Professional Documents
Culture Documents
الفجوةُ السحيقةُ الفاصلةُ بين الإسلامِ والْمُسْلُمَانِيَّةِ
الفجوةُ السحيقةُ الفاصلةُ بين الإسلامِ والْمُسْلُمَانِيَّةِ
*** ***
PART-28
اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ()Müslümanlik
ِّ الفجوةُ السحيقةُ الفاصلةُ بني
The deep gap separating Islam and Müslümanlik
أتليف
فريد صالح اهلامشي
Copyright©2018 by
Feriduddin AYDIN
feriduddin@gmail.com
إسطنبول2022-م.
al_ibar.publishing@yahoo.com
اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ()Müslümanlik
ِّ الفجوةُ السحيقةُ الفاصلة بني
ومنفصلةً عن بعضهما ( )Müslümanlikكلٌّ منهما ميثِّ ُل داينةً مستقلةُ اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ
ُ
ِّ
السالفة .ومن الفصول رب َّ
التأكيد مر ًارا على هذه احلقيقة يف ضوء األدلة َع َ البعض ،كما قد سبق
أجل تسهيل فهم املوضوع ،قدمنا مقارنةً وجيزة حول الفوارق الكبرية بني هذين املفهومني ..لكنه
البعض يف هذا التصريح املفاجئِّ ،فال يكاد يطمئن مبا ورد من ُ على رغم كل هذه اجلهود فقد يشك
اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة
ِّ ِّ
الناس ال يفرقون بني الدالئل عرب فصول الكتاب ،ملا يرى أن أغلب
مضت على أتسيس هذه الداينة ،قد بلغت إىل ما يقرب من
ْ ( .)Müslümanlikألن املدةَ اليت
ِّ
أعماق الضمائر طوال هذه احلقبة فأصبحت مشكلةً عويصةً جذورها يف ألف عام ،ورسخت
ُ
تتجاوز التقديرات.
لذلك ،فإن الذين يزعمون -أن اجلماهري املنتسبة إىل اإلسالم يف مجيع أحناء العامل ،يشملهم وصف
"السواد األعظم" -يتورطون يف تناقض بَِّني من وجوه؛ أوال :يستحيل إطالق وصف "السواد
األعظم" على مجيع املنتسبني إىل اإلسالم ،ألن أكثرية هذه اجلماهري الغفرية متلبِّسون بفساد
العقيدة؛ يربهن على هذا الواقع ما يرتكبون من موبقات اإلميان من ألوان الفسوق واإلحلاد والزندقة
الناس ،فإهنم ال شك هم واإلشراك ...أما وصف "السواد األعظم"؛ إ ْن جاز إطالقه على مجاعة من ِّ
أهل التوحيد اخلالص الذين ال يُشركون ابهلل .اثنيًا :مفهوم "السواد األعظم" ال يُ َعِّربُ عن كثرة عظيمة
كما يتومهه البعض ،بل يدل على اتفاق جامع على كلمة التوحيد ،واإلخالص يف الدين ،ومشاركة
يف السراء والضر ِّاء لفئة معيَّ نَة من ِّ
الناس وإن كانت أقليةً.
ِّ
اإلسالم ِّي جملرد أهنم لإلقصاء والتهميش يف مجيع ِّ
أحناء الوطن ِّ ض هذه األقليةُ ألمر ُُْم ِّز ٌن أ ْن َّ
تتعر َ إنه ٌ
ريةُ األسرةِّ البشريَِّّة وأفضل ِّ ِّ مو ِّحدون ،صاحلون ُمتَّقون ال يُ ِّ
شركون ابهلل ...وال شك أهنم خ ََ مؤمنونَ ،
مجيعا بسلوكهم املستقيم ،وصدقهم يف القول والعمل ،وحتلِّيهم ابلفضائل ...إهنم رغم كل الناس ً ِّ
منصة ،ألهنم يتعرضون لإلهانة والقمع والتشريد من قِّبَ ِّل إمساع أصواهتم على أي َّ ذلك ال يستطيعون َ
ِّ
واإلجتماع ،وإقامة ندوات
ِّ ال ُْم ْسلُ َمانيِّني وهم مبعثَرون يف األرجاء املعمورة فال يُ َ
سم ُح هلم اباللتقاء،
فنظرا إىل هذا الواقع إذ نتأمل يف "خصائص األمة" اليت ِّ ِّ ِّ
ومجع الكلمةً ... الصفوف ِّ وتوحيد علمية،
حدَّدها القرآ ُن الكرميُ ،والسنةُ النبويةُ ،نرى بطريق املقارنة بني هذه األقلية الصاحلة وبني الغالبية
الذين يعيشون يف املنطقة اإلسالمية اليوم ،نرى أهنم ال ميتازون بشيء من هذه اخلصائص.
إن مؤسسىةً تسمى "منظمة التعاون اإلسالمي"ُ ،تث ُل أحد أقوى املؤشرات على غياب هذه
كلمة (اإلسالم) َ ُّولِّيَّ ِّةَّ .
إن استخدام ِّ
عتد به على األصعدة الد َ اخلاصية .ألهنا هيكلةٌ جوفاءُ ،وظلٌّ ال يُ ُّ
تسمية هذه املنظمة هو أمر مدهش يف الغاية ،وضرب غريب من التناقضات .لقد كان األنسب ِّ يف
يف الواقع أن تطلق على تلك املؤسسة "منظمة التعاون ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (")Müslümanlik
مصطلح ""Müslümanlik َ ميكن الكشف عن بعض خفااي هذه املسألة على النحو التايلَّ :
إن
ومصطلح " "Müslümanالذي أييت يف مقابلة "ال ُْم ْسلُ َم ِِّّ
ان" يف َ مقابلة "ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة"،
ِّ الذي أييت يف
اللغة العربية ،غري معروفني يف العامل العريب ،أو يتجاهلهما العرب ،ألسباب البد من طرحها
وغري واردين يف الكتاب والسنة ...إىل جانب ذلك ،مل للمناقشات العلمية ،ألهنما ليسا عربيَّ ْينبَ ،
نيِّ عن معلومة عن وجود نوعني خمتلفني من الدين ،بَ ِّديلَ ْ َ يكن لدى العامل العريب حىت اليوم أي
اإلسالم ،أحدمها" :ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ( ")Müslümanlikاليت يعتنقها الشعب اإليران حتت ستار
الشيعي يف احلقيقة ليس سوى َّ إن املذهب التشيع ،واالختفاء وراءَ حيلة اإلنتماء إىل أهل البيتَّ .
انية اليت نشأت أصالً من اجملوسية الساسانية؛ واثنيهما "ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ" للواجهة الْمسلُمانِّيَّ ِّة اإلير ِّ
ِّ اسم
ُْ َ
اإلنتماء إىل دين معاوية بن أيب ِّ "السنِّيَّ ِّة" واالختفاء وراءَ حيلة
اليت يعتنقها الشعب الرتكي حتت ستار ُّ
أن األتراك سفيان! كما يتجاهل يف الوقت ذاته أعضاءُ ما يسمى "منظمة التعاون اإلسالمي"َّ ،
أن الداعشيني ابلذات جيهلون تسميةَ األتراك يُطلقون على تنظيم داعش اإلرهايب اسم " "ISIDحىت َّ
هلم هبذا اإلسم الغريب! إمنا يشري كل هذا اخلبط والعبث واحلِّيل إىل مدى عداوة العرب والرتك
والفرس لالسالم ،وحقدهم الدفني على الدين احلنيف وعلى األقلية املؤمنة املوحدة اليت ُُتَثِّ ُل األمةَ
احملمديَّةَ املضطهدةَ يف غربتها.
اللثام عن وجه هذه احلقيقة بشكل ال لبس فيه ،كما ستُ ثْبِّ ُ
ت مرةً أخرى يف ط َ املقارانت التالية ستمي ُ
ُ
ُتاما ،وال ِّ
اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانيَّةَ ( )Müslümanlikداينتان منفصلتان ً
َ ضوء أدلة قاطعة على أن
عالقةَ بينهما إطالقًا .سيتم تقدمي هذه املقارانت ملخصةً قدر اإلمكان ،ضمن قسمني فيما يلي:
***
أوالً :تفاصيل االختالف بني شخصية «ال ُْم ْسلِّ ِّم» وشخصية «ال ُْم َسل َْم ِِّّ
ان»:
)1إن مجيع أعضاء اجلماعات املتطرفة وعصاابت اإلجرام يف تركيا ،هم أبناء عائالت ُم ْسلُ َمانِّيَّة.
ب االستطالعات اليت س ِّ ِّ ومل يثبت َّ
أن أح َدهم ينتمي إىل أسرة حنيفة مسلمة من أهل التوحيد ِبَ َ
ت بِّطُُرق سريَة خص ً
يصا هلذا الغرض .فعلى سبيل املثال: ُجريَ ْ
أ ْ
* معظم مصنِّعي ومستخدمي وابئعي الكحول والسجائر يف تركيا والشرق األوسط؛ وغالبية األفراد
والعصاابت املرتبطة بشبكات جتارة ِّ
املخدرات؛ ومجيع أفراد عصاابت الفساد والتهريب واالحتيال
والتزوير والتحريف والتشويه واالستغالل؛ ومجيع أعضاء جمتمع LGBT؛ وأولئك الذين يتالعبون
والبهائم عن قصد ،ومستغلو البشر ِّ ِّ ِّ ِّ
َ ابألغذية واألطعمة ،ويدمرون الطبيعةَ ،ويلوثون املياهَ ،ويعذبون َ
ص لتحقيق مصاحلهم الشيخصية ،واملتعاملون ابلراب؛ مجيعهم ينتمون إىل عائالت ُم ْسلُ َمانِّيَّة .وال
ال ُف َر ِّ
يُعرف ما إذا كان بني آابئهم مسلم ومؤمن ،ثبت أنه أعلن عن إميانه وإقراره بتكاملية اإلسالم
والوحدة اجلامعة للدين احلنيف.
يصرحون أبهنم "مسلمون" و"مؤمنون" لدى أيوينبغي أن يضاف إىل ذلك :أن العرب ،وإن كانوا ِّ
مناسبة .إالَّ أن هذا االعرتاف بشكل عام بعيد عن الصدق والواقعية ،وال يعدو عن حيلة تقليدية
واتباعا لآلابء ،على مثال اجملوس اإليرانيني ،واألتراك الطورانيني الشامانيني.
ً اعتادوها تقيَةً ونفاقًا،
Kahrolsun * اآلالف من النشطاء األتراك الذين كانوا يهتفون" "سح ًقا للشريعة اإلسالمية!
" şeriatيف العديد من املظاهرات واملسريات االحتجاجية يف املاضي القريب ،واجلماهري تراقبهم
بدم ابرد وبدون رد فعل ،كلهم من ال ُْم ْسلُ َمانِّي ِّني .ومن املستحيل أن يكون حىت شخص واحد منهم
أقر يف كل حياته ولو مرةً واحدةً أنه "مسلم" و"مؤمن". قد َّ
* كذلك الذين حظروا احلجاب اإلسالمي ومنط احلياة اإلسالمية يف املاضي القريب ،والذين ترمجوا
عاما ،ومنعوا تدريس القرآن الكرمي، األذان إىل الرتكية وأجربوا املؤذنني على هذه البدعة مثانية عشر ً
وتعليم اللغة العربية مدة نصف قرن؛ واملاليني من أتباعهم يف أايمنا ،مجيعهم ُم ْسلُ َمانِّيُّون .وال يوجد
أقر أبنه "مسلم" و"مؤمن".شخصا واح ًدا منهم قد َّ
ً دليل على أن
اد احلشود الغفرية الذين قاموا مبظاهرات ضخمة يف املاضي القريب ضد قرار النظام مبنع
* أفر ُ
أقر أحد منهم أبنه "مسلم"
النساء من ارتداء احلجاب اإلسالمي يف األماكن العامة ،مل يسبق أن َّ
و"مؤمن" ،مما يدل على أن تلك املظاهرات كانت حيلةً ونفاقًا ،ألهنم كانوا متواطئني مع السياسيني
يف كثري من املواقف والقرارات ،خاصة يف أايم اإلنتخاابت.
* مجيع أعضاء "الدولة العميقة" الذين قاموا برتتيب مؤامرات لتغيري الوضع الدميغرايف يف تركيا،
كلُّهم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن .قاموا إبنشاء تنظيم PKKاإلرهايب إلشعال انر الفتنة يف املنطقة الكردية ،حيث
أدى ذلك إىل انقضاض النظام على املنطقة ،وهتميش األكر ِّاد ،وصهرهم يف البوتقة الرتكية ،وإاثرة
التمييز العنصري بني األقليات من العرب احملليني ،والالز ،واجلورج ،والبونطوس ،والشراكسة
وغريهم ...مع العلم أن أفراد هذه األقليات كلهم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن ،مل يسبق أن َّ
أقر أحد منهم أنه
"مسلم" و"مؤمن".
ينظمون مظاهرات ،ويرفعون * أفراد القطاع العنصري النازعون إىل استعمال العنف الذين كثريا ما ِّ
س ْم" ِّ
"الوطن ال يُ ْق َ
ُ "العلَ ُم ال يسقط"،
شعارات فيها إستغالل القيَم املقدسة مثل "األذان ال يتوقف"َ ،
أقر أح ٌد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن" .هذا النوع من "الشهداء ال ميوتون" ،كل هؤالء ،مل يسبق أن َّ
عد من االستهزاء ابلقيم االستغالل العاطفي الذي يُظهرونه يسمى "تالعبًا" يف املصطلح اإلسالمي ،يُ ُّ
املقدسة واملقاييس العلمية للدين احلنيف .وقد يكون ذلك سببًا إلهناء عالقتهم ابإلسالم.
مؤسسو ِّ
ومنفذو العصاابت اإلرهابية JİTEM :و GLADIOو KONTRGERILLAوبقية * ِّ
ُ
التنظيمات السرية واالستخباراتية اليت اغتالت وقتلت عشرات اآلالف من املواطنني بعد تعذيبهم
يف املاضي القريب ،كلهم كانوا ُم ْسلُ َمانِّيني ،مل يسبق أن َّ
أقر أحد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن".
ضبَّاط اجليش الذين قاموا ابنقالابت عسكرية يف تركيا وأطاحوا ابحلكومات ،واستبدُّوا * مجيع ُ
ابحلكم ،كلهم كانوا ُم ْسلُ َمانِّيني ،مل يسبق أن َّ
أقر أحد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن".
ظاهرا،
أبن دينَهم اإلسالم ،ويعتزون به ً * أفراد النخبة احملافظة من اخلواجوات واألكادمييني يُقرون َّ
ألن أكثرهم يدرسون العلوم اإلسالمية ويُتقنون مصطلحاهتا ،إالَّ أن اعرتافهم هذا بعيد عن احلقيقةَّ
وخال من الصدق ،وال يعدو عن مراءاة وتقية وإخفاء لنزعاهتم العنصرية..
أحياان أهنم مسلمون ،لكنهم رغم ذلك ال يكتمون أهنم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن،
ضا يقرون ً * منكرو السنة أي ً
وهذا يدل على نفاقهم وال ِّم ْرية.
* مجيع املنتسبني إىل املذهب احلنفي ،واملذهب الشافعي ،واملذهب اجلعفري الشيعي ،والعلويُّون يف
بعض ِّ
رجال ف ُ اجملتمع تركيُِّ ،م ْسلُ َمانِّيُّو َن معتزون ابلداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ( ،)Müslümanlikوقد أل َ
ين منهم ُكتُ بًا يف العقيدة اإلسالمية وف ًقا لضوابط الكتاب والسنة ،مع ذلك ،مل يتطر ْق أح ٌد منهم ِّ
الد ِّ
إىل االختالف بني اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ( )Müslümanlikيف أعماهلم .فيجب إذن افرتاض
موقفهم هذا أهنم اختذوه عن وعي .وهذا يدل على أهنم ميارسون التقيةَ والنفا َق وتقلي َد األسالف
األحناف منهم ليسوا يف احلقيقة ملتزمني مبذهب أيب حنيفةَ بعناية كبرية ،ابإلضافة إىل ذلك أن
ضا،
أن البقية من منتسيب املذاهب األخرى أي ً "حنَ َفانِّيُّون" ،كما َّ
النعمان رضي للا عنه ،بل إهنم َ
ليسوا ملتزمني مبذهبهم يف الواقع.
ومجيع رجال الدين الرمسيِّني ،والسحرةُ ،واملشعوذون ،واملتَّجرون ُ معظم األكادمييني احملافظني،
ُ *
آالف املبشرين الصوفيِّني الذين ِّ
يكرسون ِّ
الصوفية ،و ُ ِّ
الطرق خاوات العلويني ،وشيو ُ
ود َد ُ
ابلدينَ ،
ط هؤالء ابإلسالم ال يتوافق مع الواقع أنفسهم للدعاايت القبورية ،مجيعُهم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن؛ لذاَّ ،
فإن َربْ َ
أب ًدا .ألنه يكاد ُُيرم التطرق إىل مبادئ الدين احلنيف ومسائل العقيدة يف اإلسالم ،خاصة يف نوادي
أي ِّ
األولياء أبدىن ذريعة ولدى ِّ وديْدهنُم أ ْن يتحدثوا عن كرامات
دأهبم َ
الصوفية النقشبنديني ،بل ُ
يتصورون
ض أهنم َّ فرت ُ
فرصة ..لقد رسخت جذور هذا املرض الدفني يف أعماق ضمائرهم إىل حدود يُ َ
ذات للا يف خميلتهم على صورةِّ شيخ ذي حلية بيضاءَ وعلى رأسه عمامةٌ عظيمةٌ يُ َّ
طل عليم من
ِّ
السماء! تعاىل للا عن ذلك علو كبريا.
