You are on page 1of 30

‫"إدارة األزمات التنموية"‬

‫جعفر سعيد إبراهيم أبو عقاب‬

‫جامعة الملك سعود – كلية المجتمع في الرياض‬


‫قسم العلوم اإلدارية‬
‫‪1429‬ﻫ‬
‫قائمة المحتويات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬ ‫م‬


‫‪3‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪4‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫مشكلة البحث‬
‫‪4‬‬ ‫أهمية البحث‬
‫‪5‬‬ ‫أهداف البحث‬
‫‪5‬‬ ‫منهجية البحث‬
‫‪6‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪6‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬مدخل إلى األزمات التنموية وإدارتها‪,:‬‬
‫‪6‬‬ ‫مفهوم األزمة التنموية وطبيعتها‪,‬‬
‫‪8‬‬ ‫مفهوم إدارة األزمات التنموية‬
‫‪10‬‬ ‫النظرة التقليدية والنظرة الحديثة إلى األزمات‬
‫‪10‬‬ ‫مداخل دراسة األزمات‬
‫‪13‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬أنواع األزمات التنموية ‪ ،‬أسبابها ‪ ،‬خصائصها‪,:‬‬
‫‪13‬‬ ‫أنواع األزمات التنموية‬
‫‪15‬‬ ‫أسباب األزمات التنموية‬
‫‪16‬‬ ‫خصائص األزمات التنموية‬
‫‪17‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬إطار نظري‪ ,‬إلدارة األزمات التنموية‬
‫‪17‬‬ ‫عالقة إدارة األزمات التنموية باإلدارة العامة‬
‫‪19‬‬ ‫التعامل مع األزمات التنموية‪:‬‬
‫‪19‬‬ ‫النظرة الوقائية لألزمات التنموية‬
‫‪20‬‬ ‫النظرة المرحلية لألزمات التنموية‬
‫‪21‬‬ ‫النظرة التأكدية لألزمات التنموية‬
‫‪22‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬التخطيط‪ ,‬اإلستراتيجي‪ ,‬واإلدارة الموقفية‬
‫‪22‬‬ ‫التخطيط اإلستراتيجي وإدارة األزمات التنموية‬
‫‪24‬‬ ‫إطار نظري شامل إلدارة األزمات التنموية من منظور‪ ,‬التخطيط‬
‫اإلستراتيجي‪,‬‬
‫‪25‬‬ ‫اإلدارة الموقفية وإدارة األزمات التنموية‬
‫‪27‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬أزمة إدارة األزمات التنموية في الدول النامية‬
‫‪27‬‬ ‫التنظيم البيروقراطي‪ ,‬والعنصر‪ ,‬البشري‬
‫‪27‬‬ ‫تعدد الحاجات واألزمات‬
‫‪28‬‬ ‫خاتمة وتوصيات‪,‬‬
‫‪29‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫‪29‬‬ ‫المراجع العربية‬
‫‪30‬‬ ‫المراجع األجنبية‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‬
‫مع تزايد التغيرات البيئية ‪ ،‬وجدت الدول النامية نفسها أمام سيل من األزمات التنموية التي‬
‫تدفقت عليها سوا ًء بفعل عوامل داخلية أو خارجية ‪ ،‬األمر الذي أدى إلى زيادة التحديات‬
‫التي يتوجب على تلك الدول مواجهتها أثناء مسيرتها في تحقيق التنمية الشاملة‪.‬‬

‫وتستمر األزمات التنموية في الظهور بمختلف األشكال واألنواع وبشكل مفاجئ‪ ,‬أو تأتي‬
‫مسبوقة ببعض النذر والبوادر ‪ ،‬وقد تصبح األزمة جز ًء من الموروث التاريخي للمجتمع‬
‫تنتقل من جيل إلى آخر ‪.‬‬

‫ويقع العب األكبر في عملية التحضير لألزمات التنموية ومعالجتها‪ ,‬إن وقعت والتأكد من‬
‫أفولها وتالشي آثارها قصيرة وطويلة األمد ‪ ،‬يقع على األجهزة‪ ,‬اإلدارية داخل أي دولة‬
‫أن هذه العملية تتطلب جهوداً مضنية تتمثل في حشد كافة الموارد الالزمة‬
‫نامية ‪ ،‬غير ّ‬
‫إلدارة األزمة خصوصا ً إذا كانت من النوع المزمن ‪ ،‬وحتى األزمات من النوع المفاجئ‬
‫تحتاج بدورها إلى إجراءات احترازية تثقل كاهل األجهزة‪ ,‬اإلدارية في الدولة وال سيما في‬
‫تلك الدول التي تعيش في بيئات ضاجة بالتقلبات وحاالت عدم التأكد‪.‬‬

‫إذاً وفي ظل هذه الحتمية ‪ ،‬أي حتمية حدوث األزمات التنموية يبرز دور أجهزة اإلدارة‬
‫العامة كدور حيوي يستدعي اهتماما ً كبيراً من قبل جميع القطاعات حتى تقوم تلك األجهزة‪,‬‬
‫بدورها خير قيام‪.‬‬

‫وانطالقا ً من المعطيات السابقة تبرز الحاجة إلى وجود دراسات يتم من خاللها‪ ,‬تحقيق‬
‫تأصيل نظري لعملية إدارة األزمات التنموية ‪ ،‬ولتمثل قواعد علمية يتم االنطالق منها في‬
‫التعامل مع األزمات وتكون مرشداً للممارسين أثناء محاوالتهم تعقب األزمات ومعالجة ما‬
‫يقع منها‪.‬‬

‫وهذه الدراسة هي خطوة في تحقيق هذه الغاية ‪ ،‬حيث سيتم في الفصل األول وضع خطة‬
‫البحث وإطاره‪ ,‬العام ‪ ،‬وفي الفصل الثاني سيتم التمهيد للموضوع من خالل تناول المفاهيم‬
‫المختلفة ضمن الموضوع ‪ ،‬أما في الفصل الثالث سيؤتى على ذكر وشرح أنواع األزمات‬
‫وأسبابها وخصائصها ‪ ،‬ثم سيتم تصميم إطار نظري إلدارة األزمات التنموية من منظور‬
‫بيئي في الفصل الرابع ‪ ،‬وفي الفصل الخامس‪ ,‬سيصار إلى شرح العالقة بين التخطيط‬
‫اإلستراتيجي وإدارة األزمات التنموية وأخيراً سيتم استعراض مشكالت ومعوقات التنمية‬
‫في الفصل السادس والخروج باستنتاجات وتوصيات‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفصل األول‬

‫مشكلة البحث‬

‫تؤثر األزمات التنموية تأثيراً بالغا ً على خطط التنمية في المجتمعات النامية ‪ ،‬وغني‬
‫عن القول أن الدول النامية واجهت أزمات تنموية متنوعة أثرت على حركة النمو‬
‫فيها سواء بشكل جزئي أو بشكل شمولي ‪ ،‬وخلفت هذه األزمات وراءها آثاراً كارثية‬
‫أدت إلى تعثر الكثير من البرامج وتراجع الخطط التنموية وبالتالي انحسار التنمية‬
‫وعودتها أحيانا إلى نقطة البداية‪.‬‬
‫ومن هذه اإلشكالية نبعت مشكلة هذا البحث ‪ ،‬إذ أن وجود إدارة فعالة لألزمات‬
‫التنموية تتوالها األجهزة اإلدارية في أي مجتمع من شأنه أن يعمل على امتصاص أو‬
‫تخفيف االنتكاسات التي تتركها األزمات التنموية على عملية التنمية ‪ ،‬فضالً عن‬
‫وجود إمكانية لمنع تلك األزمات من خالل التخطيط اإلستراتيجي المبني على أسس‬
‫علمية سليمة‪.‬‬

‫أهمية البحث‬

‫في ضوء األهمية البالغة لآلثار التي تخلفها األزمات التنموية ‪ ،‬كان ال بد من وجود‬
‫دراسات تتناول هذا الموضوع وتعنى بوضع تأصيل نظري له ‪ ،‬وقد توفرت بعض‬
‫الدراسات التي طرقت هذا الموضوع بشكل عام ‪ ،‬إال أن هذه الدراسات قامت على‬
‫أساس التحليل الجزئي باعتبار أن وحدة التحليل فيها كانت المنظمة ال الدولة‪.‬‬

‫من جانب آخر تناولت العلوم األخرى – غير علم اإلدارة – هذا الموضوع ‪ ،‬غير‬
‫أنها تناولت موضوع األزمات من زاويتها الخاصة فعلم االقتصاد بحث األزمات‬
‫االقتصادية وعلم االجتماع بحث في األزمات المجتمعية وهكذا الحال بالنسبة لكل‬
‫علم‪.‬‬

‫وتضمنت بعض الدراسات موضوع األزمات التنموية وكيفية إدارتها عموما ً ‪ ،‬إال‬
‫أنها اقتصرت على إشارات قليلة وفرعية لم ترق إلى مصاف البحوث المتعمقة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وتتضح أهمية هذا البحث من كونه من البحوث القليلة التي تتناول موضوع األزمات‬
‫التنموية من وجهة نظر علم اإلدارة ‪ ،‬إذ ال بد من وجود دراسات متكاملة من منظور‬
‫هذا العلم نظراً لخصوصية هذه األزمات وارتباطها الوثيق باألجهزة اإلدارية ألية‬
‫دولة‪.‬‬

