You are on page 1of 5

‫سوسيولوجيا املوسيقى – األستاذ عبد الفتاح الزين‬

‫تقرير الدرس‪ :‬حصة يوم ‪ 26‬يناير ‪2021‬‬

‫املقرران ‪:‬‬
‫حسام صدوق‬
‫خالد البارودي‬

‫موضوع الدرس‪ :‬الذوق املوسيقي واملقاربات السوسيولوجية‬


‫في بداية الحصة قسم األستاذ الدرس إلى محورين أساسيين وهما‪:‬‬
‫املحور األول‪ :‬عالقة املوسيقى باملعرفة‬ ‫‪-‬‬
‫التساؤالت املطروحة‪:‬‬
‫كيف يعرف الذوق سوسيولوجيا'؟‬ ‫‪‬‬
‫ماهي مقومات؟‬ ‫‪‬‬
‫وما هي عالقة املوسيقى باملعرفة عموما وبالتالي' كيف يتم ت'ذوقها وفي أي أب'واب وألي'ة‬ ‫‪‬‬
‫وظائف؟‬

‫أش' ' ''رت في الحص' ' ''ص الس' ' ''ابقة إلى املعالج' ' ''ة السوس' ' ''يولوجية للموس' ' ''يقى‪ .‬وق' ' ''د تكلمن' ' ''ا عن‬
‫املوس''يقى وال''تي ك''انت باألس''اس ج''زء من محب''ة الحكم''ة أي الفلس''فة‪ .‬فاملوس''يقى آن''ذاك ك''انت حاض''رة‬
‫وبق''وة في الفك''ر الفلس''في‪ ،‬والفالس''فة ق''ديما وخاص''ة في الفلس''فة اليوناني''ة ق''د ح''ددوا العل''وم في أرب''ع‬
‫أص ''ناف وذل ''ك ح ''تى تك ''ون لهم رؤي ''ا واض ''حة وعام ''ة للك ''ون ولإلنس ''ان بص ''فة عام ''ة والحي ''اة‪ ،‬وه ''ذه‬
‫العلوم هي ‪:‬‬
‫‪ -‬الفلك‪،‬‬
‫‪ -‬الحساب‪ ،‬الهندسة‪،‬‬
‫‪ -‬إلى جانب املوسيقى‪.‬‬
‫ويق' ' ''ال ان املوس' ' ''يقى جمعت حوله' ' ''ا العل' ' ''وم الثالث وبالت' ' ''الي' ف' ' ''إن الفالس' ' ''فة ق' ' ''د اختص' ' ''وا‬
‫املوس''يقى بن''وع من العالق''ة الوطي''دة واملتين''ة واملتكامل''ة إن ص''ح الق''ول )أنظ''ر على بس''يل املث''ال كت''اب‬
‫َ‬
‫"ش''اعرية املج''ال" للفيلس''وف كاس''تون باش''الر ‪.( La Poétique de l’espace » Bachelard Gaston « -‬‬
‫وهناك مثال اخر للفيلس''وف األملاني ‪ Goethe‬وال''ذي تح'دث وق'ال على أن العم''ارة هي موس'يقى جام'دة‬
‫باإلض' ''افة إلى الفيلس' ''وف الفرنس ي ‪ Roland Gérard Barthes‬وال' ''ذي اك' ''د على أن هن' ''اك عالق' ''ة بين‬
‫ال''دالالت ح''تى في بع''دها' املوس''يقي واملعم''اري ‪ ...‬ومن خالل هات''ه األمثل''ة ال''تي ق''دمناها' يالح''ظ على ان‬
‫هن' ''اك محاول' ''ة الس' ''تجالء س' ''ر العالق' ''ة الخاص' ''ة ال' ''تي جمعت بين أه' ''ل الفلس' ''فة في البداي' ''ة كمح' ''بين‬
‫أبين كي ' ''ف ان ' ''ه في‬‫للحكم ' ''ة‪ ،‬واملوس ' ''يقى‪ .‬وفي ه ' ''ذا االط ' ''ار‪ ،‬ومن خالل األمثل ' ''ة املقدم ' ''ة‪ ،‬ح ' ''اولت ان ّ‬
‫الفلس' ''فة اإلغريقي' ''ة‪-‬اليوناني' ''ة بش' ''قيها ان املوس' ''يقى ك' ''انت حاض' ''رة وبق' ''وة في عق' ''ل ووج' ''دان معظم‬
‫الفالس''فة‪ .‬ون''ذكر في ه''ذا الص''دد على س''بيل املث''ال فيث''اغوراس وال''ذي ك''ان يس''ير في الس''وق وتناه'ا' إلى‬
