Professional Documents
Culture Documents
دينامية الجماعة و تأثيرها على الفرد
دينامية الجماعة و تأثيرها على الفرد
من املعروف أن علم النفس الفردي الذي بلوره فرويد ويونغ وأدل يتناول الظواهر النفسية الفردية الشعورية والالشعورية ،بينما
علم االجتماع الذي أتسس مع أوجست كونت ودوركامي وليفي برول يهتم ابلظواهر االجتماعية ،أما علم النفس االجتماعي
الذي هو يف احلقيقة جزء من علم النفس فإنه يعىن بدراسة أثر الفرد يف اجلماعة وأثر اجلماعة يف الفرد كما يرتكز على دراسة
اجلماعة وتصنيفها وتبيان أدوارها وتفاعالهتا ووظائفها داخل اجملتمع ،وابلتايل فهو مبثابة الدراسة العلمية لإلنسان ككائن
اجتماعي يعيش يف جمتمع يتخذ له أصدقاء يتفاعل معهم ويتأثر هبم ويؤثر فيهم ،و هلذا يعترب موضوع دينامية اجلماعة من
املوضوعات اليت يتداوهلا فرع علم النفس االجتماعي فهي دراسة تتناول البحث يف الطريقة اليت حتدث من خالهلا التغريات
بشكل منظم يف الظاهرة عموما ويف اجلماعة على وجه التحديد كما أهنا تبحث يف تكوين وبناء اجلماعة و التغريات احلاصلة
هبا عن طريق جهود أعضائها إلشباع حاجاهتم وحتقيق أهدافهم بغية الوصول إىل قوانني علمية لتنظيم مستوى اجلماعة
واجملتمع.
لذلك هتتم منظمات األعمال احلديثة بدراسة اجلماعات ألمهية دورها يف أداء الفرد مع اجلماعة وابلتايل فإن دراسة اجلماعة
والتعرف على أمناط سلوكها املختلف يعترب من الضرورايت للحفاظ على أداء جيد واحملافظة على إجياد بيئة صحية واحلفاظ
على سلوك األفراد بشكل متوازن ومستقر واثبت ،حيث ختتلف سلوكيات األفراد عن سلوكياهتم كأعضاء يف مجاعة ،وابلتايل
فدراسة اجلماعة يرتتب عليها دراسة ديناميتها بغرض الوصول إىل فهم صحيح هلا و للعوامل احملدثة هلا ،فمن أجل هذا
سنتطرق يف حبثنا إىل التعرف على ماهية دينامية اجلماعة و مستوايهتا و كذا العوامل املؤثرة يف حدوث هذه الدينامية
اجلماعية.
3
.1مفهوم دينامية الجماعة:
تعريف الدينامية:
يعود مصطلح " ديناميك" dynamiqueإىل اجملال الفيزايئي ،والذي يقصد به يف جمال امليكانيك خمتلف العالقات اليت
تكون بني القوى واحلركات الناجتة عنها ،ويدل املصطلح على القوة واحلركة واحليوية ونقيضه " الثبات" و
"السكون".statique
أما يف اجملال النفس-اجتماعي فان الدينامية هي خمتلف القوى اإلجيابية والسلبية اليت تتحكم يف اجلماعة وتساعدها على
التوازن والتطور واالندماج أو االنكماش والتشتت كما أهنا عبارة عن التفاعالت البنيوية الوظيفية اليت تتحكم يف نسق اجلماعة
إذ أن كل تغيري ميس عنصرا فرداي داخل شبكة اجلماعة ونسقها البنيوي فإنه يؤثر على ابقي العناصر األخرى سلبا أو إجيااب.
وابلتايل ،فإن الدينامية هي التفاعل النفسي واالجتماعي الذي يدور بني أعضائها بشكل بنيوي ووظيفي .كما أن الدينامية
عبارة عن مثريات واستجاابت ابملفهوم السلوكي للتفاعل داخل اجلماعة ،فعندما يصدر عن فرد ما سلوك معني داخل
اجلماعة الواحدة يكون له استجاابت فورية من قبل ابقي أفراد اجلماعة( .زينة ،2019،ص)1
تعريف اجلماعة:
أن مفهوم اجلماعة يشري إىل عدة أشخاص يتميزون ابالشرتاك يف جمموعة شائعة من املعايري واملعتقدات والقيم كما توجد بينهم
عالقات حمددة ومعروفة ابلنسبة لبعضهم البعض ،وبدورها هذه العالقات تظهر وتؤثر يف تفاعالت األفراد ،ابلتايل يتحركون
ويعين هذا أن" دينامية اجلماعة " عبارة عن قوى تفاعلية تساهم يف حتريك اجلماعة وتغيري اجتاهات أفرادها وميولتهم الشخصية
وتطوير رؤاهم الذاتية اجيابيا أو شحنها مبكوانت سلبية هتدد متاسك اجلماعة وانسجامها واتساقها الوظيفي.
ونظرا ،لتعدد أمناط سلوك أعضاء اجلماعة وتفاوت ميوالهتم وعاداهتم واجتاهاهتم وقيمهم فان ذلك جيعل اجملال الدينامي
للجماعة ينبض ابلتفاعل واحليوية الالزمة لنمو الفرد ومنو اجلماعة يف نفس الوقت .فمن خالل التفاعل االجتماعي حتدث
مثريات واستجاابت بني أفراد اجلماعة ،حيث ختتلف هذه املثريات واالستجاابت ابختالف املواقف واختالف .٦وينتج عن
هذا التفاعل تقبل أو عدم تقبل ،نبذ أو استنكار ،جتاهل بني األفراد ،صداقات ومودة ،جتاوب ونفور وكراهية .ال.
4
وهبذا ميكن أن نعرف دينامية اجلماعات على أهنا ":هتتم ببناء اجلماعة ومراقبة سريورهتا النمائية ورصد التفاعالت النفسية
واالجتماعية اليت توجد بني األفراد داخل الكل اجلماعي"(زينة ،2019 ،ص)2
يعرف " لوين كورت" :دينامية اجلماعات أهنا " جمموع القوى النفسية واالجتماعية املتعددة واملتحركة والفاعلة اليت حتكم تطور
اجلماعة".
