You are on page 1of 8

‫ثالثًا ‪ :‬االنتقادات التي وجهت للنموذج البيروقراطي‪:‬‬

‫أدت االنتقادات والنظرة السلبية إلى نموذج فيبر للبيروقراطي ة إلى ظه ور نظري ات بيروقراطي ة‬
‫جزئية حديثة تغطي ثغرات نموذج فيبر المثالي للبيروقراطية أو تنقضه بشكل كامل‪ .‬حيث برزت‬
‫بعض االتجاهات الفكرية وفق دراسات باحثين كبار ترى أن نموذج فيبر غير عملي وغير صالح‬
‫لوصف ما يح دث في التنظيم ات القائم ة بالفع ل‪ .‬حيث اعتم دت ه ذه النظري ات على خص ائص‬
‫نموذج فيبر – والتي أشرنا أعاله – م ع ادخ ال التع ديالت ال تي رأته ا ه ذه االتجاه ات الفكري ة‬
‫ضرورية‪ .‬ومن بين هذه االتجاهات الفكرية هي ما قدمها ميرتون‪ ،‬وجولد ن ر‪ ،‬وك وزير‪ ،‬ودون ز‪،‬‬
‫وباركنسون‪ ،‬ولورانس‪ ،‬وجامون‪ ،‬وسنناقشها كلها بالترتيب‬

‫(المنيف‪ ،2017 ،‬ص ‪)103‬‬

‫نبدأ مع روبرت ميرتون‪ ،‬حيث أنه كان من أوائل من تنبهوا لنقاط ضعف في نموذج فيبر المث الي‬
‫وعمل على تطويره من خالل ادخال العنصر البشري (المشاعر والقدرة البش رية) وال ذي يغطي‬
‫ثغرات السلوك البيروقراطي في نموذج فيبر‪ ،‬ومن االنتق ادات ال تي وجهه ا م يرتون الى نم وذج‬
‫فيبر كانت ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬استقرار السلوك البيروقراطي للفرد سيؤدي إلى جمود التنظيم (ع دم المرون ة ال ذي ذكرن ا‬
‫معناه أعاله) ‪ ،‬حيث يأتي الجمود بسبب االلتزام التام للعاملين في المؤسسة باألنظمة والتعليم ات‬
‫وهذا يعني زيادة الروتين وزيادة الرقابة والتفتيش وضياع المال العام على ه ذه الرقاب ة ب دًال من‬
‫أن يصبو باتجاه تحقيق غرض (أهداف) المنظمة التي أنشئت ألجل تحقيقه‪.‬‬

‫‪ .2‬التركيز على االلتزام باألنظمة والتعليمات والرقابة والتف تيش عليه ا أك ثر من الترك يز على‬
‫الغرض الذي أنشئت المنظمة لتحقيقه‪ ،‬ما ي ؤدي إلى تغلب الوس ائل على الغاي ات‪ ،‬أي أن ال تزام‬
‫الموظف بهذه األنظمة والتعليمات والقواعد سيصبح تدريجيًا هو الغاية لهذا الموظ ف م ع م رور‬
‫الوقت وسينسى الموظف الغاية األساسية للمنظمة والداعي لوجودها من األساس‪.‬‬

‫‪ .3‬تعميم التصرفات والسلوكيات الجيدة في مواق ف معين ة على مواق ف أخ رى ق د ال تناس بها‬
‫نفس تل ك التص رفات والس لوكيات‪ ،‬حيث أن نم وذج في بر ال يأخ ذ باالعتب ار البيئ ة الخارجي ة‬
‫وتأثيرها على المنظمة او التغيرات التي تحدث بها عند تعميم تلك التصرفات او السلوكيات‪.‬‬

‫‪ .4‬أدى نموذج فيبر إلى التقليل من وجود العالقات الشخص ية بين أعض اء الفري ق الواح د في‬
‫نفس المؤسسة أو حتى انعدامه‪ ،‬وذلك بسبب أن كل فرد له تعليم ات خاص ة والعم ل مقس م بن اًء‬
‫على التخصص وبشكل هرمي ومركزي‬