‫مس'امعه ط'رق الح'دادين على الس'ندان بمطرق'تين مختلف'تين في ال'وزن فاس'تنتج' من خالل ه'ذا الط'رق‬
‫ان النغم''ات تتوق''ف على النس''ب العددي''ة‪ ،‬وك''ذا أفالط''ون عن''دما تح''دث عن املدين''ة الفاض''لة قس''مها‬
‫إلى ثالثة أجزاء ‪:‬‬
‫‪ -‬النفس العاقلة وهي الرأس وهي البد ان تكون محبة للحكمة‬
‫‪ -‬النفس الشهوانية وهي تكون محبة لإلقبال على للحياة يمثلها التجار‬
‫‪ -‬وأخ'يرا النفس الغض''بية وهي النفس الس''فلى وال''تي في الغ''الب يمثله''ا الح'راس والجيش وبالت'الي'‬
‫لكي يتم شحنهم وجدانيا وتهذيبهم نفسانيا البد لهم من املوسيقى‪.‬‬
‫وبالت''الي‪ ،‬فحين يق'ول س'قراط ان ظه'ور أس'اليب غريب'ة في املوس''يقى ه''و دالل''ة على وص''ول الس''فلة إلى‬
‫ّ‬
‫الحكم على املدى البعي ' ''د‪ ،‬فإن ' ''ه بالت ' ''الي نستش ' ''ف من قول ' ''ه ان املوس ' ''يقى تلعب دورا هام ' ''ا في تش ' ''كل‬
‫طبيعة النظام املجتمع والقوى االجتماعية السائدة فيه إلى جانب كونها حاضرة في الفكر‪.‬‬
‫وه ''ذا ي ''ذكرنا على الص ''عيد الع ''ربي بظ ''روف اكتش ''اف أب ''و الخلي ''ل الفراهي ''دي لبح ''ور الش ''عر‬
‫عندما كان على حافة البئر وتناهى إلى س'معه ص'دى ص'وته عن'د ق'راءة األبي'ات الش'عرية؛ وه'و م'ا ه'داه‬
‫إلى تقس ''يم أوزانه ''ا‪ ،‬وه ''و م ''ا يبس ''ن لن ''ا أن ''ه ك ''ان ل ''ه نفس تمث ''ل وتص ''ور فيث ''اغورس' في املث ''ال الس ''ابق‬
‫ال ''ذكر واملتعل ''ق باملطرق ''ة واكتش ''اف النغم ''ات والنس ''ب العددي ''ة‪ .‬وبالت ''الي' حس ''ب مقول ''ة فيث ''اغورس'‬
‫ف''النغم الك''وني نغم دائم ال ينقط'ع إذن‪ .‬ونج'د ه'ذا الن''وع من التفك'ير عن'د الع''رب خاص'ة عن''د الكن''دي‬
‫فه''و ك''ان أول من وض''ع مجموع''ة من القواع''د في املوس''يقى في الع''الم الع''ربي اإلس''المي وه''و أول من‬
‫دونه'ا ب''الحروف االبجدي''ة وابتك'ر س'لما موس'يقيا من ‪ 12‬نغم''ة واق'ترح إض'افة وت''ر خ''امس للع'ود‪ .‬وق''د‬
‫ك''ان من األوائ''ل ال''ذي فهم في زمن''ه ووعى ع''دة أم''ور‪ .‬ففي رس''الته‪ 1‬قس''م املوس''يقى بحس''ب تأثيراته''ا‬
‫في النفس‪ ،‬فهناك الطرب‪ ،‬واللهو والتلذذ‪ ،‬ثم االستمتاع‪ ،‬وأخيرا التنعم‪ ،‬وهي مراحل أربع‪ .‬ويقال انها‬
‫أص''ناف‪ .‬ولم يض''عها في س''لم تراتي''بي وف''ق األهمي''ة أو القيم''ة‪ ،‬وبالت''الي' فه''ذا التقس''يم ه''و تقس''يم‬
‫للم' ''زاج وبحس' ''ب الت' ''أثير على النفس‪ .‬وه' ''ذا م' ''ا ي' ''بين أن' ''ه ك' ''ان هنال' ''ك اهتم' ''ام باملوس' ''يقى وبتقس' ''يمها‬
‫وتبويبه ' ''ا وف ' ''ق الوظ ' ''ائف املتتظ ' ''ر منه ' ''ا واألدوار ال ' ''تي يمكن أن تؤديه ' ''ا داخ ' ''ل املجتم ' ''ع وبالنس ' ''بة‬
