You are on page 1of 23

‫المقدمة ‪3.............................................................................

‬‬

‫‪ .1‬مفهوم دينامية الجماعة‪4.........................................................:‬‬

‫‪ .2‬نشأة دينامية الجماعة‪5.......................................................... :‬‬

‫‪ .3‬مقاربات دراسة دينامية الجماعة‪7................................................ :‬‬

‫‪ .4‬خصائص دينامية الجماعة‪9...................................................... :‬‬

‫‪ .5‬مستويات دينامية الجماعة‪10 .................................................... :‬‬

‫‪ .6‬العوامل المؤثرة في حدوث دينامية الجماعة‪14 ................................... :‬‬

‫‪ .7‬تأثير الجماعة على سلوك الفرد ‪19 .............................................. :‬‬

‫‪ .8‬أهمية دراسة دينامية الجماعة‪20 ................................................ :‬‬

‫‪ .9‬مجاالت استخدام دينامية الجماعة‪21 ............................................ :‬‬

‫الخاتمة‪22 .......................................................................... :‬‬

‫قائمة المراجع ‪23 .....................................................................‬‬


‫المقدمة‬

‫من املعروف أن علم النفس الفردي الذي بلوره فرويد ويونغ وأدل يتناول الظواهر النفسية الفردية الشعورية والالشعورية‪ ،‬بينما‬

‫علم االجتماع الذي أتسس مع أوجست كونت ودوركامي وليفي برول يهتم ابلظواهر االجتماعية‪ ،‬أما علم النفس االجتماعي‬

‫الذي هو يف احلقيقة جزء من علم النفس فإنه يعىن بدراسة أثر الفرد يف اجلماعة وأثر اجلماعة يف الفرد كما يرتكز على دراسة‬

‫اجلماعة وتصنيفها وتبيان أدوارها وتفاعالهتا ووظائفها داخل اجملتمع‪ ،‬وابلتايل فهو مبثابة الدراسة العلمية لإلنسان ككائن‬

‫اجتماعي يعيش يف جمتمع يتخذ له أصدقاء يتفاعل معهم ويتأثر هبم ويؤثر فيهم‪ ،‬و هلذا يعترب موضوع دينامية اجلماعة من‬

‫املوضوعات اليت يتداوهلا فرع علم النفس االجتماعي فهي دراسة تتناول البحث يف الطريقة اليت حتدث من خالهلا التغريات‬

‫بشكل منظم يف الظاهرة عموما ويف اجلماعة على وجه التحديد كما أهنا تبحث يف تكوين وبناء اجلماعة و التغريات احلاصلة‬

‫هبا عن طريق جهود أعضائها إلشباع حاجاهتم وحتقيق أهدافهم بغية الوصول إىل قوانني علمية لتنظيم مستوى اجلماعة‬

‫واجملتمع‪.‬‬

‫لذلك هتتم منظمات األعمال احلديثة بدراسة اجلماعات ألمهية دورها يف أداء الفرد مع اجلماعة وابلتايل فإن دراسة اجلماعة‬

‫والتعرف على أمناط سلوكها املختلف يعترب من الضرورايت للحفاظ على أداء جيد واحملافظة على إجياد بيئة صحية واحلفاظ‬

‫على سلوك األفراد بشكل متوازن ومستقر واثبت‪ ،‬حيث ختتلف سلوكيات األفراد عن سلوكياهتم كأعضاء يف مجاعة‪ ،‬وابلتايل‬

‫فدراسة اجلماعة يرتتب عليها دراسة ديناميتها بغرض الوصول إىل فهم صحيح هلا و للعوامل احملدثة هلا ‪ ،‬فمن أجل هذا‬

‫سنتطرق يف حبثنا إىل التعرف على ماهية دينامية اجلماعة و مستوايهتا و كذا العوامل املؤثرة يف حدوث هذه الدينامية‬

‫اجلماعية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ .1‬مفهوم دينامية الجماعة‪:‬‬

‫يتكون مصطلح ديناميكية اجلماعة من مفهومني أساسيني ومها "الدينامية" و "اجلماعة"‬

‫‪ ‬تعريف الدينامية‪:‬‬

‫يعود مصطلح " ديناميك" ‪ dynamique‬إىل اجملال الفيزايئي‪ ،‬والذي يقصد به يف جمال امليكانيك خمتلف العالقات اليت‬

‫تكون بني القوى واحلركات الناجتة عنها‪ ،‬ويدل املصطلح على القوة واحلركة واحليوية ونقيضه " الثبات" و‬

‫"السكون"‪.statique‬‬

‫أما يف اجملال النفس‪-‬اجتماعي فان الدينامية هي خمتلف القوى اإلجيابية والسلبية اليت تتحكم يف اجلماعة وتساعدها على‬

‫التوازن والتطور واالندماج أو االنكماش والتشتت كما أهنا عبارة عن التفاعالت البنيوية الوظيفية اليت تتحكم يف نسق اجلماعة‬

‫إذ أن كل تغيري ميس عنصرا فرداي داخل شبكة اجلماعة ونسقها البنيوي فإنه يؤثر على ابقي العناصر األخرى سلبا أو إجيااب‪.‬‬

‫وابلتايل‪ ،‬فإن الدينامية هي التفاعل النفسي واالجتماعي الذي يدور بني أعضائها بشكل بنيوي ووظيفي‪ .‬كما أن الدينامية‬

‫عبارة عن مثريات واستجاابت ابملفهوم السلوكي للتفاعل داخل اجلماعة‪ ،‬فعندما يصدر عن فرد ما سلوك معني داخل‬

‫اجلماعة الواحدة يكون له استجاابت فورية من قبل ابقي أفراد اجلماعة‪( .‬زينة‪ ،2019،‬ص‪)1‬‬

‫‪ ‬تعريف اجلماعة‪:‬‬

‫أن مفهوم اجلماعة يشري إىل عدة أشخاص يتميزون ابالشرتاك يف جمموعة شائعة من املعايري واملعتقدات والقيم كما توجد بينهم‬

‫عالقات حمددة ومعروفة ابلنسبة لبعضهم البعض‪ ،‬وبدورها هذه العالقات تظهر وتؤثر يف تفاعالت األفراد‪ ،‬ابلتايل يتحركون‬

‫لتحقيق أهدافهم من خالهلا‪.‬‬

‫ويعين هذا أن" دينامية اجلماعة " عبارة عن قوى تفاعلية تساهم يف حتريك اجلماعة وتغيري اجتاهات أفرادها وميولتهم الشخصية‬

‫وتطوير رؤاهم الذاتية اجيابيا أو شحنها مبكوانت سلبية هتدد متاسك اجلماعة وانسجامها واتساقها الوظيفي‪.‬‬

‫ونظرا‪ ،‬لتعدد أمناط سلوك أعضاء اجلماعة وتفاوت ميوالهتم وعاداهتم واجتاهاهتم وقيمهم فان ذلك جيعل اجملال الدينامي‬

‫للجماعة ينبض ابلتفاعل واحليوية الالزمة لنمو الفرد ومنو اجلماعة يف نفس الوقت‪ .‬فمن خالل التفاعل االجتماعي حتدث‬

‫مثريات واستجاابت بني أفراد اجلماعة‪ ،‬حيث ختتلف هذه املثريات واالستجاابت ابختالف املواقف واختالف ‪ .٦‬وينتج عن‬

‫هذا التفاعل تقبل أو عدم تقبل‪ ،‬نبذ أو استنكار‪ ،‬جتاهل بني األفراد‪ ،‬صداقات ومودة‪ ،‬جتاوب ونفور وكراهية‪ .‬ال‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وهبذا ميكن أن نعرف دينامية اجلماعات على أهنا‪ ":‬هتتم ببناء اجلماعة ومراقبة سريورهتا النمائية ورصد التفاعالت النفسية‬

‫واالجتماعية اليت توجد بني األفراد داخل الكل اجلماعي"(زينة‪ ،2019 ،‬ص‪)2‬‬

‫يعرف " لوين كورت"‪ :‬دينامية اجلماعات أهنا " جمموع القوى النفسية واالجتماعية املتعددة واملتحركة والفاعلة اليت حتكم تطور‬

‫اجلماعة"‪.‬‬

‫أما "بونر " فقد عرفها أبهنا فرع من فروع علم النفس االجتماعي يبحث يف تكوين وبناء اجلماعة وغريها عن طريق جهود‬

‫أعضائها لإلشباع حاجاهتم‪.‬‬

‫ويعرفها " ليفی "يرى أن اجلماعة كل دينامي‪ ،‬وهذا الكل الدينامي ال يساوي جمموع أجزائها أو أعضائها‪ ،‬بل هو حمصلة‬

‫لصراع القوى املتمثلة يف هذه األجزاء‪ ،‬وميكن اعتبار دينامية اجلماعات علما قائما بذاته خیتص بدراسة املبادئ والقوى املختلفة‬

‫املتحكمة يف اجلماعات وكذلك السريورة اليت تعرفها اجلماعة بفضل خمتلف التفاعالت‪ .‬غري أن هذه التفاعالت قد تؤدي إىل‬