إن املداس الدينية-الشعبية اليت تُوجد واحدةٌ منها عادةً جبوار كل مركز من مراكز الصوفية
يتخف ْون وارائَها ليزيِّنُوا بذلك ِّ
للتقيةَّ ، النقشبنديني ال ُْم ْسلُ َمانِّيني ،فإهنا يف احلقيقة ال تعدو عن َخلِّيَّة
دفعا للشبهات .إن املعت َقدات الصوفية
تمون ابلعلم ،وأهنم على عقيدة أهل السنة واجلماعة ً
أهنم يه ُّ
اليت اعتنقها وطورها قدماءُ األتراك منذ قرون ُمستوحاةٌ أصالً من البوذية والشامانية وقد بنوا على
أساسهما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّة الشامانو-بوذية ( )Shamano-Buddhist Muslumanismفأصبحت داينةً
روحها من التيار الصويف بوجه خاص .ومن هذا املنطلق جيوز احلكم ُّ
تستمد َ تركيةً قوميةً عنصريةً
على هذه الداينة أبهنا وإن تبدو يف مظهرها شكال من أشكال التعبُّ ِّد والتنسك ،إال أهنا ال تعتمد
على مؤسسة إميانية يف الواقع .لذلك احتلت األساطري وحكاايت املالحم وامليتولوجيا وقصص
اإلميان ابلوحي وِبياة اآلخرة يف الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (.)Müslümanlik
ِّ ُمل
كرامات األولياء َّ
هلذا فإن السياسيني ،يكاد مجيعهم يُغفلون سيادة للا فيهتفون بسيادة الشعب ،ويتَّفقون على إنشاء
الدستور للدولة على هذا األساس ،وكلما دعت الظروف لتعديله ،وهم هبذا املوقف متنكرون
حلاكمية للا وسيادته ،ميضون ابتفاقهم هذا يف مثل هذه القرارات دومنا إحساس أبي حرج .هؤالء
السياسيون كلهم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن ،مل يسبق أن َّ
أقر أحد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن" ومن الرباهني
رفيع
شخصا َ ً الصارخة على استخفافهم بنصوص الكتاب والسنة؛ أن سليمان دميريل الذي كان
املستوى من النخبة السياسية احتل منصب رائسة اجلمهورية ،جترأ بتصرُيه على شاشات التلفاز،
فقال ابحلرف الواحد:
"إن احلياةِّ ال مساغ لتنظيمها وفق آايت القرآنَّ ،أما إ ْذ تقولون لِّنَ عُ ْد إىل األايم اخلوايل ،فذاك
انتكاس ورجعية؛ يستحيل العودةُ إىل الورى!"
اثنيا :تفاصيل عن اخلالفات بني اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ()Müslümanlik
ۡ ۡ * َّ
ول فَ ُخ ُذوهُ َوَما َهنَا ُكم َعنهُ "وَما آ َت ُك ُم ٱ َّلر ُس ُ إن اإلسالم قائم على دعامة "التوقيفية"؛ قال تعاىلَ :
ۡ ۡ ۡ
ك َعلَ َٰى َش ِّريعة ِّم َن ٱأل َۡم ِّر فَٱتَّبِّ ۡع َها "َثَّ َج َعل َٰنَ َ
اب 1".وقال تعاىلُ : فَٱنتَ ُهواَ ،وٱتَّ ُقواْ ٱ ََّّللَ إِّ َّن ٱ ََّّللَ َش ِّدي ُد ٱلعِّ َق ِّ
ب ََٰه َذا ذف أ َۡل ِّسنَ تُ ُكم ٱ ۡل َك ِّص ُوَال تَتَّبِّ ۡع أ َۡهواء ٱلَّ ِّذين َال ي ۡعلَمو َن 2".وقال تعاىل" :وَال تَ ُقولُواْ لِّما تَ ِّ
َ ُ َ َ َ َ ُ ََ َ
ِّۡ ِّ ِّۡ ۡ َّ ِّ ِّ ِّ ۡ ۡ ِّ
ب ،إِّ َّن ٱلذ َ
ين يَف َرتُو َن َعلَى ٱ ََّّلل ٱل َكذ َ َحالَ ٌل َو ََٰه َذا َح َر ٌام لتَ ف َرتُواْ َعلَى ٱ ََّّلل ٱل َكذ َ
3
ب َال يُفل ُحو َن".
اجلامعة ،فريون ِّ حاب مشوليَّتِّ ِّه وب ُكلِّيَّتِّ ِّه إن مجيع املسلمني ِّ
املوحدين يؤمنون ابلقرآن الكرمي يف ُر ِّ َّ
ونظام حياة متكامالً ،وأنه كلٌّ ال يتجزأ أب ًدا .أما الداينةُ َ اإلسالم جبميع قِّيَ ِّم ِّه السامية دينًا
َ
دئ اثبتة ،وال عالقة هلا ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ( ،)Müslümanlikفإهنا غري ذات حدود معيَّنة ،وال مبا َ
ابلوحيِّ ...لذا ،على رغم مشاهبتها ابإلسالم يف صورهتا اخلارجية ،فإن األكثريةَ من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ
ني
(بتصرفاهتم) ال يبدون معتقدين ابآلايت القرآنية آنفة الذكر .يربهن على هذه احلقيقة أن أح ًدا من
علماء األتراك مل يطرق هلذه املسألة ولو بكلمة واحدة.
* كل مؤمن معتنق لإلسالم وخملص يف دينه يعرف هذا املبدأ (مع مصدره) بصورة مؤَّك َدة ،وخيشى
انتهاك احلدود اليت يرمسها .أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون ،فإهنم ال يعتدن هبا وال ُّ
يهتمون بتعاليم الدين احلنيف َ
ياان أخرى .وكمثال هلذه
أحياان ،ويتالعبون هبا أح ً
يستخفون هبا ،ويتجاهلوهنا ً ُّ ِّ
السامية ،بل وال ِّبقيَ ِّم ِّه
ني قد ال يكون أح ٌد منهم ِّمسع كلمةَ "التوقيفية" حىت مرةً واحدةً يف كثريا من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ
احلقيقة فإن ً
اق
"اي َس ْ كل حياته ،ولو مسعها مل يعبأ هبا ..لذا ،فإن مفهومي (احلالل) و(احلرام) ليسا ِّ ِّ
بنفس أمهية َ
،"yasakأي "املمنوع" عند ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ
ني.
2اجلاثية18 :
3النحل116 :
ِّ ِّ اإلسالم دين إهلِّ ٌّي ٌّ
عاملي ،ينبِّهُ أبخباره على
ِّ
العقل احلقائق الكونيَّة وأسر ِّار احلياة ،ويضئ َ
سبيل ِّ َ َّ
إن
ون ِّ
شر ِّ
والسالم ِّ
والتعاون ِّ
اإلخاء ِّ
أبحكام ِّه ،ويدعو إىل ِّ
العدل سبيل وميه ُد ِّ
وإرشاداتهِّ ، ِّ
بتعاليمه
َ
املنكر ...بعث للا تبارك امسهُ النبيئني واملرسلني من ِّ ابملعروف وينهى عنِّ ِّ
بنصائحه ،أيمر ِّ
الفضائل
ِّ
ودعوهتم إليه .أما ين إىل ِّ
الناس تبليغ هذا ِّ
الد ِّ ألجل ِّ ُممد عليهم الصالة والسالم ِّ لدن آدم إىل ِّ
َ
ش ِّريَّةٌ مرَّكبةٌ من قسط كبري من مناسك اإلسالم وعقائ َد ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ( ،)Müslümanlikفإهنا داينةٌ بَ َ
بر ،كانت راسخةً رد والرب ِّرس وال ُك ِّ والص ِّ
غد وال ُف ِّ والرت ِّك ُّ ِّ
العرب ُّ بقيت عالقةً بضمائر الناس من وثنية ْ
فمزجومها واختلقوا منهما داينةً مساها يف قلوهبم منحدرةً عرب األجيال من عهد ما قبل اإلسالمَّ ،
اك ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ( .)Müslümanlikلكنه ال توجد أمةٌ غري األتراك تستخدم أو تنطق بكلميت األتر ُ
ِّ
الداينة بِّْن يَةً راسخةَ اجلذور بطر ِّيق ( )Müslümanو( .)Müslümanlıkلقد جعل األتراك من هذه
ِّ
إضفاء ِّمسات خاصة ومناسك ُخمْتَلِّ َفة ،من أجل
َ وتنظيم طقوس ِّ ِّ
العديد من الطُُّر ِّق الصوفية، ِّ
إنشاء
على إسالمهم القومي الفريد.
حول ِّ
ميالد الرسول صلى للا عليه على سبيل املثال ،أنشأ الشاعر الرتكي سليمان تشليب قصيدةً َ
لكن هذه
وسلم ،يف عهد السلطان ابيزيد األول ( ،)1403-1360ومسَّاها "وسيلةَ النجاة"َّ ،
ِّ
"املولد ا ِّ
لنبوي"، يت ب
ومس ْ ِّ
الدعاء واالبتهالُ ، عاما إىل شكل من
لت بعد مائة ومخسني ً
القصيدةَ حتو ْ
الرتح ِّم على املوتى يف عهد السلطان مراد الثالث. ِّ
كطقوس ُّ ِّ
املساجد حفالت ِّ
املولد يف ُ وبدأت تُقام
ْ
تعبريا عن اشتياق
حدثت ً ْ واضحا َّ
أن هذه املبادرةَ إمنا ً ودامت إىل اليوم ..يبدو
ْ ()1595-1546
حزاب من األحزاب ِّ
احلقيقة َّ
أن ً األتراك لدايانهتم اليت كانوا عليها قبل اإلسالم .يربهن على هذه
النبوي تكرميًا لروح مصطفى كمال يف 10نوفمرب 2019م .مما ُّ
يدل ِّ أقامت حفل ِّ
املولد ِّ
السياسية
ْ َ
على ثبوت هذا الشوق إىل العهد الوثين ،وعبادة أرواح األجداد .كما يظهر بذلك (خاصةً يف ضوء
مشوب ابخللط ،والشعوذة ،واملعتقدات الباطلة، الديين يف اجملتمع الرتكي الفهم ِّ
التالية) َّ ِّ
ٌ َّ أن َ التفاصيل
ويسود عليه ما ال مزيد عليه من البلبلة والفوضوي.
والر ِّ
داء ،والسروال واملِّسبَ َح ِّة؛ ليست * األزايء الدينيةُ وما يتبعها من الوسائل كالطاقية ،والعِّ ِّ
مامةِّ ،
اللباس إلظهار الوقار ،قال ِّ حتسني
َ من اإلسالم يف شيء ،بل اإلسالم أيمر بسرت العورةِِّّ ،
ويفضل
آد َم ُخ ُذواْ ِّزينَ تَ ُك ۡم ِّعن َد ُك ِّل َم ۡس ِّجد"َّ 4أما هذه األدوات ،فإن كلَّها تُستَخ َد ُم إلظهار
"اي بَ ِّين َ
تعاىلَ :
ِّ
اإلحتكار ينم عن هواجس التديُّ ِّن والتعب ِّد يف الداي ِّنة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ( ،)Müslümanlikوذلك ُّ
سةٌ ِّ والالفت يف هذه العادة َّ ِّ ِّ ِّ ِّ
بعض تلك األدوات مقتَ بَ َ أن َ ُ والعواطف... الضمائر واستغالل والنفاق،
من ِّ
أزايء الرهبان.
4األعرا31 :
ب العلوم .لقدص يف ُشعبة أو أكثر من ُش َع ِّ
ختص َ
لقب "العامل" يف اإلسالم على الشخص الذي َّ يُطلَ ُق َ
احلط من شأن ال ِّ
علماء ،واستبدلوه ألغى الْمسلُمانِّيُّون هذا العنوان ُتاما يف املاضي القريب بغية ِّ
ً ُْ َ
ب ألقاب أخرى تقلي ًدا ابلكفار الغربيني ،مثل" :األكادميي" ،و"الربوفسور" ،و"الدكتور" وغريها...
* ممارسة السحر ُمرم يف اإلسالم ،وعقوبة هذه اجلرمية هي القتل ،لكن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ
حترُم السحر ،لذا آالف السحرة واملشعوذين يواصلون نشاطاهتم اليوم يف ( )Müslümanlikال ِّ
اجملتمعات ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ( )Müslümanlikعالنيةً وبكل حرية .وال يكاد أحد من ال ُْم ْسلُ َمانِّيني إالَّ
اب ،أو جسما يف ثيابه أو يف ُمفظته ،كقطعة من قشر السلحفاء ،أو منقار الغر ًِّ وُيمل ُتيمةً أو
ساحر ،وهو يعتقد أهنا تَِّق ِّيه من ِّ
األشياء فضالت األرنب وحنو ذلك ..قد أوصاه هبذه ِّ حبَّات من
ٌ
عدوهِّ .وكم من ال ُْم ْسلُ َمانِّيني يطوفون على السحرةِّ يطلبون منهم
السوء ،أو تُيَ ِّس ُر له الغلبةَ على ِّ
املدد لِّيُ َعكِّ ُروا حياةَ األخرين ،فيؤدون هلم مبال َغ من اإلجر ،مقابل أعماهلم اخلرافي ِّة وما يعدُّون
مواد جنسة وضارة ِبياة اإلنسان.
