You are on page 1of 42

‫جامعة المنصورة‬

‫كليه الحقوق‬
‫الدراسات العليا‬
‫ورقة بحثية بعنوان‪:‬‬
‫دبلوم القانون العام‬

‫اقتصاديات الجريمة‬
‫في مقرر‬
‫( قاعة البحث )‬

‫إعداد الباحثة‬
‫ندى محمد وجدي عباس خاطر‪.‬‬

‫تحت إشراف‬
‫دكتور المعتصم باهلل مصطفى البحيري‬
‫أستاذ قانون االقتصاد السياسي‬
‫كلية الحقوق ‪ -‬جامعة المنصورة‬

‫‪2022‬‬
‫المقدمة‬

‫في البداية عالم االقتصاد كان بيئة خاصة لظهور ونمو الجريمة فيه‪ ،‬وال شك بأن عالم االقتصاد يتطور بتطور الحضارة‬
‫البشرية‪ ،‬فقديما كان االقتصاد مبني على الزراعة لذا كانت الجرائم االقتصادية في ذلك الوقت محورها الزراعة و هذا ما‬
‫وجدناه في أقدم التشريعات التي عرفتها البشرية‪.‬‬

‫ثم تطور االقتصاد بتطور الحضارة‪ ،‬ثم بدأ عصر جديد و هو عصر النهضة الصناعية التي أدت إلى التطور الحضاري‬
‫ومن ثم التقدم والنمو إلى العصر الحالي و هو ما يُسمى بالعصر الذهبي لكونه متميز بالتكنولوجيا التي تلعب دوراً هاما ً في‬
‫التطور الحضاري‪ ،‬حيث أن ثورة التكنولوجيا و المعلومات ظهرت بظهور الفضائيات واإلنسان اآللى وبالتالي ظهرت أنواع‬
‫أخرى من الجرائم االقتصادية لم تكن معروفة من قبل والتي ال يصاحبها عنف ما؛ ألنه ليس بالضرورة لوجود جريمة أن‬
‫يتواجد عنف ما‪ ،‬بل ُوجد أن مرتكبي هذه الجرائم نوعية مختلفة تماما ً عن نظرية "لومبروزو" ‪ ،‬فإننا نتحدث عن مجرمين‬
‫من نوع آخر‪ ،‬نوع أفخم من ذوي الياقات البيضاء وأذكى من المجرمين التقليديين الذي عرفناهم على مر الزمن ُمنذ بداية‬
‫الخليقة‪.‬‬

‫إنه من الصعب وضع مفهوم محدد للجريمة االقتصادية حتى بالنسبة للدول التي سنت تشريعات مستقلة للجريمة تخص‬
‫تلك الجريمة ‪ .‬وذلك ألن اهتمام التشريعات ال يكون منصبا على وضع التعريف بقدر مايكون اهتماما منصبا على تحديد‬
‫‪1‬‬
‫الجرائم التي تدخل في نطاق الجرائم االقتصادية‪.‬‬

‫فقد وصفها البعض بأن الجريمة االقتصادية هي جريمة متحركة عارضة تقع في زمن محدد وتعاقب بعقوبة محددة في‬
‫ضوء الحالة االقتصادية التي تعيشها البالد مهما كان نظامها‪ ،‬كما أنه تم حصر تعريف الجريمة االقتصادية في اتجاهين‪،‬‬
‫اتجاه توسّع في مفهومها و اتجاه ّ‬
‫ضيق من مفهومها ‪:‬‬

‫االتجاه األول ‪ :‬توسع في مفهوم الجريمة االقتصادية وعرفها باالعتماد على معيار التفرقة بين الموضوع المادي للجريمة‬
‫والموضوع القانوني لها‪ ،‬تم تعريفها بأنها " كل جريمة يكون موضوع الوقاية القانونية فيها هو حرص الدولة على تهيئة‬
‫أكبر قدر ممكن من الرضا ألكبر عدد من الناس" ‪ .‬وبناء على هذا المفهوم فإن كل عملية استغالل موجهة ضد الذمة‬
‫المالية ألحد األفراد هي بمثابة جريمة اقتصادية‪ ،‬كالسرقة والنصب‪ ،‬ألن موضوعها القانوني ذو طبيعة اقتصادية‪.‬‬

‫أما االتجاه الثاني ‪ :‬فقد ضيق من مفهوم الجريمة االقتصادية وقصرها على كل فعل غير مشروع مضر باالقتصاد‬
‫الوطني إذا نص على تجريمه في قانون العقوبات أو في القوانين الخاصة بخطط التنمية الصادرة عن السلطة المختصة‪.‬‬

‫‪ 1‬المركز الديموقراطي العربي‪ ،‬للدراسات االستراتيجية‪،‬االقتصادية و السياسية‪ ،‬الجريمة االقتصادية في نظام قانون العقوبات المصري و شروط تطبيقه‪ ،‬سيد طنطاوي‬
‫محمد سيد‪ ،‬تم االطالع على هذا الموقع بتاريخ ‪. 2022/4/1‬‬
‫‪https://democraticac.de/?p=56723‬‬

‫‪1‬‬
‫وبالتالي فإن الج ريمة االقتصادية وفق هذا المفهوم " هي الجريمة الموجهة ضد إرادة االقتصاد فقط والمتمثلة في القانون‬
‫االقتصادي والسياسة االقتصادية أو كليهما معا ويدخل ضمن هذا المفهوم ما يسمى بفكرة النظام االقتصادي العام"‪ ،‬مثل‬

‫جرائم التهرب الضريبي ‪.‬‬

‫قانون العقوبات االقتصادى بطبيعته يهدف إلى حماية السياسة االقتصادية ومظهر هذة السياسة ‪ :‬التشريعات االقتصادية‬
‫التى تصدرها الدوله‪ ،‬لذلك يكون تعريف القانون االقتصادى من المسائل المهمة واألوليه الالزمة لتعريف قانون العقوبات‬
‫االقتصادى ولعل أبرز ميدان ظهر فية هذا التطور هو "ميدان العالقات االقتصادية " فالقانون واالقتصاد نوعان وفرعان‬
‫من قانون االجتماع والدولة الحديثة لم تعد تغض البصر عن التدخل فى االقتصاد حتى ولو كانت تستلهم الحرية االقتصادية‬
‫كمبدأ اساسى ‪ ،‬وعالقة االجرام االقتصادى بعلم االقتصاد لصيقة حيث يعتبر االجرام االقتصادى جزءاً اليتجزأ من االقتصاد‬
‫وبالتالى المخالفات االقتصادية ال تعتبر شكالً من أشكال االنحراف‪ ،‬ولكنها متجذرة فى االقتصاد نفسه والسوق كما أنها تعتبر‬
‫المسئولية االولى عن التصرفات غير الشرعية‪ ،‬ومصطلح القانون االقتصادى يمكن أن يثار فى كل المجتمعات بغض النظر‬
‫‪2‬‬
‫عن درجة تطورها‪.‬‬

‫و بغض النظر عن كيفية تنظيمه ‪ ،‬نجد أنه بالنظر إلى نشاطه االقتصادى الذي يعتبر مرتبط بعالقة قانونية طبيعية‬
‫هى ‪ -:‬عالقة القانون باالقتصاد وهى عالقة تعاون بين فرعين للعلوم االجتماعية (القانون فى خدمة االقتصاد) و(االقتصاد‬
‫فى خدمة القانون)‪ ،‬فالقانون يكون فى خدمة االقتصاد عندما يصحح القصور الذى يعترى النظريات االقتصادية كحرية‬
‫المنافسة مثال تتطلب تنظيما ً قانونيا ً وإال كانت النتيجة الحتمية وجود مراكز احتكارية و يؤدي ذلك إلى انتكاس المنافسة‬
‫الحرة‪ ،‬كما ان االقتصاد يكون فى خدمة القانون عندما يساعد على الفهم الواعى لألنظمة القانونية وبيان حقيقتها ‪ ،‬فيترتب‬
‫على ذلك أن التغيرات التي تحدث على الرغم من إمكانية وصولها لحد االفراغ من المحتوى إلى أن نصها يبقى و اطارها‬
‫الخارجي ثابت ُمستقر ‪.‬‬

‫أهمية البحث ‪-:‬‬

‫تكمن أهمية البحث في اقتصاديات الجريمة إلظهار تأثير الجرائم االقتصادية على النمو االقتصادي و القطاع الضريبي و‬
‫اإلنفاق الحكومي داخل الدولة‪ ،‬و عالمستوى الدولي في حاالت الحرب مثالً‪ ،‬أو في حاالت األزمات االقتصادية التي تمر‬
‫بها الدول‪.‬‬

‫‪ 2‬المصدر السابق‪ ،‬تم االطالع بتاريخ ‪2022/4/21‬‬


‫‪https://democraticac.de/?p=56723‬‬

‫‪2‬‬
‫كما أنه وجب القول أن الجرائم االقتصادية ال تؤثر على الدول وحدها و إنما تؤثر على األفراد في المجتمع ‪ ،‬كما أن مثل‬
‫هذه الجرائم تفوق أى نوع من أنواع الجرائم األخرى‪ ،‬لذا يجب على رجال القانون خصوصا ً التحدث عن مثل هذه الجرائم‬
‫باستفاضة حتى تعم الفائدة عالمجتمع ككل ‪.‬‬

‫سنُسلط الضوء في هذا البحث على ماهية الجرائم االقتصادية كي نعي بمثل هذه الجرائم سواء على المستوى المصري أو‬
‫على المستوى الدولي‪ ،‬كما أننا سنذكر خصائص و أنواع الجرائم االقتصادية ‪ ،‬و أخيراً سنوضح آثار الجريمة االقتصادية‬
‫في التشريع المصري ‪.‬‬

‫إشكالية البحث ‪:‬‬

‫تتمحور إشكالية هذا الموضوع حول بحث عن ماهية هذة الجرائم االقتصادية ومدى أثارها على المجتمع المصري‬
‫خصوصا في ظل الثورة المعلوماتية التي نعيش في ظلها ‪ ،‬خاصة بعد تفشي أزمة فيروس كورونا المستجد وتبعاته‬
‫االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وكيفية مواجهة هذا النوع من الجرائم قانونا ً واقتصاديا ً ‪.‬‬

‫خطة البحث ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬ماهية الجرائم االقتصادية ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم الجرائم االقتصادية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬سمات الجرائم االقتصادية ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬أنواع الجرائم االقتصادية ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار الجريمة االقتصادية و كيفية مواجهتها ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬آثر البطالة و عالقتها بالجريمة االقتصادية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬آثر التهرب الضريبي و عالقته بالجريمة االقتصادية ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬كيفية مواجهة الجريمة االقتصادية ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المنهج البحثي ‪:‬‬

‫سنتبع في هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي المقارن ‪.‬‬

‫نتبع المنهج الوصفي التحليلي المقارن و ذلك لما يحتويه البحث من إيضاح و وصف لمفهوم الجريمة االقتصادية و‬
‫سمات تلك الجرائم و خصائصها كما أننا خصصنا الجرائم االقتصادية و إتباع آثار الجرائم االقتصادية‪ ،‬بجريميتين دونا ً عن‬
‫باقي الجرائم‪ ،‬البطالة و آثارها و عالقتها بالجريمة االقتصادية سواء كان عالمستوى المحلي كمصر مثالً أو عالمستوى‬
‫البالد العربية‪ ،‬والتهرب الضريبي كجريمة اقتصادية ُمستقلة و آثارها عاالقتصاد‪ ،‬و أخيراً تطرقنا إلى كيفية مواجهة الجرائم‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫الخاتمة ‪.‬‬

‫النتائج و التوصيات ‪.‬‬

‫قائمة المراجع ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‬

‫ماهية الجرائم اإلقتصادية‬

‫تمهيد و تقسيم ‪:‬‬

‫من المهم في المقام األول فهم ماذا يُقصد باالقتصاد؟‪ ،‬و ما هي الجريمة االقتصادية ؟‪ ،‬و بما تعني في بعض التشريعات؟‬
‫و ما هي طبيعة الجريمة االقتصادية من األساس! الجرائم االقتصادية أو جرائم ذوي الياقات البيضاء‪،‬كما يشار إليها عموما‪،‬‬
‫هي جريمة يرتكبها شخص ذي مركز اجتماعي معين أثناء عمله ‪ ،‬تحدث على أنها انحراف عن الدور المهني لل ُمنتهك‪.‬‬

‫سيُقّسم إلى مطلب أول ‪ ( :‬مفهوم الجرائم االقتصادية )‬


‫يشمل المبحث األول على ماهية الجرائم االقتصادية ‪ ،‬حيث أنه َ‬
‫‪ ،‬و مطلب ثاني ‪ ( :‬سمات و خصائص الجرائم االقتصادية ) ‪ ،‬مطلب ثالث ‪ ( :‬أنواع الجرائم االقتصادية ) ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المطلب األول‬

‫مفهوم الجرائم االقتصادية‬

‫تمهيد و تقسيم ‪:‬‬

‫فإننا نالحظ هُنا أننا أمام اصطالح يمثل ظاهرة إجتماعية و اقتصادية في نفس ذات الوقت ‪ ،‬خاصةً أنه ُمصطلح‬
‫‪3‬‬
‫ق الثاني هو االقتصادية ‪.‬‬ ‫مك ّون من شقّين ‪ ،‬الش ّ‬
‫ق األول هو الجريمة و الش ّ‬

‫فمن معرفة معنى االقتصاد ‪ ،‬يتضّح لنا بكل بساطة مفهوم الجرائم االقتصادية‪ ،‬لذا فيما يلي سنعرض مفهوم االقتصاد‬
‫نسبةً لعلمائه ‪.‬‬

‫بدايةً سُنعرف مفهوم االقتصاد ‪ ،‬و مفهوم الجريمة ‪ ،‬ثم ننتقل إلى مفهوم الجرائم االقتصادية ‪.‬‬

‫فقد عرّف مفهوم االقتصاد العديد من العلماء منهم ‪ :‬آدم سميث عرّفه بأنه هو ( علم الثروة ) ‪ ،‬وعرّفه مارشال بأنه (‬
‫نشاط الفرد و المجتمع للحصول على الموارد الالزمة ؛ لتحقيق الرفاهية العامة ) ‪ ،‬و عرّفه روبنر بأنه ( ما يهتم بسلوك‬
‫اإلنسان كحلقة اتصال بين األهداف و الحاجات المتعددة و الوسائل النادرة ذات االستعماالت المختلفة ) ‪ ،‬و قد عرّفه‬
‫ريمون بار بأنه ( ما يبين السبل التي يتبعها األفراد و المجتمعات ؛ لمواجهة الحاجات المتعددة باستعمال وسائل محدودة ) ‪.‬‬

‫الجريمة ‪ :‬لغة ً مشتقة من مادة (جرم) والجريمة أي الذنب‪ ،‬وتجرم عليه أي ادعى عليه ذنبا لم يحمله‪،‬‬

‫وأجرم‪ :‬ارتكب جرما‪ ،‬ويقال‪ :‬أجرم عليهم وإليهم‪ :‬جنى جناية‪.‬‬

‫أما اصطالح الجريمة وفقا لتعريفها في القانون فيستعمل للتعبير عن سلوك مخالف للقانون الجزائي مستحقا للعقاب‬
‫لوقوع المخالفة على حق – سواء لفرد أو مجتمع – يحميه القانون‪ ،‬لذلك عرف فقهاء وشراح القانون الجنائي الجريمة‬
‫بأنها فعل أو امتناع عن فعل يؤدي إلى الضرر بالغير ويعاقب عليه القانون‪.‬‬

‫تم تعريف الجرائم االقتصادية في الكثير من التشريعات الوضعية و بطرق مختلفة و عديدة‪ُ ،‬كالً عرفها بطريقته‬
‫الخاصة‪ ،‬حيث أنه تم تعريفها في التشريعات كما انه تم تعريفها على يد الكثير من فقهاء القانون و فقهاء الشريعة اإلسالمية‬

‫عبدهللا عبدالعزيز الصعيدي‪ ،‬دراسة في الجريمة االقتصادية‪ ،‬المفهوم – األنواع – اآلثار‪ ،‬ص ‪ ، 127‬بحوث و مقاالت مج ‪ 5‬ع‪. 3‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫ألهمية هذا الموضوع و داللةً على وجوده منذ قديم األزل‪ ،‬و كما نعلم أن الشريعة اإلسالمية لن تفتها فائته؛ و لكننا‬
‫سنتناول في هذا المطلب تعريف الجريمة االقتصادية في بعض التشريعات الوضعية المختلفة ‪.‬‬

‫يتحفظ الكثير من الفقهاء حين وضع تعريف موحد وشامل للجريمة االقتصادية صالح للتطبيق في أزمان وأماكن مختلفة‬
‫‪ ،‬كما هو األمر عادة في الجرائم العادية ويعود ذلك لعدة أسباب منها‪:‬‬

