You are on page 1of 8

‫بحث حول انقضاء االلتزام (انقضاء االلتزام بتنفيذه – الوفاء)‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬انقضاء االلتزام بتنفيذه – الوفاء (م ‪ 258‬إلى ‪ 284‬مدني)‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الوفاء وأطرافه‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الوفاء‬
‫الفرع الثاني – أطراف الوفاء‬
‫أوال – الموفى‬
‫ثانيا – الموفى له‪:‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬محل الوفاء‬
‫المطلب الثالث‪ :‬زمان ومكان الوفاء‬
‫المطلب الخامس‪ :‬آثار الوفاء‬
‫أوال – تعيين جهة الدفع (أو حالة تعدد الديون التي من جنس واحد ولدائن واحد)‬
‫ثانيا – الوفاء مع الحلول‬
‫أ) الحلول القانوني‪:‬‬
‫ب) الحلول اإلتفاقي‪:‬‬
‫ج) آثار الحلول‪:‬‬
‫المرجع‪:‬‬
‫انقضاء االلتزام (انقضاء االلتزام بتنفيذه – الوفاء)‬
‫انقضاء االلتزام‬
‫المحاضرة ‪ :2‬انقضاء االلتزام بما يعادل تنفيذه‬
‫المحاضرة ‪ :3‬انقضاء االلتزام دون الوفاء به‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫االلتزام أو الحق الشخصي مآله االنقضاء‪ ،‬إذ ال يمكن للحق الشخصي أو االلتزام أن يكون‬
‫أبديا والنقضاء أسبابا يمكن تصنيفها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬فقد ينقضي االلتزام بتنفيذه‪ ،‬وفي هذه الحالة نجد سبب االنقضاء الوفاء‪.‬‬
‫‪ -‬وقد ينقضي االلتزام عن طريق الوفاء بشيء آخر يقوم مقام الوفاء األصلي ‪ ،‬وأسباب‬
‫االنقضاء هنا هي الوفاء‪ ،‬والتجديد‪ ،‬و اإلنابة في الوفاء‪ ،‬والمقاصة واتحاد الذمة‪.‬‬
‫‪ -‬وقد ينقضي االلتزام دون الوفاء به أصال ونجد في هذه الحالة اإلبراء و استحالة التنفيذ‬
‫والتقادم المسقط‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬انقضاء االلتزام بتنفيذه – الوفاء (م ‪ 258‬إلى ‪ 284‬مدني)‬
‫لإلحاطة بالوفاء‪ ،‬يجب تعريفه ثم بيان أطرافه وأخيرا محله‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الوفاء وأطرافه‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الوفاء‬
‫الوفاء بااللتزام هو نفسه التنفيذ العيني لاللتزام‪ ،‬والوفاء بهذا تصرف قانوني‪ ،‬بل هو عقد بين‬
‫الدائن والمدين على إنهاء االلتزام عن طريق هذا التنفيذ العيني‪ ،‬ويجب في الوفاء‪ ،‬باعتباره‬
‫تصرف قانوني‪ ،‬أن تتوفر في من يقوم به أهلية التصرف وأن تكون إرادته غير مشوبة بعيب‬
‫من عيوب اإلرادة المعروفة‪.‬‬
‫وإذا كان الوفاء يترتب عليه أن تبرأ ذمة المدين من الدين بصفة نهائية‪ ،‬فإنه أحيانا قد يتولى‬
‫هذا الوفاء أجنبي‪ ،‬مما يترتب عليه انقضاء دين الدائن‪ ،‬لكن يبقى المدين مدينا لهذا األجنبي‪،‬‬
