الدواء الشايف واملصل الواقي من هذه األمراض‪.‬‬
‫ويف ظل دستور األخالق ومبادئ األمومة ال يتحكم القائد يف تابعية وال يشعرهم بالقصور‬
‫والنقص‪ ،‬ألن جوهر رسالة األمومة والقيادة هو العطاء الذي يرتقي باآلخرين ويرتفع بأدائهم‬
‫(الصمادي‪ ،2111 ،‬الصفحات ‪.)2-1‬‬ ‫ويهذب سلوكهم ويزيد تفاعلهم‬
‫كما جتدر اإلشارة هنا إىل أن مراعاة البعد األخالقي يؤدي إىل القرار النموذجي من حيث‬
‫النتائج واالعتبارات األخالقية الالمادية‪ ،‬وهبذا ميكن حتقيق التفاعل واملزاوجة مابني كال النوعني من‬
‫االعتبارات (عبود نجم‪ ،2111 ،،‬صفحة ‪ ،)19‬كما يتضح ذلك يف الشكل املوايل‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫سفيان خلوفي‪ ،‬كمال شريط‬

‫الشكل (‪ :)13‬القرار النموذجي كتفاعل بين االعتبارات المادية واألخالقية‬

‫المصدر‪( :‬عبود نجم‪ ،2111 ،،‬صفحة ‪)19‬‬

‫كما أن مناخ األمومة يسمح باملخاطرة إىل ما ال هناية ألن احلب غري مشروط والعطاء غري‬
‫مؤقت والنمو غري حمدود‪ ،‬وبذلك تكون القيادة بفطرة األمومة (القيادة باحلب) طري ًقا لإلبداع‬
‫بعيدا عن اخلوف‪ ،‬والقيادة باحلب إحساس متوازن‪ ،‬فال يسمح القائد الفطري لنفسه بأن‬
‫واالبتكار ً‬
‫يفرق بني موظف وآخر ألن احلب املتوازن هو املصلحة العامة بعينها‪ ،‬واملصلحة العامة بالنسبة‬
‫للقائد احملب هي قول وفعل وليست شعارا يرفعه القائد لفرض سياسات متطرفة أو لتربير نتائج‬
‫سلبية أو لتغليف أخطاء واقعية‪ ،‬فال يتوازن القائد يف قراراته فقط بل ويف اهتمامه بتوازن حياة‬
‫العاملني معه‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية تدعم القيادة احلنونة العاملني يف حياهتم الشخصية واالجتماعية من خالل‬
‫الندوات واحلفالت والرحالت وفتح دور احلضانة واملرونة يف توزيع ساعات العمل‪ ،‬ويف االنضباط‬
‫وااللتزام توازن أيضا فهما ضمان حلسن استخدام مناخ األمومة وأداة لتصحيح األخطاء وممهر‬
‫للرعاية واحلب‪ ،‬فالضبط والربط مطلوبان يف املنممة ومها ليستا قضيتان شخصيتان ألن األم ال‬
‫تكره ابنها لسوء سلوكه‪ ،‬بل تقسو عليه لكي تصلح اعوجاجه‪ ،‬وهذه القسوة احلانية تعرب عن مزيد‬
‫من احلب‪ ،‬فكلما كان املوظف سيئا‪ ،‬كلما احتاج إىل املزيد من احلب والرعاية والرقية وتوجيه‬
‫(سانفورد‪ ،2111 ،‬الصفحات ‪.)2-1‬‬
‫‪Ekin K. Pellegrini, Terri A. Scandura,‬‬ ‫وقد توصلت دراسة لـلباحثني‬
‫(‪ )4979‬إىل أن مفهوم القيادة باحلب أو القيادة األبوية‬ ‫‪Vaidyanathan Jayaraman‬‬

‫‪86‬‬
‫القيادة بالحب‪ :‬كأسلوب قيادي فعال يحقق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬

‫مفهوم ناشئ جيمع بني الوالء والسلطة‪ ،‬وأن القيادة باحلب أسلوب قيادة سائد يف منممات‬
‫األعمال غري الغربية‪ ،‬حيث كانت للقيادة باحلب تأثري إجيايب كبري على الرضا الوظيفي‪ ،‬وكانت‬
‫‪(Ekin Ki,‬‬ ‫القيادة باحلب مرتبطة ارتباطًا إجيابيًا بالتبادل بني القادة واألعضاء وااللتزام التنميمي‬
‫)‪.Terri A, & Vaidyanathan, 2010, p. 391‬‬
‫وعليه‪ ،‬القيادة باحلب (القيادة األبوية) تؤدي إىل حتقيق الرضا والتعصب أحيانًا للمحبوب‬
‫(املنممة) واحلماسة يف العمل وتقدمي املطلوب وأكثر ومن مث الوالء للعمل وهو ما يؤدي بدوره إىل‬
‫املنممة‪.‬‬ ‫التضحية والتفاين من أجل‬

‫‪.1‬خاتمة‪:‬‬
‫أخريا‪ ،‬ميكننا القول أن احلب أسلوب فعال من أساليب القيادة‪ ،‬فمىت ما شعر العامل حبب‬

‫قائده له ورأى منه مواقف وتصرفات تنبئ عن حب صادق‪ ،‬فإنه سيقدم ما ميكن لقائده حباً ووفاءً‬
‫وتعاوناً وتضحية‪ ،‬والرضا الوظيفي يف العملية اإلدارية هو أصل وأساس اجناز األعمال ومصدر‬
‫اجلودة العالية والتكلفة املنخفضة والسرعة واإلنتاجية العالية يف منممات األعمال وهو يف األصل‬
‫مثرة من مثرات احلب‪ ،‬وليس األنممة اجلامدة وايهياكل اجلوفاء‪ ،‬واإلجراءات اإلدارية وال لوائح‬
‫العقوبات الصارمة‪.‬‬
‫وجيب احلرص على أن يكون العاملون يف حيوية دائمة داخل املنممة فيجب أال مينع عنهم‬
‫الضحك واملرح‪ ،‬وعلى القائد أن يعمل على بناء بيئة عمل بعيدة عن الروتني وقريبة من التفاعل‬
‫والتناغم‪ ،‬وهذا ال يعين أن يتحول املرح والضحك ايهادف إىل عائق لتنفيذ العمل املنشود وتتحول‬
‫مع الوقت إىل استهتار وعدم التزام يف العمل‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ كمال شريط‬،‫سفيان خلوفي‬

‫ المراجع‬.7

1- AZIRI, B. (2011). JOB SATISFACTION: A LITERATURE


REVIEW. ,Management Research and Practice , 03 (04), 77-86.
2- Cheng Patrick, L. K. (2012). Confucian Leadership and Corporate
Social Responsibility (CSR). the Way Forward, Asian Journal of Business
Research , 02 (01).
3-Ekin Ki, P., Terri A, S., & Vaidyanathan, J. (2010). Cross-Cultural
Generalizability of Paternalistic Leadership: An Expansion of Leader-
Member Exchange Theory. journal Group & Organization Management ,
35 (4), 391–420.
4- John Hope, B. (2010, FEBRUARY). Love Leadership- The New Way
to Lead in a Fear-Based World. Summarized by permission of the
publisher, Jossey-Bass, a Wiley Imprint, Lake Dallas, TX 75065, USA.
5- Määttä, K., & Uusiautti, S. (2013). Love-Based leadership in early
childhood education. Journal of Education Culture and Society (01).
6- Matthew, K. (2012). BUILDING CORPORATE SOCIAL
RESPONSIBILITY THROUGH SERVANT-LEADERSHIP.
International Journal of Leadership Studies , 07 (02).
7- Milton de Sousa Filho, J., Soares Outtes Wanderley, L., Pasa Gómez, C.,
& Farache, F. (2010). Strategic Corporate Social Responsibility
Management for Competitive Advantage. BAR, Curitiba , 07 (03).
8- Mishra, P. K. (2013). Job Satisfaction. IOSR Journal Of Humanities And
Social Science (IOSR-JHSS) , 14 (05), 45-54.
9- Muhammad, N. R. (2016, September). What is job-satisfaction?
Explain the effects of job-satisfaction on job withdrawal of employees.
Retrieved 05 01, 2020, from Restricted:
https://www.researchgate.net/publication/307932016_What_is_job-
satisfaction_Explain_the_effects_of_jobsatisfaction_on_job_withdrawal_of
_employees
10- Nishant, K., & Mehta, A. (2018). Leadership by ‘Love’: A Divine
Paradigm. Annual Research Journal of SCMS , 01 (06).
11- Wasif, A. (2016). Understanding the Concept of Job Satisfaction,
Measurements, Theories and its Significance in the Recent
Organizational Environment: A Theoretical Framework. Archives of
business resarch , 04 (01), 100-111.
‫دور البيئة المحفزة الحتضان األفكار االبتكارية والمبدعة في تفعيل‬. (2017). ‫أ‬, ‫بن مجعة‬., & ‫ا‬, ‫ جرمان‬-12
01 (01), 167-185. ‫"جملة إضافات اقتصادية‬. ‫قيادة االبتكار "شركة جوجل انموذجا‬
.‫ مكتبة غريب‬:‫ مصر‬،‫ القاهرة‬.‫ علم اجتماع التنظيم‬.)7004( .‫ إبراهيم طلعت لطفي‬-13