‫ومما يضفي أهمية أكبر على هذا البحث أهمية األهداف ذاتها التي سيتم تحقيقها من‬
‫خالله ‪ ،‬وتاليا ً سيتم توضيح هذه األهداف ‪.‬‬

‫أهداف البحث‬

‫الهدف العام لهذا البحث هو تصميم إطار مفاهيمي لألزمات التنموية و إدارتها ‪،‬‬
‫ويتفرع عن هذا الهدف أهداف أخرى فرعية هي ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الخروج بمفهوم لألزمة التنموية وتمييزها عن غيرها من األزمات‪.‬‬


‫ثانياً‪ :‬الخروج بمفهوم إلدارة األزمات التنموية‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬تصميم إطار نظري مفاهيمي إلدارة األزمات التنموية من منظور بيئي‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬توضيح العالقة بين اإلدارة العامة وإدارة التنمية وإدارة األزمات التنموية‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬تصميم إطار نظري مفاهيمي إلدارة األزمات التنموية من منظور التخطيط‬
‫اإلستراتيجي‪.‬‬

‫منهجية البحث‬

‫أسلوب التحليل النظري ضمن إطار بيئي هو األسلوب الذي سيتم إتباعه في هذا‬
‫البحث ‪ ،‬وبالتالي سيتم تحليل ما ورد من نظريات وآراء في مجال إدارة األزمات‬
‫التنموية للخروج بصيغة نظرية قابلة للتطبيق على األرض ‪ ،‬ولتحقيق هذا الغرض‬
‫سيتم االعتماد على المراجع والدراسات السابقة كمصادر ثانوية للمعلومات ‪ ،‬وإجراء‬
‫مسح لها لربط األفكار والخروج بفهم أوسع لموضوع إدارة األزمات التنموية‪.‬‬
‫ويجدر التنويه بأن وحدة التحليل في هذا البحث ستكون الدولة ال المنشأة ‪ ،‬بحكم أن‬
‫تأثير األزمة التنموية يمتد ليشمل الدولة لذا يتوجب بأن يكون التحليل على المستوى‬
‫الكلي ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل‪ ,‬الثاني‬

‫مدخل إلى األزمات التنموية وإدارتها‬

‫تنعكس األزمات التنموية بمختلف أنواعها بشكل مباشر أو غير مباشر على التنمية‬
‫وسيتم في هذا الفصل التطرق إلى تعريف مفهوم األزمة بشكل عام ‪ ،‬ثم الخروج‬
‫بتعريف لألزمة التنموية بشكل خاص وتوضيح طبيعتها ‪ ،‬ويلي ذلك توضيح‬
‫المقصود بإدارة األزمات التنموية ‪.‬‬

‫مفهوم األزمة‬

‫ثمة العديد من التعريفات في التي وردت في األدب اإلداري لمفهوم األزمة ‪ ،‬فقد‬
‫عرف الرازم األزمة " بأنها حدث أو تراكم أو تزايد لمجموعة أحداث غير متوقع‬
‫حدوثها تؤثر في منظمة أو جزء منها " ‪ ، 1‬يالحظ بأن هذا التعريف يركز على‬
‫المنظمة اإلدارية باعتبارها وحدة التحليل ‪ ،‬في حين أن التعريف الذي أورده‬
‫الحمالوي يعتبر النظام بشكل عام هو مستوى التحليل ‪ ،‬حيث يعرف األزمة بأنها " ‪..‬‬
‫خلل يؤثر تأثيراً ماديا ً على النظام كله ‪ ،‬كما أنه يهدد االفتراضات التي يقوم عليها هذا‬
‫النظام" ‪ 2 ،‬والنظام هنا قد يشير إلى منظمة أو فرد أو دولة ‪ ،‬حيث أن كلمة نظام هي‬
‫كلمة شاملة تنسحب على جميع الكيانات ‪.‬‬

‫إن األزمة عادة ما تحدث في ظل ظروف غامضة حيث يعرفها الخضيري بأنها "‬
‫لحظة حرجة وحاسمة تتعلق بمصير الكيان اإلداري ‪ ...‬الذي أصيب بها ‪ ،‬مشكلة‬
‫بذلك صعوبة حادة أمام متخذ القرار ‪ ،‬تجعله في حيرة بالغة ‪ ،‬أي قرار يتخذ في ظل‬
‫دائرة عدم التأكد وقصور المعرفة واختالط األسباب بالنتائج ‪ ،‬وتداعي كل منهما‬
‫بشكل متالحق ليزيد من درجة المجهول عن تطورات ما قد يحصل مستقبالً"‪.3‬‬

‫‪ -1‬عز الدين الرازم ‪ ،‬التخطيط للطواريء وإدارة األزمات في المؤسسات ‪ ،‬ط‪(1‬عمان ‪ :‬دار الخواجا ‪،‬‬
‫‪1995‬م)‪ ،‬ص‪19‬‬
‫‪ -2‬محمد الحمالوي ‪ ،‬إدارة األزمات ‪ :‬تجارب محلية وعالمية ‪ ( ،‬القاهرة‪ :‬مؤسسة األهرام ‪ ، )1993 ،‬ص‬
‫‪.19‬‬
‫‪ -3‬محسن الخضيري ‪ ،‬إدارة األزمات‪:‬منهج اقتصادي متكامل لحل األزمات‪،‬ط‪(،1‬مصر‪:‬مكتبة مدبولي ‪،‬‬
‫‪ ، )1990‬ص ‪.76‬‬

‫‪6‬‬
‫ويعرفها الطيب بأنها" نقطة تحول في أوضاع غير مستقرة ‪ ،‬يمكن أن تقود إلى نتائج‬
‫غير مرغوبة إذا كانت األطراف المعنية غير مستعدة أو غير قادرة على احتوائها‬
‫ودرء أخطارها"‪ .1‬فاألزمة هي فعالً نقطة تحول قد تقود إلى ما هو غير مرغوب ‪،‬‬
‫وهذا يبرز الضرورة الحتمية لوجود آليات واستراتيجيات ونشاطات تقوم بها اإلدارة‬
‫لتحويل ما هو غير مرغوب إلى ما هو مرغوب من خالل استيعاب اآلثار السلبية‬
‫لألزمة ‪ ،‬وهذه الفكرة تحديداً تقودنا إلى تعريف آخر يعزز هذا االتجاه حيث تعرف‬
‫األزمة بأنها" حالة من اإلدراك الضطراب أو ضيق أو شدة ‪ ،‬وهي نقطة تحول قد‬
‫تكون إلى األحسن أو إلى األسوأ وهي بهذا تحمل إمكانية الفرصة والخطر في آن‬
‫واحد‪ ،‬كما أن األزمة وليدة ظرفها ووضعها الذي توجد فيه"‪.2.‬‬

‫يعكس التعريف األخير وجهة النظر الحديثة ‪ ،‬فاألزمة قد تنطوي على فرص‬
‫ومخاطر واإلدارة الحكيمة تقلل من حدة المخاطر وتغتنم الفرص بل وتحول ما‬
‫تستطيع من مخاطر إلى فرص ‪.‬‬

‫بناء على التعريفات السابقة يمكن الخروج بعدة عناصر إجرائية تدخل في تعريف‬
‫األزمة وهذه العناصر هي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬األزمة نقطة تحول‪.‬‬


‫ثانياً‪ :‬تنطوي األزمة على مخاطر وفرص في وقت واحد‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬تحدث األزمات في ظروف عدم التأكد وشح المعلومات‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬كل أزمة فريدة في نوعها ‪ ،‬وال بد من معاملة كل أزمة على اعتبار أنها فريدة‬
‫مهما تشابهت الظروف‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬ترتبط األزمة ارتباطا ً وثيقا ً بالبيئة المحيطة‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬تجر األزمة معها أزمات متالحقة‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬تؤدي األزمة إلى صعوبة في عملية اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬األزمة التنموية هي األزمة التي تؤثر بصورة مباشرة على التنمية بأبعادها‬
‫المختلفة وعادة ما تكون على المستوى الكلي‪.‬‬
‫‪ -1‬حسن أبشر الطيب ‪ ،‬إدارة الكوارث ‪ ،‬ط‪ ( ، 1‬لندن ‪ :‬ميداليت المحدودة ‪1992 ،‬م) ‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ -2‬ال يوجد اسم مؤلف ‪"،‬الشركات وإدارة األعمال " عالم األعمال ‪ ،‬العدد‪ ، 1‬مج ‪ ، 1988 ، 5‬ص‪.70‬‬

‫‪7‬‬
‫مفهوم األزمة التنموية‪:‬‬

‫يالحظ بأن العناصر التي تدخل في مفهوم األزمة عموما ً هي ذاتها التي تدخل في‬
‫تكوين مفهوم لألزمة التنموية ولكن مع فروق ال يستهان بها تتمثل باالتي‪:‬‬

‫‪ -1‬تحدث األزمة التنموية على المستوى الكلي وأثرها يكون شامالً‪.‬‬


‫‪ -2‬تؤثر األزمة التنموية على خطط التنمية بشكل عام في حين أن األزمات‬
‫العادية تؤثر على قطاعات محددة في الدولة‪.‬‬