‫السبب األول ‪ – :‬إن تسمية الجرائم االقتصادية تطلق عادة على الجرائم المخالفة للسياسة االقتصادية للدولة ‪ .‬والسياسة‬
‫االقتصادية تختلف من نظام اقتصادي إلى نظام اقتصادي آخر ‪ ،‬كما تختلف بين بلدين خاضعين لنظام اقتصادي واحد‪.‬‬
‫السبب الثاني ‪ – :‬إن مخالفة سياسة الدولة االقتصادية ال تعد جريمة اقتصادية في جميع األوقات في مختلف الدول ‪ .‬فما‬
‫يعد جريمة اقتصادية عادة هو الفعل الذي يسميه المشرع جريمة اقتصادية ‪ ،‬ويعاقب عليه بعقوبة جزائية‪.‬‬
‫وعليه يمكن تعريف الجريمة االقتصادية بأنها «فعل أو امتناع ضار له مظهر خارجي يخل بالنظام االقتصادي واالئتماني‬
‫للدولة وبأهداف سياستها االقتصادية‪ ،‬يحظره القانون ويفرض عليه عقابا ً ويأتيه إنسان أهل لتحمل المسئولية الجنائية‪.‬‬
‫وهناك من يرى أنها كل فعل أو امتناع من شأنه المساس بسالمة البنيان االقتصادي‪ ،‬كما تعبر عنه القواعد اآلمرة للنظام‬
‫االقتصادي المشمولة بالجزاء الجنائي‪.4‬‬

‫تُعرف الجريمة االقتصادية بأنها ‪( :‬كل عمل أو امتناع يقع مخالفا ً للقانون االقتصادي إذا نص على تجريم ذلك العمل أو‬
‫االمتناع‪ ،‬حيث يدخل في القانون االقتصادي كل نص ينظم انتاج أو توزيع أو استهالك السلع والخدمات)‪.5‬‬

‫تعرف الجريمة االقتصادية بأنها ‪( :‬مخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في بلد ما‪ ،‬والمقصود منها حماية االقتصاد‬
‫القومي بأوسع معانيه أو اي عمل او امتناع عنه يؤثر بدوره في كيان البلد االقتصادي)‪.6‬‬

‫كما أنه يُعرف أيضا ً بأنها ‪( :‬كل فعل غير مشروع مضر باالقتصاد القومي إذا نص على تجريمه في قانون العقوبات او‬
‫في القوانين الخاصة بخطط التنمية االقتصادية الصادرة عن السلطة المختصة)‪.7‬‬

‫‪4‬مجلة المختبر القانوني‪ ،‬مختبر العلوم االقتصادية‪ ،‬أنواع الجرائم االقتصادية تم االطالع بتاريخ ‪.2022-4-22‬‬
‫‪http://www.labodroit.com/%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%87 /‬‬
‫‪ 5‬حسن عكوش‪ ،‬جرائم األموال العامة والجرائم االقتصادية الماسة باالقتصاد القومي – دار الفكر الحديث للطباعة و النشر‪ -‬القاهرة – ‪ 1973‬ص ‪.268‬‬
‫‪ 6‬حسن عكوش‪ ،‬مرجع سابق ‪ -‬ص ‪. 268‬‬
‫‪ 7‬فخري الحديثي‪ ،‬قانون العقوبات – الجرائم االقتصادية – مطبعة التعليم العالي – بغداد ‪ – 1987‬ص ‪.10‬‬

‫‪7‬‬
‫حيث أن مفهوم الجريمة االقتصادية يختلف اختالفا ً ُكليا ً من بلد الى آخر حسب نظامها السياسي وما إذا كان ذلك النظام‬
‫رأسمالي أو اشتراكي حيث ما يعد جريمة اقتصادية في بلد يعد عمالً مشروعا ً في بلد آخر فالجرائم االقتصادية يتسع‬
‫نطاقها في الدول االشتراكية والدول النامية عنها في الدول المتقدمة والرأسمالية‪.‬‬

‫إذ أن الدول االشتراكية والدول النامية تعتمد في خطط التنمية على سياسة توجيه االقتصاد وتركيزه بحيث تحتاج إلى‬
‫سياج قانوني يحميها من الجريمة االقتصادية وهذا السياج توفره لها التشريعات االقتصادية العقابية‪.8‬‬

‫مما سبق يتضح لنا أنه ال يوجد تعريف ُمتفق عليه و إنما هناك مفهوم شائع لتلك الجريمة و هو كل جريمة ترتكب ضد‬
‫المال‪ ،‬و ذلك وفقا ً لنوع كل دولة سواء كانت دولة اشتراكية أو دولة رأسمالية‪ ،‬فالدول االشتراكية تحصر الجريمة االقتصادية‬
‫في أنها الجريمة ضّد المال العام‪.‬‬

‫فمن خالل التعريفات السابقة يتضح لنا أن التعريفات السابقة جاءت على سبيل المثال و ليس على سبيل الحصر‪ ،‬كما أن‬
‫الجرائم التي ترتكب ضّد تلك األموال تشمل كل أنواع التعدي و الثروات التي تمتلكها الدولة‪ ،‬أو تمتلكها األفراد داخل الدولة‬
‫بالنسبة للدول الرأسمالية‪ ،‬فمن هُنا يُمكن القول بأن النظام االقتصادي و النظام الجنائي داخل كل دولة وجهان لعملة واحدة ‪،‬‬
‫بحيث يُعاقب أي تعدي من االعتداءات الخاصة باألموال و للحفاظ على حقوق المواطنين ‪.‬‬

‫االقتصاد يقوم على عمليات انتاج و بيع السلع و المنتجات سواء كانت منتجات زراعية أو صناعية أو حيوانية أو أى نوع‬
‫أخر من المنتجات سواء كانت طبيعية أو صناعية‪ ،‬كما أن مصطلح المال يُطلق في األساس على كل ما هو ثمين‪ ،‬أى كل‬
‫شيء ذات قيمة يمكن نقل ملكيته من شخص آلخر‪.‬‬

‫فالجريمة االقتصادية تنتمي لقانون العقوبات االقتصادي الحامي للعمليات االقتصادية المتقدمة ضد كل ما يحل باالقتصاد‬
‫القومي واالنتاج الوطني و الخدمات سواء كان ذلك وارداً في قانون العقوبات أو في أى قانون آخر من القوانين التي تحمي‬
‫حقوق األفراد في المجتمع ‪.‬‬

‫التعريف القانوني للجريمة االقتصادية‪ ،‬فهو الذي يبين األفعال المجرمة التي تقع باالعتداء مباشرة على مصلحة اقتصادية‬
‫يحميها القانون كالجرائم المتعلقة بالمعامالت المصرفية‪ ،‬وتجارة العملة‪ ،‬واالستيراد والتصدير‪ ،‬والمنافسة غير المشروعة‬
‫والغش التجاري واختالس المال العام واالستيالء عليه‪ ،‬والتهريب الجمركي‪ ،‬وجرائم التمويل والتسعير الجبري‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى مجموعة مستحدثة من الجرائم التي تهز االقتصاديات الوطنية كجرائم غسيل األموال وغيرها ثم الجرائم التي تظهر‬
‫نتيجة اإلصالح االقتصادي فيميل إلى ً التوسع ليشمل جديدة من الجرائم التي أفرزتها التغيرات أنماطا والتحوالت االقتصادية‪.‬‬

‫‪ 8‬محمد أحمد المشهدان ي‪ ،‬الجرائم االقتصادية أنواعها و طرق مكافحتها و الوقاية منها ‪ ،‬المجلد العشرون‪/‬العدد األول‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وتعرف الجريمة االقتصادية بأنها فعل ضار له مظهر خارجي يخل بالنظام االقتصادي واالئتماني وبأهداف السياسة‬
‫‪9‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬يحضره القانون ويفرض له عقابا ً و يأتيه إنسان أهل لتحمل المسؤولية الجنائية ‪.‬‬

‫حيث أن هناك رأي فقهي يرى أن الجريمة هي الجريمة وال داعي للمسميات المختلفة ‪ ،‬إذ أن من الجرائم العادية ما يكون‬
‫له آثار اقتصادية مثل السرقة والرشوة واالختالس والتزويروالنصب واالحتيال والغش والتهرب الضريبي ‪ ،‬إشهار اإلفالس‬
‫بالتدليس وكل المماطالت الخاصة بسداد المديونيات‪ ،‬وغيرها العديد من الصور المختلفة للجرائم المالية والتي تؤثر على‬
‫اقتصاد الدول ونحوها وتفوق مخاطر الجرائم االقتصادية أي نوع آخر من الجرائم وذلك الن آثارها قد تشمل أجياال‪ ،‬وحياة‬
‫آالف من البشر‪ ،‬فإنهاك اقتصاد الدولة أو الشركات والمؤسسات الكبرى يؤدي إلى كوارث مالية واجتماعية تهدد حياة‬
‫العاملين فيها وضياع لمدخراتهم ومصادر دخلهم‪،‬مما يؤدي ذلك إلى عدم االستقرار و األمن المالي و االقتصادي لتلك‬
‫المؤسسة و هذا يؤثر على اقتصاد الدولة أيضاً‪ ،‬فهي نتيجة حتمية واضحة‪.‬‬

‫كما أن التلوث في البيئة البحرية واألرضية يؤدي إلى اإلضرار بحياة اإلنسان والثروات النباتية والحيوانية مما يؤدي إلى‬
‫موته أو انتقال األمراض القاتلة إليه‪ ،‬ومن جانب آخر فإن الممارسات غير المشروعة التي تقوم بها الشركات الكبرى متعددة‬
‫الجنسيات وسيطرتها على االقتصاد الوطني والدولي زادت من خطورة الجرائم االقتصادية مما حدا بكثير من الدول‬
‫والمنظمات إلى التنبيه والعمل على التصدي ومكافحة الجرائم االقتصادية بمختلف الوسائل واألساليب‪.10‬‬

‫فمن أبرز الجرائم االقتصادية الحالية جريمة غسيل األموال فهي جريمة تم تعريفها بأنها " نشاط أو عملية من شأنها إخفاء‬
‫المصدر غير المشروع الذي اكتسبت به األموال "‪ ،‬فمثل هذه الجريمة تهدد االقتصاد الوطني و تقضي على الكثير من‬
‫المشروعات المشروعة الشريفة التي تعمل فى المجتمع‪ ،‬كما أنها تقضي على القيم األخالقية التي يتبناها المجتمع و يُصبح‬
‫مجتمعا ً ممتلئا ً بالرشوة و الفساد المالي و اإلداري ‪.‬‬

‫فقد وجب القول أن الجرائم االقتصادية لها مخاطر عالية و ذا تأثير واسع و ُممتد ألجيال متعددة سواء على المستوى‬
‫االقتصادي و االجتماعي‪ ،‬حيث أنها تؤثر من الناحية االقتصادية على الدولة و من الناحية االجتماعية بتهدد حياة الناس و‬
‫أموالهم ‪.‬‬

‫‪ 9‬أمين جابر الشديفات‪ ،‬البطالة و عالقتها بالجرائم االقتصادية في العالم العربي‪ ،‬ص ‪ ،74‬دراسات العلوم اإلنسانية و االجتماعية‪،‬المجلد ‪ ، 44‬العدد ‪ ،1‬لسنة ‪"2017‬عوض‬
‫‪." 1996،‬‬
‫‪ 10‬المركز الديموقراطي العربي‪ ،‬للدراسات االستراتيجية‪،‬االقتصادية و السياسية‪ ،‬الجريمة االقتصادية في نظام قانون العقوبات المصري و شروط تطبيقه‪ ،‬سيد طنطاوي‬
‫محمد سيد‪ ،‬تم االطالع على هذا الموقع بتاريخ ‪.2022/4/22‬‬
‫‪https://democraticac.de/?p=56723‬‬

‫‪9‬‬
‫و القتصاديات الجريمة سمات و خصائص ُوجب علينا سردها لتمييزها عن غيرها من الجرائم ‪ ،‬لذا سنعرض تلك السمات‬
‫والخصائص في المطلب الثاني ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫سمات الجرائم االقتصادية‬

‫تمهيد و تقسيم ‪:‬‬

‫كما نعلم أن لكل شيء سمات تخصها ‪ ،‬و خصائص تُميزها عن غيرها ‪ ،‬و للجريمة االقتصادية سمات تُميزها لتجعلها‬
‫إقتصادية بحتة و خصائص تُميزها لذا سنتحدث عن ُكالً منهم على حدة ‪.‬‬

‫للجرائم االقتصادية سمات معينة منها ‪:‬‬

‫‪ -1‬جرائم ذات مسؤولية المطلقة و دون خطأ ‪ ،‬فهي جريمة دون ركن معنوي يعتبر ‪.‬‬
‫‪ -2‬جرائم ذات مسؤولية فعل الغير ‪ ،‬فصاحب المحل مسؤول مع مديره أو القائم على ادارته عن كل ما يقع فى‬
‫المحل من المخالفات ‪.‬‬
‫‪ -3‬أي شخص معنوي يُسأل جنائيا ً على أساس المسؤوليات االجتماعية و الخطورة و ليس على أساس المسؤولية‬
‫األخالقية نهائيا ً ‪.‬‬
‫‪ -4‬ال يُحتج في هذه الجرائم بالجهل أو الغلط في الوقائع أو القانون ‪.‬‬
‫‪ -5‬انها جرائم تنتمي لذوي الياقات البيضاء و ذات مسؤولية ُمطلقة ‪،‬سواء كانت واقعة من أفراد أو منشأت‬
‫تجارية أو شركات أو مصانع ‪ ،‬لذلك قرر لها ال ُم ّشرع غرامات مالية ل ُكل شخص طبيعي أو اعتباري يبتغي‬
‫الربح الغير مشروع ‪.‬‬
‫‪ -6‬هذه الجرائم سريعة التغيير و ذلك لسرعة تطّور األنشطة االقتصادية و األوضاع االقتصادية و االجتماعية‬
‫لكل دولة في العصر الحديث ؛ و ذلك نتيجة للعولمة ‪.‬‬

‫اتضح لنا سمات الجرائم االقتصادية التي من خاللها يتبين لنا أن تلك الجريمة لها ما يُميزها ‪ ،‬لذا سنُوضح خصائصها‬
‫كاملةً ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫خصائص الجرائم االقتصادية‬

‫لعل أهم العوامل السلبية التي تعيق المسعى النبيل المتمثل في رفع راية الحق و حمل لواء العدل ‪ ،‬فهي من الجرائم التي‬
‫أحدثتها الثورة التكنولوجية و ما صاحبها من تطور في جميع الميادين و خصوصا ً المعامالت المالية و هي ما يعرف‬
‫بالجرائم االقتصادية و التي هي كل المخالفات التي تتم في مجال االقتصاد و المال و األعمال ‪ ،‬و المرتكبة من طرف‬
‫األفراد أو الجماعات أو الهيئات ‪ ،‬و التي تستغل كل الوسائل التكنولوجية المتاحة و الظروف التي أوجدتها العولمة‬
‫‪11‬‬
‫االقتصادية بهدف تحقيق مصالح أو أرباح و التي تلحق ضرر بالنظم االقتصادية المالية سواء كانت عالمية أو محلية ‪.‬‬

‫كما أن القوانين المعنية أو المنتهكة ليست جزءا من القانون الجنائي التقليدي‪ .‬مثل هذه الجرائم ‪ :‬هي الفساد واالحتيال على‬
‫الشركات واالحتيال العام والتهرب الضريبي وتهريب السلع والتالعب باألسهم وتزوير العمالت واالئتمان واالحتيال على‬
‫البطاقات‪ ،‬والجرائم البيئية‪ ،‬وانتهاك الملكية الفكرية‪ ،‬وظاهرة الجريمة اإللكترونية األحدث عهداً‪.‬‬

‫وتختلف هذه الجرائم عن الجرائم التقليدية في خصائص هدفها وطريقة عملها‪.‬‬

‫حيث أن المجرم التقليدي يسرق مبالغ صغيرة من المال وغالبًا ما يستخدم القوة الغاشمة واألدوات التقليدية لتحقيق هدفه‪،‬‬
‫على العكس من ذلك‪ ،‬فإن المجرم الذي يرتكب جريمة اقتصادية يسرق مبالغ كبيرة ‪ ،‬ويستخدم التكنولوجيا واالتصاالت‬
‫إلجراء معامالت تجارية غير مشروعة‪ ،‬أو تعكير قواعد البيانات أو تنظيم عمليات احتيال واسعة النطاق‪ .‬كما أن ضحاياه‬
‫جاهلون وساذجون وغالبًا ما يظلون غير مدركين لحقيقة تعرضهم للغش ‪.‬‬

‫هناك خاصية أخرى للجرائم االقتصادية أو التجارية أو جرائم الشركات أو جرائم ذوي الياقات البيضاء وهي أنها غالبًا‬
‫ما يُنظر إليها على أنها «أعمال جيدة»‪ :‬وغالبًا ما يتطلب العمل الجيد «قطع الزوايا»‪ .‬غالبًا ما يُنظر إلى االنتهاكات القانونية‬
‫من قبل الشركات على أنها جزء من نظام األعمال‪ ،‬مثل التجسس الصناعي أو تقنيات التسويق الموحية نفسيًا‪.‬‬

‫تعتبر هذه األنشطة امتدادًا للنظام الرأسمالي القائم على الربح وااللتزام التقني بالنص بدالً من روح القانون‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فإن مثل هذه الجرائم مكلفة للغاية لمجتمعنا‪ .‬وعلى النقيض من الجرائم التقليدية التي تؤثر على أفراد معينين‪،‬‬
‫فإن الجرائم االقتصادية تؤثر على المجتمع ككل‪.‬‬