أما "بونر " فقد عرفها أبهنا فرع من فروع علم النفس االجتماعي يبحث يف تكوين وبناء اجلماعة وغريها عن طريق جهود
ويعرفها " ليفی "يرى أن اجلماعة كل دينامي ،وهذا الكل الدينامي ال يساوي جمموع أجزائها أو أعضائها ،بل هو حمصلة
لصراع القوى املتمثلة يف هذه األجزاء ،وميكن اعتبار دينامية اجلماعات علما قائما بذاته خیتص بدراسة املبادئ والقوى املختلفة
املتحكمة يف اجلماعات وكذلك السريورة اليت تعرفها اجلماعة بفضل خمتلف التفاعالت .غري أن هذه التفاعالت قد تؤدي إىل
تقدم اجلماعة ومنوها وقد أتخذ شكل صراع وتنافس شديد يؤدي إىل احندار اجلماعة واحلط من مستواها .وقد تتشابه طبيعة
التفاعل يف كل
اجلماعات وينتج عن هذا التفاعل تقبل أو رفض ،نبذ أو استنكار ،جتاهل بني األفراد ،صداقات ومودة وغريها .فأسلوب
التقبل والنبذ له أتثري قوي على األفراد أنفسهم (آمال ،2019،ص )55ويتأثر حدث الدينامية يف اجلماعة بعدة عوامل
عرف علم النفس االجتماعي تطورات مهمة مع بداية القرن العشرين خاصة يف مراحل األزمات االقتصادية واالجتماعية اليت
عرفها العامل (احلروب الكربى )...لكن مبحث دينامية اجلماعات عرف تطورات كبرية بفعل النمو والتوسع الذي عرفته الدراسات
األنثربولوجية خاصة تلك اليت رافقت االستعمار اجلديد لكن أهم حبث طور دينامية اجلماعات هو ذلك الذي تعلق ابجلماعات
الضيقة أو احملدودة كجماعة اليهود أو اجلماعات الدينية األخرى .ومجاعة األقليات عموما .ويعترب "كرت ليفني "مؤسس دينامية
اجلماعات .بدءا ببحثه يف مجاعة اليهود اليت كان ينتمي إليها .وميكن القول ان ضرورة البحث يف دينامية اجلماعات احملدودة
5
فخالل السنوات الثالثني واألربعني أظهر علماء النفس األمريكيون أن اجلماعة لديها دينامية خاصة هبا تتجاوز خصوصيات
أعضائها .وابلتايل ظهر حقل جديد من الدراسة أال وهو دينامية اجلماعة والذي عرف تطور هام بعد احلرب العاملية الثانية.
نذكر ثالثة مؤسستني أال وهم مايو ،لوين ومورينو ( .)Mayo, Lewin et Morenoحنن نركز هنا على لوين ( )Lewinألنه
هو الذي استعمل ألول مرة لفظ دينامية اجلماعة سنة 1947يف نص تناول العالقات ما بني نظرية وتطبيق علم النفس
فيعد لوين ( )Lewinمؤسس تيار البحث حول مفهوم الدينامية اجلماعية ،وأعماله لديها أثر كبري على علم نفسية اجلماعات
الصغرية ،حيث أشار إىل جمموعة الظواهر اليت تنشأ يف اجلماعات الصغرى وكذلك القوانني الطبيعية اليت تتحكم فيها ،واىل
جمموعة املناھج اليت تسمح للجماعات الصغرى ابلتأثري على التنظيمات االجتماعية األكثر اتساعا (التنظيمات اجلماعية
وال بد أن نذكر أن املرتكزات االبستمولوجية ميكن حصرها يف األحباث األوىل" لشارل فوريب" و "سارتر" ،فضال عن السوسيولوجي
"كورت لوين " الذي اعتمد على منهجية جتريبية سيكواجتماعية ديناميكية على جمموعات بني التنظري والتطبيق ،ودراسة بنيات
مث بدأت السوسيوميرتية اليت وضعها مورينو يف ( )1930واليت تتمثل يف اآلليات اإلجرائية لفهم اجلماعات وتفسري تفاعالهتا
البنيوية الوظيفية ،ابإلضافة لتقنيات السوسيوغرام والسيكودراما اليت استعملت من طرف "مورنو " لعالج املرضى املنعزلني وحتليلها
كما استفادت ديناميكية اجلماعات من أحباث الطب النفسي ومن حتليالت سيغموند فرويد اليت ركزت على اجلماعة من خالل
كتاابته ،فضال على أعمال" بيون ) (Bionالذي قدم يف 1952خمطط قوي لفهم الدينامية اجلماعية (,2001 ،Garland
،) p.195حيث بني التحليل النفسي أن تناسق اجلماعة أييت من تقمص أعضائه لنفس "مثالية األان"( .)Freudفدينامية
اجلماعة إذن هي علم القوانني اليت تربط تصرفات مجاعة مع جهاز القوى اليت تعمل بداخلهاMichel, 2001, p.274-( .
)275
6
.3مقاربات دراسة دينامية الجماعة:
من خالل الرتاث النفسي واالجتماعي ملوضوع دينامية اجلماعة ميكن أن منيز ثالث تيارات كربى تعد مبثابة مرتكزات أبستمولوجيا
استندت إليها دينامية اجلماعات ،وميكن حصرها يف أحباث الفالسفة وسيسيولوجيا األوربيني الذين اهتموا ابجلماعة وأرسوا أسس
دينامية اجلماعات أمثال "شارل فوربية" (بداية القرن التاسع عشر) ،الذي اقرتح أفكار تسبق أفكار "لوين" و"مورينو" ،وال سيما
أتليف اجلماعات الصغرية اليت تقوم على أساس التعاون والتوافق ،و "إميل دور كأمي" (بداية القرن العشرين) و"شارل فوريي"
و"جان بول سارتل" و "فرانند طونس" و"جورد ميد" و"شارل كويل" ،فضال عن أحباث العامل األملاين ذو اجلنسية األمريكية"
كريت لوين" ،الذي أسس علم دينامية اجلماعات عام ،1944حينما طبق منهجية جتريبية سيكو اجتماعية دينامية على
جمموعات اصطناعية من خالل اجلمع بني التنظري والتطبيق ،ودراسة بنيات اجلماعات ووظائفها مع الرتكيز على املنشط وأنواع
كما كانت السوسيوميرتية sociométryاليت وضعها "جاكوب مورينو" ، Jacob Levy Morenoومن اآلليات اإلجرائية
لفهم اجلماعات وتفسري تفاعالهتا البنيوية والوظيفية دون أن ننسى تقنييت السوسيوغرام والسيكو دراما اللتني استعان هبم "مورينو"
ملداواة مرضاة املنعزلني وحتليلهم نفسيا واجتماعيا وتنشيط اجلماعات عرب قواها االندماجية والعالجية واستقراء تفاعالهتا الذاتية
واملوضوعية.
كما استفادت دينامية اجلماعة من أحباث الطب النفسي ومن حتليالت "سيغموند فوريد" Sigmund Freudالنفسية ،اليت
ركزت على اجلماعة ،ويف عام 1921نشر فوريد" مؤلفه يف علم النفس اجلماعي وحتليل األان ،وقدم فيه وجهة نظره يف دينامية
اجلماعة ،فكان كتابه مبثابة بداية اهتمام مدارس التحليل النفسي هبذا املوضوع فضال عن أعمال "بيون" وديدي" و"أنزيو" ،زد
على ذلك استفادت دينامية اجلماعات من النظرية املعرفية يف إطار علم النفس املعريف يف الستينات من القرن العشرين.