‫(المنيف‪ ،2017 ،‬ص ‪.)104 - 103‬‬


‫ويرى جولدنر أن التنظيم المشار إليه في نموذج فيبر يضع نظامًا للرقاب ة للمحافظ ة على ت وازن‬
‫واستقرار التنظيم‪ ،‬ولكنه يؤدي في النهاية إلى خلل بتوازنه واستقراره بحد ذاته‪ .‬وذلك بس بب أن‬
‫المستويات العلي ا في التنظيم الب يروقراطي حس ب نم وذج في بر ت رغب في الرقاب ة على أعم ال‬
‫وسلوك العاملين من خالل وضع قواعد وتعليمات وإجراءات عمل‪ .‬وتكون محص لة ه ذه الرقاب ة‬
‫في نموذج فيبر للبيروقراطي ة ازدي اد الت وتر والص راع ال داخلي في المؤسس ة وبالت الي اختالل‬
‫التوازن التنظيمي والبعد عن أهداف المؤسسة الحقيقية‪ ،‬وذلك يرجع لألسباب التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬تقليص العالقات الشخصية بين العاملين في المنظمة إلى الحد األدنى‪ ،‬بسبب تقسيم العمل‪.‬‬

‫‪ .2‬قلة وضوح الفروق بين اإلدارات واألقسام‪ ،‬بسبب أن الجميع يخضع لنفس القواعد‪.‬‬
‫‪ .3‬قبول األوامر الرسمية من المشرفين بإيجابياتها وسلبياتها بحكم مناصبهم‪ ،‬وذلك يؤدي الحقًا‬
‫إلى ظهور نتائج وس لوكيات غ ير متوقع ة وغ ير مرغوب ة‪ .‬ومن تل ك النت ائج والس لوكيات غ ير‬
‫المتوقعة وغ ير المرغوب ة تقوق ع س لوك األف راد وجم وده‪ ،‬مم ا ينتج عن ه الح د من العم ل دون‬
‫محاولة بذل جهد أعلى م ا ي ؤدي إلى انخف اض في اإلنج ازات الفعلي ة واإلنتاجي ة واالبتع اد عن‬
‫تحقيق األهداف المنشودة للمنظمة‪( .‬وبالطبع انخفاض المبادرة واالبتكار والتفكير اإلبداعي)‬

‫‪ .4‬اعتقاد اإلدارة العليا للمنظمة بأن فشل المنظمة في تحقيق أه دافها يع ود إلى الع املين‪ ،‬مم ا‬
‫يؤدي إلى انعدام شعور هؤالء العاملين باألم ان ال وظيفي أو ب الوالء ويس عى ك ل عام ل لتحقي ق‬
‫أهدافه الشخصية‬

‫(المنيف‪ ،2017 ،‬ص ‪.)106 - 105‬‬

‫كما انتقد الفرنسي كروزير نموذج فيبر بدراسة لظاهرة نموذج البيروقراطي ة في فرنس ا‪ ،‬اعتم د‬
‫فيه ا على بيان ات ق ام بتحص يلها مي دانيًا وحلله ا احص ائيًا لمش روعين من المش اريع العام ة في‬
‫فرنسا‪ .‬وخلص كرويز إلى أن نموذج فيبر للبيروقراطية هو ظاهرة للروتين والتعقيد والجمود في‬
‫المنظمات الفرنسية‪ .‬وعرف كروزير الروتين بالحلقة الجهنمية وأوض ح أن ذل ك يع ود لألس باب‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬ع دم ش عور الم وظفين باالنتم اء للمؤسس ة وع دم اك تراثهم بالمحافظ ة على ممتلك ات‬
‫المؤسسة‪ ،‬مما يقود إلى ضياع أموال أو مستندات عامة‪.‬‬

‫‪ .2‬عدم ادراك العاملين ألهداف المؤسسة التي وجدت ألجلها‪.‬‬

‫‪ .3‬عدم وح دة الع املين‪ ،‬وانع زالهم عن بعض هم البعض بس بب الح د من العالق ات الشخص ية‬
‫بينهم‪ .‬مما يؤدي إلى منافس ة شرس ة بينهم ينع دم معه ا العم ل الجم اعي ويس ود ش عور األناني ة‬
‫والسعي لتحقيق األهداف الشخصية‪.‬‬
‫‪ .4‬تركيز المسؤوليات وسلطة اتخاذ القرار في المؤسسة في أيدي فئة قليلة توجد في مستويات‬
‫اإلدارة العليا فقط‪ ،‬وذلك يؤدي لزيادة أثار الروتين السلبية التي تتجلى بوضوح بتعامل الم وظفين‬
‫في المستويات الدنيا مع المراجعين والمستفيدين يوميًا بشكل سلبي‪ ،‬وتنفي ذهم لألعم ال الرس مية‬
‫دون المستوى المأمول من الكفاءة والجودة والفاعلية‪ ،‬وتحصيلهم لمعلومات هامة من المس تفيدين‬
‫ولكن ال يستفيدون منها بتحسين العمل واألنظمة بسبب أنهم ال يملكون الس لطة للتعام ل م ع ه ذه‬
‫المعلومات الهامة او اتخاذ القرار بشأنها وتصبح معلومات متراكمة هامة مهملة‪.‬‬

