Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
كليه الحقوق
الدراسات العليا
ورقة بحثية بعنوان:
دبلوم القانون العام
اقتصاديات الجريمة
في مقرر
( قاعة البحث )
إعداد الباحثة
ندى محمد وجدي عباس خاطر.
تحت إشراف
دكتور المعتصم باهلل مصطفى البحيري
أستاذ قانون االقتصاد السياسي
كلية الحقوق -جامعة المنصورة
2022
المقدمة
في البداية عالم االقتصاد كان بيئة خاصة لظهور ونمو الجريمة فيه ،وال شك بأن عالم االقتصاد يتطور بتطور الحضارة
البشرية ،فقديما كان االقتصاد مبني على الزراعة لذا كانت الجرائم االقتصادية في ذلك الوقت محورها الزراعة و هذا ما
وجدناه في أقدم التشريعات التي عرفتها البشرية.
ثم تطور االقتصاد بتطور الحضارة ،ثم بدأ عصر جديد و هو عصر النهضة الصناعية التي أدت إلى التطور الحضاري
ومن ثم التقدم والنمو إلى العصر الحالي و هو ما يُسمى بالعصر الذهبي لكونه متميز بالتكنولوجيا التي تلعب دوراً هاما ً في
التطور الحضاري ،حيث أن ثورة التكنولوجيا و المعلومات ظهرت بظهور الفضائيات واإلنسان اآللى وبالتالي ظهرت أنواع
أخرى من الجرائم االقتصادية لم تكن معروفة من قبل والتي ال يصاحبها عنف ما؛ ألنه ليس بالضرورة لوجود جريمة أن
يتواجد عنف ما ،بل ُوجد أن مرتكبي هذه الجرائم نوعية مختلفة تماما ً عن نظرية "لومبروزو" ،فإننا نتحدث عن مجرمين
من نوع آخر ،نوع أفخم من ذوي الياقات البيضاء وأذكى من المجرمين التقليديين الذي عرفناهم على مر الزمن ُمنذ بداية
الخليقة.
إنه من الصعب وضع مفهوم محدد للجريمة االقتصادية حتى بالنسبة للدول التي سنت تشريعات مستقلة للجريمة تخص
تلك الجريمة .وذلك ألن اهتمام التشريعات ال يكون منصبا على وضع التعريف بقدر مايكون اهتماما منصبا على تحديد
1
الجرائم التي تدخل في نطاق الجرائم االقتصادية.
فقد وصفها البعض بأن الجريمة االقتصادية هي جريمة متحركة عارضة تقع في زمن محدد وتعاقب بعقوبة محددة في
ضوء الحالة االقتصادية التي تعيشها البالد مهما كان نظامها ،كما أنه تم حصر تعريف الجريمة االقتصادية في اتجاهين،
اتجاه توسّع في مفهومها و اتجاه ّ
ضيق من مفهومها :
االتجاه األول :توسع في مفهوم الجريمة االقتصادية وعرفها باالعتماد على معيار التفرقة بين الموضوع المادي للجريمة
والموضوع القانوني لها ،تم تعريفها بأنها " كل جريمة يكون موضوع الوقاية القانونية فيها هو حرص الدولة على تهيئة
أكبر قدر ممكن من الرضا ألكبر عدد من الناس" .وبناء على هذا المفهوم فإن كل عملية استغالل موجهة ضد الذمة
المالية ألحد األفراد هي بمثابة جريمة اقتصادية ،كالسرقة والنصب ،ألن موضوعها القانوني ذو طبيعة اقتصادية.
أما االتجاه الثاني :فقد ضيق من مفهوم الجريمة االقتصادية وقصرها على كل فعل غير مشروع مضر باالقتصاد
الوطني إذا نص على تجريمه في قانون العقوبات أو في القوانين الخاصة بخطط التنمية الصادرة عن السلطة المختصة.
1المركز الديموقراطي العربي ،للدراسات االستراتيجية،االقتصادية و السياسية ،الجريمة االقتصادية في نظام قانون العقوبات المصري و شروط تطبيقه ،سيد طنطاوي
محمد سيد ،تم االطالع على هذا الموقع بتاريخ . 2022/4/1
https://democraticac.de/?p=56723
1
وبالتالي فإن الج ريمة االقتصادية وفق هذا المفهوم " هي الجريمة الموجهة ضد إرادة االقتصاد فقط والمتمثلة في القانون
االقتصادي والسياسة االقتصادية أو كليهما معا ويدخل ضمن هذا المفهوم ما يسمى بفكرة النظام االقتصادي العام" ،مثل
قانون العقوبات االقتصادى بطبيعته يهدف إلى حماية السياسة االقتصادية ومظهر هذة السياسة :التشريعات االقتصادية
التى تصدرها الدوله ،لذلك يكون تعريف القانون االقتصادى من المسائل المهمة واألوليه الالزمة لتعريف قانون العقوبات
االقتصادى ولعل أبرز ميدان ظهر فية هذا التطور هو "ميدان العالقات االقتصادية " فالقانون واالقتصاد نوعان وفرعان
من قانون االجتماع والدولة الحديثة لم تعد تغض البصر عن التدخل فى االقتصاد حتى ولو كانت تستلهم الحرية االقتصادية
كمبدأ اساسى ،وعالقة االجرام االقتصادى بعلم االقتصاد لصيقة حيث يعتبر االجرام االقتصادى جزءاً اليتجزأ من االقتصاد
وبالتالى المخالفات االقتصادية ال تعتبر شكالً من أشكال االنحراف ،ولكنها متجذرة فى االقتصاد نفسه والسوق كما أنها تعتبر
المسئولية االولى عن التصرفات غير الشرعية ،ومصطلح القانون االقتصادى يمكن أن يثار فى كل المجتمعات بغض النظر
2
عن درجة تطورها.
و بغض النظر عن كيفية تنظيمه ،نجد أنه بالنظر إلى نشاطه االقتصادى الذي يعتبر مرتبط بعالقة قانونية طبيعية
هى -:عالقة القانون باالقتصاد وهى عالقة تعاون بين فرعين للعلوم االجتماعية (القانون فى خدمة االقتصاد) و(االقتصاد
فى خدمة القانون) ،فالقانون يكون فى خدمة االقتصاد عندما يصحح القصور الذى يعترى النظريات االقتصادية كحرية
المنافسة مثال تتطلب تنظيما ً قانونيا ً وإال كانت النتيجة الحتمية وجود مراكز احتكارية و يؤدي ذلك إلى انتكاس المنافسة
الحرة ،كما ان االقتصاد يكون فى خدمة القانون عندما يساعد على الفهم الواعى لألنظمة القانونية وبيان حقيقتها ،فيترتب
على ذلك أن التغيرات التي تحدث على الرغم من إمكانية وصولها لحد االفراغ من المحتوى إلى أن نصها يبقى و اطارها
الخارجي ثابت ُمستقر .
تكمن أهمية البحث في اقتصاديات الجريمة إلظهار تأثير الجرائم االقتصادية على النمو االقتصادي و القطاع الضريبي و
اإلنفاق الحكومي داخل الدولة ،و عالمستوى الدولي في حاالت الحرب مثالً ،أو في حاالت األزمات االقتصادية التي تمر
بها الدول.
2
كما أنه وجب القول أن الجرائم االقتصادية ال تؤثر على الدول وحدها و إنما تؤثر على األفراد في المجتمع ،كما أن مثل
هذه الجرائم تفوق أى نوع من أنواع الجرائم األخرى ،لذا يجب على رجال القانون خصوصا ً التحدث عن مثل هذه الجرائم
باستفاضة حتى تعم الفائدة عالمجتمع ككل .
سنُسلط الضوء في هذا البحث على ماهية الجرائم االقتصادية كي نعي بمثل هذه الجرائم سواء على المستوى المصري أو
على المستوى الدولي ،كما أننا سنذكر خصائص و أنواع الجرائم االقتصادية ،و أخيراً سنوضح آثار الجريمة االقتصادية
في التشريع المصري .
تتمحور إشكالية هذا الموضوع حول بحث عن ماهية هذة الجرائم االقتصادية ومدى أثارها على المجتمع المصري
خصوصا في ظل الثورة المعلوماتية التي نعيش في ظلها ،خاصة بعد تفشي أزمة فيروس كورونا المستجد وتبعاته
االقتصادية واالجتماعية ،وكيفية مواجهة هذا النوع من الجرائم قانونا ً واقتصاديا ً .
3
المنهج البحثي :
نتبع المنهج الوصفي التحليلي المقارن و ذلك لما يحتويه البحث من إيضاح و وصف لمفهوم الجريمة االقتصادية و
سمات تلك الجرائم و خصائصها كما أننا خصصنا الجرائم االقتصادية و إتباع آثار الجرائم االقتصادية ،بجريميتين دونا ً عن
باقي الجرائم ،البطالة و آثارها و عالقتها بالجريمة االقتصادية سواء كان عالمستوى المحلي كمصر مثالً أو عالمستوى
البالد العربية ،والتهرب الضريبي كجريمة اقتصادية ُمستقلة و آثارها عاالقتصاد ،و أخيراً تطرقنا إلى كيفية مواجهة الجرائم
االقتصادية.
الخاتمة .
4
المبحث األول
من المهم في المقام األول فهم ماذا يُقصد باالقتصاد؟ ،و ما هي الجريمة االقتصادية ؟ ،و بما تعني في بعض التشريعات؟
و ما هي طبيعة الجريمة االقتصادية من األساس! الجرائم االقتصادية أو جرائم ذوي الياقات البيضاء،كما يشار إليها عموما،
هي جريمة يرتكبها شخص ذي مركز اجتماعي معين أثناء عمله ،تحدث على أنها انحراف عن الدور المهني لل ُمنتهك.
5
المطلب األول
فإننا نالحظ هُنا أننا أمام اصطالح يمثل ظاهرة إجتماعية و اقتصادية في نفس ذات الوقت ،خاصةً أنه ُمصطلح
3
ق الثاني هو االقتصادية . مك ّون من شقّين ،الش ّ
ق األول هو الجريمة و الش ّ
فمن معرفة معنى االقتصاد ،يتضّح لنا بكل بساطة مفهوم الجرائم االقتصادية ،لذا فيما يلي سنعرض مفهوم االقتصاد
نسبةً لعلمائه .
بدايةً سُنعرف مفهوم االقتصاد ،و مفهوم الجريمة ،ثم ننتقل إلى مفهوم الجرائم االقتصادية .
فقد عرّف مفهوم االقتصاد العديد من العلماء منهم :آدم سميث عرّفه بأنه هو ( علم الثروة ) ،وعرّفه مارشال بأنه (
نشاط الفرد و المجتمع للحصول على الموارد الالزمة ؛ لتحقيق الرفاهية العامة ) ،و عرّفه روبنر بأنه ( ما يهتم بسلوك
اإلنسان كحلقة اتصال بين األهداف و الحاجات المتعددة و الوسائل النادرة ذات االستعماالت المختلفة ) ،و قد عرّفه
ريمون بار بأنه ( ما يبين السبل التي يتبعها األفراد و المجتمعات ؛ لمواجهة الحاجات المتعددة باستعمال وسائل محدودة ) .
الجريمة :لغة ً مشتقة من مادة (جرم) والجريمة أي الذنب ،وتجرم عليه أي ادعى عليه ذنبا لم يحمله،
أما اصطالح الجريمة وفقا لتعريفها في القانون فيستعمل للتعبير عن سلوك مخالف للقانون الجزائي مستحقا للعقاب
لوقوع المخالفة على حق – سواء لفرد أو مجتمع – يحميه القانون ،لذلك عرف فقهاء وشراح القانون الجنائي الجريمة
بأنها فعل أو امتناع عن فعل يؤدي إلى الضرر بالغير ويعاقب عليه القانون.
تم تعريف الجرائم االقتصادية في الكثير من التشريعات الوضعية و بطرق مختلفة و عديدةُ ،كالً عرفها بطريقته
الخاصة ،حيث أنه تم تعريفها في التشريعات كما انه تم تعريفها على يد الكثير من فقهاء القانون و فقهاء الشريعة اإلسالمية
عبدهللا عبدالعزيز الصعيدي ،دراسة في الجريمة االقتصادية ،المفهوم – األنواع – اآلثار ،ص ، 127بحوث و مقاالت مج 5ع. 3 3
6
ألهمية هذا الموضوع و داللةً على وجوده منذ قديم األزل ،و كما نعلم أن الشريعة اإلسالمية لن تفتها فائته؛ و لكننا
سنتناول في هذا المطلب تعريف الجريمة االقتصادية في بعض التشريعات الوضعية المختلفة .
يتحفظ الكثير من الفقهاء حين وضع تعريف موحد وشامل للجريمة االقتصادية صالح للتطبيق في أزمان وأماكن مختلفة
،كما هو األمر عادة في الجرائم العادية ويعود ذلك لعدة أسباب منها:
السبب األول – :إن تسمية الجرائم االقتصادية تطلق عادة على الجرائم المخالفة للسياسة االقتصادية للدولة .والسياسة
االقتصادية تختلف من نظام اقتصادي إلى نظام اقتصادي آخر ،كما تختلف بين بلدين خاضعين لنظام اقتصادي واحد.
السبب الثاني – :إن مخالفة سياسة الدولة االقتصادية ال تعد جريمة اقتصادية في جميع األوقات في مختلف الدول .فما
يعد جريمة اقتصادية عادة هو الفعل الذي يسميه المشرع جريمة اقتصادية ،ويعاقب عليه بعقوبة جزائية.
