You are on page 1of 270

‫‪‬‬

‫‪IJDL‬‬
‫سهسهت يطبىعاث انًخبر‬
‫جايعت يذًذ خٍضر ‪ -‬بسكرة‬
‫كهٍت انذقىق وانعهىو انسٍاسٍت‬
‫يخبر أثر االجتهاد انقضائً عهى دركت انتطرٌع‬

‫انًُهج‪ ،‬اإلضكانٍت‪ ،‬األياَت انعهًٍت‬

‫تـــــــأنــــــٍف‬
‫أ‪.‬د عبذ انذهٍى بٍ يطري أ‪.‬د دســــــٍُت ضــــــروٌ‬
‫أ‪.‬د فـــــرٌذ عهـــــــىاش د‪ .‬أيـــــــال ٌعٍص تًاو‬
‫د‪ .‬سهًٍـــــاٌ دـاج عساو د‪َ .‬ســــــًٍت طـــــــىٌم‬
‫د‪ .‬ضىقـً ٌعٍص تًــاو د‪ .‬بهجبــــــم عتــــــــٍقت‬
‫د‪ .‬يذًــــــــذ خهـــــٍفت د‪ .‬آيُــت يذًذي بىزٌُت‬
‫د‪ .‬يذًـــــــذ جغـــــــاو د‪َ .‬صـــــــــٍرة يهــــٍرة‬
‫ب ‪ .‬صــــافً دًـــــــــسة‬

‫سبتًبر ‪8102‬‬

‫‪‬‬
‫انهجُت انعهًٍت نهكتاب ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أ‪.‬د عبذ انذهٍى بٍ يطري – جايعت بسكرة‬ ‫أ‪ .‬د عبذ انجهٍم يفتــــاح – جايعت بسكرة‬

‫أ‪ .‬د يذـــــــــًذ بٍ يذًذ – جايعت ورقهت أ‪ .‬د عًــــــــــر فردـــاتً – جايعت انىادي‬

‫أ‪ .‬د فرٌــــــذ عهــــــىاش – جايعت بسكرة‬ ‫أ‪ .‬د دسٍُــت ضـــــــــروٌ – جايعت بسكرة‬

‫أ‪ .‬د رقــــــــٍت عىاضرٌــت – جايعت باتُت ‪ 0‬أ‪ .‬د انهادي خضــــــراوي – جايعت األغىاط‬

‫د‪ .‬عبذ انعــــــــانً دادت – جايعت بسكرة د‪ .‬أيــــــــال ٌعٍص تًاو – جايعت بسكرة‬

‫د‪ .‬يذًـــــــــذ خهٍفــــــــت – جايعت عُابت د‪َ .‬بٍــــــــم قرقــــــىر – جايعت سطٍف ‪8‬‬

‫د‪ .‬فهــــــــــًٍت قسىري – جايعت باتُت ‪0‬‬ ‫د‪ .‬ضبـــــــــري عــــــسٌسة – جايعت بسكرة‬

‫د‪ .‬عبذ انذفٍــــظ بقـــت – جايعت انًسٍهت د‪ .‬يذًذي بىزٌُت آيُت – جايعت انطهــــف‬

‫د‪ .‬ســــــــايٍت بهجــــراف – جايعت بسكرة د‪ .‬بذر انذٌــــٍ خـــــــالف – جايعت خُطهت‬

‫د‪ .‬وفــــــــــاء ضٍعاوي – جايعت انجسائر ‪0‬‬ ‫د‪ .‬فـــــــــاتخ خـــــــــالف – جايعت جٍجــم‬

‫سهسهت يطبىعاث انًخبر (‪)10‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫أصىل انبذث انعهًً‬ ‫انعُىاٌ‪:‬‬
‫(انًُهج‪ ،‬اإلضكانٍت‪ ،‬األياَت انعهًٍت)‬
‫انًؤنفىٌ‪ :‬يجًىعت يؤنفٍٍ‬
‫عذد انصفذاث‪ 871 :‬صفذـــــــت‬
‫‪ISBN‬‬ ‫ردمك‪978-9931-9454-2-0 :‬‬
‫اإليداع القانوني‪ :‬السداسي الثاني ‪8102‬‬
‫انطبعت األونـى – سبتًبر ‪8102‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يطبعت انريال (انىادي) ‪ -‬انجسائر‬

‫يخبر أثر االجتهاد انقضائً عهى دركت انتطرٌع ــــــــــــــــ جايعت يذًذ خٍضر بسكرة‬
‫يخبر أثر االجتهاد انقضائً عهى دركت انتطرٌع ــــــــــــــــ جايعت يذًذ خٍضر بسكرة‬
‫قال اهلل ‪‬‬

‫‪9‬‬
‫َونَا تَتَِّبعِ َأهِىَاَء ُهمِ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ انْحَقِّ‬

‫كمِ شِرِعَتً وَمِْنهَاجّا‬


‫ِنكُمٍّ جَعَهْنَا مِْن ُ‬

‫من اآليت ‪ 84‬من سىرة انمائدة‬

‫يخبر أثر االجتهاد انقضائً عهى دركت انتطرٌع ــــــــــــــــ جايعت يذًذ خٍضر بسكرة‬
‫‪8102‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫االفتتاحية‬

‫ـــــــــــــــــــــــ‬
‫‪8102‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫باهلل نستعين‪ ،‬وعلى نبينا محمد أفضل الصالة وأزكى التسليم‬


‫احلمد هلل الذي تتم به الصاحلات‪ ،‬احلمد والشكر هلل أن وفقنا إلمتام هذا‬
‫العمل املتواضع‪ ،‬يف أصول البحث العلمي‪ ،‬ضمن سلسلة مطبوعات املخرب الصادرة‬
‫عن خمرب أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬حيث يصادف أن جاءت‬
‫فكرة إجناز هذا الكتاب ضمن سلسلة الكتب واحملاضرات اليت يقدمها السادة‬
‫األساتذة األفاضل لتوجيه الطلبة املشتغلني بالدراسات احلقوقية على وجه‬
‫اخلصوص‪.‬‬
‫وكثريا ما ملسنا بعض النقص يف اجلوانب املنهجية يف األعمال األكادميية‬
‫املقدمة‪ ،‬وألن املنهج هو الوسيلة اليت توصلنا إىل احلقيقة‪ ،‬وتوضح لنا معامل‬
‫الطريق يف جمال البحث العلمي‪ ،‬فقد ارتأى خنبة من األساتذة تقدمي هذا‬
‫الكتاب املوسوم بـ "أصول البحث العلمي"‪ ،‬تناول بعض املناهج العلمية املستخدمة‬
‫يف الدراسات اإلنسانية‪ ،‬وكيفية وضع إشكالية البحث‪ ،‬وكذا طرق التهميش‬
‫واالقتباس وعالقتها مبسألة األمانة العلمية‪ ،‬على أمل أن يتبع هذا العمل‬
‫بأعمال تكميلية أخرى يف هذا اجملال‪.‬‬
‫فإن كانت لنا كلمة شكر نقدمها‪ ،‬فال يسعنا إال أن نشكر كل األساتذة‬
‫الباحثني من جامعة متعددة من أرجاء هذا الوطن (بسكرة‪ ،‬املسيلة‪ ،‬الشلف‪،‬‬
‫عنابة)‪ ،‬على ما قدموه من جهد دون كلل وال انتظار جزاء‪ ،‬وقطفوا لنا عصارة‬
‫خربهتم يف التعامل مع البحوث العلمية وتقييمها‪ ،‬عسى أن تساهم توجيهاهتم يف‬
‫تاليف الكثري من األخطاء املنهجية اليت يقع فيها أبناؤنا الطلبة‪ ،‬خصوصا‬
‫ــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪-6-‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املبتدئني منهم‪ ،‬فإليهم مجيعا‪ ،‬وباسم الفريق العمل يف خمرب االجتهاد القضائي‪،‬‬
‫ألف حتية تقدير‪.‬‬
‫وإن كان األمل ال يزال حيذو أفقنا يف اجناز املزيد من األعمال العلمية يف‬
‫توضيح منهجية البحث‪ ،‬فاألمر لن يتأتى إال تكاتف اجلهود‪ ،‬وتقاطع الرؤى‪،‬‬
‫وتوحيد الوجهة‪ ،‬وهذه دعوة مفتوحة للنشر يف سلسلة مطبوعات املخرب‪ ،‬اليت‬
‫وصلت إصدارها الرابع هبذا املولود اجلديد‪ ،‬سواء ما تعلق مبناهج البحث‪ ،‬أو‬
‫غريها من جماالت االجتهاد والفقه القانوين‪.‬‬
‫مدير المخبر‬
‫أ‪ .‬د عبد الحليم بن مشري‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫‪-7-‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفهـــرس‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ احملور األول‪ :‬مناهج البحث العلمي‬
‫توظيف المنهج في البحث العلمي ‪)18 – 01(..........................................................‬‬
‫الدكتــــــورة عتيقــــــة بلجبـــــــــل (جامعة بسكرة)‬
‫توظيف المنهج المقارن في الدراسـات القانونية ‪)76 – 11(.......................................‬‬
‫األستاذ الدكتور عبد الحليم بن مشري (جامعة بسكرة)‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ احملور الثاين‪ :‬إشكـــالية البحـــث‬


‫مساهمة تحديد اإلشكالية في نجاعة البحث ‪)22 – 77(.............................................‬‬
‫األستاذ الدكتـور فــــــريد عـــــــلواش (جامعة بسكرة)‬
‫الدكتــــــــــور محمــــــــــد جغـــــــام (جامعة بسكرة)‬
‫الشروط األساسية لصياغة اإلشكالية العلمية ووضع الفروض في البحوث العلمية‪)011 – 27(...‬‬
‫الدكتـــــــــورة نسيــــــــمة طــــــويل (جامعة بسكرة)‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ احملور الثالث‪ :‬االقتباس واألمانة العلمية‬


‫االلتباس في تقنيات االقتباس‪)081 – 011(...............................................................‬‬
‫الدكتــــــــورة أمــــــال يعــيش تمـام (جامعة بسكرة)‬
‫ضوابط االقتباس والتوثيق في البحث العلمي‪)012 – 081(.........................................‬‬
‫الدكتـــــــور محمـــــــــــــد خليــــــــفة (جامعة عنابة)‬
‫الدكتــــــورة نصيـــــــــرة مهيــــــــــرة (جامعة عنابة)‬
‫كيفية االستعانة بالمصادر والمراجع األجنبية في إعداد البحوث األكاديمية‪)012 – 017(........‬‬
‫الدكتــــــور سليــــــمان حاج عــــزام (جامعة المسيلة)‬
‫السرقة العلمية والجزاءات المترتبة عنها ‪)071 – 017(............................................‬‬
‫األستاذة الدكتورة حسيــــــــنة شـرون (جامعة بسكرة)‬

‫ــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪-2-‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دور مجلس آداب وأخالقيات المهنة الجامعية للمؤسسة في الحد من ظاهرة السرقة‬
‫العلمية‪ :‬قراءة تحليلية في القرار الوزاري رقم ‪)806 – 070(............................... 711‬‬
‫الدكتـــــــــور شوقي يــــــعيش تمــام (جامعة بسكرة)‬
‫البـــــاحث حمـــــــــــــــزة صــــــــــافي (جامعة بسكرة)‬
‫الممارسات المنافية لقواعد النزاهة األكاديمية وسبل مكافحتها على ضوء أحكام‬
‫القرار الوزاري رقم ‪ 711‬المتعلق بالسرقات العلمية‪)871 – 807(.................................‬‬
‫الدكتـــــــــــورة أمحمدي آمنــة بوزينة (جامعة الشلف)‬

‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫‪-7-‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪- 01 -‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫احملور األول‬
‫مناهج البحث العلمي‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫‪- 08 -‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫توظيف المنهج في البحث العلمي‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪atikabeljbel@ gmail.com‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الملخص‪:‬‬
‫تعد املنهجية العمود الفقري ألي حبث جاد يف احلقول العلمية املختلفة‬
‫تتحدد على اساسها حدود البحث العلمي ومعامله‪.‬‬
‫فهي جمموعة اخلطوات العلمية اليت يتبعها الباحث حني اجراء حبثه‬
‫حيث يوضع اخلطة واهم اخلطوات املنتهجة من طرفه‪.‬‬
‫فاملنهجية حتتل مكانة خاصة يف حقل العلوم االنسانية ويعتمد بناؤها‬
‫على اجراءات خاصة كتحديد املنهج املتبع والتقنيات املستخدمة وطرق مجع‬
‫املعطيات وحتليلها وغريها من اخلطوات‪.‬‬
‫هلذا ابينا ان نقف على واحدة من هذه االجراءات وهو املنهج املتبع هذا‬
‫االخري الذي صعب على الباحث توظيفه يف البحث العلمي‪.‬‬
‫فمهما كان موضوع البحث فإن قيمة النتائج تتوقف على قيمة املناهج‬
‫املستخدمة‪.‬‬
‫فكيف يستطيع الباحث اختيار املنهج املالئم لبحثه ؟ وهل جيوز له‬
‫االعتماد على اكثر من منهج؟‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫قال تعاىل‪ ..." :‬لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا‪ " ...‬االية رقم ‪ 12‬من‬
‫سورة املائدة‪.‬‬
‫ألي علم منهج‪ ،‬اي الطريقة اليت يسلكها الباحث يف سبيل التعرف على‬
‫حقيقة تلك الظواهر‪ ،‬فنقول مثال‪ :‬العلوم الطبيعية‪ ،‬ونعين هبا املناهج العلمية‬
‫اليت تتناول بالتحليل الظواهر الطبيعية‪ ،‬ونقول العلوم االجتماعية ونعين هبا‬
‫املناهج العلمية اليت تتناول الظواهر االجتماعية بالتحليل‪.‬‬
‫عرف علم املناهج تطورا كبريا نتيجة تطور استعماالته املتزايدة‪ ،‬وبتزايد‬
‫حركة البحث العلمي وتنوع جماالته‪ ،‬ازدادت أمهية هذا العلم‪ ،‬فنجد العلم‬
‫الواحد يستعني مبناهج خمتلفة حبسب ما يقتضيه موضوع البحث‪.‬‬
‫إن أول من استعمل كلمة "علم املناهج" أو "املنهجية" هو الفيلسوف األملاين‬
‫‪1‬‬
‫"كانط"‪ ،‬وذلك عندما قسم املنطق إىل قسمني مذهب املبادئ وعلم املناهج‪.‬‬
‫فعلم املناهج هو الذي يبحث يف مناهج البحث العلمي والطرق العلمية اليت‬
‫يكتشفها ويستخدمها العلماء والباحثون من أجل الوصول إىل احلقيقة‪.‬‬
‫فإذا كانت مناهج البحث العلمي هي الطرق املؤدية إىل معرفة احلقائق‬
‫والكشف عنها يف خمتلف العلوم ـ وذلك بواسطة جمموعة من القواعد والقوانني‬
‫العامة اليت تنظم سري العقل حىت يصل إىل نتائج معلومة ـ‪ ،‬فإن علم املناهج هو‬
‫العلم الباحث والدارس هلذه املناهج العلمية‪.‬‬
‫هذا العلم الذي يتضمن العديد من املناهج حولنا يف هذه الورقة ان نتبع‬
‫التصنيف املنطقي واملتفق عليه لدى بعض الفقهاء ومن بينهم الدكتور عمار‬
‫عوابدي هذا التصنيف الذي يعد من التصنيفات املنطقية واملتجانسة الذي‬
‫حياول من وراءه حتقيق التوازن بني احلقائق العقلية والواقعية (االجرائية)‬
‫وطرق الوصول اليها وبناءا على ذلك مت تقسيم املناهج إىل قسمني قسم املناهج‬

‫‪ - 1‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬مناهج البحث‪ ،‬ط ‪ ،3‬وكالة املطبوعات‪ ،‬الكويت‪ ،0711 ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪- 01 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫العقلية وتتضمن (االستداليل والتجرييب واجلديل) وقسم املناهج االجرائية‬


‫(العقلية) وتتضمن (الوصفي والتارخيي واملقارن)‪.‬‬
‫لكن السؤال الذي يطرح نفسه يف هذا اجملال كيف يتم توظيف هذه املناهج‬
‫يف البحث العلمي خاصة ما يعنينا يف جمال التخصص اي يف العلوم والدراسات‬
‫القانونية ؟ وهل ميكن االعتماد على اكثر من منهج يف البحث العلمي الواحد ؟‬
‫لإلجابة على هذه االشكالية حاولنا تبيان مضمون املناهج العلمية املتفق‬
‫عليها يف حمورين اثنني احدمها خمصص للمناهج العقلية وأخر للمناهج‬
‫االجرائية وتبيان مدى تطبيق كل يف الدراسات القانونية‬

‫المبحث األول‪ :‬المناهج العقلية‬


‫هذا النوع من املناهج يبىن على اساس العمليات العقلية التأملية فيسري‬
‫فيها العقل يف نطاق اصول وقواعد منظمة ومرئية ومقصودة من اجل اكتشاف ما‬
‫ميكن من احلقيقة أو احلصول على املعرفة وهذه املناهج اليت سيتم التفصيل فيها‬
‫مشتركة يف كل انواع العلوم تقريبا‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المنهج االستداللي‬
‫‪ -0‬تعريف االستدالل‪:‬‬
‫يعرف االستدالل بأنه‪" :‬هو الربهان الذي يبدأ من قضايا مسلم هبا‪ ،‬ويسري‬
‫إىل قضايا أخرى تنتج عنها بالضرورة‪ ،‬ودون االلتجاء إىل التجربة‪ ،‬وهذا السري‬
‫يكون بواسطة القول أو احلساب"‪.1‬‬
‫فاالستدالل ميدانه الرياضيات وسيلته العقل اجملرد يستخدم الربهان‬
‫ووسيلته القياس واحلساب وقد يد تطبيقه يف جمال الدراسات القانونية ومثال‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬تومي اكلي‪ :‬مناهج البحث وتفسري النصوص يف القانون الوضعي والتشريع االسالمي‪ ،‬بريت للنشر‬
‫اجلزائر‪ ،8102 ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪- 01 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ذلك االستدالالت اليت يستعملها القاضي اعتمادا على ما لديه من قضايا ومبادئ‬
‫قانونية‪.‬‬
‫هناك فرق بني االستدالل والربهان االول انتقال من قضايا اخرى ناجتة‬
‫عنه بالضرورة طبقا لقواعد املنطق اما الربهان فهو اضيق من االستدالل فهو‬
‫يتعلق بصحة النتائج وصدقها واليت تقوم بدورها على صدق املقدمات عكس‬
‫االستدالل الذي يقوم على صحة النتائج اليت استخرجت من املقدمات وتدل على‬
‫صحتها‪.‬‬
‫‪ -8‬قواعد االستدالل‪:‬‬
‫يتكون النظام االستداليل من املبادئ والنظريات‪ ،‬وذلك أن النظام‬
‫االستداليل يشتمل على ميكانيزم يتسلسل من قضايا ومبادئ يستنتج منها مبادئ‬
‫وقضايا مستنتجة كنتائج للعملية االستداللية األوىل‪ ،‬مث تصبح هذه بدورها‬
‫مبادئ وقضايا أولية بالنسبة للنتائج األخرى‪ ...‬وهكذا إىل النهاية‪.‬‬
‫والنتائج املستخرجة من القضايا واملبادئ تسمى "النظريات"‪ ،‬ولذا كان‬
‫االستدالل يف صورة نظام متكون من ميكانيزم‪ :‬املبادئ والنظريات‪.‬‬
‫‪ -3‬مبادئ االستدالل‪:‬‬
‫هي جمموع القضايا والتصورات األولية غري املستخرجة من غريها يف نظام‬
‫استداليل معني‪ .‬وقد قسم رجال املنطق القدماء مبادئ االستدالل إىل‪:‬‬
‫البديهيات ـ املصادرات أو املسلمات والتعريفات‪.‬‬
‫هذه مبادئ االستدالل الثالثة‪ ،‬وقد ثبت لرجال املنطق والفلسفة وعلم‬
‫املنهجية على اخلصوص‪ ،‬أن هذه املبادئ الثالثة متداخلة يف ما بينها‪ ،‬ومتعاونة‬
‫ومتكاملة يف حتقيق العملية االستداللية من أجل استخراج النتائج والنظريات‬
‫والربهنة على صحتها‪.‬‬
‫‪ -1‬أدوات االستدالل‪:‬‬
‫‪ -‬القياس‪.‬‬
‫‪ -‬التجريب العقلي‪.‬‬

‫‪- 02 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬التركيب‪.1‬‬
‫امجاال يتم االستدالل عن طريق تقدمي االسباب واحلجج واملربرات اليت‬
‫حوزتنا لنتوصل إىل استنتاج ما وذلك من خالل عملية عقلية نتوصل هبا من‬
‫عدة افكار عامة إىل عدة افكار خاصة تظهر نتيجتها املنطقية يف ثالث اشكال‪:‬‬
‫أ‪ -‬االستنتاج البسيط‪:‬‬
‫مثال شاهدت رجال يفر ويف يده سكينا ورأيت شابا يتخبط يف دمه فاستنتج‬
‫ان حامل السكني قد طعنه‪.‬‬
‫ب‪ -‬االستنتاج القياسي‪:‬‬
‫مثال‪ :‬انسان فان – سقراط انسان ‪ -‬سقراط فان‪.‬‬
‫ج ‪ -‬االستنتاج الرياضي‪:‬‬
‫مثال املوزاة بني مثلثني يف علم اهلندسة‪.‬‬
‫واالستنتاج يعتمد على طريقيت التحليل أو االكتشايف أو االختراعي يهدف‬
‫إىل الكشف عن احلقيقة بتجزئة موضوع ما إىل ابسط عناصره بغية التمعن يف‬
‫دراسته والتعمق يف معرفته فيستخدم يف العلوم القانونية فيسمح لنا بإظهار‬
‫اخلصائص االساسية وينب املعىن والسبب الذي يفسر ما ندريه من قواعد‬
‫قانونية أو احكام واجتهادات‪.‬‬
‫والتركيب أو التأليف هو عملية مجع االجزاء املتفرقة م كل متجانس ففي‬
‫العلوم القانونية جنمع ما بني شىت االراء واألفكار واملعلومات لتكون كال متآلفا‬
‫متجانسا ويف حالة تصارع االفكار ووجود تناقض أو تعارض تسمى العملية‬
‫تركيبية جدلية‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عمار عوابدي‪ :‬مناهج البحث وتطبيقاهتا يف ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،8111 ،‬ص ص ‪.021 -021‬‬
‫‪ - 2‬صاحل طليس‪ :‬املنهجية يف دراسة القانون‪ ،‬ط ‪ ،8‬منشورات زين احلقوقية واألدبية‪ ،‬لبنان‪،8100 ،‬‬
‫ص ‪.32‬‬

‫‪- 01 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬تطبيق المنهج االستداللي في الدراسات القانونية‪:‬‬


‫إن املنهج االستداليل هو املنهج املفضل للتفسري والبحث يف العلوم القانونية‬
‫منذ ظهور التفكري العلمي العقلي فهو يوفر صعوبات نقص االحكام والقوانني‬
‫والنظريات العلمية فهو اداة الكتشافها وإعادة اطالق الفكر من قيود احلاجة‬
‫اليت تكبله فهذا املنهج يساعد الفكر يف اشباع حاجاته إىل العلم وإجياد احللول‬
‫حلاجات احلياة‪.‬‬
‫ولقد ازدهرت خمتلف الدراسات والبحوث يف العلوم القانونية بفضل املنهج‬
‫االستداليل فعلم القانون ازدهر بفضل تطبيقاته لقواعد فلسفة القانون على‬
‫مجيع فروع القانون منذ العصور القدمية خاصة منذ بداية الفرن التاسع عشر‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المنهج التجريبي (االستقرائي والتأصيلي )‬
‫‪ -0‬تعريف المنهج التجريبي‪:‬‬
‫يعرف على أنه‪" :‬املنهج املستخدم حني نبدأ من وقائع خارجة عن العقل‪،‬‬
‫سواء أكانت خارجة عن النفس إطالقا‪ ،‬أو باطنة فيها كذلك كما يف حالة‬
‫االستبطان‪ ،‬لكي نصف هذه الظاهرة اخلارجة عن العقل ونفسرها‪ .‬ولتفسريها‬
‫هنيب دائما بالتجربة‪ ،‬وال نعتمد على مبادئ الفكر وقواعد املنطق وحدها"‪.1‬‬
‫ويعرف‪" :‬التجربة‪ ...‬هي مالحظة مقصودة حتت ظروف حمكومة‪ ،‬يقوم‬
‫هبا الباحث الختبار الفرض للحصول على العالقات السببية"‪.2‬‬
‫فمضمون املنهج التجرييب‪ ،‬يتمثل يف االعتماد على املالحظة والتجربة‪،‬‬
‫وهو لذلك استقرائي اختباري مع تدخل العقل بسلسلة من عملية االستنباط‬
‫املنطقي تنتهي باالرتقاء بنتائج عدد حمدد من احلاالت إىل قانون مفسر لشىت‬
‫حاالت الواقع‪ ،‬وذلك إىل ما الهناية‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.082‬‬


‫‪ - 2‬أمحد بدر‪ :‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪،‬وكالة املطبوعات‪ ،‬الكويت‪ ،0711 ،‬ص ‪.812‬‬

‫‪- 02 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -8‬مراحل المنهج التجريبي‪:‬‬


‫يتكون املنهج التجرييب من مراحل تتمثل يف‪:‬‬
‫‪ -‬املشاهدة أو املالحظة العلمية ‪ -‬الفروض ‪ -‬التجربة‪.‬‬
‫وخيتلف املنهج التجرييب عن بقية املناهج العلمية األخرى‪ ،‬خاصة املنهج‬
‫االستداليل‪ ،‬من حيث كون املنهج التجرييب سلوك علمي وموضوعي وعملي‬
‫خارجي‪.‬‬
‫واملنهج التجرييب موضوعه الظواهر والوقائع اخلارجية‪ ،‬بينما موضوع‬
‫املنهج االستداليل هو املخلوقات العقلية الداخلية‪.‬‬
‫‪ -3‬مقومات وعناصر المنهج التجريبي‪:‬‬
‫يتألف املنهج التجرييب من ثالثة مقومات وعناصر أساسية هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬المالحظـة‪:‬‬
‫وجيب أن تكون املالحظة حمققة للشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬جيب أن تكون املالحظة كاملة‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تكون املالحظة العلمية نزيهة وموضوعية وجمردة‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تكون منظمة ومضبوطة ودقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن يكون العامل الباحث مؤهال وقادرا على املالحظة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الفرضيات العلمية‪:‬‬
‫هي "تفسري مؤقت لوقائع وظواهر معينة‪ ،‬ال يزال مبعزل عن امتحان‬
‫الوقائع‪ ،‬حىت إذا ما امتحن يف الوقائع‪ ،‬أصبحت بعد ذلك فرضيات زائفة جيب‬
‫العدول عنها إىل غريها من الفرضيات األخرى‪ ،‬أو صارت قانونا يفسر جمرى‬
‫الظواهر"‪.1‬‬
‫وجيب ان تكون الفرضية‪:‬‬

‫‪ - 1‬أمحد بدر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .22‬وأنظر االشتقاق اللغوي للكلمة يف اللغة األجنبية‪ ،‬فهي مكونة‬
‫من شقني‪ " Hypo ":‬ومعناه أقل من‪ ،‬ومن " ‪ " Thèse‬ومعناها أطروحة أو نظرية فيكون املعىن العام‬
‫للكلمة هو‪ " :‬دون أو أقل من النظرية "‪.‬‬

‫‪- 07 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬جيب أن تبدأ الفرضيات من مالحظات علمية‪.‬‬


‫‪ -‬جيب أن تكون الفرضيات قابلة للتجريب واالختبار والتحقق‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تكون خالية من التناقض للوقائع والظواهر املعروفة‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تكون شاملة ومترابطة‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تكون الفرضيات متعددة ومتنوعة للواقعة الواحدة‪.‬‬
‫ج‪ -‬عملية التجريب‪:‬‬
‫يتم استبعاد الفرضيات اليت يثبت يقينا عدم صحتها وعدم صالحيتها‬
‫لتفسري الظواهر والوقائع علميا‪ ،‬واثبات صحة الفرضيات العلمية بواسطة‬
‫إجراء عملية التجريب وإذا ما ثبتت صحة الفرضيات علميا ويقينيا‪ ،‬تتحول‬
‫إىل قواعد ثابتة وعامة‪ ،‬ونظريات علمية تكشف وتفسر وتتنبأ بالوقائع‬
‫والظواهر‪.1‬‬
‫‪ -1‬تطبيق المنهج التجريبي في الدراسات القانونية‪:‬‬
‫مع بداية القرن الثامن عشر اصبحت الدراسات القانونية ميدانا أصيال‬
‫لتطبيق املنهج التجرييب مثال ذلك البحوث والدراسات املتعلقة بظاهرة عالقة‬
‫القانون باحلياة االجتماعية‪ ،‬وعالقة القانون مببدأ تقسيم العمل االجتماعي‪،‬‬
‫وتلك املتعلقة بعالقة ظاهرة القانون بالبيئة االجتماعية والثقافية‬
‫واالقتصادية والسياسية‪ ،‬وكذا البحوث املتعلقة بظاهرة اجلرمية وفلسفة‬
‫التجرمي والعقاب‪ ،‬والدراسات اخلاصة بإصالح وخلق السياسات التشريعية‬
‫والقضائية موضوعيا وإجرائيا‪.‬‬
‫وقد ازدهرت استخدامات املنهج التجرييب يف جمال العلوم اجلنائية‬
‫مت اكتشاف حتمية العالقة بني العلوم اجلنائية وعلم‬
‫والقانون اجلنائي عندما َّ‬
‫النفس اجلنائي وعلم االجتماع القانوين‪ ،‬وعلم الطب النفسي‪ ،‬وبعد سيادة‬
‫املدارس اجلنائية العلمية التجريبية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أمحد بدر‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪ 73‬ـ ‪.012‬‬

‫‪- 81 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ومن أشهر التطبيقات احلديثة للمنهج التجرييب يف جمال العلوم القانونية‬


‫واإلدارية الدراسات اليت قامت هبا بولندا عام ‪ 0721‬إلصالح نظامها القضائي‬
‫وقانون اإلجراءات واملرافعات‪ .‬والدراسة اليت قـام هبا األستاذ "مور بريجر"‬
‫حول ظاهرة البريوقراطية واجملتمع يف مصر احلديثة عام ‪.0711 -0713‬‬
‫وأكثر فروع العلوم القانونية والعلوم اإلدارية قابلية وتطبيقا للمنهج‬
‫التجرييب‪ ،‬يف الوقت احلاضر القانون اجلنائي والعلوم اجلنائية‪ ،‬والقانون‬
‫اإلداري‪ ،‬نظرا لطبيعتها اخلاصة من حيث كوهنا أكثر فروع العلوم القانونية‬
‫واإلدارية واقعية وعلمية وتطبيقية واجتماعية ووظيفية‪ .‬فهذه الفروع تتميز‬
‫بأهنا أكثر العلوم القانونية واالجتماعية حيوية وحركية وتغريا والتصاقا‬
‫بالواقع احملسوس واملتحرك واملتداخل واملعقد السريع التطور‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المنهج الدياليكتيكي أو الجدلي‪:‬‬
‫‪ -0‬تعريف المنهج الجدلي‪:‬‬
‫يقوم املنهج الدياليكتيكي على أساس احلقيقة القائلة‪" :‬أن كل األشياء‬
‫والظواهر والعمليات واحلقائق الطبيعية واإلنسانية واالقتصادية والسياسية يف‬
‫العامل هي دائما يف حاالت ترابط وتشابك وتداخل مستمر‪ ،‬وهي دائما يف حاالت‬
‫تناقض وصراع وتفاعل داخلي قوي حمرك ودافع وباعث على احلركة والتغري‬
‫والتطور واالرتقاء والتقدم من شكل إىل شكل ومن حالة إىل حالة‪ ،‬ومن صورة‬
‫إىل صورة جديدة أخرى‪ ...‬وهكذا‪ .‬ونتيجة للتناقض والتضاد والصراع الداخلي‬
‫بني عناصر األشياء واحلقائق‪ ...‬وذلك بأسلوب علمي دقيق ومضبوط بقوانني‬
‫وقواعد علمية حمددة وبصورة متدرجة تصاعديا ومتسلسلة"‪.1‬‬
‫‪ -8‬خصائص المنهج الجدلي‪:‬‬
‫من خصائص هذا املنهج انه‪:‬‬
‫‪ -‬منهج عقلي وموضوعي يف ان واحد يقوم على التناقض وقانون طبيعي‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمار عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.831‬‬

‫‪- 80 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬إن ظواهر احلياة واألفكار والواقع متصلة ومترابطة ومتضادة يف ان واحد‪.‬‬


‫‪ -‬إن قانون التناقض ميكن لن يكون خارجي بني فكرة وأخرى وقد يكون داخلي‬
‫يف ذات الفكرة (الفكرة الفلسفية)‪.‬‬
‫‪ -‬أنه قانون احلياة والتقدم واحلركة والرقي واإلبداع واالختراع‪.‬‬
‫‪ -‬التناقض والتضاد هو اساس اشكل االفكار والظواهر‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬ختضع عملية التناقض لقوانني ومبادئ طبيعية ختضع لتسلسل علمي منطقي‪.‬‬
‫‪ -3‬قوانين الجدل‪:‬‬
‫وحيتوي املنهج الديالكتيكي على العديد من القوانني والقواعد واملفاهيم‬
‫العلمية املترابطة واملتكاملة يف بناء هيكل الدياليكتيك كمنهج حبث علمي‪ .‬ومن‬
‫أهم قوانني املنهج‪:‬‬
‫‪ -‬قانون التغري والتحول‪ ،‬والتغريات الكمية إىل تغريات نوعية يف طبيعة الشيء‬
‫أو احلقيقة أو الظاهرة‪،‬‬
‫‪ -‬قانون وحدة وصراع املتناقضات واألضداد‪،‬‬
‫‪ -‬قانون نفي النفي‪.‬‬
‫هذه القوانني الثالثة اليت تعد أبرز وأهم قوانني الديالكتيك‪.‬‬
‫‪ -1‬تطبيق المنهج الجدلي في الدراسات والعلوم القانونية‪:‬‬
‫ساهم هذا املنهج مبسامهة كبرية يف اكتشاف وتفسري النظريات والقوانني‬
‫العلمية‪ ،‬والتنبؤ هبا‪.‬‬
‫وأحسن مثال على ذلك تفسري أصل وغاية الدولة‪ ،‬نشأة وتطور القانون‪،‬‬
‫وأصل وغاية القانون يف اجملتمع‪ ،‬فكرة السلطة وعالقتها بالقانون واحلرية‪،‬‬
‫تفسري ظاهرة الثورة وعالقتها بالقانون ومبدأ الشرعية القانونية‪ ،‬تفسري ظاهرة‬
‫التغري االجتماعي وأثرها على النظام القانوين يف الدولة واجملتمع‪.‬‬

‫‪ - 1‬تومي اكلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬

‫‪- 88 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كما له الفضل يف تطبيق القانون يف الواقع العملي خاصة للباحث‬


‫والقاضي واملشرع فيستخدم هذا املنهج يف تفسري بعض النظريات والفرضيات‬
‫القانونية والتنظيمية واخلروج بالنتائج واحللول العلمية لبعض اإلشكاالت‬
‫واملسائل القانونية‪.‬‬
‫مما سبق جند ان هذا املنهج يعد من اكثر املناهج مالئمة للدراسات‬
‫االجتماعية وخاصة القانونية‪ ،‬فهو املنهج الوحيد القادر على الكشف والتفسري‬
‫للعالقات والروابط والتفاعالت الداخلية للظواهر االجتماعية واالقتصادية‬
‫والقانونية والسياسية‪ ،‬وطبيعة القوى الدافعة هلذه الظواهر‪ ،‬وكيفية التحكم يف‬
‫توجيه وقيادة مسار تقدم هذه الظواهر‪ ،‬وكيفية التنبؤ بالنتائج والنهايات‬
‫اجلدية‪.‬‬
‫هذا فضال عن القيمة الفكرية هلذا املنهج واملنبثقة من الفلسفة القائمة‬
‫على االختالف والتضاد والتصارع بني األفكار واحلقائق واألشياء‪ ،‬واملؤدي يف‬
‫األخري إىل ظهور احلقيقة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المناهج االجرائية‬
‫إىل جانب املناهج السابقة هناك مناهج تتنوع وفقا لألسلوب االجرائي‬
‫املعتمد يف دراسة احد العلوم وفيما يلي بيان هلذه املناهج اليت تعتمد يف مضموهنا‬
‫على جانب اجرائي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المنهج الوصفي‬
‫‪ -0‬تعريف المنهج الوصفي‪:‬‬
‫يعرف املنهج الوصفي على أنه‪" :‬طريقة يعتمد عليها الباحثون يف احلصول‬
‫على معلومات وافية ودقيقة تصور الواقع االجتماعي والذي يؤثر يف كافة‬
‫االنشطة الثقافية والسياسية والعلمية وتسهم يف حتليل ظواهره"‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أمحد عارف العساف وحممود الوادي‪ :‬منهجية البحث يف العلوم االجتماعية واإلدارية (املفاهيم‬
‫واألدوات )‪ ،‬ط ‪ ،0‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ـ ‪ ،8100‬ص ‪.031‬‬

‫‪- 83 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أسلوب من اساليب التحليل املركز على معلومات كافية ودقيقة عن ظاهرة‬


‫أو موضوع حمدد أو فترة أو فترات زمنية معلومة وذلك من اجل احلصول على‬
‫نتائج علمية مث تفسريها بطريقة موضوعية مبا ينسجم مع املعطيات الفعلية‬
‫الظاهرة"‪.‬‬
‫ويقوم املنهج الوصفي على‪:‬‬
‫‪ -‬مجع احلقائق واملعلومات ومقارنتها وحتليلها وتفسريها للوصول إىل تعميمات‬
‫مقبولة‪،‬‬
‫‪ -‬دراسة وحتليل وتفسري الظاهرة من خالل حتديد خصائصها وأبعادها‬
‫وتوصيف العالقات بينها‪ ،‬هبدف الوصول إىل وصف علمي متكامل هلا‪.‬‬
‫‪ -8‬أساليب المنهج الوصفي‪:‬‬
‫لذلك فهو يشتمل على عدد من املناهج الفرعية واألساليب املساعدة‪ ،‬كأن‬
‫يعتمد مثال على دراسة احلالة أو الدراسات امليدانية أو التارخيية أو املسوح‬
‫االجتماعية‪.1‬‬
‫وال يقتصر املنهج الوصفي على التعرف على معامل الظاهرة وحتديد أسباب‬
‫وجودها‪ ،‬وإمنا يشمل حتليل البيانات وقياسها وتفسريها والتوصل إىل وصف‬
‫دقيق للظاهرة ونتائجها‪.‬‬
‫ومن البحوث اليت يستخدمها املنهج الوصفي‪:‬‬
‫أ ـ دراسة الحالة‪:‬‬
‫تعترب أحد أساليب البحث والتحليل الوصفي املطبقة يف جماالت علمية‬
‫خمتلفة‪ ،‬وقد تكون احلالة املدروسة‪ :‬شخصا‪ ،‬مجاعة‪ ،‬مؤسسة‪ ،‬مدينة‪.‬‬
‫فعامل النفس‪ :‬يستخدم الفرد كحالة للدراسة يف حتليل النفسي‪ ،‬وقد‬
‫تكون املؤسسة كحالة للدراسة يف جماالت علمية خمتلفة‪ ،‬فقد ندرسها من‬

‫‪ - 1‬حممد علي حممد‪ :‬علم االجتماع واملنهج العلمي ‪ -‬دراسة يف طرائق البحث وأساليبه‪ ،-‬دار املعرفة‬
‫اجلامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،0722 ،‬ص ‪.020‬‬

‫‪- 81 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الناحية البشرية أو املالية أو اإلنتاجية‪ ،‬وذلك حسب جمال اختصاص الباحث‬


‫وطبيعة وأهداف البحث‪.‬‬
‫ب ‪ -‬المسح االجتماعي‪:‬‬
‫هذا االسلوب يتمثل يف مجع بيانات ومعلومات عن متغريات قليلة لعدد كبري‬
‫من االفراد‪.‬‬
‫وبالتايل يقوم الباحث جبمع بيانات ومعلومات تفصيلية عن مؤسسات أو‬
‫وحدات ادارية أو اجتماعية أو تعليمية أو ثقافية أو منطقة جغرافية كما‬
‫يساعد هذا االسلوب على دراسة العالقات السببية بني الظواهر واالنشطة‬
‫املختلفة كدراسة عالقة التدخني بالسرطان واهم الوسائل اليت يستخدمها‬
‫اسلوب املسح االستبيان أو املقابلة أو كالمها وقد حيتاج الباحث الرجوع إىل‬
‫السجالت ووثائق املؤسسات أو الوحدات املطلوب دراستها‪.‬‬
‫ج ‪ -‬دراسة الرأي العام‪:‬‬
‫للرأي العام تأثري كبري على سياسة أية دولة‪ ،‬لذلك هتتم به السلطات‬
‫السياسية ورجال األعمال والشركات وغريها‪.‬‬
‫فاالستفتاء من أهم وسائل قياس الرأي العام وخاصة يف الدول اليت‬
‫تتمتع حبرية التعبري وممارسة الدميقراطية‪ .‬وهتدف الدراسات يف هذا اجملال‬
‫إىل استطالع الرأي العام حول قضية أو مسألة ذات طابع عام‪ ،‬وقد اختذت‬
‫البحوث يف هذا اجملال عدة اجتاهات منها‪:‬اجملال السياسي‪ ،‬اجملال االقتصادي‪،‬‬
‫اجملال االقتصادي االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -3‬توظيف المنهج الوصفي في الدراسات القانونية‪:‬‬
‫إن املتتبع لتطور العلوم يلمس االمهية اليت احتلها املنهج الوصفي يف العلوم‬
‫االجتماعية نظرا ملالءمته يف دراسة الظواهر االجتماعية ووصفها وصفا‬
‫موضوعيا من خالل البيانات املتوفرة باستخدام ادوات وتقنيات البحث العلمي‪.‬‬
‫ويعد املنهج الوصفي من اكثر واهم مناهج البحث االجتماعي مالئمة‬
‫لدراسة الواقع االجتماعي وهو يشكل اخلطورة االوىل حنو حتقيق الفهم‬

‫‪- 81 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الصحيح هلذا الواقع اذ ميكننا من االحاطة بكل ابعاد هذا الواقع فنصف ونتصور‬
‫بكل دقة كافة ظواهره ومساته‪.‬‬
‫لذلك جند ان هذا املنهج يعتمد على عدد من املناهج واألساليب املساعدة‬
‫كان يعتمد مثال على دراسة احلالة أو الدراسات امليدانية أو التارخيية أو املسوح‬
‫االجتماعية‪.1‬‬
‫وهتدف الدراسات يف هذا اجملال إىل استطالع الرأي العام حول قضية أو‬
‫مسالة ذات طابع عام ففي الدراسات القانونية مثال جند تأثري عقوبة االعدام‬
‫على نسبة اجلرائم يف جمتمع ما‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المنهج المقارن‬
‫‪ -0‬تعريف المنهج المقارن‪:‬‬
‫ميكن ان يكون ملفهوم املقارنة معنيان معىن عام واخر خاص االول يتعلق‬
‫بالنشاط العقلي املنطقي وهو حاضر يف كثري من ظروف احلياة كمالحظة اوجه‬
‫الشبه واالختالف بني شيئني أو اكثر والثان املتمثل يف اخلاص الذي هو اجراء‬
‫مقارنة ممنهجة ومنظمة لبحث العالقات وأوجه التشابه واالختالف بني‬
‫ظاهرتني أو اكثر هبدف التوصل إىل استنتاجات معينة ويعترب هذا املعىن االخري‬
‫‪2‬‬
‫مرادفا ملصطلح املنهج املقارن وكثريا ما يرتبط استخدامه باملنهج العلمي‪.‬‬
‫يستخدم املنهج املقارن استخداما واسعا يف الدراسات القانونية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬كمقارنة ظاهرة اجتماعية بنفس الظاهرة يف جمتمع آخر‪ ،‬أو‬
‫مقارنتهما يف بعض اجملاالت االقتصادية والسياسية والقانونية‪.‬‬
‫ويتيح استخدام هذا املنهج املقارن‪ ،‬التعمق والدقة يف الدراسة والتحكم يف‬
‫موضوع البحث والتعمق يف جانب من جوانبه‪ ،‬فعلى سبيل املثال ميكن أن ندرس‬
‫جانبا واحدا من جوانب املؤسسة االقتصادية‪ :‬األداء أو املواد البشرية‪...‬‬

‫‪ - 1‬حممد علي حممد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.020‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬فضيل دليو‪ :‬مدخل إىل منهجية البحث يف العلوم االنسانية واالجتماعية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،8101‬ص ‪.017‬‬

‫‪- 82 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وميكن أن تكون املقارنة إلبراز خصائص ومميزات كل موضوع من‬


‫موضوعات املقارنة وإظهار أوجه الشبه واالختالف بينهما‪.‬‬
‫كما القت الدراسة املقارنة اهتماما معتربا لدى رجال القانون واملؤرخني‬
‫واالقتصاديني رغم أن املقارنة باملفهوم احلديث كمنهج قائم بذاته‪ ،‬حديثة‬
‫النشأة‪ ،‬فإن عملية املقارنة قدمية قدم الفكر اإلنساين‪ ،‬فقد استخدم كل من‬
‫أرسطو وأفالطون املقارنة كوسيلة للحوار يف املناقشة‪ ،‬قصد قبول أو رفض‬
‫‪1‬‬
‫القضايا واألفكار املطروحة للنقاش‪.‬‬
‫‪ -8‬تطبيق المنهج المقارن في الدراسات القانونية‪:‬‬
‫بالرجوع إىل قانون محورايب‪ ،‬نالحظ انه ال وجود للمنهج املقارن اال ان‬
‫الوصول إىل القانون بالشكل االخري جنده اعتمد على االسلوب املقارن باعتماده‬
‫على العادات والتقاليد واألعراف واحلقائق اليت كانت سائدة انذاك سواء يف‬
‫اجملال االقتصادي أو السياسي أو االجتماعي‪.‬‬
‫فوجد ما يسمى القانون املقارن هذا األخري الذي عرفا تطورا ال باس به‬
‫خالل القرن ‪ ،07‬وذلك بتأسيس "مجعية التشريع املقارن" بباريس سنة ‪،0227‬‬
‫مث بانعقاد املؤمتر األول للقانون املقارن مبدينة باريس سنة ‪.0711‬‬
‫هذا القانون الذي يهتم على العموم مبقارنة قوانني دول خمتلفة‬
‫الستخراج واستخالص اوجه التشابه واالختالف بينهم‪.‬‬
‫على هذا االساس يعد هذا القانون جمال خصب للبحث والدراسة وعلم‬
‫قائم بذاته لذا يعد موضوع من مواضيع الدراسات القانونية‪ ،‬ويرتبط باستخدام‬
‫‪2‬‬
‫هذا املنهج يف دراسة وتفسري خمتلف فروع القانون‪.‬‬
‫وتطبيق هذا املنهج يظهر جليا لدى معظم الدول سواء كانت متخلفة أو‬
‫متقدمة وذلك بتبين بعض قوانني الدول االخرى بعد استخدام مقارنة القوانني‬

‫‪ - 1‬خالد حامد‪ :‬منهج البحث العلمي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار رحيانة للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ - 2‬حسن ملحم‪ :‬التفكري العلمي واملنهجية‪ ،‬مطبعة دحلب‪ ،‬اجلزائر‪ ،0773 ،‬ص ‪.812‬‬

‫‪- 81 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املختلفة بصفة نظرية أو بناء على جتارب تطبيق ذلك القانون على االقليم‬
‫االصلي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المنهج التاريخي‬
‫‪ -0‬تعريف المنهج التاريخي‪:‬‬
‫يعرف املنهج التارخيي على أنه‪" :‬الطريق الذي يتبعه الباحث يف مجع‬
‫معلوماته عن االحداث والوقائع املاضية ويف فحصها ونقدها وحتليلها والتأكد من‬
‫صحتها ويف عرضها وترتيبها وتفسريها واستخالص التعميمات والنتائج العامة‬
‫منها واليت ال تقف فائدهتا على فهم احداث املاضي فحسب بل تتعداه إىل‬
‫املساعدة يف تفسري االحداث واملشاكل اجلارية ويف توجيه التخطيط بالنسبة‬
‫للمستقبل"‪.1‬‬
‫وميكننا القول أن املنهج التارخيي هو منهج حبث علمي‪ ،‬يقوم بالبحث‬
‫والكشف عن احلقائق التارخيية‪ ،‬من خالل حتليل وتركيب األحداث والوقائع‬
‫املاضية املسجلة يف الوثائق واألدلة التارخيية‪ ،‬وإعطاء تفسريات وتنبؤات علمية‬
‫عامة يف صورة نظريات وقوانني عامة وثابتة نسبيا‪.‬‬
‫‪ -8‬أهمية استخدام المنهج التاريخي‪:‬‬
‫لدراسة الوقائع واألحداث أمهية كربى تتمثل يف‪:‬‬
‫‪ -‬فهم ماضي األفكار واحلقائق والظواهر واحلركات واملؤسسات والنظم‪.‬‬
‫‪ -‬حماولة فهم احلاضر والتنبؤ بأحكام وأحوال املستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬إن التسلسل الزمين وأمهيته يف البحث العلمي ميثل البعد الزمين كما ان هناك‬
‫بعد اخر ال يقل امهية عن البعد الزمين وهو البعد املكاين الذي يرتبط مبكان‬
‫حدوث احلدث‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمار بوحوش وحممد حممود الذنيبات‪ :‬مناهج البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬ط ‪ ،3‬ديوان‬
‫املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،8110 ،‬ص ‪.011‬‬

‫‪- 82 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬تستعيد وتركب أحداث ووقائع املاضي بطريقة علمية يف صورة حقائق علمية‬
‫تارخيية لفكرة من األفكار‪ ،‬أو نظرية من النظريات‪ ،‬أو مدرسة من املدارس‪ ،‬أو‬
‫مؤسسة من املؤسسات االجتماعية واإلنسانية والسياسية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪ -3‬خطوات ومراحل المنهج التاريخي‪:1‬‬
‫يتألف املنهج التارخيي من مراحل متشابكة ومتداخلة ومترابطة ومتكاملة‪،‬‬
‫يف تكوين بناء املنهج التارخيي ومضمونه‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬اختيار موضوع البحث وحتديد املشكلة العلمية التارخيية‪.‬‬
‫‪ -‬مجع وحصر الوثائق التارخيية(مصادر اولية من اثار ووثائق وثانوية كل ما‬
‫نقل أو كتب عن املصادر االولية)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬نقد الوثائق التارخيية‪.‬‬
‫وهناك نقد داخلي وآخر خارجي‪.‬‬
‫‪ -1‬تطبيق المنهج التاريخي في الدراسات القانونية‪:‬‬
‫يلعب املنهج التارخيي دورا هاما يف جمال الدراسات والبحوث العلمية‬
‫القانونية واإلدارية حيث اساس هذه االخرية الوقائع واألحداث والظواهر‬
‫املتحركة واملتطورة واملتغرية‪.‬‬
‫فبتوظيف هذا املنهج يتم تقدمي الطريقة العلمية الصحيحة للكشف عن‬
‫احلقائق العلمية التارخيية للنظم واألصول واملدارس والنظريات واألفكار‬
‫القانونية واإلدارية والتنظيمية‪.‬‬
‫إن املنهج التارخيي هو الذي يقود إىل معرفة األصول والنظم والفلسفات‬
‫واألسس اليت يستمد منها النظم والقواعد واملبادئ واألفكار القانونية‬

‫‪ - 1‬أمحد عارف العساف وحممود الوادي‪ ،‬املرجع السايق‪ ،‬ص ‪.081‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬هذا ما فعله ابن خلدون لدى تطبيقه للمنهج التارخيي عند قيامه "بالتحليل النقدي للنصوص‬
‫التارخيية ومل يرفض العديد من الروايات حول بعض االحداث التارخيية إال بعد أن قام بالتحليل‬
‫النقدي هلذه الروايات"‪ .‬نقال عن ملياء مرتاض نفوسي‪ :‬ديناميكية البحث يف العلوم االنسانية‪ ،‬دار‬
‫هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،8101 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪- 87 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫والتنظيمية احلاضرة‪ ،‬وذلك عن طريق حصر ومجع كافة الوثائق التارخيية‪،‬‬


‫وحتليلها ونقدها‪ ،‬وتركيبها وتفسريها‪ ،‬ملعرفة وفهم حاضر فلسفات ونظم وقواعد‬
‫ومبادئ األفكار القانونية السائدة‪ ،‬والسارية املفعول‪ ،‬والقيام بالبحوث والدراسات‬
‫العلمية املقارنة‪ ،‬لفهم واقع النظم القانونية واإلدارية املعاصرة فهما سليما‬
‫حقيقيا أوال‪ ،‬ولتطويرها مبا جيعلها أكثر مالئمة وتفاعال وانسجاما مع واقع‬
‫البيئة واحلياة املعاصرة ثانيا‪.‬‬
‫فبواسطة املنهج التارخيي أمكن وميكن معرفة احلقائق العلمية والتارخيية‪،‬‬
‫عن أصل وأساس وغاية القانون‪ ،‬يف كافة مراحل وعصور ماضي التاريخ اإلنساين‬
‫يف الغابر بطريقة علمية صحيحة‪.‬‬
‫كما أمكن التعرف على األحكام والنظريات القانونية القدمية واملاضية‪،‬‬
‫مثل النظام القانوين واإلداري اإلغريقي والروماين‪ ،‬النظام القانوين اإلداري‬
‫اإلسالمي‪ ،‬اجلزائري‪ ،‬الصيين‪ ،‬اهلندي‪...‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫بعد ما مت تبيانه من مناهج علمية متفق عليها ومتييز كل منهج هم االخر‬
‫يبقى تفضيل املنهج الذي يتم تكييفه مع غايات البحث والقدرات الذاتية للباحث‬
‫ومدى استعداده للتضحية وجيب التمييز بني خصائص كل منهجية ومعرفة‬
‫الظروف واملتغريات لكل حبث للتمكن من اختيار االفضل‪.‬‬
‫وال ميكن القول ان هناك منهج احسن من االخر إىل ان جند ونتأكد من‬
‫وجود املتغريات فالعلوم القانونية غنية وثرية مبوادها واحتماالهتا وانه من‬
‫االسوأ االمور تفكريا ان حنلل االمر من وجهة نظر واحدة مصرين على منهج‬
‫املقاربة وحتليل احادي املعيار وتطبيقيه على كافة القضايا بل ان التكامل يف‬
‫استخدام املناهج الواردة اعاله هو الذي يفضي إىل نتائج جديدة وصحيحة يف‬
‫ان واحد‪.‬‬
‫فاملناهج تستخدم يف الدراسات واألحباث القانونية كإستراتيجية ملعاجلة‬
‫مواضيع وتساؤالت قانونية‪.‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪ -0‬عبد الرمحن بدوي‪ :‬مناهج البحث‪ ،‬ط ‪ ،3‬وكالة املطبوعات‪ ،‬الكويت‪.0711 ،‬‬
‫‪ -8‬أمحد بدر‪ :‬أصول البحث العلمي ومناهجه‪،‬وكالة املطبوعات‪ ،‬الكويت‪.0711 ،‬‬
‫‪ -3‬حممد علي حممد‪ :‬علم االجتماع واملنهج العلمي ‪ -‬دراسة يف طرائق البحث وأساليبه‪ ،-‬دار‬
‫املعرفة اجلامعية‪ ،‬االسكندرية‪.0723 ،‬‬
‫‪ -1‬خالد حامد‪ :‬منهج البحث العلمي‪ ،‬ط ‪ ،0‬دار رحيانة للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬
‫‪ -1‬حسن ملحم‪ :‬التفكري العلمي واملنهجية‪ ،‬مطبعة دحلب‪ ،‬اجلزائر‪.0773 ،‬‬
‫‪ -2‬عمار بوحوش وحممد حممود الذنيبات‪ :‬مناهج البحث العلمي وطرق اعداد البحوث‪ ،‬ط ‪،3‬‬
‫ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.8110 ،‬‬
‫‪ -1‬عمار عوابدي‪ :‬مناهج البحث وتطبيقاهتا يف ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬ديوان‬
‫املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.8111 ،‬‬
‫‪ -2‬صاحل طليس‪ :‬املنهجية يف دراسة القانون‪ ،‬ط ‪ ،8‬منشورات زين احلقوقية واألدبية‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪.8100‬‬
‫‪ -7‬أمحد عارف العساف وحممود الوادي‪ :‬منهجية البحث يف العلوم االجتماعية واإلدارية‬
‫(املفاهيم واألدوات)‪ ،‬ط ‪ ،0‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.8100 ،‬‬
‫‪ -01‬فضيل دليو‪ :‬مدخل إىل منهجية البحث يف العلوم االنسانية واالجتماعية‪ ،‬دار هومة‪،‬‬
‫اجلزائر‪.8101 ،‬‬
‫‪ -00‬ملياء مرتاض نفوسي‪ :‬ديناميكية البحث يف العلوم االنسانية‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.8101 ،‬‬
‫‪ -08‬تومي اكلي‪ :‬مناهج البحث وتفسري النصوص يف القانون الوضعي والتشريع االسالمي‪،‬‬
‫بريت للنشر‪ ،‬اجلزائر‪.8102 ،‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪- 38 -‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫توظيف المنهج المقارن‬


‫في الدراســــــات القانــــــونية‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪h.benmechri@univ-biskra.dz‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫حيتاج الباحث يف سبيل التوصل إىل نتائج مفيدة فيما يقدمه من أعمال‬
‫علمية‪ ،‬إىل حسن اختيار وتوظيف املنهج‪ ،‬الذي يتناسب وطبيعة املوضوع املعا‪،‬ج‪،‬‬
‫وتتعدد املناهج املستخدمة يف الدراسات القانونية على غرار التعدد املنهجي‬
‫املوجود يف بقية العلوم االجتماعية‪ ،‬وقد حاولنا يف هذه الورقة تسليط الضوء‬
‫على املنهج املقارن‪ ،‬باعتباره أحد املناهج العقلية اليت ترتكز عليها عديد البحوث‬
‫القانونية‪ ،‬وهذا بالنظر إىل الغموض الذي يكتنفه عند الكثري من الباحثني‪،‬‬
‫حيث عادة ما يتم اخللط بني أساليب الدراسة املقارنة واملنهج املقارن‪ ،‬ويف أحيان‬
‫أخرى جند سوء توظيف للمنهج املقارن وسوء اختيار لعينات املقارنة‪.‬‬
‫بناء على ما سبق سوف حناول اإلجابة على تساؤل جوهري يف هذا اجلزء‬
‫من الدراسة مفاده‪ :‬كيف يتم توظيف املنهج املقارن يف البحوث القانونية؟‬
‫ويتفرع عن هذا السؤال جمموعة من األسئلة الفرعية‪ ،‬تدور يف موضوعها‬
‫حول نقاط ثالث هي‪:‬‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬ما املقصود باملنهج املقارن؟‬


‫‪ -‬ما الفرق بني املقارنة املنهجية وأساليب املقارنة؟‬
‫‪ -‬ما هي أهم مراحل املقارنة املنهجية؟‬
‫ولإلجابة على هذه التساؤالت وغريها‪ ،‬حاولنا تقسيم موضوعنا إىل‬
‫مبحثني‪ ،‬تناولنا يف املبحث األول ماهية املنهج املقارن وأساليبه‪ ،‬أما املبحث الثاين‬
‫فخصصناه ملتطلبات املقارنة املنهجية ومراحلها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية المنهج المقارن‬


‫تعترب املقارنة البسيطة أسلوب قدمي استخدمه اإلنسان لإلجابة عن‬
‫سؤال‪ ،‬يستهدف من خالهلا توضيح مسألة ما‪ ،‬ويستخدم للمقارنة بني األحجام‪،‬‬
‫االرتفاع‪ ،‬الطول وغريها من املسائل الكمية‪ ،‬حيث اكتسب االنسان الكثري من‬
‫املعارف عن طريق املقارنة البسيطة‪.‬‬
‫أما املقارنة كمنهج استخدمت وعلى نطاق واسع يف خمتلف العلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬حيث تطورت املقارنة البسيطة إىل منهج مستقل له ضوابطه‬
‫ومقوماته وأهدافه‪ ،‬بداية يف علم االجتماع‪ ،‬مث عمم هذا املنهج يف فروع أخرى‬
‫كثرية منها اجملال القانوين‪ ،‬وإلن توقف تطور املقارنة يف العديد من العلوم‬
‫االجتماعية عند حد املنهج‪ ،‬فإنه يف اجملال احلقوقي تطور ليصبح فرعا مستقال‬
‫يطلق عليه تسمية القانون املقارن‪ ،‬وأصبح الناظر إىل املقارنة يف الدراسات‬
‫القانونية ينظر إليها من زاويتني مها‪ :‬الفرع املستقل‪ ،‬واملنهج‪ ،‬وحىت بالنسبة‬
‫هلذا األخري – أي املنهج املقارن – البد أن نشري إىل أن هناك تفريع أساسي‬
‫حيكمه‪ ،‬حيث أن املقارنة فيه منقسمة بني أساليب املقارنة واملنهج الكامل‪ ،‬أو ما‬
‫يسمى باملقارنة املنهجية أو املوازنة املنهجية‪ ،‬من أجل كل هذه النقاط املفاهيمية‬
‫ارتأينا تقسيم هذا املبحث إىل مطلبني‪ ،‬نتناولنا فيهما‪ :‬ماهية املنهج املقارن‪،‬‬
‫بالتعرض إىل املفاهيم املتداخلة للقانون املقارن‪ ،‬واليت تدور بني العلم املستقل‬
‫واملنهج‪ ،‬لنقف يف املطلب الثاين على حتديد أهم أساليب املنهج املقارن‪.‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية القانون المقارن‬


‫كثريا ما تصادفنا الدراسات املقارنة‪ ،‬يف شىت فوع القانون‪ ،‬ونستطيع أن‬
‫نلمس أهنا دراسة مقارنة مبجرد نظرة خاطفة على العنوان‪ ،‬فنقرأ مثال‪" :‬نظام‬
‫اإلفالس يف القانون املقارن"‪ ،‬أو "اجلرائم األسرية دراسة مقارنة بني الشريعة‬
‫والقانون"‪ ،‬أو "سلطة رئيس الدولة يف األنظمة الدستورية املقارنة"‪" ،‬التحكيم‬
‫التجاري يف التشريع املقارن"‪ ،‬وهكذا‪ ،‬ورغم أن العبارات املستعملة كلها تدل على‬
‫املقارنة‪ ،‬إال أهنا يف احلقيقة خمتلفة من حيث بنياهنا ومنهجها ونتائجها‪ ،‬وعادة‬
‫ما يقع الباحث املقارن يف مغبة اخلطأ االصطالحي‪ ،‬ذلك أن عبارات‪" :‬القانون‬
‫املقارن"‪" ،‬التشريع املقارن"‪" ،‬الدراسة املقارنة"‪ ،‬عبارات خمتلفة يف دالالهتا على‬
‫الرغم من تقاطعها‪ ،‬ولعل هذا اخللط يرجع بشكل أساسي إىل االختالف يف‬
‫طبيعة القانون املقارن نفسها‪ ،‬حيث وقع جدل كبري بني الفقهاء حول هذه‬
‫الطبيعة بني رأي جيد أن القانون املقارن علم‪ ،‬ورأي آخر يرى أنه جمرد منهج‪،‬‬
‫ولكي نفهم بشكل واضح مفهوم املنهج املقارن‪ ،‬علينا بداية استعراض اإلشكاالت‬
‫املتعلقة بطبيعة القانون املقارن‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬طبيعة القانون المقارن‬
‫القانون املقارن اصطالح مترجم عن املصطلح الفرنسي "‪"Droit comparé‬‬
‫واالجنليزي "‪ ،"Comparative law‬هذا االصطالح الذي أسال الكثري من احلرب‪،‬‬
‫خصوصا فيما تعلق مبسألة التسمية بداية‪ ،‬مث الطبيعة‪ ،‬حيث أن تسمية القانون‬
‫املقارن هي تسمية مضللة‪ ،‬حيث ينصرف إىل الذهن أنه قانون كغريه من القوانني‬
‫الوضعية‪ ،‬كالقانون املدين أو التجاري‪ ،1‬األمر الذي دفع بالفقهاء إىل البحث عن‬
‫تسميات أخرى علها تبعدنا عن هذا الغموض االصطالحي‪ ،‬فقد ذهب الفقهاء‬
‫األملان إىل تسميته "مقارنة القوانني" ‪ ،Comparaison des lois‬واستعمل فقهاء‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عصام جناح‪ ،‬القانون املقارن واألنظمة القانونية الكربى‪ ،‬عنابة‪ :‬دار العلوم للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،8100 ،‬ص ‪.80‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫آخرون عبارة "الطريقة املقارنة" ‪ ،Méthode comparative‬بل أن البعض آثر‬


‫استبعاد كلمة قانون‪ ،‬فيفضل يف إجنلترا تسمية "االجتهاد املقارن"‬
‫‪ ،Jurisprudence comparative‬واختار الفقيه إدوارد المبري تسمية التشريع‬
‫املقارن ‪ ،La législation comparée‬والتشريع عند هذا األخري يقصد به النظام‬
‫القانوين‪ ،‬غري أن اصطالح "القانون املقارن" هو الذي هيمن يف األخري على كتابات‬
‫الفقهاء يف التسمية‪ ،‬ولعل هذا االختالف يف التسمية يرجع باألساس إىل‬
‫اختالف الفقهاء يف طبيعة القانون املقارن ووظيفته‪ ،1‬ففي حني ذهبت طائفة إىل‬
‫أن القانون املقارن يعترب علما قائما بذاته‪ ،‬ذهبت طائفة ثانية من الفقهاء إىل‬
‫أنه جمرد طريقة من طرق البحث القانوين‪ ،‬وسوف حناول من خالل النقاط‬
‫التالية استعراض هذه اآلراء وحجج كل فريق‪.‬‬
‫أوال – القانون المقارن علم مستقل‪:‬‬
‫يذهب كل من الفقيني رميوند سايل ‪ Raymond Saleilles‬وإيدوارد المبري‬
‫‪ Edouard Lambert‬إىل القول بأن القانون املقارن هو العلم الذي يبحث يف‬
‫القواعد املشتركة بني الشرائع والنظم املختلفة‪ ،2‬وقد ساد هذا املذهب منذ‬
‫املؤمتر األول للقانون املقارن سنة ‪ ،0011‬حيث كانت األفكار تتطلع إىل وضع‬
‫قانون عاملي‪ ،‬وبذلك اعترب القانون املقارن هو العلم الذي يكشف عن هذا القانون‬
‫العاملي‪ .‬ويعود أثل يف فكرة أن القانون املقارن علم إىل املدرسة التارخيية اليت‬
‫ترى بان القانون نسيب‪ ،‬وهو متحول بفعل ضغط القوى االجتماعية‪ ،‬من أجل‬
‫إرضاء تطلعاته خصوصا تلك االقتصادية‪ ،‬والقانون املقارن وجد كعلم يعىن‬

‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬القانون املقارن واملناهج القانونية الكربى املعاصرة‪ ،‬ط ‪ ،18‬جامعة‬
‫الكويت‪ ،0028 ،‬ص ص‪ .00 – 02 :‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬دروس يف القانون املقارن‪،‬‬
‫اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،0028 ،‬ص ص‪.13 – 14 :‬‬
‫‪ - 2‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .81‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪Bruno de Loynes de Fumichon, Introduction au droit compare, Collection Ex Professo,‬‬
‫‪Volume II (2013), P 69.‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫بتفسري التحوالت احلاصلة يف احلياة التشريعية‪ ،‬واستخراج القواعد اليت حتكم‬


‫حتوالت احلياة االجتماعية‪.1‬‬
‫وبدأ االختالف بني الفقيهني سايل وإدوارد المبري منذ البداية حول ماهية‬
‫القانون املقارن‪ ،‬حيث قسمه المبري إىل التاريخ املقارن؛ وهو العلم الذي يكشف ما‬
‫بني الظواهر القانونية من صالت وأسباب نشوئها وتطورها‪ ،‬سواء ما تعلق‬
‫باملقارنة بني الشرائع احلالية أو القدمية‪ .‬والقسم الثاين املتعلق بالتشريع‬
‫املقارن‪ ،‬وله هو اآلخر غاية علمية هي البحث يف الشرائع املقارنة عن األسس‬
‫املشتركة لتكملة القوانني الوطنية وتطويرها‪ ،‬وأطلق المبري على هذا الشق‬
‫تسمية القانون العام التشريعي‪ ،‬وهو هبذا املعىن األخري ال يشكل علما بل جمرد‬
‫فن‪.2‬‬
‫يف حني ذهب سايل إىل أن القانون املقارن علم قائم بذاته‪ ،‬ذلك أن القصد‬
‫من ورائه هو الوصول إىل استخالص قواعد قانونية جديدة ومشتركة لإلنسانية‬
‫املتحضرة‪.3‬‬
‫وقد انتقد هذا املذهب األول من حيث أنه مل يستطع أن يضع تعريفا‬
‫موحدا للقانون املقارن‪ ،‬يقبله مجيع املشتغلني يف جمال املقارنة حىت بعد مرور‬
‫نصف قرن من استعمال املصطلح‪ ،‬كما أن اخلالف حول طبيعة القانون املقارن‬
‫ووظيفته أدى إىل زيادة غموضه‪.4‬‬
‫ثانيا – القانون المقارن مجرد منهج‬
‫ذهب أنصار االجتاه الثاين إىل أن القانون املقارن جمرد منهج للبحث‪ ،‬فال‬
‫هو بالعلم وال هو بالفرع القانوين‪ ،‬وإمنا هو كما يقول الفقيه رونيه دافيد ‪René‬‬

‫‪ - 1‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.83 – 84‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Bruno de Loynes de Fumichon, Op cit, P 75.‬‬
‫‪ - 3‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .13‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪Bruno de Loynes de Fumichon, Op cit, P 82.‬‬
‫‪ - 4‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.003‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪David‬؛ جمرد طريقة للمقارنة يف جمال العلوم القانونية‪ ،‬كما يذهب الفقيه‬
‫قوتريج ‪ Gutterige‬إىل أنه الطريقة املقارنة يف تطبيقها على الدراسات‬
‫القانونية‪ ،‬وقد ساد هذا املذهب بعد احلرب العاملية الثانية‪.‬‬
‫ويقوم هذا االجتاه الثاين على أن القانون املقارن كمنهج للبحث‪ ،‬يهدف إىل‬
‫حتقيق ثالثة مسائل؛ بداية من أن الدراسة املقارنة حتدد موضوعا هلا مث تتعمق‬
‫فيه‪ ،‬وهذا األمر يتطلب معرفة بالقوانني املقارنة‪ ،‬حملية وأجنبية‪ ،‬مث إن هذه‬
‫الدراسة ال تتم إال مبقارنة قواعد القانون الوطين مبا يقابلها يف القانون‬
‫األجنيب‪ ،‬بل أن األمر أعمق من ذلك‪ ،‬إذ جند أن املقارنة تتم مع املنهج العام‬
‫للقانون األجنيب يف بنيته وهيكله ومصادره‪ ،‬كما أن الطريقة املقارنة تبعد‬
‫الباحث عن املسائل الفلسفية اجملردة‪ ،‬وتقربه أكثر من القوانني النافذة على‬
‫أرض الواقع‪.1‬‬
‫على الرغم من واقعية الطرح الثاين وعمليته‪ ،‬إال أنه حيمل تناقضا يف‬
‫طياته‪ ،‬ذلك أن أصحاب هذا املذهب‪ ،‬وعلى رأسهم الفقيه قوتريج يشترطون أن‬
‫تكون الدراسة يف إطار املنهج الكامل – الذي سنأيت على تفصيله يف املبحث‬
‫الثاين‪ ،-‬فتدرس النصوص القانونية وهي يف حالة حركية ال يف حالة ركود‪،‬‬
‫حيث جيب أن تدرس النصوص على ضوء غايتها االجتماعية – االقتصادية‪،‬‬
‫وهذا ما جيعل منتقدي هذا الطرح يتساءلون إذا مت حتديد هذه الغاية للدراسة‬
‫أال جيعل هذا األمر من القانون املقارن علما؟‬
‫وجند أنه حىت بالنسبة هلذا املذهب االنتقادي اجلديد مل يسلم هو اآلخر‬
‫من النقد بسبب الوقوع يف الغموض‪ ،‬حيث أهنم يرون بأن القانون املقارن ال ميكن‬
‫أن يفهم أو أن حيدد بالغاية اليت يهدف إىل حتقيقها‪ ،‬سواء كانت التعرف على‬
‫القانون األجنيب‪ ،‬أو حل مشكلة قانونية‪ ،‬أو حتديد اإلطار القانوين التفاقية‬

‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ .003 – 003‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.83‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫دولية‪ ،‬أو توحيد القانون‪ ،...‬وعلى ذلك يرى أصحاب هذا الرأي بأن القانون‬
‫املقارن تتعدد مفاهيمه ووظائفه بتعدد الغايات من ورائه‪.1‬‬
‫والرأي الراجح اليوم بأن القانون املقارن يأخذ مسة العلم أكثر من مسة‬
‫املنهج‪ ،‬خصوصا بعدما حتددت موضوعاته‪ ،‬سواء ما تعلق بتطور األنظمة‬
‫القانونية واستخالص العناصر األساسية اليت تقسم على ضوئها العائالت‬
‫القانونية الكربى‪ ،‬حيث تتميز كل واحدة منها مبنهجها وجغرافيتها القانونية‬
‫‪ ،Géographie juridique‬فأصبح بذلك حتديد انتماء قانون ما إىل جمموعة دون‬
‫أخرى حيتكم إىل علم القانون املقارن‪ ،‬فهذا هو جمال عمل هذا األخري‪ ،‬وحىت‬
‫وإن ظهر القانون املقارن كوسيلة للمقارنة بني قاعدتني قانونيتني يف قانونني‬
‫خمتلفني‪ ،‬فإن هذه املقارنة سوف تؤدي ال حمال إىل حتصيل معلومات جديدة‪،‬‬
‫جتعل من القانون املقارن علما كذلك حىت يف هذه احلالة‪.2‬‬
‫ويف تقديرنا املتواضع حول هذا السجال خبصوص طبيعة القانون املقارن‪،‬‬
‫فإنه جيب أن ننتبه إىل أنه حىت وإن أخذا بالرأي الراجح – على رجاحة‬
‫أدلته‪ -‬إال أن اعتبار القانون املقارن علما فهذا ال ينفي خاصية املنهج كذلك‪،‬‬
‫حيث أن املوازنة أو املقارنة وإن استعان فيها الباحث بالتحليل أو الوصف أو‬
‫التأصيل التأرخيي‪ ،‬فإهنا تظل كمنهج مستقل عن بقية املناهج العقلية األخرى‪،‬‬
‫حىت أن علم االجتماع الفرنسي إمييل دوركامي يصف املنهج املقارن بأنه "منهج‬
‫التجريب غري املباشر" أو املنهج شبه التجرييب‪ ،3‬وهذا يعين أن املنهج املقارن‬

‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .003‬أنظر الوظيفية يف القانون املقارن يف‪:‬‬
‫‪Bruno de Loynes de Fumichon, Op cit, PP 81 – 86.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .13‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.003‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬األصول املنهجية إلعداد البحوث العلمية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر‬
‫العريب‪ ،8113 ،‬ص ‪ .38‬عاطف عليب‪ ،‬املنهج املقارن مع دراسات تطبيقية‪ ،‬بريوت‪ :‬املؤسسة‬
‫اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،8113 ،‬ص ‪.043‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫جيمع بني خصائص املناهج العقلية التجريدية‪ ،‬وخاصية املناهج التجريبية‪،‬‬


‫حيث أننا ال نستطيع من الناحية العملية أن نطبق النظريات وبعدها القواعد‬
‫القانونية على األفراد‪ ،‬لنرى مدة جناعتها‪ ،‬مث نعيد التجربة ‪-‬كما هو احلال يف‬
‫علوم املادة‪ -‬حىت نتوصل إىل ضبط القواعد املالئمة للسلوك اإلنساين‪ ،‬ومن مث‬
‫فإن الباحث يف العلوم االجتماعية على العموم‪ ،‬والعلوم القانونية على وجه‬
‫اخلصوص‪ ،‬يستطيع االستفادة من النظريات االجتماعية والنظم القانونية‬
‫الناجحة اليت طبقت يف جمتمعات وبالد أجنبية‪ ،‬مع مراعاة خصوصية بيئته‪،‬‬
‫وهذا ما حيققه القانون املقارن من جتريب غري مباشر‪ ،‬وهو بذلك يستعمل كمنهج‬
‫للمالحظة ونقل اخلربات مع ضبط املتغريات املتدخلة يف العملية‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫يذهب البعض املقارنة واملوازنة من العلوم اإلنسانية مبثابة املالحظة والتجربة‬
‫من العلوم الطبيعية‪.1‬‬
‫بعدما انتهينا من توضيح بعض اللبس واخلالف حول مفاهيم القانون‬
‫املقارن مع املنهج املقارن‪ ،‬سوف حناول يف الفرع املوايل التطرق إىل تعريف املنهج‬
‫املقارن‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف المنهج المقارن‬
‫للمنهج املقارن تعريفات متعددة‪ ،2‬اشتقت يف أغلبها من علم االجتماع‪ ،‬الذي‬
‫يعترب بيئة أساسية لتطور هذا املنهج‪ ،‬نذكر منها ما ذهب إليه الفيلسوف‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد اهلادي الفضلي‪ ،‬أصول البحث‪ ،‬قم (إيران)‪ :‬مؤسسة دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬دون سنة‬
‫نشر‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ - 2‬من الناحية اللغوية‪ ،‬املقارنة كلمة مشتقة من األصل "قرن"‪ ،‬وهلا معاين متعددة يف اللسان‬
‫العريب‪ ،‬وأقرب معانيها إىل موضوع دراستنا ما جاء يف املعاين التالية‪ :‬أقرن فالن أي مجع بني‬
‫شيئني أو عملني‪ ،‬قارنه مقارنة وقرانا؛ صاحبه واقترن به‪ ،‬بني القوم سوى بينهم‪ ،‬وبني‬
‫الزوجني مجع بينهما‪ ،‬والشيء بالشيء وازنه به فهو مقارن‪ ،‬ويقال األدب املقارن أو التشريع‬
‫املقارن‪ .‬إبراهيم أنيس وآخرون‪ ،‬املعجم الوسيط‪ ،‬ج ‪ ،18‬ط ‪ ،18‬طهران‪ :‬انتشارات ناصر‪ ،‬د س‬
‫ن‪ ،‬ص ‪ .341‬وأنظر املعاين املتعددة لـ "قرن" يف‪ :‬أبو الفضل مجال الدين حممد بن مكرم=‬

‫‪- 31 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫"ستيوارت ميل"‪ ،‬من أن املنهج املقارن هو دراسة ظواهر متشاهبة أو متناظرة يف‬
‫جمتمعات خمتلفة‪ ،‬واملقارنة هي التحليل املنظم لالختالفات يف موضوع أو أكثر‬
‫عرب جمتمعني أو أكثر‪ ،‬وليس ببعيد عن هذا املعىن جند أن هناك من عرف املنهج‬
‫املقارن بأنه‪" :‬تلك اخلطوات اليت يتبعها الباحث يف مقارنته للظواهر حمل‬
‫البحث والدراسة‪ ،‬بقصد معرفة العناصر اليت تتحكم يف أوجه التشابه‬
‫واالختالف يف تلك الظواهر"‪.1‬‬
‫كما عرفت الطريقة املقارنة بأهنا‪" :‬مالحظة موضوع ما وتقدير موضعه‬
‫بالقياس إىل موضوع آخر‪ ...‬بقصد الوصول إىل رأي حمدد يتعلق بوضع‬
‫الظاهرة يف اجملتمع‪ ،‬واحلكم هنا مرتبط باستخالص عناصر التشابه أو التباين‬
‫بني عناصر الظاهرة لتحديد أسس التباين وعوامل التشابه"‪.2‬‬
‫وقياسا على ما سبق فقد جاءت بعض احملاوالت يف تعريف املنهج املقارن يف‬
‫اجملال القانوين على أنه ذلك املنهج الذي يتناول الظواهر والوقائع االجتماعية‬

‫=(ابن منظور)‪ ،‬لسان العرب‪ :‬هتذيب لسان العرب‪ ،‬ج ‪ ،18‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،0004 ،‬‬
‫ص ص ‪ .430 – 433‬إمساعيل بن عباد‪ ،‬احمليط يف اللغة‪ ،‬ج ‪ ،13‬بريوت‪ :‬عامل الكتاب‪ ،‬ص ص‬
‫‪408 - 423‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ :‬حممد شليب‪ ،‬املنهجية يف التحليل السياسي‪ :‬املفاهيم‪ ،‬املناهج‪ ،‬االقترابات‪،‬‬
‫واألدوات‪ ،‬اجلزائر‪ :‬دار هومه‪ ،8113 ،‬ص ص‪ .30 – 31 :‬قريب من هذا املعىن‪ :‬عاطف‬
‫عليب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ .044 -048‬حسينة شرون‪ ،‬دليل إجناز حبث خترج يف احلقوق‪،‬‬
‫مطبوعات خمرب أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،8103 ،‬ص ‪.38‬‬
‫عبد اجلواد بكر‪ ،‬منهج البحث املقارن‪ :‬حبوث ودراسات‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار الوفاء لدنيا الطباعة‬
‫والنشر‪ ،8114 ،‬ص ‪ .81‬مدين أمحيدوش‪ ،‬الوجيز يف منهجية البحث القانوين‪ ،‬ط ‪ ،4‬املغرب‪،‬‬
‫‪ ،8103‬ص ‪ .33‬رميا ماجد‪ ،‬منهجية البحث العلمي‪ ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة فريدريش إيربت‪،8103 ،‬‬
‫ص ‪.83‬‬
‫‪ - 2‬حممد صفوح األخرص‪" ،‬املسائل املنهجية يف البحوث االجتماعية املقارنة"‪ ،‬اجمللة العربية‬
‫للدراسات األمنية‪ ،‬الرياض‪ :‬املركز العريب للدراسات األمنية والتدريب‪ ،‬جملد ‪ ،13‬العدد ‪،10‬‬
‫‪ 0301‬هـ‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واالقتصادية‪ ،‬والقواعد القانونية اليت حتكمها‪ ،‬هبدف الكشف عما يوجد بني‬
‫تلك الظواهر والوقائع من صالت‪ ،‬وعن أسباب نشوئها وتطورها‪ ،‬ونفس األمر‬
‫ينطبق على القواعد اليت حتكم هذه الظواهر والوقائع‪.1‬‬
‫كما عرف املنهج املقارن كذلك بأنه‪" :‬املنهج الذي يعتمده الباحث للقيام‬
‫باملقارنة بني قانونه الوطين وقانون أو عدة قوانني اجنبية أو أي نظام قانوين‬
‫آخر‪ ،‬كالشريعة اإلسالمية‪ ،‬وذلك لبيان أوجه االختالف واالتفاق بينهما فيما‬
‫يتعلق باملسائل القانونية حمل البحث‪ ،‬هبدف التوصل إىل أفضل حل هلذه‬
‫املسألة"‪.2‬‬
‫وتستفيد الدراسات القانونية بشكل مكثف من املقارنة‪ ،‬حيث تساعد يف‬
‫وضع قواعد وملخصات هامة‪ ،‬سواء من خالل مقارنة املؤسسات والوقائع‬
‫واألنساق والنظم القانونية يف جمتمع حمدد أو يف جمتمعات خمتلفة‪ ،3‬والقانون‬
‫املقارن على الرغم اجلدل القائم حوله‪ ،4‬إال أن هذه النقاشات حول القانون‬
‫املقارن أهلمت حىت من يعارضها من رجال القانون‪ ،‬فاحملامون مقارنون بتلقائية‬
‫عندما جيرون املقارنات بني احكام احملاكم ويبحثون فيها أن أوجه التشابه‬
‫واالختالف‪ ،‬واملقارنة بني األحكام والنصوص واالجتهادات السابقة‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫يشكل القانون املقارن ما هو إمتداد للطبيعة البشرية‪.5‬‬