‫تقدم اجلماعة ومنوها وقد أتخذ شكل صراع وتنافس شديد يؤدي إىل احندار اجلماعة واحلط من مستواها‪ .‬وقد تتشابه طبيعة‬

‫التفاعل يف كل‬

‫اجلماعات وينتج عن هذا التفاعل تقبل أو رفض‪ ،‬نبذ أو استنكار‪ ،‬جتاهل بني األفراد‪ ،‬صداقات ومودة وغريها‪ .‬فأسلوب‬

‫التقبل والنبذ له أتثري قوي على األفراد أنفسهم (آمال‪ ،2019،‬ص‪ )55‬ويتأثر حدث الدينامية يف اجلماعة بعدة عوامل‬

‫سنقوم بعرضها يف حبثنا هذا‪.‬‬

‫‪ .2‬نشأة دينامية الجماعة‪:‬‬

‫عرف علم النفس االجتماعي تطورات مهمة مع بداية القرن العشرين خاصة يف مراحل األزمات االقتصادية واالجتماعية اليت‬

‫عرفها العامل (احلروب الكربى‪ )...‬لكن مبحث دينامية اجلماعات عرف تطورات كبرية بفعل النمو والتوسع الذي عرفته الدراسات‬

‫األنثربولوجية خاصة تلك اليت رافقت االستعمار اجلديد لكن أهم حبث طور دينامية اجلماعات هو ذلك الذي تعلق ابجلماعات‬

‫الضيقة أو احملدودة كجماعة اليهود أو اجلماعات الدينية األخرى‪ .‬ومجاعة األقليات عموما‪ .‬ويعترب "كرت ليفني "مؤسس دينامية‬

‫اجلماعات‪ .‬بدءا ببحثه يف مجاعة اليهود اليت كان ينتمي إليها‪ .‬وميكن القول ان ضرورة البحث يف دينامية اجلماعات احملدودة‬

‫عمل على تطوير دينامية اجلماعات‪( .‬عباسي‪(2019 ،‬‬

‫‪5‬‬
‫فخالل السنوات الثالثني واألربعني أظهر علماء النفس األمريكيون أن اجلماعة لديها دينامية خاصة هبا تتجاوز خصوصيات‬

‫أعضائها‪ .‬وابلتايل ظهر حقل جديد من الدراسة أال وهو دينامية اجلماعة والذي عرف تطور هام بعد احلرب العاملية الثانية‪.‬‬

‫نذكر ثالثة مؤسستني أال وهم مايو‪ ،‬لوين ومورينو (‪ .)Mayo, Lewin et Moreno‬حنن نركز هنا على لوين (‪ )Lewin‬ألنه‬

‫هو الذي استعمل ألول مرة لفظ دينامية اجلماعة سنة ‪ 1947‬يف نص تناول العالقات ما بني نظرية وتطبيق علم النفس‬

‫اجلماعي‪)Faucheux, 1957, p.425( .‬‬

‫فيعد لوين (‪ )Lewin‬مؤسس تيار البحث حول مفهوم الدينامية اجلماعية‪ ،‬وأعماله لديها أثر كبري على علم نفسية اجلماعات‬

‫الصغرية‪ ،‬حيث أشار إىل جمموعة الظواهر اليت تنشأ يف اجلماعات الصغرى وكذلك القوانني الطبيعية اليت تتحكم فيها‪ ،‬واىل‬

‫جمموعة املناھج اليت تسمح للجماعات الصغرى ابلتأثري على التنظيمات االجتماعية األكثر اتساعا (التنظيمات اجلماعية‬

‫املعقدة)‪)Gosling, 1996, p.33( .‬‬

‫وال بد أن نذكر أن املرتكزات االبستمولوجية ميكن حصرها يف األحباث األوىل" لشارل فوريب" و "سارتر"‪ ،‬فضال عن السوسيولوجي‬

‫"كورت لوين " الذي اعتمد على منهجية جتريبية سيكواجتماعية ديناميكية على جمموعات بني التنظري والتطبيق‪ ،‬ودراسة بنيات‬

‫اجلماعات ووظائفها مع الرتكيز على املنشط وأنواع الزعامة والقيادة‪.‬‬

‫مث بدأت السوسيوميرتية اليت وضعها مورينو يف (‪ )1930‬واليت تتمثل يف اآلليات اإلجرائية لفهم اجلماعات وتفسري تفاعالهتا‬

‫البنيوية الوظيفية‪ ،‬ابإلضافة لتقنيات السوسيوغرام والسيكودراما اليت استعملت من طرف "مورنو " لعالج املرضى املنعزلني وحتليلها‬

‫نفسيا واجتماعيا‪ ،‬وتنشيط اجلماعة‪( .‬عباسي‪(2019 ،‬‬

‫كما استفادت ديناميكية اجلماعات من أحباث الطب النفسي ومن حتليالت سيغموند فرويد اليت ركزت على اجلماعة من خالل‬

‫كتاابته‪ ،‬فضال على أعمال" بيون )‪ (Bion‬الذي قدم يف ‪ 1952‬خمطط قوي لفهم الدينامية اجلماعية (‪,2001 ،Garland‬‬

‫‪ ،) p.195‬حيث بني التحليل النفسي أن تناسق اجلماعة أييت من تقمص أعضائه لنفس "مثالية األان"(‪ .)Freud‬فدينامية‬

‫اجلماعة إذن هي علم القوانني اليت تربط تصرفات مجاعة مع جهاز القوى اليت تعمل بداخلها‪Michel, 2001, p.274-( .‬‬

‫‪)275‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ .3‬مقاربات دراسة دينامية الجماعة‪:‬‬

‫من خالل الرتاث النفسي واالجتماعي ملوضوع دينامية اجلماعة ميكن أن منيز ثالث تيارات كربى تعد مبثابة مرتكزات أبستمولوجيا‬

‫استندت إليها دينامية اجلماعات‪ ،‬وميكن حصرها يف أحباث الفالسفة وسيسيولوجيا األوربيني الذين اهتموا ابجلماعة وأرسوا أسس‬

‫دينامية اجلماعات أمثال "شارل فوربية" (بداية القرن التاسع عشر)‪ ،‬الذي اقرتح أفكار تسبق أفكار "لوين" و"مورينو"‪ ،‬وال سيما‬

‫أتليف اجلماعات الصغرية اليت تقوم على أساس التعاون والتوافق‪ ،‬و "إميل دور كأمي" (بداية القرن العشرين) و"شارل فوريي"‬

‫و"جان بول سارتل" و "فرانند طونس" و"جورد ميد" و"شارل كويل" ‪ ،‬فضال عن أحباث العامل األملاين ذو اجلنسية األمريكية"‬

‫كريت لوين"‪ ،‬الذي أسس علم دينامية اجلماعات عام ‪ ،1944‬حينما طبق منهجية جتريبية سيكو اجتماعية دينامية على‬

‫جمموعات اصطناعية من خالل اجلمع بني التنظري والتطبيق‪ ،‬ودراسة بنيات اجلماعات ووظائفها مع الرتكيز على املنشط وأنواع‬

‫الزعامة والقيادة‪ ) .‬جان‪ ، 1982 ،‬ص ‪)58‬‬

‫كما كانت السوسيوميرتية ‪ sociométry‬اليت وضعها "جاكوب مورينو" ‪ ، Jacob Levy Moreno‬ومن اآلليات اإلجرائية‬

‫لفهم اجلماعات وتفسري تفاعالهتا البنيوية والوظيفية دون أن ننسى تقنييت السوسيوغرام والسيكو دراما اللتني استعان هبم "مورينو"‬

‫ملداواة مرضاة املنعزلني وحتليلهم نفسيا واجتماعيا وتنشيط اجلماعات عرب قواها االندماجية والعالجية واستقراء تفاعالهتا الذاتية‬

‫واملوضوعية‪.‬‬

‫كما استفادت دينامية اجلماعة من أحباث الطب النفسي ومن حتليالت "سيغموند فوريد"‪ Sigmund Freud‬النفسية‪ ،‬اليت‬

‫ركزت على اجلماعة‪ ،‬ويف عام ‪ 1921‬نشر فوريد" مؤلفه يف علم النفس اجلماعي وحتليل األان‪ ،‬وقدم فيه وجهة نظره يف دينامية‬

‫اجلماعة‪ ،‬فكان كتابه مبثابة بداية اهتمام مدارس التحليل النفسي هبذا املوضوع فضال عن أعمال "بيون" وديدي" و"أنزيو"‪ ،‬زد‬

‫على ذلك استفادت دينامية اجلماعات من النظرية املعرفية يف إطار علم النفس املعريف يف الستينات من القرن العشرين‪.‬‬

‫(مليكة‪ ،1989،‬ص ‪ 427‬ص ‪)435‬‬

‫‪7‬‬
‫ونذكر من اهم املقارابت ما يلي‪:‬‬

‫‪:Dynamic approach‬‬ ‫‪ ‬املقاربة الدينامية‬

‫ترتكز املقاربة الدينامية على أفكار "‪ "Kurt Lewin‬واليت أتسست على مبادئ نظرية اجملال أو نظرية احلقل ‪ ،‬واليت ترى أن‬