وعليه يمكن تعريف الجريمة االقتصادية بأنها «فعل أو امتناع ضار له مظهر خارجي يخل بالنظام االقتصادي واالئتماني
للدولة وبأهداف سياستها االقتصادية ،يحظره القانون ويفرض عليه عقابا ً ويأتيه إنسان أهل لتحمل المسئولية الجنائية.
وهناك من يرى أنها كل فعل أو امتناع من شأنه المساس بسالمة البنيان االقتصادي ،كما تعبر عنه القواعد اآلمرة للنظام
االقتصادي المشمولة بالجزاء الجنائي.4
تُعرف الجريمة االقتصادية بأنها ( :كل عمل أو امتناع يقع مخالفا ً للقانون االقتصادي إذا نص على تجريم ذلك العمل أو
االمتناع ،حيث يدخل في القانون االقتصادي كل نص ينظم انتاج أو توزيع أو استهالك السلع والخدمات).5
تعرف الجريمة االقتصادية بأنها ( :مخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في بلد ما ،والمقصود منها حماية االقتصاد
القومي بأوسع معانيه أو اي عمل او امتناع عنه يؤثر بدوره في كيان البلد االقتصادي).6
كما أنه يُعرف أيضا ً بأنها ( :كل فعل غير مشروع مضر باالقتصاد القومي إذا نص على تجريمه في قانون العقوبات او
في القوانين الخاصة بخطط التنمية االقتصادية الصادرة عن السلطة المختصة).7
4مجلة المختبر القانوني ،مختبر العلوم االقتصادية ،أنواع الجرائم االقتصادية تم االطالع بتاريخ .2022-4-22
http://www.labodroit.com/%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B9-
%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-
%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%87 /
5حسن عكوش ،جرائم األموال العامة والجرائم االقتصادية الماسة باالقتصاد القومي – دار الفكر الحديث للطباعة و النشر -القاهرة – 1973ص .268
6حسن عكوش ،مرجع سابق -ص . 268
7فخري الحديثي ،قانون العقوبات – الجرائم االقتصادية – مطبعة التعليم العالي – بغداد – 1987ص .10
7
حيث أن مفهوم الجريمة االقتصادية يختلف اختالفا ً ُكليا ً من بلد الى آخر حسب نظامها السياسي وما إذا كان ذلك النظام
رأسمالي أو اشتراكي حيث ما يعد جريمة اقتصادية في بلد يعد عمالً مشروعا ً في بلد آخر فالجرائم االقتصادية يتسع
نطاقها في الدول االشتراكية والدول النامية عنها في الدول المتقدمة والرأسمالية.
إذ أن الدول االشتراكية والدول النامية تعتمد في خطط التنمية على سياسة توجيه االقتصاد وتركيزه بحيث تحتاج إلى
سياج قانوني يحميها من الجريمة االقتصادية وهذا السياج توفره لها التشريعات االقتصادية العقابية.8
مما سبق يتضح لنا أنه ال يوجد تعريف ُمتفق عليه و إنما هناك مفهوم شائع لتلك الجريمة و هو كل جريمة ترتكب ضد
المال ،و ذلك وفقا ً لنوع كل دولة سواء كانت دولة اشتراكية أو دولة رأسمالية ،فالدول االشتراكية تحصر الجريمة االقتصادية
في أنها الجريمة ضّد المال العام.
فمن خالل التعريفات السابقة يتضح لنا أن التعريفات السابقة جاءت على سبيل المثال و ليس على سبيل الحصر ،كما أن
الجرائم التي ترتكب ضّد تلك األموال تشمل كل أنواع التعدي و الثروات التي تمتلكها الدولة ،أو تمتلكها األفراد داخل الدولة
بالنسبة للدول الرأسمالية ،فمن هُنا يُمكن القول بأن النظام االقتصادي و النظام الجنائي داخل كل دولة وجهان لعملة واحدة ،
بحيث يُعاقب أي تعدي من االعتداءات الخاصة باألموال و للحفاظ على حقوق المواطنين .
االقتصاد يقوم على عمليات انتاج و بيع السلع و المنتجات سواء كانت منتجات زراعية أو صناعية أو حيوانية أو أى نوع
أخر من المنتجات سواء كانت طبيعية أو صناعية ،كما أن مصطلح المال يُطلق في األساس على كل ما هو ثمين ،أى كل
شيء ذات قيمة يمكن نقل ملكيته من شخص آلخر.
فالجريمة االقتصادية تنتمي لقانون العقوبات االقتصادي الحامي للعمليات االقتصادية المتقدمة ضد كل ما يحل باالقتصاد
القومي واالنتاج الوطني و الخدمات سواء كان ذلك وارداً في قانون العقوبات أو في أى قانون آخر من القوانين التي تحمي
حقوق األفراد في المجتمع .
التعريف القانوني للجريمة االقتصادية ،فهو الذي يبين األفعال المجرمة التي تقع باالعتداء مباشرة على مصلحة اقتصادية
يحميها القانون كالجرائم المتعلقة بالمعامالت المصرفية ،وتجارة العملة ،واالستيراد والتصدير ،والمنافسة غير المشروعة
والغش التجاري واختالس المال العام واالستيالء عليه ،والتهريب الجمركي ،وجرائم التمويل والتسعير الجبري ،باإلضافة
إلى مجموعة مستحدثة من الجرائم التي تهز االقتصاديات الوطنية كجرائم غسيل األموال وغيرها ثم الجرائم التي تظهر
نتيجة اإلصالح االقتصادي فيميل إلى ً التوسع ليشمل جديدة من الجرائم التي أفرزتها التغيرات أنماطا والتحوالت االقتصادية.
8محمد أحمد المشهدان ي ،الجرائم االقتصادية أنواعها و طرق مكافحتها و الوقاية منها ،المجلد العشرون/العدد األول.
8
وتعرف الجريمة االقتصادية بأنها فعل ضار له مظهر خارجي يخل بالنظام االقتصادي واالئتماني وبأهداف السياسة
9
االقتصادية ،يحضره القانون ويفرض له عقابا ً و يأتيه إنسان أهل لتحمل المسؤولية الجنائية .
حيث أن هناك رأي فقهي يرى أن الجريمة هي الجريمة وال داعي للمسميات المختلفة ،إذ أن من الجرائم العادية ما يكون
له آثار اقتصادية مثل السرقة والرشوة واالختالس والتزويروالنصب واالحتيال والغش والتهرب الضريبي ،إشهار اإلفالس
بالتدليس وكل المماطالت الخاصة بسداد المديونيات ،وغيرها العديد من الصور المختلفة للجرائم المالية والتي تؤثر على
اقتصاد الدول ونحوها وتفوق مخاطر الجرائم االقتصادية أي نوع آخر من الجرائم وذلك الن آثارها قد تشمل أجياال ،وحياة
آالف من البشر ،فإنهاك اقتصاد الدولة أو الشركات والمؤسسات الكبرى يؤدي إلى كوارث مالية واجتماعية تهدد حياة
العاملين فيها وضياع لمدخراتهم ومصادر دخلهم،مما يؤدي ذلك إلى عدم االستقرار و األمن المالي و االقتصادي لتلك
المؤسسة و هذا يؤثر على اقتصاد الدولة أيضاً ،فهي نتيجة حتمية واضحة.
كما أن التلوث في البيئة البحرية واألرضية يؤدي إلى اإلضرار بحياة اإلنسان والثروات النباتية والحيوانية مما يؤدي إلى
موته أو انتقال األمراض القاتلة إليه ،ومن جانب آخر فإن الممارسات غير المشروعة التي تقوم بها الشركات الكبرى متعددة
الجنسيات وسيطرتها على االقتصاد الوطني والدولي زادت من خطورة الجرائم االقتصادية مما حدا بكثير من الدول
والمنظمات إلى التنبيه والعمل على التصدي ومكافحة الجرائم االقتصادية بمختلف الوسائل واألساليب.10
فمن أبرز الجرائم االقتصادية الحالية جريمة غسيل األموال فهي جريمة تم تعريفها بأنها " نشاط أو عملية من شأنها إخفاء
المصدر غير المشروع الذي اكتسبت به األموال " ،فمثل هذه الجريمة تهدد االقتصاد الوطني و تقضي على الكثير من
المشروعات المشروعة الشريفة التي تعمل فى المجتمع ،كما أنها تقضي على القيم األخالقية التي يتبناها المجتمع و يُصبح
مجتمعا ً ممتلئا ً بالرشوة و الفساد المالي و اإلداري .
فقد وجب القول أن الجرائم االقتصادية لها مخاطر عالية و ذا تأثير واسع و ُممتد ألجيال متعددة سواء على المستوى
االقتصادي و االجتماعي ،حيث أنها تؤثر من الناحية االقتصادية على الدولة و من الناحية االجتماعية بتهدد حياة الناس و
أموالهم .
9أمين جابر الشديفات ،البطالة و عالقتها بالجرائم االقتصادية في العالم العربي ،ص ،74دراسات العلوم اإلنسانية و االجتماعية،المجلد ، 44العدد ،1لسنة "2017عوض
." 1996،
10المركز الديموقراطي العربي ،للدراسات االستراتيجية،االقتصادية و السياسية ،الجريمة االقتصادية في نظام قانون العقوبات المصري و شروط تطبيقه ،سيد طنطاوي
محمد سيد ،تم االطالع على هذا الموقع بتاريخ .2022/4/22
https://democraticac.de/?p=56723
9
و القتصاديات الجريمة سمات و خصائص ُوجب علينا سردها لتمييزها عن غيرها من الجرائم ،لذا سنعرض تلك السمات
والخصائص في المطلب الثاني .
المطلب الثاني
كما نعلم أن لكل شيء سمات تخصها ،و خصائص تُميزها عن غيرها ،و للجريمة االقتصادية سمات تُميزها لتجعلها
إقتصادية بحتة و خصائص تُميزها لذا سنتحدث عن ُكالً منهم على حدة .
-1جرائم ذات مسؤولية المطلقة و دون خطأ ،فهي جريمة دون ركن معنوي يعتبر .
-2جرائم ذات مسؤولية فعل الغير ،فصاحب المحل مسؤول مع مديره أو القائم على ادارته عن كل ما يقع فى
المحل من المخالفات .
-3أي شخص معنوي يُسأل جنائيا ً على أساس المسؤوليات االجتماعية و الخطورة و ليس على أساس المسؤولية
األخالقية نهائيا ً .
-4ال يُحتج في هذه الجرائم بالجهل أو الغلط في الوقائع أو القانون .
-5انها جرائم تنتمي لذوي الياقات البيضاء و ذات مسؤولية ُمطلقة ،سواء كانت واقعة من أفراد أو منشأت
تجارية أو شركات أو مصانع ،لذلك قرر لها ال ُم ّشرع غرامات مالية ل ُكل شخص طبيعي أو اعتباري يبتغي
الربح الغير مشروع .
-6هذه الجرائم سريعة التغيير و ذلك لسرعة تطّور األنشطة االقتصادية و األوضاع االقتصادية و االجتماعية
لكل دولة في العصر الحديث ؛ و ذلك نتيجة للعولمة .
اتضح لنا سمات الجرائم االقتصادية التي من خاللها يتبين لنا أن تلك الجريمة لها ما يُميزها ،لذا سنُوضح خصائصها
كاملةً .
10
خصائص الجرائم االقتصادية
لعل أهم العوامل السلبية التي تعيق المسعى النبيل المتمثل في رفع راية الحق و حمل لواء العدل ،فهي من الجرائم التي
أحدثتها الثورة التكنولوجية و ما صاحبها من تطور في جميع الميادين و خصوصا ً المعامالت المالية و هي ما يعرف
بالجرائم االقتصادية و التي هي كل المخالفات التي تتم في مجال االقتصاد و المال و األعمال ،و المرتكبة من طرف
األفراد أو الجماعات أو الهيئات ،و التي تستغل كل الوسائل التكنولوجية المتاحة و الظروف التي أوجدتها العولمة
11
االقتصادية بهدف تحقيق مصالح أو أرباح و التي تلحق ضرر بالنظم االقتصادية المالية سواء كانت عالمية أو محلية .
كما أن القوانين المعنية أو المنتهكة ليست جزءا من القانون الجنائي التقليدي .مثل هذه الجرائم :هي الفساد واالحتيال على
الشركات واالحتيال العام والتهرب الضريبي وتهريب السلع والتالعب باألسهم وتزوير العمالت واالئتمان واالحتيال على
البطاقات ،والجرائم البيئية ،وانتهاك الملكية الفكرية ،وظاهرة الجريمة اإللكترونية األحدث عهداً.
حيث أن المجرم التقليدي يسرق مبالغ صغيرة من المال وغالبًا ما يستخدم القوة الغاشمة واألدوات التقليدية لتحقيق هدفه،
على العكس من ذلك ،فإن المجرم الذي يرتكب جريمة اقتصادية يسرق مبالغ كبيرة ،ويستخدم التكنولوجيا واالتصاالت
إلجراء معامالت تجارية غير مشروعة ،أو تعكير قواعد البيانات أو تنظيم عمليات احتيال واسعة النطاق .كما أن ضحاياه
جاهلون وساذجون وغالبًا ما يظلون غير مدركين لحقيقة تعرضهم للغش .
هناك خاصية أخرى للجرائم االقتصادية أو التجارية أو جرائم الشركات أو جرائم ذوي الياقات البيضاء وهي أنها غالبًا
ما يُنظر إليها على أنها «أعمال جيدة» :وغالبًا ما يتطلب العمل الجيد «قطع الزوايا» .غالبًا ما يُنظر إلى االنتهاكات القانونية
من قبل الشركات على أنها جزء من نظام األعمال ،مثل التجسس الصناعي أو تقنيات التسويق الموحية نفسيًا.
تعتبر هذه األنشطة امتدادًا للنظام الرأسمالي القائم على الربح وااللتزام التقني بالنص بدالً من روح القانون.