‫‪ - 1‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬براء منذر كمال عبد اللطيف‪ ،‬أصول البحث القانوين‪ :‬التقليدي وااللكتروين‪ ،‬جامعة‬
‫املوصل‪ :‬دار ابن األثري للطباعة‪ ،8100 ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬لؤي عبد الفتاح وزين العابدين محزاوي‪ ،‬الوجيز يف مناهج البحث وتقنياته‪ ،‬وجدة‪:‬‬
‫جامعة حممد األول‪ ،8108 ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- H. Patrick GLENN, Quel droit comparé?, R.D.U.S, 43, 2013, P26.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬صاحل طليس‪ ،‬املنهجية يف دراسة القانون‪ ،‬بريوت‪ :‬منشورات زين احلقوقية‪ ،8101 ،‬ص‬
‫‪.30‬‬

‫‪- 38 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أساليب المنهج المقارن‬


‫للدراسة املقارنة جمموعة من األساليب أو الطرق اليت ميكننا أن نتبعها يف‬
‫سبيل إجناز حبث أو دراسة معينة‪ ،‬ويتمتع كل أسلوب من هذه األساليب‬
‫خبصائص متيزه عن غريه من األساليب‪ ،‬حيث جتعله هذه اخلصائص مناسبا يف‬
‫موضوعات معينة وغري مناسب يف أخرى‪ ،‬وميكننا أن نعدد طرائق املقارنة اليت‬
‫اتبعها الباحثون خالل تكوين القانون املقارن إىل أربعة طرق هي‪ :‬املقابلة‪،‬‬
‫املقاربة‪ ،‬املضاهاة‪ ،‬املوازنة املنهجية‪ ،‬فهي تدور بني األساليب املقارنة واملنهج‬
‫الكامل‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬طريقة المقابلة‬
‫ويطلق عليها تسمية املقارنة باجملانبة ‪ ، Juxtaposition‬ومفادها أن يضع‬
‫الباحث األحكام اليت تعا‪،‬ج موضوعا واحدا يف قوانني خمتلفة جنبا إىل جنب‪،‬‬
‫فيقابل بعضها بعضا ليتمكن الباحث من معرفة مواضع التشابه واالختالف بني‬
‫هاته النصوص‪ ،‬وهذه الطريقة كانت متبعة يف هناية القرن التاسع عشر وما‬
‫قبله‪ ،‬فكان الباحث إذا أراد أن يدرس موضوعا معينا يف عدة قوانني‪ ،‬فإنه يأخذ‬
‫منها األحكام اليت تتعلق هبذا املوضوع ويضعها إىل جانب بعضها البعض ليتعرف‬
‫على ما بينها وبني قانونه الوطين من اتفاق واختالف‪ ،1‬فلو أراد أن يدرس موضوع‬
‫مصادر قانون العقوبات مثال‪ ،‬ما عليه إىل أن يأخذ املادة األوىل من قانون‬
‫العقوبات يف كل من القانون اجلزائري والفرنسي واملصري‪.‬‬
‫واملالحظ أن هذه الطريقة ال تعترب دراسة مقارنة باملعىن احلريف‪ ،‬فهي‬
‫عبارة عن جتميع ملواد من قوانني خمتلفة‪ ،‬وهي إن دلت على شيء فإمنا تدل على‬
‫معرفة الباحث بتلك القوانني‪ ،2‬كما أهنا مفيدة من حيث اعتماد الباحث يف‬

‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .03‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ - 2‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تدليل على بعض األفكار املوجودة يف القوانني األجنبية‪ ،‬وأهنا مرحلة أولية يف‬
‫أساليب املقارنة األخرى‪.‬‬
‫وتنطبق هذه الطريقة مع النوع األول من أنواع القانون املقارن‪ ،1‬وهو‬
‫القانون املقارن الوصفي‪ ،‬حيث ينصرف معىن هذا األخري إىل عرض قانونني أو‬
‫أكثر‪ ،‬وإظهار ما بينهما من تشابه واختالف‪ ،‬دون أن يكون هلذا البحث التجميعي‬
‫قصد علمي‪ ،‬كحل مشكلة أو تكوين نظرية ما‪ .2‬واألمثلة اليت ميكن أن نضرهبا يف‬
‫وقتنا الراهن على هذا النوع من املقارنة كثرية‪ ،‬لعل أبرزها خمتلف التقارير‬
‫السنوية الصادرة عن منظمات حكومية أو غري حكومية‪ ،‬تستعرض من خالهلا‬
‫وضعية أو مركز قانوين ما يف دول العامل كلها أو يف بعضها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬طريقة المقاربة‬
‫مسيت هذه الطريقة باملقاربة ‪ Rapprochement‬تعويال على عنصر القرب‬
‫أو التشابه الكبري بني القوانني حمل املقارنة‪ ،‬ومفادها أن يدرس الباحث وجوه‬
‫التقارب بني القوانني القابلة للمقارنة‪ ،‬وهي القوانني املتشاهبة يف البنية ويف‬
‫اخلصائص كالقوانني الرومانية اجلرمانية بالنظر إىل أهنا مستمدة من مصادر‬
‫قانونية مشتركة ختضع ملنهج قانوين موحد‪ ،‬جيعلها قابلة للمقارنة فيما بينها‪،‬‬

‫‪ - 1‬يقسم القانون املقارن إىل ثالثة أنواع؛ قانون مقارن وصفي‪ ،‬قانون مقارن تطبيقي‪ ،‬وقانون‬
‫مقارن نظري‪ .‬والقانون املقارن الوصفي هو ذلك الفرع من القانون املقارن الذي يهدف إىل‬
‫جتميع معلومات عن القوانني املختلفة‪ ،‬وإذا ما استعملت هذه املعلومات لغاية معينة أو بقصد‬
‫حتقيق هدف معني ننتقل يف هذه احلالة إىل النوع الثاين أال وهو القانون املقارن التطبيقي‪،‬‬
‫ذلك أننا سوف نستعمل هذه املعلومات من أجل وضع نظرية أو إصالح قاعدة قانونية ما‪ ،‬أما‬
‫القانون املقارن اجملرد أو النظري‪ ،‬فيقصد به دراسة القوانني املقارنة جملرد االستفاضة يف‬
‫املعلومات البحثية‪ .‬أنظر حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ .10 – 12 :‬أنظر‬
‫تقسيمات أخرى للقانون املقارن يف‪:‬‬
‫‪Barrué-Belou, Méthode et enjeux de la démarche comparative: la question de la‬‬
‫‪comparabilité, P 04, sur le cite internet :‬‬
‫‪http://www.droitconstitutionnel.org/congresNancy/comN4/barrueBelouTD4.pdf.‬‬
‫‪ - 2‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.12 – 13 :‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫فهذا الطريقة إذن تصلح أثناء املقارنة بني قانونني بينهما أوجه تشابه كثرية‬
‫وفروق قليلة‪ ،‬كقوانني الدول اليت تنتمي إىل جمموعات قانونية أو عائلة‬
‫واحدة‪ ،1‬كقوانني الدول اليت تنتمي إىل العائلة الرومانية اجلرمانية أو عائلة‬
‫الكومون لو‪ ،‬أو عائلة الدول االشتراكية‪.‬‬
‫اتبعت هذه الطريقة يف توحيد القوانني الداخلية املختلفة ويف الدول‬
‫اإلحتادية كالواليات املتحدة األمريكية وسويسرا واملكسيك‪ ،‬واالحتاد السوفيايت‬
‫ويوغسالفيا وأملانيا االحتادية سابقا‪ ،‬حيث يوجد يف هذه الدول القوانني‬
‫االحتادية إىل جانب قوانني خاصة بكل دولة من الدول اليت يتألف منها‬
‫االحتاد‪ ،‬كما تتبع هذه الطريقة يف بعض الدول املتحدة كإسبانيا حيث يوجد‬
‫فيها إىل جانب القانون املدين الصادر سنة ‪ 0220‬قوانني حملية خاصة ببعض‬
‫املناطق‪ ،‬ويف الدراسات اإلسالمية جند ما يشبه ذلك فقد سعى بعض الفقهاء إىل‬
‫املقارنة بني أحكام املذاهب اإلسالمية املختلفة وبيان ما بينها من فروق‪ ،‬وتشكل‬
‫على إثر ذلك علما يسمى بعلم اخلالف لعل أهم ما كتب فيه هو كتاب الفروق‬
‫للقرايف‪ ،2‬وفقه السنة للسيد السابق‪ ،‬والفقه على املذاهب األربعة لعبد الرمحان‬
‫اجلزيري‪ ،3‬فهذه الكتب وغريها مجعت بني خمتلف املذاهب الفقهية يف مدونة‬
‫واحدة وحاولت بيان اآلراء الراجحة واملرجوحة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬طريقة المضاهاة ‪Confrontation‬‬
‫وتسمى كذلك بطريقة املعارضة ‪ ،Opposition‬وتقوم هذه الطريقة على‬
‫على العكس من الطريقة السابقة على بيان أوجه االختالف بني منهجني‬
‫متمايزين بالبنية االقتصادية مثال كاملنهج الروماين اجلرماين واملنهج األجنلو‬
‫أمريكي من جهة واملنهج االشتراكي من جهة أخرى‪ ،‬وقد نودي هبذه الطريقة يف‬

‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬


‫‪ - 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ 02‬هامش ‪.14‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سيد سابق‪ ،‬فقـه السـنة‪ ،‬ط ‪ ،18‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪ .0002 ،‬عبد الرمحان اجلزيري‪،‬‬
‫الفقه على املذاهب األربعة‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار ابن اهليثم‪ ،‬دون سنة نشر‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أعقاب احلرب العاملية الثانية‪ .1‬فهذه الطريقة تستعمل عند املقارنة بني قانونني‬
‫خمتلفني من حيث منهجهما وتكون بينهما الكثري من الفروقات‪ ،‬ويبدو أهنا ال‬
‫تصلح عند املقارنة بني عدد كبري من املواد‪ ،‬فهي تستعمل عند املقارنة بني نصوص‬
‫قليلة تتضمن مواضيع حمددة‪ ،‬كاملقارنة اليت جترى مثال يف موضوع امللكية أو‬
‫العقود بني قوانني دولتني إحدامها اشتراكية واألخرى رأمسالية‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬طريقة الموازنة المنهجية ‪Comparison méthodique‬‬
‫ويصطلح عليها كذلك "املقارنة املنهجية"‪ ،‬وهذه املوازنة هي الطريقة اليت‬
‫تنتهي باملقارنة إىل نتيجة إجيابية‪ ،‬فالطرق السابقة تقوم على تقرير ما هو‬
‫كائن فعال من تشابه أو تباين بني عدة قوانني‪ ،‬أما طريقة املوازنة فإهنا ختضع‬
‫ملنهج يساعد على استخالص نتائج نتعرف هبا إىل القانون املثايل بعد دراسة‬
‫أسباب التوافق واالختالف‪ ،‬يف ظل العوامل املؤثرة يف تكوين كل قانون‪.2‬‬
‫بعد استعراضنا خمتلف طرق املقارنة املعتمدة يف البحوث القانونية‪ ،‬نشري‬
‫إىل أن كال من طريقة املقاربة أو املضاهاة‪ ،‬وكذلك املوازنة املنهجية هي طرق‬
‫خترج من دائرة القانون املقارن الوصفي والنظري‪ ،‬لتشكل الطرق األساسية يف‬
‫القانون املقارن التطبيقي‪ ،‬حيث تصل بالبحث إىل نتائج عملية وعلمية من شأهنا‬
‫أن تؤسس لنظرية أو قاعدة جديدة‪ ،‬ولعل أهم طريقة من طرق املنهج املقارن هي‬
‫طريقة املوازنة أو املقارنة املنهجية‪ ،‬وعلى ذلك سوف ينصب التركيز عليها يف‬
‫املبحث الثاين من هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .00‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ - 2‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬متطلبات المقارنة المنهجية ومراحلها‬


‫خلصنا يف املبحث السابق إىل أن املنهج املقارن يف الدراسات القانونية‪ ،‬هو‬
‫منهج عقلي‪ 1‬يركز على مسأليت التشابه واالختالف بني النصوص واألنظمة‬
‫القانونية‪ ،‬من أجل استخالص نظرية أو قاعدة أفضل لتحكم مسألة من مسائل‬
‫اليت ينظمها القانون‪ ،‬كما وقفنا على أن املقارنة املنهجية تعرب حبق على مفهوم‬
‫املنهج املقارن الكامل‪ ،‬على خالف بقية الطرق اليت ال حتقق إال نتائج جزئية‬
‫متهيدية يف أغلبها الستعمال املقارنة املنهجية‪ ،‬وعلى ذلك سوف حناول التعرف‬
‫بشكل معمق يف ماهية املوازنة املنهجية‪ ،‬بداية من الوقوف على العدة اليت ينبغي‬
‫على الباحث التزود هبا قبل خوض غمار هذا املنهج‪ ،‬وانتهاء نصل إىل خمتلف‬
‫املراحل اليت جيب أن مير هبا الباحث عند استعمال هذا املنهج‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬متطلبات المقارنة المنهجية‬
‫لكي يستطيع الباحث القانوين حتقيق االستفادة القصوى من الدراسات‬
‫املقارنة‪ ،‬باستعمال املنهج املقارن‪ ،‬يشترط فيه توفر جمموعة من املعارف املسبقة‪،‬‬
‫وهي ما يعرب عنه مبقومات املقارنة املنهجية‪ ،‬ولعل أهم هذه املقومات مسألة‬
‫اإلحاطة العلمية بالقانون األجنيب‪ ،‬والعوامل املؤثرة يف تكوين هذا األخري‪،‬‬
‫وهذا ما سوف حناول تفصيله يف الفرعني املواليني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العلم الباحث المقارن بالقانون األجنبي‬
‫إن أغلب الدراسات املقارنة يف الوقت الراهن هي دراسات مقارنة أفقية‪،2‬‬
‫حيث يقارن الباحث يف العادة بني قانون بلده وقانون دولة أجنبية‪ ،‬وإلن كانت‬

‫‪ - 1‬عاطف عليب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.044‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬تقسم املقارنة املنهجية إىل مقارنة أفقية ‪ ،Comparison Horizontal‬ومقارنة عمودية‬
‫‪ Comparison vertical‬أو رأسية‪ ،‬ويطلق على هذا التقسيم كذلك تسمية املقارنة العرضية‬
‫والطولية‪ ،‬واملقارنات األفقية (العرضية) هي تلك املقارنات اليت تتم بني قوانني متحدة يف‬
‫الزمان خمتلفة يف املكان‪ ،‬أي أهنا املقارنة اليت تتم بني قوانني سارية املفعول لكن يف بلدان‬
‫خم تلفة‪ ،‬فهي مقارنة بني القوانني املتباعدة يف املكان‪ ،‬كاملقارنة بني القانون اجلزائري=‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الدراسات العمودية أو الرأسية ال تثري الكثري من اإلشكاالت العملية على اعتبار‬


‫أهنا دراسات تقع بني قوانني حملية يف العادة‪ ،‬فإننا جند يف املقابل بأن الدراسات‬
‫املقارنة األفقية تثري مشكلة أساسية تدور حول معرفة القانون األجنيب‪ ،‬حبيث‬
‫ختتلف منطلقات هذا األخري وكذا مصادره وفلسفته وغاياته باالنتقال من دولة‬
‫إىل أخرى‪ .‬واملقارنة املنهجية ال حتقق غايتها إال مبعرفة القانون األجنيب‬
‫معرفة موضوعية كاملة‪ ،‬وهذه املعرفة تعترب شرطا مسبقا وأساسيا‪ 1‬لعقد املقارنة‬
‫املنهجية‪.‬‬
‫وال تقتصر هذه املعرفة على اجلانب النظري للقانون األجنيب‪ ،‬بل جيب أن‬
‫متتد إىل اإلطار العملي واإلحاطة بتطبيقاته‪ ،‬حيث أن التطبيق واملمارسة‬
‫يشرحان أكثر املقاصد التشريعية ألي قانون‪ ،‬واملالحظ على الكثري من الدراسات‬

‫=والفرنسي واملصري‪ .‬أما املقارنة الرأسية أو العمودية (الطولية) فهي تلك املقارنات اليت تتم‬
‫بني قوانني متحدة يف املكان خمتلفة يف الزمان‪ ،‬كاملقارنات اليت تتم بني قوانني قدمية وجديدة‬
‫داخل الدولة الواحدة‪ ،‬أي أن املقارنة تكون بني قوانني متباعدة يف الزمان‪ ،‬كاملقارنة بني قانون‬
‫قدمي وقانون الحق جديد‪ ،‬أو قانون ملغى وقانون ساري املفعول‪ ،‬وهذه الدراسات املقارنة‬
‫احمللية‪ ،‬تكون ذات فائدة مىت كانت معمقة للدرجة اليت تبني فيها الصلة بني القوانني حمل‬
‫املقارنة وربطها بتطور القانون لبيان التغري احلاصل يف احلياة االجتماعية أو االقتصادية أو‬
‫السياسية‪ ،‬أو لبيان التشابه واالختالف بني هذه القوانني لتفسري نشأة املراكز أو املبادئ‬
‫‪Mc Nair‬‬ ‫القانونية‪ ،‬كاملقارنة اليت أجراها الفقيهان االجنليزيان بوكالند ‪ ،Bukland‬وماك نري‬
‫بني القانون اإلجنليزي والقانون الروماين‪ .‬أنظر أكثر تفصيال يف التمييز بني املقارنة املنهجية‬
‫األفقية والعمودية يف‪ :‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ .33 – 34 :‬براء منذر‬
‫كمال عبد اللطيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .80‬وهنا تقسيمات أخرى للمقارنة نذكر منها‪ :‬املقارنة‬
‫الكيفية واملقارنة الكمية‪ ،‬املقارنة اخلارجية واملقارنة الداخلية‪ .‬أنظر تفصيل ذلك يف‪ :‬حممد‬
‫صفوح األخرص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 31‬وما بعدها‪ .‬وهناك تفسري آخر ملاهية املقارنة األفقية‬
‫والعمودية‪ .‬أنظر يف هذا الصدد‪ :‬رميا ماجد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ .82 – 83 :‬صاحل طليس‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،010‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫القانونية املقارنة أهنا تتوقف عند حدود ما جاء يف النصوص القانونية‪ ،‬دون‬
‫الرجوع إىل مسودات القوانني‪ ،‬ومشاريعها‪ ،‬واملذكرات التفسريية‪ ،‬والتطبيقات‬
‫العملية‪ ،‬واألحكلم القضائية‪ .‬وهذا األمر بال شك فيه تقصري كبري يف فهم‬
‫القانون األجنيب‪ ،‬فإذا كانت دراسة القانون احمللي تستدعي الرجوع إىل هذه‬
‫املسائل وغريها‪ ،‬فمن باب أوىل الرجوع إليها يف فهم القانون األجنيب‪.‬‬
‫يضاف إىل ما سبق‪ ،‬أن الدراسات املقارنة اليت تعقد خبصوص قوانني‬
‫متحدة أو خمتلفة مع لغة الباحث‪ ،‬تزداد فيها صعوبة الدراسة املقارنة‬
‫بالضرورة‪ ،‬إذا ما اختلفت هبا اللغة اليت كتب هبا القانون األجنيب‪ ،‬وحىت على‬
‫مستوى املقارنة بني القوانني املتحدة يف اللغة‪ ،‬كاملقارنة بني القانون اجلزائري‪،‬‬
‫املغريب‪ ،‬التونسي‪ ،‬املصري وغريها‪ ،‬جيب أن ينتبه الباحث إىل معاين املفردات‬
‫فيها‪ ،‬فقد تتمايز الدالالت االصطالحية عند التنقل من قانون إىل آخر حىت‬
‫وإن كتبا بلسان واحد‪ .1‬فيجب ان حياول الباحث توظيف املصطلح الواضح‬
‫واملتعارف عليه مبدلول واحد‪ .2‬كما جيب جتنب املزيف من املسميات‪ ،‬فنجد مثال‬
‫الكثري من الدول تطلق على نفسها دميقراطية‪ 3‬غري أن احلقيقة غري ذلك‪.‬‬
‫أما إذا كانت الدراسة املقارنة بني قوانني خمتلفة يف لساهنا‪ ،‬فتزداد‬
‫صعوبة املقابلة االصطالحية‪ ،‬فقد يصادف أن جيد الباحث مصطلحات ليس هلا‬
‫مرادف يف قانونه أو العكس‪ ،‬وهناك مصطلحات يصعب ترمجتها من لغتها‬
‫األصلية‪ ،‬فمن املصطلحات من ينقل كما هو‪ ،‬ومنها من حيوره الباحث وفقا‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ففي اجلزائر مثال‪ ،‬وقبل تعديل قانون العقوبات ‪ ،10 – 03‬كان يشار إىل جرمية‬
‫االغتصاب مبصطلح "هتك العرض" يف املادة ‪ ،443‬يف حني يستعمل يف أغلب التشريعات‬
‫العربية مصطلح "االغتصاب"‪ .‬وأنظر كذلك مدلوالت "الزواج العريف" يف اجلزائر‪ ،‬فنجد أن‬
‫املعىن ينصرف إىل الزواج الشرعي غري املوثق‪ ،‬يف حني أنه يف مصر مثال يشري إىل الزواج‬
‫السري‪.‬‬
‫‪ - 2‬حممد صفوح األخرص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.32 – 33 :‬‬
‫‪ - 3‬حممد شليب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ملصطلحات قانونه أو لغته‪ ،‬وهذا األمر ال جيدي نفعا يف الكثري من األحيان‪،‬‬


‫ونعطي مثال عن الترمجات احلرفية اخلاطئة‪ ،‬عما أقدم عليه أحد الباحثني‬
‫اإلجنليز عند ترمجة كلمة "‪ "Bâtiment‬الواردة يف املادة ‪ 0423‬من القانون‬
‫املدين الفرنسي بكلمة "‪ "Warship‬واليت تعين السفينة احلربية‪ ،‬غري أن‬
‫كلمة"‪ "Bâtiment‬وإن كان من بني دالالهتا السفينة‪ ،‬فإهنا يف نص املادة املذكورة‬
‫أعاله جاءت مبعىن البناء‪.1‬‬
‫ومن األمثلة عن الترمجات املتطابقة يف االصطالح املختلة يف املعىن‪ ،‬جند‬
‫مثال ترمجة عبارة "‪ "Commun law‬اليت نقلت إىل الفرنسية "‪،"Droit commun‬‬
‫وإىل العربية‪ :‬القانون املشترك أو القانون العام‪ ،‬فهذه التعابري وإن تطابقت من‬
‫حيث الترمجة اللغوية إال أهنا خمتلفة من حيث املعىن‪.2‬‬
‫ونشري يف هذا املقام إىل أنه على الرغم مما توفره التكنولوجيا من انتشار‬
‫للغات‪ ،‬وتسهيل مفرداهتا وتوحيدها‪ ،‬حيث ميكننا اآلن أن نترجم ما نشاء من‬
‫نصوص وقوانني بلغات خمتلفة‪ ،‬عن طريق برامج الترمجة الفورية على غرار‬
‫‪ ،...google traduction‬إال أن هذه التقنيات التكنولوجية ال تعدو أن تكون‬
‫جمرد وسيلة مساعدة‪ ،3‬حيث أن املصطلح القانوين متفرد يف دالالته‪ ،‬والكلمة‬
‫الواحدة قد تكون هلا عدة معاين‪ ،‬فينبغي على الباحث التحري عن الترمجة‬
‫واملصطلح األصح‪ ،‬وينأى عن الترمجات احلرفية‪ ،‬اليت يف الكثري من األحيان‬
‫خترج النصوص عن سياقها التشريعي أو التنظيمي‪.‬‬
‫إضافة إىل ما سبق‪ ،‬جيب أن يتجنب الباحث أخذ النصوص القانونية من‬
‫املراجع الفقهية‪ ،‬بل يقع عليه عبء الرجوع إىل النص األصلي‪ ،‬خاصة وأن األمر‬

‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .010‬أنظر أكثر تفصيال مشاكل اللغة يف القانون‬
‫املقارن يف‪:‬‬
‫‪Bruno de Loynes de Fumichon,Op cit, PP 91 – 98.‬‬
‫‪ - 2‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .41‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪010‬‬
‫‪ - 3‬براء منذر كمال عبد اللطيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫اليوم أصبح متيسرا من خالل املواقع االلكترونية الرمسية اليت تنشر خمتلف‬
‫القوانني كما صدرت يف اجلريدة الرمسية‪ ،1‬وبذلك فإن ما تفره املنتديات‬
‫وخمتلف املواقع غري الرمسية على الشبكة العنكبوتية غري مقبول كمادة أولية‬
‫للبحث‪ ،‬وذلك خوفا من مغبة الوقوع يف اخلطأ عند النقل والترمجة‪.‬‬
‫كما جيب على الباحث أن ال يتوقف يف حبثه عند حدود دراسة النصوص‪،‬‬
‫وهذا ما سنفصله الحقا يف مستويات املقارنة‪ ،‬بل جيب أن يعرف بنية القانون‬
‫األجنيب حمل املقارنة‪ ،‬وهذا من حيث تقسيماته ومصادره وكيفية تطبيقه‪،2‬‬
‫ونضرب مثال عن ذلك‪ :‬من ان اإلدارة تتقاضى على قدم املساواة مع األفراد دون‬
‫متييز هلا يف أنظمة الكومن لو‪ ،‬على خالف ما هو موجود يف أنظمة القانون املدين‬
‫اليت جتعل هلا قضاء متخصصا مثلما هو احلال يف اجلزائر ومصر نقال عن فرنسا‪،‬‬
‫وهذا األمر يرجع إىل أن نظام الكومن لو ال يعرف تقسيم القانون إىل عام‬
‫وخاص‪ ،‬على العكس من األنظمة القانونية يف العائلة الرومانو جرمانية اليت‬
‫تفرق بني القانون العام واخلاص‪.3‬‬
‫واختصارا ملا سبق يرى الفقيه روين دافيد أستاذ القانون املقارن‪ ،‬أن‬
‫الباحث يف القانون األجنيب جيب أن يضع نفسه يف موضع فقهاء القانون األجنيب‬
‫حني يبحثون يف قانوهنم ويراعون يف دراستهم ظروفه ومصادره‪ ،‬فالباحث يف‬
‫القانون اإلجنليزي مثال عليه أن يرجع إىل األحكام القضائية (السوابق‬

‫‪ - 1‬أنظر على سبيل املثال‪ :‬اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية على موقع األمانة العامة‬
‫للحكومة ‪ ،https://www.joradp.dz‬وعلى مواقع رمسية أخرى‪ :‬اجلمهورية التونسية‪:‬‬
‫‪ ،http://www.iort.gov.tn‬اململكة املغربية‪ ،http://www.sgg.gov.ma :‬وغريها من املواقع‬
‫الرمسية‪.‬‬
‫‪ - 2‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ - 3‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.018‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫القضائية) على اعتبار أهنا مصدرا أساسيا هلذا القانون‪ ،1‬يف حني أن القضاء ال‬
‫يشكل إال مصدرا تفسرييا يف فرنسا وغريها من دول القانون املدين‪.‬‬
‫إضافة إىل ما تقدم‪ ،‬جيب على الباحث أن يتخلى عن ميوالته يف دراسة‬
‫القوانني األجنبية‪ ،‬أي ال خيضع القانون األجنيب ملنهاج قانونه الوطين‪ ،‬وإال‬
‫توصل إىل نتائج غري دقيقة يف حبثه أو غري جدية‪ ،‬فالعملية هنا أشبه مبا يقوم‬
‫به القاضي عند الفصل يف قضايا اإلحالة واإلسناد والتكييف يف القانون الدويل‬
‫اخلاص‪ ،‬حيث أن القاضي يف هذه املسائل ولكي يستطيع أن يصل إىل القانون‬
‫املختص حبكم مسألة من مسائل القانون الدويل اخلاص عليه فهم القانون‬
‫األجنيب‪ ،‬خصوصا إذا توصل عن طريق قواعد اإلسناد إىل ان القانون الواجب‬
‫التطبيق هو القانون األجنيب‪ ،2‬وإلن كان القاضي يف مسائل القانون الدويل يعذر‬
‫جبهله للقانون األجنيب‪ ،‬استثناء من مبدأ أنه ال يعذر الشخص جبهله للقانون‪،‬‬
‫فإن الباحث يف الدراسات املقارنة ال يعذر جبهله للقانون األجنيب حمل املقارنة‪.‬‬
‫ومن مث جيب أن ال نعول على القانون احمللي يف فهم القانون األجنيب‪ ،‬وإال‬
‫فإنه من العسري على رجل القانون الفرنسي أو اجلزائري أن يفهم بأن التقسيم‬
‫الثالثي للجرائم (جنايات‪ ،‬جنح‪ ،‬خمالفات) ال وجود لنظري له يف القانون‬
‫اإلجنليزي‪ ،3‬أو أن نظام التبين يف فرنسا ال نظري له يف التشريع اجلزائري‪ ،‬أو أن‬
‫القضاء الدستوري يف الواليات املتحدة ال مقابل له يف فرنسا واجلزائر‪.‬‬
‫وينصح الباحثون يف القوانني األجنبية بالرجوع بداية إىل املوسوعات‬
‫وكتب املقدمات أو املداخل‪ ،‬مث يتجه الباحث بعد ذلك إىل القوانني مث األحكام‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .30‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.018‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أنظر يف هذا الصدد‪ ،‬حفيظة السيد احلداد‪ ،‬املوجز يف القانون الدويل اخلاص‪ ،‬الكتاب‬
‫األول‪ :‬املبادئ العامة يف تنازع القوانني‪ ،‬بريوت‪ :‬منشورات احلليب احلقوقية‪ .8113 ،‬ص ص‪:‬‬
‫‪.833 - 834‬‬
‫‪ - 3‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬

‫‪- 38 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫القضائية‪ ،‬وفيما يتعلق باألنظمة الغربية فإنه ميكن للباحثني الرجوع إىل‬
‫املطوالت ‪ ،Les Traités‬وهذا بالنظر ملا حتتويه من معلومات ومبادئ عامة‬
‫نستطيع من خالهلا التعرف على البناء القانوين للنظام‪ ،‬فضال عما حتتويه من‬
‫دراسات مقارنة بني األنظمة القانونية املختلفة‪ ،‬كما أن الباحث عليه الرجوع إىل‬
‫الكتاب الثقات‪ ،‬ويتحرى الرجوع كذلك إىل آخر طبعة لكتبهم ملا قد حتتويه من‬
‫تعديالت آلرائهم‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إحاطة الباحث بالعوامل المؤثرة في بناء القانون‬
‫األجنبي‬
‫قد يشترك املنهج املقارن مع املنهج التارخيي يف هذه النقطة‪ ،‬أي اإلحاطة‬
‫بالعوامل املؤثرة يف تكوين القاعدة القانونية‪ ،‬حيث أن الوصف الكرونولوجي‬
‫لتطور مركز قانوين ما أو قاعدة قانونية معينة‪ ،‬ال يعترب توظيفا للمنهج‬
‫التارخيي‪ ،‬هذا األخري الذي يركز على خمتلف الظروف اليت حتيط بنشأة أو‬
‫تطور هذا املركز أو القاعدة‪ ،‬ومن مث فالباحث يف الدراسات القانونية املقارنة‬
‫جيب أن يضع يف حسبانه أن لكل قانون جمموعة من العوامل املؤثرة يف تكوينه‪،‬‬
‫منها ما هو تارخيي واجتماعي‪ ،‬ومنها ما هو سياسي واقتصادي‪ ،2‬ولفهم أدق للنص‬
‫جيب دراسة البيئة اليت نشأ فيها‪ .‬فما يصلح يف جمتمع ما من قواعد ال يصلح‬
‫بالضرورة يف جمتمع آلخر‪ ،‬ذلك أن القانون وليد بيئته‪ ،‬والقاعدة القانونية ما‬
‫هي إال تعبري عن اإلرادة اجلماعية يف ذلك اجملتمع‪ ،‬وال أدل على ذلك أن هناك‬
‫العديد من عمليات احملاكاة لنقل جتارب ناجحة يف دول ما‪ ،‬باءت بالفضل الذريع‬
‫يف دول أخرى على غرار نقل جتربة النظام الرئاسي إىل املكسيك‪ ،‬فإن كان هذا‬
‫النظام السياسي ناجحا وبشكل واضح يف الواليات املتحدة إال انه باء بفشل‬
‫واضح يف املكسيك‪ ،‬والسبب األساسي ال يرجع إىل نصوص القانون بل إىل‬

‫‪ - 1‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،38‬ص ‪.30‬‬


‫‪ - 2‬حممد شليب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تركيبة الدولة‪ ،‬وصالحيات السلطات‪ ،‬وعادات اجملتمع‪ ،‬وطبيعة االقتصاد‪،‬‬


‫وغريها من العوامل اليت قد حتول دون التطبيق السليم هلذا النظام‪.‬‬
‫أوال – معرفة العوامل التاريخية المؤثرة في تكوين القانون األجنبي‪:‬‬
‫هناك مجلة من العوامل اليت ينبغي أن يركز عليها الباحث من أجل الفهم‬
‫اجليد للقانون األجنيب‪ ،‬نبدؤها من العامل التارخيي‪ ،‬ونشري هنا إىل أن أمهية‬
‫هذا العامل تزيد أكثر يف الدراسات املقارنة الرأسية‪ ،‬حيث يركز الباحث بشكل‬
‫كبري على األسباب التارخيية املصاحبة لوضع قانون ما‪ ،‬واألسباب اليت دفعت‬
‫إىل التعديل أو اإللغاء‪.‬‬
‫وعلى مستوى الدراسات املقارنة األفقية فإن معرفة األسباب التارخيية‬
‫احمليطة بوضع نص قانوين أو قانون ما‪ ،‬متكننا من فهم أسباب االتفاق‬
‫واالختالف بني القوانني‪ ،‬وهناك من النصوص ما ال ميكن فهمه إال بالرجوع‬
‫لألحداث التارخيية املصاحبة لصدورها‪ ،1‬فإذا أردنا أن نفهم مثال سبب استقالل‬
‫اإلداري عن القضاء العادي‪ ،‬البد أن نرجع إىل املصدر التارخيي هلذا القضاء‬
‫املتخصص‪ ،‬فنرجع إىل فرنسا حتديدا‪ ،‬فهي مهد القضاء اإلداري‪ ،‬ونتعمق يف‬
‫دراسة أسباب اخلالف بني امللك لويس ‪ 03‬وطبقة النبالء وما اجنر عنه من قيام‬
‫للثورة الفرنسية‪ ،‬مث ما أعقبه من سقوط للملكية للدستورية وقيام اجلمهورية‬
‫الفرنسية األوىل‪ ،‬فنجد أن نظرة اإلدارة اجلديدة يف ذلك الوقت جتاه القضاة‬
‫كانت مليئة بالضغائن‪ ،‬حيث كانوا يرون بأن القضاة موالني للملك وامللكية‪ ،‬ومن‬
‫مث مل تعرض القضايا ضد اإلدارة على القضاة‪ ،‬وعنونت هذه احلقبة بتسمية‬
‫القضاء احملجوز‪ ،‬وهكذا كانت اخلطوات األوىل المتيازات اإلدارة يف مواجهة‬
‫األفراد‪ ،‬واليت ال جند هلا مقابال يف أنظمة أخرى‪ ،‬ويترتب على هذا التمهيد‬
‫املبسط لنشأة القضاء اإلداري يف فرنسا آثارا على مراكز ومبادئ وقواعد قانونية‬
‫كثرية‪ ،‬قد نتطرق إليها بشكل عرضي أو أساسي عند دراستنا ملبدأ دستوري كمبدأ‬

‫‪ - 1‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .48‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.018‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫الفصل بني السلطات‪ ،‬أو العالقات بني السلطات الثالث يف الدولة‪ ،‬أو طغيان العمل‬
‫التشريعي يف حتديد جماالت وصالحيات اإلدارة‪ ،‬فقد يكون للقانونني مصدر‬
‫واحد‪ ،‬غري أن العوامل التارخيية قد تغري من التفاصيل اليت جتعل من القوانني‬
‫املتشاهبة ليست متطابقة بالضرورة‪.‬‬
‫ثانيا – معرفة العوامل االجتماعية المؤثرة في بناء القانون األجنبي‪:‬‬
‫بالنسبة لتأثري العوامل االجتماعية على بناء القاعدة القانونية وتكوينها‪،‬‬
‫فهذا جمال يطور فيه الشرح‪ ،‬بالنظر إىل متايز اجملتمعات يف عاداهتا وتقاليدها‬
‫وثقافتها‪ ،‬ومناهلها الفكرية ومعتقداهتا الدينية‪ ،‬بل أن األمر يصل إىل حد‬
‫التمايز القانوين داخل الدولة الواحدة‪ ،‬وال أدل على ذلك من قوانني األحوال‬
‫الشخصية املختلطة يف العديد من الدول اليت هبا تعدد طائفي أو ديين كمصر‬
‫ولبنان‪ ،‬بل األمر يتعدى ذلك يف بعض األحيان إىل التمسك مبذهب دون آخر يف‬
‫الدين الواحد (سنة – شيعة‪ ،‬مالكية – حنفية – حنبلية – شافعية‪ ،‬كاثوليك –‬
‫بروتستانت – أرثوذكس‪ ،)...‬فتتمايز بذلك القوانني املنظمة لألسرة سواء ما‬
‫تعلق بنظام الوالية على النفس واملال‪ ،‬أو الزواج وآثاره واحنالله‪ ،‬وغريها من‬
‫األحوال‪.‬‬
‫وما هذه األمثلة إال كفيض من غيض‪ ،‬ذلك أن القاعدة القانونية يف‬
‫مدلوهلا البسيط ما هي إال تعبري عن السلوك االجتماعي‪ ،‬واجملتمع يف حال تطور‬
‫مستمر‪ ،‬ولكي يتسم القانون بالشرعية جيب أن يعرب عن رأي األغلبية يف اجملتمع‪،‬‬
‫ومن مث فإن التغريات االجتماعية‪ ،‬واخلصوصية يف كل جمتمع تلعب دورا بارزا يف‬
‫وضع القاعدة وتفسريها وتطبيقها‪.‬‬
‫حىت وإن كانت القوانني تستعمل يف بعض األحيان مصطلحات متشاهبة إال‬
‫أهنا قد تكون ذات دالالت خمتلفة عند تطبيقها‪ ،‬وهو ما جيب أن يتحرى عنه‬
‫الباحث بإسهاب‪ ،‬فالقاعدة القانونية يف نشأهتا ما هي إال توصيف وانعكاس‬
‫لظاهرة اجتماعية‪ ،‬وطبيعة التفاعل حنو تصرف ما استهجانا أو استحسانا هو ما‬
‫يرقى بالظاهرة االجتماعية إىل مصاف القواعد القانونية ذات اجلزاء‪.‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ولو أخذنا مثال بسيطا من واقعنا لوجدنا أن متعاطي املخدرات رغم تشابه‬
‫تصرفاته يف كل اجملتمعات‪ ،‬إال أن التعامل القانوين معه خيتلف من قانون إىل‬
‫آخر تبعا لنظرة اجملتمع له‪ ،‬فهناك من يرى بأنه ضحية ومريض جيب اسعافه‪،‬‬
‫يف نفس الوقت جند جمتمعات أخرى تعتربه عالة على اجملتمع وسبب اآلفات‬
‫فيه‪ ،‬بل انه السبب يف وجود جمرمني أخطر منه كمروجي املخدرات ومنتجيها‪،‬‬
‫ومن مث جيب أن تسلط عليه أقصى أنواع العقوبات‪ ،‬وتذهب جمتمعات أخرى‬
‫حبكم الدين فيها إىل حترمي املخدرات قياسا على حترمي اخلمور‪ ،‬ويف املقابل‬
‫جند جمتمعات أخرى تبيح التعاطي قياسا على إباحة شرب اخلمر‪ ،‬واعتبار هذا‬
‫التصرف من قبيل احلرية الشخصية‪ ،‬واألمر ال يتوقف عند هذا احلد‪ ،‬وإن‬
‫استفضنا يف احلديث عن التعامل القانوين مع متعاطي املخدرات‪ .‬وجند يف هذا‬
‫املثال أن العوامل االجتماعية يعترب تأثريها هو األبلغ على تكوين القاعدة‬
‫القانونية‪ ،‬فعلى الباحث يف القوانني األجنبية دراسة طبائع هذا اجملتمع لكي‬
‫يتسىن له فهم النصوص حمل الدراسة‪.‬‬
‫ومن املهم أن نشري إىل أنه عند دراسة البيئة االجتماعية اليت يطبق فيها‬
‫القانون‪ ،1‬فيجب معاينة هذا القانون وهو يف حالة فعالية‪ ،‬كما جيب عليه معرفة‬
‫مكانة القانون يف اجملتمع الذي صدر فيه القانون ليحكم عالقاته‪ .2‬فإذا كان‬
‫القانون حمل املقارنة ينتمي مثال إىل عائلة القوانني االشتراكية‪ ،‬فالبد أن يفهم‬
‫اإليديولوجية اليت تقوم على فكرة امللكية اجلماعية ومقتضيات التخطيط‬
‫املركزي ودواعيه‪ ،‬واألساليب اخلاصة بتسيري اإلدارة فيه‪ ،‬وإذا كانت الشريعة‬
‫اإلسالمية كنظام قانوين حمال للمقارنة‪ ،‬فيجب على الباحث دراسة أصول‬
‫الشريعة وتقاليد األسرة واجملتمع اإلسالمي‪ ،‬وكيفيـــة توزيــع املصاحل وتقسيمها‬

‫‪ - 1‬حممد شليب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬


‫‪ - 2‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫ومحايتها‪ ،1‬ونفس األمر ينسحب على بقية القوانني والعائالت القانونية‪.‬‬


‫ثالثا – معرفة العوامل االقتصادية المؤثرة في تكوين القانون‬
‫األجنبي‪:‬‬
‫بالنسبة للعامل االقتصادي فإن أثره يزيد وينقص بقدر تدخل الدولة يف‬
‫تقييد احلرية االقتصادية‪ ،‬فالرأمسالية واالشتراكية قبل أن يكونا نظاما‬
‫للحياة‪ ،‬فهما نظامان اقتصاديان يف نشأهتما‪ ،‬وال ريب أن هذه األنظمة هلا بالغ‬
‫األثر على األنظمة القانونية‪ ،‬فإن كان النهج االشتراكي مؤسس على تقديس‬
‫امللكية اجلماعية فإننا نكون بصدد التركيز على نظريات االقتصاد الكلي‪ ،‬حيث‬
‫تعترب الدولة مالكة لوسائل اإلنتاج فينجر عن ذلك تضييق على حرية التملك‪،‬‬
‫حيث تكاد أن تنعدم هذه احلرية متاما‪ ،‬ويعترب القانون بأكمله يف البلدان‬
‫املعتنقة للنهج االشتراكي قانونا اقتصاديا بامتياز‪.‬‬
‫أما البلدان الرأمسالية‪ ،‬وبالنظر إىل أن تدخل الدولة يف االقتصاد يعترب‬
‫أمرا استثنائيا‪ ،‬فإن جمال احلريات أوسع‪ ،‬وتدخل الدولة ال يكون إال مبعزل عن‬
‫أي امتيازات‪ ،‬وبالتايل فإن نظرة القانون للدولة تكون على اهنا شخص معنوي‬
‫كغريه من األشخاص املعنوي (الشركات) العاملة يف اجملال االقتصادي‪ ،‬غري أن‬
‫هذه النظرة االقتصادية الرأمسالية ختبو عند األزمات واحلروب والكوارث‪ ،‬حني‬
‫يتدخل املشرع بقوانني من شأهنا ختفيف آثار هذه األزمات‪.2‬‬

‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬أنظر على سبيل املثال قانون ‪ Faillot‬الذي أصدره املشرع الفرنسي بعد احلرب العاملية‬
‫األوىل‪ ،‬أجرب مبقتضاه القضاة على فسخ العقود التجارية املربمة قبل ‪ 10‬أوت ‪،0002‬‬
‫وخصوصا تلك املتعلقة بالتوريد‪ ،‬وهذا إذا أدى تنفيذها إىل ارهاق أحد املتعاقدين أو حتميله‬
‫خسارة فادحة‪ ،‬تتجاوز ما كان متوقعا وقت ابرام العقد‪ ،‬وهو نفس األمر الذي قامت به‬
‫احملاكم األملانية ملا توسعت يف اجتهادها بعد احلرب العاملية األوىل‪ ،‬وأخذت مببدأ االستحالة‬
‫االقتصادية‪ ،‬وكيفتها على أهنا أحد أوجه القوة القاهرة اليت تعفي املدين وحتله من=‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ونستطيع اليوم‪ ،‬وبشكل واضح وجلي أن نلمس أثر العامل االقتصادي يف‬
‫جمال التأثري على تكوين القواعد القانونية‪ ،‬من خالل التطرق إىل حمل وأطراف‬
‫وسبب‪ ،‬واحلماية القانونية – أركان احلق – فهناك الكثري من املراكز القانونية‬
‫اليت ما كان هلا وجود لوال تأثري العامل االقتصادي‪ ،‬نذكر من ذلك املسؤولية‬
‫اجلنائية لألشخاص االعتبارية‪ ،‬فإىل وقت قريب كان املشككون يف هذا النوع من‬
‫املسؤولية‪ ،‬ال يرون أي داع او طريقة لتسليط العقوبات اجلزائية على األشخاص‬
‫االعتبارية‪ ،‬ولكن بفعل تدخل الشركات (خصوصا الومهية ومتعددة اجلنسيات)‬
‫يف الكثري من األنشطة التجارية غري املشروعة (أنشطة جيرمها القانون)‪ ،‬مت‬
‫اللجوء إىل جترمي ومعاقبة هذه الكيانات االقتصادية‪ ،‬باستحداث عقوبات‬
‫تشبه تلك اليت تطبق على األفراد‪ ،‬سواء بتطبيق عقوبة احلل (اإلعدام)‪ ،‬أو‬
‫التوقيف املؤقت عن ممارسة النشاط (احلبس) أو الغرامة اجلزائية‪.‬‬
‫ونعطي مثاال آخر عن املعامالت األلكترونية كمحل للحق‪ ،‬هذه املعامالت‬
‫اجلديدة اليت تعترب نتاج التطور التكنولوجي‪ ،‬حيث أن االقتصاد العاملي يرتكز‬
‫اليوم على هذا اجملال أكثر من اجملالني الصناعي والزراعي‪ ،‬فنجد أنه كلما زاد‬
‫تطور الدولة‪ ،‬زاد جمال احلماية القانونية‪ ،‬وإن كانت الدولة املتطورة قد‬
‫أصبحت فيها التجارة االلكترونية‪ ،‬واستخدام البطاقات الذكية‪ ،‬والربامج‬
‫املعلومايتة‪ ،‬من الضرورات اليومية‪ ،‬اليت ال ميكن لألشخاص العيش بعيدا عنها‪،‬‬
‫فسنت القوانني وكرست احلماية القانونية مبختلف مستوياهتا‪ ،‬مدنية وإدارية‬
‫وجنائية‪ .‬فإننا جند بأن الدول الضعيفة املتخلفة‪ ،‬واليت ال تتعامل هبذا القدر‬
‫العايل من التكنولوجيا‪ ،‬ال تزال حبيسة القواعد التقليدية‪ ،‬اليت حتكمها‬
‫املعامالت الورقية‪ ،‬فال جمال حلماية مثل هذه املعامالت االلكترونية‪ ،‬وإن وجدت‬
‫بعض القواعد‪ ،‬فما هي إال تقليد يف جمال حمدود‪.‬‬

‫=التزاماته العقدية‪ .‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .013‬عصام جناح‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ص‪.48 – 40 :‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫فالباحث عند دراسته ألركان أي حق‪ ،‬عليه أن يركز على تأثري العامل‬
‫فيها إن وجد‪ ،‬ونفس األمر ينسحب على دراسة ركين السبب‬ ‫االقتصادي‬
‫واحلماية القانونية‪ ،‬فهناك العديد من النشاطات الرحبية اليت أسقطت من‬
‫جمال احلماية القانونية بالنظر إىل سببها غري املشروع‪ ،‬بل ان األمر يتعدى ذلك‬
‫إىل جترمي هذا النشاط‪ ،‬وال يعترب من قبيل احلرية يف ممارسة النشاط‬
‫التجاري‪ ،‬على غرار جترمي االجتار غري املشروع باملخدرات‪ ،‬واألدوية املهلوسة‪،‬‬
‫واألسلحة‪ ،‬والبشر‪ ،‬واألعضاء البشرية‪ ،‬والرقيق األبيض‪ ،...‬وهذا بالنظر إىل‬
‫الضرر الذي حتدثه هذه األنشطة‪ ،‬سواء ما يلحق باقتصاد الدولة وأمنها‪ ،‬أو ما‬
‫يلحق باألفراد وصحتهم‪.‬‬
‫رابعا – معرفة العوامل السياسية المؤثرة في تكوين القانون‬
‫األجنبي‪:‬‬
‫كما هو احلال بالنسبة للعوامل السابقة‪ ،‬فإن العامل السياسي قد يكون‬
‫عامال فارقا يف تكوين القاعدة القانونية من حيث مفهومها حىت وإن احتدت‬
‫املصطلحات‪ .‬والدارس للقانون األجنيب عليه أن ينتبه إىل طبيعة النظام‬
‫السياسي ونظام احلكم يف تلك الدولة‪ ،‬وآليات تشكيل وعمل األحزاب السياسية‬
‫فيه‪ ،‬ذلك أن العامل السياسي مرتبط بشكل أساسي بالسلطة احلاكمة‪ ،‬خصوصا‬
‫السلطة التشريعية والتنفيذية‪ ،‬فالعالقة مثال بني السلطتني التشريعية‬
‫والتنفيذية تعترب حمددا لطبيعة النظام السياسي (برملاين‪ ،‬رئاسي‪ ،‬جملسي)‪،‬‬
‫واختالف هذه الطبيعة يؤثر بالضرورة على املفاهيم االصطالحية‪،‬‬
‫واالختصاصات املمنوحة لكل سلطة‪ ،‬ونعطي مثال عن االختالف يف الدالالت‬
‫اللفظية مببدأ الفصل بني السلطات‪ ،‬حيث إن كان هذا املبدأ مستقرا يف األنظمة‬
‫السياسية الكربى‪ ،‬إال أن مفهومه خيتلف من نظام إىل آخر‪ ،‬ففي النظام الرئاسي‬
‫يكون الفصل جامدا‪ ،‬حبيث أن لكل سلطة اختصاصاهتا‪ ،‬وال تتدخل يف عمل‬

‫‪- 30 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫السلطة األخرى على األقل نظريا‪ .1‬أما الفصل بني السلطات يف النظام الربملاين‬
‫فهو مبين على فكرة الفصل املرن والتعاون بني السلطات‪ ،‬فكما حيق للسلطة‬
‫التنفيذية حل الربملان‪ ،‬فباملقابل حيق هلذا األخري مساءلة السلطة التنفيذية‬
‫عن أعماهلا‪.‬‬
‫ويظهر تأثري العوامل السياسية جليا يف تكوين القواعد القانونية‪ ،‬من‬
‫خالل تسليط الضوء على تشكيل السلطة التشريعية‪ ،2‬حيث أهنا متكونة من‬
‫جمموعة من النواب املنتخبني كأصل عام من طرف الشعب‪ ،‬يف إطار محلة‬
‫انتخابية تؤطرها جمموعة من األحزاب السياسية‪ ،‬وبالنتيجة فإن العمل‬
‫التشريعي أصبح حكرا على السياسيني‪ ،‬فهم يعدون مقترحات القوانني‪ ،‬ويعدلون‬
‫املشاريع اليت تضعها العقول القانونية وفقا لتوجهاهتم السياسية‪ ،‬واألمر وإن كان‬
‫أوضح يف األنظمة الدكتاتورية‪ ،‬ذلك أن سن القوانني يصبح بيد احلزب احلاكم‪،‬‬
‫فيتحول القانون إىل جمموعة أوامر صادرة من سلطة سياسية عليا‪ ،‬حيث يضيق‬
‫اخلناق على احلريات‪ ،‬وتعزز احلماية للحقوق اجلماعية‪ ،‬فإن األمر ال خيتلف‬
‫كثريا يف األنظمة الدميقراطية‪ ،‬وإن كانت احلرية الفردية مكفولة ومضمونة‪ ،‬إال‬
‫أهنا ال خترج عما ترمسه وحتدده األغلبية الربملانية‪ ،‬ذلك أن احلزب الفائز‬
‫يتوىل تنفيذ برناجمه‪ ،‬ويتحول الربنامج السياسي الذي تصنعه فئة قليلة من‬
‫رجال احلزب إىل قوانني تنفذ باسم األمة‪.‬‬
‫يضاف إىل ذلك أن اجملال التشريعي ال يعترب حكرا على السلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬حيث تتدخل السلطة التنفيذية يف الكثري من اجملاالت‪ ،‬تتعدى اجملال‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مل يبق مفهوم الفصل اجلامد بني السلطات يف النظام الرئاسي األمريكي‪ ،‬كما هو مرسوم‬
‫وفقا للنموذج التقليدي‪ ،‬حيث أن السلطة التنفيذية‪ ،‬ميكنها التأثري على السلطة التشريعية‪،‬‬
‫ومترير براجمها عن طريق حزهبا الذي انبثقت منه‪ ،‬أو بالتأثري على الرأي العام‪ ،‬أو من خالل‬
‫اخلطاب السنوي لرئيس الواليات املتحدة‪ ،‬الذي يستطيع أن يستعطف به السلطة التشريعية‪،‬‬
‫أو من خالل استغالل نفوذ كبار املوظفني الذين يعينهم الرئيس مبجرد توليه منصب احلكم‪.‬‬
‫‪ - 2‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫الطبيعي هلا (اللوائح التنظيمية) لتمارس صالحيات تشريعية‪ ،‬بل أن الكثري من‬
‫الربملانات ال ميكن وصفها إال بأهنا غرف لتسجيل القوانني‪ ،1‬فنجدها غري قادرة‬
‫على اقتراح أي قانون حبكم عوامل متعددة أسهمت يف ذلك‪ ،‬على رأسها عدم‬
‫التخصص يف اجملال احلقوقي‪ ،‬ومن ذلك تنتظر هذه الغرف الربملانية ما جتود به‬
‫السلطة التنفيذية من مشاريع قوانني‪ ،‬لتصادق عليها يف أغلب األحوال‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل المقارنة المنهجية‬
‫بعدما تطرقنا إىل جمموع املكتسبات واملعارف العلمية اليت ينبغي على‬
‫الباحث اإلحاطة هبا قبل البدء يف املقارنة املنهجية‪ ،‬حيث يكون على علم‬
‫بالقانون األجنيب والعوامل املؤثرة فيه‪ ،‬وهذه الشروط مدخلية للدراسات‬
‫املقارنة‪ ،‬خصوصا األفقية منها‪ ،‬ننتقل يف هذا املطلب إىل املراحل اليت ينبغي أن‬
‫متر هبا املقارنة املنهجية‪ ،‬وقد حاولنا حصرها يف ثالثة مراحل هي‪ :‬اختيار‬
‫عينات املقارنة‪ ،‬حتديد مستويات املقارنة‪ ،‬استخالص نتائج املقارنة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اختيار عينات المقارنة‬
‫إن الكم اهلائل للقوانني األجنبية حيول ال حمال دون إمكانية معاجلة أي‬
‫مسألة قانونية مهما كانت دقتها وتناهيها يف الصغر‪ ،‬ناهيك عن االختالف اللغوي‬
‫واالصطالحي بينها‪ ،‬واختالف البىن القانونية‪ ،‬والتمايز احلضاري‪ ،‬لذا فإن أول‬
‫مشكلة تصادف الباحث يف الدراسات املقارنة هي كيفية اختيار عينات املقارنة‪،‬‬
‫وكثريا ما جند يف البحوث املقارنة اختيارا عشوائيا للقوانني حمل املقارنة‪ ،‬دون‬
‫أي ضابط لالختيار‪ ،‬فالباحث جيب أن خيتار القوانني األجنبية للمقارنة بغية‬
‫حتقيق غاية حمددة‪ ،‬كتحسني منظومته القانونية احمللية‪ ،‬وليس جمرد‬
‫استعراض النصوص والقوانني وتكديسها من أجل استعراض قدرة الباحث على‬
‫ترمجة النصوص ونقلها‪ ،‬وإن كانت الشبكة العنكبوتية أغنتنا اليوم عن مثل هذا‬
‫النقل‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وهناك الكثري من األسئلة اليت تطرح خبصوص املواصفات املطلوبة يف‬


‫القوانني املقارنة‪ ،‬فهناك من ذهب إىل أن املقارنات ال تقع إال بني القوانني‬
‫املتقاربة حضاريا‪ ،1‬وهناك من اشترط املقارنة بني قوانني العائلة الواحدة‪،‬‬
‫وهناك من ذهب إىل فتح جمال املقارنة دون تقيد مبا سبق‪ ،‬وهذا ما سنحاول‬
‫استعراضه من خالل النقاط التالية‪:‬‬
‫أوال – المقارنة بين قوانين الدول المتقاربة حضاريا‪:‬‬
‫إن كنا قد طرحنا تساؤال خبصوص كيفية اختيار عينات املقارنة‪ ،‬فإن‬
‫هذا السؤال قد أرق املشتغلني يف حقل القانون املقارن منذ أول لقاء هلم يف مطلع‬
‫القرن املاضي‪ ،‬حيث أنه يف املؤمتر األول للقانون املقارن سنة ‪ ،0011‬طرح هذا‬
‫السؤال حبده‪ ،‬وتباينت اآلراء خبصوص املعيار املعتمد يف االختيار‪ ،‬فطرح الفقيه‬
‫سايل فكرة املقارنة بني قوانني الشعوب املتحضرة‪ ،‬وهذا بغية استخالص قانون‬
‫عاملي مشترك‪ ،‬وعلى هذا اقترح الفقيه الفرنسي ايسمان ‪ ،Esmein‬فكرة تصنيف‬
‫القوانني يف شكل عائالت قانونية‪.2‬‬
‫وهناك من يؤيد هذا الرأي على أساس أن املقارنة املثمرة ال تكون إال إذا‬
‫ختري الباحث املقارن موضوع املقارنة‪ ،‬واحسن انتقاء التشريعات اليت جتري عليها‬
‫املقارنة‪ ،‬حىت ال تكون اهلوة واسعة إذا ما متت املقارنة بني قانون دولة متمدنة‬
‫وأخرى بدائية‪ ،‬إذ جيب أن تكون القوانني حمل املقارنة متقاربة يف احلضارة‬
‫ودرجة التقدم السياسي واالقتصادي‪.3‬‬
‫ويف تقديرنا هلذا الرأي األول انه مبين على أفكار استعمارية عنصرية‪،‬‬
‫فقد يكون طرحا سليما يف زمنه‪ ،‬حيث أن العامل كان مقسما بني دول مستعمرة‬
‫حتتكم إىل قوانني مدونة‪ ،‬ودول أخرى مستعمرة حتتكم إىل األعراف والعادات‬

‫‪ - 1‬حممد صفوح األخرص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬


‫‪ - 2‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪ - 3‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪- 38 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫والتقاليد‪ ،‬أما يف الوقت الراهن فإننا جند حىت الدول األكثر ختلفا متتلك‬
‫ترسانة قانونية‪ ،‬مهما كانت هشاشتها إال أهنا تتناول مواضيع الساعة على‬
‫الساحة الدولية‪.‬‬
‫ثانيا – المقارنة بين قوانين العائلة القانونية الواحدة‪:‬‬
‫انتقدت فكرة القانون العاملي املشترك بشكل الذع‪ ،‬وذهب العميد المبري إىل‬
‫أن القانون املقارن ال ميكن أن يصل إىل قانون مشترك لإلنسانية املتمدنة‪ ،‬بل أن‬
‫مداه الوصول إىل قانون مشترك للبلدان اليت يوجد بينها تشابه يف املدنية‬
‫واحلضارة‪ ،1‬فاقتصرت الدراسات املقارنة على قوانني الشعوب ذات احلصارة‬
‫املتماثلة‪ ،‬وأجريت الدراسات املقارنة بني القوانني الرومانو – جرمانية اليت‬
‫تنحدر من القانون الروماين واألعراف اجلرمانية‪ ،‬واستعملت املقارنة املنهجية‬
‫للوصول إىل قانون يكون أساسا لتوحيد التشريع فيما بينها‪ ،‬وهو ما يطلق عليه‬
‫المبري تسمية القانون املشترك التشريعي‪.2‬‬
‫وإلن كان هذا الرأي الثاين عبارة عن مرحلة انتقالية بالنسبة للمقارنني‬
‫الغربني‪ ،‬فإن املقارنني االشتراكيني قد متسكوا هبذا الرأي‪ ،‬وقصروا دراساهتم‬
‫املقارنة علة قوانني البالد االشتراكية‪ ،‬ودعوا إىل فكرة القانون االشتراكي‬
‫املقارن ‪ ،Droit socialiste comparé‬ومل يقوموا باملقارنة مع القوانني الغربية إال‬
‫من أجل إظهار أفضلية قوانينهم على القوانني الربجوازية‪.3‬‬
‫ونشري إىل أن فكرة املقارنة داخل العائلة الواحدة مل تصمد إال لفترة‬
‫قصرية‪ ،‬ذلك أنه بعد احلرب العاملية األوىل وقعت االنقسامات بني األحالف‬
‫التقليدية‪ ،‬وظهرت حتالفات اقتصادية وسياسية جديدة‪ ،‬وبدأ التفكري يف انشاء‬
‫تقارب بني عائالت قانونية خمتلفة‪ ،‬وهو ما سوف نستعرضه يف الرأي املوايل‪:‬‬

‫‪ - 1‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ - 2‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪ - 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.001 – 010 :‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ثالثا – المقارنة بين قوانين في عائالت قانونية مختلفة‪:‬‬


‫مل يلبث المبري أن حتول عن رأيه السابق‪ ،‬وانصرف إىل دراسة القانونني‬
‫اإلجنليزي واألمريكي‪ ،‬ودعى إىل وضع قانون تعاوين يف نطاق العالقات‬
‫التجارية‪ ،‬وصرح يف املؤمتر الذي عقدته اكادميية القانون املقارن يف الهاي سنة‬
‫‪ ،0048‬عن حتوله إىل هذا التوجه اجلديد‪ ،‬وجاء حتول متناسقا مع غاية‬
‫املؤمتر الذي سعى إىل وضع مجيع مصادر القانون يف حالة ميكنها أن تقيم تعاونا‬
‫مثمرا يف تقريب القوانني الوطنية‪ ،‬خاصة يف ميدان القانون التجاري‪ ،‬ولعل‬
‫السبب يف توسيع نطاق املقارنة إىل قوانني جمموعات خمتلفة‪ ،‬هو التقارب‬
‫احلاصل بني الدول األوروبية الغربية‪ ،‬ودول الكومن لو على اعتبار اهنا دول ذات‬
‫قاعدة اجتماعية واقتصادية مشتركة‪ ،‬حيث كانت الغاية واضحة‪ ،‬وهي التوصل‬
‫إىل حلول عملية مشتركة يف نطاق القوانني االجتماعية وقوانني التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬وقوانني النقل الربي والبحري‪ ،‬ومحاية امللكية الصناعية والدبية‬
‫وغريها من املواضيع املشتركة‪.‬‬
‫بعد انتهاء احلرب العاملية الثانية وانتشار فكرة التعايش السلمي بني‬
‫الشرق والغرب‪ ،‬حاول القانونيون توسيع فكرة التعايش إىل التقريب بني القوانني‬
‫الغربية واالشتراكية عن طريق املقارنة املتباينة ‪،Comparison contraste‬‬
‫بسبب تباين املناهج القانونية‪ ،‬واختالف البنية االقتصادية‪ ،‬مث حتول األمر إىل‬
‫دراسة نقاط االختالف بدال من نقاط االتفاق‪ ،‬وهذا من اجل فهم أفضل هلذه‬
‫القوانني‪ ،‬وكانت املبادرة من املقارنني الغربيني‪ ،‬واستمر تعنت االشتراكيني حىت‬
‫فترة الستينيات‪ ،‬أين بدؤوا يف تقبل فكرة املقارنة بعدما ابتعدت عن فكرة‬
‫القانون العاملي املشترك‪ ،‬وازدياد التعاون بني الغرب والشرق يف جمال التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬وكان أول لقاء لرجال القانون يف املعسكرين يف األيام القانونية اليت‬
‫دعت إليها مجعية القانون املقارن يف باريس سنة ‪ ،0030‬مث اعقبها يف نفس‬
‫السنة مؤمتر القانون املقارن يف بودبست‪ ،‬وجرت يف هذه املؤمترات مقارنات بني‬
‫قوانني متباينة غايتها إجراء املقارنة لذاهتا دون البحث يف توحيدها أو حتسني‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫القوانني الوطنية‪ ،‬ومت التوصل إىل حدود التعارض بني القوانني الرأمسالية‬
‫واالشتراكية‪ ،‬وحددت العناصر الفارقة اليت ميكن على أساسها تنميط مسات كل‬
‫جمموعة‪ ،‬وتأثري هذه العناصر يف النصوص املقارنة‪.1‬‬
‫بناء على ما تقدم جند ان املقارنة ممكنة حىت بني عائالت قانونية‬
‫خمتلفة يف بنيتها‪ ،‬وخصائصها‪ ،‬ومستواها احلضاري‪ ،2‬لكن أن يعلم الباحث‬
‫تصنيف القوانني‪ ،‬واجملموعات القانونية اليت تنتمي إليها‪ ،‬كما أن طبيعة املوضوع‬
‫تلعب دورا مهما يف توسيع جمال املقارنة أو تضييقه‪ ،‬كما الحظنا ان البحث يف‬
‫جمال التجارة الدولية وما يتصل هبا من مسائل ميكن التوسع فيه‪ ،‬وهناك‬
‫مواضيع تضيق جمال املقارنة على غرار البحث مثال يف جمال تعدد الزوجات‪ ،‬فال‬
‫جند غال قلة من التشريعات اليت تسمح به‪ ،‬إضافة إىل التباين فيما بينها‬
‫خبصوصه‪.‬‬
‫وعلى ذكر هذه النقطة يتساءل الكثري من الباحثني يف عاملنا اإلسالمي عن‬
‫غمكانية إجراء الدراسات املقارنة بني الشريعة اإلسالمية والقوانني الوضعية‪،‬‬
‫وعن جدوى ذلك‪ ،‬فيذهب البعض إىل منع املقارنة حبجة أن ما جاء يف الشريعة‬
‫اإلسالمية قانون إهلي‪ ،‬فكيف السبيل إىل مقارنته بالقانون البشري‪ ،‬فيما يذهب‬
‫الرأي الثاين إىل ان املقارنة يف هذه الدراسات ليس هدفها املفاضلة بقدر ما هو‬
‫بيان اهلوة بني الشريعة والقانون الوضعي‪ ،‬ومدى نضج القواعد الشرعية يف‬
‫مواجهة القواعد الوضعية‪.‬‬
‫وإن كنا ال نعارض الرأي األول يف منطلقاته إال أننا نعيب عليه أن القانون‬
‫اإلهلي هو نظام حياة رسم لسعادة البشر الذين حادوا عنه‪ ،‬والبد من تبيان‬
‫تفاهة التشريع البشري ملعرفة عظمة التشريع اإلهلي‪ ،‬مث إن الشريعة اإلسالمية‬
‫حددت املبادئ واملقاصد‪ ،‬وجاءت صاحلة ومصلحة لكل زمان ومكان‪ ،‬ويقع على‬

‫‪ - 1‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.000 – 010 :‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Barrué-Belou, Op cit, P 03.‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫احلاكم تنظيم شؤون الدولة دون احليدة عن هذه األصول‪ ،‬كما ان هذه املقارنات‬
‫جمدية يف حتسني النظم الوضعية‪ ،‬فالشريعة يف غىن عن ذلك‪ ،‬ونظن ان‬
‫االعتماد عليها يكون أفضل من االعتماد على القوانني األجنبية‪ ،‬اليت أعدت‬
‫خصيصا للبيئة اليت نشأت فيها‪ ،‬وشتان بني ما فرضه اهلل علينا وما فرضناه على‬
‫انفسنا‪ ،‬ويف اعتقادي املتواضع أن القوانني املستمدة من الشريعة اإلسالمية‬
‫عرفت جناحا أكرب من تلك املستوردة من الدول األجنبية‪ ،‬وال أدل على ذلك من‬
‫قانون األسرة اجلزائري‪ ،‬قبل ان تطاله يد التعديل الالمدروس‪ ،‬ونستطيع أن‬
‫نلمس هذا التميز أيضا يف العديد من أجزاء قانون العقوبات اللييب‪.‬‬
‫وميكننا أن نذهب أبعد من إصالح القوانني احمللية مبا جاء يف الشريعة‬
‫اإلسالمية من أحكام‪ ،‬حيث أن الدراسات املقارنة من هذا النوع من شأهنا تصدير‬
‫أحكام الشريعة إىل القوانني الغربية‪ ،‬مبا فيها من أحكام متميزة وغري مألوفة يف‬
‫النظم الوضعية‪ ،‬فإذا أردت ان تبيع منتوجك اجليد‪ ،‬فعليك ان تعرضه إىل جنب‬
‫املنتوج الرديء‪ ،‬كما ميكن للدراسات املقارنة مع الشريعة اإلسالمية أن تزيل‬
‫الكثري من الغموض االستشراقي‪ ،‬يف مسائل اإلرث والقوامة‪ ،‬والوالية‪ ،‬والعقوبات‬
‫اجلزائية‪ ،‬وغريها من املسائل اليت ينعاها الغرب علينا‪ ،‬فلوا رجعت للقوانني‬
‫الغربية قبل قرن من الزمن لوجدهتا تعج بعقوبة اإلعدام والتعذيب واملعاملة‬
‫املهينة‪ ،‬يف حني ان الشريعة يف جرمية القتل قد سبقت العفو عن القصاص‪ ،‬ولو‬
‫ضربنا مثال عن اإلرث‪ ،‬وخصوصا مرياث املرأة لوجدنا أن ما فرضته الشريعة‬
‫للمرأة وتفضيلها على الرجال يف أغلب صور اإلرث‪ ،‬الذي مل يأخذ منه الغرب‬
‫ومن ينعق معهم إال للذكر مثل حظ األنثيني‪ ،‬أما فرضته التشريعات الغربية‬
‫للمرأة فإهنا مل ترجع إال نصف ما سلبته من املرأة أو اقل على مدار قرون‬
‫عجاف‪ .‬فهذا ما جيب أن يصدر للغرب دفاعا عن الشرع‪ ،‬وشرعا ومنهاج حياة‬
‫للجميع‪.‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫بناء على كل ما تقدم‪ ،‬نشري إىل أنه كلما كان عدد القوانني حمدودا‪ ،1‬كلما‬
‫كانت الدراسة جمدية‪ ،‬وال يوجد مانع من مقارنة عدد كبري من القوانني‪ ،‬لكن‬
‫هناك اعتبارات قد حتد من قدرة الباحث على غرار كثرة املراجع‪ ،‬وصعوبة‬
‫الترمجة‪ ،‬فيستحسن اختيار عدد حمدود من القوانني أو األنظمة املقارنة‪ ،‬من‬
‫أجل التعمق واالستفاضة يف املقارنة‪.2‬‬
‫يضاف إىل ذلك انه كلما كانت الدراسة املقارنة داخل حدود العائلة‬
‫القانونية الواحدة‪ ،‬كلما كانت أسهل وأنفع‪ ،‬ذلك أن القواعد القانونية سوف تكون‬
‫متقاربة من حيث مصدرها وفلسفتها‪ ،‬شروطها‪ ،‬أركاهنا‪ .‬كما أن الباحثني يف‬
‫القانون املقارن حددوا املميزات العامة واملشتركة هلذه العائالت القانونية‪،‬‬
‫بالشكل الذي يسهل على الباحث الوصول إىل مواضع التشابه واالختالف داخل‬
‫العائلة الواحدة‪ ،‬دون بذل جهد يف حتديد خصائص ومبادئ هذه القوانني‬
‫املقارنة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تحديد مستويات المقارنة المنهجية‬
‫بعدما يفرغ الباحث من حتديد عينات املقارنة‪ ،‬ينتقل إىل مرحلة ثانية‬
‫أكرب تعقيدا وأمهية‪ ،‬حيث يقع على الباحث حتديد مستويات املقارنة‪ ،‬إذ ان‬
‫الدراسات املعمقة ال يكتفى فيها بالتصنيف وال بالتصفيف للنصوص جنبا إىل‬
‫جنب‪ ،‬فيجب أن حيلل الباحث هذه النصوص املراد مقارنتها ملعرفة النقاط‬
‫اجلوهرية اليت حتتاج إىل املوازنة‪ ،‬مث يقوم بتصميم مستويات للمقارنة‪ ،‬وهي‬
‫ختتلف باختالف املوضوع‪ ،‬فلو كنا مثال بصدد املوازنة بني أحكام جرمية القتل‬
‫بني القانونني اجلزائري والفرنسي‪ ،‬فيبدأ الباحث بتحليل النصوص ليصل إىل أن‬
‫هناك اختالفات جوهرية على املستوى االصطالحي‪ ،‬على املستوى بعض ظروف‬
‫التشديد‪ ،‬على املستوى بعض ظروف التخفيف‪ ،‬على املستوى العقوبات اجلزائية‪،‬‬

‫‪ - 1‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪ - 2‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كما حيدد أوجه التشابه من حيث املستوى االصطالحي‪ ،‬بعض ظروف التشديد‬
‫والتخفيف‪ ،‬فيحدد على أساس هذا التحليل األويل للنصوص مستوات للمقارنة‪،‬‬
‫تكون مثال على الشكل التايل‪:‬‬
‫‪ -0‬أوجه التشابه يف جرائم القتل العمدي بني القانونني اجلزائري والفرنسي‪.‬‬
‫أ‪ -‬أوجه التشابه على املستوى االصطالحي (تعريف القتل البسيط‪ ،‬املوظف‪)...‬‬
‫ب‪ -‬أوجه التشابه على مستوى بعض ظروف التشديد (قتل املوظف‪ ،‬القتل لتنفيذ‬
‫جنحة‪ ،‬القتل املقترن جبناية‪)...‬‬
‫ج – أوجه التشابه على مستوى بعض ظروف التخفيف (قتل األم البنها حديث‬
‫العهد بالوالدة‪)...‬‬
‫‪ - 8‬أوجه االختالف يف جرائم القتل العمدي بني القانونني اجلزائري والفرنسي‪.‬‬
‫أ ‪ -‬أوجه االختالف على مستوى املصطلحات (مفهوم األصول‪ ،‬الفروع‪ ،‬مفهوم‬
‫التسميم‪)...‬‬
‫ب ‪ -‬أوجه االختالف على مستوى بعض ظروف التشديد (سبق اإلصرار‪ ،‬الترصد‪،‬‬
‫التسميم‪)...‬‬
‫ج – أوجه االختالف على مستوى بعض ظروف التخفيف (عذر االستفزاز الناشئ‬
‫عن اخليانة الزوجية‪)...‬‬
‫د – أوجه االختالف على مستوى العقوبات اجلزائية (العقوبة يف الظروف‬
‫املشددة‪ ،‬اإلعدام‪)...‬‬
‫وهذا النموذج االفتراضي جيعلنا نقف على أرضية متينة متكننا فيما بعد‬
‫من الوصول إىل نتائج عملية واضحة‪ ،‬واملقارنة املنهجية ال تتوقف عند هذا‬
‫املستوى‪ ،‬بل أن الباحث يكون قد أجنز الشق األول‪ ،‬أال وهو املرحلة التحليلية‪،‬‬
‫حينما قام بتجزئة هذه النصوص وحتليلها‪ ،‬وبعد هذه املرحلة التحليلية ينتقل‬

‫‪- 32 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫إىل املرحلة التركيبية‪ ،1‬واليت تتضمن هي األخرى مستويني‪ ،‬األول هو دراسة‬


‫النظام القانوين الذي حيتوي هذه القاعدة‪ ،‬والثاين يتعلق بدراسة املنهج الكامل‬
‫للقانون األجنيب‪.2‬‬
‫ولكي نفهم هاذين املستويني بشمل أوضح‪ ،‬نستمر يف نفس املثال السابق‬
‫املتعلق جبرمية القتل العمدي‪ ،‬حيث أنه بعدما ينتهي الباحث من حتديد الفروق‬
‫والتطابق بني النصوص املنظمة للقتل العمدي يف القانونني اجلزائري والفرنسي‪،‬‬
‫ينتقل بعد ذلك إىل دراسة االختالف يف ظل قانوين العقوبات للدولتني‪ ،‬ذلك أن‬
‫هناك اختالفات يرجع السبب فيها إىل األحكام العامة يف اجلرائم والعقوبات‪،‬‬
‫نذكر منها على سبيل التوضيح‪ ،‬أن قانون العقوبات اجلزائري يشترط علم‬
‫الشريك بالظروف املوضوعية حىت ينطبق عليه ظرف التشديد‪ ،‬فيما جند أن‬
‫قانون العقوبات الفرنسي يطبق ظرف التشديد على الشريك حىت ولو مل يعلم‬
‫بوجود هذا الظرف‪ ،‬وهذا االختالف يف القواعد العامة ينعكس ال حمال على‬
‫العقوبات املقررة على الشريك يف جرمية القتل العمدي يف الظروف املشددة‪ ،‬وهنا‬
‫يقع على الباحث تفسري أسباب االختالف ومربرات كل طرف حىت يستطيع أن‬
‫حيكم مبوضوعية عند املوازنة واملفاضلة بني القواعد املقارنة‪.‬‬
‫ال ينتهي األمر عند هذا احلد‪ ،‬فلكي حيكم البحث قبضته على مجيع‬
‫تفاصيل املوضوع‪ ،‬وكما سبق أن بيّنا بأن املقارنة املنهجية تنصب على دراسة‬
‫القاعدة القانونية وهي يف حالة حركة‪ ،‬وهنا ننتقل باملقارنة إىل مستوى أعلى‪،‬‬
‫وهو مستوى النظام القانوين‪ ،‬وهنا يربط املوضوع مبختلف أجزاء النظام‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أنظر مرحليت التحليل والتركيب يف العلوم االجتماعية األخرى يف‪ :‬حممد صفوح‬
‫األخرص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.31 – 30 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪ .41 – 80 :‬عبد السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.00‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫القانوين يف كل دولة‪ ،‬هذا األخري الذي ال ينحصر يف القانون فقط‪ ،‬بل ميتد إىل‬
‫كل أنواع التشريع‪ ،‬وميتد إىل القضاء والفقه‪.1‬‬
‫من أجل فهم هذه النقطة بشكل جيد نورد املثال املوايل‪ ،‬تتمة للمثال‬
‫السابق‪ ،‬فإن القتل العمدي يربط يف هذه املرحلة باملبادئ الدستورية اليت حتمي‬
‫احلق يف احلياة‪ ،‬والنصوص االتفاقية اليت صادقت عليها الدولة‪ ،‬وقد متنع‬
‫عقوبة اإلعدام كما هو احلال يف فرنسا‪ ،‬ونرجع باالختالف االصطالحي مثال إىل‬
‫مفهوم البنوة املعتربة يف القانون اجلزائري ونظريه الفرنسي‪ ،‬ففي حني أن البنوة‬
‫املعتربة قانونا يف اجلزائر هي تلك املنبثقة عن زواج شرعي‪ ،‬وجند يف ذات الوقت‬
‫أن البنوة يف القانون الفرنسي جماهلا أوسع‪ ،‬فيضاف إىل البنوة الشرعية‪ ،‬البنوة‬
‫غري الشرعية‪ ،‬والبنوة بالتبين‪ ،‬وهي أحكام ال ينص عليها قانون العقوبات‪ ،‬بل‬
‫جندها يف قانون األسرة اجلزائري‪ ،‬واألحوال الشخصية الفرنسي‪ ،‬وهذا‬
‫االختالف يف نظام البنوة سوف ينعكس الظروف املرتبطة بقتل األصول والفروع‪،‬‬
‫كما ميكن أن يرجع اخلالف كذلك إىل االختالف يف التفسري القضائي أو الفقهي‬
‫الذي أدى إىل تعديل نص ما‪.‬‬
‫أما املستوى األخري من مستويات املقارنة املنهجية‪ ،‬هو الوصول إىل مرحلة‬
‫املنهج الكامل‪ ،‬فيجب أن يستفرغ الباحث مكتسباته األولية املتعلقة بالعوامل‬
‫املؤثرة يف تكوين القانون‪ ،‬ويربطها بدراسته‪ ،‬فيبني كما يف املثال السابق أن‬
‫عقوبة اإلعدام غري موجودة يف فرنسا مثال بسبب التوجهات السياسية للدولة‬
‫على املستوى اخلارجي‪ ،‬حيث أن فرنسا صادقت على الربوتكول امللحق باالتفاقية‬
‫األوروبية حلقوق اإلنسان الذي مينع عقوبة اإلعدام‪ ،‬وأن الظروف االجتماعية‬
‫هي السبب يف ختفيف عقوبة األم القاتلة البنها حديث العهد بالوالدة‪ ،‬وانفتاح‬
‫اجملتمع على احلرية اجلنسية هو السبب يف إلغاء النص املتعلق بتخفيف العقوبة‬

‫‪ - 1‬براء منذر كمال عبد اللطيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .88‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ‪.30‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫يف االستفزاز الناشئ عن اخليانة الزوجية‪ ،‬وباملثل يتعامل مع القانون اجلزائري‬


‫يف بيان أثر خمتلف العوامل السابقة وغريها على تكوين النصوص القانونية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬استخالص نتائج المقارنة المنهجية‬
‫بعد أن يتفرغ الباحث من املرحلة الثانية التحليلية‪ ،‬ينتقل إىل استخالص‬
‫النتائج‪ ،‬وهذا ما سوف نتناوله يف هذا الفرع األخري من الدراسة‪ .‬ونشري إىل أن‬
‫الباحث إذا ما احترم اخلطوات السابقة‪ ،‬فإن استنباط النتائج سوف يكون سهال‪،‬‬
‫فبعد املرحلة التحليلية تأيت املرحلة التركيبة‪.‬‬
‫وقد الحظنا أن املقارنة يف املرحلة التحليلية تبدأ بكشف العالقة بني‬
‫العناصر اجلزئية يف قانونني أو أكثر‪ ،‬وتسمى هذه العملية باملقارنة اجلزئية‪،‬‬
‫فإذا ما اكتملت كل املقارنات اجلزئية ينتقل الباحث إىل مرحلة املقارنة الكلية‪،‬‬
‫وهي املقارنة اليت حتتوي كل جزئيات الدراسة‪ ،‬وهبذا يتم استخالص الروابط‬
‫بني القواعد القانونية املختلفة من تشابه واختالف وأسباب ذلك‪ ،1‬بروح املنتقد‬
‫احملايد‪ ،‬مث يصدر أحكامه التقييمية‪.‬‬
‫ومن مث ميكن للباحث أن يوجه نتائجه وفقا ملقاصده من املقارنة املنهجية‪،‬‬
‫فإذا كان الغرض هو توحيد القانون بني دولتني فإنه يوضح القواعد املشتركة‪،‬‬
‫كما يوضح مواضع االختالف وأسبابه‪ ،‬وكيفية إزالته للوصول إىل مرحلة توحيد‬
‫النصوص‪ ،‬وهذه الغاية –توحيد النصوص‪ -‬مستبعدة يف الوقت الراهن‪ ،‬بسبب‬
‫عامل اخلصوصية وعقبة السيادة الوطنية‪.‬‬
‫أما إذا كان الغرض هو االستفادة من جتارب الدول السباقة أو املتطورة يف‬
‫جمال ما‪ ،‬وحتسني النصوص الداخلية‪ ،‬فعلى الباحث املقارن أن يبني كذلك‬
‫القواعد املشتركة‪ ،‬وما يستحسن يف القانون األجنيب والوطين‪ ،‬والنصوص‬
‫الواجب تعديلها‪ ،‬والصياغة اليت تكون عليها هذه النصوص‪ ،‬حيث ان الكثري من‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عصام جناح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .80‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .31‬عبد‬
‫السالم الترمايين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.011‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫البحوث املقارنة تكون منقوصة يف هذه املرحلة األخرية‪ ،‬ويكتفي الباحثون‬