‫ويمكن القول بأنه كلما كان تأثير األزمة كبيراً على التنمية كلما كانت األزمة تنموية‬
‫وعلى سبيل المثال أزمة تسريح العمالة من شركة معينة هي أزمة تخص الشركة‬
‫وبعض من يعمل فيها ولكن إذا شهدت الشركات الكبرى حركات تسريح شاملة‬
‫للعمالة ترتقي هذه األزمة لتصبح أزمة تنموية ذات اثر اقتصادي‪.‬‬

‫كخالصة تعرف األزمة التنموية بأنها " نقطة تحول فريدة ‪ ،‬تحمل عنصر المفاجأة‬
‫في الكثير من األحيان وتقع في ظل وجود نقص في المعلومات ‪ ،‬وتحمل في طياتها‬
‫فرصا ً وتهديدات تؤثر مباشرة في خطط التنمية على المستوى الكلي"‪.‬‬

‫مفهوم إدارة األزمات التنموية‬

‫يعرف ‪ Mitroff‬إدارة األزمات التنموية بأنها " سلسلة من النشاطات من أجل‬


‫تصميم وإعادة تصميم وتنفيذ اآلليات واإلجراءات والخطط األساسية وذلك الكتشاف‬
‫األزمة أو منعها أو التحضير لها أو منع انتشارها أو التغليب عليها واسترداد الوضع‬
‫السابق أو التعلم منها"‪1.‬‬

‫يركز هذا التعريف على جوهر عملية إدارة األزمات وهو التخطيط وهو محق بهذا‬
‫الطرح غير أن األمر ال يقف عند هذا الحد ‪ ،‬بل يتعداه " إلى استمرار الرقابة بعد‬
‫اإلنتها من األزمة وذلك للتأكد من عدم ثورانها مرة أخرى ‪ " ...‬كما يقول ‪William‬‬
‫‪.Briggs‬‬
‫‪1- Lan I. Mitroff , "crisis management and environmentalism: A natural fit " ,‬‬
‫‪California Management Review , Vol.36,No.2,winter 1994,p102.‬‬
‫‪2- William Briggs ,"Taking control after a crisis ", HR Magazine , Vol.35,March‬‬
‫‪1990,pp.60-61.‬‬

‫‪8‬‬
‫من هذا المنطلق فإن اإلدارة العلمية لألزمات تكون قبلية من خالل التخطيط لما هو‬
‫متوقع ومرحلية أثناء وقوع األزمة من خالل حشد اإلمكانات المختلفة للتعامل مع‬
‫األزمة ‪ ،‬وبعدية من خالل استمرار الرقابة والمتابعة للتأكد من أن آثار األزمة قد‬
‫تالشت ولن تعود من جديد‪.‬‬

‫أن النقطة األساسية في إدارة األزمات تتمثل في القدرة على التقليل من حالة عدم‬
‫التأكد ‪ ،‬ولذلك فإن ‪ Steven Fink‬يعرف إدارة األزمات بأنها " فن إزاحة أو تقليل‬
‫المخاطر وظروف عدم التأكد حتى يتم التمكن من السيطرة على األحداث" ‪ ، 1‬وفي‬
‫تعريف آخر ينظر إلدارة األزمات " بأنها جهود منسقة ومنظمة تقوم بها المنشاة ‪،‬‬
‫بهدف الوقاية من األزمات المحتملة والتعامل مع ما يحدث من أزمات ‪ ،‬أو التعلم‬
‫واالستفادة من تلك األزمات" ‪.2‬‬

‫وعلى أية حال يمكن تلخيص العناصر اإلجرائية التي تساعد في صياغة تعريف‬
‫إلدارة األزمات التنموية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬تعد إدارة األزمات التنموية سلسلة من الجهود المنسقة التي تعتمد على‬
‫األسلوب العلمي‪.‬‬
‫‪ -2‬التخطيط هو جوهر إدارة األزمات التنموية‪.‬‬
‫‪ -3‬تتصف إدارة األزمات التنموية بأنها إدارة وقائية ومرحلية وعالجية‪.‬‬
‫‪ -4‬ينبغي التعلم من األزمات السابقة‪.‬‬
‫‪ -5‬الرقابة بعد أفول األزمة من العوامل الحيوية التي تساعد في عدم انبعاثها من‬
‫جديد‪.‬‬
‫‪ -6‬األجهزة اإلدارية في الدولة هي التي تدير األزمات التنموية‪.‬‬

‫‪1- Steven Fink, crisis management: planning for the inevitable,‬‬


‫‪(USA:Amacon ,1986),p.15.‬‬
‫‪.‬المملكة األردنية الهاشمية‪ ،‬عمان ‪ ،‬المركز العربي للتطوير اإلداري ‪ ،‬إدارة األزمات ‪ ، 1991 ،‬ص‪2- 32‬‬

‫‪9‬‬
‫وبناء على العناصر السابقة يمكن تعريف إدارة األزمات التنموية بأنها " نشاطات‬
‫منظمة ترتكز على التخطيط والرقابة ‪ ،‬تتوالها أجهزة اإلدارة العامة في الدولة ‪،‬‬
‫بهدف توفير المعلومات المناسبة والتي تساعد في الوقاية من األزمات التنموية‬
‫المتوقعة أو عالجها والتعلم منها"‪.‬‬

‫النظرة التقليدية والنظرة الحديثة إلى األزمات التنموية‬

‫ركزت النظرة التقليدية على فكرة انغالق النظام – أي نظام – على نفسه ‪ ،‬وبالتالي‬
‫سيكون محميا ً من التقلبات البيئية المحيطة وان وقعت أزمة داخل النظام سيكون قادراً‬
‫على حلها كونه يمتاز بالتماسك الشديد ‪ .‬لذا كان ينظر إلى األزمات بمختلف أنواعها‬
‫على أنها مدمرة وال تنطوي على أية منفعة نظراً لتأثيرها السلبي في كينونة النظام‪.‬‬

‫أما النظرة الحديثة فقد ركزت على حتمية انفتاح النظام على البيئة ‪ ،‬كون النظام‬
‫يحصل على مدخالته من البيئة ‪ ،‬و يطرح مخرجاته إليها ‪ ،‬فهو ال يستطيع االحتفاظ‬
‫بها ألنه بذلك سيزول ‪ .‬ولذلك على أي نظام أن يطور آليات يستطيع من خاللها‬
‫التحكم في المدخالت والمخرجات بأسلوب يكفل التكيف مع المعطيات البيئية‪.‬‬

‫من ناحية أخرى تعتبر النظرة الحديثة بأن أية أزمة تشمل جوانب سلبية وأخرى‬
‫ايجابية ينبغي استثمارها واألزمات التنموية ليست ببعيدة عن هذا الطرح فالهجرات‬
‫القسرية مثالً تثقل كاهل الدول وتضر بالبنية التحتية وتحملها فوق طاقتها إال أن هناك‬
‫جانب مشرق لهذا األمر وهو أن من بين المهاجرين من يحمل خبرات طويلة أو‬
‫سيولة يمكن استثمارها في أسواق الدولة مما يعزز من مكانة االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫مداخل دراسة األزمات التنموية‬

‫تنوعت مداخل دراسة األزمات ‪ ،‬وكل ينظر إلى األزمة من زاوية المدخل الذي تبناه‬
‫ومن هذه المداخل وفقا ً لتصنيف الحمالوي‪1:‬‬

‫‪ -1‬المدخل االقتصادي‪ :‬تتحدد األزمة من منظور هذا المدخل من خالل معايير‬


‫مثل التضخم والبطالة والركود وعجز الميزانية والكساد اإلقتصادي ‪.‬‬
‫‪ -1‬محمد الحمالوي ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ص ‪24-23‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -2‬المدخل السياسي ‪ :‬يعزي علماء السياسة األزمات إلى بعض الظواهر مثل‬
‫الصراعات وغيرها‪...‬‬
‫‪ -3‬المدخل اإلقتصادي السياسي ‪ :‬تعد األزمات تعبير عن التناقضات القائمة بين‬
‫الطبقات االجتماعية وبين قيم التبادل‪.‬‬
‫‪ -4‬المدخل االجتماعي‪ :‬يرى علماء االجتماع بأن منبع األزمات عدم المساواة‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -5‬المدخل التاريخي‪ :‬يرى علماء التاريخ بأن سبب األزمات هو تراكم عوامل‬
‫عدم االنسجام بين عناصر المجتمع‪.‬‬
‫‪ -6‬المدخل النفسي‪ :‬يرى علماء النفس بأن سبب األزمات دوافع غريزية‪.‬‬
‫‪ -7‬المدخل اإلداري‪ :‬إن غالبية الكتاب في مجال اإلدارة ال يلتفتون إلى المداخل‬
‫األخرى لدراسة األزمات ‪ ،‬بل يميلون إلى تعريف األزمة وتحديد أسبابها في‬
‫ضوء عدد محدود من الخصائص والنتائج المتعلقة باألزمات ‪ ،‬والمدخل‬
‫اإلداري يتبنى وجهة النظر الحديثة في إدارة األزمات ‪ ،‬حيث ينظر إلى‬
‫النظام والفوضى والبناء والهدم كوحدة متكاملة ال متناقضة كما انه ينظر إلى‬
‫األزمات من منظور بيئي نظمي‪.‬‬