‫على سبيل المثال‪ ،‬يحث اإلعالن الكاذب الجمهور على االستثمار في المنتجات التي ليس لها التأثير المطلوب‪ .‬تؤثر العقاقير‬
‫غير اآلمنة ومبيدات اآلفات والمواد المضافة إلى األغذية على صحة اآلالف و التعرض للمخاطر الصناعية مثل المعدات‬

‫‪ 11‬صافة خيرة ‪ ،‬دور القضاء في مكافحة الجريمة االقتصادية ‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراة في العلوم القانونية ‪ ،‬بالقانون االقتصادي سنه ‪2017-2016‬‬

‫‪11‬‬
‫غير المأمونة والمواد السامة للمواد واالنبعاثات تأثير سلبي على طول عمر العمال‪ .‬ذلك ألن العديد من أشكال غير مرئية‬
‫نسبيا‪ ،‬بالمقارنة مع جرائم العنف‪ ،‬على سبيل المثال‪ .‬آثار ذلك على المجتمع يتم إخفاء الجريمة االقتصادية مع تزايد الخوف‬
‫والقلق العام في الحاالت التي تؤثر على األمن الشخصي أكثر مباشرة‪.‬‬

‫فقد ُوجد نسبة كبيرة من الجرائم المنظمة الوطنية طبيعة الجريمة االقتصادية العالمية منها االتجار بالمخدرات واالبتزاز‬
‫والفساد والتهرب الضريبي وتهريب األسلحة واإلرهاب واالحتيال‪.‬‬

‫يعد التهديد االقتصادي الدولي‪ ،‬الذي تشكله الجريمة المنظمة العالمية‪ ،‬في اقتصاد عالمي متزايد من بين التهديدات‬
‫«الجديدة» الرئيسية لألمن القومي‪.‬‬

‫فال تؤثر الجريمة االقتصادية العالمية على مجموعة مختارة من المؤسسات المالية أو المناطق اإلقليمية فحسب ؛ إنما تؤثر‬
‫على الشبكات واالقتصادات المالية الدولية على الصعيد الوطني‪.‬‬

‫فتنظيم عملية غسيل باليين الدوالرات تؤدي أموال الجريمة إلى تفاقم مشاكل الدين الوطني ألن المبالغ الكبيرة من المال‬
‫تُفقد بعد ذلك كإيرادات ضريبية لحكومة ذلك البلد‪ .‬كما يمكن أن يكون للجريمة المنظمة العالمية أثر ضار على الهياكل‬
‫السياسية‪ ،‬وال سيما الديمقراطيات الهشة واالقتصادات النامية‪ .‬نظرًا ألن الناس يشعرون أن الحكومة عاجزة عن وقف‬
‫الجريمة المنظمة‪ ،‬فإنهم يلجأون إلى قادة الجريمة للحصول على الحماية وتبدأ المؤسسات السياسية في التدهور‪ .‬وقد انتشرت‬
‫الجرائم االقتصادية في كثير من البلدان‪ ،‬وال سيما تلك التي هي في طور التنمية االقتصادية أو االجتماعية أو السياسية‪.‬‬

‫وينشأ عدد من الصعوبات في التحقيق في هذه الجرائم ‪:‬‬

‫األول‪ :‬هو على سبيل المثال خصائص أو مكونات «االحتكارات غير المشروعة» أو «صنع المنتجات غير اآلمنة»‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬هو تحديد المسؤولية‪ :‬ما إذا كانت مسؤولية األمين العام أو األفراد الموجودين فيها‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬كثيرا ما يكون من الصعب جدا إثبات نية ارتكاب جريمة‪.‬‬

‫أخيرًا‪ ،‬وربما األهم من ذلك‪ ،‬أن الجمهور‪ ،‬على الرغم من أنه أصبح مدر ًكا بشكل متزايد لطبيعة هذه الجرائم‪ ،‬إال أنه غير‬
‫مبال إلى حد كبير‪ ،‬وحتى إذا كان معنيًا في بعض الحاالت‪ ،‬فهو غير قادر على الضغط على الحكومة التي تترك القضية‬
‫لعدد قليل من مجموعات حماية المستهلك‪.‬‬

‫ازداد التعاون فيما بين الجماعات العالمية المعنية بالجريمة المنظمة مع انخفاض القيود بين الحدود الدولية‪.‬وهذه المالذات‬
‫األجنبية للمجرمين وأصولهم جعلت من الصعب بشكل متزايد على أجهزة إنفاذ القانون تتبع األرباح غير المشروعة ؛ وجمع‬
‫األدلة عن القادة الجنائيين ؛ وتحديد الجماعات اإلجرامية واحتوائها‪ .‬وتسمح هذه الشبكات العالمية للجماعات اإلجرامية‬
‫المنظمة بزيادة أرباح عملياتها وأساليبها في التهرب من الحكومات المحلية بقدر ما تتقاسم المعلومات والمهارات والتكاليف‬
‫والوصول إلى األسواق ومواطن القوة النسبية‪ .‬وبالرغم من أن المعامالت المالية مشروعة تماما‪ ،‬فإنها معقدة للغاية وتنطوي‬
‫على نظم مالية في كثير من البلدان‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫تعمل األسواق المالية بسرعة بسبب االتصاالت الحديثة و التجهيز االلكتروني للبيانات وخلق انطباع بعدم المالءمة‪ .‬يجب‬
‫توخي الحذر في تنظيم األنشطة المالية واالقتصادية بطريقة تعزز المنافسة الحرة وال تخنقها من خالل التنظيم المفرط ‪،‬‬
‫‪12‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ ،‬يتعين إقامة توازن بين النظامين التنظيمي والتشريعي‪.‬‬

‫‪12‬‬‫‪ECONOMIC CRIME IN A GLOBALIZING SOCIETY: ITS IMPACT ON THE SOUND DEVELOPMENT OF THE‬‬
‫‪STATE - AN INDIAN PERSPECTIVE -126TH INTERNATIONAL SENIOR SEMINAR VISITING EXPERTS’ PAPERS -‬‬
‫‪Deepa Mehta‬‬

‫‪13‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫أنواع الجرائم االقتصادية‬

‫تمهيد و تقسيم ‪:‬‬

‫اقتصاديات الجريمة ‪ ،‬عبارة عن ظاهرة اجتماعية سلبية تعاني منها كافة المجتمعات و خصوصا ً المجتمعات المعاصرة‪،‬‬
‫و بغض النظر عن مدى تطورها أو تقدمها االقتصادي من ناحية و باختالف النظام االقتصادي المطبق فيها ‪ ،‬فالتقدم‬
‫التكنولوجي الذي شهده العالم كافة و خصوصا ً في المجاالت االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬فبتطور المجاالت تتطور أنماط و‬
‫صور الجرائم االقتصادية ‪.‬‬

‫فممارسة الفساد في المجتمعات النامية أكثر انتشاراً من ممارسته فى الدول المتقدمة ؛ ألنه يؤدي إلى تمزيق الحياة‬
‫‪13‬‬
‫االقتصادية في مثل هذه المجتمعات ‪.‬‬

‫هناك العديد من أنواع الجرائم االقتصادية التي تختلف من مجتمع آلخر باختالف نظمه االقتصادية وتطوره الحضاري‬
‫إال انه مع التطور السريع الذي يمر به العالم‪ ،‬فان ذلك يؤدي إلى استحداث أنشطة جديدة وعولمة ألنشطتها اإلجرامية‬
‫وظهور أنواع جديدة الجرائم االقتصادية‪ ،‬وهنا مكمن الخطر ألثر هذه الجرائم وتهديدها للنمو االقتصادي األمر الذي‬
‫يصعب حصر نتائجها وتحديدها ألنها تشمل كل ما يلحق الضرر بعمليات الثروات والتوزيع والتجارة والتصنيع أو تداول‬
‫واستهالك السلع والخدمات وتهدد الثروات البيئية من نبات وكنوز معدنية وثروات بحرية‪ ،‬فتشمل تخريب األراضي‬
‫الزراعية وتبويرها ودفن النفايات النووية في باطن األرض أو البحر والتخلص من النفايات الناتجة من استهالك المصانع‬
‫أو االستخدامات البشرية في الحياة اليومية‪ ،‬وكذلك إنتاج وزراعة المخدرات الطبيعية على حساب األراضي الزراعية أو‬
‫تصنيع المخدرات والمؤثرات بطرق كيميائية وكذلك التنافس غير المشروع كإغراق األسواق وتقليد وتزوير المنتجات‬
‫االستهالكية وتزوير العالمات التجارية واحتكار السلع‪ ،‬باإلضافة إلى الجرائم المتعلقة بالحاسوب من برمجة عمليات‬
‫وهمية أو تزوير معلوماتها‪ ،‬وكذلك االختراق أو التجسس للحصول على معلومات بهدف التخريب أو تحقيق أرباح مالية ‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫‪- Ankie,M.Hoogvelt; “The Sociology of Developing Socities”. The Macmillan Press, London,1976, P.127 .‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ 14‬مجلة المختبر القانوني‪ ،‬مختبر العلوم االقتصادية‪ ،‬أنواع الجرائم االقتصادية تم االطالع بتاريخ ‪2022-4-22‬‬
‫‪http://www.labodroit.com/%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%87 /‬‬

‫‪14‬‬
‫تعد الجرائم االقتصادية بأنواعها المختلفة مؤثرة تأثيراً شديداً و خطيراً و خاصةً على برامج التنمية والتقدم الحضاري‬
‫ألي مجتمع حيث إنها تعوق من تقدمه نحو النمو االقتصادي وتضر بأمانه و مصالحه ‪ ،‬ففي الوقت المعاصر حيث االنفتاح‬
‫االقتصادي والتقدم السريع لجميع نواحي الحياة والثورة التكنولوجية التي بدورها زادت من انتشار التجارة االلكترونية‬
‫وعولمة االقتصاد وبالتالي و نتيجة لذلك عولمة النشاط اإلجرامي‪.‬‬

‫فال شك أن هناك جرائم تعتبر من الجرائم العادية لها آثار اقتصادية كالسرقة واالختالس والتزوير والرشوة واالبتزاز‬
‫والنصب واالحتيال والغش والتدليس و السطو والمماطلة في سداد الديون وغيرها من صور الجرائم المالية فمن أهم هذه‬
‫الجرائم االقتصادية التهرب الضريبي و االقتصاد غير الرسمي و االقتصاد األسود ‪ ،‬حيث يتأثر بها المجني عليه من ناحية‬
‫سلب أمواله ‪ ،‬فنتيجة لذلك ال يحقق تقدما ً ونمواً اقتصاديا ً يستفيد منها أو يستفيد اقتصاد بالده إال أن الجرائم االقتصادية هي‬
‫في المقام األول موجهة للسياسة االقتصادية للدولة وتضر بمصالحها المالية‪.‬‬

‫وهناك العديد من أنواع الجرائم االقتصادية التي تختلف من مجتمع آلخر باختالف أنظمته االقتصادية وتطوره الحضاري‬
‫إال انه مع التطور السريع الذي يمر به العالم‪ ،‬فذلك يؤدي إلى استحداث أنشطة جديدة وعولمة ألنشطتها اإلجرامية وظهور‬
‫أنواع جديدة الجرائم االقتصادية‪ ،‬وهنا مكمن الخطر الرئيسي ألثر هذه الجرائم ‪ ،‬وتهديدها للنمو االقتصادي األمر الذي‬
‫يصعب حصر نتائجه وتحديده ألنها تشمل كل ما يلحق الضرر بعمليات الثروات والتوزيع والتجارة والتصنيع أو تداول‬
‫واستهالك السلع والخدمات وتهدد الثروات البيئية من نبات وكنوز معدنية وثروات بحرية ‪ ،‬فهي تشمل تخريب األراضي‬
‫الزراعية وتبويرها ودفن النفايات النووية في باطن األرض أو البحر والتخلص من النفايات الناتجة من استهالك المصانع‬
‫أو االستخدامات البشرية في الحياة اليومية‪ ،‬وكذلك إنتاج وزراعة المخدرات الطبيعية على حساب األراضي الزراعية أو‬
‫تصنيع المخدرات والمؤثرات بطرق كيميائية وكذلك التنافس غير المشروع كإغراق األسواق وتقليد وتزوير المنتجات‬
‫االستهالكية وتزوير العالمات التجارية واحتكار السلع‪ ،‬باإلضافة إلى الجرائم المتعلقة بالحاسوب من برمجة عمليات وهمية‬
‫أو تزوير معلوماتها‪ ،‬وكذلك االختراق أو التجسس للحصول على معلومات بهدف التخريب أو تحقيق أرباح مالية‪.‬‬
‫قد رأينا أن الجرائم االقتصادية تُقسّم لع ّدة أنواع ؛ تنقسم لثالثة أقسام رئيسية ‪ ،‬فالقسم األول للجرائم االقتصادية ينقسم من‬
‫حيث ‪ :‬نشاطها االقتصادي ‪ ،‬و من حيث ‪ :‬فاعلياتها االقتصادية ‪ ،‬ومن حيث ‪ :‬عقوبتها ‪ ،‬القسم الثاني ‪ :‬أنواع الجرائم‬
‫االقتصادية طبقا ً لطبيعة أو نوع ملكية األموال أو الموارد محل االعتداء ‪ ،‬القسم الثالث ‪ :‬تمييز الجرائم االقتصادية التقليدية‬
‫من ناحية و الجرائم االقتصادية المستحدثة من ناحية أخرى ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫القسم األول‪:‬‬

‫الجريمة االقتصادية من حيث النشاط االقتصادي ‪:‬‬

‫تنقسم هذه الجرائم لع ّدة أقسام ‪ ،‬من أهمها ‪:‬‬

‫‪ -1‬الجرائم المالية ‪.‬‬


‫‪ -2‬الجرائم التجارية ‪.‬‬
‫‪ -3‬الجرائم الصناعية ‪.‬‬
‫‪ -4‬الجرائم الناتجة من عمليات االستخراج ‪.‬‬
‫‪ -5‬الجرائم الناتجة من الخدمات ‪.‬‬

‫الجريمة االقتصادية من حيث الفاعليات االقتصادية ‪:‬‬

‫تنقسم هذه الجرائم لع ّدة أقسام ‪ ،‬من أهمها ‪:‬‬

‫‪ -1‬جرائم االنتاج ‪.‬‬


‫‪ -2‬جرائم االستهالك ‪.‬‬
‫‪ -3‬جرائم االستثمار ‪.‬‬
‫‪ -4‬جرائم التبادل و التسويق ‪.‬‬

‫الجرائم االقتصادية من حيث العقوبة ‪:‬‬

‫تلك الجرائم تنقسم إلى قسمين ‪:‬‬

‫‪ -1‬جرائم لها عقوبات محددة في الشرع بالنص من الكتاب و السنة ( كجرائم الحدود و القصاص )‪.‬‬
‫‪ -2‬جرائم ليس لها عقوبات محددة و يقوم ولي األمر بتحديدها ‪.‬‬

‫سنذكر من هذه التقسيمات لتلك الجرائم المتعددة بعض األمثلة ‪:‬‬

‫‪ -1‬جريمة السرقة ‪ :‬و هي من الجرائم المالية المعاقب عليها سواء في الشريعة اإلسالمية و القوانين الوضعية ‪ ،‬فكما‬
‫نعلم أن جريمة السرقة هي اخذ مال منقول مملوك للغير دون رضاه ‪.‬‬
‫‪ -2‬جريمة اختالس االموال ‪ :‬هي كذلك من جرائم االموال ‪ ،‬فاختالس األموال عادةً تكون أموال عامة تخص الدولة ‪،‬‬
‫و من الممكن أن تكون ضمن األموال الخاصة التي يمتلكها األفراد داخل المجتمع ‪.‬‬
‫‪ -3‬الغش ‪ :‬يقع الغش على جرائم األموال أيضا ً ‪ ،‬فهو يعني خداع المستهلكين بأشياء غير حقيقية ‪.‬‬
‫‪ -4‬االحتكار ‪ :‬من الجرائم التي يختص بها فرع االقتصاد بوجه الخصوص‪ ،‬و جرائم األموال في العموم ‪ ،‬حيث أن‬
‫المحتكر ينتج بمقدار أقل بقليل من السلع المطلوبة من المستهلكين و يبيعها بسعر أعلى بكثير ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -5‬التزوير ‪ :‬يقع التزوير على الجرائم الخاصة بالتعامالت المالية و األموال ‪ ،‬ألن التزوير هو تغيير الحقائق بقصد‬
‫الغش ‪ ،‬يكون ذلك الغش بصك أو بورقة أو بمحرر رسمي أو عادي ‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪ -6‬التعامل بالربا ‪ :‬الربا جريمة اقتصادية ‪ ،‬المقصود بها أن محرمة من قِبل الشارع ‪.‬‬
‫‪ -7‬جريمة األسعار و جريمة الصرف ‪ :‬فجريمة األسعار و جريمة الصرف من أهم الجرائم االقتصادية و ذلك ألن‬
‫االستقرار في األسعار من أكثر الضمانات لألفراد داخل المجتمع من جشع التجار و استغاللهم للسوق ‪.‬‬
‫‪ -8‬التهرب من الضرائب ‪ :‬فتلك الجريمة االقتصادية تتزايد بصفة خاصة في المجتمعات الرأسمالية ‪.‬‬
‫‪ -9‬جريمة غسيل األموال ‪ :‬فكما نعرف أن تلك الجريمة هي عبارة عن نشاط أو عملية تخفي المصدر غير المشروع‬
‫الذي اكتسب من خالله المال ‪.‬‬
‫النصب و االحتيال ‪ :‬مثل هذه الجريمة تعتبر جريمة اقتصادية مالية ‪ ،‬فالنصب و االحتيال يعني استيالء‬ ‫‪-10‬‬
‫الجاني على مال منقول او غير منقول برضا صاحبه أي مالكه و لكن يتم ذلك بواسطة استعمال وسيلة احتيالية ‪،‬‬
‫من هذه الوسائل االحتيالية تلك ‪ :‬استعمال الكذب و الغش و الخداع ‪ ،‬و التصرف في مال سواء كان منقوالً أو غير‬
‫منقول ليس له الحق في التصرف فيه مع اتخاذه صفة غير صحيحه‪.‬‬