ومع ذلك ،فإن مثل هذه الجرائم مكلفة للغاية لمجتمعنا .وعلى النقيض من الجرائم التقليدية التي تؤثر على أفراد معينين،
فإن الجرائم االقتصادية تؤثر على المجتمع ككل.
على سبيل المثال ،يحث اإلعالن الكاذب الجمهور على االستثمار في المنتجات التي ليس لها التأثير المطلوب .تؤثر العقاقير
غير اآلمنة ومبيدات اآلفات والمواد المضافة إلى األغذية على صحة اآلالف و التعرض للمخاطر الصناعية مثل المعدات
11صافة خيرة ،دور القضاء في مكافحة الجريمة االقتصادية ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراة في العلوم القانونية ،بالقانون االقتصادي سنه 2017-2016
11
غير المأمونة والمواد السامة للمواد واالنبعاثات تأثير سلبي على طول عمر العمال .ذلك ألن العديد من أشكال غير مرئية
نسبيا ،بالمقارنة مع جرائم العنف ،على سبيل المثال .آثار ذلك على المجتمع يتم إخفاء الجريمة االقتصادية مع تزايد الخوف
والقلق العام في الحاالت التي تؤثر على األمن الشخصي أكثر مباشرة.
فقد ُوجد نسبة كبيرة من الجرائم المنظمة الوطنية طبيعة الجريمة االقتصادية العالمية منها االتجار بالمخدرات واالبتزاز
والفساد والتهرب الضريبي وتهريب األسلحة واإلرهاب واالحتيال.
يعد التهديد االقتصادي الدولي ،الذي تشكله الجريمة المنظمة العالمية ،في اقتصاد عالمي متزايد من بين التهديدات
«الجديدة» الرئيسية لألمن القومي.
فال تؤثر الجريمة االقتصادية العالمية على مجموعة مختارة من المؤسسات المالية أو المناطق اإلقليمية فحسب ؛ إنما تؤثر
على الشبكات واالقتصادات المالية الدولية على الصعيد الوطني.
فتنظيم عملية غسيل باليين الدوالرات تؤدي أموال الجريمة إلى تفاقم مشاكل الدين الوطني ألن المبالغ الكبيرة من المال
تُفقد بعد ذلك كإيرادات ضريبية لحكومة ذلك البلد .كما يمكن أن يكون للجريمة المنظمة العالمية أثر ضار على الهياكل
السياسية ،وال سيما الديمقراطيات الهشة واالقتصادات النامية .نظرًا ألن الناس يشعرون أن الحكومة عاجزة عن وقف
الجريمة المنظمة ،فإنهم يلجأون إلى قادة الجريمة للحصول على الحماية وتبدأ المؤسسات السياسية في التدهور .وقد انتشرت
الجرائم االقتصادية في كثير من البلدان ،وال سيما تلك التي هي في طور التنمية االقتصادية أو االجتماعية أو السياسية.
األول :هو على سبيل المثال خصائص أو مكونات «االحتكارات غير المشروعة» أو «صنع المنتجات غير اآلمنة».
والثاني :هو تحديد المسؤولية :ما إذا كانت مسؤولية األمين العام أو األفراد الموجودين فيها.
أخيرًا ،وربما األهم من ذلك ،أن الجمهور ،على الرغم من أنه أصبح مدر ًكا بشكل متزايد لطبيعة هذه الجرائم ،إال أنه غير
مبال إلى حد كبير ،وحتى إذا كان معنيًا في بعض الحاالت ،فهو غير قادر على الضغط على الحكومة التي تترك القضية
لعدد قليل من مجموعات حماية المستهلك.
ازداد التعاون فيما بين الجماعات العالمية المعنية بالجريمة المنظمة مع انخفاض القيود بين الحدود الدولية.وهذه المالذات
األجنبية للمجرمين وأصولهم جعلت من الصعب بشكل متزايد على أجهزة إنفاذ القانون تتبع األرباح غير المشروعة ؛ وجمع
األدلة عن القادة الجنائيين ؛ وتحديد الجماعات اإلجرامية واحتوائها .وتسمح هذه الشبكات العالمية للجماعات اإلجرامية
المنظمة بزيادة أرباح عملياتها وأساليبها في التهرب من الحكومات المحلية بقدر ما تتقاسم المعلومات والمهارات والتكاليف
والوصول إلى األسواق ومواطن القوة النسبية .وبالرغم من أن المعامالت المالية مشروعة تماما ،فإنها معقدة للغاية وتنطوي
على نظم مالية في كثير من البلدان.
12
تعمل األسواق المالية بسرعة بسبب االتصاالت الحديثة و التجهيز االلكتروني للبيانات وخلق انطباع بعدم المالءمة .يجب
توخي الحذر في تنظيم األنشطة المالية واالقتصادية بطريقة تعزز المنافسة الحرة وال تخنقها من خالل التنظيم المفرط ،
12
وبعبارة أخرى ،يتعين إقامة توازن بين النظامين التنظيمي والتشريعي.
12ECONOMIC CRIME IN A GLOBALIZING SOCIETY: ITS IMPACT ON THE SOUND DEVELOPMENT OF THE
STATE - AN INDIAN PERSPECTIVE -126TH INTERNATIONAL SENIOR SEMINAR VISITING EXPERTS’ PAPERS -
Deepa Mehta
13
المطلب الثالث
اقتصاديات الجريمة ،عبارة عن ظاهرة اجتماعية سلبية تعاني منها كافة المجتمعات و خصوصا ً المجتمعات المعاصرة،
و بغض النظر عن مدى تطورها أو تقدمها االقتصادي من ناحية و باختالف النظام االقتصادي المطبق فيها ،فالتقدم
التكنولوجي الذي شهده العالم كافة و خصوصا ً في المجاالت االقتصادية و االجتماعية ،فبتطور المجاالت تتطور أنماط و
صور الجرائم االقتصادية .
فممارسة الفساد في المجتمعات النامية أكثر انتشاراً من ممارسته فى الدول المتقدمة ؛ ألنه يؤدي إلى تمزيق الحياة
13
االقتصادية في مثل هذه المجتمعات .
هناك العديد من أنواع الجرائم االقتصادية التي تختلف من مجتمع آلخر باختالف نظمه االقتصادية وتطوره الحضاري
إال انه مع التطور السريع الذي يمر به العالم ،فان ذلك يؤدي إلى استحداث أنشطة جديدة وعولمة ألنشطتها اإلجرامية
وظهور أنواع جديدة الجرائم االقتصادية ،وهنا مكمن الخطر ألثر هذه الجرائم وتهديدها للنمو االقتصادي األمر الذي
يصعب حصر نتائجها وتحديدها ألنها تشمل كل ما يلحق الضرر بعمليات الثروات والتوزيع والتجارة والتصنيع أو تداول
واستهالك السلع والخدمات وتهدد الثروات البيئية من نبات وكنوز معدنية وثروات بحرية ،فتشمل تخريب األراضي
الزراعية وتبويرها ودفن النفايات النووية في باطن األرض أو البحر والتخلص من النفايات الناتجة من استهالك المصانع
أو االستخدامات البشرية في الحياة اليومية ،وكذلك إنتاج وزراعة المخدرات الطبيعية على حساب األراضي الزراعية أو
تصنيع المخدرات والمؤثرات بطرق كيميائية وكذلك التنافس غير المشروع كإغراق األسواق وتقليد وتزوير المنتجات
االستهالكية وتزوير العالمات التجارية واحتكار السلع ،باإلضافة إلى الجرائم المتعلقة بالحاسوب من برمجة عمليات
وهمية أو تزوير معلوماتها ،وكذلك االختراق أو التجسس للحصول على معلومات بهدف التخريب أو تحقيق أرباح مالية .
14
- Ankie,M.Hoogvelt; “The Sociology of Developing Socities”. The Macmillan Press, London,1976, P.127 . 13
14مجلة المختبر القانوني ،مختبر العلوم االقتصادية ،أنواع الجرائم االقتصادية تم االطالع بتاريخ 2022-4-22
http://www.labodroit.com/%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B9-
%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-
%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%87 /
14
تعد الجرائم االقتصادية بأنواعها المختلفة مؤثرة تأثيراً شديداً و خطيراً و خاصةً على برامج التنمية والتقدم الحضاري
ألي مجتمع حيث إنها تعوق من تقدمه نحو النمو االقتصادي وتضر بأمانه و مصالحه ،ففي الوقت المعاصر حيث االنفتاح
االقتصادي والتقدم السريع لجميع نواحي الحياة والثورة التكنولوجية التي بدورها زادت من انتشار التجارة االلكترونية
وعولمة االقتصاد وبالتالي و نتيجة لذلك عولمة النشاط اإلجرامي.
فال شك أن هناك جرائم تعتبر من الجرائم العادية لها آثار اقتصادية كالسرقة واالختالس والتزوير والرشوة واالبتزاز
والنصب واالحتيال والغش والتدليس و السطو والمماطلة في سداد الديون وغيرها من صور الجرائم المالية فمن أهم هذه
الجرائم االقتصادية التهرب الضريبي و االقتصاد غير الرسمي و االقتصاد األسود ،حيث يتأثر بها المجني عليه من ناحية
سلب أمواله ،فنتيجة لذلك ال يحقق تقدما ً ونمواً اقتصاديا ً يستفيد منها أو يستفيد اقتصاد بالده إال أن الجرائم االقتصادية هي
في المقام األول موجهة للسياسة االقتصادية للدولة وتضر بمصالحها المالية.
وهناك العديد من أنواع الجرائم االقتصادية التي تختلف من مجتمع آلخر باختالف أنظمته االقتصادية وتطوره الحضاري
إال انه مع التطور السريع الذي يمر به العالم ،فذلك يؤدي إلى استحداث أنشطة جديدة وعولمة ألنشطتها اإلجرامية وظهور
أنواع جديدة الجرائم االقتصادية ،وهنا مكمن الخطر الرئيسي ألثر هذه الجرائم ،وتهديدها للنمو االقتصادي األمر الذي
يصعب حصر نتائجه وتحديده ألنها تشمل كل ما يلحق الضرر بعمليات الثروات والتوزيع والتجارة والتصنيع أو تداول
واستهالك السلع والخدمات وتهدد الثروات البيئية من نبات وكنوز معدنية وثروات بحرية ،فهي تشمل تخريب األراضي
الزراعية وتبويرها ودفن النفايات النووية في باطن األرض أو البحر والتخلص من النفايات الناتجة من استهالك المصانع
أو االستخدامات البشرية في الحياة اليومية ،وكذلك إنتاج وزراعة المخدرات الطبيعية على حساب األراضي الزراعية أو
تصنيع المخدرات والمؤثرات بطرق كيميائية وكذلك التنافس غير المشروع كإغراق األسواق وتقليد وتزوير المنتجات
االستهالكية وتزوير العالمات التجارية واحتكار السلع ،باإلضافة إلى الجرائم المتعلقة بالحاسوب من برمجة عمليات وهمية
أو تزوير معلوماتها ،وكذلك االختراق أو التجسس للحصول على معلومات بهدف التخريب أو تحقيق أرباح مالية.
قد رأينا أن الجرائم االقتصادية تُقسّم لع ّدة أنواع ؛ تنقسم لثالثة أقسام رئيسية ،فالقسم األول للجرائم االقتصادية ينقسم من
حيث :نشاطها االقتصادي ،و من حيث :فاعلياتها االقتصادية ،ومن حيث :عقوبتها ،القسم الثاني :أنواع الجرائم
االقتصادية طبقا ً لطبيعة أو نوع ملكية األموال أو الموارد محل االعتداء ،القسم الثالث :تمييز الجرائم االقتصادية التقليدية
من ناحية و الجرائم االقتصادية المستحدثة من ناحية أخرى .
15
القسم األول:
-1جرائم لها عقوبات محددة في الشرع بالنص من الكتاب و السنة ( كجرائم الحدود و القصاص ).
-2جرائم ليس لها عقوبات محددة و يقوم ولي األمر بتحديدها .
-1جريمة السرقة :و هي من الجرائم المالية المعاقب عليها سواء في الشريعة اإلسالمية و القوانين الوضعية ،فكما
نعلم أن جريمة السرقة هي اخذ مال منقول مملوك للغير دون رضاه .
-2جريمة اختالس االموال :هي كذلك من جرائم االموال ،فاختالس األموال عادةً تكون أموال عامة تخص الدولة ،
و من الممكن أن تكون ضمن األموال الخاصة التي يمتلكها األفراد داخل المجتمع .
-3الغش :يقع الغش على جرائم األموال أيضا ً ،فهو يعني خداع المستهلكين بأشياء غير حقيقية .
-4االحتكار :من الجرائم التي يختص بها فرع االقتصاد بوجه الخصوص ،و جرائم األموال في العموم ،حيث أن
المحتكر ينتج بمقدار أقل بقليل من السلع المطلوبة من المستهلكين و يبيعها بسعر أعلى بكثير .
16
-5التزوير :يقع التزوير على الجرائم الخاصة بالتعامالت المالية و األموال ،ألن التزوير هو تغيير الحقائق بقصد
الغش ،يكون ذلك الغش بصك أو بورقة أو بمحرر رسمي أو عادي .
15
-6التعامل بالربا :الربا جريمة اقتصادية ،المقصود بها أن محرمة من قِبل الشارع .
-7جريمة األسعار و جريمة الصرف :فجريمة األسعار و جريمة الصرف من أهم الجرائم االقتصادية و ذلك ألن
االستقرار في األسعار من أكثر الضمانات لألفراد داخل المجتمع من جشع التجار و استغاللهم للسوق .