‫السلوك يتشكل وفق كل اجملال وليس لبعض العوامل فيه والذي يعرف ابحلقل النفسي للفرد‪ ،‬لكن "لوين" تكلم عن اجملال‬

‫االجتماعي للجماعة والذي ميثل برأيه "جمموعة التبعات والعناصر املتداخلة يف اجلماعة كاملعايري واألهداف واألدوار واحلاالت‬

‫اليت متثلها هذه اجلماعة كما متثل وضعيتها ابلنسبة للمحيط املتواجدة فيه"‪ ،‬وهذا احلقل يشكل اإلطار الفعلي واألساسي لدينامية‬

‫اجلماعة وعلى هذا األساس فإن أحباث " لوين" تشكل املنطق احليوي لدراسة دينامية اجلماعة" )جان‪ ، 1982 ،‬ص ‪)21‬‬

‫ويف ضوء هذا التصور فدينامية اجلماعة ليست جمرد "جمموعة أفراد يعتمد كل منهم على اآلخر" ولكنها مجاعة من األشخاص‬

‫الذين يدركون سيكولوجيا العالقات بينهم‪ ،‬والذين يتحركون حنو هدف اتفقوا عليه مجاعيا "‪ (.‬مليكة‪،1989،‬ص ‪)398‬‬

‫فحسب هذه املقاربة ينظر "لوين" إىل اجلماعة على أ هنا كلية تشكل مع حميطها حقال اجتماعيا وديناميا‪ ،‬وتتكون عناصرها‬

‫األساسية من جمموعاهتا الفرعية وأعضائها وقنوات التواصل فيها‪ ،‬ويركز يف دراسته للجماعة على العالئق الدينامية بني العناصر‬

‫والبنيات من منظور الرتابط املتبادل بني أعضائها‪ ،‬وبينها وبني عناصر احلقل املتمثلة يف األهداف واملعايري وتوزيع األدوار‪ ،‬ذلك‬

‫ألن أنظمة الرتابط هي اليت تفسر يف وقت معني عمل اجلماعة وسلوكها وعالقتها ابحمليط‪( .‬حممد‪ ،2005 ،‬ص ‪)97‬‬

‫‪ ‬املقاربة السوسيوميرتية ‪: Sociometry approach‬‬

‫يتزعم هذا التصور العامل األمريكي ذو األصل الروماين‪ Jacob Levy Moreno‬وأطلق أفكاره األولية يف فينا عام ‪ 1918‬من‬

‫خالل استحداثه " املسرح العالجي "‪ Therapeutic Theater‬الذي خلص إىل أن البعد االجتماعي هو األساس يف شخصية‬

‫الفرد ولكل مجاعة إنسانية بنية عاطفية غري رمسية حتدد سلوك أعضاء هذه اجلماعة جتاه بعضهم البعض‪ ،‬فاألفراد يرتبطون بواسطة‬

‫عالقة التعاطف والنفور والالمباالة‪ ،‬واجلماعة يف جوهرها حسب "مورينو" جمموعة من الروابط السوسيو وجدانية جتمع بني‬

‫األعضاء‪ ،‬وميكن جتسيد هذه الروابط بواسطة خريطة العالقات االجتماعية (سوسيو غرام) وهي روابط متكن من فهم سلوك‬

‫ومواقف أفراد اجلماعة وتفسريها‪ .‬وبقدر ما تكون عالقات التعاطف سائدة داخل اجلماعة‪ ،‬يسهل التواصل بني أفرادها‪ ،‬وابملقابل‬

‫تقود سيادة عالقات التنافر إىل الصراع‪ ،‬فتصور اسرتاتيجية التعامل مع اجلماعة من خالل إعادة توزيع األدوار بني أعضائها وفق‬

‫‪8‬‬
‫نظام جديد وتعزيز متاسك اجلماعة‪ ،‬فاملقاربة السوسيوميرتية حسب مورينو" هي نظرية وموضوع للبحث وطريقة للتحليل وأداة‬

‫جلمع البياانت"‪( .‬حممد‪ ،2005 ،‬ص ‪)97‬‬

‫‪ ‬مقاربة التحليل النفسي ‪:Psychoanalysis approach‬‬

‫قدم "فوريد" وجهة نظره يف دينامية اجلماعة يف كتابة "علم النفس اجلمعي وحتليل "األان" عام ‪ 1921‬فكان كتابه هذا بداية‬

‫اهتمام مدارس التحليل النفسي هبذا املوضوع‪ ،‬إن املفاهيم الدينامية يف نظر "فوريد" هي التفاعل وألوان الصراع بني القوى اليت‬

‫تعمل داخل الفرد واستجابة األفراد للعامل اخلارجي‪( .‬مليكة‪ ،1989،‬ص ‪)435‬‬

‫وتدور مقاربة التحليل النفسي يف تكوين اجلماعة حول العناصر االنفعالية الالشعورية‪ ،‬وطبقا هلذا التصور فإن فردان أو أكثر‬

‫يكوانن مجاعة سيكولوجية إذا كان لكل منها نفس املوضوع النموذج (القائد) أو نفس َمثَل األان األعلى أو إذا كان لكل منهما‬

‫نفس املوضوع ونفس املثل‪ ،‬وبذلك يتوحد كل منهما مع اآلخر وحيدث التماسك داخل اجلماعة بواسطة القوى االجيابية اليت‬

‫تتكون من الروابط االجيابية من خمتلف أصناف التوحد‪ ،‬ومن الروابط املوضوعات الليبدية اليت تعمل بدرجات متفاوتة من الشدة‪،‬‬

‫أما العوا مل اليت هتدد متاسك اجلماعة هي متركز لألفراد كل واحد حول ذاته واحنالل الروابط اجلماعية الليبدية والتغيري دون قيد‬

‫عن الدوافع اجلماعية أو العدوانية أو كليهما‪.‬‬

‫إن التوحد هو املفهوم األساس يف مقاربة "فوريد" يف دينامية اجلماعة فاجلماعة األولية طبقا ل «فوريد" هي عدد من األشخاص‬

‫اختذوا نفس الفرد (القائد) منوذجا ومثاال هلم ونظرا الشرتاكهم يف هذا النموذج أو املثال يتوحد كل منهم مع اآلخر وهكذا تتكون‬

‫الروابط االنفعالية بني أعضاء اجلماعة وإذا انقطعت روابط األعضاء مع القائد‪ ،‬احنلت اجلماعة إال إذا اختذت من شخص آخر‬

‫مثاال ومنوذجا‪( .‬مليكة‪ ،1989،‬ص ‪)46‬‬

‫‪ .4‬خصائص دينامية الجماعة‪:‬‬

‫‪ ‬التغري‪Change :‬‬

‫هتيمن على اجلماعة دينامية تنحو هبا اىل التغيري أثناء التكوين أو إعادة التكوين‪ ،‬ويعمل هذا التغري إىل إعادة التوازن‪ ،‬وذلك‬

‫إبعادة توزيع القوى توزيعا يكفل للجماعة االستقرار‪ ،‬ويتخذ التغيري أساليب وطرق خمتلفة يف إعادة االستقرار الكلي أو اجلزئي‪،‬‬

‫‪9‬‬
‫ومن بني هذه األساليب إبعاد بعض األفراد‪ ،‬تغري القادة‪ ،‬إعادة تنظيم األهداف‪ ،‬حتويل الصراع الداخلي إىل صراع خاص بني‬

‫بعض األعضاء‪ ،‬وقد يؤدي التغري كذلك إىل احنالل اجلماعة ذاهتا وذلك عندما تشتد حدة التوتر وختفق اجلماعة يف االستقرار‬

‫الكلي واجلزئي‪) .‬فؤاد‪ ،‬ص ‪.)167-165‬‬

‫االستمرارية‪Continuity :‬‬ ‫‪‬‬

‫إن الدينامية عملية مستمرة يف اجلماعة تبدأ مبثريات واستجاابت يتحول كل منها إىل االخر‪ ،‬فاملثري يتحول إىل مستجيب مث‬

‫يتحول املستجيب إىل مثري بصورة دائرية وهكذا تكتسب الدينامية صفة استمرارية‪.‬‬

‫الطاقة‪Energy :‬‬ ‫‪‬‬

‫إن دينامية اجلماعة توفر طاقة حمركة من خالل األفعال وردود األفعال)‪ ،(Réactions ، Actions‬تنشأ مع بدء تشكل‬

‫اجلماعة فهي مسؤولة عن تكون ومنو وتغري اجلماعة‪ ،‬وهي سالح ذو حدين‪ ،‬إما أن تعمل على منو اجلماعة أو االحنراف هبا‬

‫ويف كلتا احلالتني كلما زادت الطاقة الناجتة عن التفاعل كلما أمكن حتقيق مزيد من التغري‪ ) .‬ضياء‪ ،2000 ،‬ص ‪-276‬‬