‫باقتراحات عامة‪ ،1‬منها ضرورة قيام املشرع بتعديل النصوص أو استحداث‬
‫أخرى‪ ،‬دون أن يقدم الباحث عرضا مبشروع هذه النصوص‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫وقفنا يف هذا املوضوع على اخلطوات املتعددة لتوظيف املنهج املقارن يف‬
‫الدراسات القانونية‪ ،‬حيث بيّنا بداية بأن املنهج املقارن منهج عقلي جتريدي‬
‫يوظف يف املوازنة بني نصني أو قانونني الستنباط التشابه واالختالف بغرض‬
‫حتسني النصوص‪ ،‬واالستفادة من جتارب الدول السباقة يف جمال ما‪ ،‬أو العمل‬
‫على تقريب النصوص بني قانوين دولتني أو أكثر بغية توحيدها‪ ،‬أو استخالص‬
‫القواعد املشتركة بينها‪.‬‬
‫ويستخدم املنهج املقارن بأساليب متعددة؛ تدور بني املقابلة‪ ،‬املقاربة‪،‬‬
‫املضاهاة‪ ،‬وهي أساليب مقارنة جزئية‪ ،‬غري أن املنهج املقارن الكامل يكون فقط‬
‫عند استخدام املقارنة أو املوازنة املنهجية‪ ،‬وال نصل إىل حتقيق املنهج املقارن‬
‫الكامل إال من خالل املرور جبملة من املراحل؛ بداية من حسن اختيار عينات‬
‫املقارنة‪ ،‬مث حتديد مستويات املقارنة‪ ،‬فتحليل النصوص املقارنة فيما بينها‪ ،‬مث‬
‫االنتقال إىل حتليلها ضمن القوانني اليت تتضمنها‪ ،‬مث التحليل ضمن األنظمة‬
‫القانونية للدول حمل املقارنة‪ ،‬كل هذا يف ظل حركية النصوص املقارنة‪ ،‬وما‬
‫ترتبط به من عوامل تؤثر يف تكوينها‪ ،‬وصوال إىل استخالص نتائج املقارنة‬
‫بالتركيب بعد التحليل‪.‬‬
‫وهناك مجلة من التوجيهات العملية‪ ،‬اليت نأمل أن تساعد الباحثني على‬
‫اجناز حبوثهم املقارنة يف الدراسات القانونية‪ ،‬نوردها تباعا فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬جيب على الباحث تقليص عدد القوانني املقارنة‪ ،‬خصوصا يف املقارنة‬
‫األفقية‪ ،‬إىل احلد الذي يتوافق مع إمكانياته البحثية‪ ،‬فكلما زادت عينات‬

‫‪ - 1‬حسينة شرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪- 38 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫املقارنة‪ ،‬كلما زاد التعقيد‪ ،‬وانتهى الباحث إىل نتائج سطحية أو ال تعرب عن‬
‫حقيقة االختالف بني القوانني‪.‬‬
‫‪ -‬جيب على الباحث العمل على التحديد الدقيق للموضوع حمل املقارنة‪،‬‬
‫حيث أنه يفضل يف املقارنات اجلزئية املتعلقة بنصني أو قانونني على األكثر‪،‬‬
‫فكلما زادت عدد النصوص وصلنا إىل نفس النتيجة السابقة‪.‬‬
‫‪ -‬جيب على الباحث أن يكون على معرفة بلغة القانون حمل املقارنة‪،‬‬
‫ومصادره‪ ،‬مبادئه‪ ،‬فلسفته‪ ،‬والعوامل املؤثرة فيه‪ ،‬لذا يفضل أن تكون املقارنات‬
‫داخل العائلة القانونية الواحدة‪ ،‬حيث يكون للباحث الكثري من املعارف املسبقة‬
‫اليت اكتسبها من نظامه القانوين‪ ،‬واليت تكون يف نفس الوقت مشتركة يف‬
‫األنظمة الشبيهة‪.‬‬
‫‪ -‬جيب على الباحث الرجوع إىل املصادر‪ ،‬وال يعتمد على املراجع الفقهية‬
‫فقط‪ ،‬هذه األخرية ميكن االعتماد عليها يف مرحلة التوجيه والتحليل‪ ،‬لكن البد‬
‫أن يتعامل الباحث املقارن حبيادية مع النصوص دون تأثر مسبق بالفقه املؤيد او‬
‫املعارض‪.‬‬
‫‪ -‬جيب على الباحث املقارن أن يستمر يف املقارنة من بداية العمل إىل‬
‫هنايته‪ ،‬حمافظا على نفس عينات املقارنة ومستوياهتا‪ ،‬سواء يف مرحلة التحليل‬
‫أو التركيب‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تتوج الدراسات املقارنة بنتائج عملية‪ ،‬وال يكتفى باالستحسان‬
‫أو االستهجان‪ ،‬بل جيب على الباحث املقارن استفراغ نتائج الدراسة املقارنة يف‬
‫توجيهات مباشرة‪ ،‬للمشرع أو القاضي أو اإلدارة‪ ،‬يف شكل نصوص مقترحة‪ ،‬أوو‬
‫اقتراح تفسري منطقي مؤسس‪ ،‬أو استحداث مركز قانوين‪ ،‬أو تعديل أو إلغاء نص‪،‬‬
‫أو غريها من النتائج اليت ميكن االستفادة منها‪.‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬الكتب‪:‬‬
‫‪ – 10‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬األصول املنهجية إلعداد البحوث العلمية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫الفكر العريب‪.8113 ،‬‬
‫‪ – 18‬حممد شليب‪ ،‬املنهجية يف التحليل السياسي‪ :‬املفاهيم‪ ،‬املناهج‪ ،‬االقترابات‪ ،‬واألدوات‪،‬‬
‫اجلزائر‪ :‬دار هومه‪.8113 ،‬‬
‫‪ – 14‬براء منذر كمال عبد اللطيف‪ ،‬أصول البحث القانوين‪ :‬التقليدي وااللكتروين‪ ،‬جامعة‬
‫املوصل‪ :‬دار ابن األثري للطباعة‪.8100 ،‬‬
‫‪ – 13‬عصام جناح‪ ،‬القانون املقارن واألنظمة القانونية الكربى‪ ،‬عنابة‪ :‬دار العلوم للنشر‬
‫والتوزيع‪.8100 ،‬‬
‫‪ – 13‬عاطف عليب‪ ،‬املنهج املقارن مع دراسات تطبيقية‪ ،‬بريوت‪ :‬املؤسسة اجلامعية للدراسات‬
‫والنشر والتوزيع‪.8113 ،‬‬
‫‪ – 13‬مدين أمحيدوش‪ ،‬الوجيز يف منهجية البحث القانوين‪ ،‬ط ‪ ،4‬املغرب‪.8103 ،‬‬
‫‪ – 13‬عبد اجلواد بكر‪ ،‬منهج البحث املقارن‪ :‬حبوث ودراسات‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار الوفاء لدنيا‬
‫الطباعة والنشر‪.8114 ،‬‬
‫‪ – 12‬لؤي عبد الفتاح وزين العابدين محزاوي‪ ،‬الوجيز يف مناهج البحث وتقنياته‪ ،‬وجدة‪:‬‬
‫جامعة حممد األول‪.8108 ،‬‬
‫‪ – 10‬رميا ماجد‪ ،‬منهجية البحث العلمي‪ ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة فريدريش إيربت‪.8103 ،‬‬
‫‪ – 01‬عبد اهلادي الفضلي‪ ،‬أصول البحث‪ ،‬قم (إيران)‪ :‬مؤسسة دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬دون سنة‬
‫نشر‪.‬‬
‫‪ – 00‬حسينة شرون‪ ،‬دليل إجناز حبث خترج يف احلقوق‪ ،‬مطبوعات خمرب أثر االجتهاد‬
‫القضائي على حركة التشريع‪ ،‬جامعة بسكرة‪.8103 ،‬‬
‫‪ – 08‬عبد السالم الترمانيين‪ ،‬القانون املقارن واملناهج القانونية الكربى املعاصرة‪ ،‬ط ‪،18‬‬
‫جامعة الكويت‪.0028 ،‬‬
‫‪ – 04‬حممود إبراهيم الوايل‪ ،‬دروس يف القانون املقارن‪ ،‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬‬
‫‪.0028‬‬
‫‪ – 03‬حفيظة السيد احلداد‪ ،‬املوجز يف القانون الدويل اخلاص‪ ،‬الكتاب األول‪ :‬املبادئ العامة‬
‫يف تنازع القوانني‪ ،‬بريوت‪ :‬منشورات احلليب احلقوقية‪.8113 ،‬‬
‫‪ – 03‬سيد سابق‪ ،‬فقـه السـنة‪ ،‬ط ‪ ،18‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪.0002 ،‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬
‫‪ – 03‬عبد الرمحان اجلزيري‪ ،‬الفقه على املذاهب األربعة‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار ابن اهليثم‪ ،‬دون سنة‬
‫نشر‪.‬‬
‫‪ – 03‬صاحل طليس‪ ،‬املنهجية يف دراسة القانون‪ ،‬بريوت‪ :‬منشورات زين احلقوقية‪.8101 ،‬‬
‫ثانيا ‪ -‬المقاالت العلمية‪:‬‬
‫‪ - 10‬حممد صفوح األخرص‪" ،‬املسائل املنهجية يف البحوث االجتماعية املقارنة"‪ ،‬اجمللة‬
‫العربية للدراسات األمنية‪ ،‬الرياض‪ :‬املركز العريب للدراسات األمنية والتدريب‪ ،‬جملد ‪،13‬‬
‫العدد ‪ 0301 ،10‬هـ‪.‬‬
‫ثالثا – المراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪01 - Bruno de Loynes de Fumichon, Introduction au droit compare, Collection Ex‬‬
‫‪Professo, Volume II, 2013.‬‬
‫‪02 - H. Patrick Glenn, Quel droit comparé?, R.D.U.S, vol 43, 2013.‬‬
‫‪03 - Barrué-Belou, Méthode et enjeux de la démarche comparative: la question de la‬‬
‫‪comparabilité, P 04, sur le cite internet :‬‬
‫‪http://www.droitconstitutionnel.org/congresNancy/comN4/barrueBelouTD4.pdf.‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪- 33 -‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫احملور الثاين‬
‫إشكالـــية البحــث‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫‪- 82 -‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مساهمة تحديد اإلشكالية في نجاعة البحث‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪mohamed.djagham@hotmail.com‬‬ ‫‪pr.allouache.farid@gmail.com‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الملخص‪:‬‬
‫صياغة اإلشكالية تشكل أوىل مراحل البحث العلمية‪ ،‬فهي تثري مجلة‬
‫تساؤالت هتدف لتأطري الباحث حيث ال يوجد له جواب كامل مرضي‪ ،‬و هذه‬
‫الدراسة هتدف لتحليل مسامهة حتديد اإلشكالية يف جناعة البحث وبيان‬
‫أمهيتها يف توجيه البحث والوصول إىل نتيجة تشكل إضافة إىل املعرفة العلمية‬
‫فالضبط الدقيق والصياغة الواضحة تنعكس على خطوات البحث ومراحله‬
‫وعلى نتائجه‪.‬‬
‫‪Résumé :‬‬
‫‪La construction d’une problématique constitue la première étape‬‬
‫‪de la recherche scientifique, elle constitue un complexe interrogatif‬‬
‫‪visant à cadrer le chercheur, elle peut être considéré comme une‬‬
‫‪interrogation pour‬‬ ‫‪laquelle il n’existe aucune réponse satisfaisante,‬‬
‫‪cette intervention vise à analyser le rôle de la précision de la rédaction‬‬
‫‪de la problématique dans la pertinence de la recherche scientifique.‬‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫ـــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫البحث هو اجلهد الذي يبذله الباحث تفتيشا وتنقيبا وحتقيقا وحتليال‬
‫ونقدا ومقارنة يف موضوع ما بغية اكتشاف احلقيقة والوصول إليها وليس‬
‫للربهنة على شيء ما‪ ،‬أو إثبات أمرما أو تأييد رأي ما يتفق ورؤيته أو ميله‬
‫وبالتايل هو التقرير املوضوعي الكامل الشامل الوايف واملعلل باألدلة واألسانيد‬
‫واجملرد عن كل ميل أو هوى الذي يقدمه الباحث والسيما الباحث األكادميي أو‬
‫اجلامعي حول موضوع أو مشكلة ما‪ ،1‬ومن املعروف أن العديد من البحوث‬
‫والدراسات العلمية تفشل بشكل كبري إلخفاقها يف حتديد مشكلة البحث حتديدا‬
‫واضحا يتم من خالله التعرف على األسباب اليت أدت إىل املشكلة من جهة‬
‫واألبعاد املكونة للمشكلة نفسها من جهة أخرى قبل القيام بتنفيذ مراحل البحث‬
‫العلمي عموما ميكن إيراد األسللة النررية التالية لالسترشاد اها لتحديد‬
‫املشكلة‪ ،‬ما حدة املشكلة أو الراهرة‪ ،‬ما تاريخ بروز هذه املشكلة أو الراهرة يف‬
‫املؤسسة وهل هناك دراسات سابقة حول املشكلة أو الراهرة ميكن احلصول عليها‬
‫بتكاليف أقل وخالل فترة زمنية معقولة أم ال؟‬
‫وبناء على نوعية اإلجابات اليت ميكن احلصول عليها من األسللة ميكن‬
‫حتديد املشكلة بشكل واضح و دقيق يستدل منه على نوعية العالقة بني‬
‫مسبباهتا والعوامل اليت أدت إليها‪ ،‬بشكل عام يعترب احلصول على إجابات‬
‫واضحة وكافية عن األسللة املشار إليها آنفا حافزا قويا لبناء اإلطار النرري‬
‫املناسب لإلنتقال إىل مرحلة أخرى من مراحل البحث العلمي وعلى أسس نررية‬
‫صلبة‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مهدي فضل اهلل‪ ،‬أصول كتابة البحث وقواعد التحقيق‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪،‬‬
‫بريوت‪ ،0991 ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬حممد عبيدات‪ ،‬حممد أبو نصار‪ ،‬عقلة مبيضني‪ ،‬منهجية البحث العلمي القواعد واملراحل‬
‫والتطبيقات‪ ،‬دا وائل‪ ،‬عمان‪ ،0999 ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أوال ‪ -‬تعريف اإلشكالية‪:‬‬


‫إن حتديد اإلشكالية يعترب من أهم املراحل إلجناز حبث علمي‪ ،‬فتحديدها‬
‫بصفة دقيقة وواضحة بشكل جيعلها قابلة للبحث والدراسة هو أوىل اخلطوات‬
‫اليت تقود الباحث إىل اخلطوات الالحقة‪ ،‬فاختيار موضوع الدراسة واختيار‬
‫املشكلة اليت تتوافر فيها اخلصائص الالزمة إلجراء الدراسة ليس أمرا سهال‬
‫وباألخص بالنسبة للباحث املبتدئ‪ ،‬إذ يتطلب جمهودا علميا مضنيا وقد تستغرق‬
‫وقتا طويال وتكثيفا للجهد العقلي والفكري والتفكري العلمي املنطقي بشىت أنواعه‬
‫ومستوياته‪ ،‬ويف األغلب يصل الباحث إىل مشكلة قد تكون واسعة يف جماهلا‬
‫ويصعب دراستها وحبثها اهدف معاجلتها‪ ،‬فاملشكلة عبارة عن موضوعات وجماالت‬
‫وأفكار البحث‪ ،‬أي املقومات األساسية اليت حتدد وتبلور وتوضح املعامل الرئيسية‬
‫خلطة البحث وال توجد طريقة واحدة لوضع املشكلة ولكن من األفضل وضعها ي‬
‫صيغة سؤال‪ ،‬ويفضل أن حيتوي على عالقة بني طرفني‪ ،‬والبد أن تصاغ بوضوح‬
‫ودقة حبيث ميكن اختبارها‪.1‬‬
‫ثانيا ‪ -‬أهمية اإلشكالية‪:‬‬
‫كما سبق وأن بينا أن حتديد اإلشكالية هي أخطر اخلطوات وأمهها على‬
‫اإلطالق وعليها تقوم البحوث العلمية فكثريا ما تتشابك املشاكل وتتعقد وختتلط‬
‫بالرواهر العامة خاصة و أن كثري من املشاكل ترل كامنة ال يعرف حقيقة‬
‫أسبااها‪ .2‬فاجلهد الذي يبذل يف البداية هو الفصل وحتديد مفهوم اإلشكالية‬
‫باملقارنة مع غريها من املفاهيم‪.‬‬

‫‪ - 1‬صالح الدين شروخ‪ ،‬منهجية البحث العلمي‪ ،‬دار العلوم‪ ،‬عنابة‪ ،8111 ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ - 2‬حممد عبد الغين معوض‪ ،‬حمسن أمحد اخلضريي‪ ،‬األسس العلمية لكتابة رسائل املاجستري‬
‫والدكتوراه‪،‬مكتبة األجنلو املصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،0998 ،‬ص‪.08‬‬

‫‪- 20 -‬‬
‫ـــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ثالثا ‪ -‬معايير إختيار اإلشكالية‪:‬‬


‫إن اختيار املشكلة البحثية خيضع جملموعتني من العوامل‪ ،‬هي جمموعة‬
‫العوامل الداخلية أو الشخصية وتتمثل يف اهتمامات الباحث‪،‬كفاءة الباحث‪،‬‬
‫مصادر الباحث من مال ووقت ‪،‬وجمموعة العوامل اخلارجية وهي قابلية املشكلة‬
‫للبحث‪ ،‬اجلدوى‪ ،‬أمهية املشكلة ومدى إحلاحها‪ ،‬أصالة املشكلة وجدهتا‪ ،‬الوسائل‬
‫املتوفرة و األشخاص املشاركني يف البحث‪ ،‬كما أن اإلشكالية تتطور و تنضج مع‬
‫تقدم مراحل البحث حيث ميكن اعتبار اإلشكالية األوىل جمرد إشكالية مبدئية‪،‬‬
‫فهي تكتسب الوضوح والدقة لتساهم يف ضبط خطة الدراسة النهائية‪ ،‬وجتنب‬
‫الدخول يف حلقات مفرغة وتوجهات غري جمدية‪ ،1‬فالباحث مقيد للوصول إىل‬
‫نتائج بثالثية العنوان ‪ ،‬اإلشكالية‪ ،‬خطة الدراسة وبالتايل فهو مضطر للحفاظ‬
‫على اخليط الذي يربط هذه الثالثية وإال فإنه لن يصل إىل اهلدف املرجو من‬
‫البحث‪.‬‬
‫و خيضع اختيار اإلشكالية ووضعها جلملة من املعايري وميكن إمجاهلا فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -0‬اهتمامات الباحث فاملشكلة يفترض أن تثري اهتمام الباحث وأن تشكل‬
‫حتديا بالنسبة له‪ ،‬إذ بدون اإلهتمام و الفضول املعريف ال يستطيع الباحث‬
‫املثابرة والعمل الدؤوب حىت أن املشكلة الصغرية نكون سببا لإلنقطاع عن‬
‫الدراسة والكتابة‪.‬‬
‫‪ -8‬كفاءة الباحث‪ ،‬إن اهتمامات الباحث لوحدها ال تكفي إذ البد أن يكون‬
‫الباحث كفؤا حىت يستطيع أن يدرس املشكلة اليت يريد أن يكتب حوهلا‪ ،‬وكذالك‬
‫جيب أن تتوافر لديه املعرفة الكافية يف املوضوع وكذلك املنهجية والطرق‬
‫اإلحصائية املناسبة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Michel Beaud, L’art de la thèse. Guide approches, édition Casbah, 2005, p33.‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬املصادر الذاتية للباحث‪ ،‬مبا يف ذلك تكلفة البحث فإن مل يكن لديه‬
‫التمويل املايل الكايف فإن ذلك سيعيق عمله إال إذا حصل على دعم مايل خارجي‬
‫وباإلضافة إىل التمويل املايل‪ ،‬الوقت املتوفر للكتابة‪ ،‬فالتفرغ العلمي هو‬
‫االستجابة الصرحية واملنطقية ملقتضيات مسرية التحصيل العلمي والتفرغ‬
‫املطلوب قد يصل لدرجة االنعزال واالنصراف كليا للبحث والتأليف‪.1‬‬
‫‪ -2‬أن تكون املشكلة قابلة للبحث إذ أن كل مشكلة حبثية تتضمن سؤاال أو‬
‫عدة أسللة‪ ،‬وليس كل سؤال ميكن أن يكون مشكلة علمية‪ ،‬ولكي يكون السؤال‬
‫حبثيا جيب أن يكون قابال للمالحرة أو قابال جلمع املعلومات حوله من مصادر‬
‫مجع املعلومات‪.‬‬
‫‪ -7‬فكثري من األسللة يصعب إجابتها على قاعدة املعلومات لوحدها فكثري‬
‫منها يتضمن قيما يصعب قياسها‪.‬‬
‫‪ -6‬أمهية املشكلة‪ ،‬إذ أن البحث يفترض أن يركز على املشكالت ذات‬
‫األمهية الطارئة ‪.‬‬
‫‪ -5‬احلداثة واألصالة‪ ،‬إذ ال يوجد مربر لدراسة مشكلة متت دراستها من‬
‫قبل وهذا ال يعين أن اإلعادة ليست ضرورية‪ ،‬إذ أن اإلعادة يف العلوم‬
‫االجتماعية تلزمنا أحيانا من أجل تأكيد الصدق يف مواقف خمتلفة‪.‬‬
‫وهي من مقومات البحث األساسية‪ ،‬وتتبلور يف اإلسهامات العديدة يف‬
‫ميادين املعارف اإلنسانية‪ ،‬ويف استقاللية األفكار اليت يبىن عليها البحث فالبحث‬
‫األصيل يستند إىل أفكار جديدة وآراء مستحدثة‪ ،‬وليس جملرد سرد ألفكار‬
‫باحثني آخرين ويف قوالب جديدة أو تلخيصها‪ ،‬ولكن جيوز للباحث أن يستند‬
‫ألراء و أفكار وملخصات اآلخرين‪ ،‬وكذلك الدراسات والتعليقات املتصلة مبوضوع‬
‫معني واالستنتاجات املنبثقة عنها يف تكوين األفكار اخلاصة به وصياغة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬سعيد يوسف البستاين‪ ،‬املنهجية والفضائل العلمية"الدراسات العليا واألحباث اجلامعية"‪،‬‬
‫منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،8102 ،‬ص ‪.58‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫ـــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫االفتراضات العلمية واإلتيان بالرباهني واألدلة والبيانات اليت تدعم أفكاره‪،‬‬


‫وحلوله ووجهات نرره حول املسألة املطروحة للبحث‪.‬‬
‫وتتوقف أصالة البحث أيضا على موضوع البحث نفسه‪ ،‬فكلما كان جديدا‬
‫ومبتكرا وذا قيمة علمية أكثر وارتباطا باهتمامات اجملتمع يف علومه‪.1‬‬
‫‪ - 2‬أن يكون البحث عملي‪ ،‬ولكي يتحقق ذلك جيب مراعاة ما يلي‪:‬‬
‫توفر أدوات القياس‪ ،‬أن تتوفر الرغبة لدى األشخاص املراد مقابلتهم‪ ،‬وأن‬
‫تتم الدراسة يف الوقت احملدد‪.2‬‬
‫رابعا ‪ -‬قواعد أساسية في تحديد اإلشكالية‪:‬‬
‫‪ - 0‬مصادر البيانات‪:‬‬
‫هناك مجلة من القواعد احملددة إلشكالية البحث وتتمثل أساسا يف مجع‬
‫البيانات واملعلومات املتاحة عن املشكلة‪ ،‬ففي هذه املرحلة يقوم الباحث جبمع‬
‫البيانات واملعلومات املتاحة عن املشكلة أو عن جانبها الذي سيقوم ببحثه‬
‫وعناصرها وأسبااها من خالل املصادر اليت ميكن الوصول إليها وميكن التفرقة‬
‫بني مصدرين‪:‬‬
‫أ ‪ -‬مصادر البيانات األولية‪:‬‬
‫وهي البيانات اليت يقوم الباحث جبمعها ألول مرة من امليدان باستخدام‬
‫أدوات ووسائل البحث امليداين املعروفة مثل االستقصاءات املختلفة‪ ،‬املالحرة‬
‫الشخصية‪،‬دراسة احلاالت‪ ،‬املقابلة الشخصية‪...‬إخل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬غازي عناية‪ ،‬إعداد البحث العلمي" ليسانس‪ ،‬ماجستري‪،‬دكتوراه"‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،8119 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 2‬منذر الضامن‪ ،‬أساسيات البحث العلمي‪ ،‬دار املسرية عمان‪ ،8115 ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪- 22 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ب‪ -‬مصادر البيانات الثانوية‪:‬‬


‫يقصد بالبيانات الثانوية تلك البيانات املنشورة أو اليت مت مجعها فعال من‬
‫امليدان يف حاالت سابقة ومن أهم مصادرها املراجع العلمية املتعلقة باملوضوع‪،‬‬
‫األحباث العلمية اليت أجريت يف املوضوع‪ ،‬املقالت املنشورة يف الدوريات العلمية‪.‬‬
‫ويف هذه املرحلة جيب أن ميييز الباحث متييزا دقيقا بني البيانات املتصلة‬
‫مبوضوع البحث وتلك اليت ال صلة اهذا املوضوع حىت ال ينفق وقتا وجهدا قيما‬
‫ال عائد أو ضرورة منه وعليه أن يقوم بتنريم البيانات يف صورة جتعل من السهل‬
‫استقراءها أو الرجوع إليها عند احلاجة والربط بينها وبني بيانات أخرى لتكوين‬
‫وحدة املوضوع‪ ،‬أو إجياد العالقات املتداخلة بني عناصره املختلفة‪. 1‬‬
‫‪ - 8‬صياغة اإلشكالية‪:‬‬
‫تنطوي صياغة اإلشكالية على أمهية بالغة على اعتبار أهنا املرحلة اليت‬
‫يعرب فيها الباحث عما يدور يف خلده‪ ،‬وحيدد فيها بدقة ما يريد حبثه‪،‬وعلى هذا‬
‫األساس يتحدث العديد من علماء املنهجية عن شروط صياغة اإلشكالية‬
‫وضوابطها‪ ،‬ويأيت على رأسها أن تكون املشكلة قابلة للبحث و االختبار حبيث‬
‫يستطيع الباحث أن جيين مثرة جهده العلمي‪ ،‬بتطبيق أدوات االختبار عليها لذا‬
‫يتوجب على الباحث أن يركز جهده على صياغة اإلشكالية مبا يتناسب وعمليات‬
‫االختبار ‪.2‬‬
‫كما جيب أن تتميز بالدقة واالختصار وتصاغ يف شكل سؤال ال يكتنفه‬
‫غموض وال لبس فيه وهذا يتطلب حتديد املصطلحات واملفاهيم اليت يتكون منها‬
‫السؤال‪ ،‬وجيب أيضا أن ال يكون السؤال طويال جدا وأن يكون خمتصرا قدر‬
‫املستطاع ‪.‬‬

‫‪ - 1‬حممد عب الغين معوض‪ ،‬حمسن أمحد اخلضريي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.07‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬عامر مصباح‪ ،‬منهجية إعداد البحوث العلمية"مدرسة شيكاغو"‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،8116‬ص ‪.89‬‬

‫‪- 27 -‬‬
‫ـــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ولقد ذهب البعض أن اإلشكالية ميكن صياغتها يف صفحة ونصف‪ ،‬وميكن‬


‫من الناحية العلمية طرح فرضيات ذكر البعض أهنا قد تصل إىل صفحة ونصف‬
‫أيضا‪ ،‬ويف جمال العلوم القانونية ال ينصح بأن تصاغ اإلشكالية يف صفحة‬
‫ونصف‪ ،‬فهذا مبالغ فيه وال ميكن قبوله منهجيا ألن ذلك سيقودنا حتما إلشكالية‬
‫مفتوحة‪ ،‬وكثرية احملاور واألجزاء واألسللة الفرعية و هذا ما يبعث تيها الشك‬
‫فيه لدى كل قارئ‪.1‬‬
‫كذلك فإن يف طرح اإلشكالية يستوجب التجرد واحلياد‪ ،‬فال يوحي السؤال‬
‫أو تساؤالت االنطالق اليت تكون اإلشكالية باالجتاه أو احلكم املسبق‪ ،‬أو تبين‬
‫معايري معينة يف التفسري والتحليل‪ ،‬فاإلشكالية تعترب املدخل الذي حيدد مسار‬
‫تناول موضوع البحث املطروح للدراسة من أجل الوصول إىل نتائج تكون كأجوبة‬
‫على هذه اإلشكالية‪. 2‬‬
‫‪ - 1‬وضع خطة البحث‪:‬‬
‫بعد قراءة املرجع والتوصل إىل اإلشكالية اليت يطرحها الباحث‪ ،‬حياول‬
‫وضع خطة أولية لبحثه‪ ،‬ألنه من مواصفات اخلطة اجليدة أن تكون مرنة تقبل‬
‫التعديل واإلضافة دون اإلخالل بالتوازن‪.‬‬
‫فعملية وضع اخلطة تسبق عادة اإلملام النهائي باملراجع‪ ،‬وتكون بناء على‬
‫بعض املراجع‪ ،‬وعليه ينبغي أن تعدل وفقا للمعلومات املستنبطة من املراجع‬
‫احملصل عليها كلية‪ ،‬فقد ترهر أمام الباحث عناصر جديدة يتعني إدراجها ضمن‬
‫اخلطة‪ ،‬وأخرى ال أمهية هلا يفضل استبعادها‪ ،‬وهذا حبسب ما وصلت إليه‬
‫قناعته بعد نضج أفكاره بشأن املوضوع‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمار بوضياف‪ ،‬املرجع يف كتابة البحوث القانونية‪ ،‬جسور للنشروالتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪،8102 ،‬‬
‫ص ‪.006‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬علي مراح‪ ،‬منهجية التفكري القانوين نرريا وعلميا‪ ،‬ط ‪ ،12‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،8101 ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وتشبه خطة البحث املخطط اهلندسي للبناء‪ ،‬فالباحث الذي يشرع يف‬
‫الكتابة دون وجود خمطط واضح يشبه الشخص الذي حياول بناء بيت دون‬
‫وضع خمطط هندسي فتراه يفتح بابا هنا مث ما يلبث أن يغلقه ليفتح بابا يف‬
‫جدار آخر‪ ،‬وهي اليت تتيح التنريم احملكم للعمل الفكري وفقا ملنهج علمي‬
‫منضبط‪.‬‬
‫ويقصد اها تقسيم املوضوع تقسيما منطقيا‪ ،‬ويشترط فيها أن تكون إجابة‬
‫تدرجيية عن اإلشكالية املطروحة ختضع للتسلسل املنطقي وأن تكون متوازنة‬
‫شكال‪ ،‬وحتقق التوازن الكمي للموضوع‪.1‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫من خالل ما سبق ميكن القول أن أهم خطوة يف إجناز أي حبث هو حتديد‬
‫اإلشكالية املراد دراستها حتديدا دقيقا وصياغتها بأسلوب سهل وواضح يعكس‬
‫إطالع الباحث على املوضوع املراد دراسته‪.‬‬
‫ومما يساهم يف الرقي بالعملية البحثية إعمال قواعد البحث العلمي‬
‫وتسخري الوسائل والوقت واستغالهلما على أحسن وجه‪ ،‬فالباحث يقرأ لينري‬
‫علمية‬ ‫طريق غريه ويبحث ليزيل الغموض ويفسر الرواهر بطرق وأساليب‬
‫ختضع للمواصفات املطلوبة منهجيا‪.‬‬
‫كذلك ما ميكن قوله هو أنه جيب أن يكون للبحث هدف وغاية من وراء‬
‫إجرائه وحتديده بشكل واضح ودقيق مما يساعد بشكل كبري يف تسهيل خطوات‬
‫البحث العلمي وإجراءاته‪ ،‬وهذا يساعد يف سرعة اإلجناز واحلصول على‬
‫البيانات املناسبة ويعزز الثقة يف النتائج املتوصل إليها‪.‬‬

‫‪ - 1‬رقية سكيل‪ ،‬منهجية إجناز البحوث العلمية‪ ،‬دار اخللدونية‪ ،‬اجلزائر‪ ،8101 ،‬ص ‪.09‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫ـــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪ -10‬مهدي فضل اهلل‪ ،‬أصول كتابة البحث وقواعد التحقيق‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪،‬‬
‫بريوت‪.0991 ،‬‬
‫‪ - 18‬حممد عبيدات‪ ،‬حممد أبو نصار‪ ،‬عقلة مبيضني‪ ،‬منهجية البحث العلمي القواعد‬
‫واملراحل والتطبيقات‪ ،‬دا وائل‪ ،‬عمان‪.0999 ،‬‬
‫‪ - 11‬صالح الدين شروخ‪ ،‬منهجية البحث العلمي‪ ،‬دار العلوم‪ ،‬عنابة‪.8111 ،‬‬
‫‪ - 12‬حممد عبد الغين معوض‪ ،‬حمسن أمحد اخلضريي‪ ،‬األسس العلمية لكتابة رسائل‬
‫املاجستري والدكتوراه‪،‬مكتبة األجنلو املصرية‪ ،‬القاهرة‪.0998 ،‬‬
‫‪ - 17‬سعيد يوسف البستاين‪ ،‬املنهجية والفضائل العلمية"الدراسات العليا واألحباث‬
‫اجلامعية"‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪.8102 ،‬‬
‫‪ - 16‬غازي عناية‪ ،‬إعداد البحث العلمي" ليسانس‪ ،‬ماجستري‪،‬دكتوراه"‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.8119 ،‬‬
‫‪ - 15‬منذر الضامن‪ ،‬أساسيات البحث العلمي‪ ،‬دار املسرية عمان‪.8115 ،‬‬
‫‪ - 12‬عامر مصباح‪ ،‬منهجية إعداد البحوث العلمية"مدرسة شيكاغو"‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.8116‬‬
‫‪ - 19‬عمار بوضياف‪ ،‬املرجع يف كتابة البحوث القانونية‪ ،‬جسور للنشروالتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.8102‬‬
‫‪ - 01‬علي مراح‪ ،‬منهجية التفكري القانوين نرريا وعلميا‪ ،‬ط ‪ ،12‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬‬
‫اجلزائر‪.8101 ،‬‬
‫‪ - 00‬رقية سكيل‪ ،‬منهجية إجناز البحوث العلمية‪ ،‬دار اخللدونية‪ ،‬اجلزائر‪.8101 ،‬‬
‫‪12 - Michel Beaud, L’art de la thèse. Guide approches, édition Casbah, 2005.‬‬

‫‪- 22 -‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الشروط األساسية لصياغة اإلشكالية العلمية‬


‫ووضع الفروض في البحوث العلمية‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪madirahma@netcourrier.com‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫إن البحث العلمي هو عملية استقصاء منظم‪ ،‬ودقيق لكشف املعلومات‬
‫اجلديدة حول موضوع معني‪ ،‬أو تصحيح املعلومات القدمية ليبين عليها ويطورها‪،‬‬
‫كل هذا العمل العلمي جيب أن حتدد نطاقه وتصنع هدف له‪ ،‬إشكالية حبثية‬
‫توضح احلدود الفاصلة لبحث علمي ومتيزه عن آخر‪.‬‬
‫تعترب صياغة اإلشكالية من أصعب التحديات اليت يواجهها أي باحث‬
‫أثناء إجناز حبثه‪ ،‬وتكمن صعوبتها يف كوهنا العنصر األساس الذي يوجه البحث‬
‫وحيصر نطاقه‪ ،‬فكلما خرج عن نطاق اإلشكالية هو خارج نطاق البحث بأكمله‪.‬‬
‫لذلك سيتكون اإلشكالية الرئيسية هلذه الورقة البحثية اإلجابة عن‬
‫تساؤل رئيسي هو‪:‬‬
‫"ما هي أهم ضوابط وشروط صياغة اإلشكالية وصياغة الفروض العلمية‬
‫اليت متتحنها وختترب صحتها؟‬
‫لإلجابة عن هذا التساؤل يقترح العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ -0‬ضوابط وضع وصياغة اإلشكالية‪.‬‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫‪-‬تعريف اإلشكالية‪.‬‬
‫‪-‬شروط صياغة اإلشكالية‪.‬‬
‫‪-‬عالقة اإلشكالية بعنوان البحث‪.‬‬
‫‪-‬عالقة اإلشكالية بالتساؤالت الفرعية‪.‬‬
‫‪-‬أمثلة عن الضوابط اليت حتكم‪ :‬اإلشكالية‪ /‬العنوان‪ /‬التساؤالت الفرعية‪.‬‬
‫‪ -8‬وضع الفرضية وكيفية اختيارها‪:‬‬
‫‪-‬تعريف الفرضية‪.‬‬
‫‪-‬خصائص الفرضية‪.‬‬
‫‪-‬شروط صياغة الفرضية‪.‬‬
‫‪-‬أنواع الفرضية‪.‬‬
‫‪ -3‬أمثلة عن عالقة املوضوع‪ /‬العنوان‪ /‬اإلشكالية‪ /‬الفرضيات‪.‬‬
‫‪ -0‬ضوابط وضع وصياغة اإلشكالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعريف اإلشكالية‪:‬‬
‫اإلشكالية لغة‪ :‬وتعين سؤال يتطلب املعاجلة واإلجابة‪.‬‬
‫أما اإلشكالية إصطالحا‪ :‬ميكن تعريفها على أهنا‪:‬‬
‫"عرض هدف البحث يف شكل سؤال يتضمن إمكانية التقصي هبدف إجياد‬
‫إجابة"(‪.)1‬‬
‫كما ميكن تعريفها أيضا على أهنا‪" :‬هي الفراغ يف املعارف العلمية يف‬
‫موضوع معني أو مسألة علمية معنية حيتاج إىل ملء وإضافات جديدة"‪.‬‬
‫من خالل التعاريف السابقة ميكن استنتاج ما يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬أمحد بن مرسلي‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪( ،‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،)8112 ،‬ص‬
‫‪.54‬‬

‫‪- 01 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬أن اإلشكالية تساعد على حتديد اإلطار العام للباحث‪ ،‬حبيث أهنا تقصي كل‬
‫اجلوانب اليت ال تتعلق باملوضوع‪ ،‬وبالتايل إدراجها يصنف ضمن إطار اخلروج عن‬
‫املوضوع‪.‬‬
‫‪ -‬أن اإلشكالية هي أساس البحث وقاعدته األساسية حبيث تتحكم ومن البداية‬
‫يف مدى جناح البحث وفشله‪ ،‬فحصر اإلشكالية املناسبة والناجحة يعين أن‬
‫الباحث يف الطريق الصحيح لبحث علمي ناجح‪.‬‬
‫‪ -‬أن اإلشكالية هي سؤال حول زاوية معينة يف املوضوع مل يتم التطرق إليها من‬
‫قبل‪.‬‬
‫‪ -‬أن اإلشكالية حتدد جمموع العالقات القائمة بني املتغريات الرئيسية يف‬
‫موضوع ما‪ ،‬وبالتايل سيكون اهلدف من املوضوع قد حدد يف نطاق طرح اإلشكالية‬
‫أي أن هدف الباحث هو التحقق من هذه العالقات وإثباهتا من خالل دراسة‬
‫البحث يف تفصيالته والوصول إىل نتائج حتدد هذه العالقات‪.‬‬
‫‪ -‬من خالل التعاريف السابقة ميكن أن يوجد جواب إلشكالية هامة عادة ما‬
‫تواجه الباحثني والطلبة أثناء إجناز حبوث ورسائل التخرج اجلامعية يف أطوار‬
‫خمتلفة من حياهتم الدراسية‪ ،‬أال وهو من شروط اختيار املوضوع أن يكون‬
‫جديدا مل يتعرض له أي باحث بدراسة سابقة؟‬
‫اجلواب يكمن يف كون ليس شرطا أن يكون املوضوع جديد‪ ،‬ألن البحث‬
‫العلمي يف أساسه هو تراكم معريف لبحوث سابقة‪ ،‬جيوز إعادة مناقشة ودراسة‬
‫إحداها‪ ،‬املهم أن اإلشكالية اليت ينطلق منها الباحث يف دراسته هي اليت تكون‬
‫جديدة مبعىن تتميز باألصالة فلم يسبق أي باحث قبل ذلك أن عاجل املوضوع‬
‫من الزاوية اليت ستعاجلها اإلشكالية احلالية‪ ،‬وكم من حبوث تارخيية أعادت‬
‫دراسة املاضي من زوايا جديدة وأعطت نتائج مل يسبق أن وصل إليها من قبل أي‬
‫باحث آخر‪.‬‬
‫ب‪ -‬شروط صياغة اإلشكالية‪:‬‬

‫‪- 00 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫اإلشكالية البحثية الصحيحة جيب أن تتصف بالشروط التالية(‪:)1‬‬


‫‪ -‬شرط الوضوح ‪ :Clarté‬حيث تكون واضحة موجزة ودقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬شرط القابلية للبحث‪ :‬مبعىن أن جتسد الواقع أي أن تكون واقعية‬
‫وقابلة لإلجناز‪.‬‬
‫‪ -‬املالئمة ‪:Faisabilité‬‬
‫أي هلا صلة باملوضوع حمل البحث‪.‬‬
‫‪ -‬املوضوعية‪ :‬أي أن ال تنطلق من رأي ذايت وخاصة جتنب استخدام‬
‫ضمري املتكلم يف صياغتها‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون عامة وشاملة‪ :‬أي أن تشمل كل متغريات العنوان دون أي إقصاء‬
‫ألن إغفال أحد هذه املتغريات سيجعلها قاصرة وغري شاملة‪ ،‬كما حتدد اإلشكالية‬
‫النطاق الزماين واملكاين للموضوع‪.‬‬
‫‪ -‬أ ن تربز فيها العالقة اليت تربط املتغريات الرئيسية للعنوان‪ .‬يف صورة‬
‫إشكال حبثي يوضح اهلدف من املوضوع‪ ،‬مع ضرورة اإلبتعاد عن التضارب يف‬
‫اآلراء والتناقض الذي يفقد اإلشكالية صحتها ومصداقيتها‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يستخدم الباحث أثناء صياغة اإلشكالية عن استخدام اجلمل‬
‫اإلعتراضية ألهنا تبعد القارئ للبحث عن الفكرة األساسية اليت يطرحها‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام أدوات االستفهام املختلفة حسب أغراضها ومالئمة طبيعية‬
‫اإلشكالية املطروحة (كيف‪ ،‬ملاذا‪ ،‬ما هو‪.)...‬‬
‫‪ -‬التقيد باللغة العلمية يف الصياغة‪ ،‬مع اإلبتعاد عن حشو املفاهيم‬
‫والتكرار‪ ،‬واستخدام األسلوب اإلنشائي واإلطناب مما يفقد اإلشكالية شرط هام‬
‫أال وهو علميتها‪.‬‬
‫ج ‪ -‬عالقة اإلشكالية بالتساؤالت الفرعية‪:‬‬

‫(‪ )1‬أمحد شليب‪ ،‬كيف تكتب حبثا أو رسالة‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة‪ ،)0001 ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪- 08 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫التساؤالت البحثية أو كما تسمى أيضا التساؤالت الفرعية هي أسئلة‬


‫استفهامية تلي النتائج املتوقعـة يف البحث عـــلى مستــوى كل حمـــور من حماور‬
‫الدراسة(‪.)1‬‬
‫تفيد التساؤالت الفرعية يف حتديد احملاور األساسية للدراسة وعدم‬
‫اخلروج عن هذه احملاور‪.‬‬
‫تصاغ التساؤالت يف شكل استفهامي حبيث تكون حمددة وعميقة وال تكون‬
‫اإلجابة معروفة عنها مسبقا‪ ،‬أي ضرورة اإلبتعاد عن التساؤل يف املسلمات‬
‫والبديهيات البحثية اليت ال حتتاج إىل إثبات‪.‬‬
‫تكمن عالقتها باإلشكالية يف كوهنا هي األسئلة اجملزئة واملوضحة هلا‪ ،‬فإذا‬
‫كانت اإلشكالية ترد يف شكل تساؤل عام وشامل‪ ،‬فالتساؤالت الفرعية هي اليت‬
‫توضح األجزاء اليت تشكل الكل يف اإلشكالية(‪.)2‬‬
‫كما أن التساؤالت الفرعية تسهل عمل الباحث من حيث أنه يستطيع وضع‬
‫خطة حبثية على أساس هذه التساؤالت‪ ،‬فيحصل على خطة حبثية منوذجية‬
‫تعكس اإلشكالية وال خترج عنها‪ ،‬وهي إحدى مواصفات اخلطة املنهجية‬
‫الناجحة‪.‬‬
‫أيضا جيب التأكيد على أن التساؤالت الفرعية جيب أن تعرب عن جوهر‬
‫اإلشكالية كما جيب أن تكون بعيدة عن الغموض والتأويالت اليت من شأهنا أن‬
‫ختل باملعىن وبالتالية تشويه معىن اإلشكالية‪.‬‬
‫د‪ -‬عالقة اإلشكالية بعنوان البحث‪:‬‬
‫هناك ترابط واضح بني عنوان البحث واإلشكالية‪ ،‬واألمر املؤكد أن وضع‬
‫وصياغة عنوان البحث هو خطوة سابقة لوضع اإلشكالية حيث ال ميكن للباحث‬
‫وضع إشكالية دون أن يكون قد حدد وبدقة عنوان البحث مبتغرياته األساسية‪.‬‬

‫(‪ )1‬عمار بوحوش‪ ،‬مناهج البحث يف العلوم االجتماعية واإلنسانية‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ،)8110 ،‬ص ‪.81‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪Crawitz Modeleine, Méthode des sciences sociales, 4ed (paris : Dalloz, 1988), P85.‬‬

‫‪- 03 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫حيث تكون اإلشكالية هي حتديد دقيق لعالقة هذه املتغريات ببعضها‬


‫ضمن نطاق مشكلة حبثية يتطلب اإلجابة عنها وتأكيدها يف البحث‪.‬‬
‫وقد جرت العادة‪ ،‬حىت أصبح مسلما بصحته أن يعيد الطالب العنوان يف‬
‫شكل سؤال ليصبح إشكاليته البحثية‪ ،‬لكن هذا األمر خاطئ منهجيا‪ ،‬وإن كان‬
‫مستعمال على نطاق واسع‪ ،‬ألن اإلشكالية ليست من السطحية والبساطة يف‬
‫ترمجة العنوان يف شكل سؤال‪ ،‬بل هي إجياد عالقة سببية بني متغريات العنوان‪،‬‬
‫مما يشكل إشكالية حبثية‪.‬‬
‫وإن كان شرطا أساسيا أن حتوي اإلشكالية كل متغريات العنوان‪ ،‬وإال‬
‫اعتربت ناقصة وغري شاملة لكل جوانب املوضوع املدروس‪.‬‬
‫كما جيدر التأكيد عن تقنية منهجية ضرورية أثناء طرح اإلشكالية‬
‫بصدد موضوع يتطلب دراسة حالة‪ ،‬أن تكون اإلشكالية مطروحة عن احلالة‬
‫العامة وليس على احلالة اخلاصة‪ ،‬على اعتبار أن الكل يتضمن اجلزء‪ ،‬لكن‬
‫اجلزء ليس بالضرورة يعكس كل أجزاء الكل‪.‬‬
‫هـ‪ -‬أمثلة عن الضوابط التي تحكم اإلشكالية ‪ /‬العنوان‪ /‬التساؤالت‬
‫الفرعية‪:‬‬
‫المثال ‪:0‬‬
‫العنوان املقترح‪ :‬ظاهرة اإلرهاب الدويل وتداعياهتا على واقع األمن‬
‫اإلنساين‪.‬‬
‫العنوان السابق حيوي متغريين رئيسيني‪ :‬اإلرهاب الدويل‪ ،‬األمن اإلنساين‪.‬‬
‫اإلشكالية المقترحة‪:‬‬
‫كيف ساهم تنامي ظاهرة اإلرهاب الدويل على تدهور مؤشرات األمن‬
‫اإلنساين يف العديد من الدول اليت عرفت هذه الظاهرة؟‬
‫الحظ‪:‬‬
‫‪ -‬أن متغريي العنوان كالمها موجودان يف اإلشكالية‪.‬‬
‫‪ -‬أن اإلشكالية قد احتوت عالقة سببية بني متغريي العنوان‪.‬‬

‫‪- 05 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬أن اإلشكالية متيزت بكل خصائص اإلشكالية من حيث الصياغة والوضوح‬


‫والدقة والداللة وما إىل ذلك‪.‬‬
‫مثال ‪:8‬‬
‫العنوان المقترح‪:‬‬
‫تفشي ظاهرة الطالق وتداعياهتا على اجملتمع دراسة حالة اجملتمع‬
‫اجلزائري‪.‬‬
‫حوى العنوان دراسة حالة للمجتمع اجلزائري‪.‬‬
‫اإلشكالية المقترحة‪:‬‬
‫ما هي التداعيات السلبية لظاهرة الطالق على اجملتمع؟‬
‫الحظ‪:‬‬
‫‪ -‬اإلشكالية طرحت على احلالة العامة وليس على حالة اجملتمع اجلزائري‪.‬‬
‫‪ -‬كما حوت اإلشكالية كل الشروط من صحة ودقة الصياغة والوضوح وقابلية‬
‫اإلجناز‪.‬‬
‫التساؤالت الفرعية‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي ظاهرة الطالق وأهم أسباهبا؟‬
‫‪ -‬ما هو أثر تزايد نسب الطالق يف اجملتمع على التنشئة االجتماعية لألبناء‪.‬‬
‫‪ -‬ما هي أثار تزايد ظاهرة الطالق على وظائف األسرة‪.‬‬
‫‪ -‬كيف تؤثر تزايد نسب الطالق على متاسك اجملتمع اجلزائري؟‬
‫‪ -8‬وضع الفرضية وكيفية اختبارها‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعريف الفرضية‪:‬‬
‫ألن إجناز البحث يبدأ بسؤال كبري هو اإلشكالية فسيكون من املنطقي وضع‬
‫جواب هلذا السؤال‪ ،‬هذا اجلواب يكون مسبقا يوضع من طرف الباحث قبل بداية‬
‫البحث يسمى فرضية‪.‬‬
‫فالفرضية إذا هي‪" :‬إجابة مؤقتة عن اإلشكالية املطروحة‪.‬‬

‫‪- 04 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫أ‪ - 0 -‬تعريف الفرضية لغة(‪:)1‬‬


‫الفرضية أو ‪ Hypothèse‬بالفرنسية‪ ،‬مشكلة من كلمتني‪:‬‬
‫‪ :Hypo‬اليت تعين شيء أقل دقة‪.‬‬
‫‪ :Thèse‬األطروحة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أ‪ - 8 -‬تعريف الفرضية اصطالحا ‪:‬‬
‫"االقتراح الذي تنطلق منه للتفكري يف حل مشكلة ما"‪ .‬أو هي‪" :‬حل أو‬
‫تفسري مؤقت‪ ،‬على الباحث التحقق من صحته"‪.‬‬
‫ب‪ -‬شروط صياغة الفرضية‪:‬‬
‫‪ -‬جيب أن تصاغ الفرضية يف شكل متغريين أو أكثر‪ ،‬حبيث توضح العالقة‬
‫بني املتغريات كالتايل‪:‬‬
‫* العالقة بني متغريين أحدمها مستقل واآلخر تابع‪.‬‬
‫* العالقة بني متغريين مستقل وتابع عن طريق متغري وسيط‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تكون الفرضية منسجمة ومتناسقة مع احلقائق العلمية‪ ،‬أي‬
‫بعيدة عن اخليال وغري متناقضة‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تكون الفرضية دقيقة وحمددة‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تكون قابلة للتحقق وصاحلة لالختبار‪.‬‬
‫‪ -‬يعتمد الباحث على فرضية رئيسية جتيب عن اإلشكالية‪ ،‬وفرضيات‬
‫فرعية جتيب عن التساؤالت الفرعية‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن ال تكون الفرضيات متناقضة مع بعضها البعض‪.‬‬
‫‪ -‬جيب أن تستعمل يف صياغتها اللغة العلمية اليت تتميز بالسهولة‬
‫والبساطة مع االبتعاد عن العموميات‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫; ‪Encyclopédique des sciences de l’information et de la communication, (France‬‬
‫‪Elliês, 1997), P205.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪Ibid.‬‬

‫‪- 02 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ج ‪ -‬أنواع الفرضية‪:‬‬
‫للفرضية نوعان رئيسيان مها(‪:)1‬‬
‫ج – ‪ -0‬الفرضية الصفرية‪:‬‬
‫ويرمز هلا بـ‪ho :‬؛ هذه الفرضية متعلقة بأكثر من جمتمع معني‪ ،‬ومع ذلك‬
‫تصاغ بطريقة تنمي أي وجود فرق أخرى‪ ،‬أوهلا عالقة تدل مبتغريين أو أكثر‬
‫إحصائيا‪ ،‬حبيث هتتم هذه الفرضية بالعالقة السلبية فيما بني املتغريات‪ ،‬أمثلة‬
‫على هذا النوع من الفرضيات‪:‬‬
‫‪ -‬ال وجود لعالقة بني الفيس بوك والتحصيل الدراسي للطلبة اجلامعيني‪.‬‬
‫‪ -‬ال وجود لعالقة دالة بني الطول والذكاء إحصائيا‪.‬‬
‫‪ -‬ال وجود لعالقة فيما بني التحصيل واجلنس‪.‬‬
‫ج – ‪ - 8‬الفرضية البديلة أو الموجبة‪:‬‬
‫ويرمز هبا بـ ‪h1‬؛ يطلق على هذا النوع من الفرضيات بالفرضية املباشرة‪،‬‬
‫تعطي هذه الفرضية عالقة عكسية أو طردية‪ ،‬وتعين هذه الفرضية بوجود‬
‫عالقة إجيابية فيما بني املتغريات قيد الدراسة‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫يوجد عالقة طردية ما بني تزايد الوعي السياسي لدى املواطنني‬
‫واملشاركة السياسية‪.‬‬
‫‪-‬يوجد عالقة عكسية بني االستقرار السياسي والتعددية اإلثنية يف‬
‫الدولة‪.‬‬
‫‪ -3‬أمثلة عن عالقة الموضوع ‪ /‬اإلشكالية‪ /‬الفرضيات‪:‬‬
‫عنوان البحث املقترح‪ :‬تنامي ظاهرة اإلسالموفوبيا من خالل اإلعالم‬
‫الغريب‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫جنديل عبد الناصر‪ ،‬تقنيات ومناهج البحث يف العلوم السياسية واالجتماعية‪( ،‬اجلزائر‪:‬‬
‫ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،)8114 ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪- 01 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫اإلشكالية المقترحة‪:‬‬
‫هل يستهدف اإلعالم الغريب يف خطابه احلركات اإلسالمية أم تشويه‬
‫اإلسالم ومبادئه ؟‬
‫التساؤالت الفرعية‪:‬‬
‫‪ -‬ما هو نوع اخلطاب اإلعالمي الغريب يف معاجلة ظاهرة اإلسالم فوبيا؟‬
‫‪ -‬ما هي فترات تنامي ظاهرة اإلسالم فوبيا؟‬
‫‪ -‬ما هي احللول املقترحة للوقوف يف وجه اإلعالم الغريب وتشويه صورة‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫الفرضيات‪:‬‬
‫‪ -‬تزايد ظاهرة اخلوف من اإلسالم بتزايد التمويل ودرجة الرعب اليت حيويها‬
‫اخلطاب اإلعالمي الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -‬تنامي ظاهرة اإلسالم فوبيا ارتبط بتزايد احلمالت اإلعالمية الغربية على‬
‫إثر اهلجمات اإلرهابية يف أوروبا؟‬
‫‪ -‬اإلعالم اإلسالمي ميلك البدائل لدحض محلة تشويه اإلسالم‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫يتضح من خالل املعاجلة السابقة واألمثلة املتناولة العالقة الوطيدة اليت‬
‫تربط بني العنوان واإلشكالية والتساؤالت الفرعية كما يتضح الدور الكبري الذي‬
‫حتتله اإلشكالية يف توجيه البحث وحصر نطاقه‪ ،‬وبطبيعة احلال كل األسئلة‬
‫واإلشكاليات املطروحة يف البحث تتطلب إجابات هنائية‪ ،‬وتأكيدا هلا يف اخلامتة‬
‫تكون مدعومة باحلجج والرباهني‪ ،‬ألن اهلدف من البحث ليس ترك األسئلة‬
‫مفتوحة والفرضيات بدون تأكيد‪ ،‬بل اهلدف األمسى لكل حبث علمي هو الوصول‬
‫إىل احلقيقة املطلقة بصدد املوضوع املدروس‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪ - 0‬أمحد بن مرسلي‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪( ،‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪.)8112 ،‬‬
‫‪ - 8‬أمحد شليب‪ ،‬كيف تكتب حبثا أو رسالة‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة‪.)0001 ،‬‬

‫‪- 02 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 3‬عمار بوحوش‪ ،‬مناهج البحث يف العلوم االجتماعية واإلنسانية‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬ديوان‬
‫املطبوعات اجلامعية‪.)8110 ،‬‬
‫‪ - 5‬جنديل عبد الناصر‪ ،‬تقنيات ومناهج البحث يف العلوم السياسية واالجتماعية‪( ،‬اجلزائر‪:‬‬
‫ديوان املطبوعات اجلامعية‪.)8114 ،‬‬
‫‪5- Crawitz Modeleine, Méthode des sciences sociales, 4ed (paris : Dalloz, 1988).‬‬
‫; ‪6- Encyclopédique des sciences de l’information et de la communication, (France‬‬
‫)‪Elliês, 1997‬‬

‫‪- 00 -‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫‪- 011 -‬‬


‫‪8102‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫احملور الثالث‬
‫االقتباس واألمانة العلمية‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫‪- 018 -‬‬
‫‪8102‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫االلتباس في تقنيات االقتباس‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪dr.amelyt@gmail.com‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مقــدمة‬
‫قال سول اهلل (ص)‪":‬من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اهلل به طريقا إىل‬
‫اجلنة‪ .‬وإن املالئكة لتضع أجنحها لطالب العلم رضا به‪.‬‬
‫وإنه يستغفر لطالب العلم من يف السماء ومن يف األرض‬
‫حىت احلوت يف البحر‪"...‬‬
‫وأي فضل ميكن لطالب العلم أن يبلغه بعد هذا الفضل‪ ،‬فعال طريق العلم‬
‫والبحث شاق ومتعب‪ ،‬إالّ أنّ حصاده وافر وجمزي‪ ،‬لكن فقط ملن سار على الدرب‬
‫الصحيح‪ ،‬وأخلص النية يف ذلك هلل‪ ،‬إذ كثريا ما نسمع عن حبوث علمية تسرق من‬
‫هنا وهناك‪ ،‬فيكون مربر هؤالء يف ذلك أن؛ ما قاموا به ال يتعدى حدود‬
‫االقتباس العلمي ال غري‪ ،‬يف حني يفسر غريهم ذلك بأنه تعدى حدود االقتباس‪،‬‬
‫إىل ما يعرف بالسرقة العلمية‪ ،‬ما جيعل مسألة الفصل بينهما أمرا ضروريا‪.‬‬
‫ويعود سبب اختيارنا هلذا املوضوع لثالثة أسبابة رئيسية‪:‬‬
‫أوهلما‪ :‬انتشار وتفشي ظاهرة السرقة العلمية يف الوسط اجلامعي بشكل‬
‫ملفت سواء يف مرحلة التدرج أو ما بعد التدرج‪.‬‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أما السبب الثاين فيتمثل يف عدم فهم الطالب آللية االقتباس والتهميش‬
‫واحلد الفاصل بينها وبني السرقة العلمية‪.‬‬
‫أما السبب الثالث فيعود إىل صدور القرار الوزاري رقم‪ 399 :‬الذي يعد‬
‫خطوة مهمة يف طريق احلد من هذه الظاهرة فيما تضمنه من تفصيل وشرح‬
‫وحتديد حلاالت السرقة العلمية من جهة والعقوبات الرادعة املرصودة هلا من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫هذا ما سنفصل فيه انطالقا من اإلشكالية التالية‪:‬‬
‫ما هو احلد الفاصل بني االقتباس‪ ،‬باعتباره من املتطلبات البحثية‬
‫وانعكاس لألمانة العلمية‪ ،‬وأخالقياهتا من جهة‪ ،‬وبني السرقات العلمية‪،‬‬
‫باعتبارها ممارسات ال أخالقية‪ ،‬وتداعياهتا من جهة أخرى؟‬
‫لإلحاطة مبختلف العناصر ذات الصلة باملوضوع قسمنا هذه املداخلة‬
‫حملورين رئيسيني‪:‬‬
‫تطرقنا يف احملور األول منه لدواعي االقتباس وضوابطه‪ ،‬أما احملور الثاين‬
‫فخصصناه لدراسة مسألة السرقات العلمية لألعمال األكادميية‪.‬‬
‫المحور األول‪ :‬دواعي االقتباس وضوابطه‬
‫ال خيلو أي حبث قانوين‪ ،‬بل يستحيل إعداده‪ ،‬دون اعتماد عملية‬
‫االقتباس‪ ،‬اليت حياول الباحث من خالهلا االستشهاد مبا كتب حول موضوعه‪،‬‬
‫وذلك لدعم أو لبيان وجهة نظر مدعمة لرأيه‪،‬أو خمالفة له‪ ،‬أو لشرح فكرته أو‬
‫لتبسيطها‪ ،‬باملفهوم الذي جاء به غريه‪ ،‬أو لبيان السند القانوين ملا يقوله‪ ،‬أو‬
‫حتليل هذا السند وتقييمه‪ ،1...‬ويندرج ذلك ضمن دواعي االقتباس(أوال)‪.‬‬
‫ولكي يكون الباحث صادقا ونزيها يف نقله هلذه املعلومات‪،‬البد عليه أن‬
‫يشري للمصدر الذي استقاها منه‪،‬ملتزما يف ذلك بقواعد االقتباس‬
‫وضوابطه(ثانيا)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jean-Pierre Fragnière, comment réussir un mémoire, une thèse, 04 édition ,Dunod,‬‬
‫‪Paris, 2009, P 92.‬‬

‫‪- 011 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أوال ‪ -‬دواعي االقتباس‪:‬‬


‫إن االقتباس عبارة عن؛ نقل للمعلومات حرفيا‪،‬أو بطريقة غري مباشرة ‪-‬‬
‫كما سنفصل فيه الحقا‪ -‬من خمتلف املؤلفات واملصادر‪ ،‬وإدراجها ضمن موضوع‬
‫البحث‪.1‬‬
‫وعليه انتقاء الباحث ملا يقتبسه‪ ،‬مرتبط بإدراكه لدواعي االقتباس‬
‫وحاجته إليه‪ ،‬وعموما ينصح به يف احلاالت التالية ‪:‬‬
‫‪ -0‬إن كان مضمون ما يُقتبس مهما‪،‬و ذا داللة خاصة يف اللفظ واملعىن‪ ،‬أو‬
‫يدعم نظرة الباحث ورأيه‪ ،‬و ال حيتاج إلعادة يف الصياغة بأفضل مما ورد عليه‪.‬‬
‫‪ -8‬إن كان اهلدف من االقتباس عرض رأي املؤلف كما ورد‪ ،‬هبدف‬
‫معارضته أو تقييمه‪ ،‬أو بغية حتليل الباحث له‪.‬‬
‫‪ -9‬إن كانت للباحث حاجة للفكرة أو النص املقتبس‪ ،‬من أجل مناقشة رأي‬
‫أو مسألة أخرى سيعرضها الباحث الحقا يف دراسته‪.‬‬
‫‪ -1‬إن كان مضمون االقتباس نص قانوين‪ ،‬إذ ينقل كما هو‪.‬‬
‫‪ -1‬إن كانت لغة الفقرة أو فكرهتا صعبة‪ ،2‬أو بلغة أجنبية‪ ،‬تؤدي‬
‫ترمجتها إىل عدم الداللة على مضمون ما قصده املؤلف‪ ،‬بالشكل الذي وردت‬
‫عليه‪.‬‬
‫مىت أدرك الباحث املواضع اليت ينبغي فيها االقتباس‪ ،‬يبقى عليه التقيّد‬
‫بالضوابط اليت ال جتعل منه مفرطا‪ ،‬وال مفرّطا يف ذلك‪،‬وفق ما سنبينه‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬ضوابط االقتباس‪:‬‬
‫إن عملية االقتباس ليست باألمر السهل‪ ،‬خاصة بالنسبة ملن يقبل ألول‬
‫مرة على إعداد حبث علمي‪ ،‬باملعىن الشكلي واملوضوعي للكلمة‪ ،‬ألن ذلك يستلزم‬

‫‪ -1‬صاحل طليس‪ ،‬املنهجية يف دراسة القانون‪ ،‬تقدمي زهري شكر‪،‬الطبعة األوىل‪ ،‬منشورات زين‬
‫احلقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،8101 ،‬ص ‪.061‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.062‬‬

‫‪- 011 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫التحكم يف هذه العملية‪ ،‬من الناحية املوضوعية والتقنية‪ ،‬وذلك حىت يكون‬
‫االقتباس شرعيا‪ 1‬وفق ما سنبينه‪.‬‬
‫‪ -0‬الضوابط الموضوعية لالقتباس‪:‬‬
‫أ‪ -‬ال بد أن يكون الباحث دقيقا‪ ،‬فطنا يف فهم النصوص القانونية‪ ،‬واآلراء‬
‫الفقهية ملختلف املؤلفات اليت يستشهد هبا‪ ،‬حىت ال حيرّف النصوص واآلراء‬
‫املدرجة يف اقتباسه عن مدلوهلا احلقيقي‪ ،2‬أو يكون اقتباسه غامضا ومبهما‪.3‬‬
‫ب‪ -‬عدم اعتقاد الباحث ما يقتبسه من نصوص وآراء من املسلمات‪ ،‬بل‬
‫عليه االتصاف دائما بروح الباحث؛ من نقد وحتليل وتقييم‪...4‬‬
‫ج‪ -‬البد أن حيسن الباحث انتقاء ما هو جدير باالقتباس؛ فيما يتعلق‬
‫حبداثة املراجع وختصصها‪ ،‬وتنوعها‪ ،‬إذ عليه جتنب التركيز على مرجع واحد‬
‫فقط‪ ،5‬وكذا اختيار املضامني واآلراء واملواقف القيمة واألصلية من مصدرها‪،‬و‬
‫اليت تعد بذاهتا حجة علمية يف موضع استخدامها‪ ،‬كآراء الفقهاء واملتخصصني‬
‫يف جمال البحث حمل الدراسة‪ ،‬واملشهود هلم يف ختصصهم‪ ،6‬وبأن تكون األفكار‬
‫املقتبسة مهمة وهلا صلة مبوضوع البحث‪ ،‬وذلك بتجنب احلشو الزائد الذي ال‬
‫خيدم املوضوع‪.7‬‬

‫‪ -1‬حممد مسعود ياقوت‪" ،‬بني السطو العلمي واالقتباس"‪ ،‬تاريخ االطالع ‪.8101/11/03‬‬
‫‪www.islamtoday.ne.‬‬
‫‪ -1‬عمار عوابدي‪ ،‬مناهج البحث العلمي وتطبيقاهتا يف ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪،‬‬
‫الطبعة ‪ ،11‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،8111 ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Michel Beaud, l' art de la thèse, Casbah éditions, Alger, 2010, p.97.‬‬
‫‪ -4‬عمار عوابدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ -5‬صاحل طليس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.062‬‬
‫‪ -6‬عمار عوابدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬أخالقيات البحث العلمي والسرقة العلمية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪،‬‬
‫ورقلة‪ ،8101 ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪- 016 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫د‪ -‬ال بد وهو األهم أن تربز شخصية الباحث العلمية أثناء عملية‬
‫االقتباس‪ ،‬من خالل التحكم يف هذه التقنية من جهة‪ ،‬وبقدرة الباحث على إبراز‬
‫آرائه‪ ،‬ومواقفه والتعليق‪ ،‬والنقد والتحليل‪ ،‬والتقييم ملا قام باقتباسه حىت ال‬
‫تضيع شخصيته بني كثرة االقتباسات من جهة أخرى‪.1‬‬
‫هـ ‪ -‬قدرة الباحث على الربط وحتقيق االنسجام‪ ،‬والتوافق بني ما هو‬
‫مقتبس‪ ،‬وبني خمتلف العناصر اليت أُدرج االقتباس ضمنها‪.2‬‬
‫‪ -8‬الضوابط التقنية لالقتباس‪:‬‬
‫بداية نشري إىل أن االقتباس نوعان ‪:‬‬
‫‪ -‬االقتباس املباشر‪ ،‬أو ما يسمى باالقتباس احلريف للنص‪.‬‬
‫‪ -‬واالقتباس غري املباشر‪.‬‬
‫أ‪ -‬تقنية االقتباس المباشر‪:‬‬
‫يقصد باالقتباس املباشر؛ النقل احلريف للمعلومات‪ ،‬من مؤلفات الغري‪،‬‬
‫واستخدامها يف سياق البحث‪ ،3‬أو هو أخذ الكتابة كما وردت كلمة بكلمة‪.4‬‬
‫ويف هذا النوع يكتب النص املقتبس خبط متميز‪ ،‬وغالبا يكون خبط صغري‬
‫وسط الصفحة‪ ،‬وبسطور متقاربة من بعضها البعض‪ ،‬لتمييزه عن كالم الباحث‪،‬‬
‫وأنه منقول عن غريه‪،‬بوضعه بني شولتني مزدوجتني‪ ،‬مث يعطى له رقم بعد‬

‫‪ -1‬أمحد طالب‪ ،‬منهجية إعداد املذكرات والرسائل اجلامعية‪ ،‬ط ‪ ،6‬دار الغرب للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬وهران‪ ،8113 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Michel Beaud, Opcit, p.93.‬‬
‫‪ -3‬صاحل طليس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.061‬‬
‫‪ -4‬عمار بوحوش‪ ،‬حممد حممود الذنيبات‪ ،‬مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث‪،‬الطبعة‬
‫الرابعة‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،8111 ،‬ص ‪.018‬‬

‫‪- 011 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫غلقهما‪ ،‬يطابق الرقم املوجود يف اهلامش‪ ،‬والذي يتضمن كافة البيانات املتعلقة‬
‫باملصدر املقتبس منه‪.1‬‬
‫أو قد يكون اقتباس مباشر متقطع؛ حبذف الباحث للعبارات أو اجلمل اليت‬
‫ال ختدم موضوع حبثه‪ ،‬على أن ال خيل ذلك باملعىن‪،‬و يف هذه احلالة عليه أن‬
‫يضع بعض النقاط على السطر‪ ،‬مكان احلذف كإشارة منه على ذلك‪.2‬‬
‫أما إذا كان حذفه لفقرة بكاملها تتوسط فقرتني‪ ،‬فعليه وضع سطر مستقل‬
‫من النقط للداللة على احلذف‪.‬‬
‫أما إذا أضاف الباحث داخل النص املقتبس شرح‪ ،‬أو كلمة أخرى فيضعه‬
‫بني قوسني مركنني أي معكوفني للداخل‪.3‬‬
‫و أن تضمن النص املقتبس حرفيا‪ ،‬أي خطأ مطبعي؛ ففي هذه احلالة ميكن‬
‫للباحث إما كتابة النص كما هو‪ ،4‬ويف هنايته يضع قوسني معكوفني ويكتب‬
‫بداخلهما كلمة "هكذا"‪ ،‬وإما يشري يف اهلامش إىل اخلطأ املطبعي الوارد يف النص‬
‫املقتبس‪،‬و يبني الصحيح‪.5‬‬
‫واملالحظة املهمة اليت ال ينبغي للباحث إغفاهلا؛ هي عدم املبالغة‬
‫واإلطالة يف عملية االقتباس احلريف أو املباشر‪ ،6‬بعدم جتاوز احلد األقصى‬

‫‪ -1‬عمار بوحوش‪ ،‬حممد حممود الذنيبات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،3‬ص ‪ ،018‬وأنظر‪:‬عمار‬
‫عوابدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .011‬مثال‪" :‬فاملعرفة إذن أوسع وأمشل من العلم‪ ،‬والعلم جزء وفرع‬
‫من املعرفة‪ ،‬حيث ينطبق العلم على املعرفة العلمية التجريبية فقط‪ ،‬وال يستغرق كل املعرفة‬
‫احلسية‪ ،‬واملعرفة الفلسفية‪ ،‬والتأملية"‪.‬‬
‫‪ -2‬عمار بوحوش‪ ،‬حممد حممود الذنيبات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،011‬وانظر أيضا‪:‬‬
‫‪Michel Beaud, Opcit, p.94.‬‬
‫‪ -3‬أمحد طالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Michel Beaud ,Opcit, P 94.‬‬
‫‪ -5‬عبد الكرمي بوحفص‪ ،‬دليل الطالب إلعداد وإخراج البحث العلمي‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ،‬قسنطينة‪ ،8113 ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪6‬‬
‫‪- Michel Beaud ,Opcit, p.93.‬‬

‫‪- 012 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املتفق عليه‪،‬و املتمثل يف ستة(‪ )6‬أسطر‪ ،1‬وإن كان هناك من يرى بأن ال يتجاوز‬
‫‪2‬‬
‫االقتباس حدود ثالثة(‪ )9‬أو مخسة(‪ )1‬أسطر‪.‬‬
‫ب‪ -‬تقنية االقتباس غير المباشر‪:‬‬
‫ويكون االقتباس غري مباشر؛ عندما يقوم الباحث بنقل األفكار أو اآلراء‬
‫املوجودة يف املؤلفات‪،‬و لكن نقله هلا ال يكون حرفيا‪ ،3‬أي كلمة بكلمة‪ ،‬بل يكون‬
‫بإعادة صياغتها بأسلوبه اخلاص‪،‬على أن يبني مصدر هذه األفكار أو اآلراء‪،‬‬
‫وذلك بوضع رقم يف آخر الفقرة أو اجلملة اليت اقتبسها بأسلوبه‪ ،‬يقابلها نفس‬
‫الرقم يف اهلامش‪،‬الذي يبني فيه مجيع البيانات املتعلقة باملصدر أو املرجع الذي‬
‫استقاها منه‪ ،‬ويف هذه احلالة ال يقوم بوضعها بني شولتني‪ ،‬كما هو احلال عند‬
‫االقتباس املباشر‪ ،‬أو احلريف‪ ،4‬بل يكتفي فقط بوضع الرقم يف آخر الفقرة أو‬
‫اجلملة املقتبسة‪.‬‬
‫هذا ونشري أيضا إىل أن كال النوعني من االقتباس يستخدم أيضا يف‬
‫اهلامش؛ وفق نفس التقنيات السابق بياهنا‪ ،‬مع ذكر كل البيانات املتعلقة با ُملؤَلًف‬
‫املُقتَبس منه‪ ،‬يف هناية االقتباس‪،‬يف نفس اهلامش أيضا‪ ،‬وذلك لدعم وجهة نظر‬
‫الباحث‪ ،‬أو شرحها‪ ،‬أو بيان رأي خمالف هلا‪.‬‬
‫ويكون االقتباس يف اهلامش على صفحة واحدة‪ ،‬غري أنه يف حالة ما إذا‬
‫كان االقتباس طويال‪ ،‬ومل تكفي الصفحة‪،‬ميكن للباحث أن يواصل اقتباسه يف‬
‫هامش الصفحة املوالية‪ ،‬على أن يضع يف هناية هامش الصفحة السابقة‪،‬و يف‬

‫‪-1‬عمار عوابدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .33‬وهو نفس ما ذهب إليه خالد حامد‪ ،‬منهجية البحث يف‬
‫العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬ط ‪ ،0‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،8112 ،‬ص ‪.002‬‬
‫‪ -2‬عبد الكرمي بوحفص‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.010،‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Michel Beaud, Opcit, P 94.‬‬
‫‪ -4‬عمار عوابدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.018‬‬

‫‪- 013 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بداية هامش الصفحة املكملة‪ ،‬إشارة انتقال الكتابة يف هناية اهلامش‪ ،‬واملتمثلة‬
‫يف اخلطان املتوازيان (=)‪.1‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن هناك تقنية حديثة أيضا يف عملية االقتباس‪ ،‬وإن‬
‫كانت غري مستعملة بشكل واسع كما هو احلال بالنسبة للطريقة التقليدية‪ ،‬يف‬
‫حبوثنا العلمية‪ ،‬بل تكاد تكون غري مستخدمة يف البحوث اجلامعية على‬
‫اختالفها‪ ،‬لكنها األكثر شيوعا يف املؤلفات العلمية‪.‬‬
‫و تقوم هذه التقنية على تدوين البيانات املتعلقة باملرجع املقتبس منه يف‬
‫هناية االقتباس‪ ،‬أي بعد غلق القوسني مباشرة‪ ،‬ويف نفس املنت‪ ،‬وال تكتب بيانات‬
‫املرجع كاملة‪ ،‬بل يكتفي الباحث بذكر اسم املُؤلِف‪ ،‬وتاريخ النشر‪ ،‬والصفحة‬
‫فقط‪ ،‬وهذا إن كان االقتباس مباشرا‪ ،‬وإن كان االقتباس غري مباشر‪ ،‬فكتب نفس‬
‫البيانات السابقة دون رقم الصفحة‪ ،‬وهي طريقة تقلص من حجم اإلحاالت‪ ،‬ما‬
‫جيعل النص أكثر دقة وأخف‪.2‬‬
‫أما إذا تعلق األمر باقتباس خمططات أو جداول‪ ،‬فيكون ذلك بوضع رقم‬
‫فوق كل جدول بشكل متسلسل من بداية البحث لنهايته‪ ،‬ويكون لكل جدول‬
‫عنوان يكتب بعد الرقم مباشرة‪ ،‬أما أسفل املخطط أو اجلدول فيذكر الباحث‬
‫املصدر الذي أخذه منه‪،‬و إن كان من إعداده فيشري أيضا إىل ذلك أيضا أسفل‬
‫املخطط مباشرة‪.3‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬السرقات العلمية لألعمال األكاديمية‬
‫مىت تقيد الباحث باحلدود والضوابط السابق ذكرها يف عملية االقتباس‪،‬‬
‫وصف باألمانة العلمية والزناهة‪ ،‬واليت تعد مؤشر على كفاءته‪ ،‬وأخالقياته يف‬
‫البحث العلمي‪ ،‬غري أن من يتجاوز هذه الضوابط فإن ذلك من باب التضليل‬

‫‪ -1‬عمار بوحوش‪ ،‬حممد حممود الذنيبات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.011‬‬


‫‪ -2‬للمزيد وتفصيل هذه الطريقة‪ ،‬أنظر‪ :‬عبد الكرمي بوحفص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪ -3‬عبد الكرمي بوحفص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.010‬‬

‫‪- 001 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واخلداع العلمي‪ ،‬ومؤشر على وجود سرقة علمية‪ ،1‬إذ ينسب بذلك جمهود غريه‬
‫لنفسه‪ ،‬كله أو بعضا منه‪ ،‬فال يصنف عمله إال ضمن السرقة العلمية‪ ،2‬وفق ما‬
‫سنبينه من خالل عناصر هذا احملور‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬أسباب تفشي السرقات العلمية لألعمال األكاديمية‪:‬‬
‫تعد سرقة األعمال األكادميية سواء تعلق األمر بسرقة رسائل‬
‫ماجستري‪،‬أو مذكرات ماستر‪ ،‬أو أطروحات دكتوراه‪ ،‬أو مقاالت علمية‪ ،‬أو‬
‫مطبوعات‪ ،‬أو مؤلفات‪ ،‬أو اختراعات‪ ...‬ظاهرة العصر‪ ،‬اليت تعاين منها اجلامعات‬
‫عامة‪ ،‬واجلزائرية منها خاصة‪ ،‬ميكن أن نلخص أسباب تفشي هذه الظاهرة يف‪:‬‬
‫‪ -0‬غياب الوازع الديين وتراجع القيم األخالقية‪ 3‬؛‬
‫إذ غالبا حمتريف هذه املمارسات الالّأخالقية يتصفون بالكذب واخلداع‪،‬و‬
‫كسب املال ولو باحلرام‪ ،‬وهذا ما يسميه البعض باإلفالس األخالقي‪ ،4‬وغالبا ما‬
‫يكون ذلك انعكاس لألخالق والتربية اليت تلقاها الفرد‪،‬فتنعكس على أخالقياته‬
‫يف البحث ‪.5‬‬
‫‪ -8‬اخلمول والكسل‪ ،‬واستعظام واستصعاب اجناز العمل األكادميي‪.‬‬
‫‪ -9‬عجز الباحث وعدم امتالكه للمؤهالت العلمية الالزمة‪ ،‬اليت متكنه من‬
‫اجناز عمل أكادميي يقوم على التحليل والتقييم‪،‬و النقد والتوجيه‪ ،‬ألن علمه‬

‫‪1‬‬
‫‪- Jean-Pierre Fragnière, , Opcit, P 93.‬‬
‫‪ -2‬واليت عرّفها البعض على أهنا‪" :‬استخدام غري معترف به ألفكار وأعمال اآلخرين حيدث‬
‫بقصد أو غري قصد‪ ،‬وسواء أكانت السرقة مقصودة أو غري مقصودة‪ ،‬فهي متثل انتهاكا‪،‬أكادمييا‬
‫خطريا"‪ .‬أنظر‪ :‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -3‬عصام تليمة‪" ،‬السرقات العلمية‪...‬ظاهرة العصر"‪ ،‬جملة الوعي اإلسالمي‪ ،‬العدد ‪،198‬‬
‫الصادر يف ‪ ،01/00/13‬نقال عن الشبكة الفقهية‪ ،‬امللتقى الفقهي‪ ،www.feqhwep.com ،‬تاريخ‬
‫االطالع‪ ،8101/13/13 :‬ص ‪.83‬‬
‫‪ -4‬حممد مسعود ياقوت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -5‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11‬‬

‫‪- 000 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وقدراته حمدودة‪ ،‬وهو ما يُطلِق عليه البعض باإلفالس الفكري‪ ،1‬ويصنفه‬


‫البعض ضمن تدين مستوى املهارات البحثية واللغوية‪ ،‬واجلهل أيضا بتقنيات‬
‫االقتباس والتوثيق يف البحوث ‪.2‬‬
‫‪ -1‬الرغبة يف التنافس والتباهي بكثرة املؤلفات‪ ،‬واملنشورات‪ ،3‬أو للحصول‬
‫على الدرجات والترقيات‪ ،‬والرتب واملناصب اإلدارية‪ ،‬والشهادات العلمية‪ ،‬بال‬
‫حرص ومتعن فيما يُكتب‪ ،‬وهذا بدوره يعود العتقادهم أن العلم مهنة وليست‬
‫‪4‬‬
‫مهمة‪.‬‬
‫‪ -1‬اعتقاد السارق بعدم القدرة على اكتشافه؛ إما بالنظر ملنصبه‬
‫ونفوذه‪ ،5‬أو بسبب الطريقة اليت قام مبوجبها بالسرقة؛ كأن يكون العمل املسروق‬
‫املسروق غري منشور أو من مؤسسة بعيدة عن مؤسسته األصلية‪ ،‬من داخل الوطن‬
‫أو خارجه‪ ،‬أو استغالل حاجة الغري وضيقهم املادي‪ ،‬خاصة من طرف أصحاب‬
‫املال والنفوذ‪ ،‬بشراء أعمال هؤالء‪ ،‬أو أخذها بالتهديد والترغيب‪.‬‬
‫‪ -6‬عدم اهتمام الدولة بالبحث العلمي والباحثني‪ ،‬وضعف املخصّصات‬
‫املالية هلذا القطاع يف عديد الدول‪ ،‬ما يؤدي لوجود متطفلني عليه‪ ،‬باستغالهلم‬
‫لنفوذهم وأمواهلم‪ ،‬للوصول ألعلى املراتب‪ ،‬ما يؤدي يف النهاية هلزال البحث‬
‫العلمي وتراجعه‪.6‬‬