7
ونذكر من اهم املقارابت ما يلي:
ترتكز املقاربة الدينامية على أفكار " "Kurt Lewinواليت أتسست على مبادئ نظرية اجملال أو نظرية احلقل ،واليت ترى أن
السلوك يتشكل وفق كل اجملال وليس لبعض العوامل فيه والذي يعرف ابحلقل النفسي للفرد ،لكن "لوين" تكلم عن اجملال
االجتماعي للجماعة والذي ميثل برأيه "جمموعة التبعات والعناصر املتداخلة يف اجلماعة كاملعايري واألهداف واألدوار واحلاالت
اليت متثلها هذه اجلماعة كما متثل وضعيتها ابلنسبة للمحيط املتواجدة فيه" ،وهذا احلقل يشكل اإلطار الفعلي واألساسي لدينامية
اجلماعة وعلى هذا األساس فإن أحباث " لوين" تشكل املنطق احليوي لدراسة دينامية اجلماعة" )جان ، 1982 ،ص )21
ويف ضوء هذا التصور فدينامية اجلماعة ليست جمرد "جمموعة أفراد يعتمد كل منهم على اآلخر" ولكنها مجاعة من األشخاص
الذين يدركون سيكولوجيا العالقات بينهم ،والذين يتحركون حنو هدف اتفقوا عليه مجاعيا " (.مليكة،1989،ص )398
فحسب هذه املقاربة ينظر "لوين" إىل اجلماعة على أ هنا كلية تشكل مع حميطها حقال اجتماعيا وديناميا ،وتتكون عناصرها
األساسية من جمموعاهتا الفرعية وأعضائها وقنوات التواصل فيها ،ويركز يف دراسته للجماعة على العالئق الدينامية بني العناصر
والبنيات من منظور الرتابط املتبادل بني أعضائها ،وبينها وبني عناصر احلقل املتمثلة يف األهداف واملعايري وتوزيع األدوار ،ذلك
ألن أنظمة الرتابط هي اليت تفسر يف وقت معني عمل اجلماعة وسلوكها وعالقتها ابحمليط( .حممد ،2005 ،ص )97
يتزعم هذا التصور العامل األمريكي ذو األصل الروماين Jacob Levy Morenoوأطلق أفكاره األولية يف فينا عام 1918من
خالل استحداثه " املسرح العالجي " Therapeutic Theaterالذي خلص إىل أن البعد االجتماعي هو األساس يف شخصية
الفرد ولكل مجاعة إنسانية بنية عاطفية غري رمسية حتدد سلوك أعضاء هذه اجلماعة جتاه بعضهم البعض ،فاألفراد يرتبطون بواسطة
عالقة التعاطف والنفور والالمباالة ،واجلماعة يف جوهرها حسب "مورينو" جمموعة من الروابط السوسيو وجدانية جتمع بني
األعضاء ،وميكن جتسيد هذه الروابط بواسطة خريطة العالقات االجتماعية (سوسيو غرام) وهي روابط متكن من فهم سلوك
ومواقف أفراد اجلماعة وتفسريها .وبقدر ما تكون عالقات التعاطف سائدة داخل اجلماعة ،يسهل التواصل بني أفرادها ،وابملقابل
تقود سيادة عالقات التنافر إىل الصراع ،فتصور اسرتاتيجية التعامل مع اجلماعة من خالل إعادة توزيع األدوار بني أعضائها وفق
8
نظام جديد وتعزيز متاسك اجلماعة ،فاملقاربة السوسيوميرتية حسب مورينو" هي نظرية وموضوع للبحث وطريقة للتحليل وأداة
قدم "فوريد" وجهة نظره يف دينامية اجلماعة يف كتابة "علم النفس اجلمعي وحتليل "األان" عام 1921فكان كتابه هذا بداية
اهتمام مدارس التحليل النفسي هبذا املوضوع ،إن املفاهيم الدينامية يف نظر "فوريد" هي التفاعل وألوان الصراع بني القوى اليت
تعمل داخل الفرد واستجابة األفراد للعامل اخلارجي( .مليكة ،1989،ص )435
وتدور مقاربة التحليل النفسي يف تكوين اجلماعة حول العناصر االنفعالية الالشعورية ،وطبقا هلذا التصور فإن فردان أو أكثر
يكوانن مجاعة سيكولوجية إذا كان لكل منها نفس املوضوع النموذج (القائد) أو نفس َمثَل األان األعلى أو إذا كان لكل منهما
نفس املوضوع ونفس املثل ،وبذلك يتوحد كل منهما مع اآلخر وحيدث التماسك داخل اجلماعة بواسطة القوى االجيابية اليت
تتكون من الروابط االجيابية من خمتلف أصناف التوحد ،ومن الروابط املوضوعات الليبدية اليت تعمل بدرجات متفاوتة من الشدة،
أما العوا مل اليت هتدد متاسك اجلماعة هي متركز لألفراد كل واحد حول ذاته واحنالل الروابط اجلماعية الليبدية والتغيري دون قيد
إن التوحد هو املفهوم األساس يف مقاربة "فوريد" يف دينامية اجلماعة فاجلماعة األولية طبقا ل «فوريد" هي عدد من األشخاص
اختذوا نفس الفرد (القائد) منوذجا ومثاال هلم ونظرا الشرتاكهم يف هذا النموذج أو املثال يتوحد كل منهم مع اآلخر وهكذا تتكون
الروابط االنفعالية بني أعضاء اجلماعة وإذا انقطعت روابط األعضاء مع القائد ،احنلت اجلماعة إال إذا اختذت من شخص آخر
التغريChange :
هتيمن على اجلماعة دينامية تنحو هبا اىل التغيري أثناء التكوين أو إعادة التكوين ،ويعمل هذا التغري إىل إعادة التوازن ،وذلك
إبعادة توزيع القوى توزيعا يكفل للجماعة االستقرار ،ويتخذ التغيري أساليب وطرق خمتلفة يف إعادة االستقرار الكلي أو اجلزئي،
9
ومن بني هذه األساليب إبعاد بعض األفراد ،تغري القادة ،إعادة تنظيم األهداف ،حتويل الصراع الداخلي إىل صراع خاص بني
بعض األعضاء ،وقد يؤدي التغري كذلك إىل احنالل اجلماعة ذاهتا وذلك عندما تشتد حدة التوتر وختفق اجلماعة يف االستقرار
إن الدينامية عملية مستمرة يف اجلماعة تبدأ مبثريات واستجاابت يتحول كل منها إىل االخر ،فاملثري يتحول إىل مستجيب مث
يتحول املستجيب إىل مثري بصورة دائرية وهكذا تكتسب الدينامية صفة استمرارية.
