You are on page 1of 42

‫للا‬ ‫اه‬‫ض‬ ‫ت‬‫ار‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬

‫الذ‬ ‫ين‬ ‫ِّ‬


‫الد‬
‫َْ َ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫اإلسالَ ُم ِّأم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ‬
‫أ َُه َو ْ‬

‫***‬ ‫***‬

‫‪PART-28‬‬
‫اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪)Müslümanlik‬‬
‫ِّ‬ ‫الفجوةُ السحيقةُ الفاصلةُ بني‬
‫‪The deep gap separating Islam and Müslümanlik‬‬

‫أتليف‬
‫فريد صالح اهلامشي‬
‫‪Copyright©2018 by‬‬
‫‪Feriduddin AYDIN‬‬
‫‪feriduddin@gmail.com‬‬

‫إسطنبول‪2022-‬م‪.‬‬

‫دار العِرَب للطباعة والنشر‬

‫‪al_ibar.publishing@yahoo.com‬‬
‫اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪)Müslümanlik‬‬
‫ِّ‬ ‫الفجوةُ السحيقةُ الفاصلة بني‬

‫ومنفصلةً عن بعضهما‬ ‫(‪ )Müslümanlik‬كلٌّ منهما ميثِّ ُل داينةً مستقلةُ‬ ‫اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫السالفة‪ .‬ومن‬ ‫الفصول‬ ‫رب‬ ‫َّ‬
‫التأكيد مر ًارا على هذه احلقيقة يف ضوء األدلة َع َ‬ ‫البعض‪ ،‬كما قد سبق‬
‫أجل تسهيل فهم املوضوع‪ ،‬قدمنا مقارنةً وجيزة حول الفوارق الكبرية بني هذين املفهومني‪ ..‬لكنه‬
‫البعض يف هذا التصريح املفاجئِّ‪ ،‬فال يكاد يطمئن مبا ورد من‬ ‫ُ‬ ‫على رغم كل هذه اجلهود فقد يشك‬
‫اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الناس ال يفرقون بني‬ ‫الدالئل عرب فصول الكتاب‪ ،‬ملا يرى أن أغلب‬
‫مضت على أتسيس هذه الداينة‪ ،‬قد بلغت إىل ما يقرب من‬
‫ْ‬ ‫(‪ .)Müslümanlik‬ألن املدةَ اليت‬
‫ِّ‬
‫أعماق الضمائر طوال هذه احلقبة فأصبحت مشكلةً عويصةً‬ ‫جذورها يف‬ ‫ألف عام‪ ،‬ورسخت‬
‫ُ‬
‫تتجاوز التقديرات‪.‬‬

‫توليدها لتشويهات ثقافية من مرحلة إىل‬‫ومتكرر‪ ،‬مع ِّ‬


‫ِّ‬ ‫منت بشكل متضاعف‬ ‫هذه املشكلةُ‪ ،‬اليت ْ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مصدر العديد من األزمات السياسية واالجتماعية على َم ِّر القرون‪ .‬لقد ترك الْ ُ‬
‫تباس‬ ‫َ‬ ‫أخرى‪ ،‬كانت‬
‫الناس آاثرا ِّ‬
‫مدم َرةً جدا يف حياة املسلمني على مدى األلف عام املاضية‪،‬‬ ‫هذين املفهومني على ِّ ً‬
‫واستمرت النزاعات املذهبيةُ والعقدية بني فصائل األمة فتطورت فيما بعد إىل مشاحنات طائفية بني‬
‫وتفرق الصفوف‪ ..‬لذلك‪ ،‬يدعو األمر‬ ‫الفئات العرقية حىت يومنا هذا‪ ،‬مما أدت إىل شتات الشمل ُّ‬
‫إىل تفسريات مقارنة أكثر تفصيالً حول املوضوع‪.‬‬

‫أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬


‫نفسها على الواقع‪ ،‬وهي َّ‬
‫من الضروري أوالً اإلفصاح والتذكري بقضية ُُتلي َ‬
‫تعميم صفة "املسلم" على مجيع‬ ‫ُ‬ ‫تقييمها مبعىن اإلسالم إطالقًا‪ ،‬وال‬
‫(‪ )Müslümanlik‬ال جيوز ُ‬
‫فإن األمةَ احملمديةَ ليست‬ ‫املنتسبني إىل اإلسالم يف عصران أبهنم من أهل التوحيد‪ .‬مع ذلك َّ‬
‫وجتمعات صغريةٌ من أهل التوحيد اخلالص مبعثَ ُرون يف أحناء العامل‪ ،‬هم‬
‫ٌ‬ ‫ُتاما‪ ،‬بل ََثَّ أفرا ٌد‬
‫مضمحلةً ً‬
‫األقلية الكر ِّ‬
‫مية جيالً بعد جيل إىل‬ ‫ِّ‬ ‫ود هذه‬
‫يستمر وج ُ‬
‫ُّ‬ ‫شك‪ ،‬وسوف‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم وال َّ‬ ‫وحسب ميوثِّلون أمةَ‬
‫األرض ومن عليها مبشيئته تعاىل وتوفيقه‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن يرث للا‬

‫لذلك‪ ،‬فإن الذين يزعمون ‪ -‬أن اجلماهري املنتسبة إىل اإلسالم يف مجيع أحناء العامل‪ ،‬يشملهم وصف‬
‫"السواد األعظم"‪ -‬يتورطون يف تناقض بَِّني من وجوه؛ أوال‪ :‬يستحيل إطالق وصف "السواد‬
‫األعظم" على مجيع املنتسبني إىل اإلسالم‪ ،‬ألن أكثرية هذه اجلماهري الغفرية متلبِّسون بفساد‬
‫العقيدة؛ يربهن على هذا الواقع ما يرتكبون من موبقات اإلميان من ألوان الفسوق واإلحلاد والزندقة‬
‫الناس‪ ،‬فإهنم ال شك هم‬ ‫واإلشراك‪ ...‬أما وصف "السواد األعظم"؛ إ ْن جاز إطالقه على مجاعة من ِّ‬
‫أهل التوحيد اخلالص الذين ال يُشركون ابهلل‪ .‬اثنيًا‪ :‬مفهوم "السواد األعظم" ال يُ َعِّربُ عن كثرة عظيمة‬
‫كما يتومهه البعض‪ ،‬بل يدل على اتفاق جامع على كلمة التوحيد‪ ،‬واإلخالص يف الدين‪ ،‬ومشاركة‬
‫يف السراء والضر ِّاء لفئة معيَّ نَة من ِّ‬
‫الناس وإن كانت أقليةً‪.‬‬

‫ِّ‬
‫اإلسالم ِّي جملرد أهنم‬ ‫لإلقصاء والتهميش يف مجيع ِّ‬
‫أحناء الوطن‬ ‫ِّ‬ ‫ض هذه األقليةُ‬ ‫ألمر ُُْم ِّز ٌن أ ْن َّ‬
‫تتعر َ‬ ‫إنه ٌ‬
‫ريةُ األسرةِّ البشريَِّّة وأفضل‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫مو ِّحدون‪ ،‬صاحلون ُمتَّقون ال يُ ِّ‬
‫شركون ابهلل‪ ...‬وال شك أهنم خ ََ‬ ‫مؤمنون‪َ ،‬‬
‫مجيعا بسلوكهم املستقيم‪ ،‬وصدقهم يف القول والعمل‪ ،‬وحتلِّيهم ابلفضائل‪ ...‬إهنم رغم كل‬ ‫الناس ً‬ ‫ِّ‬
‫منصة‪ ،‬ألهنم يتعرضون لإلهانة والقمع والتشريد من قِّبَ ِّل‬ ‫إمساع أصواهتم على أي َّ‬ ‫ذلك ال يستطيعون َ‬
‫ِّ‬
‫واإلجتماع‪ ،‬وإقامة ندوات‬
‫ِّ‬ ‫ال ُْم ْسلُ َمانيِّني وهم مبعثَرون يف األرجاء املعمورة فال يُ َ‬
‫سم ُح هلم اباللتقاء‪،‬‬
‫فنظرا إىل هذا الواقع إذ نتأمل يف "خصائص األمة" اليت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ومجع الكلمة‪ً ...‬‬ ‫الصفوف ِّ‬ ‫وتوحيد‬ ‫علمية‪،‬‬
‫حدَّدها القرآ ُن الكرميُ‪ ،‬والسنةُ النبويةُ‪ ،‬نرى بطريق املقارنة بني هذه األقلية الصاحلة وبني الغالبية‬
‫الذين يعيشون يف املنطقة اإلسالمية اليوم‪ ،‬نرى أهنم ال ميتازون بشيء من هذه اخلصائص‪.‬‬

‫واضحا بِّ "أ َُّم ِّة اإلسالم"‪ ،‬يقول تعاىل‬ ‫ً‬


‫إن اآلية العاشرةَ بعد املائة من سورة آل عمران‪ ،‬تُ ِّ‬
‫قدم لنا تعري ًفا‬
‫َّاس َأتْمرو َن ِّابلْمعر ِّ‬
‫وف َوتَنْ َه ْو َن َع ِّن ال ُْمْن َك ِّر‬ ‫يف هذه اآلية الكرمية‪ُ " :‬كنْ تم َخ ْري أ َُّمة أُ ْخ ِّرج ْ ِّ‬
‫َ ُْ‬ ‫ت للن ِّ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫َّلل‪ "...‬إن هذا التعريف ينطبق وال شك على أفراد األقلية املوحدة الذين سبق ذكرهم‬ ‫وتُ ْؤِّمنُو َن ِّاب َِّّ‬
‫َ‬
‫آن ًفا‪ ،‬لكنه ال جيوز أن يُ َك َّف َر ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون على سبيل التعميم‪ ،‬لوجود أفراد من املؤمنني بينهم ال‬
‫لكن األكثريةَ منهم ال ينطبق عليهم هذا التعريف‬ ‫ُُيسنون اإلقر َار أبهنم من أهل التوحيد جلهلهم‪َّ ،‬‬
‫بوجه من الوجوه‪ ،‬مما يدل على أهنم ال يدخلون حتت صفة "أ َُّم ِّة اإلسالم"‪.‬‬

‫إن مؤسسىةً تسمى "منظمة التعاون اإلسالمي"‪ُ ،‬تث ُل أحد أقوى املؤشرات على غياب هذه‬
‫كلمة (اإلسالم)‬ ‫َ‬ ‫ُّولِّيَّ ِّة‪َّ .‬‬
‫إن استخدام ِّ‬
‫عتد به على األصعدة الد َ‬ ‫اخلاصية‪ .‬ألهنا هيكلةٌ جوفاءُ‪ ،‬وظلٌّ ال يُ ُّ‬
‫تسمية هذه املنظمة هو أمر مدهش يف الغاية‪ ،‬وضرب غريب من التناقضات‪ .‬لقد كان األنسب‬ ‫ِّ‬ ‫يف‬
‫يف الواقع أن تطلق على تلك املؤسسة "منظمة التعاون ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪")Müslümanlik‬‬

‫مصطلح "‪"Müslümanlik‬‬ ‫َ‬ ‫ميكن الكشف عن بعض خفااي هذه املسألة على النحو التايل‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫ومصطلح "‪ "Müslüman‬الذي أييت يف مقابلة "ال ُْم ْسلُ َم ِِّّ‬
‫ان" يف‬ ‫َ‬ ‫مقابلة "ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة"‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الذي أييت يف‬
‫اللغة العربية‪ ،‬غري معروفني يف العامل العريب‪ ،‬أو يتجاهلهما العرب‪ ،‬ألسباب البد من طرحها‬
‫وغري واردين يف الكتاب والسنة‪ ...‬إىل جانب ذلك‪ ،‬مل‬ ‫للمناقشات العلمية‪ ،‬ألهنما ليسا عربيَّ ْينب‪َ ،‬‬
‫نيِّ عن‬ ‫معلومة عن وجود نوعني خمتلفني من الدين‪ ،‬بَ ِّديلَ ْ‬ ‫َ‬ ‫يكن لدى العامل العريب حىت اليوم أي‬
‫اإلسالم‪ ،‬أحدمها‪" :‬ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ ")Müslümanlik‬اليت يعتنقها الشعب اإليران حتت ستار‬
‫الشيعي يف احلقيقة ليس سوى‬ ‫َّ‬ ‫إن املذهب‬ ‫التشيع‪ ،‬واالختفاء وراءَ حيلة اإلنتماء إىل أهل البيت‪َّ .‬‬
‫انية اليت نشأت أصالً من اجملوسية الساسانية؛ واثنيهما "ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ"‬ ‫للواجهة الْمسلُمانِّيَّ ِّة اإلير ِّ‬
‫ِّ‬ ‫اسم‬
‫ُْ َ‬
‫اإلنتماء إىل دين معاوية بن أيب‬ ‫ِّ‬ ‫"السنِّيَّ ِّة" واالختفاء وراءَ حيلة‬
‫اليت يعتنقها الشعب الرتكي حتت ستار ُّ‬
‫أن األتراك‬ ‫سفيان! كما يتجاهل يف الوقت ذاته أعضاءُ ما يسمى "منظمة التعاون اإلسالمي"‪َّ ،‬‬
‫أن الداعشيني ابلذات جيهلون تسميةَ األتراك‬ ‫يُطلقون على تنظيم داعش اإلرهايب اسم "‪ "ISID‬حىت َّ‬
‫هلم هبذا اإلسم الغريب! إمنا يشري كل هذا اخلبط والعبث واحلِّيل إىل مدى عداوة العرب والرتك‬
‫والفرس لالسالم‪ ،‬وحقدهم الدفني على الدين احلنيف وعلى األقلية املؤمنة املوحدة اليت ُُتَثِّ ُل األمةَ‬
‫احملمديَّةَ املضطهدةَ يف غربتها‪.‬‬

‫اللثام عن وجه هذه احلقيقة بشكل ال لبس فيه ‪ ،‬كما ستُ ثْبِّ ُ‬
‫ت مرةً أخرى يف‬ ‫ط َ‬ ‫املقارانت التالية ستمي ُ‬
‫ُ‬
‫ُتاما‪ ،‬وال‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانيَّةَ (‪ )Müslümanlik‬داينتان منفصلتان ً‬
‫َ‬ ‫ضوء أدلة قاطعة على أن‬
‫عالقةَ بينهما إطالقًا‪ .‬سيتم تقدمي هذه املقارانت ملخصةً قدر اإلمكان‪ ،‬ضمن قسمني فيما يلي‪:‬‬

‫***‬

‫أوالً‪ :‬تفاصيل االختالف بني شخصية «ال ُْم ْسلِّ ِّم» وشخصية «ال ُْم َسل َْم ِِّّ‬
‫ان»‪:‬‬

‫‪ )1‬إن مجيع أعضاء اجلماعات املتطرفة وعصاابت اإلجرام يف تركيا‪ ،‬هم أبناء عائالت ُم ْسلُ َمانِّيَّة‪.‬‬
‫ب االستطالعات اليت‬ ‫س ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ومل يثبت َّ‬
‫أن أح َدهم ينتمي إىل أسرة حنيفة مسلمة من أهل التوحيد ِبَ َ‬
‫ت بِّطُُرق سريَة خص ً‬
‫يصا هلذا الغرض‪ .‬فعلى سبيل املثال‪:‬‬ ‫ُجريَ ْ‬
‫أ ْ‬

‫* معظم مصنِّعي ومستخدمي وابئعي الكحول والسجائر يف تركيا والشرق األوسط؛ وغالبية األفراد‬
‫والعصاابت املرتبطة بشبكات جتارة ِّ‬
‫املخدرات؛ ومجيع أفراد عصاابت الفساد والتهريب واالحتيال‬
‫والتزوير والتحريف والتشويه واالستغالل؛ ومجيع أعضاء جمتمع ‪LGBT‬؛ وأولئك الذين يتالعبون‬
‫والبهائم عن قصد‪ ،‬ومستغلو‬ ‫البشر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫ابألغذية واألطعمة‪ ،‬ويدمرون الطبيعةَ‪ ،‬ويلوثون املياهَ‪ ،‬ويعذبون َ‬
‫ص لتحقيق مصاحلهم الشيخصية‪ ،‬واملتعاملون ابلراب؛ مجيعهم ينتمون إىل عائالت ُم ْسلُ َمانِّيَّة‪ .‬وال‬
‫ال ُف َر ِّ‬
‫يُعرف ما إذا كان بني آابئهم مسلم ومؤمن‪ ،‬ثبت أنه أعلن عن إميانه وإقراره بتكاملية اإلسالم‬
‫والوحدة اجلامعة للدين احلنيف‪.‬‬

‫يصرحون أبهنم "مسلمون" و"مؤمنون" لدى أي‬‫وينبغي أن يضاف إىل ذلك‪ :‬أن العرب‪ ،‬وإن كانوا ِّ‬
‫مناسبة‪ .‬إالَّ أن هذا االعرتاف بشكل عام بعيد عن الصدق والواقعية‪ ،‬وال يعدو عن حيلة تقليدية‬
‫واتباعا لآلابء‪ ،‬على مثال اجملوس اإليرانيني‪ ،‬واألتراك الطورانيني الشامانيني‪.‬‬
‫ً‬ ‫اعتادوها تقيَةً ونفاقًا‪،‬‬

‫‪Kahrolsun‬‬ ‫* اآلالف من النشطاء األتراك الذين كانوا يهتفون" "سح ًقا للشريعة اإلسالمية!‬
‫‪ " şeriat‬يف العديد من املظاهرات واملسريات االحتجاجية يف املاضي القريب‪ ،‬واجلماهري تراقبهم‬
‫بدم ابرد وبدون رد فعل‪ ،‬كلهم من ال ُْم ْسلُ َمانِّي ِّني‪ .‬ومن املستحيل أن يكون حىت شخص واحد منهم‬
‫أقر يف كل حياته ولو مرةً واحدةً أنه "مسلم" و"مؤمن"‪.‬‬ ‫قد َّ‬

‫* كذلك الذين حظروا احلجاب اإلسالمي ومنط احلياة اإلسالمية يف املاضي القريب‪ ،‬والذين ترمجوا‬
‫عاما‪ ،‬ومنعوا تدريس القرآن الكرمي‪،‬‬ ‫األذان إىل الرتكية وأجربوا املؤذنني على هذه البدعة مثانية عشر ً‬
‫وتعليم اللغة العربية مدة نصف قرن؛ واملاليني من أتباعهم يف أايمنا‪ ،‬مجيعهم ُم ْسلُ َمانِّيُّون‪ .‬وال يوجد‬
‫أقر أبنه "مسلم" و"مؤمن"‪.‬‬‫شخصا واح ًدا منهم قد َّ‬
‫ً‬ ‫دليل على أن‬

‫اد احلشود الغفرية الذين قاموا مبظاهرات ضخمة يف املاضي القريب ضد قرار النظام مبنع‬
‫* أفر ُ‬
‫أقر أحد منهم أبنه "مسلم"‬
‫النساء من ارتداء احلجاب اإلسالمي يف األماكن العامة‪ ،‬مل يسبق أن َّ‬
‫و"مؤمن"‪ ،‬مما يدل على أن تلك املظاهرات كانت حيلةً ونفاقًا‪ ،‬ألهنم كانوا متواطئني مع السياسيني‬
‫يف كثري من املواقف والقرارات‪ ،‬خاصة يف أايم اإلنتخاابت‪.‬‬

‫* الكماليون‪ ،‬وأفراد التجمعات اإليديولوجية من اليساريني واليمينيني‪ ،‬ابإلضافة إىل امللحدين‬


‫العائالت ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‪ .‬مل يوجد حىت اآلن دليل على أن ًأاي منهم وصف‬
‫ِّ‬ ‫والصوفية‪ ،‬مجيعهم ِّ‬
‫أبناء‬
‫نفسه أبنه "مسلم" أو "مؤمن"‪.‬‬

‫‪ )2‬غالبية الذين شاركوا يف منظمات إرهابية‪ ،‬واستخدموا العنف وتورطوا يف جر ِّ‬


‫ائم قتل يف تركيا‬
‫والشرق األوسط‪ ،‬هم من عائالت ُم ْسلُ َمانِّيَّة‪ .‬على سبيل املثال‪:‬‬
‫‪PKK, İBDA-C, ERGENEKON, JİTEM, FETO,‬‬ ‫* مجيع املنظمات اإلرهابية مثل‪:‬‬
‫‪DHKPC, KONTRGERİLLA, HİZBULLAH‬؛ مجيع أفرادها من عائالت ُم ْسلُ َمانِّيَّة‪ ،‬ومل‬
‫أقر أحد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن"‪.‬‬
‫يسبق أن َّ‬

‫* مجيع مؤسسي وأعضاء عصاابت املافيا ُم ْسلُ َمانِّيُّون وال َّ‬


‫شك‪ ..‬لذا‪ ،‬من الصعب ج ًدا إثبات ما‬
‫إذا هم يف احلقيقة يؤمنون أبن اإلسالم دين متكامل‪ ،‬وكلٌّ ال يتجزأ‪.‬‬

‫* مجيع أعضاء "الدولة العميقة" الذين قاموا برتتيب مؤامرات لتغيري الوضع الدميغرايف يف تركيا‪،‬‬
‫كلُّهم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن‪ .‬قاموا إبنشاء تنظيم ‪ PKK‬اإلرهايب إلشعال انر الفتنة يف املنطقة الكردية‪ ،‬حيث‬
‫أدى ذلك إىل انقضاض النظام على املنطقة‪ ،‬وهتميش األكر ِّاد‪ ،‬وصهرهم يف البوتقة الرتكية‪ ،‬وإاثرة‬
‫التمييز العنصري بني األقليات من العرب احملليني‪ ،‬والالز‪ ،‬واجلورج‪ ،‬والبونطوس‪ ،‬والشراكسة‬
‫وغريهم‪ ...‬مع العلم أن أفراد هذه األقليات كلهم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن‪ ،‬مل يسبق أن َّ‬
‫أقر أحد منهم أنه‬
‫"مسلم" و"مؤمن"‪.‬‬

‫ينظمون مظاهرات‪ ،‬ويرفعون‬ ‫* أفراد القطاع العنصري النازعون إىل استعمال العنف الذين كثريا ما ِّ‬
‫س ْم"‬ ‫ِّ‬
‫"الوطن ال يُ ْق َ‬
‫ُ‬ ‫"العلَ ُم ال يسقط"‪،‬‬
‫شعارات فيها إستغالل القيَم املقدسة مثل "األذان ال يتوقف"‪َ ،‬‬
‫أقر أح ٌد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن"‪ .‬هذا النوع من‬ ‫"الشهداء ال ميوتون"‪ ،‬كل هؤالء‪ ،‬مل يسبق أن َّ‬
‫عد من االستهزاء ابلقيم‬ ‫االستغالل العاطفي الذي يُظهرونه يسمى "تالعبًا" يف املصطلح اإلسالمي‪ ،‬يُ ُّ‬
‫املقدسة واملقاييس العلمية للدين احلنيف‪ .‬وقد يكون ذلك سببًا إلهناء عالقتهم ابإلسالم‪.‬‬

‫مؤسسو ِّ‬
‫ومنفذو العصاابت اإلرهابية‪ JİTEM :‬و ‪ GLADIO‬و ‪ KONTRGERILLA‬وبقية‬ ‫* ِّ‬
‫ُ‬
‫التنظيمات السرية واالستخباراتية اليت اغتالت وقتلت عشرات اآلالف من املواطنني بعد تعذيبهم‬
‫يف املاضي القريب‪ ،‬كلهم كانوا ُم ْسلُ َمانِّيني‪ ،‬مل يسبق أن َّ‬
‫أقر أحد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن"‪.‬‬

‫ضبَّاط اجليش الذين قاموا ابنقالابت عسكرية يف تركيا وأطاحوا ابحلكومات‪ ،‬واستبدُّوا‬ ‫* مجيع ُ‬
‫ابحلكم‪ ،‬كلهم كانوا ُم ْسلُ َمانِّيني‪ ،‬مل يسبق أن َّ‬
‫أقر أحد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن"‪.‬‬

‫وسائل اختبار لتطوير معلوماهتم وجتارهبم‪ ،‬مجيعهم أبناء‬


‫َ‬ ‫* كثريٌ من األطباء الذين يتخذون من البشر‬
‫عائالت ُم ْسلُ َمانِّيَّة‪ ،‬مل يسبق أن َّ‬
‫أقر أحد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن"‪.‬‬
‫‪ )3‬أولئك الذين قاموا بتأسيس تنظيمات صوفية‪ ،‬ومذهبية‪ ،‬وطائفية‪ ،‬مجيعهم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن‪ ،‬مل يسبق‬
‫أقر أحد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن"؛ على سبيل املثال‪:‬‬
‫أن َّ‬

‫ظاهرا‪،‬‬
‫أبن دينَهم اإلسالم‪ ،‬ويعتزون به ً‬ ‫* أفراد النخبة احملافظة من اخلواجوات واألكادمييني يُقرون َّ‬
‫ألن أكثرهم يدرسون العلوم اإلسالمية ويُتقنون مصطلحاهتا‪ ،‬إالَّ أن اعرتافهم هذا بعيد عن احلقيقة‬‫َّ‬
‫وخال من الصدق‪ ،‬وال يعدو عن مراءاة وتقية وإخفاء لنزعاهتم العنصرية‪..‬‬

‫أحياان أهنم مسلمون‪ ،‬لكنهم رغم ذلك ال يكتمون أهنم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن‪،‬‬
‫ضا يقرون ً‬ ‫* منكرو السنة أي ً‬
‫وهذا يدل على نفاقهم وال ِّم ْرية‪.‬‬

‫* مجيع املنتسبني إىل املذهب احلنفي‪ ،‬واملذهب الشافعي‪ ،‬واملذهب اجلعفري الشيعي‪ ،‬والعلويُّون يف‬
‫بعض ِّ‬
‫رجال‬ ‫ف ُ‬ ‫اجملتمع تركيِّ‪ُ ،‬م ْسلُ َمانِّيُّو َن معتزون ابلداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ ،)Müslümanlik‬وقد أل َ‬
‫ين منهم ُكتُ بًا يف العقيدة اإلسالمية وف ًقا لضوابط الكتاب والسنة‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬مل يتطر ْق أح ٌد منهم‬ ‫ِّ‬
‫الد ِّ‬
‫إىل االختالف بني اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ )Müslümanlik‬يف أعماهلم‪ .‬فيجب إذن افرتاض‬
‫موقفهم هذا أهنم اختذوه عن وعي‪ .‬وهذا يدل على أهنم ميارسون التقيةَ والنفا َق وتقلي َد األسالف‬
‫األحناف منهم ليسوا يف احلقيقة ملتزمني مبذهب أيب حنيفة‬‫َ‬ ‫بعناية كبرية‪ ،‬ابإلضافة إىل ذلك أن‬
‫ضا‪،‬‬
‫أن البقية من منتسيب املذاهب األخرى أي ً‬ ‫"حنَ َفانِّيُّون"‪ ،‬كما َّ‬
‫النعمان رضي للا عنه‪ ،‬بل إهنم َ‬
‫ليسوا ملتزمني مبذهبهم يف الواقع‪.‬‬

‫رمزا جلنون العظمة واهلدر‬


‫االستهالكي الذين جعلوا من شهر رمضان ً‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫االستغالل‬ ‫* كل ُرَّو ِّاد‬
‫والشراهة والبطر واإلسر ِّ‬
‫اف والتبذير‪ ،‬وكل من اتَّبعهم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن‪ .‬أما الذين تبنوا هذا اجلنون‬
‫كأسلوب حياة ديين على الرغم من حترمي اإلسالم لإلسراف والتبذير‪ ،‬فيكاد يكون من املستحيل‬
‫أقر أحد منهم أنه "مسلم"‬
‫إجياد مربر الطالق صفة املسلم على أحد منهم‪ ،‬كما مل يسبق أن َّ‬
‫و"مؤمن"‪.‬‬

‫ومجيع رجال الدين الرمسيِّني‪ ،‬والسحرةُ‪ ،‬واملشعوذون‪ ،‬واملتَّجرون‬ ‫ُ‬ ‫معظم األكادمييني احملافظني‪،‬‬
‫ُ‬ ‫*‬
‫آالف املبشرين الصوفيِّني الذين ِّ‬
‫يكرسون‬ ‫ِّ‬
‫الصوفية‪ ،‬و ُ‬ ‫ِّ‬
‫الطرق‬ ‫خ‬‫اوات العلويني‪ ،‬وشيو ُ‬
‫ود َد ُ‬
‫ابلدين‪َ ،‬‬
‫ط هؤالء ابإلسالم ال يتوافق مع الواقع‬ ‫أنفسهم للدعاايت القبورية‪ ،‬مجيعُهم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن؛ لذا‪َّ ،‬‬
‫فإن َربْ َ‬
‫أب ًدا‪ .‬ألنه يكاد ُُيرم التطرق إىل مبادئ الدين احلنيف ومسائل العقيدة يف اإلسالم‪ ،‬خاصة يف نوادي‬
‫أي‬ ‫ِّ‬
‫األولياء أبدىن ذريعة ولدى ِّ‬ ‫وديْدهنُم أ ْن يتحدثوا عن كرامات‬
‫دأهبم َ‬
‫الصوفية النقشبنديني‪ ،‬بل ُ‬
‫يتصورون‬
‫ض أهنم َّ‬ ‫فرت ُ‬
‫فرصة‪ ..‬لقد رسخت جذور هذا املرض الدفني يف أعماق ضمائرهم إىل حدود يُ َ‬
‫ذات للا يف خميلتهم على صورةِّ شيخ ذي حلية بيضاءَ وعلى رأسه عمامةٌ عظيمةٌ يُ َّ‬
‫طل عليم من‬
‫ِّ‬
‫السماء! تعاىل للا عن ذلك علو كبريا‪.‬‬