‫يتضح من تحليل المداخل السابقة بأن كل مدخل تبنى وجهة نظر معينة نابعة من‬
‫اهتمامات علماء ذلك المدخل ‪ ،‬بيد أن المدخل اإلداري لم يحدد أسبابا إدارية‬
‫لألزمات ألنه بذلك سيغدو مدخالً محدوداً ضيق النظرة يقتصر دوره على تحقيق‬
‫التنمية اإلدارية فقط وهذه الفكرة تجانب الصواب كون األجهزة اإلدارية يقع على‬
‫عاتقها تحقيق التنمية الشاملة وليس التنمية اإلدارية فقط‪.‬‬

‫من جهة أخرى ركزت المداخل األخرى على األسباب الداخلية في حدوث‬
‫األزمات في حين أن المدخل اإلداري يركز على جملة من األسباب الداخلية‬
‫والخارجية وبذلك فهو أكثر شموال من المداخل األخرى‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وهذا يعزز من فكرة هذا البحث الذي ينظر إلى األزمات التنموية بمختلف أنواعها‬
‫من منظور إداري ويؤكد على دور األجهزة اإلدارية في تولي إدارة العملية‬
‫التنموية بمختلف أبعادها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫أنواع األزمات التنموية ‪ ،‬أسبابها ‪ ،‬خصائصها‪,‬‬

‫أنواع األزمات التنموية‬

‫يمكن تقسيم األزمات التنموية وفقا ً للمعايير التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬حسب البعد التنموي‪ :‬يعد هذا المعيار األكثر التصاقا ً باألزمات التنموية ‪،‬‬
‫حيث تنقسم األزمات التنموية وفقا لهذا المعيار إلى أزمات اقتصادية وأزمات‬
‫اجتماعية وأزمات تعليمية وأخرى تكنولوجية وغيرها ‪.‬‬
‫‪ -2‬حسب معيار الزمن‪ :‬تنقسم األزمة التنموية وفقا ً لهذا المعيار إلى أزمة قصيرة‬
‫أو سريعة وأخرى متوسطه وأخيرة طويلة المدى أو مزمنة ‪ ،‬فاألزمة‬
‫القصيرة تمر بسرعة وقد ال تترك فرصة أمام متخذ القرار ليتخذ قراراً سريعا ً‬
‫حيالها ‪ ،‬بل تسود في معظم األحيان حالة من الفوضى واالرتباك ‪ ،‬في حين‬
‫أن األزمة المتوسطة قد تترك فرصة – إلى حد ما – أمام صانع القرار للقيام‬
‫برد فعل مالئم ‪ ،‬أما األزمة طويلة المدى تتطلب سلسلة من القرارات‬
‫واإلجراءات والخطط ‪ ،‬ذلك أن عالجها يتم عادة بصورة تدرجية ‪ ،‬مع العلم‬
‫بأن مستوى التعافي من أثار األزمة يكون بطيئا ً جداً ونتائجه ال تظهر في‬
‫األمد المنظور ‪ ،‬ومن األمثلة على األزمات المزمنة ‪ ،‬التنمية الشاملة ذاتها‬
‫ودليل ذلك الحقائق التالية ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬التنمية نقطة تحول ‪ :‬تعتبرالتنمية نقطة تحول ولكنها تخضع لعامل طول‬
‫الزمن بحكم طبيعة نوعها ‪ ،‬فكم من حضارة راقية تحولت إلى حضارة نامية ‪،‬‬
‫والحضارة المصرية خير شاهد على هذا األمر ‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬يغلب عنصر المفاجأة على األزمات المختلفة إال أن عنصر المفاجأة نسبي‬
‫يختلف باختالف األزمة وقد تحدث األزمة "‪ ...‬رغم عدم وجود عنصر المفاجأة‬
‫" ‪ ،. 1‬وهذا ينطبق على األزمات المزمنة ومنها أزمة التنمية‪.‬‬
‫‪ -1‬عز الدين الرازم ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪13‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التنمية تتم في ظروف من عدم التأكد ودليل ذلك أن الخطط التنموية غالبا ً ما‬
‫تمتد إلى ثالث أو خمس أو عشر سنوات ‪ ،‬إذ يتم انتهاج أسلوب التخطيط‬
‫اإلستراتيجي ومن المعروف بأن هذا النوع من التخطيط يستخدم لتقليل حالة عدم‬
‫التأكد من خالل عملية تنبؤ علمي مدروسة ومنظمة وقائمة على مقدمات معينة‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬ثمة صعوبة في اتخاذ القرارات التنموية ‪ :‬وذلك بسبب اآلثار التي قد‬
‫تخلفها بعض تلك القرارات على جوانب تنموية أخرى ‪ ،‬فحل مشكلة التضخم‬
‫الوظيفي مثالً في مجتمع ما من خالل تسريح العاملين يساهم في تحقيق تنمية‬
‫إدارية غير انه يساهم في خلق مشكلة تمس بصورة مباشرة خطط التنمية‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫خامسا ً ‪ :‬ترتبط التنمية ارتباطا ً وثيقا ً بالبيئة العامة ‪.‬‬

‫يالحظ مما سبق أن التنمية اشتملت على العناصر اإلجرائية التي وردت في‬
‫تعريف مفهوم األزمة التنموية – أنظر الفصل الثاني – وبالتالي فهي تعد بحق‬
‫مثاالً حيا ً على األزمات المزمنة ‪ ،‬يضاف إلى ذلك أن هناك العديد من المؤلفات‬
‫وسمت بعنوان أزمة التنمية للداللة على أن التنمية هي أزمة شاملة تواجه‬
‫المجتمعات النامية‪.‬‬

‫‪ -3‬حسب عالقة األزمة بالبيئة العامة ‪ :‬تنقسم األزمات وفقا ً لهذا المعيار إلى‬
‫أزمات مستوردة ومنبعها البيئة الخارجية وأخرى محلية قابلة للتصدير تشكل‬
‫مدخالً من مدخالت الدول األخرى ‪ ،‬أو قد تكون أزمة محلية إال أنه "‪ ...‬ال‬
‫يمكن تصديرها ‪ :‬وهي ال تتعدى حدود الدولة المعنية بتلك األزمة " ‪. 1.‬‬

‫‪ -1‬محمد عاصم شقرة ‪ ،‬نحو نموذج إسالمي إلدارة األزمات ‪ ( ،‬األردن ‪ ،‬عمان ‪ :‬الجامعة األردنية ‪ ،‬تموز‬
‫‪ ، ) 1995‬ص‪.20‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -4‬حسب مراحل األزمة ‪ :‬هناك من ينظر إلى األزمة على أنها تتفق مع "‬
‫النموذج البيولوجي الذي يجتازه الكائن الحي بصورة متتابعة عبر مراحل‬
‫الميالد ‪ ،‬والنمو ‪ ،‬والنضج ‪ ،‬واألفول " ‪ . 1‬وعليه تنقسم األزمة إلى أنواع‬
‫وفقا ً لمراحلها المذكورة آنفا‪.‬‬
‫‪ -5‬حسب نطاق األزمة ‪ :‬تنقسم األزمات وفقا ً لهذا المعيار إلى أزمات جزئية‬
‫وأخرى شاملة ‪ ،‬األزمة الجزئية تصيب جز ًء من النظام بضرر معين ‪ ،‬في‬
‫حين أن األزمة الشاملة تتسع لتصيب جميع أجزاء النظام‪.‬‬

‫أسباب األزمات التنموية‬

‫ال يعنى المدخل اإلداري بتحديد أسباب محددة لألزمات ولكن ألغراض تسهيل‬
‫الدراسة يمكن حصر مجموعة من األسباب كأمثلة فقط ‪ ،‬وتنقسم أسباب حدوث‬
‫األزمات إلى أسباب داخلية وأخرى خارجية ‪ ،‬إذ أن " ظهور أحداث مفاجئة وغير‬
‫قابلة للتنبؤ في البيئة الخارجية للنظام " ‪ ، 2‬من شأنه أن يمهد الطريق نحو بروز‬
‫أزمة خارجية كالهجرة القسرية من دولة إلى أخرى مثالً‪ ،‬وقد يكون مصدر األزمات‬
‫داخلي لوجود أرض خصبة تساعد على ظهور مثل هذه األزمات ‪ ،‬مثل قلة الموارد‬
‫الطبيعية في بعض المجتمعات النامية‪.‬‬

‫ألفونسو غونزاليس هريرو وكورنيليوس ب‪ .‬برات ‪ " ،‬إدارة األزمة قبل حدوثها أو بعده "‪ ،‬الثقافة‬ ‫‪-1‬‬
‫العالمية‪ ،‬ترجمة عبد الفتاح الصبحي‪،‬مج‪،13‬عدد‪،79‬نوفمبر‪ ،1996‬ص‪.15‬‬
‫‪2-‬‬ ‫‪Jeffrey D.Ford,"the management of organizational crises", Business‬‬
‫‪Horizon,Vol.24,NO.3,May/June 1981,p.11.‬‬