إن دينامية اجلماعة توفر طاقة حمركة من خالل األفعال وردود األفعال) ،(Réactions ، Actionsتنشأ مع بدء تشكل
اجلماعة فهي مسؤولة عن تكون ومنو وتغري اجلماعة ،وهي سالح ذو حدين ،إما أن تعمل على منو اجلماعة أو االحنراف هبا
ويف كلتا احلالتني كلما زادت الطاقة الناجتة عن التفاعل كلما أمكن حتقيق مزيد من التغري ) .ضياء ،2000 ،ص -276
.)281
إن اجلماعة كل أكثر منها جتمع ،واجلماعة ليست جمرد جمموع أفراد ،والسلوك االجتماعي لألفراد أثناء التفاعل االجتماعي
خیتلف عن سلوكهم إذا كانوا فرادى ،ويكمن وراء ذلك دينامية اجلماعة واليت أحد خصائصها الكلية ،حبيث تصبح اجلماعة
أكرب من جمموع أفرادها كما أن شخصية اجلماعة ال متثل جمموع شخصيات أعضائها وامنا هي حصيلة تفاعل هذه
للجماعة .وذلك طبقا للمعيار األساسي واملتمثل يف القوى النفسية اإلجتماعية ذات التأثري الداخلي واخلارجي ،وفيما يلي نوضح
10
الدينامية الداخلية للجماعة:
واملقصود هبا كافة العوامل املؤثرة يف الدينامية سواء كانت عوامل سيكولوجية أو اجتماعية ،عوامل تتعلق ابألعضاء لكوهنم هم
األساس التكويين للجماعة ،ويؤثرون فيها ويتأثرون هبا ،وابلتايل تصبح اخلصائص اإلجيابية أو السلبية من العوامل املؤثرة يف
الدينامية ،ومن أهم هذه العوامل املؤثرة يف الدينامية الداخلية للجماعة مايلي:
جو اجلماعة:
وهو يتضمن احلالة املزاجية للجماعة أو الشعور الذي يتخلل اجلماعة ،فاجلماعات اليت يسودها جو الود والتسامح تكون الدافعية
أكرب للعمل ،ويكون هناك شعور ابلرضا ،خالص ويصبح األفراد أكثر إنتاجا وتعاوان ،وهذا يوفر اجلو الدميقراطي مما يسهل لكل
فرد االشرتاك يف أنشطة اجلماعة .ويف املقابل قد يكون اجلو مشبعا ابخلوف وكاخلوف من التعرض لالستهزاء والسخرية ،وقد
يكون األفراد ال يثقون ببعضهم أو يف دوافعهم او اخالصهم للجماعة وقد يكون اجلو عدوانيا حياول كل عضو النيل من العضو
اآلخر ،وقد يكون اجلو مشبعا ابلالمباالة واإلمهال ،وبناء على اجلو الذي يسود اجلماع ستكون حركتها وتفاعل أفرادها وسريها
حنو أهدافها.
املشاركة:
هي تفاعل الفرد عقليا وانفعاليا يف موقف اجلماعة بشكل يشجعه على املسامهة يف حتقيق أهداف اجلماعة ،وقد تكون املشاركة
رمسية أو غري رمسية .وان يف توسيع نطاق املشاركة إثراء للقرارات ،ويصبح كل مشارك أكثر اهتماما ابملوقف واجلماعة .إن املشاركة
تدفع الناس إىل التغيري الذي أساسه تفاعل الفرد مع البيئة اإلجتماعية ،وتتيح للفرد املشارك فرصة أكرب الكتساب املشاعر ومتكن
الفرد من معرفة قدرته ،وهي أسلوب لتنمية روح املسؤولية بني أعضاء اجلماعة ،إن املشاركة هي املبدأ الكامن وراء حتقيق احلياة
الدميقراطية وتعمل على تنمية عاطفة حتقيق الذات ،وتزيد من والء الفرد وانتماءه للجماعة.
يقصد إبجراءات الضبط األساليب اليت تتبعها اجلماعة لتدفع أفرادها إىل االلتزام مبعايريها ومبادئها ،وقد تعتمد بعض اجلماعات
على احلوافز واملكافآت يف حني تعتمد أخرى على العقاب ،لذا البد من معرفة إجراءات الضبط ومن الضروري تطبيق إجراءات
الضبط على مجيع أفراد اجلماعة دون متييز .لكن البد من األخذ بعني االعتبار أنه ال يوجد التزام اتم ألي معيار اجتماعي.
وتتوقف درجة الضبط وفاعليته ابألمهية اليت يعلمها العضو عن اجلماعة ومدى تقلبها له أي كلما كانت اجلماعة مهمة له كان
11
لضوابطها أثر أكرب عليه ،وقد يكون سبب احنراف الفرد عن معايري اجلماعة كونه عضو يف مجاعة أخرى أكثر جاذبية ومعايريها
خمتلفة ،فهو ينفذ ويسري على معايري تلك اجلماعة املرجعية األوىل.
التوحد
هو أن يشعر الفرد" أنه اجلماعة وأن اجلماعة هو" فإجنازاهتا اجنازاته إخفاقاهتا اخفاقاته ،فهو أكثر من الوالء وأكثر من اجلاذبية
إنه التوحد .فيكثر الفرد املتوحد مع اجلماعة من ترديد (حنن) وال يردد (أان) وقد يوجد هذا التوحد يف اجلماعات الكربى
والصغرى الرمسية وغري الرمسية على حد سواء .وهناك عالقة متينة بني التوحد والتماسك وبني التوحد واملشاركة ،فالقيام بنشاط
اجلماعة يعترب مصدرا للتوحد وغالبا ما يكون التوحد تفاعل قوي مصحوب بشحنات انفعالية عالية .وكلما زاد توحد أعضاء
ديناميكية اجلماعة عالية وسرعتها حنو حتقيق أهدافها وحتقيق التغيري أكرب.
حيتل كل عضو يف اجلماعة دورا تبعا لشخصيته وقدراته ،فالبعض حيتل مراكز قيادية والبعض حيتل مراكز املساندين والتابعني،
ولكي نفهم سلوك العضو يف اجلماعة جيب أن نتعرف على الدور الذي يقوم به .وكما أن فهم العضو للدور الذي يقوم به
وشعوره
مبدى أمهيته للجماعة حيدد درجة إحساسه ،وقد وجد الدارسون أن حتديد الدور بناء على االنتخاب يؤدي إىل إنتاجية أكثر من
حجم اجلماعة:
كلما زاد حجم اجلماعة كلما كانت فرصة املشاركة أقل ،وتنشأ عن زايدة احلجم العيوب التالية :يكثر عدم االتفاق .إظهار
العداء بشكل أكثر حنو اآلخرين .ازدايد درجة القلق بني األعضاء والشعور ابلتهديد واإلحباط ،قلة املشاركة ،وكما أن حجم
اجلماعة حيد
من كمية ونوع االتصال ،فكلما زاد احلجم كانت العالقات االجتماعية أكثر تعقيدا .كما أن زايدة احلجم جيعل اجلماعة متيل
12
التجانس وعدم التجانس:
وجود جتانس بني أعضاء اجلماعة يزيد من فعاليتها ،ويساعد على حتقيق التوافق وسرعة الوصول إىل اتفاق .وال ميكن الوصول
إىل جتانس اتم ألنه إذا جتانس األعضاء يف انحية فإهنم خیتلفون يف انحية أخرى ،إذ جيب علينا إدراك وجود عدم التجانس يف
مجيع اجلماعات وهذا ليس عيب فاملهم هو فهم هذه االختالفات وكيفية تطويعها لتحقيق أقصى إنتاجية للجماعة .كما تبني
أن األعضاء الذين يعملون مع بعضهم لفرتة طويلة مييلون ليصبحوا أكثر جتانسا يف امليول واألهداف وعوامل الرضا.