‫مما سبق يتضح لنا أنواع الجرائم االقتصادية فهي تنقسم لقسمين رئيسيين ‪ :‬القسم األول يحتوي على الجرائم االقتصادية‬
‫من حيث النشاط االقتصادي للجرائم و من حيث الفعاليات االقتصادية ‪ ،‬فمثل هذه الجرائم تحتوي على ع ّدة جرائم خارجة‬
‫منها تؤثر على االقتصاد بشكل مباشر و على جميع األفراد داخل المجتمع بشكل مباشر أيضا ً ‪ ،‬حيث أن هناك فرق شاسع‬
‫بين الجرائم الناتجة من طبيعة النشاط االقتصادي للجريمة و الجرائم الناتجة من الفعاليات االقتصادية ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للقسم الثاني فهو يشمل الجرائم االقتصادية من حيث العقوبة و ذلك القسم يحتوي على نوعين آخرين ‪ ،‬النوع‬
‫األول هو جرائم لها عقوبات محددة في الشرع بالنص من الكتاب و السنة ( كجرائم الحدود و القصاص )‪ ،‬و النوع الثاني‬
‫هو جرائم ليس لها عقوبات محددة و يقوم ولي األمر بتحديدها ‪ ،‬فمن خالل تلك الجرائم يتضح لنا أن هناك جرائم عديدة‬
‫يمكن أن يتعرض لها الفرد في حياته اليومية لذلك وجب تشريع قوانين وضعية تعمل على حماية حقوق األفراد داخل‬
‫المجتمع ‪.‬‬

‫محمد أحمد المشهداني ‪ ،‬الجرائم االقتصادية أنواعها و طرق مكافحتها و الوقاية منها ‪ ،‬ص ‪. 124‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪17‬‬
‫القسم الثاني ‪:‬‬

‫أنواع الجرائم االقتصادية طبقا ً لطبيعة أو نوع ملكية األموال أو الموارد االقتصادية محل االعتداء ‪:‬‬

‫قد يكون المال ماالً عاما ً أي أنه ملك للدولة ‪ ،‬او أنه ماالً خاصا ً أى أنه مشروع خاص لفرد أو لشركة ‪ ،‬أو مملوك لبعض‬
‫الهيئات أى أنه يكون كالنقابات مثالً ‪.‬‬

‫‪ -1‬بعض الجرائم الواقعة على المال العام أو الجرائم الضارة بالمصلحة االقتصادية العامة للمجتمع ) ‪:‬‬

‫فمن هذه الجرائم مثالً ‪ :‬أ‪ -‬تزييف العملة و االختالس فهذه الجرائم من الجرائم التي تضّر بالمصلحة االقتصادية العامة‬
‫للمجتمع و تؤثر عليه تأثيراً واضحا ً ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬جرائم االقتصاد الخفي ( السري ) ‪: Hiden Economy :‬‬

‫انتشر ال ُمصطلح الخاص باالقتصاد الخفي في اآلونة األخيرة‪ ،‬و بإنتشاره أنتشرت ع ّدة جرائم حقيقية تؤثر على االقتصاد‬
‫ال ُكلي و تؤثر على اإليرادات الداخلة للدولة سواء كان نتاجا ً من التهرب الضريبي أو غيرها‪..‬‬

‫يُسمى االقتصاد الخفي بتعبيرات عديدة متنوعة منها ‪ :‬االقتصاد التحتي ‪ ،‬االقتصاد األسود‪ ،‬االقتصاد غير المرئي‪ ،‬و‬
‫االقتصاد غير الرسمي ‪.‬‬

‫من هذه المسميات نجد أن االقتصاد الخفي المقصود به هو األنشطة الغير معلن عنها و ال تدخل ضمن حسابات الدخل‬
‫القومي‪ ،‬و ال تخضع أرباحها و عوائدها للضرائب؛ بالتالي األنشطة الناتجة عن هذا االقتصاد غير مشروعة و غير قانونية‬
‫بالمرة ‪ ،‬و قد تكون مشروعة بشكل ظاهري و العاملين عليها يتعمدون إخفاء حقيقتها للتهرب من الضرائب ‪.‬‬

‫أي يمكننا القول أن االقتصاد الخفي أو االقتصاد الغير رسمي يُعد من االقتصاديات التي تساعد على التهرب من الضرائب‪،‬‬
‫سنبين فيما يأتي آثار التهرب الضريبي على االقتصاد ‪.‬‬

‫و على الرغم من قلة توافر االحصائيات الالزمة لتبيان المعدالت الحقيقية لالقتصاد الخفي و كثرة انتشاره و مدى‬
‫خطورته‪ ،‬كما أننا سنوضح سبب ارجاع ظاهرة االقتصاد الخفي و نموه على النحو اآلتي ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬التخضم ‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬ارتفاع أسعار الضرائب ‪.‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬ارتفاع معدالت البطالة ‪.‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬التحوالت التي تطرأ على السياسات االقتصادية العامة داخل المجتمعات ‪.‬‬

‫خامسا ً ‪ :‬النظم و القيود الحكومية ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫بعض الجرائم االقتصادية المندرجة و تمارس في االقتصاد الخفي ‪:‬‬

‫من هذه الجرائم ‪ :‬التهريب‪ ،‬الصفقات المشبوهة‪ ،‬القمار‪ ،‬الدروس الخصوصية‪ ،‬التهرب الضريبي‪ ،‬االتجار في‬
‫المخدرات‪ ،‬الرشوة‪ ،‬الفساد االداري و الحكومي‪ ،‬فهذه جرائم تعد من الجرائم القديمة نسبيا ً ‪ ،‬فبتطور الزمان و بانتشار‬
‫العولمة ‪ ،‬ظهرت جرائم حديثة تندرج تحت االقتصاد الخفي منها ‪ :‬االحتكار‪ ،‬االتفاقات غيرالمشروعة لتقييد التجارة و‬
‫فرض األسعار‪ ،‬المضاربة غير المشروعة‪ ،‬الغش التجاري‪ ،‬الجرائم المتعلقة بنشاط االئتمان في الجهاز المصرفي و هي‬
‫جرائم ترتبط بالجرائم الخاصة بذوي الياقات البيضاء ‪ ، White Collar- Crime‬جرائم غسيل األموال‪ ،‬الجرائم الخاصة‬
‫بسرقة المعلومات و القرصنة اإللكترونية ‪.‬‬

‫مما سبق من جرائم؛ فإنها تُحدث آثار ضارة متعددة‪ ،‬لذا سنعرض فيما يلي بعض اآلثار و بإيجاز شديد ‪.‬‬

‫بعض اآلثار التي تترتب على االقتصاد الخفي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬خفض حصيلة االيرادات العامة للدولة ‪.‬‬


‫ب‪ -‬التأثير السلبي على سياسات االستقرار االقتصادي ‪ :‬يتم التأثير السلبي عن طريق ‪ -1 :‬تشويه المعلومات‪ -2 ،‬خفض‬
‫معدل النمو االقتصادي العام‪ -3 ،‬التأثير السلبي على حجم الدخل القومي ‪ -4 ،‬إضعاف إنتاجية العمل في القطاع‬
‫‪16‬‬
‫الرسمي للدولة‪ -5 ،‬عدم العدالة في توزيع الدخل القومي ‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض جرائم االعتداء على المال الخاص ‪:‬‬
‫فمن هذه الجرائم ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬السرقة ‪،‬‬
‫ب – جرائم التخريب و االتالف و الحريق العمد ‪،‬‬
‫ج – جرائم الغش في المعامالت التجارية و من أهم صور هذه الجرائم تقديم الشيكات بدون رصيد ‪ ،‬و الغش‬
‫التجاري بأنواعه المتعددة ‪،‬‬
‫د – جرائم االتجار في المخدرات ‪.‬‬

‫‪ 16‬عبدهللا عبد العزيز الصعيدي‪ ،‬دراسة حول آثار الجريمة االقتصادية‪ ،‬بحوث و مقاالت‪ ،‬مجلد‪6‬عدد‪ ،2‬الفكرالشرطي‪ ،‬القيادة العامة لشرطة الشارقة‪ ،‬دار المنظومة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫القسم الثالث ‪:‬‬

‫أنواع الجرائم االقتصادية طبقا ً لمعايير التمييز بين الجرائم المستحدثة منها و التقليدية ‪:‬‬

‫فوفقا ً لهذا النوع من الجرائم االقتصادية سنوضح الفارق بينهم في ع ّدة نقاط ‪:‬‬

‫‪ -‬أوالً ‪ :‬الجريمة التقليدية جريمة محددة بنص قانوني غالبًا في قانون العقوبات ‪ ،‬بينما الجرائم االقتصادية و خاصة‬
‫المعاصرة أو الحديثة منها هي جرائم لم يشملها قانون العقوبات بل قوانين خاصة بكل جريمة والبعض منها لم‬
‫يصدر بتجريمه أي تشريع أي نعاني من قصور تشريعي نحوها‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬تتفق كل من الجرائم التقليدية والجرائم االقتصادية و خاصة المعاصرة أو الحديثة منها في المضمون‬ ‫‪-‬‬
‫كالسرقة و االستيالء على مال الغير ‪ ،‬ولكنها تختلف في الشكل بسبب روح العصر والتغيير في البنى االجتماعية‬
‫واالقتصادية للمجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثًا ‪ :‬الجرائم التقليدية تعد جرائم محلية بينما الكثير من الجرائم االقتصادية و خاصة المعاصرة أو الحديثة منها‬
‫هي جرائم عابرة للدول والقارات وقد تكون مرتكبة عن بعد عبر أجهزة إلكترونية واتصاالت ومعلوماتية بسبب‬
‫التكنولوجيا الحديثة‪.‬‬
‫‪ -‬رابعًا ‪ :‬الجرائم التقليدية تستهدف الفرد في جسمه أو في ماله أو في سمعته وشرفه ‪ ،‬بينما الجرائم االقتصادية‬
‫تستهدف المصالح العامة في جانبها االقتصادي والمالي‪.‬‬
‫‪ -‬خامسًا ‪ :‬الدافع في الجرائم التقليدية قد يكون االنتقام أو الثأر أو اإلضرار األدبي أو االجتماعي باإلضافة إلى‬
‫‪17‬‬
‫الكسب المادي ‪ ،‬بينما الدافع في الجرائم االقتصادية هو الكسب المادي أو اإلضرار المالي فقط‪.‬‬

‫‪ 17‬محمود رجب فتح هللا‪ ،‬الجريمة االقتصادية‪ ،‬االدارة و االقتصاد ‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد ‪ ،5963‬بتاريخ ‪، 2018/8/14‬تم االطالع عليه بتاريخ ‪.2022/5/5‬‬
‫‪https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=608414‬‬

‫‪20‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫آثار الجريمة االقتصادية و كيفية مواجهتها‬

‫تمهيد و تقسيم ‪:‬‬

‫أصبحت الظروف و المتغيرات االقتصادية تلعب دوراً حاسما ً في تحقيق رفاهية األفراد و األمم ‪ ،‬و تحقيق التقدم و‬
‫االزدهار للدول المتقدمة ‪ ،‬و ارتفاع مستوى المعيشة بالنسبة لألفراد بالدول النامية ‪،‬و لتحقيق التنمية المستدامة للمواطنين‬
‫داخل المجتمعات ‪ ،‬فال يتحقق شيء من هذا و ذاك بإنعدام االستقرار و انتشار جرائم داخل المجتمع و خاصةً الجرائم‬
‫االقتصادية ‪.‬‬

‫فالتغيرات االقتصادية التي تمر بها الدول سواء كانت نامية أو متقدمة تتأثر تأثيراً واضحا ً سواء على المستوي المحلي‬
‫أو المستوى الدولي ‪.‬‬

‫كما أن السالح االقتصادي أصبح من األسلحة المنتشرة في العصر الحديث‪ ،‬حيث أن السالح االقتصادي يغطي جدوالً‬
‫واسعا ً من االجراءات التي توفر للدولة المعاقبة وسائل تشجعها و قرارات تتخذها في مواجهة الدولة األخرى‪ ،‬حيث أن‬
‫السالح االقتصادي فى العالقات الدولية هو استخدام الدولة لمبادالتها التجارية و المالية مع دولة أخرى للحصول على‬
‫بعض التنازالت في مجال السياسة الداخلية أو الخارجية ‪ ،18‬كما أن الحروب االقتصادية أصبحت بديالً للحروب السياسية‬
‫و العسكرية ‪.‬‬

‫ان الجرائم االقتصادية في العالم تتزايد بشكل مستمر خاصةٌ الدول العربية ( األردن – السعودية – لبنان – مصر –‬
‫المغرب )‬

‫فمن اآلثار الناتجة من الجرائم اإلقتصادية و تفشيها داخل الدول العربية ‪ :‬البطالة ‪ ،‬التهرب الضريبي‬

‫لذا سنتحدث عن آثر البطالة وعالقتها بالجريمة االقتصادية كما أننا سنختص بعض الدول العربية منها األردن و السعودية‬
‫و لبنان و مصر و المغرب ‪ " ،‬آثر البطالة و عالقتها بالجريمة االقتصادية " بالمطلب األول ‪.‬‬

‫كما وجدنا أن للتهرب الضريبي آثر واضح و خطير على االقتصاد سواء كان على المستوى الوطني و المحلي أو على‬
‫المستوى الدولي ‪ " ،‬آثر التهرب الضريبي و عالقته بالجريمة االقتصادية " بالمطلب الثاني ‪.‬‬

‫‪ 18‬ماري هيلين البيه‪ " :‬الصراع االقتصادي في العالقات الدولية " منشورات عويدات ‪ ،‬تعريب حسن حيدر ‪ ،‬بيروت لبنان ‪1996،‬م ‪ ،‬ص‪ ( 13‬مجموعة زدني علما رقم‬
‫‪. )212‬‬

‫‪21‬‬
‫المطلب األول‬

‫آثر البطالة و عالقتها بالجريمة االقتصادية‬

‫تمهيد و تقسيم ‪:‬‬

‫قد الحظنا أن للبطالة تأثيراً عظيما ً على االقتصاد و خصوصا ً في الدول العربية و ذلك من بعض اإلحصائيات العالمية‬
‫‪ ،‬لِذا سنتحدث عنه بإيجاز في هذه الورقة البحثية مع إيضاح تعريف البطالة و أسباب وجودها بالدول العربية و أسباب‬
‫تفشيها في الوطن العربي على وجه الخصوص مع اإلشارة لبعض الدراسات األجنبية ‪ ،‬و عالقة البطالة بالجرائم‬
‫االقتصادية ‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬تعريف البطالة‪ :‬يعرفها االقتصاديون بفائض عرض العمل عن الطلب عند مستوى معين من األجور‪ ،‬ويرتبط‬
‫هذا التعريف بمستوى معين من األجور؛ ألنه معدل أجور يكون عنده كل األشخاص الذين يطلبون عمالً يقومون بذلك‬
‫ويسمى بأجر القبول‪ ،‬وبالتالي فإن البطالة تُقاس بعدد األشخاص الذي يبحثون عن عمل عند مستوى األجور السائد في‬
‫السوق ‪.‬‬

‫كما عرفّه مكتب العمل الدولي ‪ :‬العاطلين عن العمل بأنهم كل األفراد فوق سن معين وبدون عمل والمستعدين للعمل‬
‫ويبحثون عنه خالل فترة مرجعية ‪.‬‬

‫فالبطالة تعني ‪ :‬عدم وجود فرصة عمل لكل شخص يرغب في العمل و قادر عليه و هو في سن يسمح له بالعمل‪ ،‬فالفكرة‬
‫كلها هي عدم وجود الفرصة ‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬أسباب تفشي البطالة ‪ :‬تعد البطالة من أشد المخاطر التي تهدد استقرار وتماسك المجتمعات عموما ً ‪ ،‬و خصوصا ً‬
‫المجتمعات العربية‪ ،‬وتختلف األسباب بطبيعة المجتمعات واالختالفات بينها‪ ،‬فمن الممكن أن ندرك اختالف طبيعتها حتى‬
‫من منطقة إلى أخرى داخل البلد الواحد‪ ،‬كما أنه من الممكن أن توزع األسباب على عوامل مختلفة‪ ،‬سواء كانت اقتصادية‬
‫واجتماعية وسياسية وأخرى ‪ ،‬هي ‪ -1 :‬إخفاق خطط التنمية االقتصادية في البلدان العربية ‪.‬‬