النفس من َّ
ُ شمئز منه
لزابئنهم من تركيبات خطرية فيها ما ت ُّ
نظاما خاصا للمعاهدين من غري املسلمني الذين يعيشون حتت محاية الدولة
اإلسالم ً
ُ لقد حدد
احلريب فحسب .وبناءً على هذه الكفالة ،فإن أهل الذمة
ِّ اإلسالمية ،وإمنا العدوان على الكافر
يتمتعون ِبقوق معينة ،هلم مبوجبها مناعةٌ ميارسون يف ظلها طقوسهم ويعيشون حياهتم يف أمان؛ فال
جبوز ألحد من املسلمني أن يُهني ِّذ ِّميا ،أو يَتَّ ِّه َمهُ بسبب معتقداته ،أو يُ ِّسيءَ إىل قِّيَ ِّم ِّه ومقدساته ،أو
كنائس) َ ِّ مينعهُ من عمله .كما أن َم َعابِّ َد ُه ْم (من ِّ ِّ
صوامع وبيَع و َ ۡ
يظلمهُ يف شيء من ماله وممتلكاته ،أو َ َ
ۡ ۡ ۡ كلُّها مصونة .وهذا مفهوم من قوله تعاىلۡ :
ص َو ِّام ُع ِّ
ض ُهم بِّبَ عض َّهلُد َمت َ
ِّ
"ولَوَال َدف ُع ٱ ََّّلل ٱلن َ
َّاس بَع َ َ ٌ ٌ
اج ُد يذ َكر فِّ َ ۡ ِّ ِّۡ ات وم ِّ
نص ُرهُ ،إِّ َّن ٱ ََّّللَ لََق ِّو ٌّ
ي َع ِّز ٌيز.". نص َر َّن ٱ ََّّللُ َمن يَ ُ يها ٱس ُم ٱ ََّّلل َكث ً
رياَ ،ولَيَ ُ س ُ ُ َوبِّيَ ٌع َو َ
صلَ َو ٌ َ َ َ
ِّ ِّ
اه ًدا أ َْو َكلَّ َفهُ فَ ْو َق طَاقَته أ َِّو انْ تَ َق َ
صهُ أ َْو أَ َخ َذ وقال رسول للا صلى للا عليه وسلم " :أَال َم ْن ظَلَ َم ُم َع َ
ِّ ِّ 5
يجهُ يَ ْوَم الْقيَ َامة" ِّ ِّم ْنهُ َشي ئًا بِّغَ ِّْري ِّط ِّ ِّ ِّ
يب نَ ْفسه؛ فَأ ََان َحج ُ ْ
ان بصورة مستمرة ،لذلك يلجأ هذه األقليات تتعرض لإلزالل واإلهانة يف اجملتمع الرتكي ال ُْم ْسلُ َم ِِّّ
بعضهم إىل استبدال امسه ابسم آخر من أمساء األتراك ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني ،كما أن اليهود واملسيحيني ال
يكتبون أمساءهم على متاجرهم ،وال يتحدثون بغري اللغة الرتكية إالَّ يف بيوهتم خمافة أن ال يناهلم سوء
من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني .هذا ،وينبغي هبذه املناسبة أن ال نتجاهل أن عشرات من رموز احلركة الفاشية،
مثل نور الدين ابشا الذي قام إبابدة العلويني (من عشرية كوجكريي) عام 1921م .وطوابل عثمان
ني جبزار األقلية البُنطُسية ،والشاب (أوجون ساماست) الذي قتل (عثمان األعرج) ،املعروفَ ْ ِّ
الصحفي األرمين (هرانت دينك) يوم 19يناير عام ،2007والشاب (أوغوز خان آكدين) الذي
قتل الراهب اإليطايل (آندراي سانتورو) يوم اخلامس من شهر شباط عام 2016م .يف مدينة طربزون
الرتكية ،كان هؤالء كلهم مسلُمانِّيِّني ،وال يوجد بني ِّ
هؤالء البلطجيني أح ٌد من املسلمني ِّ
املوحدين. ُْ َ
َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ( )Müslümanlikفإهنا داينةٌ ال عالقة هلا ابلوحي ،وال أساس هلا من الكتاب
اإلسالم كالصالةِّ والصوم واحلج وغريها من ِّ ت بِّسرقات من ِّ
والسنة ،بل ترتاءى يف صورة زائفة ُرمس ْ
ت الْمسلُمانِّيَّةُ ( )Müslümanlikهبذه العناصر املقتَ بس ِّة ،ب غْيةَ ِّ ِّ ِّ
إرابك ََ َُ قيَ ِّم الدين احلنيف ...وإمنا طُليَ ْ ُ ْ َ
س، والرت ِّك ،وال ُك ْرِّد ،والالَّ ِّز ،واجلورج ،والبُنطُ ِّ
سُّْ ، ِّ
أعجام ال ُف ْر ِّ الرعاع من
ِّ ِّ
قطعان ِّ
وتوجيه ِّ
العقول،
ِّ
عقائد والبشتون ،والطاجكيِّني ،وأكثرية من العرب املنافقني ...تتفشى أسرار هذه الداينة من ِّ
خالل ُ
سةَ من ِّ
طقوسهم الوثنيةَ ،وتقالي َدهم اخلرافيةَ ،وقوانينَهم املقتَ بَ َ َ وتصرفات منتسبيها عندما ميارسون
اجملتمعات املسيحية الغربية ...لذلك ال يعبأ كثريٌ من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني ابلتمييز بني احلالل واحلرام ،بل
ابلقيَ ِّم ،ويتصرفون وف ًقا ابملشروع ،ويتهاونون ابلنصوص ،ويتالعبون ِّ َ يعبثون ابملفاهيم ،ويتجاهلون
الكتاب والسنة .يؤكِّ ُد على ِّ ملصاحلهم ،أو استجابةً ملعتقداهتم ،ولو كانوا خمالفني يف ذلك لضوابط
اإلسالم ُكلَّ َما وجدوا الفرصةً ساحنةً لتنفيذ جناايت رهيبة ِّ ِّ
حساب ِّ
احلقيقة إجرامهم على هذه
السلطات قاصرةٌ ،بل آمثةٌ يف تساهلها مع اجملرمني، ِّ واجب عليهمَّ ،
وأن القيام هبا يعتقدون َّ
أن
ٌ َ
رؤساء العشائر يف فرض ِّ كمشاركة شيوخ الصوفية النقشبنديني يف املنطقة الكردية بشرقي تركيا مع
قران كامالً من عام
العقوابت على اجملرمني (وف ًقا لفتاواهم املخالفة للشرع) .دامت هذه املشاركة ً
1850م إىل 1950م تقريبًا .كانت العقوبة هي القتل غالبًا ،تُن َّف ُذ يف الفتاةِّ اعتم ً
ادا على وشاية أبن
هناك عالقةُ حب بينها وبني أحد فتيان القرية .فكانت الفتاةُ تتعرض للقتل بصورة خفية ودون علم
السلطات األمنية والقضائية!
وقوانني
ُ فالعبادات،
ُ واضحا؛ ً وممارسات الدين يف اإلسالم عن العادات والتقاليد َُتَيُّ ًزا ُ * تتميَّ ُز قواع ُد
ِّ
والسنة، وأحكام العقوابت كلُّها منصوصةٌ وُمددةٌ يف الكتاب والعالقات البشر ِّية،
ِّ ِّ
اإلجتماعية احلياةِّ
ُ
وثقافاهتِّم من بلد
ِّ أذواق املسلمني وعقليَّ ِّاهتِّم ابختالف ِّ ِّ ختتلف
ُ العادات والتقالي ُد املشروعةُ ،فإهنا ُ أما
ِّ
والسنة ...أما ض بينها وبني نصوص الكتاب ِّ
ار َ
إىل بلد ،وال مشاحة يف هذا اإلختالف ،ألنه ال تع ُ
ِّ ِّ ِّ ِّ
التقاليد ،بل كلها العادات و ين عن ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ ( ،)Müslümanlikفال ضابط فيها ُُتَيِّ ُز الد َ
ِّ
كلبس آداب التدين، ِّ ِّ
الثياب من بعض أنواع عد ارتداءُ ِّ متشابكةٌ وخمتلطة .على سبيل املثال :يُ ُّ
ِّ
املولد ِّ
حفلة ضا تُعد من العبادةِّ؛ ك ِّ
إقامة ِّ
والطقوس أي ً والرداء ..وممارسةُ كثري من البِّ َد ِّع ِّ العِّ ِّ
مامة
ِّ
واإلبتهاالت ب عروس" للمولويني، ِّ
وحفلة " َش ِّ تغىن فيها ب "قصيدة الربدة"، انيم يُ َّ ِّ ِّ
النبوي ،وحفلة تر َ
ِّ
األضرحة، ب عند والرته ِّ
ُّ ِّ
القبور، "منظزمة ا ْجلو َش ِّن" ،وزايرةِّ
ِّ التفرجيية" وتالوةِّ
ِّ املعروفة ب "الصالةِّ
ِّ
َْ
وأمثاهلا...
وأتباعهم املؤمنون ،واحلواريُّون ،والصحابةُ والشهداءُ والصاحلون ميتازون مبكانة عند للا ُ * األنبياءُ،
ۡ ۡ ۡ
ض ُه ۡم ك ٱ ُّلر ُس ُل فَضَّلنَا بَع َ ذكر فضلِّهم يف مواطن كثرية من القرآن الكرمي؛ قال تعاىل" :تِّل َ ورد من ِّ لِّما َ
ِّ ۡ ۡ ۡ ِّ ِّ ۡ ضه ۡم َدرجات وآتَ ۡي نا ِّ على ب ۡعض ِّم ۡن هم من كلَّم ٱ ََّّلل ورفع ب ۡ
وحيسى ٱب َن َمرَميَ ٱلبَ ينَات َوأَيَّ َ ُ ُ ِّ
ر ب ه اند َ ع َ َ َ َ ُ َ ع ُ َّ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َٰ َ
ۡ ۡ
ار ُر َمحَاءُ بَ ۡي نَ ُه ْم تَ َرا ُه ۡم ُرَّك ًعا َشدَّاءُ َعلَى ٱل ُك َّف ِّ َّلل ،وٱلَّ ِّذين معهُ أ ِّ
َ َ ََ
ول ٱ َِّّ ُ سُ ر
َّ دٌ م
َّ َ ُّ
ُم " : تعاىل وقال "... ِّ
س دُ ق
ُ ل ٱ
ك َمثَلُ ُه ۡم ِّيف ودَٰ ،ذَلِّ َلسج ِّ ُّ ٱ ِّ
ر َث َ
أ نوه ِّهم ِّم ۡ َّلل وِّر ۡضو ًاانِّ ،سيماه ۡم ِّيف وج ِّ س َّج ًدا ي ۡب ت غُو َن فَ ۡضالً ِّمن ٱ َِّّ
ُ ُُ ُ َ َ َ َ ََ ُ
ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ
اع
ب ٱ ُّلزَّر َ ِّ ِّ ِّ
ظ فَٱستَ َو َٰى َعلَ َٰى ُسوقه يُعج ُ آزَرهُ فَٱستَ غلَ َ ج َشطْئَهُ فَ َ يلَ ،ك َزرع أَخ َر َ ٱلتَّوَراةَِّ ،وَمثَ لُ ُهم ِّيف ٱ ِّإل ِّجن ِّ
ات ِّم ۡن هم َّم ۡغ ِّفرةً وأ َۡجرا َع ِّ ِّ لصلِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِِّّ ۡ
يما ".وقال ظ ُ ح
َ َٰ
َّ ٱ ا
ْو ل
ُ م ع
ظ هب ُم ٱ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ
و ا
ْو نآم ين ذ َّ
ل ٱ َّ
َّلل ٱ د ع و ، ار َّ
ف ك
ُ ل ليَغي َ
ً َ َ ً
ۡ ۡ ِّ ۡ
ني * َشاكِّ ًرا ِّألَن عُ ِّم ِّه ۡاجتَ بَاهُ َو َه َداهُ إِّ َ َٰىل ك م َن ٱل ُمش ِّرك َ
َّلل حنِّي ًفا وَۡمل ي ُ ِّ ِّ ِّ ِّ
يم َكا َن أ َُّمةً قَانتًا َّ َ َ َ
ِّ ِّ ۡ ِّ
تعاىل" :إ َّن إب َرَٰه َ
ني .لقد ورد كثريٌ من أمثال ِّلص ِّ
احل َّ ٱ ن ِّ
َم ل صراط ُّم ۡست ِّقيم * وآتَ ۡي نَاهُ ِّيف ٱلد ُّۡن يا حسنَةً وإِّنَّه ِّيف ٱ ۡأل ِّخرةِّ ِّ
َ َ َ َ ََ َ ُ َ َ َ
هباان ،والَ كهنةً، هذه اآلايت الكرمية يف ِّ
ولكن هؤالء العُظَماءُ مل يكونوا قديسني ،وال ُر ً الثناء عليهمَّ ،
اإلهلي على ِّ ِّ
نظامه ِّ
وأتسيس إلعالء كلمته، ِّ وال كهنوتيني ...بل كانوا عباد للا خملصني له ،جماهدين
ۡ ا
ش ٌر ِّمث لُ ُك ۡم آمرا رسولَه ُمم ًدا" :قُ ْل إِّ َّمنَا أ ََان بَ َ ً عبادهِّ ،كما قال سبحانه عدله بني ِّ وإقامة ِّ ِّ ِّ
األرض،
ادةِّ َربِّ ِّه
ۡ ۡ
احلًا َوَال يُش ِّرك بِّعِّبَ َ َٰح ٌد ،فَمن َكا َن ي ۡرجواْ لَِّقاء ربِّ ِّه فَ ۡلي ۡعم ۡل َعمالً ص ِّ يل أ ََّمنَا إِّ ََٰهل ُك ۡم إِّ َٰلَهٌ و ِّ
وح َٰى إِّ ََّ
ََ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ يُ َ
َح ًدا".
أَ
ِّ
األنبياء واملرسلني أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (َّ ،)Müslümanlik
فإن معتنقيها ومنتسبيها إمنا يعتقدون يف
والصحابة والصاحلني كاعتقادهم يف رجال الدين ،وشيوخ الطرق الصوفية ،واملشعوذين ،ومن
أرض ِّه ،وأهنم ابألولياء ويتعبدون عند أضرحتهم ...إمنا يروهنم وكالء ينوبون عن ِّ
للا على ِّ ِّ يصفوهنم
َ
ِّ
هؤالء الشخصيات إال الغيب ويتصرفون يف ملكه ..فال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون يف احلقيقة ال يُعظُّمو َن يعلمون
َ
بتوسطهم من عذاب النار، ِّ
احلساب ،ويَنجو َن ُّ ألهنم يعتقدون فيهم أهنم سوف ينالون شفاعتهم يوم
دون أي اعتبار مبا أوحى للا إىل رسله من األحكام واألمر والنهي ..لكنهم ال يقفون عند هذا ِّ
احلد،
ِّ
رسوابت االعتقاد من
َ بعض حكامهم وأبطاهلم للعهد اجلاهلي ،يالحظ َّ
أن هذا بل يُضيفون إليهم َ
ِّ
األجيال إىل يومنا .يدل على ذلك ِّ
االسالم ،فاحندرت معهم عرب دايانهتم اليت كانوا عليها قبل
مجيعا من أولياء للا وخاصته الذين
آل عثمان على وجه اخلصوص؛ إذ يعدوهنم ً سالطني ِّ
ِّ ُتجيدهم ل
يدخلون اجلنةَ بغري حساب!
َّ ِّ
تعاىل "إِّ َّن ٱلذ َ
ين
ۡ
إن اإلسالم دين التوحيد ،يُعلن عن مصري املشركني أبهنم خالدون يف العذاب؛ قال
ِّ ۡ ۡ ۡ ِّ ِّ ۡ ۡ
ك ُه ۡم َش ُّر ٱل َِّربيَِّّة 6".أماِّ
ئ ََٰ
ل ُو
أ ،ا يهِّ
ف
َ ََ َ َ َ َ ْ َ ين ِّ
د ِّ
ل ا خ َّم
ن ه ج ِّ
ر ان ِّ
يف نيِّ
ك ِّ
َك َف ُرواْ من أَه ِّل ٱلكتَاب َوٱل ُم َ
ر ش
للا ،ويُشعلون الْمسلُمانِّيَّةُ ( ،)Müslümanlikفإهنا داينةٌ وثنيةٌ ،معتنقوها يشركون شيوخهم مع ِّ
ُْ َ
الشموع عند قبورهم ،ويتضرعون إليهم ،ويطلبون منهم قضاء حاجاهتم ،والفرج عن كربتهم.
َ
إن الغيب يف العقيدة اإلسالمية ال يعلمه إال للا سبحانه .قال تعاىل" :قُل َّال يَ ۡعلَ ُم َمن ِّيف * َّ
ۡ ۡ ۡ
ول لَ ُك ۡمب إَِّّال ٱ ََّّللَُ ،وَما يَشعُ ُرو َن أ ََّاي َن يُ ۡب َعثُو َن 7".وقال تعاىل" :قُل َّال أَقُ ُ َ ض ٱلغَ ۡي لس َماوات َوٱأل َۡر ِّ ٱ َّ
ۡ َّلل وَال أ َۡعلَم ٱلغ ۡيب وَال أَقُ ُ ۡۡ
يل ،قُ ۡل َه ۡل ك ،إِّن أَتَّبِّ ُع إَِّّال َما يُ َ
وح َٰى إِّ ََّ ول لَ ُكم إِِّّن َملَ ٌ َ َ ُ َ َ
ندي َخزائِّن ٱ َِّّ
ُ َ
ِّع ِّ
ني َعلَ َٰى َما أَنتُ ۡم ِّ
ن صري ،أَفَ َال تَت َف َّكرو َن 8".وقال تعاىل" :ما َكا َن ٱ ََّّلل لِّي َذر ٱ ۡلم ۡؤِّ
م ِّ ب
ۡ
ل ٱو ى
َٰ م
ۡ ِّ ۡ ۡ
َع
يَستَوي ٱأل
ُ َ َ ُ َ َ ُ َ ُ َ َ َ
ۡ ۡ ۡ
ب َوَٰلَكِّ َّن ٱ ََّّللَ َ ۡجيتَِّيب ِّمن ُّر ُسلِّ ِّه َمنبَ ،وَما َكا َن ٱ ََّّللُ لِّيُطلِّ َع ُك ۡم َعلَى ٱلغَ ۡي ِّ يث ِّم َن ٱلطَّيِّ ِّ ىت َميِّ َيز ٱخلَبِّ َ
ۡ
َعلَي ِّه َح َّ َٰ
ۡ
9
َّلل َوُر ُسلِّ ِّهَ ،وإِّن تُؤِّمنُواْ َوتَتَّ ُقواْ فَ لَ ُك ۡم أ َۡج ٌر َع ِّظي ٌم". شاء ،فََ ِّامنُواْ بِّٱ َِّّ
يَ َ ُ
6البينة6 :
7النمل65 :
8األنعام50 :
وشيخهم الثان امللقب ب "األُوي ِّسيِّ" ُممد هباء الدين البخاري ،يزعمون أنه أخ َذ ِّ
الس َّر من عبد َْ
وولِّ َد ُممد هباء الدين البخاري سنة 791
اخلالق الغجدوان ،بينما الغجدوان مات عام 575هُ .
عاما من وفاة عبد اخلالق الغجدوان!