‫‪15‬‬
‫خصائص األزمات التنموية‬

‫تتصف األزمات التنموية بما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬تأثيرها على التنمية بمختلف أبعادها االجتماعية واالقتصادية والتعليمية‬


‫والثقافية والصحية ‪....‬‬
‫‪ -2‬وجود وقت نسبيا ً للتعامل مع آثار األزمات التنموية في حالة كون األزمة من‬
‫النوع المتوسط أو المزمن‪.‬‬
‫‪ -3‬وجود قوى قد تعترض عملية معالجة األزمة ووجود قوى أخرى محفزة ‪.‬‬
‫‪ -4‬تتطلب هذه األزمات تصرفا ً سريعا ً إن كانت من النوع القصير‪.‬‬
‫‪ -5‬تسود حالة من القلق بفعل اآلثار التي تسببها األزمة التنموية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫إطار نظري ومفاهيمي إلدارة األزمات التنموية‬


‫منظور بيئي‬

‫كيف يمكن أن تتعامل األجهزة اإلدارية مع األزمات التنموية سواء الداخلية منها‬
‫أو الخارجية؟ هل بمقدور اإلدارة أن تتنبأ باألزمة التنموية قبل وقوعها ؟ هل‬
‫تستطيع األجهزة اإلدارية التحكم في األزمة التنموية واالستفادة منها في تطوير‬
‫خطط للتعامل مع أزمات مشابهة قد تقع مستقبالً؟ وهل تستطيع اإلدارة توجيه‬
‫األزمات التنموية لتصب في تحقيق التنمية الشاملة بدال من أن تتسبب في‬
‫تراجعها؟هل يمكن الهيكل البيروقراطي الحالي من االستجابة الرشيقة والسريعة‬
‫لألزمات التنموية؟‬

‫هذا ما سنحاول اإلجابة عنه فيما يلي‪:‬‬

‫عالقة إدارة األزمات التنموية باإلدارة العامة‬

‫إن اإلدارة العامة بمفهوميها العضوي(أي كافة األجهزة اإلدارية في أية‬


‫دولة )والوظيفي(‪ ,‬أي تقديم تلك األجهزة للخدمات العامة وإشباع الحاجات) ‪،‬‬
‫تعمل على تحقيق األهداف التي أنشئت من أجلها من خالل التفاعل التبادلي بين‬
‫المفهوم العضوي والمفهوم الوظيفي‪.‬‬
‫وجوهر هذه األهداف هو تحقيق الرفاه العام ومحاولة االرتقاء بالمجتمع ككل من‬
‫خالل ما عرف بإدارة التنمية ‪ ،‬وواقع الحال يشير إلى أن كافة أجهزة اإلدارة‬
‫العامة تقوم بتوجيه وإدارة عملية التنمية ‪ ،‬وال يقتصر ذلك على جهاز دون‬
‫اآلخر‪ ،‬غير انه قد تطرأ بعض المشكالت التي تعترض سير العمل التنموي على‬
‫المستوى الجزئي أو الكلي ‪ ،‬لذا كان لزاما ً على اإلدارة أن تطور أساليب ووسائل‬
‫فاعلة للتعامل مع تلك المشكالت لضمان عدم انحراف خط سير التنمية عما هو‬
‫مرسوم ومخطط له ‪ ،‬وسبب تولي األجهزة اإلدارية إدارة عملية التنمية يتمثل في‬
‫توسع دور الدولة الذي انتقل من الحماية واألمن والدفاع فقط إلى تحقيق الرفاه ‪،‬‬
‫فضالً عن إحجام القطاعات األخرى عن تولي هموم التنمية لضخامة األعباء‬
‫واختالف األهداف ‪ ،‬فالقطاع الخاص ال يستطيع أن يتولى عملية التنمية ألنه‬

‫‪17‬‬
‫يهدف إلى الربح ‪ ،‬بيد أن القطاع الخاص يمكن أن يشارك القطاع العام ألن اآلثار‬
‫السلبية التي تخلفها األزمات التنموية سوف تنعكس ال محالة على القطاع الخاص‬
‫كونه يشكل جز ًء من المجتمع الكبير الذي يرزح تحت األزمة ‪ ،‬ويأتي دور أجهزة‬
‫اإلدارة العامة هنا من خالل تشجيع القطاع الخاص على تولي مسؤولياته ومن‬
‫خالل بناء نسيج قيمي يحفز المسؤولية االجتماعية لدى شركات القطاع الخاص‪.‬‬

‫وإجماال ‪ ،‬تعتبر اإلدارة العامة نظاما ً فرعيا ً من البيئة تؤثر وتتأثر بها ‪ ،‬ويتفرع‬
‫عن اإلدارة العامة ما عرف بإدارة التنمية كما ويتفرع عن إدارة التنمية مفهوم‬
‫إدارة األزمات التنموية التي يقع على عاتقها تصحيح االنحرافات التي تسببها‬
‫األزمات ومحاولة استثمار الفرص وتقليص التهديدات بل ودرء األزمات إن كان‬
‫هناك أدنى فرصة لتحقيق ذلك‪.‬‬

‫ومن جانب آخر تعتبر البيئة المحيطة هي المصدر ألساسي لألزمات التنموية بما‬
‫تشتمل عليه من تهديدات وتحديات وفرص ومعوقات ويتعاظم دور اإلدارة هنا‬
‫ألنها تحتاج إلى إجراء مسوحات بيئية تشخيصية مستمرة بهدف التنبؤ العلمي‬
‫لتحقيق أهدافها السابقة‪.‬‬

‫وهذه المسوحات للبيئة المحيطة يصاحبها مسوحات للبيئة الداخلية للمنشأة بهدف‬
‫تحديد مواطن الضعف والقوة والتنبؤ بوقع وثقل األزمة فيما لو وقعت على الكيان‬
‫التنظيمي بل والتنبؤ بأبعادها والقطاعات التي ستلحق ضرراً اكبر بها‪ ،‬كما أن‬
‫تحديد نقاط الضعف داخل المنشأة يجعلها تحت المجهر باعتبار أنها بؤرة يمكن‬
‫أن تتسبب في أزمة تنموية مستقبلية‪.‬‬

‫في ضوء ما سبق يتم صياغة تصورات مدروسة لخصائص األزمة المتوقعة‬
‫وأسبابها وأسوأ نقطة يمكن أن تصل إليها وشدة تأثيرها وأكثر مواضع النظام‬
‫تأثرا بها‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫التعامل مع األزمات التنموية‬

‫يترتب على األجهزة اإلدارية أن تنظر إلى األزمات التنموية نظرة وقائية وأخرى‬
‫مرحلية وثالثة تأكدية ‪ ،‬وفي ثنايا هذه المحاور الثالثة سيتتم اإلجابة عن األسئلة‬
‫التي وردت في مطلع هذا الفصل‪.‬‬

‫النظرة الوقائية لألزمات التنموية‬

‫تنتهج األجهزة األسلوب الوقائي لدرء األزمات قبل وقوعها أو لتسهيل التعامل‬
‫معها في حال وقوعها ‪ ،‬وتشمل اإلجراءات الوقائية العديد من الجوانب منها ‪:‬‬
‫إصالح وتطوير األجهزة اإلدارية ‪ ،‬وتنمية كفاءات وخبرات قادرة على ممارسة‬
‫التخطيط اإلستراتيجي ‪ ،‬ويقول ‪ Overman‬في هذا الصدد " ‪ ...‬عندما نرى‬
‫كاف وال نسعى إلى تصحيح‬ ‫ٍ‬ ‫كفاءات أو مدراء قليلو الخبرة ‪ ،‬فإننا ال نعيرهم التفتا ً‬
‫هذا الوضع ألننا ال نعتبر ذلك مشكلة كبيرة ‪ ،‬في حين أننا نتجاهل بأن المدراء‬
‫المدربين بشكل جيد يمكن أن يمنعوا األزمة"‪.1‬‬

‫اذاً الخطوة األولى التي تساعد في الوقاية من األزمات توفر كفاءات مدربة على‬
‫التعامل مع األزمات وفقا ً ألنواعها ‪.‬‬

‫أما الخطوة الثانية فهي توفر المعلومات التي تساعد في التنبؤ بوقوع األزمات ‪،‬‬
‫فالمعلومات تعد القاعدة األساسية التي يبنى عليها التخطيط اإلستراتيجي "‪ ...‬ففي‬
‫فترة السبعينيات من هذا القرن منيت صناعة السيارات األمريكية بخسائر فادحة‬
‫نتيجة استمرار سياستها المتجهة نحو إنتاج السيارات كبيرة الحجم وذلك المظهر‬
‫الخارجي الفخم‪،‬بينما كانت شركات صناعة السيارات في اليابان لديها معلومات‬
‫قبل عشر سنوات من هذا التاريخ تؤكد أن السوق العالمية ستصبح في حاجة‬
‫لسيارات متوسطة وصغيرة الحجم واقتصادية في استهالك الوقود وذات قطع‬
‫‪1- Stephanie Overman ,'After the smoke clears",HR‬‬
‫‪Magazine,Vol.36,NO.11,November1991,p46‬‬