88
‫القيادة بالحب‪ :‬كأسلوب قيادي فعال يحقق الرضا الوظيفي للمرؤوسين‬

‫‪ -14‬أبو عبد العزيز‪ .)4972 ,4 44( .‬القيادة بالحب والمرح‪ .‬تاريخ االسرتداد ‪ ،4949 ,92 42‬من‬
‫‪https://hrdiscussion.com/hr98096.html‬‬
‫‪ -15‬أحالم حدو مسرية‪ .)4972( .‬تأثير المسؤولية االجتماعية في بناء سمعة منظمة األعمال دراسة ميدانية‬
‫للشركات العاملة في قطاع االتصاالت بالجزائر‪ .‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه الطور الثالث‪ ،‬شعبة علوم التسيري‪،‬‬
‫ختصص تسويق وإدارة أعمال املؤسسات ‪ .‬الشلف (اجلزائر)‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة‬
‫حسيبة بن بو علي‪.‬‬
‫‪ -16‬خليل مجعة عثمان صابون‪ .)4971( .‬الدور الوسيط لسمعة الشركة ورضا العاملين في العالقة بين المسؤولية‬
‫االجتماعية للشركات والميزة التنافسية –دراسة على عينة من الشركات السودانية‪ .‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه‪ ،‬ختصص الفلسفة يف إدارة األعمال ‪ .‬السودان‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا‪.‬‬
‫‪ -17‬راتب السعود‪ .)4972( .‬إتجاهات معاصرة في القيادة التربوية‪ :‬القيادة بالحب (اإلدارة بفطرة األمومة)‪ .‬املؤمتر‬
‫الدويل األول حول‪ :‬الرتبية آفاق مستقبلية ‪.‬‬
‫‪ -18‬سانفورد ‪,‬ك‪ (2000) .‬اإلدارة بالحب ‪:‬كيف تفوز املنممات باحلنان والقيادة بالف ( ‪.‬ن ‪.‬الصمادي ‪,‬‬
‫)‪Interprète‬خالصات كتب ورجل األعمال ‪,‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -19‬عبد احلليم بليزاك‪ ،‬و السعيد بريكة‪ .)4971( .‬العالقة بين الحوكمة والمسؤولية االجتماعية ودورها في تحقيق‬
‫القدرة التنافسية للشركات‪ .‬جملة االقتصاد الصناعي (‪.)71‬‬
‫‪ -20‬عبلة بن عرامة‪ .)4972( .‬أثر تطبيق المسؤولية االجتماعية على أداء الموارد البشرية في القطاع الصحي‪-‬‬
‫دراسة حالة المركز اإلستشفائي الجامعي (‪– )CHU‬باتنة‪ .-‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه( ل م د) يف علوم‬
‫التسيري شعبة‪ :‬تسيري املنممات ‪ .‬باتنة (اجلزائر) ‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة باتنة ‪ 7‬احلاج‬
‫خلضر‪.‬‬
‫‪ -21‬مدحت حممد أبو الناصر‪ .)4991( .‬اإلدارة بالحب والمرح (اجمللد ‪( .)97‬اجملموعة العربية للتدريب والنشر‪،‬‬
‫احملرر) القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬ايرتاك للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -22‬منال البارودي‪ .)4972( .‬الرضا الوظيفي وفن التعامل مع الرؤساء والمرؤوسين‪ .‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬اجملموعة العربية‬
‫للتدريب والنشر‪.‬‬
‫‪ -41‬جنم عبود جنم‪ .)4992( .‬أخالقيات اإلدارة ومسؤولية األعمال في شركات األعمال‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬مؤسسة‬
‫الوراق للنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪89‬‬

You might also like