‫‪.)281‬‬

‫الكلية ‪Collective :‬‬ ‫‪‬‬

‫إن اجلماعة كل أكثر منها جتمع‪ ،‬واجلماعة ليست جمرد جمموع أفراد‪ ،‬والسلوك االجتماعي لألفراد أثناء التفاعل االجتماعي‬

‫خیتلف عن سلوكهم إذا كانوا فرادى‪ ،‬ويكمن وراء ذلك دينامية اجلماعة واليت أحد خصائصها الكلية‪ ،‬حبيث تصبح اجلماعة‬

‫أكرب من جمموع أفرادها كما أن شخصية اجلماعة ال متثل جمموع شخصيات أعضائها وامنا هي حصيلة تفاعل هذه‬

‫الشخصيات‪( .‬عبد اللطيف‪ ،2021 ،‬ص‪)151‬‬

‫‪ .5‬مستويات دينامية الجماعة‪:‬‬


‫هناك مستويني أساسيني داخلي وخارجي ميثالن ديناميتني خمتلفني للجماعة‪ ،‬ومها دينامية داخلية للجماعة ودينامية خارجية‬

‫للجماعة‪ .‬وذلك طبقا للمعيار األساسي واملتمثل يف القوى النفسية اإلجتماعية ذات التأثري الداخلي واخلارجي‪ ،‬وفيما يلي نوضح‬

‫هذين املستويني‪( .‬ضياء‪ ،2000 ،‬ص‪)289-287‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ ‬الدينامية الداخلية للجماعة‪:‬‬

‫واملقصود هبا كافة العوامل املؤثرة يف الدينامية سواء كانت عوامل سيكولوجية أو اجتماعية‪ ،‬عوامل تتعلق ابألعضاء لكوهنم هم‬

‫األساس التكويين للجماعة‪ ،‬ويؤثرون فيها ويتأثرون هبا‪ ،‬وابلتايل تصبح اخلصائص اإلجيابية أو السلبية من العوامل املؤثرة يف‬

‫الدينامية‪ ،‬ومن أهم هذه العوامل املؤثرة يف الدينامية الداخلية للجماعة مايلي‪:‬‬

‫­ جو اجلماعة‪:‬‬

‫وهو يتضمن احلالة املزاجية للجماعة أو الشعور الذي يتخلل اجلماعة‪ ،‬فاجلماعات اليت يسودها جو الود والتسامح تكون الدافعية‬

‫أكرب للعمل‪ ،‬ويكون هناك شعور ابلرضا‪ ،‬خالص ويصبح األفراد أكثر إنتاجا وتعاوان‪ ،‬وهذا يوفر اجلو الدميقراطي مما يسهل لكل‬

‫فرد االشرتاك يف أنشطة اجلماعة‪ .‬ويف املقابل قد يكون اجلو مشبعا ابخلوف وكاخلوف من التعرض لالستهزاء والسخرية‪ ،‬وقد‬

‫يكون األفراد ال يثقون ببعضهم أو يف دوافعهم او اخالصهم للجماعة وقد يكون اجلو عدوانيا حياول كل عضو النيل من العضو‬

‫اآلخر‪ ،‬وقد يكون اجلو مشبعا ابلالمباالة واإلمهال‪ ،‬وبناء على اجلو الذي يسود اجلماع ستكون حركتها وتفاعل أفرادها وسريها‬

‫حنو أهدافها‪.‬‬

‫­ املشاركة‪:‬‬

‫هي تفاعل الفرد عقليا وانفعاليا يف موقف اجلماعة بشكل يشجعه على املسامهة يف حتقيق أهداف اجلماعة‪ ،‬وقد تكون املشاركة‬

‫رمسية أو غري رمسية‪ .‬وان يف توسيع نطاق املشاركة إثراء للقرارات‪ ،‬ويصبح كل مشارك أكثر اهتماما ابملوقف واجلماعة‪ .‬إن املشاركة‬

‫تدفع الناس إىل التغيري الذي أساسه تفاعل الفرد مع البيئة اإلجتماعية‪ ،‬وتتيح للفرد املشارك فرصة أكرب الكتساب املشاعر ومتكن‬

‫الفرد من معرفة قدرته‪ ،‬وهي أسلوب لتنمية روح املسؤولية بني أعضاء اجلماعة‪ ،‬إن املشاركة هي املبدأ الكامن وراء حتقيق احلياة‬

‫الدميقراطية وتعمل على تنمية عاطفة حتقيق الذات‪ ،‬وتزيد من والء الفرد وانتماءه للجماعة‪.‬‬

‫­ إجراءات الضبط (قوانی اجلماعة)‪:‬‬

‫يقصد إبجراءات الضبط األساليب اليت تتبعها اجلماعة لتدفع أفرادها إىل االلتزام مبعايريها ومبادئها‪ ،‬وقد تعتمد بعض اجلماعات‬

‫على احلوافز واملكافآت يف حني تعتمد أخرى على العقاب‪ ،‬لذا البد من معرفة إجراءات الضبط ومن الضروري تطبيق إجراءات‬

‫الضبط على مجيع أفراد اجلماعة دون متييز‪ .‬لكن البد من األخذ بعني االعتبار أنه ال يوجد التزام اتم ألي معيار اجتماعي‪.‬‬

‫وتتوقف درجة الضبط وفاعليته ابألمهية اليت يعلمها العضو عن اجلماعة ومدى تقلبها له أي كلما كانت اجلماعة مهمة له كان‬

‫‪11‬‬
‫لضوابطها أثر أكرب عليه‪ ،‬وقد يكون سبب احنراف الفرد عن معايري اجلماعة كونه عضو يف مجاعة أخرى أكثر جاذبية ومعايريها‬

‫خمتلفة‪ ،‬فهو ينفذ ويسري على معايري تلك اجلماعة املرجعية األوىل‪.‬‬

‫­ التوحد‬

‫هو أن يشعر الفرد" أنه اجلماعة وأن اجلماعة هو" فإجنازاهتا اجنازاته إخفاقاهتا اخفاقاته‪ ،‬فهو أكثر من الوالء وأكثر من اجلاذبية‬

‫إنه التوحد‪ .‬فيكثر الفرد املتوحد مع اجلماعة من ترديد (حنن) وال يردد (أان) وقد يوجد هذا التوحد يف اجلماعات الكربى‬

‫والصغرى الرمسية وغري الرمسية على حد سواء‪ .‬وهناك عالقة متينة بني التوحد والتماسك وبني التوحد واملشاركة‪ ،‬فالقيام بنشاط‬

‫اجلماعة يعترب مصدرا للتوحد وغالبا ما يكون التوحد تفاعل قوي مصحوب بشحنات انفعالية عالية‪ .‬وكلما زاد توحد أعضاء‬

‫اجلماعة كلما كانت‬

‫ديناميكية اجلماعة عالية وسرعتها حنو حتقيق أهدافها وحتقيق التغيري أكرب‪.‬‬

‫­ دور عضو اجلماعة‪:‬‬

‫حيتل كل عضو يف اجلماعة دورا تبعا لشخصيته وقدراته‪ ،‬فالبعض حيتل مراكز قيادية والبعض حيتل مراكز املساندين والتابعني‪،‬‬

‫ولكي نفهم سلوك العضو يف اجلماعة جيب أن نتعرف على الدور الذي يقوم به‪ .‬وكما أن فهم العضو للدور الذي يقوم به‬

‫وشعوره‬

‫مبدى أمهيته للجماعة حيدد درجة إحساسه‪ ،‬وقد وجد الدارسون أن حتديد الدور بناء على االنتخاب يؤدي إىل إنتاجية أكثر من‬

‫أن يتم ذلك من خالل التعيني‪.‬‬

‫­ حجم اجلماعة‪:‬‬

‫كلما زاد حجم اجلماعة كلما كانت فرصة املشاركة أقل‪ ،‬وتنشأ عن زايدة احلجم العيوب التالية‪ :‬يكثر عدم االتفاق‪ .‬إظهار‬

‫العداء بشكل أكثر حنو اآلخرين‪ .‬ازدايد درجة القلق بني األعضاء والشعور ابلتهديد واإلحباط‪ ،‬قلة املشاركة‪ ،‬وكما أن حجم‬

‫اجلماعة حيد‬

‫من كمية ونوع االتصال‪ ،‬فكلما زاد احلجم كانت العالقات االجتماعية أكثر تعقيدا‪ .‬كما أن زايدة احلجم جيعل اجلماعة متيل‬

‫إىل إجراءات أكثر رمسية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫­ التجانس وعدم التجانس‪:‬‬

‫وجود جتانس بني أعضاء اجلماعة يزيد من فعاليتها‪ ،‬ويساعد على حتقيق التوافق وسرعة الوصول إىل اتفاق‪ .‬وال ميكن الوصول‬

‫إىل جتانس اتم ألنه إذا جتانس األعضاء يف انحية فإهنم خیتلفون يف انحية أخرى‪ ،‬إذ جيب علينا إدراك وجود عدم التجانس يف‬