-8التهرب من الضرائب :فتلك الجريمة االقتصادية تتزايد بصفة خاصة في المجتمعات الرأسمالية .
-9جريمة غسيل األموال :فكما نعرف أن تلك الجريمة هي عبارة عن نشاط أو عملية تخفي المصدر غير المشروع
الذي اكتسب من خالله المال .
النصب و االحتيال :مثل هذه الجريمة تعتبر جريمة اقتصادية مالية ،فالنصب و االحتيال يعني استيالء -10
الجاني على مال منقول او غير منقول برضا صاحبه أي مالكه و لكن يتم ذلك بواسطة استعمال وسيلة احتيالية ،
من هذه الوسائل االحتيالية تلك :استعمال الكذب و الغش و الخداع ،و التصرف في مال سواء كان منقوالً أو غير
منقول ليس له الحق في التصرف فيه مع اتخاذه صفة غير صحيحه.
مما سبق يتضح لنا أنواع الجرائم االقتصادية فهي تنقسم لقسمين رئيسيين :القسم األول يحتوي على الجرائم االقتصادية
من حيث النشاط االقتصادي للجرائم و من حيث الفعاليات االقتصادية ،فمثل هذه الجرائم تحتوي على ع ّدة جرائم خارجة
منها تؤثر على االقتصاد بشكل مباشر و على جميع األفراد داخل المجتمع بشكل مباشر أيضا ً ،حيث أن هناك فرق شاسع
بين الجرائم الناتجة من طبيعة النشاط االقتصادي للجريمة و الجرائم الناتجة من الفعاليات االقتصادية .
أما بالنسبة للقسم الثاني فهو يشمل الجرائم االقتصادية من حيث العقوبة و ذلك القسم يحتوي على نوعين آخرين ،النوع
األول هو جرائم لها عقوبات محددة في الشرع بالنص من الكتاب و السنة ( كجرائم الحدود و القصاص ) ،و النوع الثاني
هو جرائم ليس لها عقوبات محددة و يقوم ولي األمر بتحديدها ،فمن خالل تلك الجرائم يتضح لنا أن هناك جرائم عديدة
يمكن أن يتعرض لها الفرد في حياته اليومية لذلك وجب تشريع قوانين وضعية تعمل على حماية حقوق األفراد داخل
المجتمع .
محمد أحمد المشهداني ،الجرائم االقتصادية أنواعها و طرق مكافحتها و الوقاية منها ،ص . 124 15
17
القسم الثاني :
أنواع الجرائم االقتصادية طبقا ً لطبيعة أو نوع ملكية األموال أو الموارد االقتصادية محل االعتداء :
قد يكون المال ماالً عاما ً أي أنه ملك للدولة ،او أنه ماالً خاصا ً أى أنه مشروع خاص لفرد أو لشركة ،أو مملوك لبعض
الهيئات أى أنه يكون كالنقابات مثالً .
-1بعض الجرائم الواقعة على المال العام أو الجرائم الضارة بالمصلحة االقتصادية العامة للمجتمع ) :
فمن هذه الجرائم مثالً :أ -تزييف العملة و االختالس فهذه الجرائم من الجرائم التي تضّر بالمصلحة االقتصادية العامة
للمجتمع و تؤثر عليه تأثيراً واضحا ً .
انتشر ال ُمصطلح الخاص باالقتصاد الخفي في اآلونة األخيرة ،و بإنتشاره أنتشرت ع ّدة جرائم حقيقية تؤثر على االقتصاد
ال ُكلي و تؤثر على اإليرادات الداخلة للدولة سواء كان نتاجا ً من التهرب الضريبي أو غيرها..
يُسمى االقتصاد الخفي بتعبيرات عديدة متنوعة منها :االقتصاد التحتي ،االقتصاد األسود ،االقتصاد غير المرئي ،و
االقتصاد غير الرسمي .
من هذه المسميات نجد أن االقتصاد الخفي المقصود به هو األنشطة الغير معلن عنها و ال تدخل ضمن حسابات الدخل
القومي ،و ال تخضع أرباحها و عوائدها للضرائب؛ بالتالي األنشطة الناتجة عن هذا االقتصاد غير مشروعة و غير قانونية
بالمرة ،و قد تكون مشروعة بشكل ظاهري و العاملين عليها يتعمدون إخفاء حقيقتها للتهرب من الضرائب .
أي يمكننا القول أن االقتصاد الخفي أو االقتصاد الغير رسمي يُعد من االقتصاديات التي تساعد على التهرب من الضرائب،
سنبين فيما يأتي آثار التهرب الضريبي على االقتصاد .
و على الرغم من قلة توافر االحصائيات الالزمة لتبيان المعدالت الحقيقية لالقتصاد الخفي و كثرة انتشاره و مدى
خطورته ،كما أننا سنوضح سبب ارجاع ظاهرة االقتصاد الخفي و نموه على النحو اآلتي :
رابعا ً :التحوالت التي تطرأ على السياسات االقتصادية العامة داخل المجتمعات .
18
بعض الجرائم االقتصادية المندرجة و تمارس في االقتصاد الخفي :
من هذه الجرائم :التهريب ،الصفقات المشبوهة ،القمار ،الدروس الخصوصية ،التهرب الضريبي ،االتجار في
المخدرات ،الرشوة ،الفساد االداري و الحكومي ،فهذه جرائم تعد من الجرائم القديمة نسبيا ً ،فبتطور الزمان و بانتشار
العولمة ،ظهرت جرائم حديثة تندرج تحت االقتصاد الخفي منها :االحتكار ،االتفاقات غيرالمشروعة لتقييد التجارة و
فرض األسعار ،المضاربة غير المشروعة ،الغش التجاري ،الجرائم المتعلقة بنشاط االئتمان في الجهاز المصرفي و هي
جرائم ترتبط بالجرائم الخاصة بذوي الياقات البيضاء ، White Collar- Crimeجرائم غسيل األموال ،الجرائم الخاصة
بسرقة المعلومات و القرصنة اإللكترونية .
مما سبق من جرائم؛ فإنها تُحدث آثار ضارة متعددة ،لذا سنعرض فيما يلي بعض اآلثار و بإيجاز شديد .
16عبدهللا عبد العزيز الصعيدي ،دراسة حول آثار الجريمة االقتصادية ،بحوث و مقاالت ،مجلد6عدد ،2الفكرالشرطي ،القيادة العامة لشرطة الشارقة ،دار المنظومة.
19
القسم الثالث :
أنواع الجرائم االقتصادية طبقا ً لمعايير التمييز بين الجرائم المستحدثة منها و التقليدية :
فوفقا ً لهذا النوع من الجرائم االقتصادية سنوضح الفارق بينهم في ع ّدة نقاط :
-أوالً :الجريمة التقليدية جريمة محددة بنص قانوني غالبًا في قانون العقوبات ،بينما الجرائم االقتصادية و خاصة
المعاصرة أو الحديثة منها هي جرائم لم يشملها قانون العقوبات بل قوانين خاصة بكل جريمة والبعض منها لم
يصدر بتجريمه أي تشريع أي نعاني من قصور تشريعي نحوها.
ثانيًا :تتفق كل من الجرائم التقليدية والجرائم االقتصادية و خاصة المعاصرة أو الحديثة منها في المضمون -
كالسرقة و االستيالء على مال الغير ،ولكنها تختلف في الشكل بسبب روح العصر والتغيير في البنى االجتماعية
واالقتصادية للمجتمع.
-ثالثًا :الجرائم التقليدية تعد جرائم محلية بينما الكثير من الجرائم االقتصادية و خاصة المعاصرة أو الحديثة منها
هي جرائم عابرة للدول والقارات وقد تكون مرتكبة عن بعد عبر أجهزة إلكترونية واتصاالت ومعلوماتية بسبب
التكنولوجيا الحديثة.
-رابعًا :الجرائم التقليدية تستهدف الفرد في جسمه أو في ماله أو في سمعته وشرفه ،بينما الجرائم االقتصادية
تستهدف المصالح العامة في جانبها االقتصادي والمالي.
-خامسًا :الدافع في الجرائم التقليدية قد يكون االنتقام أو الثأر أو اإلضرار األدبي أو االجتماعي باإلضافة إلى
17
الكسب المادي ،بينما الدافع في الجرائم االقتصادية هو الكسب المادي أو اإلضرار المالي فقط.
17محمود رجب فتح هللا ،الجريمة االقتصادية ،االدارة و االقتصاد ،الحوار المتمدن ،العدد ،5963بتاريخ ، 2018/8/14تم االطالع عليه بتاريخ .2022/5/5
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=608414
20
المبحث الثاني
أصبحت الظروف و المتغيرات االقتصادية تلعب دوراً حاسما ً في تحقيق رفاهية األفراد و األمم ،و تحقيق التقدم و
االزدهار للدول المتقدمة ،و ارتفاع مستوى المعيشة بالنسبة لألفراد بالدول النامية ،و لتحقيق التنمية المستدامة للمواطنين
داخل المجتمعات ،فال يتحقق شيء من هذا و ذاك بإنعدام االستقرار و انتشار جرائم داخل المجتمع و خاصةً الجرائم
االقتصادية .
فالتغيرات االقتصادية التي تمر بها الدول سواء كانت نامية أو متقدمة تتأثر تأثيراً واضحا ً سواء على المستوي المحلي
أو المستوى الدولي .
كما أن السالح االقتصادي أصبح من األسلحة المنتشرة في العصر الحديث ،حيث أن السالح االقتصادي يغطي جدوالً
واسعا ً من االجراءات التي توفر للدولة المعاقبة وسائل تشجعها و قرارات تتخذها في مواجهة الدولة األخرى ،حيث أن
السالح االقتصادي فى العالقات الدولية هو استخدام الدولة لمبادالتها التجارية و المالية مع دولة أخرى للحصول على
بعض التنازالت في مجال السياسة الداخلية أو الخارجية ،18كما أن الحروب االقتصادية أصبحت بديالً للحروب السياسية
و العسكرية .
ان الجرائم االقتصادية في العالم تتزايد بشكل مستمر خاصةٌ الدول العربية ( األردن – السعودية – لبنان – مصر –
المغرب )
فمن اآلثار الناتجة من الجرائم اإلقتصادية و تفشيها داخل الدول العربية :البطالة ،التهرب الضريبي
لذا سنتحدث عن آثر البطالة وعالقتها بالجريمة االقتصادية كما أننا سنختص بعض الدول العربية منها األردن و السعودية
و لبنان و مصر و المغرب " ،آثر البطالة و عالقتها بالجريمة االقتصادية " بالمطلب األول .
كما وجدنا أن للتهرب الضريبي آثر واضح و خطير على االقتصاد سواء كان على المستوى الوطني و المحلي أو على
المستوى الدولي " ،آثر التهرب الضريبي و عالقته بالجريمة االقتصادية " بالمطلب الثاني .
18ماري هيلين البيه " :الصراع االقتصادي في العالقات الدولية " منشورات عويدات ،تعريب حسن حيدر ،بيروت لبنان 1996،م ،ص ( 13مجموعة زدني علما رقم
. )212
21
المطلب األول
قد الحظنا أن للبطالة تأثيراً عظيما ً على االقتصاد و خصوصا ً في الدول العربية و ذلك من بعض اإلحصائيات العالمية
،لِذا سنتحدث عنه بإيجاز في هذه الورقة البحثية مع إيضاح تعريف البطالة و أسباب وجودها بالدول العربية و أسباب
تفشيها في الوطن العربي على وجه الخصوص مع اإلشارة لبعض الدراسات األجنبية ،و عالقة البطالة بالجرائم
االقتصادية .
أوالً :تعريف البطالة :يعرفها االقتصاديون بفائض عرض العمل عن الطلب عند مستوى معين من األجور ،ويرتبط
هذا التعريف بمستوى معين من األجور؛ ألنه معدل أجور يكون عنده كل األشخاص الذين يطلبون عمالً يقومون بذلك
ويسمى بأجر القبول ،وبالتالي فإن البطالة تُقاس بعدد األشخاص الذي يبحثون عن عمل عند مستوى األجور السائد في
السوق .
كما عرفّه مكتب العمل الدولي :العاطلين عن العمل بأنهم كل األفراد فوق سن معين وبدون عمل والمستعدين للعمل
ويبحثون عنه خالل فترة مرجعية .
فالبطالة تعني :عدم وجود فرصة عمل لكل شخص يرغب في العمل و قادر عليه و هو في سن يسمح له بالعمل ،فالفكرة
كلها هي عدم وجود الفرصة .
ثانيا ً :أسباب تفشي البطالة :تعد البطالة من أشد المخاطر التي تهدد استقرار وتماسك المجتمعات عموما ً ،و خصوصا ً
المجتمعات العربية ،وتختلف األسباب بطبيعة المجتمعات واالختالفات بينها ،فمن الممكن أن ندرك اختالف طبيعتها حتى
من منطقة إلى أخرى داخل البلد الواحد ،كما أنه من الممكن أن توزع األسباب على عوامل مختلفة ،سواء كانت اقتصادية
واجتماعية وسياسية وأخرى ،هي -1 :إخفاق خطط التنمية االقتصادية في البلدان العربية .
ففي المجتمعات العربية تواجه الدول العربية تحديات اقتصادية و اجتماعية و سياسية مشتركة ،على الرغم من
االختالف الذي يكاد يكون جذريا ً سواء من الناحية التي تعتمد عليها تلك الدول في أنظمتها االقتصادية و إنتاج اقتصادات
انتقالية و الدول الغير المستقرة و تسودها النزاعات و بعض البالد النامية ففيها يرتفع معدالت البطالة و العمالة الجزئية و
22
العمالة غير النظامية بجانب تراجع االنتاجية وفقا ً لتقرير منظمة العدل الدولية لعام 2011؛ حيث ذكرت منظمة العمل
الدولية أن أعداد األشخاص العاطلين عن العمل في أنحاء العالم قد ارتفعت إلى معدالت تاريخية لتبلغ 212مليون شخص
العام الماضي أو % 6.6من القوى العاملة ،منهم ما يزيد على 14مليون متعطل عربي وبمعدل يزيد على ضعف المعدل
العالمي .ويوضع التقرير االقتصادي العربي الموحد لعام 2011نسب البطالة في الوطن العربي وتوزيعها.
