Professional Documents
Culture Documents
-إن أهم ما يميز كتابات هذه النظرية هو سعيها للوصول إلى مبادئ إدارية نظرية
لتكون أساسًا لعمليات التنظيم والتصميم اإلداري وقد جاء دعاة هذه النظرية من بلدان
مختلفة ,حيث إن هنري فايول فرنسي ,وليندال أرويك بريطاني ,أما لوثر جيوليك وموني
ورايلي فهم أمريكيون والذي جمعهم في مدرسة واحدة أنهم كانوا معنيين بالوصول إلى
المبادئ اإلدارية التي تحكم التنظيم في البيئات المختلفة ,وذلك فإن أفكار هذه النظرية
كانت أكثر عمقًا وتجريدًا من نظرية اإلدارة العلمية واسترشد كتابها بالتنظيمات الصناعية
العسكرية وغيرها للوصول إلى هذه المبادئ التي اعتبروها أساسًا إليجاد علم إداري.
لقد تميز هنري فايول عن فريدريك تايلور رغم أنه كان هو اآلخر مهندسًا ,بأنه كان من
بين الكتاب األوائل الذين حاولوا تطوير نظرية عامة لإلدارة ألنه كان يشغل منصبًا إداريا,
بينما كان تايلور يعمل في خط اإلنتاج ,ومن ثم اهتم فايول بوظائف اإلدارة على
المستويات المختلفة ,وحاول يطور نظامًا فكريًا إداريًا يمكن تعليمه ودراسته.
ففي حين شغلت الواليات المتحدة األمريكية وانجلترا بالنتائج التي توصل إليها فريدريك
تايلور لرفع الكفاءة اإلنتاجية للعامل في المصنع ,كانت هناك محاوالت مهمة تجري على
أرض فرنسا بمعرفة هنري فايول رجل الصناعة الفرنسي لوضع نظرية عامة لإلدارة,
اتضحت معالمها في كتابه الذي ظهر في فرنسا عام 1916م تحت عنوان " اإلدارة
الصناعية والعامة ".
ولم يترجم هذا المؤلف الذي نشر بالفرنسية إلى اإلنجليزية حتى عام 1929م في بريطانيا,
وعام 1949م في الواليات المتحدة األمريكية .وإ ن كان جانب من إنتاج فايول قد تضمنته
مجموعة الوثائق التي أصدرها لوثر جوليك وليندال أرويك عام 1937م.
وقد كتب فايول كأحد العاملين باإلدارة ,ومن هنا قدم خبراته الطويلة ومالحظاته المهمة
التي أسهمت في تحديد أسس اإلدارة ,ولعل أهمية كتاباته في الفكر اإلداري الحديث تكمن
في تحليالته العميقة للنشاط اإلداري ,وفي إيمانه القوي بوجود مبادئ لإلدارة تتميز
بعموميتها ,ووجوب تدريسها .فلقد اهتم فايول باإلدارة في قطاع األعمال ,ولما كانت
األصول العامة لإلدارة يمكن أن تسرى في ميداني اإلدارة العامة وإ دارة األعمال ,ونظرًا
للحقائق المهمة التي أبرزها فإننا نقدم ملخصًا آلرائه التي اثرث الفكر اإلداري.
لقد وجد فايول أن النشاط في إدارة األعمال يمكن أن يقسم إلى سنة مجموعات رئيسة, ,
وهي على النحو التالي :
-1النشاطات الفنية ( اإلنتاج والتصنيع).
-2النشاطات التجارية ( المشتريات ,المبيعات والتبادل).
-3النشاطات التمويلية ( الموارد المالية ,االستثمارات والمصروفات).
-4النشاطات األمنية ( الممتلكات واألشخاص).
-5النشاطات المحاسبية تقدير التكاليف واإلحصاءات).
-6النشاطات اإلدارية ( التخطيط ,التنظيم والتوجية ,التنسيق والرقابة).
وقد بين فايول أن هذه المهام تتواجد في كل منظمة مهما كان حجمها .كما أكد على أهمية
النشاطات اإلدارية بالنسبة للوظائف العليا ,فإذا استطاع اإلداري القيام بهذه المهام اإلدارية
فإن قيادته ستكون ناجحة وفعالة.
ولقد تضمن مؤلف فايول موضوعات تعالج النواحي التالية:
- )1صفات اإلداريين وتدريبهم.
- )2األسس العامة لإلدارة.
- )3وظائف اإلدارة.