تقومي اجلماعة:
التقومي قوة داخلية فعالة تؤثر يف إنتاجية اجلماعة ومكانتها الدائمة يف اجلماعات ،وجيرى التقومي ابستمرار وبطريقة شعورية وال
شعورية ،ويسهم األعضاء أبقصى جهد عندما يرون اجلماعة أتخذ ابلتقومي وتعدل من مسارها ،ومن املفيد أن تضع اجلماعة
نظاما رمسيا للتقومي مما يساعدها يف تصحيح املسار بصورة سريعة ،حيث أن التقومي السريع املستمر واألخذ بنتائجه يوفر رضا
ويقصد هبا أن هناك عوامل خارج نطاق الكيان االجتماعي الداخلي للجماعة تؤثر يف اجملاالت املختلفة اخلاصة ابجلماعة،
وتتكون الدينامية اخلارجية اليت هي مؤثرات جديدة غري املؤثرات الداخلية ،وذلك ألن اجلماعة ال تعيش يف فراغ اجتماعي ،بل
هناك العديد من املؤثرات اخلارجية اليت هلا انعكاس على التفاعل واحلركة والتغيري داخل اجلماعة.
اجملتمع احمللي:
كل مجاعة هلا مكانة يف اجملتمع احمللي ختتلف عن مجاعة األخرى ،ويتم حتديد مكانة اجلماعة ابلنسبة للمجتمع بناءا على موافقة
أهدافها ووسائلها لقيم اجملتمع .ويرتبط دور اجلماعة ابملكانة اليت حتتلها يف اجملتمع أو مبا يتوقعه اجملتمع منها ،كما قد تتنافس
عندما تضع مؤسسات اجملتمع سياسات عامة معينة خلدمة املصلحة الوطنية وال تقبل اجلماعة احمللية ذلك تقبال اتما ،حينها
تواجه العزلة االجتماعية وختاطر مبكانتها يف اجملتمع ،لذا البد من التكيف بني قيم اجلماعة وبني املؤسسات الرئيسة .إن اعتبار
13
اجلماعة جزءا متكامال للمجتمع احمللي ميثل قوة دائمة التأثري يف نشاطها وسلوكها ،لذا البد من فهم قيم واجتاهات اجملتمع احمللي
ومؤسساته.
يشرتك الفرد عادة بعضوية عدة مجاعات ،فهو عضو يف األسرة وعضو يف مجاعة األصدقاء وهو كذلك عضو يف االحتاد أو
النادي أو النقابة .فمشاركة الفرد يف أي مجاعة من اجلماعات تبىن بناءا على تقوميه ألمهيتها النسبية ومدى جدارة ومدى توافقها
مع من اجلماعات تبىن بناء اهتماماته وأهدافه ،ألن كل فرد يرغب يف حتقيق األمن والتقدير واالستفادة ابجلديد من
اخلربات ،فاجلماعة اليت تليب له ذلك بشكل أكرب ينتمي هلا بشكل أكرب.
إن اتفاق اجلماعة على هدف معني إمنا يزيد من متاسكها ،أما اهلدف الذي ال يتفق عليه اجلماعة وخیتلفون عليه فإنه يضعف
من متاسك اجلماعة ،إن األهداف السهلة تقوم اجلماعة بتحقيقها دون بذل جهد كبري ويكون أتثريها على اجلماعة حمدودا ،أما
األهداف اليت تكون يف متناول اجلماعة ولكن حتقيقها يستدعي بذل جهود كبرية فإن هذه األهداف تعمل على حتريك اجلماعة
بدرجة أكرب ،وابلتايل يؤدي هذا إىل تعاون اجلماعة لتحقيق هذه األهداف( .سلمى ،1998 ،ص )162
تتأثر شخصية الفرد يف اجلماعة من خالل الدينامية الدائرة فيها ،كما تؤثر هذه الشخصية ابلتايل على دينامية اجلماعة ويظهر
ذلك يف صور سلوكية مثل :الكبح والتعويض والتقمص واإلسقاط والتحويل ،وكلما زاد جتانس أعضاء اجلماعة من حيث
اخلصائص اجلسمية والعقلية واالجتماعية واالقتصادية كلما دعا ذلك إىل متاسك اجلماعة ،وتتأثر دينامية اجلماعة أيضا ابخلربات
اجلماعية السابقة لألعضاء يف جماالت غري جمال األسرة ،فإذا كان العضو قد انضم جلماعات معينة واكتسب خربات مجاعية
انجحة ،كان أتثريه يف حياة اجلماعة أتثريا اجيابيا وابلعكس إذا كانت خرباته اجلماعية السابقة سيئة( .ضياء ،2000،ص )298
14
قيم الجماعة :Community Values
إن "نظام القيم " Values Systemللجماعة يؤثر بال شك يف متاسكها ،فإذا كانت قيم اجلماعة متعارفا عليها كانت
اجلماعة متماسكة أما إذا اختلفت القيم داخل اجلماعة ومل تستطع اجلماعة على وضع قيم معينة ،فإن ذلك يؤدي إىل تفكك
اجلماعة ،إن قيم اجلماعة مهما كانت خمالفة لقيم اجملتمع فإهنا تدفع اجلماعة إىل التماسك واىل الشعور بفرديتها ،ولذلك فإن
على القائد أن يعمل على حتديد نظام القيم اخلاص هبا على أن تكون هذه القيم مرغوب فيها ومتفق عليها ،وتسعى كل مجاعة
إىل صياغة جمموعة من القيم االجتماعية اليت حتدد اإلطار العام لنشاط اجلماعة وكلما ارتبطت هذه القيم ابإلطار القيمي
للمجتمع كلما أدى ذلك إىل متاسك اجلماعة وزايدة فاعليتها ،بينما إذا تعارضت مع قيم اجملتمع يؤدي ذلك إىل صراع الذي
كلما كان املكان الذي تشغله اجلماعة كبريا ومرتامي األطراف كلما كان متاسكها أقل ،بينما إذا كان املكان أو احليز املادي
صغريا كمدرسة أو ملعب مثال كان التماسك أقوى ونالحظ ذلك أثناء عقد االجتماعات أو جتليس التالميذ داخل الصفوف
الدراسية فإذا كان شكل اجللوس على شكل حرف " "Uأو يف شكل دائري كان التفاعل قواي بني األعضاء املكونني هلذا اجمللس
أما إذا كانت اجلماعة منعقدة على صفوف متوازية فإن تفاعلها يكون أقل ،إن مواجهة األعضاء لبعضهم البعض ماداي يرفع من