‫‪ -1‬حممد مسعود ياقوت‪ ،‬مرجع سابق‪.‬ص‪19.‬‬


‫‪ -2‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ -3‬عصام تليمة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -4‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪ -5‬عصام تليمة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -6‬بدر السالم الطرابلسي‪" ،‬ملف خاص بالبحث العلمي يف تونس"‪ ،‬تاريخ االطالع‬
‫‪ 8101/11/02‬املوقع‪www.turess.com. :‬‬

‫‪- 008 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬اخنفاض الوعي وعدم النضج فيما خيص مسألة السرقات العلمية‪،‬‬


‫وخطورهتا على نزاهة البحث العلمي‪.1‬‬
‫‪ -2‬عدم الدقة والتمعن يف فحص األعمال العلمية واألطروحات‪،‬‬
‫ومذكرات التخرج؛ لضيق الوقت‪ ،‬أو لكثرة األعباء‪ ،‬أو بسبب عدم املوضوعية‬
‫واحملاباة وتغليب جانب اجملامالت على العلم ‪.2‬‬
‫ألن السارق يفلت أحيانا من العقاب بسبب الواسطة‪ ،‬وقد خيشى صاحب‬
‫البحث احلقيقي ‪-‬الضحية‪ -‬التنكيل به إذا طالب حبقه‪ ،‬مما جيعله يتغاضى عن‬
‫هذه السرقات‪.3‬‬
‫‪ -3‬التقدم التكنولوجي وما يوفره من تقنيات متطورة‪ ،‬سامهت بشكل كبري‬
‫جدا يف تفشي ظاهرة السرقات العلمية‪ ،‬كتوفري حبوث جاهزة يف خمتلف‬
‫التخصصات ومن كل دول العامل‪ ،‬ومبختلف اللغات‪ ،‬تقنيات القص واللصق‪...،‬‬
‫ثانيا‪ -‬اآلثار المترتبة على السرقات العلمية لألعمال األكاديمية‪:‬‬
‫إن تفشي السرقات العلمية ملؤشر خطري‪ ،‬على تدهور وتراجع قيمة البحث‬
‫ودور املؤسسات التعليمية‪ ،‬مبختلف أطوارها‪ ،‬يف أي دولة كانت‪ ،‬وهذا بدوره يعود‬
‫بآثاره اخلطرية على الباحث‪ ،‬واجملتمع على حد سواء‪ ،‬فهو كالسرطان كلما‬
‫اكتشف باكرا وعاجلناه كلما جتنبنا مضاعفاته‪ ،4‬األمر الذي أفردت له نصوص‬
‫خاصة لتطويقه‪ ،‬والقضاء عليه وفق ما سنبينه‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ -2‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -3‬أشرف أمني‪" ،‬األهرام يواصل محلة الكشف عن السرقات العلمية عرب ‪ 1‬مواقع للدوريات‬
‫العلمية‪ ،‬ارتفاع عدد املخالفات إىل ‪ 61‬باحثا وأستاذا جامعيا"‪ ،www.ahram.org.eg ،‬تاريخ‬
‫النشر ‪ ،81‬نوفمرب ‪.8109‬االطالع ‪.8101/11/88‬‬
‫‪ -4‬أشرف أمني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫‪- 009 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ - 0‬اآلثار الشخصية واالجتماعية المترتبة على السرقات العلمية‪:‬‬


‫باإلضافة لكون السرقات العلمية ممارسات ال أخالقية‪ ،‬ينبذها وحيرّمها‬
‫الشّرع فهي جرمية دينية‪ ،‬خلقة‪ ،‬علمية‪ ،‬جتمع بني عديد اجلرائم‪ : 1‬كالسرقة‪،‬‬
‫خيانة األمانة‪ ،‬استغالل حاجة طالب العلم‪ ،‬اخلداع‪ ،‬استغالال النفوذ‬
‫واملناصب‪ ،...‬وحسبنا يف ذلك قول رسولنا الكرمي حممد (ص)‪":‬من غشنا فليس‬
‫منا"‪.‬‬
‫لذا فان آثارها تنعكس على الباحث احلقيقي واجلدي‪ ،‬ومتتد حىت‬
‫للمجتمع‪ ،‬وذلك‪:‬‬
‫أ ‪ -‬بإصابة الباحث احلقيقي واجلدي باإلحباط‪ ،‬واليأس والسلبية‪،‬‬
‫وتزهّده يف البحث والتفوق واإلبداع‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تؤدي السرقة العلمية إىل القضاء على مقومات وملكات البحث‬
‫العلمي الزنيه بعدم مباالة الباحث وتقيده بضوابط البحث‪ ،‬وتقصّي املعلومـة‪ ،‬ما‬
‫‪2‬‬
‫ينعكس على املستوى التكويين للباحث‪ ،‬بوجود إطارات شكلية هشة فكريا‪.‬‬
‫ج ‪ -‬توظيف من هو ليس أهل للوظيفة‪ ،‬بناء على شهادته املبنية على‬
‫سرقته العلمية‪ ،‬وحصول باحثني على ترقيات ودرجات ليسوا أهال هلا‪ ،‬وهبذا‬
‫‪3‬‬
‫يبدأ اجملال األكادميي يف االحنطاط‪،‬والتراجع والفساد شيئا فشيئا‪.‬‬
‫د ‪ -‬القضاء على موهبة اإلبداع والنشاط واحلراك العلمي‪ ،‬والتنافس‬
‫الزنيه بني الباحثني‪ ،‬بسبب اعتالء خونة األمانة العلمية واستحواذهم على‬
‫املناصب اإلدارية احلساسة‪ ،‬ومناصب اختاذ القرار واستخدامها لعرقلة الباحث‬
‫اجلدي املثابر‪ ،‬ألهنم ال يقدّرون قيمة البحث‪ ،‬وحىت ال يظهر ضعف مستواهم‬
‫العلمي‪ ،‬ضمن هذا احلراك‪.‬‬

‫‪ -1‬عصام تليمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬


‫‪ -2‬عصام تليمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪ -3‬حممد مسعود ياقوت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬

‫‪- 001 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫هـ‪ -‬تراجع وتدين املستوى العلمي لطاليب العلم‪ ،‬لتتلمذهم على أيدي‬
‫هؤالء‪ ،‬وفاقد الشيء ال يعطيه‪ ،‬ما يصيب اجملتمع مبختلف مظاهر الفساد املايل‬
‫واإلداري‪1‬؛‬
‫فيموت املريض‪ ...‬على يد طبيب جنح بالغش‬
‫وتنهار البيوت‪ ...‬على يد مهندس جنح بالغش‬
‫وخنسر األموال‪ ...‬على يد حماسب جنح بالغش‬
‫ويضيع العدل‪ ...‬على يد قاضي جنح بالغش‬
‫ويتفشى اجلهل يف عقول األبناء على يد معلم جنح بالغش‪.2‬‬
‫‪ -8‬اآلثار القانونية المترتبة على السرقات العلمية‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫إن انتشار السرقات العلمية خاصة يف األوساط اجلامعية ‪،‬والتمادي يف‬
‫ذلك‪ ،‬وما خلفته من تداعيات على خمتلف األصعدة‪،‬وفق ما سبق بيانه‪ ،‬جعلت‬
‫السلطات الرمسية يف اجلزائر‪ ،‬وبالضبط وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‬
‫تدرك مؤخرا حجم الضرر الذي تلحقه هذه املمارسات الألخالقية بالبحث‬
‫العلمي عامة‪ ،‬وبسمعة اجلامعة اجلزائرية خاصة‪ ،‬والذي ترجم بإصدار القرار‬
‫رقم ‪ 399‬احملدد للقواعد املتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها ‪.4‬‬

‫‪ -1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.93‬‬


‫‪ -2‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -3‬إذ بلغت نسبة السرقات العلمية على مستوى الليسانس ‪ 11‬باملائة‪ ،‬ويف املاستري ال تقل عن‬
‫‪ 11‬باملائة‪ ،‬ويف املاجستري ال تقل عن ‪ 81‬باملائة تقريبا‪ ،‬ويف الدكتوراه ‪ 01‬باملائة‪ ،‬أنظر‪ :‬إهلام‬
‫بوثلجي‪ ،‬تطبيق قرار مكافحة السرقات العلمية سيحدث زلزاال عنيفا‪ ،‬رؤوس كبرية مرشحة‬
‫للسقوط يف اجلامعات‪ ،‬املوقع ‪ ،www.echoroukonline.com.‬تاريخ النشر‪ 81:‬مارس ‪،8101‬‬
‫تاريخ االطالع ‪ .8101/11/02‬وأنظر‪ :‬بلقاسم حوام‪ ،‬السرقات العلمية تغزو اجلامعات‬
‫ودكاترة بشهادات كرتونية‪ www.echoroukonline.com ،‬اإلطالع يوم ‪.8101/11/03‬‬
‫‪ -4‬القرار رقم‪ 399 :‬احملدد للقواعد املتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها‪ ،‬املؤرخ‬
‫يف ‪ ،8106 /11/81‬وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‪ ،‬اجلزائر‪.8106 ،‬‬

‫‪- 001 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الذي تناول عديد اجلوانب ذات الصلة‪ ،‬ومن ضمنها تعريف السرقة‬
‫العلمية‪ ،‬وحتديد وحصر املمارسات اليت ينطبق عليها هذا الوصف‪ ،‬والعقوبات‬
‫املقررة هلا باعتبار ذلك من اآلثار القانونية‪ ،‬وعليه سنتطرق للعناصر السابقة‪،‬‬
‫الرتباطها املباشر هبذا العنصر‪،‬مث لآلثار املترتبة على السرقة العلمية اليت‬
‫تضمنها هذا القرار‪ ،‬على النحو التايل‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعريف السرقة العلمية وصورها‪:‬‬
‫عرّف القرار الوزاري رقم‪ 399 :‬السرقة العلمية مبوجب املادة‬
‫الثالثة(‪ )19‬منه على أهنا‪:‬‬
‫"كل عمل يقوم به الطالب أو األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث‬
‫االستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم أو كل من يشارك يف عمل ثابت لالنتحال‬
‫وتزوير النتائج أو غش يف األعمال العلمية املطالب هبا أو يف أي منشورات علمية‬
‫أو بيداغوجية"‪.‬‬
‫وبناء على نفس املادة‪ ،‬حصر وعدد القرار رقم ‪ 399‬املمارسات اليت تصنف‬
‫ضمن السرقة العلمية‪ ،‬واليت مشلت ‪ 08‬صورة وهي‪:1‬‬

‫‪ -1‬هناك عديد الكتابات اليت تناولت صور السرقات العلمية‪ ،‬ومن هذه التقسيمات‪:‬‬
‫أ‪ -‬النقل الكامل للمادة العلمية‪ ،‬وهي أشنعها‪.‬‬
‫ب‪-‬التفكيك وإعادة التركيب؛ بتفكيك املادة املسروقة من طرف السارق؛ باستخدامه ألفاظ‬
‫خمتلفة‪،‬إلخفاء ما سرقه مثال‪ :‬كتابة األمانة العلمية‪ ،‬بدل السرقة العلمية‪ ،‬أو كلمة منظمة‬
‫بدل هيئة‪،‬رجال أعمال بدل مستثمرين‪ ،‬أو جدير باإلشارة بدل جدير بالذكر‪.‬‬
‫ج‪-‬السرقة عن طريق حشر الفقرات‪ ،‬وهي األكثر انتشارا؛حيث يبدأ السارق كتابته بألفاظه‬
‫مث حيشر فقرات بكاملها بال هتميش‪.‬‬
‫د‪ -‬السرقة عن طريق الترمجة‪.‬‬
‫هـ‪ -‬سرقة مشاريع البحث‪.‬‬
‫و‪ -‬سرقة عناوين الكتب أو املقاالت‪ ،‬أنظر‪ :‬صور من السرقات العلمية يف اجملتمع العلمي‬
‫والثقايف‪ www. majleas.alukah.net ،‬تاريخ النشر ‪ 81‬مارس ‪ ،8101‬تاريخ االطالع‪:‬‬
‫‪.8101/11/81‬‬

‫‪- 006 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أ ‪ -0 -‬اقتباس كلي أو جزئي ألفكار أو معلومات أو نص أو فقرة أو مقطع‬


‫من مقال منشور أو من كتب أو جمالت أو دراسات أو تقارير أو من مواقع‬
‫إلكترونية أو إعادة صياغتها دون ذكر مصدرها وأصحاهبا األصليني‪،‬‬
‫أ‪ - 8 -‬اقتباس مقاطع من وثيقة دون وضعها بني شولتني ودون ذكر‬
‫مصدرها وأصحاهبا األصليني‪،‬‬
‫أ‪ - 9 -‬استعمال معطيات خاصة دون حتديد مصدرها وأصحاهبا األصليني‪،‬‬
‫أ – ‪ - 1‬استعمال استدالل أو برهان معني دون ذكر مصدره وأصحابه‬
‫األصليني‪،‬‬
‫أ‪ -1 -‬نشر نص أو مقال أو مطبوعة أو تقرير أجنز من طرف هيئة أو‬
‫مؤسسة واعتباره عمال شخصيا‪،‬‬
‫أ‪ - 6 -‬استعمال إنتاج فين معني أو إدراج خرائط أو صور أو منحنيات‬
‫بيانية أو جداول إحصائية أو خمططات يف نص أو مقال دون اإلشارة إىل‬
‫مصدرها وأصحاهبا احلقيقيني‪،‬‬
‫أ – ‪ - 1‬الترمجة من إحدى اللغات إىل اللغة اليت يستعملها الطالب أو‬
‫األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث اإلستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم‬
‫بصفة كلية أو جزئية دون ذكر املترجم واملصدر‪،‬‬
‫أ – ‪ - 2‬قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو‬
‫الباحث الدائم أو أي شخص آخر بإدراج امسه يف حبث أو أي عمل علمي دون‬
‫املشاركة يف إعداده‪،‬‬
‫أ – ‪ - 3‬قيام الباحث الرئيسي بإدراج اسم باحث آخر مل يشارك يف إجناز‬
‫العمل بإذنه أو دون إذنه بغرض املساعدة على نشر العمل استنادا لسمعته‬
‫العلمية‪،‬‬
‫أ ‪ -01 -‬قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو‬
‫الباحث الدائم أو أي شخص آخر بتكليف الطلبة أو أطراف أخرى بإجناز أعمال‬

‫‪- 001 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫علمية من أجل تبنيها يف مشروع حبث أو إجناز كتاب علمي أو مطبوعة‬


‫بيداغوجية أو تقرير علمي‪.‬‬
‫أ ‪ -00 -‬استعمال األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي‬
‫اجلامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص آخر أعمال الطلبة ومذكراهتم‬
‫كمداخالت يف امللتقيات الوطنية والدولية أو لنشر مقاالت علمية باجملالت‬
‫والدوريات‪،‬‬
‫أ ‪ -08 -‬إدراج أمساء خرباء وحمكمني كأعضاء يف اللّجان العلمية‬
‫امللتقيات الوطنية أو الدولية أو يف اجملالت والدوريات من أجل كسب املصداقية‬
‫دون علم وموافقة وتعهد كتايب من قبل أصحاهبا أو دون مشاركتهم الفعلية يف‬
‫أعماهلا‪.‬‬
‫ب‪ -‬العقوبات المقررة على السرقات العلمية‪:‬‬
‫إن اهلدف من فرض هذه العقوبات ليس فقط لعقاب من يقوم بالسرقة‬
‫العلمية‪ ،‬بل حيمل العقاب بني ثناياه أيضا جانب ردعي‪ ،‬وذلك لالتعاظ والعربة‪،‬‬
‫لكل من قد يفكر أو تسول له نفسه سلوك هذا الطريق املخزي‪ ،‬ليعلم مسبقا‬
‫هنايته املظلمة‪ ،‬وعليه مىت حتققت إحدى احلاالت السابقة‪ ،‬وطبقا لنص املادتني‬
‫‪ 91‬و‪ 96‬من هذا القرار يتعرض‪:‬‬
‫ب – ‪ - 0‬كل ما له صلة باألعمال العلمية والبيداغوجية املطالب هبا‬
‫سواء من طرف الطالب يف مذكرات التخرج يف الليسانس واملاستر واملاجستري‬
‫والدكتوراه قبل أو بعد مناقشتها يعرض صاحبها إلبطال املناقشة وسحب اللقب‬
‫احلائز عليه‪.‬‬
‫ب – ‪ - 8‬كل ما له صلة باألعمال العلمية والبيداغوجية املطالب هبا من‬
‫طرف األستاذ الباحث األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي والباحث الدائم يف‬
‫النشاطات البيداغوجية والعلمية ويف مذكرات املاجستري وأطروحات الدكتوراه‬
‫ومشاريع البحث األخرى أو أعمال التأهيل اجلامعي أو أية منشورات علمية أو‬
‫بيداغوجية أخرى واملثبتة قانونا‪ ،‬أثناء أو بعد مناقشتها أو نشرها أو عرضها‬

‫‪- 002 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫للتقييم يعرض صاحبها إىل إبطال املناقشة وسحب اللقب احلائز عليه أو وقف‬
‫نشر تلك األعمال أو سحبها من النشر‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬كيفية تجسيد األمانة العلمية في البحوث األكاديمية‪:‬‬
‫إن األمانة العلمية من أهم مقومات البحوث األكادميية‪ ،‬القائمة على‬
‫استكمال جهود الغري‪ ،‬اليت ال ميكن االستغناء عنها‪ ،‬فتكون بذلك املنطلق الذي‬
‫يبين عليه الباحث دراساته الالّحقة‪ ،‬فينطلق من حيث وصلوا‪ ،‬وواجب الباحث‬
‫يف هذا اإلطار هو االعتراف بفضلهم واإلقرار مبجهودهم‪ ،1‬وتعبهم‪ ،‬بأن ال ينسب‬
‫هذه األفكار واالجتهادات لنفسه‪ ،‬بل ال بد أن يشري إىل املصدر الذي أستقى منه‬
‫هذه املعلومات‪ 2‬ألن أخذ الباحث لكلمات الغري أو أفكارهم أو حبوثهم‪ ،‬وإدراجها يف‬
‫عمله دون اإلشارة إليهم‪ ،‬عن طريق االقتباس‪ ،‬جتعل القارئ يعتقد أن هذه‬
‫األعمال من إنتاج الباحث‪ ،3‬وهذا يعد من باب االقتباس غري الشرعي‪ ،‬ويسمى‬
‫بالسرقة العلمية‪ ،4‬ولتفادي الوقوع يف ذلك البد على الباحث أن‪:‬‬
‫‪ -0‬يكون دقيقا فطنا يف فهم أفكار اآلخرين عند اقتباسها‪ ،‬واستخدامها‬
‫يف حبثه‪.‬‬
‫‪ -8‬التقيد الكامل بكل تقنيات االقتباس والتهميش‪ ،‬وااللتزام هبا من‬
‫بداية البحث إىل هنايته‪.‬‬

‫‪ -1‬ومن فوائد بيان مصدر هذه املعلومات أيضا‪ ،‬التسهيل على القارئ الرجوع هلذا املصدر‪،‬‬
‫ومعرفة املزيد مما يريد االطالع عليه‪ ،‬والتفرقة بني أفكار الباحث‪ ،‬وأفكار املؤلف‪ ،‬لكي يسهل‬
‫على القارئ أو الباحث تتبعها‪ ،‬أنظر‪:‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -2‬بل تتيح أيضا عملية االقتباس العلمي الصحيح‪ ،‬إمكانية اكتشاف السرقات العلمية‪،‬اليت‬
‫يقوم هبا الغري‪ ،‬وبالتايل إخالء مسؤولية الباحث من أي تبعات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬مدونة مؤرخ‪" ،‬ما هي السرقة العلمية وكيف تتجنبها؟"‪ www.sahistorian.com ،‬تاريخ‬
‫االطالع‪.8101/11/80 :‬‬
‫‪ -4‬هناك العديد من حمركات البحث املتخصصة يف الكشف عن السرقات العلمية‪ ،‬منها‪ :‬برنامج‬
‫أنظر‪:‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪heckfor plagiarism/ plagiarisma.net/plagiarism-detect/plagscan.‬‬

‫‪- 003 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -9‬من الضروري واملهم جدا العودة للمصادر األساسية‪ ،‬واألولية للمعلومة‬


‫املقتبسة‪ ،‬ألن املؤلف الثانوي الذي حنن بصدد االقتباس عنه‪،‬قد ال يكون نقله‬
‫لألحكام‪ ،‬أو االجتهادات أو آراء‪ ،‬أو أفكار املؤلف األصلي صحيحة‪ ،‬وقد ال يلتزم‬
‫بقواعد االقتباس‪ ،‬فيقع الباحث ضحية ذلك‪.‬‬
‫‪ - 1‬احلرص على هتميش مصدر االقتباس يف نفس الصفحة‪ ،‬يف اهلامش‪،‬‬
‫وعدم إدراج الباحث للمصدر فقط يف قائمة املراجع‪ ،‬ألن ذلك يعد متويها‪ ،‬إلبعاد‬
‫القارئ عن مصدر املعلومة‪ ،‬وهو مؤشر على وجود سرقة علمية‪.1‬‬
‫‪ - 1‬جتنب االقتباس من املراجع غري املوثوقة‪ ،‬أو املعروفة بعدم أمانتها‬
‫العلمية‪.2‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫كم من دولة ارتقت وتقدمت وسيطرت بفضل العلم والبحث العلمي‪ ،‬وكم‬
‫من الدول تفككت‪ ،‬وختلفت‪ ،‬واستعبدت‪ ،‬بإمهاهلا وتضييعها له‪ ،‬إذ يعد البحث‬
‫العلمي مؤشر من أهم املؤشرات على رقي الدول‪ ،‬وحتضّرها ؛ مبا تبذله من جهود‪،‬‬
‫وما ختصصه من ميزانيات يف سبيل دعم وتطوير البحوث العلمية‪ ،‬مستعينة يف‬
‫ذلك حىت بغري علمائها وباحثيها‪ ،‬باستقطاهبا ملن مل تقدّر وترى دوهلم إشعاع‬
‫نورهم العلمي‪ ،‬إالّ بعد أن سطع خارج أوطاهنم‪.‬‬
‫ولعل صدور القرار السابق‪ ،‬هو اخلطوة األوىل للنهوض هبذا القطاع‬
‫احلساس‪ ،‬والذي مل يقتصر على اجلانب الردعي فقط‪ ،‬بل اهتم حىت باجلوانب‬
‫الوقائية من السرقات العلمية بالدرجة األوىل‪ ،‬مبوجب تدابري التّحسيس‬
‫والتوعية؛ عن طريق الدورات التدريبية‪ ،‬وإدراج مقياس أخالقيات البحث العلمي‬
‫والتوثيق‪ ،‬عرب خمتلف أطوار التعليم العايل‪ ،3‬تنظيم ندوات وأيام دراسية هبذا‬

‫‪ -1‬حممد مسعود ياقوت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 19‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 11‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -3‬وهذا يستلزم تدريب الطالب منذ السنة األوىل على تقنيات البحث واالقتباس والتهميش‪،‬‬
‫وخاصة تعويده االعتماد على الكتب‪ ،‬بالرجوع للمكتبة اليت تكاد تنسى يف الوسط اجلامعي‪،‬‬

‫‪- 081 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الشأن‪ ،...‬إضافة الهتمامه باجلانب الرقايب‪ ،‬وفق اآلليات اليت تضمّنها هذا‬
‫القرار‪.‬‬
‫غري أنه باعتقادنا هذه التدابري ال تؤيت مثارها ما مل حتض‪:‬‬
‫‪ -0‬يف مراحل مبكرة ومنذ األطوار األوىل باهتمام‪ ،‬وعناية اجلهات‬
‫الرمسية لتكون هذه التدابري استكماال هلا‪ ،‬إذ يكون الطالب قد تعود االعتماد‬
‫على نفسه‪ ،‬وهُيئ مسبقا للبحث‪،‬مبا لُقّن من قدرات وملكات يستلزمها البحث‬
‫العلمي‪ ،‬وال يتعود أو يستسيغ من الصغر هذه املمارسة الالّأخالقية؛ كما نرى‬
‫اليوم ظاهرة استنساخ البحوث يف كل األطوار‪ ،‬من اإلنترنت دون أي جهد يذكر‪.‬‬
‫‪ -8‬البد وخاصة يف مناقشة مذكرات املاستر ‪-‬بل وحىت التأطري‪ -‬من‬
‫إعادة النظر يف العدد والزمن املمنوح لألستاذ ملراجعة هذه املذاكرات ملناقشتها‪.‬‬
‫‪ -9‬من املهم بل بات من الضروري‪ ،‬على كل اجلامعات رقمنة مجيع مذكرات‬
‫املاستر‪ ،‬والدكتوراه‪ ،‬والربط بينها لتسهيل مهمة اكتشاف السرقات العلمية‪،‬وجعل‬
‫الطالب بذلك أكثر حذرا وحرصا على اجناز ما هو مطلوب منه‪.‬‬
‫‪ -1‬عدم التساهل أو التراجع عن عقاب لصوص العلم‪ ،‬وإعالء شأن العلم‬
‫والبحث العلمي‪ ،‬وتقدميه على مصلحة الفرد‪ ،‬وليس العكس‪.‬‬
‫‪ -1‬إضافة لذلك يرى البعض أيضا‪ ،‬أن ملقاطعة كتابات وأعمال ممن عرفوا‬
‫بالسرقة العلمية‪ ،‬وفضحهم إعالميا ‪-‬باعتباره واجب شعيب‪ -‬إن مل ميتثلوا‬
‫بالنصيحة دور مهم أيضا يف احلد من السرقات العلمية‪.1‬‬
‫وخري القول ما قاله اهلل سبحانه تعاىل‪" :‬ال حتسنب الذين يفرحون مبا‬
‫أُُّتوا وحيبون أن حيمدوا مبا مل يفعلوا فال حتسبنهم مبفازة من العذاب وهلم‬
‫عذاب أليم"‪ ،‬صدق اهلل العظيم‪ ،‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية ‪.022‬‬

‫ال االنترنت فقط‪ ،‬يف مجعه للمعلومات‪ ،‬والتأكد من ذلك بتعليمه أسلوب التلخيص وإعادة‬
‫الصياغة‪ ،‬وتشجيع وتثمني كل األعمال البحثية والعلمية اجلادة‪ ،‬اليت يقوم هبا الطالب‪ ،‬يف‬
‫نفس السياق أنظر‪ :‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -1‬عصام تليمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪- 080 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وقول رسولنا الكرمي‪" :‬ال إميان ملن ال أمانة له‪ ،‬وال دين ملن ال عهد له"‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪ -0‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -10‬صاحل طليس‪ ،‬املنهجية يف دراسة القانون‪ ،‬تقدمي زهري شكر‪،‬الطبعة األوىل‪ ،‬منشورات زين‬
‫احلقوقية‪ ،‬لبنان‪.8101 ،‬‬
‫‪ -18‬عمار عوابدي‪ ،‬مناهج البحث العلمي وتطبيقاهتا يف ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪،‬‬
‫الطبعة ‪ ،11‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.8111 ،‬‬
‫‪ -19‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬أخالقيات البحث العلمي والسرقة العلمية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪،‬‬
‫ورقلة‪.8101 ،‬‬
‫‪ -11‬أمحد طالب‪ ،‬منهجية إعداد املذكرات والرسائل اجلامعية‪ ،‬ط ‪ ،6‬دار الغرب للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬وهران‪.8113 ،‬‬
‫‪ -11‬عمار بوحوش‪ ،‬حممد حممود الذنيبات‪ ،‬مناهج البحث العلمي وطرق إعداد‬
‫البحوث‪،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.8111 ،‬‬
‫‪ -16‬عبد الكرمي بوحفص‪ ،‬دليل الطالب إلعداد وإخراج البحث العلمي‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ،‬قسنطينة‪.8113 ،‬‬
‫‪ -11‬خالد حامد‪ ،‬منهجية البحث يف العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬ط ‪ ،0‬جسور للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.8112 ،‬‬
‫‪ -8‬المقاالت من االنترنت‪:‬‬
‫‪ -10‬إهلام بوثلجي‪ ،‬تطبيق قرار مكافحة السرقات العلمية سيحدث زلزاال عنيفا‪ ،‬رؤوس كبرية‬
‫مرشحة للسقوط يف اجلامعات‪ ،‬املوقع ‪ ،www.echoroukonline.com.‬تاريخ النشر‪ 81:‬مارس‬
‫‪ ،8101‬تاريخ االطالع ‪.8101/11/02‬‬
‫‪ -18‬بلقاسم حوام‪ ،‬السرقات العلمية تغزو اجلامعات ودكاترة بشهادات كرتونية‪،‬‬
‫‪ www.echoroukonline.com‬اإلطالع يوم ‪.8101/11/03‬‬
‫‪ -19‬حممد مسعود ياقوت‪" ،‬بني السطو العلمي واالقتباس"‪ ،‬تاريخ االطالع ‪،8101/11/03‬‬
‫‪. www.islamtoday.ne‬‬ ‫على موقع‪:‬‬
‫‪ -11‬صور من السرقات العلمية يف اجملتمع العلمي والثقايف‪ www. majleas.alukah.net ،‬تاريخ‬
‫النشر ‪ 81‬مارس ‪ ،8101‬تاريخ االطالع‪.8101/11/81 :‬‬

‫‪- 088 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -11‬مدونة مؤرخ‪" ،‬ما هي السرقة العلمية وكيف تتجنبها؟"‪ www.sahistorian.com ،‬تاريخ‬
‫االطالع‪.8101/11/80 :‬‬
‫‪ -16‬عصام تليمة‪" ،‬السرقات العلمية‪...‬ظاهرة العصر"‪ ،‬جملة الوعي اإلسالمي‪ ،‬العدد ‪،198‬‬
‫الصادر يف ‪ ،01/00/13‬نقال عن الشبكة الفقهية‪ ،‬امللتقى الفقهي‪ ،www.feqhwep.com ،‬تاريخ‬
‫االطالع‪.8101/13/13 :‬‬
‫‪ -11‬بدر السالم الطرابلسي‪" ،‬ملف خاص بالبحث العلمي يف تونس"‪ ،‬تاريخ االطالع‬
‫‪ 8101/11/02‬املوقع‪www.turess.com. :‬‬
‫‪ -12‬أشرف أمني‪" ،‬األهرام يواصل محلة الكشف عن السرقات العلمية عرب ‪ 1‬مواقع للدوريات‬
‫العلمية‪ ،‬ارتفاع عدد املخالفات إىل ‪ 61‬باحثا وأستاذا جامعيا"‪ ،www.ahram.org.eg ،‬تاريخ‬
‫النشر ‪ ،81‬نوفمرب ‪ .8109‬االطالع ‪.8101/11/88‬‬
‫‪ -9‬القوانين‪:‬‬
‫‪ -10‬القرار رقم‪ 399 :‬احملدد للقواعد املتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها‪ ،‬املؤرخ‬
‫يف ‪ ،8106 /11/81‬وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‪ ،‬اجلزائر‪.8106 ،‬‬
‫‪ -1‬المراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪1- Jean-Pierre Fragnière, comment réussir un mémoire, une thèse, 04 édition ,Dunod,‬‬
‫‪Paris, 2009.‬‬
‫‪2- Michel Beaud, l' art de la thèse, Casbah éditions, Alger, 2010 .‬‬
‫‪3- heckfor plagiarism/ plagiarisma.net/plagiarism-detect/plagscan.‬‬

‫‪- 089 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪- 081 -‬‬


‫‪8102‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ضوابط االقتباس والتوثيق في البحث العلمي‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪tareek23@gmail.com‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تشترك التعريفات املقدمة للبحث العلمي يف أنه حماولة منظمة‪ ،‬أي تتبع‬
‫أسلوبًا أو منهاجًا معينًا‪ ،‬وال تعتمد على الطرق غري العلمية‪ .‬وأنه يهدف إىل‬
‫زيادة احلقائق واملعلومات اليت يعرفها اإلنسان‪ ،‬وتوسيع دائرة معارفه ليكون أقدر‬
‫على التكيف مع بيئته والسيطرة عليها‪ ،‬وأنه خيترب املعارف والعالقات اليت‬
‫يتوصل إليها‪ ،‬وال يعلنها إال بعد فحصها والتأكد منها‪ ،‬كما أنه يشمل مجيع ميادين‬
‫احلياة ومجيع مشكالهتا ويستخدم يف مجيع اجملاالت على حد سواء‪.‬‬
‫إن البحث العلمي عبارة عن بناء متكامل األجزاء‪ ،‬متر عملية تشيده‬
‫مبراحل عديدة متسلسلة ومترابطة‪ ،‬جيب على الباحث أن يويل كل واحدة منها‬
‫االهتمام الالزم‪ .‬وأوىل هذه املراحل تبدأ باالستعداد الكامل من الباحث للقيام‬
‫بالبحث وحتمل أعبائه‪ ،‬مث القيام جبمع املعلومات اليت تشكل مادة بناء البحث‪،‬‬
‫مث قراءة هذه املعلومات مث القيام بكتابة البحث وطبعه ومناقشته‪ .‬ولعل من‬
‫أهم وأصعب مراحل البحث العلمي مرحلة الكتابة‪ ،‬إذ تتمثل يف قيام الباحث‬
‫بصياغة وجتديد نتائج البحث‪ ،‬وذلك وفق لقواعد وأساليب ومنهجية علمية‬
‫دقيقة‪ ،‬وإخراجـــه يف صــــورة واضحـة للقارئ‪ ،‬واطالعه على اجلهود واملراحل‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫والنتائج اليت توصل إليها الباحث (‪.)1‬‬


‫وجيب أن يقوم الباحث بالكتابة بأسلوب قانوين علمي وموضوعي‪ ،‬ولغة‬
‫فنية ودقيقة‪ ،‬سليمة وواضحة‪ ،‬وأن يتجنب اإلطناب واإلطالة يف احلديث وأن‬
‫يلتزم اإلجياز والتركيز‪ ،‬وأن حيرص على التسلسل والتناسق بني كل أجزاء‬
‫املوضوع‪ .‬وجيب على الباحث أن يتحلى ببعض األخالقيات يف هذه املرحلة وأن‬
‫يرتب الكتابة ترتيبًا منطقيًا حسب خطة حبثه‪ ،‬كما جيب عليه أن حيرص على‬
‫اإلبداع والتجديد وإبراز شخصية علمية‪ .‬والبد أيضا أن يلتزم الباحث ببعض‬
‫األخالقيات التزامًا كبريًا خالل مرحلة الكتابة‪ ،‬ومنها أن يراعي األمانة العلمية‬
‫وأن يلتزم بالزناهة العلمية وأن يتحلى بالتواضع العلمي‪.‬‬
‫إن أهم ما مييز الكتابة يف البحث العلمي عن الكتابة يف غريها من اجملاالت‬
‫هو مسألة األمانة العلمية وانعكاسها على مسألة اقتباس املعلومات وكيفية نسبتها‬
‫إىل أصحاهبا وفق هتميش دقيق‪ ،‬كل هذه الضوابط املتعلقة باالقتباس والتهميش‬
‫سيكون حمور هذا البحث‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مراعاة األمانة العلمية‪:‬‬
‫من القواعد األساسية يف إعداد البحوث العلمية بوجه عام والبحوث‬
‫القانونية بوجه خاص االلتزام بدقة األمانة العلمية‪ ،‬وهذه األخرية تعين نسبة‬
‫اآلراء إىل أصحاهبا احلقيقيني ومتحيص اآلراء املنقولة من مصادر متعددة‪ ،‬وذلك‬
‫لغرض التحقق من صحتها النسب‪ ،‬إذ أن خطأ الناقل األول يستتبع شيوعه لدى‬
‫الناقلني بعده دون تبصر‪ ،‬إذ يتعني العودة إىل األصل أو الكاتب األول دون النقل‬
‫من اآلخرين فقد يكون النقل غري صحيح (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬حممد خليفة‪ ،‬حماضرات يف مقياس املنهجية‪ ،‬ألقيت على طلبة السنة أوىل حقوق‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق‪ ،‬جامعة ‪ 12‬ماي ‪ 54‬قاملة – اجلزائر‪.8112-8112 ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عبد القادر الشيخلي‪ ،‬قواعد البحث القانوين‪ :‬اجلوانب الشكلية واملوضوعية للبحث‬
‫القانوين السيما يف رسائل املاجستري والدكتوراه ونظم ترقية القضاة وتدرج احملامني‪ ،‬ط ‪=،0‬‬

‫‪- 081 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أ‪ -‬الرجوع إلى المصادر األصلية‪:‬‬


‫من مقتضيات األمانة العلمية الرجوع إىل املصادر األصلية اليت ال تشاركها‬
‫يف املعلومة مصادر أخرى‪ )1(،‬مثل أمهات الكتب والدساتري وخمتلف التشريعات‪ ،‬إذ‬
‫جيب على الباحث أن ال يعتمد على ورودها يف الكتب الفقهية أو العادية‪ ،‬ألن‬
‫املؤلفني قد خيطئون يف النقل أو يوردون النص حسب اجتهاد شخص خاطئ‪.‬‬
‫ب‪ -‬حالة المصادر غير موجودة‪:‬‬
‫بعض املصادر ال توجد يف املكتبات العامة وقد ال تتوفر إال لدى بعض‬
‫الفقهاء يف مكتبتهم اخلاصة‪ ،‬وعند اإلشارة إىل مسألة وردت فيها فمن العيب‬
‫اإلشارة الكاملة إليها كأن الباحث قد رجع إليها‪ ،‬إذ جيب عليه يف هذه احلالة أن‬

‫=دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪ ،0222 ،‬ص ‪ .29‬وانظر أيضا‪ :‬دليل كتابة البحث‬
‫القانوين‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة فيالدلفيا‪ ،‬عمّان‪.8114 -8115 ،‬‬
‫(‪ )1‬وتسمى أيضا بالوثائق األصلية واملباشرة وهي تلك الوثائق اليت تتضمن مباشرة احلقائق‬
‫واملعلومات األصلية املتعلقة مبوضوع البحث وبدون استعمال وثائق ومصادر وسيطة يف نقل هذه‬
‫املعلومات وبعضهم يطلق عليها اصطالحًا املصادر نظرًا ألهنا تشكل املنبع األول للمعلومات ومن‬
‫أمثلتها يف جمال القانون‪ ،‬القوانني مبختلف أنواعها ودرجاهتا واألحكام واملبادئ واالجتهادات‬
‫القضائية والرمسية ونتائج املقابالت واالستبيانات واإلحصائيات‪ .‬يف املقابل هناك الوثائق‬
‫الثانوية أواملراجع‪ ،‬وهي تلك الوثائق اليت تنقل لنا املعلومات عن املوضوع حمل البحث أو عن‬
‫بعض جوانبه من مصادر ووثائق أخرى أي أهنا ليست املصدر األصلي للمعلومات فهي تلعب دور‬
‫الوسيط يف نقل املعلومات من الوثائق األخرى (أولية كانت أو ثانوية مثلها) إىل القارئ يطلق‬
‫عليها البعض اصطالح الوثائق الغري أصلية‪ ،‬أو الغري مباشرة أو املراجع ومن أمثلة هذا النوع‬
‫من الوثائق الكتب واملؤلفات املختلفة اليت يعتمد عليها طالب احلقوق وكذلك الدوريات وما‬
‫حتويه من مقاالت وكذلك الرسائل واملذكرات مبختلف أنواعها واملوسوعات والقوانني‪ ...‬اخل‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬عبود عبد اهلل العسكري‪ ،‬منهجية البحث العلمي يف العلوم القانونية‪ ،‬ط ‪ ،8‬دار النمري‪،‬‬
‫دمشق‪ ،8115 ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪- 081 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يورد الباحث يف اهلامش عبارة "مشار إليه لدى" أو "مذكور لدى" مث يذكر اسم‬
‫الباحث صاحب املرجع الذي ينقل منه الرأي القدمي(‪.)1‬‬
‫ج ‪ -‬حالة االقتباس‪:‬‬
‫االقتباس هو‪" :‬االستعانة باملصادر واملراجع اليت يستفيد منها الباحث‬
‫لتحقيق أغراض حبثه"(‪ .)2‬وهو نوعان‪ :‬اقتباس حريف أو مباشر‪ :‬وفيه يأخذ‬
‫الباحث املعلومة بصياغتها اليت وجدت عليها‪ ،‬واقتباس غري مباشر أي باملعىن‬
‫وفيه ينقل الباحث املعلومة ويُصيغها بأسلوبه اخلاص‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ويلجأ الباحث لالقتباس احلريف يف حاالت هي‪:‬‬
‫‪ ‬إيراد آيات قرآنية أو أحاديث نبوية‪.‬‬
‫‪ ‬إيراد نصوص قانونية‪.‬‬
‫‪ ‬إيراد أحكام قضائية مهمة‪.‬‬
‫‪ ‬إيراد آراء الفقهاء اخلالفية عندما تكون مركزة ويصعب على الباحث‬
‫التغيري فيها‪.‬‬
‫‪ ‬وعمومًا تُقتبس حرفيًا املعلومات اليت تكتسب أمهية كربى يف البحث‪ ،‬أما‬
‫املعلومات األخرى فيشجع الباحث على إعادة صياغتها بأسلوبه اخلاص‪ ،‬وذلك‬
‫من أجل أن تكتب الرسالة بأسلوب واحد‪ ،‬وبغية تشجيع الباحث على التجديد يف‬
‫األسلوب وإبراز شخصيته العلمية‪.‬‬
‫د‪ -‬شروط االقتباس‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫البد على الباحث أن يراعي األمور التالية أثناء االقتباس‪:‬‬

‫(‪ )1‬عبد القادر الشيخلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.29 -28‬‬


‫(‪ )2‬جودت عزت عطوي‪ ،‬البحث العلمي‪ ،‬ط ‪ ،0‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪ ،8112 ،‬ص‬
‫‪.855‬‬
‫(‪ )3‬عبد القادر الشيخلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫(‪ )4‬حممد خليفة‪ ،‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪- 082 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬ال جيوز اقتباس معلومات تستغرق صفحة كاملة فاالقتباس العلمي حمدد‬
‫بأسطر معدودة‪.‬‬
‫‪ -‬البد أن يكون االقتباس ملا هو أكثر أمهية من املعلومات‪.‬‬
‫‪ -‬عند االقتباس املباشر (االستشهاد) البد أن حيدد نطاقه بقوسني صغريين أو‬
‫هاللني لكي يتم متييز أقوال الفقيه عن أقوال الباحث‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة اإلشارة إىل املراجع املقتبس منها‪.‬‬
‫‪ -‬الدقة وعدم تشويه املعىن باحلذف واإلضافة‪.‬‬
‫‪ -‬املوضوعية يف االقتباس‪ ،‬مبعىن عدم اقتصار االقتباسات على ما يؤيد رأي‬
‫الباحث‪ ،‬وإمهال املراجع اليت ختتلف مع وجهة نظره‪.‬‬
‫‪ -‬االعتدال يف االقتباس‪ ،‬مبعىن أال يصبح البحث جمرد اقتباسات من اآلخرين‬
‫دون مسامهة من الباحث‪ ،‬إذ جيب على هذا األخري أن حيرص على إبراز‬
‫شخصيته فيما ينقل‪ ،‬سواء بالتعليق أو التحليل أو النقد أو الشرح (‪.)1‬‬
‫‪ -‬ضرورة وضع ما يشري إىل أن املادة مقتبسة بشكل مباشر أو غري مباشر‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون األفكار املقتبسة ذات صلة مبوضوع البحث‪ ،‬وجتنب احلشو الزائد‪.‬‬
‫‪ -‬جتنب االقتباس من املراجع غري املوثقة علميًا‪ ،‬مع ضرورة التأكد من صحة‬
‫املعلومات املقتبسة (‪.)2‬‬
‫هـ‪ -‬مظاهر الخروج على األمانة العلمية‪:‬‬
‫‪ -‬اقتباس املعلومات دون اإلشارة إىل املرجع الذي وردت فيه‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشارة إىل مراجع ومهية (مراجع مل يتم العودة إليها)‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشارة إىل مراجع خاطئة دون التأكد منها(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬زكية مزنل غرابة‪ ،‬حماضرات يف مقياس "منهج البحث يف العلوم اإلسالمية واإلنسانية"‪،‬‬
‫ألقيت على طلبة السنة أوىل جذع مشترك علوم إسالمية (السداسي األول)‪ ،‬كلية الشريعة‬
‫واالقتصاد‪ ،‬جامعة األمري عبد القادر‪ -‬قسنطينة‪ ،8101 -8101 ،‬ص ص ‪.00 -01‬‬
‫(‪ )2‬جودت عزت عطوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.851 -854‬‬
‫(‪ )3‬عبد القادر الشيخلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪- 082 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬عدم حتلي الباحث بالزناهة العلمية‪ ،‬وحىت يتحلى الباحث هبا البد أن يراعي‬
‫األمور التالية(‪:)1‬‬
‫‪ ‬عرض اآلراء عرضًا موضوعيًا حمايدًا دون تشويه وطمس لبعض معاملها‬
‫اإلجيابية أو عدم إبراز معاملها السلبية(‪.)2‬‬
‫‪ ‬عرض اآلراء عرضًا أخالقيًا خاليًا من اهلجوم الشخصي أو السخرية أو‬
‫احلط من قيمة قائليها‪.‬‬
‫‪ ‬عرض أراء الفقهاء عرضًا مجاعيًا ودون متييز‪ ،‬حبيث تتاح الفرصة للجميع‬
‫ليعرضوا أفكارهم بوضوح‪.‬‬
‫‪ ‬عرض اآلراء كاملة غري منقوصة‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ‬عدم التسرع يف إصدار األحكام واختاذ موقف معني ‪.‬‬
‫و‪ -‬األحكام القانونية للخروج على األمانة العلمية‪:‬‬
‫نظرًا النتشار املعاجلة اآللية للمعطيات‪ ،‬وتوافر خمتلف املصادر واملراجع‬
‫على شبكة األنترنت بصيغة الكترونية‪ ،‬فقد أدى ذلك إىل سهولة الوصول إليها‬
‫واالستفادة منها يف وقت وجيز‪ ،‬ووفر على الباحثني الكثري من اجلهد والوقت‬
‫واملال الذي كان ينفق يف سبيل ذلك سابقًا‪ .‬لكن ولألسف الشديد فإن بعض‬
‫الطلبة قد يسيئون استخدام هذه الوفرة‪ ،‬فيوظفون تلك املراجع يف حبوثهم‬
‫بدون مراعاة لألمانة العلمية‪ ،‬ونظرًا لتفاقم هذا األمر يف السنوات األخرية فقد‬
‫تدخلت وزارة التعليم العايل والبحث العلمي للحد من ذلك‪ ،‬فتمّ إصدار القرار‬
‫الوزاري رقم ‪ 299‬بتاريخ ‪ 82‬جويلية ‪ 8101‬واملتضمن القواعد املتعلقة بالوقاية‬
‫من السرقة العلمية ومكافحتها‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد القادر الشيخلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫(‪)2‬‬
‫حلمي عبد املنعم صابر‪ ،‬منهجية البحث العلمي وضوابطه‪ ،‬حبث منشور على االنترنت‪،‬‬
‫‪ ،8102/11/84‬ص ‪ ،082‬املوقع‪:‬‬
‫‪http://elibrary.mediu.edu.my/books/2018/MEDIU09511_183.pdf‬‬
‫(‪ )3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.095‬‬

‫‪- 091 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وقد عرّفت املادة الثالثة من هذا القرار السرقة العلمية بأهنا‪ " :‬كل عمل‬
‫يقوم به الطالب أواألستاذ الباحث أو األستاذ الباحث اإلستشفائي اجلامعي أو‬
‫الباحث الدائم أو كل من يشارك يف عمل ثابت لالنتحال وتزوير النتائج أو غش‬
‫يف األعمال العلمية املطالب هبا أو يف أي منشورات علمية أوبيداغوجية أخرى‪.‬‬
‫وهلذا الغرض‪ ،‬تعترب سرقة علمية ما يأيت‪:‬‬
‫‪ -‬اقتباس كلي أو جزئي ألفكار أو معلومات أو نص أو فقرة أو مقطع من مقال‬
‫منشور أو من كتب أوجمالت أو دراسات أو تقارير أو من مواقع الكترونية أو إعادة‬
‫صياغتها دون ذكر مصدرها وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬اقتباس مقاطع من وثيقة دون وضعها بني شولتني ودون ذكر مصدرها‬
‫وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال معطيات خاصة دون حتديد مصدرها وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال الربهان أو استدالل معني دون ذكر مصدره وأصحابه األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬نشر نص أو مقال أو مطبوعة أو تقرير أجنز من طرف هيئة أو مؤسسة‬
‫واعتباره عمال شخصيا‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال إنتاج فين معني أو إدراج خرائط أو صور أو منحنيات بيانية أو‬
‫جداول إحصائية أوخمططات يف نص أو مقال دون اإلشارة إىل مصدرها‬
‫وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬الترمجة من إحدى اللغات إىل اللغة اليت يستعملها الباحث أو األستاذ الباحث‬
‫االستشفائي اجلامعي أوالباحث الدائم بصفة كلية أو جزئية دون ذكر املترجم‬
‫واملصدر‪.‬‬
‫‪ -‬قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو الباحث‬
‫الدائم أو أي شخص آخر بإدراج امسه يف حبث أو أي عمل علمي دون املشاركة يف‬
‫إعداده‪.‬‬
‫‪ -‬قيام الباحث الرئيسي بإدراج اسم باحث آخر مل يشارك يف اجناز العمل بإذنه‬
‫أو دون إذنه بغرض املساعدة على نشر العمل استنادا لسمعته العلمية‪.‬‬

‫‪- 090 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو الباحث‬


‫الدائم أو أي شخص آخر بتكليف الطلبة أو أطراف أخرى باجناز أعمال علمية‬
‫من أجل تبنيها يف مشروع حبث أو اجناز كتاب علمي أو مطبوعة بيداغوجية أو‬
‫تقرير علمي‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو الباحث‬
‫الدائم أو أي شخص آخر أعمال الطلبة ومذكراهتم كمداخالت يف امللتقيات‬
‫الوطنية والدولية أو لنشر مقاالت علمية باجملالت والدوريات‪.‬‬
‫‪ -‬إدراج أمساء خرباء وحمكمني كأعضاء يف اللجان العلمية للملتقيات الوطنية أو‬
‫الدولية أو يف اجملالت والدوريات من أجل كسب املصداقية دون علم وموافقة‬
‫وتعهد كتايب من قِبل أصحاهبا أو دون مشاركتهم الفعلية يف أعماهلا"‪.‬‬
‫وتعاقب املادة ‪ 94‬على السرقة العلمية من طرف الطال يف مذكرات‬
‫التخرج يف الليسانس واملاستر واملاجستري والدكتوراه قبل املناقشة بإبطاهلا وبعد‬
‫املناقشة بسحب اللقب احلائز عليه‪.‬‬
‫كما تعاقب املادة ‪ 91‬على السرقة العلمية املتعلقة باألعمال العلمية‬
‫والبيداغوجية املطالب هبا من طرف األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث‬
‫االستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم بوقف نشر تلك األعمال أو سحبها من‬
‫النشر‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬ضوابط توثيق وتهميش المعلومات‪:‬‬
‫نتطرق فيما يلي إىل وظائف اهلامش‪ ،‬واألمور اليت جيب جتنب ذكرها يف‬
‫اهلامش‪ ،‬مث كيفية التهميش وحاالته‪.‬‬
‫أ ‪ -‬وظائف الهامش‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫للهامش وظائف عديدة هي‪:‬‬
‫‪ ‬توثيق املراجع العلمية اليت اعتمدها الباحث‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد القادر الشيخلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪- 098 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ‬ذكر فكرة ثانوية وترك األفكار اجلوهرية باملنت أو جسم البحث‪.‬‬


‫‪ ‬ذكر املوضوعات اليت ليس لديها عالقة مباشرة مبوضوع البحث‪.‬‬
‫‪ ‬شرح بعض املفاهيم واملصطلحات‪.‬‬
‫‪ ‬اإلحالة إىل خمتلف أقسام البحث‪.‬‬
‫‪ ‬اإلحالة إىل مصادر حيتاجها القارئ الذي يريد التوسع يف املوضوع‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ب ‪ -‬األمور التي يجب تجنب ذكرها بالهامش‪:‬‬
‫‪ ‬االستنتاجات واالقتراحات‪.‬‬
‫‪ ‬املعلومات اجلوهرية واحلقائق القانونية‪.‬‬
‫‪ ‬املسلمات واملعلومات الشائعة كالقول أن القاعدة القانونية عامة وجمردة‪.‬‬
‫‪ ‬األفكار اخلاصة بالباحث إذا مل تكن موجودة يف مراجع أخرى له‪.‬‬
‫ج ‪ -‬كيفية التهميش‪:‬‬
‫خيتلف التهميش باختالف نوع الوثيقة اليت يتم هتميشها على النحو‬
‫(‪)2‬‬
‫التايل‪:‬‬
‫‪ -0‬التهميش للكتب العامة‪:‬‬
‫عند التهميش للكتب العامة نذكر املعلومات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬اسم ولقب املؤلف‪.‬‬
‫‪ ‬عنوان الكتاب‪.‬‬
‫‪ ‬رقم الطبعة ورقم اجلزء إن وجدا‪.‬‬
‫‪ ‬دار النشر‪.‬‬
‫‪ ‬مكان النشر‪.‬‬
‫‪ ‬سنة النشر‪.‬‬

‫(‪)1‬عبد القادر الشيخلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫(‪)2‬‬
‫حممد خليفة‪ ،‬املرجع السابق‪ .‬وانظر أيضا‪ :‬عمار بوحوش‪ ،‬دليل الباحث يف املنهجية‬
‫وكتابة الرسائل اجلامعية‪ ،‬ط ‪ ،8‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪ ،0224 ،‬ص ‪ 41‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬

‫‪- 099 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ‬الصفحة‪.‬‬
‫‪ -8‬التهميش للدوريات‪:‬‬
‫‪ ‬اسم ولقب صاحب املقال‬
‫‪ ‬عنوان املقال بني شولتني‪.‬‬
‫‪ ‬اسم اجمللة أو الدورية‪.‬‬
‫‪ ‬دار النشر (اجلهة اليت تصدرها)‪.‬‬
‫‪ ‬مكان النشر‪.‬‬
‫‪ ‬عددها وتاريخ صدورها‪.‬‬
‫‪ ‬الصفحة‪.‬‬
‫‪ -9‬التهميش للرسائل العلمية‪:‬‬
‫‪ ‬اسم ولقب صاحب الرسالة‪.‬‬
‫‪ ‬عنوان الرسالة‪.‬‬
‫‪ ‬نوع أو درجة الرسالة‪.‬‬
‫‪ ‬الكلية واجلامعة اليت نوقشت هبا الرسالة‪.‬‬
‫‪ ‬سنة مناقشة الرسالة‪.‬‬
‫‪ ‬الصفحة‪.‬‬
‫‪ -5‬كيفية تهميش المحاضرة‪:‬‬
‫‪ ‬اسم ولقب األستاذ الذي قدم احملاضرة‪.‬‬
‫‪ ‬لفظة احملاضرة‪.‬‬
‫‪ ‬املقياس الذي تنتمي إليه احملاضرة‪.‬‬
‫‪ ‬مستوى الطلبة (السنة) الذين ألقيت عليهم احملاضرة‪.‬‬
‫‪ ‬املكان أي الكلية واجلامعة اليت ألقيت فيها‪.‬‬
‫‪ ‬السنة اجلامعية‪.‬‬
‫‪ ‬رقم الصفحة إن وجدت‪.‬‬

‫‪- 095 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -4‬التهميش للملتقى‪:‬‬
‫‪ ‬اسم ولقب صاحب املداخلة‪.‬‬
‫‪ ‬عنوان املداخلة‪.‬‬
‫‪ ‬عنوان امللتقى‪ ،‬وطبيعته (ملتقى دويل‪ ،‬وطين‪ ،‬يوم دراسي) الذي ألقيت به‬
‫املداخلة‪.‬‬
‫‪ ‬مكان وتاريخ انعقاده وزمانه‪.‬‬
‫‪ -1‬التهميش ألحكام القضاء‪:‬‬
‫‪ ‬لفظ حكم أو قرار‪.‬‬
‫‪ ‬رقم احلكم أو القرار‪.‬‬
‫‪ ‬اسم ودرجة اجلهة القضائية اليت أصدرته‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ صدوره‪.‬‬
‫‪ -1‬التهميش للقوانين والمراسيم‪:‬‬
‫‪ ‬رقم القانون أو األمر املرسوم‪.‬‬
‫‪ ‬تارخيه‪.‬‬
‫‪ ‬موضوعه‪.‬‬
‫‪ ‬عدد اجلريدة الرمسية اليت أصدر فيه‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ صدورها‪.‬‬
‫‪ ‬الصفحة‪.‬‬
‫‪ -2‬التهميش للمعلومات التي يتحصل عليها من االنترنت‪:‬‬
‫‪ ‬نكتب كل املعلومات السابقة حسب طبيعة املعلومة‪ ،‬مث نتبع ذلك بعنوان املوقع‪،‬‬
‫وتاريخ حتميل املعلومة‪.‬‬
‫‪ -2‬التهميش لمقابلة‪:‬‬
‫‪ ‬لفظ املقابلة مع‪.‬‬
‫‪ ‬اسم الشخص املقابل‪.‬‬
‫‪ ‬موضوع املقابلة‪.‬‬

‫‪- 094 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ‬تاريخ املقابلة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫د ‪ -‬حاالت التهميش‪:‬‬
‫عند اإلشارة إىل املرجع ألول مرة تكتب املعلومات كاملة‪.‬‬
‫عند اإلشارة إىل املرجع بعد املرة األوىل نكتفي بذكر اسم ولقب صاحب‬
‫املرجع متبوعًا بعبارة "املرجع السابق"‪ ،‬مث رقم الصفحة‪.‬‬
‫يف حالة اإلشارة إىل نفس املرجع مرتني على التوايل نكتب يف اإلشارة الثانية‬
‫عبارة "املرجع نفسه" أو عبارة " نفس املرجع"‪ ،‬مث رقم الصفحة‪.‬‬
‫يف حالة اإلشارة إىل مؤلِف له أكثر من مرجع متّ االعتماد عليه‪ ،‬نذكر اسم‬
‫ولقب املؤلِف مث العنوان مث عبارة "املرجع السابق" أو عبارة "مرجع سبق‬
‫ذكره"‪ ،‬مث رقم الصفحة‪.‬‬
‫يف حالة اشتراك مؤلفني أو أكثر يف تأليف كتاب واحد‪ ،‬إذا كانا مؤلِفَني اثنني‬
‫فنكتب امسيهما معًا يف كل اهلوامش‪ ،‬أما إذا كانوا ثالثة أو أكثر فنكتفي بذكر‬
‫اسم ولقب املؤلف األول (الذي يكون يف أعلى اليمني) مث نتبعه بعبارة‬
‫"وآخرون" أو "وزمالؤه"‪ ،‬لكن يف قائمة املراجع يف آخر البحث نذكر كل‬
‫األمساء‪.‬‬
‫يف حالة اقتباس املعلومة يف العديد من املراجع‪ :‬فنذكر كل تلك املراجع على‬
‫التوايل حسب ترتيبها األجبدي‪.‬‬
‫يف حالة اقتباس املعلومة من صفحة واحدة نكتفي بصاد (ص) واحدة‪.‬‬
‫ويف حالة اقتباس املعلومة من العديد من الصفحات املتتالية فنكتب ص ص‬
‫مث رقم أول صفحة مطة (‪ )-‬آخر صفحة‪.‬‬
‫ويف حالة اقتباس املعلومة من العديد من الصفحات املتفرقة نكتب ص ص‬
‫ونكتب أرقام كل صفحة من الصفحات تفصل بينها فواصل مثل ‪،05 ،01 ،1‬‬
‫‪...04‬اخل‬

‫(‪ )1‬حممد خليفة‪ ،‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪- 091 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يف حالة عدم كفاية اهلامش نكتب يف اهلامش الالحق مع كتابة عالمة تساوي‬
‫يف هامش الورقة السابقة يف األخري وبداية اهلامش يف الورقة الالحقة‪.‬‬
‫ويف حالة هتميش اهلامش نكتب العبارة املطلوبة وعبارة انظر إىل‪...‬‬
‫ويف حالة هتميش مرجع ثانوي حتصلت عليه هو أصالً اقتبس ومهّش من‬
‫مرجع آخر هو مرجع أويل‪ ،‬فهنا يكون التهميش على درجتني‪ :‬نكتب املعلومات‬
‫اخلاصة باملرجع الثانوي مث عبارة " نقالً عن" مث نكتب املعلومات اخلاصة‬
‫باملرجع األويل‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫لقد أصبحت االقتباس والتهميش من أهم األمور اليت جتب مراعاهتا يف‬
‫البحوث والدراسات احلديثة‪ ،‬وتعرب عن مدى مصداقية الباحث وأمانته العلمية‪،‬‬
‫وهذه اهلوامش يراد هبا بيان املصادر اليت استخدمها الباحث يف حبثه وكأهنا‬
‫مستنداته يف الدراسة‪ ،‬فهو يقدمها للقارئ وكأمنا يقدم أدلته وبراهينه على ما‬
‫يسوقه من أفكار‪ ،‬واضعًا حتت بصره مجيع مصادره‪ ،‬لرياجعه فيها إن شاء‪ ،‬وليبني‬
‫له كيف كون حبثه‪ ،‬وكأنه يريد أن يشركه معه يف(‪ )1‬الدراسة‪.‬‬
‫إن مدى مراعاة ضوابط االقتباس والتهميش هو الذي يصنع لنا الفرق بني‬
‫البحث العلمي املوثق واألمني‪ ،‬وبني غريه من احملاوالت اليت تفتقر إىل األمانة‬
‫والضبط‪ ،‬وهو الذي حيفظ للبحث العلمي قيمته ويعطي املصداقية لنتائجه‪ ،‬كما‬
‫أنه يكشف لنا عمّا قدمه كل باحث من جديد يف جمال البحث‪ ،‬فيعطي كل ذي‬
‫حق حقه‪ ،‬وحيفظ اجلميل ملن كان هلم فضل السبق‪ .‬وهذا ال يتحقق إال إذا اتسم‬
‫الباحث باألمانة العلمية وأحسن استعمال االقتباس‪ ،‬ووثّق ما يقتبسه بتهميش‬
‫دقيق وواضح‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبود عبد اهلل العسكري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪- 091 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قائمة المراجع المعتمد عليها‪:‬‬


‫‪ -10‬وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‪ ،‬قرار رقم ‪ ،299‬املتضمن القواعد املتعلقة بالوقاية‬
‫من السرقة العلمية ومكافحتها‪ ،‬املؤرخ يف ‪ 82‬جويلية ‪ ،8101‬اجلزائر‪.8101 ،‬‬
‫‪ -18‬جودت عزت عطوي‪ ،‬البحث العلمي‪ ،‬ط ‪ ،0‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪.8112 ،‬‬
‫‪ -19‬حلمي عبد املنعم صابر‪ ،‬منهجية البحث العلمي وضوابطه‪ ،‬كتاب منشور على االنترنت‪،‬‬
‫‪،8102/11/84‬املوقع‪:‬‬
‫‪http://elibrary.mediu.edu.my/books/2018/MEDIU09511_183.pdf‬‬
‫‪ -15‬دليل كتابة البحث القانوين‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة فيالدلفيا‪ ،‬عمّان‪.8114 -8115 ،‬‬
‫‪ -14‬زكية مزنل غرابة‪ ،‬حماضرات يف مقياس "منهج البحث يف العلوم اإلسالمية واإلنسانية"‪،‬‬
‫ألقيت على طلبة السنة أوىل جذع مشترك علوم إسالمية (السداسي األول)‪ ،‬كلية الشريعة‬
‫واالقتصاد‪ ،‬جامعة األمري عبد القادر‪ -‬قسنطينة‪.8101 -8101 ،‬‬
‫‪ -11‬عبد القادر الشيخلي‪ ،‬قواعد البحث القانوين‪ :‬اجلوانب الشكلية واملوضوعية للبحث‬
‫القانوين السيما يف رسائل املاجستري والدكتوراه ونظم ترقية القضاة وتدرج احملامني‪ ،‬ط ‪،0‬‬
‫دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمّان‪.0222 ،‬‬
‫‪ -11‬عبود عبد اهلل العسكري‪ ،‬منهجية البحث العلمي يف العلوم اإلنسانية‪ ،‬دار النمري‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫‪.8115‬‬
‫‪ -12‬عمار بوحوش‪ ،‬دليل الباحث يف املنهجية وكتابة الرسائل اجلامعية‪ ،‬ط ‪ ،8‬املؤسسة‬
‫الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪.0224 ،‬‬
‫‪ -12‬حممد خليفة‪ ،‬حماضرات يف مقياس املنهجية‪ ،‬ألقيت على طلبة السنة أوىل حقوق‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق جامعة ‪ 12‬ماي ‪ 54‬قاملة – اجلزائر‪.8112-8112 ،‬‬

‫‪- 092 -‬‬


‫‪8102‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كيفية االستعانة بالمصادر والمراجع األجنبية‬


‫في إعداد البحوث األكاديمية‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪slimanelhadj@gmail.com‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الملخص‪:‬‬
‫يعترب جلوء الباحثني إىل املصادر واملراجع باللغة األجنبية‪ ،‬من أجل إعداد حبوثهم ضرورة‬
‫ملحة‪ ،‬ال ميكن ألي باحث االستغناء عنها‪ ،‬ذلك أن مستجدات ميادين املعرفة العلمية حتتم البحث عنها‬
‫يف مصادرها األصلية‪.‬‬
‫غري أن عدم إتقان اللغات األجنبية من قبل بعض الباحثني يشكل بالفعل عائقا حيول دون‬
‫االستفادة من فوائد البحث يف املصادر باللغة األجنبية‪ ،‬وقد يؤدي ذلك إىل ممارسات تتناىف وواجب‬
‫األمانة العلمية‪.‬‬
‫وحلل هذا املشكل ال بد على كل باحث أن حيسن مستواه املعريف‪ ،‬عن طريق السعي إىل إتقان‬
‫اللغات األجنبية ‪ -‬بصفة عصامية ‪ -‬وذلك باستخدام الربامج التعليمية اليت يوفرها اإلعالم اآليل‬
‫واالنترنت‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬املصادر باللغات األجنبية؛ عدم إتقان اللغات األجنبية؛ األمانة العلمية؛ السرقة‬
‫العلمية؛ العصامي؛ املعلوماتية واالنترنت‪.‬‬
‫‪Résumé:‬‬
‫‪le recours à la documentation de bases en langues étrangères, par des chercheurs, en vue‬‬
‫‪d'élaborer leurs projets de recherche , constitue un impératif, qu'ils ne peuvent pas s'en passer,‬‬
‫‪du fait que les nouveautés du domaine de savoir scientifique, doivent être recherchées à partir de‬‬
‫‪leur source d'origine.‬‬
‫‪Cependant , la non maitrise des langues étrangères par certains chercheurs constitue une‬‬
‫‪entrave , qui leur empêche de tirer profit des bienfaits de la recherche de la documentation de‬‬
‫‪base, depuis sa source d'origine , et peut mener à des pratiques incompatibles avec le devoir‬‬
‫‪d'intégrité scientifique.‬‬
‫‪Pour remédier à cet état de fait , il incombe à chaque chercheur de se perfectionner en‬‬
‫‪langues étrangères - en autodidacte- en utilisant les programmes éducatifs procurés par‬‬
‫‪l'informatique et l'internet.‬‬
‫‪Mots clés: la documentation de base en langue étrangères ; la non maitrise des langues‬‬
‫‪étrangères , l'intégrité scientifique ; plagiat, l'autodidacte ; informatique et internet.‬‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أن االستعانة باملصادر واملراجع باللغة األجنبية‪ ،‬أثناء‬
‫إعداد البحوث األكادميية ضرورة ال غىن عنها‪ ،‬ألنه من املتعذرِ إن مل نقل من‬
‫املستحيل أن يباشر الباحثُ إجناز حبث‪ ،‬دونَ أن يطلع على الدراسات السابقة يف‬
‫البالد األجنبية‪ ،‬إذا كان موضوع البحث الذي هو بصدد حتضريه‪ ،‬كان قد نشأ‬
‫فيها (البالد األجنبية)‪ ،‬ليكتسبَ خلفيةً واضحة متام الوضوح‪ ،‬تنري حبثه وتدعم‬
‫أسسه‪.‬‬
‫وإن كان األصل يف موضوع البحث أن يعاجل جماالً جديدا‪ ،‬يطرح إشكاالً‬
‫يتطلب احلل‪ ،‬فإنه ليس معىن هذا أال يكون املوضوع جديدا‪ ،‬مل يسبق أن تناولهُ‬
‫أحد‪ ،‬وعليه‪ ،‬فإن البحث الناجح هو من يتوافر على املصادر واملراجع‪ ،‬بالقدرِ‬
‫الذي ميكنُ الباحث من طرح إشكالية تستحق البحث فعال‪ ،‬ومن معاجلة سديدة‬
‫هلذه اإلشكالية‪ ،‬باالستناد إىل التجارب واخلربات السابقة‪ ،‬حىت يتمكن‬
‫(الباحث) من املقارنة والترجيح بني اآلراء املختلفة‪ ،‬واكتشاف مواطن الضعف‬
‫ومواطن القوة‪ ،‬وتقدمي االقتراحات املناسبة لتدارك تلك النقائص املكتشفة‪.‬‬
‫ونظرا ألن الغرب بلغ يف الوقت احلايل قمة التطور يف مجيع اجملاالت‪،‬‬
‫بسبب تطور البحوث العلمية املختلفة هناك‪ ،‬الشيء الذي جيعل االستعانة‬
‫باملراجع األجنبية للدول الغربية ‪ -‬ال سيما تلك احملررة باللغتني اإلجنليزية‬
‫والفرنسية‪ ،‬نظرا لكثرة الكتابة هباتني اللغتني‪ ،‬ولتداوهلما على نطاق واسع ‪-‬‬
‫أكثر من ضرورة‪.‬‬
‫حيث تتمثل إشكالية هذا املقال يف ما مدى دور املصادر واملراجع باللغة‬
‫األجنبية يف إعانة الباحث على إعداد حبث أكادميي ناجح ؟ حيث تطرح‬
‫التساؤالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬ما مدى أمهية اللجوء للمصادر وللمراجع باللغة األجنبية ؟‬
‫‪ -‬ما هي أصول تدوين املصادر واملراجع باللغة األجنبية ؟‬

‫‪- 041 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬ما هي الصعوبات املمكن مواجهتها لدى استعمال املراجع باللغة األجنبية؟ وما‬
‫هي سبل التغلب عليها ؟‬
‫لإلجابة على هذه التساؤالت‪ ،‬يتم استخدام املنهج الوصفي التحليلي‪،‬‬
‫وباعتماد اخلطة اآلتية‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬املقصود باملصادر واملراجع باللغة األجنبية وأمهية اللجوء إليهما‬
‫املبحث الثاين‪ :‬استعمال املصادر واملراجع باللغة األجنبية ‪ -‬الصعوبات وسبل‬
‫التغلب عليها‪-‬‬
‫المبحث األول‬
‫المقصود بالمصادر والمراجع باللغة األجنبية وأهمية اللجوء إليهما‬
‫لقد ورد يف تعريف البحث العلمي بأنه‪:‬‬
‫"البحث العلمي يف حقيقته وسيلة يبتغي اإلنسان عن طريقها‪ ،‬وعرب‬
‫مناهجها الوصول إىل حقيقة األشياء واالستفادة منها(‪.")1‬‬
‫وانطالقا‪ ،‬من هذا التعريف‪ ،‬فإن الوصول إىل حقيقة األشياء واالستفادة‬
‫منها يقتضي تقصي املعلومة‪ ،‬ويتطلب بالضرورة البحث عنها‪ ،‬وال يكون البحث‬
‫جمديا‪ ،‬إال إذا كان يف املصادر األصلية لتك املعلومة‪ ،‬ومن هنا تبدو أمهية اللجوء‬
‫إىل املصادر واملراجع األجنبية لتوثيق سليم‪ ،‬ملسائل نشأت هناك‪ ،‬وال ميكن بأي‬
‫حال من األحوال‪ ،‬البحث عنها يف أي مصدر أخر‪ ،‬وحىت ولو تيسر احلصول‬
‫عليها‪ ،‬فإن ذلك ال خيلو من النقد‪ ،‬كونه ال يتفق ومبادئ املنهجية السليمة‪.‬‬
‫وعليه يتم تقسيم هذا املبحث األول إىل مطلبني‪ ،‬يتم التعرض يف املطلب‬
‫األول للمقصود باملصادر واملراجع‪ ،‬مث ألمهية اللجوء إىل املصادر واملراجع باللغة‬
‫األجنبية‪ ،‬وكيفية إعدادها يف مطلب ثان‪ ،‬على التفصيل الوارد أدناه‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫جابر جاد نصار‪ ،‬أصول وفنون البحث العلمي‪ .‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة ‪ ،10‬القاهرة‬
‫مصر‪ ،8112 ،‬ص ‪.04‬‬

‫‪- 040 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫المطلب األول‪ :‬المقصود بالمصادر والمراجع‬


‫يكتسي حمور املصادر واملراجع يف كل حبث علمي مكانة ال يستهان هبا‪ ،‬إذ‬
‫يعد الركيزة األساسية اليت يستند إليها البحث‪ ،‬ويسند إليها الباحث أطروحاته‬
‫وجديد أفكاره‪ ،‬وما يرجحه من أراء‪ ،‬وما يؤيده ويعارضه‪ ،‬وإن تالزم مصطلحي‬
‫املصادر واملراجع‪ ،‬ليس معناه أهنما مترادفان‪ ،‬أو أن وجود أحدمها‪ ،‬يغين عن‬
‫وجود األخر‪ ،‬بل فهما خيتلفان‪ ،‬على الرغم من اخلطأ الشائع‪ ،‬والذي يقع فيه‬
‫الكثري‪ ،‬ويعتربون أن املصادر واملراجع شيء واحد‪ ،‬وهلذا ينبغي هنا‪ ،‬التمييز بني‬
‫هذين املصطلحني (املصادر واملراجع)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المقصود بالمصادر‬
‫املصادر هي املؤلفات األساسية واألصلية اليت تعاجل موضوع ما بأسلوب‬
‫علمي‪ ،‬ويعتمد عليها الباحث‪ ،‬ويرجع إليها يف القراءة واملطالعة‪ ،‬ومجع املعلومات‬
‫حول موضوع حبثه‪ ،‬فكلما أكثر الباحث من مجع املصادر العلمية على اختالف‬
‫أنواعها‪ ،‬كلما زادت قيمة حبثه املراد إجنازه وإذا كان الباحث هو أول مستعمل‬
‫هلذه املصادر يف حبثه‪ ،‬فإنّه ال شكّ أنه سيقدّم معلومات جديدة يف جمال حبثه‪،‬‬
‫وسيكون هلا األثر البالغ والنتائج اإلجيابية‪ ،‬خالل تقييم حبثه من طرف جلنة‬
‫املناقشة أو اخلرباء‪.‬‬
‫وقد تكون املصادر متعددة املصادر‪ ،‬أي قد تكون عبارة عن نصوص‬
‫تشريعية وتنظيمية‪ ،‬أو اجتهادات قضائية‪ ،‬أو مقاالت أكادميية‪ ،‬أو مداخالت‬
‫أكادميية ألقيت يف املؤمترات العلمية أو مناقشة علمية ضمن مقابالت‬
‫تلفيزيونية‪ ،‬أو مواقع إلكترونية رمسية‪ ،‬موثوق باملعلومات اليت حتتويها‪ ،‬أو‬
‫غريها‪ ،‬كاألعمال األصلية املكتوبة‪ ،‬والبحوث العلمية األكادميية املنشورة يف‬
‫اجملالت العلمية‪ ،‬والفيديوهات‪ ،‬والربامج التلفزيونية‪ ،‬واألفالم الوثائقية‪،‬‬
‫واملخطوطات والوثائق احلكومية‪ ،‬واإلحصاءات العلمية واالقتصادية (‪.)1‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪"Primary and Secondary Sources", library.ithaca.edu, Retrieved 2018-4-10. Edited.‬‬
‫‪Date of site visit:10/05/2018.‬‬

‫‪- 048 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وتعترب من قبيل املصادر األصلية األولية‪ ،‬األعمال اليت متت كتابتها خبط‬
‫يد أصحاهبا كدواوين الشعر‪ ،‬كما تعد املصادر اليت كتبها الباحثون الذين‬
‫عاصروا الباحث‪ ،‬ونقلوا املعلومات عنه باملصادر األصلية‪ ،‬وكذا منشورات‬
‫املؤسسات العريقة‪ ،‬يف خمتلف فروع املعرفة‪ ،‬كما هو احلال‪ ،‬بالنسبة ملؤسسة‬
‫‪ ،)1( Dalloz‬فيما يتعلق مبجال العلوم القانونية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المقصود بالمراجع‬
‫املراجع هي األحباث اليت متت كتابتها يف العصر احلديث‪ ،‬وتلقب باملصادر‬
‫الفرعية العتمادها على املصادر األصلية األولية‪ ،‬حيث تشمل األحباث املعاصرة‬
‫اجلديدة املفصّلة واملستندة إىل املصادر األصليّة األوليّة‪ ،‬فهي تنقل املعلومة مثّ‬
‫شرحها‪ ،‬وتفصيلها‪ ،‬ونقدها وتلخيصها‪ ،‬ومنها املقاالت يف الصحف‪ ،‬واألفالم‪،‬‬
‫واملقاالت املنشورة يف اجملالت العلمية واجملالت‪ ،‬والصحف اليومية اليت تصدر‬
‫بشكل دوري‪ ،‬والكتب اليت يرجع املؤلفون إىل مصادرها األصلية(‪.)2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية اللجوء إلى المصادر والمراجع باللغة األجنبية‬
‫وطريقة اإلحالة إليها‬
‫نتناول يف هذا املطلب الثاين من املبحث األول أمهية اللجوء إىل املصادر‬
‫واملراجع األجنبية وكيفية اإلحالة إليها‪ ،‬حيث نقسم هذا املطلب إىل فرعني‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Fondée par Désiré Dalloz en 1845, la maison d'édition Dalloz est directement issue‬‬
‫‪du recueil de « Jurisprudence générale du Royaume », dont le premier volume sort en‬‬
‫‪1824, signé par Désiré et son jeune frère, Armand (1797-1857), et dont le titre complet‬‬
‫‪est: Journal des audiences de la Cour de cassation et des cours royales, ou‬‬
‫‪Jurisprudence générale du Royaume en matière civile, commerciale et criminelle .‬‬
‫‪Avocat de formation, Désiré avait, en 1819, épousé Caroline Peyre, petite-fille de‬‬
‫‪l'éditeur Charles-Joseph Panckoucke, et était devenu entretemps rédacteur, puis‬‬
‫‪directeur (1824) du Journal des audiences. L'alliance entre les familles Peyre-‬‬
‫‪Panckoucke et Dalloz allait permettre à cette dernière de mettre un pied plus‬‬
‫‪rapidement encore dans le monde de l'édition juridique.‬‬
‫‪https://fr.wikipedia.org/wiki/Dalloz, date de visite: 09/10/2018.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪"Primary and Secondary Sources", library.ithaca.edu, Retrieved 2018-4-10. Edited.‬‬
‫‪date de visite du site: 09/07/2018.‬‬

‫‪- 040 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يشتمل الفرع األول على أمهية اللجوء إىل املصادر واملراجع األجنبية‪ ،‬ويتناول‬
‫الفرع الثاين طريقة اإلحالة إىل املصادر واملراجع األجنبية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أهمية المصادر والمراجع باللغة األجنبية في البحث‬
‫يكتسي اللجوء إىل املصادر واملراجع أمهية معتربة يف البحث العلمي‪،‬‬
‫وتتمثل هذه األمهية يف عدة عناصر نتناوهلا بإجياز يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬نسب المصادر والمراجع إلى أصحابها‪:‬‬
‫تكمن أمهية املصادر واملراجع يف قيام الباحث بنسب املصادر واملراجع إىل‬
‫(‪)1‬‬
‫الذين كان هلم السبق يف‬ ‫أصحاهبا‪ ،‬ويعد هذا األمر مبثابة التكرمي للباحثني‬
‫إبداع األفكار‪ ،‬والذين قاموا بتأليف البحوث العلمية السابقة‪ ،‬حيث تقدم املصادر‬
‫واملراجع معلومات كبرية تساهم يف إثراء البحث العلمي بدرجة عظيمة‪ ،‬لذلك‬
‫جيب على الباحث أن يعود ألكرب عدد ممكن من املصادر واملراجع‪ ،‬حىت يكون‬
‫حبثه ثريا‪ ،‬وموثوقا به‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬المصادر والمراجع مكسب عظيم‪:‬‬
‫من خالل املصادر واملراجع حيصل الباحث على كافة املعلومات اليت ترتبط‬
‫وتتعلق بالبحث العلمي الذي هو بصدد حتضريه‪ ،‬وختتلف هذه املعلومات عن تلك‬
‫املوجودة يف الصحف واجملالت‪ ،‬واليت تعرب عن رأي أصحاهبا‪ ،‬بينما اآلراء‬
‫املوجودة يف املصادر واملراجع األكادميية تعرب عن أراء وأفكار علمية‪.‬‬
‫ويشكل توثيق املصادر واملراجع مكسبا مهما لباقي الباحثني األخرين‪ ،‬حيث‬
‫يستفيدون من األعمال والدراسات السابقة‪ ،‬هذه املصادر اليت يلتزم الباحث‬
‫بذكرها يف موضعها من مقدمة حبثه‪ ،‬ويتناوهلا كذلك يف مواضعها مبنت البحث‪،‬‬
‫وحييل إليها يف اهلامش‪.‬‬

‫" )‪ (1‬مصادر ومراجع البحث العلمي أمهيتها وأنواعها وكيف يتم كتابتها ؟ "‪ ،‬املوقع اإللكتروين‪:‬‬
‫‪https://www.bts-academy.com/; date de visite du site:11/10/2018.‬‬ ‫أكادميية ‪BTS‬‬

‫‪- 044 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ثالثا ‪ -‬الحماية من شبهة السرقة العلمية‪:‬‬


‫يعد توثيق املصادر واملراجع من أهم األمور اليت جيب على الباحث أن‬
‫يقوم هبا‪ ،‬حيث يعتمد الباحث على أسس التوثيق املعمول هبا‪ ،‬ويف حال مل يقم‬
‫الباحث بتوثيق البحث العلمي يكون قد نسب أفكار غريه لنفسه‪ ،‬مما قد يضعه‬
‫(‪،)1‬‬
‫وانتحال عمل غريه من الباحثني‪،‬‬ ‫حمل شبهة‪ ،‬بارتكاب جرم السرقة العلمية‬
‫ويضعه حتت طائلة نصوص القانون اجلنائي اجملرمة هلذا الفعل‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬كتابة وترتيب المصادر والمراجع األجنبية في البحث‬
‫األكاديمي‬
‫تقتضي قواعد املنهجية السليمة أن تكون هناك طريقة معتمدة ومتفق‬
‫عليها بني الباحثني يف أصول املنهجية لتدوين املصادر واملراجع‪ ،‬وغريها من‬
‫احملاور األخرى‪ ،‬الواجب توافرها يف أي حبث أكادميي‪ ،‬وحىت‪ ،‬ولو تعددت طرق‬
‫هذا التدوين‪ ،‬فإن األصل هو أن يتبع الباحث الطرق الشائعة االستعمال يف‬
‫املنهجية‪ ،‬وينأى عن الطرق النادرة واملهجورة‪ ،‬حىت ال تطاله سهام النقد من‬
‫طرف من يقيم حبثه‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬فيما يتعلق بالمصادر والمراجع العادية (الورقية)‪:‬‬
‫إن الباحث مطالب بأن يتقيد بالنموذج الذي تعده عادة الكلية‪ ،‬وتلزم‬
‫الطلبة الباحثني مبراعاته وهو يعد من قبل أساتذة‪ ،‬وبالتايل يفترض فيه أن‬
‫يكون جامعا مانعا ألصول منهجية إعداد البحوث العلمية‪ ،‬كما جيب فصل املصادر‬
‫واملراجع باللغة األجنبية عن تلك املكتوبة بلغة البحث‪ ،‬حيث جيب على الباحث‬
‫أن يقوم يف البداية بإنشاء قائمة للمصادر واملراجع بالعربية تليها قائمة‬
‫للمصادر واملراجع باللغة األجنبية‪ ،‬هذه األخرية قد تتخذ ترتيبا ثانويا داخل‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Plagiat: nom masculin (de plagiaire), Acte de quelqu'un qui, dans le domaine‬‬
‫‪artistique ou littéraire, donne pour sien ce qu'il a pris à l'œuvre d'un autre. Ce qui est‬‬
‫‪emprunté, copié, démarqué,‬‬
‫‪http://www.larousse.fr/dictionnaires/francais/plagiat/61301, date de visite de site‬‬
‫‪10/10/2018.‬‬

‫‪- 042 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

- ‫ مثال‬- ‫ من حيث الترتيب حسب األولوية‬،‫فئتها كمصادر وكمراجع أجنبية‬


،‫ فالبحوث األكادميية‬،‫بالنسبة للنصوص التشريعية واالجتهادات القضائية‬
.‫وهكذا‬
،‫ويراعى ترتيب قائمة املصادر واملراجع باالعتماد على التسلسل األجبدي‬
‫ وهذا الترتيب‬،‫أي من حيث ترتيب احلروف األجبدية للغة األجنبية املعنية‬
‫ حيث تتم اإلحالة إىل هذه املصادر واملراجع يف اهلامش‬،‫يتعلق بأمساء املؤلفني‬
‫ وكذا إدراجها يف موضعها من قائمة املصادر واملراجع يف هناية‬،‫أسفل الصفحة‬
،‫ دار النشر‬،‫ عنوان الكتاب‬:‫ اسم املؤلف‬:)1(‫ وذلك على النحو اآليت‬،‫وثيقة البحث‬
،)2(
‫ويستحسن أن يكتب عنوان البحث‬ ‫ الصفحة‬،‫ التاريخ‬،‫ رقم الطبعة‬،‫بلد النشر‬
‫ يتم‬،‫ وعند تكرار استعمال نفس املرجع‬،‫ لتمييزه عن اسم املؤلف‬،‫بالبنط العريض‬
‫ واليت‬Ibid ‫ أو لفظ‬،‫ مرجع سابق‬:‫ اليت تعين‬Op.cit. ‫ مع لفظ‬،‫ذكر الكاتب فقط‬
. )3(‫ إذا مل يفصل ينب نفس املرجع مرجعا أخر‬،‫تعين املرجع نفسه‬

(1)
،‫ لبنان‬،10 ‫ الطبعة‬،‫ منشورات زين احلقوقية‬،‫ املنهجية يف دراسة القانون‬،‫صاحل طليس‬
.024 ‫ ص‬،8101
:‫) ومثال ذلك‬2(
Kunz and others , The process of légal research -succeful strategies christina L. 3ème
édition , Llittle Brown and Compagny , B oston: 1992, p.14 and after.
(3)
Ibid. (ibidem) = ici-même
Fait référence au document immédiatement précédent.
Op. cit. (opere citato) = oeuvre citée
Fait référence à un document déjà cité précédemment mais qui en est
séparé par une ou plusieurs autres références.
Exemple: « Le modèle de consommation alimentaire (Lambert, 1987) a cependant
survécu [...]. Le classement
hiérarchique entre les aliments s’en trouve modifié (Bertrand, 1992) [...]. La contrainte
économique devient alors
moins forte (ibid.) sur les achats des produits alimentaires et la nécessité de production
domestique se réduit
dans de nombreux ménages (Lambert, op. cit.) ».
REDACTION DE BIBLIOGRAPHIE, Les normes et les usages, Hanka HENSENS ,
IRD Montpellier , Centre de Documentation, 2004, p.07.
https://www.mpl.ird.fr/documentation/download/FormBibliog.pdf, date de visite du
site:11/10/2018.