‫‪-2‬فشل برامج التخطيط االقتصادي وتفاقم أزمة المديونية الخارجية ‪.‬‬

‫‪-3‬إخفاق برامج التصحيح االقتصادية ‪.‬‬

‫ففي المجتمعات العربية تواجه الدول العربية تحديات اقتصادية و اجتماعية و سياسية مشتركة ‪ ،‬على الرغم من‬
‫االختالف الذي يكاد يكون جذريا ً سواء من الناحية التي تعتمد عليها تلك الدول في أنظمتها االقتصادية و إنتاج اقتصادات‬
‫انتقالية و الدول الغير المستقرة و تسودها النزاعات و بعض البالد النامية ففيها يرتفع معدالت البطالة و العمالة الجزئية و‬
‫‪22‬‬
‫العمالة غير النظامية بجانب تراجع االنتاجية وفقا ً لتقرير منظمة العدل الدولية لعام ‪2011‬؛ حيث ذكرت منظمة العمل‬
‫الدولية أن أعداد األشخاص العاطلين عن العمل في أنحاء العالم قد ارتفعت إلى معدالت تاريخية لتبلغ ‪ 212‬مليون شخص‬
‫العام الماضي أو ‪% 6.6‬من القوى العاملة‪ ،‬منهم ما يزيد على ‪ 14‬مليون متعطل عربي وبمعدل يزيد على ضعف المعدل‬
‫العالمي ‪.‬ويوضع التقرير االقتصادي العربي الموحد لعام ‪ 2011‬نسب البطالة في الوطن العربي وتوزيعها‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫مما سبق من إحصائيات سواء كانت من منظمة العدل الدولية أو من التقرير االقتصادي الموحد يتضح لنا أن البطالة فى‬
‫تزايد ُمستمر و بالتالي الجرائم االقتصادية في ازدياد ُمستمر ‪ ،‬إذ أن الجرائم االقتصادية ارتفعت من ‪ 247824‬عام ‪2003‬‬
‫إلى ‪ 337900‬عام ‪ 2008‬ثم ارتفعت إلى ‪ 494986‬عام ‪. 2013‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬العالقة بين البطالة و الجرائم االقتصادية ‪:‬‬

‫الجرائم االقتصادية من أهم و أخطر الجرائم التي تواجهه المجتمعات العربية على وجه الخصوص ‪ ،‬لكونها تهدد المؤسسات‬
‫و األفراد كما أنها تهدد األمن و االستقرار الخاص بكل بلد على حدة ‪،‬و بالتالي تشكل تهديداً كبيراً على الجهود التي تبذلها‬
‫الدول للتنمية ؛ ألن مثل تلك الجرائم الخطيرة تنقل جزء كبير من الدخل القومي للخارج مما يؤدي على دور الدولة لتصبح‬
‫غير قادرة على اإلنفاق على االستثمارات الالزمة لتوفير فرص العمل و بناءاً عليه ظهرت مشكلة البطالة إلى أن ارتفع‬
‫ُمعدلها و أصبحت تُهدد األمن الوطني و القومي العربي ‪.‬‬

‫‪ 19‬التقرير االقتصادي العربي الموحد ‪.2011 ،‬‬

‫‪23‬‬
‫كما أن إرتفاع معدالت البطالة أسهم في الخروج عن القواعد و المعايير مما أدى لظهور الجرائم االقتصادية بشكل واسع‪،‬‬
‫مما جعلها من أخطر و أبشع التحديات التي يواجهها العالم ككل و المجتمعات العربية على وجه الخصوص ‪ ،‬فتلك الجرائم‬
‫أصبحت تهدد جميع المؤسسات سواء كانت دولية أو وطنية و الشعوب و األفراد كما أنها أثرّت بشكل واضح على سيادة‬
‫الدول على األموال ‪.‬‬

‫هنالك عالقة ذات داللة إحصائية بين البطالة والجريمة واالنحراف‪ ،‬إضافة إلى معرفة العوامل المسببة للبطالة في الوطن‬
‫العربي والسبل الكفيلة بمواجهتها‪ ،‬وكان مجتمع الدراسة من نزالء المؤسسات العقابية في (موريتانيا وقطر والسودان‬
‫وسوريا) وتوصلت الدراسة إلى ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن فرص التنمية االقتصادية السكانية وأن العمل األساسي للبطالة في العالم العربي يتمثل في النمو السكاني المتسارع‪،‬‬
‫إضافة لقصور جهود التنمية وتواضع األداء االقتصادي والتقدم التكنولوجي‪.‬‬
‫‪ -2‬أن البطالة مشكلة يترتب عليها آثار اجتماعية وأمنية و سياسية إذا استمرت األمور على ما هي عليه دون إحداث‬
‫‪20‬‬
‫تغييرات في بناء كل دولة عربية ‪،‬حينها ستؤدي هذه األوضاع لزيادة المعدالت للجريمة بشكل طردي ‪.‬‬

‫نتيجةً لما سبق من اإلحصائيات لبعض الدول العربية أن نسبة البطالة كبيرة بحد ُمقلق يجعل العاطلين عن العمل يُفكروا‬
‫بشكل سواء كان مباشر أو غير مباشر باالتجاه لما يجعلهم يجلبون المال من أجل العيش؛ و نتيجةً لذلك يرتكب البعض جرائم‬
‫اقتصادية بحته ‪ ،‬بوجود و انتشار العولمة نجد أنها ساهمت في ظهور العديد من وسائل الكسب غير المشروعة ‪ ،‬كما أن‬
‫العولمة ساهمت في تطور الجريمة االقتصادية و بالتالي تعددت صور الجرائم االقتصادية – كما أشارنا إليها من قبل‪ ،‬فمثل‬
‫هذه الجرائم كاالعتداء على المال العام‪ ،‬التهرب الضريبي‪ ،‬النصب و االحتيال‪ ،‬جرائم البورصات‪ ،‬و المخدرات‪ ،‬و غسيل‬
‫األموال‪ ،‬و االحتكار و المنافسة غير المشروعة – فمثل هذه الجرائم أدت إلى تفاقم مشكلة البطالة في الوطن العربي على‬
‫وجه الخصوص؛ و ذلك ألنها أدت الختالل الهيكل االجتماعي و التأثير في القيم و المبادىء و الروابط بين أفراد المجتمع‪،‬‬
‫‪21‬‬
‫كما أنها تؤثر في الكفاءة اإلنتاجية و االستقرار االجتماعي لألفراد داخل المجتمع ‪.‬‬

‫كما أن في اآلونة األخيرة و بتفشي فيروس كورونا ‪ ،‬منظمة العمل الدولية تقول إن قرابة ‪ 25‬مليون وظيفة في العالم‬
‫ُمعرضة للضياع ‪22‬؛ فنتيجة لتفشي فيروس جديد تأثر العالم أجمعه سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي‬
‫بضياع الوظائف على مستوى العالم؛ يؤدي ذلك إلى ازدياد معدل البطالة و نتيجة لذلك تزداد الجرائم االقتصادية ‪.‬‬

‫‪ 20‬دراسة حويتي أحمد‪ ،‬سنه‪، 1988‬بعنوان‪" :‬عالقة البطالة بالجريمة واالنحراف في الوطن العربي"‪.‬‬
‫عاطف عبدالفتاح عجوة‪ ،‬البطالة في العالم العربي و عالقتها بالجريمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬المركز العربي للدراسات األمنية و التدريب‪،‬سنة ‪.1985‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪ 22‬منظمة العمل الدولية‪ ،‬بيان صحفي‪ 18 ،‬مارس ‪، 2020‬تم االطالع بتاريخ ‪2022/5/8‬‬
‫‪https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_738781/lang--ar/index.htm‬‬

‫‪24‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫آثر التهرب الضريبي و عالقته بالجريمة االقتصادية‬

‫تمهيد و تقسيم ‪:‬‬

‫تستخدم الدولة الضريبة كوسيلة فعالة للتدخل في الحياة االقتصادية و االجتماعية وتوجيه النشاط االقتصادي وفقا‬
‫لظروف ومتطلبات وأهداف التنمية‪ ،‬وتحقيقا ألغراضها االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬تساعد الضرائب في تحصيل اإليرادات‬
‫بشكل مستمر وثابت ومستقر على تحسين توازن الميزانية العامة‪ ،‬ولكن توجد عوائق تقلل وتذبذب من تحصيل الدخل‪،‬‬
‫وهي طرق احتيالية تدليسية يتم استعمالها من أجل التخفيف من عبء الضريبة كليا أو جزئيا وتسمى هذه الظاهرة‬
‫"بالتهرب الضريبي "‪ ،‬وهي ظاهرة عالمية عجزت جميع الدول عن محاربتها بصفة نهائية‪ ،‬وهي تنبع من فقدان الشعور‬
‫بالمسؤولية عند المكلفين سواء كان شخص طبيعي أو معنوي في تسديد دين الخزينة أو الحق العام‪ ،‬ألنهم ينظرون لها على‬
‫أنها حق غير مستحق للدولة ‪ ،‬وأنها تقييد لحرية التملك‪ ،‬مما يدفعهم إلستعمال طرق قانونية وتسمى تلك الطرق بالتجنب‬
‫الضريبي أو التهرب باستعمال طرق الغش والتحايل‪ ،‬مستغلين ثغرات قانونية أواتفاقها مع ثغرات إدارية تسمى بالفساد‬
‫اإلداري‪ ،‬وذلك باستغالل أعوان الضرائب و التواطؤ معهم بصرف النظر في معايناتهم ومراقباتهم وحصرالدخل‪ .‬ومن‬
‫أجل الحفاظ على توازن اقتصاد الدولة وتكامله مع حاجات المجتمع‪ ،‬وحرصا على مواصلة السياسات التنموية ‪ ،‬وضعت‬
‫الدولة آليات للتصدي لهذه الظاهرة ومحاربتها وقمعها‪.‬‬

‫يعد التهرب الضريبي جريمة إقتصادية بحته ‪ ،‬كتب عنها االقتصاديون بتوسع لكونها جريمة ُمستقلة تؤثر على االقتصاد‬
‫المحلي و الوطني و الدولي‪ ،‬مما يجعلها من أخطر الجرائم االقتصادية ‪ ،‬سنكتفي في هذه الورقة البحثية بذكر تعريف‬
‫التهرب الضريبي و أسبابه و آثاره اإلقتصادية على وجه الخصوص‪ ،‬لما رأيناه من توسع في مثل هذه الجريمة سواء على‬
‫المستوى المحلي أو الدولي فللتهرب الضريبي تعريفات عديدة‪ ،‬كما أن له أنواع مشروعة و غير مشروعة‪ ،‬يمكن للتهرب‬
‫الضريبي أن يكون على المستوى الدولي و المحلي‪ ،‬كما أن له أسباب و طرق و آثار ‪ ،‬و أسبابه تنقسم ألسباب عديدة منها‬
‫األسباب التشريعية‪ ،‬األخالقية‪ ،‬النفسية‪ ،‬القانونية‪ ،‬اإلقتصادية‪ ،‬اإلدارية‪ ،‬و لكننا سنكتفي بذكر أسبابه االقتصادية فقط ‪.‬‬
‫كما أن للتهرب الضريبي آثار تؤدي إلى اإلضرار من الناحية المالية بالخزينة العامة و المكلفين على حد سواء‪ ،‬فيما يتعلق‬
‫بالخزينة العامة يؤدي التهرب الضريبي إلى انخفاض الحصيلة الضريبية ونتيجة لذلك يؤدي إلى عدم استطاعة الدولة القيام‬

‫‪25‬‬
‫بالخدمات العامة بشكل مناسب‪ ،‬وفيما يتعلق بالمكلفين يؤدي التهرب الضريبي إلى المساس بالعدالة الضريبية‪ ،‬و ذلك ألن‬
‫‪23‬‬
‫البعض يدفع الضريبة و البعض اآلخر يتهرب منها سواء كان تهرب ُكلي أو جزئي ‪.‬‬

‫بناءاً على ما سبق يمكن لنا تقسيم آثار التهرب الضريبي آلثار مالية و إقتصادية و إجتماعية ‪ ،‬و لكننا سنكتفي بالحديث‬
‫عن آثاره االقتصادية ‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬تعريف التهرب الضريبي ‪:‬‬

‫للتهرب الضريبي تعريفات عديدة سواء كانت تعريفات على نطاق ُضيق أو واسع‪ ،‬فهو عبارة عن وسيلة احتيالية غير‬
‫مشروعة تخالف مقتضيات النصوص و التشريعات‪ ،‬و يمكن القول أنه وسيلة من خاللها تستغل الثغرات القانونية لم‬
‫تحددها النصوص بشكل خاص و غفل عنها المشرع بشكل عام ‪.‬‬

‫فالتهرب الضريبي هو ‪ :‬عدم أداء الضريبة في الوقت المحدد أو عدم أدائها بشكل مطلق‪ ،‬هو امتناع كلي أو جزئي من‬
‫دفع الضريبة المستحقة للدولة باستخدام كافة الطرق لإلمتناع عن سدادها‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬أسباب التهرب الضريبي ‪-:‬‬

‫التهرب الضريبي له خطورة كبيرة على كيان التنمية اإلقتصادية وهو ظاهرة منتشرة بين مختلف الطبقات داخل الدولة‪،‬‬
‫يعود التهرب الضريبي لع ّدة أسباب‪ ،‬سواء كانت أسباب تشريعية‪ ،‬أخالقية‪ ،‬نفسية‪ ،‬قانونية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬إدارية‪ ،‬سنكتفي‬
‫بذكر األسباب اإلقتصادية ‪.‬‬

‫أسباب التهرب الضريبي اإلقتصادية ‪:‬‬

‫إن الوظيفة اإلقتصادية للمكلف غالبا ما تحدد تصرفاته تجاه مصلحة الضرائب وتدخل الظروف االقتصادية تساهم كثيرا‬
‫في تفشي ظاهرة التهرب‪ ،‬ويتساءل المكلف بالضريبة ما إذا كان الدخل الذي يجنيه من التهرب الضريبي يعوض األخطار‬
‫التي سوف يتعرض إليها من جراء ذلك‪ ،‬فكما زادت نسبة الضرائب المفروضة كلما زاد المكلف في تهربه من دفع‬
‫الضريبة‪ ،‬ألن عدم دفع الضريبة يجعل دخله أكثر ومن جهة أخرى فإنه عندما تكون الحالة المادية للمكلف جيدة يميل إلى‬
‫دفع الضريبة من أجل تجنيب نفسه الخطر الذي يجعله يتحمل ثقل اإلخفاء و اإلختالس ‪ ،‬أما إذا كانت حالته االقتصادية‬
‫مزرية فإنه يميل إلى التهرب رغم المخاطر الناجمة عنه ألنه يرى أن ذلك السبيل الوحيد إلستمرارية مؤسسته في النشاط‬
‫و إنقاذها من اإلفالس و التوقف عن العمل‪ ،‬حيث أن التهرب الضريبي يقل في أوقات الرخاء لتوفر األموال‪ ،‬و يزداد في‬
‫‪24‬‬
‫أوقات األزمات لقلة األموال ‪.‬‬

‫جهاد سعيد خصاونة‪ ،‬علم المالية العامة و التشريع الضريبي (بين النظرية و التطبيق)‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬الطبعة األولى ص ‪ ،230‬سنة ‪.2010‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪ 24‬محمد بلول‪ ،‬التهرب الضريبي و آليات مكافحته‪،‬ص ‪ ،15‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق عام ‪ ،2017-2016‬قسم إدارة األعمال‪ ،‬جامعة الشهيد حمه‬
‫لخضر‪ -‬الوادي‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية ‪ -‬قسم الحقوق ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬اآلثار االقتصادية للتهرب الضريبي ‪:‬‬

‫يؤدي التهرب إلى نتائج خطيرة جدا من حيث المساس بإنتاجية االقتصاد القومي‪ ،‬فمن ناحية يؤدي وجود إمكانيات واسعة‬
‫للتهرب في إطار نشاط معين إلى جذب األفراد و األموال نحوه ولو لم يكن مفيدا بالنسبة للدولة‪ ،‬أي حتى لو كانت اإلنتاجية‬
‫اإلجتماعية منخفضة بالنسبة لغيره من أوجه النشاط التي ال تتوافر فيها أو تقل فيها هذه اإلمكانيات‪ ،‬ومن ناحية أخرى يخل‬
‫التهرب الضريبي بشروط المنافسة بين المشروعات فهو ال يسمح بانتصار المشروعات األكثر كفاءة أو األكثر فائدة‬
‫بالنسبة للدولة و األفضل تجهيزا أو األحسن تنظيما حسب ما يقضي به منطق اإلنتاجية‪ ،‬بل على العكس يعطي فرصة‬
‫االنتصار للمشروعات األكثر قدرة على التهرب من الضرائب‪ ،‬ويؤثر على ‪:‬‬

‫‪ -‬انخفاض معدالت االدخار يجعل الدولة تُقلص حجم اإلعفاءات الممنوحة في إطار تنمية المشاريع االستثمارية‪ ،‬و‬
‫يترتب على ذلك ركود اقتصادي متميز بارتفاع معدالت التضخم و البطالة ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلخالل بقواعد المنافسة حيث تصبح المؤسسات المتملصة أفضل من تلك التي تؤدي واجباتها الضريبة‪.‬‬
‫‪ -‬كما يضر التملص الضريبي بإنتاجية المؤسسة بحيث يعمل ذلك التملص إلى توجه عناصر اإلنتاج إلى األنشطة‬
‫التي يسهل فيها التملص الضريبي حتى ولو كانت هذه األنشطة ذات إنتاجية ضعيفة‪.‬‬
‫تساهم ظاهرة التملص الضريبي في توجيه االقتصاد الوطني نحو إرساء اقتصاد غير رسمي أو ما يعرف‬ ‫‪-‬‬
‫‪25‬‬
‫باالقتصاد الموازي و الذي يحدث مشاكل عديدة تعرقل السير الحسن لالقتصاد الوطني ‪.‬‬