من اهلجرة؛ أي بعد ً 216
لقد وردت آايت كرمية يف وصف أهل للا وهم رجال صاحلون ،يتقون للا يف السر والعالنية،
وينقادون ألوامر للا ،وجيتنبون نواهيه بدقة وعناية ،ويتبعون سنة رسوله عليه الصالة والسالم .قال
الزَكاةِّ َخيَافُو َنالص َالةِّ َوإِّيتَ ِّاء َّ يهم ِّجتَارةٌ وَال ب يع َعن ِّذ ْك ِّر َِّّ
اَّلل َوإِّقَ ِّام َّ ال َّال تُل ِّْه ِّ ْ َ َ َ ْ ٌ تعاىل يف ذكرهمِّ " :ر َج ٌ
ضلِّ ِّه َو َّ
اَّللُ يَ ْرُز ُق س َن َما َع ِّملُوا َويَ ِّزي َد ُهم ِّمن فَ ْ َح َ ار * لِّيَ ْج ِّزيَ ُه ُم َّ
اَّللُ أ ْ صُ وب َو ْاألَبْ َ ب فيه الْ ُقلُ ُ
ي وما تَتَ َقلَّ ِّ ِّ
ُ َْ ً
ۡ ۡ
شاء بِّغَ ِّْري ِّحساب" 11وقال تعاىل" :ٱلَّ ِّذين يذ ُكرو َن َّ ِّ
وهبِّمَ ،ويَتَ َف َّك ُرو َن ودا و َعلَ َٰى جنُ ِّ
ُ ٱَّللَ قيَ ًاما َوقُعُ ً َ َ َ ُ َ َمن يَ َ ُ
ِّ َٰطال س ۡ
ِّ ۡ ۡ
ت وٱأل ۡ ِّ ۡ
َّار" 12وقال تعاىل" : اب ٱلن ِّ ذ
َ ع ا نق ف
َ ك
ََ َ َ َ َ َ ً ُ َ ََ َ َ َن ا ح ب ب ا ذ
َ َٰ
ه ت ق ل
َ خ ا م ا ن ب
َّر ض ِّ َر َّ َ َ َ ااو م ٱلس قِّ ل ِّيف َخ
ۡ ٱلصابِّ ِّرين ،و َّ ِّ ِّ ِّ ۡ ِّ ۡ
ني،نيَ ،وٱل َقانِّتِّ َٱلصادق َ َّار * َّ َ َ اب ٱلن ِّ ين يَ ُقولُو َن َربَّنَا إِّنَّنَا آ َمنَّا فَٱغفر لَنَا ذُنُوبَنَا َوقنَا َع َذ َ َ ٱلَّ ِّذ
ار 13".كانت هذه صفات الصاحلني يف اإلسالم.
ۡ
ين بِّٱأل َۡس َح ِّ ِّ
ر فو ۡٱلم ِّنف ِّقني ،و ۡٱلم ۡستَ ۡغ ِّ
َ َ ُ َ َ ُ
فإهنا ال تُِّق ُّر بتحقيق اإلميان وال تويل أي اهتمام ابلعمل الصاحل،
أما الْمسلُمانِّيَّةُ (َّ ،)Müslümanlik
ُْ َ
ِّ
البقاء به .وإمنا بل تؤكد على "أن عظمة املكانة لإلنسان منوطةٌ ابنصهاره وفنا ِّئه يف ذات للا َث
السالك وليًا تصدر منه اخلوار ُق
ُ يتحقق ذلك ابنتهاء السري والسلوك الصويفَ .ث بعد ذلك يُصبح
اب إىل الذهب ،وتطويع ب ،وحتويل الرت ِّ الس ُح ِّ امات؛ كاملشي على ِّ
املاء ،والطريان فوق ُّ والكر ُ
الوحوش الكواسر "...هذا هو طريق الرتقي إىل املعايل يف الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (،)Müslümanlik
هفوات ساقطةٌ وإدعاءات ابطلةٌ يتداوهلا شيوخ ٌ إالَّ أن هذه املزاعم ال أصل هلا يف الواقع ،وإمنا هي
الس َّذ ِّج ،وتسحري عقول الرعاع ،وتسخريهم رجال الدين الستغالل ضمائر ُّ الطرق الصوفية ويؤيِّدهم ُ
يف حتقيق املصاحل.
11النور 38-37
ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون أصالً خمتلفون يف هذه املعتقدات ،كثرةٌ منهم ملتزمون مبا يف الكتاب والسنة رغم
انتمائهم إىل ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ( ،)Müslümanlikألهنا قد أصبحت عندهم من العادةِّ أكثر من داينة،
يوما َّما يف تركيا بتيسر منه سبحانه.
إنتشار اإلسالم ً
َ س ِّه ُل إن شاء للا تعاىل وهذا قد يُ َ
إن أكرب ومكرًرا .كما َّ ِّ * اإلسالم دين "التوحيد" .يؤكد القرآن على وجود للا ووحدانيته بوضوح
ۡ
ٱَّللَ َال يَغ ِّف ُر أَن
اك ابهلل بشكل مباشر أو غري مباشر .قال تعاىل" :إِّ َّن َّ جرمية يف اإلسالم هي اإلشر ُ
ۡ ۡ ِّ ِّ ِّ ۡ ۡ ۡ ۡ
ِّ ك لِّ َمن يَ َ يُش َر َك بِّ ِّه َويَغ ِّف ُر َما ُدو َن َٰذَلِّ َ
يما 15".وقال تعاىل: رت َٰى إِّمثًا َعظ ً شاءَُ ،وَمن يُش ِّرك ب َّ
ٱَّلل فَ َقد ٱف ََ
ۡ ِّ ۡ ِّ ِّ ۡ ۡ ۡ ۡ
ض َالالً
ض َّل َ ٱَّلل فَ َقد َ شاءَُ ،وَمن يُشرك ب َّ ك لِّ َمن يَ َٱَّللَ َال يَغ ِّف ُر أَن يُش َر َك بِّ ِّهَ ،ويَغ ِّف ُر َما ُدو َن َٰذَلِّ َ"إِّ َّن َّ
16
بَعِّي ًدا .النساء".
14يونس63 ،62:
15النساء48 :
16النساء116 :
غامض لكن اإلميان بوحدانية للا
ذكر وجود للا وارٌد فيهاَّ ، ِّ
ٌ َّأما ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ ( ،)Müslümanlikفإن َ
َّستهم
أموات قد َ
ٌ غري مؤَّكد يف مصطلحاهتا الروحانية .لذا ،تتعدد اآلهلة يف هذه الداينة؛ معظمهم
قباب ،تُز ُار أضرحتُهم ،وجبوارها مساجد
ين على قبورهم ٌ مجاعات غفريةٌ يف حياهتم فلما ماتوا بُِّ َ
ٌ
صغريةٌ ،يتعب ُد فيها ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون ،يُطلَ ُق على كل منهم لقب "ويل" ،هذه املعتقدات موروثة من
ِّ
اإلسالم ِّي. دايانت قدماء األتراك الذين عاشوا قبل العهد
ِّ
القسري ،وال يوجد أصالً لفظة "التديُّن" بني مصطلحاته. مسح ،ال ُمل فيه للتديُّن
دين ٌ
اإلسالم ٌ
َ إن
ِّ
واإلخالص يف الدين ،ويوصي ابلتقوى والفضائل. اإلسالم إىل اإلميان والعمل الصاحل
ُ وإمنا يدعو
مسلما ومؤمنًا.
واملعتنق للدين احلنيف يسمى ً
َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ( ،)Müslümanlikفإهنا داينةٌ وثنيةٌ خرافيةٌ ،ومن مصطلحاهتا "التَّ َديُّ ُن" ،وهو
استغاللاد به املراءاةُ و شائع يف اجملتمع ال ُْم ْسلُ َم ِِّّ ِّ ف يف االلتز ِّام، التكلُّ ُ
ُ ان يُر ُ والتظاهر يف األداء .وهو ٌ
ُ
العواطف ،وخمادعةُ ِّ
الناس لتحقيق مصاحل شيخصية. ِّ
البناء على القبور ،وهو من األعمال احملرم ِّة؛ " َعن جابِّ ِّر ب ِّن َعب ِّد َِّّ
اَّلل، * ال يسمح اإلسالم إبقامة ِّ
ْ َ ْ ْ َ
ص الْ َق ْربُ َوأَ ْن يُ ْب َىن َعلَْي ِّه بِّنَاءٌ 17.وقد أمجع علماء اَّللُ َعلَْي ِّه َو َسلَّ َم أَ ْن ُجيَ َّ
صلَّى َّ ول َِّّ
ص َ اَّلل َ الَ :هنَى َر ُس ُ
قَ َ
األمة مستدلِّني هبذا احلديث على حرمة رفع القرب أكثر من شرب ،وال يزاد عليه من الرتاب أكثر مما
خرج منه حني ُح ِّف َر.
فإن مقابرهم ال ختتلف عن مقابر اليهود والنصارى ،بل تفوقها مبا صرفوا من املال أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُونَّ ،
ِّ
القباب الرخام ،وتزيينها ،وإلصاق الرسوم أبلواحها ...كما هلم اهتمام كبريٌ إبقامة ِّ يف إنشائها من
كثريا منهم كانوا زاندقةً ،بذلوا جهودهم يف الدعوة إىل الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة
أن ً على قبور أوليائهم ،مع َّ
القضاء على اإلسالم ِّ ِّ
الناس ألجل ( )Müslümanlikوالعمل على ترسيخ جذورها يف ضمائر
احلنيف.
وردت
ْ شد الرحال إىل املساجد البعيدةِّ عن مكان اإلقامة ،ما عدا ِّ
ثالثة مساج َد * اإلسالم ُُيَ ِّرُم َّ
حال َّإال إىل ِّ
ثالثة ش ُّد ِّ
الر ُ أمساؤها يف قوله عليه السالم عن أيب هريرة رضي للا عنه أنه قال" :ال تُ َ
ام ،ومسجدي هذا ،واملسج ُد األقصى ".يدل ذلك على حدود التقديس
مساج َد :املسج ُد احلر ُ
ِّ
التقديس على حسب ما املسلم يف ُمظور ط
يتور َ
إنذار حىت ال َّ ِّ
ُ لألماكن املقدسة يف اإلسالم ،وهو ٌ
نفسهُ.
ُيلو له ،أو توسوس له ُ
أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون فإهنم ال يبالون هبذا التحذير ،بل يرتكبون ما هو أشد منه حرمةً ،فيشدون الرحال
حاجاهتِّم منها .فال شك أن مثل هذه
ِّ ِّ
ولطلب األضرحة قريبةً كانت أو بعيدةً ،وذلك للتربُّ ِّك هبا
ِّ إىل
الزايرات إمنا هي من أعمال الوثنيني ُّ
تعد من أبشع ضروب اإلشراك.
احللزون ،و َش ْع ِّر الذئب،ِّ ِّ والطالسم ،و ِّ ِّ ِّ
وقذيفة العظام، اإلسالم ُُيَ ِّرُم التم َ
18
والتعليقات َكالْ َو َد ِّع، ائم ُ *
احلسد واإلصابة ابلعني ،وما أشبه ِّ ِّ
الزرقاء اليت يُعتَ َق ُد أهنا حتمي من السلَح َفاةِّ ،وا ْخلَرَزةِّ ِّ
َ وقوقعة صغار ُّ ْ
ذلك ...فهذه كلها ُمرمة ،ال جيوز تعليقها على الطفل وال على أي شيء؛ ملا ورد يف السنة عن
ِّ اَّللُ َعلَْي ِّه َو َسلَّ َم يَ ُق ُ ت رس َ ِّ ين ،ي ُق ُ ِّ ِّ
ولَ " :م ْن تَ َعلَّ َق َُت َ
يمةً ،فَ َال صلَّى َّ
ول للا َ ولَ :مس ْع ُ َ ُ ُع ْقبَةَ بْ َن َعامر ا ْجلَُه ِّ َّ َ
ع للاُ لَهُ ".ويف رواية" :من تعلق ُتيمة فقد أشرك". أ ََتَّ للاُ لَهَُ ،وَم ْن تَ َعلَّ َق َو َد َعةً ،فَ َال أ َْو َد َ
العدل واإلحسان، ِّ دين ِّ أصيل ور ِّ * اإلسالم دين َعالَ ِّم ٌّيِّ ،
ني ،عقيدةٌ وشريعةٌ؛ وهو دين الفطرةُ ، ص ٌ ٌ َ
األنبياء واملرسلني من لدن آدم إىل ِّ دين العلم واملعرفة والفضائل ،دين اإلخاء والسالم ،دين مجيع
يستمد من الوحي اإلهليِّ ،كتابه القرآن الذي الَ َأيْتِّ ِّيه ُّ ُممد عليهم الصالة والسالم ،وهو نظام حياة
محيد 19".ورد في ِّه التوجيهُ إىل كل خري؛ قال نزيل ِّمن حكِّيم َِّ ِّ ت هِّ فِّ ل خ ن ِّ
م ال و ِّ
ه ي ني يد ۡ ِّ ٱ ۡلبا ِّطل ِّمن ب ۡ
َ ُ ْ َ َ َ ََ ْ َ َ ٌ ْ َ ْ
صا ُكم لسبُ َل فَتَ َف َّر َق بِّ ُك ۡم َعن َسبِّيلِّ ِّهَٰ ،ذَلِّ ُك ۡم َو َّ ص َرا ِّطي ُمستَ ِّقي ًما فَٱتَّبِّعُوهُ َوَال تَتَّبِّعُواْ ٱ ُّ
ۡ َن َه َذا ِّ تعاىلَ " :وأ َّ
ض ٱلظَّ ِّن إَِّثٌ َوَال َجتَ َّ بِّ ِّه لَعلَّ ُكم تَتَّ ُقو َن" 20".ايأيُّها ٱلَّ ِّذين آمنوا ٱجتنِّبوا َكثِّ ِّ
سوا َوَال سُ ريا م َن ٱلظَّ ِّن إِّ َّن بَ ْع َ ً َ َُ ْ َ ُ َ َ َ ْ
ِّ ِّ ۡ ۡ
بَح ُد ُك ْم أَ ْن َأي ُك َل َحلْ َم أَخيه َم ْي تًا فَ َك ِّرْهتُ ُموهَُ ،وٱتَّ ُقوا ٱ ََّّللَ ،إِّ َّن ٱ ََّّللَ تَ َّوا ٌ ضا ،أ ُِّ
ب أَ َُي ُّ ض ُكم بَع ً يَغْتَب بَّ ْع ُ
ۡ ۡ ۡ
ارفُوا ،إِّ َّن أَك َرَم ُك ۡم ِّعن َد َ َّاس إِّ َّان َخلَقنَا ُكم ِّمن ذَ َكر َوأُنثَ َٰى َو َج َعلنَا ُك ۡم ُشعُوًاب َوقَبَائِّ َل لِّتَ َع ُ َّرِّحي ٌم * َايأيُّ َها ٱلن
ۡ َّلل أ َۡت َقا ُكم إِّ َّن ٱ ََّّلل َعلِّيم َخبِّري" 21".ايأيُّها ٱلَّ ِّذين آمنُواْ ُكونُوا قَ َّوا ِّمني َِِّّّ
َّلل ُش َه َداءَ بِّٱل ِّق ۡس ِّطَ ،وَال َ َ َ َ َ َ ٌ
ٱ َِّّ
ۡ ۡ ِّ ۡ ۡ ۡ
ب لِّلتَّق َو َٰى َوٱتَّ ُقوا ٱ ََّّللَ ،إِّ َّن ٱ ََّّللَ َخبِّريٌ ِّمبَا ِّ
َجي ِّرَمنَّ ُكم َشنََا ُن قَ وم َعلَ َٰى أ ََّال تَعدلُوا ،ٱ ْعدلُواْ ُه َو أَقْ َر ُ
ري ٱَّلل ۡجيعل لَّهۥ ۡخمرجا * وي ۡرزقه ِّم ۡن ح ۡيث ال ُۡيت ِّسب" 23"...وت زودوا فِّإ َّن خ ۡ َّ ِّ
َّق ت ي ن م "و 22
". ن و ل م ع تۡ
َۡ َ َ ُ َّ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ ُ ْ ُ َ َ ً َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ
ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ
ٱلز ِّاد ٱلتَّقو َٰى وٱتَّ ُق ِّ
ابَ " 24".وتَ َع َاونُوا َعلَى ٱلِّ ِّرب َوٱلتَّق َو َٰىَ ،وَال تَ َع َاونُواْ َعلَى ٱ ِّإل َِّث ون َايأُ ْوِّيل ٱألَلْبَ ِّ َ َ َّ
ظنت فَظا غَلِّي َ ۡ ۡ
نت َهلُمَ ،ولَو ُك َ َّلل لِّ َ
ۡ
اب" 25".فَبِّما رمحَة ِّمن ٱ َِّّ ِّ قَ وٱ ۡلع ْدوا ِّن ،وٱتَّ ُقواْ ٱ ََّّلل ،إِّ َّن ٱ ََّّلل َش ِّدي ُد ٱلعِّ
ۡ
َ َ َ َ َ َ ُ َ َ
او ۡره ۡم ِّيف ٱ ۡأل َۡم ِّر ،فَِّإذَا عز ۡمت فَ ت وَّكلۡ ۡ ۡ ِّ ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ ِّ ۡ ۡ ِّ ۡ ۡ
ََ َ َ َ ِّ
ُ َ ُ ش
َ و ، م هل
َ ر ف غ تس
َُ َ َ ٱو ، م ه ن ع فُ ع ٱ ف
َ ، كَ ل و ح
َ ن م ُّوا ض ف
َ ن ال ِّ
ب ل ٱل َق
ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ
نيَ " 26".وأ َۡوفُواْ بِّٱل َعه ِّد ،إِّ َّن ٱل َعه َد َكا َن َم ْسُوالً 27".وقال تعاىل على ِّ ِّ
ب ٱل ُمتَ َوكل َ َّلل ،إِّ َّن ٱ ََّّللَ ُُِّي ُّ َعلَى ٱ َِّّ
19فصلت42 :
20األنعام153 :
21احلجرات13-12 :
22املائدة8 :
23ﵟالطالق3-2 :
24البقرة197 :
25املائدة2 :
العصاابت الصوفيةَ كانوا قد زيَّنوا ظاهر هذه الداينة الوثنية املختلَ َق ِّة بسرقات من قِّيَ ِّم اإلسالم،
ِّ َّ
إن
واألذكار ،والنوافل ،وتالوةَ القرآن دون فهم معان آايته، َ واحلج،
َّ والصوم،
َ فأدخلوا فيها الصالةَ،
وغري ذلك مما يطول الكالم فيه .وملا كان أثر اجلهل عمي ًقا وراس ًخا يف اجملتمع الْ ُم ْسلُ َم ِِّّ
ان ،فإهنم مل َ
ِّ
إبفشاء ض للاُ هلذا األمر من يقوم َّ ِّ
يتمكنُوا م ْن كشف هذه املؤامرة على مدى قرون ،إىل أ ْن قيَّ َ
أسر ِّارها يف عصران ،فله احلمد سبحانه على نصره للمؤمننيَّ ..أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ()Müslümanlik
ت إليه أبدىن صلة على اإلطالق، على رغم مشاهبتها الزائفة (يف ظاهرها) ابلدين احلنيف ،فإهنا ال ُتُ ُّ
ِّ
والباطل، ت فيها بني آالف من احلالل واحلرام ،والصحيح القعرُِّ ،
مج َع ْ بل إهنا حاويةٌ خطريةٌ عميقةُ ِّ
ِّ
والتدليس والتشويه ِّ
اخللظ والبدعة أبشكال من ِّ ِّ
واملعروف واملنكر ،والسنة والصاحل والفاسد،
27اإلسراء34 :
28لقمان19-17 :
29النحل90 :
30احلجرات10 :
ِّ
والدانئة ،ويعجز الباحث عن والتأويل والتحريف ،مما يكِّ ُّل اللسا ُن ويعيا عن وصفها من الب ِّ
شاعة ََ َ
عد ما فيها من الفر ِّية ،والتضليل ،والكفر والزندقة...