‫لإلنسان‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫رسالة الكندي ‪ :‬في اللحون والنغم على الرابط التالي ‪:‬‬
‫‪file:///C:/Users/DELL/Downloads/Noor-Book.com‬‬
‫‪%20%20%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D8%AF%D9%8A‬‬
‫‪%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AD‬‬
‫‪%D9%88%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%BA%D9%85%202%20.pdf‬‬
‫وفي ه' ''ذا الص' ''دد‪ ،‬يمكن اإلش' ''ارة ك' ''ذلك إلى الف' ''ارابي وال' ''ذي ق' ''ال على ان اإلنس' ''ان اس' ''تحدث‬
‫املوسيقى تحقيقا وايفاء لفطرته‪ ،‬وبالتالي' فانه يتعلم من خالل اللغة وما تلتقطها األذن‪ .‬وكما يق''ال –‬
‫الش ''اعر ابن بيئت ''ه‪ ،‬فك ''ذلك املوس ''يقي هي ولي ''دة وتابع ''ة لبيئتها‪ .‬فاإلنس ''ان كك ''ائن اجتم ''اعي ينق ''ل من‬
‫األص ''وات م ''ا جب ''ل علي ''ه وفط ''ر علي ''ه في مجتمع ''ه وم ''ا اس ''تقاه من محيط ''ه‪ .‬وبم ''ا ان اإلنس ''ان فطرت ''ه‬
‫ت ''دعوه إلى التعب ''ير عن احوال ''ه وينش ''د الراح ''ة فه ''و يس ''تعمل بعض ال ''ترانيم وااللح ''ان له ''ذه الغاي ''ة أو‬
‫لغاي ''ات أخ ''رى مس ''تجدة وف ''ق التط ''ور املجتمعي وتط ''ور الحي ''اة االجتماعي ''ة‪ .‬ولم يهتم الف ''ارابي فق ''ط‬
‫بهذه األمور ب'ل تجاوزه''ا إلى ح'د االهتم'ام بالوظيف'ة العالجي'ة للموس'يقى‪ .‬وفي نفس الس'ياق‪ ،‬أش'ار ابن‬
‫سينا إلى ان خير تمارين العافية هو الغناء ‪...‬‬
‫وكخالص''ة ف''إن املوس''يقى ك''ان له''ا ن''وع من الس''مو الفك''ري‪ .‬وك''انت من أهم س''بل للخالص من‬
‫س ''يطرة اإلرادة‪ ،‬وهي ن''وع من التدش''ين عن''د ش''وبنهاور' على الخص''وص‪ .‬وكم ''ا ق''ال ف ''إن املوس ''يقى هي‬
‫قم'ة ش'فافية' اإلنس'ان كإنس'ان‪ ،‬وهي تعب'ير عن ج'وهر الوج'ود‪ .‬وهك'ذا ن'رى أن املوس'يقى ليس'ت بشيء‬
‫بسيط في الفكر وأن لها مكانتها وقيمتها ومنطقتها‪ .‬ولهذا كان االهتمام سوسيولوجيا' بدراستها كواقعة‬
‫اجتماعي''ة ش''املو ألنه''ا تحض''ر في مختل''ف تجلي''ات وأبع''اد العالق''ات االجتماعي 'ة' وت''واكب تحوالته''ا ب''ل‬
‫وأنها تعبير عن هذه العالقات‪.‬‬

‫املحور الثاني‪ :‬الذوق املوسيقي‬ ‫‪-‬‬


‫من خالل املح ''ور الث ''اني أود أن أش ''ير قب ''ل التط ''رق إلى ال ''ذوق املوس ''يقي إلى أن املوس ''يقى لها‬
‫تعب ''ير أو تص ''ور وظيفي عالجي لكن م ''ع األس ''ف املوس ''يقى عموم ''ا ت ''راجعت م ''ع االنحط ''اط والت ''دهور'‬
‫ال ''ذي عرف ''ه املغ ''رب خالل مرحل ''ة م ''ا قب ''ل االس ''تعمار ب ''النظر ملا أش ''رنا إلي ''ه ل ''دى الفلس ''فة العربي ''ة‪-‬‬