‫على اعتبار أن األخير يحل محل الدائن في دينه الذي كان له تجاه المدين‪ ،‬ولهذا السبب تجب‬
‫التفرقة بين الوفاء البسيط والوفاء مع الحلول‪.‬‬
‫الفرع الثاني – أطراف الوفاء‬
‫للوفاء طرفان هما الموفى والموفى له‪.‬‬
‫أوال – الموفى‬
‫أ) شروط الموفى‪:‬‬
‫يشترط في الموفى – متى كان الوفاء عبارة عن نقل ملكية شيء – أن يكون مالكا للشيء‬
‫الذي يوفي به‪ ،‬وإال جاز للدائن أن يبطل ذلك الوفاء قياسا على حق المشتري في إبطال بيع‬
‫ملك الغير وفق ما نصت عليه (م‪ 397 :‬مدني)‪ ،‬كما يشترط في الموفى أن يكون أهال إلبرام‬
‫التصرف (باعتبار الوفاء تصرف قانوني) وإال كان وفاؤه باطال أو موقوفا بحسب األحوال‪.‬‬
‫ب) صفات الموفى‪:‬‬
‫الوفاء قد يكون من المدين أو شخص أخر له مصلحة في الوفاء‪ ،‬كما قد يكون من شخص‬
‫ليست له أية مصلحة فيه‪.‬‬
‫‪ -1‬الوفاء من المدين‪:‬‬
‫الوفاء كأصل عام يتم من المدين‪ ،‬أو من نائبه (سواء كانت نيابة اتفاقية (كوكيل أو مصرف)‬
‫أو قانونية (كولي أو وصي عن القاصر والمحجور عليه))‪.‬‬
‫‪ -2‬الوفاء من شخص له مصلحة في الوفاء‪:‬‬
‫واألشخاص الذين تكون لهم مصلحة في الوفاء بدين المدين هم المدين المتضامن‪ ،‬والمدين‬
‫في دين غير قابل لالنقسام‪ ،‬وكفيل المدين (سواء كانت الكفالة شخصية أو عينية)‪ ،‬والحائز‬
‫لعقار مرهون‪.‬‬
‫‪ -3‬الوفاء من شخص ال مصلحة له في الوفاء‪:‬‬
‫والوفاء من هذا الشخص قد يكون ما قام به تبرعا للمدين‪ ،‬أو فضالة وليس لدائن هنا رفض‬
‫هذا الوفاء‪ ،‬إال أن يكون دين المدين من فئة االلتزامات التي تراعى فيها شخصية المتعاقد‪،‬‬
‫على أن المدين يمكنه االعتراض على الوفاء الصادر من الموفي‪ ،‬ومتى أبلغ به الدائن‪ ،‬كان‬
‫لهذا األخير إما رفض الوفاء أيضا‪ ،‬أو قبوله وبذلك تبرأ ذمة المدين‪.‬‬
‫ثانيا – الموفى له‪:‬‬
‫أ) شروط الموفى له‪:‬‬
‫يشترط في الموفى له أن يكون أهال إلبرام التصرف‪ ،‬وهذا على اعتبار أن الوفاء يترتب‬
‫عليه انقضاء الدين وهذا األخير من أعمال التصرف كما أنه يشترط في الموفى له أن يكون‬
‫ذا صفة في االستيفاء‪ ،‬كما سنبينه حاال‪.‬‬
‫ب) صفات الموفى له‪:‬‬
‫قد يتم الوفاء للدائن أو لنائبه أو لشخص أخر غير الدائن‪.‬‬
‫‪ -1‬الوفاء للدائن أو لنائبه‪:‬‬
‫األصل في الوفاء أن يتم للدائن ذاته‪ ،‬لكن يجوز أيضا الوفاء لنائبه (سواء كانت نيابته اتفاقية‬
‫(كوكيل بقبض الدين) أو قانونية (كحال الولي والوصي والقيم) أو قضائية (كوكيل‬
‫التفليسة ‪.))...‬‬
‫‪ -2‬الوفاء لغير الدائن‪:‬‬
‫يكون الوفاء صحيحا متى تم لشخص آخر غير الدائن أو نائبه‪ ،‬وهذا متى أقر الدائن ذلك‬