‫إن املداس الدينية‪-‬الشعبية اليت تُوجد واحدةٌ منها عادةً جبوار كل مركز من مراكز الصوفية‬
‫يتخف ْون وارائَها ليزيِّنُوا بذلك‬ ‫ِّ‬
‫للتقية‪َّ ،‬‬ ‫النقشبنديني ال ُْم ْسلُ َمانِّيني‪ ،‬فإهنا يف احلقيقة ال تعدو عن َخلِّيَّة‬
‫دفعا للشبهات‪ .‬إن املعت َقدات الصوفية‬
‫تمون ابلعلم‪ ،‬وأهنم على عقيدة أهل السنة واجلماعة ً‬
‫أهنم يه ُّ‬
‫اليت اعتنقها وطورها قدماءُ األتراك منذ قرون ُمستوحاةٌ أصالً من البوذية والشامانية وقد بنوا على‬
‫أساسهما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّة الشامانو‪-‬بوذية (‪ )Shamano-Buddhist Muslumanism‬فأصبحت داينةً‬
‫روحها من التيار الصويف بوجه خاص‪ .‬ومن هذا املنطلق جيوز احلكم‬ ‫ُّ‬
‫تستمد َ‬ ‫تركيةً قوميةً عنصريةً‬
‫على هذه الداينة أبهنا وإن تبدو يف مظهرها شكال من أشكال التعبُّ ِّد والتنسك‪ ،‬إال أهنا ال تعتمد‬
‫على مؤسسة إميانية يف الواقع‪ .‬لذلك احتلت األساطري وحكاايت املالحم وامليتولوجيا وقصص‬
‫اإلميان ابلوحي وِبياة اآلخرة يف الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪.)Müslümanlik‬‬
‫ِّ‬ ‫ُمل‬
‫كرامات األولياء َّ‬

‫هلذا فإن السياسيني‪ ،‬يكاد مجيعهم يُغفلون سيادة للا فيهتفون بسيادة الشعب‪ ،‬ويتَّفقون على إنشاء‬
‫الدستور للدولة على هذا األساس‪ ،‬وكلما دعت الظروف لتعديله‪ ،‬وهم هبذا املوقف متنكرون‬
‫حلاكمية للا وسيادته‪ ،‬ميضون ابتفاقهم هذا يف مثل هذه القرارات دومنا إحساس أبي حرج‪ .‬هؤالء‬
‫السياسيون كلهم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن‪ ،‬مل يسبق أن َّ‬
‫أقر أحد منهم أنه "مسلم" و"مؤمن" ومن الرباهني‬
‫رفيع‬
‫شخصا َ‬ ‫ً‬ ‫الصارخة على استخفافهم بنصوص الكتاب والسنة؛ أن سليمان دميريل الذي كان‬
‫املستوى من النخبة السياسية احتل منصب رائسة اجلمهورية‪ ،‬جترأ بتصرُيه على شاشات التلفاز‪،‬‬
‫فقال ابحلرف الواحد‪:‬‬

‫"إن احلياةِّ ال مساغ لتنظيمها وفق آايت القرآن‪َّ ،‬أما إ ْذ تقولون لِّنَ عُ ْد إىل األايم اخلوايل‪ ،‬فذاك‬
‫انتكاس ورجعية؛ يستحيل العودةُ إىل الورى!"‬

‫ح عالنيةً أبهنم ُم ْسلُ َمانِّيُّو َن كما يُ ْفهم ذلك يف أثناء‬


‫ص ِّر ُ‬
‫إن معظم اجملموعات املذكورة فيما سبق تُ َ‬
‫لكن أح ًدا منهم ال يقول بوعي "أان مسلم"‪ ،‬وقد يضطر فيُقر بعضهم‬ ‫تصرفاهتم واعرتافاهتم خباصة‪َّ .‬‬
‫عند مناقشة هذا املوضوع أبنه مسلم‪ ،‬دف ًعا للعراك‪.‬‬
‫***‬

‫اثنيا‪ :‬تفاصيل عن اخلالفات بني اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪)Müslümanlik‬‬
‫ۡ ۡ‬ ‫* َّ‬
‫ول فَ ُخ ُذوهُ َوَما َهنَا ُكم َعنهُ‬ ‫"وَما آ َت ُك ُم ٱ َّلر ُس ُ‬ ‫إن اإلسالم قائم على دعامة "التوقيفية"؛ قال تعاىل‪َ :‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ك َعلَ َٰى َش ِّريعة ِّم َن ٱأل َۡم ِّر فَٱتَّبِّ ۡع َها‬ ‫"َثَّ َج َعل َٰنَ َ‬
‫اب‪ 1".‬وقال تعاىل‪ُ :‬‬ ‫فَٱنتَ ُهوا‪َ ،‬وٱتَّ ُقواْ ٱ ََّّللَ إِّ َّن ٱ ََّّللَ َش ِّدي ُد ٱلعِّ َق ِّ‬
‫ب ََٰه َذا‬ ‫ذ‬‫ف أ َۡل ِّسنَ تُ ُكم ٱ ۡل َك ِّ‬‫ص ُ‬‫وَال تَتَّبِّ ۡع أ َۡهواء ٱلَّ ِّذين َال ي ۡعلَمو َن‪ 2".‬وقال تعاىل‪" :‬وَال تَ ُقولُواْ لِّما تَ ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ِّۡ‬ ‫ِّ ِّ‬‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬
‫ب‪ ،‬إِّ َّن ٱلذ َ‬
‫ين يَف َرتُو َن َعلَى ٱ ََّّلل ٱل َكذ َ‬ ‫َحالَ ٌل َو ََٰه َذا َح َر ٌام لتَ ف َرتُواْ َعلَى ٱ ََّّلل ٱل َكذ َ‬
‫‪3‬‬
‫ب َال يُفل ُحو َن‪".‬‬

‫اجلامعة‪ ،‬فريون‬ ‫ِّ‬ ‫حاب مشوليَّتِّ ِّه وب ُكلِّيَّتِّ ِّه‬ ‫إن مجيع املسلمني ِّ‬
‫املوحدين يؤمنون ابلقرآن الكرمي يف ُر ِّ‬ ‫َّ‬
‫ونظام حياة متكامالً‪ ،‬وأنه كلٌّ ال يتجزأ أب ًدا‪ .‬أما الداينةُ‬ ‫َ‬ ‫اإلسالم جبميع قِّيَ ِّم ِّه السامية دينًا‬
‫َ‬
‫دئ اثبتة‪ ،‬وال عالقة هلا‬ ‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ ،)Müslümanlik‬فإهنا غري ذات حدود معيَّنة‪ ،‬وال مبا َ‬
‫ابلوحيِّ‪ ...‬لذا‪ ،‬على رغم مشاهبتها ابإلسالم يف صورهتا اخلارجية‪ ،‬فإن األكثريةَ من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ‬
‫ني‬
‫(بتصرفاهتم) ال يبدون معتقدين ابآلايت القرآنية آنفة الذكر‪ .‬يربهن على هذه احلقيقة أن أح ًدا من‬
‫علماء األتراك مل يطرق هلذه املسألة ولو بكلمة واحدة‪.‬‬

‫* كل مؤمن معتنق لإلسالم وخملص يف دينه يعرف هذا املبدأ (مع مصدره) بصورة مؤَّك َدة‪ ،‬وخيشى‬
‫انتهاك احلدود اليت يرمسها‪ .‬أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون‪ ،‬فإهنم ال يعتدن هبا وال ُّ‬
‫يهتمون بتعاليم الدين احلنيف‬ ‫َ‬
‫ياان أخرى‪ .‬وكمثال هلذه‬
‫أحياان‪ ،‬ويتالعبون هبا أح ً‬
‫يستخفون هبا‪ ،‬ويتجاهلوهنا ً‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫السامية‪ ،‬بل‬ ‫وال ِّبقيَ ِّم ِّه‬
‫ني قد ال يكون أح ٌد منهم ِّمسع كلمةَ "التوقيفية" حىت مرةً واحدةً يف‬ ‫كثريا من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ‬
‫احلقيقة فإن ً‬
‫اق‬
‫"اي َس ْ‬ ‫كل حياته‪ ،‬ولو مسعها مل يعبأ هبا‪ ..‬لذا‪ ،‬فإن مفهومي (احلالل) و(احلرام) ليسا ِّ ِّ‬
‫بنفس أمهية َ‬
‫‪ ،"yasak‬أي "املمنوع" عند ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ‬
‫ني‪.‬‬

‫احلشر‪7 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬اجلاثية‪18 :‬‬

‫‪ 3‬النحل‪116 :‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اإلسالم دين إهلِّ ٌّي ٌّ‬
‫عاملي‪ ،‬ينبِّهُ أبخباره على‬
‫ِّ‬
‫العقل‬ ‫احلقائق الكونيَّة وأسر ِّار احلياة‪ ،‬ويضئ َ‬
‫سبيل‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ون ِّ‬
‫شر‬ ‫ِّ‬
‫والسالم‬ ‫ِّ‬
‫والتعاون‬ ‫ِّ‬
‫اإلخاء‬ ‫ِّ‬
‫أبحكام ِّه‪ ،‬ويدعو إىل‬ ‫ِّ‬
‫العدل‬ ‫سبيل‬ ‫وميه ُد‬ ‫ِّ‬
‫وإرشاداته‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫بتعاليمه‬
‫َ‬
‫املنكر‪ ...‬بعث للا تبارك امسهُ النبيئني واملرسلني من‬ ‫ِّ‬ ‫ابملعروف وينهى عن‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫بنصائحه‪ ،‬أيمر‬ ‫ِّ‬
‫الفضائل‬
‫ِّ‬
‫ودعوهتم إليه‪ .‬أما‬ ‫ين إىل ِّ‬
‫الناس‬ ‫تبليغ هذا ِّ‬
‫الد ِّ‬ ‫ألجل ِّ‬ ‫ُممد عليهم الصالة والسالم ِّ‬ ‫لدن آدم إىل ِّ‬
‫َ‬
‫ش ِّريَّةٌ مرَّكبةٌ من قسط كبري من مناسك اإلسالم وعقائ َد‬ ‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ ،)Müslümanlik‬فإهنا داينةٌ بَ َ‬
‫بر‪ ،‬كانت راسخةً‬ ‫رد والرب ِّ‬‫رس وال ُك ِّ‬ ‫والص ِّ‬
‫غد وال ُف ِّ‬ ‫والرت ِّك ُّ‬ ‫ِّ‬
‫العرب ُّ‬ ‫بقيت عالقةً بضمائر الناس من‬ ‫وثنية ْ‬
‫فمزجومها واختلقوا منهما داينةً مساها‬ ‫يف قلوهبم منحدرةً عرب األجيال من عهد ما قبل اإلسالم‪َّ ،‬‬
‫اك ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ (‪ .)Müslümanlik‬لكنه ال توجد أمةٌ غري األتراك تستخدم أو تنطق بكلميت‬ ‫األتر ُ‬
‫ِّ‬
‫الداينة بِّْن يَةً راسخةَ اجلذور بطر ِّيق‬ ‫(‪ )Müslüman‬و(‪ .)Müslümanlık‬لقد جعل األتراك من هذه‬
‫ِّ‬
‫إضفاء ِّمسات خاصة‬ ‫ومناسك ُخمْتَلِّ َفة‪ ،‬من أجل‬
‫َ‬ ‫وتنظيم طقوس‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫العديد من الطُُّر ِّق الصوفية‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫إنشاء‬
‫على إسالمهم القومي الفريد‪.‬‬

‫حول ِّ‬
‫ميالد الرسول صلى للا عليه‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬أنشأ الشاعر الرتكي سليمان تشليب قصيدةً َ‬
‫لكن هذه‬
‫وسلم‪ ،‬يف عهد السلطان ابيزيد األول (‪ ،)1403-1360‬ومسَّاها "وسيلةَ النجاة"‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫"املولد ا ِّ‬
‫لنبوي"‪،‬‬ ‫يت ب‬
‫ومس ْ‬ ‫ِّ‬
‫الدعاء واالبتهال‪ُ ،‬‬ ‫عاما إىل شكل من‬
‫لت بعد مائة ومخسني ً‬
‫القصيدةَ حتو ْ‬
‫الرتح ِّم على املوتى يف عهد السلطان مراد الثالث‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫كطقوس ُّ‬ ‫ِّ‬
‫املساجد‬ ‫حفالت ِّ‬
‫املولد يف‬ ‫ُ‬ ‫وبدأت تُقام‬
‫ْ‬
‫تعبريا عن اشتياق‬
‫حدثت ً‬ ‫ْ‬ ‫واضحا َّ‬
‫أن هذه املبادرةَ إمنا‬ ‫ً‬ ‫ودامت إىل اليوم‪ ..‬يبدو‬
‫ْ‬ ‫(‪)1595-1546‬‬
‫حزاب من األحزاب‬ ‫ِّ‬
‫احلقيقة َّ‬
‫أن ً‬ ‫األتراك لدايانهتم اليت كانوا عليها قبل اإلسالم‪ .‬يربهن على هذه‬
‫النبوي تكرميًا لروح مصطفى كمال يف ‪ 10‬نوفمرب ‪2019‬م‪ .‬مما ُّ‬
‫يدل‬ ‫ِّ‬ ‫أقامت حفل ِّ‬
‫املولد‬ ‫ِّ‬
‫السياسية‬
‫ْ َ‬
‫على ثبوت هذا الشوق إىل العهد الوثين‪ ،‬وعبادة أرواح األجداد‪ .‬كما يظهر بذلك (خاصةً يف ضوء‬
‫مشوب ابخللط‪ ،‬والشعوذة‪ ،‬واملعتقدات الباطلة‪،‬‬ ‫الديين يف اجملتمع الرتكي‬ ‫الفهم‬ ‫ِّ‬
‫التالية) َّ‬ ‫ِّ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫أن َ‬ ‫التفاصيل‬
‫ويسود عليه ما ال مزيد عليه من البلبلة والفوضوي‪.‬‬

‫وفيما يلي أمثلةٌ تؤكِّ ُد على هذه االحقيقة‪:‬‬

‫العلماء فحسب؛‬ ‫ِّ‬ ‫تتعني على‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫والتهذيب واإلرشاد (يف النظام اإلسالمي) َّ ُ‬ ‫والتثقيف‬ ‫التعليم‬ ‫مهمةُ‬
‫* َّ‬
‫الذكر هم العلماء‪ .‬أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ‬
‫ِّ‬ ‫وأهل‬ ‫قال تعاىل "فَاسألُوا أ َْهل ٱ ِّ‬
‫لذ ْك ِّر إِّن ُكنتُ ْم َال تَ ْعلَ ُمو َن"‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الد ِّ‬
‫ين‬ ‫رجال ِّ‬ ‫حكر على ِّ‬ ‫َّ‬
‫(‪ ،)Müslümanlik‬فإهنا خاليةٌ من هذا الضابط األساسي‪ ،‬والتوجيهُ فيها ٌ‬
‫ِّ‬
‫الصوفية‪،‬‬ ‫احملرفَة والتيارات‬ ‫ِّ‬
‫الدايانت َّ‬ ‫الرهبان يف‬ ‫ِّ‬
‫جبماعة ُّ‬ ‫الصوفية‪ ،‬وهم طائفةٌ شبيهةٌ‬ ‫ِّ‬ ‫وشيوخ الطُُّر ِّق‬
‫ِّ‬
‫الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪.)Müslümanlik‬‬
‫ِّ‬ ‫اعتبار للعلماء يف‬
‫َ‬ ‫وال‬

‫الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ )Müslümanlik‬ومصطلَ ٌح من‬


‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫خصائص‬ ‫* مفهوم "رجال الدين" خاصيَّةٌ من‬
‫ُمل هلا بني مصطلحات الدين اإلسالمي احلنيف‪ .‬ألن مجاعةَ "رجال الدين"‬ ‫مصطلحاهتا‪ ،‬ال َّ‬
‫الشبيهة ابإلكلريوس‪ ،‬طبقةٌ وسيطةٌ‪ ،‬ال مكان ملثل هذه الطبقة وال وساطةَ بني اإلنسان وربِّ ِّه يف‬
‫اإلسالم‪ .‬فَاملسلم يعبد ربَّه ويتضرع إليه مباشرةً دون مراجعة أحد‪َّ ،‬إما ال ُْم ْسلُ َم ِّانُّ‪ ،‬فإنه يتوس ُل‬
‫بضريح ويتشفع به يف دعائه‪.‬‬

‫والر ِّ‬
‫داء‪ ،‬والسروال واملِّسبَ َح ِّة؛ ليست‬ ‫* األزايء الدينيةُ وما يتبعها من الوسائل كالطاقية‪ ،‬والعِّ ِّ‬
‫مامة‪ِّ ،‬‬
‫اللباس إلظهار الوقار‪ ،‬قال‬ ‫ِّ‬ ‫حتسني‬
‫َ‬ ‫من اإلسالم يف شيء‪ ،‬بل اإلسالم أيمر بسرت العورةِّ‪ِّ ،‬‬
‫ويفضل‬
‫آد َم ُخ ُذواْ ِّزينَ تَ ُك ۡم ِّعن َد ُك ِّل َم ۡس ِّجد"‪َّ 4‬أما هذه األدوات‪ ،‬فإن كلَّها تُستَخ َد ُم إلظهار‬
‫"اي بَ ِّين َ‬
‫تعاىل‪َ :‬‬
‫ِّ‬
‫اإلحتكار‬ ‫ينم عن هواجس‬ ‫التديُّ ِّن والتعب ِّد يف الداي ِّنة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ ،)Müslümanlik‬وذلك ُّ‬
‫سةٌ‬ ‫ِّ‬ ‫والالفت يف هذه العادة َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫بعض تلك األدوات مقتَ بَ َ‬ ‫أن َ‬ ‫ُ‬ ‫والعواطف‪...‬‬ ‫الضمائر‬ ‫واستغالل‬ ‫والنفاق‪،‬‬
‫من ِّ‬
‫أزايء الرهبان‪.‬‬

‫الناس دون بعضهم أبلقاب دينية ونعوت روحانية‪ِّ ،‬‬


‫ومسات‬ ‫ِّ‬ ‫* اإلسالم ال يسمح لتمييز بعض‬
‫ردعا ملفسدة الطبقية واحملسوبية‪ .‬أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ ،)Müslümanlik‬فإهنا قد فتحت‬‫كهنوتية‪ً ،‬‬
‫ب والصفات الدينية اليت حتولت إىل وسائل‬‫والرتَ ِّ‬
‫الختالق ألوان من األلقاب ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫الباب على مصراعيه‬
‫مة"‪ ،‬و"شيخ اإلسالم"‪ ،‬و"حجة اإلسالم"‪ ،‬و"آية للا العظمى"‪،‬‬ ‫ين؛ ك "الشيخ"‪ ،‬و"العالَّ ِّ‬ ‫لالجتار ِّ‬
‫ابلد ِّ‬
‫و"قطب العرفني"‪ ،‬و"غوث الواصلني"‪ ،‬و"إمام املتقني"‪ ،‬و"تج الكاملني"‪ ،‬و"اإلمام الرابن"‪،‬‬
‫و"الفان يف للا"‪ ،‬و"الباقي ابهلل"‪ ،‬و"كاشف أسرار القلوب" وغري ذلك من مصطلحات اإلطر ِّاء‬
‫رت هذه العادةُ يف العام ِّة وانتشرت‬ ‫والتعظيم والتأليه الىت ما أنزل للا هبا من سلطان‪ ...‬فقد أثَّ ْ‬
‫بينهم‪ ،‬وجعلتهم يطلِّقون مثالً لقب "احلاج" على الشخص الذي ينتهي من ِّ‬
‫أداء فريضة احلج‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫نادى يف اجملتمعات ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪)Müslümanlik‬‬ ‫ِّ‬
‫فينادونه‪" :‬اي حاج!"‪ ،‬يف البالد العربية‪ ،‬ويُ َ‬
‫ِّ‬
‫العجمية‪" :‬اي َحجي!"‬

‫‪ 4‬األعرا‪31 :‬‬
‫ب العلوم‪ .‬لقد‬‫ص يف ُشعبة أو أكثر من ُش َع ِّ‬
‫ختص َ‬
‫لقب "العامل" يف اإلسالم على الشخص الذي َّ‬ ‫يُطلَ ُق َ‬
‫احلط من شأن ال ِّ‬
‫علماء‪ ،‬واستبدلوه‬ ‫ألغى الْمسلُمانِّيُّون هذا العنوان ُتاما يف املاضي القريب بغية ِّ‬
‫ً‬ ‫ُْ َ‬
‫ب ألقاب أخرى تقلي ًدا ابلكفار الغربيني‪ ،‬مثل‪" :‬األكادميي"‪ ،‬و"الربوفسور"‪ ،‬و"الدكتور" وغريها‪...‬‬

‫* ممارسة السحر ُمرم يف اإلسالم‪ ،‬وعقوبة هذه اجلرمية هي القتل‪ ،‬لكن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬
‫حترُم السحر‪ ،‬لذا آالف السحرة واملشعوذين يواصلون نشاطاهتم اليوم يف‬ ‫(‪ )Müslümanlik‬ال ِّ‬
‫اجملتمعات ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ )Müslümanlik‬عالنيةً وبكل حرية‪ .‬وال يكاد أحد من ال ُْم ْسلُ َمانِّيني إالَّ‬
‫اب‪ ،‬أو‬ ‫جسما يف ثيابه أو يف ُمفظته‪ ،‬كقطعة من قشر السلحفاء‪ ،‬أو منقار الغر ِّ‬‫ً‬ ‫وُيمل ُتيمةً أو‬
‫ساحر‪ ،‬وهو يعتقد أهنا تَِّق ِّيه من‬ ‫ِّ‬
‫األشياء‬ ‫فضالت األرنب وحنو ذلك‪ ..‬قد أوصاه هبذه‬ ‫ِّ‬ ‫حبَّات من‬
‫ٌ‬
‫عدوهِّ‪ .‬وكم من ال ُْم ْسلُ َمانِّيني يطوفون على السحرةِّ يطلبون منهم‬
‫السوء‪ ،‬أو تُيَ ِّس ُر له الغلبةَ على ِّ‬
‫املدد لِّيُ َعكِّ ُروا حياةَ األخرين‪ ،‬فيؤدون هلم مبال َغ من اإلجر‪ ،‬مقابل أعماهلم اخلرافي ِّة وما يعدُّون‬
‫مواد جنسة وضارة ِبياة اإلنسان‪.‬‬
‫النفس من َّ‬
‫ُ‬ ‫شمئز منه‬
‫لزابئنهم من تركيبات خطرية فيها ما ت ُّ‬

‫الذ ِّميِّ؛ وكلمة‬


‫صفةُ ِّ‬ ‫املسحي الذي يعيش يف الوطن اإلسالمي‪ ،‬يطْلَ ُق عليه ِّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫اليهودي أو‬
‫َّ‬ ‫الشخص‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫عامةُ ال ُْم ْسلُ َمانِّيني‪ ،‬فيستعملون مكانه‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالميِّ‪ ،‬جيهله َّ‬ ‫"الذ ِّم ِّي" مصطلح من مصطلحات الفقه‬ ‫ِّ‬
‫مجيعا‪ .‬ومن غرائب تناقضات ال ُْم ْسلُ َمانِّيني أهنم ينطقون‬ ‫ار ً‬‫للذ ِّم ِّي وال ُكف ِّ‬
‫كلمة‪" :‬غري مسلم" كصفة ِّ‬
‫بلفظة "مسلم" الواردة يف هذا الرتكيب الوصفي‪ ،‬وال يُطلِّقون مكانَه كلمة‪ " :‬غري ُم ْسلُ َم ِّان"‪ .‬وهذا‬
‫اف منهم يف الالوعي‪ :‬أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ (‪ )Müslümanlik‬ليست من الدين يف شيء! وهذا يدل‬ ‫اعرت ٌ‬
‫كل انعق‪.‬‬ ‫على جهلهم املطبق يف الوقت ذاته‪ ،‬مما جعلهم زمرةً من اهلمج اإلم َع ِّة‪ ،‬يتبعون َّ‬

‫نظاما خاصا للمعاهدين من غري املسلمني الذين يعيشون حتت محاية الدولة‬
‫اإلسالم ً‬
‫ُ‬ ‫لقد حدد‬
‫احلريب فحسب‪ .‬وبناءً على هذه الكفالة‪ ،‬فإن أهل الذمة‬
‫ِّ‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وإمنا العدوان على الكافر‬
‫يتمتعون ِبقوق معينة‪ ،‬هلم مبوجبها مناعةٌ ميارسون يف ظلها طقوسهم ويعيشون حياهتم يف أمان؛ فال‬
‫جبوز ألحد من املسلمني أن يُهني ِّذ ِّميا‪ ،‬أو يَتَّ ِّه َمهُ بسبب معتقداته‪ ،‬أو يُ ِّسيءَ إىل قِّيَ ِّم ِّه ومقدساته‪ ،‬أو‬
‫كنائس)‬ ‫َ ِّ‬ ‫مينعهُ من عمله‪ .‬كما أن َم َعابِّ َد ُه ْم (من‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫صوامع وبيَع و َ‬ ‫ۡ‬
‫يظلمهُ يف شيء من ماله وممتلكاته‪ ،‬أو َ‬ ‫َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫كلُّها مصونة‪ .‬وهذا مفهوم من قوله تعاىل‪ۡ :‬‬
‫ص َو ِّام ُع‬ ‫ِّ‬
‫ض ُهم بِّبَ عض َّهلُد َمت َ‬
‫ِّ‬
‫"ولَوَال َدف ُع ٱ ََّّلل ٱلن َ‬
‫َّاس بَع َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫اج ُد يذ َكر فِّ َ ۡ ِّ ِّ‬‫ۡ‬ ‫ات وم ِّ‬
‫نص ُرهُ‪ ،‬إِّ َّن ٱ ََّّللَ لََق ِّو ٌّ‬
‫ي َع ِّز ٌيز‪.".‬‬ ‫نص َر َّن ٱ ََّّللُ َمن يَ ُ‬ ‫يها ٱس ُم ٱ ََّّلل َكث ً‬
‫ريا‪َ ،‬ولَيَ ُ‬ ‫س ُ ُ‬ ‫َوبِّيَ ٌع َو َ‬
‫صلَ َو ٌ َ َ َ‬
‫ِّ ِّ‬
‫اه ًدا أ َْو َكلَّ َفهُ فَ ْو َق طَاقَته أ َِّو انْ تَ َق َ‬
‫صهُ أ َْو أَ َخ َذ‬ ‫وقال رسول للا صلى للا عليه وسلم‪ " :‬أَال َم ْن ظَلَ َم ُم َع َ‬
‫ِّ ِّ ‪5‬‬
‫يجهُ يَ ْوَم الْقيَ َامة"‬ ‫ِّ‬ ‫ِّم ْنهُ َشي ئًا بِّغَ ِّْري ِّط ِّ ِّ ِّ‬
‫يب نَ ْفسه؛ فَأ ََان َحج ُ‬ ‫ْ‬

‫ُتاما؛ يربهن على ذلك‬ ‫ِّ‬


‫أما الداينةُ ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ (‪ )Müslümanlik‬فإهنا خاليةٌ من هذه الضوابط ً‬
‫األقليات من اليهود والنصارى (األرمن‪ ،‬واألروام‪ ،‬والبنطس‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫معاملة‬ ‫تصرفات ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني يف‬
‫ُ‬
‫الواثئق‪َّ :‬‬
‫أن األقليةَ األرمنيَّةَ من رعااي الدولة‬ ‫ِّ‬ ‫الشهود‪ ،‬وبِّ ِّ‬
‫داللة‬ ‫ِّ‬ ‫وغريهم)‪ .‬فقد ثبت إبقر ِّار آالف من‬
‫ضت للقتل واإلابدة اجلماعية على يد ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني يف عهد حكومة اإلحتاد والرتقي‪.‬‬ ‫تعر ْ‬ ‫العثمانية َّ‬
‫صدرت من عدد من الباحثني واملؤرخني يتَّهمون فيها احلكومةَ العثمانيةَ بقتل أكثر‬ ‫ْ‬ ‫ادعاءات‬
‫ٌ‬ ‫هناك‬
‫ضا يتعرضون العتداءات‬ ‫من مليون نسمة من األرمن عام ‪1915‬م‪َّ .‬أما البقيةُ الباقيةُ منهم أي ً‬
‫ت‬‫متكررة بني الفينة واألخرى‪ .‬على سبيل املثال‪ :‬تعرضت األقلية اليهودية ألعمال العنف و ُهنِّبَ ْ‬
‫ُمالَّ ُهتُ ْم التجاريةُ عام ‪1934‬م‪ .‬وقعت هذه األحداث يف أربع ُمافظات واقعة غريب تراكيا‪ ،‬وهذه‬
‫شاانَ ْق قَ ل َْعه‪ ..‬أكثريةٌ من هؤالء اليهود هربوا إىل خارج تركيا‪،‬‬‫أمساؤها‪ :‬تَكِّ ْري َداغ‪ِّ ،‬أد ْرنَه‪ ،‬كِّريْكالَ ِّريلِّي‪ ،‬ت َ‬
‫ومجاعةٌ منهم هاجروا إىل إسطنبول ليتخفوا يف زحامها‪ .‬كذلك تعرضت األقلية اليهودية واألقليات‬
‫املسيحية القاطنة ألعمال العنف والنهب يف مدينة إسطنبول يوم السادس والسابع من شهر أيلول‬
‫عام ‪1955‬م‪.‬‬

‫ان بصورة مستمرة‪ ،‬لذلك يلجأ‬ ‫هذه األقليات تتعرض لإلزالل واإلهانة يف اجملتمع الرتكي ال ُْم ْسلُ َم ِِّّ‬
‫بعضهم إىل استبدال امسه ابسم آخر من أمساء األتراك ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني‪ ،‬كما أن اليهود واملسيحيني ال‬
‫يكتبون أمساءهم على متاجرهم‪ ،‬وال يتحدثون بغري اللغة الرتكية إالَّ يف بيوهتم خمافة أن ال يناهلم سوء‬
‫من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني‪ .‬هذا‪ ،‬وينبغي هبذه املناسبة أن ال نتجاهل أن عشرات من رموز احلركة الفاشية‪،‬‬
‫مثل نور الدين ابشا الذي قام إبابدة العلويني (من عشرية كوجكريي) عام ‪1921‬م‪ .‬وطوابل عثمان‬
‫ني جبزار األقلية البُنطُسية‪ ،‬والشاب (أوجون ساماست) الذي قتل‬ ‫(عثمان األعرج)‪ ،‬املعروفَ ْ ِّ‬
‫الصحفي األرمين (هرانت دينك) يوم ‪ 19‬يناير عام ‪ ،2007‬والشاب (أوغوز خان آكدين) الذي‬
‫قتل الراهب اإليطايل (آندراي سانتورو) يوم اخلامس من شهر شباط عام ‪2016‬م‪ .‬يف مدينة طربزون‬
‫الرتكية‪ ،‬كان هؤالء كلهم مسلُمانِّيِّني‪ ،‬وال يوجد بني ِّ‬
‫هؤالء البلطجيني أح ٌد من املسلمني ِّ‬
‫املوحدين‪.‬‬ ‫ُْ َ‬

‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬


‫اب َر ُس ِّ‬
‫ول‬ ‫َص َح ِّ‬ ‫ص ْف َوا َن بْ َن ُسل َْيم‪ ،‬أَ ْخ َربَهُ َع ْن عدَّة‪ ،‬م ْن أَبْ نَاء أ ْ‬ ‫َن َ‬ ‫ص ْخر ال َْم ِّد ِّ ُّ‬
‫يين‪ ،‬أ َّ‬ ‫‪ 5‬سند الرواية‪َ :‬حدَّثَنَا ُسل َْي َما ُن بْ ُن َد ُاو َد ال َْم ْه ِّر ُّ‬
‫ي‪ ،‬أَ ْخ َربََان ابْ ُن َو ْهب‪َ ،‬ح َّدثَِّين أَبُو َ‬
‫صهُ‪ ،‬أ َْو َكلَّ َفهُ فَ ْو َق طَاقَتِّ ِّه‪ ،‬أ َْو أَ َخ َذ ِّم ْنهُ َش ْي ئًا‬ ‫ال‪" :‬أ ََال من ظَلَم مع ِّ‬
‫اه ًدا‪ ،‬أ ِّ‬
‫َو انْ تَ َق َ‬ ‫َ ْ َ َُ‬ ‫اَّلل صلى للا عليه وسلم قَ َ‬ ‫ول َِّّ‬ ‫آابئِّ ِّه ْم ِّدنْ يَةً َع ْن َر ُس ِّ‬
‫اَّلل صلى للا عليه وسلم‪َ ،‬ع ْن َ‬
‫َِّّ‬
‫يجهُ يَ ْوَم ال ِّْقيَ َام ِّة" (سنن أيب داود‪ 170 /3( :‬ت‪ُ .‬ميي الدين عبد احلميد)‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫يب نَ ْفس‪ ،‬فَأ ََان َحج ُ‬ ‫بِّغَ ِّْري ِّط ِّ‬
‫)‬
‫واالقتصادي من أحكام الكتاب‬ ‫ُّ‬ ‫واالجتماعي‬
‫ُّ‬ ‫السياسي‬
‫ُّ‬ ‫نظامهُ‬
‫* إن اإلسالم دين ودولةٌ‪ ،‬ينبثق ُ‬
‫واخلارج‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫والعمل على حتقيق السلم يف الداخ ِّل‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كاجلهاد‪،‬‬ ‫واجبات‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫والسنة‪ .‬والدولةُ اإلسالميةُ هلا‬
‫ِّ‬
‫وسائل‬ ‫ِّ‬
‫وتوفري‬ ‫املعاش والرفاهي ِّة للمواطنني‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مستوايت‬ ‫لرفع‬ ‫ِّ‬
‫وتوظيفها ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلدارية‬ ‫ِّ‬
‫املؤسسات‬ ‫ِّ‬
‫وتطوير‬
‫ِّ‬
‫والنظر يف‬ ‫ِّ‬
‫العدل‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫وإقامة‬ ‫ِّ‬
‫والتثقيف‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫والتهذيب‪،‬‬ ‫التعليم‪ ،‬والرت ِّ‬
‫بية‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ونشر‬ ‫ِّ‬
‫واإلزدهار‪،‬‬ ‫العمر ِّ‬
‫ان‬
‫ِّ‬
‫والسنة؛‬ ‫ِّ‬
‫الكتاب‬ ‫ِّ‬
‫أبحكام‬ ‫التمس ِّ‬
‫ك‬ ‫ُّ‬ ‫َّص يف‬
‫واجبات؛ تتلخ ُ‬
‫ٌ‬ ‫ضا‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالمية أي ً‬ ‫ِّ‬
‫الدولة‬ ‫املظامل‪ ...‬ولِّ ُمواطين‬
‫ِّ‬
‫الرب والتقوى‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫املسلمني على ِّ‬ ‫والتعاون مع اإلخوةِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الدين‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫التوحيد‪ ،‬واإل ِّ‬
‫خالص يف‬ ‫ِّ‬
‫والثبوت على‬
‫ِّ‬
‫والقناعة‬ ‫ِّ‬
‫ابلفضائل‪،‬‬ ‫األمر (من املؤمنني) والتحلي‬ ‫ِّ‬
‫وإطاعة أويل ِّ‬ ‫ِّ‬
‫املنكر‪،‬‬ ‫والنهي عن‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ابملعروف‬ ‫ِّ‬
‫واألمر‬
‫ابحلالل‪ ،‬واجتناب احلرام‪ ...‬ولكن الدولةَ اإلسالميةَ انقرضت منذ عام ‪661‬م‪ .‬ومل يتمكن‬ ‫ِّ‬
‫املسلمون من ِّ‬
‫إحياء النظام الراشدي لوقوعهم مستضعفني حتت حكم الظَّلَ َم ِّة عرب قرون إىل يومنا‪.‬‬

‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ )Müslümanlik‬فإهنا داينةٌ ال عالقة هلا ابلوحي‪ ،‬وال أساس هلا من الكتاب‬
‫اإلسالم كالصالةِّ والصوم واحلج وغريها من‬ ‫ِّ‬ ‫ت بِّسرقات من‬ ‫ِّ‬
‫والسنة‪ ،‬بل ترتاءى يف صورة زائفة ُرمس ْ‬
‫ت الْمسلُمانِّيَّةُ (‪ )Müslümanlik‬هبذه العناصر املقتَ بس ِّة‪ ،‬ب غْيةَ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫إرابك‬ ‫ََ َُ‬ ‫قيَ ِّم الدين احلنيف‪ ...‬وإمنا طُليَ ْ ُ ْ َ‬
‫س‪،‬‬ ‫والرت ِّك‪ ،‬وال ُك ْرِّد‪ ،‬والالَّ ِّز‪ ،‬واجلورج‪ ،‬والبُنطُ ِّ‬
‫س‪ُّْ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫أعجام ال ُف ْر ِّ‬ ‫الرعاع من‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫قطعان‬ ‫ِّ‬
‫وتوجيه‬ ‫ِّ‬
‫العقول‪،‬‬
‫ِّ‬
‫عقائد‬ ‫والبشتون‪ ،‬والطاجكيِّني‪ ،‬وأكثرية من العرب املنافقني‪ ...‬تتفشى أسرار هذه الداينة من ِّ‬
‫خالل‬ ‫ُ‬
‫سةَ من‬ ‫ِّ‬
‫طقوسهم الوثنيةَ‪ ،‬وتقالي َدهم اخلرافيةَ‪ ،‬وقوانينَهم املقتَ بَ َ‬ ‫َ‬ ‫وتصرفات منتسبيها عندما ميارسون‬
‫اجملتمعات املسيحية الغربية‪ ...‬لذلك ال يعبأ كثريٌ من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني ابلتمييز بني احلالل واحلرام‪ ،‬بل‬
‫ابلقيَ ِّم‪ ،‬ويتصرفون وف ًقا‬ ‫ابملشروع‪ ،‬ويتهاونون ابلنصوص‪ ،‬ويتالعبون ِّ‬ ‫َ‬ ‫يعبثون ابملفاهيم‪ ،‬ويتجاهلون‬
‫الكتاب والسنة‪ .‬يؤكِّ ُد على‬ ‫ِّ‬ ‫ملصاحلهم‪ ،‬أو استجابةً ملعتقداهتم‪ ،‬ولو كانوا خمالفني يف ذلك لضوابط‬
‫اإلسالم ُكلَّ َما وجدوا الفرصةً ساحنةً لتنفيذ جناايت رهيبة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫حساب‬ ‫ِّ‬
‫احلقيقة إجرامهم على‬ ‫هذه‬
‫السلطات قاصرةٌ‪ ،‬بل آمثةٌ يف تساهلها مع اجملرمني‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫واجب عليهم‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫القيام هبا‬ ‫يعتقدون َّ‬
‫أن‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫رؤساء العشائر يف فرض‬ ‫ِّ‬ ‫كمشاركة شيوخ الصوفية النقشبنديني يف املنطقة الكردية بشرقي تركيا مع‬
‫قران كامالً من عام‬
‫العقوابت على اجملرمني (وف ًقا لفتاواهم املخالفة للشرع)‪ .‬دامت هذه املشاركة ً‬
‫‪1850‬م إىل ‪1950‬م تقريبًا‪ .‬كانت العقوبة هي القتل غالبًا‪ ،‬تُن َّف ُذ يف الفتاةِّ اعتم ً‬
‫ادا على وشاية أبن‬
‫هناك عالقةُ حب بينها وبني أحد فتيان القرية‪ .‬فكانت الفتاةُ تتعرض للقتل بصورة خفية ودون علم‬
‫السلطات األمنية والقضائية!‬
‫وقوانني‬
‫ُ‬ ‫فالعبادات‪،‬‬
‫ُ‬ ‫واضحا؛‬ ‫ً‬ ‫وممارسات الدين يف اإلسالم عن العادات والتقاليد َُتَيُّ ًزا‬ ‫ُ‬ ‫* تتميَّ ُز قواع ُد‬
‫ِّ‬
‫والسنة‪،‬‬ ‫وأحكام العقوابت كلُّها منصوصةٌ وُمددةٌ يف الكتاب‬ ‫والعالقات البشر ِّية‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلجتماعية‬ ‫احلياةِّ‬
‫ُ‬
‫وثقافاهتِّم من بلد‬
‫ِّ‬ ‫أذواق املسلمني وعقليَّ ِّاهتِّم‬ ‫ابختالف ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ختتلف‬
‫ُ‬ ‫العادات والتقالي ُد املشروعةُ‪ ،‬فإهنا‬ ‫ُ‬ ‫أما‬
‫ِّ‬
‫والسنة‪ ...‬أما‬ ‫ض بينها وبني نصوص الكتاب‬ ‫ِّ‬
‫ار َ‬
‫إىل بلد‪ ،‬وال مشاحة يف هذا اإلختالف‪ ،‬ألنه ال تع ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫التقاليد‪ ،‬بل كلها‬ ‫العادات و‬ ‫ين عن‬ ‫ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ (‪ ،)Müslümanlik‬فال ضابط فيها ُُتَيِّ ُز الد َ‬
‫ِّ‬
‫كلبس‬ ‫آداب التدين‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الثياب من‬ ‫بعض أنواع‬ ‫عد ارتداءُ ِّ‬ ‫متشابكةٌ وخمتلطة‪ .‬على سبيل املثال‪ :‬يُ ُّ‬
‫ِّ‬
‫املولد‬ ‫ِّ‬
‫حفلة‬ ‫ضا تُعد من العبادةِّ؛ ك ِّ‬
‫إقامة‬ ‫ِّ‬
‫والطقوس أي ً‬ ‫والرداء‪ ..‬وممارسةُ كثري من البِّ َد ِّع‬ ‫ِّ‬ ‫العِّ ِّ‬
‫مامة‬
‫ِّ‬
‫واإلبتهاالت‬ ‫ب عروس" للمولويني‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫وحفلة " َش ِّ‬ ‫تغىن فيها ب "قصيدة الربدة"‪،‬‬ ‫انيم يُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫النبوي‪ ،‬وحفلة تر َ‬
‫ِّ‬
‫األضرحة‪،‬‬ ‫ب عند‬ ‫والرته ِّ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫القبور‪،‬‬ ‫"منظزمة ا ْجلو َش ِّن"‪ ،‬وزايرةِّ‬
‫ِّ‬ ‫التفرجيية" وتالوةِّ‬
‫ِّ‬ ‫املعروفة ب "الصالةِّ‬
‫ِّ‬
‫َْ‬
‫وأمثاهلا‪...‬‬

‫وأتباعهم املؤمنون‪ ،‬واحلواريُّون‪ ،‬والصحابةُ والشهداءُ والصاحلون ميتازون مبكانة عند للا‬ ‫ُ‬ ‫* األنبياءُ‪،‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ض ُه ۡم‬ ‫ك ٱ ُّلر ُس ُل فَضَّلنَا بَع َ‬ ‫ذكر فضلِّهم يف مواطن كثرية من القرآن الكرمي؛ قال تعاىل‪" :‬تِّل َ‬ ‫ورد من ِّ‬ ‫لِّما َ‬
‫ِّ‬ ‫ۡ ۡ ۡ ِّ ِّ ۡ‬ ‫ضه ۡم َدرجات وآتَ ۡي نا ِّ‬ ‫على ب ۡعض ِّم ۡن هم من كلَّم ٱ ََّّلل ورفع ب ۡ‬
‫وح‬‫يسى ٱب َن َمرَميَ ٱلبَ ينَات َوأَيَّ َ ُ ُ ِّ‬
‫ر‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ان‬‫د‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ُ َّ َ َ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َٰ َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ار ُر َمحَاءُ بَ ۡي نَ ُه ْم تَ َرا ُه ۡم ُرَّك ًعا‬ ‫َشدَّاءُ َعلَى ٱل ُك َّف ِّ‬ ‫َّلل‪ ،‬وٱلَّ ِّذين معهُ أ ِّ‬
‫َ َ ََ‬
‫ول ٱ َِّّ‬ ‫ُ‬ ‫س‬‫ُ‬ ‫ر‬
‫َّ‬ ‫د‬‫ٌ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ُم‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫وقال‬ ‫‪"...‬‬ ‫ِّ‬
‫س‬ ‫د‬‫ُ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬
‫ك َمثَلُ ُه ۡم ِّيف‬ ‫ود‪َٰ ،‬ذَلِّ َ‬‫لسج ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ٱ‬ ‫ِّ‬
‫ر‬ ‫َ‬‫ث‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ن‬‫وه ِّهم ِّم ۡ‬ ‫َّلل وِّر ۡضو ًاان‪ِّ ،‬سيماه ۡم ِّيف وج ِّ‬ ‫س َّج ًدا ي ۡب ت غُو َن فَ ۡضالً ِّمن ٱ َِّّ‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫اع‬
‫ب ٱ ُّلزَّر َ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫ظ فَٱستَ َو َٰى َعلَ َٰى ُسوقه يُعج ُ‬ ‫آزَرهُ فَٱستَ غلَ َ‬ ‫ج َشطْئَهُ فَ َ‬ ‫يل‪َ ،‬ك َزرع أَخ َر َ‬ ‫ٱلتَّوَراةِّ‪َ ،‬وَمثَ لُ ُهم ِّيف ٱ ِّإل ِّجن ِّ‬
‫ات ِّم ۡن هم َّم ۡغ ِّفرةً وأ َۡجرا َع ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫لصلِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِِّّ ۡ‬
‫يما‪ ".‬وقال‬ ‫ظ‬ ‫ُ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫َٰ‬
‫َّ‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬
‫ْ‬‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫ع‬
‫ظ هب ُم ٱ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ‬
‫و‬ ‫ا‬
‫ْ‬‫و‬ ‫ن‬‫آم‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫َّ‬
‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ار‬ ‫َّ‬
‫ف‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ليَغي َ‬
‫ً‬ ‫َ َ ً‬
‫ۡ‬ ‫ۡ ِّ‬ ‫ۡ‬
‫ني * َشاكِّ ًرا ِّألَن عُ ِّم ِّه ۡاجتَ بَاهُ َو َه َداهُ إِّ َ َٰىل‬ ‫ك م َن ٱل ُمش ِّرك َ‬
‫َّلل حنِّي ًفا وَۡمل ي ُ ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫يم َكا َن أ َُّمةً قَانتًا َّ َ َ َ‬
‫ِّ ِّ ۡ ِّ‬
‫تعاىل‪" :‬إ َّن إب َرَٰه َ‬
‫ني‪ .‬لقد ورد كثريٌ من أمثال‬ ‫ِّ‬‫لص ِّ‬
‫احل‬ ‫َّ‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬
‫َم‬ ‫ل‬ ‫صراط ُّم ۡست ِّقيم * وآتَ ۡي نَاهُ ِّيف ٱلد ُّۡن يا حسنَةً وإِّنَّه ِّيف ٱ ۡأل ِّخرةِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هباان‪ ،‬والَ كهنةً‪،‬‬ ‫هذه اآلايت الكرمية يف ِّ‬
‫ولكن هؤالء العُظَماءُ مل يكونوا قديسني‪ ،‬وال ُر ً‬ ‫الثناء عليهم‪َّ ،‬‬
‫اإلهلي على‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫نظامه‬ ‫ِّ‬
‫وأتسيس‬ ‫إلعالء كلمته‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وال كهنوتيني‪ ...‬بل كانوا عباد للا خملصني له‪ ،‬جماهدين‬
‫ۡ‬ ‫ا‬
‫ش ٌر ِّمث لُ ُك ۡم‬ ‫آمرا رسولَه ُمم ًدا‪" :‬قُ ْل إِّ َّمنَا أ ََان بَ َ‬ ‫ً‬ ‫عبادهِّ‪ ،‬كما قال سبحانه‬ ‫عدله بني ِّ‬ ‫وإقامة ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األرض‪،‬‬
‫ادةِّ َربِّ ِّه‬
‫ۡ ۡ‬
‫احلًا َوَال يُش ِّرك بِّعِّبَ َ‬ ‫َٰح ٌد‪ ،‬فَمن َكا َن ي ۡرجواْ لَِّقاء ربِّ ِّه فَ ۡلي ۡعم ۡل َعمالً ص ِّ‬ ‫يل أ ََّمنَا إِّ ََٰهل ُك ۡم إِّ َٰلَهٌ و ِّ‬
‫وح َٰى إِّ ََّ‬
‫ََ َ َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يُ َ‬
‫َح ًدا‪".‬‬
‫أَ‬

‫ِّ‬
‫األنبياء واملرسلني‬ ‫أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪َّ ،)Müslümanlik‬‬
‫فإن معتنقيها ومنتسبيها إمنا يعتقدون يف‬
‫والصحابة والصاحلني كاعتقادهم يف رجال الدين‪ ،‬وشيوخ الطرق الصوفية‪ ،‬واملشعوذين‪ ،‬ومن‬
‫أرض ِّه‪ ،‬وأهنم‬ ‫ابألولياء ويتعبدون عند أضرحتهم‪ ...‬إمنا يروهنم وكالء ينوبون عن ِّ‬
‫للا على ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫يصفوهنم‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫هؤالء الشخصيات إال‬ ‫الغيب ويتصرفون يف ملكه‪ ..‬فال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون يف احلقيقة ال يُعظُّمو َن‬ ‫يعلمون‬
‫َ‬
‫بتوسطهم من عذاب النار‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫احلساب‪ ،‬ويَنجو َن ُّ‬ ‫ألهنم يعتقدون فيهم أهنم سوف ينالون شفاعتهم يوم‬
‫دون أي اعتبار مبا أوحى للا إىل رسله من األحكام واألمر والنهي‪ ..‬لكنهم ال يقفون عند هذا ِّ‬
‫احلد‪،‬‬
‫ِّ‬
‫رسوابت‬ ‫االعتقاد من‬
‫َ‬ ‫بعض حكامهم وأبطاهلم للعهد اجلاهلي‪ ،‬يالحظ َّ‬
‫أن هذا‬ ‫بل يُضيفون إليهم َ‬
‫ِّ‬
‫األجيال إىل يومنا‪ .‬يدل على ذلك‬ ‫ِّ‬
‫االسالم‪ ،‬فاحندرت معهم عرب‬ ‫دايانهتم اليت كانوا عليها قبل‬
‫مجيعا من أولياء للا وخاصته الذين‬
‫آل عثمان على وجه اخلصوص؛ إذ يعدوهنم ً‬ ‫سالطني ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ُتجيدهم ل‬
‫يدخلون اجلنةَ بغري حساب!‬

‫َّ ِّ‬
‫تعاىل "إِّ َّن ٱلذ َ‬
‫ين‬
‫ۡ‬
‫إن اإلسالم دين التوحيد‪ ،‬يُعلن عن مصري املشركني أبهنم خالدون يف العذاب؛ قال‬
‫ِّ ۡ ۡ ۡ ِّ ِّ ۡ ۡ‬
‫ك ُه ۡم َش ُّر ٱل َِّربيَِّّة‪ 6".‬أما‬‫ِّ‬
‫ئ‬ ‫َ‬‫َٰ‬
‫ل‬ ‫ُو‬
‫أ‬ ‫‪،‬‬‫ا‬ ‫يه‬‫ِّ‬
‫ف‬
‫َ ََ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫ين‬ ‫ِّ‬
‫د‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫خ‬ ‫َّم‬
‫ن‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ِّ‬
‫ر‬ ‫ان‬ ‫ِّ‬
‫يف‬ ‫ني‬‫ِّ‬
‫ك‬ ‫ِّ‬
‫َك َف ُرواْ من أَه ِّل ٱلكتَاب َوٱل ُم َ‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫للا‪ ،‬ويُشعلون‬ ‫الْمسلُمانِّيَّةُ (‪ ،)Müslümanlik‬فإهنا داينةٌ وثنيةٌ‪ ،‬معتنقوها يشركون شيوخهم مع ِّ‬
‫ُْ َ‬
‫الشموع عند قبورهم‪ ،‬ويتضرعون إليهم‪ ،‬ويطلبون منهم قضاء حاجاهتم‪ ،‬والفرج عن كربتهم‪.‬‬
‫َ‬

‫إن الغيب يف العقيدة اإلسالمية ال يعلمه إال للا سبحانه‪ .‬قال تعاىل‪" :‬قُل َّال يَ ۡعلَ ُم َمن ِّيف‬ ‫* َّ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ول لَ ُك ۡم‬‫ب إَِّّال ٱ ََّّللُ‪َ ،‬وَما يَشعُ ُرو َن أ ََّاي َن يُ ۡب َعثُو َن‪ 7".‬وقال تعاىل‪" :‬قُل َّال أَقُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ض ٱلغَ ۡي‬ ‫لس َماوات َوٱأل َۡر ِّ‬ ‫ٱ َّ‬
‫ۡ‬ ‫َّلل وَال أ َۡعلَم ٱلغ ۡيب وَال أَقُ ُ ۡ‬‫ۡ‬
‫يل‪ ،‬قُ ۡل َه ۡل‬ ‫ك‪ ،‬إِّن أَتَّبِّ ُع إَِّّال َما يُ َ‬
‫وح َٰى إِّ ََّ‬ ‫ول لَ ُكم إِِّّن َملَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ندي َخزائِّن ٱ َِّّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِّع ِّ‬
‫ني َعلَ َٰى َما أَنتُ ۡم‬ ‫ِّ‬
‫ن‬ ‫صري‪ ،‬أَفَ َال تَت َف َّكرو َن‪ 8".‬وقال تعاىل‪" :‬ما َكا َن ٱ ََّّلل لِّي َذر ٱ ۡلم ۡؤِّ‬
‫م‬ ‫ِّ‬ ‫ب‬
‫ۡ‬
‫ل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ى‬
‫َٰ‬ ‫م‬
‫ۡ ِّ ۡ ۡ‬
‫َع‬
‫يَستَوي ٱأل‬
‫ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ب َوَٰلَكِّ َّن ٱ ََّّللَ َ ۡجيتَِّيب ِّمن ُّر ُسلِّ ِّه َمن‬‫ب‪َ ،‬وَما َكا َن ٱ ََّّللُ لِّيُطلِّ َع ُك ۡم َعلَى ٱلغَ ۡي ِّ‬ ‫يث ِّم َن ٱلطَّيِّ ِّ‬ ‫ىت َميِّ َيز ٱخلَبِّ َ‬
‫ۡ‬
‫َعلَي ِّه َح َّ َٰ‬
‫ۡ‬
‫‪9‬‬
‫َّلل َوُر ُسلِّ ِّه‪َ ،‬وإِّن تُؤِّمنُواْ َوتَتَّ ُقواْ فَ لَ ُك ۡم أ َۡج ٌر َع ِّظي ٌم‪".‬‬ ‫شاء‪ ،‬فََ ِّامنُواْ بِّٱ َِّّ‬
‫يَ َ ُ‬

‫كثريا من معتنقيها ومنتسبيها‪ ،‬خاصةً الصوفيةُ منهم يدعون‬


‫فإن ً‬‫أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪َّ ،)Müslümanlik‬‬
‫الناس من خطرات وهواجس‬ ‫ِّ‬ ‫أن شيوخهم يعلمون الغيب‪ ،‬ويطَّلعون على ما جيول يف صدور‬

‫‪ 6‬البينة‪6 :‬‬

‫‪ 7‬النمل‪65 :‬‬

‫‪ 8‬األنعام‪50 :‬‬

‫‪ 9‬آل عمران‪179 :‬‬


‫وتصورات‪ ،‬يصفوهنم ب "جواسيس القلوب"‪ ،‬يَ ْستَ ْو ُحو َن ذلك من مقولة يتناقلوهنا عن أمحد بن عاصم‬
‫األنطاكي أنه قال‪" :‬إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم ابلصدق فإهنم جواسيس القلوب يدخلون‬
‫يف قلوبكم وخيرجون من حيث ال حتتسبون‪ ".‬يتوغل ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون يف مسألة الغيب ويتشدقون‬
‫بعض الكهنة من شيوخهم أنه مطَّلع على‬‫ويراوغون ويبالغون فيها دومنا اعتماد على دليل‪ ،‬ويصفون َ‬
‫كل شيء جيري يف الكون‪ ،‬وعاملٌ بدقائقه وأحداثه وأسراره‪ ...‬كل ذلك يدل أصال على َّ‬
‫أن‬ ‫ِّ‬
‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ (‪ )Müslümanlik‬داينةٌ خرافيةٌ وثنيةٌ خمتلَ َقة؛ جتمع يف حاويتها بني معتقدات كفرية‪،‬‬
‫ودعاوي ابطلة‪ ،‬وأقاويل كاذبة‪ ،‬وأساطري موضوعة‪...‬‬

‫أن شيوخهم يكلِّمون املوتى‪ ،‬وجتري عالقات‬


‫اد َها‪ :‬يزعمون َّ‬
‫وم َف ُ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫إن الصوفية يعتقدون ب "األ َُويْسيَّة"؛ ُ‬
‫لقب يُطلَ ُق على شيخ (وهو على قيد احلياة) اتصل بشيخ آخر فارق‬ ‫بني الطرفني‪ .‬و"األويسي"‪ٌ :‬‬
‫احلياةً‪ ،‬ويكون هذا الثان قد مات قبل قرون من الزمن! يُطلِّ ُق النقشبنديون هذا اللقب على‬
‫السطامي"‪ ،‬و"الشيخ ُممد هباء الدين‬ ‫ُّ‬ ‫شخصني من مشائخهم خباصة‪ ،‬ومها "الشيخ أبو يزيد‬
‫بن ُُمَ َّم ِّد الباقر ِّ‬
‫بن‬ ‫السطامي فيقولون فيه أنه أخ َذ ِّ‬
‫الس َّر من جعفر الصادق ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫البخاري"‪ .‬أما أبو يزيد‬
‫ُّ‬
‫الس َّر منه يف عا َمل الروحانية! أي أخذ موافقته وهو ميت يف‬ ‫َعلِّي زين العابدين‪ .‬رضي للا عنهم؛ أخ َذ ِّ‬
‫قربه‪ ،‬ليحتل مقام املشيخة بعده يف عقيدة النقشبنديني؛ إالَّ أن جعفر الصادق رضي للا عنه كان قد‬
‫البسطامي ول َد سنة ‪ 188‬من اهلجرة‪ .‬وهذا يعين أن أاب يزيد‬ ‫ُّ‬ ‫يف عام ‪ 149‬ه‪ .‬وأبو يزيد‬ ‫تُ ُوِّ َ‬
‫عاما من وفاة جعفر الصادق!‬ ‫ِّ‬
‫البسطامي قد ُول َد بعد ‪ً 39‬‬
‫َّ‬

‫وشيخهم الثان امللقب ب "األُوي ِّسيِّ" ُممد هباء الدين البخاري‪ ،‬يزعمون أنه أخ َذ ِّ‬
‫الس َّر من عبد‬ ‫َْ‬
‫وولِّ َد ُممد هباء الدين البخاري سنة ‪791‬‬
‫اخلالق الغجدوان‪ ،‬بينما الغجدوان مات عام ‪ 575‬ه‪ُ .‬‬
‫عاما من وفاة عبد اخلالق الغجدوان!‬
‫من اهلجرة؛ أي بعد ‪ً 216‬‬

‫اإلطالق‪ ،‬فإهنا أتيت من ِّ‬


‫مدهم صلةَ التشبيه بني هذين‬ ‫ِّ‬ ‫وأما عالقة كلمة "األ َُويْ ِّسيَّ ِّة"‪ ،‬يف هذا‬
‫الشخصني وبني أويس القرن الذي ُر ِّو َ‬
‫ي أنه زار بيت النيب عليه السالم فلم جيده‪ ،‬ولكن آمن به‬
‫وانل رضاه‪ ،‬فأهدى الرسول صلى للا عليه وسلم إليه بردته (ِبسب بعض الرواايت)‬

‫الوثين وأهلِّ ِّه‪ ،‬وهو ٌ‬


‫ُمال‪ ،‬وقد شرح هذه‬ ‫ِّ‬ ‫كل الرباءة من هذا املعتَ َقد اهلندي‬
‫إن اإلسالم بريء َّ‬ ‫َّ‬
‫املسألةَ العالَّمة نعمان بن املفسر ُممود اآللوسي يف كتاب ألفه بعنوان "اآلايت البينات يف عدم مساع‬
‫كثريا من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني يُِّق ُّرون هبذا‬
‫إن ً‬ ‫عد من موبقات اإلميان‪َّ .‬‬
‫األموات"‪ 10،‬كما أن هذا املعتقد يُ ُّ‬
‫أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ (‪ )Müslümanlik‬داينةٌ خرافيةٌ وثنيةٌ خمتلَ َقة‪.‬‬
‫املعتقد مما يدل على َّ‬