‫‪ 25‬نجيب زروقي‪ ،‬جريمة التملص الضريبي و آليات مكافحتها في التشريع الجزائري ‪ ،‬ص‪) ، 9‬مذكرة الماجستير في العموم القانونية تخصص العلوم الجنائية‪ ،‬جامعة‬
‫الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪. )2013 ،‬‬

‫‪27‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫كيفية مواجهة الجرائم االقتصادية‬

‫تمهيد و تقسيم ‪:‬‬

‫الجرائم االقتصادية جرائم ذات طبيعة خاصة؛ و ذلك الرتباطها بالنظام االقتصاي و التنظيمات االقتصادية‪ ،‬و للسياسة‬
‫االقتصادية أهداف منها تحقيق معدالت نمو اقتصادي عالية و المزيد من الرفاهية االقتصادية و االجتماعية و تحقيق األرباح‪،‬‬
‫فما يترتب عن ذلك تحقيق فساد سياسي و أمني و إداري بشكل ملحوظ‪ ،‬و في ظل التطور و انتشار العولمة تطورت وسائل‬
‫التهرب من تطبيق القوانين كما أن هناك من يتحايل عليها و بناءاً على ذلك أصبح هناك نمو واسع للجريمة و الجرائم العابرة‬
‫للحدود‪ ،‬و تدويل الجرائم االقتصادية و من هذه الجرائم ‪ :‬تهريب المخدرات‪ ،‬غسيل األموال‪ ،‬الغش التجاري‪ ،‬تهريب السلع‬
‫و تزييف العملة‪ ،‬فمثل هذه الجرائم تجعل على عاتق الدول المسؤلية الكاملة في إصدار التشريعات والقوانين الالزمة و اتخاذ‬
‫أغلب اإلجراءات اإلدارية المناسبة للوقاية من الجرائم االقتصادية قبل وقوعها – فكما نعلم أن الوقاية خي ٌر من العالج – كما‬
‫يجب إعداد وسائل مناسبة لرسم السياسات االقتصادية و السياسية الجنائية لتقليل الحد األدنى من تنامي الجرائم االقتصادية‪.‬‬

‫فهناك مجموعة سياسات اجتماعية و اقتصادية لمكافحة الجريمة االقتصادية‪ ،‬كما أننا سنعرض نماذج من التشريعات‬
‫الوطنية لمكافحة الجرائم االقتصادية في الدول العربية‪.‬‬

‫سنتحدث في هذا المطلب و بشيء من اإليجاز عن السياسات اإلجتماعية لمكافحة الجرائم‪ ،‬و إستراتيجيات العمل‬
‫الجماعي‪ ،‬و عن وجود مؤسسات غير رسمية تعمل على الوقاية من الجريمة‪ ،‬و المنظمات األهلية الوطنية لمكافحة الجريمة‬
‫االقتصادية ‪ ،‬ثم سنتناول الحديث عن مدى إهتمام بعض الدول العربية و خاصةً المملكة العربية السعودية و سوريا و مصر‬
‫بالمؤسسات التي ترعى اإلنسان لكونه إنسان للحد من الجرائم و خاصةً الجرائم االقتصادية‪ ،‬فمن صالح نفس اإلنسان و‬
‫توافر البيئة الصالحة لنموه نحّد من تزايد الجرائم داخل المجتمعات‪ ،‬ثم نتحدث عن التشريعات الخاصة بالمملكة العربية‬
‫السعودية و جمهورية مصر العربية التي تواجهه الجريمة اإلقتصادية ‪.‬‬

‫من السياسات االجتماعية لمكافحة الجرائم االقتصادية ‪ :‬إن السياسات االجتماعية تخدم العالقات االجتماعية االقتصادية‬
‫السائدة‪ ،‬فال يمكن للتشريعات وحدها أن تُهيء و تخاطب الشعب‪ ،‬فمن الصعب مخاطبة الشعب بالتشريعات وحدها و خاصةً‬
‫بالدول النامية ألنها أحيانا ً تتبنى تشريعات مقدمة من الدول المتقدمة‪ ،‬و بناءاً عليه توجد التشريعات المتقدمة في البالد النامية‬
‫كأنها لم تكن من األساس ألنها ال تتوافق مع هذه الدول من األساس‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫لذا تطوير السياسة االجتماعية يتطلب األخذ في االعتبار ظروف المجتمعات العربية مثل ‪ :‬درجة التطور بكل دولة و‬
‫أشكال العالقات‪ ،‬و البناء االجتماعي و االقتصادي‪ ،‬و اليد العاملة‪ ،‬و الموازنات الخاصة بالمالية‪ ،‬و الثقافة العامة‪.‬‬

‫كما أن هناك اتجاهات استراتيجية للعمل االجتماعي‪ ،‬حيث أن للعمل االجتماعي في الوطن العربي استراتيجية أُقرّت‬
‫بقرار صدر لوزراء الشئون االجتماعية العرب في الرباط ‪ ،1979‬و هذا يوضح مسار أول عمل اجتماعي على المستوى‬
‫الوطني و القومي‪ ،‬و تم إعالن أول عقد إجتماعي عربي في الفترة (‪. ) 1990 – 80‬‬

‫و هناك أيضا ً استراتيجية عربية لمكافحة االستعمال غير المشروع للمخدرات و المؤثرات العقلية‪ ،‬حيث أن هذه‬
‫االستراتيجية في إقرارها بمجلس وزراء الداخلية العرب بتونس ديسمبر ‪ ، 1986‬و بقرار رقم ‪ 72‬تضمن األهداف و‬
‫المجاالت و المقومات على مستوى السياسة الوطنية المحلية و على مستوى التعاون العربي و التعاون العربي اإلقليمي‪ ،‬ثم‬
‫على مستوى التعاون العربي الدولي‪.‬‬

‫بحيث أن هذه االستراتيجية إنشاء لجنة وطنية في كل دولة عربية لمكافحة االستعمال الغير مشروع للمخدرات و إنشاء‬
‫إدارات متخصصة لمراقبة المخدرات و مكافحة استعمالها‪ ،‬كما حددت أوجه الوقاية المحلية عن طريق التنسيق باألجهزة‬
‫اإلعالمية و االهتمام بدور الخدمة االجتماعية و تشجيع إنشاء جمعيات خاصة لمكافحة المخدرات مع تبني تدابير على أحدث‬
‫مستوى في معالجة اإلدمان ‪.‬‬

‫كما ُوجد اتفاقية عربية لمكافحة االتجار غير المشروع للمخدرات و المؤثرات العقلية (‪ ،) 1994‬فقد جاءت هذه االتفاقية‬
‫لتعزيز و استكمال التدابير المنصوص عليها في االتفاقية الدولية للمخدرات ‪ 1961‬و صيغتها المعدلة ببرتوكول ‪ 1973‬و‬
‫اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجارغيرالمشروع بالمخدرات ‪.1988‬‬

‫نجد أن هناك مؤسسات غير رسمية تعمل على الوقاية من الجريمة‪ ،‬فمن خالل البيئة االجتماعية التي ينشأ فيها الفرد‬
‫يكتسب منها القيم و المبادئ و األخالقيات‪ ،‬فبتنمية تلك البيئة االجتماعية يقل معدل الجريمة‪ ،‬أما بإنحراف الفرد داخل مجتمعه‬
‫يؤدي ذلك بظهور المجرمين و زيادة ُمعدل نموهم و بالتالي تُصبح هذه البيئة بيئة خطرة غير آمنة ُمنتشر فيها الجرائم‬
‫االقتصادية بكثرة‪.‬‬

‫و هناك نوع من المنظمات يُسمى بالمنظمات األهلية العربية في مكافحة الجرائم االقتصادية ‪ :‬تزايدت أعداد المنظمات‬
‫األهلية العربية المعنية بالتنمية البشرية‪ ،‬كي يكون دور هذه المنظمات دورا فعاال يجب سن القوانين و التشريعات المنظمة‬
‫لعمل المنظمات األهلية و إجراء االصالحات التشريعات الواقعية الالزمة لمواجهة كافة األزمات التي تعاني منها البالد‬
‫العربية على نحو مضمون ‪ ،‬ففي مثل هذه األمور نرى أن هناك توتر بين المجتمعات المدنية و الدول‪ ،‬و هذا ألن للجكومات‬
‫الحق في حل الجمعيات والرقابة على التمويل األجنبي و الموافقة عليه ‪.‬‬

‫و من أنشطة هذه المنظمات‪ ،‬رأينا أن بعض الدول قامت بتوقيع عدد من االتفاقيات مع بعض المؤسسات الوطنية الدولية‪،‬‬
‫ومن هذه االتفاقيات ‪ :‬االتفاقيات التي تم عقدها في األردن في برامج تكنولوجيا المعلومات و االتصاالت للشباب‪ ،‬و في‬

‫‪29‬‬
‫المغرب تفاعلت الدولة بينها و المنظمات األهلية‪ ..‬فمما سبق نجد أنه لمن الواجب توافر البنية األساسية الضرورية و أساليب‬
‫اإلدارة الحديثة و تدريب الكوادر العاملة فيها ‪.‬‬

‫فقد تطورت بعض المؤسسات في العمل االجتماعي في بعض الدول العربية منها المملكة العربية السعودية و سوريا و‬
‫مصر‪ ،‬سنعرض اآلن التطور بالمملكة العربية السعودية ‪ :‬تطورت مؤسسات العمل االجتماعي فهي تشمل على خمسة أنواع‬
‫تبدأ بمؤسسات رعاية األطفال و دور التربية لرعاية األيتام ‪،‬أو الذين يعجز آباؤهم عن توفير الرعاية المطلوبة‪ ،‬باإلضافة‬
‫‪26‬‬
‫إلى رياض األطفال التابعة لمراكز التنمية و الخدمة االجتماعية والجمعيات الخيرية األهلية ‪.‬‬

‫كما أن المملكة العربية السعودية اهتمت برعاية المعاقين من خالل مراكز التأهيل المهني لرعايتهم‪ ،‬كما أنها اهتمت‬
‫بمكاتب مكافحة المتسولين و رعاية األحداث و إنشاء مؤسسات الرعاية االجتماعية‪ ،‬و مؤسسات التنمية االجتماعية التي‬
‫تركز على جوانب التنمية الثقافية و االجتماعية و التعاونيات االستهالكية و التعاونيات متعددة األغراض و الجمعيات‬
‫الخيرية‪.‬‬

‫و بالنسبة لسوريا ‪ :‬فقد اهتم الشعب السوري و الجمهورية العربية السورية بأكملها بمؤسسات رعاية األطفال و رعاية‬
‫األيتام و أندية األطفال و دور رعاية األطفال اللقطاء‪ ،‬و مؤسسات رعاية المعاقين‪ ،‬و مؤسسات رعاية المسنين‪ ،‬و مؤسسات‬
‫الدفاع االجتماعي‪ ،‬و الوقاية من الجريمة و عالجها كما أنها تحتوى على مكاتب مكافحة التسول ‪ ،‬و رعاية األحداث الجانحين‬
‫سواء في المدن أو الريف‪ .‬و اهتمت الجمهورية السورية بالعمل األهلي و المشاركات االجتماعية المشتركة كما أنشأت‬
‫مؤسسات التنمية االجتماعية من خالل مراكز التنمية الريفية التي تقدم نشاطات اقتصادية و زراعية و بعض الخدمات أخرى‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمصر " جمهورية مصر العربية " ‪ :‬فقد اهتمت بمجال المؤسسات االجتماعية و على رأسها رعاية األسرة‬
‫و الطفل ألهميتها؛ ألن بإصالح األسرة يصلح المجتمع كله‪ ،‬و رعاية المعاقين من خالل مكاتب التأهيل االجتماعي و مراكز‬
‫العالج الطبيعي‪ ،‬كما اهتمت بمؤسسات الدفاع االجتماعي التي تشمل مؤسسات رعاية األحداث و أندية لمدمني المخدرات و‬
‫مؤسسات لرعاية المسجونين و المتسولين‪ ،‬و تقدم الرعاية االجتماعية من خالل الضمان االجتماعي و رعاية أسر المقاتلين‬
‫‪27‬‬
‫و المهاجرين ومن يعانون من ظروف طارئة أو استثنائية ‪.‬‬

‫سنعرض اآلن نماذج من التشريعات القانونية الوطنية و مكافحة الجرائم االقتصادية و بإيجاز عن تلك التشريعات في‬
‫المملكة العربية السعودية و جمهورية مصر العربية ثم نعرض فكرة اإلصالح القانوني عالترتيب ‪..‬‬

‫بالنسبة لـنماذج التشريع الخاص بالمملكة العربية السعودية ‪ :‬كما نعلم أن حماية التنظيمات االقتصادية ضرورية ومهمة‬
‫خاصةً في نظام االقتصاد الحر؛ألن المباشرة الغير واعية للحرية االقتصادية يمكن أن تبعث اضطراب في األسواق‪ ،‬و‬
‫يكون لها انعكاسات خطيرة على األوضاع االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬و من هنا نالحظ العديد من التساؤالت حول ما إذا كان‬

‫‪ 26‬جامعة الدول العربية‪ ،‬التقرير االجتماعي‪ ،2001 ،‬ص ‪. 179‬‬


‫‪ 27‬حاالت األزمات و الكوارث الطبيعية و البيئية‪ ،‬جامعة الدول العربية‪ ،2001 ،‬ص ‪.183‬‬

‫‪30‬‬
‫االعتماد على المالية يؤدي إلى التقليل من معدالت الجرائم ‪ ،‬أم أنه من الضروري أن نستحدث في السياسة العقابية كي نمنع‬
‫الجريمة قبل وقوعها فهذا يعد فرع من فروع السياسة الجنائية لمنع الجريمة و مكافحتها‪.‬‬

‫إن نجاح اإلجرام المنظم يشجع اآلخرين أصحاب الذكاء و المقدرة على تحقيق الثروة عن طريق العمل غير المشروع‪،‬‬
‫و عليه فمن الضروري أن تكون التحوالت االجتماعية في عالمنا العربي مقنعة و عادلة‪ ،‬وأن يكون القانون صارما ً و عادالً‬
‫في مطاردة رموز اإلجرام ‪.‬‬

‫فالنظام الجنائي السعودي و مكافحة الجرائم االقتصادية ‪ :‬فإن النظام الجنائي السعودي فيه بعض النصوص التي تقاوم‬
‫الجرائم االقتصادية‪ ،‬من هذه النصوص ‪:‬‬

‫أ‪ -‬جرائم تزييف النقود و تقليدها ‪ :‬صدر مرسوما ً ملكيا ً لها رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 1379‬هـ متضمن ( كل من زيف أو قلد نقوداً‬
‫متداولة نظاما ً بالمملكة أو خارجها ‪ ،‬أو قام بجلب نقود متداولة تكون مزيفة‪ ،‬أو مقلده أو أصدرها أو اشتغل بالتعامل بها‪ ،‬أو‬
‫الترويج لها بأية وسيلة أو سبيل‪ ،‬أو صنع أو اقتنى أو امتلك بدون مسوغ كل أو بعض اآلالت وأدوات و مواد وسائل التزييف‪،‬‬
‫بسوء نية يعاقب بالحبس مع األشغال الشاقة لمدة تتراوح بين ‪ 15-5‬سنة مع غرامة التقل عن ‪ 30‬ألف لاير وال تتجاوز ‪100‬‬
‫ألف لاير )‪.‬‬

‫ب‪-‬جرائم التهريب الجمركي ‪ :‬قد بين المرسوم الملكي رقم ‪ 425‬لسنة ‪ 1372‬عن جرائم التهريب الجمركي و العقوبات‪،‬‬
‫حيث تتضمن المادة ‪ 38‬أنه ( يعد تهريبا ً إدخال بضائع و مواد و أشياء من نوع إلى أراضي المملكة من كل من العراق و‬
‫الكويت وأو إخراجها منها بطريقة غير مشروعة‪ ،‬دون أداء الرسوم الجمركية المقررة عليها‪ ،‬كما يعد مهربا ً كل من يجاول‬
‫إدخاله أو تصديره من الممنوعات ‪ ،‬و ما هو في معناها مما هو مخالف ألحكام هذا النظام أو غيره من اللوائح و األنظمة‬
‫المعمول بها ‪ ،‬بما في ذلك ألصناف الخاضعة لترتيبات خاصة في االستيراد و التصدير أما العقوبة فتنص عليها المادتان‬
‫‪ 52 ،51‬سواء كانت بالغرامة أو بالمصادرة أو باالثنين معا ً و أحيانا ً تصل للحبس من شهر إلى اثنى عشر شهراً ) ‪.‬‬