‫الوفاء‪ ،‬وفي هذه الحالة يصبح ذلك اإلقرار بمثابة توكيل بقبض الدين‪ ،‬وحتى في غياب‬
‫اإلقرار‪ ،‬يكون الوفاء صحيحا لكن بشرط أن يعود ذلك الوفاء بالمنفعة على الدائن وفي حدود‬
‫تلك المنفعة فقط‪ ،‬وتتصور هذه الحالة فيمن يوفي لدائن الدائن مثال‪.‬‬
‫ويكون الوفاء صحيحا إذا ما تم لشخص يظهر أمام الغير على أنه الدائن‪ ،‬وهذا ما يحدث‬
‫فيمن ينفذ وصية بإعطاء مبلغ إلى الموصى له ثم يظهر فيما بعد أن الوصية باطلة أو تم‬
‫الرجوع فيها‪ ،‬وكمن يوفي بدينه إلى وارث معين‪ ،‬ثم يتبين أنه محجوب بغيره‪ ،‬أو كمن بوفي‬
‫لمحال إليه (في حوالة الحق) ثم يظهر أن الحوالة باطلة‪ ،‬على أن صحة الوفاء للدائن الظاهر‬
‫مشروطة بكون الموفي ذاته حسن النية‪ ،‬أي ال يعلم بأنه يوفي لغير الدائن‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬محل الوفاء‬
‫يكون الوفاء بالشيء أصال‪ ،‬سواء كان عبارة عن نقل ملكية شيء معين بذاته أو بنوعه أو‬
‫كان عبارة عن التزام بالقيام بعمل أو االمتناع عنه‪ ،‬فال يجبر الدائن على قبول شيء أخر‬
‫غير مستحق ولو كان أعلى قيمة‪ ،‬كما ال يجبر المدين على الوفاء بشيء آخر ولو كان أقل‬
‫منه قيمة‪ ،‬وإذا وجب الوفاء بالشيء المستحق فإنه يجب الوفاء به كامال غير منقوص‪ ،‬إذ ال‬
‫يجبر الدائن على قبول وفاء جزئي‪ ،‬وهذا كله ما لم ينص االتفاق أو القانون على الوفاء‬
‫الجزئي (كما يحصل في المقاصة‪ ،‬والوفاء بجزء الدين غير المتنازع فيه)‪.‬‬
‫هذا ويشمل الوفاء بالدين ملحقاته أيضا‪ ،‬أي نفقات الدين (كالطابع والرسوم ومصاريف الكيل‬
‫أو العد أو الوزن ونفقات شحن الشيء المستحق ‪)...‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬زمان ومكان الوفاء‬
‫األصل أن يتم الوفاء بالدين بمجرد ترتبه في ذمة المدين إال أن يتعلق األمر بالتزام مضاف‬
‫إلى أجل‪ ،‬على أن المشرع أعطى السلطة التقديرية للقاضي في أن يمنح المدين حسن النية‬
‫أجال للوفاء على ّأن ال يتجاوز هذا األجل سنة واحدة‪ ،‬ويطلق على هذا األجل بنظرة المسيرة‪.‬‬
‫أما مكان الوفاء بالدين فإن القاعدة العامة تقضي أن الدين مطلوب وليس محمول‪ ،‬أي يتوجب‬
‫على الدائن أن يسعى وراء مدينه للحصول على الدين وبالتالي يكون الوفاء في موطن‬
‫المدين‪ ،‬أما إن كان محل الوفاء شيئا معينا بالذات‪ ،‬فاألصل أن يتم الوفاء به في المكان الذي‬
‫وجد فيه وقت نشوء االلتزام‪.‬المطلب الرابع ‪ :‬عوارض الوفاء‬
‫قد تعترض المدين حين إرادته الوفاء بالدين صعوبات تتمثل إما في رفض الدائن لذلك الوفاء‬
‫(العتقاد الدائن مثال أنه ال يستوفي حقه كامال‪ ،‬أو أن الموفي به ال يتفق مع المواصفات|‬
‫المتعلقة بجودته ‪ )...‬أو في استحالة الوفاء للدائن (كأن يتوفى الدائن ويترك ورثة وال يعلم‬