معدل اتصاهلم وابلتايل يؤثر يف دينامية التفاعل احلاصل بينهم ،زايدة على الظروف الفيزيقية اجليدة كاإلضاءة والتهوية والبعد على
ليست اجلماعة وحدة منفصلة ،كما أهنا ال تعيش يف فراغ ولكن اجلماعة جزء من جمتمع أكرب يتضمن مجاعات خمتلفة ،ولذلك
فال ميكن أن نتجاهل اجملتمع اخلارجي للجماعة ،فكلما زاد تقبل اجملتمع اخلارجي للجماعة كلما كان ذلك سبيال إىل علو مكانة
اجلماعة ،وابلتايل تزيد جاذبية اجلماعة لألفراد ،فيزيد تبعا لذلك متاسكها وكلما كانت اجلماعة على اتصال دائم ابجملتمع اخلارجي
فإن ذلك يكسبها خربات تساعدها على نضجها وفاعليتها مث يزداد معدل منوها فيزداد متاسكها .إن أهداف اجلماعة تشتق
غالبا من أهداف اجملتمع ،فاجملتمع يساعد اجلماعة على حتديد أهدافها وابلتايل يوفر هلا اإلمكانيات على حتقيق تلك األهداف،
وان مل تستطع اجلماعة وحدها حتقيق أهدافها تسعى إىل اجلماعات اجملاورة لتحقيق األهداف يف إطار التعاون اخلارجي والذي
15
يزيد قوة الرواب اليت تربط اجلماعات مع بعضها البعض ،وهذا من شأنه أن يؤثر على الدينامية الداخلية للجماعة بواسطة دينامية
إن جناح القيادة بوجه عام يف رفع معدل التماسك داخل اجلماعة مهما كانت األمناط املمارسة داخل اجلماعة يتوقف على مدى
إشباع حاجات األعضاء األساسية ،ومهما كانت كفاءة القائد فإنه ال ميكنه إشباع كافة احلاجات النفسية واالجتماعية
واالقتصادية والوجدان ية ،ولذلك فال مفر من تقبل القائد بوجود مشاعر عدائية موجهة ضده .رغم هذا فإن يف اجلماعات ذات
اخلربات اجلماعية املنحرفة أو اجلماعات ذات اخلربات اجلماعية القليلة يكون االرتباط ابلقائد هو املفهوم السياسي لتماسك
اجلماعة ،حيث تكون اجلماعة غري قادرة على إقامة ُمثل عليا مشرتكة وابلتايل يكون القائد هو موضوع متاسك اجلماعة وحمرك
لديناميتها ،أي حيل حمل "األان األعلى" حسب مقاربة" فوريد" لدينامية اجلماعة .ويبقى معرفة القائد للسلوك اإلنساين عامة
والسلوك الفردي داخل اجلماعة خاصة مطلوابن للقيام بدوره وحتقيق األهداف املطلوبة ،ولفهم مجاعته وديناميتها الداخلية
نعين ابلبناء اجلماعي طبيعة اخلصائص اليت متر هبا اجلماعة يف مراحل بنائها وتطورها وأثر ذلك على ديناميتها ،فعندما تبدأ
اجلماعة يف التجمع حول فكرة أو نشاط أو ممارسة غالبا ما توصف العالقات ابلفردية ،كل له رغباته الشخصية حىت لو كان
هناك هدف عام معلن للجماعة ،ويف مرحلة تكوين بناء اجلماعة تنم العالقات بني األفراد إال أنه رغم توطدها فتبقى معرفة
األعضاء ببعضهم البعض غري وثيقة ويبقى األعضاء يف مواقف اتكالية على القيادة ،و أتخذ استجابة كل فرد من اجلماعة يف
املواقف االجتماعية اليت مير هبا شكال مغايرا إما التقبل أو الرفض أو التجاهل ،وهذا يؤدي إىل بداية تكوين بناء اجلماعة ،أما
ابلنسبة ملرحلة االستقرار فتوثق عالقات األعضاء ببعضهم البعض و أيخذ التفاعل الدائري شكال مجاعيا على درجة كبرية من
التماسك ،وهلذا فإن التفاعالت ذات الطابع االستقراري تعطي الشكل املميز للبناء االجتماعي للجماعة ومن خالله تربز
املكاانت واألدوار وهذا من شأنه خلق دينامية داخل اجلماعة واليت بدورها تعيد توزيع األدوار واملكاانت أو اضمحالهلا وتفككها.
16
الضبط االجتماعي :Social control
يستخدم مصطلح الضبط االجتماعي لإلشارة إىل أساليب حتقيق امتثال اجلماعة لتوقعات األعضاء ،وتوافر الضبط االجتماعي
داخل اجلماعة يؤدي إىل زايدة التفاعل االجتماعي ابجلماعة والعكس صحيح ،وأيخذ الضبط صورا متعددة ،فقد يكون مكافأة
تقدير للعضو أمام اجلماعة أو صورة عقاب يوقع على العضو املنحرف على معايري اجلماعة ،فممارسة الضبط االجتماعي خیلق
دينامية للجماعة يتم من خالهلا االلتزام بتحقيق األهداف ومن أهم القواعد اليت تساعد على زايدة قدرة الضبط االجتماعي
داخل اجلماعة إدراك أعضائها للمعايري االجتماعية السائدة داخل اجلماعة ومستوايهتا والتعرف على وسائل الضبط االجتماعي
داخل اجلماعة مما يوجب عدم فرض هذه الوسائل خارج اجلماعة ،وابلتايل يعترب الضبط االجتماعي أحد ميكانزمات دينامية
اجلماعة املوجهة .ومن خالل التعرف على أهم العوامل املؤثرة يف دينامية اجلماعة( .ضياء ،2000 ،ص )315
متاسك اجلماعة:
يشري متاسك اجلماعة إىل درجة حرص أعضائها على االنتماء إليها واالستمرار فيها ،ويعرف التماسك أيضا أبنه" حمصلة
القوى اليت متارسها اجلماعة لكي حتافظ على عضوية أفرادها .والواقع أن درجة متاسك اجلماعة تتحدد يف ضوء عدة متغريات
ويؤثر متاسك اجلماعة أتثريا ملحوظا يف خمتلف أبعاد وجوانب اجلماعة ومن أمهها اجلوانب التالی:
التفاعل االجتماعي بني األشخاص :فيالحظ أنه كلما زادت جاذبية اجلماعة ومتاسكها تزايدت معدالت التفاعل
االجتماعي الودي بني أعضائها ،كما ميكن أن حتل اخلالفات والصراعات القائمة بينهم بسهولة.