‫ج‪ -‬القواعد المنظمة للمحافظة على مصادر المياة ‪ :‬شمل المرسوم الملكي رقم م‪ 43 /‬لسنة ‪ 1400‬هـ القواعد الخاصة بنظام‬
‫المحافظة على مصادر المياة حيث تنظيم طرق االنتفاع بالمياة و المحافظة على مصادرها و حمايتها من التلوث و القواعد‬
‫الخاصة باستغالل هذه المصادر‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 9‬من هذا النظام على العقوبة حيث حددت بغرامة التتجاوز مائة ألف ‪،‬‬
‫و نصت المادة ‪ 21‬على عقاب صاحب المزرعة بغرامة ال تزيد على عشرة آالف لاير في حالة قيامه بالحفر دون ترخيص‬
‫في االرض التي استلمها وفقا ً لنظام توزيع األرض البور ‪.‬‬

‫د‪ -‬القواعد المنظمة لنشاط التعدين ‪ :‬ففي المرسوم الملكي م‪ 21/‬لسنة ‪ 1393‬هـ نصت المادة األولى على أن ( تعتبر ملكا ً‬
‫للدولة وحدها جميع الرواسب الطبيعية للمعادن و خامات المحاجر أيا كان شكلها و تركيبها ‪ ،‬سواء كانت فى التربة أو تحتها‬
‫و ملكية الدولة للمعادن و خامات المحاجر اليمكن نقلها أو إبطالها أو سقوطها بالتقادم ) ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫ه‪ -‬أنظمة حماية األموال العامة للدولة ‪ :‬صدر المرسوم الملكي م‪ 77 /‬لسنة ‪ 1395‬متضمنا ً جميع من يشغل الوظائف العامة‬
‫التي تتعلق بمباشرة و حفظ األموال النقدية و األعيان المنقولة المعدة لالستعمال أو االستهالك المباشر و من يقوم بأعمال‬
‫مماثلة ‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 9‬من هذا المرسوم على العقوبات التي توقع على الموظف الذي يرتكب فعالً من شأنه المساس بأموال‬
‫الدولة على أي درجة‪ ،‬حيث أنه يعاقب بالسجن مدة ال تزيد على مائة ألف لاير‪ ،‬أو بالعقوبتين معا ً كل موظف يشمله هذا‬
‫النظام و يثبت ارتكابه لجرم االختالس أو التبديد أو التصرف بغير وجه شرعي في أموال الدولة العامة‪ ،‬كما يعاقب بنفس‬
‫هذه العقوبة من اشترك أو تواطأ معه على ارتكاب إحدى تلك الجرائم ‪ ،‬سواء كان موظفا ً أو غير موظف‪ ،‬و يتم الفصل في‬
‫هذه الجرائم طبقا ً لنظام تأديب الموظفين‪ ،‬و ذلك استثناء من أحكام المرسوم رقم ‪ 430‬الصادر في ‪ 1377/11/29‬هـ‪.‬‬

‫كل هذه النصوص تنص و تهدف على حماية االقتصاد الوطني‪ ،‬كما تهدف لحماية األمن العام و تحقيق حماية الصناعة‬
‫الوطنية‪.‬‬

‫فإن هناك إصالح قانوني للتأثير في المتغيرات االقتصادية و االجتماعية فمثالً من الضروري تطوير التشريعات لما‬
‫يحقق عملية التكامل السياسي بين السياسات االقتصادية و الجنائية‪ ،‬فالوقاية من الجرائم االقتصادية تتطلب ترشيداً للسياسة‬
‫االقتصادية لسد الثغرات و إزالة القيود التي تهيئ الظروف الرتكاب الجرائم‪ ،‬و في نفس الوقت يتطلب من المشرع إجراء‬
‫مراجعة شاملة للتشريعات المحلية النافذة في بلده إلحداث التوازن بين التشريعات االقتصادية التي تهدف لرفع المستوى‬
‫‪28‬‬
‫االقتصادي‪ ،‬و التشريعات الجنائية التي تضبط االنفالت من القانون االقتصادي و االلتفاف عليه ‪.‬‬

‫كما أن االهتمام بالعنصر البشري الذي يتولى مهام المراقبة و جمع المعلومات‪ ،‬و البحث و التحري عن الجرائم‬
‫االقتصادية‪ ،‬لهو من أهم الخطوات اإلصالحية التي يرجى منها مردودات اقتصادية واسعة و سريعة‪ ،‬كي نعطي لذلك‬
‫‪29‬‬
‫العنصر الصالحيات الكاملة للرقابة الدفترية ‪.‬‬

‫بالنسبة لنماذج التشريع بجمهورية مصر العربية ‪ :‬قد وجدنا أنه بظهور الجرائم االقتصادية و تطورها‪ ،‬و في ظل ظهور‬
‫العولمة و خاصةً في المجال االقتصادي‪ ،‬و بتوجهه الدولة المصرية إلى تنمية االقتصاد و تشجيع االستثمارفي مصر و‬
‫ترغيب المستثمرين األجانب و جذبهم لالستثمار في ظل مناخ خالى من الضغوطات و لقليل نسبة الجرائم و للحفاظ على‬
‫البيئة االقتصادية ‪ ،‬توجهه المشرع المصري إلى انشاء المحاكم االقتصادية لمواجهة أي معوقات قد تواجهه المتقاضين‬
‫ال ُمستثمرين‪ ،‬و اللجوء لها حين يحدث أى نزاع أو تعرض أى طرف إلنتهاك أو فعل ضار غير مشروع يندرج تحت الجرائم‬
‫االقتصادية من األساس‪ ،‬لذا يعد إنشاء المحاكم االقتصادية من أهم الحوافز التشريعية و القضائية التي تقدمها الدولة لحماية‬
‫اقتصادياتها من االنتهاك سواء على المستوى اإلقليمي أو الدولي ‪.‬‬

‫‪ 28‬السراج‪ ،1998 ،‬ص‪. 147‬‬


‫‪ 29‬سيد شوربجي عبدالمولى‪ ،‬مواجهة الجرائم االقتصادية في الدول العربية‪ ،‬مركز الدراسات و البحوث لسنة ‪2006‬م‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫المحاكم االقتصادية هي محاكم تفصل في المنازعات التجارية و االستثمارية‪ ،‬كما أنها تواكب مرحلة اإلصالح اإلقتصادي‪،‬‬
‫حيث أن هذه المرحلة تستهدف تحرير التجارة و تدعم االستثمار و تعمل على زيادة النمو االقتصادي في االتجاه الصحيح‬
‫دون تعريض المستثمرين أو التُجار أو االقتصاديين للضغط الذي يجعلهم يرتكبوا الجرائم االقتصادية ال ُمتمثلة في الجرائم‬
‫االقتصادية‪ ،‬كما أن المحاكم االقتصادية تهدف إلزالة المعوقات المؤثرة على كفاءة االداء االقتصادي و سرعة حسم الدعاوى‬
‫االقتصادية المنظورة أمام القضاء‪.‬‬

‫فبداية ظهور فكرة المحاكم االقتصادية في مصر جاء في شكل مشروع قانون إلنشاء المحاكم االقتصادية تمت صياغته‬
‫في ‪ ،2006‬و وافق عليه مجلس الوزراء‪ ،‬ثم تم إرساله إلى مجلس الشعب و الشورى لمناقشته‪ ،‬ثم تأسست أول محكمة‬
‫إقتصادية عام ‪ ،2008‬و في عام ‪ 2019‬تم إصدار قانون رقم ‪ 146‬بتعديل بعض أحكام القانون رقم ‪ 120‬لسنة ‪ 2008‬الخاص‬
‫بإنشاء المحاكم االقتصادية‪ ،‬حيث أن المشرع المصري قد تبنى المعيار القانوني الحصري في تحديد اختصاصات المحاكم‬
‫االقتصادية حيث تختص المحاكم االقتصادية بنظر الدعاوي الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في ‪ 21‬قانون‪ ،‬و‬
‫المنازعات المدنية التي ال تتجاوز قيمتها ‪ 10‬ماليين جنيه‪ ،‬تكون من اختصاص المحاكم االبتدائية أو االستئنافية في المحاكم‬
‫االقتصادية دون غيرها‪ ،‬ووفقا ً للمادة الرابعة من قانون إنشاء المحاكم االقتصادية رقم ‪ 120‬لسنة ‪ 2008‬نصت على " مع‬
‫عدم اإلخالل باالختصاصات المقررة للمحاكم االقتصادية المنصوص عليها في أي قانون أخر‪ ،‬تختص المحاكم االقتصادية‬
‫بدوائرها االبتدائية و االستئنافية دون غيرها نوعيا ً و مكانيا ً بنظر الدعاوي الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها‬
‫في القوانين اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -1‬قانون العقوبات في شأن جرائم المسكوكات و الزيوف المزورة ‪.‬‬


‫‪ -2‬قانون اإلشراف و الرقابة على التأمين في مصر ‪.‬‬
‫‪ -3‬قانون شركات المساهمة و شركات التوصية باألسهم و الشركات ذات المسؤلية المحدودة ‪.‬‬
‫‪ -4‬قانون سوق رأس المال ‪.‬‬
‫‪ -5‬قانون تنظيم نشاطي التأجير التمويلي و التخصيم ‪.‬‬
‫‪ -6‬قانون اإليداع و القيد المركزي لألوراق المالية ‪.‬‬
‫‪ -7‬قانون التمويل العقاري ‪.‬‬
‫‪ -8‬قانون حماية الملكية الفكرية ‪.‬‬
‫‪ -9‬قانون البنك المركزي و الجهاز المصرفي و النقد ‪.‬‬
‫قانون الشركات العاملة في مجال تلقي األموال الستثمارها ‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫قانون تنظيم إعادة الهيكلة و الصلح الواقي من اإلفالس ‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫قانون حماية االقتصاد القومي من اآلثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية ‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫قانون حماية المنافسة و منع الممارسات االحتكارية ‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫قانون حماية المستهلك ‪.‬‬ ‫‪-14‬‬

‫‪33‬‬
‫قانون تنظيم االتصاالت ‪.‬‬ ‫‪-15‬‬
‫قانون تنظيم التوقيع االلكتروني و إنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫قانون مكافحة غسيل األموال ‪.‬‬ ‫‪-17‬‬
‫قانون تنظيم الضمانات المنقولة ‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫قانون تنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر ‪.‬‬ ‫‪-19‬‬
‫قانون االستثمار ‪.‬‬ ‫‪-20‬‬
‫قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات ‪.‬‬ ‫‪-21‬‬

‫كما تختص المحاكم االقتصادية بالحكم في دعاوي التعويض أو التأمين الناشئة عن تطبيق أحكام القوانين المشار إليها بالفقرة‬
‫السابقة بحسب األحوال‪ ،‬و يكون الحكم الصادر في الدعاوي المشار إليها في الفقرتين السابقتين نهائيا ً إذا كانت قيمة الدعوى‬
‫ال تتجاوز ‪ 5000‬جنيه‪ ،‬و تختص الدوائر االبتدائية واالستئنافية بالمحاكم االقتصادية‪ ،‬دون غيرها‪ ،‬بالنظر ابتداءاً في جميع‬
‫المنازعات و الدعاوى المنصوص عليها في الفقرات السابقة إذا تجاوزت قيمتها ‪ 10‬ماليين جنيه‪ ،‬أو كانت الدعوى غير‬
‫مقدرة القيمة‪ ،‬كما تختص هذه الدوائر التي أصدرت األمر بنظر تظلمات و دعاوي الرسوم القضائية الناشئة عن تطبيق‬
‫‪30‬‬
‫أحكام هذا القانون و القرارات الصادرة من قضاة المحكمة ‪.‬‬

‫كما تبنى المشرع في نظام التقاضي بالمحكمة االقتصادية نظام مماثل معمول به في مجلس الدولة حيث أن هذا النظام يحث‬
‫على نشأة هيئة تسمى " هيئة التحضير و الوساطة " ‪ ،‬هذا التبني يعتبر من أكثر التبنيات المفيدة إقتصاديا ً إلنجاز المهام‬
‫االقتصادية على وجه السرعة؛ ألننا كما نعمل أن التغيرات االقتصادية سريعة جداً و خصوصا ً في اآلونة االخيرة ‪.‬‬

‫مجموعة كرم دويدار القانونية‪ ،‬المحاكم االقتصادية و دورها في تشجيع االستثمار في مصر‪ ،‬تم اإلطالع بتاريخ ‪.2022/5/15‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪https://karamdewedar.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-‬‬
‫‪%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-‬‬
‫‪%D8%AA%D8%B4%D8%AC%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84/%D8%BA%D9%8A%D8%B1-‬‬
‫‪%D9%85%D8%B5%D9%86%D9%81/‬‬

‫‪34‬‬
‫الخاتمة‬

‫تحدثنا عن المفهوم الخاص بالجريمة االقتصادية ‪ ،‬سواء من التشريعات الوضعية أو من علماء االقتصاد و االجتماع ‪،‬‬
‫فقد سلّطنا الضوء على بعض سمات و خصائص الجريمة االقتصادية من ناحية و أنواع الجرائم االقتصادية من ناحية‬
‫أخرى ‪.‬‬

‫فمن سمات الجرائم االقتصادية ‪:‬‬

‫جرائم ذات مسؤولية المطلقة و دون خطأ ‪ ،‬فهي جريمة دون ركن معنوي يعتبر ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫جرائم ذات مسؤولية فعل الغير ‪ ،‬فصاحب المحل مسؤول مع مديره أو القائم على ادارته عن كل ما يقع فى‬ ‫‪-‬‬
‫المحل من المخالفات ‪.‬‬

‫أي شخص معنوي يُسأل جنائيا ً على أساس المسؤوليات االجتماعية و الخطورة و ليس على أساس المسؤولية‬
‫األخالقية نهائيا ً ‪ .‬كما ذكرنا خصائص الجرائم االقتصادية‪.‬‬

‫كما أننا أشارنا على بعض أنواع الجرائم االقتصادية و قد قسمناها لثالثة أقسام رئيسية منها ‪:‬‬

‫القسم األول من أنواع الجرائم االقتصادية ‪:‬‬

‫أ‪ -‬الجرائم االقتصادية من حيث كون نشاطها اقتصاديا ً و انقسمت لع ّدة أنواع منها ‪:‬‬

‫جرائم مالية‪ ،‬تجارية‪ ،‬صناعية‪ ،‬عمليات االستخراج من باطن األرض‪ ،‬و الجرائم الناتجة من الخامات ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الجرائم االقتصادية من حيث فاعليتها االقتصادية و قسمناها لع ّدة أنواع أيضا ً من أهمها ‪:‬‬

‫جرائم االنتاج‪ ،‬االستثمار ‪ ،‬االستهالك ‪ ،‬و جرائم التبادل و التسويق ‪.‬‬

‫ج‪ -‬الجرائم االقتصادية من حيث عقوبتها و قد قسمناها الى ‪:‬‬

‫عقوبات حددها الشارع و هو " هللا " على جرائم ُمحددة كجرائم الحدود و القصاص ‪،‬‬

‫عقوبات يحددها ولي األمر و التي ذكرنا منها ‪ -1 :‬جريمة السرقة ‪ -2 ،‬اختالس األموال ‪ -3 ،‬الغش ‪ -4 ،‬االحتكار ‪-5 ،‬‬
‫التزوير ‪ -6 ،‬التعامل بالربا ‪ -7 ،‬جرائم السعر و جرائم الصرف ‪ -8 ،‬التهرب من الضرائب ‪ -9 ،‬غسيل األموال ‪-10 ،‬‬
‫النصب و االحتيال ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أنواع الجرائم االقتصادية طبقا ً لطبيعة أو نوع ملكية األموال أو الموارد االقتصادية محل االعتداء‪ ،‬ينقسم‬
‫إلى‪ :‬أ‪ -‬بعض الجرائم الواقعة على المال العام ‪.‬‬

‫ب‪-‬جرائم االقتصاد الخفي ‪.‬‬

‫القسم الثالث ‪ :‬أنواع الجرائم االقتصادية طبقا ً لمعايير التمييز بين الجرائم االقتصادية المستحدثة منها و التقليدية ‪.‬‬

‫أخيراً تحدثنا على اآلثار الخاصة بالجرائم االقتصادية حيث أن الظروف و المتغيرات االقتصادية تلعب دوراً حاسما ً في‬
‫تحقيق رفاهية األفراد و األمم ‪ ،‬و تحقيق التقدم و االزدهار للدول المتقدمة ‪ ،‬و ارتفاع مستوى المعيشة بالنسبة لألفراد‬
‫بالدول النامية ‪،‬و لتحقيق التنمية المستدامة للمواطنين داخل المجتمعات ‪ ،‬فال يتحقق شيء من هذا و ذاك بإنعدام االستقرار‬
‫و انتشار جرائم داخل المجتمع و خاصةً الجرائم االقتصادية ‪.‬‬

‫فالتغيرات االقتصادية التي تمر بها الدول سواء كانت نامية أو متقدمة تتأثر تأثيراً واضحا ً سواء على المستوي المحلي‬
‫أو المستوى الدولي ‪.‬حيث أصبح السالح االقتصادي من األسلحة المنتشرة في العصر الحديث‪ ،‬حيث أن السالح االقتصادي‬
‫يغطي جدوالً واسعا ً من االجراءات التي توفر للدولة المعاقبة وسائل تشجعها و قرارات تتخذها في مواجهة الدولة‬
‫األخرى‪ ،‬حيث أن السالح االقتصادي فى العالقات الدولية هو استخدام الدولة لمبادالتها التجارية و المالية مع دولة أخرى‬
‫للحصول على بعض التنازالت في مجال السياسة الداخلية أو الخارجية ‪ ،31‬كما أن الحروب االقتصادية أصبحت بديالً‬
‫للحروب السياسية و العسكرية ‪.‬‬