‫المدين من هم )‪ ،‬أو أن لدين يتنازعه عدة دائنين ‪ )...‬في مثل هذه الحالة وضع المشرع بين‬
‫يدي المدين سلوك طريق ما يسمى بالعرض الحقيقي واإليداع‪.‬‬
‫فيلتزم المدين أوال بعرض وفائه للدين (أي كامل الشيء المستحق وملحقاته) في المكان‬
‫والزمان المحددين‪ ،‬ومتى رفض الدائن هذا الوفاء‪ ،‬سجل المدين عليه ذلك الرفض بإعالن‬
‫رسمي على يد محضر قضائي مثال‪ ،‬ويعد مثل ذلك اإلعالن إعذار للدائن‪ ،‬يترتب عليه نقل‬
‫تبعة هالك الشيء محل الوفاء إليه (متى كانت قبله على المدين) مع حق المدين في تعويض‬
‫الضرر الذي يصيبه جراء ذلك الرفض وتلي مرحلة اإلعذار مرحلة العرض الحقيقي للدين‬
‫عن طريق إحضار محل الوفاء فعال (تقودا كان أو شيئا آخر) فيحرر عنه محضر عرض‬
‫بمعرفة كاتب الجهة القضائية المختصة ويذكر فيه رفض الدائن للعرض الحقيقي‪ ،‬ويترتب‬
‫على رفض العرض الحقيقي حق المدين في مباشرة إجراءات اإليداع‪ ،‬أي إيداع الشيء محل‬
‫الوفاء قلم كتاب المحكمة أو من يعينه القضاء ليتسلم الشيء محل الوفاء‪ ،‬على أنه ال تبرأ ذمة‬
‫المدين بهذا اإليداع إال أن يستصدر حكما من القضاء – بموجب دعوى قضائية – بصحة‬
‫العرض واإليداع‪ ،‬إذ أن ذلك الحكم يكون بمثابة وفاء من المدين‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬آثار الوفاء‬
‫يترتب على الوفاء بالدين انقضاء التزام المدين وكذا الضمانات التي كانت تضمن الوفاء‬
‫بالدين‪ ،‬على أن إشكاال قد يظهر في الحالة التي يكون على نفس المدين عدة ديون من طبيعة‬
‫واحدة ومستحقه كلها لنفس الدائن‪ ،‬فأي الديون يعتبر قد انقضى بالوفاء السابق ؟ إشكاال آخر‬
‫يبقى قائما في الحالة التي يتم فيها الوفاء ال من المدين‪ ،‬بل من شخص آخر ‪ ،‬فما مصير‬
‫المدين الموفى عنه وكذا الموفي ذاته ؟‬
‫أوال – تعيين جهة الدفع (أو حالة تعدد الديون التي من جنس واحد ولدائن واحد)‬
‫يقصد بهذه الحالة أن تعدد ديون المدين التي في ذمته وتكون كلها من طبيعة واحدة ( كمبالغ‬
‫نقدية ) لدائن واحد‪ ،‬غير أن ما يوفيه المدين ال يكفي النقضاء جميع تلك الديون بل واحدا فيها‬
‫أو أكثر‪ ،‬وتظهر أهمية هذه الحالة حينما تكون بعض الديون مضمونة دون غيرها أو أن‬
‫بعضها يسري عليها الفوائد – متى أقر القانون ذلك – دون غيرها‪.‬‬
‫أعطى المشرع للمدين الحق في أن يعين جهة الدفع‪ ،‬أي يبين أي الديون تنقضي أوال‪،‬‬
‫والمدين سيراعي طبعا مصلحته في ذلك التعيين‪ ،‬إذ أنه سيختار الديون األشد كلفة عليه لكي‬
‫تنقضي أوال (كدين مضمون بتأمين معين‪ ،‬أو دين تقادمه طويل ‪)...‬‬
‫على أن اختيار المدين ليس مطلقا‪ ،‬فهو ال يستطيع أن يخالف االتفاق – متى كان هناك اتفاق‬