‫‪19‬‬
‫غيار متوافرة ‪ ،‬وبفضل توافر هذه المعلومات لدى الشركات اليابانية وقدرتها على‬
‫التنبؤ العلمي استطاعت أن تحقق مكاسب هائلة في إنتاجها سيارات تتناسب مع حاجة‬
‫األسواق ‪ ،‬بينما ظلت الشركات األمريكية تحقق خسائر طوال عشر سنوات متالحقة‬
‫بسبب قصور نظم المعلومات التي أقرت إنتاجها لسيارات بمواصفات ال تحتاجها‬
‫األسواق العالمية‪.1"..‬‬

‫ولكن السؤال المهم هنا ‪ :‬هل حقا ً يمكن التنبؤ بالمخاطر واألزمات قبل وقوعها‬
‫وبالتالي العمل على منع وقوعها؟‬

‫في الواقع هناك خالف في هذا األمر بين المنظرين ‪ ،‬حيث يعتقد ‪ Briggs‬بأنه "‬
‫وبالرغم من عدم القدرة على التنبؤ باألزمات إال انه يمكن توقعها وبالتالي التحضير‬
‫لها‪ ،2 "..‬ومن المعروف أن التوقع يشتمل أخطاء أكثر من التنبؤ ‪ ،‬غير أن هناك‬
‫بعض األزمات التي يمكن التنبؤ بها لما تثيره من زوابع قبل قدومها ‪ ،‬وهناك أزمات‬
‫أخرى تأتي خلسة دون أن يشعر بها أحد ‪ ،‬وإجماال كلما كانت البيئة أكثر تقلبا ً كلما‬
‫كان التنبؤ أكثر صعوبة‪.‬‬

‫وفي حالة عدم القدرة على منع وقوع األزمة ‪ ،‬يترتب على اإلدارة إجراء معالجة‬
‫فورية في ضوء المعلومات المتوفرة ‪ ،‬لذا سيتم االنتقال إلى الخطوة الثانية في إدارة‬
‫األزمات التنموية‪.‬‬

‫النظرة المرحلية إلدارة األزمات التنموية‬

‫يقصد بالنظرة المرحلية عملية معالجة األزمة وفقا ً لمراحلها المتتابعة للتخلص من‬
‫آثارها السلبية أو للتخفيف من حدتها واستخالص الجوانب اإليجابية ‪ ،‬وتمر عملية‬
‫المعالجة في عدة مراحل ‪ ،‬حيث يعتقد ‪ Augustine‬بأن المرحلة األولى من مراحل‬
‫المعالجة هو منع األزمة "‪ ...‬إال انه من العجيب أن هذه المرحلة هي موضع تجاهل‬
‫‪ -1‬حامد أحمد رمضان بدر ‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية ‪ ،‬ط‪(،1‬القاهرة‪:‬دار النهضة العربية ‪،)1993،‬ص ص‪-51‬‬
‫‪.52‬‬
‫‪2- William Briggs,op.cit,p.80.‬‬

‫‪20‬‬
‫تام على الرغم من أنها ابسط طريقة واقلها تكلفة لمنع وقوع أزمة محتملة"‪ ،1‬ومع‬
‫التسليم بأهمية هذه المرحلة إال انه يمكن تلخيص مراحل المعالجة في اآلتي‪:‬‬

‫االستعداد إلدارة األزمة‪ :‬تتطلب مرحلة االستعداد لألزمة اتخاذ قرارات‬ ‫‪-1‬‬
‫حكيمة قائمة على الخطط الوقائية الموضوعة مسبقا ً وعلى معلومات تتصف‬
‫بالموثوقية والصدق وفي ضوء المستجدات التي تحدث بعد والدة األزمة‪.‬‬
‫مرحلة احتواء األزمة وأضرارها‪ :‬يتم استيعاب األزمة واالستفادة من المنافع‬ ‫‪-2‬‬
‫إن توفرت ‪ ،‬وتكون األزمة في هذه المرحلة في طور النمو لذا يتعين على‬
‫اإلدارة أن تعمل جاهدة كي ال تصل األزمة إلى مرحلة النضج ألنها ستصل‬
‫إلى ذروتها وستشكل عبئا ً اكبر وخسائر أكثر جسامة‪.‬‬
‫استعادة النشاط ‪ :‬في هذه المرحلة عادة ما ينتاب فريق حل األزمة " شيء من‬ ‫‪-3‬‬
‫الحماس الزائد حيث تتكاتف الجماعة على مستوى النظام ككل وتتماسك في‬
‫مواجهة خطر محدد ومهمة أكثر تحديداً"‪.2‬‬
‫الدروس المستفادة والتعلم‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫النظرة التأكدية لألزمات التنموية‬

‫عرف عن األزمات التنموية قدرتها على خلق أزمات متسلسلة تؤثر في مختلف‬
‫القطاعات باعتبار أن المجتمعات تشبه نظاما ً مترابطا ً ارتباطا ً تبادليا ً واعتمادي ‪ ،‬لذا‬
‫على فريق األزمات أن يتأكد فعالً بأن حلوله قد أصابت األزمة األصلية في الصميم ‪،‬‬
‫وال غنى عن التغذية الراجعة والرقابة والتقييم بشكل حثيث ومتواصل ‪ ،‬فالتغذية‬
‫الراجعة توفر معلومات مهمة عن مدى التقدم في معالجة األزمة وزوال آثارها بشكل‬
‫نهائي‪.‬‬
‫‪1- Norman R.Augustine,"Managing the crisis you tried to prevent", Harvard Business‬‬
‫‪Review, November/December,1995,p.149.‬‬
‫‪ -2‬محمد الحمالوي ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل‪ ,‬الخامس‬

‫التخطيط اإلستراتيجي واإلدارة الموقفية وإدارة األزمات التنموية‬

‫من أكثر األمور صعوبة تقريب المستقبل إلى أذهان متخذ القرار لما يعتري البيئة‬
‫المحيطة من تشويش ‪ ،‬وهذا ما دفع باتجاه تبني مدخل التخطيط اإلستراتيجي كأسلوب‬
‫يمكن من خالله تقليل حالة عدم التأكد عبر توفير اكبر كم من المعلومات لتشكل‬
‫مقدمات يمكن استنتاج نهايات منها‪.‬‬

‫كما يعد المدخل الموقفي من أكثر المداخل مالئمة للتعامل مع األزمات وذلك‬
‫الختالف األزمات عن بعضها البعض حيث يؤكد علماء اإلدارة بأنه " وبالرغم من‬
‫تشابه األزمة ظاهريا ً إال انه ينبغي النظر إلى كل أزمة على حده‪1"...‬‬

‫وفي هذا الفصل سيتم توضيح العالقة بين التخطيط اإلستراتيجي واإلدارة الموقفية‬
‫من جهة ‪ ،‬وبينهما وبين إدارة األزمات التنموية من جهة أخرى‪.‬‬

‫التخطيط اإلستراتيجي وإدارة األزمات التنموية‬

‫تبرز أهمية التخطيط من كونه نشأ بفعل مجموعة من األزمات " إذ أنه تطور أثناء‬
‫الحرب العالمية األولى في ألمانيا واتخذته هذه الدولة وسيلة إلدارة دفة الحرب"‪.2‬‬
‫وكان هناك جملة من العوامل واألسباب التي دفعت بفكرة التخطيط إلى السطح منها‬
‫ما يورده عريقات من عوامل تتمثل في "‪:‬‬

‫‪ -1‬أثر الكساد العظيم ‪ ...‬في زعزعة ثقة الناس في األسلوب العفوي المتبع‬
‫لتحقيق النمو اإلقتصادي‪.‬‬
‫‪ -1‬أميمه الدهان‪"،‬إدارة األزمات في المنظمات "‪ ،‬أبحاث اليرموك‪،‬مج‪ ،5‬عدد ‪ ، 1989 ، 4‬ص ‪.68‬‬
‫‪ -2‬حربي محمد موسى عريقات ‪ ،‬مبادئ في التنمية‪ ,‬والتخطيط اإلقتصادي‪،‬ط‪(،1‬عمان‪:‬دار الفكر‪،‬‬
‫‪،)1992‬ص‪.55‬‬

‫‪22‬‬
‫‪-2‬اندالع الحربين العالميتين األولى والثانية‪1 " ...‬‬

‫أما فيما يتعلق بالتخطيط اإلستراتيجي بشكل خاص ‪ ،‬فقد أثبتت التجربة قدرة هذا‬
‫النوع من التخطيط على إدارة عملية التحكم باألزمات التنموية ‪ ،‬ويؤكد العواملة‬
‫فائدة التخطيط االستراتيجي في مجال إدارة األزمات التنموية حيث يقول بأن "‬
‫من مزايا التخطيط الفعال السيطرة على األزمات بصورة أفضل "‪ " ، 2‬وظهر‬
‫هذا النوع من التخطيط في منتصف الستينيات " ‪ ،3‬من هذا القرن من أجل إحكام‬
‫السيطرة على البيئة المضطربة‪ ,‬التي كانت تحيط بالكثير من المجتمعات‪.‬‬