‫لقد وردت آايت كرمية يف وصف أهل للا وهم رجال صاحلون‪ ،‬يتقون للا يف السر والعالنية‪،‬‬
‫وينقادون ألوامر للا‪ ،‬وجيتنبون نواهيه بدقة وعناية‪ ،‬ويتبعون سنة رسوله عليه الصالة والسالم‪ .‬قال‬
‫الزَكاةِّ َخيَافُو َن‬‫الص َالةِّ َوإِّيتَ ِّاء َّ‬ ‫يهم ِّجتَارةٌ وَال ب يع َعن ِّذ ْك ِّر َِّّ‬
‫اَّلل َوإِّقَ ِّام َّ‬ ‫ال َّال تُل ِّْه ِّ ْ َ َ َ ْ ٌ‬ ‫تعاىل يف ذكرهم‪ِّ " :‬ر َج ٌ‬
‫ضلِّ ِّه َو َّ‬
‫اَّللُ يَ ْرُز ُق‬ ‫س َن َما َع ِّملُوا َويَ ِّزي َد ُهم ِّمن فَ ْ‬ ‫َح َ‬ ‫ار * لِّيَ ْج ِّزيَ ُه ُم َّ‬
‫اَّللُ أ ْ‬ ‫صُ‬ ‫وب َو ْاألَبْ َ‬ ‫ب فيه الْ ُقلُ ُ‬
‫ي وما تَتَ َقلَّ ِّ ِّ‬
‫ُ‬ ‫َْ ً‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫شاء بِّغَ ِّْري ِّحساب"‪ 11‬وقال تعاىل‪" :‬ٱلَّ ِّذين يذ ُكرو َن َّ ِّ‬
‫وهبِّم‪َ ،‬ويَتَ َف َّك ُرو َن‬ ‫ودا و َعلَ َٰى جنُ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ٱَّللَ قيَ ًاما َوقُعُ ً َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َمن يَ َ ُ‬
‫ِّ‬ ‫َٰطال س ۡ‬
‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ت وٱأل ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬
‫َّار"‪ 12‬وقال تعاىل‪" :‬‬ ‫اب ٱلن ِّ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ق‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫ََ َ َ َ َ َ ً ُ َ ََ َ َ َ‬‫ن‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫َٰ‬
‫ه‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ب‬
‫َّ‬‫ر‬ ‫ض‬ ‫ِّ‬ ‫َر‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫ا‬‫او‬ ‫م‬ ‫ٱلس‬ ‫ق‬‫ِّ‬ ‫ل‬ ‫ِّيف َخ‬
‫ۡ‬ ‫ٱلصابِّ ِّرين‪ ،‬و َّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ ِّ ۡ‬
‫ني‪،‬‬‫ني‪َ ،‬وٱل َقانِّتِّ َ‬‫ٱلصادق َ‬ ‫َّار * َّ َ َ‬ ‫اب ٱلن ِّ‬ ‫ين يَ ُقولُو َن َربَّنَا إِّنَّنَا آ َمنَّا فَٱغفر لَنَا ذُنُوبَنَا َوقنَا َع َذ َ‬ ‫َ‬ ‫ٱلَّ ِّذ‬
‫ار‪ 13".‬كانت هذه صفات الصاحلني يف اإلسالم‪.‬‬
‫ۡ‬
‫ين بِّٱأل َۡس َح ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ر‬ ‫ف‬‫و ۡٱلم ِّنف ِّقني‪ ،‬و ۡٱلم ۡستَ ۡغ ِّ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ‬

‫فإهنا ال تُِّق ُّر بتحقيق اإلميان وال تويل أي اهتمام ابلعمل الصاحل‪،‬‬
‫أما الْمسلُمانِّيَّةُ (‪َّ ،)Müslümanlik‬‬
‫ُْ َ‬
‫ِّ‬
‫البقاء به‪ .‬وإمنا‬ ‫بل تؤكد على "أن عظمة املكانة لإلنسان منوطةٌ ابنصهاره وفنا ِّئه يف ذات للا َث‬
‫السالك وليًا تصدر منه اخلوار ُق‬
‫ُ‬ ‫يتحقق ذلك ابنتهاء السري والسلوك الصويف‪َ .‬ث بعد ذلك يُصبح‬
‫اب إىل الذهب‪ ،‬وتطويع‬ ‫ب‪ ،‬وحتويل الرت ِّ‬ ‫الس ُح ِّ‬ ‫امات؛ كاملشي على ِّ‬
‫املاء‪ ،‬والطريان فوق ُّ‬ ‫والكر ُ‬
‫الوحوش الكواسر‪ "...‬هذا هو طريق الرتقي إىل املعايل يف الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪،)Müslümanlik‬‬
‫هفوات ساقطةٌ وإدعاءات ابطلةٌ يتداوهلا شيوخ‬ ‫ٌ‬ ‫إالَّ أن هذه املزاعم ال أصل هلا يف الواقع‪ ،‬وإمنا هي‬
‫الس َّذ ِّج‪ ،‬وتسحري عقول الرعاع‪ ،‬وتسخريهم‬ ‫رجال الدين الستغالل ضمائر ُّ‬ ‫الطرق الصوفية ويؤيِّدهم ُ‬
‫يف حتقيق املصاحل‪.‬‬

‫واضحا يف اآليتني‪ :‬الثانية والستني‪ ،‬والثالثة والستني من‬


‫ً‬ ‫صفات أوليائِِّّه تبيينًا‬
‫ِّ‬ ‫بني‬ ‫* َّ‬
‫إن للاَ تعاىل قد َ‬
‫سورة يونس عليه السالم‪ ،‬ومل يرتك هناك ما يبعث أدىن شيء من الشك يف ذهن من يقرؤها بوعي‪،‬‬
‫ۡ ۡ‬ ‫َّلل َال خ ۡو ٌ ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َّ ِّ‬
‫ف َعلَي ِّهم َوَال ُهم َُي َزنُو َن * ٱلذ َ‬
‫ين آ َمنُواْ‬ ‫إن كان يُتقن العربية‪ .‬قال تعاىل‪" :‬أ ََال إِّ َّن أَولِّيَاءَ ٱ َِّّ َ‬
‫‪ 10‬نعمان بن ُممود اآللوسي‪ ،‬اآلايت البينات يف عدم مساع األموات‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة الرابعة‪1405 ،‬ه‪.‬‬

‫‪ 11‬النور ‪38-37‬‬

‫‪ 12‬آل عمران‪191 :‬‬

‫‪ 13‬آل عمران‪17-16 :‬‬


‫َوَكانُواْ يَتَّ ُقو َن‪ " .‬قد ذُكِّ َر ْ‬
‫ت صفاهتُم يف هاتني األيتني بوضوح ابلغ‪ ،‬وهي أربعة أشياءَ‪ :‬ال خيافون إذا‬ ‫‪14‬‬

‫الناس‪ ،‬يؤمنون ابهلل ومبا جاء من عنده بقلب سليم‪ ،‬ويتقون‬


‫ُ‬ ‫الناس‪ ،‬وال ُيزنون إذا حزن‬
‫ُ‬ ‫خاف‬
‫غضبَه‪ ،‬أي ميتثلون ألوامره‪ ،‬وجيتنبون عن نواهيه إبخالص ودقة واهتمام‪ ...‬هذه هي صفا أولياء‬
‫للا‪.‬‬

‫حدود لعظمتهم وقدرهتم‪ ،‬خيرتقون‬ ‫َ‬ ‫شخصيات عمالقةٌ ال‬


‫ٌ‬ ‫أما األولياءُ يف معتَ َق ِّد ال ُْم ْسلُ َمانِّيني‪ ،‬فإهنم‬
‫ْوى هلم األجواءُ واألرضون‪ ،‬يقطعون مسافات شاسعةً يف ملح‬ ‫واألرض‪ ،‬تُط َ‬ ‫ِّ‬ ‫طبقات السماوات‬
‫الكائنات‪ ،‬يعلمون كل ما جيري من أحداث يف مشارق األرض ومغارهبا بل‬ ‫ِّ‬ ‫البصر‪ ،‬هلم هيمنة على‬
‫معتقدات قلة من ال ُْم ْسلُ َمانِّيني؛ يعتقدون يف‬
‫ُ‬ ‫وجلِّها‪ ...‬هذه‬
‫واألرض من ِّدقِّها ِّ‬
‫ِّ‬ ‫يف أعماق السماوات‬
‫عظمونه بقوهلم‪:‬‬ ‫أحدهم ي ِّ‬
‫يقدسوهنم أميا تقديس‪ ،‬وإذا ذُكِّر اسم ِّ‬ ‫"األولياء" أهنم أجزاء من ذات للا‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِِّّ‬ ‫ِّ‬ ‫س للا ِّس َّرهُ العزيز‪،‬‬
‫ض أهنم‬ ‫وأفاض علينا من إسر ِّاره وبركاته"‪َّ .‬أما خنبةٌ من مشاهري شيوخهم‪ ،‬يُ ْف ََ‬
‫رت ُ‬ ‫َ‬ ‫"قد َ‬
‫املتجم َعةُ حوهلم‬
‫َّ‬ ‫احلشود‬
‫ُ‬ ‫تتفرق‬
‫ال يؤمنون ابهلل وال ابليوم اآلخر‪ ،‬غري أهنم يكتمون ذلك خمافةَ أ ْن َّ‬
‫وتتخلى عنهم‪.‬‬

‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون أصالً خمتلفون يف هذه املعتقدات‪ ،‬كثرةٌ منهم ملتزمون مبا يف الكتاب والسنة رغم‬
‫انتمائهم إىل ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ ،)Müslümanlik‬ألهنا قد أصبحت عندهم من العادةِّ أكثر من داينة‪،‬‬
‫يوما َّما يف تركيا بتيسر منه سبحانه‪.‬‬
‫إنتشار اإلسالم ً‬
‫َ‬ ‫س ِّه ُل إن شاء للا تعاىل‬ ‫وهذا قد يُ َ‬

‫إن أكرب‬ ‫ومكرًرا‪ .‬كما َّ‬ ‫ِّ‬ ‫* اإلسالم دين "التوحيد"‪ .‬يؤكد القرآن على وجود للا ووحدانيته بوضوح‬
‫ۡ‬
‫ٱَّللَ َال يَغ ِّف ُر أَن‬
‫اك ابهلل بشكل مباشر أو غري مباشر‪ .‬قال تعاىل‪" :‬إِّ َّن َّ‬ ‫جرمية يف اإلسالم هي اإلشر ُ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ ِّ ِّ ِّ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ِّ‬ ‫ك لِّ َمن يَ َ‬ ‫يُش َر َك بِّ ِّه َويَغ ِّف ُر َما ُدو َن َٰذَلِّ َ‬
‫يما‪ 15".‬وقال تعاىل‪:‬‬ ‫رت َٰى إِّمثًا َعظ ً‬ ‫شاءُ‪َ ،‬وَمن يُش ِّرك ب َّ‬
‫ٱَّلل فَ َقد ٱف ََ‬
‫ۡ ِّ ۡ ِّ ِّ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ض َالالً‬
‫ض َّل َ‬ ‫ٱَّلل فَ َقد َ‬ ‫شاءُ‪َ ،‬وَمن يُشرك ب َّ‬ ‫ك لِّ َمن يَ َ‬‫ٱَّللَ َال يَغ ِّف ُر أَن يُش َر َك بِّ ِّه‪َ ،‬ويَغ ِّف ُر َما ُدو َن َٰذَلِّ َ‬‫"إِّ َّن َّ‬
‫‪16‬‬
‫بَعِّي ًدا‪ .‬النساء‪".‬‬

‫‪ 14‬يونس‪63 ،62:‬‬

‫‪ 15‬النساء‪48 :‬‬

‫‪ 16‬النساء‪116 :‬‬
‫غامض‬ ‫لكن اإلميان بوحدانية للا‬
‫ذكر وجود للا وارٌد فيها‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫ٌ‬ ‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ (‪ ،)Müslümanlik‬فإن َ‬
‫َّستهم‬
‫أموات قد َ‬
‫ٌ‬ ‫غري مؤَّكد يف مصطلحاهتا الروحانية‪ .‬لذا‪ ،‬تتعدد اآلهلة يف هذه الداينة؛ معظمهم‬
‫قباب‪ ،‬تُز ُار أضرحتُهم‪ ،‬وجبوارها مساجد‬
‫ين على قبورهم ٌ‬ ‫مجاعات غفريةٌ يف حياهتم فلما ماتوا بُِّ َ‬
‫ٌ‬
‫صغريةٌ‪ ،‬يتعب ُد فيها ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون‪ ،‬يُطلَ ُق على كل منهم لقب "ويل"‪ ،‬هذه املعتقدات موروثة من‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم ِّي‪.‬‬ ‫دايانت قدماء األتراك الذين عاشوا قبل العهد‬

‫ِّ‬
‫القسري‪ ،‬وال يوجد أصالً لفظة "التديُّن" بني مصطلحاته‪.‬‬ ‫مسح‪ ،‬ال ُمل فيه للتديُّن‬
‫دين ٌ‬
‫اإلسالم ٌ‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫ِّ‬
‫واإلخالص يف الدين‪ ،‬ويوصي ابلتقوى والفضائل‪.‬‬ ‫اإلسالم إىل اإلميان والعمل الصاحل‬
‫ُ‬ ‫وإمنا يدعو‬
‫مسلما ومؤمنًا‪.‬‬
‫واملعتنق للدين احلنيف يسمى ً‬

‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ ،)Müslümanlik‬فإهنا داينةٌ وثنيةٌ خرافيةٌ‪ ،‬ومن مصطلحاهتا "التَّ َديُّ ُن"‪ ،‬وهو‬
‫استغالل‬‫اد به املراءاةُ و‬ ‫شائع يف اجملتمع ال ُْم ْسلُ َم ِِّّ‬ ‫ِّ‬ ‫ف يف االلتز ِّام‪،‬‬ ‫التكلُّ ُ‬
‫ُ‬ ‫ان يُر ُ‬ ‫والتظاهر يف األداء‪ .‬وهو ٌ‬
‫ُ‬
‫العواطف‪ ،‬وخمادعةُ ِّ‬
‫الناس لتحقيق مصاحل شيخصية‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫البناء على القبور‪ ،‬وهو من األعمال احملرم ِّة؛ " َعن جابِّ ِّر ب ِّن َعب ِّد َِّّ‬
‫اَّلل‪،‬‬ ‫* ال يسمح اإلسالم إبقامة ِّ‬
‫ْ َ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ص الْ َق ْربُ َوأَ ْن يُ ْب َىن َعلَْي ِّه بِّنَاءٌ‪ 17.‬وقد أمجع علماء‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِّه َو َسلَّ َم أَ ْن ُجيَ َّ‬
‫صلَّى َّ‬ ‫ول َِّّ‬
‫ص َ‬ ‫اَّلل َ‬ ‫ال‪َ :‬هنَى َر ُس ُ‬
‫قَ َ‬
‫األمة مستدلِّني هبذا احلديث على حرمة رفع القرب أكثر من شرب‪ ،‬وال يزاد عليه من الرتاب أكثر مما‬
‫خرج منه حني ُح ِّف َر‪.‬‬

‫فإن مقابرهم ال ختتلف عن مقابر اليهود والنصارى‪ ،‬بل تفوقها مبا صرفوا من املال‬ ‫أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫القباب‬ ‫الرخام‪ ،‬وتزيينها‪ ،‬وإلصاق الرسوم أبلواحها‪ ...‬كما هلم اهتمام كبريٌ إبقامة‬ ‫ِّ‬ ‫يف إنشائها من‬
‫كثريا منهم كانوا زاندقةً‪ ،‬بذلوا جهودهم يف الدعوة إىل الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫أن ً‬ ‫على قبور أوليائهم‪ ،‬مع َّ‬
‫القضاء على اإلسالم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الناس ألجل‬ ‫(‪ )Müslümanlik‬والعمل على ترسيخ جذورها يف ضمائر‬
‫احلنيف‪.‬‬

‫األنبياء والصاحلني‪ ،‬وال بشيء من مالبسهم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫جثامني‬ ‫بتقديس شيء من أجز ِّاء‬
‫ِّ‬ ‫اإلسالم‬ ‫* ال يسمح‬
‫ُ‬
‫وم ْقتَ نَيِّ ِّاهتِّ ْم وأدواهتم اليت استخدموها يف حاجاهتم‪ ،‬وال ُجييز أن يُتَ َربَّ َك هبا‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ 17‬صحيح مسلم‪ ،‬ابب النهي عن جتصسص القرب والبناء عليه؛ ‪61/3‬‬


‫أن السلطان سليم األول نقل م ْقتَ نَ ي ِّ‬
‫ات الرسول ُممد عليه السالم‬ ‫أما الْمسلُمانِّيُون؛ َّ‬
‫فإهنم يزعمون َّ‬
‫ُ َ‬ ‫ُْ َ‬
‫من القاهرةِّ إىل إسطنبول بعد أن قضى على دولة املماليك عام ‪1517‬م‪ ،‬وهي ُمفوظةٌ يف‬
‫املتاحف‪ ،‬والسلطةُ الدينيةُ للداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ )Müslümanlik‬يف تركيا تقوم بعرض عباءة النيب‬
‫ض شعرةٌ‬‫عر ُ‬ ‫عليه السالم على الزائرين طيلة شهر رمضان يف كل عام أيتون من ِّ‬
‫كل فج عميق‪ ،‬كما تُ َ‬
‫يتربكون ابلنظر إليهما‪ .‬هذه العادةُ‬ ‫يل ليلة القدر‪َّ ،‬‬ ‫من حلية الرسول عليه السالم على الوافدين قُبَ َ‬
‫س‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫جارية يف تركا منذ قرون‪ ،‬لكنه مل يُفت أح ٌد من علماء األمة جبوازها‪ ،‬ألهنا بدعةٌ‪ .‬أما التربُّ ُك مبا َم َ‬
‫جسد النيب عليه السالم من وضوء‪ ،‬أو َع َرق‪ ،‬أو َش ْعر‪ ،‬وحنو ذلك يف حياته‪ ،‬فهو جائز‪ ،‬وقد جرى‬
‫ذلك يف عهد الصحابة رضي للا عنهم ومل يُ ْنكِّروه‪ ،‬وأما التمسح آباثره بعد وفاته فبدعة ال أصل‬
‫ف فيه‪.‬‬
‫النيب صلى للا عليه وسلم فأمر خمتلَ ٌ‬
‫هلا‪ .‬أما نسبة هذه العباءة وهذه الشعرات وغريها إىل ِّ‬

‫وردت‬
‫ْ‬ ‫شد الرحال إىل املساجد البعيدةِّ عن مكان اإلقامة‪ ،‬ما عدا ِّ‬
‫ثالثة مساج َد‬ ‫* اإلسالم ُُيَ ِّرُم َّ‬
‫حال َّإال إىل ِّ‬
‫ثالثة‬ ‫ش ُّد ِّ‬
‫الر ُ‬ ‫أمساؤها يف قوله عليه السالم عن أيب هريرة رضي للا عنه أنه قال‪" :‬ال تُ َ‬
‫ام‪ ،‬ومسجدي هذا‪ ،‬واملسج ُد األقصى‪ ".‬يدل ذلك على حدود التقديس‬
‫مساج َد‪ :‬املسج ُد احلر ُ‬
‫ِّ‬
‫التقديس على حسب ما‬ ‫املسلم يف ُمظور‬ ‫ط‬
‫يتور َ‬
‫إنذار حىت ال َّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫لألماكن املقدسة يف اإلسالم‪ ،‬وهو ٌ‬
‫نفسهُ‪.‬‬
‫ُيلو له‪ ،‬أو توسوس له ُ‬

‫أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون فإهنم ال يبالون هبذا التحذير‪ ،‬بل يرتكبون ما هو أشد منه حرمةً‪ ،‬فيشدون الرحال‬
‫حاجاهتِّم منها‪ .‬فال شك أن مثل هذه‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ولطلب‬ ‫األضرحة قريبةً كانت أو بعيدةً‪ ،‬وذلك للتربُّ ِّك هبا‬
‫ِّ‬ ‫إىل‬
‫الزايرات إمنا هي من أعمال الوثنيني ُّ‬
‫تعد من أبشع ضروب اإلشراك‪.‬‬

‫احللزون‪ ،‬و َش ْع ِّر الذئب‪،‬‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫والطالسم‪ ،‬و ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وقذيفة‬ ‫العظام‪،‬‬ ‫اإلسالم ُُيَ ِّرُم التم َ‬
‫‪18‬‬
‫والتعليقات َكالْ َو َد ِّع‪،‬‬ ‫ائم‬ ‫ُ‬ ‫*‬
‫احلسد واإلصابة ابلعني‪ ،‬وما أشبه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الزرقاء اليت يُعتَ َق ُد أهنا حتمي من‬ ‫السلَح َفاةِّ‪ ،‬وا ْخلَرَزةِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫وقوقعة صغار ُّ ْ‬
‫ذلك‪ ...‬فهذه كلها ُمرمة‪ ،‬ال جيوز تعليقها على الطفل وال على أي شيء؛ ملا ورد يف السنة عن‬
‫ِّ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِّه َو َسلَّ َم يَ ُق ُ‬ ‫ت رس َ ِّ‬ ‫ين‪ ،‬ي ُق ُ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ول‪َ " :‬م ْن تَ َعلَّ َق َُت َ‬
‫يمةً‪ ،‬فَ َال‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ول للا َ‬ ‫ول‪َ :‬مس ْع ُ َ ُ‬ ‫ُع ْقبَةَ بْ َن َعامر ا ْجلَُه ِّ َّ َ‬
‫ع للاُ لَهُ‪ ".‬ويف رواية‪" :‬من تعلق ُتيمة فقد أشرك‪".‬‬ ‫أ ََتَّ للاُ لَهُ‪َ ،‬وَم ْن تَ َعلَّ َق َو َد َعةً‪ ،‬فَ َال أ َْو َد َ‬

‫ودعَةٌ‬ ‫وف‪ ،‬يف بطوهنا َش ٌّق كشق النَّواة‪ ،‬تتفاوت يف ِّ‬


‫الصغر والكرب الواحدة‪َ :‬‬ ‫الو َدعُ َخرٌز بِّ ٌ‬
‫يض ُج ٌ‬ ‫‪18‬‬
‫َ‬
‫مثل هذه اخلرافيات‪ ،‬وهي شائعةٌ بينهم؛ يعملون منها قالئ َد‬ ‫ِّ‬
‫معظمهم يتعاطون َ‬‫أما ال ُْم ْسلُ َمانيُون فإن َ‬
‫ِّ‬
‫والعدو ومن اإلصابة ابلعني‪...‬‬ ‫يُعلِّقوهنا على أعناقهم‪ ،‬ويعتقدون أهنا حتميهم من اجلن‬

‫العدل واإلحسان‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫دين‬ ‫ِّ‬ ‫أصيل ور ِّ‬ ‫* اإلسالم دين َعالَ ِّم ٌّي‪ِّ ،‬‬
‫ني‪ ،‬عقيدةٌ وشريعةٌ؛ وهو دين الفطرة‪ُ ،‬‬ ‫ص ٌ‬ ‫ٌ َ‬
‫األنبياء واملرسلني من لدن آدم إىل‬ ‫ِّ‬ ‫دين العلم واملعرفة والفضائل‪ ،‬دين اإلخاء والسالم‪ ،‬دين مجيع‬
‫يستمد من الوحي اإلهليِّ‪ ،‬كتابه القرآن الذي الَ َأيْتِّ ِّيه‬ ‫ُّ‬ ‫ُممد عليهم الصالة والسالم‪ ،‬وهو نظام حياة‬
‫محيد‪ 19".‬ورد في ِّه التوجيهُ إىل كل خري؛ قال‬ ‫نزيل ِّمن حكِّيم َِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ت‬ ‫ه‬‫ِّ‬ ‫ف‬‫ِّ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬
‫م‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ِّ‬
‫ه‬ ‫ي‬ ‫ني يد ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ٱ ۡلبا ِّطل ِّمن ب ۡ‬
‫َ ُ ْ َ َ َ ََ ْ َ َ ٌ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫صا ُكم‬ ‫لسبُ َل فَتَ َف َّر َق بِّ ُك ۡم َعن َسبِّيلِّ ِّه‪َٰ ،‬ذَلِّ ُك ۡم َو َّ‬ ‫ص َرا ِّطي ُمستَ ِّقي ًما فَٱتَّبِّعُوهُ َوَال تَتَّبِّعُواْ ٱ ُّ‬
‫ۡ‬ ‫َن َه َذا ِّ‬ ‫تعاىل‪َ " :‬وأ َّ‬
‫ض ٱلظَّ ِّن إَِّثٌ َوَال َجتَ َّ‬ ‫بِّ ِّه لَعلَّ ُكم تَتَّ ُقو َن‪" 20".‬ايأيُّها ٱلَّ ِّذين آمنوا ٱجتنِّبوا َكثِّ ِّ‬
‫سوا َوَال‬ ‫سُ‬ ‫ريا م َن ٱلظَّ ِّن إِّ َّن بَ ْع َ‬ ‫ً‬ ‫َ َُ ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ب‬‫َح ُد ُك ْم أَ ْن َأي ُك َل َحلْ َم أَخيه َم ْي تًا فَ َك ِّرْهتُ ُموهُ‪َ ،‬وٱتَّ ُقوا ٱ ََّّللَ‪ ،‬إِّ َّن ٱ ََّّللَ تَ َّوا ٌ‬ ‫ضا‪ ،‬أ ُِّ‬
‫ب أَ‬ ‫َُي ُّ‬ ‫ض ُكم بَع ً‬ ‫يَغْتَب بَّ ْع ُ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ارفُوا‪ ،‬إِّ َّن أَك َرَم ُك ۡم ِّعن َد‬ ‫َ‬ ‫َّاس إِّ َّان َخلَقنَا ُكم ِّمن ذَ َكر َوأُنثَ َٰى َو َج َعلنَا ُك ۡم ُشعُوًاب َوقَبَائِّ َل لِّتَ َع‬ ‫ُ‬ ‫َّرِّحي ٌم * َايأيُّ َها ٱلن‬
‫ۡ‬ ‫َّلل أ َۡت َقا ُكم إِّ َّن ٱ ََّّلل َعلِّيم َخبِّري‪" 21".‬ايأيُّها ٱلَّ ِّذين آمنُواْ ُكونُوا قَ َّوا ِّمني َِِّّّ‬
‫َّلل ُش َه َداءَ بِّٱل ِّق ۡس ِّط‪َ ،‬وَال‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ٌ‬
‫ٱ َِّّ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ب لِّلتَّق َو َٰى َوٱتَّ ُقوا ٱ ََّّللَ‪ ،‬إِّ َّن ٱ ََّّللَ َخبِّريٌ ِّمبَا‬ ‫ِّ‬
‫َجي ِّرَمنَّ ُكم َشنََا ُن قَ وم َعلَ َٰى أ ََّال تَعدلُوا‪ ،‬ٱ ْعدلُواْ ُه َو أَقْ َر ُ‬
‫ري‬ ‫ٱَّلل ۡجيعل لَّهۥ ۡخمرجا * وي ۡرزقه ِّم ۡن ح ۡيث ال ُۡيت ِّسب‪" 23"...‬وت زودوا فِّإ َّن خ ۡ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫َّق‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫"و‬ ‫‪22‬‬
‫‪".‬‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫تۡ‬
‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ٱلز ِّاد ٱلتَّقو َٰى وٱتَّ ُق ِّ‬
‫اب‪َ " 24".‬وتَ َع َاونُوا َعلَى ٱلِّ ِّرب َوٱلتَّق َو َٰى‪َ ،‬وَال تَ َع َاونُواْ َعلَى ٱ ِّإل َِّث‬ ‫ون َايأُ ْوِّيل ٱألَلْبَ ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫ظ‬‫نت فَظا غَلِّي َ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫نت َهلُم‪َ ،‬ولَو ُك َ‬ ‫َّلل لِّ َ‬
‫ۡ‬
‫اب‪" 25".‬فَبِّما رمحَة ِّمن ٱ َِّّ‬ ‫ِّ‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫وٱ ۡلع ْدوا ِّن‪ ،‬وٱتَّ ُقواْ ٱ ََّّلل‪ ،‬إِّ َّن ٱ ََّّلل َش ِّدي ُد ٱلعِّ‬
‫ۡ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫او ۡره ۡم ِّيف ٱ ۡأل َۡم ِّر‪ ،‬فَِّإذَا عز ۡمت فَ ت وَّكلۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ََ َ َ َ‬ ‫ِّ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫هل‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫غ‬ ‫ت‬‫س‬
‫َُ َ َ‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ف‬‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ٱ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُّوا‬ ‫ض‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ِّ‬
‫ب‬ ‫ل‬ ‫ٱل َق‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ني‪َ " 26".‬وأ َۡوفُواْ بِّٱل َعه ِّد‪ ،‬إِّ َّن ٱل َعه َد َكا َن َم ْسُوالً‪ 27".‬وقال تعاىل على‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ب ٱل ُمتَ َوكل َ‬ ‫َّلل‪ ،‬إِّ َّن ٱ ََّّللَ ُُِّي ُّ‬ ‫َعلَى ٱ َِّّ‬