‫مجيع اجلماعات وهذا ليس عيب فاملهم هو فهم هذه االختالفات وكيفية تطويعها لتحقيق أقصى إنتاجية للجماعة‪ .‬كما تبني‬

‫أن األعضاء الذين يعملون مع بعضهم لفرتة طويلة مييلون ليصبحوا أكثر جتانسا يف امليول واألهداف وعوامل الرضا‪.‬‬

‫­ تقومي اجلماعة‪:‬‬

‫التقومي قوة داخلية فعالة تؤثر يف إنتاجية اجلماعة ومكانتها الدائمة يف اجلماعات‪ ،‬وجيرى التقومي ابستمرار وبطريقة شعورية وال‬

‫شعورية‪ ،‬ويسهم األعضاء أبقصى جهد عندما يرون اجلماعة أتخذ ابلتقومي وتعدل من مسارها‪ ،‬ومن املفيد أن تضع اجلماعة‬

‫نظاما رمسيا للتقومي مما يساعدها يف تصحيح املسار بصورة سريعة‪ ،‬حيث أن التقومي السريع املستمر واألخذ بنتائجه يوفر رضا‬

‫دائما ألعضاء اجلماعة‪.‬‬

‫‪ ‬الدينامية اخلارجية للجماعة‪:‬‬

‫ويقصد هبا أن هناك عوامل خارج نطاق الكيان االجتماعي الداخلي للجماعة تؤثر يف اجملاالت املختلفة اخلاصة ابجلماعة‪،‬‬

‫وتتكون الدينامية اخلارجية اليت هي مؤثرات جديدة غري املؤثرات الداخلية‪ ،‬وذلك ألن اجلماعة ال تعيش يف فراغ اجتماعي‪ ،‬بل‬

‫هناك العديد من املؤثرات اخلارجية اليت هلا انعكاس على التفاعل واحلركة والتغيري داخل اجلماعة‪.‬‬

‫ومن بني هذه املؤثرات نذكر ما يلي‪:‬‬

‫­ اجملتمع احمللي‪:‬‬

‫كل مجاعة هلا مكانة يف اجملتمع احمللي ختتلف عن مجاعة األخرى‪ ،‬ويتم حتديد مكانة اجلماعة ابلنسبة للمجتمع بناءا على موافقة‬

‫أهدافها ووسائلها لقيم اجملتمع‪ .‬ويرتبط دور اجلماعة ابملكانة اليت حتتلها يف اجملتمع أو مبا يتوقعه اجملتمع منها‪ ،‬كما قد تتنافس‬

‫مجاعتان أو أكثر لتأخذ مكانة اجتماعية معينة‪.‬‬

‫­ املؤسسات املوجودة يف اجملتمع‪:‬‬

‫عندما تضع مؤسسات اجملتمع سياسات عامة معينة خلدمة املصلحة الوطنية وال تقبل اجلماعة احمللية ذلك تقبال اتما‪ ،‬حينها‬

‫تواجه العزلة االجتماعية وختاطر مبكانتها يف اجملتمع‪ ،‬لذا البد من التكيف بني قيم اجلماعة وبني املؤسسات الرئيسة‪ .‬إن اعتبار‬

‫‪13‬‬
‫اجلماعة جزءا متكامال للمجتمع احمللي ميثل قوة دائمة التأثري يف نشاطها وسلوكها‪ ،‬لذا البد من فهم قيم واجتاهات اجملتمع احمللي‬

‫ومؤسساته‪.‬‬

‫­ ارتباط أعضائها بعضوية مجاعات أخرى‪:‬‬

‫يشرتك الفرد عادة بعضوية عدة مجاعات‪ ،‬فهو عضو يف األسرة وعضو يف مجاعة األصدقاء وهو كذلك عضو يف االحتاد أو‬

‫النادي أو النقابة‪ .‬فمشاركة الفرد يف أي مجاعة من اجلماعات تبىن بناءا على تقوميه ألمهيتها النسبية ومدى جدارة ومدى توافقها‬

‫مع من اجلماعات تبىن بناء اهتماماته وأهدافه‪ ،‬ألن كل فرد يرغب يف حتقيق األمن والتقدير واالستفادة ابجلديد من‬

‫اخلربات‪ ،‬فاجلماعة اليت تليب له ذلك بشكل أكرب ينتمي هلا بشكل أكرب‪.‬‬

‫‪ .6‬العوامل المؤثرة في حدوث دينامية الجماعة‪:‬‬

‫‪ ‬أهداف اجلماعة ‪:Objectives of the Community‬‬

‫إن اتفاق اجلماعة على هدف معني إمنا يزيد من متاسكها‪ ،‬أما اهلدف الذي ال يتفق عليه اجلماعة وخیتلفون عليه فإنه يضعف‬

‫من متاسك اجلماعة‪ ،‬إن األهداف السهلة تقوم اجلماعة بتحقيقها دون بذل جهد كبري ويكون أتثريها على اجلماعة حمدودا‪ ،‬أما‬

‫األهداف اليت تكون يف متناول اجلماعة ولكن حتقيقها يستدعي بذل جهود كبرية فإن هذه األهداف تعمل على حتريك اجلماعة‬

‫بدرجة أكرب‪ ،‬وابلتايل يؤدي هذا إىل تعاون اجلماعة لتحقيق هذه األهداف‪( .‬سلمى‪ ،1998 ،‬ص ‪)162‬‬

‫‪ ‬خصائص أعضاء اجلماعة ‪:Properties of Membres of the Group‬‬

‫تتأثر شخصية الفرد يف اجلماعة من خالل الدينامية الدائرة فيها‪ ،‬كما تؤثر هذه الشخصية ابلتايل على دينامية اجلماعة ويظهر‬

‫ذلك يف صور سلوكية مثل‪ :‬الكبح والتعويض والتقمص واإلسقاط والتحويل‪ ،‬وكلما زاد جتانس أعضاء اجلماعة من حيث‬

‫اخلصائص اجلسمية والعقلية واالجتماعية واالقتصادية كلما دعا ذلك إىل متاسك اجلماعة‪ ،‬وتتأثر دينامية اجلماعة أيضا ابخلربات‬

‫اجلماعية السابقة لألعضاء يف جماالت غري جمال األسرة‪ ،‬فإذا كان العضو قد انضم جلماعات معينة واكتسب خربات مجاعية‬

‫انجحة‪ ،‬كان أتثريه يف حياة اجلماعة أتثريا اجيابيا وابلعكس إذا كانت خرباته اجلماعية السابقة سيئة‪( .‬ضياء‪ ،2000،‬ص ‪)298‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ ‬قيم الجماعة ‪:Community Values‬‬

‫إن "نظام القيم "‪ Values System‬للجماعة يؤثر بال شك يف متاسكها ‪ ،‬فإذا كانت قيم اجلماعة متعارفا عليها كانت‬

‫اجلماعة متماسكة أما إذا اختلفت القيم داخل اجلماعة ومل تستطع اجلماعة على وضع قيم معينة‪ ،‬فإن ذلك يؤدي إىل تفكك‬

‫اجلماعة‪ ،‬إن قيم اجلماعة مهما كانت خمالفة لقيم اجملتمع فإهنا تدفع اجلماعة إىل التماسك واىل الشعور بفرديتها‪ ،‬ولذلك فإن‬

‫على القائد أن يعمل على حتديد نظام القيم اخلاص هبا على أن تكون هذه القيم مرغوب فيها ومتفق عليها‪ ،‬وتسعى كل مجاعة‬

‫إىل صياغة جمموعة من القيم االجتماعية اليت حتدد اإلطار العام لنشاط اجلماعة وكلما ارتبطت هذه القيم ابإلطار القيمي‬

‫للمجتمع كلما أدى ذلك إىل متاسك اجلماعة وزايدة فاعليتها‪ ،‬بينما إذا تعارضت مع قيم اجملتمع يؤدي ذلك إىل صراع الذي‬

‫يؤثر سلبا على متاسك اجلماعة‪( .‬سلمى‪ ،1998 ،‬ص ‪)162‬‬

‫‪ ‬اهليكل املادي للجماعة ‪:Physical structure of the Group‬‬

‫كلما كان املكان الذي تشغله اجلماعة كبريا ومرتامي األطراف كلما كان متاسكها أقل‪ ،‬بينما إذا كان املكان أو احليز املادي‬

‫صغريا كمدرسة أو ملعب مثال كان التماسك أقوى ونالحظ ذلك أثناء عقد االجتماعات أو جتليس التالميذ داخل الصفوف‬

‫الدراسية فإذا كان شكل اجللوس على شكل حرف "‪ "U‬أو يف شكل دائري كان التفاعل قواي بني األعضاء املكونني هلذا اجمللس‬

‫أما إذا كانت اجلماعة منعقدة على صفوف متوازية فإن تفاعلها يكون أقل‪ ،‬إن مواجهة األعضاء لبعضهم البعض ماداي يرفع من‬