‫ويعرف التخطيط اإلستراتيجي بأنه " عملية اتخاذ القرارات بناء على معلومات‬
‫عن األوضاع البيئية لصياغة األهداف ورسم االستراتيجيات ووضع البرامج‬
‫والسياسات والتأكد من تنفيذها"‪ ، 4‬اذاً فالتخطيط االستراتيجي عبارة عن اتخاذ‬
‫قرارات قائمة على دراسة معمقة للبيئة الداخلية والبيئة الخارجية ‪ ،‬بيد أن هذه‬
‫العملية ال تسير بصورة سلسلة دون أن تعترضها عوائق ‪ ،‬لذا ال بد من وجود‬
‫هامش لألزمات التي قد تؤثر حتى في مسيرة الخطط اإلستراتيجية المصممة‬
‫لمجابهة تلك األزمات ‪.‬‬

‫‪ -1‬حربي محمد موسى عريقات ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.56-55‬‬


‫‪ -2‬نائل عبد الحافظ العواملة ‪ ،‬إدارة التنمية‪ ,‬وتطبيقاتها في األردن ‪،‬ط‪(،2‬عمان‪:‬المركز الفني‪،)1997،‬ص‬
‫‪.137‬‬
‫‪3-‬‬ ‫‪Henry Mintzberg ,'the fall and rise of strategic planning', Harvard Business‬‬
‫‪Review,Vol.72,NO.1,1994,P107‬‬

‫‪ - 4‬زهير الصباغ وعبد العزيز أبو نبعه‪"،‬التخطيط االستراتيجي في المؤسسات العامة‪ :‬المشكالت والحلول " ‪،‬‬
‫اإلداري ‪ ،‬مج‪ ، 18‬ع‪ ، 18‬مارس ‪ ، 1996‬ص‪.163‬‬

‫‪23‬‬
‫إطار نظري شامل إلدارة األزمات التنموية من منظور التخطيط‬
‫اإلستراتيجي‬

‫يتأثر البرنامج التنموي بمدى الضبابية في البيئة المحيطة ‪ " ،‬وعندما يكون االختالف‬
‫وعدم التأكد كبيرين ‪ ،‬فال يمكن أن تنجح إستراتيجية تتجاهل البيئة ‪ ،‬وعندما يزداد‬
‫تعقيد البيئة ‪ ،‬فال بد للخيارات اإلستراتيجية من أن تعكس هذا" ‪ ، 1‬ففي ظل أجواء‬
‫مشحونة بالغموض والتعقيد ‪ ،‬تنشأ ظروف مواتية لنشوء أزمة تنموية من نوع‬
‫معين ‪ ،‬األمر الذي يستدعي الشفافية والرقابة المستمرة من قبل متخصصين في هذا‬
‫المجال وباالستعانة بالتخطيط اإلستراتيجي‪.‬‬

‫وتمر عملية التخطيط اإلستراتيجي التنموي بعدة مراحل تبدأ بتحديد األهداف‬
‫واإلستراتيجيات والسياسات التنموية ثم العمل على تصميم وصياغة البرامج التنموية‬
‫ثم تنفيذ تلك البرامج واخيراً تقييمها للتأكد من مدى تحقيقها لألهداف التي حددت‬
‫مسبقاً‪ .‬ومن الضروري أن تشمل كل مرحلة من مراحل الخطة اإلستراتيجية هامش‬
‫لألزمات التي قد تعطل سير المرحلة أو تؤخرها ‪ ،‬لذلك ينبغي الحرص أثناء انجاز‬
‫مراحل الخطة على تلمس المشكالت التنموية ومحاولة منعها أو معالجتها إن وقعت‬
‫خالل مرحلة ما ‪ ،‬بل ووضع خطط للطوارئ كأن يتم تخصيص مبلغ معين لكل حدث‬
‫( عائق) متوقع وأيضا ً إجراءات لمعالجة ذلك العائق‪.‬‬

‫وال يتم ذلك إال باستمرارية المسح البيئي لحصر نقاط القوة ونقاط الضعف والفرص‬
‫والمخاطر ‪ ،‬وعندما نتمكن " من تحديد المخاطر تصبح لدينا قدرة على مواجهتها‬
‫بوضع خطة للطوارئ تناسب كل وضع قائم على حده‪.2 "...‬‬

‫‪ -1‬صموئيل بول ‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية لبرامج التنمية ‪ ،‬ترجمة محمود برهوم ( عمان‪ :‬المنظمة العربية‬
‫للعلوم إلدارية‪ ،‬رقم السلسلة ‪ ، )1985 ، 300‬ص ‪.83‬‬
‫‪ -2‬جمال سيد عبد العال ‪ ،‬دور الجهاز المركزي للتنظيم واإلدارة في مواجهة األزمات الطارئة ‪ ،‬التنمية‬
‫اإلدارية ‪ ،‬مج‪ ، 11‬ع‪ ، 1993 ، 58‬ص‪.10‬‬

‫‪24‬‬
‫اإلدارة الموقفية وإدارة األزمات التنموية‬

‫إن اتخاذ قرار ما لمعالجة األزمة التنموية ليس باألمر السهل ‪ ،‬ذلك أن اإلدارة ال‬
‫تستطيع أن تنمط األزمات وفقا ً ألنواعها وتجهز سلة قرارات يتم االختيار من بينها‬
‫بما يالئم األزمة المنظورة‪ ، ,‬لذا كان ال بد من إتباع األسلوب الموقفي في اإلدارة‬
‫للتعامل مع مختلف األزمات التنموية ‪ ،‬طالما أننا سلمنا بالفكرة القائلة بأن كل أزمة‬
‫فريدة من نوعها وتختلف عن غيرها في الجوهر بالرغم من تشابهها في المظهر‪.‬‬

‫يضاف إلى ذلك بأن الظروف المصاحبة لألزمة تختلف باختالف الزمان والمكان‬
‫والظروف ‪ ،‬وهذا األمر يتطلب مديراً موقفيا ً يجيد التعامل مع الظروف المختلفة‬
‫ولديه المقدرة على تطويعها بما يصب في تحقيق التنمية‪.‬‬

‫والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو‪ :‬هل يتناقض مبدأ األخذ باألسلوب الموقفي في‬
‫التعامل مع األزمات مع التأكيد على ضرورة‪ ,‬االستفادة من األزمات السابقة وأخذ‬
‫الدروس والعبر منها ؟ ال شك أن الفكرتين متكاملتين وغير متناقضتين ألن دراسة‬
‫األزمات السابقة يمكن اإلدارة من االحتفاظ بمعلومات مهمة تساعد في اإللمام ببعض‬
‫إبعاد األزمة ‪ ،‬وفي نفس الوقت يتم دراسة المواقف والظروف المرافقة لألزمة‬
‫الحالية لتحديد الفروقات بينها وبين األزمات السابقة من ناحية الجوهر ليصار إلى‬
‫اتخاذ قرار موقفي بشأنها‪.‬‬

‫لذا ال بد من وجود خطط موقفية ألن الخطط الموقفية " تزيد من إمكانية إدارة‬
‫الظرف األزمي بنجاح ال سيما عندما تكون المسؤوليات وااللتزامات موضحة قبل‬
‫حصول األزمة"‪ ، 1‬وتحديد المسؤوليات واألدوار يمنع التضارب بين أعضاء فريق‬
‫العمل ألن األمر ال يحتمل تعارضا ً في الصالحيات أو تداخالً في األدوار‪.‬‬

‫‪1- Herb Williamson," In Harm's Way ",HR Magazine,Vol.36,NO.11,November‬‬


‫‪1991,p59.‬‬

‫‪25‬‬
‫ويتطلب األسلوب الموقفي قاعدة واسعة من المعلومات على غير ما يعتقد ‪ ،‬حيث‬
‫تشير ‪ Eiesenhardt‬إلى ذلك بقولها " من خرافات اتخاذ قرار استراتيجي سريع ‪،‬‬
‫القول بأن المعلومات القليلة توفر الوقت " ‪ ، 1‬لذا ينبغي الحصول على كافة‬
‫المعلومات الكفيلة بإيجاد حل لألزمة‪.‬‬

‫والخالصة أن نقص المعلومات وعدم وجود خطط موقفية ‪ ،‬وعدم وجود وصف دقيق‬
‫لألدوار من شأنه أن يجعل القرار "‪ ...‬أزمة بحد ذاته " ‪ ، 2‬بل يمكن أن يولد أزمات‬
‫أخرى كان باإلمكان تفاديها لو لم يتخذ مثل ذلك القرار‪.‬‬

‫‪1-‬‬ ‫‪Kathleen Eiesenhardt .'Speed and strategic choice: How Managers‬‬


‫‪Accelerate Decision Making", California Management‬‬
‫>‪Review ,Vol.32,NO.3,Spring1990,p.41‬‬
‫‪2-‬‬ ‫‪Daniel Frei,International crises and crisis management ,ed.1,(Britain:Sayon‬‬

‫‪26‬‬
‫أزمة أدارة األزمات التنموية في المجتمعات‪ ,‬النامية‬

‫تواجه المجتمعات النامية أزمة في مجال إدارة األزمات التنموية ألسباب متعددة‬
‫سيتم تناول سببين أساسيين منها وهما‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬التنظيم البيروقراطي ‪:‬‬