ِّ
ِّ
والغش، واخلداع،
ِّ ضروب من الدجل،
ٌ * اإلسالم ُيرم الشعوذة بكل أشكاهلا؛ والشعوذةُ هي
فيه ،وكتابة ِّ
الطلَّ ْس ِّم (أصله يواننٌّ، واإلحتيال ،واالستغالل ،والتضليل ...منها عقد اخليط والنفخ ِّ
رس ُم على هيئة خطوط وأ ْعداد ،يَ ْز ُع ُم واألحاجي ..يُ َ
به ٌم ،كاأللغاز َ يُطْلَ ُق على كل ما هو غامض وُم َ
الس ْفلِّيَّ ِّة جلَلب َُْمبُوب أو دفع أذًى. الكواكب العل ِّ
ْوية ابلطبائِّع ُّ ِّ ُ
ط هبا روحاني ِّ
ات الذي يَ ْر ُمسُهُ :أنهُ يرب ُ
ِّ
وقوقعات ِّ
األطفال من خرزات وعظام، أصل له ).والتميمة (وهي ما يُ َعلَّ ُق على
كل ذلك كذب ال َ
ان البحر ،وحنو ذلك لدفع العني). حي و ِّ
ََ َ
كل ذلك مسموح به يف الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ( .)Müslümanlikهناك العديد من َّ
العرافني
ِّ
النجسة ،واجملذوبني ِّ
ابملواد َّجر َن ِّ
ابلد ِّ
ين ،واملعاجلني والقصاصني والسحرةِّ ،والوسطاء الْمت ِّ
ُ
واخلواجوات ،واملاليل ،وشيوخ الطرق الصوفية؛ يتصيدون املغمومني واملصابني ابملشاكل فيسلبون
أمواهلم مبمارسة هذه األعمال الدنيئة ويتكسبون عليها.
اإلسالم الدعاءَ بطلب املغفرةِّ من للا تعاىل للميت ،كما ُجي ُيز الصدقةَ عنه .وقد ذهب بعض
ُ جييز
* ُ
ِّ
الكفار واملشركني اإلسالم إقامة شعائر
ُ أهل العلم إىل أن الدعاء للميت أفضل من الصدقةِّ .
وُير ُم
ألجل إسعاد املوتى.
َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون ،فإهنم يقيمون شعائر "األربعني" وحفلة "الثان واخلمسني" لذكرى امليت ،ويرتَّمنون
بقصائ َد معروفة ب "املولد النبوي" ،وتُ َوَّزعُ احللوى يف أثناء ذلك على الوافدين( .هذه األنشطة الدينية
هي على األرجح تقاليد ابقية من العصر الشامان).
ينص يف تعاليمه :أ َّن املوتى ال يسمعون شيئًا ،وال يشعرون أبي أ َمل ،وال يُدركون أي اإلسالم ُّ
ُ *
الر ْمحَ ِّنَ ،ع ْن أَبِّ ِّيهَ ،ع ْن أَِّيب ُه َريْ َرةَ
حدث ،وال ميكنهم القيام أبي عمل 31،قد َرَوى ال َْع َالءُ بْ ُن َعْب ِّد َّ
آد َم انْ َقطَ َع َع َملُهُ إَِّّال ِّم ْن
ات ابْ ُن َ ال" :إِّذَا َم َ اَّللُ َعلَْي ِّه َو َسلَّ َم قَ َ
صلَّى َّ َّيب َ اَّللُ تَ َع َاىل َعْنهُ ،أ َّ
َن النِّ َّ ر ِّ
ض َي َّ َ
صالِّح يَ ْد ُعو لَهُ ِّابل َْمغْ ِّف َرةِّ ".وال يستطيع امليت أن ِّ ِّ
اريَة ،أ َْو علْم يُ ْن تَ َف ُع بِّه ،أ َْو َولَد َ ص َدقَة َج ِّ ثََالثَ :
ب على أعمالهُ .خلِّ َق من تراب ،وأُعي َد فيها ،وسوف حاس َ ث يوم القيامة ليُ َ يفعل شيئًا إىل أن يُ ْب َع َ
ۡ ۡ ۡ ۡ ِّ ۡ
يها نُعِّي ُد ُك ْم َوِّمن َها ُخن ِّر ُج ُك ْم َت َرةً أُخ َر َٰى ".وال يعلم أح ٌد ِّ
ُخي َرج منها كما قال تعاىل" :من َها َخلَقنَا ُك ْم َوف َ
ض. إالَّ للاُ ،أين تذهب الروح بعد أ ْن تُ ْقبَ َ
ألخبار عن حياة اآلخرة يف مواطن كثرية من القرآن الكرمي؛ ومن مجلة ما جاء فيهَ " :وقَالُواْ * ورد ا ُ
ۡ ۡ ِّ ۡ
ارةً أ َۡو َح ِّدي ًدا * أ َۡو َخل ًقا ِّممَّا ِّ ۡ ِّ ِّ َٰ
أَءذَا ُكنَّا عظَ ًما َوُرفَا ًت أَء َّان ل ََمب عُوثُو َن َخل ًقا َجديدي ًدا * قُل ُكونُواْ ح َج َ
ِّ
ورك ۡم ،فسي قولُون من يعِّيدان ،ق ِّل ٱلَّ ِّذي فطرك ۡم أَو َل مرة ،فسي ۡنغِّضون إِّل ۡ ۡ
وس ُه ۡمَ ُُ َ ء ر ك َي َ َُ ُ َ َّ َ َّ ُ َ َ َ ُ َ ُ َُ َ ُ ََ َ ُِّ د
ُُ ص يفِّ يَ ُُ
رب ك
ۡ ۡ
س َٰى أَن يَ ُكو َن قَ ِّريبًا * يَ ۡوَم يَد ُعوُك ۡم فَ تَ ۡستَ ِّجيبُو َن ِِّبَ ۡم ِّدهِّ َوتَظُنُّو َن إِّن لَّبِّث تُ ۡم إَِّّال َ ىت ُه َو ،قُ ۡل َع َويَ ُقولُو َن َم َ َٰ
ىت َٰه َذا ٱلو ۡع ُد إِّن ُكنت ۡم صا ِّدقِّني * ما ينظُرو َن إَِّّال ص ۡيحةً و ِّ ۡ ِّ
َٰح َدةً َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ق َۡليالً ".وقال تعاىلَ " :ويَ ُقولُو َن َم َ َٰ َ َ
32
ِّ ِّ
اعتبار فيه ابملكانة َ والعرق واللون ...وال ابلقبيلة والعشرية ب ،وال َّس ِّ
َ ب والن س ِّ
َ يعتد ِّاب ْحلَ
اإلسالم ال ُّ
ۡ ۡ
َّاس إِّ َّان َخلَقنَا ُكم ِّمن ذَ َكر َوأُنثَ َٰىَ ،و َج َعل َٰنَ ُك ۡم ُشعُوًاب ِّ
واملنصب ،واملال والثروة ...قال تعاىلََٰ " :أيَيُّ َها ٱلن ُ
يم َخبِّري". ِّ ۡ ۡ ِّ ِّ ۡ ۡ ِّ ِّ
ارفُواْ ،إِّ َّن أَك َرَم ُكم عن َد ٱ ََّّلل أَت َق َٰى ُكم ،إِّ َّن ٱ ََّّللَ َعل ٌ
35
َوقَبَائ َل لتَ َع َ
الناس ليكونوا على أهبة واستعداد للحساب على أعماهلم ،قال تعاىل" :إِّ َّن إِّل َۡي نَا إِّ َاي َهبُ ۡم َ نذ ُراإلسالم ي ِّ
ُ
ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ
ت ٱلَّ ِّذي تَِّف ُّرو َن ِّمنهُ فَِّإنَّهُۥ ُم َالقِّي ُكم َُثَّ تُ َردُّو َن
س َاهبُم ".وقال تعاىل" :قُل إِّ َّن ٱل َمو َ
36 ِّ ِّ
* َُثَّ إ َّن ۡ َعلَي نَا ح َ
37
لش ََٰه َدةِّ فَيُ نَ بِّئُ ُكم ِّمبَا ُكنتُ ۡم تَ ۡع َملُو َن".
ب َوٱ َّإِّ َ َٰىل َعا ِّمل ٱلغَ ۡي ِّ
يقول الشاعر:
ﺍلعباﺩ
ميقاﺕ ِّ
ُ ب للذﻱ البد منه * فإﻥ ﺍملوﺕ تأه ْ
قاﺩ
ﺍلر ِّ
قبل ُّ
حي * ﻭكن متهيأً َ
ﻭﺃنت ٌّ
جنيت ََ ب ممَّاﻭتُ ْ
ﺍملناﺩ ﺭحلت ِّ
بغري ﺯﺍﺩ *ﻭتشقي ﺇﺫ يناﺩيك ِّ َ ستندﻡ ْﺇﻥ
ُ
ﺯﺍﺩ
ﻭﺃنت بغري ِّ
ﺯﺍﺩ َﺭفيق قوﻡ * هلم ٌ
تكوﻥ َ
ضي ْﺃﻥ َ
ﺃتر َ
رت ْك س ًدا ليفعل ما ُيلو له يف حياته إلشباع غليله من إسراف ،وتبذير ،واحتكارإن اإلنسا َن مل يُْ َ
وجه على كل عمل اقرتفه من صاحل أبد ِّق ْ
ب َ ُياس ُ
وغش ،وتزوير ،واعتداء ،وظلم ...بل إنه سوف َ
أو فاسد ..فقد جاء الوعد والوعيد مقابل تصرفات العبد يف مواطن كثرية من القرآن الكرمي حتقي ًقا
33يس51-48 :
34الواقعة50-47 :
35احلجرات13 :
36الغاشية26-25 :
37اجلمعة8 :
ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ
ضَ ،وإِّن تُب ُدواْ َما ِّيف أَن ُف ِّس ُكم أَو ُخت ُفوهُ ت َوَما ِّيف ٱأل َۡر ِّ لسماوا ِّ ِّ ِّ
للعدل اإلهل ِّي ،قال تعاىلََّّ " :لل َما ِّيف ٱ َّ َ َ
ِّ
38
شاءَُ ،وٱ ََّّللُ َعلَ َٰى ُك ِّل َش ۡيء قَ ِّد ٌير".
ب َمن يَ َ شاء وي ع ِّ
ذ َ ي ن ماس ۡب ُكم بِّ ِّه ٱ ََّّلل ،فَي ۡغ ِّفر لِّ
ُُي ِّ
ُ َ ُ َ َ ُ ََُ ُ َ
لكل أمة ُم ْهلَةٌ معينةٌ تتمتَّ ُع هبا يف حياهتا ،كما أن لكل نفس أجل .قال تعاىل: اإلسالم ُخيِّربُ َّ
أبن ِّ
ۡ ۡ ۡ "ولِّ ُك ِّل أ َُّمة أَجل ،فَِّإذَا جاء أ ۡ
اعةً َوَال يَ ۡستَ ق ِّد ُمو َن 39".هكذا يعتقد املسلمون س نور ِّ
َجلُ ُهم َال يَستَ ُ َ َ َ
خ أ ََ َ َ َ
واحلساب واجلز ِّاء.
ِّ ِبياة اآلخرة
َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون ،فإهنم خمتلفون يف معتقداهتم عن حياة اآلخرةِّ من البعث واحلساب واجلزاء ،ألهنم
فِّ َر ٌق متباينة ال َجتْ َمعُ ُهم عقيدةٌ واحدةٌ على عكس املسلمني .فريق منهم ال ختتلف عقيدهتُم عن
مذهب األمويَِّّة مبوقفهم السليب من أهل بيت رسول َ عقيدة املسلمني رغم نزعتهم العنصرية ،وتبنِّيهم
ف غالبيةُ الس ِّ
فيانية ،تتأل ُ ِّ
الوهابية ُّ للا صلى للا عليه وسلم ،وعدائهم الشديد للرافضة ،على ِّ
مثال
ِّ اجملتمع الرتكي منهم ..هؤالء يصفون أنفسهم ب "الْمسلُمانِّيِّني ُّ ِّ
احليطة ِّ
جانب السنيِّني" مما جيب التز ُ
ام ُْ َ َ
يف تكفريهم! وفري ٌق من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني العنصريِّني ،قد يؤمنون ِبياة اآلخرةِّ ،لكنهم يعتقدون " َّ
أن
اجلنة ،مبا فيهم آابؤهم وملوكهم -على وجه اخلصوص -الذين خلَ ْو قبل األتراك مجيعا هم أهل ِّ
ً
ومتَ ْه ،وآنيالَّ وغريهم ،كذلك سالطني الدولتني اإلسالم ،مثل أوغوز خان ،وبيلجه خاقانَ ، ِّ
مجيعا من قدامى احملاربني والشهداء والصاحلني .ال أحد منهم يرى وجه السلجوقية والعثمانية .إهنم ً
اجلحيم أب ًدا!"
وهناك قطاعٌ كبريٌ من األتتوركِّيِّني ،والعنصريِّني الطورانيني ،وفري ٌق من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني العنصريِّني
ض أهنم ال النازعني إىل العنف ،وكثريٌ من اليساريني ،ومجاعةٌ من العلويِّني من األصول الرتكية ،يُ ََ
فرت ُ
ِّ
اإلسالم من يؤمنون ِبياة اآلخرةِّ ،معظمهم من األتتوركيِّني ،وطائفةٌ من املارقني الذين حلُّوا ربقةَ
عددا يف السنني األخريةِّ.
أعناقهم ،وقد ازدادوا ً
39األعراف34 :
مجيعا يُصلون ،ويصومون، ِّ النار ،فعلوا دون تردُّد ،إالَّ َم ْن ِّ
اندس يف صفوفهم لغرض ..هوالء ً َّ
وُيجون ،ويؤدون الفرائض والنوافل كلَّها ابهتمام ابلغ ،على مثال املسلمني ،ويزيدون ويزُّكو َنُّ ،
أبن َشي َخهم جزء من ذات ِّ ِّ
للا ،وهو وكيلُهُ على جازما َّ ْ ُ ْ ٌإمياان ً
مجيعا "يؤمنون ً عليهم بَِّوَرع ِّه ْم ،لكنهم ً
هؤالء من أهل أن ِّ شك َّينوب عنه نيابةً مطلقةً ،يفعل ما يشاء وُيكم ما يريد ...فال َّوجه البسيطةُ ،
الشرك البواح ،وقد يكون ذلك أشد مما كان عليه مشركو قريش ،ألهنم كانوا يقولونَ " :ما نَ ۡعبُ ُد ُه ۡم
ِّ ِّ ۡ
هؤالء ،فإهنم يعتقدون أن شيخهم جزءٌ من ذات للا ،لكنهم َّلل ُزل َف َٰى 40".أما إَِّّال لِّيُ َق ِّربُ َ
وان إِّ َىل ٱ َّ
فإن معظمهم السر .أما شيوخهمَّ ،يكاد أح ٌد منهم يبوح هبذا ِّ يلتزمون التقيَّةَ على غرار الر ِّ
افضة ،فال ُ
وجوديون ،وقليل منهم حلوليون إبقرارهم يف بعض املناسبات.