‫معدل اتصاهلم وابلتايل يؤثر يف دينامية التفاعل احلاصل بينهم‪ ،‬زايدة على الظروف الفيزيقية اجليدة كاإلضاءة والتهوية والبعد على‬

‫الضوضاء‪( .‬ضياء‪ ،2000،‬ص ‪)212‬‬

‫‪ ‬اجملتمع اخلارجي للجماعة ‪:Community Outside of the Group‬‬

‫ليست اجلماعة وحدة منفصلة‪ ،‬كما أهنا ال تعيش يف فراغ ولكن اجلماعة جزء من جمتمع أكرب يتضمن مجاعات خمتلفة‪ ،‬ولذلك‬

‫فال ميكن أن نتجاهل اجملتمع اخلارجي للجماعة‪ ،‬فكلما زاد تقبل اجملتمع اخلارجي للجماعة كلما كان ذلك سبيال إىل علو مكانة‬

‫اجلماعة‪ ،‬وابلتايل تزيد جاذبية اجلماعة لألفراد‪ ،‬فيزيد تبعا لذلك متاسكها وكلما كانت اجلماعة على اتصال دائم ابجملتمع اخلارجي‬

‫فإن ذلك يكسبها خربات تساعدها على نضجها وفاعليتها مث يزداد معدل منوها فيزداد متاسكها‪ .‬إن أهداف اجلماعة تشتق‬

‫غالبا من أهداف اجملتمع‪ ،‬فاجملتمع يساعد اجلماعة على حتديد أهدافها وابلتايل يوفر هلا اإلمكانيات على حتقيق تلك األهداف‪،‬‬

‫وان مل تستطع اجلماعة وحدها حتقيق أهدافها تسعى إىل اجلماعات اجملاورة لتحقيق األهداف يف إطار التعاون اخلارجي والذي‬

‫‪15‬‬
‫يزيد قوة الرواب اليت تربط اجلماعات مع بعضها البعض‪ ،‬وهذا من شأنه أن يؤثر على الدينامية الداخلية للجماعة بواسطة دينامية‬

‫خارجية متمثلة يف مجاعات اجملتمع اخلارجي‪( .‬سلمى‪ ،1998 ،‬ص ‪)162‬‬

‫القيادة داخل اجلماعة ‪:Leadership in the group‬‬ ‫‪‬‬

‫إن جناح القيادة بوجه عام يف رفع معدل التماسك داخل اجلماعة مهما كانت األمناط املمارسة داخل اجلماعة يتوقف على مدى‬

‫إشباع حاجات األعضاء األساسية‪ ،‬ومهما كانت كفاءة القائد فإنه ال ميكنه إشباع كافة احلاجات النفسية واالجتماعية‬

‫واالقتصادية والوجدان ية‪ ،‬ولذلك فال مفر من تقبل القائد بوجود مشاعر عدائية موجهة ضده‪ .‬رغم هذا فإن يف اجلماعات ذات‬

‫اخلربات اجلماعية املنحرفة أو اجلماعات ذات اخلربات اجلماعية القليلة يكون االرتباط ابلقائد هو املفهوم السياسي لتماسك‬

‫اجلماعة‪ ،‬حيث تكون اجلماعة غري قادرة على إقامة ُمثل عليا مشرتكة وابلتايل يكون القائد هو موضوع متاسك اجلماعة وحمرك‬

‫لديناميتها‪ ،‬أي حيل حمل "األان األعلى" حسب مقاربة" فوريد" لدينامية اجلماعة‪ .‬ويبقى معرفة القائد للسلوك اإلنساين عامة‬

‫والسلوك الفردي داخل اجلماعة خاصة مطلوابن للقيام بدوره وحتقيق األهداف املطلوبة‪ ،‬ولفهم مجاعته وديناميتها الداخلية‬

‫واخلارجية‪( .‬ضياء‪ ،2000،‬ص ‪)325‬‬

‫‪ ‬بناء اجلماعة ‪:Structure of the Group‬‬

‫نعين ابلبناء اجلماعي طبيعة اخلصائص اليت متر هبا اجلماعة يف مراحل بنائها وتطورها وأثر ذلك على ديناميتها‪ ،‬فعندما تبدأ‬

‫اجلماعة يف التجمع حول فكرة أو نشاط أو ممارسة غالبا ما توصف العالقات ابلفردية‪ ،‬كل له رغباته الشخصية حىت لو كان‬

‫هناك هدف عام معلن للجماعة‪ ،‬ويف مرحلة تكوين بناء اجلماعة تنم العالقات بني األفراد إال أنه رغم توطدها فتبقى معرفة‬

‫األعضاء ببعضهم البعض غري وثيقة ويبقى األعضاء يف مواقف اتكالية على القيادة‪ ،‬و أتخذ استجابة كل فرد من اجلماعة يف‬

‫املواقف االجتماعية اليت مير هبا شكال مغايرا إما التقبل أو الرفض أو التجاهل‪ ،‬وهذا يؤدي إىل بداية تكوين بناء اجلماعة‪ ،‬أما‬

‫ابلنسبة ملرحلة االستقرار فتوثق عالقات األعضاء ببعضهم البعض و أيخذ التفاعل الدائري شكال مجاعيا على درجة كبرية من‬

‫التماسك ‪ ،‬وهلذا فإن التفاعالت ذات الطابع االستقراري تعطي الشكل املميز للبناء االجتماعي للجماعة ومن خالله تربز‬

‫املكاانت واألدوار وهذا من شأنه خلق دينامية داخل اجلماعة واليت بدورها تعيد توزيع األدوار واملكاانت أو اضمحالهلا وتفككها‪.‬‬

‫(ضياء‪ ،2000،‬ص ‪)295‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ ‬الضبط االجتماعي ‪:Social control‬‬

‫يستخدم مصطلح الضبط االجتماعي لإلشارة إىل أساليب حتقيق امتثال اجلماعة لتوقعات األعضاء‪ ،‬وتوافر الضبط االجتماعي‬

‫داخل اجلماعة يؤدي إىل زايدة التفاعل االجتماعي ابجلماعة والعكس صحيح ‪ ،‬وأيخذ الضبط صورا متعددة‪ ،‬فقد يكون مكافأة‬

‫تقدير للعضو أمام اجلماعة أو صورة عقاب يوقع على العضو املنحرف على معايري اجلماعة‪ ،‬فممارسة الضبط االجتماعي خیلق‬

‫دينامية للجماعة يتم من خالهلا االلتزام بتحقيق األهداف ومن أهم القواعد اليت تساعد على زايدة قدرة الضبط االجتماعي‬

‫داخل اجلماعة إدراك أعضائها للمعايري االجتماعية السائدة داخل اجلماعة ومستوايهتا والتعرف على وسائل الضبط االجتماعي‬

‫داخل اجلماعة مما يوجب عدم فرض هذه الوسائل خارج اجلماعة‪ ،‬وابلتايل يعترب الضبط االجتماعي أحد ميكانزمات دينامية‬

‫اجلماعة املوجهة‪ .‬ومن خالل التعرف على أهم العوامل املؤثرة يف دينامية اجلماعة‪( .‬ضياء‪ ،2000 ،‬ص ‪)315‬‬

‫‪ ‬متاسك اجلماعة‪:‬‬

‫يشري متاسك اجلماعة إىل درجة حرص أعضائها على االنتماء إليها واالستمرار فيها‪ ،‬ويعرف التماسك أيضا أبنه" حمصلة‬

‫القوى اليت متارسها اجلماعة لكي حتافظ على عضوية أفرادها ‪.‬والواقع أن درجة متاسك اجلماعة تتحدد يف ضوء عدة متغريات‬

‫النفسية واالجتماعية ومن أمهها نذكر‪:‬‬

‫­ شعور أعضاء اجلماعة ابلتجاذب واحلب حنو بعضهم البعض‪.‬‬

‫­ قدرة اجلماعة على حتقيق األھداف اخلاصة ألعضائها‪.‬‬

‫­ الشعور ابلتهديد املشرتك‪ ،‬أو اخلوف من عدو خارجي‪.‬‬

‫ويؤثر متاسك اجلماعة أتثريا ملحوظا يف خمتلف أبعاد وجوانب اجلماعة ومن أمهها اجلوانب التالی‪:‬‬

‫­ التفاعل االجتماعي بني األشخاص‪ :‬فيالحظ أنه كلما زادت جاذبية اجلماعة ومتاسكها تزايدت معدالت التفاعل‬

‫االجتماعي الودي بني أعضائها‪ ،‬كما ميكن أن حتل اخلالفات والصراعات القائمة بينهم بسهولة‪.‬‬

‫­ التأثري االجتماعي‪ :‬حيث متارس اجلماعة املتماسكة أتثريا أكرب يف سلوك أعضائها‪ ،‬يتجلى يف حرصهم على االمتثال‬

‫ملعايريها وااللتزام ابلقواعد اليت تفرضها بتنظيم سلوكهم‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫­ الشعور ابلسعادة والرضا‪ :‬حيث يشعر أعضاء اجلماعات املتماسكة بقدر كبري من السعادة والرضا عن أنفسهم ألعضائها‬