‫– على التعيين‪ ،‬كما ال يستطيع أن يجزء وفاءه للدين‪.‬‬
‫ومتى لم يقم المدين بذلك التعيين‪ ،‬فإن القانون هو الذي يتولى تعيين جهة الدفع متبعا في ذلك‬
‫لترتيب اآلتي ‪ :‬فيجب البدء بالدين الذي حل أجله‪ ،‬ومتى كانت كلها حالة‪ ،‬وجب تقديم الدين‬
‫األشد كلفة على المدين بحسب ما يقرره القضاء كذلك (كدين ينتج فوائد‪ ،‬ودين تقادمه طويل‪،‬‬
‫ودين ثابت في سند تنفيذي‪ ،‬ودين مقترن بشرط جزائي ‪ )..‬ومتى تساوت في الكلفة – وفي‬
‫غياب النص القانوني – فإن بعض القوانين تمنح الدائن تعيين جهة الدفع‪ ،‬أو تعطي األولوية‬
‫للدين الذي نشأ أوال‪ ،‬ومتى نشأت كلها في نفس الوقت وجب الوفاء بكلها بحسب نسبة كل‬
‫دين‪ ،‬مما يترتب عليه الوفاء الجزئي لكل دين‪.‬‬
‫ثانيا – الوفاء مع الحلول‬
‫سبق أن عرفنا أن الوفاء قد يتم من شخص أخر غير المدين أو نائبه‪ ،‬وأن هذا الشخص قد‬
‫تكون له مصلحة في الوفاء وقد ال تكون له أية مصلحة فيه‪.‬‬
‫ومثل هذا الوفاء يكون في مصلحة الدائن‪ ،‬ألنه بذلك يستوفي حقه‪ ،‬ثم هو في مصلحة المدين‬
‫ألن الذي وفى عنه قد يكون أيسر في المعاملة من دائنه الموفى له‪.‬‬
‫ومتى حصل الوفاء من شخص أخر غير المدين أو نائبه فإن دين الدائن ينقضي دون دين‬
‫المدين‪ ،‬إذ يحل الموفي محل الدائن في حقوق هذا األخير تجاه المدين‪ ،‬ومثل هذا الحلول قد‬
‫يكون بنص القانون أو بنص االتفاق‪ ،‬وفي غيابهما‪ ،‬يكون دائما للموفي – ما لم يكن متبرعا –‬
‫أن يرجع على المدين الذي وفى عنه بدعوى شخصية‪ ،‬قد تكون دعوى مبنية على الوكالة‬
‫(متى وكل المدين الموفي بالوفاء) أو بدعوى الفضالة (متى تولى الموفي الوفاء دون علم‬
‫المدين مثال) أو بدعوى اإلثراء بال سبب (كأن يكون المدين قد نهى الموفي عن الوفاء للدائن)‬
‫ورجوع الموفي بالدعوى الشخصية يكون بدين جديد ترتب للموفي في ذمة المدين‪ ،‬أي ال‬
‫عالقة لهذا الدين بدين المدين تجاه دائنه‪.‬‬
‫أما لو رجع الموفي على المدين بدعوى الحلول فإن أساس ذلك يكمن‪ ،‬كما سبق أن أشرنا‪،‬‬
‫في نص القانون أو نص االتفاق‪ ،‬ذلك أن الحلول يعد استثناءا من األصل العام الذي هو‬
‫انقضاء دين المدين بالوفاء‪ ،‬بينما في الحلول يبقى ذلك الدين قائما‪.‬‬
‫أ) الحلول القانوني‪:‬‬
‫ونص المشرع على خمس حاالت يكون فيها هذا الحلول وهي أن ينص القانون على مثل هذا‬
‫الحلول‪ ،‬وأن يكون الموفي ملتزما بالدين مع المدين (وهذا ما يتصور في المدين المتضامن‬
‫والمدين في دين غير قابل لالنقسام)‪ ،‬أو ملتزما بالوفاء عن المدين (وهذا ككفيل شخصي أو‬
‫عيني للمدين)‪ ،‬أو أن يكون الموفي ذاته دائنا لذات المدين وقام بالوفاء للدائن الذي يتقدمه بما‬