التأثري االجتماعي :حيث متارس اجلماعة املتماسكة أتثريا أكرب يف سلوك أعضائها ،يتجلى يف حرصهم على االمتثال
17
الشعور ابلسعادة والرضا :حيث يشعر أعضاء اجلماعات املتماسكة بقدر كبري من السعادة والرضا عن أنفسهم ألعضائها
إنتاجية اجلماعة :على الرغم من أن اجلماعة املتماسكة قد ال تكون ابلضرورة افصل من اجلماعة غري املتماسكة من حيث
كم الوحدات اإلنتاجية ،إال أن اغلب الدراسات ،توضح أن اجلماعة املتماسكة تفوق غريها من حيث جودة اإلنتاج.
بناء اجلماعة الصغرية :يتفاوت األفراد تفاوات كبريا يف أية مجاعة سواء أكانت صغرية آو كبرية ،حيث مييزون خبصال نفسية
فردية ،ومن املمكن أن تتضح الفروق الفردية بينهم من حيث نشاطاهتم ،أو جاذبيتهم أو قدراهتم القيادية ،أو قوهتم
االجتماعية أو قدرهتم على التواصل مع بقية أعضاء اجلماعة وتتباين اهتمامات األفراد داخل اجلماعة أيضاـ فريكز بعضهم
على اجناز أعماهلم ،بينما يبدي اآلخرون اهتماما كبريا بقضاء أوقات لطيفة مع زمالئهم ،وتتسم هذه البياانت ابالستقرار
وتتمثل هذه البياانت أو الفروق بني أعضاء اجلماعة ما نقصده مبصطلح بناء اجلماعة وهو ما ميكن أن نعرفه أبنه منط
العالقات الثابت نسبيا بني األجزاء املتمايزة للجماعةـ فعلى سبيل املثال يشري" البناء القيادي "إىل تدرج السلطة يف اجلماعة،
والفروق بني األفراد يف قدرهتم على تلقي نقل املعلومات ،ذلك الن هناك دوافع للجماعة تدخل يف أو تتدرج حتت بناء
اجلماعة بوجع عام وابلتايل فعندما نتحدث عن بناء اجلماعة فإننا نقصد احملصلة النهائية هلذه األبنية الفرعية مجيعا( .الواقي،
،2014ص(114-113 :
اجملاراة االجتماعية:
يقصد ابجملاراة ميل الفرد إىل االنصياع للضغوط االجتماعية ،اليت متارسها اجلماعة عليه ،آو هي صورة السلوك واالجتاهات اليت
تفرضها املعايري واألدوار واألعراف االجتماعية ،وتقاس اجملاراة االجتماعية لتقدير مدى تغري الفرد لسلوكه أو معتقداته وأحكامه
عند تعرضه لضغوط اجلماعة ،ويقصد ابلضغط االجتماعي العمليات اليت تفرض من خالهلا أتثريها على الفرد كي جيازي
معايريها ،ومن أساليب الضغط االجتماعي ،التهديد مبمارسة النفوذ ومنها أيضا املتطلبات اليت تفرضها اجلماعة على
الشخص ،وتوقعاته لسلوكه ويفرق بعض الباحثني بني اإلذعان والتقبل اخلاص ،فيسري اإلذعان إىل إصدار الفرد لسلوك الذي
ترغبه اجلماعة بدون التقبل الداخلي من جانبه ،أو دون اقتناع مبعتقدات واجتاهات اجلماعة ،وتكون اجملاراة هنا خشية التعرض
18
للتهديد أو العواقب السلبية للمخالفة ،أما التقبل اخلاص فيتضمن اجملاراة اإلدارية ،بقدر كبري من الرضا الداخلي،حيث يغري
القوة االجتماعية:
ميكن تعريف القوة االجتماعية أبهنا قدرة أحد األشخاص ابلتحكم يف شخص أخر أو التأثري فيه بطريقة ما ،ويقاس مقدار
هذا التأثري بدرجة التغري أو التعديل الذي يطرأ على أي جانب من جوانب اجملال النفسي للشخص الثاين ،والذي ميكن أن
يتضمن السلوك واالجتاهات ،األهداف واحلاجات ،القيم نتيجة ملمارسة القوة االجتماعية.
يدل مستوى طموح اجلماعة على املعيار الذي يقيم به أعضائها ومدى جناحهم أو فشلهم يف اجناز مهمة معينة ،أو هو
مستوى األداء الذي يتوقعه األفراد ألنفسهم وهم بصدد اجناز مهمة معينة.
أتثري تعليم األفراد والسرعة اليت يتعلمون هبا والطريقة اليت حيلون هبا مشكالهتم بواسطة اجلماعات اليت ينتمون اليها ويشرتكون
يف حياهتا اجلماعية وكلما زاد اشرتاكهم يف احلياة اجلماعية كلما زادت خرباهتم.
تؤثر اجلماعة على تكوين اجتاهات الفرد وكذلك على اسلوب اجتاهاته للمواقف االجتماعية املختلفة ،فقد ميكن التنبؤ
تؤثر اجلماعة على درجة طموح الفرد وكفاحه ،فأهداف الفرد تعتمد كثريا على مستوايت اجلماعات اليت ينتمي اليها ،كما
أن حتقيق هذه األهداف يرتبط أيضا ابلطريقة اليت تتخذها اجلماعة يف حتقيق أهدافها( .لويس كامل مليكة ،1898ص
.)125
تعمل اجلماعة على تعديل عادات الفرد يف أثناء أتديته لعمله ويف أثناء حياته العادية ،فالطريقة اليت يعمل هبا األفراد حتدد
للجماعة أتثري قوي على إدراك الفرد لنفسه والدور الذي يقوم به يف مواقف معينة ومن مث يستطيع أن يدرك ويفهم االخرين.
19
تزود اجلماعة األفراد ابلقوى السيكولوجية اليت تساعدهم على التعبري عن مشاعرهم االجيابية والسلبية يف املواقف االجتماعية
ليت يواجهوهنا يف حياهتم ،ويظهر ملحوظ عندما يطلب من الفرد أن يتقبل أو يتكيف لبعض التغريات يف مثل هذه املواقف.
تؤثر اجلماعة دائما على ما خیتاره األفراد يف مواقف املفاضلة واالختبار ،فاجلماعة أمهية ابلغة يف هذا اجملال ألن اختيار الفرد
لشيء معني أو ملوضوع يتوقف على قيمته ومبادئه املكتسبة صورها النهائية من اجلماعة.