19
مما سبق من إحصائيات سواء كانت من منظمة العدل الدولية أو من التقرير االقتصادي الموحد يتضح لنا أن البطالة فى
تزايد ُمستمر و بالتالي الجرائم االقتصادية في ازدياد ُمستمر ،إذ أن الجرائم االقتصادية ارتفعت من 247824عام 2003
إلى 337900عام 2008ثم ارتفعت إلى 494986عام . 2013
الجرائم االقتصادية من أهم و أخطر الجرائم التي تواجهه المجتمعات العربية على وجه الخصوص ،لكونها تهدد المؤسسات
و األفراد كما أنها تهدد األمن و االستقرار الخاص بكل بلد على حدة ،و بالتالي تشكل تهديداً كبيراً على الجهود التي تبذلها
الدول للتنمية ؛ ألن مثل تلك الجرائم الخطيرة تنقل جزء كبير من الدخل القومي للخارج مما يؤدي على دور الدولة لتصبح
غير قادرة على اإلنفاق على االستثمارات الالزمة لتوفير فرص العمل و بناءاً عليه ظهرت مشكلة البطالة إلى أن ارتفع
ُمعدلها و أصبحت تُهدد األمن الوطني و القومي العربي .
23
كما أن إرتفاع معدالت البطالة أسهم في الخروج عن القواعد و المعايير مما أدى لظهور الجرائم االقتصادية بشكل واسع،
مما جعلها من أخطر و أبشع التحديات التي يواجهها العالم ككل و المجتمعات العربية على وجه الخصوص ،فتلك الجرائم
أصبحت تهدد جميع المؤسسات سواء كانت دولية أو وطنية و الشعوب و األفراد كما أنها أثرّت بشكل واضح على سيادة
الدول على األموال .
هنالك عالقة ذات داللة إحصائية بين البطالة والجريمة واالنحراف ،إضافة إلى معرفة العوامل المسببة للبطالة في الوطن
العربي والسبل الكفيلة بمواجهتها ،وكان مجتمع الدراسة من نزالء المؤسسات العقابية في (موريتانيا وقطر والسودان
وسوريا) وتوصلت الدراسة إلى :
-1أن فرص التنمية االقتصادية السكانية وأن العمل األساسي للبطالة في العالم العربي يتمثل في النمو السكاني المتسارع،
إضافة لقصور جهود التنمية وتواضع األداء االقتصادي والتقدم التكنولوجي.
-2أن البطالة مشكلة يترتب عليها آثار اجتماعية وأمنية و سياسية إذا استمرت األمور على ما هي عليه دون إحداث
20
تغييرات في بناء كل دولة عربية ،حينها ستؤدي هذه األوضاع لزيادة المعدالت للجريمة بشكل طردي .
نتيجةً لما سبق من اإلحصائيات لبعض الدول العربية أن نسبة البطالة كبيرة بحد ُمقلق يجعل العاطلين عن العمل يُفكروا
بشكل سواء كان مباشر أو غير مباشر باالتجاه لما يجعلهم يجلبون المال من أجل العيش؛ و نتيجةً لذلك يرتكب البعض جرائم
اقتصادية بحته ،بوجود و انتشار العولمة نجد أنها ساهمت في ظهور العديد من وسائل الكسب غير المشروعة ،كما أن
العولمة ساهمت في تطور الجريمة االقتصادية و بالتالي تعددت صور الجرائم االقتصادية – كما أشارنا إليها من قبل ،فمثل
هذه الجرائم كاالعتداء على المال العام ،التهرب الضريبي ،النصب و االحتيال ،جرائم البورصات ،و المخدرات ،و غسيل
األموال ،و االحتكار و المنافسة غير المشروعة – فمثل هذه الجرائم أدت إلى تفاقم مشكلة البطالة في الوطن العربي على
وجه الخصوص؛ و ذلك ألنها أدت الختالل الهيكل االجتماعي و التأثير في القيم و المبادىء و الروابط بين أفراد المجتمع،
21
كما أنها تؤثر في الكفاءة اإلنتاجية و االستقرار االجتماعي لألفراد داخل المجتمع .
كما أن في اآلونة األخيرة و بتفشي فيروس كورونا ،منظمة العمل الدولية تقول إن قرابة 25مليون وظيفة في العالم
ُمعرضة للضياع 22؛ فنتيجة لتفشي فيروس جديد تأثر العالم أجمعه سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي
بضياع الوظائف على مستوى العالم؛ يؤدي ذلك إلى ازدياد معدل البطالة و نتيجة لذلك تزداد الجرائم االقتصادية .
20دراسة حويتي أحمد ،سنه، 1988بعنوان" :عالقة البطالة بالجريمة واالنحراف في الوطن العربي".
عاطف عبدالفتاح عجوة ،البطالة في العالم العربي و عالقتها بالجريمة ،الرياض ،المركز العربي للدراسات األمنية و التدريب،سنة .1985 21
22منظمة العمل الدولية ،بيان صحفي 18 ،مارس ، 2020تم االطالع بتاريخ 2022/5/8
https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_738781/lang--ar/index.htm
24
المطلب الثاني
تستخدم الدولة الضريبة كوسيلة فعالة للتدخل في الحياة االقتصادية و االجتماعية وتوجيه النشاط االقتصادي وفقا
لظروف ومتطلبات وأهداف التنمية ،وتحقيقا ألغراضها االقتصادية واالجتماعية ،تساعد الضرائب في تحصيل اإليرادات
بشكل مستمر وثابت ومستقر على تحسين توازن الميزانية العامة ،ولكن توجد عوائق تقلل وتذبذب من تحصيل الدخل،
وهي طرق احتيالية تدليسية يتم استعمالها من أجل التخفيف من عبء الضريبة كليا أو جزئيا وتسمى هذه الظاهرة
"بالتهرب الضريبي " ،وهي ظاهرة عالمية عجزت جميع الدول عن محاربتها بصفة نهائية ،وهي تنبع من فقدان الشعور
بالمسؤولية عند المكلفين سواء كان شخص طبيعي أو معنوي في تسديد دين الخزينة أو الحق العام ،ألنهم ينظرون لها على
أنها حق غير مستحق للدولة ،وأنها تقييد لحرية التملك ،مما يدفعهم إلستعمال طرق قانونية وتسمى تلك الطرق بالتجنب
الضريبي أو التهرب باستعمال طرق الغش والتحايل ،مستغلين ثغرات قانونية أواتفاقها مع ثغرات إدارية تسمى بالفساد
اإلداري ،وذلك باستغالل أعوان الضرائب و التواطؤ معهم بصرف النظر في معايناتهم ومراقباتهم وحصرالدخل .ومن
أجل الحفاظ على توازن اقتصاد الدولة وتكامله مع حاجات المجتمع ،وحرصا على مواصلة السياسات التنموية ،وضعت
الدولة آليات للتصدي لهذه الظاهرة ومحاربتها وقمعها.
يعد التهرب الضريبي جريمة إقتصادية بحته ،كتب عنها االقتصاديون بتوسع لكونها جريمة ُمستقلة تؤثر على االقتصاد
المحلي و الوطني و الدولي ،مما يجعلها من أخطر الجرائم االقتصادية ،سنكتفي في هذه الورقة البحثية بذكر تعريف
التهرب الضريبي و أسبابه و آثاره اإلقتصادية على وجه الخصوص ،لما رأيناه من توسع في مثل هذه الجريمة سواء على
المستوى المحلي أو الدولي فللتهرب الضريبي تعريفات عديدة ،كما أن له أنواع مشروعة و غير مشروعة ،يمكن للتهرب
الضريبي أن يكون على المستوى الدولي و المحلي ،كما أن له أسباب و طرق و آثار ،و أسبابه تنقسم ألسباب عديدة منها
األسباب التشريعية ،األخالقية ،النفسية ،القانونية ،اإلقتصادية ،اإلدارية ،و لكننا سنكتفي بذكر أسبابه االقتصادية فقط .
كما أن للتهرب الضريبي آثار تؤدي إلى اإلضرار من الناحية المالية بالخزينة العامة و المكلفين على حد سواء ،فيما يتعلق
بالخزينة العامة يؤدي التهرب الضريبي إلى انخفاض الحصيلة الضريبية ونتيجة لذلك يؤدي إلى عدم استطاعة الدولة القيام
25
بالخدمات العامة بشكل مناسب ،وفيما يتعلق بالمكلفين يؤدي التهرب الضريبي إلى المساس بالعدالة الضريبية ،و ذلك ألن
23
البعض يدفع الضريبة و البعض اآلخر يتهرب منها سواء كان تهرب ُكلي أو جزئي .
بناءاً على ما سبق يمكن لنا تقسيم آثار التهرب الضريبي آلثار مالية و إقتصادية و إجتماعية ،و لكننا سنكتفي بالحديث
عن آثاره االقتصادية .
للتهرب الضريبي تعريفات عديدة سواء كانت تعريفات على نطاق ُضيق أو واسع ،فهو عبارة عن وسيلة احتيالية غير
مشروعة تخالف مقتضيات النصوص و التشريعات ،و يمكن القول أنه وسيلة من خاللها تستغل الثغرات القانونية لم
تحددها النصوص بشكل خاص و غفل عنها المشرع بشكل عام .
فالتهرب الضريبي هو :عدم أداء الضريبة في الوقت المحدد أو عدم أدائها بشكل مطلق ،هو امتناع كلي أو جزئي من
دفع الضريبة المستحقة للدولة باستخدام كافة الطرق لإلمتناع عن سدادها.
التهرب الضريبي له خطورة كبيرة على كيان التنمية اإلقتصادية وهو ظاهرة منتشرة بين مختلف الطبقات داخل الدولة،
يعود التهرب الضريبي لع ّدة أسباب ،سواء كانت أسباب تشريعية ،أخالقية ،نفسية ،قانونية ،اقتصادية ،إدارية ،سنكتفي
بذكر األسباب اإلقتصادية .
إن الوظيفة اإلقتصادية للمكلف غالبا ما تحدد تصرفاته تجاه مصلحة الضرائب وتدخل الظروف االقتصادية تساهم كثيرا
في تفشي ظاهرة التهرب ،ويتساءل المكلف بالضريبة ما إذا كان الدخل الذي يجنيه من التهرب الضريبي يعوض األخطار
التي سوف يتعرض إليها من جراء ذلك ،فكما زادت نسبة الضرائب المفروضة كلما زاد المكلف في تهربه من دفع
الضريبة ،ألن عدم دفع الضريبة يجعل دخله أكثر ومن جهة أخرى فإنه عندما تكون الحالة المادية للمكلف جيدة يميل إلى
دفع الضريبة من أجل تجنيب نفسه الخطر الذي يجعله يتحمل ثقل اإلخفاء و اإلختالس ،أما إذا كانت حالته االقتصادية
مزرية فإنه يميل إلى التهرب رغم المخاطر الناجمة عنه ألنه يرى أن ذلك السبيل الوحيد إلستمرارية مؤسسته في النشاط
و إنقاذها من اإلفالس و التوقف عن العمل ،حيث أن التهرب الضريبي يقل في أوقات الرخاء لتوفر األموال ،و يزداد في
24
أوقات األزمات لقلة األموال .
جهاد سعيد خصاونة ،علم المالية العامة و التشريع الضريبي (بين النظرية و التطبيق) ،دار وائل للنشر ،الطبعة األولى ص ،230سنة .2010 23
24محمد بلول ،التهرب الضريبي و آليات مكافحته،ص ،15مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق عام ،2017-2016قسم إدارة األعمال ،جامعة الشهيد حمه
لخضر -الوادي ،كلية الحقوق و العلوم السياسية -قسم الحقوق .
26
ثالثا ً :اآلثار االقتصادية للتهرب الضريبي :
يؤدي التهرب إلى نتائج خطيرة جدا من حيث المساس بإنتاجية االقتصاد القومي ،فمن ناحية يؤدي وجود إمكانيات واسعة
للتهرب في إطار نشاط معين إلى جذب األفراد و األموال نحوه ولو لم يكن مفيدا بالنسبة للدولة ،أي حتى لو كانت اإلنتاجية
اإلجتماعية منخفضة بالنسبة لغيره من أوجه النشاط التي ال تتوافر فيها أو تقل فيها هذه اإلمكانيات ،ومن ناحية أخرى يخل
التهرب الضريبي بشروط المنافسة بين المشروعات فهو ال يسمح بانتصار المشروعات األكثر كفاءة أو األكثر فائدة
بالنسبة للدولة و األفضل تجهيزا أو األحسن تنظيما حسب ما يقضي به منطق اإلنتاجية ،بل على العكس يعطي فرصة
االنتصار للمشروعات األكثر قدرة على التهرب من الضرائب ،ويؤثر على :
-انخفاض معدالت االدخار يجعل الدولة تُقلص حجم اإلعفاءات الممنوحة في إطار تنمية المشاريع االستثمارية ،و
يترتب على ذلك ركود اقتصادي متميز بارتفاع معدالت التضخم و البطالة .
-اإلخالل بقواعد المنافسة حيث تصبح المؤسسات المتملصة أفضل من تلك التي تؤدي واجباتها الضريبة.