‫َ‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وهو تخلف شمل الحض'ارة العربي'ة‪-‬اإلس'المية برمته'ا‪ .‬وهك'ذا دخلن'ا مرحل'ة اج'ترار مس'ألة‬
‫تحلي''ل أو تح''ريم املوس''يقى‪ ،‬وه''و م''ا أدى إلى ت''دهور العالق''ة م''ع املوس''يقى وغموض''ها‪ ،‬وه''و م''ا جعله''ا‬
‫تعبش تهميش' ''ا ليس على مس' ''توى اإلب' ''داع عموم' ''ا ولكن بالخص' ''وص على مس' ''توى العالق' 'ة' ب' ''الفكر ‪...‬‬
‫لدرج'ة' أن''ه ال زلن''ا إلى يومن''ا ه''ذا نت''أرجح بين التح''ريم والتحلي''ل‪ ،‬وكأنن''ا ع''دنا إلى مرحل''ة يمكن الق''ول‬
‫عنه''ا "جاهلي''ة"' ‪ ...‬وه''ذا م''ا يجعلن''ا نس''تخلص أن املوس''يقى بع''د أن ك''انت علم''ا ض''روريا من بين العل''وم‬
‫األربع في محبة الحكمة أصبحت لها مكانة أقل وأدنى‪.‬‬
‫بع ' ''د اس ' ''تقرار املغ ' ''رب وظه ' ''ور التلف ' ''از والقن ' ''وات اإلذاعي ' ''ة والحفالت الرس ' ''مية كموس ' ''يقى‬
‫عص'رية وك'ان االعتم'اد في ه'ذا التقس'يم بين التقلي'دي والعص'ري وف'ق م'ا وردن'ا من الش'رق ع'بر أفك'ار‬
‫وفلسفة "عص'ر النهض'ة"‪ '.‬وم'ا وق'ع في املغ'رب ك'ان امت'دادا هيمن'ة لالنتم'اء له'ذا الفض'اء الع'ربي‪ .‬وهك'ذا‬
‫ب''رزت في إط''ار ك''ل ه''ذه التح''ديات املوس''يقى األندلس''ية ال''تي ك''انت تحظى بمكان''ة كط''رب ع''ربي أص''يل‬
‫وك ''إرث ع ''ربي إس ''المي محض أم ''ا ك ''ل م ''ا ه ''و ش ''عبي فك ''ان' ينظ ''ر إلي ''ه كفلكل ''ور وكفن ش ''عبي مبت ''ذل‪.‬‬
‫وهك' ''ذا فيم' ''ا يخص الفن' ''انين الش' ''عبيين‪ ،‬فلق' ''د ظل' ''وا وم' ''ازالوا إلى ح' ''د م' ''ا مهمش' ''ين؛ بحيث ليس هم‬
‫املركز‪ .‬وع سبعينيات القرن املاضي‪ ،‬تمت إع'ادة النظ'ر في التوج'ه املوس'يقي الع'المي بص'عود تعب'يرات‬
‫جدي''دة في بع''دها' الف''ني وال''تي س''وف تفتح لن''ا نقاش''ا مهم''ا ح''ول ال''ذوق املوس''يقي ومفه''وم "الش''عبي"‪.‬‬
‫وهك''ذا تم انتق''ال الش'عبي من بع'ده الفلكل''وري إلى بع'ده اإلب'داعي عن طري'ق القيم واألذواق ال'تي ك''انت‬
‫آن ذاك موج''ودة ال من املوس''يقى أو كلم''ات األغني''ة أو الع''رض الف''ني ب''ل وح''تى اللب''اس والهن''دام‪ ،‬وم''ا‬
‫إلى ذلك ‪...‬‬
‫أيض ''ا في نفس الس ''ياق ح ''ول ال ''ذوق املوس ''يقي فلربم ''ا ب ''العودة إلى اإلب ''داع املغ ''ربي وم ''ع راف ''ق‬
‫ظ ' ''اهرة الغي ' ''وان‪ ،‬يمكن الق ' ''ول كمث ' ''ال فيلم بيض ' ''اوة لعب ' ''د الق ' ''ادر لقط ' ''ع وفيلم "الح ' ''ال" لألحم ' ''د‬
‫املعن''وني ‪ ...‬وال''تي من خالله''ا نكتش''ف س''كان ال''دار البيض''اء كي''ف تول''د ل''ديهم ذوق ف''ني م''ع نم''ط عيش‬