أوًال :صفات اإلداريين وتدريبهم
يرى فايول أن اإلداريين يحتاجون إلى مجموعة من السمات والصفات الفذة يجب توافرها,
وهي صفات جسمية وصفات ذهنية وصفات أخالقية ,يضاف إليها سعة إطالع المديرين
وثقافتهم العامة .وأشار فايول إلى أن أهمية هذه الصفات نسبية ,وأن القدرات والمهارات
اإلدارية تتزايد أهميتها كلما ارتفع المدير في السلم اإلداري ,في حين تكون القدرات
والمهارات الفنية مهمة في المستويات اإلدارية الوسطى والدنيا.
ثانيًا :األسس العامة لإلدارة
مع تسليم فايول بأن أسس اإلدارة مرنة وال تعبر عن قواعد ثابتة ومحددة ,فقد وضع
أربعة عشر ( . )14مبدأ من مبادئ اإلدارة التي توصل إليها نتيجة مشاهداته وخبراته
مؤكدًا أنها تتضمن حسن أداء المدير لدوره إذا ما التزم بها وسار عليها ,وهذه المبادئ هي
:
-1تقسيم العمل :ينتج تقسم العمل عن تطبيق مبدأ التخصص الذي نادي به
االقتصاديون كضرورة لالستخدام األمثل للقوى العاملة ,ويرى فايول انطباق هذا المبدأ
على جميع أنواع النشاطات اإلدارية والفنية.
-2السلطة والمسؤولية :أوضح فايول االرتباط الوثيق بين السلطة والمسؤولية ,وأن
األخيرة موزاية للسابقة منبثقة عنها ,ويرى فايول السلطة مزيجا من السلطة الرسمية
المستمدة من المنصب الرسمي واختصاصاته ,والسلطة الشخصية التي قوامها الذكاء
والخبرات والخلق القويم والقدرة على القيادة.
:وهي في نظر فايول احترام االلتزامات الهادفة الى تحقيق -3اإللتزام بالقواعد
الطاعة والتنفيذ ومظاهر االحترام ,ويقرر فايول أن تحقيق النظام يرتبط بوجود مديرين
على درجة علية من الكفاءة في جميع المستويات.
-4وحدة األمر :وهذا يعني أن يكون لكل موظف رئيس واحد يتلقى منه األامر
والتوجيهات ويرفع إليه التقارير.
-5وحدة اإلتجاه :ذلك أن كل مجموعة من النشاط متحدة الهدف يجب أن يكون لها
رئاسة واحدة وخطة واحدة ,وتختلف عن سابقتها في أنها تهتم بالنشاط ال باألفراد.
-6خضوع األفراد للمصلحة العامة :وهذا المبدأ يتطلب من اإلدارة التدخل حينما
تتعارض مصالح العاملين مع المصالحة العامة أو األهداف العامة للمنظمة ,وذلك من أجل
المحافظة على استقرار التنظيم واستمراريته.
-7المكافآت :يقضى هذا المبدأ بأن تكون الرواتب والمكافآت عادلة ومجزية لجميع
العاملين في جميع المستويات.
-8المركزية :ويقصد بها مدى تركيز السلطة أو توزيعها ,وهذا المدى يتختلف من
منظمة ألخرى ,وتحكمة ظروف وعوامل متداخلة في الموقف اإلداري ,ويجب أن يكون
هناك نقطة توازن بين المركزية المطلقة والمركزية الكاملة.
-9تسلسل القيادة :يرى فايول تدرج مستويات القيادة في التنظيم بشكل هرمي.
-10النظام :ويقصد به فايول وضع كل شيء وكل شخص في مكانه ويقسمه فايول إلى
قسمين ،نظام مادي يعني بوضع اآلالت واألدوات والمعدات في مكانها المناسب لمصلحة
العمل ,ونظام اجتماعي يتهم بوضع كل شخص في المكان المناسب ,كما يتهم بتنسيق
الجهود ,وتحقيق االنسجام بين نشاطات الوحدات المختلفة في التنظيم.
-11العدالة :يجب أن يعامل جميع العاملين معاملة واحدة بهدف الحصول على والئهم
وانتمائهم ,وأن يلتزم كل منهم بأداء واجباته وأن يحصل كل منهم على حقوقه كافه.
-12االستقرار الوظيفي :ينص هذا المبدأ على أهمية استقرار الموظف في عملة,
كما يؤكد على أن المنظمات الناجحة هي المنظمات المستقرة.