‫وتقدمي املساندة النفسية هلم يف أوقات الشدائد‪.‬‬

‫­ إنتاجية اجلماعة‪ :‬على الرغم من أن اجلماعة املتماسكة قد ال تكون ابلضرورة افصل من اجلماعة غري املتماسكة من حيث‬

‫كم الوحدات اإلنتاجية‪ ،‬إال أن اغلب الدراسات‪ ،‬توضح أن اجلماعة املتماسكة تفوق غريها من حيث جودة اإلنتاج‪.‬‬

‫­ بناء اجلماعة الصغرية‪ :‬يتفاوت األفراد تفاوات كبريا يف أية مجاعة سواء أكانت صغرية آو كبرية‪ ،‬حيث مييزون خبصال نفسية‬

‫فردية‪ ،‬ومن املمكن أن تتضح الفروق الفردية بينهم من حيث نشاطاهتم‪ ،‬أو جاذبيتهم أو قدراهتم القيادية‪ ،‬أو قوهتم‬

‫االجتماعية أو قدرهتم على التواصل مع بقية أعضاء اجلماعة وتتباين اهتمامات األفراد داخل اجلماعة أيضاـ فريكز بعضهم‬

‫على اجناز أعماهلم‪ ،‬بينما يبدي اآلخرون اهتماما كبريا بقضاء أوقات لطيفة مع زمالئهم‪ ،‬وتتسم هذه البياانت ابالستقرار‬

‫واالستمرار عرب فرتات زمنية طويلة‪.‬‬

‫وتتمثل هذه البياانت أو الفروق بني أعضاء اجلماعة ما نقصده مبصطلح بناء اجلماعة وهو ما ميكن أن نعرفه أبنه منط‬

‫العالقات الثابت نسبيا بني األجزاء املتمايزة للجماعةـ فعلى سبيل املثال يشري" البناء القيادي "إىل تدرج السلطة يف اجلماعة‪،‬‬

‫والفروق بني األفراد يف قدرهتم على تلقي نقل املعلومات‪ ،‬ذلك الن هناك دوافع للجماعة تدخل يف أو تتدرج حتت بناء‬

‫اجلماعة بوجع عام وابلتايل فعندما نتحدث عن بناء اجلماعة فإننا نقصد احملصلة النهائية هلذه األبنية الفرعية مجيعا‪( .‬الواقي‪،‬‬

‫‪ ،2014‬ص‪(114-113 :‬‬

‫‪ ‬اجملاراة االجتماعية‪:‬‬

‫يقصد ابجملاراة ميل الفرد إىل االنصياع للضغوط االجتماعية‪ ،‬اليت متارسها اجلماعة عليه‪ ،‬آو هي صورة السلوك واالجتاهات اليت‬

‫تفرضها املعايري واألدوار واألعراف االجتماعية‪ ،‬وتقاس اجملاراة االجتماعية لتقدير مدى تغري الفرد لسلوكه أو معتقداته وأحكامه‬

‫عند تعرضه لضغوط اجلماعة‪ ،‬ويقصد ابلضغط االجتماعي العمليات اليت تفرض من خالهلا أتثريها على الفرد كي جيازي‬

‫معايريها ‪ ،‬ومن أساليب الضغط االجتماعي‪ ،‬التهديد مبمارسة النفوذ ومنها أيضا املتطلبات اليت تفرضها اجلماعة على‬

‫الشخص‪ ،‬وتوقعاته لسلوكه ويفرق بعض الباحثني بني اإلذعان والتقبل اخلاص‪ ،‬فيسري اإلذعان إىل إصدار الفرد لسلوك الذي‬

‫ترغبه اجلماعة بدون التقبل الداخلي من جانبه‪ ،‬أو دون اقتناع مبعتقدات واجتاهات اجلماعة‪ ،‬وتكون اجملاراة هنا خشية التعرض‬

‫‪18‬‬
‫للتهديد أو العواقب السلبية للمخالفة ‪،‬أما التقبل اخلاص فيتضمن اجملاراة اإلدارية‪ ،‬بقدر كبري من الرضا الداخلي‪،‬حيث يغري‬

‫الفرد اجتاهاته ومعتقداته حىت تتواءم مع اجتاهات ومعتقدات مجاعته‪.‬‬

‫‪ ‬القوة االجتماعية‪:‬‬

‫ميكن تعريف القوة االجتماعية أبهنا قدرة أحد األشخاص ابلتحكم يف شخص أخر أو التأثري فيه بطريقة ما‪ ،‬ويقاس مقدار‬

‫هذا التأثري بدرجة التغري أو التعديل الذي يطرأ على أي جانب من جوانب اجملال النفسي للشخص الثاين‪ ،‬والذي ميكن أن‬

‫يتضمن السلوك واالجتاهات‪ ،‬األهداف واحلاجات‪ ،‬القيم نتيجة ملمارسة القوة االجتماعية‪.‬‬

‫‪ ‬مستوى طموح اجلماعة‪:‬‬

‫يدل مستوى طموح اجلماعة على املعيار الذي يقيم به أعضائها ومدى جناحهم أو فشلهم يف اجناز مهمة معينة‪ ،‬أو هو‬

‫مستوى األداء الذي يتوقعه األفراد ألنفسهم وهم بصدد اجناز مهمة معينة‪.‬‬

‫‪ .7‬تأثير الجماعة على سلوك الفرد ‪:‬‬

‫‪ ‬أتثري تعليم األفراد والسرعة اليت يتعلمون هبا والطريقة اليت حيلون هبا مشكالهتم بواسطة اجلماعات اليت ينتمون اليها ويشرتكون‬

‫يف حياهتا اجلماعية وكلما زاد اشرتاكهم يف احلياة اجلماعية كلما زادت خرباهتم‪.‬‬

‫‪ ‬تؤثر اجلماعة على تكوين اجتاهات الفرد وكذلك على اسلوب اجتاهاته للمواقف االجتماعية املختلفة‪ ،‬فقد ميكن التنبؤ‬

‫بسلوك الفرد نتيجة الستجاابته للمواقف املتماثلة عند تكرارها‪.‬‬

‫‪ ‬تؤثر اجلماعة على درجة طموح الفرد وكفاحه‪ ،‬فأهداف الفرد تعتمد كثريا على مستوايت اجلماعات اليت ينتمي اليها‪ ،‬كما‬

‫أن حتقيق هذه األهداف يرتبط أيضا ابلطريقة اليت تتخذها اجلماعة يف حتقيق أهدافها‪( .‬لويس كامل مليكة ‪ ،1898‬ص‬

‫‪.)125‬‬

‫‪ ‬تعمل اجلماعة على تعديل عادات الفرد يف أثناء أتديته لعمله ويف أثناء حياته العادية‪ ،‬فالطريقة اليت يعمل هبا األفراد حتدد‬

‫اىل حد كبري بواسطة اجلماعات اليت ينتمون اليها‪.‬‬

‫‪ ‬للجماعة أتثري قوي على إدراك الفرد لنفسه والدور الذي يقوم به يف مواقف معينة ومن مث يستطيع أن يدرك ويفهم االخرين‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ ‬تزود اجلماعة األفراد ابلقوى السيكولوجية اليت تساعدهم على التعبري عن مشاعرهم االجيابية والسلبية يف املواقف االجتماعية‬

‫ليت يواجهوهنا يف حياهتم‪ ،‬ويظهر ملحوظ عندما يطلب من الفرد أن يتقبل أو يتكيف لبعض التغريات يف مثل هذه املواقف‪.‬‬

‫(حممد مصطفى زيدان ‪ ،1896‬ص ‪.)95‬‬

‫‪ ‬تؤثر اجلماعة دائما على ما خیتاره األفراد يف مواقف املفاضلة واالختبار‪ ،‬فاجلماعة أمهية ابلغة يف هذا اجملال ألن اختيار الفرد‬

‫لشيء معني أو ملوضوع يتوقف على قيمته ومبادئه املكتسبة صورها النهائية من اجلماعة‪.‬‬

‫‪ ‬للجماعة أتثري مؤكد على سرعة الفرد ودقته وانتاجه يف العمل‪.‬‬

‫‪ ‬تضع اجلماعة احلدود لدوافع الفرد اىل السلطة والنفوذ‪ ،‬كما أهنا الذي ال مناص منه بني سلطتهم وحاجاهتم لالعتماد على‬

‫الغري والذي تساعد األفراد على اجياد حلول للصراع هو من طبيعة احلياة االجتماعية‪( .‬مسلم حممد ‪ ،2221‬ص ‪.)145‬‬

‫‪ .8‬أهمية دراسة دينامية الجماعة‪:‬‬

‫‪ ‬التعرف على التفاعالت املختلفة داخل اجلماعة وعلى املثريات الصادرة من بعض األعضاء واليت يستجيب هلا أعضاء‬

‫آخرون يف السلب واإلجياب‪.‬‬

‫‪ ‬معرفة املشكالت اليت تواجهها اجلماعة واقرتاح حلوال هلا واليت قد أتخذ شكل برامج إرشادية أو تدريبية أو عالجية‪.‬‬