دين
سة من خمتلف الدايانت) بل إنه ٌ * اإلسالم ليس دينًا توفيقيا( ،أي ُم َرَّكبًا من عناصر ُم ْقتَ بَ َ
توقيفي أصيل ،كلُّهُ من عند للاَّ .أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ( ،)Müslümanlikفإ َّهنَا داينةٌ توفيقيَّةٌ (مؤلفةٌ ِّم ْن
ٌّ
عناصر كثريٌ
ُ طقوس ومعتقدات مأخوذة من البوذية والشامانية واليهودية واملسيحية وغريها ،وفيها
ثبت ذلك بصورة واضحة ،خاصةً نتيجةَ ِبوث ودراسات صدرت أبقالم
سةٌ من اإلسالم .وقد َ
ُم ْقتَ بَ َ
األخرية . رجال العلم يف السنوات
ويعربُ عنه
فور عصر الصحابةَّ ، ِّ ِّ
الكتاب والسنة َ * ظهرت تطورات إجيابيةٌ ابستنباط األحكام من
ِّ
املعرفة ِبقائق نصوص املصدرين حيث نَب َغ يف تلك املرحلة علماء ِّ
متبحرون يف ُ ب " عصر التدوين"َ ُ ،
القدر ،مشتملة على معان ذات أبعاد عاملية مثل: ِّ العظيمني ،فقاموا بوضع مصطلحات جليلة
ِّ
األلفاظ، ِّ
واالستنباط ،وداللة واإلمجاع،
ِّ ِّ
القياس ،واالستحسان ،واملصاحل املرسلة ،واالجتهاد،
40الزمر3 :
ِّ
والنظائر ،والتقليد ،والتكليف ،وأفعال املكلفني وغريها مما ال يسع املقام حلصرها.. واألشباهِّ،
القبول عند علماءَ انل
ضها َ ومذاهب عديدةٌ ،بع ُ ُ علوم متنوعةٌ،
نشأت من هذه النشاطات العلمية ٌ
خباصة 41واعتنقها مجاهري املسلمني ،لِّ َما جائت من تسهيل لتطبيق وانتشر منها أربعةٌ ََّ األ َُّم ِّة
ِّ
وتطوير ملواكبة احلضارةِّ،
ِّ ِّ
اإلجتماعية ،وُتهيد للمشاكل ،وانفتاح واسع يف احلياةِّ ِّ األحكام ،وحلول
وُمَن شديدة وألوان من تعرضوا ملعاانة ِّ لكن هؤالء العلماءَ العباقرةَ الرابنيني َّ املعارف والثقافةَّ ...
التنكيل ما بني هتديد ،ومالحقة ،واعتقال ،وتعذيب ،واغتيال .42فتغري جمرى التاريخ بعد هذه
أسا على عقب ،فاندلعت اخلالفات الكالمية ،واحليل الفلسفية األحداث املؤ ِّ
األمور ر ً
ُ ملة ،وانقلب
ُّم ،واإلرجاءُ،ال ،والتجه ُ واإلحلاد والزندقةُ ،فظهر على أثرها االعتز ُ ُ الفنت ،وانتشر الفسو ُق
وعمت ُ
توتسربَ ْ
َّ أسلوب البوذية واهلندوكية ،والشامانية، ِّ ف واحلياةُ الروحانيةُ ،والتَّ َديُّ ُن على والتصو ُ
ُّ
الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (.)Müslümanlik
ِّ
شوءُ
ائيليات إىل كتب املسلمني ،فكان من نتائجها نُ ُ ُ اإلسر
وهي :واملذهب احلنفي الذي يتألف من اجتهادات اإلمام أيب حنيفة النعمان بن اثبت ،واملذهب املالكي الذي يتألف من اجتهادات إمام دار اهلجرةِّ مالك 41
القضاء الذي عرض عليه وايل العراق يف آخر أايم األمويني؛ يزيد بن عمر بن هبرية ِّ منصب رفض أبو حنيفةَ النعمان بن اثبت رضي للا عنه (767-699م).
َ
ِّ
ْد .فلما قامت الدولة العباسيةُ على أشالء الدولة األموية عادت احملنةُ من جديد؛ فعرض عليه َّدهَُ ،ث أمر به فعوقِّب اب ْجلل ِّ
َ َ الفزاري (750-705م ،).فهد َ
اإلمام ل فغضب عليه اخلليفةُ واعتُ ِّ
ق ولكن أاب حنيفةَ رفض ذلكِّ ،
َّ ، ِّ
احلكم من ِّ
موقفه ِّ
الختبار اضً أي ِّ
القضاء منصب م). 775 - اخلليفةُ أبو جعفر املنصور (714
ُ َ َ َ
الس ُّم رضي للا عنه ،وللا تعاىل أعلم ابلصواب.
س فيها ُّ
بزريعة مواالته لزيد بن على ،فما لبث حىت تويف يف السجن شهي ًدا على أثر وجبة تناهلا وقد ُد َّ
الشافعي ابملواالةِّ لِّثُ َّو ِّار أهل البيت فأمر اخلليفةُ هارو ُن الرشيد جبلبه من جنرا َن إذ كان أمريًا عليهاُ ،محل الشافعي ُمكبَّالً ابألغالل وجيء به إىل
ُّ أ ُُّهتِّ َم اإلمام
ش اعتمادا على وشاية الكذاب مطرف بن مازن .فلما كلَّمه اخلليفةُ واستمع إىل ما يتصبَّب من لسانه من املعارف ،انبهر ُ ِّ
وده َ ُ َ َُ ً العاصمة (الرقة) ،عام 183ه.
الشافعي ،وكافأه ِّ ِّ ِّ
الرصني ،وما ُرِّز ُق من أصناف العلوم وهو ال يزال يف عنفوان شبابه .فرجع اخلليفةُ عما كان يت َِّّه ُم به واطالَ ِّع ِّه الواسعِّ ،وأسلوبِّه
ِّ من بالغتهِّ ،
َّ
وأفرج عنه .لكن اإلمام تشاءم من اإلقامة يف العراق ،فانتقل إىل مصر.
ُمنة األئمة الثالثة (وإن مل يُ ْقتَ ْل)؛ فقد ابْ تُلِّ َي ِبمالت املعتزلة وإكراههم فإن ُمنتَهُ رمبا كانت أشد من ِّ أما اإلمام أمحد بن حنبل رضي للا عنه (855-780مَّ ،).
أايم أربعة من ا ْحلُ َّك ِّام العباسيِّني وهم ابلتحديد :املأمون (833-786م)، إايه على أن يقول "القرآن خملوقٌ" ،ولكنه أب أ ْن جييبهم ،فتكبد أشكاالً من التغذيب َ
للضرب وا ْعتُ ِّق َل فمكث يف السجن مثانيةً ِّ ضوتعر َ
وأهنيَّ ،مضطه ًداَ ،َ عاش
واملعتصم (842-796م ،).والواثق (847-812م ،).واملتوكل (861-822مَ ،).
قال ِّيل َر ُج ٌل
أطلقت َع ِّين .فَ َ اد قدَفقت بَ ْع ُد ،فَإذَا األقيَ ُ ِّ
ب َعقليَُ ،ثَّ أ ُ ِّ ِّ
ْ ب ابلسياط فيُغشى عليه من شدة األمل ،نُق َل عنه أنه قال" :ذَ َه َ ضر ُ شهرا .كان يُ َ وعشرين ً
ِّ
اح يف أثناء تغذيبه. ِّ
جسمهُ من اجلر ِّ اك عَلَى َو ْج ِّهكَ ،وطَرحنَا عَلَى ظ َ
َهرك َاب ِّريَّةً َودُسنَ َ ِّممَّن ح َ
تويف رمحه للا على أثر ما إصيب ُ اك!" مل يلبث أن َ ض َرَ :كبَ ْب نَ َ
عددا قليالً معظم األكادمييني منهم) جيهلون هذه احلقائق التارخيية إال ً ُّ ِّ
يكاد ال ُْم ْسلُماَنيُّون كلهم (حىت ُ
ُ
اإلسالميِّ ،خوفًا على ِّ ِّ
إفشاء ُج ِّل أسر ِّار التاريخ أكف ِّاء الباحثني منهم ،لكن ِّ
هؤالء يتحفظون من من َّ
َ
ِّ
اجملتمعات ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ العامة ،وألهنم يعلمون َّ
أن ِّ حياهتم ،ألهنم خيشون أن يتعرضوا لنقمة
الرعاع والسذ ِّج واملتعصبني املصابني هبلوسة ِّ ف من قطعان من ( )Müslümanlikأكثرها يتأل ُ
ابلدين ،والسياسيِّني َّج ِّرين ِّ
العنصرية والطائفية واملذهبية وهم ينسحبون وراء شيوخ الصوفية ،والْمت ِّ
ُ
ضت
تعر ْ يكاد مجيعُها قد َّ القيَ َم اإلسالميةَ ومصطلحاهتا ُ وأن ِّ
يهمهم إال مصاحلهم؛ خاصةً َّ الذين ال ُّ
الناس على اعتماد الوجه الصحيح يف ِبيث يستحيل تصحيحها مع خطورةِّ ِّ
تنبيه ِّ ِّ
للتشويه والتحر ِّ
ُ
وقبوله ،وف ًقا لنصوص الكتاب والسنة واجتهادات األئمة من السلف الصاحلني..
ات الفاسدةِّ،لقد تالعب الْمسلُماَنِّيُّون ابلرتاث اإلسالمي األصيل بطريق الرتمجة القاصرة والتفسري ِّ
ُْ
والفتاوي الصادرةِّ من اخلواجوات واملاليل الذين جيهلون علم أصول الدين ،وكثريٌ منهم عنصريون
ِّ
واعتماد ِّ
الضاد، ِّ
استغناء أكثر الباحثني عن لغة صوفيةٌ حاقدون على اللغة العربية ..أسفر ذلك عن
املصادر املَُ ْرت َمجَ ِّة يف ِبوثهم .هؤالء اخلواجوات واملاليل يكيدون للعربية بطرق ماكرة كي ال تنتشر يف
اإلسالمي على وجه اخلصوص إذا كا َن متمكنًا من ِّ الباحث يف العلوم اإلسالمية والتاريخ َ تركياَّ .
ألن
الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ( )Müslümanlikفيُفشيها ،فيؤدي ذلك
ِّ بية سوف يطَّلع على أسر ِّار اللغة العر ِّ
رجال الدين يف تركيا عاقبةَ هذه الصحوةِّ املتوقَّ َع ِّة،
الناس لإلسالم القرآن اخلالص .خيشى ُ إىل فهم ِّ
وقعت سوف تقتلع جذور ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ( )Müslümanlikوتستأصل ْ ويعدوهنا كارثةً رهيبةً إن ُّ
الناس ،وهلم إكساب هذه الداينة قوةً ،وترسيخها يف ضمائر ِّ ِّ جهود ِّه ْم يف
ِّ شأفتها .لذا يُ َركِّ ُزو َن ابل َغ
واستعدادات ،وتدابريُ ،ومكائ ُد ..وهذه مجلةٌ منها:
ٌ احتياطات،
ٌ يف ذلك
مدارس ف يف املدارس الشعبية الدينية .وهي )3يعمل الْمسلُماَنِّيُّون على استمرا ِّر التدريس املتخلِّ ِّ
ُ ُْ
حفظ قواعد اللغة العربية ،يتلقى ث عمره فيها ،ويقضي مجيع أايمه يف ِّ الطالب ثُلُ َ متهالكةٌ ،يُ ِّ
فين
ُ
يكاد يَتَ نَ بَّهُ الطالب املسكني النطق ابلعر ِّ
بية ،فال ُ دروسهُ من املالىل واخلواجوات الذين يعجزون عن ِّ َ
الرَكاَ َم الذي خزنه يف ذاكرته من القواعد ال أن ذلك ُّ من نومتِّ ِّه اليت سلبت منه ُرش َدهُ وتركته ال يَعِّي َّ
خائب ص ْفر اليدين وهو ِّ
خاس ٌر ِّ سم ُن والَ تُ ِّي ِّ
ُ فيتخرج بعد سنني طويلة َ ُ غين من جوع ،ولن ينفعه أب ًدا، ُ
ِّ
األمل.
احلنيف ابملنظمات الروحانية املعروفة ابلطرق الصوفية .أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ُ اإلسالمي
ُّ الدين
يعرتف ُ ُ * ال
واإلكثار من عددها؛ وقد ِّ ِّ
اإلنتساب إليها ش ِّج ُع على( ،)Müslümanlikفإهنا تتغذي منها ،وتُ َ
اسم أطلِّ َق على َان" ،وهو ٌ اجگ ِِّّ
اخلَُو َ
َّيار " ْ ِّ
فلسفة الت ِّ نفسها على ِّ
قامت ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ (ُ )Müslümanlik
اخلالق الغُ ْج َد َو ِّانُّ (ت1179.م) .يبدو من ِّ ِّ
األصل امسُهُ عب ُد رجل طاجكي
سها ٌ حركة صوفِّيَّة َّ
أس َّ
اإلسالم ليس إالَّ ..ومن أقوى هذه ِّ إجياد هذه الزندقة هلدمخالل أدلة واضحة أنه إمنا أقدم على ِّ
َ
احلجرات13: 43
اجگَانِّيَّ ِّة" على اخلَُو َ
اقتباسهُ مثانية مصطلحات من الدايانت اهلندية ،44وإنشاءُ "الطريقة ْ ُ ِّ
الدالئل
الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (َّ .)Müslümanlikأما الطر ُق الصوفيةُ فكثريةٌ ،قام
ِّ أساسها ،وهي روحِّ
امتداد تريخ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة
ِّ بتأسيسها زاندقةٌ روحانيُّو َن ُم ْسلُماَنِّيُّون من مرحلة إىل أخرى على
45
(.)Müslümanlik
ِّ
الشناعة لسبب غري شديد .وهذه ِّ
ارتكاب هذه كثريا منهم ال يتورعون عن أما ال ُْم ْسلُماَنِّيُّونَّ ،
فإن ً
َّس ِّة ،يقولون: ِّ
أمثلةٌ من جرأهتم على للا ،وعلى رسوله ،وعلى القيَ ِّم املقد َ
" -حىت لو جاء للا هنا ،لن يُ ِّنق َذ َك من يدي "Allah gelse seni elimden alamaz
نسيهُ للا "Burası Allah’ın unuttuğu yer " -هذا املكان ،قد ِّ
" -هذا الرجل أللَّ ِّه ٌّي ،أي أمحق "Bu adam Allahlık
ِّ
سيغضب عليك البااب للا "Bunu yaparsan Allah baba kızar فعلت كذا
" -إن َ
القدر "Kader utansın
" -فليخجل ُ
" -لن أرافقك حىت إىل اجلنة "Seninle Cennete bile girmem
ثور عليه السالم ،يوصف به األمحق "Öküz aleyhisselâm
" -فال ٌن ٌ
ِّ
األشهاد جيري كثريٌ من أمثال هذه املقوالت اإلحلادية على لسان ال ُْم ْسلُماَنِّيِّني يوميا على رؤوس
ِّ
والسام َع القائل سهُ أن ينهى قائلَ َها وهو قادر عليه ،ألن وببساطة ،فال يُ َكلِّ ُ
َ ف أح ٌد من السامعني ن ْف َ
أن قلةَ ِّ
احلياء شائعةٌ يف اجملتمع ال ُْم ْسلُماَِِّّن قدميًا. كالمها ،ال مروءةَ وال حياءَ هلما ،ذلك َّ
األصنام؛ قال تعاىل على لسان إبراهيم عليه السالمَ " :وإِّ ْذ ِّ * اإلسالم ُيارب الوثنيةَ ،وُيرُم عبادة
ِّ قَ َ ِّ ِّ
اهيم َر ِّ
ام " وخيرب سبحانه عما سيلقاه ين أَن نَّ ْعبُ َد ْاأل ْ
َصنَ َ اج َع ْل ََٰه َذا الْبَ لَ َد آمنًا َو ْ
اجنُ ْب ِّين َوبَِّ َّ ب ْ ال إبْ َر ُ
ابين َك َفروا ِّم ْن ْأه ِّل الْكِّتَ ِّ املشركون من العذاب يوم القيامة لقاء ِّشركِّ ِّهم؛ يقول تعاىلِّ َّ َّ " :
إن الذ َ ُ ْ َ
ْربيَِّّة" .
ك ُه ْم َش ُّر ال َِّ يها ،أولئِّ َ والْم ْش ِّركِّني ِّيف َان ِّر جهنَّم َخالِّ ِّد ِّ
ين ف َ
َ ََ َ َ ُ َ
ِّ
الصرُية فإن أبواهبا مفتوحةٌ على مصاريعها للشرك أبنواعه َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (َّ ،)Müslümanlik
واخلادعة ،وال ُْم ْسلُماَنِّيُّون خمتلفون يف معتقداهتم وعباداهتم؛ منهم َم ْن يعبد األصنام؛ وهم ِّ
األتتُركِّيِّون ،فإهنم جيتمعون عند قرب مصطفى كمال لدى مناسبات معيَّنة ويف َّأايم ال ُْم ْسلُماَنِّيُّون َ
ِّ
بوجود تدل على إهنم يعبدونه ،وقد يُِّق ُّرَون معلومات ،يقيمون هنالك حفالت فيها مظاهر العبادةُِّّ ، َ
أن مصطفى كمال ي َق ِّرُهبم إىل ِّ
للا هؤالء خيتلفون عنهم ،فال يعتقدون " َّ ِّ كمشركي قريش ،إالَّ َّ
أن
ُ ُ للا ُ
وان إِّ َىل َِّّ
اَّلل ُزلْ َف َٰىَّ ".