- 041 -
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ثانيا ‪ -‬فيما يتعلق بالمصادر والمراجع اإللكترونية‪:‬‬


‫إذا تعلق األمر باملصادر واملراجع اإللكترونية‪ ،‬فإنه جيب التمييز‪ ،‬يف حالة‬
‫ما إذا كان املؤلف اإللكتروين‪ ،‬عبارة عن مؤلف ورقي‪ ،‬قد مت تصويره بطريقة‬
‫املاسح الضوئي ‪ ،scanner‬فهنا ال حرج‪ ،‬من أن تتم اإلحالة إليه‪ ،‬وكأنه مؤلف‬
‫ورقي يتواجد حبوزة الباحث أما إذا كان املؤلف عبارة عن ملف إلكتروين‪ ،‬منشور‬
‫مبوقع رمسي على االنترنت‪ ،‬فيكفي أن يذكر الباحث نفس البيانات بالنسبة‬
‫لإلحالة إىل املصدر أو املرجع الورقي‪ ،‬مع إضافة العنوان اإللكتروين للموقع‪،‬‬
‫وتاريخ تصفح هذا املوقع(‪.)1‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫استعمال المصادر والمراجع باللغة األجنبية‬
‫‪ -‬الصعوبات وسبل التغلب عليها‪-‬‬
‫قد يتساءل الكثري من الباحثني‪ ،‬خاصة أولئك الذين ال يتقنون اللغة‬
‫األجنبية‪ ،‬عن كيفية االستعانة باملراجع األجنبية يف حبوثهم‪ ،‬حيث يشكل‬
‫البحث هاجسا ‪ -‬لدى الباحثني املبتدئني خاصة ‪ ،-‬وأن السؤال الذي يتبادر إىل‬
‫أذهاهنم دائما‪ ،‬هو كيف هلم أن يتمكنوا من قراءة الكتب األجنبية ؟ وفهمها‪ ،‬مث‬
‫االقتباس منها‪.‬‬
‫وقد يزول هذا اهلاجس‪ ،‬إذا علمنا أنه‪ ،‬حىت الكتب باللغة العربية‪ ،‬واليت‬
‫يفترض أن الباحث املتكون باللغة العربية يفهمها جيدا‪ ،‬فإن الوقت املخصص‬
‫للبحث ال يكفيه بأن يطلع على كامل حمتواها‪ ،‬مث يقتبس منها‪ ،‬بل أن البحوث‬
‫تنجز عمال‪ ،‬باإلطالع على فهرس احملتويات‪ ،‬وكذا باللجوء إىل االستعانة‬
‫بالفهرس األجبدي (‪ ،l'index)2‬حيث أن هذين الوسيلتني توجهان الباحث مباشرة‬
‫إىل املسألة اليت يريد البحث فيها‪ ،‬اختصارا للجهد والوقت‪.‬‬

‫‪https://www.legifrance.gouv.fr/, date de visite de site 10/10/2018.‬‬ ‫)‪ (1‬ومثال ذلك‪:‬‬


‫)‪(2‬‬
‫‪Table alphabétique (de sujets traités, de noms cités dans un livre) accompagnée de‬‬
‫‪références. Index des matières. https://www.google.dz, date de visite de site 10/10/2018.‬‬

‫‪- 041 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ولعل أكرب معضلة تواجه الباحثني الناطقني بالعربية ‪ -‬أيضا ‪ -‬هي عدم‬
‫توافر املصادر واملراجع باللغة العربية‪ ،‬خاصة بالنسبة للمواضيع املستجدة‬
‫واملستحدثة يف مجيع جماالت حقول املعرفة العلمية‪ ،‬وهنا تدعو الضرورة امللحة‬
‫إىل اللجوء إىل البحث يف املصادر واملراجع باللغة األجنبية‪ ،‬وخباصة‬
‫اإلجنليزية والفرنسية‪ ،‬ولكن هناك معضلة ثانية تواجه الكثري من الباحثني ‪-‬‬
‫كذلك ‪ ،-‬أال وهي عدم التمكن من هذه اللغة األجنبية أو تلك حىت يتسىن هلم‬
‫إعداد حبوثهم إعدادا جيدا‪ ،‬من حيث الشكل ومن حيث املضمون‪.‬‬
‫وهلذا يأيت هذا املبحث الثاين ليتفحص هذه املسألة املتعلقة بصعوبات‬
‫استعمال املراجع األجنبية وسبل التغلب عليها‪ ،‬حيث نعكف على تقسيمه إىل‬
‫مطلبني يتناول املطلب األول الصعوبات اليت قد يواجهها الباحث عند استعمال‬
‫املصادر واملراجع باللغة األجنبية‪ ،‬بينما يشمل املطلب الثاين سبل التغلب على‬
‫صعوبات استعمال املصادر واملراجع باللغة األجنبية‪ ،‬وذلك على التفصيل أدناه‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الصعوبات المواجهة لدى استعمال المصادر والمراجع‬
‫باللغة األجنبية‬
‫نتناول يف هذا املطلب األول من املبحث الثاين‪ ،‬الصعوبات املواجهة لدى‬
‫استعمال املصادر واملراجع باللغة األجنبية‪ ،‬حيث نقسمه (املطلب األول) إىل‬
‫فرعني يشتمل الفرع األول على صعوبات عدم التمكن من فهم اللغة األجنبية‪،‬‬
‫ويشتمل الفرع الثاين على صعوبات ارتكاب األخطاء املادية يف كتابة اللغة‬
‫األجنبية‪ ،‬وذلك على التفصيل الوارد أدناه‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬صعوبات عدم التمكن من فهم اللغة األجنبية‬
‫يعاين العديد من الباحثني ‪ -‬الناطقني باللغة العربية ‪ -‬من عدم إتقان‬
‫اللغة األجنبية‪ ،‬كتابة ونطقا‪ ،‬وإذا كانت مشكلة إتقان النطق باللغة األجنبية‪،‬‬
‫تطرح ‪ -‬فقط ‪ -‬يف حالة املشاركة يف املؤمترات الدولية بالبلدان غري الناطقة‬
‫بالعربية‪ ،‬أو يف حالة الزيارات العلمية األكادميية لدى جامعات هذه البلدان‪،‬‬
‫فإن إتقان اللغة األجنبية كتابة‪ ،‬تشكل معاناة حقيقية‪ ،‬لكل باحث يسعى ألن‬

‫‪- 042 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حيضر حبثا أكادمييا ثريا مبستجدات العصر وأموره املستحدثة‪ ،‬وميكن إمجال‬
‫هذه الصعوبات من خالل النقاط اآلتية‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬اللجوء إلى اإلحالة من الباطن‪:‬‬
‫إن الصعوبات اليت قد يواجهها الباحثون الناطقون باللغة العربية‪ ،‬عند‬
‫استعماهلم للمصادر واملراجع باللغة األجنبية‪ ،‬قد تؤدي هبم إىل اإلحجام عن‬
‫الرجوع مباشرة هلذه املصادر واملراجع واللجوء إىل املراجع باللغة العربية‪ ،‬مث‬
‫يقومون باإلحالة من الباطن‪ ،‬حبيث ال يأخذون األفكار واالجتهاد القضائي‬
‫والنصوص التشريعية والتنظيمية ‪ -‬مثال‪ -‬من مصادرها األصلية بل حييلون إىل‬
‫املؤلف الذي أخذ مباشرة عن تلك املصادر‪ ،‬وهو ما يطلق عليه باإلحالة من‬
‫الباطن(‪. )1‬‬
‫ثانيا ‪ -‬اإلحالة إلى المصادر والمراجع باللغة األجنبية دون الرجوع‬
‫الفعلي لها‪:‬‬
‫قد يلجأ البعض إىل اإلحالة إىل املصادر واملراجع باللغة األجنبية‪ ،‬دون‬
‫الرجوع الفعلي هلا وميكن الكشف عن ذلك بسهولة‪ ،‬إذا ما قام األستاذ املمتحن أو‬
‫اخلبري‪ ،‬بتفقد بعض اإلحاالت ‪ -‬إذا ما راوده الشك يف ذلك ‪ -‬حبيث يتضح له‬
‫عدم تطابق الفكرة املدونة يف املنت واملشار إليها يف اهلامش األسفل‪ ،‬مع مرجع‬
‫اإلحالة املذكورة يف اهلامش‪ ،‬وال شك‪ ،‬يف أن هذا السلوك منتقد‪ ،‬ويسيء إىل‬
‫مسعة الباحث‪ ،‬وال يؤدي إىل حتسن مستواه املعريف‪ ،‬وبالتايل يتعني جتنبه‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ارتكاب األخطاء المادية في كتابة اللغة األجنبية‬
‫إن عدم التحكم يف اللغة األجنبية قد يترتب عنه الوقوع يف األخطاء‬
‫املادية يف كتابتها (اللغة األجنبية)‪ ،‬وإنه‪ ،‬ملن العيب أن جند حبثا أكادمييا‪ ،‬يعج‬

‫(‪ )1‬ومثال ذلك‪ ،‬أن تكون اإلحالة على النحو اآليت‪:‬‬


‫حممد حممد عبد اللطيف‪ ،‬قانون القضاء اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪G.Darcy, La responsabilité de l'administration. Dalloz,‬‬ ‫‪ ،8114‬ص ‪ .01‬نقال عن‪:‬‬
‫‪. 1996,p.7 et s‬‬

‫‪- 041 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫باألخطاء املادية‪ ،‬حىت ولو تعلق األمر باللغة األجنبية‪ ،‬فاللغة‪ ،‬أيا كانت‪ ،‬جيب‬
‫أن حتترم قواعدها‪ ،‬وتكتب وفق أصوهلا بكل نقاطها‪ ،‬وحركاهتا وسكوهنا‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬سبل التغلب على الصعوبات المواجهة لدى استعمال‬
‫المصادر والمراجع باللغة األجنبية‬
‫نتناول يف هذا املطلب الثاين من املبحث الثاين‪ ،‬سبل التغلب على الصعوبات‬
‫املواجهة لدى استعمال املصادر واملراجع باللغة األجنبية‪ ،‬حيث نقسمه (املطلب‬
‫األول) إىل فرعني يشتمل الفرع األول على التغلب على الصعوبات فيما يتعلق‬
‫بالفهم اجليد للفكرة‪ ،‬ويشتمل الفرع الثاين على السعي إىل تعلم اللغة األجنبية‬
‫واحلرص من أجل إتقاهنا‪ ،‬وذلك ببعض التفصيل أدناه‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬فيما يتعلق بالفهم الجيد للفكرة‬
‫نتناول يف هذا الفرع األول من املطلب الثاين‪ ،‬فيما يتعلق بالفهم اجليد‬
‫للفكرة‪ ،‬حيث نقسمه (الفرع األول) إىل حمورين يشتمل احملور األول على تعلم‬
‫أصول الترمجة السليمة‪ ،‬ويشتمل احملور الثاين على كيفية جتنب الوقوع يف‬
‫األخطاء املادية يف كتابة اللغة األجنبية‪ ،‬وذلك ببعض التفصيل أدناه‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬تعلم أصول الترجمة السليمة من أجل الفهم الصحيح للفكرة‬
‫المترجمة‪:‬‬
‫نظرا لكون جلوء الباحث إىل مصادر البحث األجنبية متليه ضرورة‬
‫احلصول على املعلومة من مصدرها األصلي‪ ،‬أي مباشرة من املكان والزمان الذي‬
‫نشأت فيه‪ ،‬وهو اإلجراء الذي يطالب به كل باحث‪ ،‬فإن إتقان الباحث ألصول‬
‫الترمجة يصبح أكثر من ضرورة‪ ،‬وهلذا ينبغي التعرض ألصول وقواعد الترمجة‬
‫السليمة اليت جيب على كل باحث أن يتعلمها بإتقان‪ ،‬وفقا للتوجيهات اآليت‬
‫ذكرها‪:‬‬
‫‪ -‬ال جيوز أن يكتب اسم علم أجنيب باحلرف العريب‪ ،‬فمثال نقول كتاب‪:‬‬

‫‪- 021 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ De l'esprit des lois‬ملؤلفه ‪ ،Montesquieu‬وليس كتاب "روح الشرائع" لـ‪:‬‬


‫"مونتيسكيو" بالعربية (‪)1‬؛‬
‫‪ -‬ال جيوز ترمجة الكلمة حرفيا‪ ،‬بل ال بد من ترمجة املعىن‪ ،‬فقد يتكون‬
‫اللفظ بالعربية من كلمة واحدة‪ ،‬بينما بالفرنسية يتشكل من أكثر من كلمة‪ ،‬كما‬
‫هو احلال يف اللفظني اآلتيني‪:‬‬
‫‪ Droit objectif‬يقصد به القانون‪ ،‬و‪ Droit subjectif‬يقصد به احلق‪،‬‬
‫وليس بالضرورة أن يكون اللفظ معرفا يف كلتا اللغتني‪ ،‬فقد يكون معرفا يف‬
‫العربية ونكرة يف الفرنسية‪ ،‬كما هو احلال يف‪ :‬القانون اجلنائي‪،droit pénal ،‬‬
‫وقد يكون اللفظ بالعربية مؤنثا‪ ،‬بينما بالفرنسية مذكرا‪ ،‬كما هو احلال يف لفظ‬
‫" حمكمة " وتعين بالفرنسية‪. un tribunal :‬‬
‫ثانيا ‪ -‬كيفية تجنب الوقوع في األخطاء المادية في كتابة اللغة‬
‫األجنبية‪:‬‬
‫لتفادي الوقوع يف األخطاء املادية يف كتابة اللغة األجنبية‪ ،‬ولربح الوقت‬
‫الثمني املخصص للبحث ينصح باالستعمال األمثل للمعلوماتية واالنترنت‪،‬‬
‫باللجوء إىل استعمال أدوات نقل النصوص مباشرة من ملف إىل ملف آخر يف‬
‫احلاسوب الشخصي‪ ،‬عن طريق وسيلة النسخ واللصق‪.‬‬
‫مث بعد ذلك يتم التصرف يف النص املنقول‪ ،‬بإدراجه يف املنت‪ ،‬إذا كان‬
‫بنفس لغة البحث وتضمينه اهلامش ‪ -‬بني مزدوجتني ‪ -‬إذا كانت باللغة‬

‫)‪(1‬‬
‫‪De l'esprit des lois est un traité de la théorie politique publié‬‬
‫‪par Montesquieu à Genève en 1748. Cette œuvre majeure, qui lui a pris quatorze ans de‬‬
‫‪travail, a fait l'objet d'une mise à l'Index en 1751.‬‬
‫‪Dans cet ouvrage, Montesquieu suit une méthode révolutionnaire pour l'époque: il‬‬
‫‪refuse de juger ce qui est par ce qui doit être, et choisit de traiter des faits politiques en‬‬
‫‪dehors du cadre abstrait des théories volontaristes et jusnaturalistes1. Il défend ainsi‬‬
‫‪une théorie originale de la loi: au lieu d'en faire un commandement à suivre2, il en fait‬‬
‫‪un rapport à observer et à ajuster entre des variables. Parmi ces variables, il distingue‬‬
‫‪des causes culturelles (traditions, religion,‬‬ ‫)‪etc.‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪des‬‬ ‫‪causes‬‬
‫‪naturelles (climat, géographie, etc.). Il livre à partir de là une étude sociologique des‬‬
‫‪mœurs politiques.‬‬
‫‪https://fr.wikipedia.org/wiki, date de visite du site:11/10/2018.‬‬

‫‪- 020 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األجنبية‪ ،‬وهنا ينبه الباحث إىل مسألة مهمة هي أن هذه الوسيلة جيب أال‬
‫تستعمل‪ ،‬إال بالقدر الذي يساعد الباحث يف التعجيل بإجناز حبثه يف أقرب‬
‫اآلجال‪ ،‬نظرا لضيق وقته‪ ،‬وال جيب أن تكون هذه الطريقة وسيلة‪ ،‬ألن يتهاون‬
‫الباحث ويتكاسل‪ ،‬وال يتعلم قواعد اإلمالء‪ ،‬فطريقة النسخ واللصق هدفها النبيل‬
‫ربح الوقت وليس التهاون يف تعلم الكتابة السليمة‪.‬‬
‫كما ينبه الباحث إىل وضع النص الذي نقلة بني مزدوجتني‪ ،‬والقيام‬
‫باإلحالة إىل اهلامش‪ ،‬حيث أن هذه الطريقة قد يساء استعماهلا يف التهاون‪،‬‬
‫وعدم التعلم وكسب املعارف‪ ،‬وكذا يف التعرض لشبهة السرقة العلمية من‬
‫االنترنت‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬السعي إلى تعلم اللغة األجنبية والحرص من أجل‬
‫إتقانها‬
‫إذا كان تعلم اللغات يفيد اإلنسان عامة‪ ،‬فإنه بالنسبة للباحث األكادميي‬
‫يعد أكثر من ضرورة ذلك أن إتقان اللغات األجنبية احلية يشكل سالحا للباحث‬
‫يدعم به معارفه‪ ،‬ويفيد يف حل إشكاالت حبوثه‪ ،‬فاللغة من وسائل نقل املعرفة‬
‫بني البشر‪ ،‬وهي حاضنة األفكار األوىل(‪ )1‬واألخرية‪ ،‬حيث يُعترب تعلّم اللغات من‬
‫أكثر األنشطة اليت تعود على اإلنسان بالنفع‪ ،‬مما يثري احلصيلة املعرفية له‪،‬‬
‫ويكسبه العديد من املهارات اجلديدة‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬اإلكثار من المطالعة الجادة للمؤلفات باللغة األجنبية‪:‬‬
‫يعترب اإلكثار من املطالعة اجلادة للمؤلفات باللغة األجنبية أجنع وسيلة‬
‫لتعلم اللغة األجنبية املعنية‪ ،‬ذلك أن املطالعة تساعد بقدر كبري يف التعزيز‬
‫اللغوي للشخص‪ ،‬عن طريق إثراء القاموس اللغوي املوجود يف العقل‪ ،‬وذلك من‬

‫)‪(1‬‬
‫حممد مروان‪ " ،‬ملاذا نتعلم اللغات؟ "‪ ،‬مقال منشور باملوقع اإللكتروين‪:‬‬
‫‪ https://mawdoo3.com‬موضوع‪ ،‬آخر حتديث ‪ 01‬أوت ‪.8101‬‬

‫‪- 028 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫خالل تزويده بكلمات جديدة‪ ،‬فيقدر الباحثون أن اإلنسان يتعلم من ‪% 02-2‬‬


‫من الكلمات من خالل مطالعة الكتب(‪.)1‬‬
‫ثانيا ‪ -‬المعلوماتية واالنترنت وسيلة مثلى لتعلم اللغات األجنبية‪:‬‬
‫ليس من املبالغة القول بأن الباحثني يف العصر احلايل حمظوظون‪ ،‬مقارنة‬
‫مبن سبقوهم فيما يتعلق بتوافر املعلوماتية واالنترنت‪ ،‬فلقد كانت تشكل كتابة‬
‫حبث‪ ،‬بواسطة اآللة الراقنة معاناة حقيقية هلم (الباحثون يف عصر ما قبل‬
‫املعلوماتية واالنترنت)‪ ،‬حيث كانوا يبذلون املال واجلهد والوقت للحصول على‬
‫مصادر البحث‪ ،‬وعلى تيسري إعداده‪ ،‬واليوم تعد املعلوماتية واالنترنت مكسبا‬
‫عظيما للباحثني بالدرجة األوىل‪ ،‬يساعدهم يف إعداد حبوث ممتازة إن هم‬
‫أحسنوا استغالله‪.‬‬
‫أ‪ -‬االستغالل األمثل لالنترنت في تعلم اللغات األجنبية‪:‬‬
‫إن الوسائل السمعية البصرية اليت توفرها تقنيات املعلوماتية واالنترنت‬
‫تقضي إىل حد كبري على صعوبات التعلم الذايت للغة األجنبية‪ ،‬وتفيد يف سهولة‬
‫تعلمها واستيعاهبا كتابة ونطقا‪.‬‬
‫ب‪ -‬االستغالل األمثل لالنترنت في الترجمة‪:‬‬
‫تقتضي أصول الترمجة من لغة إىل أخرى‪ ،‬أن تتم ترمجة املعىن‪ ،‬وليس‬
‫الترمجة احلرفية‪ ،‬ألن اللجوء إىل هذه األخرية‪ ،‬سيترتب عنه اإلخالل بروح‬
‫النص‪ ،‬ذلك أن من خصائص الترمجة السليمة توخي "‪ ...‬األمانة يف نقل األفكار‬
‫(‪،)2‬‬
‫فعلى املترجم أن‬ ‫الواردة يف النص األصلي‪ ،‬ونقلها بلغة واضحة وسلسة‪"...‬‬
‫"‪....‬ينقل النص روحا ومعىن وتعبريا‪ ،‬وأن يراعي املعىن الذي يقصده الكاتب‪،‬‬

‫)‪(1‬‬
‫فريوز مهاش‪ " ،‬فوائد الكتاب واملطالعة "‪ ،‬مقال منشور باملوقع اإللكتروين‪ :‬موضوع‬
‫‪00‬ديسمرب ‪.8101‬‬
‫‪https://mawdoo3.com/, date de visite du site:11/10/2018.‬‬
‫)‪ (2‬عز الدين حممد جنيب‪ ،‬أسس الترمجة من اإلجنليزية وإىل العربية وبالعكس‪ .‬مكتبة ابن‬
‫سينا للطبع والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،8112 ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪- 020 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫والذي يكمن وراء كل كلمة أو عبارة‪ ،‬فيترمجها مبعناها‪ ،‬حىت ولو اضطر لتحويل‬
‫اسم إىل مجلة أو صفة وله بعد ذلك أن يقدم أو يؤخر بالشكل الذي خيدم‬
‫املعىن‪.)1( "...‬‬
‫وهلذا‪ ،‬ينصح باالستغالل اجليد لالنترنت يف الترمجة‪ ،‬لكن جيب توخي‬
‫(‪،)2‬‬
‫من أجل ترمجة‬ ‫احلذر عند استعمال املوقع اإللكتروين ‪google traduction‬‬
‫الكلمات أو النصوص‪ ،‬ذلك أن هذا املوقع يساعد فقط على الترمجة احلرفية‪،‬‬
‫وال ميكنه أن ينجز ترمجة صحيحة‪ ،‬فالترمجة السليمة واملوفقة جيب أن يقوم‬
‫هبا إنسان يتقن كال اللغتان املترجم منها واملترجم إليها‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى جيب أن يكون متكونا يف اجملال موضوع البحث‪ ،‬فال ميكن أن نطلب من‬
‫باحث يف الفيزياء من أن يترجم لنا نصا يف القانون‪ -‬مثال‪.-‬‬
‫ج ‪ -‬الطريقة السليمة لالقتباس من المصادر والمراجع باللغة‬
‫األجنبية‪:‬‬
‫البد من كتابة الفكرة املقتبسة من مصدر أو مرجع باللغة األجنبية بلغة‬
‫البحث ‪ -‬ويفترض هنا أن تكون لغة البحث هي العربية ‪ -‬يف منت البحث‪ ،‬يف‬
‫موضعها داخل حماور البحث‪ ،‬مع إلزامية كتابة النص األصلي باللغة األجنبية‬
‫املعنية‪ ،‬يف اهلامش بني مزدوجتني مع اإلحالة إىل املرجع الذي استقي منه‪ ،‬حىت‬
‫تتاح الفرصة لكل مطلع على هذا البحث أن يقارن بني حماولة الترمجة اليت‬
‫قدمها الباحث‪ ،‬وما هو وارد يف النص األصلي غري املترجم املدون يف اهلامش‪،‬‬
‫وهبذا األسلوب‪ ،‬يكون الباحث قد توخى األمانة العلمية إىل أقصى احلدود‪ ،‬وإن‬
‫هو مل يوفق يف الترمجة السليمة‪ ،‬يكون قد مسح للمطلع على حبثه‪ ،‬بأن يطلع‬
‫مباشرة على النص األصلي يف اهلامش‪.‬‬

‫)‪(1‬عز الدين حممد جنيب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬


‫)‪(2‬‬
‫‪https://translate.google.com/, date de visite de site: 10/10/2018.‬‬

‫‪- 024 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫د‪ -‬االستغالل األمثل لالنترنت في البحث العلمي األكاديمي‪:‬‬


‫إن اجليل اجلديد حمظوظ مبعاصرته لعامل الرقمنة والوسائط املتعددة‪،‬‬
‫فاالستغالل األمثل ألداة اإلعالم اآليل ميكن من اإلعداد اجليد للبحث (‪،)1‬‬
‫باإلضافة إىل تعلم اللغات األجنبية وأصول الترمجة‪.‬‬
‫وغين عن البيان أن االنترنت تعد مكسبا عظيما بامتياز هلذا العصر‪،‬‬
‫فبواسطتها ميكن احلصول على عدد وافر من املصادر واملراجع مبختلف اللغات‪،‬‬
‫ويف مجيع ميادين املعرفة دون تنقل ملسافات طوال‪ ،‬مثل ما كان عليه األمر قبل‬
‫عصر االنترنت‪ ،‬ودون صرف أموال وبذل جهد وعناء سفر‪.‬‬
‫لكن جيب التيقن من موثوقية املوقع اإللكتروين‪ ،‬الذي يتم الرجوع إليه‪،‬‬
‫وجتنب املواقع اإللكترونية غري الرمسية‪ ،‬واليت هي عبارة عن منتديات أو مواقع‬
‫تواصل اجتماعي‪ ،‬ففي جمال العلوم القانونية ينصح ‪ -‬على سبيل املثال‪-‬‬
‫بالرجوع إىل املواقع اإللكترونية اآلتية‪:‬‬
‫‪http://www.legifrance.gouv.fr/‬‬ ‫‪ -‬التشريع الفرنسي‪:‬‬
‫‪http://www.theses.fr‬‬ ‫‪ -‬األطروحات باجلامعات الفرنسية‪:‬‬
‫‪http://gallica.bnf.fr/:‬‬ ‫‪ -‬املكتبة الرقمية الفرنسية‪:‬‬
‫‪http://www.livrespourtous.com/e-books‬‬ ‫‪ -‬الكتب للجميع‪:‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫جتدر اإلشارة يف ختام هذا املقال إىل اإلجابة على التساؤالت اليت‬
‫طرحت من خالل اإلشكالية واملتمثلة يف مدى أمهية اللجوء للمصادر وللمراجع‬
‫باللغة األجنبية ؟ وما هي أصول تدوين املصادر واملراجع باللغة األجنبية ؟ وما‬
‫هي الصعوبات املمكن مواجهتها لدى استعمال املراجع باللغة األجنبية ؟ وما هي‬
‫سبل التغلب عليها ؟‬

‫) (‬
‫‪1 Émilie Vayre, Sandrine Croity-Belz et Raymond Dupuy , " Usages d’Internet chez‬‬
‫‪les étudiants à l’université: effets des dispositifs de formation en ligne et rôle du soutien‬‬
‫‪social" ,‬‬ ‫‪https://journals.openedition.org/osp/1918; date de visite du site:11/10/2018.‬‬

‫‪- 022 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حيث اتضح مبا ال يدع جماال للشك بأن اللجوء إىل املصادر واملراجع‬
‫باللغة األجنبية ضرورة ملحة ال ميكن أن يستغين عنها أي باحث‪ ،‬وأن هلذه‬
‫املصادر واملراجع قواعد لتدوينها ضمن وثيقة البحث ال بد من مراعاهتا‪ ،‬ولقد‬
‫اتضح أيضا‪ ،‬أنه بالفعل هناك صعوبات تواجه بعض الباحثني ‪ -‬خالل‬
‫استعماهلم هلذا النوع من املصادر واملراجع ‪ ،-‬إال أنه ميكنهم التغلب عليها إذا ما‬
‫سعوا إىل تعلم اللغة األجنبية وحرصوا من أجل إتقاهنا‪ ،‬وسيتيسر هلم ذلك‬
‫بفضل ما توفره املعلوماتية واالنترنت من وسائل تربوية تسمح بالتكوين الذايت‬
‫على أكمل وجه‪.‬‬
‫النتائج المتوصل إليها‪:‬‬
‫سنحت الدراسة بالتوصل إىل عدد من النتائج أمهها‪:‬‬
‫‪ -‬صعوبات عدم التمكن من فهم اللغة األجنبية‪ ،‬وما ترتب عنها من نتائج سلبية‪،‬‬
‫كاللجوء إىل اإلحالة من الباطن‪ ،‬واإلحالة إىل املصادر واملراجع باللغة‬
‫األجنبية دون الرجوع الفعلي هلا؛‬
‫‪ -‬ارتكاب األخطاء املادية يف كتابة اللغة األجنبية؛‬
‫‪ -‬عدم اللجوء إىل االستعانة باملصادر واملراجع األجنبية أصال ‪.‬‬
‫المقترحات‪:‬‬
‫‪ -‬إدراج ضمن برنامج تدريس طلبة املاستر والدكتوراه مقاييس تدريس اللغات‬
‫األجنبية‪ ،‬ال سيما أصول الترمجة ؛‬
‫‪ -‬إدراج ضمن برنامج تدريس طلبة املاستر والدكتوراه مقاييس تدريس اإلعالم‬
‫اآليل‪ ،‬وكيفية استغالل وسيلة االنترنت يف البحث األكادميي‪ ،‬حيث أن هذه‬
‫الوسيلة قد فرضت نفسها اليوم كأهم مصادر البحث العلمي‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪ -0‬المراجع العربية‪:‬‬
‫‪ -‬جابر جاد نصار‪ ،‬أصول وفنون البحث العلمي‪ .‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة ‪ ،10‬القاهرة‬
‫مصر‪.8112 ،‬‬

‫‪- 021 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
:‫ املوقع اإللكتروين‬،" ‫ مصادر ومراجع البحث العلمي أمهيتها وأنواعها وكيف يتم كتابتها ؟‬-
https://www.bts-academy.com/; BTS ‫أكادميية‬
،‫ لبنان‬،10 ‫ الطبعة‬،‫ منشورات زين احلقوقية‬.‫ املنهجية يف دراسة القانون‬،‫ صاحل طليس‬-
. 8101
‫ موضوع‬:‫ مقال منشور باملوقع اإللكتروين‬،" ‫ " فوائد الكتاب واملطالعة‬،‫ فريوز مهاش‬-
https://mawdoo3.com/, . .8101 ‫ديسمرب‬00
‫ مكتبة ابن‬.‫ أسس الترمجة من اإلجنليزية وإىل العربية وبالعكس‬،‫ عز الدين حممد جنيب‬-
.8112 ،‫ مصر‬،‫ القاهرة‬،‫ الطبعة اخلامسة‬،‫سينا للطبع والنشر والتوزيع‬
:‫ مقال منشور باملوقع اإللكتروين‬،" ‫ " ملاذا نتعلم اللغات؟‬،‫ حممد مروان‬-
. https://mawdoo3.com
:‫ المراجع األجنبية‬- 8
- "Primary and Secondary Sources", library.ithaca.edu, Retrieved 2018-4-10. Edited.
Date of site visit:10/05/2018. "Primary and Secondary Sources", library.ithaca.edu,
Retrieved 2018-4-10. Edited.
- http://www.larousse.fr/dictionnaires/francais/plagiat/61301.
- REDACTION DE BIBLIOGRAPHIE, Les normes et les usages, Hanka HENSENS ,
IRD Montpellier , Centre de Documentation, 2004, p.07.
- https://www.mpl.ird.fr/documentation/download/FormBibliog.pdf, date de visite du
site:11/10/2018.
- Table alphabétique (de sujets traités, de noms cités dans un livre) accompagnée de
références. Index des matières. https://www.google.dz, date de visite de site 10/10/2018.
- https://translate.google.com/.
- Émilie Vayre, Sandrine Croity-Belz et Raymond Dupuy , " Usages d’Internet chez les
étudiants à l’université: effets des dispositifs de formation en ligne et rôle du soutien
social" , https://journals.openedition.org/osp/1918; date de visite du site:11/10/2018.

- 021 -
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪- 022 -‬‬


‫‪8102‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫السرقة العلمية والجزاءات المترتبة عنها‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪h.cherroun@univ-biskra.dz‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مقــدمة‪:‬‬
‫لطاملا احتلت األحباث العلمية األكادميية مكانة أساسية ودورا رياديا‬
‫لبناء اجملتمعات الراقية املتطورة‪ ،‬كما ترتكز السياسات العامة واالستراتيجيات‬
‫املختلفة على املعلومات ومصادرها والنتائج املترتبة عنها؛ وهلذا تويل األمم‬
‫املختلفة عناية خاصة بالبحث العلمي اجلاد واهلادف‪.‬‬
‫والبحث العلمي ال يوصف بذلك إال إذا استوىف شروطا أخالقية ومنهجية‬
‫علمية واضحة؛ يؤدي اإلخالل هبا إىل االنتقاص من قيمته العلمية وجودته‪.‬‬
‫كما أن استفحال ظاهرة السرقات العلمية يف األوساط اجلامعية هو أحد‬
‫أهم األسباب اليت أدت إىل فقدان األحباث العلمية مصداقيتها وأمهيتها‪ ،‬ومن‬
‫هنا بات من الضروري االهتمام باألمانة العلمية وتشجيعها؛ والتشديد على‬
‫االحنرافات األخالقية يف البحوث العلمية واحاربتها والتعام معها بك صرامة‬
‫وفضح مرتكبيها لردع ك من تسول له نفسه للني من البحث العلمي اجلاد‬
‫واهلادف‪.‬‬
‫وهندف من خالل هذه الورقة إىل شرح مفهوم السرقة العلمية وكيفية‬
‫جتنبها وبيان اجلزاءات املمكن توقيعها على من ارتكبها أو وقع فيها‪ ،‬احاولني‬
‫اإلجابة على التساؤالت التالية‪:‬‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬ماهو مفهوم األمانة العلمية والسرقة العلمية؟‬


‫‪ -‬ماهي صور وأنواع السرقة العلمية ؟ وكيف يتم اكتشافها؟‬
‫‪ -‬ماهو السبي الصحيح لتجنب السرقة العلمية؟‬
‫‪ -‬ما اجلزاء املترتب على ارتكاب السرقة العلمية والوقوع فيها؟‬
‫وجنيب عن ذلك من خالل احملاور التالية‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬مفهوم األمانة العلمية والسرقة العلمية وصورها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬اكتشاف السرقة العلمية وأساليب جتنبها‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬اجلزاءات املترتبة على الوقوع يف السرقة العلمية‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬مفهوم األمانة العلمية والسرقة العلمية وصورها‪:‬‬


‫انتشرت يف اآلونة األخرية عدة ظواهر سلبية يف جمال البحث العلمي‪،‬‬
‫ومن هذه الظواهر ظاهرة السرقات العلمية بألواهنا وطرقها املختلفة‪ ،‬وما يشد‬
‫االنتباه أن هذه الظاهرة استفحلت واستشرت يف اجلامعات العربية اإلسالمية‪ ،‬يف‬
‫مقاب أننا نرى الباحثني الغربيني يف حبوثهم ودراساهتم حيرصون ك احلرص‬
‫على إظهار مصادر ومراجع املعلومات اليت يقدموهنا‪ ،‬ويدون يف مراجعه املقابالت‬
‫الشخصية والوثائق‪ .‬وهم بذلك مينحون األمانة العلمية مكانة هامة األجدر‬
‫بالباحثني املسلمني احلفاظ عليها على اعتبار أهنا قيمة دينية وأخالقية يتحلون‬
‫هبا‪.‬‬
‫وعليه نتناول يف هذا احملور بيان مفهوم األمانة العلمية مث بيان مفهوم‬
‫السرقة العلمية وصورها على النحو التايل‪:‬‬
‫أ‪ -‬مفهوم األمانة العلمية‪:‬‬
‫يقصد باألمانة العلمية أن يكون الباحث مسؤوال عن اآلخرين؛ باإلشارة‬
‫إىل مصادر املعلومات عن طريق االستشهاد والذي يقصد به االقتباس من أناس‬

‫‪- 061 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫آخرين أو مصادر معلومات يف منت البحث‪ ،1‬أو عن طريق اإلشارة املرجعية واليت‬
‫تعين ذكر املصدر كالكتاب أو املقال حىت يتمكن القراء من العثور على نفس‬
‫املعلومات اليت مت استخدامها؛ فاألمانة يف العلم ليس املقصود هبا جمرد نسبة‬
‫األقوال إىل قائليها‪ ،‬أو إحالة النصوص املقتبسة إىل مصادرها‪ ،‬فهذا ميث الصورة‬
‫املثلى لألمانة العلمية اليت تفرضها السلطة الصارمة لتطبيقات املناهج‬
‫األكادميية‪ ،‬وتتعام هبا شىت اجلامعات يف خمتلف أحناء العامل‪ ،‬أما جوهرها فهو‬
‫الصدق يف طلب العلم واإلخالص للمعرفة واحلقيقة‪ ،‬واحلرص على خدمة العلم‬
‫واجملتمع‪.2‬‬
‫وتكمن أمهية األمانة العلمية يف احترام اإلسهامات املعرفية اليت قدمها‬
‫لنا غرينا‪ ،‬وإرجاع الفض هلم على األفكار واملعلومات اليت قدموها للوصول إىل‬
‫املعرفة اليت توصلنا إليها‪ .‬ويف هذا إثبات بأننا حنترم جمتمعنا العلمي‪.‬‬
‫كما ينطوي مفهوم األمانة العلمية على مجلة من احملاذير اليت يتوجب‬
‫اجتناهبا واليت يعترب اإلقدام عليها مكونا لعنصر انتهاك األمانة العلمية‪ ،‬وهي‬
‫تندرج أساسا ضمن ثالث أصناف رئيسية‪:3‬‬
‫‪ -‬الغش‪ :‬وهو ك مساس بسالمة البيانات ودقتها من تزييف وحتريف‬
‫وغريها‪.‬‬
‫‪ -‬التضليل‪ :‬وذلك باعتماد اخلداع يف استعمال قوانني التحلي املنهجي‬
‫السليم‪ ،‬والقراءة غري الصحيحة للبيانات والترمجة غري الدقيقة‪.....‬‬

‫‪ - 1‬درنث‪ ،‬بييتر‪" ،‬األمانة العلمية ‪ :‬التحديات يف سبي إحقاقها وكيفية التصدي هلا"‪ ،‬ترمجة ‪:‬‬
‫أجمد جيموخة ومنري بيوك‪ ،‬اجلمعية العلمية امللكية‪ ،‬عمان‪ ،2005،‬ص ‪.35‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬بن الدين خبولة‪" ،‬أخالقيات البحث العلمي وإشكاليات األمانة العلمية"‪ ،‬امللتقى الوطين‬
‫حول األمانة العلمية املنظم من مركز جي البحث العلمي باجلزائر العاصمة‪ ،‬يوم ‪ 00‬جويلية‬
‫‪ 8102‬منشور بسلسلة أعمال املؤمترات الصادرة عن املركز بشهر ديسمرب ‪ ،8102‬ص ‪.32‬‬
‫‪ - 3‬رشاد توام‪ " ،‬األمانة العلمية يف البحث األكادميي ارتباطا حبق املؤلف"‪ ،‬ص ‪ ،5‬مقال منشور‬
‫‪www.wafainfo.ps/pdf/t4.pdf‬‬ ‫على املوقع‪:‬‬

‫‪- 060 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬انتهاك حقوق الملكية الفكرية بشىت الطرق والوسائ ‪.‬‬


‫وال تقتصر األمانة العلمية على اإلشارة إىل مصدر النصوص أو الكلمات‬
‫فقط‪ ،‬ب من الضروري اإلشارة إىل مصدر ك جدول وك شك وك بيان؛ ب‬
‫وحىت ك رقم‪ ،‬فاألمانة العلمية هي أن ال يقوم الباحث بنسخ ما قاله اآلخرون‬
‫دون إعطاء ك ذي حق حقه؛ فمن أبرز خصالِ طالب العلم متتعه باألمانة العلمي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫واليت هبا يثق الناس مبا حيمله من علم‪ ،‬ويعرفون مدى تأثره بالعلم‪.‬‬
‫وعليه خنلص إىل أن األمانة العلمية هي االلتزام باإلشارة إىل املصادر‬
‫األصلية للمعلومات املستخدمة يف البحث واالستعمال السليم هلا باالعتماد على‬
‫األسس العلمية الصحيحة ووفقا للمناهج العلمية السليمة‪.‬‬
‫فاألمانة العلمية هي املسؤولية اليت يتوجب على مجيع أفراد الوسط‬
‫األكادميي االضطالع هبا (هيئات ومؤسسات جامعية‪ ،‬مراكز ومؤسسات حبثية‪،‬‬
‫باحثني‪ ،‬أساتذة وطلبة)‪ ،‬ومعىن املسؤولية أن يلتزم الباحث باإلشارة إىل املصادر‬
‫األصلية للمعلومات املستخدمة يف حبثه‪.‬‬
‫ب – مفهوم السرقة العلمية‪:‬‬
‫يستخدم مصطلح السرقة العلمية لوصف العم الذي يقوم به الباحث‬
‫بانتحاله ألفكار أو معلومات ألشخاص آخرين ومصادر معينة والزعم بأهنا له‪.‬‬
‫فهي تعد صورة من صور انتهاك األمانة العلمية ومضادا هلا‪.2‬‬
‫والسرقة العلمية ال تشك ظاهرة حديثة كما يتبادر لألذهان‪ ،‬وإمنا هي‬
‫مرتبطة مبوضوع محاية حقوق املؤلف‪ 3‬غري أن استفحاهلا وتفاقم أثارها‬
‫باإلساءة إىل البحث العلمي ومصداقية املؤسسات البحثية هو ما أدى تزايد‬
‫دواعي التحسيس والتوعية خبطورة هذه الظاهرة واليت أكد عليها هذا القرار‬

‫‪ - 1‬بن الدين خولة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬األصول املنهجية إلعداد البحوث العلمية‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1999 ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ - 3‬رشيد توام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 00‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪- 068 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫الصادر عن وزارة التعليم العايل والبحث العلمي رقم ‪ 355‬املؤرخ يف‪ 82 :‬جويلية‬
‫‪ 8106‬للوقاية من هذه الظاهرة واحلد منها‪.‬‬
‫وتعرف السرقة العلمية بأهنا‪" :‬ك شك من أشكال النق غري القانوين‬
‫بأخذ عم شخص أخر واالدعاء بأنه له؛ وسواء كان ذلك متعمدا أو غري‬
‫متعمد"‪ .1‬كما تعرف بأهنا‪" :‬االستخدام غري املشروع ألفكار وأعمال اآلخرين‬
‫بقصد أو بغري قصد" فهي‪ :‬قيام الباحث بنسخ ما قاله األخرون دون إعطاء ك‬
‫ذي حق حقه‪ ،‬فيقوم الباحث بنق أو نسب تعب وجمهود األخرين دون اإلشارة‬
‫هلم‪.2‬‬
‫وميكن تعريف السرقة العلمية‪ ،‬بشك مبسط‪ ،‬يف احمليط اجلامعي‪ ،‬على أهنا‬
‫حتدث عندما يقوم الباحث متعمدا باستخدام كلمات أو أفكار أو معلومات شخص‬
‫آخر دون تعريف أو ذكر هذا الشخص أو مصدر هذه الكلمات أو املعلومات‪ ،‬وينسبها‬
‫إىل نفسه وقد جاء يف التعريف الذي قدمته وكالة اجلامعة للدراسات العليا‬
‫والبحث العلمي جبامعة امللك سعود‪ ،‬أن السرقة العلمية يف أبسط معانيها بأنّها‬
‫استخدام غري معترف به ألفكار وأعمال اآلخرين بقصد أو من غري قصد‪ ،‬سواء مت‬
‫ذلك ورقيا أو الكترونيا‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬طالب ياسني‪ " ،‬جرمية السرقة العلمية وأليات مكافحتها يف اجلامعة اجلزائرية يف ضوء‬
‫القرار الوزاري ‪ ،"533‬امللتقى الوطين حول األمانة العلمية املنظم من مركز جي البحث العلمي‬
‫باجلزائر العاصمة‪ ،‬يوم ‪ 00‬جويلية ‪ 8102‬منشور بسلسلة أعمال املؤمترات الصادرة عن املركز‬
‫بشهر ديسمرب ‪ ،8102‬ص ‪22‬؛ "السرقة العلمية ماهي؟ وكيف اجتنبها؟"‪ ،‬سلسلة التعلم‬
‫والتعليم يف اجلامعة‪ ،‬جامعة اإلمام بن سعود اإلسالمية‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ 0355 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬وجيه يوسف‪" ،‬علم البحث األكادميي ‪:‬كيف تكتب حبثا أكادمييا"‪ ،‬دار منه احلياة‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،8105‬ص ‪.63‬‬
‫‪ - 3‬احمد ابراهيم ابداح ‪ ،‬جرائم االنتحال األديب والعلمي حقوق التأليف واحلقوق اجملاورة‬
‫هلا وفقا للتشريعات الدولية والوطنية‪ ،‬دار اجلنان للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،8103 ،‬ص ‪82‬‬
‫ومابعدها؛ االقتباس والسرقة العلمية يف البحوث العلمية من منظور أخالقي‪ ،‬وكالة اجلامعة=‬

‫‪- 065 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مث عرفها القرار الوزاري رقم ‪ 355‬بأهنا‪ ..." :‬ك عم يقوم به الطالب أو‬
‫األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي‪ ،‬أو الباحث الدائم أو‬
‫ك من يشارك يف عم ثابت لالنتحال وتزوير النتائج أو غش يف األعمال العلمية‬
‫املطالب هبا أو يف منشورات علمية أو بيداغوجية أخرى‪."...‬‬
‫ج‪ -‬صور السرقة العلمية وأنواعها‪:‬‬
‫للسرقات العلمية صور خمتلفة‪ ،‬كلها تصب يف خانة واحدة‪ ،‬هي خانة‬
‫اللصوصية العلمية‪ ،‬مهما كان املربر مقبوال أو غري مقبول‪.‬‬
‫وميكن أن تعظم السرقة العلمية أو تصغر‪ ،‬كما ميكن أن تكون متعمدة أو‬
‫غري متعمدة وهي تتخذ يف ذلك أشكاال خمتلفة‪ 1‬نذكر منها مايلي‪:‬‬
‫‪ -0‬السرقة العلمية الناتجة عن النسخ واللصق‪:‬‬
‫ويكون ذلك بنق معلومات من االنترنت ونشرها أو إعادة استخدامها دون‬
‫اإلشارة إليها بعالمة االقتباس‪ .‬ذلك أن توفر املعلومات اإللكترونية يف العصر‬
‫الراهن هبذا الكم اهلائ والتنوع الكبري يغري الكثريين بالوقوع يف فخ السرقة‬
‫العلمية وإدعاء ما ليس هلم‪ ،‬باإلضافة إىل سهولة العملية عن طريق النسخ‬
‫واللصق دون ذكر الكاتب أو مصدر املعلومة أو املوقع الذي مت حتصيلها منه‪.2‬‬
‫‪ -8‬السرقة العلمية باستبدال الكلمات‪:‬‬
‫استبدال أو إسقاط بعض الكلمات عند النق احلريف للعبارات سواء مت‬
‫ذلك بقصد أو من غري قصد؛‬

‫=للدراسات العليا والبحث العلمي واخلطة الوطنية للعلوم والتقنية واالبتكار‪ ،‬جامعة امللك‬
‫‪https://www.ut.edu.sa/documents‬‬ ‫سعود‪ ،‬ص‪ ، 3‬منشور على املوقع‪:‬‬
‫‪ - 1‬درنث‪ ،‬بييتر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ - 2‬زعتر نور الدين‪" ،‬السرقة العلمية مفهومها أشكاهلا مكافحتها"‪ ،‬ماي ‪ ،2018‬ص ‪.6‬‬
‫‪www/researchgate.net/publication/324951559‬‬

‫‪- 063 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫‪ -5‬السرقة العلمية لألسلوب‪:‬‬


‫وذلك باعتماد أسلوب مشابه ألسلوب مؤلف آخر يف منت البحث دون‬
‫اإلشارة إليه أو استخدام أسلوب شخص آخر بنق الكلمات حرفياً دون اإلشارة‬
‫إىل العبارات املنقولة؛‬
‫‪ -3‬السرقة العلمية باستعمال االستعارة‪:‬‬
‫ويكون ذلك بتقدمي أفكار يف نفس الشك والترتيب كما هي معروضة يف‬
‫مصدر آخر دون اإلشارة إليه؛ وتستخدم االستعارة إما لزيادة وضوح الفكرة‪ ،‬أو‬
‫لتقدمي شرح يص إىل القارئ وفكره بطريقة أفض من الوصف الصريح املباشر‬
‫للعنصر أو العملية‪ ،‬لذا فاالستعارة وسيلة من الوسائ املهمة اليت يعتمد عليها‬
‫املؤلف يف توصي فكرته؛ حيق له إذا مل يستطع صياغة استعارة خاصة به‬
‫اقتباس االستعارات الواردة يف كتابات اآلخرين شريطة رد مرجعيتها ألصحاهبا‬
‫األصليني‪.1‬‬
‫‪ -3‬السرقة العلمية لألفكار‪:‬‬
‫إعادة صياغة أفكار أو معلومات من مواد منشورة أو مسموعة دون ذكر‬
‫مصدرها احلقيقي؛ يف حال االستعانة بفكرة أبدعها باحث ما‪ ،‬أو مقترح قدمه‬
‫حل مشكلة ما‪ ،‬جيب نسبتهما له بوضوح؛ وال جيب اخللط هنا بني األفكار‬
‫واملفاهيم اخلاصة‪ ،‬وبني مسلمات املعرفة اليت ال حيتاج الباحث إىل نسبتها‬
‫ألحد‪ ،2‬فتعريف القانون على سبي املثال‪ ،‬ال حيتاج إىل توثيق وإشارة مرجعية‪،‬‬
‫وكذلك حتديد سلطات الدولة الثالث‪ ،‬فهما يندرجان حتت املعارف العامة‪ ،‬لكن إذا‬
‫استعان الباحث بأفكار جديدة آلخرين يف أثناء حبثه عن القانون مثال‪ ،‬أو حتلي‬
‫جديد ملبدأ الفص بني السلطات‪ ،‬فإن ذلك يتطلب منه الدقة يف نسبتها إىل‬
‫أصحاهبا‪.‬‬

‫‪ - 1‬االقتباس والسرقة العلمية يف البحوث العلمية من منظور أخالقي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪ - 2‬وجيه يوسف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪- 063 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -6‬السرقة العلمية بالكتابة الكاملة وشراء ما يكتب‪:‬‬


‫وهذه حالة استشرت عند أصحاب الثراء وأصحاب النفوذ واملناصب‬
‫العلمية‪ ،‬وقد يكون مقاب ما يكتب ماديا‪ ،‬أو معنويا‪ ،‬بالترغيب أو الترهيب‪،‬‬
‫وكالمها وسيلة من وسائ سرقة اجلهود العلمية‪.‬‬
‫على إعداد البحوث‬ ‫حىت أنه أصبحت هناك مواقع خاصة تعم‬
‫والدراسات مبقاب مادي‪ ،1‬وهذه السرقة تعد مزدوجة على اعتبار أن أغلب من‬
‫يقوم بإعداد مث هذه البحوث ال يعتمدون على األمانة العلمية ألن هدفهم رحبي‬
‫حبت؛ فهم يسعون إىل إظهار الشك العام للبحث‪ ،‬من حيث التنسيق والشك‬
‫والطباعة دون االهتمام باجلانب العلمي للبحث‪.‬‬
‫‪ -2‬السرقة العلمية باإلخالل بالمنهجية العلمية إلعداد البحوث‪:‬‬
‫ويكون ذلك من خالل‪ :‬عدم صحة التوثيق عن طريق إغفال ذكر اسم‬
‫املؤَلِف أو عنوان املؤَلَف أو مكان النشر أو دار النشر أو سنة أو بلد النشر أو تبين‬
‫أفكار وكتابات بعض املؤلفني املعروفني دم دقتهم أو نقص أمانتهم العلمية أو‬
‫حتيزهم؛ أو استخدام مقاالت اجلرائد املوجهة للدعاية احلزبية أو الشعبوية‪ ،‬أو‬
‫الكتابات اليت نشرت حتت ظروف احلرب؛ أو بتضلي القارئ عن طريق إدراج‬
‫مراجع يف قائمة املراجع مل يتم استخدامها أصال يف البحث‪.‬‬

‫‪ - 1‬وتطورت مؤخرا وسائ الترويج للبحوث‪ ،‬يف ظ غياب الرقيب‪ ،‬حىت وص األمر ببعض‬
‫املكتبات إىل تدوين الفتات كتب عليها «يوجد لدينا حبوث جامعية»‪ ،‬ومل تقتصر تلك املكتبات‬
‫على هذه العبارة‪ ،‬ب متّ ختصيص حسابات هلا على وسائ التواص االجتماعي‪ ،‬حيث يشرف‬
‫على هذه املواقع أشخاص مفرغني الستقبال الطلبات‪ ،‬ومن مث حتويلها للمختصني يف إعداد‬
‫تلك البحوث‪ .‬وهذا األمر ميث خيانة للعلم وللمجتمع‪ ،‬وميث سرقة‪ ،‬وما أقبحها من سرقة‪،‬‬
‫فهي فوق كوهنا كذلك تزوير للفكر والعق وأخذ شيء بدون استحقاق‪ ،‬فمن املؤسف جدا أن‬
‫تتحول احال حترير البحوث إىل سوق رائجة لبحوث الطالب القصرية‪ ،‬فتباع كما تباع علبة‬
‫اللنب على مرأى ومسمع اجلميع‪ ،‬وكأنَّ األمر ال يعين أحدا‪ .‬زعتر نورالدين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪.06‬‬

‫‪- 066 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫‪ -2‬السرقة العلمية عن طريق الترجمة‪:‬‬


‫ويكون ذلك من خالل ترمجة احتوى العم األصلي إىل لغة الباحث‬
‫املنتح ونسبة العم إليه سواء كانت الترمجة للعم كله أو جلزء منه‪.‬‬
‫بينما حدد القرار الوزاري رقم ‪ 355‬األعمال املعتربة سرقة علمية على‬
‫النحو التايل‪:‬‬
‫‪ -‬ك اقتباس كلي أو جزئي ألفكار أو معلومات أو نص أو فقرة أو مقطع من‬
‫مقال منشور أو من كتب أو جمالت أو دراسات أو تقارير أو من مواقع الكترونية أو‬
‫إعادة صياغتها دون ذكر مصدرها وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬اقتباس مقاطع من وثيقة دون وضعها بني شولتني ودون ذكر مصدرها‬
‫وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال معطيات خاصة دون حتديد مصدرها وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال برهان أو استدالل معني دون ذكر مصدره وأصحابه األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬نشر نص أو مقال أو مطبوعة أو تقرير أجنز من طرف هيئة أو مؤسسة‬
‫واعتباره عمال شخصيا‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال إنتاج فين معني أو إدراج خرائط أو صور أو منحنيات بيانية أو‬
‫جداول إحصائية أو خمططات يف نص أو مقال دون اإلشارة إىل مصدرها‬
‫وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬الترمجة من إحدى اللغات إىل اللغة اليت يستعملها الطالب أو األستاذ‬
‫الباحث أو األستاذ االستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم بصفة كلية أو جزئية‬
‫دون ذكر املترجم واملصدر‪.‬‬
‫‪ -‬قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو‬
‫الباحث الدائم أو أي شخص أخر بإدراج امسه يف حبث أو أي عم علمي دون‬
‫املشاركة يف إعداده‪.‬‬
‫‪ -‬قيام الباحث الرئيسي بإدراج اسم باحث آخر مل يشارك يف إجناز العم‬
‫بإذنه أو دون إذنه بغرض املساعدة على نشر العم استنادا لسمعته العلمية‪.‬‬

‫‪- 062 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو‬


‫الباحث الدائم أو أي شخص آخر بتكليف الطلبة أو أطراف أخرى باجناز أعمال‬
‫تبنيها يف مشروع حبث أو اجناز كتاب علمي أو مطبوعة‬ ‫علمية من أج‬
‫بيداغوجية أو تقرير علمي‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال األستاذ الباحث أو األستاذ االستشفائي اجلامعي أو الباحث‬
‫الدائم أو أي شخص آخر أعمال الطلبة ومذكراهتم كمداخالت يف امللتقيات‬
‫الوطنية والدولية أو لنشر مقاالت علمية باجملالت والدوريات‪.‬‬
‫‪ -‬إدراج أمساء خرباء واحكمني كأعضاء يف اللجان العلمية للملتقيات‬
‫الوطنية أو الدولية أو يف اجملالت والدوريات من أج كسب املصداقية دون علم‬
‫وموافقة وتعهد كتايب من قب أصحاهبا أو دون مشاركتهم الفعلية يف أعماهلم‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬اكتشاف السرقة العلمية وأساليب تجنبها‪:‬‬


‫إن نشر البحوث العلمية على الشبكة العنكبوتية جع السرقة العلمية أكثر‬
‫سهولة من ذي قب ‪ ،‬وتسبب يف ظهور ما يعرف بالسرقات الرقمية اليت يقوم هبا‬
‫حىت تالميذ املدارس االبتدائية‪ ،‬ومن هم يف أعلى املستويات األكادميية‪ .‬مما‬
‫ساهم يف انتشار الظاهرة بصورة أكرب‪ ،‬كما ساهم يف تنشئة جي يتقن أساليب‬
‫السرقة العلمية ويتفنن يف استخدامها‪ ،‬وليس عجيبا قيام الكثري من الكيانات‬
‫واملؤسسات العلمية باختاذ خطوات صارمة جملاهبة هذه السرقات حىت وإن كانت‬
‫صادرة من قلة‪.‬‬
‫وعليه سنحاول معرفة كيف يتم اكتشاف السرقات العلمية‪ ،‬وكيف تتم‬
‫متابعتها‪ ،‬مث كيف يتم جتنب الوقوع فيها على النحو التايل‪:‬‬
‫أ‪ -‬اكتشاف السرقة العلمية‪:‬‬
‫يتم اكتشاف السرقة العلمية بوجه عام عند االستعانة بالدراسة املنطوية‬
‫على سرقة علمية أو بعرضها على هيئة حتكيمية معينة‪ ،‬وقد يكون ذلك بطريق‬
‫الصدفة أيضا‪ .‬ويكون ذلك بالرجوع مباشرة إىل املصادر واملراجع الورقية ذات‬

‫‪- 062 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫العالقة ومضاهاة النصوص املوجودة يف البحث )املستشهد هبا وغري املستشهد هبا (‬
‫مع النصوص املوجودة يف تلك املصادر العلمية‪ .‬ويعتمد احملكم للبحث على ذاكرته‬
‫العلمية كونه خمتصا ولديه معرفة بأجبديات املوضوع من خالل تقوميه للبحث‬
‫وقراءته واستذكار النصوص؛ ومن سلبيات هذه الطريقة أهنا تفتقر إىل الكثري‬
‫من املصادر عن الباحث لعدم توافرها لديه أو يف املكتبات ومراكز املعلومات وفضال‬
‫عن أهنا حتتاج إىل وقت وجهد كبري من احملكم للتفتيش عنها‪.‬‬
‫كما أنه قد يتم الكشف عن السرقة العلمية بالبحث عن النصوص مباشرة‬
‫عرب شبكة االنترنت ومن خالل احركات البحث )‪ Google‬أو ‪ Yahoo‬أو ‪Bing‬‬
‫‪...‬اخل( لبيان مدى تطابق النصوص املنقولة مع ما موجود من نصوص عرب‬
‫االنترنت‪ ،‬أو بالبحث عن النصوص الواردة يف البحوث )املستشهد هبا وغري‬
‫املستشهد هبا) باالعتماد على برامج جاهزة خمصصة هلذا الغرض ومتوافرة عرب‬
‫شبكة االنترنت باإلمكان االشتراك هبا أو حتميلها‪ ،‬وحتمي البحوث عربها للكشف‬
‫عن السرقات العلمية‪.‬‬
‫وهلذه الطريقة أيضا بعض السلبيات فبعض معلومات املواقع املتوافرة عرب‬
‫شبكة االنترنت ال ميكن الوصول إليها عرب احركات البحث إال عرب االتصال‬
‫املباشر باملواقع نفسها كما أن بعض املصادر املتوافرة عرب االنترنت ال ميكن الكشف‬
‫عن احتوياهتا وخاصة املصادر املصورة‪ .‬وقد يكون املصدر الذي مت سرقة‬
‫النصوص منه غري متوافر عرب شبكة االنترنت وخاصة املصادر العلمية الرسائ‬
‫واألطاريح اجلامعية‪ ،‬وبعض الكتب والبحوث املنشورة يف الدوريات؛ باإلضافة إىل‬
‫أن إعادة صياغة العبارات واجلم وترتيبها ال يضمن كشف السرقة العلمية يف‬
‫بعض برامج كشف السرقة العلمية‪.‬‬
‫ورغم ذلك فقد سهلت الشبكة العنكبوتية الكشف عن السرقات العلمية‬
‫باستخدام الربامج واألدوات (جتارية‪ ،‬وجمانية) اليت تستخدمها املؤسسات‬
‫التعليمية واجلامعية هبدف الكشف عن السرقات العلمية واحلد منها واملساعدة‬
‫على التحقق من أصالة احملتوى العلمي؛ وميكن االشتراك يف إحدى هذه اخلدمات‬

‫‪- 063 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫القائمة على تقنية الويب وهي تعرف بـ‪ turnitin:‬والذي تعتمد خدماهتا بشك‬
‫أساسي على مقارنة النصوص مع العديد من البيانات يف وقت سريع‪ ،‬مع احتويات‬
‫صفحات الويب مبا فيها األرشيف احملذوف والصفحات اليت مت تغيريها‪ ،‬باإلضافة‬
‫إىل أنه يعترب نظاما وقائيا ميكن استخدامه ملراقبة صحة األحباث والدراسات‪1‬؛‬
‫وهو ما يقل من الوقوع يف فخ السرقة العلمية‪.‬‬
‫فقد أصبح تطوير األنظمة اإللكترونية للجامعات واملراكز البحثية أمر يف‬
‫غاية األمهية‪ ،‬خاصة يف مسألة البحث العلمي‪ ،‬ذلك أن معظم اجلامعات العاملية‬
‫تعتمد على إدخال البحوث العلمية للطالب يف أنظمتها اإللكترونية‪ ،‬اليت هي يف‬
‫األساس مرتبطة بعدد من اجلامعات واملكتبات اإللكترونية‪ ،‬وهذا سيوفر اجلهد‬
‫والوقت على أساتذة اجلامعات‪ ،‬حيث يكشف النظام اإللكتروين أي تشابه يف‬
‫احتوى البحث العلمي‪ ،‬سواء يف املراجع أو املنت‪ ،‬كما جيع البحث العلمي ذا قيمة‬
‫حقيقية تفتقدها تلك البحوث املتشاهبة حد التطابق يف احملتوى‪ ،‬مما جيعلها‬
‫عدمية الفائدة‪.‬‬
‫كما أن هناك وسائ بيداغوجية تسمح بالكشف عن السرقة العلمية‬
‫وتضع حدا هلا من خالل استعانة الباحثني مثال بعرض البويربوينت كما أنه‬
‫البدّ أيضا من مناقشة الباحث شفهيا للكشف عن متكنه من استيعاب املعلومات‬
‫املقدمة يف البحث‪ ،‬وغري ذلك من الوسائ اليت يستعني هبا األساتذة يف الكشف‬
‫عن السرقة العلمية‪.‬‬
‫ب‪ -‬إجراءات المتابعة بعد اكتشاف السرقة العلمية‪:‬‬
‫سبق القول أن جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية باملؤسسة اجلامعية‬
‫يقوم بدراسة ك إخطار بشأن السرقة العلمية‪ ،‬وإجراء التحقيقات الالزمة حول‬
‫ذلك‪ ،‬وقد قدم القرار الوزاري اإلجراءات املتعلقة باملتابعة يف حال حصول‬

‫‪1‬‬
‫‪- Franco Raimondi, On the effectiveness of anti-plagiarism software, Available at:‬‬
‫‪http://www.rmnd.net/wp-content/uploads/2012/09/ieee-lt.pdf, p 1.‬‬

‫‪- 021 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫سرقة علمية فما مضمون هذه اإلجراءات بالنسبة للطالب‪ ،‬وبالنسبة لألستاذ‬
‫ثانيا‪.‬‬
‫‪ -0‬إجراءات النظر في اإلخطار عن السرقة العلمية بالنسبة للطالب‪:‬‬
‫نص القرار الوزاري رقم ‪ 8106/933‬عن إجراءات النظر يف اإلخطار‬
‫بالنسبة للطالب اجلامعي بوقوع سرقة علمية‪1‬؛ حيث ميكن ألي شخص كان أن‬
‫يبلغ بوقوع سرقة علمية ترتكب من قب طالب ؛ ويتم ذلك من خالل تقدمي‬
‫تقرير كتايب مفص ومرفق بك الوثائق واألدلة املادية حول السرقة العلمية‬
‫يقدم إىل مسؤول وحدة التعليم والبحث‪ ،‬هذا األخري يقوم بإحالة مللف فورا إىل‬
‫جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية لدراسته وإجراء التحقيقات والتحريات‬
‫الالزمة بشأنه وفقا لإلجراءات املنصوص عليها قانونا‪.‬‬
‫بعد دراسة ملف الطالب املتهم بالسرقة العلمية يقوم جملس آداب‬
‫وأخالقيات املهنة اجلامعية بتقدمي تقريره النهائي إىل مسؤول وحدة التعليم‬
‫والبحث للمؤسسة اجلامعية‪ ،‬يف أج ٍّ ال يتعدى ‪ 15‬يوما من تاريخ اإلخطار‬
‫بالواقعة‪.‬‬
‫فإذا تضمن التقرير‪ ،‬املقدم من قب جملس آداب وأخالقيات املهنة‬
‫اجلامعية‪ ،‬ثبوت السرقة العلمية حيال الطالب على جملس تأديب الوحدة بعد‬
‫إعالمه كتابيا‪ ،‬من قب مسؤول وحدة التعليم‪ ،‬بالوقائع املنسوبة إليه واألدلة‬
‫املادية الثبوتية ذات الصلة بالسرقة العلمية‪.‬‬
‫جيتمع جملس تأديب وحدة التعليم والبحث يف اآلجال املقررة قانونا‬
‫للفص يف الوقائع املعروضة أمامه‪ ،‬حيث يقوم أحد أعضاء جملس آداب‬
‫وأخالقيات املهنة اجلامعية بتقدمي تقريره‪ ،‬الذي جيب أن يتضمن كافة الوقائع‬
‫املنسوبة للطالب وكذا األدلة اليت تثبت وقوع جرمية السرقة العلمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أنظر يف ذلك املواد من ‪ 06‬إىل ‪ 83‬من القرار الوزاري رقم ‪ 8106/355‬احملدد للقواعد‬
‫املتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها‪.‬‬

‫‪- 020 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بعد انتهاء عضو جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية حتال الكلمة‬
‫للطالب املتهم بارتكاب جرمية السرقة العلمية للدفاع عن نفسه‪ ،‬حيث جيب أن‬
‫ميث شخصيا أمام جملس التأديب‪ ،‬كما ميكنه إحضار شخص ملرافقته يف الدفاع‬
‫عن نفسه‪ ،‬على أن يتم إخطار مسؤول وحدة التعليم والبحث كتابيا قب انعقاد‬
‫جملس التأديب بثالثة (‪ )15‬أيام على األق وإن تعذر عليه احلضور ألسباب‬
‫مربرة ميكن متثيله من قب مدافعه‪ ،‬على أن يقوم بتقدمي مالحظاته ودفوعه‬
‫كتابيا قب انعقاد جملس التأديب بثالثة (‪ )15‬أيام على األق ‪.‬‬
‫بعد اإلستماع إىل تقرير جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية ودفوع‬
‫الطالب املتهم ومالحظاته يتم تسجي الوقائع يف احضر حيول إىل جملس تأديب‬
‫وحدة التعليم والبحث للفص يف وقوع السرقة العلمية يف اآلجال املقررة قانونا‪.‬‬
‫بعد صدور العقوبات من قب جملس تأديب الوحدة‪ ،‬ميكن للطالب الطعن يف‬
‫القرار الصادر يف حقه أمام جملس تأديب املؤسسة‪ ،‬وفقا لإلجراءات املنصوص‬
‫عليها قانونا‪.‬‬
‫‪ -8‬إجراءات النظر في اإلخطار عن السرقة العلمية بالنسبة لألستاذ‪:‬‬
‫نص القرار الوزاري ‪ 933‬السالف الذكر عن إجراءات النظر يف اإلخطار‬
‫بالنسبة لألستاذ‪ ،1‬حيث ميكن ألي شخص أن يبلغ عن وجود سرقة علمية‪ ،‬ويتم‬
‫ذلك بتقرير كتايب مفص ومرفق بك الوثائق واألدلة حول السرقة العلمية‬
‫مقدم إىل مسؤول وحدة التعليم والبحث‪ ،‬هذا األخري يقوم بإحالة امللف فورا إىل‬
‫جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية لدراسته وفقا لإلجراءات املنصوص عليها‬
‫قانونا‪.‬‬
‫بعد دراسة ملف األستاذ املتهم بالسرقة العلمية وإجراء التحقيقات‬
‫والتحريات الالزمة يقوم جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية بتقدمي تقريره‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أنظر يف ذلك املواد من ‪ 86‬إىل ‪ 53‬من القرار الوزاري رقم ‪ 8106/355‬احملدد للقواعد‬
‫املتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها‪.‬‬

‫‪- 028 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫النهائي إىل مسؤول وحدة التعليم والبحث للمؤسسة اجلامعية‪ ،‬يف أج ال يتعدى‬
‫‪15‬يوما من تاريخ اإلخطار بالواقعة‪.‬‬
‫يف حالة ما إذا تضمن التقرير النهائي جمللس آداب وأخالقيات املهنة‬
‫اجلامعية للمؤسسة ثبوت وقوع السرقة العلمية‪ ،‬يتوىل مدير املؤسسة إخطار‬
‫اللجنة املتساوية األعضاء يف اآلجال احملددة قانونًا‪ ،‬واليت نصت عليها املادة ‪166‬‬
‫من األمر ‪ ،06 / 03‬وإبالغ األستاذ كتابيا باألخطاء املنسوبة إليه‪ ،‬مع حقه يف‬
‫اإلطالع على احتويات ملفه التأدييب بالكام ‪.‬‬
‫بعد تبليغه‪ ،‬بالربيد املوصى عليه مع وص استالم‪ ،‬ميث األستاذ املتهم‬
‫بالسرقة العلمية أمام اللجنة املتساوية األعضاء يف أج ‪ 15‬يوما من تاريخ‬
‫حتريك الدعوى التأديبية ضده‪.‬‬
‫تستمع اللجنة املتساوية األعضاء إىل التقرير الذي يقدمه أحد أعضاء‬
‫جملس آداب وأخالقيات ملهنة اجلامعية للمؤسسة‪ ،‬والذي جيب أن يتضمن كافة‬
‫الوقائع املنسوبة واألدلة املادية اليت مسحت بالتأكد من صحة وقوع السرقة‬
‫العلمية‪ .‬مث يتم بعدها االستماع إىل األستاذ املتهم للدفاع عن نفسه بشأن الوقائع‬
‫املنسوبة إليه‪.‬‬
‫جيب أن ميث األستاذ املتهم أمام اللجنة املتساوية األعضاء‪ ،‬مع إمكانية‬
‫تقدمي مالحظاته كتابيا أو شفويا‪ ،‬ويف حالة تعذر عليه ذلك له أن يستعني‪ ،‬بعد‬
‫تقدميه التماسا من اللجنة املتساوية األعضاء املختصة‪ ،‬مبدافع أو مبوظف خيتاره‬
‫بنفسه للدفاع عنه‪ ،‬مع تقدمي مربر كايف ومقبول لغيابه قب ثالثة(‪ )15‬أيام من‬
‫انعقاد اللجنة‪.‬‬
‫كما جيب على األستاذ املتهم‪ ،‬يف حالة غيابه لقوة قاهرة‪ ،‬أن يُخطِرَ كتابيا‬
‫اللجنة املتساوية األعضاء بأمساء األشخاص الذين خيتارهم للدفاع عنه أو‬
‫متثيله قب انعقادها بثالثة (‪ )15‬أيام‪.‬‬

‫‪- 025 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تقوم اللجنة عند انعقادها بتسجي الوقائع املنسوبة لألستاذ املتهم‪ ،‬كما‬
‫وردت يف تقرير جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية‪ ،‬إضافة إىل دفوع األستاذ‬
‫املتهم ومالحظاته يف احضر استماع‪.‬‬
‫بعد صدور العقوبة التأديبية يف حق األستاذ املنتح يتم تبليغه بالقرار‬
‫املتخذ ضده يف أج ‪ 08‬أيام من اختاذ القرار‪ ،‬وحيفظ يف ملفه اإلداري‪ ،‬على أنه‬
‫يُمكن لألستاذ الطعن يف القرار الصادر ضده أمام جلنة الطعن املختصة‪ ،‬وفقّا‬
‫للشروط واآلجال املنصوص عليها قانونا‪.‬‬
‫ج‪ -‬كيفية تجنب الوقوع في السرقة العلمية‪:‬‬
‫للتقلي احتمال حدوث السرقة العلمية عند إعداد البحوث أو األوراق‬
‫البحثية جيب أوال أن يتحلى الباحث باجلدية ويتمتع بأخالقيات الباحث‬
‫العلمي؛ وميكن أن يساعد إتباع اخلطوات التالية باإلضافة لذلك يف تفادي‬
‫الوقوع يف فخ السرقة العلمية‪:‬‬
‫‪ -0‬التخطيط الجيد للبحث‪:‬‬
‫التخطيط للبحث بشك جيد هو اخلطوة املهمة األوىل اليت ميكن اختاذها‬
‫حنو احلد من السرقة العلمية واالنتحال؛ إذ على الباحث استخدام مصادر‬
‫للمعلومات واألفكار واليت حتتاج إىل خطة إلدراجها يف الدراسة‪.‬‬
‫‪ -8‬التلخيص الجيد‪:‬‬
‫إن من أفض الطرق إلعداد ورقة حبثية‪ ،‬تدوين مالحظات شاملة جلميع‬
‫املصادر؛ حبيث جيب أن تكون املعلومات منظمة قب أن البدء يف التحرير‬
‫من االستشهاد غري الالئق‬ ‫الكتابة‪ .‬وتساعد هذه املالحظات على التقلي‬
‫(‪ .)misquotations‬وعلى الباحث أن يتأكد من متييز أفكاره بوضوح عن املعلومة‬
‫اليت وجدهتا يف مصدر ما‪.‬‬

‫‪- 023 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫‪ -5‬في حالة الشك اذكر المصدر‪:‬‬


‫أثناء إبراز الباحث ألفكاره؛ وحىت ال يقع اللبس بينها وبني أفكار‬
‫اآلخرين‪ ،‬وحىت ال ختتلط عليك آراؤه بآراء أخرى أجريت تعديالت عليها فإنه‬
‫جيب دائما ذكر مصدرها‪.‬‬
‫‪ -3‬معرفة أسلوب إعادة الصياغة‪:‬‬
‫وتعين إعادة صياغة أفكار اآلخرين بأسلوب الباحث اخلاص‪ .‬وجتدر‬
‫اإلشارة هنا أن تغيري بعض الكلمات من اجلم األصلية ال يعين أن إعادة‬
‫الصياغة أصبحت مشروعة‪ ،‬لذا جيب تغيري ك من الكلمات والبناء األصلي‬
‫للجملة دون تغيري املعىن‪.‬‬
‫د ‪ -‬أساليب مواجهة السرقة العلمية‪:‬‬
‫ختتلف آليات وأساليب مواجهة السرقات العلمية ما بني التدابري‬
‫واإلجراءات القانونية اليت أقرهتا القوانني املنظمة حلقوق امللكية الفكرية‬
‫والقوانني املنظمة للجامعة والبحث العلمي‪ ،‬وكذا اآلليات التقنية والتكنولوجية‬
‫اليت تتم باالعتماد على التقنيات الرقمية‪ ،‬إضافة إىل اجلانب األخالقي املكرس‬
‫مبوجب العرف األكادميي واملواثيق اجلامعية واألخالق اجملتمعية املتعارف عليها‪.‬‬
‫وسنستعرض فيما يلي جانبا من آليات وأساليب مواجهتها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -0‬تعزيز الحماية القانونية من السرقة العلمية‪:‬‬
‫يف خمتلف قوانني الدول‪ ،‬تعترب سرقة األفكار ال تق أمهية عن السرقة‬
‫العادية‪ ،‬ويتعرض أصحاهبا للمساءلة القانونية‪ .‬لذا وضعت كثري من البلدان‬
‫املتطورة قوانني حلماية امللكية الفكرية‪ .‬إذ يعترف بذلك الفقه والقوانني‬
‫احلديثة حبقوق املؤلف‪ .‬ومينح القانون للمؤلف وسائ حلماية حقوقه من‬
‫االعتداء عليها‪ .‬وتؤكد القوانني على محاية املصنفات‪ ،‬واملقصود بذلك هو ك‬

‫‪- 023 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إنتاج ذهين‪ ،‬أيا كان التعبري عنه كتابة أو صوتا أو رمسا أو تصويرا أو حركة‪،‬‬
‫وأيا كان موضوعه أدبا أو فنا أو علوما‪.1‬‬
‫وعرف بأنه ك عم مبتكر أديب أو علمي أو فين أياً كان نوعه أو طريقة‬
‫التعبري عنه أو أمهيته أو الغرض من تصنيفه‪ .‬هناك املصنفات األدبية (كالكتب‬
‫الشعرية أو الروائية أو برامج الكمبيوتر أو قواعد البيانات‪ ...‬اخل) واملصنفات‬
‫الفنية (كالرسومات أو أعمال النحت أو التصوير أو األحلان املوسيقية أو األفالم‬
‫السينمائية أو الربامج اإلذاعية‪ ...‬اخل) واملصنفات العلمية (كالرسائ واألحباث‬
‫األكادميية والتصميمات اهلندسية‪ .)...‬وال يتدخ القانون أو القضاء يف تقدير‬
‫القيمة األدبية أو االجتماعية أو الثقافية أو العلمية أو الفنية للمصنف‪ ،‬إذ قد‬
‫ينطوي كتاب معني على االبتكار حىت لو كان هذا الكتاب من الكتب التعليمية أو‬
‫حىت لو كان الكتاب ال يقرأه إال العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬إن مفهوم امللكية الفكرية ‪ Intellectual Property‬ليس مفهوما جديدا ويعتقد أن شرارة‬
‫نظام امللكية الفكرية قد أوقدت يف مشال إيطاليا يف عصر النهضة‪ .‬وىف سنة ‪ 1474‬صدر قانون‬
‫يف البندقية ينظم محاية االختراعات ونص على منح حق استئثاري للمخترع‪ ،‬أما نظام حق‬
‫املؤلف فريجع إىل اختراع احلروف املطبعية واملنفصلة واآللة الطابعة على يد يوهانس‬
‫غوتنربغ عام ‪ ،1440‬ويف هناية القرن التاسع عشر‪ ،‬أ رت عدة بلدان ضرورة وضع قوانني تنظم‬
‫امللكية الفكرية‪.‬‬
‫أما دوليا فقد أُقر بأمهية امللكية الفكرية ومت التوقيع على معاهدتني تعتربان األساس الدويل‬
‫لنظام امللكية الفكرية مها‪ :‬اتفاقية باريس حلماية امللكية الصناعية ‪ 1883‬واتفاقية برن‬
‫‪1886‬حلماية املصنفات األدبية والفنية عدلت يف برلني عام‪ ، 1908‬مث كملت يف برن عام‬
‫‪ ،1914‬مث عدلت يف روما عام ‪ ، 1928‬ويف بروكس بعد احلرب العاملية الثانية عام ‪ 1948‬م‪،‬‬
‫ويف ستوكهومل عام ‪ ، 1967‬وأخريا يف باريس عام ‪ . 1971‬هدى عباس قنرب ويسرى احمود‬
‫عبد اهلل‪ " ،‬االستالل العلمي يف الرسائ واألطاريح اجلامعية طرائق كشفها وسب جتنبها"‪،‬‬
‫جملة األستاذ‪ ،‬عدد خاص باملؤمتر العلمي اخلامس ‪ ،8102‬اجمللد ‪ ،10‬كلية التربية بن رشد‪،‬‬
‫جامعة بغداد‪ ،8102 ،‬ص ‪.503‬‬