‫‪ ‬معرفة أهم العوامل املؤثرة يف منو وتطور اجلماعة‪.‬‬

‫‪ ‬معرفة مرحلة التغيريات الطارئة على أعضاء اجلماعة بفعل عوامل السن والنضج واملستوى التعليمي واملادي وغريها‪.‬‬

‫‪ ‬بث بعض القيم واملعايري اليت تساعد على إمناء اجلماعة وتطورها‪.‬‬

‫‪ ‬اإلهتمام مبعرفة ميول وحاجات ورغبات وأهداف األعضاء ومساعدهتم على حتقيقها مبا يتماشى وأهداف اجلماعة‪.‬‬

‫‪ ‬متكن األخصائي من اكتشاف قدرات وإمكانيات األعضاء‪.‬‬

‫‪ ‬معرفة طبيعة الشخصيات ألعضاء اجلماعة السوية منها واملرضية والشاذة واملتسلطة والتابعة واحملبوبة اليت تساعد يف بعث‬

‫جو التعارف مبا ميكن من معاجلة السلبية وتطوير اجلوانب اإلجيابية‪.‬‬

‫‪ ‬متكن من تعديل أهداف واسرتاتيجيات اجلماعة لتقابل احتياجات ومصاحل أعضائها املتطورة‪.‬‬

‫‪ ‬الكشف على القيادة داخل اجلماعة والعمل على تدريبها وتنميتها مبا حيقق األهداف‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ ‬الكشف على اجلماعات الفرعية واملندرجة داخل اجلماعة والعمل على استخدامها مبا يزيد من متاسك اجلماعة وقدرهتا‬

‫على التأثري‪.‬‬

‫‪ ‬التعرف على أمناط االتصال داخل اجلماعة سواء كانت رمسية أو غري رمسية‪( .‬جابر‪ ،2007 ،‬ص‪)10:‬‬

‫‪ .9‬مجاالت استخدام دينامية الجماعة‪:‬‬


‫تتعدد جماالت استخدام ديناميكية اجلماعة لتسع خمتلف امليادين اليت هتتم ابلعالقات التفاعلية وخمتلف الظواھر النفسية‬

‫واالجتماعية اليت تنتجها اجلماعة من تواصل وأتثري وأدوار ومعايري اجتماعية وغريها‪ ،‬كما أهنا هتتم ببناء املهارات وتغيري االجتاهات‬

‫لدى أفراد اجلماعة هبدف حتسني األداء‪ ،‬والرفع من املردودية ومن مثة ميكن القول ابن دينامية اجلماعة تتشكل نقطة تقاطع بني‬

‫العديد من التخصصات مثل علم النفس االجتماعي الذي يهتم بدراسة الوظائف النفسية والعالقات الشخصية يف تفاعلها‬

‫ضمن إطار اجتماعي معني لرصد مدى أتثري اجلماعة يف سلوك األفراد واجتاهاهتم وكذلك علم النفس املرضي ضمن إطار‬

‫اجتماعي معني لرصد مدى أتثري اجلماعة يف سلوك األفراد واجتاهاهتم وكذلك علم النفس وكذلك علم النفس املرضي الذي‬

‫يهدف إىل إعادة إدماج املرضى يف عالقات إنسانية واجتماعية سوية‪ ،‬حيث يشكل العالج ابلدراما النفسية أو العالج النفسي‬

‫املؤسسي أحد الوسائل اليت تعتمد على عمليات التفاعل بني املرضى واملؤسسات االستشفائية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى قيام‬

‫املرضى ابألدوار داخل اجلماعة يعربون من خالهلا عن معاانهتم النفسية‪ ،‬مما يتيح للطبيب املعاجل إمكانية حتليل الدور الذي يقوم‬

‫به املريض و تشخيصه هبدف العالج‪ .‬ومن جهتها أيضا أتت الدراسات اليت أجريت حول املؤسسات الصناعية على يد كل من‬

‫إلتون مايو واتيلور وفوست أمهية العالقات اإلنسانية بني رب املصنع والعاملني به‪ ،‬أو بني العمال أنفسهم يف حتديد حسن أو‬

‫سوء التوافق املهين ودوره يف التأثري على أداء العمال ومردوديتهم لكن جماالت االهتمام بدينامية اجلماعة ال تقف عند هذه‬

‫احلدود بل تعداها إىل جماالت تربوية تطبيقية‪( .‬آمال‪ ،2019،‬ص‪)67‬‬

‫‪21‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫تعترب ديناميكية اجلماعة املوجه العام للمارس العيادي مستقبال‪ ،‬إذ توجهه إىل معرفة خمتلف التفاعالت السلوكية اليت تتم ويتفاعل‬

‫ضمنها األفراد وتدرس ديناميكية اجلماعة خمتلف التفاعالت اليت تتم بني األفراد كوسيلة تشخيصية وكمنهج للعالج‪ ،‬فأغلب‬

‫التجارب بينت ان العمل بدون مشاركة فعالة تؤدي إىل عرقلة العمل ككل‪ ،‬خاصة يف امليدان العيادي‪ ،‬فإذا كان تفاعل األفراد‬

‫غري مريح نفسيا هذا بدوره يؤثر على الكفالة النفسية للمريض النفسي‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪ ‬مراجع ابللغة العربية‪:‬‬

‫­ فؤاد هبي السيد‪ ،‬سعد عبد الرمحان ‪ ،2022‬علم النفس االجتماعي‪ ،‬رؤية معاصرة‪ ،‬دار الفكر العريب القاهرة‪.‬‬

‫­ ضياء ابراهيم جنم ‪ ،2022‬اجلماعات االجتماعية مداخل نظرية ومواقف تطبيقية‪ ،‬املكتبة اجلامعية األزاريطة القاهرة‪.‬‬

‫­ عبد اللطيف حممد خليفة ‪ ،2021‬مقدمة يف ديناميات اجلماعة‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫­ لويس كامل مليكة ‪ ،1898‬سيكولوجية اجلماعات والقيادة‪ ،‬جزء ‪ ،21‬طبعة‪ ،21‬اهليئة املصرية للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫­ حممد مصطفى زيدان ‪ ،1896‬علم النفس االجتماعي‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬

‫­ مسلم حممد ‪ ،2021‬مقدمة يف علم النفس االجتماعي‪ ،‬طبعة‪ ،21‬دار قرطبة للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬

‫­ ضياء إبراهيم جنم‪ ،2000 ،‬اجلماعات االجتماعية مداخل نظرية ومواقف تطبيقية‪ ،‬املكتبة اجلامعية األزاريطة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫­ بوعيشة آمال‪ ،2019/2020 ،‬حماضرات علم النفس املرضي اإلجتماعي‪ ،‬ماسرت ‪ 2‬علم النفس العيادي‪ ،‬جامعة بسكرة‪،‬‬

‫اجلزائر‪.‬‬

‫­ زندوح زينة‪ ،2019 ،‬حماضرات علم النفس املرضي اإلجتماعي‪ ،‬ماسرت ‪2‬علم النفس العيادي‪ ،‬جامعة سكيكدة‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬

‫­ ميزونوف‪ ،‬جان‪ .)1892( .‬دينامية اجلماعات‪( .‬ترمجة فريد أنطونيوس‪ ،‬طبعة ‪ .)22‬منشورات عويدات‪.‬‬

‫­ لويس كامل‪ ،‬مليكة‪ .)1998( .‬سيكولوجية اجلماعات والقيادة‪( .‬طبعة ‪ ،21‬جزء ‪ .)21‬اهليئة املصرية للكتاب‪.‬‬

‫­ آيت موحى‪ ،‬حممد‪ .)2005( .‬دينامية اجلماعة الرتبوية‪( .‬طبعة ‪ .)21‬منشورات عامل املعرفة‪.‬‬

‫­ حممود مجعة‪ ،‬سلمى‪ .)1998( .‬ديناميكية طريقة العمل مع اجلماعات‪ .‬املكتب اجلامعي احلديث‪.‬‬

‫­ جنم‪ ،‬ضياء إبراهيم‪ .)2000( .‬اجلماعات االجتماعية مداخل نظرية ومواقف تطبيقية‪ .‬املكتبة اجلامعية األزاريطة القاهرة‪.‬‬

‫جابر عوض سيد حسن (‪ :)2007‬العمل مع اجلماعات أسس ومناذج نظرية‪ ،‬ط‪ ،7‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.‬‬ ‫­‬
‫‪ ‬مراجع ابللغة األجنبية‪:‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪Faucheux, Ci. (2009). La dynamique de groupe. L’année psychologique, 57 (2),‬‬


‫‪425- 440.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Gosling, P. (1996). Psychologie sociale : l’individu et le groupe. Paris : Bréal.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Michel, A. (2001). Dynamique de groupe. In A. Michel (Eds.), dictionnaire de la‬‬
‫‪psychanalyse. Paris : Encyclopaedia universalis.‬‬

‫‪23‬‬

You might also like