‫‪ 19‬فصلت‪42 :‬‬

‫‪ 20‬األنعام‪153 :‬‬
‫‪ 21‬احلجرات‪13-12 :‬‬

‫‪ 22‬املائدة‪8 :‬‬

‫‪ 23‬ﵟالطالق‪3-2 :‬‬

‫‪ 24‬البقرة‪197 :‬‬

‫‪ 25‬املائدة‪2 :‬‬

‫‪ 26‬آل عمران‪159 :‬‬


‫ۡ‬ ‫لصلَ َٰوةَ وأْمر بِّٱ ۡلمعر ِّ‬ ‫لسان لقمان عليه السالم‪" :‬ايب َّ ِّ‬
‫صِّ ْرب َعلَ َٰى َما‬ ‫َ ْ‬ ‫ٱ‬ ‫و‬ ‫ر‬‫ِّ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬‫ِّ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ٱ‬‫و‬‫ين أَق ِّم ٱ َّ َ ُ ْ َ ْ ُ َ‬
‫وف‬ ‫َ َُ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ َٰ ِّ ِّ ۡ ۡ ِّ ۡ‬
‫ض َم َر ًحا‪ ،‬إِّ َّن ٱ ََّّللَ َال‬ ‫ش ِّيف ٱألَر ِّ‬ ‫َّك لِّلن ِّ‬
‫َّاس َوَال ُتَْ ِّ‬ ‫صعِّ ْر َخد َ‬ ‫ت‬
‫ُ‬
‫َ َ‬ ‫ال‬‫َ‬‫و‬ ‫*‬ ‫ِّ‬
‫ور‬ ‫ُم‬
‫ك من َعزم ٱ ُ‬
‫أل‬ ‫ك‪ ،‬إ َّن ذَل َ‬ ‫َصابَ َ‬
‫أَ‬
‫تل ۡ‬ ‫َصوا ِّ‬ ‫ۡ‬
‫صد ِّيف م ۡشيِّك وٱغضض ِّمن ص ۡوتِّك‪ ،‬إِّ َّن أَنكر ٱأل ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ت‬ ‫َصو ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب ُك َّل ُخمتَال فَ ُخور * َوٱقْ ِّ ْ َ َ َ ْ ُ ْ ْ َ َ‬ ‫ُُِّي ُّ‬
‫شا ِّء‬ ‫ح‬ ‫ف‬ ‫ل‬
‫ۡ‬
‫ٱ‬ ‫ِّ‬
‫ن‬ ‫ع‬ ‫ى‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ٱ ۡحل ِّم ِّري‪ 28".‬وقال تعاىل‪" :‬إِّ َّن ٱ ََّّلل ۡأيمر بِّٱلْعد ِّل وٱ ۡ ِّإلحسا ِّن وإِّيتاي ِّذي ٱ ۡلق ۡ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َٰ َ َ ْ َ َٰ َ‬ ‫َ َ ُُ َ ْ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ني أَ َخ َويْ ُك ْم‬ ‫ُ ََْ‬‫ب‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ح‬‫ل‬ ‫َص‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫و‬ ‫خ‬ ‫ِّ‬
‫إ‬ ‫ن‬
‫َ ُْ ُ َ َْ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ؤ‬‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬
‫من‬ ‫ِّ‬
‫إ‬ ‫"‬ ‫تعاىل‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫‪29‬‬
‫‪.‬‬‫ن‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫َّ‬
‫ك‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫َع‬
‫ل‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ظ‬
‫ُ‬ ‫ع‬ ‫َوٱ ُ ْ َ َ ْ َ‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ِّ‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ر‬‫ِّ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫‪30‬‬
‫َوٱتَّ ُقواْ ٱ ََّّللَ ل ََعلَّ ُك ۡم تُ ْر َمحُو َن‪".‬‬

‫اإلقدام على إنشائها‬


‫َ‬ ‫ارتكبت‬
‫ْ‬ ‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪)Müslümanlik‬؛ فهي داينةٌ وثنيةٌ خرافيةٌ‪،‬‬
‫اجليوش األمويةُ‬
‫ُ‬ ‫أثرا ألصنامهم اليت دمرهتا وأحرقتها‬ ‫عصاابت صوفيةٌ يف مدينة خبارى قبل قرون‪ً ،‬‬ ‫ٌ‬
‫أايم احتالله لوطن األتراك‪ .‬وهبذا اإلعتبار َّ‬
‫فإن‬ ‫الباهلي (‪715-669‬م‪َ ).‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مسلم‬ ‫بقيادةِّ قتيبةَ ِّ‬
‫بن‬
‫لكن‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم ِّي‪َّ ،‬‬ ‫لالنتقام من ِّ‬
‫الد ِّ‬
‫ين‬ ‫ِّ‬ ‫ئت يف بدايتِّها‬
‫ُنش ْ‬ ‫الداينةَ الْمسلُمانِّيَّةَ (‪ )Müslümanlik‬أصالً أ ِّ‬
‫ُْ َ‬
‫والناس يومئذ كانوا جيهلون‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم‪،‬‬ ‫العام ِّة يف صورةِّ‬
‫نشئيها سلكوا طُُرقًا ماكرةً فألبسوها على َّ‬ ‫م ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يق بني اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ ،)Müslümanlik‬وال‬ ‫ين احلنيف‪ ،‬فلم يتمكنوا من التفر ِّ‬ ‫حقيقةَ ِّ‬
‫الد ِّ‬
‫يزالون على جهلهم إىل اليوم‪.‬‬

‫العصاابت الصوفيةَ كانوا قد زيَّنوا ظاهر هذه الداينة الوثنية املختلَ َق ِّة بسرقات من قِّيَ ِّم اإلسالم‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫واألذكار‪ ،‬والنوافل‪ ،‬وتالوةَ القرآن دون فهم معان آايته‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واحلج‪،‬‬
‫َّ‬ ‫والصوم‪،‬‬
‫َ‬ ‫فأدخلوا فيها الصالةَ‪،‬‬
‫وغري ذلك مما يطول الكالم فيه‪ .‬وملا كان أثر اجلهل عمي ًقا وراس ًخا يف اجملتمع الْ ُم ْسلُ َم ِِّّ‬
‫ان‪ ،‬فإهنم مل‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫إبفشاء‬ ‫ض للاُ هلذا األمر من يقوم‬ ‫َّ ِّ‬
‫يتمكنُوا م ْن كشف هذه املؤامرة على مدى قرون‪ ،‬إىل أ ْن قيَّ َ‬
‫أسر ِّارها يف عصران‪ ،‬فله احلمد سبحانه على نصره للمؤمنني‪َّ ..‬أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪)Müslümanlik‬‬
‫ت إليه أبدىن صلة على اإلطالق‪،‬‬ ‫على رغم مشاهبتها الزائفة (يف ظاهرها) ابلدين احلنيف‪ ،‬فإهنا ال ُتُ ُّ‬
‫ِّ‬
‫والباطل‪،‬‬ ‫ت فيها بني آالف من احلالل واحلرام‪ ،‬والصحيح‬ ‫القعر‪ُِّ ،‬‬
‫مج َع ْ‬ ‫بل إهنا حاويةٌ خطريةٌ عميقةُ ِّ‬
‫ِّ‬
‫والتدليس والتشويه‬ ‫ِّ‬
‫اخللظ‬ ‫والبدعة أبشكال من‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واملعروف واملنكر‪ ،‬والسنة‬ ‫والصاحل والفاسد‪،‬‬

‫‪ 27‬اإلسراء‪34 :‬‬
‫‪ 28‬لقمان‪19-17 :‬‬

‫‪ 29‬النحل‪90 :‬‬

‫‪ 30‬احلجرات‪10 :‬‬
‫ِّ‬
‫والدانئة‪ ،‬ويعجز الباحث عن‬ ‫والتأويل والتحريف‪ ،‬مما يكِّ ُّل اللسا ُن ويعيا عن وصفها من الب ِّ‬
‫شاعة‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫عد ما فيها من الفر ِّية‪ ،‬والتضليل‪ ،‬والكفر والزندقة‪...‬‬
‫ِّ‬

‫والتعصب‪ ،‬وال ِّ‬


‫طائفية‪ ،‬واملذهبية‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ف‬‫التطر ِّ‬
‫(‪ )Müslümanlik‬تشج ُع منتسبيها على ُّ‬ ‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ‬
‫ِّ‬
‫األصنام‪ ،‬ونشر الكراهية لإلسالم‬ ‫واخليانة‪ ،‬والفتك‪ ،‬واإلابدةِّ‪ ،‬وعبادةِّ‬
‫ِّ‬ ‫والكذب‪،‬‬ ‫والعنصر ِّية‪،‬‬
‫(‪ ،)islamofobia‬إهنا من أكرب املخاطر اليت كانت وال تزال هتدد اإلسالم‪.‬‬

‫ِّ‬
‫والغش‪،‬‬ ‫واخلداع‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ضروب من الدجل‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫* اإلسالم ُيرم الشعوذة بكل أشكاهلا؛ والشعوذةُ هي‬
‫فيه‪ ،‬وكتابة ِّ‬
‫الطلَّ ْس ِّم (أصله يواننٌّ‪،‬‬ ‫واإلحتيال‪ ،‬واالستغالل‪ ،‬والتضليل‪ ...‬منها عقد اخليط والنفخ ِّ‬
‫رس ُم على هيئة خطوط وأ ْعداد‪ ،‬يَ ْز ُع ُم‬ ‫واألحاجي‪ ..‬يُ َ‬
‫به ٌم‪ ،‬كاأللغاز َ‬ ‫يُطْلَ ُق على كل ما هو غامض وُم َ‬
‫الس ْفلِّيَّ ِّة جلَلب َُْمبُوب أو دفع أذًى‪.‬‬ ‫الكواكب العل ِّ‬
‫ْوية ابلطبائِّع ُّ‬ ‫ِّ ُ‬
‫ط هبا روحاني ِّ‬
‫ات‬ ‫الذي يَ ْر ُمسُهُ‪ :‬أنهُ يرب ُ‬
‫ِّ‬
‫وقوقعات‬ ‫ِّ‬
‫األطفال من خرزات وعظام‪،‬‬ ‫أصل له‪ ).‬والتميمة (وهي ما يُ َعلَّ ُق على‬
‫كل ذلك كذب ال َ‬
‫ان البحر‪ ،‬وحنو ذلك لدفع العني‪).‬‬ ‫حي و ِّ‬
‫ََ َ‬

‫كل ذلك مسموح به يف الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ .)Müslümanlik‬هناك العديد من َّ‬
‫العرافني‬
‫ِّ‬
‫النجسة‪ ،‬واجملذوبني‬ ‫ِّ‬
‫ابملواد‬ ‫َّجر َن ِّ‬
‫ابلد ِّ‬
‫ين‪ ،‬واملعاجلني‬ ‫والقصاصني والسحرةِّ‪ ،‬والوسطاء الْمت ِّ‬
‫ُ‬
‫واخلواجوات‪ ،‬واملاليل‪ ،‬وشيوخ الطرق الصوفية؛ يتصيدون املغمومني واملصابني ابملشاكل فيسلبون‬
‫أمواهلم مبمارسة هذه األعمال الدنيئة ويتكسبون عليها‪.‬‬

‫ور فبدعةٌ‪ ،‬نُِّق َل ذلك‬ ‫ِّ‬


‫القرآن على القب ِّ‬ ‫* القرآن يف اإلسالم هو دستور العامل البشرية ُكلِّ ِّه‪َّ .‬أما قراءةُ‬
‫عن أمحد بن حنبل رضي للا عنه‪ .‬وهو قول مجهور السلف‪.‬‬

‫فحسب‪ ،‬وال عالقة له ابحلياة‬


‫ُ‬ ‫خاص ابملسجد واملقربة‬
‫كتاب ٌّ‬ ‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون‪ ،‬فإن القرآن عندهم ٌ‬
‫ِّ‬
‫واألعياد خباصة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫اإلجتماعية؛ يقرؤنه على أرواح املوتى ويف املقابر‪ ،‬يف أايم اجلمعة‬

‫اإلسالم الدعاءَ بطلب املغفرةِّ من للا تعاىل للميت‪ ،‬كما ُجي ُيز الصدقةَ عنه‪ .‬وقد ذهب بعض‬
‫ُ‬ ‫جييز‬
‫* ُ‬
‫ِّ‬
‫الكفار واملشركني‬ ‫اإلسالم إقامة شعائر‬
‫ُ‬ ‫أهل العلم إىل أن الدعاء للميت أفضل من الصدقة‪ِّ .‬‬
‫وُير ُم‬
‫ألجل إسعاد املوتى‪.‬‬
‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون‪ ،‬فإهنم يقيمون شعائر "األربعني" وحفلة "الثان واخلمسني" لذكرى امليت‪ ،‬ويرتَّمنون‬
‫بقصائ َد معروفة ب "املولد النبوي"‪ ،‬وتُ َوَّزعُ احللوى يف أثناء ذلك على الوافدين‪( .‬هذه األنشطة الدينية‬
‫هي على األرجح تقاليد ابقية من العصر الشامان)‪.‬‬

‫ينص يف تعاليمه‪ :‬أ َّن املوتى ال يسمعون شيئًا‪ ،‬وال يشعرون أبي أ َمل‪ ،‬وال يُدركون أي‬ ‫اإلسالم ُّ‬
‫ُ‬ ‫*‬
‫الر ْمحَ ِّن‪َ ،‬ع ْن أَبِّ ِّيه‪َ ،‬ع ْن أَِّيب ُه َريْ َرةَ‬
‫حدث‪ ،‬وال ميكنهم القيام أبي عمل‪ 31،‬قد َرَوى ال َْع َالءُ بْ ُن َعْب ِّد َّ‬
‫آد َم انْ َقطَ َع َع َملُهُ إَِّّال ِّم ْن‬
‫ات ابْ ُن َ‬ ‫ال‪" :‬إِّذَا َم َ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِّه َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫صلَّى َّ‬ ‫َّيب َ‬ ‫اَّللُ تَ َع َاىل َعْنهُ‪ ،‬أ َّ‬
‫َن النِّ َّ‬ ‫ر ِّ‬
‫ض َي َّ‬ ‫َ‬
‫صالِّح يَ ْد ُعو لَهُ ِّابل َْمغْ ِّف َرةِّ‪ ".‬وال يستطيع امليت أن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اريَة‪ ،‬أ َْو علْم يُ ْن تَ َف ُع بِّه‪ ،‬أ َْو َولَد َ‬ ‫ص َدقَة َج ِّ‬ ‫ثََالث‪َ :‬‬
‫ب على أعماله‪ُ .‬خلِّ َق من تراب‪ ،‬وأُعي َد فيها‪ ،‬وسوف‬ ‫حاس َ‬ ‫ث يوم القيامة ليُ َ‬ ‫يفعل شيئًا إىل أن يُ ْب َع َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ ۡ‬
‫يها نُعِّي ُد ُك ْم َوِّمن َها ُخن ِّر ُج ُك ْم َت َرةً أُخ َر َٰى‪ ".‬وال يعلم أح ٌد‬ ‫ِّ‬
‫ُخي َرج منها كما قال تعاىل‪" :‬من َها َخلَقنَا ُك ْم َوف َ‬
‫ض‪.‬‬ ‫إالَّ للاُ‪ ،‬أين تذهب الروح بعد أ ْن تُ ْقبَ َ‬

‫أن روح امليِّ ِّ‬ ‫ِّ‬


‫ت تعود إىل احلياة بعد دفنه‪ ،‬وتزور بَ ْي تَهُ وأسرتَهُ‬ ‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانيُون‪ ،‬فإهنم يعتقدون َّ َ‬
‫ب من العصر الشامان)‪.‬‬ ‫تسر َ‬
‫ضا اعتقاد شائع َّ‬‫وتدعم ُه ْم من حيث ال يرون‪( .‬هذا أي ً‬
‫ُ‬ ‫وتُ ْل ِّه ُم ُه ْم َ‬
‫اخلري‬

‫ألخبار عن حياة اآلخرة يف مواطن كثرية من القرآن الكرمي؛ ومن مجلة ما جاء فيه‪َ " :‬وقَالُواْ‬ ‫* ورد ا ُ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ ۡ‬
‫ارةً أ َۡو َح ِّدي ًدا * أ َۡو َخل ًقا ِّممَّا‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ َٰ‬
‫أَءذَا ُكنَّا عظَ ًما َوُرفَا ًت أَء َّان ل ََمب عُوثُو َن َخل ًقا َجديدي ًدا * قُل ُكونُواْ ح َج َ‬
‫ِّ‬
‫ورك ۡم‪ ،‬فسي قولُون من يعِّيدان‪ ،‬ق ِّل ٱلَّ ِّذي فطرك ۡم أَو َل مرة‪ ،‬فسي ۡنغِّضون إِّل ۡ‬ ‫ۡ‬
‫وس ُه ۡم‬‫َ ُُ َ‬ ‫ء‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫َي‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬‫ِّ‬ ‫د‬
‫ُُ‬ ‫ص‬ ‫يف‬‫ِّ‬ ‫يَ ُُ‬
‫رب‬ ‫ك‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫س َٰى أَن يَ ُكو َن قَ ِّريبًا * يَ ۡوَم يَد ُعوُك ۡم فَ تَ ۡستَ ِّجيبُو َن ِِّبَ ۡم ِّدهِّ َوتَظُنُّو َن إِّن لَّبِّث تُ ۡم إَِّّال‬ ‫َ‬ ‫ىت ُه َو‪ ،‬قُ ۡل َع‬ ‫َويَ ُقولُو َن َم َ َٰ‬
‫ىت َٰه َذا ٱلو ۡع ُد إِّن ُكنت ۡم صا ِّدقِّني * ما ينظُرو َن إَِّّال ص ۡيحةً و ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬
‫َٰح َدةً‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُ‬ ‫ق َۡليالً‪ ".‬وقال تعاىل‪َ " :‬ويَ ُقولُو َن َم َ َٰ َ َ‬
‫‪32‬‬

‫ۡ‬ ‫صمو َن * فَ َال ي ۡستَ ِّطيعو َن تَ ۡو ِّ‬


‫ور فَِّإذَا ُهم‬ ‫صيَةً َوَال إِّ َ َٰىل أَهلِّ ِّه ۡم يَ ۡرِّجعُو َن * َونُِّف َخ ِّيف ٱ ُّ‬
‫لص ِّ‬ ‫َ ُ‬
‫ۡ ۡ ِّ ِّ‬
‫َأت ُخ ُذ ُهم َو ُهم َخي ُ‬

‫‪ 31‬ملزيد من املعرفة راجع املصدر التايل‪:‬‬


‫نعمان بن ُممود اآللوسي‪ ،‬اآلايت البينات يف عدم مساع األموات‪ ،‬حتقيق‪ُ :‬ممد انصر الدين األلبان‪ .‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‬
‫‪ 32‬اإلسراء‪52-49 :‬‬
‫ۡ‬
‫نسلُو َن‪ 33".‬وقال تعاىل‪َ " :‬وَكانُواْ يَ ُقولُو َن أَئِّ َذا ِّمت نَا َوُكنَّا تُ َرا ًاب َو ِّع َٰظَ ًما أ َِّء َّان‬ ‫اث إِّ َ َٰىل رِّهبِّ ۡم ي ِّ‬‫ِّمن ٱ ۡأل َۡج َد ِّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫وعو َن إِّ َ َٰىل ِّمي َقا ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ل ََمب عُوثُو َن * أ ََوءَ َااب ُؤَان ٱأل ََّولُو َن * قُل إِّ َّن ٱأل ََّول َ‬
‫ني َوٱألخ ِّر َ‬
‫‪34‬‬
‫ت يَوم َّمعلُوم‪".‬‬ ‫ين * ل ََمج ُم ُ‬

‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اعتبار فيه ابملكانة‬ ‫َ‬ ‫والعرق واللون‪ ...‬وال‬ ‫ابلقبيلة والعشرية‬ ‫ب‪ ،‬وال‬ ‫َّس ِّ‬
‫َ‬ ‫ب والن‬ ‫س ِّ‬
‫َ‬ ‫يعتد ِّاب ْحلَ‬
‫اإلسالم ال ُّ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َّاس إِّ َّان َخلَقنَا ُكم ِّمن ذَ َكر َوأُنثَ َٰى‪َ ،‬و َج َعل َٰنَ ُك ۡم ُشعُوًاب‬ ‫ِّ‬
‫واملنصب‪ ،‬واملال والثروة‪ ...‬قال تعاىل‪ََٰ " :‬أيَيُّ َها ٱلن ُ‬
‫يم َخبِّري‪".‬‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ ۡ ِّ ِّ ۡ ۡ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ارفُواْ‪ ،‬إِّ َّن أَك َرَم ُكم عن َد ٱ ََّّلل أَت َق َٰى ُكم‪ ،‬إِّ َّن ٱ ََّّللَ َعل ٌ‬
‫‪35‬‬
‫َوقَبَائ َل لتَ َع َ‬

‫الناس ليكونوا على أهبة واستعداد للحساب على أعماهلم‪ ،‬قال تعاىل‪" :‬إِّ َّن إِّل َۡي نَا إِّ َاي َهبُ ۡم‬ ‫َ‬ ‫نذ ُر‬‫اإلسالم ي ِّ‬
‫ُ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ت ٱلَّ ِّذي تَِّف ُّرو َن ِّمنهُ فَِّإنَّهُۥ ُم َالقِّي ُكم َُثَّ تُ َردُّو َن‬
‫س َاهبُم‪ ".‬وقال تعاىل‪" :‬قُل إِّ َّن ٱل َمو َ‬
‫‪36‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫* َُثَّ إ َّن ۡ َعلَي نَا ح َ‬
‫‪37‬‬
‫لش ََٰه َدةِّ فَيُ نَ بِّئُ ُكم ِّمبَا ُكنتُ ۡم تَ ۡع َملُو َن‪".‬‬
‫ب َوٱ َّ‬‫إِّ َ َٰىل َعا ِّمل ٱلغَ ۡي ِّ‬

‫يقول الشاعر‪:‬‬

‫ﺍلعباﺩ‬
‫ميقاﺕ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ب للذﻱ البد منه * فإﻥ ﺍملوﺕ‬ ‫تأه ْ‬
‫قاﺩ‬
‫ﺍلر ِّ‬
‫قبل ُّ‬
‫حي * ﻭكن متهيأً َ‬
‫ﻭﺃنت ٌّ‬
‫جنيت َ‬‫َ‬ ‫ب ممَّا‬‫ﻭتُ ْ‬
‫ﺍملناﺩ‬ ‫ﺭحلت ِّ‬
‫بغري ﺯﺍﺩ *ﻭتشقي ﺇﺫ يناﺩيك ِّ‬ ‫َ‬ ‫ستندﻡ ْﺇﻥ‬
‫ُ‬
‫ﺯﺍﺩ‬
‫ﻭﺃنت بغري ِّ‬
‫ﺯﺍﺩ َ‬‫ﺭفيق قوﻡ * هلم ٌ‬
‫تكوﻥ َ‬
‫ضي ْﺃﻥ َ‬
‫ﺃتر َ‬

‫رت ْك س ًدا ليفعل ما ُيلو له يف حياته إلشباع غليله من إسراف‪ ،‬وتبذير‪ ،‬واحتكار‬‫إن اإلنسا َن مل يُْ َ‬
‫وجه على كل عمل اقرتفه من صاحل‬ ‫أبد ِّق ْ‬
‫ب َ‬ ‫ُياس ُ‬
‫وغش‪ ،‬وتزوير‪ ،‬واعتداء‪ ،‬وظلم‪ ...‬بل إنه سوف َ‬
‫أو فاسد‪ ..‬فقد جاء الوعد والوعيد مقابل تصرفات العبد يف مواطن كثرية من القرآن الكرمي حتقي ًقا‬

‫‪ 33‬يس‪51-48 :‬‬

‫‪ 34‬الواقعة‪50-47 :‬‬

‫‪ 35‬احلجرات‪13 :‬‬

‫‪ 36‬الغاشية‪26-25 :‬‬

‫‪ 37‬اجلمعة‪8 :‬‬
‫ۡ ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ض‪َ ،‬وإِّن تُب ُدواْ َما ِّيف أَن ُف ِّس ُكم أَو ُخت ُفوهُ‬ ‫ت َوَما ِّيف ٱأل َۡر ِّ‬ ‫لسماوا ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫للعدل اإلهل ِّي‪ ،‬قال تعاىل‪ََّّ " :‬لل َما ِّيف ٱ َّ َ َ‬
‫ِّ‬
‫‪38‬‬
‫شاءُ‪َ ،‬وٱ ََّّللُ َعلَ َٰى ُك ِّل َش ۡيء قَ ِّد ٌير‪".‬‬
‫ب َمن يَ َ‬ ‫شاء وي ع ِّ‬
‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬‫اس ۡب ُكم بِّ ِّه ٱ ََّّلل‪ ،‬فَي ۡغ ِّفر لِّ‬
‫ُُي ِّ‬
‫ُ َ ُ َ َ ُ ََُ ُ‬ ‫َ‬

‫لكل أمة ُم ْهلَةٌ معينةٌ تتمتَّ ُع هبا يف حياهتا‪ ،‬كما أن لكل نفس أجل‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫اإلسالم ُخيِّربُ َّ‬
‫أبن ِّ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫"ولِّ ُك ِّل أ َُّمة أَجل‪ ،‬فَِّإذَا جاء أ ۡ‬
‫اعةً َوَال يَ ۡستَ ق ِّد ُمو َن‪ 39".‬هكذا يعتقد املسلمون‬ ‫س‬ ‫ن‬‫و‬‫ر‬ ‫ِّ‬
‫َجلُ ُهم َال يَستَ ُ َ َ َ‬
‫خ‬ ‫أ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واحلساب واجلز ِّاء‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ِبياة اآلخرة‬

‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون‪ ،‬فإهنم خمتلفون يف معتقداهتم عن حياة اآلخرةِّ من البعث واحلساب واجلزاء‪ ،‬ألهنم‬
‫فِّ َر ٌق متباينة ال َجتْ َمعُ ُهم عقيدةٌ واحدةٌ على عكس املسلمني‪ .‬فريق منهم ال ختتلف عقيدهتُم عن‬
‫مذهب األمويَِّّة مبوقفهم السليب من أهل بيت رسول‬ ‫َ‬ ‫عقيدة املسلمني رغم نزعتهم العنصرية‪ ،‬وتبنِّيهم‬
‫ف غالبيةُ‬ ‫الس ِّ‬
‫فيانية‪ ،‬تتأل ُ‬ ‫ِّ‬
‫الوهابية ُّ‬ ‫للا صلى للا عليه وسلم‪ ،‬وعدائهم الشديد للرافضة‪ ،‬على ِّ‬
‫مثال‬
‫ِّ‬ ‫اجملتمع الرتكي منهم‪ ..‬هؤالء يصفون أنفسهم ب "الْمسلُمانِّيِّني ُّ ِّ‬
‫احليطة‬ ‫ِّ‬
‫جانب‬ ‫السنيِّني" مما جيب التز ُ‬
‫ام‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬
‫يف تكفريهم! وفري ٌق من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني العنصريِّني‪ ،‬قد يؤمنون ِبياة اآلخرةِّ‪ ،‬لكنهم يعتقدون " َّ‬
‫أن‬
‫اجلنة‪ ،‬مبا فيهم آابؤهم وملوكهم ‪-‬على وجه اخلصوص‪ -‬الذين خلَ ْو قبل‬ ‫األتراك مجيعا هم أهل ِّ‬
‫ً‬
‫ومتَ ْه‪ ،‬وآنيالَّ وغريهم‪ ،‬كذلك سالطني الدولتني‬ ‫اإلسالم‪ ،‬مثل أوغوز خان‪ ،‬وبيلجه خاقان‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫مجيعا من قدامى احملاربني والشهداء والصاحلني‪ .‬ال أحد منهم يرى وجه‬ ‫السلجوقية والعثمانية‪ .‬إهنم ً‬
‫اجلحيم أب ًدا!"‬

‫وهناك قطاعٌ كبريٌ من األتتوركِّيِّني‪ ،‬والعنصريِّني الطورانيني‪ ،‬وفري ٌق من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني العنصريِّني‬
‫ض أهنم ال‬ ‫النازعني إىل العنف‪ ،‬وكثريٌ من اليساريني‪ ،‬ومجاعةٌ من العلويِّني من األصول الرتكية‪ ،‬يُ ََ‬
‫فرت ُ‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم من‬ ‫يؤمنون ِبياة اآلخرةِّ‪ ،‬معظمهم من األتتوركيِّني‪ ،‬وطائفةٌ من املارقني الذين حلُّوا ربقةَ‬
‫عددا يف السنني األخريةِّ‪.‬‬
‫أعناقهم‪ ،‬وقد ازدادوا ً‬

‫ضا ال جتمعهم عقيدة‬ ‫أقسام أي ً‬


‫ٌ‬ ‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون من الصوفية (وأكثرهم يعتنقون النقشبنديةَ)؛ فإهنم‬
‫الس َّذ ِّج‪ُّ ،‬‬
‫كل‬ ‫الرعاع ُّ‬
‫ِّ‬ ‫واحدةٌ‪ ،‬فالطبقة الشعبية منهم (تُطْلَ ُق عليهم صفةُ "املريدين)‪ ،‬وهم قطعا ٌن من‬
‫أنفسهم يف‬
‫ادهُ متفانون فيه وهم رهن إشارته‪ ،‬إ ْن أمرهم أن يُلقوا َ‬ ‫ث بِّ َ‬
‫ش ْيخ‪ ،‬أفر ُ‬ ‫قطيع منهم متشبِّ ٌ‬
‫‪ 38‬البقرة‪284 :‬‬

‫‪ 39‬األعراف‪34 :‬‬
‫مجيعا يُصلون‪ ،‬ويصومون‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫النار‪ ،‬فعلوا دون تردُّد‪ ،‬إالَّ َم ْن‬ ‫ِّ‬
‫اندس يف صفوفهم لغرض‪ ..‬هوالء ً‬ ‫َّ‬
‫وُيجون‪ ،‬ويؤدون الفرائض والنوافل كلَّها ابهتمام ابلغ‪ ،‬على مثال املسلمني‪ ،‬ويزيدون‬ ‫ويزُّكو َن‪ُّ ،‬‬
‫أبن َشي َخهم جزء من ذات ِّ‬ ‫ِّ‬
‫للا‪ ،‬وهو وكيلُهُ على‬ ‫جازما َّ ْ ُ ْ ٌ‬‫إمياان ً‬
‫مجيعا "يؤمنون ً‬ ‫عليهم بَِّوَرع ِّه ْم‪ ،‬لكنهم ً‬
‫هؤالء من أهل‬ ‫أن ِّ‬ ‫شك َّ‬‫ينوب عنه نيابةً مطلقةً‪ ،‬يفعل ما يشاء وُيكم ما يريد‪ ...‬فال َّ‬‫وجه البسيطة‪ُ ،‬‬
‫الشرك البواح‪ ،‬وقد يكون ذلك أشد مما كان عليه مشركو قريش‪ ،‬ألهنم كانوا يقولون‪َ " :‬ما نَ ۡعبُ ُد ُه ۡم‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ۡ‬
‫هؤالء‪ ،‬فإهنم يعتقدون أن شيخهم جزءٌ من ذات للا‪ ،‬لكنهم‬ ‫َّلل ُزل َف َٰى‪ 40".‬أما‬ ‫إَِّّال لِّيُ َق ِّربُ َ‬
‫وان إِّ َىل ٱ َّ‬
‫فإن معظمهم‬ ‫السر‪ .‬أما شيوخهم‪َّ ،‬‬‫يكاد أح ٌد منهم يبوح هبذا ِّ‬ ‫يلتزمون التقيَّةَ على غرار الر ِّ‬
‫افضة‪ ،‬فال ُ‬
‫وجوديون‪ ،‬وقليل منهم حلوليون إبقرارهم يف بعض املناسبات‪.‬‬

‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫وإمجاع العلماء‪ ،‬واملقصود منها الدعاءُ‬ ‫ِّ‬ ‫الفقهاء‬ ‫فرض كفاية ابجتهاد‬ ‫* صالة ا ْجلِّنَازة يف اإلسالم ُ‬
‫ني على مثال‬ ‫واالستغفار له فحسب‪ .‬لكنَّها ال تعدو عن عادة روحانِّيَّة عند أكثر ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫للميت‪،‬‬
‫ني الذين‬ ‫غري قليل من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ‬ ‫عددا َ‬ ‫أن ً‬ ‫خباصة‪ .‬وقد ثبت من خالل استطالعات ِّس ِّرية َّ‬ ‫النصارى َّ‬
‫دن تركيا (مثل إسطنبول وأنقره وإزمري)‪" ،‬إمنا يؤدوهنا بنية‬ ‫ُيضرون للصالة على امليت يف ُكربايت م ِّ‬
‫ُ‬
‫يدل على‬‫طاهرا ُمطهرا‪ُّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫أرجاس احلياةِّ‪َ ،‬‬‫ِّ‬ ‫امليت قد تطه َر يف ُم ْعتَ َق ِّدهم من‬ ‫العبادةِّ له‪َّ ،‬‬
‫ً‬ ‫فرتك الدنيا ً‬ ‫ألن َ‬
‫َت إىل كائن إهلِّي وذهبت تررفرف‬ ‫تحول ْ‬
‫روحهُ أصبحت مقدَّسةً ف َّ‬ ‫ألن َ‬ ‫فاستحق أن يُعبَ َد‪َّ ،‬‬‫َّ‬ ‫ذلك غسلُهُ‪،‬‬
‫ِّ ِّ‬
‫ني األتراك‪.‬‬ ‫يف عليِّني مع أرواح ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ‬

‫دين‬
‫سة من خمتلف الدايانت) بل إنه ٌ‬ ‫* اإلسالم ليس دينًا توفيقيا‪( ،‬أي ُم َرَّكبًا من عناصر ُم ْقتَ بَ َ‬
‫توقيفي أصيل‪ ،‬كلُّهُ من عند للا‪َّ .‬أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ ،)Müslümanlik‬فإ َّهنَا داينةٌ توفيقيَّةٌ (مؤلفةٌ ِّم ْن‬
‫ٌّ‬
‫عناصر كثريٌ‬
‫ُ‬ ‫طقوس ومعتقدات مأخوذة من البوذية والشامانية واليهودية واملسيحية وغريها‪ ،‬وفيها‬
‫ثبت ذلك بصورة واضحة‪ ،‬خاصةً نتيجةَ ِبوث ودراسات صدرت أبقالم‬
‫سةٌ من اإلسالم‪ .‬وقد َ‬
‫ُم ْقتَ بَ َ‬
‫األخرية ‪.‬‬ ‫رجال العلم يف السنوات‬

‫ويعربُ عنه‬
‫فور عصر الصحابة‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الكتاب والسنة َ‬ ‫* ظهرت تطورات إجيابيةٌ ابستنباط األحكام من‬
‫ِّ‬
‫املعرفة ِبقائق نصوص املصدرين‬ ‫حيث نَب َغ يف تلك املرحلة علماء ِّ‬
‫متبحرون يف‬ ‫ُ‬ ‫ب " عصر التدوين"‪َ ُ ،‬‬
‫القدر‪ ،‬مشتملة على معان ذات أبعاد عاملية مثل‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫العظيمني‪ ،‬فقاموا بوضع مصطلحات جليلة‬
‫ِّ‬
‫األلفاظ‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫واالستنباط‪ ،‬وداللة‬ ‫واإلمجاع‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫القياس‪ ،‬واالستحسان‪ ،‬واملصاحل املرسلة‪ ،‬واالجتهاد‪،‬‬

‫‪ 40‬الزمر‪3 :‬‬
‫ِّ‬
‫والنظائر‪ ،‬والتقليد‪ ،‬والتكليف‪ ،‬وأفعال املكلفني وغريها مما ال يسع املقام حلصرها‪..‬‬ ‫واألشباهِّ‪،‬‬
‫القبول عند علماء‬‫َ‬ ‫انل‬
‫ضها َ‬ ‫ومذاهب عديدةٌ‪ ،‬بع ُ‬ ‫ُ‬ ‫علوم متنوعةٌ‪،‬‬
‫نشأت من هذه النشاطات العلمية ٌ‬
‫خباصة‪ 41‬واعتنقها مجاهري املسلمني‪ ،‬لِّ َما جائت من تسهيل لتطبيق‬ ‫وانتشر منها أربعةٌ َّ‬‫َ‬ ‫األ َُّم ِّة‬
‫ِّ‬
‫وتطوير‬ ‫ملواكبة احلضارةِّ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬وُتهيد‬ ‫للمشاكل‪ ،‬وانفتاح واسع يف احلياةِّ‬ ‫ِّ‬ ‫األحكام‪ ،‬وحلول‬
‫وُمَن شديدة وألوان من‬ ‫تعرضوا ملعاانة ِّ‬ ‫لكن هؤالء العلماءَ العباقرةَ الرابنيني َّ‬ ‫املعارف والثقافة‪َّ ...‬‬
‫التنكيل ما بني هتديد‪ ،‬ومالحقة‪ ،‬واعتقال‪ ،‬وتعذيب‪ ،‬واغتيال‪ .42‬فتغري جمرى التاريخ بعد هذه‬
‫أسا على عقب‪ ،‬فاندلعت اخلالفات الكالمية‪ ،‬واحليل الفلسفية‬ ‫األحداث املؤ ِّ‬
‫األمور ر ً‬
‫ُ‬ ‫ملة‪ ،‬وانقلب‬
‫ُّم‪ ،‬واإلرجاءُ‪،‬‬‫ال‪ ،‬والتجه ُ‬ ‫واإلحلاد والزندقةُ‪ ،‬فظهر على أثرها االعتز ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفنت‪ ،‬وانتشر الفسو ُق‬
‫وعمت ُ‬
‫ت‬‫وتسربَ ْ‬
‫َّ‬ ‫أسلوب البوذية واهلندوكية‪ ،‬والشامانية‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ف واحلياةُ الروحانيةُ‪ ،‬والتَّ َديُّ ُن على‬ ‫والتصو ُ‬
‫ُّ‬
‫الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪.)Müslümanlik‬‬
‫ِّ‬
‫شوءُ‬
‫ائيليات إىل كتب املسلمني‪ ،‬فكان من نتائجها نُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫اإلسر‬

‫وهي‪ :‬واملذهب احلنفي الذي يتألف من اجتهادات اإلمام أيب حنيفة النعمان بن اثبت‪ ،‬واملذهب املالكي الذي يتألف من اجتهادات إمام دار اهلجرةِّ مالك‬ ‫‪41‬‬

‫احلنبلي الذي يتألف من اجتهادات اإلمام أمحد بن حنبل‬


‫ُّ‬ ‫الشافعي الذي يتألف من اجتهادات اإلمام ُممد بن إدريس الشافعي‪ ،‬واملذهب‬
‫ُّ‬ ‫بن أنس‪ ،‬واملذهب‬
‫رضي للا عنهم أمجعني‪.‬‬

‫‪ 42‬أما قِّصَّتُ ُه ْم فطويلةٌ وابعثةٌ للحزن يف ِّ‬


‫كل قلب مؤمن ابهلل واليوم اآلخر‪ ،‬وهذه نبذ منها‪:‬‬

‫القضاء الذي عرض عليه وايل العراق يف آخر أايم األمويني؛ يزيد بن عمر بن هبرية‬ ‫ِّ‬ ‫منصب‬ ‫رفض أبو حنيفةَ النعمان بن اثبت رضي للا عنه (‪767-699‬م‪).‬‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫ْد‪ .‬فلما قامت الدولة العباسيةُ على أشالء الدولة األموية عادت احملنةُ من جديد؛ فعرض عليه‬ ‫َّدهُ‪َ ،‬ث أمر به فعوقِّب اب ْجلل ِّ‬
‫َ َ‬ ‫الفزاري (‪750-705‬م‪ ،).‬فهد َ‬
‫اإلمام‬ ‫ل‬ ‫فغضب عليه اخلليفةُ واعتُ ِّ‬
‫ق‬ ‫ولكن أاب حنيفةَ رفض ذلك‪ِّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫احلكم‬ ‫من‬ ‫ِّ‬
‫موقفه‬ ‫ِّ‬
‫الختبار‬ ‫ا‬‫ض‬‫ً‬ ‫أي‬ ‫ِّ‬
‫القضاء‬ ‫منصب‬ ‫م‪).‬‬ ‫‪775‬‬ ‫‪-‬‬ ‫اخلليفةُ أبو جعفر املنصور (‪714‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الس ُّم رضي للا عنه‪ ،‬وللا تعاىل أعلم ابلصواب‪.‬‬
‫س فيها ُّ‬
‫بزريعة مواالته لزيد بن على ‪ ،‬فما لبث حىت تويف يف السجن شهي ًدا على أثر وجبة تناهلا وقد ُد َّ‬

‫اعتمادا على أقاويل الوشاةِّ أبنه يوايل‬


‫ً‬ ‫غضب وايل املدينة جعفر بن سليمان يف عهد اخلليفة أيب جعفر املنصور‪ ،‬غضب على اإلمام مالك بن أنس رضي للا عنه‬
‫ُصيبت إحدى يديه ابلشلل‪.‬‬‫ب ابلسياط حىت أثر ذلك على يده فأ ْ‬ ‫ض ِّر َ‬ ‫فس ِّخ َم َو ْج ُههُ الشريُ ُ‬
‫ف إهانةً له‪ ،‬و ُ‬ ‫أهل البيت يف ثورهتم على العباسيني‪ ،‬فأمر به‪ُ ،‬‬

‫الشافعي ابملواالةِّ لِّثُ َّو ِّار أهل البيت فأمر اخلليفةُ هارو ُن الرشيد جبلبه من جنرا َن إذ كان أمريًا عليها‪ُ ،‬محل الشافعي ُمكبَّالً ابألغالل وجيء به إىل‬
‫ُّ‬ ‫أ ُُّهتِّ َم اإلمام‬
‫ش‬ ‫اعتمادا على وشاية الكذاب مطرف بن مازن‪ .‬فلما كلَّمه اخلليفةُ واستمع إىل ما يتصبَّب من لسانه من املعارف‪ ،‬انبهر ُ ِّ‬
‫وده َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ً‬ ‫العاصمة (الرقة)‪ ،‬عام ‪183‬ه‪.‬‬
‫الشافعي‪ ،‬وكافأه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الرصني‪ ،‬وما ُرِّز ُق من أصناف العلوم وهو ال يزال يف عنفوان شبابه‪ .‬فرجع اخلليفةُ عما كان يت َِّّه ُم به‬ ‫واطالَ ِّع ِّه الواسعِّ‪ ،‬وأسلوبِّه‬
‫ِّ‬ ‫من بالغته‪ِّ ،‬‬
‫َّ‬
‫وأفرج عنه‪ .‬لكن اإلمام تشاءم من اإلقامة يف العراق‪ ،‬فانتقل إىل مصر‪.‬‬

‫ُمنة األئمة الثالثة (وإن مل يُ ْقتَ ْل)؛ فقد ابْ تُلِّ َي ِبمالت املعتزلة وإكراههم‬ ‫فإن ُمنتَهُ رمبا كانت أشد من ِّ‬ ‫أما اإلمام أمحد بن حنبل رضي للا عنه (‪855-780‬م‪َّ ،).‬‬
‫أايم أربعة من ا ْحلُ َّك ِّام العباسيِّني وهم ابلتحديد‪ :‬املأمون (‪833-786‬م)‪،‬‬ ‫إايه على أن يقول "القرآن خملوقٌ"‪ ،‬ولكنه أب أ ْن جييبهم‪ ،‬فتكبد أشكاالً من التغذيب َ‬
‫للضرب وا ْعتُ ِّق َل فمكث يف السجن مثانيةً‬ ‫ِّ‬ ‫ض‬‫وتعر َ‬
‫وأهني‪َّ ،‬‬‫مضطه ًدا‪َ ،‬‬‫َ‬ ‫عاش‬
‫واملعتصم (‪842-796‬م‪ ،).‬والواثق (‪847-812‬م‪ ،).‬واملتوكل (‪861-822‬م‪َ ،).‬‬
‫قال ِّيل َر ُج ٌل‬
‫أطلقت َع ِّين‪ .‬فَ َ‬ ‫اد قد‬‫َفقت بَ ْع ُد‪ ،‬فَإذَا األقيَ ُ‬ ‫ِّ‬
‫ب َعقلي‪َُ ،‬ثَّ أ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ْ‬ ‫ب ابلسياط فيُغشى عليه من شدة األمل‪ ،‬نُق َل عنه أنه قال‪" :‬ذَ َه َ‬ ‫ضر ُ‬ ‫شهرا‪ .‬كان يُ َ‬ ‫وعشرين ً‬
‫ِّ‬
‫اح يف أثناء تغذيبه‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫جسمهُ من اجلر ِّ‬ ‫اك عَلَى َو ْج ِّهك‪َ ،‬وطَرحنَا عَلَى ظ َ‬
‫َهرك َاب ِّريَّةً َودُسنَ َ‬ ‫ِّممَّن ح َ‬
‫تويف رمحه للا على أثر ما إصيب ُ‬ ‫اك!" مل يلبث أن َ‬ ‫ض َر‪َ :‬كبَ ْب نَ َ‬
‫عددا قليالً‬ ‫معظم األكادمييني منهم) جيهلون هذه احلقائق التارخيية إال ً‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫يكاد ال ُْم ْسلُماَنيُّون كلهم (حىت ُ‬
‫ُ‬
‫اإلسالميِّ‪ ،‬خوفًا على‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫إفشاء ُج ِّل أسر ِّار التاريخ‬ ‫أكف ِّاء الباحثني منهم‪ ،‬لكن ِّ‬
‫هؤالء يتحفظون من‬ ‫من َّ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫اجملتمعات ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬ ‫العامة‪ ،‬وألهنم يعلمون َّ‬
‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫حياهتم‪ ،‬ألهنم خيشون أن يتعرضوا لنقمة‬
‫الرعاع والسذ ِّج واملتعصبني املصابني هبلوسة‬ ‫ِّ‬ ‫ف من قطعان من‬ ‫(‪ )Müslümanlik‬أكثرها يتأل ُ‬
‫ابلدين‪ ،‬والسياسيِّني‬ ‫َّج ِّرين ِّ‬
‫العنصرية والطائفية واملذهبية وهم ينسحبون وراء شيوخ الصوفية‪ ،‬والْمت ِّ‬
‫ُ‬
‫ضت‬
‫تعر ْ‬ ‫يكاد مجيعُها قد َّ‬ ‫القيَ َم اإلسالميةَ ومصطلحاهتا ُ‬ ‫وأن ِّ‬
‫يهمهم إال مصاحلهم؛ خاصةً َّ‬ ‫الذين ال ُّ‬
‫الناس على اعتماد الوجه الصحيح‬ ‫يف ِبيث يستحيل تصحيحها مع خطورةِّ ِّ‬
‫تنبيه ِّ‬ ‫ِّ‬
‫للتشويه والتحر ِّ‬
‫ُ‬
‫وقبوله‪ ،‬وف ًقا لنصوص الكتاب والسنة واجتهادات األئمة من السلف الصاحلني‪..‬‬

‫ات الفاسدةِّ‪،‬‬‫لقد تالعب الْمسلُماَنِّيُّون ابلرتاث اإلسالمي األصيل بطريق الرتمجة القاصرة والتفسري ِّ‬
‫ُْ‬
‫والفتاوي الصادرةِّ من اخلواجوات واملاليل الذين جيهلون علم أصول الدين‪ ،‬وكثريٌ منهم عنصريون‬
‫ِّ‬
‫واعتماد‬ ‫ِّ‬
‫الضاد‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫استغناء أكثر الباحثني عن لغة‬ ‫صوفيةٌ حاقدون على اللغة العربية‪ ..‬أسفر ذلك عن‬
‫املصادر املَُ ْرت َمجَ ِّة يف ِبوثهم‪ .‬هؤالء اخلواجوات واملاليل يكيدون للعربية بطرق ماكرة كي ال تنتشر يف‬
‫اإلسالمي على وجه اخلصوص إذا كا َن متمكنًا من‬ ‫ِّ‬ ‫الباحث يف العلوم اإلسالمية والتاريخ‬ ‫َ‬ ‫تركيا‪َّ .‬‬
‫ألن‬
‫الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ )Müslümanlik‬فيُفشيها‪ ،‬فيؤدي ذلك‬
‫ِّ‬ ‫بية سوف يطَّلع على أسر ِّار‬ ‫اللغة العر ِّ‬
‫رجال الدين يف تركيا عاقبةَ هذه الصحوةِّ املتوقَّ َع ِّة‪،‬‬
‫الناس لإلسالم القرآن اخلالص‪ .‬خيشى ُ‬ ‫إىل فهم ِّ‬
‫وقعت سوف تقتلع جذور ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ )Müslümanlik‬وتستأصل‬ ‫ْ‬ ‫ويعدوهنا كارثةً رهيبةً إن‬ ‫ُّ‬
‫الناس‪ ،‬وهلم‬ ‫إكساب هذه الداينة قوةً‪ ،‬وترسيخها يف ضمائر ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫جهود ِّه ْم يف‬
‫ِّ‬ ‫شأفتها‪ .‬لذا يُ َركِّ ُزو َن ابل َغ‬
‫واستعدادات‪ ،‬وتدابريُ‪ ،‬ومكائ ُد‪ ..‬وهذه مجلةٌ منها‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫احتياطات‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫يف ذلك‬

‫مذهب خمتَ َزٌل من املذهب‬ ‫ِّ‬


‫الدعاية إىل املذهب ا ْحلَنَ َف ِِّّ‬
‫ايت (وهو‬ ‫‪ )1‬يعمل ال ُْم ْسلُماَنِّيُّون على استمر ِّار‬
‫ٌ‬
‫يتقولون على األئمة اجملتهدين‪ ،‬فمثالً يزعمون َّ‬
‫أن أاب حنيفةَ رضي للا عنه قال‪" :‬لو‬ ‫مشوهٌ) َّ‬ ‫احلنفي َّ‬
‫ف ومل يتفق ْه‬
‫تصو َ‬
‫"م ْن َّ‬
‫اإلمام مالك بن أنس رضي للا عنه قال‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫هللكت!" ويزعمون َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫تصوفْ ُ‬
‫ال َّ‬
‫ب وفريةٌ وال أساس هلا من‬ ‫ِّ‬ ‫ومن َّ‬
‫تفس َق‪ ".‬كل هذه األقاويل كذ ٌ‬
‫ف فقد َّ‬‫يتصو ْ‬
‫تفقهَ ومل َّ‬ ‫فقد تزند َق‪َ ،‬‬
‫الصحة‪.‬‬
‫ض ُل ال ُْم ْسلُماَنِّيُّون أاب حنيفة رضي للا عنه على بقية األئمة اجملتهدين بذريعة أنه غري عريب‪ ،‬وذلك‬ ‫ي َف ِّ‬
‫ُ‬
‫‪43‬‬ ‫رمجًا ابلغيب‪ ،‬بينما الفضل معل ٌق ابلتقوى لقوله تعاىل‪" :‬إِّ َّن أَ ْكرم ُكم ِّعن َد ٱ َِّّ‬
‫َّلل أَتْ َق َٰى ُك ْم‪" ...‬‬ ‫ََ ْ‬

‫مذهب خمتَ َزٌل من‬ ‫ِّ‬


‫الدعاية إىل املذهب الْماتُ ِّري َد ِِّّ‬
‫ان (وهو‬ ‫‪ )2‬يعمل ال ُْم ْسلُماَنِّيُّون على استمر ِّار‬
‫ٌ‬
‫مشوهٌ)؛ يتخذون موق ًفا سلبيا من الوهابِّيِّني احلنابلِّ ِّة العرب‪ ،‬ويُلقون عليهم‬ ‫يدي َّ‬ ‫املذهب الْماتُر ِّ‬
‫اد ال ُْم ْسلُماَنِِّّني ألهنم‬
‫الالَّئمةَ "ألهنم ُتردوا على الدولة العثمانية الرتكية!"‪ ،‬كما يكرهون األكر َ‬
‫الشافعي على مثال‬
‫َّ‬ ‫املذهب‬
‫َّ‬ ‫ضا قد شوهوا‬‫اد أي ً‬ ‫معتنوقون للمذهب الشافعي‪ ،‬والواقع َّ‬
‫أن األكر َ‬
‫السليب من الدين‬
‫ِّ‬ ‫املذهب ِّ‬
‫احلنف َّي‪ ،‬فال فر َق إذ ْن بني الطرفني يف موقفهما‬ ‫َّ‬ ‫األتراك الذين شوهوا‬
‫اإلسالمي احلنيف‪.‬‬
‫ِّ‬

‫مدارس‬ ‫ف يف املدارس الشعبية الدينية‪ .‬وهي‬ ‫‪ )3‬يعمل الْمسلُماَنِّيُّون على استمرا ِّر التدريس املتخلِّ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫حفظ قواعد اللغة العربية‪ ،‬يتلقى‬ ‫ث عمره فيها‪ ،‬ويقضي مجيع أايمه يف ِّ‬ ‫الطالب ثُلُ َ‬ ‫متهالكةٌ‪ ،‬يُ ِّ‬
‫فين‬
‫ُ‬
‫يكاد يَتَ نَ بَّهُ الطالب املسكني‬ ‫النطق ابلعر ِّ‬
‫بية‪ ،‬فال ُ‬ ‫دروسهُ من املالىل واخلواجوات الذين يعجزون عن ِّ‬ ‫َ‬
‫الرَكاَ َم الذي خزنه يف ذاكرته من القواعد ال‬ ‫أن ذلك ُّ‬ ‫من نومتِّ ِّه اليت سلبت منه ُرش َدهُ وتركته ال يَعِّي َّ‬
‫خائب‬ ‫ص ْفر اليدين وهو ِّ‬
‫خاس ٌر‬ ‫ِّ‬ ‫سم ُن والَ تُ ِّ‬‫ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫فيتخرج بعد سنني طويلة َ‬ ‫ُ‬ ‫غين من جوع‪ ،‬ولن ينفعه أب ًدا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬
‫األمل‪.‬‬

‫ارفَ ِّة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬


‫والنهي يف الداينة ال ُْم ْسلُ َمانيَّة (‪ )Müslümanlik‬يصدران من منطلق العادة املتَ َع َ‬ ‫ُ‬ ‫األمر‬
‫‪ُ )4‬‬
‫أغلب‬ ‫ِّ‬
‫العبادات يؤديها‬ ‫ومجيع‬ ‫واحلج‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫والصوم‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫والسنة‪ .‬فالصالةُ‬ ‫ِّ‬
‫الكتاب‬ ‫اعتمادا على‬
‫ً‬ ‫وليس‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وسنن‬
‫ٌ‬ ‫وواجبات‬
‫ٌ‬ ‫ائض‬ ‫سبيل العادةِّ وليس عن وعي َّ‬
‫أبهنا فر ُ‬ ‫لألسالف على ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ال ُْم ْسلُماَنِّيِّني تقلي ًدا‬
‫وامتَ ثَ َل هلا ِّ ُّ‬
‫النيب عليه الصالةُ والسالم‪.‬‬ ‫َش َر َع َها للاُ تعاىل وأمر هبا‪ْ ،‬‬

‫احلنيف ابملنظمات الروحانية املعروفة ابلطرق الصوفية‪ .‬أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالمي‬
‫ُّ‬ ‫الدين‬
‫يعرتف ُ‬ ‫ُ‬ ‫* ال‬
‫واإلكثار من عددها؛ وقد‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلنتساب إليها‬ ‫ش ِّج ُع على‬‫(‪ ،)Müslümanlik‬فإهنا تتغذي منها‪ ،‬وتُ َ‬
‫اسم أطلِّ َق على‬ ‫َان"‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫اجگ ِِّّ‬
‫اخلَُو َ‬
‫َّيار " ْ‬ ‫ِّ‬
‫فلسفة الت ِّ‬ ‫نفسها على‬ ‫ِّ‬
‫قامت ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ (‪ُ )Müslümanlik‬‬
‫اخلالق الغُ ْج َد َو ِّانُّ (ت‪1179.‬م)‪ .‬يبدو من‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األصل امسُهُ عب ُد‬ ‫رجل طاجكي‬
‫سها ٌ‬ ‫حركة صوفِّيَّة َّ‬
‫أس َّ‬
‫اإلسالم ليس إالَّ‪ ..‬ومن أقوى هذه‬ ‫ِّ‬ ‫إجياد هذه الزندقة هلدم‬‫خالل أدلة واضحة أنه إمنا أقدم على ِّ‬
‫َ‬

‫احلجرات‪13:‬‬ ‫‪43‬‬
‫اجگَانِّيَّ ِّة" على‬ ‫اخلَُو َ‬
‫اقتباسهُ مثانية مصطلحات من الدايانت اهلندية‪ ،44‬وإنشاءُ "الطريقة ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫الدالئل‬
‫الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪َّ .)Müslümanlik‬أما الطر ُق الصوفيةُ فكثريةٌ‪ ،‬قام‬
‫ِّ‬ ‫أساسها‪ ،‬وهي روح‬‫ِّ‬
‫امتداد تريخ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫ِّ‬ ‫بتأسيسها زاندقةٌ روحانيُّو َن ُم ْسلُماَنِّيُّون من مرحلة إىل أخرى على‬
‫‪45‬‬
‫(‪.)Müslümanlik‬‬

‫والكتب املنز ِّلة عليهم‪ِّ ،‬‬


‫وابلقيَ ِّم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واملالئكة‬ ‫ِّ‬
‫وابلرسل‬ ‫وصفاته وأمسائِِّّه‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫بذات ِّ‬
‫للا‬ ‫االستخفاف ِّ‬
‫ُ‬ ‫* يُ َع ُّد‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫تكب هذا ْ‬
‫اإلَثَ كائنًا من كان‪ .‬فال يُع َق ُل أ ْن‬ ‫اإلسالم من ُعنُ ِّق َم ْن ير ُ‬ ‫ُيل ربقةَ‬
‫فرا ُّ‬‫املقد َسة؛ يُ َع ُّد ُك ً‬
‫مثل هذا الذنب العظيم من شخص مسلم إالَّ من اختلط عقلُهُ‪ ،‬أو استحوذَ عليه الشيطان‬ ‫يصدر ُ‬ ‫َ‬
‫ابإلخالص والتقوى‪ ،‬ويلتزمون جانب‬ ‫ِّ‬ ‫ألن املسلمني املوحدين ميتازون‬ ‫اندر جدا‪َّ .‬‬ ‫لسبب َّما‪ ،‬وذلك ٌ‬
‫املروءة والوقار‪.‬‬

‫ِّ‬
‫الشناعة لسبب غري شديد‪ .‬وهذه‬ ‫ِّ‬
‫ارتكاب هذه‬ ‫كثريا منهم ال يتورعون عن‬ ‫أما ال ُْم ْسلُماَنِّيُّون‪َّ ،‬‬
‫فإن ً‬
‫َّس ِّة‪ ،‬يقولون‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫أمثلةٌ من جرأهتم على للا‪ ،‬وعلى رسوله‪ ،‬وعلى القيَ ِّم املقد َ‬

‫‪" -‬حىت لو جاء للا هنا‪ ،‬لن يُ ِّنق َذ َك من يدي ‪"Allah gelse seni elimden alamaz‬‬
‫نسيهُ للا ‪"Burası Allah’ın unuttuğu yer‬‬ ‫‪" -‬هذا املكان‪ ،‬قد ِّ‬
‫‪" -‬هذا الرجل أللَّ ِّه ٌّي‪ ،‬أي أمحق ‪"Bu adam Allahlık‬‬
‫ِّ‬
‫سيغضب عليك البااب للا ‪"Bunu yaparsan Allah baba kızar‬‬ ‫فعلت كذا‬
‫‪" -‬إن َ‬
‫القدر ‪"Kader utansın‬‬
‫‪" -‬فليخجل ُ‬
‫‪" -‬لن أرافقك حىت إىل اجلنة ‪"Seninle Cennete bile girmem‬‬
‫ثور عليه السالم‪ ،‬يوصف به األمحق ‪"Öküz aleyhisselâm‬‬
‫‪" -‬فال ٌن ٌ‬

‫‪ 44‬هذه قائمة املصطلحات املذكورة مع مصادرها‪:‬‬


‫ت"‪ ،‬وقد زاد عليها ُممد هباء الدين البخاري (مؤسس‬ ‫ت‪ ،‬نِّ َكا ْه َدا ْش ْ‬
‫ت‪َ ،‬اي ْد َدا ْش ْ‬ ‫ت َد ْرأ َْجنُ َم ْن‪َ ،‬اي ْد َك ْر ْد‪َ ،‬اب ْز َك ْش ْ‬
‫َن‪َ ،‬خل َْو ْ‬
‫وش َد ْر َد ْم‪ ،‬نَظ َْر بَ ْرقَ َد ْم‪َ ،‬س َف ْر َد ْر َوط ْ‬
‫ُه ْ‬
‫الطريقة النقشبندية ثالثة مصطلحات أخرى‪ ،‬وهي‪( :‬وقوف زمان‪ ،‬وقوف عددي‪ ،‬وقوف قليب) املصدر‪ُ :‬ممد أمني الكردي األربلي‪ ،‬تنوير القلوب يف معاملة‬
‫عالم الغيوب ص‪ .507-506 /‬طبعة مصر ‪ 1384 -‬ه ‪ .‬ورد تعداد هذه املبان األحد عشر يف املصادر التالية من كتبهم مبا فيها املصدر السابق‪ )1 :‬علي‬
‫بن احلسني الواعظ‪ ،‬رشحات عني احليات ص‪41-32 /‬؛ ‪ُ )2‬ممد بن عبد للا اخلان‪ ،‬البهجة السنية يف آداب الطريقة النقشبندية‪ ،‬ص‪ 54-50 /‬طبعة‬
‫مصر ‪1319 -‬ه ؛ ‪ )3‬عبد اجمليد بن ُممد بن ُممد اخلان‪ ،‬احلدائق الوردية يف حقائق أجالء النقشبندية ص‪117-112 /‬؛ ‪)4‬‬