‫للحياة وأن هوامش املدن أصبحت تقدم عمقا حضاريا' ظل غميسا أو مجهوال‪.‬‬
‫يمكنن ''ا ك ''ذلك الح ''ديث على الط ''ابع الش ''عبي ال ''ذي ق ''اوم ك ''ل اش ''كال التهميش‪ .‬وهك ''ذا ج ''اءت‬
‫مح''اوالت رب''ط الجس''ور م''ا بين الش''عبي والعص''ري في أبع''اده املحلي''ة والكوني''ة في إط''ار العوملة‪ .‬وه''ذه‬
‫الروابط هي ما تجعلنا نستنتج أن هناك نقص في سياسة فني''ة واض'حة املع'الم تش''مل ك'ل ه''ذا الش''عبي‬
‫بما فيه املوسيقى‪.‬‬
‫غ' ''ير أن' ''ه من املفي' ''د اإلش' ''ارة إلى أن املغ' ''رب وض' ''ع بعض ب' ''رامج ال' ''دعم خاص' ''ة من' ''ذ حكوم' ''ة‬
‫اليوس ''في حيث ق ''امت وزارة الثقاف ''ة بترس ''يم طلب ع ''روض ض ''من ب ''رامج دعم س ''نويا لفائ ''دة الفن ''ون‬
‫عموما ومنها املوسيقى‪ .‬صحيح أن ما نعيشه اليوم امتداد لهذه املرحلة‪.‬‬
‫فبع' ''د ع' ''ودة الحي' ''اة السياس' ''ية إلى املغ' ''رب‪ ،‬ورف' ''ع حال ' 'ة' االس' ''تثناء ب' ''املغرب وظه' ''ور معاه' ''د‬
‫الثقاف' 'ة' مث ''ل املعه ''د امللكي لتك ''وين األط ''ر الش ''بيبة والرياض ''ة‪ .‬فس ''ابقا ك ''ان برن ''امج التربي ''ة الش ''عبية‬
‫س ''اهم في إنش ''اء وتأس ''يس وظه ''ور مجموع ''ة من الفن ''انين من قبي ''ل فرق ''ة املعم ''ورة ‪ ...‬غ ''ير أن تح ''ول‬
‫التربي ''ة الش ''عبية إلى الثقاف ''ة الش ''عبية أفق ''د ه ''ذه ال ''برامج وهجه ''ا ومس ''اهمتها في ميالد تج ''ارب رائ ''دة‪.‬‬
‫فه''ذه الس''يرورات س''اهمت في بل''ورة ه''ذا الش''عبي ولكن م''ع األس''ف ب''الرغم من وج''ود ه''ذه البني''ات م''ا‬
‫زالت السياس ''ات متع ''ثرة وال يمكنن ''ا الح ''ديث على أن هن ''اك سياس ''ة عمومي ''ة قائم ''ة ال ''ذات في مج ''ال‬
‫الفنون واملوسيقى على الخصوص‪.‬‬
‫إذ يمكن الق''ول بع''د ك''ل ه''ذا ب''أن غي''اب ه''ذه السياس''ة لم تح' ّ'ول الفن عموم''ا واملوس''يقى على‬
‫الخص''وص إلى قط''اع منتج لل''ثروة س''واء في ش''قها املادي أو الالم''ادي‪ .‬ففي ه''ذا اإلط''ار‪ ،‬يص''عب ف''بروز‬
‫سلم للقيم باملعنى املعياري‪ .‬فحسب السوس'يولوجيا واألنثروبولوجي'ا' تبقى القيم الفني''ة مش''كلة قائم''ة‬
‫ال ''ذات في كث ''ير من التعب ''يرات الفني ''ة والثقافي ''ة‪ .‬فق ''د س ''بق وقلن ''ا في البداي ''ة على أن ال ''ذوق واملجتم ''ع‬
‫ي''ؤدي إلى م''ا يمكن أن نس''ميه الجاذبي''ة الثقافي''ة واالجتماعية‪ ،‬وه''و م''ع األس''ف م''ا نفتق''د األش''ياء ال''تي‬
‫تساعد في اكتساب ذوق موسيقي رفيع‪.‬‬
‫إن الذوق هو مسألة تتم تنشئتها وفق َمعايير محددة بحيث أن الدراسات العلمي''ة في تفس'يرها‬