‫كما ان الجرائم االقتصادية في العالم تتزايد بشكل مستمر خاصةٌ الدول العربية ( األردن – السعودية – لبنان – مصر –‬
‫المغرب )‪ ،‬فمن اآلثار الناتجة من الجرائم اإلقتصادية و تفشيها داخل الدول العربية بشكل واضح و له تأثيراً عظيما ً‬
‫جريمتي البطالة ‪ ،‬التهرب الضريبي‪ ،‬لذا ‪ ،‬خاصةً آثر البطالة على االقتصاد و عالقته بنشر وازدياد الجرائم االقتصادية و‬
‫خصوصا ً بالوطن العربي مع اإلشارة لتقرير االقتصادي الوطني الموحد لعام ‪ 2011‬و بيان نسبة البطالة‪ ،‬كما ذكرنا‬
‫التهرب الضريبي كجريمة ُمستقلة فعرفنّاه‪ ،‬و قُمنا بتوضيح أسبابه و خاصةً أسبابه االقتصادية و آثاره اإلقتصادية أيضاً‪،‬‬
‫فمثل هذه الجرائم ُكتب فيها من رسائل و بحوث و مقاالت فقد تحدثنا بشكل موجز عنها في تلك الورقة البحثية ‪.‬‬

‫أخيراً وجب علينا التحدث عن كيفية مواجهة تلك الجرائم و بإستفاضة و خاصةً ببعض الدول العربية‪ ،‬فالجرائم‬
‫االقتصادية جرائم ذات طبيعة خاصة؛ و ذلك الرتباطها بالنظام االقتصاي و التنظيمات االقتصادية‪ ،‬و للسياسة االقتصادية‬
‫أهداف منها تحقيق معدالت نمو اقتصادي عالية و المزيد من الرفاهية االقتصادية و االجتماعية و تحقيق األرباح‪ ،‬فما‬
‫يترتب عن ذلك تحقيق فساد سياسي و أمني و إداري بشكل ملحوظ‪ ،‬و في ظل التطور و انتشار العولمة تطورت وسائل‬
‫التهرب من تطبيق القوانين كما أن هناك من يتحايل عليها و بناءاً على ذلك أصبح هناك نمو واسع للجريمة و الجرائم‬
‫العابرة للحدود‪ ،‬و تدويل الجرائم االقتصادية و من هذه الجرائم ‪ :‬تهريب المخدرات‪ ،‬غسيل األموال‪ ،‬الغش التجاري‪،‬‬

‫‪ 31‬ماري هيلين البيه‪ " :‬الصراع االقتصادي في العالقات الدولية " منشورات عويدات ‪ ،‬تعريب حسن حيدر ‪ ،‬بيروت لبنان ‪1996،‬م ‪ ،‬ص‪ ( 13‬مجموعة زدني علما رقم‬
‫‪. )212‬‬

‫‪36‬‬
‫تهريب السلع و تزييف العملة‪ ،‬فمثل هذه الجرائم تجعل على عاتق الدول المسؤلية الكاملة في إصدار التشريعات والقوانين‬
‫الالزمة و اتخاذ أغلب اإلجراءات اإلدارية المناسبة للوقاية من الجرائم االقتصادية قبل وقوعها – فكما نعلم أن الوقاية خي ٌر‬
‫من العالج – كما يجب إعداد وسائل مناسبة لرسم السياسات االقتصادية و السياسية الجنائية لتقليل الحد األدنى من تنامي‬
‫الجرائم االقتصادية‪.‬‬

‫فهناك مجموعة سياسات اجتماعية و اقتصادية لمكافحة الجريمة االقتصادية‪ ،‬كما أننا سنعرض نماذج من التشريعات‬
‫الوطنية لمكافحة الجرائم االقتصادية في الدول العربية‪.‬‬

‫فإننا قد تحدثنا و بشيء من اإليجاز عن السياسات اإلجتماعية لمكافحة الجرائم‪ ،‬و إستراتيجيات العمل الجماعي‪ ،‬و عن‬
‫وجود مؤسسات غير رسمية تعمل على الوقاية من الجريمة‪ ،‬و عن المنظمات األهلية الوطنية لمكافحة الجريمة االقتصادية‬
‫‪ ،‬ثم تناولنا الحديث عن مدى إهتمام بعض الدول العربية و خاصةً المملكة العربية السعودية و سوريا و جمهورية مصر‬
‫العربية بالمؤسسات التي ترعى اإلنسان لكونه إنسان للحد من الجرائم و خاصةً الجرائم االقتصادية‪ ،‬فمن صالح نفس اإلنسان‬
‫و توافر البيئة الصالحة لنموه نحّد من تزايد الجرائم داخل المجتمعات‪ ،‬ثم تحدث عن نماذج خاصة بالتشريعات من هذه‬
‫النماذج المملكة العربية السعودية و جمهورية مصر العربية التي تواجهه الجريمة اإلقتصادية ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫النتائج و التوصيات‬

‫نجد أن دراسة هذا الموضوع كشفت لنا مجموعة هامة من النتائج والتوصيات‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬النتائج ‪:‬‬

‫‪ ‬أن الجرائم االقتصادية فهي من الجرائم التي تتطور بتطور الزمان و المكان بشكل عام‪.‬‬
‫‪ ‬التوصل لمفهوم ُمحدد ل ُمصطلح الجرائم االقتصادية أمر في ُمنتهى الصعوبة‪ ،‬فالمفهوم الخاص بتلك الجرائم‬
‫يختلف من دولة لدولة و من زمن لزمن ‪.‬‬
‫‪ ‬أنسب التعريف توصلنا له " أن الجريمة االقتصادية ‪ -:‬هي كل فعل ضار غير مشروع ُمضر باالقتصاد القومي‬
‫و يتم النص على تجريمه في قانون العقوبات أو في القوانين الخاصة بخطط التنمية االقتصادية الصادرة عن‬
‫السلطة المختصة "‪.‬‬
‫‪ ‬تعد هذه الجرائم من الجرائم القديمة غيرال ُمستحدثة التي يواجهها العالم أجمعه‪ ،‬لكن هناك أنواع تم استحداثها‬
‫خاصهً في اآلونة األخيرة ظهر عدد من الجرائم االقتصادية بطابع و شكل خاص‪.‬‬
‫‪ ‬الجرائم االقتصادية لها سمات و خصائص تُميزها عن غيرها‪ ،‬و لها أنواع عديدة ‪..‬‬
‫‪ ‬تعدد صور الجرائم االقتصادية نتيجة للتحوالت االقتصادية و االجتماعية و السياسية و الثقافية سواء المحلية أو‬
‫الدولية حيث شملت أنماطا جديدة كجرائم التجسس االقتصادي و االتجار في األعضاء البشرية وجرائم النقابات‬
‫المهنية وجرائم التجارة االلكترونية والحاسبات كذلك تهريب المهاجرين غير الشرعيين و جرائم االئتمان ‪.‬‬
‫‪ ‬بينت هذه الدراسة أن من أهم األسباب وراء تنامي الجريمة االقتصادية التحوالت المجتمعية و سياسات اإلصالح‬
‫و ما صاحبها من اإلفراط التشريعي و ارتجالية القرارات و تدني األوضاع االقتصادية واالجتماعية و تدخل‬
‫الشركات االجنبية في إحداث قدر من الفساد في الدول المضيفة و التراجع الوظيفي لدور الدول و الحكومات في‬
‫إدراة النشاط االقتصادي و توجيهه و ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني و تهميشها ‪.‬‬
‫‪ ‬للجرائم االقتصادية آثار إقتصادية و اجتماعية و سياسية سواء كانت تلك اآلثار على مستوى الفرد داخل المجتمع‬
‫أو على المستوى المحلي أو اإلقليمي أو الدولي‪ ،‬فهي حلقة متصلة بعضها البعض فإن تأثر الفرد يتأثر المجتمع‬
‫أجمعه ‪.‬‬
‫‪ ‬أن أغلب ُمرتكبي هذه الجرائم‪ ،‬من ذوي الياقات البيضاء ‪.‬‬
‫‪ ‬أن العولمة لها دور أساسي و رئيسي في تطور الجرائم و سرعة إنتشارها‪ ،‬فبظهور التكنولوجيا أصبح إنتشار‬
‫الجرائم أمر ميسور و سهل ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ ‬أن الوطن العربي من الرغم من معاناته من تلك الجرائم إال أنه يتخذ بعض الخطوات اإليجابية لحل مثل هذه‬
‫المشكلة ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التوصيات ‪:‬‬

‫‪ ‬فإننا نرى أنه لمن الواجب أن تطّور الدساتير الوطنية لتحتوي على بابا ً كامالً يواكب التطورات و التغيرات‬
‫اإلقتصادية المستحدثة لمواجهة الجرائم االقتصادية ‪.‬‬
‫‪ ‬نناشد المشرع المصري بوضع نصوص واضحة و بعقوبة قاسية لمن يرتكب مثل هذه الجرائم ‪ ،‬حتى نحد من‬
‫انتشار الجرائم االقتصادية على المستوى المحلي و اإلقليمي ‪.‬‬
‫‪ ‬كما ننشاد الدول العربية أجمعها على المشاركة بتأسيس هيئة لمواجهة الجرائم االقتصادية بأكلمها‪ ،‬لكون هذه‬
‫الدول ِوحدة واحدة ال يمكنها التشتت وال التفرق حتى ال يفر المجرم هاربا ً لواحدة من الدول دون العقاب ‪.‬‬
‫‪ ‬كما نرى من وجهة نظرنا أن على الجمعية العامة لألمم المتحدة أن تنص بشكل واضح و صريح في إحدى‬
‫اتفاقيتها أو معاهدتها على نصوص صريحة تضمن سبل واقعية لمواجهة و مكافحة الجرائم االقتصادية العابرة‬
‫للقارات؛ وهذا نتيجة للتطور التكنولوجي ال ُمستحدث وخاصةً الجرائم االقتصادية تي تحدث عبر مواقع التواصل‬
‫االجتماعي‪ ،‬أو عن طريق الشبكات العنكبوتية بوجه عام ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪32‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫الكتب و المراجع العلمية األخرى ‪:‬‬

‫‪ -1‬أمين جابر الشديفات‪ ،‬البطالة و عالقتها بالجرائم االقتصادية في العالم العربي‪ ،‬ص ‪ ،74‬دراسات العلوم اإلنسانية و االجتماعية‪،‬المجلد‬
‫‪ ، 44‬العدد ‪ ،1‬لسنة ‪"2017‬عوض ‪." 1996،‬‬
‫‪ -2‬جهاد سعيد خصاونة‪ ،‬علم المالية العامة و التشريع الضريبي (بين النظرية و التطبيق)‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬الطبعة األولى ص ‪ ،230‬سنة‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ -3‬حسن عكوش‪ ،‬جرائم األموال العامة والجرائم االقتصادية الماسة باالقتصاد القومي – دار الفكر الحديث للطباعة و النشر‪ -‬القاهرة –‬
‫‪. 1973‬‬
‫‪ -4‬حويتي أحمد‪ ،‬سنه‪، 1988‬بعنوان‪" :‬عالقة البطالة بالجريمة واالنحراف في الوطن العربي"‪.‬‬
‫‪ -5‬سيد شوربجي عبدالمولى‪ ،‬مواجهة الجرائم االقتصادية في الدول العربية‪ ،‬مركز الدراسات و البحوث لسنة ‪2006‬م‪ ،‬جامعة نايف‬
‫العربية للعلوم األمنية بالرياض‪.‬‬
‫‪ -6‬صافة خيرة ‪ ،‬دور القضاء في مكافحة الجريمة االقتصادية ‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراة في العلوم القانونية ‪ ،‬بالقانون‬
‫االقتصادي سنه ‪2017-2016‬‬
‫‪ -7‬عاطف عبدالفتاح عجوة‪ ،‬البطالة في العالم العربي و عالقتها بالجريمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬المركز العربي للدراسات األمنية و التدريب‪،‬سنة‬
‫‪.1985‬‬
‫‪ -8‬عبدهللا عبدالعزيز الصعيدي‪ ،‬دراسة في الجريمة االقتصادية‪ ،‬المفهوم – األنواع – اآلثار‪ ،‬ص ‪ ، 127‬بحوث و مقاالت مج ‪ 5‬ع‪. 3‬‬
‫‪ -9‬عبود السراج‪ ،‬مكافحة الجرائم االقتصادية و الظواهر االنحرافية‪ ،‬ندوة الجرائم االقتصادية‪ ،‬مركز الدراسات و البحوث لسنه ‪،1998‬‬
‫جامعة نايف للعلوم األمنية بالرياض‪.‬‬
‫‪ -10‬فخري الحديثي‪ ،‬قانون العقوبات – الجرائم االقتصادية – مطبعة التعليم العالي – بغداد ‪.1987‬‬

‫‪ -11‬ماري هيلين البيه‪ " :‬الصراع االقتصادي في العالقات الدولية " منشورات عويدات ‪ ،‬تعريب حسن حيدر ‪ ،‬بيروت لبنان ‪1996،‬م ‪،‬‬
‫ص‪ ( 13‬مجموعة زدني علما رقم ‪. )212‬‬
‫‪ -12‬محمد أحمد المشهداني‪ ،‬الجرائم االقتصادية أنواعها و طرق مكافحتها و الوقاية منها ‪ ،‬المجلد العشرون‪/‬العدد األول‪.‬‬

‫‪ -13‬محمد بلول‪ ،‬التهرب الضريبي و آليات مكافحته‪،‬ص ‪ ،15‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق عام ‪ ،2017-2016‬قسم إدارة‬
‫األعمال‪ ،‬جامعة الشهيد حمه لخضر‪ -‬الوادي‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية ‪ -‬قسم الحقوق ‪.‬‬
‫‪ -14‬محمود رجب فتح هللا‪ ،‬الجريمة االقتصادية‪ ،‬االدارة و االقتصاد ‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد ‪ ،5963‬بتاريخ ‪2018/8/14‬‬
‫‪ -15‬نجيب زروقي‪ ،‬جريمة التملص الضريبي و آليات مكافحتها في التشريع الجزائري ‪ ،‬ص‪) ، 9‬مذكرة الماجستير في العموم القانونية‬
‫تخصص العلوم الجنائية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪. )2013 ،‬‬

‫‪ 32‬مع حفظ األلقاب العلمية ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫المراجع األجنبية ‪:‬‬

‫‪1- Ankie,M.Hoogvelt; “The Sociology of Developing Socities”. The Macmillan Press, London,1976.‬‬
‫‪2- ECONOMIC CRIME IN A GLOBALIZING SOCIETY: ITS IMPACT ON THE SOUND‬‬
‫‪DEVELOPMENT OF THE STATE - AN INDIAN PERSPECTIVE -126TH INTERNATIONAL‬‬
‫‪SENIOR SEMINAR VISITING EXPERTS’ PAPERS -Deepa Mehta‬‬

‫المراجع االلكترونية ‪:‬‬

‫‪ -1‬المركز الديموقراطي العربي‪ ،‬للدراسات االستراتيجية‪،‬االقتصادية و السياسية‪ ،‬الجريمة االقتصادية في نظام قانون العقوبات المصري و‬
‫شروط تطبيقه‪ ،‬سيد طنطاوي محمد سيد‪ ،‬تم االطالع على هذا الموقع بتاريخ ‪ 2022/4/1‬و بتاريخ ‪2022/4/21‬‬
‫‪https://democraticac.de/?p=56723‬‬

‫‪ -2‬مجلة المختبر القانوني‪ ،‬مختبر العلوم االقتصادية‪ ،‬أنواع الجرائم االقتصادية تم االطالع بتاريخ ‪2022-4-22‬‬
‫‪https://www.labodroit.com/%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%87/‬‬
‫‪ -3‬محمود رجب فتح هللا‪ ،‬الجريمة االقتصادية‪ ،‬االدارة و االقتصاد ‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد ‪ ،5963‬بتاريخ ‪ ، 2018/8/14‬تم االطالع عليه‬
‫بتاريخ ‪.2022/5/5‬‬
‫‪https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=608414‬‬
‫‪ -4‬منظمة العمل الدولية‪ ،‬بيان صحفي‪ 18 ،‬مارس ‪ . 2020‬تم االطالع بتاريخ ‪2022/5/8‬‬
‫‪https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_738781/lang--ar/index.htm‬‬
‫‪ -5‬مجموعة كرم دويدار القانونية‪ ،‬المحاكم االقتصادية و دورها في تشجيع االستثمار في مصر‪ ،‬تم اإلطالع بتاريخ ‪.2022/5/15‬‬
‫‪https://karamdewedar.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-‬‬
‫‪%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-‬‬
‫‪%D8%AA%D8%B4%D8%AC%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84/%D8%BA%D9%8A%D8%B1-‬‬
‫‪%D9%85%D8%B5%D9%86%D9%81/‬‬
‫التقارير ‪:‬‬

‫‪ -1‬التقرير االقتصادي العربي الموحد ‪.2011 ،‬‬


‫‪ -2‬جامعة الدول العربية‪ ،‬التقرير االجتماعي‪.2001 ،‬‬
‫‪ -3‬حاالت األزمات و الكوارث الطبيعية و البيئية‪ ،‬جامعة الدول العربية‪.2001 ،‬‬

‫‪41‬‬

You might also like