-كما يضر التملص الضريبي بإنتاجية المؤسسة بحيث يعمل ذلك التملص إلى توجه عناصر اإلنتاج إلى األنشطة
التي يسهل فيها التملص الضريبي حتى ولو كانت هذه األنشطة ذات إنتاجية ضعيفة.
تساهم ظاهرة التملص الضريبي في توجيه االقتصاد الوطني نحو إرساء اقتصاد غير رسمي أو ما يعرف -
25
باالقتصاد الموازي و الذي يحدث مشاكل عديدة تعرقل السير الحسن لالقتصاد الوطني .
25نجيب زروقي ،جريمة التملص الضريبي و آليات مكافحتها في التشريع الجزائري ،ص) ، 9مذكرة الماجستير في العموم القانونية تخصص العلوم الجنائية ،جامعة
الحاج لخضر ،باتنة. )2013 ،
27
المطلب الثالث
الجرائم االقتصادية جرائم ذات طبيعة خاصة؛ و ذلك الرتباطها بالنظام االقتصاي و التنظيمات االقتصادية ،و للسياسة
االقتصادية أهداف منها تحقيق معدالت نمو اقتصادي عالية و المزيد من الرفاهية االقتصادية و االجتماعية و تحقيق األرباح،
فما يترتب عن ذلك تحقيق فساد سياسي و أمني و إداري بشكل ملحوظ ،و في ظل التطور و انتشار العولمة تطورت وسائل
التهرب من تطبيق القوانين كما أن هناك من يتحايل عليها و بناءاً على ذلك أصبح هناك نمو واسع للجريمة و الجرائم العابرة
للحدود ،و تدويل الجرائم االقتصادية و من هذه الجرائم :تهريب المخدرات ،غسيل األموال ،الغش التجاري ،تهريب السلع
و تزييف العملة ،فمثل هذه الجرائم تجعل على عاتق الدول المسؤلية الكاملة في إصدار التشريعات والقوانين الالزمة و اتخاذ
أغلب اإلجراءات اإلدارية المناسبة للوقاية من الجرائم االقتصادية قبل وقوعها – فكما نعلم أن الوقاية خي ٌر من العالج – كما
يجب إعداد وسائل مناسبة لرسم السياسات االقتصادية و السياسية الجنائية لتقليل الحد األدنى من تنامي الجرائم االقتصادية.
فهناك مجموعة سياسات اجتماعية و اقتصادية لمكافحة الجريمة االقتصادية ،كما أننا سنعرض نماذج من التشريعات
الوطنية لمكافحة الجرائم االقتصادية في الدول العربية.
سنتحدث في هذا المطلب و بشيء من اإليجاز عن السياسات اإلجتماعية لمكافحة الجرائم ،و إستراتيجيات العمل
الجماعي ،و عن وجود مؤسسات غير رسمية تعمل على الوقاية من الجريمة ،و المنظمات األهلية الوطنية لمكافحة الجريمة
االقتصادية ،ثم سنتناول الحديث عن مدى إهتمام بعض الدول العربية و خاصةً المملكة العربية السعودية و سوريا و مصر
بالمؤسسات التي ترعى اإلنسان لكونه إنسان للحد من الجرائم و خاصةً الجرائم االقتصادية ،فمن صالح نفس اإلنسان و
توافر البيئة الصالحة لنموه نحّد من تزايد الجرائم داخل المجتمعات ،ثم نتحدث عن التشريعات الخاصة بالمملكة العربية
السعودية و جمهورية مصر العربية التي تواجهه الجريمة اإلقتصادية .
من السياسات االجتماعية لمكافحة الجرائم االقتصادية :إن السياسات االجتماعية تخدم العالقات االجتماعية االقتصادية
السائدة ،فال يمكن للتشريعات وحدها أن تُهيء و تخاطب الشعب ،فمن الصعب مخاطبة الشعب بالتشريعات وحدها و خاصةً
بالدول النامية ألنها أحيانا ً تتبنى تشريعات مقدمة من الدول المتقدمة ،و بناءاً عليه توجد التشريعات المتقدمة في البالد النامية
كأنها لم تكن من األساس ألنها ال تتوافق مع هذه الدول من األساس.
28
لذا تطوير السياسة االجتماعية يتطلب األخذ في االعتبار ظروف المجتمعات العربية مثل :درجة التطور بكل دولة و
أشكال العالقات ،و البناء االجتماعي و االقتصادي ،و اليد العاملة ،و الموازنات الخاصة بالمالية ،و الثقافة العامة.
كما أن هناك اتجاهات استراتيجية للعمل االجتماعي ،حيث أن للعمل االجتماعي في الوطن العربي استراتيجية أُقرّت
بقرار صدر لوزراء الشئون االجتماعية العرب في الرباط ،1979و هذا يوضح مسار أول عمل اجتماعي على المستوى
الوطني و القومي ،و تم إعالن أول عقد إجتماعي عربي في الفترة (. ) 1990 – 80
و هناك أيضا ً استراتيجية عربية لمكافحة االستعمال غير المشروع للمخدرات و المؤثرات العقلية ،حيث أن هذه
االستراتيجية في إقرارها بمجلس وزراء الداخلية العرب بتونس ديسمبر ، 1986و بقرار رقم 72تضمن األهداف و
المجاالت و المقومات على مستوى السياسة الوطنية المحلية و على مستوى التعاون العربي و التعاون العربي اإلقليمي ،ثم
على مستوى التعاون العربي الدولي.
بحيث أن هذه االستراتيجية إنشاء لجنة وطنية في كل دولة عربية لمكافحة االستعمال الغير مشروع للمخدرات و إنشاء
إدارات متخصصة لمراقبة المخدرات و مكافحة استعمالها ،كما حددت أوجه الوقاية المحلية عن طريق التنسيق باألجهزة
اإلعالمية و االهتمام بدور الخدمة االجتماعية و تشجيع إنشاء جمعيات خاصة لمكافحة المخدرات مع تبني تدابير على أحدث
مستوى في معالجة اإلدمان .
كما ُوجد اتفاقية عربية لمكافحة االتجار غير المشروع للمخدرات و المؤثرات العقلية ( ،) 1994فقد جاءت هذه االتفاقية
لتعزيز و استكمال التدابير المنصوص عليها في االتفاقية الدولية للمخدرات 1961و صيغتها المعدلة ببرتوكول 1973و
اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة االتجارغيرالمشروع بالمخدرات .1988
نجد أن هناك مؤسسات غير رسمية تعمل على الوقاية من الجريمة ،فمن خالل البيئة االجتماعية التي ينشأ فيها الفرد
يكتسب منها القيم و المبادئ و األخالقيات ،فبتنمية تلك البيئة االجتماعية يقل معدل الجريمة ،أما بإنحراف الفرد داخل مجتمعه
يؤدي ذلك بظهور المجرمين و زيادة ُمعدل نموهم و بالتالي تُصبح هذه البيئة بيئة خطرة غير آمنة ُمنتشر فيها الجرائم
االقتصادية بكثرة.
و هناك نوع من المنظمات يُسمى بالمنظمات األهلية العربية في مكافحة الجرائم االقتصادية :تزايدت أعداد المنظمات
األهلية العربية المعنية بالتنمية البشرية ،كي يكون دور هذه المنظمات دورا فعاال يجب سن القوانين و التشريعات المنظمة
لعمل المنظمات األهلية و إجراء االصالحات التشريعات الواقعية الالزمة لمواجهة كافة األزمات التي تعاني منها البالد
العربية على نحو مضمون ،ففي مثل هذه األمور نرى أن هناك توتر بين المجتمعات المدنية و الدول ،و هذا ألن للجكومات
الحق في حل الجمعيات والرقابة على التمويل األجنبي و الموافقة عليه .
و من أنشطة هذه المنظمات ،رأينا أن بعض الدول قامت بتوقيع عدد من االتفاقيات مع بعض المؤسسات الوطنية الدولية،
ومن هذه االتفاقيات :االتفاقيات التي تم عقدها في األردن في برامج تكنولوجيا المعلومات و االتصاالت للشباب ،و في
29
المغرب تفاعلت الدولة بينها و المنظمات األهلية ..فمما سبق نجد أنه لمن الواجب توافر البنية األساسية الضرورية و أساليب
اإلدارة الحديثة و تدريب الكوادر العاملة فيها .
فقد تطورت بعض المؤسسات في العمل االجتماعي في بعض الدول العربية منها المملكة العربية السعودية و سوريا و
مصر ،سنعرض اآلن التطور بالمملكة العربية السعودية :تطورت مؤسسات العمل االجتماعي فهي تشمل على خمسة أنواع
تبدأ بمؤسسات رعاية األطفال و دور التربية لرعاية األيتام ،أو الذين يعجز آباؤهم عن توفير الرعاية المطلوبة ،باإلضافة
26
إلى رياض األطفال التابعة لمراكز التنمية و الخدمة االجتماعية والجمعيات الخيرية األهلية .
كما أن المملكة العربية السعودية اهتمت برعاية المعاقين من خالل مراكز التأهيل المهني لرعايتهم ،كما أنها اهتمت
بمكاتب مكافحة المتسولين و رعاية األحداث و إنشاء مؤسسات الرعاية االجتماعية ،و مؤسسات التنمية االجتماعية التي
تركز على جوانب التنمية الثقافية و االجتماعية و التعاونيات االستهالكية و التعاونيات متعددة األغراض و الجمعيات
الخيرية.
و بالنسبة لسوريا :فقد اهتم الشعب السوري و الجمهورية العربية السورية بأكملها بمؤسسات رعاية األطفال و رعاية
األيتام و أندية األطفال و دور رعاية األطفال اللقطاء ،و مؤسسات رعاية المعاقين ،و مؤسسات رعاية المسنين ،و مؤسسات
الدفاع االجتماعي ،و الوقاية من الجريمة و عالجها كما أنها تحتوى على مكاتب مكافحة التسول ،و رعاية األحداث الجانحين
سواء في المدن أو الريف .و اهتمت الجمهورية السورية بالعمل األهلي و المشاركات االجتماعية المشتركة كما أنشأت
مؤسسات التنمية االجتماعية من خالل مراكز التنمية الريفية التي تقدم نشاطات اقتصادية و زراعية و بعض الخدمات أخرى.
أما بالنسبة لمصر " جمهورية مصر العربية " :فقد اهتمت بمجال المؤسسات االجتماعية و على رأسها رعاية األسرة
و الطفل ألهميتها؛ ألن بإصالح األسرة يصلح المجتمع كله ،و رعاية المعاقين من خالل مكاتب التأهيل االجتماعي و مراكز
العالج الطبيعي ،كما اهتمت بمؤسسات الدفاع االجتماعي التي تشمل مؤسسات رعاية األحداث و أندية لمدمني المخدرات و
مؤسسات لرعاية المسجونين و المتسولين ،و تقدم الرعاية االجتماعية من خالل الضمان االجتماعي و رعاية أسر المقاتلين
27
و المهاجرين ومن يعانون من ظروف طارئة أو استثنائية .
سنعرض اآلن نماذج من التشريعات القانونية الوطنية و مكافحة الجرائم االقتصادية و بإيجاز عن تلك التشريعات في
المملكة العربية السعودية و جمهورية مصر العربية ثم نعرض فكرة اإلصالح القانوني عالترتيب ..
بالنسبة لـنماذج التشريع الخاص بالمملكة العربية السعودية :كما نعلم أن حماية التنظيمات االقتصادية ضرورية ومهمة
خاصةً في نظام االقتصاد الحر؛ألن المباشرة الغير واعية للحرية االقتصادية يمكن أن تبعث اضطراب في األسواق ،و
يكون لها انعكاسات خطيرة على األوضاع االقتصادية و االجتماعية ،و من هنا نالحظ العديد من التساؤالت حول ما إذا كان
30
االعتماد على المالية يؤدي إلى التقليل من معدالت الجرائم ،أم أنه من الضروري أن نستحدث في السياسة العقابية كي نمنع
الجريمة قبل وقوعها فهذا يعد فرع من فروع السياسة الجنائية لمنع الجريمة و مكافحتها.
إن نجاح اإلجرام المنظم يشجع اآلخرين أصحاب الذكاء و المقدرة على تحقيق الثروة عن طريق العمل غير المشروع،
و عليه فمن الضروري أن تكون التحوالت االجتماعية في عالمنا العربي مقنعة و عادلة ،وأن يكون القانون صارما ً و عادالً
في مطاردة رموز اإلجرام .
فالنظام الجنائي السعودي و مكافحة الجرائم االقتصادية :فإن النظام الجنائي السعودي فيه بعض النصوص التي تقاوم
الجرائم االقتصادية ،من هذه النصوص :
أ -جرائم تزييف النقود و تقليدها :صدر مرسوما ً ملكيا ً لها رقم 12لسنة 1379هـ متضمن ( كل من زيف أو قلد نقوداً
متداولة نظاما ً بالمملكة أو خارجها ،أو قام بجلب نقود متداولة تكون مزيفة ،أو مقلده أو أصدرها أو اشتغل بالتعامل بها ،أو
الترويج لها بأية وسيلة أو سبيل ،أو صنع أو اقتنى أو امتلك بدون مسوغ كل أو بعض اآلالت وأدوات و مواد وسائل التزييف،
بسوء نية يعاقب بالحبس مع األشغال الشاقة لمدة تتراوح بين 15-5سنة مع غرامة التقل عن 30ألف لاير وال تتجاوز 100
ألف لاير ).