‫‪45‬هذه أمساء عدد من الطرق الصوفية‪:‬‬


‫س ِّوية‪ ،‬البكتاشية‪ ،‬املالمية‪ ،‬املالمتية‪ ،‬السلطوقية‪ ،،‬احليدرية‪،‬‬ ‫النقشبندية‪ ،‬الرفاعية‪ ،‬القادرية‪ ،‬املولوية‪ ،‬الكازرونية‪ ،‬الشاذلية‪ ،‬األمسرية‪ ،‬اجلشتية‪ِّ َّ ،‬‬
‫الس ْه َرَوْرديَّة‪ ،‬اليَ َ‬
‫النورخبَْ ِّشيَّة‪ ،‬الشعبانية‪ ،‬اخلالدية‪ ،‬وكثريٌ غريُها‪...‬‬
‫القلندرية‪ ،‬اجلراحية‪ ،‬الزينية‪ ،‬اخللوتية‪ ،‬العيدروسية‪ْ ،‬‬
‫ُمض‬
‫كذب ٌ‬‫العرب مين ‪ "Ben Arabım, Arap benden değil‬هذا ٌ‬ ‫ُ‬ ‫عريب وليس‬ ‫‪" -‬قال النيب‪ :‬أان ٌّ‬
‫وهبتا ٌن على النيب صلى للا عليه وسلم‪ .‬وقد ورد يف صحيح البخاري‪" :‬عن املغرية بن شعبة عن‬
‫ليس َك َك ِّذب علَى‬ ‫يقول‪ِّ َّ :‬‬
‫إن َكذ ًاب َعلَ َّي َ‬ ‫صلَّى للاُ عليه وسلَّ َم ُ‬ ‫النيب َ‬ ‫ت َّ‬ ‫النيب عليه السالم‪ ،‬قال‪َِّ :‬مس ْع ُ‬
‫ب َعلَ َّي ُمتَ َع ِّم ًدا‪ ،‬فَ لْيَ تَ بَ َّوأْ َم ْق َع َدهُ ِّم َن الن ِّ‬
‫َّار‪".‬‬ ‫َحد‪َ ،‬من َك َذ َ‬
‫أَ‬

‫ِّ‬
‫األشهاد‬ ‫جيري كثريٌ من أمثال هذه املقوالت اإلحلادية على لسان ال ُْم ْسلُماَنِّيِّني يوميا على رؤوس‬
‫ِّ‬
‫والسام َع‬ ‫القائل‬ ‫سهُ أن ينهى قائلَ َها وهو قادر عليه‪ ،‬ألن‬ ‫وببساطة‪ ،‬فال يُ َكلِّ ُ‬
‫َ‬ ‫ف أح ٌد من السامعني ن ْف َ‬
‫أن قلةَ ِّ‬
‫احلياء شائعةٌ يف اجملتمع ال ُْم ْسلُماَِِّّن قدميًا‪.‬‬ ‫كالمها‪ ،‬ال مروءةَ وال حياءَ هلما‪ ،‬ذلك َّ‬

‫األصنام؛ قال تعاىل على لسان إبراهيم عليه السالم‪َ " :‬وإِّ ْذ‬ ‫ِّ‬ ‫* اإلسالم ُيارب الوثنيةَ‪ ،‬وُيرُم عبادة‬
‫ِّ‬ ‫قَ َ ِّ ِّ‬
‫اهيم َر ِّ‬
‫ام " وخيرب سبحانه عما سيلقاه‬ ‫ين أَن نَّ ْعبُ َد ْاأل ْ‬
‫َصنَ َ‬ ‫اج َع ْل ََٰه َذا الْبَ لَ َد آمنًا َو ْ‬
‫اجنُ ْب ِّين َوبَِّ َّ‬ ‫ب ْ‬ ‫ال إبْ َر ُ‬
‫اب‬‫ين َك َفروا ِّم ْن ْأه ِّل الْكِّتَ ِّ‬ ‫املشركون من العذاب يوم القيامة لقاء ِّشركِّ ِّهم؛ يقول تعاىل‪ِّ َّ َّ " :‬‬
‫إن الذ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْربيَِّّة‪" .‬‬
‫ك ُه ْم َش ُّر ال َِّ‬ ‫يها‪ ،‬أولئِّ َ‬ ‫والْم ْش ِّركِّني ِّيف َان ِّر جهنَّم َخالِّ ِّد ِّ‬
‫ين ف َ‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ُ َ‬

‫ِّ‬
‫الصرُية‬ ‫فإن أبواهبا مفتوحةٌ على مصاريعها للشرك أبنواعه‬ ‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪َّ ،)Müslümanlik‬‬
‫واخلادعة‪ ،‬وال ُْم ْسلُماَنِّيُّون خمتلفون يف معتقداهتم وعباداهتم؛ منهم َم ْن يعبد األصنام؛ وهم‬ ‫ِّ‬
‫األتتُركِّيِّون‪ ،‬فإهنم جيتمعون عند قرب مصطفى كمال لدى مناسبات معيَّنة ويف َّأايم‬ ‫ال ُْم ْسلُماَنِّيُّون َ‬
‫ِّ‬
‫بوجود‬ ‫تدل على إهنم يعبدونه‪ ،‬وقد يُِّق ُّرَون‬ ‫معلومات‪ ،‬يقيمون هنالك حفالت فيها مظاهر العبادةِّ‪ُّ ،‬‬ ‫َ‬
‫أن مصطفى كمال ي َق ِّرُهبم إىل ِّ‬
‫للا‬ ‫هؤالء خيتلفون عنهم‪ ،‬فال يعتقدون " َّ‬ ‫ِّ‬ ‫كمشركي قريش‪ ،‬إالَّ َّ‬
‫أن‬
‫ُ ُ‬ ‫للا ُ‬
‫وان إِّ َىل َِّّ‬
‫اَّلل ُزلْ َف َٰى‪َّ ".‬‬
‫ألن‬ ‫ُزلْ َفي"‪ ،‬على عكس مشركي قريش الذين كانوا يقولون‪َ " :‬ما نَ ْعبُ ُد ُه ْم إَِّّال لِّيُ َق ِّربُ َ‬
‫بقدر ما ي َق ِّدسون للا‪ ،‬والعياذُ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ ِّ‬
‫ابهلل! ومنهم مالحدةٌ ال يؤمنون‬ ‫َ‬ ‫األتتُركيِّون يُ َقدسون مصطفى كمال ِّ ُ‬
‫ابهلل وال ابليوم اآلخر أصالً‪...‬‬

‫الصوفية‪ ،‬يعبدون مشائخهم الذين ميَُثِّلُو َن األواث َن‪ ،‬كما يعبدون أضرحةَ َم ْن ماتوا‬‫ِّ‬ ‫إن ال ُْم ْسلُماَنِّيِّني من‬
‫َّ‬
‫فالصنم‪ :‬هو كل ما له صورة‪ ،‬من خشب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫األصنام‪َّ .‬أما الفر ُق بني الصنم والوثن؛‬
‫َ‬ ‫منهم‪ ،‬وهي ُُتَثِّ ُل‬
‫أو حجر أو معدن‪ ...‬فاألصنام مجادات ال حياة فيها وال روح‪ ،‬ال تنطق وال تسمع وال تنفع وال‬
‫جمسم‪ ،‬كتماثيل مصطفى كمال‪ ،‬وهي منتشرةٌ يف ِّ‬
‫أحناء‬ ‫تضر‪ ...‬وقد يكون على هيئة ُتثال لإلنسان َّ‬
‫ِّ‬
‫اخلاص‪ ،‬تُ ْعبَ ُد من دون للا منذ قرن من‬ ‫للقطاع‬
‫ِّ‬ ‫تركيا‪ ،‬ال ختلو منها ُمؤسسةٌ رمسيةٌ وال مؤسسةٌ‬
‫الزمان‪.‬‬
‫اجلميع‪ .‬قال‬ ‫له ُم إىل أفراد ُم َعيَّنني دون غريهم‪ ،‬بل العلم مأمور به‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫اإلسالم ال يُق ُّر بعلم م ْن شأنه يُ َ‬ ‫ُ‬ ‫*‬
‫ال‪:‬‬ ‫س بْ ِّن َمالِّك قَ َ‬ ‫ين‪َ ،‬ع ْن أَنَ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫‪46‬‬ ‫ِّ‬
‫اسأَلُوا أ َْه َل الذ ْك ِّر إِّن ُكنتُ ْم َال تَ ْعلَ ُمو َن" " َع ْن ُُمَ َّمد بْ ِّن س ِّري َ‬ ‫تعاىل‪" :‬فَ ْ‬
‫اض ُع الْعِّل ِّْم ِّعْن َد غَ ِّْري‬
‫ضةٌ َعلَى ُك ِّل مسلِّم‪ ،‬وو ِّ‬
‫ُ ْ ََ‬ ‫ب الْعِّل ِّْم فَ ِّري َ‬
‫اَّلل صلى للا عليه وسلم‪ :‬طَلَ ُ‬
‫ول َِّّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫قَ َ‬
‫العلم والعلما‪ ،‬فقال‪" :‬يَ ْرفَ ِّع َّ‬
‫اَّللُ‬ ‫ب" وللا تعاىل فضَّل َ‬
‫‪47‬‬ ‫ير ا ْجلَْو َه َر َواللُّ ْؤل َُؤ َو َّ‬
‫الذ َه َ‬ ‫أ َْهلِّ ِّه َك ُم َقلِّ ِّد ْ‬
‫اخلَنَ ِّ‬
‫از ِّ‬
‫‪48‬‬
‫ْم َد َر َجات‪".‬‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫ين أُوتُوا الْعل َ‬ ‫آمنُوا من ُك ْم َوالذ َ‬ ‫ين َ‬ ‫الذ َ‬

‫نوع ْني؛ "علم لَ ُدِّن‪ ،‬وعلم َك ْسِّيب‪".‬‬ ‫ْم إىل َ‬ ‫أما الْمسلُمانِّيَّةُ (‪ )Müslümanlik‬فإهنا قد قَ ِّ ِّ‬
‫س َمت الْعل َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫قلب ال َْوِِّّيل مباشرةً‪،‬‬ ‫نز ُل من عند للا إىل ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الصوفية خباصة‪ ،‬يَ ِّ‬ ‫العلم اللَّ ُدِّنُّ يف معتقد ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّني‬
‫ُ‬
‫وسالمهُ عليهم‬ ‫ني‪ ،‬صلوات للا‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫واملرسل َ‬
‫َ‬ ‫رو ِّع األنبياءَ‬
‫يل فيُ ْلقيه يف ُ‬ ‫حي الذي أييت به جرب ُ‬ ‫الو ِّ‬
‫خبالف َ‬
‫ضلونه على‬ ‫الباطين"‪ ،‬وي َف ِّ‬ ‫العلم اللَّ ُدِّنَّ" ب " ِّ‬
‫العلم‬ ‫ِّ‬
‫ِّ ُ‬ ‫س ُّم ْو َن " َ‬
‫أمجعني‪ ..‬هؤالء الصوفيةُ ال ُْم ْسلُ َمانيَّو َن يُ َ‬
‫بعض الزاندقة منهم‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األنبياء‪ُّ .‬‬ ‫الوحي‪ ،‬كما ي ِّ‬
‫تفوهَ به ُ‬‫احلقيقة ما َّ‬ ‫يدل على هذه‬ ‫فضلون األولياءَ على‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬
‫علم ُك ْم َم ْي تًا عن َم ْيت‪ ،‬وأخذان عل َْمنَا‬ ‫البسطامي أنه قال‪" :‬أخذت َ‬ ‫ِّ‬ ‫ابن عريب عن أيب يزيد‬ ‫كما نَ َق َل ُ‬
‫اهلم ِّة يف اخللوة مع للا‬ ‫ابن عريب فيقول‪" :‬فيحصل لصاحب َّ‬ ‫عن احلي الذي ال ميوت‪َ "..‬ث يضيف ُ‬
‫ت ِّمنَّتُهُ‪ ،‬من العلوم ما يغيب عندها كل متكلِّم على البسيطة‪ ،‬بل ُّ‬
‫كل‬ ‫وبه جلَّت هيبتُهُ وعظُ َم ْ‬
‫أن ما‬ ‫ِّ‬
‫اإلدعاء َّ‬ ‫صاحب نظر وبرهان‪ ،‬ليست له هذه احلالة" وهذا تعميم من ابن عريب ُيتال هبذا‬ ‫ِّ‬
‫للويل) ما ال ُيصل لألنبياء واملرسلني‪ ،‬على رغم ما هلم من النظر‬ ‫ُيصل لصاحب ا ْهلِّ َّم ِّة (أي ِِّّ‬
‫‪49‬‬
‫والربهان‪.‬‬

‫اإلسالم دين التوحيد يف العقيدةِّ‪ ،‬كذالك يدعة إىل توحيد الصفوف والتعاون يف كافة جماالت احلياة‪.‬‬
‫ت َِّّ‬ ‫صموا ِِّبب ِّل َِّّ‬
‫اَّلل َعلَْي ُك ْم إِّ ْذ ُكنتُ ْم أَ ْع َداءً‬ ‫مج ًيعا َوَال تَ َف َّرقُوا‪َ ،‬واذْ ُك ُروا نِّ ْع َم َ‬
‫اَّلل َِّ‬ ‫وللا تعاىل يقول‪َ " :‬وا ْعتَ ِّ ُ َْ‬
‫ك‬‫َّار فَأَن َق َذ ُكم ِّم ْن َها‪َ ،‬ك ََٰذلِّ َ‬
‫َصبَ ْحتُم بِّنِّ ْع َمتِّ ِّه إِّ ْخ َو ًاان‪َ ،‬وُكنتُ ْم َعلَ َٰى َش َفا ُح ْف َرة ِّم َن الن ِّ‬
‫ني قُ لُوبِّ ُك ْم فَأ ْ‬ ‫فَأَلَّ َ‬
‫ف بََْ‬
‫اَّلل لَ ُكم آايتِِّّه لَعلَّ ُكم َهتْت ُدو َن" ويقول تعاىل‪" :‬وأ ِّ‬
‫ب‬‫شلُوا َوتَ ْذ َه َ‬ ‫از ُعوا فَتَ ْف َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬
‫اَّللَ َوَر ُسولَهُ َوَال تَنَ َ‬ ‫َ‬ ‫ني َُّ ْ َ َ ْ َ‬ ‫يُبَِّ ُ‬
‫ين" ويقول تعاىل‪َ " :‬وتَ َع َاونُوا َعلَى الِّ ِّ‬ ‫اَّللَ َم َع َّ ِّ‬ ‫اصِّربُوا‪ ،‬إِّ َّن َّ‬
‫ِّرُيُ ُك ْم‪َ ،‬و ْ‬
‫ْرب َوالتَّ ْق َٰوى‪َ ،‬وَال تَ َع َاونُوا‬ ‫الصاب ِّر َ‬

‫‪ 46‬النحل‪43:‬؛ األنبياء‪7 :‬‬

‫‪ 47‬سنن ابن ماجه (‪ 81 /1‬ت عبد الباقي)‬

‫‪ 48‬اجملادلة‪11:‬‬
‫‪ 49‬الفتوحات املكية‪ :‬ج‪/1‬ص‪3‬‬
‫اب" ويقول تعاىل‪" :‬اِّ َّمنَا ال ُْم ْؤِّمنُو َن اِّ ْخ َوةٌ‬
‫اَّللَ‪ ،‬اِّ َّن ا ََّٰللَ َش ۪دي ُد الْعِّ َق ِّ‬
‫ان‪َ ،‬واتَّ ُقوا َٰ‬ ‫اال َِّْث والْع ْدو ِّ‬
‫َعلَى ْ َ ُ َ‬
‫ِّ‬
‫ني اَ َخويْ ُك ْم َواتَّ ُقوا َٰ‬
‫اَّللَ ل ََعلَّ ُك ْم تُ ْر َمحُو َن"‬ ‫فَاَ ِّ‬
‫صل ُحوا بََْ َ‬ ‫ْ‬

‫لقد كان املسلمون يف عصر الصحابة والتابعني يلتزمزن ابجلماعة وتوحيد الصفوف ونبذ الفرقة رغم‬
‫السفيانيُّون والفالسفةُ والصوفيةُ‪ ،‬فاستطاع علماءُ‬ ‫واخلوارج وا ْحلُ َّك ُ‬
‫ام ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الفنت اليت أاثرها املنافقون‬
‫ِّ‬
‫لإلسالم‪ ،‬ونقل الدين احلنيف‬ ‫القيَ ِّم السامية‬ ‫للا سبحانه أن ُيافظوا على ِّ‬ ‫الصاحل بتوفيق من ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫السلف‬
‫الكتاب العزيز والسنة‬ ‫األجيال من بعدهم عرب ِبوثهم ودراساهتم وأتليفاهتم ال َقيِّ ِّ‬
‫مة‪ ،‬فوصل‬ ‫ِّ‬ ‫إىل‬
‫ُ‬
‫مكتبات العامل‪.‬‬ ‫اليوم‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫النبوبةُ إلينا على أصلهما الصحيح يف طيات الرتاث اإلسالم ِّي الذي تكتظ به َ‬

‫ادها ِّ‬
‫املوحدو َن كلُّهم ملتزمون مبا ورد يف كتاب‬ ‫ِّ‬
‫كذلك األقليَّةُ املؤمنةُ املبعثَ َرةُ يف أحناء العا َِّمل َ‬
‫اليوم‪ ،‬أفر ُ‬
‫للا وسنة رسوله‪ ،‬ال ُييدون عن تعاليمه إال يف أوان الشدةِّ‪ ،‬ألن أغلبهم مغرتبون ومضطهدون‪،‬‬
‫واإلذالل والتعذيب على أيدي ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والتهميش‪ ،‬وألوان من التحقري‬ ‫يعانون من التهجري‬
‫ين‪ ،‬يربهن على أن الفرقةَ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َعب َدةِّ‬
‫األصنام‪ .‬وقد انل من العذاب على أيديهم مجاعةٌ من العلماء املوحد َ‬ ‫َ‬
‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ (‪ )Müslümanlik‬الضالةَ قد نزع للا الرمحةَ من قلوب أفر ِّادها‪.‬‬

‫ِّ‬
‫والنفاق والتمزيق والعنصرية‪ ...‬طاملا أاثرت‬ ‫ِّ‬
‫الشقاق‬ ‫ألن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ (‪ )Müslümanlik‬دين‬
‫َّ‬
‫مجيع ِّ‬
‫أحناء العامل منذ قرون‪،‬‬ ‫والتباغض واملعاداةَ بني صفوف ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني يف ِّ‬ ‫الشتات والتفرقةَ‬‫َ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫األوسط‪ ،‬وما‬ ‫ِّ‬
‫الشرق‬ ‫أحداث " ِّ‬
‫الشتاء العريب" يف‬ ‫ِّ‬ ‫اندالع‬
‫ِّ‬ ‫فأنشبت نريا َن ِّ‬
‫الفتنة بينهم خاصةً عقب‬ ‫ْ‬
‫انتفاضات‬
‫ٌ‬ ‫قامت‬
‫ْ‬ ‫احتجاجا على الظلم السافر‪،‬‬
‫ً‬ ‫أ ْن انتحر البو عزيزي التونسي عام ‪2011‬م‪.‬‬
‫َّت عليهم‬ ‫رس واألكر ِّاد‪ ...‬فانقض ْ‬
‫ات ومعارك عنيفةٌ بني ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني من األتراك والعرب وال ُف ِّ‬
‫وثور ٌ‬
‫ومزق ْتهم ُك َّل ممََُّزق‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫العذاب َّ‬ ‫ال ُق َوى العومليةُ ويف طليعتها إسرائيل‪ ،‬وأمريكا وروسيا‪ ،‬فسام ْتهم سوءَ‬
‫وذِب ْتهم يف فلسطني‪ ،‬وليبيا‪ ،‬وسوراي‪ ،‬والعراق‪ ،‬واليمن‪ ،‬والصومال‪ ،‬وأفغانستان‪ ..‬كما أتثرت هبذه‬
‫احلمالت كلٌّ من تركيا‪ ،‬وابكستان‪ ،‬ولبنان‪ ،‬ومصر‪ ،‬والدولة السعودية‪ ،‬واألردن وبقية الدول‬
‫لينقض‬
‫َّ‬ ‫ضها الفرصةَ‬ ‫ويتحني بع ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫واألقليات تتبادل العداءَ فيما بينها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الشعوب‬
‫ُ‬ ‫العربية‪ ..‬وال تزال هذه‬
‫مكرا ونفاقًا‪ ،‬مساجدهم شبيهةٌ مبسجد (ضرار) الذي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وأصوات األذان تعلو أجوائَهم ً‬ ‫ُ‬ ‫اآلخر‬ ‫على‬
‫النيب عليه السالم فدمرهُ الصحابةُ عليهم الرضوان‪" .‬والَّ ِّذين َّاختَ ُذوا مس ِّج ًدا ِّ‬
‫ض َر ًارا َوُك ْف ًرا‬ ‫أمر به ُّ‬
‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ىن‪َ ،‬و َّ‬
‫اَّللُ‬ ‫اَّللَ َوَر ُسولَهُ ِّمن قَ ْب ُل‪َ ،‬ولَيَ ْحلِّ ُف َّن إِّ ْن أ ََر ْد َان إَِّّال ا ْحلُ ْس َ َٰ‬
‫ب َّ‬ ‫ار َ‬
‫وتَ ْف ِّري ًقا بني الْم ْؤِّمنِّني وإِّرص ً ِّ‬
‫ادا ل َم ْن َح َ‬ ‫ََْ ُ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫اذبُو َن"‬‫ي ْشه ُد إِّ َّهنُم لَ َك ِّ‬
‫َ َ ْ‬
‫أن الْمسلُمانِّيِّني لَ َك ِّ‬
‫اذبُو َن‪َّ .‬‬
‫ألهنم يناققون‪،‬‬ ‫نعم‪ ،‬وللاُ سبحانه‪ ،‬واملالئكةٌ‪ ،‬واملؤمنون كلُّهم يشهدون َّ ُ ْ َ‬
‫العظام النخرةَ‪ ،‬ينصاعون‬ ‫والعدوان‪ ،‬يؤمنون ابجلبت والطاغوت‪ ،‬يعبدون‬ ‫ِّ‬ ‫ويتعاونون على اإلَث‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫أايم‬
‫والعفاف‪ ..‬مساج ُدهم عامرةٌ بصفوفهم َ‬ ‫الناس من الفضائل والطُّهر َ‬
‫الكفر‪ ،‬وهم أبعد ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫لقوانني‬
‫ٌ‬
‫سجال‪،‬‬ ‫احلرب‬ ‫دى‪ ،‬ال جتمعهم صلةٌ أخويةٌ‪ ،‬بل‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫اجلمعة واألعياد بينما هي خاليةٌ من آاثر اهلُ َ‬
‫والكراهيةُ واملعاداةُ متواصلةٌ بينهم‪ ،‬يعانون من األعمال اإلرهابية والشغب واإلنفالت األمين‪،‬‬
‫اإلحنالل األخالقيِّ؛ قد انتفت فيهم‬ ‫ِّ‬ ‫والفوضى‪ ...‬ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّو َن جبميع صنوفهم العرقية يعانون من‬
‫الذمة واألمانة‪ ،‬لذا‪ ،‬قل من يضع ثقته يف غريه‪.‬‬

‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬


‫يص على مصلحته‬ ‫إشباع شهواتِّه‪ ،‬حر ٌ‬
‫دائما يف ِّ‬
‫الدرهم‪ ،‬يفك ُر ً‬ ‫خبيل عاب ُد‬ ‫اإلنسا ُن ال ُْم ْسلُ َم ِّانُّ ِّ‬
‫أاننٌّ‪ٌ ،‬‬
‫الناس‪ ،‬يرتبص أبي إنسان يالقيه‬ ‫نفسه على كل ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫غريه إذا فشل يف عمله‪ ،‬يُ ْؤث ُر َ‬ ‫الشخصية‪ ،‬يلوم َ‬
‫شائع يف تركيا‪ ،‬يُ َو ِّج ُههُ‬
‫يب ٌ‬ ‫سؤال غر ٌ‬ ‫ط يف تعامله معه‪ ،‬يدل على ذلك ٌ‬ ‫ليستغلَّه‪ ،‬وهو ٌّ‬
‫شاك فيه ُمتا ٌ‬
‫ص ْدفَةً وهو‬ ‫مسعت من أحد لقيتَهُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫الشخص إىل أي إنسان يالقيه ومن دون أي سبب! نعم‪ ،‬إذا‬ ‫ُ‬
‫فستتأك ُد من هذه احلقيقة وستذكر‬ ‫َّ‬ ‫الوهلة اآلوىل بسؤاله‪" :‬من أين أنت؟ ?‪"Nerelisin‬‬ ‫ِّ‬ ‫يفاجؤك يف‬
‫هذه الكلمات!‬

‫تتنوع‬ ‫مصدرها القرآ ُن الكرميُ‪ ،‬والسنةُ النبويةُ‪َّ ..‬‬ ‫ُ‬ ‫مصطلحات خاصةٌ فريدةٌ إبداعيةٌ‪...‬‬ ‫ٌ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬له‬
‫ُ‬ ‫*‬
‫ِّ‬
‫والكفر‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫كاإلميان‪،‬‬ ‫مصطلحات‬
‫ٌ‬ ‫علومها‪ .‬فالعقيدةُ مثالً هلا‬ ‫جماالت ِّ‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ابختالف‬ ‫صطلحات اإلسالميةُ‬‫ُ‬ ‫امل‬
‫والوعيد‪ ،‬واجلز ِّاء‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والوعد‬ ‫واحلساب‪ ،‬وامليز ِّ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والنار‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫واجلنة‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫واإلحلاد‪،‬‬ ‫والنفاق‪ ،‬و ِّ‬
‫الشرك‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ِّ‬
‫والطواف‪،‬‬ ‫واحلج‪ ،‬والزكاةِّ‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫والصوم‪،‬‬ ‫ضا‪ ،‬كالصالةِّ‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ِّ‬ ‫مصطلحات أي ً‬
‫ٌ‬ ‫والعقاب‪ ..‬إخل‪َ ..‬ث الفقهُ له‬
‫ْد‪،‬‬ ‫واحلدود‪ ،‬وا ْجلل ِّ‬
‫َ‬
‫ِّ‬ ‫واليمني‪ ،‬والشهادةِّ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والغنيمة‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫والسلم‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫واحلرب‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫واجلهاد‪،‬‬ ‫والسعيِّ‪ ،‬والكفارةِّ‪،‬‬
‫احلديث له‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫والطالق‪ ..‬إخل‪َ .‬ث‬ ‫والنكاح‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واإلرث‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫والرهان‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫واملبايعة‪ ،‬والدَّيْ ِّن‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫والقصاص‪،‬‬
‫واملرفوع‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واحلسن‪،‬‬ ‫والصحيح‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واإلسناد‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫واخلرب‪،‬‬ ‫والسنَ ِّد‪،‬‬
‫اوي‪َّ ،‬‬ ‫كالرواية‪ ،‬والر ِّ‬‫ِّ‬ ‫ضا‪،‬‬ ‫مصطلحات أي ً‬
‫ٌ‬
‫ِّ‬
‫القرآن هلا‬ ‫وعلوم‬ ‫ِّ‬ ‫واملوضوع‪ ،‬وخرب اآل ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫والغر ِّ‬
‫ُ‬ ‫والتدليس‪ ..‬إخل‪َ .‬ث التفسريُ‬ ‫حاد‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫والضعيف‪،‬‬ ‫يب‪،‬‬
‫ِّ‬
‫والتفسري‬ ‫تفسري ابلدر ِّ‬
‫اية‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ابملأثور‪ ،‬وال ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والتفسري‬ ‫ِّ‬
‫ابلرواية‪،‬‬ ‫كالتأويل‪ ،‬وال ِّ‬
‫تفسري‬ ‫ِّ‬ ‫ضا‪،‬‬
‫مصطلحات أي ً‬
‫ٌ‬
‫ِّ‬
‫املصطلحات مضبوطةٌ‬ ‫كل هذه‬ ‫ِّ‬
‫والتجويد‪ ..‬إخل‪ُّ .‬‬ ‫اإلشار ِّي‪ ،‬والتالوةِّ‪ ،‬والرت ِّ‬
‫تيل‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫التفسري‬‫أي‪ ،‬و‬‫ابلر ِّ‬
‫ِّ‬
‫والسنة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫الكتاب‬ ‫ِّ‬
‫املنصوصة يف‬ ‫ِّ‬
‫واحلدود‬ ‫ِّ‬
‫التوقيفية‬ ‫بتعريفات علمية ومصنَّ َفةٌ يف ِّ‬
‫مظاهنا على ِّ‬
‫أساس‬ ‫ُ َ‬
‫واحلج‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والصوم‬ ‫صطلحات الْمعزى إليها؛ كالصالةِّ‬ ‫ِّ‬ ‫أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪َّ ،)Müslümanlik‬‬
‫فإن امل‬
‫ُ َْ‬
‫عصاابت صوفيةٌ‬ ‫ٌ‬ ‫القرآنية والسنِّيَّ ِّة‪ُ ...‬كلُّها َس ِّرقَ ٌ‬
‫ات ا ْختَ َزلَتْ َها‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واألدعية‬ ‫ِّ‬
‫واألذكار‬ ‫ِّ‬
‫واألضحية‪،‬‬
‫احلد وحسب‪،‬‬ ‫أن الصوفيةَ الْمسلُمانِّيِّني مل يقفوا عند هذا ِّ‬ ‫مكرا وخديعةً‪ .‬إالَّ َّ‬ ‫ِّ‬
‫ُْ َ‬ ‫ْص َق ْتها هبذه الداينة ً‬ ‫وأَل َ‬
‫الدايانت اهلنديةُ‪ .‬أخذ منها‬ ‫مصطلحات دايانت عديدة‪ ،‬أتيت على رأسها‬ ‫ِّ‬ ‫كثريا من‬
‫ُ‬ ‫بل اقتبسوا ً‬
‫ْريتِّيَ ِّة إىل العربية‬‫الس ْن ِّسك ِّ‬
‫ش َر مصطلَ ًحا وترمجوها من اللُّغَ ِّة َّ‬ ‫أح َد َع َ‬ ‫ِّ‬
‫قدماءُ الطريقة النقشبندية َ‬
‫ت‬‫ش َد ْر َد ْم‪ ،‬ونَظَْر بَ ْرقَ َد ْم‪ ،‬و َس َف ْر َد ْر َوطَ ْن‪ ،‬و َخل َْو ْ‬ ‫والفارسية‪َ ،‬وبَنَ ْوا طريقتَ ُه ْم عليها‪ ،‬وهي‪ُ :‬هو ْ‬
‫وف َع َد ِّدي‪،‬‬ ‫ان‪ ،‬ووقُ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ت‪ ،‬ونِّ َكا ْه َدا ْش ْ‬ ‫َد ْرأ َْجنُ َم ْن‪ ،‬وَاي ْد َك ْر ْد‪ ،‬وَاب ْز َك ْش ْ‬
‫ت‪َ ،‬وُوقُوف َزَم ِّ َ ُ‬ ‫ت‪ ،‬وَاي ْد َدا ْش ْ‬
‫‪50‬‬
‫ْيب‪..‬‬ ‫ووقُ ِّ‬
‫وف قَ ل ِّ‬ ‫َُ‬