‫‪- 026 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫تعترب السرقات العلمية باختالف صورها وتعدد أساليب ارتكاهبا من قبي‬


‫األفعال اجملرمة قانونا نظرا النتهاكها حلق من حقوق اإلنسان الفكرية‪ ،‬غري أن‬
‫استفحال هذه الظاهرة وانتشارها الكبري يف خمتلف األوساط التعليمية دق‬
‫ناقوس اخلطر واستدعى التدخ السريع إلجياد احللول الناجعة واآلليات‬
‫الفعالة حلماية احلقوق الفكرية للباحثني ودعم الزناهة األكادميية‪.‬‬
‫وهلذا جلأت العديد من الدول إىل تبين عدة تدابري قانونية‪ ،‬وذلك عن‬
‫قوانني امللكية الفكرية لتستوعب جزئية السرقة الفكرية‬ ‫طريق تعدي‬
‫واالنتحال‪ .‬يف حني ذهبت دول أخرى إىل استحداث قوانني خاصة باالنتحال أو‬
‫السرقة الفكرية‪ ،‬وذلك عن طريق إقرار ما يعرف "بالدلي االسترشادي أو‬
‫امليثاق األكادميي"؛ الذي يبني حقوق وواجبات ومسؤوليات ك منتسيب الوسط‬
‫األكادميي (طلبة‪ ،‬أساتذة‪ ،‬باحثني) وحيدد بدقة ك املمارسات املنافية للبحث‬
‫العلمي ويبني آليات مواجهتها والعقوبات املقررة هلا‪.1‬‬
‫ورغم أن قوانني امللكية الفكرية مل تتناول صراحة جرمية السرقة‬
‫العلمية أو االنتحال بالرّغم من جترميها لك أشكال االعتداء على املصنفات‬
‫التقليدية واإللكترونية‪ .‬فإنّه ميكن إدراج السرقة العلمية ضمن حاالت املساس‬
‫باحلقوق املعنوية للمؤلف؛ فقد أكدت املادة ‪ 83‬من األمر ‪ 13-15‬املتعلق حبق‬
‫املؤلف‪ ،2‬حتت مسمى “حق األبوة” أنّه من بني احلقوق املعنوية املقررة للمؤلف‬
‫على مصنفه‪ ،‬حقه يف احترام سالمته واالعتراض على أي تعدي أو تغيري يدخ‬
‫عليه‪ ،‬خاصة إذا كان هذا التعدي يضر مبصلحته أو شرفه أو مسعته‪ ،‬كما نصت‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬طـه عيسـاين‪" ،‬املمارسات األكادميية الصحيحة وأساليب جتنب السرقة العلمية"‪ ،‬ملتقى‬
‫متتني أدبيات البحث العلمي والذي نظمه مركز جي البحث العلمي باجلزائر العاصمة بتاريخ‬
‫‪ 83‬ديسمرب ‪ ،8103‬املنشور بسلسلة أعمال املؤمترات الصادرة عن املركز بشهر ديسمرب ‪8103‬‬
‫ص ‪.033‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األمر رقم ‪ 13-15‬املتعلق حبقوق املؤلف واحلقوق اجملاورة املؤرخ يف ‪ 03‬يوليو ‪،8115‬‬
‫الصادر باجلريدة الرمسية عدد ‪ 33‬املؤرخة يف‪ 85 :‬يوليو ‪.8115‬‬

‫‪- 022 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املواد من ‪ 38‬إىل ‪ 53‬من ذات القانون على األفعال اليت تعترب من قبي األعمال‬
‫املشروعة يف إطار استغالل املصنفات من ذلك االستنساخ والترمجة واالقتباس‬
‫والتحوير‪ ،‬واعتربت أن أي استنساخ أو استغالل للمصنف خارج هذه احلاالت‬
‫يشك تقليد‪ ،‬ويعاقب صاحبه باحلبس والغرامة املالية طبقا ملا حددته املواد من‬
‫‪ 030‬إىل ‪ 035‬من ذات القانون‪.‬‬
‫كما أنه من بني النصوص الذي تطرقت بشك مباشر هلذه الظاهرة يف‬
‫املنظومة القانونية اجلزائرية نذكر القانون األساسي اخلاص باألستاذ الباحث‬
‫الدائم‪1‬؛ حيث نص صراحة يف املادة ‪ 50‬على جترمي ك أعمال الغش واالنتحال‬
‫والتزوير يف املنشورات واألعمال البحثية ورسائ الدكتوراه وصنفها ضمن قائمة‬
‫األخطاء املهنية من الدرجة الرابعة‪ ،‬وهي أخطاء قد ينجر عليها إمّا التسريح أو‬
‫التزني للرتبة السفلى طبقا لقانون الوظيفة العمومية‪.‬‬
‫كما سبق وأصدرت وزارة التعليم العايل والبحث العلمي يف ديسمرب ‪8103‬‬
‫أول ميثاق جامعي لنظام الدكتوراه )‪ (LMD‬حتت مسمى "ميثاق األطروحة"‪2‬؛‬
‫والذي يعترب دلي مرجعي حيدد حقوق وواجبات ك من الطالب واألستاذ املشرف‬
‫واللجنة اجلامعية وخمرب دعم التكوين‪ .‬وقد تضمن هذا امليثاق بعض املواد اليت‬
‫تؤكد على موضوع األمانة العلمية حيث ذكر حتت عنوان "السرية" ما يلي‪:‬‬
‫"ضرورة التزام طالب الدكتوراه باحترام أخالقيات البحث العلمي‪ ،‬السيما يف‬
‫جمال امللكية الفكرية للمصادر املستعملة (البيبلوغرافيا)"‪.‬‬
‫ويف جمال العقوبات نص هذا امليثاق حتت عنوان (املناقشة) على ما يلي‪:‬‬
‫"ك فع تعلق بالسرقة العلمية أو تزوير للنتائج أو غش ذي صلة باألعمال‬
‫العلمية‪ ،‬مت التصريح به يف إطار األطروحة ومت إثباته أثناء أو بعد املناقشة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 051-12‬املتعلق بالقانون األساسي لألستاذ الباحث املؤرخ يف‪15 :‬‬
‫ماي ‪ ،8112‬الصادر باجلريدة الرمسية عدد ‪ 85‬املؤرخة يف‪ 13 :‬ماي ‪.8112‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ميثاق األطروحة‪ ،‬مديرية التكوين يف الدكتوراه والتأهي اجلامعي‪ ،‬وزارة التعليم العايل‬
‫والبحث العلمي‪ ،‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬ديسمرب ‪.8103‬‬

‫‪- 022 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫يعرض املرشح إللغاء املناقشة أو إىل سحب الشهادة احملص عليها‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫تطبيق العقوبات املنصوص عليها يف التشريع والتنظيم الساري املفعول"‪.‬‬
‫‪ -8‬البرامج االلكترونية للكشف عن السرقة العلمية‪:‬‬
‫تتوافر عرب شبكة االنترنت العديد من الربامج اإللكترونية للكشف عن‬
‫السرقة العلمية باختالف صورها وأمناطها‪ ،1‬ولذلك جلأت العديد من اجلامعات‬
‫إىل اعتماد التدابري التكنولوجية والتقنية كوسيلة للحد من عمليات السرقات‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬من أقدم برامج كشف االنتحال والسرقة العلمية للنصوص صدر عام ‪1996‬بواسطة‬
‫جمموعة من الباحثني يف جامعة كاليفورنيا ‪ UC Berkeley‬وأصبح برناجما جتاريا تابعا ملؤسسة‬
‫‪ iParadigms, LLC‬بالواليات املتحدة األمريكية والربنامج يدعم ‪ 31‬لغة عاملية ضمنها اللغة‬
‫العربية ويستعم من قب أكثر من ‪ 03111‬مؤسسات منها جامعات ومراكز تعليمية و ‪140‬‬
‫عمالء يف دول العامل و ‪1.6‬مليون معلم‪ ،‬و‪ 86‬مليون طالب وطالبة مرخص لالشتراك‪ .‬ويتميز‬
‫الربنامج بقاعدة بيانات تشتم على أكثر من ‪ 14‬بليون صفحة انترنت فضال إىل أكثر من ‪100‬‬
‫مليون مقال وكتاب وحبوث للدراسات األولية والعليا)املاجستري والدكتوراه ( باالتفاق مع ناشري‬
‫احملتوى الرقمي مث ‪ Emerald, SAGE, Gale, EBSCO...:‬؛ والربنامج سه االستخدام على‬
‫اإلنترنت‪ ،‬يساهم يف تسريع وضع العالمات وتبسيط مراجعات النظراء فضال عن تقدمي‬
‫تعقيبات نافعة للطالب‪ .‬ويتمث اهلدف الرئيس منه هو املساعدة يف حتسني املستوى التعليمي‬
‫لدى الطالب عن طريق تقدمي مالحظات كثر ثراء هلم‪ .‬باإلضافة إىل ‪ Thenticate‬هي خدمة‬
‫تقدمها ‪ *Crossref‬ومت تطويره من قب تورنيتني ‪ ، iThenticate‬الرائدة يف جمال االستالل‬
‫واألصالة التدقيق للمؤسسات التعليمية يف مجيع أحناء العامل‪ .‬يقع املقر الرئيس للشركة يف‬
‫أوكالند‪ ،‬كاليفورنيا‪ ،‬وبرنامج األفعى ‪ Viper‬مكافحة انتحال املاسح الضوئي )هو برنامج جماين‬
‫ابتكرته إحدى شركات اخلدمات التعليمية الربيطانية ‪،Plagiarismchecker.net Limited‬‬
‫ويفحص الربنامج أكثر من ‪ 14‬مليار صفحة عرب االنترنت و ‪2‬مليون حبثا طالبيا وآالف من‬
‫اإلصدارات املعروفة‪ ،‬ويستعم من قب املعلمني واحملاضرين والطالب يف مجيع أحناء العامل‬
‫للكشف عن حاالت االنتحال يف العم األكادميي‪ ،‬مث ‪ :‬الكتب االلكترونية والدراسية‪ ،‬وقواعد‬
‫بيانات الدوريات‪ ،‬واملقاالت واألطروحات وقطع من الدورات الدراسية بعد التسجي فيه بإنشاء‬
‫حساب جماين إىل غريها من الربامج اليت أصبحت تستخدم يف الكشف عن االنتحال والسرقة‬
‫العلمية؛ هدى عباس قنرب ويسرى احمود عبد اهلل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.588- 580 :‬‬

‫‪- 023 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫العلمية واالنتحال‪ ،‬خاصة تلك اليت تتم باستخدام شبكة االنترنت أو بواسطتها‪،‬‬
‫وهذا حىت تكون أساليب مواجهة السرقة العلمية متوافقة مع األساليب‬
‫املستخدمة يف ارتكاهبا؛ أمام إخفاق اإلجراءات القانونية يف مواجهتها‪ ،‬إذ من غري‬
‫املمكن مواجهة السرقة العلمية بالطرق القانونية التقليدية فقط‪ ،‬ألنّ التقنية‬
‫عادة ما تتجاوز القوانني بأشواط كبرية‪.‬‬
‫فبقدر ما سامهت شبكة االنترنت يف نشر السرقة الفكرية واتساع‬
‫جماالهتا لتشم ك امليادين الفكرية واألدبية والفنية‪ ،‬إال أهنا سامهت أيضا يف‬
‫كشف االنتحال عن طريق اتساع مساحة البحث عن أص النص على الشبكة‪،‬‬
‫مع ظهور الربجميات‬ ‫ويتوقع أن السرقة الفكرية ستختفي يف املستقب‬
‫املتخصصة‪.1‬‬
‫هذه الربجميات تصنف إىل الربامج التعليمية واليت هتدف مساعدة الطلبة‬
‫والباحثني يف حتسني مستوى الكتابة لديهم وتعرفهم بالسرقة العلمية وأنواعها‬
‫وطرق جتنبها وتعليمهم أسلوب اإلشارة لالقتباسات العلمية وتنمية مهارات‬
‫التفكري النقدي لديهم مث )‪ (ithenticate‬وأخرى غري التعليمية فقط هدفها كشف‬
‫السرقة العلمية فقط؛ مث ‪ .Plagiarism Detector :‬كما جند منها من تتعام مع‬
‫ملفات النصوص بك أشكاهلا ‪ text , doc , pdf , rtf‬إىل آخره‪ .‬وبرامج تدعم‬
‫أشكال معينة من امللفات النصية‪ .‬باإلضافة إىل أن هناك برامج توفر كشف‬
‫االستالل بلغات أجنبية فقط مث ‪ PlagTracte:‬وأخرى توفر كشف االنتحال‬
‫للنصوص العربية مث ‪.2 APlag: A plagiarism checker for Arabic texts :‬‬
‫وهناك من توفر كشف االنتحال باللغات األجنبية واللغة العربية مث ‪:‬‬
‫‪ ،Ferret Copy Detection Software‬كما مت اعتماد برامج تقدم خدمة كشف‬

‫‪ - 1‬طه عيسـاين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.036‬‬


‫‪ - 2‬هدى عباس قنرب ويسرى احمود عبد اهلل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 502‬ومابعدها‪.‬‬

‫‪- 021 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫االنتحال والتزوير العلمي لألحباث العربية مث ‪ :‬برنامج قارنت ‪Qarnet‬‬
‫وبرنامج معرفة ‪ E-MAREFA‬خدمة كشف االنتحال والتزوير العلمي لألحباث‬
‫العربية‪.2‬‬
‫وإضافة إىل برامج كشف وفحص احملتوى املعلومايت‪ ،‬فقد ظهرت مؤخرا‬
‫العديد من املواقع واملنتديات اليت تقدم خدمات جمانية للطلبة والباحثني‪ ،‬وهي‬
‫تعم على مقارنة الكلمات أو األحباث مع ما مت نشره من بيانات على شبكة‬
‫االنترنت يف مجيع أحناء العامل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬برنامج قارنت هو نظام حاسويب متوافر عرب شبكة االنترنت أنتجته شركة سعودية‬
‫بالتعاون مع مؤسسات تربوية وأكادميية ملساعدة الطالب واألساتذة والباحثني واجلهات‬
‫العلمية والتعليمية‪ .‬هدفه مكافحة السرقات العلمية والتحقق من أصالة األحباث ويتيح خدمة‬
‫اشتراك اجلامعات جمانا ملدة سنة أكادميية وعضو هيئة التدريس لتدريب الطالب وتوعيتهم‬
‫على مشاك االقتباسات الالشرعية والسرقات العلمية وأثرها السليب يف مسرية الباحثني‬
‫والطالب‪ .‬وميكن االستفادة من نظام حتمي أحباث الطالب لعضو هيئة التدريس عن طريق‬
‫مع النظام عن طريق موقعهم‪:‬‬ ‫املوقع بدال من الربيد اإللكتروين‪ ،‬وميكن التواص‬
‫‪ www.qarnet.com‬ويدعم النظام أنظمة التشغي ومتصفحات الويب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬توفر املعرفة الرقمية العربية عرب شبكة اإلنترنت‪ ،‬وتشم النصوص الكاملة للمقاالت‬
‫العلمية املتخصصة يف قواعد بيانات متعددة‪ .‬وهذه املقاالت مت مجعها من خالل اتفاقيات‬
‫تعاون ما يزيد عن ‪ 280‬جامعة‪ ،‬ومركزا حبثيا‪ ،‬وجهازا "إحصائيا"‪ ،‬ومنظمة إقليمية يف العامل‬
‫العريب من ‪ 19‬دولة عربية‪ .‬ومن خدماهتا السماح بكشف االنتحال والتزوير العلمي والسرقات‬
‫العلمية يف خمتلف حقول ضمن ما يقارب ‪ 225 111‬سج بني حبث علمي ومقال وأطروحة‬
‫جامعية يف قاعدة "معرفة"‪ ،‬فضال إىل املنشورة منها يف الصفحات واملواقع اإللكترونية يف‬
‫قوق ‪ .‬وتوفر هذه اخلدمة تقريرا شامال يوضح التشابه والتطابق يف نصوص األحباث العلمية‬
‫العربية واألطروحات اجلامعية ‪.‬وللنظام فوائد وميزات منها إمكانية الكشف واحلصول على‬
‫تقرير يوضح نسبة التطابق التام أو اجلزئي لإلنتاج العلمي املقدم للجهة الناشرة ومحاية‬
‫حقوق امللكية للمؤلفني وللناشرين ضد أي اعتداء على حقوقهم الفكرية‪ .‬انظر أكثر تفصيال‬
‫‪http://e-marefa.net/ar‬‬ ‫عن الربنامج يف موقعه‪:‬‬

‫‪- 020 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪-5‬تعزيز الوعي األخالقي وتفعيل الوازع الديني ضد السرقة العلمية‪:‬‬


‫باعتبار أن السرقة العلمية ظاهرة أخالقية فهي تستدعي التوعية‬
‫األخالقية قب ك شيء‪ .‬ولقد أثبتت التجارب أنّ النصوص القانونية والتقنيات‬
‫التكنولوجية ال ميكنها القضاء على هذه الظاهرة؛ فالربجميات اإللكترونية مثال‬
‫ال ميكنها البحث يف املصادر القدمية اليت مل يتم إدراجها على شبكة االنترنت‪،‬‬
‫كما ال ميكنه البحث يف املقاالت احملمية بكلمة مرور‪.‬‬
‫إن احترام امللكية الفكرية والزناهة واألمانة العلمية هي من صميم أخالق‬
‫ديننا احلنيف وهذا ما نلتمسه يف قوله تعايل‪:‬‬
‫﴾‬ ‫﴿‬
‫(سورة األنفال اآلية ‪) 27‬‬
‫فعلى الباحث حبقّ أن يعيَ خطر فقد األمانة العلمية لديه‪ ،‬ألنه من‬
‫اإلخالل بالدين؛ ومن هنا قال عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه‪":‬أول مَا‬
‫تَفقِدُونَ مِن دِينِكُمُ ‪:‬األَما َنةُ"‪.1‬‬
‫إن مكافحة السرقة العلمية واحترام امللكية الفكرية يتطلب تضافر جهود‬
‫خمتلف الشرائح؛ ولذلك جلأت العديد من اجلامعات اليوم إىل االعتماد إضافة‬
‫إىل آليات احلماية القانونية والتقنية على احلماية االستباقية أو الوقائية‬
‫وذلك بالتركيز على تلقني املمارسات األكادميية اجليدة والتوعية األخالقية‪،‬‬
‫وتدريب الطلبة والباحثني على كيفية جتنب السرقة العلمية‪ ،‬وتعريفهم أكثر‬
‫بأجبديات منهجية البحث العلمي وإلزامهم باحترام األمانة العلمية والتحلي‬
‫بأخالقيات البحث العلمي‪ .2‬وتقتضي أخالقيات البحث العلمي احترام حقوق‬
‫اآلخرين وآرائهم وكرامتهم‪ ،‬سواء أكانوا من الزمالء الباحثني‪ ،‬أم من املشاركني يف‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬احمود مصري‪"،‬األمانة العليمة بني الضوابط األخالقية وورع العامل الرباين"‪ ،‬جملة‬
‫العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة السلطان احمد الفاتح الوقفية‪ ،‬تركيا‪ ،‬نوفمرب ‪،8103‬‬
‫ص ‪ 36‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 2‬طه عيساين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪036‬؛ زعتر نور الدين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪- 028 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫البحث أم من املستهدفني من البحث‪ ،‬وتتبىن مبادئ أخالقيات البحث العلمي عامة‬


‫قيميت "العم اإلجيايب" و"جتنب الضرر"‪ ،‬وهاتان القيمتان جيب أن تكونا‬
‫ركيزيت االعتبارات األخالقية خالل عملية البحث‪.1‬‬
‫كما جيب توعية مجهور الطلبة مباهية األمانة العلمية وخطورة‬
‫االنتهاكات املترتبة عليها‪ .‬ويتم ذلك من خالل تنظيم احاضرات عامة وتوزيع‬
‫نشرات توعية‪ ،‬واألهم من ذلك‪ ،‬عن طريق تدريس مواد إجبارية يف أخالقيات‬
‫العلم والبحث األكادميي ‪.‬ويدخ يف ذلك‪ ،‬تدريس الطلبة مهارات التوثيق السليم‪،‬‬
‫وآليات مراجعة األدبيات السابقة‪ .‬كما يدخ يف ذلك ضرورة أن يقدم األستاذ‬
‫اجلامعي نفسه لطلبته كنموذج حيتذي بأمانته العلمية‪.‬‬
‫ويف هذا السياق لذا ألزمت املادة ‪ 04‬من القرار الوزاري ‪8106/355‬‬
‫مؤسسات التعليم العايل باختاذ تدابري حتسيس وتوعية ختص ال سيما‪:‬‬
‫‪ -‬تنظيم دورات تدريبية لفائدة الطلبة واألساتذة الباحثني والباحثني الدائمني‬
‫حول قواعد التوثيق العلمي وكيفية جتنب السرقات العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم ندوات وأيام دراسية لفائدة الطلبة واألساتذة الباحثني والباحثني‬
‫الدائمني الذين حيضرون أطروحات الدكتوراه‪.‬‬
‫‪ -‬إدراج مقياس أخالقيات البحث العلمي والتوثيق يف ك أطوار التكوين العايل‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد أدلة إعالمية تدعيمية حول مناهج التوثيق وجتنب السرقات العلمية يف‬
‫البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬إدراج عبارة التعهد بااللتزام بالزناهة العلمية والتذكري باإلجراءات القانونية‬
‫يف حالة ثبوت السرقة العلمية يف بطاقة الطالب وطيلة مساره اجلامعي‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -‬الجزاءات المترتبة على الوقوع في السرقة العلمية‪:‬‬

‫‪- 1‬حسام مازن‪"،‬أخالقيات البحث العلمي"‪ ،‬جامعة سوهاج – كلية التربية‪ ،‬مقال اطلع عليه يف‪:‬‬
‫‪kenanaonline.com/files/0094/94587.‬‬

‫‪- 025 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫للسرقة العلمية ثالث أنواع من العقوبات عقوبات أكادميية وقد تؤدي إىل‬
‫طرد القائم بالسرقة العلمية من الكلية واجلامعة‪ ،‬وعقوبات قانونية‪ ،‬وقد تؤدي‬
‫إىل فرض غرامات مالية أو قد تؤدي إىل احلكم بالسجن‪ ،‬وعقوبات تأديبية‬
‫وتؤدي إىل فقدان املوظف لوظيفته ومكانته اإلدارية واالجتماعية‪.‬‬
‫ذلك أن أق عقاب يستحقه السارق مالحقة صاحب احلق املغتصَب له بك‬
‫الوسائ املتاحة وفضحه‪ ،‬وقيام اجلامعة إلغاء الدرجة اجلامعية له بسحبها فورا‬
‫منه‪ ،‬واإلعالن عن ذلك يف وسائ اإلعالم‪ ،‬وطرده من اجلهة اليت يعم فيها‪،‬‬
‫واسترجاع ك ما حص عليه منها باعتباره سرقة؛ فعقوبة جرمية السرقة‬
‫العلمية على امللكية الفكرية هلا عدة تطبيقات مث الغرامات املالية والتشهري‬
‫والسجن وتعليق أنشطة املنشأة واإلغالق املؤقت وشطب الترخيص وكذلك تعويض‬
‫أصحاب احلقوق تعويضا عادال عن األضرار املادية واألدبية اليت حلقت هبم‪.1‬‬

‫‪ - 1‬تسببت السرقة العلمية يف استقاالت املسؤولني يف الدول الغربية‪ ،‬إذ ختلي رئيس مجهورية‬
‫اجملر عن منصبه الرئاسي بسبب انتحال جزء من أطروحته من رسالة جامعية نوقشت يف فرنسا‬
‫وبعد أن جردته اجلامعة اجملرية من لقبه العلمي‪ ،‬واستقالت وزيرة التعليم العايل والبحث‬
‫العلمي األملانية بعد إعالن جامعة دوسلدورف أهنا يف رسالتها للدكتوراه اقتبست بصورة متعمدة‬
‫أجزاء من رسائ دكتوراه من آخرين دون إشارة إىل املصدر‪ ،‬ومت جتريدها من درجة الدكتوراه‬
‫اليت حتملها منذ أكثر من ‪ 30‬عاما من اجلامعة‪ .‬كما تسببت السرقات العلمية يف فص ونق‬
‫وحرمان أساتذة من التدريس واحلكم بالسجن عليهم‪ ،‬فقد فص أستاذ اللغة االنكليزية من‬
‫عمله يف جامعة نيفادا يف الس فيجاس بعد أن اكتشفت اجلامعة مراجعة ألحد الكتب احتوت‬
‫على انتحال وسرقة علمية )‪ 23‬من أص ‪ 26‬ورقة علمية له)‪ ،‬وأصدرت احكمة دهلي يف اهلند‬
‫عام ‪ 2014‬حكما بإرسال األستاذ ونائب مستشار جامعة دهلي سابق للسجن لفترة قصرية‬
‫بالسجن بسبب مزاعم باالنتحال األكادميي وانتهاك حقوق املؤلف اخلاصة بامللكية الفكرية‬
‫عام ‪ ،2009‬وبتاريخ ‪ 05‬ماي ‪ ،8112‬أصدرت احكمة جنح مستأنف بين سويف بتغرمي‬
‫الدكتورة بكلية التجارة ببين سويف بـ ‪ 5000‬جنيه‪ ،‬ومصادرة كتاهبا الذي تقوم بتدريسه‬
‫لطلبة الكلية‪ ،‬حيث اقتبست جزء كبريا من كتاب لزمي هلا دون اإلشارة المسه أو كتابه‪.‬‬

‫‪- 023 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫ويف ظ القرار الوزاري رقم ‪ 355‬السابق اإلشارة إليه حتدد املادة ‪53‬‬
‫منه‪ ،‬العقوبات اليت يتعرض هلا الطالب الذي ثبت يف حقه باألدلة املادية‬
‫ارتكابه سرقة علمية مبوجب املادة ‪ 55‬من نفس القرار؛ واليت هلا صلة باألعمال‬
‫العلمية والبيداغوجية املطالب هبا يف مذكرات التخرج يف ك املراح التعليمية‬
‫قب أو بعد مناقشتها يعرض صاحبها إىل إبطال املناقشة وسحب اللقب احلائز‬
‫عليه‪.‬‬
‫كما يتعرض إىل نفس العقاب مبوجب املادة ‪ 56‬األستاذ الباحث أو األستاذ‬
‫االستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم يف ك التصرفات اليت هلا صلة باألعمال‬
‫العلمية والبيداغوجية املطالب هبا يف املذكرات واألطروحات ومشاريع البحث‬
‫األخرى واملثبتة قانونا أثناء أو بعد مناقشتها أو نشرها أو عرضها للتقييم‬
‫يعرض صاحبها إىل إبطال املناقشة وسحب اللقب احلائز إليه أو وقف نشر تلك‬
‫األعمال أو سحبها من النشر‪ .‬وتضيف املادة ‪ 52‬للجهات املتضررة احلق يف‬
‫مقاضاة املرتكبني للسرقات العلمية‪.‬‬
‫ويف النهاية نشري إىل أن القرار الوزاري رقم ‪ 355‬قد توسع بتدابري‬
‫الوقاية والرقابة من السرقة العلمية‪ ،‬واملتمثلة بالتحسيس والتوعية وتنظيم‬
‫التأطري والتكوين‪ ،‬واحلث على تأسيس قاعدة بيانات لك األعمال املنجزة ال‬
‫سيما رقميا واستعمال برامج معلوماتية كاشفة للسرقات العلمية‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫توصلنا من خالل هذه الدراسة اىل النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تعترب السرقة العلمية السلوك األكثر سوءا واألشد ضررا من بني العديد من‬
‫املمارسات والسلوكيات املنافية ألخالقيات البحث العلمي املنتشرة يف مؤسساتنا‬
‫اجلامعية؛ ذلك أنّها أصبحت من بني أكثر الظواهر السلبية اليت تتهدد مستقب‬
‫البحث العلمي‪.‬‬

‫‪- 023 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬إن السرقة العلمية ظاهرة قدمية ومستمرة مبرور الزمن غري أهنا استفحلت يف‬
‫الوقت احلاضر لزيادة البحوث واملؤلفات املنشورة عرب خمتلف التقنيات‬
‫التكنولوجية وسهولة نق املعلومات ونسخها‪.‬‬
‫‪ -‬توجد أنواع وأشكال وصور للسرقة العلمية كما أنه توجد عدة أسباب هلا ومن‬
‫أمهها قلة الوازع األخالقي والديين وحب الظهور والتميز مقاب تدين املهارات‬
‫البحثية واللغوية باإلضافة إىل الضغوط اخلارجية مع عدم معرفة السرقة‬
‫العلمية معرفة دقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬توجد طريقتان لكشف عن السرقة العلمية الطريقة التقليدية ويتم فيها‬
‫االعتماد على الرجوع إىل املصادر الورقية أو االلكترونية باالعتماد على ذاكرة‬
‫احملكم؛ والطريقة االلكترونية وفيها يعتمد احملكم البحث يف شبكة االنترنت أو‬
‫باالستعانة بالربجميات الكاشفة عن السرقة العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬اهتمت وزارات التعليم العايل والبحث العلمي يف خمتلف جامعات العامل‬
‫مبكافحة السرقة العلمية واحلد منها فحددت عقوبات من يثبت يف مواجهته فع‬
‫السرقة العلمية‪ ،‬وأصدرت التعليمات لنشر التوعية حول خماطرها وتبعاهتا‪.‬‬
‫وفيما يلي بعض التوصيات واالقتراحات اليت مت التوص إليها بصدد هذا‬
‫البحث‪:‬‬
‫إنّ أول سبي للحد من السرقة العلمية هو الوقاية منها من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬تعويد الباحثني على منهجية البحث العلمي‪ ،‬وذلك انطالقا من االلتزام بذكر‬
‫مصادر مجيع املعلومات املستخدمة يف البحث ونسبتها إىل صاحبها‪ ،‬وتوثيقها يف‬
‫التهميش ويف قائمة املراجع؛ وتكريسا هلذا نقترح وضع دلي لكيفية إعداد‬
‫البحوث وجتنب السرقة العلمية يضم التعريف بالسرقة العلمية وبالتعليمات‬
‫واملعايري اخلاصة مبنهجية البحوث العلمية وعلى املشرف على الطالب املتابعة‬
‫البحثية له وتوجيهه بالشك الصحيح يف االستعانة مبختلف مصادر املعلومات‪.‬‬
‫‪ -‬نشر الوعي األخالقي والديين لدى الطلبة وإعالمهم مبختلف املمارسات‬
‫املنافية للبحث العلمي‪.‬‬

‫‪- 026 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬

‫توحيد‬ ‫‪ -‬دعم مبادرات التعاون املشترك بني اجلامعات الوطنية من أج‬


‫املقاييس العلمية يف املنهجية‪ ،‬خاصة تلك اليت متيز بني السرقة العلمية وما‬
‫يشاهبها من مصطلحات سيما‪( :‬اإلقتباس‪ ،‬التلخيص‪ ،‬إعادة الصياغة)‪.‬‬
‫‪ -‬تعدي القوانني املتعلقة حبق املؤلف يف اجلزائر وتكييفها مع ما هو معمول به‬
‫دوليا لتستوعب جرمية السرقة العلمية وخباصة االنتحال الرقمي الذي يتم‬
‫باستخدام شبكة االنترنت‪.‬‬
‫‪ -‬السعي حنو تبين معايري وقواعد أخالقية ترسخ فكرة األمانة العلمية لدى‬
‫الطلبة‪ ،‬وحتذرهم من خطورة االنتحال وآثاره السلبية‪ ،‬وتلقينهم املمارسات‬
‫األكادميية الصحيحة‪ ،‬ألن اجله هبا قد يؤدي هبم إىل الوقوع يف السرقة‬
‫العلمية من غري قصد‪.‬‬
‫‪ -‬دعم اجلامعات والكليات لالشتراك بربامج الكشف عن السرقة العلمية تدعم‬
‫اللغة العربية واللغات األخرى ومعتمدة مث برنامج )‪ (Turnitin‬واالستعانة‬
‫بالربامج العربية مث برنامج قارنت ومعرفة‪ ،‬وتدريب اللجان والباحثني أساتذة‬
‫وطلبة على كيفية تطبيق تلك الربامج لتجنب السرقة العلمية واحلد منها‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون يف ك جامعة وكلية مركز أو وحدة تتوىل مهمة تدقيق الرسائ‬
‫واألطاريح اجلامعية لطلبة الدراسات العليا دون اللجوء إىل األقسام العلمية‬
‫لضمان استقاللية العم ومنع احملاباة‪.‬‬
‫‪ -‬العم على نشر اكتشاف السرقات العلمية وفضحها مع تفعي العقوبات‬
‫الصادرة بشأهنا كوسيلة ردعية للحد من هذه الظاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم الندوات واملؤمترات وورشات العم واأليام الدراسية‪ ،‬سيما تلك اليت‬
‫تتطرق ملواضيع حقوق املؤلف واألمانة العلمية‪ ،‬وتوضيح صور وأشكال السرقة‬
‫العلمية اليت قد تلتبس على الباحثني يف كثري من األحيان‪ ،‬ولفت انتباه الطلبة‬
‫منذ البداية إىل العقوبات املفروضة على حاالت السرقة العلمية‪.‬‬

‫‪- 022 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫أوال – المصادر‪:‬‬
‫‪ -10‬األمر رقم ‪ 13-15‬املتعلق حبقوق املؤلف واحلقوق اجملاورة املؤرخ يف ‪ 03‬يوليو ‪،8115‬‬
‫الصادر باجلريدة الرمسية عدد ‪ 33‬املؤرخة يف‪ 85 :‬يوليو ‪.8115‬‬
‫‪ -18‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 051-12‬املتعلق بالقانون األساسي لألستاذ الباحث املؤرخ يف‪15 :‬‬
‫ماي ‪ ،8112‬الصادر باجلريدة الرمسية عدد ‪ 85‬املؤرخة يف‪ 13 :‬ماي ‪.8112‬‬
‫‪ -15‬القرار الوزاري رقم ‪ 8106/355‬احملدد للقواعد املتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية‬
‫ومكافحتها‪.‬‬
‫‪ -13‬ميثاق األطروحة‪ ،‬مديرية التكوين يف الدكتوراه والتأهي اجلامعي‪ ،‬وزارة التعليم العايل‬
‫والبحث العلمي‪ ،‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬ديسمرب ‪.8103‬‬
‫ثانيا – المراجع‪:‬‬
‫أ‪ -‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -10‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬األصول املنهجية إلعداد البحوث العلمية‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.1999 ،‬‬
‫‪ -18‬درنث‪ ،‬بييتر‪" ،‬األمانة العلمية ‪ :‬التحديات يف سبي إحقاقها وكيفية التصدي هلا"‪،‬‬
‫ترمجة ‪:‬أجمد جيموخة ومنري بيوك‪ ،‬اجلمعية العلمية امللكية‪ ،‬عمان‪.2005،‬‬
‫‪ -15‬وجيه يوسف‪" ،‬علم البحث األكادميي ‪:‬كيف تكتب حبثا أكادمييا"‪ ،‬دار منه احلياة‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪.8105‬‬
‫‪ -13‬احمد ابراهيم ابداح‪ ،‬جرائم االنتحال األديب والعلمي حقوق التأليف واحلقوق اجملاورة‬
‫هلا وفقا للتشريعات الدولية والوطنية‪ ،‬دار اجلنان للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.8103 ،‬‬
‫ب – المقاالت‪:‬‬
‫‪ -10‬هدى عباس قنرب ويسرى احمود عبد اهلل‪" ،‬االستالل العلمي يف الرسائ واألطاريح‬
‫اجلامعية طرائق كشفها وسب جتنبها"‪ ،‬جملة األستاذ‪ ،‬عدد خاص باملؤمتر العلمي اخلامس‬
‫‪ ،8102‬اجمللد ‪ ،10‬كلية التربية بن رشد‪ ،‬جامعة بغداد‪.8102 ،‬‬
‫‪ -18‬احمود مصري‪"،‬األمانة العليمة بني الضوابط األخالقية وورع العامل الرباين"‪ ،‬جملة‬
‫العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة السلطان احمد الفاتح الوقفية‪ ،‬تركيا‪ ،‬نوفمرب ‪.8103‬‬
‫ج – المقاالت من االنترنت‪:‬‬
‫‪ -10‬حسام مازن‪"،‬أخالقيات البحث العلمي"‪ ،‬جامعة سوهاج – كلية التربية‪ ،‬مقال اطلع عليه‬
‫‪kenanaonline.com/files/0094/94587‬‬ ‫يف‪:‬‬

‫‪- 022 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ‪.‬‬
‫‪ -18‬زعتر نور الدين‪" ،‬السرقة العلمية مفهومها أشكاهلا مكافحتها"‪ ،‬ماي ‪ ،2018‬منشور على‬
‫‪.www/researchgate.net/publication/324951559‬‬ ‫املوقع‪:‬‬
‫‪ -15‬االقتباس والسرقة العلمية يف البحوث العلمية من منظور أخالقي‪ ،‬وكالة‬
‫اجلامعةللدراسات العليا والبحث العلمي واخلطة الوطنية للعلوم والتقنية واالبتكار‪ ،‬جامعة‬
‫‪. https://www.ut.edu.sa/documents‬‬ ‫امللك سعود‪ ،‬منشور على املوقع‪:‬‬
‫‪ -13‬رشاد توام‪ " ،‬األمانة العلمية يف البحث األكادميي ارتباطا حبق املؤلف"‪ ،‬مقال منشور على‬
‫‪.www.wafainfo.ps/pdf/t4.pdf‬‬ ‫املوقع ‪:‬‬
‫د – الندوات العلمية‪:‬‬
‫‪ -10‬بن الدين خبولة‪" ،‬أخالقيات البحث العلمي وإشكاليات األمانة العلمية"‪ ،‬امللتقى الوطين‬
‫حول األمانة العلمية املنظم من مركز جي البحث العلمي باجلزائر العاصمة‪ ،‬يوم ‪ 00‬جويلية‬
‫‪ 8102‬منشور بسلسلة أعمال املؤمترات الصادرة عن املركز بشهر ديسمرب ‪.8102‬‬
‫‪ -18‬طالب ياسني‪ " ،‬جرمية السرقة العلمية وأليات مكافحتها يف اجلامعة اجلزائرية يف ضوء‬
‫القرار الوزاري ‪ ،"533‬امللتقى الوطين حول األمانة العلمية املنظم من مركز جي البحث العلمي‬
‫باجلزائر العاصمة‪ ،‬يوم ‪ 00‬جويلية ‪ 8102‬منشور بسلسلة أعمال املؤمترات الصادرة عن املركز‬
‫بشهر ديسمرب ‪.8102‬‬
‫‪ -15‬طـه عيسـاين‪" ،‬املمارسات األكادميية الصحيحة وأساليب جتنب السرقة العلمية"‪ ،‬ملتقى‬
‫متتني أدبيات البحث العلمي والذي نظمه مركز جي البحث العلمي باجلزائر العاصمة بتاريخ‬
‫‪ 83‬ديسمرب ‪ ،8103‬املنشور بسلسلة أعمال املؤمترات الصادرة عن املركز بشهر ديسمرب ‪.8103‬‬
‫‪" -13‬السرقة العلمية ماهي؟ وكيف اجتنبها؟"‪ ،‬سلسلة التعلم والتعليم يف اجلامعة‪ ،‬جامعة‬
‫اإلمام بن سعود اإلسالمية‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ 0355 ،‬هـ‪.‬‬
‫هـ – المراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪-Franco Raimondi, On the effectiveness of anti-plagiarism software, Available at:‬‬
‫‪http://www.rmnd.net/wp-content/uploads/2012/09/ieee-lt.pdf‬‬

‫‪- 023 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪- 031 -‬‬


‫‪8102‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫دور مجلس آداب وأخالقيات المهنة الجامعية للمؤسسة في الحد من‬


‫ظاهرة السرقة العلمية‪ :‬قراءة تحليلية في القرار الوزاري رقم ‪399‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪yaichtemem@yahoo.com‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الملخص‪:‬‬
‫نص القرار رقم ‪ 399‬احملدد للوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها‬
‫الصادر عن وزارة التعليم العايل والبحث العلمي يف اجلزائر على إنشاء هيئة‬
‫مكلفة بالتحقيق يف حاالت وجود سرقة علمية يدعى يف صلب القرار مبجلس‬
‫آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة‪،‬حيث تتدخل هذه اهليئة مبوجب‬
‫اإلخطارات الواردة إليه من طرف أصحاب املصلحة يف ذلك وهو كل شخص آخر‬
‫تبني له وجود سرقة علمية يف إحدى املواد العلمية مهما كان حجمها وطبيعتها‪.‬‬
‫ويتوج عمل اجمللس إعداد تقرير مفصل وهنائي مدعم باألدلة والرباهني‬
‫تأكد صحة أقوال الطاعن بوجود سرقة علمية أو تنفيها من أجل اختاذ‬
‫اإلجراءات الالزمة يف حق منتهكي الزناهة العلمية‪.‬‬
‫الكلمــــــات المفتاحيــــــة‪ :‬جملسسسسسسس آداب وأخالقيسسسسسسات املهنسسسسسسة‬
‫اجلامعيسسسسسة‪ ،‬الزناهسسسسسة العلميسسسسسة‪ ،‬املواسسسسسوعية‪ ،‬اإلخطسسسسسار‪ ،‬السسسسسسرقة‬
‫العلمية‪ ،‬التحقيق‪.‬‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫ــــ‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫شهدت السنوات األخرية تصاعد غري مسبوق يف ظاهرة السرقة العلمية أو‬
‫كما تعرف يف سياقها اللغوي باالنتحال العلمي واليت ما فتأت تنخر كيان خمتلف‬
‫اجلامعات الدولية والوطنية منها اليت مل تسلم من هذه الظاهرة‪ ،‬فال يكاد متر‬
‫سنة جامعية إال وتطفو إىل السطح ابط حاالت سرقة علمية جزئية أو كلية‬
‫يف إحدى الرسائل أو األطروحات أو املنشورات وغريها من البحوث واألعمال‬
‫العلمية األخرى اليت يهدف أصحاهبا من ورائها إىل حتقيق منافع سريعة‬
‫وخاصة ولو على حساب جهد اآلخرين‪ ،‬وهو األمر الذي عكفت من خالله وزارة‬
‫التعليم العايل والبحث العلمي على التدخل بشكل صارم وإصدار القرار رقم ‪399‬‬
‫احملدد لقواعد الوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها‪ ،‬بعد أن كانت هذه األخرية‬
‫خارج إهتمام التأطري والتنظيم القانونيني‪.‬‬
‫وقد عمد هذا األخري إىل توايح مفهوم السرقة العلمية وحتديد حاالهتا‬
‫لرفع اللبس عن هذه الظاهرة حىت ال يتخذ ذلك كذريعة من جانب الطلبة‬
‫واألساتذة الباحثني جبهلهم هلذا املواو وعدم درايتهم الكاملة األفعال‬
‫املوصوفة بالسرقة العلمية‪.‬‬
‫كما حدد هذا القرار جمموعة من التدابري الوقائية والرقابية اليت هتدف‬
‫من خالهلا تارة إىل التحسيس مبواو السرقة العلمية كأوىل املراحل والعمل‬
‫على القضاء على هذه الظاهرة على املدى املتوسط والبعيد على أقصى تقدير‬
‫تارة أخرى‪ ،‬ومت تفعيل ذلك باستحداث هيئة منوطة بذلك مسيت مبجلس آداب‬
‫وأخالقيات املهنة اجلامعية‪ ،‬والذي من خالله منحت الصالحيات الواسعة‬
‫للتحقيق والتحري للتثبت من حاالت وجود أو عدم وجود سرقة علمية باملعىن‬
‫املعرف واملقصود من هذه العبارة إلحدى املواد علمية وإعداد التقارير املفصلة‬
‫حوهلا كما ابط كل اجلوانب التنظيمية احملددة لسري هذا اجمللس وفصله يف‬
‫اإلخطارات الواردة إليه‪.‬‬

‫‪- 038 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مما سبق طرحه ويف سياق معاجلة هذا املواو ميكن صياغة اإلشكالية‬
‫التالية‪ :‬هل ميكن جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية التصدي ملكافحة أو‬
‫حىت التقليل من ظاهرة السرقة العلمية من خالل اآلليات املتبعة يف ذلك؟‪.‬‬
‫لإلجابة على هاته اإلشكالية سنحاول معاجلة هذا املواو من خالل‬
‫حمورين‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬اإلطار التنظيمي والهيكلي‬
‫لمجلس آداب وأخالقيات المهنة الجامعية للمؤسسة‬
‫ابط القرار الوزاري رقم ‪ 399‬كل ما يتعلق باجلانب التنظيمي جمللس‬
‫آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة سواء من حيث طريقة إنشائه أو‬
‫تشكيلته وعضويته‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬إنشاء المجلس وتشكيلته‪:‬‬
‫حيدث لدى كل مؤسسات التعليم العايل ومؤسسات البحث جملس لآلداب‬
‫وأخالقيات املهنة اجلامعية يطلق عليه تسمية "جملس آداب وأخالقيات املهنة‬
‫اجلامعية للمؤسسة"‪ ،‬حيث يتشكل هذا األخري من عشرة (‪ )01‬أعضاء من خمتلف‬
‫التخصصات(‪ ،)1‬وقد حدد القرار الوزاري رقم ‪ 399‬جمموعة من الضوابط‬
‫واملعايري اليت ينبغي على أساسها الترشح لعضوية هذا اجمللس واملتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -0‬النزاهة العلمية‪:‬‬
‫إن عضوية جملس آداب وأخالقيات البحث العلمي للمؤسسة تقتضي من‬
‫املنتسب أن يتوفر على قدر عايل من الزناهة العلمية يف مسريته العلمية‬
‫واألكادميية‪ ،‬وارتباط العلم بالزناهة جعل منها أمر معقدا ومتعدد اجلوانب‬
‫الرتباطه بعدة مفاهيم ومتغريات كالنشر العلمي وإعداد الرسائل واألطروحات‬
‫وخمتلف البحوث العلمية األمر الذي ينعكس على املؤسسات اجلامعية‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 12‬من القرار رقم ‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 8‬جويلية ‪ ،8102‬احملدد للقواعد املتعلقة بالوقاية‬
‫من السرقة العلمية ومكافحتها‪.‬‬

‫‪- 039 -‬‬


‫ــــ‬

‫واألكادميية ويساهم إما يف ترقيتها أو العكس املساس بسمعتها وبالفئة املتلقية‬


‫لتلك البحوث العلمية‪ ،‬فالوقوف على املفهوم الدقيق هلذا املصطلح يقتضي منا‬
‫البحث يف خمتلف اجلوانب املرتبطة به والبحث يف املعىن اللغوي واالصطالحي‬
‫للكلمات املكونة له‪.‬‬
‫فلفظ الزناهة العلمية يتألف من شقني‪ ،‬الزناهة والعلم لذا سنحاول‬
‫تعريف كل مصطلح على حد سواء من الناحية اللغوية أو االصطالحية للوصول‬
‫إىل املعىن الدقيق ملفهوم الزناهة العلمية‪.‬‬
‫أ‪ -‬النزاهة‪:‬‬
‫الزناهة لغة‪ :‬يشتق لفظ الزناهة لغة من كلمة "نزه" مبعىن البعد عن‬
‫الريف وفساد اهلواء‪ .‬ويقال أيضا تزنه فالن مبعىن تباعد عن كل مكروه‪.‬‬
‫ولألرض تزينت بالنبات(‪.)1‬‬
‫واستزنه الرجل طلب الزنهة أو اخلروج إىل حني اهلواء النقي‪ .‬والزنيه‬
‫صفة مشبهة تدل على الثبوت من نزه‪ .‬تزنه عن القبح مبعىن تباعد عنه وتعفف‬
‫وصان نفسه(‪.)2‬‬
‫وقال ابن فارس »النون والزاي واهلاء‪ ،‬كلمة تدل على بعد يف مكان غريه‪،‬‬
‫ويقال ظلنا متزنهني إذا تباعدوا عن املاء والريف‪ ،‬وفالن يتزنه عن الشيء أي‬
‫يتباعد عنه‪ ،‬ورجل نزيه اخللق أي بعيد عن املطامع الدنيوية واألقذار وعن كل‬
‫قبيح(‪.«)3‬‬
‫أما الزناهة اصطالحا‪ :‬فعرفت بأهنا‪» :‬منظومة القيم واملسؤولية للحفاظ‬
‫على املوارد واملمتلكات العامة واستخدامها«‪ .‬كما عرفت بأهنا كل ما تأصل لدى‬

‫‪ -1‬املعجم الوسيط‪ ،‬معجم اللغة العربية‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية للنشر‪ ،8111 ،‬ص ‪.309‬‬
‫‪ -2‬أمحد خمتار عمر‪ ،‬معجم اللغة العربية املعاصرة‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪ ،8112 ،‬ص ص ‪.8032 ،8032‬‬
‫‪ -3‬أمحد خورشيد وحممد مظهر ناصر‪" ،‬النظام القانوين هليئة الزناهة"‪ ،‬جملة كلية القانون‬
‫للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة كركوك‪ ،‬العراق‪ ،‬اجمللد ‪ ،19‬العدد ‪ ،03‬ص ‪.008‬‬

‫‪- 031 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفرد من قواعد وتشمل الصدق واألمانة وعدم اإلارار باآلخرين وهي عكس‬
‫الفساد(‪.)1‬‬
‫وعرفها "املناوي" على أنه »اكتساب املال من غري مهانة وال ظلم وإنفاقه يف‬
‫املصارف احلميدة«‪ .‬مبعىن طيب املدخل واملصرف وقال أيضا »الزناهة البعد عن‬
‫السوء(‪ ،«)2‬كما عرفها أبو طالب املكي على أهنا »التباعد عن الدناءة‬
‫واألوساخ(‪.«)3‬‬
‫ب‪ -‬العلم‪:‬‬
‫العلم لغة‪ :‬هو نقيض اجلهل ويقال فالن عامل وعالمة أي مبالغة يف وصفه‬
‫بالعلم مبعىن عامل جدا‪.‬‬
‫ويقال علمت الشيء أعلمه علما مبعىن عرفته‪ ،‬والعاملون هم أصناف‬
‫اخللق(‪ .)4‬كما أن كلمة "العلم" بكسر األول مث سكون الثاين جاءت مصدر ملادة‬
‫"علم" اليت معناها املعرفة‪ ،‬وأما العلم مبعىن الفن فجمعه "العلوم" وتستخدم‬
‫كلمة "العلم" للداللة على إدراك الشيء حبقيقته والدراية به أو تلك احلقيقة‬
‫املخزونة يف العقل البشري كاليقني بتلك احلقيقة‪ ،‬عندما استخدم متعديا يف مثل‬
‫علم الشيء بعلمه علما فهو مبعىن عرفه(‪.)5‬‬

‫‪ -1‬حسن علوان بيعي‪ ،‬عبد األمري رباط عبد اجلبوري‪" ،‬مفاهيم الزناهة وقيمها يف مناهج‬
‫اللغة العربية والرياايات يف املرحلة االبتدائية يف العراق لعام ‪ ،"8109‬جملة جامعة بابل‬
‫للعوم اإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،89‬العدد ‪ ،8109 ،11‬ص ‪.8991‬‬
‫‪ -2‬أيب سعد حممد بن مصطفى اخلادمي‪ ،‬الربيقة احملمودية يف شرح الطريقة احملمدية‪،‬‬
‫اجلزء الرابع‪ ،‬دار الكتاب العاملية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ‪.010‬‬
‫‪ -3‬أيب طالب املكي‪ ،‬قوت القلوب يف معاملة احملبوب ووصف طريق املريد إىل مقام التوحيد‪،‬‬
‫اجلزء الثاين‪ ،‬درا الكتاب العاملية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -4‬صاحل علي الصاحل‪ ،‬أمينة الشيخ سليمان األمحد‪ ،‬املعجم الصايف يف اللغة العربية‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫‪ 0110‬هس‪ ،‬ص ‪.192‬‬
‫‪ -5‬حممد الباقر حاج يعقوب‪" ،‬التصور اإلسالمي للعلم وأثره يف إدارة املعرفة"‪ ،‬جملة اإلسالم‬
‫يف آسيا‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية ماليزيا‪ ،‬العدد اخلاص الرابع‪ ،‬ديسمرب ‪ ،8100‬ص ص ‪.11 ،19‬‬

‫‪- 039 -‬‬


‫ــــ‬

‫وجاء يف قاموس وبستر اجلديد أنه املعرفة املنشقة اليت تنشأ عن‬
‫املالحظة والدراسة والتجريب واليت تتم بغرض حتديد طبيعة أو أسس ما مت‬
‫دراسته‪ ،‬أما قاموس أكسفورد فريى بأن العلم هو اإلدراك الذي يستحصل‬
‫بواسطة الدراسة اليت هلا عالقة بنو من أنوا املعرفة(‪.)1‬‬
‫أما من الناحية االصطالحية فالعلم هو اإلدراك املتعلق أي إدراك الشيء‬
‫حبقيقته تصورا كان أو تصديقا ويقينا أو غري يقني‪.‬وهو مقدمة للعقل ووسيلة‬
‫إليه كما عرفه على أنه انطبا صورة الشيء يف الذهن فقد جاء يف احلديث‬
‫الشريف "العلم نور يقذفه اهلل يف قلب من يشاء(‪.")2‬‬
‫كما عرفه أيب إسحاق بن علي الشريازي على أنه‪» :‬معرفة العلوم على ما‬
‫هو عليه« أي املعرفة الظاهرة‪ ،‬أما مشس الدين بن حممد املارديين فعرفه‪» :‬على‬
‫أنه معرفة املعلوم على ما هو به« أي يف املعرفة حبيث تكون داخل الشيء املراد‪،‬‬
‫كما عرفه أيب احلسن علي اجلرجاين امللقب بالشريف على أنه»االعتقاد اجلازم‬
‫املطابق للواقع« أما ابن عبد الربجعل على أنه» علم الوحي والدين واألدلة‬
‫النقلية«‪ ،‬مث تطور معىن الكلمة لتحل حمل معاين أخرى تتعلق بالرأي وهو‬
‫اعتقاد الشيء على ما هو به على سبيل الثقة(‪.)3‬‬
‫يتضح من التعاريف السابقة أن الزناهة العلمية هي مبثابة مبدأ وقيمة‬
‫أخالقية يتوجب توافرها يف كل عمل يقوم به اإلنسان وتتضمن العديد من القيم‬
‫الفرعية منها األمانة‪ ،‬وإذا ربطناها بالبحث العلمي فنعين هبا يف هذه احلالة‬
‫األمانة الفكرية واالستقامة العلمية يف استخدام املعلومات ونقلها وتوثيقها‬

‫‪ -1‬ابرادشة فريد‪" ،‬البحث العلمي بني النظرية والواقع‪ ،‬املفاهيم‪ ،‬العالقات والغايات"‪ ،‬اآلفاق‬
‫للدراسات القانونية‪ ،‬جامعة العريب تبسي‪ ،‬العدد الثالث‪ ،8102 ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ -2‬حممد غامن حمسني‪" ،‬احلث على العلم والتعلم يف السنة املطهرة"‪ ،‬جملة الرك للفلسفة‬
‫واللسانيات والعلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة واسط‪ ،‬العراق‪ ،‬اجمللد ‪ ،80‬العدد ‪ ،8102 ،80‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -3‬أمحد هاشم حممد الصاحل‪" ،‬مفهوم العلم عند ابن عبد الرب يف جامع بيان العلم"‪ ،‬جملة‬
‫العلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة تكريت‪ ،‬العراق‪ ،‬العدد العاشر‪ ،8108 ،‬ص ص ‪.818 ،810‬‬

‫‪- 032 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ونشرها وإنتاج األحباث وإدارة املشاريع‪ ،‬ومن تعريفات الزناهة األكادميية أيضا‬
‫أهنا مثرة خلصلتني أساسيتني مها األمانة‪ ،‬وحتمل املسؤولية‪ ،‬فال يكون الشخص‬
‫نزيها إال إذا متسك بالفكر املواوعي املضاد للتحيز واملتجرد من إتبا أهوائه‬
‫الشخصية املنحرفة(‪.)1‬‬
‫فهي بذلك املضمون الذي يعكس معىن اجلودة واملواوعية يف األنشطة‬
‫البحثية داخل املؤسسات الوطنية البحثية يف كل نواحيها مما يزر الثقة لدى‬
‫املتلقني لتلك البحوث ويبعث الطمأنينة يف األحباث اليت يستند إليها ويتلقون‬
‫منها معارفهم ويدعمون هبا أحباثهم ورسائلهم‪.‬‬
‫ومن مثة يكون الباحث نزيها من الناحية العلمية إذا متسك بقيم الزناهة‬
‫العلمية كاملواوعية والشفافية واجلود واإلتقان يف مجيع سلوكياهتم البحثية‬
‫بدءا من فكرة البحث مرورا إىل متنه وصوال إىل نتائجه املستنبطة‪ ،‬ويرى يف‬
‫هذا الصدد األستاذ "الدويك" أن الزناهة تتأكد »مبنظومة القيم الالزمة‬
‫للحفاظ على املمتلكات واستئصال الفساد وتأصيل جمموعة من القواعد والقيم‬
‫كاألمانة والصدق وعدم اإلارار باآلخرين تعزيزا للصاحل العام(‪.«)2‬‬
‫ولعل هذا ما يتماشى مع ما ذهبت اليه جامعة والية بنسلفانيا احلكومية‬
‫يف إطار تعريفها للزناهة العلمية باعتبار أهنا مصطلح يصف إطارا يف القيم‬

‫‪ -1‬إياد أمحد حممد إبراهيم‪ ،‬دور اجلامعات يف حتقيق الزناهة العلمية‪ ،‬سجل منتدى الشراكة‬
‫اجملتمعية يف جمال البحث العلمي للزناهة العلمية املقام يومي ‪ 19‬و‪ 12‬ماي ‪ ،8109‬جامعة‬
‫حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬الرياض‪ 0192 ،‬هس‪ ،‬ص ‪.821‬‬
‫‪ -2‬أمرية عبد السالم زايد‪ ،‬اجلامعة وقيم الزناهة يف البحث العلمي"رؤية تنموية"‪ ،‬سجل‬
‫منتدى الشراكة اجملتمعية يف جمال البحث العلمي للزناهة العلمية املقام يومي ‪ 19‬و‪ 12‬ماي‬
‫‪ ،8109‬جامعة حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬الرياض‪ 0192 ،‬هس‪ ،‬ص ‪.082‬‬

‫‪- 032 -‬‬


‫ــــ‬

‫األساسية واملمارسات املهنية اليت تساعد بشكل مجاعي على امان أن تتم مجيع‬
‫جوانب العملية البحثية بطريقة موثوقة ودقيقة(‪.)1‬‬
‫ويف هذا الصدد واع الفقيه "كورمان" لدى تعريف ملصطلح الزناهة‬
‫العلمية جمموعة من القيم واملمارسات املتعلقة بالبحث العلمي واألكادميي‬
‫الواجب على الباحث العلمي االلتزام هبا لدى إعداده ملختلف حبوثه ودراساته‬
‫أبرزها‪:‬‬
‫‪ -‬الصدق واألمانة يف البحث وكتابة وتقدمي التقارير البحثية‪.‬‬
‫‪ -‬الدقة واإلنصاف يف ذكر مصادر الدعم املايل للمقترحات البحثية‪.‬‬
‫‪ -‬الصدق واألمانة يف ذكر املشاركني يف األحباث‪.‬‬
‫‪ -‬األمانة والشفافية يف حتكيم البحوث العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬الكشف عن تضارب املصاحل إذا وجدت‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬االلتزام مببادئ حقوق اإلنسان عند إجراء البحوث ‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أن اشتراط الزناهة العلمية يف عضو اجمللس على النحو‬
‫املتقدم مسألة يف غاية من األمهية لضمان مصداقية أعماله‪ ،‬مما دفع بوزارة‬
‫التعليم العايل والبحث العلمي إىل الستأكيد على ارورة توفر هذا العنصر يف‬
‫متويل عضوية جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة وواعه كأول‬
‫الشروط لالخنراط فيه مما يؤهل يف األخري منتسيب هذا اجمللس للفصل يف‬
‫خمتلف القضايا والبحوث العلمية وتقرير مدى مصداقيتها وأصالتها‪.‬‬

‫‪ -1‬رشود بن حممد اخلريف‪ ،‬إسهامات جامعة امللك سعود يف تعزيز الزناهة العلمية‪ ،‬سجل‬
‫منتدى الشراكة اجملتمعية يف جمال البحث العلمي للزناهة العلمية املقام يومي ‪ 19‬و‪ 12‬ماي‬
‫‪ ،8109‬جامعة حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬الرياض‪ 0192 ،‬هس‪ ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.012‬‬

‫‪- 032 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -8‬تعهد كتابي بااللتزام بقواعد النزاهة والسرية والموضوعية‬


‫واإلنصاف في العمل‪:‬‬
‫وهو عبارة عن إقرار كتايب يتعهد من خالله عضو اجمللس مبمارسة مهامه‬
‫املوكلة إليه بكل نزاهة وسرية ومواوعية فضال على التحلي باإلنصاف يف‬
‫العمل‪ ،‬وقد وردت هذه االلتزامات على سبيل املثال وليس احلصر حيث توجد‬
‫بعض املبادئ األخالقية املرتبطة بالبحث العلمي ينبغي على الباحث العلمي‬
‫بصفة عامة وعضو جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية بصفة خاصة‬
‫التحلي هبا يف إطار مزاولته ملهامه املسندة إليه يف سبيل التصدي لظاهرة السرقة‬
‫العلمية‪ ،‬ومن املمكن حتديد هذه املعايري وفقا ملا يأيت‪:‬‬
‫أ‪ -‬السرية‪:‬‬
‫من بني االلتزامات اليت تقع على عاتق أعضاء جملس آداب وأخالقيات‬
‫املهنة اجلامعية االلتزام بالسرية‪ ،‬حيث يتوجب عليهم احلفاظ على سرية‬
‫املعلومات اليت تصل إليهم من اآلخرين يف إطار تقييمهم للبحوث الواردة إليهم‪،‬‬
‫كما عليهم أن يستشريوا األشخاص الذين حصلوا منهم على تلك املعلومات عن‬
‫أمهيتها والطريقة اليت ميكن أن تتم هبا اإلشارة إىل تلك املعلومات نظرا‬
‫خلصوصيتها وكذا احملافظة على سرية جمتمع البحث‪ ،‬وعدم التطرق إىل أمساء‬
‫الباحثني وسريهتم الذاتية ومحاية هويتهم وإتالف كل ما يتعلق هبم بعد‬
‫االنتهاء من عملهم‪ ،‬وميكن للقائم على عملية تقييم البحوث أن يستعني باألرقام‬
‫أو الرموز عواا عن األمساء الشخصية أو املؤسسات اليت ينتمون إليها أصحاب‬
‫البحوث(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬علي عبد الصمد األسدي وآمال عبد الرمحن عبد الواحد‪ ،‬مبادئ وأخالقيات الباحث‬
‫وأسلوبه يف صيانة البحث العلمي‪ ،‬حبث مقدم إىل ندوة مجعية املنتدى الوطين ألحباث التعلم‬
‫والثقافة بالتعاون مع كلية اآلداب يف جامعة البصرة حتت عنوان اجملاالت األكادميية ودورها‬
‫يف ترصني البحث العلمي‪ ،‬جملة حوليات املنتدى‪ ،‬جامعة البصرة‪ ،‬العراق‪ ،‬اجمللد ‪ ،10‬العدد‬
‫الثاين عشر‪ ،‬أيلول ‪ ،8102‬ص ‪.800‬‬

‫‪- 033 -‬‬


‫ــــ‬

‫كما يعملون على واع الوثائق واالستمارات والتقارير املرتبطة بعملية‬


‫فحص املادة العلمية املواوعة بني أيديهم يف أماكن آمنة حبيث ال يكون هناك‬
‫أدىن احتمال ألن يطلع عليها أي شخص آخر مهما كانت صفته أو مرتبته غري‬
‫عضو اجمللس القائم على مراجعة البحث وفحص مدى أصالته وجدته(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬الموضوعية‪:‬‬
‫ويراد هبا أن يلتزم عضو جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة‬
‫بالبعد عن الذاتية اليت تعتمد على العاطفة واألهواء الشخصية والتقاليد‬
‫واملصاحل(‪ ،)2‬كما تعرف على أهنا تنحية كل اعتبار انفعايل أو عاطفي أو قيمي أو‬
‫طائفي أو إقليمي أو التحرر من سلطة العرف االجتماعي يف دراسة مشكلة‬
‫اجتماعية(‪ ،)3‬حيث جيب أن تكون احلقيقة فقط هي االته املنشودة يف إطار‬
‫ممارسة ملهامه وهذا يتطلب من العضو أن يكون على قدر عايل من األمانة‬
‫والزناهة الفكرية‪ ،‬حيث يبقى الوصول إىل احلقيق رائده األول واألخري ال‬
‫يسعى إىل تغيريها أو طمسها والتستر على النتائج اليت توصل إليها لكي حيجب‬
‫عن آخرين أخطائهم وزالهتم مبا يتماشى وغايته وأهوائه هو أو اآلخرين الذين‬
‫يقفون وراء ذلك خدمة ملصاحل طرف ما‪ ،‬وأن يتجنب كل ما من شأنه التأثري عليه‬
‫وعلى مصداقية نتائجه لدى فحصه للملفات املعرواة عليه(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬عزة عبد العظيم جمد‪ ،‬تقييم الباحثني األكادميني ملدى االلتزام بأخالقيات البحث العلمي‬
‫يف جمال الدراسات اإلعالمية‪ ،‬الرابط االلكتروين للمقال‪:‬‬
‫‪ite.iugaza.edu.ps/jdalou/files/2012/03/.pdf .P 07.‬‬
‫‪ -2‬فوزي غرابية وآخرون‪" ،‬أساليب البحث العلمي يف العلوم االجتماعية واإلنسانية"‪ ،‬جملة‬
‫كلية االقتصاد والتجارة‪ ،‬اجلامعة األردنية‪ ،0322 ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪-3‬محزاوي سهى‪ ،‬االلتزام األخالقي للباحث السبيل لتحقيق جودة ومتيز البحث العلمي‪ ،‬كتاب‬
‫أعمال ملتقى األمانة العلمية‪ ،‬مركز جيل البحث العلمي‪ ،‬املنعقد باجلزائر العاصمة يوم‬
‫‪ ،8102/12/00‬ص ‪.083‬‬
‫‪ -4‬فوزي غرايبة وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬

‫‪- 811 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ج‪ -‬اإلنصاف‪:‬‬
‫على العضو أن يكون منصفا يف تقييمه للتقارير الواردة إىل اجمللس وأن‬
‫يقوم بالتثبت من فعل السرقة العلمية باحلجة واألدلة العلمية والوثائق‬
‫املواوعة بني يديه للوصول إىل احلقيقة‪ ،‬حيث يرى"دويك" أن السلوك‬
‫األخالقي مرتبط بالعدالة اإلجرائية فاإلنصاف يتجسد خالل اختاذ قرارات‬
‫احلامسة والصحيحة ويرتبط عامل اإلنصاف والعدالة بالكرامة اإلنسانية‬
‫وغريها من القيم اليت تدعم الزناهة يف كافة جماالت احلياة واليت جيب على‬
‫هذا العضو أن يتحلى هبا طيلة عضوية هذا اجمللس(‪.)1‬‬
‫د‪ -‬الحيادية‪:‬‬
‫أي أن ال يكون عضو اجمللس منحازا ألي طرف من األطراف أو جهة معينة‬
‫مهما كان نوعها أو وزهنا أثناء مباشرة مهامه املوكلة إليه يف إطار فرض رقابة‬
‫على مواو السرقة العلمية‪ ،‬فال يقوم بتغيري نتائج ما توصل إليه أثناء‬
‫للتحقيق أو تعديلها من أجل طمس احلقيقة أو الوصول إىل نتائج تراي الطرف‬
‫الطاعن الذي يدعي وجود سرقة علمية أو املطعون اده املتهم بتسبب يف‬
‫السرقة العلمية(‪.)2‬‬
‫‪ -9‬السيرة األكاديمية والعلمية للباحث‪:‬‬
‫ويقصد هبا ما حيمله العضو من مؤهالت علمية وخربة أكادميية تؤهله‬
‫لتبوء منصب يف جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة‪ ،‬كالرسائل‬
‫واملذكرات اليت أجنزها‪ ،‬واألحباث اليت قام بنشرها يف خمتلف اجملالت العلمية‬
‫وكذا املؤمترات وامللتقيات اليت شارك فيها‪ ،‬وخمتلف املنح اليت حتصل عليها‬
‫واجلوائز واأللقاب اليت حتصل عليها طيلة مسريته العلمية فكلها تعترب مبثابة‬
‫سرية أكادميية للباحث ترشحه ألن يكون من بني أعضاء اجمللس‪.‬‬

‫‪ -1‬أمرية عبد السالم زايد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.091‬‬


‫‪ -2‬أمحد حسن وآخرون‪ ،‬أساسيات البحث العلمي‪ ،‬علماء مصر‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪- 810 -‬‬


‫ــــ‬

‫‪ -1‬عدم تعرض العضو ألي عقوبة تأديبية تتعلق بأخالقيات المهنة‬


‫وآدابها‪:‬‬
‫يفترض يف العضو املنتسب جمللس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية‬
‫للمؤسسة أن يكون نزيها وغري متعرض لعقوبة متعلقة بأخالقيات املهنة وآداهبا‪،‬‬
‫فال يعقل أن يكون هذا العضو املنخرط يف اجمللس ميارس وظيفة الكشف عن‬
‫مالبسات السرقة العلمية والتحقيق فيها من أجل مكافحتها وقد سبق له تورطه‬
‫يف مسألة متس بشرف أمانة الوظيفة أو ثبوت ارتكابه لكل فعل يتناىف‬
‫وأخالقيات مهنته‪ ،‬األمر الذي يقدح يف نزاهته لتويل هذه املهمة اليت تتطلب‬
‫قدر عايل من الشرف واألمانة لالاطال هبا على أكمل وجه‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬العضوية في المجلس‪:‬‬
‫يتم اختيار أعضاء جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة من‬
‫قبل جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية احملدث مبوجب املرسوم التنفيذي‬
‫رقم ‪ 021/11‬واملؤرخ يف ‪ 89‬يونيو ‪ ،8111‬وذلك من بني األساتذة الباحثني‬
‫واألساتذة الباحثني االستفائيني اجلامعيني والباحثني الدائمني يف حالة نشاط‬
‫بوحدة التعليم والبحث أو مؤسسة البحث‪ ،‬أين متتد عهدة أعضاء اجمللس ملدة‬
‫أربعة(‪ )11‬سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة(‪.)1‬‬
‫ثالثا ‪ -‬رئاسة المجلس‪:‬‬
‫يترأس جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة شخصية علمية‬
‫ذي مسعة مؤكدة يعينه الوزير املكلف بالتعليم العايل من بني األساتذة الباحثني‬
‫أو األساتذة الباحثني االستشفائيني اجلامعيني أو الباحثني الدائمني حسب‬
‫احلالة‪ ،‬من خمتلف التخصصات ومن ذوي أعلى رتبة الذين هم يف حالة نشاط‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 01‬من القرار رقم ‪ ،399‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪- 818 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫باملؤسسة بناء على اقتراح جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية احملدث وفقا‬
‫للمرسوم التنفيذي ‪.)1(021/11‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬االطار الوظيفي واالجرائي‬
‫لمجلس آداب وأخالقيات المهنة الجامعية للمؤسسة‬
‫ال ميكن أن يتحرك جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة من‬
‫تلقاء نفسه يف التصدي لظاهرة السرقة العلمية‪ ،‬إمنا يتدخل بناء على إخطار‬
‫يصل إىل مسئول وحدة التعليم والبحث يتضمن وقو سرقة علمية ارتكباها أحد‬
‫الطلبة‪ ،‬أو أستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي والباحث الدائم على أن يقوم هذا‬
‫األخري بإحالة هذا اإلخطار إىل جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية‬
‫للمؤسسة للفصل فيه‪ ،‬ليأيت دور اجمللس فيما بعد للقيام بعملية التحقيق‬
‫والتحري يف املواو متهيدا إلعداد التقرير النهائي بشأن الفصل يف هذا‬
‫اإلخطار تبعا لصفة مرتكب السرقة العلمية إن كان طالبا أو أساتذا باحثا‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬آلية إخطار المجلس‪:‬‬
‫يتصدى جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة بناء على‬
‫إخطار وارد إليه من طرف األشخاص‪ ،‬حيث مل يقتصر منطوق القرار ‪ 399‬على‬
‫أصحاب املصلحة املباشرة للمادة حمل السرقة العلمية‪ ،‬وإمنا وسع من دائرة‬
‫ممارسة هذا اإلخطار لكل شخص تبني له وجود حالة سرقة علمية مست إحدى‬
‫املؤلفات العلمية مهما كان نوعها أو طبيعتها لذا سنحاول ابراز ملفهوم هذا‬
‫اإلخطار لنصل بعدها إىل صاحب احلق يف ممارسة هذا اإلخطار ومضمونه‪.‬‬
‫‪ -0‬مفهوم اإلخطار‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإلخطار لغة‪:‬‬
‫اإلخطار من فعل أخطر خيطر إخطارا‪ ،‬فهو خمطر واملفعول خمطر للتعدي‪،‬‬
‫ومصدره أخطر‪.‬‬

‫‪ -1‬املادتني ‪ 00‬و‪ ،08‬مصدر نفسه‪.‬‬

‫‪- 819 -‬‬


‫ــــ‬

‫ويقال أخطره باملوعد مبعىن أذكره إياه‪ ،‬وأخطره باحلادث أبلغه(‪.)1‬‬


‫واخلاطر ما خيطر يف القلب من تدبري أو أمر ويقال خطر بباله وعليه‬
‫خيطر‪.‬ويقال‪ :‬خطر ببايل وعلى بايل كذا وكذا يَخطرُ خُطُورًا إذا وقع ذلك يف‬
‫بالك وومهك(‪.)2‬‬
‫ب‪ -‬االخطار اصطالحا‪:‬‬
‫هو تلك اآللية اليت يتم بواسطتها االتصال مبجلس آداب وأخالقيات مهنة‬
‫اجلامعية للمؤسسة واليت من خالهلا يستطيع مباشرة مهامه يف فحص مواو‬
‫املعروض عليه(‪.)3‬‬
‫‪ -8‬صاحب اإلخطار‪:‬‬
‫حيق لكل شخص ثبت له وجود سرقة علمية ألي حبث أو رسالة أو مادة‬
‫علمية أن يقوم بإخطار مسئول وحدة والبحث على مستوى اجلامعة بوجود حالة‬
‫سرقة علمية متس إحدى املواد العلمية مهما كان مصدرها أو مؤلفها‪.‬‬
‫‪ -9‬مضمون اإلخطار‪:‬‬
‫يتضمن هذا اإلخطار تقرير كتايب يواح وقو سرقة علمية كما عرفها‬
‫القرار ‪ 399‬مرفقا بالوثائق واألدلة املادية املثبتة يسلم إىل مسئول وحدة‬
‫التعليم والبحث‪ ،‬ومن هنا جيدر بنا التساؤل عن مدلول ومعايري السرقة العلمية؟‬

‫‪ - 1‬املعاين اجلامع‪ ،‬معجم عريب عريب‪ ،‬متوفر على الرابط االلكتروين‪:‬‬


‫‪ – https://www.almaany.com/ar/dict/ar‬نظر يوم ‪ 8102/01/19‬على الساعة ‪.02.12‬‬
‫‪ -2‬لسان العرب‪ ،‬معجم عريب عريب‪ ،‬متوفر على الرابط االلكتروين‪:‬‬
‫‪ ، https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar‬نظر يوم ‪ ،8102/01/19‬على ساعة ‪.02.01‬‬
‫‪ -3‬بن سامل مجال‪ ،‬القضاء الدستوري يف الدول املغاربية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه يف‬
‫العلوم‪ ،‬كلية احلقوق بن يوسف بن خدة‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪ ،8109/8101 ،0‬ص ص ‪،919‬‬
‫‪.911‬‬

‫‪- 811 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أ‪ -‬تعريف السرقة العلمية‪:‬‬


‫أ‪ -0-‬تعريف السرقة العلمية من الناحية االصطالحية‪:‬‬
‫عرفها سامي عبد العزيز بأهنا‪» :‬استخدام الكاتب أو املؤلف أو الباحث‬
‫كلمات أو أفكار أو رؤى أو تعبريات شخص آخر دون نسبتها إىل هذا الشخص أو‬
‫االعتراف له بالفضل فيها« كما عرفت على أهنا‪» :‬أن ينسب الشخص لنفسه‬
‫أشياء ال فضل له فيها بغري سند من الواقع حبيث يعرب عن األفكار بأهنا بنات‬
‫أفكاره وأهنا أصلية(‪.«)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫كما عرفت على أهنا‪» :‬أخذ معارف اآلخرين على وجه االختفاء بقصد«‬
‫أو أهنا‪» :‬استخدام غري معترف به ألفكار وأعمال اآلخرين حيدث بقصد‪ ،‬سواء‬
‫أكانت السرقة مقصودة أو غري مقصودة فهي متثل انتهاكا خطريا(‪.«)3‬‬
‫كما ميكن تعريفها على أهنا »استحواذ كاتب على أفكار أو كتابات أو‬
‫اختراعات شخص آخر والتصرف فيها دون ذكر املصدر األصلي لصاحبه هته‬
‫األفكار أو االختراعات سواء كان ذلك متعمدا أو عن دون قصد(‪.«)4‬‬
‫أما األستاذان ‪ Alison wry and Alien bloomer‬فقد عرفا السرقة العلمية‬
‫على أهنا‪:‬‬

‫‪ -1‬يوسف مريين‪ ،‬مىن طواهرية‪" ،‬البحث العلمي يف ظل التكنولوجيا الرقمية‪ ،‬جاذبية‬


‫الوسيلة وإشكالية احملتوى (قراءة يف مضمون القرار ‪ 399‬املتعلق بالسرقات العلمية"‪ ،‬جملة‬
‫القانون‪ ،‬املركز اجلامعي بغليزان‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬ديسمرب ‪ ،8102‬ص ‪.932‬‬
‫‪ -2‬دليلة بوزغار‪" ،‬التكييف الفقهي للسرقة العلمية وارورة اإلعالم به"‪ ،‬جملة الشريعة‬
‫واالقتصاد‪ ،‬جامعة األمري عبد القادر للعلوم اإلسالمية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬العدد احلادي عشر‪ ،‬جوان‬
‫‪ ،8102‬ص ‪.03‬‬
‫‪ -3‬معمري املسعود‪ ،‬عبد السالم بن حممد‪" ،‬ظاهرة السرقة العلمية مفهومها وأسباهبا وطرق‬
‫معاجلتها"‪ ،‬جملة آفاق العلوم‪ ،‬جامعة اجللفة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬سبتمرب ‪ ،8102‬ص ‪.18‬‬
‫‪4‬‬
‫)‪- Heniot.watt university; Student guide to plagiarism (Arabic language version‬‬
‫‪greeted October 2005 updated January 2006,cite http//www.hw.os.uk.student/de‬‬
‫‪plagiarism guide Arabic PDF Download 25.4. 2017, P 1.‬‬

‫‪- 819 -‬‬


‫ــــ‬
‫‪«Plagiarism is theft of other people`s words and idea, plagiarism‬‬
‫‪happens when you claim ,or appear to claim that an idea ,or the‬‬
‫‪expression of it, is your own when in fact it is someone else`s plagiarism‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪falls into two types deliberate and accidental ».‬‬
‫ويضيف جانب من الفقه الفرنسي وصف االنتحال العلمي على كل عملية‬
‫نقل من كتاب أو جملة أو من صفحة موقع بدون واعه بني معتراتني‪ ،‬أو بدون‬
‫حتديد مصدره؛ احلاق صور أومعطيات بعمل معني دون االشارة اىل مصدره؛‬
‫تلخيص فكرة أساسية ملؤلف أو كاتب سبق له أن عرب فيها بأفكاره وألفاظه‬
‫اخلاصة دون االشارة اىل ذلك؛ ترمجة جزء أو كل الفقرة بدون حتديد اجلهة‬
‫املشرفة على ذلك‪.2‬‬
‫أ‪ -8-‬تعريف السرقة العلمية ضمن اللوائح والتنظيمات‪:‬‬
‫بعد الضجة الكبرية اليت أثارها مواو السرقة العلمية عمدت وزارة‬
‫التعليم العايل والبحث العلمي إىل إصدار قرار خاص ‪ 399‬الذي فصل يف‬
‫األفعال اليت تشكل سرقة علمية وتبعا لذلك اإلجراءات الواجب إتباعها‪،‬‬
‫وحسب املادة ‪ 9‬منه تعرف السرقة العلمية بأهنا‪» :‬تعترب السرقة العلمية‬
‫مبفهوم هذا القرار كل عمل يقوم به الطالب أو األستاذ الباحث أو األستاذ‬
‫الباحث الستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم أو كل من يشارك يف عمل ثابت‬
‫االنتحال وتزوير النتائج أو غش يف األعمال العلمية هبا أو يف منشورات علمية أو‬
‫بيداغوجية أخرى وحدت على سبيل احلصر األعمال أو التصرفات املوجبة لقيام‬
‫السرقة العلمية(‪.«)3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Alison wry and Aillen bloomer; Projection in linguistics and language studies A‬‬
‫‪particle guide to researching language, rout ledge taylon Francis group, London and‬‬
‫‪new York, 3ed edition, P 247.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bernard Pochet, Comprendre et maitriser la littérature scientifique, Les presses‬‬
‫‪agronomiques de Gembloux, Belgique, 2018. P 147.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 9‬من قرار الوزاري ‪ ،399‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪- 812 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ويقترب هذا التعريف يف معناه مع ما جاء يف املادة األوىل من ميثاق‬