ب-جرائم التهريب الجمركي :قد بين المرسوم الملكي رقم 425لسنة 1372عن جرائم التهريب الجمركي و العقوبات،
حيث تتضمن المادة 38أنه ( يعد تهريبا ً إدخال بضائع و مواد و أشياء من نوع إلى أراضي المملكة من كل من العراق و
الكويت وأو إخراجها منها بطريقة غير مشروعة ،دون أداء الرسوم الجمركية المقررة عليها ،كما يعد مهربا ً كل من يجاول
إدخاله أو تصديره من الممنوعات ،و ما هو في معناها مما هو مخالف ألحكام هذا النظام أو غيره من اللوائح و األنظمة
المعمول بها ،بما في ذلك ألصناف الخاضعة لترتيبات خاصة في االستيراد و التصدير أما العقوبة فتنص عليها المادتان
52 ،51سواء كانت بالغرامة أو بالمصادرة أو باالثنين معا ً و أحيانا ً تصل للحبس من شهر إلى اثنى عشر شهراً ) .
ج -القواعد المنظمة للمحافظة على مصادر المياة :شمل المرسوم الملكي رقم م 43 /لسنة 1400هـ القواعد الخاصة بنظام
المحافظة على مصادر المياة حيث تنظيم طرق االنتفاع بالمياة و المحافظة على مصادرها و حمايتها من التلوث و القواعد
الخاصة باستغالل هذه المصادر ،كما نصت المادة 9من هذا النظام على العقوبة حيث حددت بغرامة التتجاوز مائة ألف ،
و نصت المادة 21على عقاب صاحب المزرعة بغرامة ال تزيد على عشرة آالف لاير في حالة قيامه بالحفر دون ترخيص
في االرض التي استلمها وفقا ً لنظام توزيع األرض البور .
د -القواعد المنظمة لنشاط التعدين :ففي المرسوم الملكي م 21/لسنة 1393هـ نصت المادة األولى على أن ( تعتبر ملكا ً
للدولة وحدها جميع الرواسب الطبيعية للمعادن و خامات المحاجر أيا كان شكلها و تركيبها ،سواء كانت فى التربة أو تحتها
و ملكية الدولة للمعادن و خامات المحاجر اليمكن نقلها أو إبطالها أو سقوطها بالتقادم ) .
31
ه -أنظمة حماية األموال العامة للدولة :صدر المرسوم الملكي م 77 /لسنة 1395متضمنا ً جميع من يشغل الوظائف العامة
التي تتعلق بمباشرة و حفظ األموال النقدية و األعيان المنقولة المعدة لالستعمال أو االستهالك المباشر و من يقوم بأعمال
مماثلة .
كما نصت المادة 9من هذا المرسوم على العقوبات التي توقع على الموظف الذي يرتكب فعالً من شأنه المساس بأموال
الدولة على أي درجة ،حيث أنه يعاقب بالسجن مدة ال تزيد على مائة ألف لاير ،أو بالعقوبتين معا ً كل موظف يشمله هذا
النظام و يثبت ارتكابه لجرم االختالس أو التبديد أو التصرف بغير وجه شرعي في أموال الدولة العامة ،كما يعاقب بنفس
هذه العقوبة من اشترك أو تواطأ معه على ارتكاب إحدى تلك الجرائم ،سواء كان موظفا ً أو غير موظف ،و يتم الفصل في
هذه الجرائم طبقا ً لنظام تأديب الموظفين ،و ذلك استثناء من أحكام المرسوم رقم 430الصادر في 1377/11/29هـ.
كل هذه النصوص تنص و تهدف على حماية االقتصاد الوطني ،كما تهدف لحماية األمن العام و تحقيق حماية الصناعة
الوطنية.
فإن هناك إصالح قانوني للتأثير في المتغيرات االقتصادية و االجتماعية فمثالً من الضروري تطوير التشريعات لما
يحقق عملية التكامل السياسي بين السياسات االقتصادية و الجنائية ،فالوقاية من الجرائم االقتصادية تتطلب ترشيداً للسياسة
االقتصادية لسد الثغرات و إزالة القيود التي تهيئ الظروف الرتكاب الجرائم ،و في نفس الوقت يتطلب من المشرع إجراء
مراجعة شاملة للتشريعات المحلية النافذة في بلده إلحداث التوازن بين التشريعات االقتصادية التي تهدف لرفع المستوى
28
االقتصادي ،و التشريعات الجنائية التي تضبط االنفالت من القانون االقتصادي و االلتفاف عليه .
كما أن االهتمام بالعنصر البشري الذي يتولى مهام المراقبة و جمع المعلومات ،و البحث و التحري عن الجرائم
االقتصادية ،لهو من أهم الخطوات اإلصالحية التي يرجى منها مردودات اقتصادية واسعة و سريعة ،كي نعطي لذلك
29
العنصر الصالحيات الكاملة للرقابة الدفترية .
بالنسبة لنماذج التشريع بجمهورية مصر العربية :قد وجدنا أنه بظهور الجرائم االقتصادية و تطورها ،و في ظل ظهور
العولمة و خاصةً في المجال االقتصادي ،و بتوجهه الدولة المصرية إلى تنمية االقتصاد و تشجيع االستثمارفي مصر و
ترغيب المستثمرين األجانب و جذبهم لالستثمار في ظل مناخ خالى من الضغوطات و لقليل نسبة الجرائم و للحفاظ على
البيئة االقتصادية ،توجهه المشرع المصري إلى انشاء المحاكم االقتصادية لمواجهة أي معوقات قد تواجهه المتقاضين
ال ُمستثمرين ،و اللجوء لها حين يحدث أى نزاع أو تعرض أى طرف إلنتهاك أو فعل ضار غير مشروع يندرج تحت الجرائم
االقتصادية من األساس ،لذا يعد إنشاء المحاكم االقتصادية من أهم الحوافز التشريعية و القضائية التي تقدمها الدولة لحماية
اقتصادياتها من االنتهاك سواء على المستوى اإلقليمي أو الدولي .
32
المحاكم االقتصادية هي محاكم تفصل في المنازعات التجارية و االستثمارية ،كما أنها تواكب مرحلة اإلصالح اإلقتصادي،
حيث أن هذه المرحلة تستهدف تحرير التجارة و تدعم االستثمار و تعمل على زيادة النمو االقتصادي في االتجاه الصحيح
دون تعريض المستثمرين أو التُجار أو االقتصاديين للضغط الذي يجعلهم يرتكبوا الجرائم االقتصادية ال ُمتمثلة في الجرائم
االقتصادية ،كما أن المحاكم االقتصادية تهدف إلزالة المعوقات المؤثرة على كفاءة االداء االقتصادي و سرعة حسم الدعاوى
االقتصادية المنظورة أمام القضاء.
فبداية ظهور فكرة المحاكم االقتصادية في مصر جاء في شكل مشروع قانون إلنشاء المحاكم االقتصادية تمت صياغته
في ،2006و وافق عليه مجلس الوزراء ،ثم تم إرساله إلى مجلس الشعب و الشورى لمناقشته ،ثم تأسست أول محكمة
إقتصادية عام ،2008و في عام 2019تم إصدار قانون رقم 146بتعديل بعض أحكام القانون رقم 120لسنة 2008الخاص
بإنشاء المحاكم االقتصادية ،حيث أن المشرع المصري قد تبنى المعيار القانوني الحصري في تحديد اختصاصات المحاكم
االقتصادية حيث تختص المحاكم االقتصادية بنظر الدعاوي الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في 21قانون ،و
المنازعات المدنية التي ال تتجاوز قيمتها 10ماليين جنيه ،تكون من اختصاص المحاكم االبتدائية أو االستئنافية في المحاكم
االقتصادية دون غيرها ،ووفقا ً للمادة الرابعة من قانون إنشاء المحاكم االقتصادية رقم 120لسنة 2008نصت على " مع
عدم اإلخالل باالختصاصات المقررة للمحاكم االقتصادية المنصوص عليها في أي قانون أخر ،تختص المحاكم االقتصادية
بدوائرها االبتدائية و االستئنافية دون غيرها نوعيا ً و مكانيا ً بنظر الدعاوي الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها
في القوانين اآلتية :
33
قانون تنظيم االتصاالت . -15
قانون تنظيم التوقيع االلكتروني و إنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات . -16
قانون مكافحة غسيل األموال . -17
قانون تنظيم الضمانات المنقولة . -18
قانون تنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر . -19
قانون االستثمار . -20
قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات . -21
كما تختص المحاكم االقتصادية بالحكم في دعاوي التعويض أو التأمين الناشئة عن تطبيق أحكام القوانين المشار إليها بالفقرة
السابقة بحسب األحوال ،و يكون الحكم الصادر في الدعاوي المشار إليها في الفقرتين السابقتين نهائيا ً إذا كانت قيمة الدعوى
ال تتجاوز 5000جنيه ،و تختص الدوائر االبتدائية واالستئنافية بالمحاكم االقتصادية ،دون غيرها ،بالنظر ابتداءاً في جميع
المنازعات و الدعاوى المنصوص عليها في الفقرات السابقة إذا تجاوزت قيمتها 10ماليين جنيه ،أو كانت الدعوى غير
مقدرة القيمة ،كما تختص هذه الدوائر التي أصدرت األمر بنظر تظلمات و دعاوي الرسوم القضائية الناشئة عن تطبيق
30
أحكام هذا القانون و القرارات الصادرة من قضاة المحكمة .
كما تبنى المشرع في نظام التقاضي بالمحكمة االقتصادية نظام مماثل معمول به في مجلس الدولة حيث أن هذا النظام يحث
على نشأة هيئة تسمى " هيئة التحضير و الوساطة " ،هذا التبني يعتبر من أكثر التبنيات المفيدة إقتصاديا ً إلنجاز المهام
االقتصادية على وجه السرعة؛ ألننا كما نعمل أن التغيرات االقتصادية سريعة جداً و خصوصا ً في اآلونة االخيرة .
مجموعة كرم دويدار القانونية ،المحاكم االقتصادية و دورها في تشجيع االستثمار في مصر ،تم اإلطالع بتاريخ .2022/5/15 30
https://karamdewedar.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85-
%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-
%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-
%D8%AA%D8%B4%D8%AC%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84/%D8%BA%D9%8A%D8%B1-
%D9%85%D8%B5%D9%86%D9%81/
34
الخاتمة
تحدثنا عن المفهوم الخاص بالجريمة االقتصادية ،سواء من التشريعات الوضعية أو من علماء االقتصاد و االجتماع ،
فقد سلّطنا الضوء على بعض سمات و خصائص الجريمة االقتصادية من ناحية و أنواع الجرائم االقتصادية من ناحية
أخرى .
جرائم ذات مسؤولية المطلقة و دون خطأ ،فهي جريمة دون ركن معنوي يعتبر . -
جرائم ذات مسؤولية فعل الغير ،فصاحب المحل مسؤول مع مديره أو القائم على ادارته عن كل ما يقع فى -
المحل من المخالفات .
أي شخص معنوي يُسأل جنائيا ً على أساس المسؤوليات االجتماعية و الخطورة و ليس على أساس المسؤولية
األخالقية نهائيا ً .كما ذكرنا خصائص الجرائم االقتصادية.
كما أننا أشارنا على بعض أنواع الجرائم االقتصادية و قد قسمناها لثالثة أقسام رئيسية منها :
أ -الجرائم االقتصادية من حيث كون نشاطها اقتصاديا ً و انقسمت لع ّدة أنواع منها :
جرائم مالية ،تجارية ،صناعية ،عمليات االستخراج من باطن األرض ،و الجرائم الناتجة من الخامات .
ب -الجرائم االقتصادية من حيث فاعليتها االقتصادية و قسمناها لع ّدة أنواع أيضا ً من أهمها :
عقوبات حددها الشارع و هو " هللا " على جرائم ُمحددة كجرائم الحدود و القصاص ،
عقوبات يحددها ولي األمر و التي ذكرنا منها -1 :جريمة السرقة -2 ،اختالس األموال -3 ،الغش -4 ،االحتكار -5 ،
التزوير -6 ،التعامل بالربا -7 ،جرائم السعر و جرائم الصرف -8 ،التهرب من الضرائب -9 ،غسيل األموال -10 ،
النصب و االحتيال .
35
القسم الثاني :أنواع الجرائم االقتصادية طبقا ً لطبيعة أو نوع ملكية األموال أو الموارد االقتصادية محل االعتداء ،ينقسم
إلى :أ -بعض الجرائم الواقعة على المال العام .
القسم الثالث :أنواع الجرائم االقتصادية طبقا ً لمعايير التمييز بين الجرائم االقتصادية المستحدثة منها و التقليدية .
أخيراً تحدثنا على اآلثار الخاصة بالجرائم االقتصادية حيث أن الظروف و المتغيرات االقتصادية تلعب دوراً حاسما ً في
تحقيق رفاهية األفراد و األمم ،و تحقيق التقدم و االزدهار للدول المتقدمة ،و ارتفاع مستوى المعيشة بالنسبة لألفراد
بالدول النامية ،و لتحقيق التنمية المستدامة للمواطنين داخل المجتمعات ،فال يتحقق شيء من هذا و ذاك بإنعدام االستقرار
و انتشار جرائم داخل المجتمع و خاصةً الجرائم االقتصادية .
فالتغيرات االقتصادية التي تمر بها الدول سواء كانت نامية أو متقدمة تتأثر تأثيراً واضحا ً سواء على المستوي المحلي
أو المستوى الدولي .حيث أصبح السالح االقتصادي من األسلحة المنتشرة في العصر الحديث ،حيث أن السالح االقتصادي
يغطي جدوالً واسعا ً من االجراءات التي توفر للدولة المعاقبة وسائل تشجعها و قرارات تتخذها في مواجهة الدولة
األخرى ،حيث أن السالح االقتصادي فى العالقات الدولية هو استخدام الدولة لمبادالتها التجارية و المالية مع دولة أخرى
للحصول على بعض التنازالت في مجال السياسة الداخلية أو الخارجية ،31كما أن الحروب االقتصادية أصبحت بديالً
للحروب السياسية و العسكرية .