‫تتطلب األزمات التنموية حسم ومرونة ويسر في تدفق المعلومات عبر قنوات‬
‫االتصال ‪ ،‬واألجهزة اإلدارية في المجتمعات النامية تعاني من أزمة تنموية‬
‫إدارية مما يشكل عائقا ً أمام تحقيق الخطط التنموية الطموحة‪.‬‬

‫لذلك يجب هندرة الهياكل البيروقراطية وإعادة ابتكارها من جديد وتحجيمها قدر‬
‫اإلمكان ألن الهياكل الضخمة " سادت سابقا ً ‪ ،‬وأدت إلى اقتصاديات ضخمة ‪،‬‬
‫إال أنها اآلن في طريقها إلى الزوال" ‪. 1‬‬

‫ثانياً‪:‬تعدد الحاجات واألزمات‪:‬‬

‫مع االنفجار السكاني الذي تشهده المجتمعات النامية تتزايد الحاجات وتتعقد ‪،‬‬
‫وبالتالي تتزايد األزمات التنموية وتتجذر في تلك المجتمعات ويشير عساف الى‬
‫ذلك بقوله أن أزمات المجتمعات المعاصرة " أصبحت أزمات دورية‬
‫وسريعة ‪.2"...‬‬

‫‪1- Alan Hurwitz," Organizational structures for the new word order", Business‬‬
‫‪Horizon,Vol.39,NO.3,May June,1996,p.6.‬‬
‫عبد المعطي عساف‪"،‬االيدولوجيا والتكنولوجيا وإدارة التنمية في البالد العربية"‪،‬شؤون عربية‪،‬مج‪,‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ ، 16‬ع‪، 88‬كانون أول ‪ ، 1996‬ص‪.71‬‬

‫‪27‬‬
‫خاتمة وتوصيات‬

‫أسست هذه الدراسة إطاراً مفاهيمي لألزمات التنموية وإدارتها باعتبار أن‬
‫التركيز كان ينصب دائما على األزمات بعموم اللفظ ‪ ،‬ويتم تجاهل خصوصة‬
‫األزمات التنموية التي يمتد تأثيرها ليصيب كافة المجتمع ‪.‬‬

‫وفي ضوء معطيات هذا البحث يمكن الخروج بالتوصيات التالية‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ضرورة وجود دراسات أخرى متخصصة في موضوع األزمات التنموية‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬يوصى بان يتم تأسيس مراكز إلدارة األزمات في المجتمعات النامية تتشكل‬
‫من مجموعة من الفرق بتخصصات مختلفة وتمنح استقالالً من النواحي المالية‬
‫واإلدارية وما التركيز على عمل الفرق إال ألنها " خير من يعالج اآلثار الضارة‬
‫لألزمات"‪.1‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬إجراء هندرة كاملة للهياكل اإلدارية لمختلف الدوائر والمؤسسات‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬تشجيع القطاع الخاص ليشترك مع القطاع العام في إدارة األزمات‬


‫التنموية‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬تسهيل تدفق المعلومات بين مختلف األجهزة اإلدارية واستخدام تكنولوجيا‬
‫اإلتصال بمختلف أشكالها‪.‬‬

‫‪ -1‬ورنر كتلهون ‪ " ،‬كيف تعمل فرق إدارة األزمات "‪،‬اإلداري‪،‬مج ‪ ، 15‬ع ‪ ، 11‬نوفمبر ‪ ، 1989‬ص ‪.8‬‬

‫‪28‬‬
‫المراجع‬

:‫المراجع األجنبية‬
1- Lan I. Mitroff , "crisis management and environmentalism: A natural fit " ,
California Management Review , Vol.36,No.2,winter 1994.
2- William Briggs ,"Taking control after a crisis ", HR Magazine , Vol.35,March
1990.
3- Steven Fink, crisis management: planning for the inevitable,
(USA:Amacon ,1986)..
4- Jeffrey D.Ford,"the management of organizational crises", Business
Horizon,Vol.24,NO.3,May/June 1981..
5- Stephanie Overman ,'After the smoke clears",HR
Magazine,Vol.36,NO.11,November1991.
6- Norman R.Augustine,"Managing the crisis you tried to prevent", Harvard
Business Review, November/December,1995..
7- Henry Mintzberg ,'the fall and rise of strategic planning', Harvard Business
Review,Vol.72,NO.1,1994.
8- Herb Williamson," In Harm's Way ",HR Magazine,Vol.36,NO.11,November
1991.
9- Kathleen Eiesenhardt .'Speed and strategic choice: How Managers Accelerate
Decision Making", California Management Review
,Vol.32,NO.3,Spring1990.
10- Daniel Frei,International crises and crisis management ,ed.1,(Britain:Sayon)
11- Alan Hurwitz," Organizational structures for the new word order", Business
Horizon,Vol.39,NO.3,May June,1996.

:‫المراجع العربية‬
، ‫ دار الخواجا‬: ‫(عمان‬1‫ ط‬، ‫ التخطيط للطوارئ وإدارة األزمات في المؤسسات‬، ‫ عز الدين الرازم‬-12
.)‫م‬1995
، )1993 ، ‫ مؤسسة األهرام‬:‫ ( القاهرة‬، ‫ تجارب محلية وعالمية‬: ‫ إدارة األزمات‬، ‫ محمد الحمالوي‬-13
، ‫مكتبة مدبولي‬:‫(مصر‬،1‫ط‬،‫منهج اقتصادي متكامل لحل األزمات‬:‫ إدارة األزمات‬، ‫ محسن الخضيري‬-14
. )1990
. )‫م‬1992 ، ‫ ميداليت المحدودة‬: ‫ ( لندن‬، 1‫ ط‬، ‫ إدارة الكوارث‬، ‫ حسن أبشر الطيب‬-15
. 1988 ، 5 ‫ مج‬، 1‫ العدد‬، ‫"الشركات وإدارة األعمال " عالم األعمال‬، ‫ ال يوجد اسم مؤلف‬-16

29
‫‪ -17‬المملكة األردنية الهاشمية‪ ،‬عمان ‪ ،‬المركز العربي للتطوير اإلداري ‪ ،‬إدارة األزمات ‪. 1991 ،‬‬
‫‪ -18‬محمد عاصم شقرة ‪ ،‬نحو نموذج إسالمي إلدارة األزمات ‪ ( ،‬األردن ‪ ،‬عمان ‪ :‬الجامعة األردنية ‪ ،‬تموز‬
‫‪. ) 1995‬‬
‫‪ - 19‬ألفونسو غونزاليس هريرو وكورنيليوس ب‪ .‬برات ‪ " ،‬إدارة األزمة قبل حدوثها أو بعده "‪ ،‬الثقافة العالمية‪،‬‬
‫ترجمة عبد الفتاح الصبحي‪،‬مج‪،13‬عدد‪،79,‬نوفمبر‪..1996‬‬
‫‪ - 20‬حامد أحمد رمضان بدر ‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية ‪ ،‬ط‪(،1‬القاهرة‪:‬دار النهضة العربية ‪.)1993،‬‬
‫‪ -21‬أميمه الدهان‪"،‬إدارة األزمات في المنظمات "‪ ،‬أبحاث اليرموك‪،‬مج‪ ،5‬عدد ‪. 1989 ، 4‬‬
‫‪ -22‬حربي محمد موسى عريقات ‪ ،‬مبادئ في التنمية‪ ,‬والتخطيط اإلقتصادي‪،‬ط‪(،1‬عمان‪:‬دار الفكر‪.)1992،‬‬
‫‪ -23‬نائل عبد الحافظ العواملة ‪ ،‬إدارة التنمية‪ ,‬وتطبيقاتها في األردن ‪،‬ط‪(،2‬عمان‪:‬المركز الفني‪.)1997،‬‬
‫‪ - 24‬زهير الصباغ وعبد العزيز أبو نبعه‪"،‬التخطيط االستراتيجي في المؤسسات العامة‪ :‬المشكالت والحلول " ‪،‬‬
‫اإلداري ‪ ،‬مج‪ ، 18‬ع‪ ، 18‬مارس ‪. 1996‬‬
‫‪ -25‬صموئيل بول ‪ ،‬اإلدارة اإلستراتيجية لبرامج التنمية ‪ ،‬ترجمة محمود برهوم ( عمان‪ :‬المنظمة العربية‬
‫للعلوم إلدارية‪ ،‬رقم السلسلة ‪. )1985 ، 300‬‬
‫‪ - 26‬جمال سيد عبد العال ‪ ،‬دور الجهاز المركزي للتنظيم واإلدارة في مواجهة األزمات الطارئة ‪ ،‬التنمية‬
‫اإلدارية ‪ ،‬مج‪ ، 11‬ع‪. 1993 ، 58‬‬
‫‪ - 27‬عبد المعطي عساف‪"،‬االيدولوجيا والتكنولوجيا وإدارة التنمية في البالد العربية"‪،‬شؤون عربية‪،‬مج‪ ، 16‬ع‬
‫‪، 88‬كانون أول ‪. 1996‬‬
‫‪ -28‬ورنر كتلهون ‪ " ،‬كيف تعمل فرق إدارة األزمات "‪،‬اإلداري‪،‬مج ‪ ، 15‬ع ‪ ، 11‬نوفمبر ‪.1989‬‬

‫‪30‬‬

You might also like