‫مكافحة انتحال للكلية العلمية يف جامعة حسن ‪ 0‬باململكة املغربية بأهنا » أخذ‬
‫النص بكامله أو جزء منه أو إنتاج أديب أو رسم تبياين ككل أو أخذ أفكار‬
‫األصلية للمؤلف بدون االعتراف بأبوته‪ ،‬عن طريق واع مزدوجتني واإلشارة‬
‫للمعلومات البيبلوغرافية املناسبة(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬حاالت السرقة العلمية‪:‬‬
‫لقد ابط القرار ‪ 399‬جمموعة من األفعال واحلاالت املشكلة لفعل‬
‫السرقة العلمية‪ ،‬حيث نسجل توسعه تارة وتشدده تارة أخرى يف حتديدها‪:‬‬
‫‪ -‬اقتباس كلي أو جزئي ألفكار أو معلومات أو نص أو فقرة أو مقطع من مقال‬
‫منشور أو من كتب أو جمالت أو دراسات أو تقارير أو من املواقع االلكترونية أو‬
‫إعادة صياغتها دون ذكر مصدرها وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬اقتباس مقاطع من وثيقة دون واعها بني شولتني ودون ذكر مصدرها‬
‫وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال معطيات خاصة دون حتديد مصدرها وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬نشر نص أو مقال أو مطبوعة أو تقرير أجنز من طرف هيئة أو مؤسسة‬
‫واعتباره عمال شخصيا‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال إنتاج فين معني وإدراج خرائط أو صور أو منحيات بيانية أو جداول‬
‫إحصائية أو خمططات يف نص أو مقال دون اإلشارة إىل مصدرها وأصحاهبا‬
‫األصليني‪.‬‬
‫‪ -‬الترمجة من إحدى اللغات إىل اللغة اليت يستعملها الطالب أو األستاذ الباحث‬
‫أو األستاذ الباحث االستشفائي أو الباحث الدائم بصفة كلية أو جزئية دون‬
‫ذكر املترجم واملصدر‪.‬‬

‫‪ -1‬املادة األوىل من ميثاق مكافحة انتحال للملكية الفكرية العلمية يف جامعة احلسن األول‪،‬‬
‫املوافق عليه من طرف جملس جامعة بتاريخ ‪ 00‬ماي ‪ ،8109‬ص ‪.0‬‬

‫‪- 812 -‬‬


‫ــــ‬

‫‪ -‬قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي أو الباحث الدائم أو أي‬


‫شخص آخر بإدراج امسه يف حبث أو يف أي عمل علمي دون املشاركة يف إعداده‪.‬‬
‫‪ -‬قيام الباحث الرئيسي بإدراج اسم باحث آخر مل يشارك يف إجناز العمل بإذنه‬
‫أو دون إذنه بغرض املساعدة على نشر العمل استناد لسمعته العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو الباحث‬
‫الدائم أو أي شخص آخر بتكليف الطلبة أو أطراف أخرى بإجناز أعمال علمية‬
‫من أجل تبنيها يف مشرو حبث أو اجناز كتاب علمي مجاعي أو مطبوعة‬
‫بيداغوجية أو تقرير علمي‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستئفائي اجلامعي أو الباحث‬
‫الدائم أو أي شخص آخر أعمال لطلبة ومذكراهتم كمداخالت يف امللتقيات‬
‫الوطنية أو الدولية أو لنشر مقاالت علمية باجملالت والدوريات‪.‬‬
‫‪ -‬إدراج أمساء خرباء وحمكمني كأعضاء يف اللجان العلمية للملتقيات الوطنية أو‬
‫الدولية أو يف جمالت والدوريات من أجل كسب املصداقية دون علم وموافقة‬
‫وتعهد كتايب من أصحاهبا أو دون مشاركتهم الفعلية يف أعماهلا(‪.)1‬‬
‫ثانيا – اإلحالة على مجلس آداب وأخالقيات المهنة الجامعية‪:‬‬
‫بعد تلقي مسئول وحدة التعليم والبحث لإلخطار املتضمن تقرير مفصل‬
‫عن وجود حالة سرقة علمية مثبت بالوثائق واألدلة املادية اليت تأكد فعال‬
‫وقو هذه السرقة يقوم على الفور بإحالة هذا التقرير إىل جملس آداب‬
‫وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة من أجل القيام بالتحقيقات والتحريات‬
‫الالزمة لكشف مالبسات الواقعة(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 19‬فقرة ‪ 18‬من القرار الوزاري ‪ ،399‬مصدر سابق‪.‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 02‬فقرة ‪ ،18‬املصدر نفسه‪.‬‬

‫‪- 812 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ثالثا ‪ -‬التحقيق في حالة السرقة العلمية‪:‬‬


‫بعد توصل جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية بالتقرير الوارد إليه‬
‫من طرف مسئول وحدة التعليم والبحث واملتضمن إخطارا عن حالة سرقة علمية‬
‫يقوم هذا اجمللس بإجراء التحقيقات والتحيات الالزمة من أجل التأكد من صحة‬
‫هذه املزاعم ومدى صحة األدلة والوثائق املثبتة حلالة السرقة العلمية قبل‬
‫احلكم يف املواو ‪ ،‬وذلك يف أجل ال يتعدى مخسة عشر(‪ )09‬يوما من تاريخ‬
‫إخطاره بالواقعة(‪ ،)1‬وميكن له يف هذه احلالة أن يستعني بأي شخص أو جلنة‬
‫متخصصة ميكن أن تساعده يف عملية التحقيق والتحري للوصول إىل تقرير‬
‫هنائي وشامل ودقيق يفصل يف الواقعة املعرواة عليه(‪.)2‬‬
‫وبعد انتهائه من عملية التحقيق والتحري يقوم بإعداد تقرير هنائي‬
‫حييله ملسئول وحدة التعليم والبحث‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬البت في حالة السرقة العلمية‪:‬‬
‫ميز القرار رقم ‪ 399‬بني حالتني‪ ،‬األوىل متعلقة بثبوت السرقة العلمية‪،‬‬
‫األوىل يف حق الطالب اجلامعي‪ ،‬أما الثانية فهي مرتبطة حبالة وقو سرقة‬
‫علمية من طرف أستاذ الباحث االستشفائي أو الباحث الدائم‪.‬‬
‫‪ -0‬بالنسبة للسرقة العلمية المرتكبة من طرف الطالب الجامعي‪:‬‬
‫إذا كان تقرير جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة يتضمن‬
‫ثبوت السرقة العلمية حييل مسئول وحدة التعليم والبحث امللف على جملس‬
‫تأديب الوحدة‪ ،‬كما يقوم مسئول الوحدة بإبالغ الطالب املتهم بالسرقة العلمية‬
‫كتابيا بالوقائع املنسوبة إليه واألدلة املادية الثبوتية مرفقا مبقرر اإلحالة على‬
‫جملس التأديب وتاريخ ومكان انعقاده خالل اآلجال القانونية(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ ،02‬من القرار الوزاري ‪ ،399‬مصدر سابق‪.‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ ،01‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬املادتني ‪ 02‬و‪ ،03‬املصدر نفسه‪.‬‬

‫‪- 813 -‬‬


‫ــــ‬

‫وجيتمع جملس تأديب وحدة التعليم والبحث يف اآلجال القانونية املعمول‬


‫هبا ويستمع إىل التقرير الذي يقدمه أحد أعضاء جملس آداب وأخالقيات املهنة‬
‫اجلامعية للمؤسسة الذي جيب أن يتضمن الوقائع املنسوبة للطالب واألدلة اليت‬
‫مسحت بالتأكد من صحة وقو السرقة العلمية مث يستمع للطالب املتهم من أجل‬
‫تقدمي دفوعه(‪.)1‬‬
‫وينبغي على الطالب املتهم الذي حيال على جملس التأديب املثول شخصيا‬
‫كما ميكن أن حيضر أي شخص ملرافقته يف الدفا عن نفسه‪ ،‬وهلذا الغرض يتعني‬
‫عليه إخطار مسئول وحدة التعلم والبحث كتابة باألشخاص الذين يرافقونه يف‬
‫الدفا عن نفسه قبل انعقاد جملس التأديب بثالثة(‪ )19‬أيام على األقل‪.‬‬
‫إذا تعذر حضور الطالب املتهم ألسباب مربرة ميكن أن يلتمس كتابة من‬
‫مسئول وحدة التعليم والبحث متثيله من قبل دفاعه وأن يقدم مالحظاته‬
‫ودفوعه كتابة قبل انعقاد جملس التأدييب بثالثة(‪ )19‬أيام(‪.)2‬‬
‫ويتعني على جملس التأديب التابع لوحدة التعليم والبحث أن يسجل يف‬
‫حمضر االستما الوقائع املنسوبة للطالب املتهم كما هي حمددة يف تقرير جملس‬
‫آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة إاافة ملالحظات ودفو الطالب‬
‫للمتهم‪ ،‬وبعد تدوينه لتقريره يفصل جملس تأديب وحدة التعليم والبحث يف‬
‫الوقائع املنسوبة للطالب خالل اآلجال القانونية املعمول هبا‪ ،‬وميكن للطالب يف‬
‫هذه احلالة أن يتقدم بطعن يف القرار الذي سيتخذه جملس تأديب وحدة التعليم‬
‫(‪)3‬‬
‫والذي يعد مبثابة هيئة طعن‬ ‫والبحث أمام جملس تأديب اجلامعة للمؤسسة‬
‫اد قرارات جملس التأديب التابع للكليات واملعاهد واألقسام(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬املادتني ‪ 81‬و‪ ،80‬من القرار الوزاري ‪ ،399‬مصدر سابق‪.‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ ،88‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬املواد ‪ 89‬و‪ 81‬و‪ ،89‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬قرار رقم ‪ 920‬املؤرخ يف ‪ 00‬جوان ‪ ،8100‬املتضمن إحداث اجملالس التأديبية يف مؤسسات‬
‫التعليم العايل وحيدد تشكيلتها وسريها‪.‬‬

‫‪- 801 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -8‬السرقة العلمية المرتكبة من طرف األستاذ الباحث‪ ،‬األستاذ الباحث‬


‫االستشفائي الجامعي والباحث الدائم‪:‬‬
‫إذا تضمن تقرير جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة ما‬
‫يؤكد وقو حالة سرقة علمية من طرف األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث‬
‫االستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم يتوىل يف هذه احلالة مدير املؤسسة‬
‫اجلامعية اليت ينتمي إليها الباحث إخطار اللجنة اإلدارية املتساوية األعضاء يف‬
‫اآلجال الواردة يف املادة ‪ 022‬من قانون الوظيفة العامة(‪.)1‬‬
‫وحيق يف هذه احلالة للمتهم بالسرقة العلمية أن يبلغ كتابيا باألخطاء‬
‫املنسوبة إليه وأن يطلع على كامل ملفه التأدييب‪ ،‬وأن يبلغ بتاريخ مثوله أمام‬
‫اللجنة اإلدارية املتساوية األعضاء بالربيد املوصى عليه مع وصل استالم يف‬
‫أجل مخسة عشر (‪ )09‬يوما ابتداء من تاريخ حتريك الدعوى التأديبية على أن‬
‫تتمتع اللجنة اإلدارية املتساوية األعضاء للتقرير الذي يقدمه أحد أعضاء‬
‫جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة الذي جيب أن يتضمن الوقائع‬
‫املنسوبة واألدلة اليت مسحت بالتأكد من صحة وقو السرقة العلمية مث تستمع‬
‫للطرف املتهم ليقدم الدفو الالزمة حول الوقائع املنسوبة إليه(‪.)2‬‬
‫وجيب على املتهم بالسرقة العلمية الذي حيال على اللجنة املثول شخصيا‬
‫ما عدى يف حالة القوة القاهرة‪ ،‬كما ميكنهم تقدمي مالحظات كتابية أو شفوية‬
‫وحيق له االستعانة بدفا أو بأي موظف خيتاره هو بنفسه‪ ،‬كما ميكنه يف حالة‬
‫تقدميه ملربر مقبول لغيابه أن يلتمس من اللجة اإلدارية املتساوية األعضاء‬
‫املختصة متثيله من قبل دفاعه(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 82‬من القرار ‪ ،399‬مصدر سابق‪.‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 83‬و‪ ،91‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ ،90‬املصدر نفسه‪.‬‬

‫‪- 800 -‬‬


‫ــــ‬

‫ويف كلتا احلالتني جيب إخطار اللجنة اإلدارية املتساوية األعضاء كتابيا‬
‫بأمساء األشخاص الذين خيتارهم للدفا أو متثيله قبل انعقاده بثالثة(‪)19‬‬
‫أيام‪ ،‬ويتعني على اللجنة أن تسجل يف حمضر االستما الوقائع املنسوبة للطرف‬
‫املتهم كما هي حمددة يف تقرير جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية‬
‫للمؤسسة إاافة ملالحظات ودفو املتهم أو دفاعه‪ ،‬على أن يبلغ الطرف املعين‬
‫بالقرار املتضمن العقوبة التأديبية يف أجل ال يتعدى مثانية(‪ )12‬أيام ابتداء من‬
‫تاريخ القرار وحيفظ يف ملفه اإلداري‪ ،‬وميكن له الطعن يف هذه احلالة يف القرار‬
‫الذي اختذته اللجنة أمام جلنة الطعن املختصة وفقا للشروط واآلجال‬
‫املنصوص عليها يف القوانني املعمول هبا يف هذا الشأن(‪.)1‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫عمدت وزارة التعليم العايل والبحث العلمي على إثر القرار الوزاري رقم‬
‫‪ 399‬إىل إنشاء جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية للمؤسسة املكلف بالتثبت‬
‫والفصل يف حاالت السرقة العلمية وهذا عرب آلية التصفية للتأكد من وجودها‬
‫قبل إحالة أطرافها إىل اجملالس التأديبية وتسليط العقوبة عليهم‪ ،‬غري أنه‬
‫يؤخذ على هذا القرار عدم واوحه ودقته يف بعض املوااع مما يستوجب‬
‫تداركها نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬ما يسجل على هذا القرار تقييده عمل اجمللس بضرورة وجود سرقة‬
‫علمية من أجل مباشرة مهامه‪ ،‬فكان من باب األوىل ترك احلرية هلذا اجمللس‬
‫للتحرك التلقائي مىت تبني ألعضائه حالة وجود سرقة علمية أن يتأكد منها‬
‫ويتخذ اإلجراءات القانونية الالزمة‪.‬‬
‫‪ -‬رغم أن القرار ‪ 399‬اشترط معايري مهمة على غرار الزناهة احليادية‬
‫واملواوعية لتويل عضوية اجمللس‪ ،‬اال أنه ركز يف املقابل على أسلوب التعيني‪،‬‬

‫‪ -1‬املواد ‪ 98‬و‪ 99‬و‪ ،91‬من القرار الوزاري ‪ ،399‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪- 808 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بدل أسلوب االنتخاب من طرف مؤسسات التعليم العايل‪ ،‬ورمبا قد يكون من شأن‬
‫ذلك التأثري على استقاللية ومصداقيته وعمل هذا اجمللس‪.‬‬
‫‪ -‬عدم متديد مدة عضوية أعضاء اجمللس ألنه هذه األخرية من شأهنا‬
‫السماح ألعضاء اجمللس بالقيام مبهمتهم على أكمل وجه‪ ،‬فمعرفة العضو أنه‬
‫واليته يف اجمللس تقتصر على عهدة واحدة جتعل هذا العضو ميارس مهمته دون‬
‫اخلوف من التعرض لضغوطات أو مزايدات مبنعه من العضوية لوالية ثانية إن‬
‫مل ينفذ رغبات أو قرارات جهة معينة تريد التأثري على عمل أعضاء هذا‬
‫اجمللس‪.‬‬
‫‪ -‬مل حيدد القرار ‪ 399‬تاريخ بدء وانتهاء انعقاد اجمللس للتصدي للفصل‬
‫يف ما يرده من إخطارات‪ ،‬بل ترك الباب مفتوحا للمجلس ليجتمع يف أي وقت‬
‫يشاء‪.‬‬
‫ومن أجل سري احلسن هلذا اجمللس يتعني على القرار الوزاري أن يتدارك‬
‫بعض النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬حتديد احلد األدىن لألعضاء الواجب توفرهم من أجل صحة‬
‫اجتماعات هذا اجمللس من خالل اشتراط حضور أغلبية (‪ )9/8‬الجناز تقريره‬
‫النهائي باثبات السرقة العلمية من عدمها‪.‬‬
‫‪ -‬هنيب باملنظم أن حيدد دورات منتظمة للمجلس تسمح بتحضري جدول‬
‫أعمال للنظر يف اإلخطارات الواردة إليه‪.‬‬
‫‪ -‬هنيب باملنظم أن يتبىن أسلوب االنتخاب لاللتحاق بعضوية اجمللس ملا‬
‫يوفره هذا األخري من ميزة االستقاللية واحليادية‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫أوال – القرارات‪:‬‬
‫‪ -10‬القرار رقم ‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 8‬جويلية ‪ 8102‬واحملدد للقواعد املتعلقة بالوقاية من‬
‫السرقة العلمية ومكافحتها‪.‬‬

‫‪- 809 -‬‬


‫ــــ‬
‫‪ -‬قرار رقم ‪ 920‬املؤرخ يف ‪ 00‬جوان ‪ ،8100‬املتضمن إحداث اجملالس التأديبية يف مؤسسات‬
‫التعليم العايل وحيدد تشكيلتها وسريها‪.‬‬
‫‪ -‬ميثاق مكافحة انتحال للملكية الفكرية العلمية يف جامعة احلسن األول‪ ،‬املوافق عليه من‬
‫طرف جملس جامعة بتاريخ ‪ 00‬ماي ‪.8109‬‬
‫ثانيا – المراجع العربية‪:‬‬
‫‪ -‬املعجم الوسيط‪ ،‬معجم اللغة العربية‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية للنشر‪.8111 ،‬‬
‫‪ -‬أمحد خمتار عمر‪ ،‬معجم اللغة العربية املعاصرة‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪.8112‬‬
‫‪ -‬أيب سعد حممد بن مصطفى اخلادمي‪ ،‬الربيقة احملمودية يف شرح الطريقة احملمدية‪ ،‬اجلزء‬
‫الرابع‪ ،‬دار الكتاب العاملية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -‬أيب طالب املكي‪ ،‬قوت القلوب يف معاملة احملبوب ووصف طريق املريد إىل مقام التوحيد‪،‬‬
‫اجلزء الثاين‪ ،‬درا الكتاب العاملية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -‬صاحل علي الصاحل‪ ،‬أمينة الشيخ سليمان األمحد‪ ،‬املعجم الصايف يف اللغة العربية‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫‪ 0110‬هس‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -‬بن سامل مجال‪ ،‬القضاء الدستوري يف الدول املغاربية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه يف‬
‫العلوم‪ ،‬كلية احلقوق بن يوسف بن خدة‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪.8109/8101 ،0‬‬
‫رابعا – المقاالت العلمية‪:‬‬
‫‪ -‬حممد الباقر حاج يعقوب‪" ،‬التصور اإلسالمي للعلم وأثره يف إدارة املعرفة"‪ ،‬جملة اإلسالم‬
‫يف آسيا‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية ماليزيا‪ ،‬العدد اخلاص الرابع‪ ،‬ديسمرب ‪.8100‬‬
‫‪ -‬ابرادشة فريد‪" ،‬البحث العلمي بني النظرية والواقع‪ ،‬املفاهيم‪ ،‬العالقات والغايات"‪ ،‬اآلفاق‬
‫للدراسات القانونية‪ ،‬جامعة العريب تبسي‪ ،‬العدد الثالث‪.8102 ،‬‬
‫‪ -‬حممد غامن حمسني‪" ،‬احلث على العلم والتعلم يف السنة املطهرة"‪ ،‬جملة الرك للفلسفة‬
‫واللسانيات والعلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة واسط‪ ،‬العراق‪ ،‬اجمللد ‪ ،80‬العدد ‪.8102 ،80‬‬
‫‪ -‬أمحد هاشم حممد الصاحل‪" ،‬مفهوم العلم عند ابن عبد الرب يف جامع بيان العلم"‪ ،‬جملة‬
‫العلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة تكريت‪ ،‬العراق‪ ،‬العدد العاشر‪.8108 ،‬‬
‫‪ -‬حسن علوان بيعي‪ ،‬عبد األمري رباط عبد اجلبوري‪" ،‬مفاهيم الزناهة وقيمها يف مناهج اللغة‬
‫العربية والرياايات يف املرحلة االبتدائية يف العراق لعام ‪ ،"8109‬جملة جامعة بابل للعوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،89‬العدد ‪.8109 ،11‬‬

‫‪- 801 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -‬أمحد خورشيد وحممد مظهر ناصر‪" ،‬النظام القانوين هليئة الزناهة"‪ ،‬جملة كلية القانون‬
‫للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة كركوك‪ ،‬العراق‪ ،‬اجمللد ‪ ،19‬العدد ‪.03‬‬
‫‪ -‬فوزي غرابية وآخرون‪" ،‬أساليب البحث العلمي يف العلوم االجتماعية واإلنسانية"‪ ،‬جملة‬
‫كلية االقتصاد والتجارة‪ ،‬اجلامعة األردنية‪.0322 ،‬‬
‫‪ -‬يوسف مريين‪ ،‬مىن طواهرية‪" ،‬البحث العلمي يف ظل التكنولوجيا الرقمية‪ ،‬جاذبية الوسيلة‬
‫وإشكالية احملتوى (قراءة يف مضمون القرار ‪ 399‬املتعلق بالسرقات العلمية"‪ ،‬جملة القانون‪،‬‬
‫املركز اجلامعي بغليزان‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬ديسمرب ‪.8102‬‬
‫‪ -‬دليلة بوزغار‪" ،‬التكييف الفقهي للسرقة العلمية وارورة اإلعالم به"‪ ،‬جملة الشريعة‬
‫واالقتصاد‪ ،‬جامعة األمري عبد القادر للعلوم اإلسالمية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬العدد احلادي عشر‪ ،‬جوان‬
‫‪.8102‬‬
‫‪ -‬معمري املسعود‪ ،‬عبد السالم بن حممد‪" ،‬ظاهرة السرقة العلمية مفهومها وأسباهبا وطرق‬
‫معاجلتها"‪ ،‬جملة آفاق العلوم‪ ،‬جامعة اجللفة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬سبتمرب ‪.8102‬‬
‫‪ -‬إياد أمحد حممد إبراهيم‪ ،‬دور اجلامعات يف حتقيق الزناهة العلمية‪ ،‬سجل منتدى الشراكة‬
‫اجملتمعية يف جمال البحث العلمي للزناهة العلمية املقام يومي ‪ 19‬و‪ 12‬ماي ‪ ،8109‬جامعة‬
‫حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬الرياض‪.0192 ،‬‬
‫‪ -‬أمرية عبد السالم زايد‪ ،‬اجلامعة وقيم الزناهة يف البحث العلمي"رؤية تنموية"‪ ،‬سجل‬
‫منتدى الشراكة اجملتمعية يف جمال البحث العلمي للزناهة العلمية املقام يومي ‪ 19‬و‪ 12‬ماي‬
‫‪ ،8109‬جامعة حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬الرياض‪ 0192 ،‬هس‪.‬‬
‫‪ -‬رشود بن حممد اخلريف‪ ،‬إسهامات جامعة امللك سعود يف تعزيز الزناهة العلمية‪ ،‬سجل‬
‫منتدى الشراكة اجملتمعية يف جمال البحث العلمي للزناهة العلمية املقام يومي ‪ 19‬و‪ 12‬ماي‬
‫‪ ،8109‬جامعة حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬الرياض‪ 0192 ،‬هس‪.‬‬
‫‪ -‬علي عبد الصمد األسدي وآمال عبد الرمحن عبد الواحد‪ ،‬مبادئ وأخالقيات الباحث‬
‫وأسلوبه يف صيانة البحث العلمي‪ ،‬حبث مقدم إىل ندوة مجعية املنتدى الوطين ألحباث التعلم‬
‫والثقافة بالتعاون مع كلية اآلداب يف جامعة البصرة حتت عنوان اجملاالت األكادميية ودورها‬
‫يف ترصني البحث العلمي‪ ،‬جملة حوليات املنتدى‪ ،‬جامعة البصرة‪ ،‬العراق‪ ،‬اجمللد ‪ ،10‬العدد‬
‫الثاين عشر‪ ،‬أيلول ‪.8102‬‬
‫‪ -‬محزاوي سهى‪ ،‬االلتزام األخالقي للباحث السبيل لتحقيق جودة ومتيز البحث العلمي‪ ،‬كتاب‬
‫أعمال ملتقى األمانة العلمية‪ ،‬مركز جيل البحث العلمي‪ ،‬املنعقد باجلزائر العاصمة يوم‬
‫‪.8102/12/00‬‬

‫‪- 809 -‬‬


‫ــــ‬
:‫خامسا – مقاالت االنترنت‬
‫ تقييم الباحثني األكادميني ملدى االلتزام بأخالقيات البحث العلمي‬،‫ عزة عبد العظيم جمد‬-
:‫ الرابط االلكتروين للمقال‬،‫يف جمال الدراسات اإلعالمية‬
ite.iugaza.edu.ps/jdalou/files/2012/03/.pdf
،‫ اإلصدار األول املعاين اجلامع‬،‫ علماء مصر‬،‫ أساسيات البحث العلمي‬،‫ أمحد حسن وآخرون‬-
:‫ متوفر على الرابط االلكتروين‬،‫معجم عريب عريب‬
https://www.almaany.com/ar/dict/ar
:‫ متوفر على الرابط االلكتروين‬،‫ معجم عريب عريب‬،‫ لسان العرب‬-
https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar
:‫سادسا – المراجع األجنبية‬
- Heniot.watt university; Student guide to plagiarism (Arabic language version)
greeted October 2005 updated January 2006,cite http//www.hw.os.uk.student/de
plagiarism guide Arabic PDF Download 25.4. 2017.
- Alison wry and Aillen bloomer; Projection in linguistics and language studies A
particle guide to researching language, rout ledge taylon Francis group, London and
new York, 3ed edition.
- Bernard Pochet, Comprendre et maitriser la littérature scientifique, Les presses
agronomiques de Gembloux, Belgique, 2018.

- 802 -
‫‪8102‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الممارسات المنافية لقواعد النزاهة األكاديمية وسبل مكافحتها‬


‫على ضوء أحكام القرار الوزاري رقم ‪ 399‬المتعلق بالسرقات العلمية‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪amna_bouzina@yahoo.fr‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الملخص‪:‬‬
‫سعى اجملتمع الدويل جاهدا إىل التصدي لظاهرة السرقات العلمية‪،‬‬
‫واجلزائر كباقي الدول تعاين هي األخرى من هذه الظاهرة‪ ،‬مما أوجب على‬
‫املشرع التعامل معها والتصدي هلا‪ ،‬فأنشأ جملس أخالقيات املهنة مبوجب القانون‬
‫رقم ‪ 10-33‬املؤرخ يف ‪ 10‬أفريل ‪ 0333‬واملتعلق باقتراح تدابري بشأن اآلداب‬
‫واألخالقيات اجلامعية‪ ،‬غري أنه شهدت اجلامعات اجلزائري يف السنوات األخرية‬
‫إنتشار كبري لتلك الظاهرة مما حتم على الوزارة الوصية إختاذ جمموعة من‬
‫اآلليات للحد من السرقة العلمية والوقاية منها ولعل أمهها صدور القرار رقم‬
‫‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 82‬جويلية ‪ ،8102‬الذي حيدد القواعد املتعلقة بالوقاية من‬
‫السرقات العلمية ومكافحتها‪ ،‬وعلى هذا األساس تسعى هذه الورقة البحثية‬
‫لتسليط الضوء على واقع أخالقيات البحث العلمي يف ظل شيوع استخدام‬
‫التكنولوجيا الرقمية‪ ،‬وآليات ووسائل محاية أخالقيات البحث العلمي‪،‬‬
‫والتحديات اليت تواجهها‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬األمانة العلمية‪ ،‬الزناهة األكادميية‪ ،‬السرقات العلمية‪،‬‬
‫القرار رقم ‪.399‬‬

‫مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫األصل يف اجلامعة أنّها مؤسسة تعليمية تعىن أساسا بتشكيل العقول ونشر‬
‫املعرفة وختـريج كـوادر متميزة يف التخصصات املطلوبة للمجتمع‪ ،‬واألكيد أنّ‬
‫ذلك لن يتحقق إالّ تزامنا مع توافر بيئة أخالقية تتميز بوعي األساتذة‬
‫ملسئولياهتم األخالقية وانسجام سلوكيات أعضائها مع األخالق‪ ،‬فال مراء يف أنّ‬
‫مهنة التدريس هي رسالة مقدّسة وقدسيتها تكمن يف األمانة املوضوعية‪ ،‬وملّا كان‬
‫األستاذ اجلامعي هو األمنوذج األخالقي الذي حيتذي به الطالب؛ فمن هنا‬
‫يتوجب على األستاذ اجلامعي أن يتبع معايري سلوكية يتعيّن عليه أن يتحلّى هبا‬
‫ويستخدمها كمرجع أساسي لريشد سلوكه أثناء أداء وظيفته‪ ،‬لتغدو فيما بعد‬
‫جزءاً تلقائياً مكوناً لشخصيته املهنية وهو ما يصطلح عليه بـ‪ :‬أخالقيات مهنة‬
‫التدريس‪ ،‬ذلك ألنّ األخالق تندرج يف كل جمال ومهنة وأنّ لكلّ جمال أخالقه‬
‫ولكل مهنة أخالقها‪ ،‬ذلك أنه ال ميكن الزّعم أنّ اجلامعة قد جنحت يف ختريج‬
‫كوادر يف حني أنّ سلوكياهتا وسلوكيات أعضائها غري متماشية البتة مع أخالق‪.‬‬
‫ومن اجلدير بالذكر‪ ،‬أن الزناهة األكادميية منظومة أخالقية لألساتذة‬
‫والطلبة ومجيع العاملني يف املؤسسات املدنية تنظم حياهتم ومتدهم بأصول‬
‫ومبادئ تضبط سلوكياهتم‪ ،‬ال قيمة للحياة الدميقراطية من غري معايري أخالقية‬
‫تسود اجملتمع وتصون احلقوق الفردية كما حتمي الصاحل العام‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬ينبغي‬
‫نشر ثقافة األمانة األكادميية يف الوسط التعليمي بكافة الوسائل املتاحة‬
‫ملكافحة الفساد وإلقامة موازين العدالة الكفيلة بضمان حقوق الناس ورعاية‬
‫مصاحلهم‪ ،‬ويندرج حتت باب الزناهة األكادميية موضوعات كثرية أمهها مواجهة‬
‫الغش يف االختبارات‪ ،‬وسرقة األحباث‪ ،‬وتقدمي مشاريع دراسية ليست من إنتاج‬
‫الطلبة‪ ،‬والتحايل على القوانني‪.‬‬
‫ويف إطار تطوير التعليم اجلامعي‪ ،‬وطبقا ملا أتاحته التكنولوجيا الرقمية‬
‫من فرص لترقية البحث العلمي والنهوض به‪ ،‬بفعل ما أتاحته من فرص‬
‫التواصل واالتصال بني اجلامعات‪ ،‬ومراكز البحث‪ ،‬ومراكز التفكري‪ ،‬والباحثني‪،‬‬

‫‪- 802 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وكل الفواعل املهتمة بالبحث العلمي‪ ،‬فبات من اليسري مبكان طلب‬


‫املعلومة‪ ،‬واحلصول عليها بطرق سهلة وسريعة يف الوقت احلايل‪ ،‬حيث انتشرت‬
‫املكتبات الرقمية واملستودعات اإللكترونية‪ ،‬وغريها من مصادر املعلومات املتاحة‬
‫عرب شبكة االنترنت‪ ،‬إال أن تداول املعلومات واإلنتاجات العلمية يف البيئة‬
‫الرقمية أثار العديد من املشاكل والصعوبات‪ ،‬اليت أصبحت هتدد أخالقيات‬
‫البحث العلمي‪ ،‬كاألمانة والزناهة العلمية بسبب السرقات العلمية‪ ،‬اليت أصبحت‬
‫من الظواهر اخلطرية اليت مست مبصداقية البحث العلمي وجودته‪ ،‬مما يتطلب‬
‫ضرورة وضع آليات حلماية البحث العلمي‪ ،‬يف بيئة رقمية جتاوزت كل القوانني‬
‫املعمول هبا يف خمتلف الدول‪.‬‬
‫وقد شهدت الكثري من اجلامعات اجلزائرية فضائح كبرية ومتعددة‪ ،‬من‬
‫أمهها وأخطرها فضيحة السرقة العلمية ألعمال منجزة من جامعات جزائرية‬
‫أخرى أو من جامعات العامل العربية أو الدولية‪ ،‬سواء بالنقل احلريف (الكلي أو‬
‫اجلزئي) أو بالترمجة من اللغات األجنبية إىل العربية‪ ،‬فالبحوث واألعمال‬
‫الفردية واجلماعية اليت تقدم للطلبة يف األعمال املوجهة أو التطبيقية مل‬
‫تسلم من السرقة هي األخرى‪ ،‬فكثريا ما ضبط طلبة يف إطار األعمال املوجهة‬
‫يقومون بعمليات النسخ واللصق ملقاالت أو مذكرات تقدم على أساس أهنا حبوث‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فكل ما ينتهك حقوق الغري ويساهم يف تقدمي معلومات مضللة أو‬
‫مشاريع غري أمينة هو انتهاك صارخ للزناهة األكادميية وابتعاد صريح عن‬
‫تطبيق قيم اإلسالم‪،‬ؤ إن إهدار احلقوق وانتهاك الزناهة عالمة على ضعف‬
‫الوازع الديين‪ ،‬وغياب الضبط االجتماعي‪ ،‬وتدين املستوى التعليمي وهو األمر‬
‫الذي يدل قطعا على شيوع مظاهر الفساد‪ ،‬وعجز النظام القائم عن حتقيق‬
‫غاياته‪ ،‬وعلى هذا األساس‪ ،‬البد من املسامهة يف التحسيس والتوعية وتعريف‬
‫الطالب والباحثني باحلاالت واملمارسات اليت تعترب سرقة علمية وانتهاكا للملكية‬
‫الفكرية وبعواقبها‪ ،‬دعما للبحث العلمي وترقيته باجلزائر على أن يتم برجمة‬
‫محالت خاصة للحد من انتشار ظاهرة السرقة العلمية‪.‬‬

‫‪- 803 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ويف هذا الصدد التجأت الكثري من الدول‪ ،‬واجلزائر كباقي الدول تعاين‬
‫هي األخرى من ظاهرة السرقة العلمية‪ ،‬أو ما يُدعى حسب "حممد عودة" بــ‪:‬‬
‫"غسيل األحباث"‪ ،‬حيث عمل املشرع اجلزائري على إنشاء جملس أخالقيات املهنة‬
‫مبوجب القانون رقم ‪ 10-33‬املؤرخ يف ‪ 10‬أفريل ‪ 0333‬واملتعلق باقتراح تدابري‬
‫بشأن اآلداب واألخالقيات اجلامعية‪ ،‬غري أنه شهدت اجلامعات اجلزائري يف‬
‫السنوات األخرية إنتشار كبري لتلك الظاهرة مما حتم على الوزارة الوصية إختاذ‬
‫جمموعة من اآلليات للحد من السرقة العلمية والوقاية منها ولعل أمهها صدور‬
‫القرار رقم ‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 82‬جويلية ‪ ،8102‬الذي حيدد القواعد املتعلقة‬
‫بالوقاية من السرقات العلمية ومكافحتها‪ ،‬من خالل جمموعة من اإلجراءات‬
‫والتشريعات القانونية اليت حتاول فحص خمتلف السرقات يف رسائل املاجستري‬
‫والدكتوراه واملقاالت والبحوث العلمية هتدف إىل مواجهة جرائم عدم األمانة‬
‫العلمية‪.‬‬
‫يُضاف إىل ذلك اعتمادها على تطبيقات الكترونية متثل دليل ومرجع‬
‫يستهدي به خمتلف املختصني والباحثني ملعرفة أبرز السرقات العلمية خاصة يف‬
‫ظل زيادة احترافيتها وتعقدها واستمالة الكثري من الباحثني إليها الختصار‬
‫الوقت وسرقة أعمال اآلخرين لصنع اسم هلم على حساب املؤلف األصلي‪.‬‬
‫لكن مع ذلك‪ ،‬تفشت ظاهرة السرقات العلمية بشكل كبري وال متناهي ومل‬
‫تقف عند حدود‪ ،‬بل وصلت حىت إىل األحباث العلمية املتطورة والدقيقة‪ ،‬وإن‬
‫اختلفت األفعال‪ ،‬فالنتيجة واحدة وهي السرقة العلمية‪ ،‬وهبذا سعى اجملتمع‬
‫الدويل جاهدا إىل التصدي إىل هذه الظاهرة وإحكامها يف إطارا قانوين‪.‬‬
‫انطالقا مما سبق‪ ،‬نتساءل ما هي آليات الوقاية من السرقة العلمية على‬
‫ضوء القرار رقم ‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 82‬جويلية ‪8102‬؟‪ ،‬وما هي منها وما هي‬
‫العقوبات والتدابري املنصوص عليها ضمن نصوصه؟‪ ،‬وما هي األدوار اليت متارسها‬
‫املؤسسة اجلامعية حملاربة ظاهرة السرقة العلمية؟‬

‫‪- 881 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ومبا أن طبيعة املوضوع هي اليت حتدد نوع املنهج املستخدم فقد اعتمدنا‬
‫يف دراستنا على املنهج الوصفي يف استطالع واقع أخالقيات البحث العلمي يف‬
‫الوسط اجلامعي باعتباره يعتمد على دراسة الواقع‪ ،‬كما اعتمدنا على املنهج‬
‫التحليلي قصد حتليل الظاهرة مبا تضمنه ميثاق أخالقيات املهنة وكذا القرار‬
‫رقم ‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 82‬جويلية ‪ 8102‬والذي حيدد القواعد املتعلقة بالوقاية‬
‫من السرقة العلمية ومكافحتها‪.‬‬
‫لإلجابة على هذه التساؤالت مت تقسيم هذه الدراسة اليت اعتمدت على‬
‫املنهج الوصفي إىل ثالثة حماور رئيسية تتمثل يف ما يأيت‪:‬‬
‫‪ -‬املبحث األول‪ :‬قواعد الزناهة األكادميية والضوابط األخالقية للبحث العلمي‬
‫‪ -‬املبحث الثاين‪ :‬دراسة حتليلية للقرار الوزاري رقم ‪ 399‬املتعلق بالسرقات‬
‫العلمية‬
‫‪ -‬املبحث الثالث‪ :‬آليات الوقاية من السرقة العلمية على ضوء أحكام يف القرار‬
‫رقم ‪.399‬‬
‫المبحث األول‪ :‬قواعد النزاهة‬
‫األكاديمية والضوابط األخالقية للبحث العلمي‬
‫يشري الدكتور بدر ملك يف ورقة حبثية بعنوان "الزناهة اجملتمعية‪ ...‬رؤية‬
‫أم غاية؟" إىل أن الزناهة األكادميية منظومة أخالقية لألساتذة والطلبة‬
‫ومجيع العاملني يف املؤسسات املدنية تنظم حياهتم ومتدهم بأصول ومبادئ‬
‫تضبط سلوكياهتم‪ ،‬ويندرج حتت باب الزناهة األكادميية موضوعات كثرية أمهها‬
‫مواجهة الغش يف االختبارات‪ ،‬وسرقة األحباث‪ ،‬وتقدمي مشاريع دراسية ليست‬
‫من إنتاج الطلبة‪ ،‬والتحايل على القوانني‪ ،‬وعليه فكل ما ينتهك حقوق الغري‬
‫ويساهم يف تقدمي معلومات مضللة أو مشاريع غري أمينة هو انتهاك صارخ للزناهة‬
‫األكادميية‪.‬‬

‫‪- 880 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫المطلب األول‪ :‬دراسة مفاهيمية لقواعد النزاهة األكاديمية‬


‫تعترب األمانة العلمية والزناهة األكادميية هي الركن الركني يف البحث‬
‫العلمي اهلادف‪ ،‬كما أهنا تعد أصل من أصول البحث العلمي اليت تعتمد على‬
‫االبتكار واإلبداع والتطوير‪ ،‬وبدوهنا يتحول البحث العلمي إىل عبث وجهد ضائع‬
‫ال قيمة له؛ فالباحث يبحث عن احلقيقة واحلقيقة تقتضي األمانة واإلخالص‪.‬‬
‫فالزناهة األكادميية تعين "األمانة الفكرية" (‪)intellectual honesty‬‬
‫واالستقامة العلمية يف استخدام املعلومات ونقلها وتوثيقها ونشرها وإنتاج‬
‫األحباث وإدارة املشاريع‪ ،‬ومن تعريفات الزناهة األكادميية أهنا مثرة خلصلتني‪:‬‬
‫األمانة وحتمل املسئولية‪ ،‬فال يكون الشخص نزيها‪ ،‬إال إذا متسك بالفكر‬
‫املوضوعي املضاد للتحيز واملتجرد من إتباع األهواء املرتبطة باملصاحل الشخصية‬
‫املنحرفة‪.‬‬
‫وهي جمموعة من القيم واآلليات اليت هتدف إىل خلق ثقافة وسلوك‬
‫الئقني فيما خيص االعتراف بامللكية الفكرية للباحثني من أفكار وأحباث وأعمال‬
‫منشورة‪ ،‬ويشار هلا أحيانا بأهنا ميثاق أخالقي لضمان حقوق اآلخرين‪.‬‬
‫وااللتزام بقواعد الزناهة األكادميية ومبادئها‪ ،‬يتطلب ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬االستشهاد جبميع ما مت استخدمه من أفكار أو نتائج أو أعمال مكتوبة منسوبة‬
‫آلخرين ممن يكون قد استفاد من اقتباسات من أحباثهم املنشورة أو غري املنشورة‬
‫أو مادهتم العلمية أو أي شكل آخر من أشكال املشاركة يف عمله البحثي ويوثقها‬
‫توثيقا علميا دقيقا‪.‬‬
‫‪ -‬اإلدراك بأن اإلخالل بإتباع مبادئ الزناهة األكادميية ال يسيء إىل من ارتكب‬
‫هذه املخالفة فحسب‪ ،‬بل أن آثار هذه السلوكيات ستنعكس على اجلهة األكادميية‬
‫ككل ‪.‬‬

‫‪- 888 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬إدراك أن أي شكل من اختراق الزناهة األكادميية يندرج حتت بند ممارسة‬


‫السلوكيات غري األخالقية مما يعرض من يقترفها للمساءلة القانونية(‪.)1‬‬
‫وتتضمن منظومة الزناهة األكادميية أبعادا خمتلفة‪ ،‬أبرزها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬ضبط وترسيخ وتطبيق القيم واألخالقيات والقواعد املتعلقة‬
‫باملمارسات اجلامعية اليت تُنظم إعداد‪ ،‬وكتابة البحوث‪ ،‬ونشرها‪ ،‬ووضع احلوافز‬
‫والضمانات واإلجراءات اليت تضمن التنفيذ الكامل لتلك القيم واألخالقيات‬
‫والقواعد‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬ضبط وترسيخ وتطبيق القيم واألخالقيات والقواعد القومية‬
‫املتعلقة باملمارسات اجلامعية واليت تُنظم العالقة بني أعضاء هيئات التدريس‬
‫واهليئات اإلدارية من جهة‪ ،‬والطالب من جهة أخرى‪ ،‬وتُحدد مسؤوليات وحقوق‬
‫كل طرف‪ ،‬وتضع الضمانات واإلجراءات اليت تضمن التنفيذ الفعال لتلك القيم‬
‫واألخالقيات والقواعد‪.‬‬
‫وتستهدف منظومة الزناهة األكادميية املنشودة جمموعة من األهداف‪،‬‬
‫أمهها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬املسامهة يف دعم وتعزيز جهود أعضاء هيئة التدريس يف أداء‬
‫رسالتهم التعليمية والبحثية على النحو الصحيح‪ ،‬واحلفاظ على حقوقهم‬
‫الفكرية ومحاية احلقوق الفكرية للغري‪ ،‬وهتيئة األجواء أمامهم لإلبداع‬
‫واالبتكار‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬االرتقاء بنوعية البحوث واملؤلفات العلمية املنشورة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلسهام يف هتيئة األوضاع والظروف أمام كليات اجلامعة وأعضاء‬
‫هيئات التدريس هبا للمنافسة على املستوى العاملي من حيث مستوى التعليم املقدم‬
‫للطالب‪ ،‬واخلدمات واالستشارات املقدمة للمجتمع‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫هيام حايك‪ ،‬الزناهة األكادميية يف بيئات التعلم االفتراضي‪ ،‬مدونة أكادميية نسيج‪،‬‬
‫‪ ،88 :02‬منشورة على املوقع التايل‪http://blog.naseej.com:‬‬ ‫‪ ،06/12/2015‬ساعة االطالع‪:‬‬

‫‪- 889 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫رابعًا‪ :‬املسامهة يف غرس القيم الفضيلة واألخالقيات واملثل العليا يف‬


‫طالب اجلامعة‪ ،‬األمر الذي سينعكس باإلجياب على أدائهم الدراسي وسلوكهم‬
‫أثناء مرحلة الدراسة‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬حماربة ظاهرة عدم انضباط بعض الطالب سواء يف قاعات‬
‫الدراسة أو يف ساحات احلرم اجلامعي‪ ،‬وكذا مكافحة انتشار ظاهرة الغش وعدم‬
‫االلتزام بالقواعد العامة أثناء سري االمتحانات ويف االسنادات الدراسية‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬املسامهة يف إعداد جيل جديد من اخلرجيني‪ ،‬املتمسك بالقيم‬
‫واألخالقيات واملثل العليا‪ ،‬والقادر على قيادة مرحلة التطوير واإلصالح يف كافة‬
‫قطاعات اجملتمع‪ ،‬األمر الذي من شأنه املسامهة يف اجلهود املبذولة لرفعة الوطن‬
‫واحتالله املكانة اليت يستحقها بني األمم(‪.)1‬‬
‫ويوضح الشكل التايل بعض أسباب انتهاك الزناهة األكادميية‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬انتهاك أحكام النزاهة األكاديمية‬


‫تتعدد صور انتهاكات الزناهة األكادميية من عدم االلتزام مبواعيد‬
‫احملاضرة وعدم التحضري هلا إىل الغياب املتكرر وجتاوز اللوائح والتستر على‬
‫السلوكيات املخالفة للقوانني وعدم التبليغ عن املتجاوزين‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫عبد الفتاح ماضي‪ ،‬الزناهة األكادميية‪ ،‬السبت‪ 82 ،‬رجب ‪ 88 - 0092‬نيسان ‪ /‬أبريل‬
‫‪ 8102‬الثالثاء‪ 01 ،‬نيسان ‪ /‬أبريل ‪ ،8108‬مت االطالع على الساعة‪ ،11:03‬منشور على املوقع‬
‫‪http://www.abdelfattahmady.net/component/content/article/178.html‬‬ ‫التايل‪:‬‬

‫‪- 880 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفرع األول‪ :‬أشكال انتهاك النزاهة األكاديمية‬


‫ويشري موقع جامعة زايد على شبكة اإلنترنت إىل أشكال انتهاك الزناهة‬
‫األكادميية ويؤكد املوقع املذكور على أنه‪ :‬تتعدد أشكال التصرف اليت تعترب‬
‫خملّة ملعايري ومبادئ الزناهة األكادميية‪ ،‬ومن بعضها‪ ،‬على سبيل التعداد ال‬
‫احلصر‪ ،‬األفعال والتصرفات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الغش‪ :‬نقل أعمال اآلخرين واالستخدام غري املصرح به ألي مالحظات‬
‫ومعلومات ومواد يف االمتحانات األكادميية أو غريها من املهام املوكلة للطلبة‪.‬‬
‫‪ -‬السرقة الفكرية (االنتحال األدبي)‪ :‬اقتباس عبارات وأعمال اآلخرين‪،‬‬
‫واالستخدام غري املرخص له للمدونات الفكرية واألدبية أو ألي معلومات يف أي‬
‫اختبار أكادميي‪ ،‬دون اإلشارة إليها باعتبارها مرجعًا‪.‬‬
‫‪ -‬سوء استخدام المساعدة األكاديمية‪ :‬استغالل طالب لعمل زميله الذي‬
‫يوفر له املساعدة األكادميية بنية طيبة‪ ،‬كأن ينقل من تقرير خاص وضعه هذا‬
‫الزميل أو من اختبار قدمي‪ ،‬دون إعالمه بذلك‪.‬‬
‫‪ -‬التلفيق والتزوير‪ :‬إقدام الطالب على تغيري املعلومات املتاحة له أو تلفيقها يف‬
‫اختبار‪ /‬واجب أكادميي‪ ،‬أو إبرازه لشهادة طبية مزوّرة من أجل التغيب عن‬
‫احلضور‪.‬‬
‫‪ -‬انتحال شخصية الغير‪ :‬ادعاء الطالب صفة غريه داخل الصف‪ ،‬أو يف اختبار أو‬
‫امتحان‪ ،‬أو يف أي نوع من الواجبات األكادميية‪ ،‬ويف هذه احلالة‪ ،‬تتم معاقبة‬
‫الطالب املنتحل شخصية غريه‪ ،‬والطالب الدافع على االنتحال" (باختصار)‪.‬‬
‫‪ -‬التسليم المتعدد لنفس العمل‪ :‬تقدمي أحباث أو أعمال خاصة بدورة‬
‫دراسية تكون متطابقة للحصول على درجات يف أكثر من دورة دراسية واحدة‬
‫دون إذن مسبق من احملاضر‪.‬‬
‫‪ -‬استغالل التعاون‪ :‬اعتماد الطالب على طالب آخر ضمن جمموعته إلجناز‬
‫واجب‪/‬عمل مشترك‪ ،‬أو استغالل طالب آخر إلجناز الواجبات الفردية‪.‬‬

‫‪- 880 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬التلفيق والتزوير‪ :‬إقدام الطالب على تغيري املعلومات املتاحة له أو تلفيقها يف‬
‫اختبار‪ /‬واجب أكادميي‪ ،‬أو إبرازه لشهادة طبية مزوّرة من أجل التغيب عن‬
‫احلضور‪.‬‬
‫‪ -‬انتحال شخصية الغير‪ :‬ادعاء الطالب صفة غريه داخل الصف‪ ،‬أو يف اختبار أو‬
‫امتحان‪ ،‬أو يف أي نوع من الواجبات األكادميية‪ ،‬ويف هذه احلالة‪ ،‬تتم معاقبة‬
‫الطالب املنتحل شخصية غريه‪ ،‬والطالب الدافع على االنتحال(‪.)1‬‬
‫‪ -‬الحصول على ميزة دون وجه حق‪:‬‬
‫أ‪ .‬التمكن من الوصول إىل مواد االمتحانات أو إتاحة الوصول إليها قبل املوعد‬
‫احملدد لذلك من قِبَل احملاضر؛‬
‫ب‪ .‬سرقة أو تشويه أو تدمري مواد من املكتبة أو مواد حبثية مما ينتج عنه‬
‫حرمان اآلخرين من استخدامها؛‬
‫ج‪ .‬التعاون دون تصريح إلجناز تكليف أو واجب أكادميي؛‬
‫د‪ .‬االحتفاظ مبواد امتحان سبق عقده أو حيازهتا أو تداوهلا دون إذن من‬
‫احملاضر؛‬
‫ه‪ .‬تعطيل العمل األكادميي لطالب آخر أو التدخل فيه؛‬
‫و‪ .‬االشتراك يف أي نشاط بغرض احلصول على ميزة دون وجه حق عن طالب‬
‫آخر يف نفس الدورة الدراسية؛‬
‫ز‪ .‬تقدمي رشوة للعاملني باجلامعة أو أي موظف هبا إلحداث تغيري بالدرجات‪ ،‬أو‬
‫للحصول على ميزة دون وجه حق عن الطلبة اآلخرين"(‪.)2‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪http://www.zu.ac.ae/main/ar/Student_Affairs/Academic_Integrity/forms_academic_Di‬‬
‫‪shonesty.asp‬‬
‫(‪)2‬‬
‫اجلامعة األمريكية ببريوت (‪8119‬م)‪ ،‬الزناهة األكادمييـة‪ :‬أمر يهمنا‪ ،‬املبادئ واألصول‬
‫األكادميية‪ :‬معتمد من جملس اجلامعة األمريكية بالقاهرة‪ ،‬أكتوبر ‪.8119‬‬

‫‪- 882 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مظاهر الخروج وانتهاك األمانة العلمية‬


‫سنتناول يف هذا الفرع أبرز مظاهر اخلروج عن األمانة العلمية وأبرز‬
‫االنتهاك اليت يرتكبها الباحثني‬
‫أوال ‪ -‬مظاهر الخروج عن األمانة العلمية‪:‬‬
‫أ ‪ -‬اقتباس معلومات دون اإلشارة إلى المرجع الذي وردت فيه‪:‬‬
‫لالقتباس أشكال عديدة أمهها االقتباس النصي االقتباس عن طريق‬
‫التلخيص واالقتباس بإعادة الصياغة وقد حيدث أن يستعني الباحث بأحدها‬
‫دون اإلشارة إىل املصدر الذي أخذت منه املعلومات وبالتايل سيكون تلقائيا حتت‬
‫طائلة االبتعاد عن مبدأ األمانة العلمية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬اإلشارة إلى مراجع وهمية‪:‬‬
‫فبعض الباحثني يلجئون إىل ذكر الكتب عن طريق ايراد مصادر ومراجع‬
‫مل يعودوا إليها باملرة أو أهنا خمتلقة أساسا‪.‬‬
‫ج‪ -‬اإلشارة إلى مراجع خاطئة دون التأكد منها‪:‬‬
‫فالباحث قد ينقل قوال يف مرجع وهو يشري إىل مرجع أخر خيتلف عن‬
‫املرجع الثاين‪ ,‬وحينئذ ينقل الباحث األخري رأيا أو قوال من مرجع يكون كاتبه‬
‫خمطئا‪ ،‬ولذلك يتعني على الباحث أن حيرص على التأكد من نسبة األقوال إىل‬
‫قائليها بالضبط وبالدقة وليس جمرد النقل احلريف غري املبصر‪.‬‬
‫أما نقل أراء ونظريات من كتب مل تتناوهلا بزناهة وصدق وموضوعية فهو‬
‫خطأ ميس األمانة العلمية اليت تتعلق هنا باقتباس أقوال من كتب ليست علمية‬
‫وليست نزيهة‪ ،‬فليس من الصحيح اقتباس نظريات قانونية تنتمي إىل النظام‬
‫الالتيين من مرجع قانوين ينتمي إىل النظام االجنلوسكسوين كما من اخلطأ‬
‫نسبة أقوال فقهية من مرجع يعود إىل غري قائليها‪.‬‬

‫‪- 882 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فإذا مل يتمكن الباحث من احلصول على املصدر األم فعند اإلشارة يف‬
‫اهلامش يذكر عبارة (نقال عن) أو (مذكور لدى) وحينئذ يكون الكاتب قد التزم‬
‫باألمانة العلمية‪.1‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دراسة تحليلية للقرار‬
‫الوزاري رقم ‪ 399‬المتعلق بالسرقات العلمية‬
‫تعترب السرقة العلمية من أكثر االنتهاكات املنافية للبحث العلمي واألكثر‬
‫انتشارا يف اجلامعة‪ ،‬واليت متس من جهة بأخالقيات البحث العلمي ومن جهة‬
‫أخرى حبقوق املؤلف وامللكية‪ ،‬قبل الشروع يف حتليل موضوعنا وجب علينا أوالً‬
‫ضبط أبرز مفاهيم الدراسة‪ ،‬وحتديدها بدقة حىت نتمكن من توظيفها توظيفا‬
‫صحيحا باعتبارها املوجه واملرشد لبقية العناصر‪ ،‬وبالتايل فإن ذلك يساعدنا‬
‫على الوصول إىل نتائج دقيقة‪ ،‬ومن هذا املنطلق وجب علينا التعرف على كل من‬
‫مفهومي السرقة العلمية واألمانة العلمية حىت يتسىن لنا فهمهما وتوظيفهما‬
‫بشكل صحيح يف أبرز مضامني الدراسة‪.‬‬
‫ويف هذا اإلطار تعيش اجلامعة اجلزائرية على واقع مجلة من الفضائح‬
‫املتعلقة بالسرقات العلمية واليت أضحت تتميز بوترية تصاعدية وخاصة يف ظل‬
‫التطور التكنولوجي والرقمي والذي ساعد يف تسليط الضوء عليها والكشف عن‬
‫مرتكبيها‪ ،‬سواء كانوا طلبة جامعيني أو حىت أساتذة وباحثني‪ ،‬وهو ما سنوضحه‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬السرقة العلمية والمفاهيم المرتبطة بها‬
‫يقصد بالسرقة العلمية اختالس ألفكار الغري وذلك من خالل النقل الغري‬
‫األمني أو النقل احلريف أو التقليد دون اإلشارة إىل صاحبها األصلي‪ ،‬واآلن تعاين‬

‫(‪)1‬‬
‫زرارقة‪ ،‬فريوز وآخرون‪" .‬يف منهجية البحث االجتماعي"‪ .‬ط ‪ .0‬قسنطينة‪ ،‬اجلزائر‪:‬‬
‫منشورات مكتبة اقرأ‪ ،8112 .‬ص ص ‪.020-029‬‬

‫‪- 882 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫معظم اجلامعات اجلزائرية من التقليد وإتباع أفكار وحبوث اآلخرين‪ ،‬وفقدان‬


‫اجلدية يف البحث وعدم الرغبة يف إضافة اجلديد أو التغيري‪.‬‬
‫السرقة الفكرية أو السرقة األدبية‪ ،‬االنتحال والغش األكادميي كلها‬
‫مرادفات للسرقة العلمية واليت هي انتهاك حلقوق املؤلف واالعتداء على حق‬
‫(‪)1‬‬
‫األبوة على املصنفات واألعمال الفكرية‪.‬‬
‫وميكن تعريف السرقة العلمية على أهنا استخدام غري معترف به ألفكار‬
‫وأعمال اآلخرين‪ ،‬قد حيدث عن قصد أو بدون قصد‪ ،‬وسواء كانت السرقة‬
‫(‪)2‬‬
‫مقصودة أو غري مقصودة فهي متثل انتهاك أكادمييا خطريا‪.‬‬
‫والسرقة قانونا هي اختالس مال منقول مملوك للغري‪ ،‬ولذلك يطلق هذا‬
‫اللفظ على اختالس أفكار الغري(‪.)3‬‬
‫عرفت وكالة اجلامعة للدراسات العليا والبحث العلمي جبامعة امللك سعود‪،‬‬
‫"السرقة العلمية بأنّها استخدام غري معترف به ألفكار وأعمال اآلخرين بقصد أو‬
‫من غري قصد‪”.‬‬
‫وقد ذكر دليل عمادة التقومي واجلودة جبامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية يف إطار سلسلة دعم التعلم والتعليم يف اجلامعة بأنّ "السرقة العلمية‬
‫أو االنتحال هي شكل من أشكال النقل غري القانوين‪ ،‬وتعين أن تأخذ عمل شخص‬
‫آخر وتدعي أنه عملك‪”.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫طه عيساين‪ ،‬املمارسات األكادميية الصحيحة وأساليب جتنب السرقة العلمية‪ ،‬مداخلة‬
‫مبلتقى تثمني أدبيات البحث العلمي‪ ،‬منشور بسلسلة أعمال املؤمترات‪ ،‬مركز جيل البحث‪،‬‬
‫‪ ،8100‬ص ‪.092‬‬
‫(‪)2‬‬
‫هيفاء مشعل احلريب وميساء النشمي احلريب‪ ،‬برجميات كشف السرقة العلمية‪ ،‬جامعة‬
‫طيبة‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،8100/8100 ،‬ص ‪.3‬‬
‫(‪)3‬‬
‫عماد عيسى صاحل وأماين حممد السيد‪ ،‬دور املكتبات االكادميية يف منع السرقات العلمية‬
‫واكتشافها‪ ،‬دراسة استكشافية خلدمات املكتبات وبرجميات كشف االنتحال‪ ،‬ص ‪.0‬‬

‫‪- 883 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وحتدث السرقة العلمية بشكل مبسط يف احمليط اجلامعي‪ ،‬عندما يقوم‬


‫الكاتب متعمدا باستخدام كلمات أو أفكار أو معلومات (ليست عامة) خاصة‬
‫بشخص آخر دون تعرف أو ذكر هذا الشخص أو مصدر هذه األفكار أو املعلومات‪،‬‬
‫ناسبها إىل نفسه‪ ،‬سواء مت ذلك ورقياً أو إلكترونياً‪.‬‬
‫وعموماً‪ ،‬فإنّ مصطلح السرقة العلمية يطلق على الشخص الذي يقوم‬
‫بانتحال معلومات أو أفكار اآلخرين دون اإلشارة إليهم يف املراجع‪ .‬وبالرغم من‬
‫تعدد مسمياهتا ما بني السرقة العلمية أو السرقة األدبية أو االنتحال‪ ،‬إالّ أنّ‬
‫اجلميع يتفقون على أنّها عمل جمرم وسلوك خاطئ ومنايف لكل أخالقيات البحث‬
‫العلمي واآلداب االجتماعية‪.‬‬
‫عرفت السرقة العلمية أيضا‪ ،‬أو ما يعرف باالنتحال على أنه شكل من‬
‫أشكال النقل غري القانوين‪ ،‬وتعين أخذ عمل شخص آخر واالدعاء بأنه عملك‬
‫(‪)1‬‬
‫وهو سرقة سواء كان متعمدا أو غري متعمد‪.‬‬
‫كما يطلق البعض على السرقة العلمية بالسرقة األدبية‪ ،‬وهي تعين‬
‫تقدمي أو عرض مصنف الغري سواء كان كليا أو جزئيا‪ ،‬وذلك بعد تعديل شكله أو‬
‫(‪)2‬‬
‫فحواه إىل حد ما‪ ،‬كما لو كان مصنفا شخصيا‪.‬‬
‫إذ يعرف االنتحال العلمي على انه تبين شخص ألفكار أو كتابات أو‬
‫اختراعات شخص آخر والتصرف فيها كما لو كانت من نتاجه اخلاص دون‬
‫(‪)3‬‬
‫اإلشارة إىل مصدرها‪.‬‬

‫(‪ )1‬عمادة التقومي واجلودة‪ ،‬السرقة العلمية‪ :‬ما هي وكيف أجتنبها؟‪ ،‬سلسلة التعلم والتعليم يف‬
‫اجلامعة‪ ،‬جامعة اإلمام حممد بن سعود االسالمية‪ ،8108 ،‬ص ‪.2‬‬
‫(‪ )2‬نواف كنعان‪ ،‬حق املؤلف‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،8110 ،0‬ص ‪.010‬‬
‫(‪)3‬‬
‫جامعة هريوت وات‪ ،‬دليل الطالب لتجنب االنتحال (السرقة األدبية)‪ ،8110 ،‬ص ‪،0‬‬
‫منشور على املوقع التايل‪:‬‬
‫‪www.hw.ac.uk/students/doc/plagiarismguidearabic.pdf‬‬

‫‪- 891 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫السرقة العلمية هي مصطلح يستخدم لوصف الشخص الذي يغش طالبا‬


‫كان أم باحثا‪ ،‬بانتحاله أفكار أو معلومات من آخرين‪ ،‬ويزعم بأهنا له(‪ ،)1‬وال‬
‫تشكل السرقات األدبية والعلمية ظاهرة حديثة كما يتبادر إىل الذهن‪ ،‬بل ألف‬
‫العديد من العلماء القدامى مؤلفات يف سرقات الشعراء والكتاب منذ عصر‬
‫التدوين حبيث أطلقت حوله الكثري من املفاهيم مثل السرقة‪ ،‬االقتباس‪ ،‬التوارد‪،‬‬
‫التضمني‪ ،‬التناص وغريها‪ ،‬غري أنه استفحلت يف اآلونة األخرية ظاهرة السرقات‬
‫العلمية وتفاقمت يف األوساط اجلامعية العربية وحىت الوطنية ومل تقتصر على‬
‫املداخالت العلمية واملقاالت فحسب‪ ،‬بل إمتدت إىل أحباث التخرج واملؤلفات‪ ،‬مما‬
‫أساء للبحث العلمي بشكل ملحوظ وعلى مصداقية املؤسسات البحثية على وجه‬
‫التحديد‪.‬‬
‫ويف تعريف أخر‪" :‬السرقة العلمية أو االنتحال أي شكل من أشكال النقل‬
‫غري قانوين‪ ،‬وتعين أن تأخذ عمل شخص أخر وتدعي أنه عملك‪ ،‬وهو عمل‬
‫خاطئ سواء كان متعمد أو غري متعمد(‪.)2‬‬
‫كمن مت تعريفها أيضا على أهنا " استخدام غري معترف به ألفكار وأعمال‬
‫االخرين حيدث بقصد أو بغري قصد وسواء أكانت السرقة مقصودة أو غري‬
‫مقصودة فهي متثل انتهاكا أكادمييا خطريا"(‪.)3‬‬
‫وعرفت أيضا "تقدمي عبارات أو مجل أو أفكار أو عمل شخص آخر على انه‬
‫عمل الباحث اخلاص‪ ،‬فضال عن استخدام عمل اآلخرين من دون اإلشارة هلم أو‬

‫(‪)1‬‬
‫سلسلة دعم التعلم والتعليم يف اجلامعة‪ ،‬السرقة العلمية‪ ،‬تصدر عن جامعة اإلمام حممد‬
‫بن سعود اإلسالمية‪ ،‬اجلزء (‪ )2‬اململكة العربية السعودية‪0099 ،‬ه‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أمحد بن حيي اجلبيلي‪ ،‬السرقة العلمية ما هي؟ وكيف جتنبها؟‪ ،‬سلسلة دعم التعلم‬
‫والتعليم يف اجلامعة‪ ،‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬السعودية‪0090 ،‬ه‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الدكتور عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬مداخلة بعنوان أخالقيات البحث العلمي والسرقة العلمية‪،‬‬
‫جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،‬سنة ‪ ،8102-8102‬ص ‪.02‬‬

‫‪- 890 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تقدمي العمل على انه جديد أو أصيل يف الوقت الذي هو مشتق بناءا على عمل‬
‫(‪)1‬‬
‫سابق"‪.‬‬
‫تعد السرقة العلمية يف أبسط معانيها‪ ،‬هي استخدام غري معترف به ألفكار‬
‫وأعمال اآلخرين‪ ،‬حيدث بقصد‪ ،‬أو بغري قصد‪ ،‬وسواء أكانت السرقة مقصودة أو‬
‫غري مقصودة‪ ،‬فهي متثل انتهاكاً أكادميياً خطرياً‪ ،‬لذا جيب أن تسعى املؤسسات‬
‫العلمية الكربى بكل السبل جملاهبتها‪ ،‬وتقتضي هذه اجملاهبة تفعيل التمسك‬
‫مبجموعة سلوكيات حبثية يف أثناء العمل‪ ،‬فعلى سبيل املثال عند اقتباس كلمات‬
‫اآلخرين جيب وضعها بني عالميت تنصيص‪ ،‬وتسجيل كافة بيانات املصدر يف ذات‬
‫الصفحة‪ ،‬أو يف هناية البحث حسب ما يقتضيه منهج الباحث‪ ،‬وتسجيل املصدر‬
‫بكامل بياناته ضمن ثبت املصادر واملراجع‪ ،‬والتوثيق الدقيق هذا ليس وقفاً على‬
‫الكلمات‪ ،‬بل ضرورة حتمية عند اقتباس أفكار اآلخرين‪ ،‬حىت ولو مت إعادة‬
‫صياغتها يف أسلوب جديد(‪.)2‬‬
‫السرقة العلمية مفهوم شامل يعين السطو على أفكار اآلخرين املنشورة يف‬
‫حبوث أو مقاالت أو دراسات ذات قيمة علمية‪ ،‬مبا يف ذلك االنتحال‬
‫(‪ )Plagiarism‬أو الغش(‪ )Cheating‬أو القرصنة (‪ )Piracy‬أي السطو على اإلنتاج‬
‫الفكري لآلخرين ونشره دون اإلشارة إىل املصدر األصلي مبا خيالف قواعد النقل‬
‫واالقتباس الذي يعد حقا مشروعا للجميع(‪.)3‬‬
‫وتكون السرقة العلمية إما شاملة أو جزئية أو تكون سرقات من خالل‬
‫الترمجة‪ ،‬فالسرقة الشاملة هي النقل الكلي للمصنف ونسبته إىل الناقل‪ ،‬أما‬

‫(‪ )1‬رصانة اجملالت والنشر العلمي‪ ،‬جمموعة مؤلفني‪ ،‬وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‪،‬‬
‫العراق‪.8100 ،‬‬
‫(‪ )2‬االقتباس العلمي‪ :‬األنواع‪ ،‬الضوابط والشروط‪ ،‬ص ‪ ،9‬منشؤر على الرابط التايل‪:‬‬
‫‪https:www.ut.edu.sa‬‬
‫(‪ )3‬مها أمحد ابراهيم حممد‪ ،‬ب ت‪ ،‬السرقات العلمية وسيلة خطرية النتهاك امللكية الذهنية‬
‫كيف تتجنبها‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة بين سويف‪ ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪- 898 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫السرقة اجلزئية فهي إختالس أجزاء من مصنف سابق دون نسبتها إىل صاحبها‬
‫ويعد هذا النوع األكثر شيوعا لصعوبة إكتشافه يف أكثر األحيان‪ ،‬ألن من ميارسه‬
‫جيد سهولة يف التمويه عليه ضمن ثنايا ما يكتبه‪ ،‬كما أن هناك إعتقاد خاطئ‬
‫لدى الكثري من الباحثني أن كثرة اإلشارة إىل املرجع املقتبس منه يطعن يف‬
‫قدرهتم العلمية وهذا خطأ الن كثرة االقتباسات تدل على جهدهم وأمانتهم‬
‫العلمية‪.‬‬
‫أما السرقة عن طريق الترمجة تتمثل يف قيام السارق بترمجة املصنف‬
‫األصلي دون احلصول على إذن من صاحب املؤلف املترجم‪،‬وجتدر اإلشارة إىل أن‬
‫هناك عدة عوامل ساعدت على إنتشار هذا النوع من السرقات العلمية يف اآلونة‬
‫األخرية منها سهولة السفر إىل اخلارج لإلطالع والدراسة مع ما كان عليه احلال‬
‫(‪)1‬‬
‫وأيضا سهولة الولوج إىل االنترنت‬ ‫يف املاضي باإلضافة إىل إتقان اللغات‬
‫واحلصول على املراجع األجنبية‪.‬‬
‫تعد السرقة العلمية يف أبسط معانيها‪ ،‬هي استخدام غري معترف به ألفكار‬
‫وأعمال اآلخرين‪ ،‬حيدث بقصد‪ ،‬أو بغري قصد‪ ،‬وسواء أكانت السرقة مقصودة أو‬
‫غري مقصودة‪ ،‬فهي متثل انتهاكاً أكادميياً خطرياً‪ ،‬لذا جيب أن تسعى املؤسسات‬
‫العلمية الكربى بكل السبل جملاهبتها‪ ،‬وتقتضي هذه اجملاهبة تفعيل التمسك‬
‫مبجموعة سلوكيات حبثية يف أثناء العمل‪ ،‬فعلى سبيل املثال عند اقتباس كلمات‬
‫اآلخرين جيب وضعها بني عالميت تنصيص‪ ،‬وتسجيل كافة بيانات املصدر يف ذات‬
‫الصفحة‪ ،‬أو يف هناية البحث حسب ما يقتضيه منهج الباحث‪ ،‬وتسجيل املصدر‬
‫بكامل بياناته ضمن ثبت املصادر واملراجع‪ ،‬والتوثيق الدقيق هذا ليس وقفاً على‬
‫الكلمات‪ ،‬بل ضرورة حتمية عند اقتباس أفكار اآلخرين‪ ،‬حىت ولو مت إعادة‬
‫(‪)2‬‬
‫صياغتها يف أسلوب جديد‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد اهلل مربوك النجار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.809‬‬


‫(‪ )2‬االقتباس العلمي‪ :‬األنواع‪ ،‬الضوابط والشروط ص ‪.)https:www.ut.edu.sa( 9‬‬

‫‪- 899 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وعموماً‪ ،‬فإن السرقة العلمية تُعرب على عندما يقوم كاتب أو باحث متعمداً‬
‫باستخدام كلمات أو أفكار أو معلومات خاصة مبفكر أو مبؤلف آخر دون ذكر هذا‬
‫الشخص أو مصدر هذه الكلمات أو املعلومات‪ ،‬ويُنسبها إىل نفسه‪ ،‬وهذا التعريف‬
‫ينطبق على الكتابات املنشورة ورقياً أو الكترونيا‪ ،‬أو اخلاصة‪ ،‬ومن أكثر أسباب‬
‫اللجوء إىل السرقة العلمية‪ :‬قصر الوقت وتأجيل إجناز املهام إىل أن حيل‬
‫املوعد النهائي لتسليم البحث‪ ،‬أو صعوبة البحث املطلوب‪ ،‬أو اعتياد الطالب القيام‬
‫هبذا العمل أو عدم وضوج مفهوم السرقة العلمية والطريقة الصحيحة الستشهاد‬
‫واالقتباس (‪ )Citation‬من املراجع‪.8‬‬
‫سنتوقف يف هذا اجلزء عند أهم املواد الواردة هبذا القرار واليت حددت‬
‫مفهوم السرقة العلمية أنواعها والعقوبات اليت يتعرض هلا الباحث‪ ،‬وذلك من‬
‫باب التحسيس والتوعية اليت أكد عليها هذا القرار‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬السرقة العلمية بموجب القرار ‪ 399‬الصادر في ‪82‬‬
‫جويلية ‪8102‬‬
‫ويف إطار مكافحة السرقات العلمية يف اجلامعة اجلزائرية واليت تعيق‬
‫والنهوض بالبحث العلمي فيها‪ ،‬أصدر املشرع اجلزائري يف ‪ 81‬جويلية ‪8102‬‬
‫قرار وزاري رقم ‪ 933‬احملدد للقواعد املتعلقة بالسرقة العلمية والوقاية منها (‪،)1‬‬
‫حيث يعد أول إطار قانوين وضع تعريف دقيق للسرقة العلمية ووضع احلاالت‬
‫اليت تدخل يف إطارها وذلك مبوجب املادة ‪ 9‬من هذا القرار‪ ،‬حيث عرفت السرقة‬
‫العلمية على النحو التايل‪":‬كل عمل يقوم به الطالب أو األستاذ الباحث أو‬
‫األستاذ االستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم أو كل من يشارك يف عمل ثابت‬

‫(‪)1‬‬
‫صربينة سليماين‪ ،‬كلمة حتسيسية مبخاطر السرقات العلمية‪ ،‬مداخلة خالل امللتقى‬
‫الوطين ملركز جيل البحث العلمي حول تقنيات التعليم احلديثة املنظم باملكتبة الوطنية‬
‫اجلزائرية‪ ،‬يوم ‪ 81‬ديسمرب ‪.8102‬‬

‫‪- 890 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫النتحال وتزوير النتائج أو غش يف األعمال العلمية املطالب هبا أو يف أي‬


‫منشورات علمية أو بيداغوجية أخرى "(‪.)81‬‬
‫تعرف السرقة العلمية طبقا للمادة ‪ 9‬من القرار الوزاري رقم ‪:399‬‬
‫"كل عمل يقوم به الطالب أو األستاذ الباحث أو األستاذ االستشفائي‬
‫اجلامعي أو الباحث الدائم أو كل من يشارك يف عمل ثابت لالنتحال وتزوير‬
‫النتائج أو غش يف األعمال العلمية املطالب هبا أو يف أي منشورات علمية أو‬
‫بيداغوجية أخرى‪ ،‬وهلذا الغرض‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬أنواع السرقات العلمية‪:‬‬
‫ميكننا التمييز بني مخسة أنواع من السرقة العلمية‪ ،‬حيث تتعدد‬
‫الختالف منط االنتحال والسطو‪ ،‬وميكن تلخيصها يف العناصر اآلتية‪:‬‬
‫‪ -0‬السرقة العلمية الناتجة عن النسخ واللصق‪:‬‬
‫وتكون عند استخدام مجلة أو تعبري استخداما حرفيا كما ورد يف مصدره‬
‫األصلي دون استخدام لعاملات التنصيص واإلشارة للمصدر‪ ،‬حيث ينسب الباحث‬
‫أحد األعمال اخلاصة بشخص آخر لنفسه ويكون ذالك بنسخ ورقة حبثية أو‬
‫مقالة من أحد الدوريات أو املواقع اإللكترونية واحملاضرات ومذكرات الفصول‬
‫الدراسية‪ ،‬كذلك نسخ مجل أو مقاطع دون اإلشارة للمصدر بطريقة صحيحة‬
‫وأشكاله متعددة‪ ،‬اقتباس مادة علمية ما دون االستخدام الصحيح لعاملات‬
‫التنصيص‪ ،‬حىت إذا متت اإلشارة للمرجع بطريقة سليمة‪.‬‬
‫‪ -8‬السرقة العلمية باستبدال الكلمات‪:‬‬
‫وهي اقتباس مجلة من أحد املصادر وتغيري بعض كلماهتا لتبدو مبتكرة‪،‬‬
‫ولتجنب ذالك جيب احلرص على وضع أي اقتباس ‪-‬مهما كان حجمه ‪-‬بني‬
‫عامليت تنصيص‪ ،‬وذكر اسم مؤلف الكتاب‪ ،‬أو املقالة املأخوذ منها‪ ،‬ويفضل أال مييل‬
‫الباحث لالقتباس إال إذا كان االقتباس ذا فائدة خاصة يف املسألة اليت حياول‬
‫طرحها‪ ،‬وال بد أن نشري هنا إىل أن بعض حاالت االقتباس تستدعي إعادة‬

‫‪- 890 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫صياغة الكالم املقتبس‪ ،‬لكن ذالك ال مينع ذكر املصادر األصلية املقتبس منها‪ ،‬مع‬
‫اإلشارة إىل تغيري الصياغة‪.‬‬
‫‪ -9‬السرقة العلمية لألسلوب‪:‬‬
‫املقصود هبا إتباع نفس طريقة كتابة املقالة األصلية مجلة جبملة‬
‫ومقطعا مبقطع‪ ،‬فهذه سرقة علمية‪ ،‬مع أن املكتوب ال يتطابق مع الوارد يف النص‬
‫األصلي‪ ،‬وال مع طريقة ترتيبه‪ ،‬هي سرقة للتفكري املنطقي الذي اتبعه املؤلف‬
‫األصلي يف هندسة عمله‪.‬‬
‫‪ -0‬السرقة العلمية باستخدام االستعارة‪:‬‬
‫تستخدم االستعارة إما لزيادة وضوح الفكرة‪ ،‬أو لتقدمي شرح يلمس حس‬
‫القارئ ومشاعره بطريقة أفضل من الوصف الصريح املباشر للعنصر أو العملية‪،‬‬
‫لذا فاالستعارة وسيلة من الوسائل املهمة اليت يعتمد عليها املؤلف يف توصيل‬
‫فكرته‪ ،‬وحيق له إذا مل يستطع صياغة استعارة خاص هبه اقتباس االستعارات‬
‫الواردة يف كتابات اآلخرين شريطة رد مرجعيتها ألصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ -0‬السرقة العلمية لألفكار‪:‬‬
‫يف حال االستعانة بفكرة أبدعها باحث ما أو مقترح قدمه حلل مشكلة ما‬
‫جيب نسبتهما له بوضوح‪ ،‬وال جيب اخللط هنا بني األفكار واملفاهيم اخلاصة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وبني مسلمات املعرفة اليت ال حيتاج الباحث إىل نسبتها ألي أحد‪.‬‬
‫‪ -2‬استخدام براهين أو أساليب منطقية دون توثيق مصدرها‪:‬‬
‫استخدام الرسوم‪ ،‬واألشكال التوضيحية‪ ،‬واخلرائط واإلحصاءات‪،‬‬
‫والصور‪ ،‬وغريها دون توثيقها التوثيق الكامل‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫هيفاء مشعل احلريب وميساء النمشي احلريب‪" ،‬برجميات كشف السرقة العلمية دراسة‬
‫وصفيه حتليلية"‪ .‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬قسم املعلومات ومصادر التعلم‪ ،‬إشراف‪:‬‬
‫الدكتورة بدوية البسيوين‪ .)8100/8100( .‬ص ص ‪.00-09‬‬

‫‪- 892 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -2‬ترجمة أحد األعمال من لغة إلى أخرى‪:‬‬


‫وهذا دون اإلشارة الكاملة والصحيحة إىل املصدر(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬إعادة صياغة أو تلخيص معلومات من مصدر دون اعتراف صريح‪:‬‬
‫بذالك وإعادة كتابة مقطع ما دون جعله خمتلفا بدرجة كافية عن املقطع‬
‫األصلي‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم ميكن القول بأن السرقة العلمية أو االنتحال أو السطو‬
‫هي مبثابة انتهاك ألخالقيات البحث العلمي واختراق حلقوق امللكية الفكرية‪ ،‬من‬
‫خالل سرقة عمل أو أفكار أو دراسات أو حبوث أو براءات اختراع ألشخاص‬
‫آخرين‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬أشكال السرقات العلمية المذكورة في القرار رقم ‪:399‬‬
‫تتحدد أشكال السرقة العلمية طبقا للمادة ‪ 9‬من القرار الوزاري رقم ‪399‬‬
‫فيما يأيت‪:‬‬
‫‪ .0‬اقتباس كلي أو جزئي ألفكار أو معلومات أو نص أو فقرة أو مقطع من مقال‬
‫منشور أو من كتب أو جمالت أو دراسات أو تقارير أو من مواقع الكترونية أو‬
‫إعادة صياغتها دون ذكر ملصدرها وألصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ .8‬اقتباس مقاطع من وثيقة دون وضعها بني شالتني ودون ذكر‬
‫مصدرها وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ .9‬استعمال معطيات خاصة دون حتديد مصدرها وأصحاهبا األصليني‪.‬‬
‫‪ .0‬استعمال براهني أو استدالل معني دون ذكر مصدره وأصحابه األصليني‪.‬‬
‫‪.0‬استعمال إنتاج فين معني أو إدراج خرائط أو صور أو منحنيات بيانية أو‬
‫جداول إحصائية أو خمططات يف نص أو مقال دون اإلشارة إىل مصدرها‬
‫وأصحاهبا األصليني‪.‬‬

‫(‪ )1‬عمادة التقومي واجلودة (‪ ،)8109‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪- 892 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪.2‬الترمجة من إحدى اللغات إىل اللغة اليت يستعملها الطالب أو األستاذ الباحث‬
‫أو األستاذ أالستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم بصفة كلية أو جزئية دون‬
‫ذكر املترجم واملصدر‪.‬‬
‫‪.2‬نشر نص أو مقال أو مطبوعة أو تقرير أجنز من طرف هيئة أو مؤسسة‬
‫واعتباره عمال شخصيا‪.‬‬
‫‪ .2‬قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو الباحث‬
‫الدائم أو أي شخص أخر بإدراج إمسه يف حبث أو أي عمل علمي دون املشاركة يف‬
‫أعداده‪.‬‬
‫‪.3‬قيام الباحث الرئيسي بإدراج إسم باحث آخر مل يشارك يف إجناز العمل بإذنه‬
‫أو دون إذنه بغرض املساعدة على نشر العمل استنادا لسمعته العلمية‪.‬‬
‫‪.01‬استعمال األستاذ الباحث أو األستاذ االستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم‬
‫أو أي شخص آخر أعمال الطلبة ومذكراهتم كمداخالت يف امللتقيات الوطنية‬
‫والدولية أو لنشر مقاالت علمية باجملالت والدوريات‪.‬‬
‫‪.00‬إدراج أمساء خرباء وحمكمني كأعضاء يف اللجان العلمية للملتقيات الوطنية‬
‫أو الدولية أو يف اجملالت والدوريات من أجل كسب املصداقية دون علم وموافقة‬
‫وتعهد كتايب من قبل أصحاهبا أو دون مشاركتهم الفعلية يف أعماهلم‪.‬‬
‫قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو الباحث‬ ‫‪.08‬‬
‫الدائم أو أي شخص آخر بتكليف الطلبة أو أطراف أخرى باجناز أعمال علمية‬
‫من أجل تبنيها يف مشروع حبث أو اجناز كتاب علمي أو مطبوعة بيداغوجية أو‬
‫تقرير علمي (‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر‪ :‬القرار الوزاري رقم ‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 81‬جويلية ‪ 8102‬حيدد القواعد املتعلقة‬
‫بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها‪.‬‬