كما ان الجرائم االقتصادية في العالم تتزايد بشكل مستمر خاصةٌ الدول العربية ( األردن – السعودية – لبنان – مصر –
المغرب ) ،فمن اآلثار الناتجة من الجرائم اإلقتصادية و تفشيها داخل الدول العربية بشكل واضح و له تأثيراً عظيما ً
جريمتي البطالة ،التهرب الضريبي ،لذا ،خاصةً آثر البطالة على االقتصاد و عالقته بنشر وازدياد الجرائم االقتصادية و
خصوصا ً بالوطن العربي مع اإلشارة لتقرير االقتصادي الوطني الموحد لعام 2011و بيان نسبة البطالة ،كما ذكرنا
التهرب الضريبي كجريمة ُمستقلة فعرفنّاه ،و قُمنا بتوضيح أسبابه و خاصةً أسبابه االقتصادية و آثاره اإلقتصادية أيضاً،
فمثل هذه الجرائم ُكتب فيها من رسائل و بحوث و مقاالت فقد تحدثنا بشكل موجز عنها في تلك الورقة البحثية .
أخيراً وجب علينا التحدث عن كيفية مواجهة تلك الجرائم و بإستفاضة و خاصةً ببعض الدول العربية ،فالجرائم
االقتصادية جرائم ذات طبيعة خاصة؛ و ذلك الرتباطها بالنظام االقتصاي و التنظيمات االقتصادية ،و للسياسة االقتصادية
أهداف منها تحقيق معدالت نمو اقتصادي عالية و المزيد من الرفاهية االقتصادية و االجتماعية و تحقيق األرباح ،فما
يترتب عن ذلك تحقيق فساد سياسي و أمني و إداري بشكل ملحوظ ،و في ظل التطور و انتشار العولمة تطورت وسائل
التهرب من تطبيق القوانين كما أن هناك من يتحايل عليها و بناءاً على ذلك أصبح هناك نمو واسع للجريمة و الجرائم
العابرة للحدود ،و تدويل الجرائم االقتصادية و من هذه الجرائم :تهريب المخدرات ،غسيل األموال ،الغش التجاري،
31ماري هيلين البيه " :الصراع االقتصادي في العالقات الدولية " منشورات عويدات ،تعريب حسن حيدر ،بيروت لبنان 1996،م ،ص ( 13مجموعة زدني علما رقم
. )212
36
تهريب السلع و تزييف العملة ،فمثل هذه الجرائم تجعل على عاتق الدول المسؤلية الكاملة في إصدار التشريعات والقوانين
الالزمة و اتخاذ أغلب اإلجراءات اإلدارية المناسبة للوقاية من الجرائم االقتصادية قبل وقوعها – فكما نعلم أن الوقاية خي ٌر
من العالج – كما يجب إعداد وسائل مناسبة لرسم السياسات االقتصادية و السياسية الجنائية لتقليل الحد األدنى من تنامي
الجرائم االقتصادية.
فهناك مجموعة سياسات اجتماعية و اقتصادية لمكافحة الجريمة االقتصادية ،كما أننا سنعرض نماذج من التشريعات
الوطنية لمكافحة الجرائم االقتصادية في الدول العربية.
فإننا قد تحدثنا و بشيء من اإليجاز عن السياسات اإلجتماعية لمكافحة الجرائم ،و إستراتيجيات العمل الجماعي ،و عن
وجود مؤسسات غير رسمية تعمل على الوقاية من الجريمة ،و عن المنظمات األهلية الوطنية لمكافحة الجريمة االقتصادية
،ثم تناولنا الحديث عن مدى إهتمام بعض الدول العربية و خاصةً المملكة العربية السعودية و سوريا و جمهورية مصر
العربية بالمؤسسات التي ترعى اإلنسان لكونه إنسان للحد من الجرائم و خاصةً الجرائم االقتصادية ،فمن صالح نفس اإلنسان
و توافر البيئة الصالحة لنموه نحّد من تزايد الجرائم داخل المجتمعات ،ثم تحدث عن نماذج خاصة بالتشريعات من هذه
النماذج المملكة العربية السعودية و جمهورية مصر العربية التي تواجهه الجريمة اإلقتصادية .
37
النتائج و التوصيات
نجد أن دراسة هذا الموضوع كشفت لنا مجموعة هامة من النتائج والتوصيات:
أن الجرائم االقتصادية فهي من الجرائم التي تتطور بتطور الزمان و المكان بشكل عام.
التوصل لمفهوم ُمحدد ل ُمصطلح الجرائم االقتصادية أمر في ُمنتهى الصعوبة ،فالمفهوم الخاص بتلك الجرائم
يختلف من دولة لدولة و من زمن لزمن .
أنسب التعريف توصلنا له " أن الجريمة االقتصادية -:هي كل فعل ضار غير مشروع ُمضر باالقتصاد القومي
و يتم النص على تجريمه في قانون العقوبات أو في القوانين الخاصة بخطط التنمية االقتصادية الصادرة عن
السلطة المختصة ".
تعد هذه الجرائم من الجرائم القديمة غيرال ُمستحدثة التي يواجهها العالم أجمعه ،لكن هناك أنواع تم استحداثها
خاصهً في اآلونة األخيرة ظهر عدد من الجرائم االقتصادية بطابع و شكل خاص.
الجرائم االقتصادية لها سمات و خصائص تُميزها عن غيرها ،و لها أنواع عديدة ..
تعدد صور الجرائم االقتصادية نتيجة للتحوالت االقتصادية و االجتماعية و السياسية و الثقافية سواء المحلية أو
الدولية حيث شملت أنماطا جديدة كجرائم التجسس االقتصادي و االتجار في األعضاء البشرية وجرائم النقابات
المهنية وجرائم التجارة االلكترونية والحاسبات كذلك تهريب المهاجرين غير الشرعيين و جرائم االئتمان .
بينت هذه الدراسة أن من أهم األسباب وراء تنامي الجريمة االقتصادية التحوالت المجتمعية و سياسات اإلصالح
و ما صاحبها من اإلفراط التشريعي و ارتجالية القرارات و تدني األوضاع االقتصادية واالجتماعية و تدخل
الشركات االجنبية في إحداث قدر من الفساد في الدول المضيفة و التراجع الوظيفي لدور الدول و الحكومات في
إدراة النشاط االقتصادي و توجيهه و ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني و تهميشها .
للجرائم االقتصادية آثار إقتصادية و اجتماعية و سياسية سواء كانت تلك اآلثار على مستوى الفرد داخل المجتمع
أو على المستوى المحلي أو اإلقليمي أو الدولي ،فهي حلقة متصلة بعضها البعض فإن تأثر الفرد يتأثر المجتمع
أجمعه .
أن أغلب ُمرتكبي هذه الجرائم ،من ذوي الياقات البيضاء .
أن العولمة لها دور أساسي و رئيسي في تطور الجرائم و سرعة إنتشارها ،فبظهور التكنولوجيا أصبح إنتشار
الجرائم أمر ميسور و سهل .
38
أن الوطن العربي من الرغم من معاناته من تلك الجرائم إال أنه يتخذ بعض الخطوات اإليجابية لحل مثل هذه
المشكلة .
فإننا نرى أنه لمن الواجب أن تطّور الدساتير الوطنية لتحتوي على بابا ً كامالً يواكب التطورات و التغيرات
اإلقتصادية المستحدثة لمواجهة الجرائم االقتصادية .
نناشد المشرع المصري بوضع نصوص واضحة و بعقوبة قاسية لمن يرتكب مثل هذه الجرائم ،حتى نحد من
انتشار الجرائم االقتصادية على المستوى المحلي و اإلقليمي .
كما ننشاد الدول العربية أجمعها على المشاركة بتأسيس هيئة لمواجهة الجرائم االقتصادية بأكلمها ،لكون هذه
الدول ِوحدة واحدة ال يمكنها التشتت وال التفرق حتى ال يفر المجرم هاربا ً لواحدة من الدول دون العقاب .
كما نرى من وجهة نظرنا أن على الجمعية العامة لألمم المتحدة أن تنص بشكل واضح و صريح في إحدى
اتفاقيتها أو معاهدتها على نصوص صريحة تضمن سبل واقعية لمواجهة و مكافحة الجرائم االقتصادية العابرة
للقارات؛ وهذا نتيجة للتطور التكنولوجي ال ُمستحدث وخاصةً الجرائم االقتصادية تي تحدث عبر مواقع التواصل
االجتماعي ،أو عن طريق الشبكات العنكبوتية بوجه عام .
39
32
قائمة المراجع
-1أمين جابر الشديفات ،البطالة و عالقتها بالجرائم االقتصادية في العالم العربي ،ص ،74دراسات العلوم اإلنسانية و االجتماعية،المجلد
، 44العدد ،1لسنة "2017عوض ." 1996،
-2جهاد سعيد خصاونة ،علم المالية العامة و التشريع الضريبي (بين النظرية و التطبيق) ،دار وائل للنشر ،الطبعة األولى ص ،230سنة
.2010
-3حسن عكوش ،جرائم األموال العامة والجرائم االقتصادية الماسة باالقتصاد القومي – دار الفكر الحديث للطباعة و النشر -القاهرة –
. 1973
-4حويتي أحمد ،سنه، 1988بعنوان" :عالقة البطالة بالجريمة واالنحراف في الوطن العربي".
-5سيد شوربجي عبدالمولى ،مواجهة الجرائم االقتصادية في الدول العربية ،مركز الدراسات و البحوث لسنة 2006م ،جامعة نايف
العربية للعلوم األمنية بالرياض.
-6صافة خيرة ،دور القضاء في مكافحة الجريمة االقتصادية ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراة في العلوم القانونية ،بالقانون
االقتصادي سنه 2017-2016
-7عاطف عبدالفتاح عجوة ،البطالة في العالم العربي و عالقتها بالجريمة ،الرياض ،المركز العربي للدراسات األمنية و التدريب،سنة
.1985
-8عبدهللا عبدالعزيز الصعيدي ،دراسة في الجريمة االقتصادية ،المفهوم – األنواع – اآلثار ،ص ، 127بحوث و مقاالت مج 5ع. 3
-9عبود السراج ،مكافحة الجرائم االقتصادية و الظواهر االنحرافية ،ندوة الجرائم االقتصادية ،مركز الدراسات و البحوث لسنه ،1998
جامعة نايف للعلوم األمنية بالرياض.
-10فخري الحديثي ،قانون العقوبات – الجرائم االقتصادية – مطبعة التعليم العالي – بغداد .1987
-11ماري هيلين البيه " :الصراع االقتصادي في العالقات الدولية " منشورات عويدات ،تعريب حسن حيدر ،بيروت لبنان 1996،م ،
ص ( 13مجموعة زدني علما رقم . )212
-12محمد أحمد المشهداني ،الجرائم االقتصادية أنواعها و طرق مكافحتها و الوقاية منها ،المجلد العشرون/العدد األول.
-13محمد بلول ،التهرب الضريبي و آليات مكافحته،ص ،15مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق عام ،2017-2016قسم إدارة
األعمال ،جامعة الشهيد حمه لخضر -الوادي ،كلية الحقوق و العلوم السياسية -قسم الحقوق .
-14محمود رجب فتح هللا ،الجريمة االقتصادية ،االدارة و االقتصاد ،الحوار المتمدن ،العدد ،5963بتاريخ 2018/8/14
-15نجيب زروقي ،جريمة التملص الضريبي و آليات مكافحتها في التشريع الجزائري ،ص) ، 9مذكرة الماجستير في العموم القانونية
تخصص العلوم الجنائية ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة. )2013 ،
40
المراجع األجنبية :
1- Ankie,M.Hoogvelt; “The Sociology of Developing Socities”. The Macmillan Press, London,1976.
2- ECONOMIC CRIME IN A GLOBALIZING SOCIETY: ITS IMPACT ON THE SOUND
DEVELOPMENT OF THE STATE - AN INDIAN PERSPECTIVE -126TH INTERNATIONAL
SENIOR SEMINAR VISITING EXPERTS’ PAPERS -Deepa Mehta
-1المركز الديموقراطي العربي ،للدراسات االستراتيجية،االقتصادية و السياسية ،الجريمة االقتصادية في نظام قانون العقوبات المصري و
شروط تطبيقه ،سيد طنطاوي محمد سيد ،تم االطالع على هذا الموقع بتاريخ 2022/4/1و بتاريخ 2022/4/21
https://democraticac.de/?p=56723
-2مجلة المختبر القانوني ،مختبر العلوم االقتصادية ،أنواع الجرائم االقتصادية تم االطالع بتاريخ 2022-4-22
https://www.labodroit.com/%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B9-
%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-
%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%87/
-3محمود رجب فتح هللا ،الجريمة االقتصادية ،االدارة و االقتصاد ،الحوار المتمدن ،العدد ،5963بتاريخ ، 2018/8/14تم االطالع عليه
بتاريخ .2022/5/5
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=608414
-4منظمة العمل الدولية ،بيان صحفي 18 ،مارس . 2020تم االطالع بتاريخ 2022/5/8
https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_738781/lang--ar/index.htm
-5مجموعة كرم دويدار القانونية ،المحاكم االقتصادية و دورها في تشجيع االستثمار في مصر ،تم اإلطالع بتاريخ .2022/5/15
https://karamdewedar.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85-
%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-
%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-
%D8%AA%D8%B4%D8%AC%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84/%D8%BA%D9%8A%D8%B1-
%D9%85%D8%B5%D9%86%D9%81/
التقارير :
41