تضع اجلماعة احلدود لدوافع الفرد اىل السلطة والنفوذ ،كما أهنا الذي ال مناص منه بني سلطتهم وحاجاهتم لالعتماد على
الغري والذي تساعد األفراد على اجياد حلول للصراع هو من طبيعة احلياة االجتماعية( .مسلم حممد ،2221ص .)145
التعرف على التفاعالت املختلفة داخل اجلماعة وعلى املثريات الصادرة من بعض األعضاء واليت يستجيب هلا أعضاء
معرفة املشكالت اليت تواجهها اجلماعة واقرتاح حلوال هلا واليت قد أتخذ شكل برامج إرشادية أو تدريبية أو عالجية.
معرفة مرحلة التغيريات الطارئة على أعضاء اجلماعة بفعل عوامل السن والنضج واملستوى التعليمي واملادي وغريها.
بث بعض القيم واملعايري اليت تساعد على إمناء اجلماعة وتطورها.
اإلهتمام مبعرفة ميول وحاجات ورغبات وأهداف األعضاء ومساعدهتم على حتقيقها مبا يتماشى وأهداف اجلماعة.
معرفة طبيعة الشخصيات ألعضاء اجلماعة السوية منها واملرضية والشاذة واملتسلطة والتابعة واحملبوبة اليت تساعد يف بعث
متكن من تعديل أهداف واسرتاتيجيات اجلماعة لتقابل احتياجات ومصاحل أعضائها املتطورة.
الكشف على القيادة داخل اجلماعة والعمل على تدريبها وتنميتها مبا حيقق األهداف.
20
الكشف على اجلماعات الفرعية واملندرجة داخل اجلماعة والعمل على استخدامها مبا يزيد من متاسك اجلماعة وقدرهتا
على التأثري.
التعرف على أمناط االتصال داخل اجلماعة سواء كانت رمسية أو غري رمسية( .جابر ،2007 ،ص)10:
واالجتماعية اليت تنتجها اجلماعة من تواصل وأتثري وأدوار ومعايري اجتماعية وغريها ،كما أهنا هتتم ببناء املهارات وتغيري االجتاهات
لدى أفراد اجلماعة هبدف حتسني األداء ،والرفع من املردودية ومن مثة ميكن القول ابن دينامية اجلماعة تتشكل نقطة تقاطع بني
العديد من التخصصات مثل علم النفس االجتماعي الذي يهتم بدراسة الوظائف النفسية والعالقات الشخصية يف تفاعلها
ضمن إطار اجتماعي معني لرصد مدى أتثري اجلماعة يف سلوك األفراد واجتاهاهتم وكذلك علم النفس املرضي ضمن إطار
اجتماعي معني لرصد مدى أتثري اجلماعة يف سلوك األفراد واجتاهاهتم وكذلك علم النفس وكذلك علم النفس املرضي الذي
يهدف إىل إعادة إدماج املرضى يف عالقات إنسانية واجتماعية سوية ،حيث يشكل العالج ابلدراما النفسية أو العالج النفسي
املؤسسي أحد الوسائل اليت تعتمد على عمليات التفاعل بني املرضى واملؤسسات االستشفائية من جهة ،ومن جهة أخرى قيام
املرضى ابألدوار داخل اجلماعة يعربون من خالهلا عن معاانهتم النفسية ،مما يتيح للطبيب املعاجل إمكانية حتليل الدور الذي يقوم
به املريض و تشخيصه هبدف العالج .ومن جهتها أيضا أتت الدراسات اليت أجريت حول املؤسسات الصناعية على يد كل من
إلتون مايو واتيلور وفوست أمهية العالقات اإلنسانية بني رب املصنع والعاملني به ،أو بني العمال أنفسهم يف حتديد حسن أو
سوء التوافق املهين ودوره يف التأثري على أداء العمال ومردوديتهم لكن جماالت االهتمام بدينامية اجلماعة ال تقف عند هذه
21
الخاتمة:
تعترب ديناميكية اجلماعة املوجه العام للمارس العيادي مستقبال ،إذ توجهه إىل معرفة خمتلف التفاعالت السلوكية اليت تتم ويتفاعل
ضمنها األفراد وتدرس ديناميكية اجلماعة خمتلف التفاعالت اليت تتم بني األفراد كوسيلة تشخيصية وكمنهج للعالج ،فأغلب
التجارب بينت ان العمل بدون مشاركة فعالة تؤدي إىل عرقلة العمل ككل ،خاصة يف امليدان العيادي ،فإذا كان تفاعل األفراد
غري مريح نفسيا هذا بدوره يؤثر على الكفالة النفسية للمريض النفسي.
22
قائمة المراجع
مراجع ابللغة العربية:
فؤاد هبي السيد ،سعد عبد الرمحان ،2022علم النفس االجتماعي ،رؤية معاصرة ،دار الفكر العريب القاهرة.
ضياء ابراهيم جنم ،2022اجلماعات االجتماعية مداخل نظرية ومواقف تطبيقية ،املكتبة اجلامعية األزاريطة القاهرة.
عبد اللطيف حممد خليفة ،2021مقدمة يف ديناميات اجلماعة ،دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة.
لويس كامل مليكة ،1898سيكولوجية اجلماعات والقيادة ،جزء ،21طبعة ،21اهليئة املصرية للكتاب ،القاهرة.
حممد مصطفى زيدان ،1896علم النفس االجتماعي ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر.
مسلم حممد ،2021مقدمة يف علم النفس االجتماعي ،طبعة ،21دار قرطبة للنشر والتوزيع ،اجلزائر.
ضياء إبراهيم جنم ،2000 ،اجلماعات االجتماعية مداخل نظرية ومواقف تطبيقية ،املكتبة اجلامعية األزاريطة ،القاهرة.
بوعيشة آمال ،2019/2020 ،حماضرات علم النفس املرضي اإلجتماعي ،ماسرت 2علم النفس العيادي ،جامعة بسكرة،
اجلزائر.
زندوح زينة ،2019 ،حماضرات علم النفس املرضي اإلجتماعي ،ماسرت 2علم النفس العيادي ،جامعة سكيكدة ،اجلزائر.
ميزونوف ،جان .)1892( .دينامية اجلماعات( .ترمجة فريد أنطونيوس ،طبعة .)22منشورات عويدات.
لويس كامل ،مليكة .)1998( .سيكولوجية اجلماعات والقيادة( .طبعة ،21جزء .)21اهليئة املصرية للكتاب.
آيت موحى ،حممد .)2005( .دينامية اجلماعة الرتبوية( .طبعة .)21منشورات عامل املعرفة.
حممود مجعة ،سلمى .)1998( .ديناميكية طريقة العمل مع اجلماعات .املكتب اجلامعي احلديث.
جنم ،ضياء إبراهيم .)2000( .اجلماعات االجتماعية مداخل نظرية ومواقف تطبيقية .املكتبة اجلامعية األزاريطة القاهرة.
جابر عوض سيد حسن ( :)2007العمل مع اجلماعات أسس ومناذج نظرية ،ط ،7اإلسكندرية ،مصر.
مراجع ابللغة األجنبية:
23