‫ض' 'ح على أن' ''ه يق' ''وم على مجموع' ''ة من الخص' ''ائص املتعلق' ''ة بالثقاف' ''ة‬ ‫لتش' ''كل ال' ''ذوق الف' ''ني عموم' ''ا تو ّ‬
‫وال ' ''دين ثم شخص ' ''ية الف ' ''رد املس ' ''تقلة في إط ' ''ار تنش ' ''ئة اجتماعي ' ''ة معينة‪ .2‬وكم ' ''ا ق ' ''ال ش ' ''وبنهاور أن‬
‫‪2‬‬
‫‪Pierre Bourdieu, la distinction. Ed. Minuit, Paris, 1979.‬‬
‫املوسيقى تح'ررك من اإلرادة يقص'د به'ا تل'ك اإلرادة ال'تي تجعل'ك ت'دخل في ق'والب وخان'ات معين'ة‪،‬‬
‫ولع''ل املث''ل املغ''ربي "ك''ل بش''هوتك‪ ،‬والبس ب''ذوق الن''اس"‪ ،‬ي''بين م''دى ت''دجين ال''ذوق الع''ام‪ .‬كم''ا أن ه''ذه‬
‫الخصائص التي تشكل الذوق ذات صلة وثيقة بتشكل األذن الداخلي''ة أي الس''مع‪ ،‬وبالت''الي' كي''ف يمكن‬
‫للش''خص أن يتم''يز أو يم''يز ه''ذه املوس''يقى جي''دة وأخ''رى رخيص''ة؟ فه''ذا التس''اؤل ي''ؤدي إلى أن ال''ذوق‬
‫املوس''يقي املغ''ربي ذوق م''دجن ألن''ه ذوق غ''ير مطل''ع على أن''واع وأش''كال املوس''يقى العاملي''ة ويخت''ار عن‬
‫اطالع ودراية واختيار‪'.‬‬
‫في إطار تفسير الذوق يقول الباحثون على أن هن'اك فئ''ات لل''ذوق املوس'يقى ‪ :‬فهن''اك فئ''ات من‬
‫مستمعي املوسيقى ولكنه'ا ال تش'عر ب'أي ت'أثير عن'د س'ماع املوس'يقى على اإلطالق‪ ،‬وهن'اك فئ'ات ال ت'ؤثر‬
‫عليه ' ''ا املوس ' ''يقى ال جس ' ''ديا وال عاطفي ' ''ا وه ' ''و م ' ''ا يفس ' ''ر انع ' ''دام التل ' ''ذذ ‪ ...‬وهن ' ''اك فئ ' ''ة من مت ' ''ذوقي‬
‫املوس''يقى‪ .‬فمس''ألة ال''ذوق‪ ،‬مس''ألة تربي''ة وممارس''ات وتكي''ف‪ ،‬وبالت''الي ف''امتالك ال''ذوق مس''ألة تق''وم‬
‫على قدرة األذن املوسيقية في فهم املوسيقى وتغذية الروح عبرها‪.‬‬
‫إن الذوق في نهاية األمر ليس جيدا أو رديئا‪ ،‬إنه متنوع ويتمز ب'االختالف‪ .‬إن'ه ذاتي وشخصي؛‬
‫إذ ي ''بين ردود أفع ''ال الف ''رد وميوالت ''ه بت ''أثر من ح ''وافز مرتبط ''ة بم ''ا يعطي ''ه من مع ''نى له ''ذه املحف ''زات‬
‫ولحواس''ه وأحاسيس''ه‪ .‬وعلن''ا االنتب''اه إلى أن ال''ذوق املوس''يقي ال يع''ني بتات''ا ت''ذوق املوس''يقى (= الذائق''ة‬
‫املوس ''يقية)‪ ،‬ولكن ''ه يبقى الحق ''ل التط ''بيقي له ''ذا ال ''ذوق (ال نقص ''د هن ''ا الذائق ''ة املوس ''يقية ألنه ''ا ذوق‬
‫واع)‪ ،‬والتجاهاته' وكثافته' النسبية بالنظر إلى اإلطار السوسيوثقافي الذي ين'درج ض'منه‪ .‬وبس'مح ه'ذا‬ ‫ٍ‬
‫ال''ذوق املوس''يقي بوض''ع وتحدي''د مالمح الش''كل املوس''يقي لك''ل واح''د‪ ،‬وه''و ش''كل يك''اد يض''اهي الش''كل‬
‫الف'يزيقي (=الجس'دي)‪ ،‬واألخالقي‪ ،‬والس'يكولوجي في مؤش'رات الشخص'ية‪ .‬إذ هن'اك قول'ة تص'رح ‪" :‬ق'ل‬
‫لي ما تسمعه من موسيقى‪ ،‬أقول لك من أنت"‪.‬‬

You might also like