-13المبادأة :المبادأة عند فايول تعني المبادرة إلعداد الخطط وكيفية تنفيذها ,ويطالب
فايول الرؤساء بإعطاء الفرصة للمرؤوسين لممارسة المبادأة في العمل وأبدا المقترحات
وتنمية روح اإلبتكار.
-14العمل بروح الفريق :يوضح هذا المبدأ أهمية العمل الجماعي وأهمية
االتصاالت الفعالة ,والتعاون بين الرئيس والمرؤوسين بما يكفل أداء األعمال بكفاءة
وفاعلية .وهو مايرتبط بقدرة القائد اإلداري على التأثير في سلوك العاملين.
ثالثًا :وظائف اإلدارة :حيث يرى فايول أن وظائف اإلدارة تشمل على :
- )1التخطيط
- )2التنظيم
- )3التوحيه
- )4التنسيق
-)5الرقابة
وقد كرس هنري فايول جانبًا من اهتماماته كممارس لإلدارة لمناقشة هذه الوظائف .وقد
كان ألفكاره وما تركته من أثر مميز في الفكر اإلداري – سواء في فرنسا أو غيرها –
أهمية ال تقل عن أهمية األثر الذي تركته أفكار فريدريك تايلور في الفكر اإلداري
األمريكي.
المطلب الثالث :النظرية البيروقراطية ماكس ويبر
اعتبر نظرية البيروقراطية كما وصفها ماكس ويبر هي البداية لنظرية التنظيم العلمية ,وقد
هدف فيبر من نظريته عن البيروقراطية إلى وصف الجهاز اإلداري للتنظيمات وكيف
يؤثر على األداء والسلوك التنظيمي.
وكان ويبر يقصد بتعبير البيروقراطية أن يصف النموذج المثاليللتنظيم والذي يقوم على
اساس من التقسيم االداري والعمل المكتبي.
ويعتبر مفهوم البيروقراطية من المفاهيم الغامضة نسبيًا لما تتضمنه من معان متعددة ,وفق
الهدف من استعماله ,وذلك أن مصطلح البيروقراطية ( )Bureaucracyيتكون من كلمتين
Bureauبمعنى مكتب و Cracyبمعنى حكم ,والكلمة في مجموعها تعني سلطة المكتب
أو حكم المكتب ,وبعبارة أخرى فإن البيروقراطية تعني أسلوب ممارسة العمل اإلداري من
خالل التنظيم المكتبي الذي يكتسب سلطته من خالل هذا التنظيم ,ومن جهة أخرى ,فإن
كلمة Bureaucratsتعني الموظفين المكتبيين ,أي الذين يعملون في الوظائف المكتبية
واإلدارية في المكاتب الحكومية.
وتتعدد معاني المفهوم في االستعماالت التي شاع فيها ,فعلى سبيل المثال :
-1قد تعني البيروقراطية تنظيما إداريا ضخمًا يتسم بخصائص ومميزات معينة
-2وقد تعني مجموعه اإلجراءات التي يجب إتباعها في مباشرة العمل الحكومي بصورة
عامة داخل المكاتب أو التنظيمات اإلدارية.
-3وقد تستعمل البيروقراطية السلطة التي يمارسها الموظف العام ,أو التنظيم اإلداري
الحكومي.
-4وقد تعني البيروقراطية الدورالذي يمارسه الموظفون العموميون في إطار النظام
السياسي وذلك لتنفيذ السياسة العامة في الدولة.
- 5يمكن النظر إلى البيروقراطية من خالل خصائص بناء التنظيم على أساس أنها
مرادفة لمفهوم بناء السلطة الهرمية ( )Hierarchicalفي التنظيم اإلداري والذي يتحقق
فيه تقسيم واضح للعمل.
-6هناك اتجاه يقول بأن البيروقراطية نمط معين من السلوك الذي يعتمد على
القواعدواإلجراءات المحددة سلفًا.
- 7قد تتحدد فكرة البيروقراطية على أساس أنها تعني ذلك التنظيم الذي يحقق أكبر قدر
من الكفاية في اإلدارة وفي تحديد الوسائل التي تحكم التنظيم االجتماعي بدقة.
-8قد يعني مفهوم البيروقراطية معنى آخر يتسم بالسلبية حيث تعتبر البيروقراطية
مصدرًا للروتين وتعقيد اإلجراءات وصعوبة التعامل مع الجماهير.
ويرى ماكس فيبر أن التنظيم البيروقراطي المثالي يقوم على األسس التالية:
-1هناك مجاالت للتخصص الوظيفي محددة رسميًا وثابته ,وتنظم القواعد واللوائح
عملية تجديد تلك المجاالت الوظيفية.