ألن ُزلْ َفي" ،على عكس مشركي قريش الذين كانوا يقولونَ " :ما نَ ْعبُ ُد ُه ْم إَِّّال لِّيُ َق ِّربُ َ
بقدر ما ي َق ِّدسون للا ،والعياذُ ِّ ِّ َ ِّ
ابهلل! ومنهم مالحدةٌ ال يؤمنون َ األتتُركيِّون يُ َقدسون مصطفى كمال ِّ ُ
ابهلل وال ابليوم اآلخر أصالً...
الصوفية ،يعبدون مشائخهم الذين ميَُثِّلُو َن األواث َن ،كما يعبدون أضرحةَ َم ْن ماتواِّ إن ال ُْم ْسلُماَنِّيِّني من
َّ
فالصنم :هو كل ما له صورة ،من خشب، ُ األصنامَّ .أما الفر ُق بني الصنم والوثن؛
َ منهم ،وهي ُُتَثِّ ُل
أو حجر أو معدن ...فاألصنام مجادات ال حياة فيها وال روح ،ال تنطق وال تسمع وال تنفع وال
جمسم ،كتماثيل مصطفى كمال ،وهي منتشرةٌ يف ِّ
أحناء تضر ...وقد يكون على هيئة ُتثال لإلنسان َّ
ِّ
اخلاص ،تُ ْعبَ ُد من دون للا منذ قرن من للقطاع
ِّ تركيا ،ال ختلو منها ُمؤسسةٌ رمسيةٌ وال مؤسسةٌ
الزمان.
اجلميع .قال له ُم إىل أفراد ُم َعيَّنني دون غريهم ،بل العلم مأمور به ِّ ِّ
ُ اإلسالم ال يُق ُّر بعلم م ْن شأنه يُ َ ُ *
ال: س بْ ِّن َمالِّك قَ َ ينَ ،ع ْن أَنَ ِّ ِّ ِّ 46 ِّ
اسأَلُوا أ َْه َل الذ ْك ِّر إِّن ُكنتُ ْم َال تَ ْعلَ ُمو َن" " َع ْن ُُمَ َّمد بْ ِّن س ِّري َ تعاىل" :فَ ْ
اض ُع الْعِّل ِّْم ِّعْن َد غَ ِّْري
ضةٌ َعلَى ُك ِّل مسلِّم ،وو ِّ
ُ ْ ََ ب الْعِّل ِّْم فَ ِّري َ
اَّلل صلى للا عليه وسلم :طَلَ ُ
ول َِّّ ال َر ُس ُ قَ َ
العلم والعلما ،فقال" :يَ ْرفَ ِّع َّ
اَّللُ ب" وللا تعاىل فضَّل َ
47 ير ا ْجلَْو َه َر َواللُّ ْؤل َُؤ َو َّ
الذ َه َ أ َْهلِّ ِّه َك ُم َقلِّ ِّد ْ
اخلَنَ ِّ
از ِّ
48
ْم َد َر َجات". ِّ َّ ِّ ِّ َّ ِّ
ين أُوتُوا الْعل َ آمنُوا من ُك ْم َوالذ َ ين َ الذ َ
نوع ْني؛ "علم لَ ُدِّن ،وعلم َك ْسِّيب". ْم إىل َ أما الْمسلُمانِّيَّةُ ( )Müslümanlikفإهنا قد قَ ِّ ِّ
س َمت الْعل َ َ ُْ َ
قلب ال َْوِِّّيل مباشرةً، نز ُل من عند للا إىل ِّ ِّ
الصوفية خباصة ،يَ ِّ العلم اللَّ ُدِّنُّ يف معتقد ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّني
ُ
وسالمهُ عليهم ني ،صلوات للا ِّ ِّ ِّ
ُ واملرسل َ
َ رو ِّع األنبياءَ
يل فيُ ْلقيه يف ُ حي الذي أييت به جرب ُ الو ِّ
خبالف َ
ضلونه على الباطين" ،وي َف ِّ العلم اللَّ ُدِّنَّ" ب " ِّ
العلم ِّ
ِّ ُ س ُّم ْو َن " َ
أمجعني ..هؤالء الصوفيةُ ال ُْم ْسلُ َمانيَّو َن يُ َ
بعض الزاندقة منهم، ِّ ِّ
األنبياءُّ . الوحي ،كما ي ِّ
تفوهَ به ُاحلقيقة ما َّ يدل على هذه فضلون األولياءَ على ُ
ِّ
علم ُك ْم َم ْي تًا عن َم ْيت ،وأخذان عل َْمنَا البسطامي أنه قال" :أخذت َ ِّ ابن عريب عن أيب يزيد كما نَ َق َل ُ
اهلم ِّة يف اخللوة مع للا ابن عريب فيقول" :فيحصل لصاحب َّ عن احلي الذي ال ميوتَ "..ث يضيف ُ
ت ِّمنَّتُهُ ،من العلوم ما يغيب عندها كل متكلِّم على البسيطة ،بل ُّ
كل وبه جلَّت هيبتُهُ وعظُ َم ْ
أن ما ِّ
اإلدعاء َّ صاحب نظر وبرهان ،ليست له هذه احلالة" وهذا تعميم من ابن عريب ُيتال هبذا ِّ
للويل) ما ال ُيصل لألنبياء واملرسلني ،على رغم ما هلم من النظر ُيصل لصاحب ا ْهلِّ َّم ِّة (أي ِِّّ
49
والربهان.
اإلسالم دين التوحيد يف العقيدةِّ ،كذالك يدعة إىل توحيد الصفوف والتعاون يف كافة جماالت احلياة.
ت َِّّ صموا ِِّبب ِّل َِّّ
اَّلل َعلَْي ُك ْم إِّ ْذ ُكنتُ ْم أَ ْع َداءً مج ًيعا َوَال تَ َف َّرقُواَ ،واذْ ُك ُروا نِّ ْع َم َ
اَّلل َِّ وللا تعاىل يقولَ " :وا ْعتَ ِّ ُ َْ
كَّار فَأَن َق َذ ُكم ِّم ْن َهاَ ،ك ََٰذلِّ َ
َصبَ ْحتُم بِّنِّ ْع َمتِّ ِّه إِّ ْخ َو ًاانَ ،وُكنتُ ْم َعلَ َٰى َش َفا ُح ْف َرة ِّم َن الن ِّ
ني قُ لُوبِّ ُك ْم فَأ ْ فَأَلَّ َ
ف بََْ
اَّلل لَ ُكم آايتِِّّه لَعلَّ ُكم َهتْت ُدو َن" ويقول تعاىل" :وأ ِّ
بشلُوا َوتَ ْذ َه َ از ُعوا فَتَ ْف َ َطيعُوا َّ
اَّللَ َوَر ُسولَهُ َوَال تَنَ َ َ ني َُّ ْ َ َ ْ َ يُبَِّ ُ
ين" ويقول تعاىلَ " :وتَ َع َاونُوا َعلَى الِّ ِّ اَّللَ َم َع َّ ِّ اصِّربُوا ،إِّ َّن َّ
ِّرُيُ ُك ْمَ ،و ْ
ْرب َوالتَّ ْق َٰوىَ ،وَال تَ َع َاونُوا الصاب ِّر َ
48اجملادلة11:
49الفتوحات املكية :ج/1ص3
اب" ويقول تعاىل" :اِّ َّمنَا ال ُْم ْؤِّمنُو َن اِّ ْخ َوةٌ
اَّللَ ،اِّ َّن ا ََّٰللَ َش ۪دي ُد الْعِّ َق ِّ
انَ ،واتَّ ُقوا َٰ اال َِّْث والْع ْدو ِّ
َعلَى ْ َ ُ َ
ِّ
ني اَ َخويْ ُك ْم َواتَّ ُقوا َٰ
اَّللَ ل ََعلَّ ُك ْم تُ ْر َمحُو َن" فَاَ ِّ
صل ُحوا بََْ َ ْ
لقد كان املسلمون يف عصر الصحابة والتابعني يلتزمزن ابجلماعة وتوحيد الصفوف ونبذ الفرقة رغم
السفيانيُّون والفالسفةُ والصوفيةُ ،فاستطاع علماءُ واخلوارج وا ْحلُ َّك ُ
ام ُّ ُ الفنت اليت أاثرها املنافقون
ِّ
لإلسالم ،ونقل الدين احلنيف القيَ ِّم السامية للا سبحانه أن ُيافظوا على ِّ الصاحل بتوفيق من ِّ
ِّ ِّ
السلف
الكتاب العزيز والسنة األجيال من بعدهم عرب ِبوثهم ودراساهتم وأتليفاهتم ال َقيِّ ِّ
مة ،فوصل ِّ إىل
ُ
مكتبات العامل. اليوم ِّ
ُ النبوبةُ إلينا على أصلهما الصحيح يف طيات الرتاث اإلسالم ِّي الذي تكتظ به َ
ادها ِّ
املوحدو َن كلُّهم ملتزمون مبا ورد يف كتاب ِّ
كذلك األقليَّةُ املؤمنةُ املبعثَ َرةُ يف أحناء العا َِّمل َ
اليوم ،أفر ُ
للا وسنة رسوله ،ال ُييدون عن تعاليمه إال يف أوان الشدةِّ ،ألن أغلبهم مغرتبون ومضطهدون،
واإلذالل والتعذيب على أيدي ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني
ِّ ِّ
والتهميش ،وألوان من التحقري يعانون من التهجري
ين ،يربهن على أن الفرقةَ ِّ ِّ ِّ َعب َدةِّ
األصنام .وقد انل من العذاب على أيديهم مجاعةٌ من العلماء املوحد َ َ
ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ( )Müslümanlikالضالةَ قد نزع للا الرمحةَ من قلوب أفر ِّادها.
ِّ
والنفاق والتمزيق والعنصرية ...طاملا أاثرت ِّ
الشقاق ألن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ( )Müslümanlikدين
َّ
مجيع ِّ
أحناء العامل منذ قرون، والتباغض واملعاداةَ بني صفوف ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني يف ِّ الشتات والتفرقةََ
َ
ِّ
األوسط ،وما ِّ
الشرق أحداث " ِّ
الشتاء العريب" يف ِّ اندالع
ِّ فأنشبت نريا َن ِّ
الفتنة بينهم خاصةً عقب ْ
انتفاضات
ٌ قامت
ْ احتجاجا على الظلم السافر،
ً أ ْن انتحر البو عزيزي التونسي عام 2011م.
َّت عليهم رس واألكر ِّاد ...فانقض ْ
ات ومعارك عنيفةٌ بني ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني من األتراك والعرب وال ُف ِّ
وثور ٌ
ومزق ْتهم ُك َّل ممََُّزق، ِّ
العذاب َّ ال ُق َوى العومليةُ ويف طليعتها إسرائيل ،وأمريكا وروسيا ،فسام ْتهم سوءَ
وذِب ْتهم يف فلسطني ،وليبيا ،وسوراي ،والعراق ،واليمن ،والصومال ،وأفغانستان ..كما أتثرت هبذه
احلمالت كلٌّ من تركيا ،وابكستان ،ولبنان ،ومصر ،والدولة السعودية ،واألردن وبقية الدول
لينقض
َّ ضها الفرصةَ ويتحني بع ُ َّ ُ واألقليات تتبادل العداءَ فيما بينها، ُ الشعوب
ُ العربية ..وال تزال هذه
مكرا ونفاقًا ،مساجدهم شبيهةٌ مبسجد (ضرار) الذي ِّ ِّ
وأصوات األذان تعلو أجوائَهم ً ُ اآلخر على
النيب عليه السالم فدمرهُ الصحابةُ عليهم الرضوان" .والَّ ِّذين َّاختَ ُذوا مس ِّج ًدا ِّ
ض َر ًارا َوُك ْف ًرا أمر به ُّ
َْ َ َ َ
ىنَ ،و َّ
اَّللُ اَّللَ َوَر ُسولَهُ ِّمن قَ ْب ُلَ ،ولَيَ ْحلِّ ُف َّن إِّ ْن أ ََر ْد َان إَِّّال ا ْحلُ ْس َ َٰ
ب َّ ار َ
وتَ ْف ِّري ًقا بني الْم ْؤِّمنِّني وإِّرص ً ِّ
ادا ل َم ْن َح َ ََْ ُ َ َ ْ َ َ
اذبُو َن"ي ْشه ُد إِّ َّهنُم لَ َك ِّ
َ َ ْ
أن الْمسلُمانِّيِّني لَ َك ِّ
اذبُو َنَّ .
ألهنم يناققون، نعم ،وللاُ سبحانه ،واملالئكةٌ ،واملؤمنون كلُّهم يشهدون َّ ُ ْ َ
العظام النخرةَ ،ينصاعون والعدوان ،يؤمنون ابجلبت والطاغوت ،يعبدون ِّ ويتعاونون على اإلَث
َ
ِّ
أايم
والعفاف ..مساج ُدهم عامرةٌ بصفوفهم َ الناس من الفضائل والطُّهر َ
الكفر ،وهم أبعد ِّ ِّ لقوانني
ٌ
سجال، احلرب دى ،ال جتمعهم صلةٌ أخويةٌ ،بل ِّ
ُ اجلمعة واألعياد بينما هي خاليةٌ من آاثر اهلُ َ
والكراهيةُ واملعاداةُ متواصلةٌ بينهم ،يعانون من األعمال اإلرهابية والشغب واإلنفالت األمين،
اإلحنالل األخالقيِّ؛ قد انتفت فيهم ِّ والفوضى ...ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّو َن جبميع صنوفهم العرقية يعانون من
الذمة واألمانة ،لذا ،قل من يضع ثقته يف غريه.
تتنوع مصدرها القرآ ُن الكرميُ ،والسنةُ النبويةَُّ .. ُ مصطلحات خاصةٌ فريدةٌ إبداعيةٌ... ٌ اإلسالم ،له
ُ *
ِّ
والكفر، ِّ
كاإلميان، مصطلحات
ٌ علومها .فالعقيدةُ مثالً هلا جماالت ِِّّ ِّ
ابختالف صطلحات اإلسالميةُُ امل
والوعيد ،واجلز ِّاء
ِّ ِّ
والوعد واحلساب ،وامليز ِّ
ان، ِّ ِّ
والنار، ِّ
واجلنة، ِّ
واإلحلاد، والنفاق ،و ِّ
الشرك، ِّ
ِّ
والطواف، واحلج ،والزكاةِّ، ِّ
والصوم، ضا ،كالصالةِّ، ِّ
ِّ مصطلحات أي ً
ٌ والعقاب ..إخلَ ..ث الفقهُ له
ْد، واحلدود ،وا ْجلل ِّ
َ
ِّ واليمني ،والشهادةِّ،
ِّ ِّ
والغنيمة، ِّ
والسلم، ِّ
واحلرب، ِّ
واجلهاد، والسعيِّ ،والكفارةِّ،
احلديث له ُ ِّ
والطالق ..إخلَ .ث والنكاح،
ِّ ِّ
واإلرث، ِّ
والرهان، ِّ
واملبايعة ،والدَّيْ ِّن، ِّ
والقصاص،
واملرفوع،
ِّ ِّ
واحلسن، والصحيح،
ِّ ِّ
واإلسناد، ِّ
واخلرب، والسنَ ِّد،
اويَّ ، كالرواية ،والر ِِّّ ضا، مصطلحات أي ً
ٌ
ِّ
القرآن هلا وعلوم ِّ واملوضوع ،وخرب اآل ِّ ِّ والغر ِّ
ُ والتدليس ..إخلَ .ث التفسريُ حاد، ِّ والضعيف، يب،
ِّ
والتفسري تفسري ابلدر ِّ
اية، ِّ
ابملأثور ،وال ِّ ِّ
والتفسري ِّ
ابلرواية، كالتأويل ،وال ِّ
تفسري ِّ ضا،
مصطلحات أي ً
ٌ
ِّ
املصطلحات مضبوطةٌ كل هذه ِّ
والتجويد ..إخلُّ . اإلشار ِّي ،والتالوةِّ ،والرت ِّ
تيل، ِّ ِّ
التفسريأي ،وابلر ِّ
ِّ
والسنة. ِّ
الكتاب ِّ
املنصوصة يف ِّ
واحلدود ِّ
التوقيفية بتعريفات علمية ومصنَّ َفةٌ يف ِّ
مظاهنا على ِّ
أساس ُ َ
واحلج،
ِّ ِّ
والصوم صطلحات الْمعزى إليها؛ كالصالةِّ ِّ أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (َّ ،)Müslümanlik
فإن امل
ُ َْ
عصاابت صوفيةٌ ٌ القرآنية والسنِّيَّ ِّةُ ...كلُّها َس ِّرقَ ٌ
ات ا ْختَ َزلَتْ َها ِّ ِّ
واألدعية ِّ
واألذكار ِّ
واألضحية،
احلد وحسب، أن الصوفيةَ الْمسلُمانِّيِّني مل يقفوا عند هذا ِّ مكرا وخديعةً .إالَّ َّ ِّ
ُْ َ ْص َق ْتها هبذه الداينة ً وأَل َ
الدايانت اهلنديةُ .أخذ منها مصطلحات دايانت عديدة ،أتيت على رأسها ِّ كثريا من
ُ بل اقتبسوا ً
ْريتِّيَ ِّة إىل العربيةالس ْن ِّسك ِّ
ش َر مصطلَ ًحا وترمجوها من اللُّغَ ِّة َّ أح َد َع َ ِّ
قدماءُ الطريقة النقشبندية َ
تش َد ْر َد ْم ،ونَظَْر بَ ْرقَ َد ْم ،و َس َف ْر َد ْر َوطَ ْن ،و َخل َْو ْ والفارسيةَ ،وبَنَ ْوا طريقتَ ُه ْم عليها ،وهيُ :هو ْ
وف َع َد ِّدي، ان ،ووقُ ِّ ِّ ت ،ونِّ َكا ْه َدا ْش ْ َد ْرأ َْجنُ َم ْن ،وَاي ْد َك ْر ْد ،وَاب ْز َك ْش ْ
تَ ،وُوقُوف َزَم ِّ َ ُ ت ،وَاي ْد َدا ْش ْ
50
ْيب.. ووقُ ِّ
وف قَ ل ِّ َُ
هذه الداينةُ ،أي ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ( ))Müslümanlikمنبثقةٌ أصالً من التيارات الصوفية الوثنية ،وهلذا مل
"د ْر ِّويش"،
اقتباس مصطلحات هندية للتعبري عن العقائد اليت اختلقوها ،مثلَ : ِّ ميتنع رجاهلا عن
ْ
اجگان" ،و"حلقة الذكر"، ِّ و"پوس ْ ِّ ِّ
ت نشني" ،و"تَكيَّة" ،و"رابط" ،و"إانبة" ،و"رابطة" ،و"ختم َخ َو َ ُ ْ
ب عروس" ،و"العشق اإلهلي" ،و"األبواب األربع"، و"السماع" و"آيني" ،و" َش ِّ
ِّ و"الدوران"،
و"الكرامة" ،و"اهلمة" ،و"األبدال" ،و"األوتد" ،و"القطب" ،و"الغوث" ،و"رجال الغيب"،
كبريا من
عددا ً
ض ُّم ً قواميس ت ُ
ُ و"الرجال الثالث" ،و"الرجال السبع" ،و"الرجال األربعني" ...وهلم
ِّ
ومفاهيم ذات جذور هندوسية ومسحية ويهودية ،إالَّ أهنا ً
مجيعا مغلفةٌ أبمساء عربية َ مصطلحات
وفارسية على سبيل التعمية .ومن اطلع على أي قاموس ملصطلحات الصوفية وجد فيها تناقضات
فإن ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني ال يتورعون
الكتاب والسنةُ .هكذاَّ ،
ُ رهيبةً ،وحتريفات خطريةً للحقائق اليت جاء هبا
أب ًدا عن تشويه الدين احلنيف ،بتحريف مصطلحاته وتعاليمه لدى أي فرصة يغتنموهنا.