‫‪- 892 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬واقع السرقة العلمية في الجامعة الجزائرية‬


‫تعاين مؤسسات التعليم العايل اجلزائرية من توسع دائرة السرقة العلمية‬
‫واليت أخذت منحى خطري يف السنوات األخرية مست بذلك الكثري من املؤسسات‬
‫اجلامعية‪ ،‬وهو ما دفع بوزارة التعليم العايل والبحث العلمي إىل التحرك على‬
‫أكثر من صعيد حملاربة هذه الظاهرة‪ ،‬وإلبراز حجم املشكلة اليت انتشرت يف‬
‫اجلامعات اجلزائرية ميكن ذكر بعض الوقائع وذلك على سبيل املثال ال احلصر‪:‬‬
‫ومن بني أبرز الوقائع اليت سلطت عليها وسائل اإلعالم الضوء يف ما‬
‫يتعلق بالسرقات العلمية تلك اليت كان أصحاهبا أساتذة جامعيون بدرجة‬
‫الدكتوراه‪ ،‬ومن بينها السرقة العلمية اليت كشف عنها اخلبري االقتصادي "فارس‬
‫مسدور" واليت قام هبا أستاذ حماضر من كلية االقتصاد وعلوم التسيري جبامعة‬
‫سعد دحلب بالبليدة‪ ،‬وذلك خالل إعداده ألطروحة الدكتوراه‪ ،‬وقضية أخرى‬
‫كشف عنها الربوفيسور "جون نوال دارد" وهو أستاذ حماضر جبامعة باريس‪ ،‬أين‬
‫أكد هذا األخري بأن أستاذ جبامعة وهران قام بسرقة رسالة دكتوراه من اجلزائر‬
‫وناقشها يف جامعة ليون بالتواطؤ مع أساتذة فرنسيني ووزير اخلارجية السابق‬
‫الذي كان من بني األساتذة املشرفني على املذكرة‪.0‬‬
‫ويف جامعة خنشلة شرق اجلزائر واليت اهتزت على وقع فضيحة‬
‫أخالقية لسرقة علمية متثلت يف نشر مقاالت مسروقة من مواقع إلكترونية‬
‫وجمالت عربية يف جملة "الربهان"‪ ،‬واليت تشرف عليها عميدة كلية العلوم‬
‫‪0‬‬
‫االجتماعية اليت تواطأت مع زوجها يف هذه القضية‪.‬‬
‫والتحقيق يف سرقة علمية جبامعة بشار من طرف عميد كلية احلقوق‪،‬‬
‫من خالل قيامه بسرقة أعمال أكادميية لباحثني آخرين ونشرها يف جمالت‬
‫بامسه دون ذكر أصحاهبا‪ ،‬حيث مت اهتامه بسرقة سبعة أعمال كاملة مسحت له‬
‫‪2‬‬
‫مبناقشة أطروحته وتويل منصب عمادة كلية احلقوق باجلامعة‪.‬‬
‫وقيام اجمللس العلمي لكلية احلقوق والعلوم السياسية بعد تقدمي تقرير‬
‫سليب من األساتذة املعنيني باملناقشة جبامعة وهران ‪ 8‬نتج عنه إلغاء أطروحيت‬

‫‪- 893 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫دكتوراه وأخرى ماجستري حبجة أهنا منقولة عن أعمال أخرى‪ ،‬وإقصاء أصحاهبا‬
‫‪2‬‬
‫من التسجيل يف طور ما بعد التدرج وإحالتهم على اجمللس التأدييب للجامعة‪.‬‬
‫والسرقة اليت شهدهتا جامعة اجلزائر‪ -0-‬واليت مفادها تعرض وزير‬
‫اخلارجية املغريب السابق "سعد الدين العثماين" لسرقة أدبية كان صاحبها‬
‫أستاذ جبامعة الشلف‪ ،‬والذي قام بنسخ كتاب للوزير واملعنون ب‪" :‬تصرفات‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم باإلمامة"‪ ،‬حيث قام بنشرها يف جملة اجلامعة دون‬
‫ذكر صاحب الكتاب‪ ،‬وهو ما يظهر يف االعتذار الذي قدمته جامعة اجلزائر‪-0-‬‬
‫املبني يف األسفل‪.‬‬

‫‪- 801 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إن كل احلقائق اليت مت عرضها من حاالت مثبوتة للسرقة العلمية يف‬


‫اجلامعات اجلزائرية قليل جدا مقارنة مبا مل يتم كشفه حلد اآلن‪ ،‬وهو ما يفند‬
‫تصريح وزير التعليم العايل والبحث العلمي بأن حاالت السرقة العلمية حمدودة‬
‫وقليلة جدا‪ ،‬غري أنه ال ميكن تعميم الظاهرة على مجيع األساتذة والطلبة يف‬
‫خمتلف أقسام وكليات وجامعات الوطن يف ظل وجود أطراف صاحبة ضمري‬
‫أخالقي وعلمي‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬آليات الوقاية من السرقة‬
‫العلمية على ضوء أحكام في القرار رقم ‪399‬‬
‫سنحاول يف هذا احملور التعرض آلليات الوقاية من السرقة العلمية‬
‫الواردة يف القرار رقم ‪ 399‬احملدد للقواعد املتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية‬
‫ومكافحته‪ ،‬مث إىل برجميات الكشف عن السرقة كآلية للوقاية من السرقة‬
‫العلمية ومتهيدا ملكافحتها‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إجراءات الوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها‬
‫بموجب القرار الوزاري رقم ‪399‬‬
‫بالنظر إىل القوانني اجلزائرية‪ ،‬جند أهنا مل جترم السرقة العلمية‪ ،‬إذ مل‬
‫يصدر نص خاص جيرم هذه النصوص‪ ،‬واقتصرت بوادر االهتمام بالسرقة‬
‫العلمية على اجلانب اإلداري والتأدييب واإلحالة على نصوص قانون محاية‬
‫املؤلف رقم ‪ ،10/19‬حيث كانت تدرج السرقة العلمية ضمن حاالت املساس‬
‫باحلقوق املعنوية للمؤلف‪ ،‬ويف هذه احلالة فقد أكدت املادة ‪ 80‬من األمر ‪10-19‬‬
‫املتعلق حبق املؤلف مسمى "حق األبوة" أنّه من بني احلقوق املعنوية املقررة‬
‫للمؤلف على مصنفه‪ ،‬حقه يف احترام سالمته واالعتراض على أي تعديل أو‬
‫تشويه يدخل عليه‪ ،‬خاصةً إذا كان هذا التعديل يضر مبصلحته أو شرفه أو‬
‫مسعته‪.‬‬
‫كما نصت املواد من ‪ 08‬إىل ‪ 09‬من ذات القانون على األفعال اليت تعترب‬
‫من قبيل األعمال املشروعة يف إطار استغالل املصنفات من ذلك االستنساخ‬

‫‪- 800 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫والترمجة واالقتباس والتحوير‪ ،‬واعتربت أن أي استنساخ أو استغالل للمصنف‬


‫خارج هذه احلاالت يشكل تقليد‪ ،‬ويعاقب صاحبه باحلبس والغرامة املالية طبقا‬
‫ملا حددته املواد من ‪ 000‬إىل ‪ 009‬من ذات القانون‪.‬‬
‫من بني النصوص اليت تطرقت بشكل مباشر هلذه الظاهرة يف املنظومة‬
‫القانونية اجلزائرية‪ ،‬القانون األساسي اخلاص باألستاذ الباحث الدائم‪ ،‬حيث‬
‫نص صراحةً يف املادة ‪ 90‬على جترمي كل أعمال الغش واالنتحال والتزوير يف‬
‫املنشورات واألعمال البحثية ورسائل الدكتوراه(‪ ،)1‬وصنفها ضمن قائمة األخطاء‬
‫املهنية من الدرجة الرابعة‪ ،‬وهي أخطاء قد ينجر عليها إمّا التسريح أو التزنيل‬
‫(‪)2‬‬
‫للرتبة السفلى طبقاً لقانون الوظيفة العمومية‪.‬‬
‫إىل أن صدر القرار الوزاري رقم ‪ 399‬بتاريخ ‪ 82‬جويلية ‪ 8102‬عن وزير‬
‫التعليم العايل والبحث العلمي والذي تضمن آليات مكافحة السرقة العلمية من‬
‫خالل اإلجراءات اليت تتخذ عند اإلخطار بالسرقة العلمية وكذا العقوبات‬
‫املقررة هلا‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التدابير الوقائية ورقابية للحد من السرقة العلمية‪.‬‬
‫حىت يكون البحث العلمي أكثر مصداقية وذا قيمة علمية أكادميية‪ ،‬فإنه‬
‫يستوجب على الباحث إتباع تقنيات منهجية متكنه من جتنب الوقوع يف فخ‬
‫السرقة العلمية‪ ،‬ولضمان ذلك وضع القرار الوزاري رقم ‪ 399‬التدابري التالية‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬تدابير التوعية والتحسيس‪:‬‬
‫إن السرقة العلمية متس وقبل كل شيء بأخالقيات البحث العلمي‬
‫وبالتايل فالوقاية منها تبدأ أوال بالتحسيس والتوعية خاصة يف البيئة‬
‫اجلامعية‪ ،‬وذلك بالعديد من الطرق من بينها الواردة يف الفرع األول بعنوان‬

‫(‪ )1‬أنظر‪ :‬د‪ .‬طـه عيسـاين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.092‬‬


‫(‪)2‬‬
‫أنظر‪ :‬القرار الوزاري رقم ‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 81‬جويلية ‪ 8102‬حيدد القواعد املتعلقة‬
‫بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها‪.‬‬

‫‪- 808 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تدابري التحسيس والتوعية من الفصل الثالث الذي بعنوان تدابري الوقاية من‬
‫(‪)1‬‬
‫ولقد وضع املشرع اجلزائري وفقا للقرار الوزاري رقم‪399‬‬ ‫السرقة العلمية‪،‬‬
‫بتاريخ ‪ 82‬جويلية ‪ ،8102‬وحسب مواده من ‪ 10‬إىل ‪ 00‬آليات وأساليب ملكافحة‬
‫السرقة العلمية والوقاية منها‪ ،‬وخاصة بعد انتشارها بني أوساط الطلبة‬
‫اجلامعيني واألساتذة الباحثني‪ ،‬وتتمثل هذه األخرية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -0‬التحسيس والتوعية بخطورة الظاهرة‪:‬‬
‫نصت عليه املادة ‪ 10‬من القرار الوزاري رقم ‪ 399‬الصادر بتاريخ ‪82‬‬
‫جويلية ‪ ،8102‬وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬تنظيم دورات تدريبية لفائدة الطلبة واألساتذة والباحثني حول قواعد‬
‫البحث العلمي وكيفية‪.‬‬
‫‪‬جتنب السرقات العلمية وإعداد أدلّة إعالمية تدعيمية لذلك‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم ندوات وأيام دراسية لفائدة الطلبة واألساتذة الذين حيضرون‬
‫أطروحات الدكتوراه‪.‬‬
‫‪ ‬إدراج مقياس أخالقيات البحث العلمي والتوثيق يف كل أطوار التكوين العايل‪.‬‬
‫‪ ‬إدراج عبارة التعهد بااللتزام بالزناهة العلمية والتأكيد على اإلجراءات‬
‫القانونية يف حالة ثبوت السرقة العلمية‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم دورات تدريبية لفائدة الطلبة واألساتذة الباحثني والباحثني‬
‫الدائمني حول قواعد التوثيق العلمي وكيفية جتنب السرقات العلمية‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم ندوات وأيام دراسية لفائدة الطلبة واألساتذة الباحثني والباحثني‬
‫الدائمني الذين حيضرون أطروحات الدكتوراه‪.‬‬
‫‪ ‬إدراج مقياس أخالقيات البحث العلمي والتوثيق يف كل أطوار التكوين العايل‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد أدلة إعالمية تدعيميه حول مناهج التوثيق وجتنب السرقات العلمية‬
‫يف البحث العلمي‪.‬‬

‫(‪ )1‬املادة ‪ 0‬من القرار الوزاري رقم ‪ 399‬املؤرخ بتاريخ ‪ 82‬جويلية ‪.8102‬‬

‫‪- 809 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ‬إدراج عبارة التعهد بااللتزام بالزناهة العلمية والتذكري باإلجراءات‬


‫القانونية يف حالة ثبوت السرقة العلمية يف بطاقة الطالب وطيلة مساره‬
‫اجلامعي(‪.)1‬‬
‫‪ -8‬تنظيم نشاطات البحث العلمي وتنظيم تأطير الدكتوراه‪:‬‬
‫من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬مراعاة قدرات التأطري واإلشراف على املذكرات واألطروحات‪.‬‬
‫‪ ‬احترام ختصص كل أستاذ باحث‪.‬‬
‫‪ ‬اختيار مواضيع املذكرات واألطروحات وفقا لقاعدة بيانات خمتصة لعدم‬
‫تناول مواضيع سبق دراستها‪.‬‬
‫‪ -9‬تأسيس قاعدة بيانات بكل مؤسسة جامعية تضم كل األعمال‬
‫المنجزة‪:‬‬
‫من طرف الطلبة واألساتذة الباحثني‪ ،‬وشراء أجهزة مراقبة وكشف‬
‫السرقة العلمية مبختلف اللغات‪.‬‬
‫‪ -0‬تنصيب لجنة مختصة بأخالقيات البحث العلمي‪:‬‬
‫تسمى بـ" جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية" متكونة من ‪ 01‬أعضاء‬
‫مكلفون بالتحقيق يف الدراسات املنجزة والكشف عن السرقة العلمية‪ ،‬وتقييم‬
‫مدى التزام الباحثون بأخالقيات البحث العلمي(‪.)2‬‬
‫‪ -0‬تنظيم تأطير التكوين في الدكتوراه ونشاطات البحث‪:‬‬
‫تنص املادتني ‪ 0‬و‪ 0‬من القرار الوزاري ‪ 399‬احملدد للقواعد املتعلقة‬
‫بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحته على جمموعة من القواعد التنظيمية‬
‫اليت تتوهلا اجملالس العلمية‪ ،‬جمموعة من التدابري التحسيسية والتوعوية من‬
‫خالل جمموعة اخلطوات اليت تلتزم هبا مؤسسات التعليم العايل والبحث العلمي‬

‫(‪ )1‬أنظر‪ :‬املادة ‪ 10‬من القرار الوزاري رقم ‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 82‬جويلية ‪.8102‬‬
‫(‪ )2‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 800 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واملتمثلة يف تنظيم الدورات التدريبية لفائدة الطلبة واألساتذة الباحثني‬


‫والباحثني الدائمني حول قواعد التوثيق العلمي وكيفية جتنب السرقات العلمية‬
‫والسيما القوانني املتعلقة بأحكام تنظيمية متعلقة بالطلبة الباحثني الذين‬
‫حيضرون لشهادة الدكتوراه‪ ،‬إذ من بينها حتديد عدد مذكرات املاستر وأطروحات‬
‫الدكتوراه اليت ميكن اإلشراف عليها‪ ،‬وبذلك ميكن للمشرف من متابعة تلك‬
‫األطروحات واملذكرات بشكل دقيق ومعمق‪ ،‬مما يردع الباحث من القيام بالسرقة‬
‫العلمية‪.‬‬
‫كما يتم تشكيل جلان املناقشة واخلربة العلمية من بني الكفاءات املختصة‬
‫يف ميداهنا‪ ،‬وكذا إلزام الطالب واألستاذ الباحث بتقدمي تقرير سنوي عن حالة‬
‫تقدم أعمال البحث أمام اهليئات العلمية من أجل املتابعة والتقييم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬تدابير الرقابة للوقاية من السرقة العلمية‪:‬‬
‫نصت املادة ‪ 2‬من القرار ‪ 399‬على جمموعة من تدابري الرقابة واليت متثل‬
‫وسيلة للوقاية من السرقة العلمية وكذا كوسيلة ردع للباحث ومن بينها‪:‬‬
‫‪ ‬تأسيس قاعدة بيانات لألعمال املنجزة من قبل الطلبة والباحثني تتضمن‬
‫مذكرات التخرج واملاستر وكذا أطروحات الدكتوراه وغريها من األعمال العلمية‪.‬‬
‫‪ ‬تأسيس قاعدة بيانات رقمية‪ ،‬لدى كل مؤسسات التعليم العايل ومؤسسات‬
‫البحث‪ ،‬لكل األساتذة بكل ختصصاهتم وسريهم الذاتية‪ ،‬وجماالت اهتمامهم‬
‫لالستعانة خبربهتم‪.‬‬
‫‪ ‬شراء حقوق استعمال برجميات كاشفة للسرقة العلمية‪ ،‬وهي برجميات‬
‫متوفرة على شبكة االنترنت تكون جمانية أو مبقابل تعمل على كشف ومضاهاة‬
‫النصوص‪ ،‬وذلك الكتشاف االنتحال أو السرقة العلمية (‪ ،)1‬أو استعمال‬
‫الربجميات اجملانية يف شبكة االنترنت‪ .‬أو إنشاء مربمج معلومايت جزائري كاشف‬
‫للسرقة العلمية‪.‬‬

‫(‪ )1‬هيفاء مشعل احلريب وميساء النشمي احلريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬

‫‪- 800 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وباعتبار أن هذه الربجميات تعتمد على قواعد بيانات باملصدر‪ ،‬جند أهنا‬
‫تعاين من نقطيت ضعف ومها(‪:)1‬‬
‫األوىل‪ :‬أن إعادة صياغة بعض اجلمل وإعادة ترتيبها من شأنه أن يؤدي‬
‫إىل عدم دقة عملية املضاهاة وبالتايل إخفاق الربنامج‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬اعتماد هذه الربجميات على مضاهاة النصوص باملصادر املوجودة‬
‫بقاعدة بياناهتا‪ ،‬جيعل من املستحيل مضاهاة نص مت انتحاله من مصدر غري‬
‫موجود يف قاعدة البيانات‪.‬‬
‫وكإجراء أخري نصت عليه املادة ‪ 12‬من القرار الوزاري رقم ‪ 399‬على أن‬
‫يتم إمضاء التزام بالزناهة العلمية من طرف كل طالب أو أستاذ باحث‪ ....‬يودع‬
‫لدى املصاحل اإلدارية عند تسجيله ملوضوع البحث وفق النموذج امللحق هبذا‬
‫القرار(‪.)2‬‬
‫كما حث املؤسسات التعليمية على إحداث جملس آداب وأخالقيات املهنة‬
‫اجلامعية وحدد تشكيلته ووضح مهامه وطريقة عمله وإخطاره حبدوث سرقات‬
‫علمية(‪.)3‬‬
‫وهبذا حتمل كل من املادتني ‪ 2‬و‪ 2‬من القرار الوزاري ‪ 399‬جمموعة‬
‫التدابري الرقابية اليت تلزم مؤسسات التعليم العايل والبحث العلمي بإنشاء‬
‫قاعدة بيانات لكل األعمال املنجزة من قبل الطلبة واألساتذة الباحثني‬
‫واألساتذة الباحثني اإلستشفائيني اجلامعيني والباحثني الدائمني‪ ،‬ويشمل‬
‫مذكرات التخرج وتقارير التربص وكذا مشاريع البحث‪ ،‬وهذا إضافة إىل‬
‫توصيات الوزارة املعنية للمؤسسات التابعة هلا لالستفادة من التطور التكنولوجي‬
‫واستعمال املربجمات املعلوماتية الكاشفة عن السرقات العلمية‪ ،‬كما تضيف‬

‫(‪ )1‬طه عيساين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.002‬‬


‫(‪ )2‬أنظر‪ :‬املادة ‪ 12‬و‪ 12‬من القرار الوزاري رقم ‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 82‬جويلية ‪.8102‬‬
‫(‪ )3‬صربينة سليماين‪ ،‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪- 802 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الوزارة الوصية من خالل هذا القرار إلزام الطلبة واألساتذة الباحثني التابعني‬
‫هلا بإمضاء تعهد يوضح التزامهم بالزناهة العلمية يودع لدى املصاحل اإلدارية‬
‫املختصة لوحدة التعليم والبحث‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التدابير الردعية‬
‫وذلك من خالل طريقني‪ :‬األول‪ ،‬وهو ما يتمثـل وفقا ألنظمتها اإلدارية‬
‫اخلاصة باألمانة العلمية وقواعـد البحـث العلمـي باحلماية اليت توفرها‬
‫اجلامعات واألكادميي‪ .‬أما الطريق الثاين‪ ،‬فيتمثل باحلمايـة القانونية حلق‬
‫املؤلف جبميع األشكال املتاحة‪ ،‬ابتداء من احلماية اإلجرائية‪ ،‬مرورا باحلماية‬
‫املدنية‪ ،‬وانتهـاء باحلماية اجلزائية‪.‬‬
‫تنص كل من املواد ‪ 92/ 92/ 90‬و‪ 92‬جمموعة اإلجراءات والتدابري‬
‫العقابية اليت تتخذ بصفة صارمة جتاه كل الطلبة واألساتذة الباحثني‬
‫واألساتذة الباحثني اإلستشفائيني اجلامعيني والباحثني الدائمني والذين ثبت من‬
‫خالل جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية أهنم قاموا بعملية السرقة‬
‫العلمية كما هو موضح يف تعريفها حسب املادة ‪ 9‬من القرار ‪ 399‬بتاريخ ‪82‬‬
‫جويلية ‪ ،8102‬ويعرضون إىل إبطال املناقشة وسحب اللقب احلائزون عليه يف‬
‫مجيع األعمال البيداغوجية اللذين قاموا هبا السيما مذكرات التخرج يف‬
‫الليسانس واملاستر واملاجستري والدكتوراه وكذا أعمال التأهيل اجلامعي‬
‫واملنشورات العلمية‪ ،‬وهذا عالوة على متكني كل املتضررين من السرقات العلمية‬
‫اللجوء إىل التحكيم ومقاضاة من يقومون بسرقة أعماهلم‪.‬‬
‫أوال‪ -‬إجراءات النظر في اإلخطار بالسرقة العلمية‪:‬‬
‫لقد ميز القرار ‪ 399‬بني إجراءات املتبعة يف حالة اإلخطار بالسرقة‬
‫العلمية بني اإلجراءات اليت تكون يف حق الطالب وبني اإلجراءات اليت تكون يف‬
‫حق األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث االستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم‪.‬‬
‫‪ -0‬اإلجراءات الخاصة بالطالب‪:‬‬
‫نصت عليها املواد من ‪ 02‬إىل ‪ 80‬من القرار ‪ 399‬وهي‪:‬‬

‫‪- 802 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ‬يبلغ اإلخطار بوقوع السرقة العلمية بتقرير كتايب مفصل مرفق بالوثائق‬
‫واألدلة املادية إىل مسؤول وحدة التعليم والبحث والذي بدوره حييله إىل‬
‫جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية من أجل إجراء التحريات الالزمة(‪.)1‬‬
‫‪ ‬يقدم جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية تقريره النهائي ملسؤول وحدة‬
‫التعلم والبحث يف أجل ال يتعدى ‪ 00‬يوما من تاريخ إخطاره‪ ،‬وعند ثبوت السرقة‬
‫(‪)2‬‬
‫العلمية حيال الطالب إىل جملس التأديب‪.‬‬
‫‪ ‬جيتمع جملس التأديب للفصل يف الوقائع املعروضة عليه‪ ،‬ويتم مساع الطالب‬
‫املتهم لتقدمي دفوعه‪.‬‬
‫‪ ‬ويف األخري يفصل جملس التأديب يف الوقائع املنسوبة للطالب خالل اآلجال‬
‫احملددة يف التنظيم ومن حق الطالب الطعن يف القرار الذي يتخذه اجمللس‪.‬‬
‫‪ -8‬اإلجراءات الخاصة باألستاذ الباحث واألستاذ الباحث االستشفائي‬
‫الجامعي والباحث الدائم‪:‬‬
‫وهي اإلجراءات اليت جاءت يف املواد من ‪ 82‬إىل ‪ 90‬الواردة يف القرار‬
‫رقم ‪399‬‬
‫‪ ‬إذ أنه بعد تقرير جملس آداب وأخالقيات املهنة اجلامعية املؤسسة تأكيد‬
‫وقوع السرقة العلمية يتوىل مدير املؤسسة إخطار اللجنة اإلدارية املتساوية‬
‫األعضاء يف اآلجال احملددة‪.‬‬
‫‪ ‬حيق لألستاذ الباحث أو الباحث الدائم أن يبلغ كتابيا باألخطاء املنسوبة‬
‫إليه ويبلغ بتاريخ مثوله أمام اللجنة اإلدارية‪ ،‬وذلك يف أجل يف‪ 00‬يوما‬
‫ابتداء من تاريخ حتريك الدعوى التأديبية‪.‬‬

‫(‪ )1‬نصت عليها املواد ‪ 02‬و‪ 02‬من القرار الوزاري رقم ‪ 399‬املؤرخ بتاريخ ‪ 82‬جويلية ‪.8102‬‬
‫(‪ )2‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 090-12‬املؤرخ يف ‪ 9‬مايو ‪ 8112‬املتضمن القانون األساسي اخلاص‬
‫بالباحث الدائم‪.‬‬

‫‪- 802 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ ‬ميكن لألستاذ الباحث أو الباحث لدائم تقدمي مالحظاته كتابة أو شفاهة‬


‫وحيق له االستعانة مبدافع خيتاره‪.‬‬
‫‪ ‬يتعني تبليغ املعين بالعقوبات التأديبية يف أجل ال يتعدى ‪ 2‬أيام ابتداء من‬
‫تاريخ اختاذ القرار‪.‬‬
‫‪ ‬وحيق للمعين الطعن يف القرار أمام جلنة الطعن املختصة وفق اآلجال‬
‫والشروط املنصوص عليها يف التشريع الساري املفعول‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬العقوبات وفقا للقرار الوزاري رقم ‪:399‬‬
‫حتدد املادة ‪ 90‬من القرار الوزاري رقم ‪ ،399‬العقوبات اليت يتعرض هلا‬
‫الطالب الذي أثبتت األدلة املادية الثبوتية إرتكابه سرقة علمية مبوجب املادة‬
‫‪ 9‬أعاله واليت هلا صلة باألعمال العلمية والبيداغوجية املطالب هبا يف مذكرات‬
‫التخرج يف كل املراحل التعليمية قبل أو بعد مناقشتها يعرض صاحبها إىل‬
‫إبطال املناقشة وسحب اللقب احلائز عليه‪.‬‬
‫ويتعرض إىل نفس العقاب مبوجب املادة ‪ 92‬األستاذ الباحث أو األستاذ‬
‫االستشفائي اجلامعي أو الباحث الدائم يف كل التصرفات اليت هلا صلة باألعمال‬
‫العلمية والبيداغوجية املطالب هبا يف املذكرات واألطروحات ومشاريع البحث‬
‫األخرى واملثبتة قانونا أثناء أو بعد مناقشتها أو نشرها أو عرضها للتقييم‬
‫يعرض صاحبها إىل إبطال املناقشة وسحب اللقب احلائز إليه أو وقف نشر تلك‬
‫األعمال أو سحبها من النشر‪.‬‬
‫وتضيف املادة ‪ 92‬للجهات املتضررة احلق يف مقاضاة املرتكبني للسرقات‬
‫العلمية‪.‬‬
‫ويف النهاية نشري إىل أن القرار الوزاري رقم ‪ 399‬قد توسع بتدابري‬
‫الوقاية والرقابة من السرقة العلمية‪ ،‬واملتمثلة بالتحسيس والتوعية وتنظيم‬
‫التأطري والتكوين‪ ،‬واحلث على تأسيس قاعدة بيانات لكل األعمال املنجزة السيما‬
‫رقميا واستعمال برامج معلوماتية كاشفة للسرقات العلمية‪.‬‬

‫‪- 803 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كما نصت املادة ‪ 92‬من القرار نفسه على أن كل تصرف يشكل سرقة‬
‫مبفهوم املادة ‪ 19‬من هذا القرار ولو صلة باألعمال العلمية والبيداغوجية‬
‫املطالب هبا من طرف األستاذ الباحث‪ ،‬األستاذ الباحث أالستشفائي اجلامعي‬
‫والباحث الدائم يف النشاطات البيداغوجية والعلمية ويف مذكرات املاجستري‬
‫وأطروحات الدكتوراه ومشاريع البحث األخرى أو أعمال التأهيل اجلامعي أو أي‬
‫منشورات علمية أو بيداغوجية أخرى واملثبتة قانونا أثناء أو بعد مناقشتها أو‬
‫نشرها أو عرضها للتقييم يعرض صاحبها إىل إبطال املناقشة وسحب اللقب‬
‫احلائز عليه أو وقف نشر تلك األعمال أو سحبها من النشر قبل أو بعد مناقشتها‬
‫يعرض صاحبها إىل إبطال املناقشة وسحب اللقب احلائز عليه‪.‬‬
‫كما تشري املادة ‪ 92‬من القرار رقم ‪ 399‬أنه تتوقف مجيع املتابعات‬
‫التأديبية ضد كل شخص لعدم كفاية األدلة أو بسبب وقائع غري واردة يف نص‬
‫املادة ‪ 9‬من القرار‪.‬‬
‫وميكن القول أن القرار الوزاري رقم ‪ 399‬قد توسع بتدابري الوقاية‬
‫والرقابة من السرقة العلمية‪ ،‬واملتمثلة بالتحسيس والتوعية والتنظيم والتأطري‬
‫والتكوين‪ ،‬واحلث على تأسيس قاعدة بيانات لكل األعمال املنجزة ال سيما رقميا‬
‫واستعمال برامج معلوماتية كاشفة للسرقات العلمية‪.‬‬
‫كما حث املؤسسات التعليمية على إحداث جملس آداب وأخالقيات املهنة‬
‫اجلامعية وحدد تشكيلته ووضح مهامه وطريقة عمله وإخطاره حبدوث سرقات‬
‫علمية(‪.)1‬‬

‫)‪ (1‬املادة ‪ 90‬إىل املادة ‪ .92‬القرار رقم ‪ 399‬الصادر بتاريخ ‪ 82‬جويلية ‪.8102‬‬

‫‪- 801 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أساليب مواجهة السرقة العلمية وكيفية تجنب‬


‫الوقوع فيها‪:‬‬
‫ختتلف آليات وأساليب مواجهة السرقات العلمية ما بني التدابري‬
‫واإلجراءات القانونية اليت أقرهتا القوانني املنظمة حلقوق امللكية الفكرية‬
‫والقوانني املنظمة للجامعة والبحث العلمي‪ ،‬وكذا اآلليات التقنية والتكنولوجية‬
‫اليت تتم باالعتماد على التقنيات الرقمية‪ ،‬إضافة إىل اجلانب األخالقي املكرس‬
‫مبوجب العرف األكادميي واملواثيق اجلامعية واألخالق اجملتمعية املتعارف عليها‪،‬‬
‫وعليه سنستعرض فيما يلي ألساليب مواجهة السرقات العلمية‪:‬‬
‫‪ -0‬التوعية بدال من التعسف‪:‬‬
‫من املهم إعطاء الطالب فرصة للتصحيح‪ ،‬لذلك‪ ،‬وبعبارة أخرى ال ينبغي أن‬
‫يكون هناك استبعاد للطالب بعد ارتكابه للمخافة األوىل‪ ،‬ففي كثري من األحيان‬
‫ال يقصد الطالب عدم إتباع قواعد الزناهة األكادميية وخاصة عندما جيدون‬
‫شيء ما على اإلنترنت ويرون أنه سيكون فكرة عظيمة ملقال وقد ال يقومون بذكر‬
‫املصادر؛ وكثريا ما يكون ذلك بسبب أهنم ال يعرفون كيفية اختاذ األمور ووضعها‬
‫يف سياقها الصحيح واستخدامها بشكل مناسب يف عملهم‪ ،‬وكيفية دمج كل ذلك‪،‬‬

‫‪- 800 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لذا‪ ،‬فمن املهم أن يقوم املعلم من خالل الفصول االفتراضية بتقدمي جلسة أو‬
‫حماضرة يناقش فيها الزناهة األكادميية واالنتحال(‪.)1‬‬
‫‪ -8‬نظم إدارة التعلم ‪ LMS‬تعزز النزاهة األكاديمية‬
‫تساعد نظم إدارة التعلم ‪ LMS‬على حتقيق الزناهة األكادميية إىل حد ما‪،‬‬
‫حيث أن مطوري أنظمة ‪ LMS‬لديهم قائمة من األدوات املوجهة للمعلمني بغية‬
‫مساعدهتم على حتري أكرب قدر من الزناهة األكادميية‪ ،‬مثال‪:‬‬
‫‪ -9‬مسح النص ‪:Web text scanning‬‬
‫برنامج مسح النص ‪ web text scanning‬من املزايا املهمة ليت مت إضافتها‬
‫لنظم إدارة التعلم يف السنوات القليلة املاضية‪ ،‬ما حيدث هنا أن الطالب يقوم‬
‫بتحميل امللف الذي يعمل عليه ودعنا نقول أن امللف كان مقالة عن تاريخ املكتبات‬
‫املعاصرة يف هذه احلالة ومبجرد رفع امللف فسوف يقوم نظام ‪ LMS‬تلقائيا‬
‫بإخضاع امللف لربنامج املسح الضوئي‪ ،‬وستظهر النتائج مبا متكن املعلم من احلصول‬
‫على معلومات فورية حول النسبة املئوية من حجم النص الذي تعرض لعملية‬
‫النسخ واللصق من موقع على شبكة اإلنترنت‪ ،‬كما يوفر النظام روابط املواقع‬
‫اليت مت النسخ منها‪.‬‬
‫ميكن للمعلم الضغط على الرابط‪ ،‬وعرض املصدر‪ ،‬ومعرفة ما إذا كانت‬
‫الواقعة اليت أمامه هي حقا قضية انتحال‪ ،‬أم أن الطالب رمبا قام بنقل شيء من‬
‫هنا وشيء من هناك وأنه أشار بشكل صحيح إىل ذلك‪ ،‬لذلك يف النهاية األمر‬
‫يرجع للمعلم ذاته وهو من حيكم على العمل ومدى نزاهته‪ ،‬ولكن األهم يف‬
‫املوضوع هنا أن الطالب يكون على علم بأن املادة اليت رفعها سوف ختضع للمسح‬
‫وهذا بالطبع يعمل على تقليل عملية اخلداع والغش العلمي‪.‬‬

‫(‪ )1‬هيام حايك‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪- 808 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -0‬ميثاق الشرف التعليمي ‪: Honor Code Pledge‬‬


‫توفر نظم ‪ LMS‬مسة خاصية ميثاق الشرف ‪ ، Honor Code‬ويف حال عدم‬
‫توافر هذا البند يف بعض النظم‪ ،‬فمن السهل جدا وضعه‪ ،‬كما أن برامج ‪LMS‬‬
‫لديها خيار ميكن للمعلم ببساطة من تغيري اإلعدادات إلضافة بيان شرف والذي‬
‫غالبا ما ينص على التعهد بعدم تلقي املساعدة يف االختبار أو مساعدة اآلخرين‬
‫يف اجتياز االختبارات‪ .‬على سبيل املثال الطلبة الذين يتقدمون المتحانات‬
‫افتراضية يف دورات تابعة جلامعة فرجينيا سيجدون نص امليثاق التايل‪" :‬على‬
‫شريف كطالب‪ ،‬مل أُقدم ومل أتلقَ مساعدة يف هذه املهمة‪/‬االختبار‪ ".‬أما طلبة‬
‫جامعة ويسلييان فسيطالعهم هذا النص " أتعهد‪ :‬ال مساعدة؛ ال انتهاكات"‪.‬‬
‫هناك بعض املعلمني يف بيئات التعلم االفتراضي يضعون السؤال األول يف‬
‫االختبار على هيئة تعهد بعدم احلصول على مساعدة يف هذا االختبار وعدم‬
‫تقدمي املساعدة‪ ،‬وقد ميثل هذا من الردع إىل حد ما ورمبا يعزز فقط الزناهة‬
‫األكادميية‪.‬‬
‫من الغريب والشائع أن الكثري من الطلبة يقبلون امليثاق ويوقعون عليه دون‬
‫قراءته أو االلتزام به‪ ،‬حيث استرعى انتباهي أحد الطلبة يسأل يف أحد‬
‫منتديات النقاش عن أجوبة لبعض أسئلة االختبار!‬
‫‪ -0‬تأمين المتصفح‪:‬‬
‫برامج ‪ LMS‬اجلديدة لديها خاصية تأمني املتصفح‪ ،‬وهذه الربامج هي‬
‫األحدث‪ ،‬إال أهنا ال تعمل مع مجيع أنظمة املتصفح‪ .‬يتم تفعيل هذا خلاصية‬
‫مبجرد ضغط الطالب على بدء االمتحان وهذا جيرب الطالب على النظر إىل‬
‫شاشة واحدة وهي شاشة االختبار فقط‪ ،‬كما هناك العديد من امليزات اليت يتم‬
‫اختاذها للتأكد من نزاهة االختبارات‪ ،‬على سبيل املثال تعطيل بعض الوظائف يف‬
‫لوحة املفاتيح‪ ،‬حبيث يصبح الطالب غري قادر على نسخ ولصق أي جزء من‬
‫االختبار‪ ،‬كما يتم تعطيل وظيفة طباعة الشاشة اليت حتتوي على االختبار‪ ،‬كما‬
‫أن بعض النظم لديها من السياسات اليت ال تسمح للطالب بتحميل األشياء‪.‬‬

‫‪- 809 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -2‬دور األستاذ الجامعي‪:‬‬


‫إن تعليم حقوق اإلنسان فرصة لبث معاين الزناهة وحماربة الفساد (‪،)1‬‬
‫قام عدد من اجلامعات الغربية والعربية "بتأسيس مراكـز الزناهـة األكادمييـة‬
‫‪ ،Academic Integrity‬وذلك لتحسني اجلودة ولضمان عملية تعليمية نظيفة‬
‫تشمل الطلبـة واألكـادمييني واإلداريني‪ ،‬ولكن يبقى التركيز على األكادمييني يف‬
‫هذه املعادلة ألن الزناهة األكادمييـة تعتمد عليهم بشكل مباشر ألهنم وجهاً‬
‫لوجه مع الطلبة‪ ،‬وهـم الـذين يقومـون بعمليـة التدريس ووضع االمتحانات‬
‫والتصحيح والتقييم وما إىل ذلك من وظائف‪ .‬وقد مت حتديد مخس قيم رئيسة‬
‫مرتبطة بالزناهة األكادميية بالنسبة للهيئة األكادميية هي‪ :‬الزناهة‪ ،‬والثقة‪،‬‬
‫والعدالة‪،‬واملسؤولية واالحترام‪.‬‬
‫ومن هنا تقع على احملاضر اجلامعي مسؤوليات ومهام عدة واجبه فيها‬
‫فرض الزناهة األكادميية ومنها‪:‬‬
‫• التخلق بأخالق الزناهة فاملعلم قدوة حسنة‪.‬‬
‫•إشعار الطلبة باملعايري العاملية للسلوك السليم داخل اجلامعة‪.‬‬
‫• بيان أن الغش يف االمتحانات يؤذي الطلبة أنفسهم وأن سلوكنا جيب أن‬
‫يتجنب الغموض واخلداع‪.‬‬
‫• اختاذ خطوات لكشف الغش حىت يشعر الطلبة أن هناك متابعة وثيقة‪.‬‬
‫• استغالل الوقت الكايف يف بداية الفصل األكادميي لتوضيح أسس السلوك‬
‫احلسن والسلوك املطلوب‪.‬‬
‫• ضمان وصول الطلبة إىل املواد التعليمية ومتـابعتهم فـي كتابـة‬
‫الوظـائف واالمتحانات وأوراق العمل واألحباث‪.‬‬
‫• إدراك النقاط والعوامل الضاغطة على الطلبة وخباصة أصـحاب‬
‫املـستويات التعليمية املتدنية‪.‬‬

‫(‪ )1‬تقرير الفساد العاملي للتعليم‪ ،‬منظمة الشفافية الدولية‪ ،‬لعام ‪8109‬م‪.‬‬

‫‪- 800 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫• زرع الثقة بني الطلبة‪ ،‬وخلق احلوافز املختلفة" (‪.)1‬‬


‫‪ ‬التوعية بنظام كل إنسان خفري عليه أال يسكت عن الظلم والفساد‬
‫واإلدارة احلديثة تؤكد على مبدأ ‪ blowers whistle‬أي الذين يقومون بإطالق‬
‫صفارة التحذير مبجرد اكتشاف خرق للقانون؛ التبليغ عن الفساد‪.‬‬
‫‪ -2‬قوانين الملكية الفكرية كوسيلة ردع وحماية قانونية‪:‬‬
‫تعترب السرقات العلمية باختالف مضامينها وتعدد أساليب ارتكاهبا من‬
‫قبيل األفعال اجملرمة قانوناً نظراً النتهاكها حلق من حقوق اإلنسان الفكرية‬
‫وملكاته اإلبداعية‪ ،‬إالّ أنّ استفحاهلا وانتشارها بكثرة يف السنوات األخرية‬
‫يستدعي من مجيع فعاليات الوسط األكادميي البحث عن حلول وآليات حلماية‬
‫احلقوق الفكرية للباحثني وتكريس املمارسات األكادميية اليت تدعم الزناهة‬
‫األكادميية‪ .‬ولذلك جلأت العديد من الدول إىل تبين عدة تدابري قانونية‪ ،‬وذلك‬
‫عن طريق تعديل قوانني امللكية الفكرية لتستوعب جزئية السرقة الفكرية‬
‫واالنتحال‪ .‬يف حني ذهبت دول أخرى إىل استحداث قوانني خاصة باالنتحال أو‬
‫السرقة الفكرية‪ ،‬وذلك عن طريق إقرار ما يعرف "بالدليل االسترشادي أو‬
‫امليثاق األكادميي"؛ الذي يبني حقوق وواجبات ومسؤوليات كل منتسيب الوسط‬
‫األكادميي (طلبة‪ ،‬أساتذة‪ ،‬باحثني) وحيدد بدقة كل املمارسات املنافية للبحث‬
‫العلمي ويبني آليات مواجهتها والعقوبات املقررة هلا‪.‬‬
‫وكنظرة عامة عن القوانني اليت جترم السرقة الفكرية يف اجلزائر‪ ،‬فإنّ‬
‫املشرع اجلزائري لألسف مل يصدر أي قانون خاص جيرم السرقة العلمية بشكل‬
‫مباشر‪ ،‬حىت قوانني امللكية الفكرية اليت تعترب أقرب فروع القانون ختصصاً هبذا‬
‫النوع من اجلرائم مل تتناول صراحة جرمية السرقة العلمية أو االنتحال‬
‫بالرّغم من جترميها لكل أشكال االعتداء على املصنفات التقليدية واإللكترونية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أمين طالل يوسف‪ ،‬دور اجلامعات الفلسطينية يف تعزيز قيم الزناهة والشفافية واحلكم‬
‫الصاحل‪ :‬خارطة طريق‪( ،‬بدون تاريخ)‪ ،‬منشور على موقع مجعية الشفافية الكويتية‪:‬‬
‫‪http://www.transparency.org.kw.au-ti.org/upload/books/290.pdf‬‬

‫‪- 800 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫غري أنّه ميكن إدراج السرقة العلمية ضمن حاالت املساس باحلقوق املعنوية‬
‫للمؤلف؛ ويف هذه احلالة فقد أكدت املادة ‪ 80‬من األمر ‪ 10-19‬املتعلق حبق‬
‫املؤلف حتت مسمى "حق األبوة" أنّه من بني احلقوق املعنوية املقررة للمؤلف على‬
‫مصنفه‪ ،‬حقه يف احترام سالمته واالعتراض على أي تعديل أو تشويه يدخل‬
‫عليه‪ ،‬خاصةً إذا كان هذا التعديل يضر مبصلحته أو شرفه أو مسعته‪.1‬‬
‫كما نصت املواد من ‪ 08‬إىل ‪ 09‬من ذات القانون على األفعال اليت تعترب‬
‫من قبيل األعمال املشروعة يف إطار استغالل املصنفات من ذلك االستنساخ‬
‫والترمجة واالقتباس والتحوير‪ ،‬واعتربت أن أي استنساخ أو استغالل للمصنف‬
‫خارج هذه احلاالت يشكل تقليد‪ ،‬ويعاقب صاحبه باحلبس والغرامة املالية طبقا‬
‫ملا حددته املواد من ‪ 000‬إىل ‪ 009‬من ذات القانون(‪.)2‬‬
‫ومن بني النصوص القليلة الذي تطرقت بشكل مباشر هلذه الظاهرة يف‬
‫املنظومة القانونية اجلزائرية ولو بقليل من التفصيل نذكر القانون األساسي‬
‫اخلاص باألستاذ الباحث الدائم؛ حيث نص صراحةً يف املادة ‪ 90‬على جترمي كل‬
‫أعمال الغش واالنتحال والتزوير يف املنشورات واألعمال البحثية ورسائل‬
‫الدكتوراه وصنفها ضمن قائمة األخطاء املهنية من الدرجة الرابعة(‪ ،)3‬وهي‬

‫(‪ )1‬أنظر‪ :‬املادة ‪ 80‬من األمر ‪ 10-19‬املؤرخ يف‪ 8119/12/89:‬املتعلق حبقوق املؤلف واحلقوق‬
‫اجملاورة‪ ،‬اجلريدة الرمسية العدد ‪ ،00‬الصادرة يف ‪" :8119/12/89‬حيق للمؤلف اشتراط‬
‫احترام سالمة مصنفه واالعتراض على أي تعديل يدخل عليه أو تشويهه أو إفساده إذا كان‬
‫من شأنه املساس بسمعته كمؤلف أو بشرفه أو مبصاحله املشروعة‪”.‬‬
‫(‪ )2‬طـه عيسـاين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.092‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أنظر‪ :‬املادة ‪ 90‬من املرسوم التنفيذي ‪ 090-12‬املؤرخ يف ‪ 8112/10/19‬املتضمن القانون‬
‫األساسي اخلاص لألستاذ الباحث الدائم‪ ،‬اجلريدة الرمسية العدد ‪ ،89‬الصادرة يف‬
‫‪.8112/0/0‬على‪" :‬يعترب خطأ مهين من الدرجة الرابعة قيام األساتذة الباحثني الدائمني أو‬
‫مشاركتهم يف عمل ثابت لالنتحال وتزوير النتائج أو غش يف األعمال العلمية املطالب هبا يف‬
‫رسائل الدكتوراه أو يف أي منشور علمي"‪.‬‬

‫‪- 802 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أخطاء قد ينجر عليها إمّا التسريح أو التزنيل للرتبة السفلى طبقاً لقانون‬
‫الوظيفة العمومية (‪.)1‬‬
‫كما أصدرت وزارة التعليم العايل والبحث العلمي يف ديسمرب ‪ 8100‬أول‬
‫ميثاق جامعي لنظام الدكتوراه)‪ (LMD‬حتت مسمى "ميثاق األطروحة"؛ والذي‬
‫يعترب دليل مرجعي حيدد حقوق وواجبات كل من الطالب واألستاذ املشرف‬
‫واللّجنة اجلامعية وخمرب دعم التكوين‪ .‬وقد تضمن هذا امليثاق بعض املواد اليت‬
‫تؤكد على موضوع األمانة العلمية حيث ذكر حتت عنوان (السرية) ما يلي‪:‬‬
‫"ضرورة التزام طالب الدكتوراه باحترام أخالقيات البحث العلمي‪ ،‬السيما يف‬
‫جمال امللكية الفكرية للمصادر املستعملة (البيبلوغرافيا)"‪.‬‬
‫ويف جمال العقوبات نص هذا امليثاق حتت عنوان (املناقشة) على ما يلي‪:‬‬
‫"كل فعل تعلق بالسرقة العلمية أو تزوير للنتائج أو غش ذي صلة باألعمال‬
‫العلمية‪ ،‬مت التصريح به يف إطار األطروحة ومت إثباته أثناء أو بعد املناقشة‪،‬‬
‫يعرض املرشح إللغاء املناقشة أو إىل سحب الشهادة احملصل عليها‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫تطبيق العقوبات املنصوص عليها يف التشريع والتنظيم الساري املفعول ‪”.‬‬
‫‪ -2‬البرمجيات االلكترونية كآلية حماية تقنية‪:‬‬
‫بالرّغم من أمهية اإلجراءات القانونية يف مواجهة السرقات العلمية يف‬
‫الوسط األكادميي‪ ،‬إالّ أنّ فعاليتها تبدو ضئيلة مقارنة مع حجم ودرجة اتساع‬
‫هذه الظاهرة اليت ما فتأت تزداد انتشاراً يوماً بعد يوم بشكل أصبح يتهدد‬
‫احلقوق الفكرية لألساتذة والباحثني‪ ،‬ولعل السبب يف ذلك راجع بالدرجة‬
‫األوىل إىل كون أغلب القوانني املعتمدة يف مواجهة السرقة العلمية يف العديد من‬
‫الدول مل تعد تتالئم مع اآلليات التكنولوجية املستخدمة يف ارتكاهبا‪ ،‬واليت‬

‫(‪)1‬‬
‫أنظر‪ :‬املادة ‪ 029‬من األمر ‪ 19-12‬املؤرخ يف ‪ ،8112/12/00‬املتضمن القانون األساسي‬
‫العام للوظيفة العمومية‪ ،‬اجلريدة الرمسية العدد‪ ،02‬الصادرة يف ‪.8112/12/02‬‬

‫‪- 802 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تعتمد بشكل كبري على شبكة االنترنت‪ ،‬خاصةً وأنّ االنترنت معتمدة يف أغلب‬
‫جماالت البحث العلمي‪.‬‬
‫ومتاشياً مع االجتاهات احلديثة يف جمال البحث العلمي أدركت بعض‬
‫الدول أنّه من غري املمكن مواجهة السرقة العلمية بالطرق القانونية التقليدية‬
‫فقط‪ ،‬ألنّ التقنية عادة ما تتجاوز القوانني بأشواط كبرية‪ .‬ولذلك رتالبد جلأت‬
‫العديد من اجلامعات إىل اعتماد التدابري التكنولوجية والتقنية كوسيلة للحد‬
‫من عمليات السرقات العلمية واالنتحال خاصة تلك اليت تتم باستخدام شبكة‬
‫االنترنت أو بواسطتها‪ ،‬وهذا حىت تكون أساليب مواجهة السرقة العلمية‬
‫متوافقة مع األساليب املستخدمة يف ارتكاهبا‪ ،‬ألنّ الربجميات هي يف املقام األول‬
‫أدوات ملكافحة االنتحال‪ ،‬وليست فقط جمرد غاية لكشف حاالت االنتحال‪،‬‬
‫وميكن أن تشكل يف كثري من األحيان عامل ردع متنع األشخاص من الوقوع يف‬
‫االنتحال‪ ،‬ولذلك فمن املستحسن استعماهلا بكثرة يف األوساط اجلامعية‪.1‬‬
‫ويف هذا الصدد‪ ،‬ذكر الباحث (حممد اجلوادي) يف مقال له أنّه بقدر ما‬
‫سامهت شبكة االنترنت يف نشر السرقة الفكرية واتساع جماالهتا لتشمل كل‬
‫امليادين الفكرية واألدبية والفنية‪ ،‬إالّ أنّها سامهت أيضاً يف كشف االنتحال عن‬
‫طريق اتساع مساحة البحث عن أصل النص على الشبكة‪ ،‬وتوقع الكاتب أنّ‬
‫السرقة الفكرية ستختفي يف املستقبل مع ظهور الربجميات املتخصصة‪.‬‬
‫ومن بني أهم الربجميات اإللكترونية املتخصصة يف فحص احملتوى‬
‫املعلومايت على شبكة االنترنت نذكر برنامج‪:‬‬
‫مع هذا الوصول غري مسبوق إىل احملتوى عرب اإلنترنت‪ ،‬تصبح عملية‬
‫االنتحال أسهل بكثري مما كانت عليه يف املاضي‪ ،‬فالعثور على جمموعة واسعة من‬
‫احملتوى وإمكانية نسخها‪ ،‬ولصقها وتقامسها مع اآلخرين أصبحت عملية سريعة‬
‫وال حتتاج إىل جهد كبري مما جيعل من كشف االنتحال بالوسائل التقليدية هو‬

‫(‪ - )1‬طه عيساين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.002‬‬

‫‪- 802 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أصعب بكثري ‪.‬هذا التحدي يضع اهليئات األكادميية اليت تتبىن التعليم‬
‫االفتراضي يف موقف حرج ما مل تقم باستخدام تقنيات ملنع هذه احلوادث من‬
‫احلدوث واحلفاظ على قواعد الشفافية واملساءلة‪ .‬واستجابة لذلك مت تطوير‬
‫العديد من الربجميات اليت تدعم الزناهة األكادميية على اإلنترنت واليت من‬
‫أمهها ما يلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬برنامج تورنيتين (‪)Turnitin‬‬
‫تورنيتني (‪ )Turnitin‬هي شركة عاملية هلا عمالءها يف مجيع أحناء العامل‪،‬‬
‫الذي يُعترب من أشهر برامج مقارنة النصوص وأكثرها استعماالً يف جمال كشف‬
‫االنتحال على شبكة االنترنت‪ ،‬إذ يرجع تاريخ ظهوره إىل سنة ‪ 0332‬بغرض‬
‫مواجهة السرقات العلمية والصحفية اليت كانت منتشرة آنذاك‪ ،‬ونظراً لكفاءة‬
‫هذا الربنامج مت اعتماده يف حوايل ‪ % 20‬من اجلامعات الربيطانية‪ 1.‬وهو‬
‫برنامج مت تطويره من طرف شركة )‪ (iParadigms Europe Ltdd‬املتخصصة يف‬
‫إنتاج برجميات احلاسوب‪ ،‬أمّا عملية اإلشراف عليه فهي موكلة جمللس القوانني‬
‫اخلاصة باملعلومات املشتركة )‪.2 (JISC‬‬
‫وتعترب جامعة كمربدج من أبرز اجلامعات اليت تستخدم هذا الربنامج‬
‫حتت مسمى "ترينيتني اململكة املتحدة"؛ حبيث تعتمد على خدماته بشكل أساسي‬
‫يف كافة أحباث الطلبة؛ نظراً لقدرته على مقارنة النصوص مع ماليني البيانات‬
‫بشكل أسرع وأقل من الطرق التقليدية من خالل البحث يف صفحات الويب مبا يف‬
‫ذلك األرشيف احملذوف‪ ،‬والصفحات اليت مت تغيريها‪ ،‬واملواد اليت سقطت يف امللك‬
‫العام‪ .‬كما أنّه يعترب أيضاً نظام وقاية متميز ميكن للطالب استخدمه كوسيلة‬

‫(‪ )1‬هيفاء مشعل احلريب وميساء النشمي احلريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪ )2‬طه عيساين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.002‬‬

‫‪- 803 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ملراقبة صحة أعماهلم البحثية قبل تقدميها‪ ،‬وهذا ما يقلل من احتمال وقوعهم‬
‫يف االنتحال‪.1‬‬
‫تقدم تورنيتني حاليا واجهات احملتوى لفحص أصالة الدرجات العلمية على‬
‫اإلنترنت‪ ،‬وذلك جلعل عملية تقييم وتصنيف املهام اإللكترونية أكثر دقة‪،‬‬
‫وإعطاء أعضاء هيئة التدريس يف مجيع أحناء العامل املزيد من الوقت والطاقة‬
‫لتقدمي األفضل يف جمال تعليم الطالب‪ .‬هذا باإلضافة إىل أن تورنيتني‬
‫(‪ )Turnitin‬يساعد برامج الدراسات العليا واملشرفني على مشاريع التخرج على‬
‫التأكد من خلو إنتاج الطالب الشخصي من عملية االقتباس لفقرات خارجية‪،‬‬
‫وإدراجها يف تقاريرهم من خالل عملية نسخ ‪/‬لصق‪ ،‬مما يضمن حق امللكية‬
‫الفكرية ملخرجات النشاط البحثي ويدفع حنو االبتكار واإلنتاج‪.‬‬
‫أثبتت دراسة أجريت على ‪ 01‬فصول دراسية مدى فعّالية يف زيادة‬
‫مستويات األحباث الشرعية يف أوراق الطالب من ‪ 00‬إىل ‪ 08‬باملائة مبجرد‬
‫تطبيق تورنيتني (‪ )Turnitin‬عالوة على ذلك‪ ،‬أظهرت الدراسة أنّ ‪ 20‬باملائة من‬
‫الطالب يشجعون استخدام تورنيتني (‪ )Turnitin‬داخل الفصول الدراسية‪.‬‬
‫يعمل تورنيتني (‪ )Turnitin‬مع العديد من برامج (‪ )LMS / CMS‬مبا يف ذلك‬
‫(‪ )WebCT‬و(‪ )Moodle‬و(‪ )D2L‬كما يدعم اللغة العربية‪.‬‬
‫ب‪ -‬برنامج (‪:)ENDNOTE‬‬
‫هو أحد الربامج الشهرية واملفيدة يف إدارة املراجع‪ .‬من املميزات املفيدة‬
‫للربنامج أنه يدعم اللغة العربية‪ ،‬مما يعىن ختزين مراجع عربية وعند حتميله‬
‫على جهاز احلاسوب يتم دجمه مع برنامج الورد ويظهر شريط أدوات بالربنامج‪.‬‬
‫فأنت عندما تبحث يف اإلنترنت وخاصة يف املكتبات الرقمية ستجد أسفل كل‬
‫ورقة علمية وصلة إلدراج صيغة املصدر يف برنامج إدارة املراجع (‪)Endnote‬‬
‫وهذه الوصلة تسمى (‪ )Citation‬ومبجرد الضغط عليها يتنقل إىل املكتبة‬

‫(‪)1‬‬
‫طه عيساين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.002‬‬

‫‪- 821 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اخلاصة بالربنامج املتواجد على حاسوب الباحث ومن مث سوف يتم العودة إىل‬
‫(‪ )Endnote‬السترياد هذا الرابط وحتميله يف البحث‪ .‬هذه العملية هلا ميزتان‬
‫مهمتان‪ :‬أوال تسهيل عملية التوثيق وثانيا تعزيز االلتزام بالزناهة األكادميية‪.‬‬
‫توجد عدة برجميات متاحة على شبكة االنترنت تكون جمانية أو مبقابل‬
‫تقوم بالكشف عن السرقة العلمية وتتمثل هذه الربامج فيما يلي‪:‬‬
‫ج‪ -‬برنامج (‪:)Aplag‬‬
‫وهو اختصار لـ (‪ )Arabic plagiarism‬وهو أحد أهم برجميات كشف‬
‫انتحال النصوص العربية‪ ،‬والذي صدر عن جامعة امللك سعود عام ‪.)1( 8100‬‬
‫باإلضافة إىل ما سبق هناك أيضا العديد من حمركات البحث اليت من‬
‫شأهنا الكشف عن السرقات العلمية‪ ،‬ومن بينها(‪:)2‬‬

‫فوائد املوقع‬ ‫املوقع‬


‫وهو موقع جماين مهم للكشف عن االنتحال العلمي‪،‬‬ ‫‪http://www.checkforplagiarism.net/free-‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫‪checking‬‬
‫حبيث ميكنك رفع املستند املراد التحقق من أصالته‬ ‫‪www.checkforplagiarism.net/freechecking‬‬
‫وتزويد املوقع ببياناتك والربيد االلكتروين ليتم إرسال‬
‫تقرير الفحص إىل بريدك االلكتروين مبجرد االنتهاء‬
‫من املهمة ويزودك بالنسب املئوية ألصالة املستند‬
‫واحلصول على التقرير املفصل يلزمك االشتراك يف‬
‫املوقع‪.‬‬
‫من أفضل أدوات البالجياريزما‪ ،‬حيث ميكن مـن التحقـق‬ ‫‪http://plagiarisma.net‬‬
‫من أصالة احملتوى ملـا ينـاهز ‪ 031‬لغـة مبـا فيهـا اللغـة‬
‫العربيــة(‪ ،)4‬وذلــك عــن طريــق لصــق الــنص يف مربــع‬

‫(‪ )1‬هيفاء مشعل احلريب وميساء النشمي احلريب‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫(‪)2‬‬
‫"برامج الكشف عن السرقة العلمية"‪ ،‬نشر يوم‪ 8100/12/82 :‬على املوقع االلكتروين‬
‫التايل‪/ http://www.new-educ.com :‬‬
‫(‪ )3‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫(‪ )4‬هيفاء مشعل احلريب وميساء النشمي احلريب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪- 820 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التحقق أو رفع امللف أو كتابة رابطه يف املكان املخصـص‬
‫لذلك‪،‬كما ميكن هذا الربنامج أيضا التحقق من ‪google‬‬
‫‪ scholar‬الــذي حيتــوي علــى عــدد مهــم مــن املقــاالت‪،‬‬
‫براءات اختراع‪ ،‬اآلراء القانونية‪ ،‬النشرات‪،‬كتب غوغل‬
‫‪.google‬‬
‫وهو برنامج جماين يقوم بكشف االنتحال عن طريق‬ ‫‪http://plagiarism-detect.com‬‬
‫‪www.Plagiarismdetect.or‬‬
‫املضاهاة ألكثر من ‪ 2‬مليار صفحة ويتم توضيح‬
‫السرقة والنص األصلي املسروق(‪ .)1‬يقوم هذا املوقع‬
‫بتحليل النتائج ويسلط الضوء على النصوص اليت مت‬
‫انتحاهلا وذلك الرتباطه بالعديد من مصادر الويب اليت‬
‫( ‪)2‬‬
‫هذه األداة رغم بطئها يف‬ ‫حتوي نصوص مشاهبة‪.‬‬
‫إظهار تقرير االنتحال إال أهنا يف املقابل تتميز بالدقة‪،‬‬
‫كما ميكنها التحقق من أصالة املوقع االلكتروين‪.‬‬
‫هذه األداة تعمل مببدأ تقسيم النص إىل مجل‬ ‫‪http://www.plagtracker.com‬‬
‫ومقارنتها مع نتائج حمركات البحث‪ ،‬ومتنحك النسخة‬
‫اجملانية إمكانية التحقق من نصوص ال تتجاوز عدد‬
‫كلماهتا ‪ 5000‬كلمة عن طريق لصق النص مباشرة يف‬
‫املكان املخصص لذلك‪ ،‬أو كذلك عرب رفع امللف املتضمن‬
‫للنص‪.‬‬
‫عند التسجيل هبا تتوصل ب‪ 81‬وحدة كل واحـدة منـها‬ ‫‪http://www.plagscan.com‬‬
‫من التحقـق مـن نـص ميكـن أن يصـل عـدد كلماتـه إىل‬
‫‪ 8111‬كلمة‪.‬‬
‫تعمل هذه األداة مببدأ تقسيم النص إىل مجل‬ ‫‪http://www.duplichecker.com‬‬
‫ومقارنتها مع نتائج حمركات البحث‪ ،‬ومتنحك النسخة‬
‫اجملانية إمكانية التحقق من نصوص ال تتجاوز عدد‬
‫كلماهتا ‪ 1000‬كلمة‪ ،‬عن طريق لصق النص مباشرة يف‬
‫املكان املخصص لذلك أو رفع امللف املتضمن للنص‪.‬‬
‫املصدر‪:‬يوم دراسي حول‪":‬استراجتيات وأدوات تثمني نتائج البحث العلمي‪ ،‬مبكتبة املدرسة‬
‫الوطنية العليا للعلوم السياسية‪ ،‬يوم‪01 :‬أفريل‪.8102‬‬

‫‪.‬‬ ‫(‪ )1‬عبد اهلل بوجرادة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‬


‫‪.‬‬ ‫جويلية‬ ‫املؤرخ بتاريخ‬ ‫من القرار الوزاري رقم‬ ‫(‪ )2‬نصت عليها املادة‬

‫‪- 828 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وإضافة إىل برامج كشف وفحص احملتوى املعلومايت‪ ،‬فقد ظهرت مؤخراً‬
‫العديد من املواقع واملنتديات اليت تقدم خدمات جمانية للطلبة والباحثني‪ ،‬وهي‬
‫تعمل على مقارنة الكلمات أو األحباث مع ما مت نشره من بيانات على شبكة‬
‫االنترنت يف مجيع أحناء العامل‪.‬‬
‫‪ -3‬التوعية األخالقية كوسيلة حماية إستباقية‪:‬‬
‫إنّ أساليب مواجهة السرقة العلمية وجتنب االنتحال مل تعد مقتصرة‬
‫على اإلجراءات القانونية والتدابري التقنية فقط‪ ،‬إذ أصبح من الضروري التفكري‬
‫يف كيفية الوقاية منها‪ ،‬فالسرقة العلمية ظاهرة أخالقية تستدعي التوعية‬
‫األخالقية قبل كل شيء‪ ،‬ولقد أثبتت التجارب أنّ ال النصوص القانونية لوحدها‬
‫وال التقنيات التكنولوجية لوحدها قادرة على القضاء على هذه الظاهرة خاصةً‬
‫يف البيئة الرقمية؛ فالربجميات اإللكترونية مثالً ال ميكنها البحث يف املصادر‬
‫القدمية اليت مل يتم إدراجها على شبكة االنترنت‪ ،‬كما ال ميكنه البحث يف‬
‫املقاالت احملمية بكلمة مرور‪.‬‬
‫ولذلك جلأت العديد من اجلامعات اليوم إىل االعتماد إضافة إىل آليات‬
‫احلماية القانونية والتقنية على احلماية االستباقية أو الوقائية؛ وذلك‬
‫بالتركيز على تلقني املمارسات األكادميية اجليدة والتوعية األخالقية‪ ،‬وتدريب‬
‫الطلبة والباحثني على كيفية جتنب السرقة العلمية‪ ،‬وتعريفهم أكثر بأجبديات‬
‫منهجية البحث العلمي وإلزامهم باحترام األمانة العلمية‪.‬‬
‫ودعماً هلذا التوجه أصدرت عمادة التقومي واجلودة جبامعة اإلمام حممد‬
‫بن سعود اإلسالمية باململكة العربية السعودية ضمن سلسلة دعم التعلم والتعليم‬
‫يف اجلامعة دليل إرشادي لفائدة الطلبة لتجنيبهم الوقوع يف السرقة العلمية‪،‬‬
‫وتعريفهم باملمارسات األكادميية الصحيحة‪ ،‬ويذكر هذا الدليل أنّه إضافة إىل‬
‫استخدام املدققات العلمية كربجميات الكشف عن االنتحال‪ ،‬جيب أيضاً التعريف‬
‫بتقنيات البحث العلمي اجليد‪ ،‬كالتهميش والتوثيق والتلخيص واالستشهاد‬

‫‪- 829 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واالقتباس واإلجياز‪ ،‬كما حرص على ضرورة إعالم الطلبة والباحثني بالعواقب‬
‫اإلدارية والعقوبات القانونية املقررة حلاالت السرقة والغش األكادميي‪.‬‬
‫ويف جمال دعم املمارسات األكادميية الصحيحة أشارت العديد من‬
‫الدراسات أنّ من بني أهم وسائل كشف االنتحال والوقاية من سرقة األعمال‬
‫الفكرية هو القيام بنشرها على شبكة اإلنترنت؛ خاصةً يف ظل جلوء أغلب‬
‫الباحثني واألساتذة اجلامعيني على املستوى العاملي اليوم إىل شبكة االنترنت‬
‫للتأكد من مصداقية األحباث اليت قدمت إليهم؛ ويف هذا يرى الباحث (سامل‬
‫حممد السامل) أنّ النشر على شبكة االنترنت هو نوع من أنواع احلماية‬
‫االستباقية‪ ،‬ألنّه ال مينح الفرصة للسارقني ملمارسة سرقات أخرى ‪.‬‬
‫ومن بني وسائل دعم املمارسات األكادميية الصحيحة أيضاً ما تقوم بعض‬
‫اجلامعات األوروبية من خالل برجمة عروض تقدميية للطلبة يف بداية املوسم‬
‫اجلامعي لضمان استقطاب أكرب عدد ممكن منهم‪ ،‬مع متكينهم من احلصول على‬
‫كتيبات مطبوعة تضم معلومات خاصة باالنتحال‪ .‬كما يقوم أعضاء اهليئة‬
‫التدريسية بإطالع الطلبة على سياسة اجلامعة إزاء االنتحال‪ ،‬وما الشيء‬
‫املطلوب منهم لتجنب الوقوع فيه‪ .‬إضافة إىل إمكانية أخذ مشورة أعضاء هيئة‬
‫التدريس يف حالة وجود لبس خاصة عند استخدام املصادر على شبكة االنترنت ‪.‬‬
‫وممّا ميكن اخلروج به بعد استعراض أساليب الوقاية األخالقية أنّ‬
‫املمارسة األكادميية اجليدة ال تعترب بديالً كلياً عن التدابري القانونية والتقنية‪،‬‬
‫ولكنها ميكن أن تُسهم ولو جبزء يسري يف التقليل من هذه الظاهرة‪ ،‬فاحترام‬
‫األمانة العلمية فضيلة أخالقية قبل كل شيء‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫يف األخري‪ ،‬نصل إىل أن سيادة الزناهة العلمية هناية للزناع والتفرق‬
‫والطرق امللتوية يف اجملتمع كله ويف أروقة مجيع مؤسساته‪ ،‬ومن مثرات ذلك‬
‫زيادة النشاط العلمي‪ ،‬ونضج اإلنتاج الفكري‪ ،‬وازدهار احلياة اجملتمعية وإعالء‬
‫شأن املبادئ املدنية‪ ،‬والريب أن اإلسالم يف عنوانه ومضمونه جاء إلقامة صرح‬

‫‪- 820 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األمانة وترسيخ جدار قواعدها قلبا وقالبا‪ ،‬وحارب مجيع صور الفساد‪.‬احلقوق‬
‫الفكرية ومراعاهتا من املعاين القيمية الكربى اليت جيب أن تكون جلية للطفل‬
‫واضحة يف ذهنه وضمريه وسلوكه ووجدانه فيتدرب على املهارات الدراسية يف‬
‫املدرسة ويزداد هبا مترسا وتطبيقا مع مرور الوقت‪ ،‬حىت إذا ما دخل اجلامعة‬
‫يكون حينئذ متكيفا مع األنظمة األكادميية ولوائحها اإلدارية اليت يفترض أن‬
‫تكون مهيمنة على إيقاع احلركة تضبط مسارات السلوكيات كلها‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فإن العناية بثقافة الزناهة األكادميية وتعزيزها باتت قضية‬
‫ضرورية تشغل ذهن املعنيني يف القطاع التعليمي والتدرييب لتحقيق اجلودة‬
‫السيما وحنن يف عصر الثورة املعرفية وتوافر املعلومات اليت تتدفق يف شبكات‬
‫االنترنت ويسهل احلصول عليها جمانا ومن غري غناء‪ ،‬أمام هذا السيل املعريف‬
‫املذهل كيف نصون الصرح التعليمي من الكذب والغش والسرقة الفكرية‪ ،‬ال‬
‫يتحقق هذا إال بتنمية املهارات الدراسية لدى الطلبة ليقوموا باالستفادة مع‬
‫املعلومات واملعارف على حنو أخالقي ال يتعارض مع القيم اجملتمعية واألصول‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬بناء على ما تقدم ذكره‪ ،‬نقدم املقترحات التالية‪:‬‬
‫‪ .0‬وضع ميثاق حيوى قواعد ومبادئ الزناهة يف العمل اإلداري واملايل للجامعة‪،‬‬
‫وكذلك يف جمال استخدام أصول وإمكانيات اجلامعة لكل العاملني فيها‪ ،‬مبا‬
‫يضمن ويرسخ نزاهة وشفافية وأمانة املمارسات اإلدارية واملالية والوظيفية‪.‬‬
‫‪ .8‬إن اإلجراءات القانونية اليت توفرها أجهزة الدولة واآلليات التقنية اليت‬
‫تتيحها الربجميات االلكترونية واملواقع املتخصصة مل تعد كافية للحد من‬
‫السرقات العلمية‪ ،‬لذا البد من التفكري يف التوجه حنو األساليب األخرى‬
‫الوقائية كالتوعية األخالقية‪.‬‬
‫‪ .9‬تشجيع اجلامعات الوطنية من أجل التفكري جبدية يف تبين التدابري التقنية‪،‬‬
‫عن طريق اقتناء برجميات كشف االنتحال‪ ،‬أو االخنراط يف املواقع‬
‫واملنتديات املتخصصة اليت توفر الربجميات اجملانية‪.‬‬

‫‪- 820 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ .0‬نشر الوعي لدى الطلبة وإعالمهم مبختلف املمارسات املنافية للبحث العلمي؛‬
‫من خالل تنظيم الندوات واملؤمترات وورشات العمل واأليام الدراسية‪ ،‬سيما‬
‫تلك اليت تتطرق ملواضيع حقوق املؤلف واألمانة العلمية‪ ،‬ولفت انتباه الطلبة‬
‫منذ البداية إىل العقوبات املفروضة على حاالت السرقة العلمية‪.‬‬
‫‪ .0‬إلزام اجلهات الوصية بإصدار قوانني وأنظمة داخلية يف شكل (ميثاق أو دليل)‬
‫تبني بدقة كيفية التعامل مع خمتلف املمارسات املنافية للسلوك األكادميي‪،‬‬
‫وضمان تعميم ذلك على خمتلف املؤسسات اجلامعية ومراكز البحث الوطنية‪.‬‬
‫‪ .2‬تعديل القوانني املتعلقة حبق املؤلف يف اجلزائر وتكييفها مع ما هو معمول به‬
‫دولياً لتستوعب جرمية السرقة العلمية وخباصةً االنتحال الرقمي الذي يتم‬
‫باستخدام شبكة االنترنت‪.‬‬
‫‪ .2‬العمل على تنظيم ندوات‪ ،‬ملتقيات‪ ،‬أيام دراسية وورشات هتدف إىل توعية‬
‫الطلبة وتعريفهم بأمهية أخالقيات البحث العلمي وضوابطه وأهم قواعد‬
‫االقتباس وخماطر السرقات العلمية‪..‬‬
‫‪ .2‬تكريس األمانة العلمية وتلقني أجبديات البحث العلمي السليم لدى مجيع‬
‫الطلبة والباحثني للتقليل قدر اإلمكان من حاالت السرقة العلمية املرتكبة‬
‫حتت دواعي عدم العلم الكايف مبنهجية البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ .3‬توحيد اجلهود بني املؤسسات اجلامعة بعرض البحوث قيد اإلجناز على شبكة‬
‫األنترنت قصد جتنب الوقوع يف السرقة العلمية‪.‬‬
‫‪ .01‬احلرص من االساتذة املؤطرين لألطروحات العلمية على تفحصها جيدا‬
‫ووضع التقارير حسب كل حالة اي جتنب اجملاملة يف وضع التقارير‪.‬‬
‫‪ .00‬الصرامة يف تطبيق حمتوى القرار رقم ‪ 399‬ضد مرتكيب السرقات العلمية‪.‬‬
‫وصفوة القول‪ ،‬إن "الزناهة األكادميية باجلامعة مسئولية مجاعية‪،‬‬
‫يشترك فيها الطلبة‪ ،‬واملساعدون يف عمليات التدريس والبحث‪ ،‬وأعضاء هيئة‬
‫التدريس والعاملون من خارج هيئة التدريس‪ ،‬الكل سواء‪ ،‬وإن الوقاية هي خط‬
‫الدفاع احلاسم ضد خيانة األمانة األكادميية‪ ،‬لذا ينبغي عدم ترغيب الطلبة أو‬
‫‪- 822 -‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حثهم على االخنراط يف أعمال خيانة األمانة األكادميية من خالل سياسات‬


‫غامضة‪ ،‬أو معايري تعاون مبهمة وغري واقعية‪ ،‬أو عدم كفاءة إدارة قاعات‬
‫الدرس‪ ،‬أو ضعف األمانة يف التقييم والتقومي‪.‬‬
‫وإن الطالب والباحثون يراقبون كيفية تصرف أعضاء هيئة التعليم‪،‬‬
‫والقيم اليت يعتنقوهنا‪ ،‬ولذلك فإن أعضاء هيئة التعليم الذين يتجاهلون أو‬
‫يقللون من أمهية الزناهة األكادميية يبعثون برسالة مفادها ‪ -‬وإن مل تكن‬
‫مقصودة‪ -‬أن القيم األساسية للحياة األكادميية‪ ،‬واحلياة اجملتمعية بصفة عامة‬
‫ال تستحق الكثري من اجلهد يف فرضها"‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫أوال – الكتب‪:‬‬
‫‪ -10‬زرارقة‪ ،‬فريوز وآخرون‪ .‬يف منهجية البحث االجتماعي‪ ،‬ط ‪ ،0‬قسنطينة‪ ،‬اجلزائر‪:‬‬
‫منشورات مكتبة اقرأ‪.8112 ،‬‬
‫‪ -18‬نواف كنعان‪ ،‬حــــق املؤلف‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬األردن‪ ،‬ط ‪.8110 ،0‬‬
‫ثانيا ‪ -‬المقاالت العلمية‪:‬‬
‫‪ -10‬هيام حايك‪" ،‬الزناهة األكادميية يف بيئات التعلم االفتراضي"‪ ،‬مدونة أكادميية نسيج‪،‬‬
‫‪http://blog.naseej.com‬‬ ‫‪ ،06/12/2015‬ساعة االطالع‪ ،88 :02 :‬منشورة على املوقع التايل‪:‬‬
‫‪ -18‬عبد الفتاح ماضي‪ ،‬الزناهة األكادميية‪ ،‬السبت‪ 82 ،‬رجب ‪ 88 - 0092‬نيسان ‪ /‬أبريل‬
‫‪ 8102‬الثالثاء‪ 01 ،‬نيسان ‪ /‬أبريل ‪ ،8108‬مت االطالع على الساعة‪ ،11:03‬منشور على املوقع‬
‫‪http://www.abdelfattahmady.net/component/content/article/178.html‬‬ ‫التايل‪:‬‬
‫‪ -19‬اجلامعة األمريكية ببريوت (‪8119‬م)‪ ،‬الزناهة األكادمييـة‪ :‬أمر يهمنا‪ ،‬املبادئ واألصول‬
‫األكادميية‪ :‬معتمد من جملس اجلامعة األمريكية بالقاهرة‪ ،‬أكتوبر ‪.8119‬‬
‫‪ -10‬طه عيساين‪ ،‬املمارسات األكادميية الصحيحة وأساليب جتنب السرقة العلمية‪ ،‬مداخلة‬
‫مبلتقى تثمني أدبيات البحث العلمي‪ ،‬منشور بسلسلة أعمال املؤمترات‪ ،‬مركز جيل البحث‪،‬‬
‫‪.8100‬‬
‫‪ -10‬هيفاء مشعل احلريب وميساء النمشي احلريب‪" ،‬برجميات كشف السرقة العلمية دراسة‬
‫وصفيه حتليلية"‪ .‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬قسم املعلومات ومصادر التعلم‪ ،‬إشراف‪:‬‬
‫الدكتورة بدوية البسيوين‪.)8100/8100( ،‬‬

‫‪- 822 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -12‬عماد عيسى صاحل وأماين حممد السيد‪ ،‬دور املكتبات االكادميية يف منع السرقات العلمية‬
‫واكتشافها‪ ،‬دراسة استكشافية خلدمات املكتبات وبرجميات كشف االنتحال عمادة التقومي‬
‫واجلودة‪ ،‬السرقة العلمية‪ :‬ما هي وكيف أجتنبها؟‪ ،‬سلسلة التعلم والتعليم يف اجلامعة‪ ،‬جامعة‬
‫اإلمام حممد بن سعود االسالمية‪.8108 ،‬‬
‫‪ -12‬جامعة هريوت وات‪ ،‬دليل الطالب لتجنب االنتحال (السرقة األدبية)‪ ،8110 ،‬منشور‬
‫‪www.hw.ac.uk/students/doc/plagiarismguidearabic.pdf‬‬ ‫على املوقع التايل‪:‬‬
‫‪ -12‬سلسلة دعم التعلم والتعليم يف اجلامعة‪ ،‬السرقة العلمية‪ ،‬تصدر عن جامعة اإلمام حممد‬
‫بن سعود اإلسالمية‪ ،‬اجلزء (‪ )2‬اململكة العربية السعودية‪0099 ،‬ه‪.‬‬
‫‪ -13‬أمحد بن حيي اجلبيلي‪ ،‬السرقة العلمية ما هي؟ وكيف جتنبها؟‪ ،‬سلسلة دعم التعلم‬
‫والتعليم يف اجلامعة‪ ،‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬السعودية‪0090 ،‬ه‪.‬‬
‫‪ -01‬عبد اهلل بوجرادة‪" ،‬أخالقيات البحث العلمي والسرقة العلمية"‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪،‬‬
‫ورقلة‪ ،‬سنة ‪.8102-8102‬‬
‫‪ -00‬رصانة اجملالت والنشر العلمي‪ ،‬جمموعة مؤلفني‪ ،‬وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‪،‬‬
‫العراق‪.8100 ،‬‬
‫‪ -08‬مها أمحد ابراهيم حممد‪ ،‬ب ت‪ ،‬السرقات العلمية وسيلة خطرية النتهاك امللكية الذهنية‬
‫كيف تتجنبها‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة بين سويف االقتباس العلمي‪ :‬األنواع‪ ،‬الضوابط والشروط‬
‫(‪.)https:www.ut.edu.sa‬‬
‫‪ -09‬صربينة سليماين‪ ،‬كلمة حتسيسية مبخاطر السرقات العلمية‪ ،‬مداخلة خالل امللتقى‬
‫الوطين ملركز جيل البحث العلمي حول تقنيات التعليم احلديثة املنظم باملكتبة الوطنية‬
‫اجلزائرية‪ ،‬يوم ‪ 81‬ديسمرب ‪.8102‬‬
‫‪ -00‬أمين طالل يوسف‪ ،‬دور اجلامعات الفلسطينية يف تعزيز قيم الزناهة والشفافية واحلكم‬
‫الصاحل‪ :‬خارطة طريق‪( ،‬بدون تاريخ)‪ ،‬منشور على موقع مجعية الشفافية الكويتية‪:‬‬
‫‪http://www.transparency.org.kw.au-ti.org/upload/books/290.pdf‬‬
‫ثالثا ‪ -‬القوانين والقرارات والتقارير‪:‬‬
‫‪ -10‬األمر ‪ 10-19‬املؤرخ يف‪ 8119/12/89:‬املتعلق حبقوق املؤلف واحلقوق اجملاورة‪ ،‬اجلريدة‬
‫الرمسية العدد ‪ ،00‬الصادرة يف ‪.8119/12/89‬‬
‫‪ -18‬األمر ‪ 19-12‬املؤرخ يف ‪ ،8112/12/00‬املتضمن القانون األساسي العام للوظيفة‬
‫العمومية‪ ،‬اجلريدة الرمسية العدد‪ ،02‬الصادرة يف ‪.8112/12/02‬‬

‫‪- 822 -‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -19‬القرار الوزاري رقم ‪ 399‬املؤرخ يف ‪ 81‬جويلية ‪ 8102‬حيدد القواعد املتعلقة بالوقاية‬
‫من السرقة العلمية ومكافحتها‪.‬‬
‫‪ -10‬تقرير الفساد العاملي للتعليم‪ ،‬منظمة الشفافية الدولية‪ ،‬لعام ‪ 8109‬م‪.‬‬

‫‪- 823 -‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪- 821 -‬‬

You might also like