-2توزع النشاطات واألعمال الالزمة لتسيير دفة التنظيم البيروقراطي على أعضاء
التنظيم باعتبارها واجبات رسمية وبطريقة ثابتة ومحددة.
-3توزع السلطة الالزمة إلعطاء األوامر بتنفيذ الواجبات المحددة بشكل رسمي ثابت
ووفقًا لقواعد واضحة ومحددة ,وتحدد هذه القواعد مدى السلطة التي تمح لكل موظف,
ونوع تلك السلطة.
-4هناك طرق وأساليب محددة للعمل وتنفيذ المهام والواجبات وبالتالي ال يعين في
التظيم البيروقراطي إال من كان مؤهًال ألداء تلك المهام.
-5ينقسم التنظيم البيروقراطي إلى عدة مستويات متخذا شكًال هرميًا وبالتالي يوحد
نظام حاسم ودقيق من الرئاسة ,حيث تشرف المستويات العليا من التنظيم البيروقراطي
على أعمال ونشاطات المستويات الدنيا .ويسمح هذا النظام للعاملين أو المرؤوسين بأن
يتظلموا من قرارات أحد الرؤساء إلى المستوى اإلداري األعلى منه بطريقة منظمة
ومحددة ,ويسود هذا التنظيم الهرمي أشكال التنظيمات الضخمة كافة ,العامة والخاصة على
حد السواء.
- 6تعتمد إدارة التنظيم البيروقراطي على المستندات وبالتالي يوجد جهاز من الموظفين
والكتبة مهمتهم االحتفاظ بالوثائق والمستندات ,وعلى هذا األساس يرى فيبر أن مجموعة
العاملين بقسم معين ومايستخدمونه من معدات ووقائق (ملفات) يكونون مكتبًا.
-7يفصل التنظيم البيروقراطي المكتب عن النشاط الخاص للموظف ,بمعنى أن العمل
البيروقراطي يجب أن ينفصل ويبتعد عن حياة الموظف الخاصة ,وعلى هذا األساس فإن
األموال العامة والمعدات الخاصة بالتنظيم يجب أن ُتفصل تماما عن الملكية الشخصية
للموظف.
- 8إن اإلدارة المكتبية تحتاج إلى خبرة ومران وتدريب ,ومن ناحية أخرى فحين يكتمل
التنظيم فإنه يتطلب عادة كل نشاط وجهد الموظف حتى ولو كانت ساعات عملة محددة
بمعنى أن العمل الرسمي يأتي في المقام األول بالنسبة لوقت الموظف وال يمكن تأخيره
ألداء أعمال خاصة.
-9تطبق اإلدارة في هذه المنظمات قواعد وتعليمات للعمل وتتصف بالشمول والعمومية
والثبات النسبي ,كذلك تستخدم اإلدارة أنواع القواعد والتعليمات التي يمكن للموظف تعلمها
وفهمها ,كلما زاد فهم الموظف لتلك القواعد واإلجراءات كلما ارتفعت خبرته وكفاءته.
وتلك هي خصائص التنظيم البيروقراطي كما رسمها ماس فيبر في أوائل هذا القرن وتدل
على اهتمامه بتقديم نظرية مثالية تحدد نمط العمل والسلوك الواجب في التنظيم المثالي.
ومن ثم ,فإن ماكس فيبر يقصد بالبيروقراطية وصف التنظيم اإلداري الضخم وما يتضمنه
من قواعد وتأثيره في اإلدارة والسلوك التنظيمي ,كل ذلك في إطار مايجب أن يكون ,كما
يعدد مزايا كثيره للتنظيم البيروقراطي ,أهمها :السرعة ,اإلنضباط ,االستقرار ,
االستمرارية ,الدقة في تطبيق مبدأ التخصص ,تقسم العمل ,المعرفة في مسائل المستندات,
الوضوح التام في خطوط السلطة وتسلسلها الهرمي ,الخضوع الكامل للرؤساء ,تخفيض
اإلحتكاك بين األفراد وتخفيض التكلفة اإلنسانية واالقتصادية للعمل.
مما سبق ,يتضح أن تفكير ماكس فيبر عن البيروقراطية يختلف تمامًا عن المفاهيم الشائعة
عنها والتي تربط بينها وبين انخفاض الكفاءة ,وتعقيد اإلجراءات في األجهزة الحكومية
وصعوبة التعامل مع الجماهير.