‫هذه الداينةُ‪ ،‬أي ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ ))Müslümanlik‬منبثقةٌ أصالً من التيارات الصوفية الوثنية‪ ،‬وهلذا مل‬
‫"د ْر ِّويش"‪،‬‬
‫اقتباس مصطلحات هندية للتعبري عن العقائد اليت اختلقوها‪ ،‬مثل‪َ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫ميتنع رجاهلا عن‬
‫ْ‬
‫اجگان"‪ ،‬و"حلقة الذكر"‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫و"پوس ْ ِّ ِّ‬
‫ت نشني"‪ ،‬و"تَكيَّة"‪ ،‬و"رابط"‪ ،‬و"إانبة"‪ ،‬و"رابطة"‪ ،‬و"ختم َخ َو َ‬ ‫ُ ْ‬
‫ب عروس"‪ ،‬و"العشق اإلهلي"‪ ،‬و"األبواب األربع"‪،‬‬ ‫و"السماع" و"آيني"‪ ،‬و" َش ِّ‬
‫ِّ‬ ‫و"الدوران"‪،‬‬
‫و"الكرامة"‪ ،‬و"اهلمة"‪ ،‬و"األبدال"‪ ،‬و"األوتد"‪ ،‬و"القطب"‪ ،‬و"الغوث"‪ ،‬و"رجال الغيب"‪،‬‬
‫كبريا من‬
‫عددا ً‬
‫ض ُّم ً‬ ‫قواميس ت ُ‬
‫ُ‬ ‫و"الرجال الثالث"‪ ،‬و"الرجال السبع"‪ ،‬و"الرجال األربعني"‪ ...‬وهلم‬
‫ِّ‬
‫ومفاهيم ذات جذور هندوسية ومسحية ويهودية‪ ،‬إالَّ أهنا ً‬
‫مجيعا مغلفةٌ أبمساء عربية‬ ‫َ‬ ‫مصطلحات‬
‫وفارسية على سبيل التعمية‪ .‬ومن اطلع على أي قاموس ملصطلحات الصوفية وجد فيها تناقضات‬
‫فإن ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني ال يتورعون‬
‫الكتاب والسنةُ‪ .‬هكذا‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫رهيبةً‪ ،‬وحتريفات خطريةً للحقائق اليت جاء هبا‬
‫أب ًدا عن تشويه الدين احلنيف‪ ،‬بتحريف مصطلحاته وتعاليمه لدى أي فرصة يغتنموهنا‪.‬‬

‫‪ 50‬راجع املصادر التالية‪:‬‬


‫ُممد أمني الكردي األربلي‪ ،‬تنوير القلوب يف معاملة عالم الغيوب ص‪ .507-506 /‬طبعة مصر ‪ 1384 -‬ه ‪ .‬ورد تعداد هذه املبان األحد عشر يف‬
‫املصادر التالية من كتبهم مبا فيها املصدر السابق‪:‬‬
‫* علي بن احلسني الواعظ‪ ،‬رشحات عني احليات ص‪41-32 /‬؛‬
‫*ُممد بن عبد للا اخلان‪ ،‬البهجة السنية يف آداب الطريقة النقشبندية‪ ،‬ص‪ 54-50 /‬طبعة مصر ‪1319 -‬ه ؛‬
‫*عبد اجمليد بن ُممد بن ُممد اخلان‪ ،‬احلدائق الوردية يف حقائق أجالء النقشبندية ص‪117-112 /‬؛‬
‫‪Dr. İrfan Gündüz, Ahmed Zıyâüddîn, Hayatı ve Eserleri. Pg. 234-236 Seha Publishing Istanbul-‬‬
‫‪* 1984‬‬
‫‪* Dr. Selcuk Eraydin, Tasavvuf ve Tarikatlar, Pg. 376-380. Istanbul-1994‬‬
‫‪* Faruk Meyan, Sah-i Naksibend Pg. 69-78 Cile Publishing Istanbul‬‬
‫* علي قدري‪ ،‬الرسالة البهائية (ترمجة‪ :‬رمحي سرين) ص‪ .93-77 /‬إسطنبول‪1994-‬م‪.‬‬
‫اإلسالم شكلَهُ النهائِّ َّي يف حدود الوحي كما َر َمسَهُ للا تعاىل وتَّ تنفي ُذهُ فعليا (كدولة ِّ‬
‫ونظام‬ ‫ُ‬ ‫* اختذ‬
‫ِّ‬
‫النبوية احلكيمة‪.‬‬ ‫رسول للا صلى للا عليه وسلَّ َم وتوجيهاتِِّّه‬
‫ُْجمتَمع)‪ ،‬وذلك برايدة ِّ‬
‫َ‬

‫فانقلبت من شكل‬ ‫ْ‬ ‫ت عقائ َد خمتلفةً من عدَّةِّ أداين‪،‬‬ ‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ ،)Müslümanlik‬فإهنا َّ‬
‫امتص ْ‬
‫وحتوِّهلَا إىل‬
‫تطوِّرَها ُّ‬
‫أثر ابل ٌغ يف ُّ‬ ‫التارخيية اليت كانت لِّم َذابِّ ِّح األمويِّني يف ِّ‬
‫بالد ُّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الرتك ٌ‬ ‫َ‬ ‫مسريهتَا‬ ‫آلخر عرب‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫العصاابت‬ ‫ُماوالت‬
‫ُ‬ ‫كرد فعل أخطأ هدفَهُ!‪ .‬تربهن على هذا األمر الواقع‬ ‫لإلسالم ِّ‬
‫ِّ‬ ‫حركة معادية‬
‫لتشويه تعاليم الدين احلنيف منذ ‪1200‬م‪ .‬بعد أن استهدفها الشعوبيون‬ ‫ِّ‬ ‫الصوفيَّ ِّة ال ُْم ْسلُمانيِّني‬
‫اك على اإلسالم‪.‬‬ ‫ف األتر ِّ‬ ‫تعر ِّ‬
‫س قبل ُّ‬ ‫ال ُف ْر ِّ‬

‫وإسالََم ِّويَِّّة الشيعة الزرادشتيِّني‬ ‫ِّ‬


‫إسالَ َم ِّويَّة اخلوارج (العرب)‪ْ ،‬‬ ‫األحداث التارخييةُ َّ‬
‫أن كالً من ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫تُثْبِّ ُ‬
‫إسالَ َم ِّويَِّّة الصوفية األتراك الشامانو‪-‬بوذيني" مل تكن يف الواقع إالَّ مطااي وفخو ًخا‬ ‫رس" و" ْ‬ ‫ال ُف ِّ‬
‫املنطلق ميكن أن نستنتج َّ‬
‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫واألعجام إللغاء اإلسالم واستئصاله‪ .‬ومن هذا‬
‫ُ‬ ‫اب‬
‫استعملها األ ْعر ُ‬
‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ (‪ )Müslümanlik‬هي مشروعُ مؤامرة أعدهُ أعداء اإلسالم بطرق ماكرة يف الغاية حيث‬
‫رب عهدهم ابالسالم ولغرابة بقيت عليهم يف وجه الدين‬ ‫مل تَتَ نَ بَّ ْه العامةُ إىل حقيقتِّ ِّه لسذاجتهم وقُ ِّ‬
‫الناس وأتصلت هبذا املعىن يف‬ ‫ِّ‬ ‫احلنيف‪ ،‬فالتبست ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ )Müslümanlik‬ابالسالم على‬
‫ضمائرهم‪.‬‬

‫اإلسالم بِّ ُكلِّيَّة جامعة شاملة‪،‬‬


‫ُ‬ ‫يتجزأ‪ .‬نعم‪ ،‬ميتاز‬
‫* من أهم مزااي الدين اإلسالمي احليف؛ أنه كلٌّ ال َّ‬
‫الكتاب والسن ِّة‪ ،‬معناه إلغاءُ ُكلِّ ِّه مجلةً‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫املنصوصة يف‬ ‫ط أدىن شيء من أركانه وتعاليمه‬ ‫ِبيث إ ْن أ ِّ‬
‫ُسق َ‬
‫ُّ‬
‫الشك يف‬ ‫اخلالص هبذه الكلية اجلامعة‪ .‬ومن أوقعه‬ ‫ِّ‬ ‫ْمل اإلميا ُن إالَّ بعد اليقني ِّ‬
‫التام‬ ‫وتفصيالً‪ ،‬وال يَك ُ ُ‬
‫اإلسالم من عنقه ودونه خرط القتاد‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫حل ربقةَ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم وتعاليمه فقد َّ‬ ‫شيء من أركان‬

‫ِّ‬
‫لألغيار‪ ،‬ال ُيدُّها‬ ‫أي تعريف جامع لألفر ِّاد مانع‬ ‫َّأما الْمسلُمانِّيَّةُ (‪َّ ،)Müslümanlik‬‬
‫فإهنا خاليةٌ من ِّ‬ ‫ُْ َ‬
‫األسباب لبعض املشهورين‬ ‫ُ‬ ‫أتحت‬‫ط‪ .‬وهذا الطابع قد جعلها تتغري من مرحلة إىل أخرى‪ .‬وقد َ‬ ‫ضاب ٌ‬
‫ِّ‬
‫الداينة أو‬ ‫الصوفية‪ ،‬وآايت الرافضة أن يزيدوا يف هذه‬ ‫ِّ‬ ‫ين ال ُْم ْسلُمانِّيِّني‪ ،‬ك ِّ‬
‫شيوخ‬ ‫رجال ِّ‬
‫الد ِّ‬ ‫من ِّ‬
‫التسبيح‪ ،‬واألور ِّاد املشهورةِّ‬
‫ِّ‬ ‫سنحت هلم من أشكال العبادات واألدعية‪ ،‬مثل‪ :‬صالةِّ‬ ‫ْ‬ ‫ينقصوا منها ما‬
‫َان"‪ ،‬و"الل ِّ‬
‫طائف‬ ‫اجگ ِِّّ‬ ‫ِّ‬
‫وحفلة " ِّ‬ ‫التفرجيية"‪ ،‬و"ر ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ات"‪ ،‬و"الصالةِّ‬ ‫دالئل اخلري ِّ‬
‫ب " ِّ‬
‫اخلَُو َ‬
‫اخلتم ْ‬ ‫الشيخ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ابطة‬
‫س أثناء‬ ‫وحبس الن َف ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ات أو ابملِّ ْسبَ َح ِّة وبكميات معينة‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ألفاظ الورِّد ابحلصي ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وتعداد‬ ‫ِّ‬
‫الروحانية"‪،‬‬
‫َ ََ‬ ‫ُْ‬
‫أن أمري املؤمنني عليا ويل للا‪ ،‬وعلَيًا حجة للا "‪...‬‬ ‫الذكر‪ ،‬وقول الشيعة "أشهد َّ‬
‫* يعلن املعتنق للدين اإلسالمي عن هويته الدينية بقوله "أان ُم ْسلِّ ٌم ‪ "Ben müslimim‬إذا كان‬
‫رجالً‪ ،‬وأما إذا كانت امرأةً فتقول‪" :‬أان ُم ْسلِّ َمةٌ ‪"Ben Müslimeyim‬؛ أما الشخص ال ُْم ْسلُ َم ِّانُّ فإنه‬
‫يُ َعِّربُ عن هويته الدينية بقوله‪" :‬أان ُم ْسلُ َم ِّانٌّ ‪ "Ben Müslümanım‬سواء كان رجالً أو امرأةً‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫اإلسالم قد عقد األُ ُخ َّوةَ بني املؤمنني بنص القرآن الكرمي‪ ،‬قال تعاىل‪" :‬إِّ َّمنَا ٱل ُم ْؤِّمنُو َن إِّخ َوةٌ‪".‬‬
‫َ‬ ‫* َّ‬
‫إن‬
‫فإهنما خاليتان من مثل هذا العقد‪،‬‬ ‫َّأما الْمسلُمانِّيَّةُ (‪ )Müslümanlik‬الرتكيةُ واإلسالمويةُ العربيةُ‪َّ ،‬‬
‫ُْ َ‬
‫احلقيقة ما جيري من العداوة والبغضاء بني العرب اإلسالمويني وأتباع الْمسلُمانِّيَّةِّ‬ ‫ِّ‬ ‫يدل على هذه‬
‫ُْ َ‬
‫جبميع فصائلِّهم‪ ،‬واجلراكسة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫رس‪ ،‬واألكر ِّاد‪ ،‬واألتر ِّ‬
‫اك‬ ‫(‪ )Müslümanlik‬من اإليرانيني ال ُف ِّ‬
‫تعش‬ ‫والبشتون‪ ،‬والبلوجيني‪ ،‬واهلزارةِّ‪ ...‬بعضهم لبعض ٌّ‬
‫عدو‪ .‬مل ْ‬ ‫ِّ‬ ‫والبُنطُسيني‪ ،‬والرب ِّ‬
‫بر‪ ،‬والطاجكيني‪،‬‬
‫هذه اجملتمعات يف سالم يف أي فرتة من التاريخ‪ ،‬هناك مشاكل كبرية يف الفسيفساء االجتماعية لكل‬
‫من البلدان اإلسالمية‪ .‬تستمر األعمال العدائية وحىت احلروب بني اجلماعات العرقية والدينية يف‬
‫هذه البلدان‪ .‬على سبيل املثال ‪ ،‬هناك عداء مستمر بني السنة والشيعة يف العراق‪ ،‬وبني الوهابيني‬
‫واإلمساعيليني يف اململكة العربية السعودية‪ .‬كذلك دامت احلرب فرتةً بني الشافعيني السنة واحلوثيِّني‬
‫الشيعة يف اليمن‪ ،‬وانقضَّت القلةُ النصرييةُ احلاكمةُ على الشعب السين يف سوراي فذِبتهم وطردت‬
‫املاليني من أوطاهنم منذ سنوات‪ .‬ويف املغرب العريب واجلزائر وليبيا‪ ،‬يتمر ُد الرببر على األنظمة‬
‫مستمر بني العلويِّني األتتُوركيني والصوفية النقشبنديِّني يف تركيا‬
‫ٌّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالموية‪ .‬كذلك العداء‬ ‫العربية‬
‫منذ قرن كامل مع أن كِّلَ ِّي الطرفني يعتنقان الداينةَ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ (‪ )Müslümanlik‬ولكن خيتلفان‬
‫والنورجيني (أصحاب سعيد‬ ‫ِّ‬ ‫فيها كلٌّ حسب معتقداته‪ .‬وهناك عداءٌ وكراهيةٌ بني النقشبنديني‬
‫النورسي) يف تركيا‪ .‬كما أن هناك صراع وعداء مستمر بني مجاعات من األتراك يف أملانيا والبالد‬
‫األوروبية‪ ،‬منهم أنصار الرأي الوطين (أتباعُ جنم الدين أربكان)‪ ،‬وأتباعُ مجال الدين قبالن‪،‬‬
‫ِّ‬
‫مساجد‬ ‫بيئات‬
‫ُ‬ ‫ختتلف‬
‫ُ‬ ‫والسليمانيون (أتباعُ سليمان حلمي طوانخان) وأتباعُ فتح للا گوولن‪...‬‬
‫رت ٌك بني أفر ِّاد هذه اجلماعات‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫قاسم ُم ْش َ‬
‫التابعة هلذه اجلماعات املتباينة وأنشطةُ كل منها‪ .‬ال يوج ُد ٌ‬
‫مجيعا‬
‫فحسب‪ ،‬وال نبالغ إذا قلنا إهنم ً‬ ‫ُ‬ ‫ورمبا يكون الشيء الوحيد الذي جيمعهم هي اللغة الرتكية‬
‫حتو ِّل هذهِّ الكراهية إىل‬
‫جهودهم يف أتجيج "اإلسالموفوبيا ‪َ "İslamofobia‬وَم ْن ِّع ُّ‬ ‫َ‬ ‫يبذلون‬
‫الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪.)Müslümanlik‬‬
‫ِّ‬ ‫"‪ "Musumanofobia‬أي إىل‬
‫والسب‪ ،‬واإلهانةَ واإلسائة ابلقول والفعل أو ِّ‬
‫أبي‬ ‫َّ‬ ‫واالغتياب‪،‬‬
‫َ‬ ‫غض‪،‬‬ ‫ُيرُم احلق َد‪ ،‬والبُ َ‬ ‫اإلسالم ِّ‬
‫ُ‬ ‫*‬
‫فإهنما ال‬‫واإلسالََم ِّويَّةُ العربيةُ‪َّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫الرتكِّيَّةُ‬ ‫ِّ‬
‫شكل من األشكال‪َّ ..‬أما ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ (‪ُّْ )Müslümanlik‬‬
‫شيوعها يف ِّ‬
‫كل‬ ‫ُ‬ ‫ضا‪ .‬يدل على ذلك‬ ‫القبائح‪ ،‬يلعن بعضهم بع ً‬
‫ِّ‬ ‫ارتكاب هذه‬ ‫ِّ‬ ‫يه َما من‬‫ُتنعان ُم ْن تَ ِّسبِّ ِّ‬
‫ُيسن‬
‫ُ‬ ‫أي دليل‪ 51.‬وهنا‬ ‫إثبات ذلك إىل ِّ‬ ‫ُ‬ ‫واإلسالَ َم ِّويُّو َن‪ ،‬وال ُيتاج‬
‫ْ‬ ‫بقعة يعيش فيها ال ُْم ْسلُمانِّيُّو َن‬
‫اتُ‬
‫شُ‬‫طائفتني من ال ُْم ْسلُمانِّيِّني األتراك منذ قرن كامل؛ فقد صار التَّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫تباغض‬ ‫ذكر طريفة تُفشي مدى‬
‫ني (ابللغة الرتكية) إحدامها قوهلم‪ "Takkeli liboş" :‬يصف هبا‬ ‫س َّج َعتَ ْ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫من العادة بينهما بصيغيتني ُم َ‬
‫األتتوركِّيُّون الصوفيةَ النقشبندي َن‪ ،‬والثانيةُ قوهلم‪ "Şapkalı godoş" :‬تصف هبا الصوفيةُ‬
‫حتشما‪.‬‬‫أستنكف عن ترمجة هاتني الصيغتني ً‬ ‫ُ‬ ‫وتشنيعا ومشاتةً هبم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫النقشبنديُّون األتتوركِّيِّني ُّ‬
‫هتك ًما‬

‫ك ل ََعلَى‬‫* للرسول عليه الصالة والسالم مكانةٌ رفيعةٌ عند للا‪ ،‬قال تعاىل‪ ،‬يثين على أخالقه‪َ " :‬وإِّنَّ َ‬
‫ِّ‬ ‫ُخلُق َع ِّظيم" وقال رسول للا صلى للا عليه وسلم‪" :‬بُ ُ‬
‫عثت ألَُُتِّ َم مكارم األخالق"‪ .‬يُ َعظ ُمهُ‬
‫املسلمون يف حدود الكتاب والسنة‪ ،‬رعايةً جلاللة قدره‪ ،‬يُصلُّون ويسلمون عليه لدى كل مناسبة‬
‫صلُّواْ َعلَْي ِّه َو َسل ُمواْ‬
‫آمنُواْ َ‬
‫ين َ‬
‫َّ ِّ‬
‫صلُّو َن َعلَى النَِِّّب‪ ،‬أيَيُّ َها الذ َ‬
‫ِّ‬ ‫امتثاالً لقوله تعاىل‪" :‬إِّ َّن َّ‬
‫اَّللَ َوَمالَئ َكتَهُ يُ َ‬
‫تَ ْسلِّيما"‬

‫هذا‪ ،‬ويعلم املسلمون املخلصون من أهل التوحيد؛ أن مهمة الرسول عليه الصالةُ السالم مل تقتصر‬
‫وإصالح‬
‫ُ‬ ‫جمرد التبليغ والدعوةِّ فحسب‪ ،‬بل كان مما أ ُِّم َر بِّ ِّه من الوظائف‪ :‬التبشريُ واإلن ُذا‪،‬‬‫على ِّ‬
‫ِّ‬
‫اجليوش‬ ‫ِّ‬
‫احلجة‪ ،‬وقيادة‬ ‫ِّ‬
‫واألساطري‪ ،‬وإقامةُ‬ ‫الباطلة واخلر ِّ‬
‫افات‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫العقائد‬ ‫ِّ‬
‫النفوس وتزكيتُها‪ ،‬ومكافحةُ‬
‫ِّ‬
‫العقوابت يف‬ ‫وإنصاف املظلومني‪ ،‬وتنفي ُذ‬
‫ُ‬ ‫وأتسيس العدالة‪،‬‬ ‫األمة‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫شؤون َّ‬ ‫حملاربة املشركني‪ ،‬وسياسةُ‬
‫ُ‬
‫والظلمة‪ ،‬وغريُ ذلك مما ال يسع املقام لشرحها وتفاصيلها‪ ...‬يؤمن املسلمون من أهل‬ ‫ِّ‬ ‫اجملرمني‬
‫أبن الرسول عليه الصالة السالم‪ ،‬كان على صراط مستقيم يف مجيع حركاته‬ ‫التوحيد اخلالص َّ‬

‫أبيات منها‪:‬‬
‫بل هناك دالئل كثرية ال ُحتصى‪ ،‬منها‪ :‬قول أحد الشعراء عرب قصيدته اليت أمساها‪" :‬حنن شعب ال يستحي"‪ ،‬وهذه ٌ‬
‫‪51‬‬

‫السنا من ابيع احلسني َث خناه؟ * أمل تكن قلوبنا معه وبسيوفنا ذِبناه؟‬
‫أمل نبكي احلسن بعد أن مسمناه؟ * ألسنا من واىل عليا ويف صالته طعناه؟‬

‫حكام ِّ‬
‫دولة اإلمارات‪:‬‬ ‫أبيات لشاعر آخر‪ ،‬يلعن فيها َّ َ‬ ‫وهذه ٌ‬
‫اب أداة * ال سلَّ َم للاُ اإلمارات‬
‫سالم األَعر ِّ‬
‫وقام ُ‬
‫َ‬
‫البغل يف أرض موات‬
‫تطاول احلفاةُ العُراة * وزان ُ‬
‫فحولةُ خنزير أبتن * ال سلَّ َم للاُ اإلمارات‬
‫ُتتد على هذه الوترية‪...‬‬ ‫والقصيدةُ ُّ‬
‫األمور ِبكمة‪،‬‬
‫َ‬ ‫وسكناته وقراراته؛ فكانت منطَلَ َقاتُهُ كلُّها من الوحي الذي يتلقاه من ربه‪ِّ ،‬‬
‫يسريُ‬
‫األمور بقيادة رشيدة‪...‬‬ ‫ِّ‬
‫للمواجهة أبسباب رصينة‪ ،‬ويدب ُر‬ ‫ويتهيأ‬
‫َ‬

‫فإن الرسول عليه السالم يف نظرهم أشبه ما يكون بشيخ من شيوخ الصوفية‬ ‫أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيُون؛ َّ‬
‫كل أوقاته يف املسجد ال يربحه‪ ،‬يعتكف‪ ،‬ويصلِّي‪ ،‬ويصوم‬ ‫املشعوذين؛ يعتقدون أنه كان يقضي َّ‬
‫السواك‪ ،‬ولبس العمامة والعباءةِّ‪ ،‬وكان أحب الطعام إليه‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫إبرخاء اللحية‪ ،‬واستعمال‬ ‫الدهر‪ ،‬ويوصي‬
‫ب‬ ‫ب‪َ ،‬أيْ ُخ ُذ ُّ‬
‫الرطَ َ‬ ‫ويقص شاربَهُ يف كل مجعة‪ ،‬وَكا َن َأيْ ُك ُل الْبِّ ِّطي َخ ِّاب ُّلرطَ ِّ‬
‫ُّ‬ ‫أظفارهُ‬
‫َ‬ ‫الثري ُد‪ ،‬وكان يقلِّ ُم‬
‫الرسول عليه السالم يف هذه‬ ‫ِّ‬ ‫ط ثوبَه‪ ...‬تتمثل شخصية‬ ‫ارهِّ‪ ،‬خيصف نعلَه‪ ،‬وخيي ُ‬
‫س ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ‬
‫بيَمينه َوالْبطي َخ بيَ َ‬
‫الرفيعة‪ ،‬مما تدل هذه النظرةُ‬ ‫ِّ‬ ‫األمور فحسب عند ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني‪ ،‬دون صفاته وخصائصه النبوية‬
‫القاصرةُ على سذاجة ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني وعلى مدى جهلهم ِبقائق الكون واحلياة‪ ،‬وبُ ْع ِّد ِّهم عن فهم‬
‫كتاب للا وسنة رسوله‪ ،‬ويربهن على عقليتهم املتخلفة الباقية من العهد الشامان والبوذي‪ ،‬وهي‬
‫أعماق كياهنم‪.‬‬‫ِّ‬ ‫راسخةٌ يف‬

‫ونظام حياة يستمد من وحي للا إىل خات أنبيائه‬


‫ُ‬ ‫هذا ومجلة القول‪ :‬أن اإلسالم دين عاملي خالد‪،‬‬
‫ِّ‬
‫السوي ابلتزام الفضائل‪ ،‬والتعاون على الرب‬ ‫ورسلِّ ِّه ُممد عليه الصالةُ والسالم‪ ،‬يرش ُد إىل الصر ِّ‬
‫اط‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬
‫والتقوى‪ .‬لكنه منذ اختفائه من الساحة عقب إلغاء اخلالفة الراشدية عام ‪ 661‬م‪ .‬مل تشهد أمةٌ‬
‫بقعة من بقاع العامل‪ .‬أسفر ذلك عن اضمحالل الفضائل‪ ،‬وغياب‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم ِّي يف أي ِّ‬ ‫تطبيق النظام‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫والعطاء‪ ...‬انتشر‬ ‫ِّ‬
‫وانتفاء حرية التعبري‪ ،‬والتخلُّف يف التنمية‬ ‫ِّ‬
‫واالستبداد‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫التحك ِّم‬ ‫العدل واشتداد‬
‫واالستغالل يف التديُّ ِّن‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫التقلي ُد بعد ذلك يف مجيع جماالت احلياة‪ ،‬وشاعت الشعوذةُ والنفا ُق والرايءُ‬
‫ِّ‬
‫ني‪ ،‬فانقسموا‬ ‫واإلسالََم ِّويِّ َ‬
‫ْ‬ ‫ف والتشدد يف العبادة‪ ...‬أدَّى ذلك إىل انشقاق ال ُْم ْسلُمانِّيِّ َ‬
‫ني‬ ‫وساد التطر ُ‬
‫َ‬
‫واآلخر استغل اإلنتماءَ إىل أهل بيت الرسول صلى‬ ‫ُ‬ ‫السفيانيَّةَ"‪،‬‬
‫إىل فريقني متناحرين؛ فريق اعتنق " ُّ‬
‫احلرب بني الفريقني سجاالً منذ ألف عام أو أكثر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫للا عليه وسلم‪ ،‬وكانت‬

‫ومجودا أغلق‬
‫ً‬ ‫الطبائع‪ ،‬وغباءً يف التفكري‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫فأولدت عُ ْق ًما يف‬
‫ْ‬ ‫السلبيات عرب قرون‬
‫ُ‬ ‫تتابعت هذه‬
‫اإلبداع‪ ،‬فأصبح من املستحيل إنشاء " ِّ‬
‫املدينة الفاضلة" وإقامةُ‬ ‫ِّ‬ ‫األبواب على القرائح ومنعها عن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كوا‬
‫در ُ‬ ‫واإلسالََم ِّويِّ َ‬
‫ني الذين مل يُ ِّ‬ ‫ني ْ‬ ‫األمر خبسارة ال ُْم ْسلُمانِّيِّ َ‬
‫احلضارة الرائعة اليت يتبناها اإلسالم‪ .‬فانتهى ُ‬
‫فانقض عليهم‬
‫َّ‬ ‫احلنيف ومل يفطنوا لعظمته يف تريهم املديد حىت طَ َم َع فيهم األعداءُ‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫حقيقةَ الدين‬
‫املغول‪َ ،‬ث القوات الصليبيةُ‪َ ،‬ث القوى العومليةُ يف عصران‪ ،‬فأُركسوا على رؤوسهم وانتكسوا نكاالً‬
‫من للا‪ ،‬وللا شديد العقاب‪.‬‬

You might also like