فانقلبت من شكل ْ ت عقائ َد خمتلفةً من عدَّةِّ أداين، َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ( ،)Müslümanlikفإهنا َّ
امتص ْ
وحتوِّهلَا إىل
تطوِّرَها ُّ
أثر ابل ٌغ يف ُّ التارخيية اليت كانت لِّم َذابِّ ِّح األمويِّني يف ِّ
بالد ُّ ِّ ِّ ِّ
الرتك ٌ َ مسريهتَا آلخر عرب َ
ِّ
العصاابت ُماوالت
ُ كرد فعل أخطأ هدفَهُ! .تربهن على هذا األمر الواقع لإلسالم ِّ
ِّ حركة معادية
لتشويه تعاليم الدين احلنيف منذ 1200م .بعد أن استهدفها الشعوبيون ِّ الصوفيَّ ِّة ال ُْم ْسلُمانيِّني
اك على اإلسالم. ف األتر ِّ تعر ِّ
س قبل ُّ ال ُف ْر ِّ
ِّ
لألغيار ،ال ُيدُّها أي تعريف جامع لألفر ِّاد مانع َّأما الْمسلُمانِّيَّةُ (َّ ،)Müslümanlik
فإهنا خاليةٌ من ِّ ُْ َ
األسباب لبعض املشهورين ُ أتحتط .وهذا الطابع قد جعلها تتغري من مرحلة إىل أخرى .وقد َ ضاب ٌ
ِّ
الداينة أو الصوفية ،وآايت الرافضة أن يزيدوا يف هذه ِّ ين ال ُْم ْسلُمانِّيِّني ،ك ِّ
شيوخ رجال ِّ
الد ِّ من ِّ
التسبيح ،واألور ِّاد املشهورةِّ
ِّ سنحت هلم من أشكال العبادات واألدعية ،مثل :صالةِّ ْ ينقصوا منها ما
َان" ،و"الل ِّ
طائف اجگ ِِّّ ِّ
وحفلة " ِّ التفرجيية" ،و"ر ِّ
ِّ ات" ،و"الصالةِّ دالئل اخلري ِّ
ب " ِّ
اخلَُو َ
اخلتم ْ الشيخ،
ِّ ابطة
س أثناء وحبس الن َف ِّ
ِّ ات أو ابملِّ ْسبَ َح ِّة وبكميات معينة، ِّ
ألفاظ الورِّد ابحلصي ِّ ِّ
وتعداد ِّ
الروحانية"،
َ ََ ُْ
أن أمري املؤمنني عليا ويل للا ،وعلَيًا حجة للا "... الذكر ،وقول الشيعة "أشهد َّ
* يعلن املعتنق للدين اإلسالمي عن هويته الدينية بقوله "أان ُم ْسلِّ ٌم "Ben müslimimإذا كان
رجالً ،وأما إذا كانت امرأةً فتقول" :أان ُم ْسلِّ َمةٌ "Ben Müslimeyim؛ أما الشخص ال ُْم ْسلُ َم ِّانُّ فإنه
يُ َعِّربُ عن هويته الدينية بقوله" :أان ُم ْسلُ َم ِّانٌّ "Ben Müslümanımسواء كان رجالً أو امرأةً.
ۡ ۡ
اإلسالم قد عقد األُ ُخ َّوةَ بني املؤمنني بنص القرآن الكرمي ،قال تعاىل" :إِّ َّمنَا ٱل ُم ْؤِّمنُو َن إِّخ َوةٌ".
َ * َّ
إن
فإهنما خاليتان من مثل هذا العقد، َّأما الْمسلُمانِّيَّةُ ( )Müslümanlikالرتكيةُ واإلسالمويةُ العربيةَُّ ،
ُْ َ
احلقيقة ما جيري من العداوة والبغضاء بني العرب اإلسالمويني وأتباع الْمسلُمانِّيَّةِّ ِّ يدل على هذه
ُْ َ
جبميع فصائلِّهم ،واجلراكسة، ِّ رس ،واألكر ِّاد ،واألتر ِّ
اك ( )Müslümanlikمن اإليرانيني ال ُف ِّ
تعش والبشتون ،والبلوجيني ،واهلزارةِّ ...بعضهم لبعض ٌّ
عدو .مل ْ ِّ والبُنطُسيني ،والرب ِّ
بر ،والطاجكيني،
هذه اجملتمعات يف سالم يف أي فرتة من التاريخ ،هناك مشاكل كبرية يف الفسيفساء االجتماعية لكل
من البلدان اإلسالمية .تستمر األعمال العدائية وحىت احلروب بني اجلماعات العرقية والدينية يف
هذه البلدان .على سبيل املثال ،هناك عداء مستمر بني السنة والشيعة يف العراق ،وبني الوهابيني
واإلمساعيليني يف اململكة العربية السعودية .كذلك دامت احلرب فرتةً بني الشافعيني السنة واحلوثيِّني
الشيعة يف اليمن ،وانقضَّت القلةُ النصرييةُ احلاكمةُ على الشعب السين يف سوراي فذِبتهم وطردت
املاليني من أوطاهنم منذ سنوات .ويف املغرب العريب واجلزائر وليبيا ،يتمر ُد الرببر على األنظمة
مستمر بني العلويِّني األتتُوركيني والصوفية النقشبنديِّني يف تركيا
ٌّ ِّ
اإلسالموية .كذلك العداء العربية
منذ قرن كامل مع أن كِّلَ ِّي الطرفني يعتنقان الداينةَ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ( )Müslümanlikولكن خيتلفان
والنورجيني (أصحاب سعيد ِّ فيها كلٌّ حسب معتقداته .وهناك عداءٌ وكراهيةٌ بني النقشبنديني
النورسي) يف تركيا .كما أن هناك صراع وعداء مستمر بني مجاعات من األتراك يف أملانيا والبالد
األوروبية ،منهم أنصار الرأي الوطين (أتباعُ جنم الدين أربكان) ،وأتباعُ مجال الدين قبالن،
ِّ
مساجد بيئات
ُ ختتلف
ُ والسليمانيون (أتباعُ سليمان حلمي طوانخان) وأتباعُ فتح للا گوولن...
رت ٌك بني أفر ِّاد هذه اجلماعات. ِّ ِّ
قاسم ُم ْش َ
التابعة هلذه اجلماعات املتباينة وأنشطةُ كل منها .ال يوج ُد ٌ
مجيعا
فحسب ،وال نبالغ إذا قلنا إهنم ً ُ ورمبا يكون الشيء الوحيد الذي جيمعهم هي اللغة الرتكية
حتو ِّل هذهِّ الكراهية إىل
جهودهم يف أتجيج "اإلسالموفوبيا َ "İslamofobiaوَم ْن ِّع ُّ َ يبذلون
الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (.)Müslümanlik
ِّ " "Musumanofobiaأي إىل
والسب ،واإلهانةَ واإلسائة ابلقول والفعل أو ِّ
أبي َّ واالغتياب،
َ غض، ُيرُم احلق َد ،والبُ َ اإلسالم ِّ
ُ *
فإهنما الواإلسالََم ِّويَّةُ العربيةَُّ ،
ْ الرتكِّيَّةُ ِّ
شكل من األشكالَّ ..أما ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ (ُّْ )Müslümanlik
شيوعها يف ِّ
كل ُ ضا .يدل على ذلك القبائح ،يلعن بعضهم بع ً
ِّ ارتكاب هذه ِّ يه َما منُتنعان ُم ْن تَ ِّسبِّ ِّ
ُيسن
ُ أي دليل 51.وهنا إثبات ذلك إىل ِّ ُ واإلسالَ َم ِّويُّو َن ،وال ُيتاج
ْ بقعة يعيش فيها ال ُْم ْسلُمانِّيُّو َن
اتُ
شُطائفتني من ال ُْم ْسلُمانِّيِّني األتراك منذ قرن كامل؛ فقد صار التَّ َ ِّ ِّ
تباغض ذكر طريفة تُفشي مدى
ني (ابللغة الرتكية) إحدامها قوهلم "Takkeli liboş" :يصف هبا س َّج َعتَ ْ ِّ ِّ
من العادة بينهما بصيغيتني ُم َ
األتتوركِّيُّون الصوفيةَ النقشبندي َن ،والثانيةُ قوهلم "Şapkalı godoş" :تصف هبا الصوفيةُ
حتشما.أستنكف عن ترمجة هاتني الصيغتني ً ُ وتشنيعا ومشاتةً هبم. ً النقشبنديُّون األتتوركِّيِّني ُّ
هتك ًما
ك ل ََعلَى* للرسول عليه الصالة والسالم مكانةٌ رفيعةٌ عند للا ،قال تعاىل ،يثين على أخالقهَ " :وإِّنَّ َ
ِّ ُخلُق َع ِّظيم" وقال رسول للا صلى للا عليه وسلم" :بُ ُ
عثت ألَُُتِّ َم مكارم األخالق" .يُ َعظ ُمهُ
املسلمون يف حدود الكتاب والسنة ،رعايةً جلاللة قدره ،يُصلُّون ويسلمون عليه لدى كل مناسبة
صلُّواْ َعلَْي ِّه َو َسل ُمواْ
آمنُواْ َ
ين َ
َّ ِّ
صلُّو َن َعلَى النَِِّّب ،أيَيُّ َها الذ َ
ِّ امتثاالً لقوله تعاىل" :إِّ َّن َّ
اَّللَ َوَمالَئ َكتَهُ يُ َ
تَ ْسلِّيما"
هذا ،ويعلم املسلمون املخلصون من أهل التوحيد؛ أن مهمة الرسول عليه الصالةُ السالم مل تقتصر
وإصالح
ُ جمرد التبليغ والدعوةِّ فحسب ،بل كان مما أ ُِّم َر بِّ ِّه من الوظائف :التبشريُ واإلن ُذا،على ِّ
ِّ
اجليوش ِّ
احلجة ،وقيادة ِّ
واألساطري ،وإقامةُ الباطلة واخلر ِّ
افات ِّ ِّ
العقائد ِّ
النفوس وتزكيتُها ،ومكافحةُ
ِّ
العقوابت يف وإنصاف املظلومني ،وتنفي ُذ
ُ وأتسيس العدالة، األمة، ِّ
شؤون َّ حملاربة املشركني ،وسياسةُ
ُ
والظلمة ،وغريُ ذلك مما ال يسع املقام لشرحها وتفاصيلها ...يؤمن املسلمون من أهل ِّ اجملرمني
أبن الرسول عليه الصالة السالم ،كان على صراط مستقيم يف مجيع حركاته التوحيد اخلالص َّ
أبيات منها:
بل هناك دالئل كثرية ال ُحتصى ،منها :قول أحد الشعراء عرب قصيدته اليت أمساها" :حنن شعب ال يستحي" ،وهذه ٌ
51
السنا من ابيع احلسني َث خناه؟ * أمل تكن قلوبنا معه وبسيوفنا ذِبناه؟
أمل نبكي احلسن بعد أن مسمناه؟ * ألسنا من واىل عليا ويف صالته طعناه؟
حكام ِّ
دولة اإلمارات: أبيات لشاعر آخر ،يلعن فيها َّ َ وهذه ٌ
اب أداة * ال سلَّ َم للاُ اإلمارات
سالم األَعر ِّ
وقام ُ
َ
البغل يف أرض موات
تطاول احلفاةُ العُراة * وزان ُ
فحولةُ خنزير أبتن * ال سلَّ َم للاُ اإلمارات
ُتتد على هذه الوترية... والقصيدةُ ُّ
األمور ِبكمة،
َ وسكناته وقراراته؛ فكانت منطَلَ َقاتُهُ كلُّها من الوحي الذي يتلقاه من ربهِّ ،
يسريُ
األمور بقيادة رشيدة... ِّ
للمواجهة أبسباب رصينة ،ويدب ُر ويتهيأ
َ
فإن الرسول عليه السالم يف نظرهم أشبه ما يكون بشيخ من شيوخ الصوفية أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون؛ َّ
كل أوقاته يف املسجد ال يربحه ،يعتكف ،ويصلِّي ،ويصوم املشعوذين؛ يعتقدون أنه كان يقضي َّ
السواك ،ولبس العمامة والعباءةِّ ،وكان أحب الطعام إليه
ِّ ِّ
إبرخاء اللحية ،واستعمال الدهر ،ويوصي
ب بَ ،أيْ ُخ ُذ ُّ
الرطَ َ ويقص شاربَهُ يف كل مجعة ،وَكا َن َأيْ ُك ُل الْبِّ ِّطي َخ ِّاب ُّلرطَ ِّ
ُّ أظفارهُ
َ الثري ُد ،وكان يقلِّ ُم
الرسول عليه السالم يف هذه ِّ ط ثوبَه ...تتمثل شخصية ارهِّ ،خيصف نعلَه ،وخيي ُ
س ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
بيَمينه َوالْبطي َخ بيَ َ
الرفيعة ،مما تدل هذه النظرةُ ِّ األمور فحسب عند ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني ،دون صفاته وخصائصه النبوية
القاصرةُ على سذاجة ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني وعلى مدى جهلهم ِبقائق الكون واحلياة ،وبُ ْع ِّد ِّهم عن فهم
كتاب للا وسنة رسوله ،ويربهن على عقليتهم املتخلفة الباقية من العهد الشامان والبوذي ،وهي
أعماق كياهنم.ِّ راسخةٌ يف
ومجودا أغلق
ً الطبائع ،وغباءً يف التفكري، ِّ فأولدت عُ ْق ًما يف
ْ السلبيات عرب قرون
ُ تتابعت هذه
اإلبداع ،فأصبح من املستحيل إنشاء " ِّ
املدينة الفاضلة" وإقامةُ ِّ األبواب على القرائح ومنعها عن
ُ َ
ِّ ِّ ِّ
كوا
در ُ واإلسالََم ِّويِّ َ
ني الذين مل يُ ِّ ني ْ األمر خبسارة ال ُْم ْسلُمانِّيِّ َ
احلضارة الرائعة اليت يتبناها اإلسالم .فانتهى ُ
فانقض عليهم
َّ احلنيف ومل يفطنوا لعظمته يف تريهم املديد حىت طَ َم َع فيهم األعداءُ، ِّ حقيقةَ الدين
املغولَ ،ث القوات الصليبيةَُ ،ث القوى العومليةُ يف عصران ،فأُركسوا على رؤوسهم وانتكسوا نكاالً
من للا ،وللا شديد العقاب.