‫للدائن الموفى له من تأمين عيني (كرهن رسمي أو حيازي أو اختصاص أو امتياز) وبذلك‬
‫يحل محله في ذلك التأمين العيني‪ ،‬أو أن يكون الموفى قد اشترى عقارا مرهونا ودفع ثمن‬
‫العقار ال إلى بائعه‪ ،‬بل إلى الدائن المرتهن ليحل بالتالي محله في ذلك الضمان ويضمن‬
‫بالتالي استيفاء حقه قبل غيره في حالة تعدد الدائنين المرتهنين| المتأخرين عنه مرتبة‪.‬‬
‫ب) الحلول اإلتفاقي‪:‬‬
‫ومثل هذا الحلول جائز بحيث قد يحصل باتفاق يجمع الدائن والموفي ولو بغير رضا المدين‪،‬‬
‫لكن يشترط فقط أن يقع االتفاق إما قبل الوفاء أو معه‪ ،‬ال بعده‪ ،‬وهذا كله درءا للتحايل‬
‫إضرارا| بحقوق دائنين آخرين‪ ،‬كما أن هذا الحلول قد يتم باتفاق الموفي مع المدين ذاته لكن‬
‫هذا مشروط بأن يقترض المدين مبلغا ماليا ليسدد به دين الدائن ويذكر ذلك كله في عقد‬
‫القرض وحين الوفاء‪ ،‬وبهذه الكيفية يحل المقرض محل الدائن الذي استوفى حقه من مبلغ‬
‫القرض‪.‬‬
‫ج) آثار الحلول‪:‬‬
‫يترتب على الحلول بنوعيه أن ينتقل الدين إلى الموفي الذي حل محل الدائن‪ ،‬مع كل ما كان‬
‫يميز ذلك الدين من خصائص وتوابع وضمانات (كالتأمينات العينية والشخصية التي كانت‬
‫تكفل الحق ‪ ،‬وكذا الدعاوى التي يملكها الدائن تجاه المدين (كدعوى الفسخ‪ ،‬والدعوى‬
‫البولصية)) على أنه تنتقل إلى الموفي أيضا الدفوع التي من حق المدين التمسك بها تجاه‬
‫الموفي (كالبطالن والقابلية لإلبطال‪ ،‬وككون الدين معلق على شرط أو مضاف إلى أجل‪ ،‬أو‬
‫كون الدين قد انقضى لسبب ما كالوفاء أو اإلبراء أو المقاصة ‪ )...‬وحلول الموفي محل الدائن‬
‫يكون بقدر ما وفاه من دين الدائن‪ ،‬فإن وفاه جزئيا فقط لم يكن للموفي أن يزاحم الدائن عند‬
‫اقتضاء الجزء المتبقي من المدين‪،‬بل يتقدم الدائن عليه في مثل هذه الحالة‪ ،‬وخالف هذا الحكم‬
‫يكون في حالة ما إذا وفى الجزء المتبقي موف ثان‪ ،‬إذ هنا ال أفضلية ألحدهما على اآلخر‬
‫عند رجوعهما على المدين‪ ،‬بل يقتسمان ماله قسمة الغرماء ونفس هذا المركز األدنى في‬
‫معاملة الموفي من مركز الدائن األصلي‪ ،‬نجده في حالة ما إذا كان الموفي حائزا لعقار‬
‫مرهون ضمانا لدين الدائن‪ ،‬فوفى دين الدائن وبالتالي حل محله‪ ،‬غير أن الموفي هنا ال‬
‫يستطيع الرجوع على باقي الحائزين لبقية العقارات المرهونة ضمانا لدين الدائن إال بمقدار‬
‫نصيبه في ما يحوزه من العقار المرهون‪.‬‬
‫المرجع‪:‬‬
‫أ‪ .‬دربال عبد الرزاق‪ ،‬الوجيز في أحكام االلتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬دار العلوم‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬من ص ‪ 77‬إلى ص ‪.89‬‬

You might also like