‫‪ .5‬قيام المسؤولين الذين لديهم صالحية اتخاذ القرار باتخاذ قرارات غ ير مناس بة بس بب ع دم‬
‫احاطتهم بتلك المعلومات الهامة المتراكمة لدى الموظفين في المس تويات ال دنيا وال تي ك انت من‬
‫الممكن ان تفهمهم الموقف جيدًا التخاذ القرار األنسب‪.‬‬

‫وبالنسبة لمظاهر التعقيد والجم ود في المؤسس ة‪ ،‬أوض ح كروزي ر عناص ر الض عف التالي ة في‬
‫نموذج فيبر للبيروقراطية‪:‬‬

‫‪ .1‬عدم رغبة الموظف في تحمل المسؤولية او المبادرة او اتخاذ قرار ما يراه مناسبًا بسبب أن‬
‫ذلك سيؤدي إلى اهتزاز استقرار الموظف وعدم شعوره باألمان الوظيفي‪ ،‬بسبب أن ه حين يفع ل‬
‫ذلك قد يخالف القواعد والتعليم ات‪ .‬ول ذلك ي ترك ه ذه المخ اطر لمن هم في المس تويات القيادي ة‬
‫العليا الذين لديهم سلطة تقديرية للمواقف‪.‬‬

‫‪ .2‬انخف اض إنتاجي ة الع املين وت دهور روحهم المعنوي ة بس بب التمس ك حرفي ًا بالقواع د‬
‫والتعليمات‪.‬‬

‫‪ .3‬صعوبة التكيف مع المشاكل والظروف المتغيرة مما يزيد الفجوة بين المؤسسة والمستفيدين‬
‫منها‪.‬‬

‫‪ .4‬زيادة الرقابة على االلتزام بالقواعد والتعليمات المؤسسية مما يزي د الجم ود‪ ،‬وب دوره يزي د‬
‫المشاكل والفجوة مع جمهور المستفيدين‬

‫(المنيف‪ ،2017 ،‬ص ‪.)107 - 106‬‬


‫وبالنسبة لألمريكي داونز‪ ،‬قام بإجراء دراس ة لنم وج البيروقراطي ة األمريكي ة والح ظ فيه ا ميًال‬
‫طبيعيًا نحو النمو واالتساع والمحافظة المستميتة على البقاء واالستقالل‪.‬‬

‫ولكن ي رى داون ز أن األنظم ة البيروقراطي ة ق د انح رفت عن النظري ة األساس ية لنم وذج في بر‬
‫المث الي وأخ ذت تس توعب وت دخل الج انب اإلنس اني في النم وذج وأص بحت تهتم بالعالق ات‬
‫الشخص ية‪ .‬وع رف داون ز ذل ك بأن ه االتج اه الح ديث للبيروقراطي ة‪ ،‬حيث أن ه ذا المي ل يمث ل‬
‫انحرافًا اساسيًا عن النظري ة األساس ية لنم وذج في بر للبيروقراطي ة ال ذي ينك ر وج ود تح يزات‬
‫شخصية في العمل‪ ،‬ويفصل بشكل تام بين الواجبات الرس مية والمص الح والعالق ات الشخص ية‪.‬‬
‫وبناًء على ذلك‪ ،‬وأوضح داونز عناصر الضعف التالي ة فيم ا يخص الرقاب ة حس ب نم وذج في بر‬
‫البيروقراطي ووضعها كأساس لتطوير نموذجه الذي أسماه البيروقراطية الحديثة‪:‬‬

‫‪ .1‬ج انب كب ير من الم وارد والنش اط في المؤسس ة ال يتم اس تغالله لص الح تحقي ق األه داف‬
‫المنشودة‪ ،‬حيث يتم استعماله في الرقابة والتي ممكن القيام بها من خالل نظريات أخرى كنظرية‬
‫اإلدارة العلمية‪.‬‬

‫‪ .2‬وجود صعوبة بالغة في مراقبة سلوك العاملين مراقبة مثالية‪.‬‬

‫‪ .3‬كلما كبرت المؤسسة قلت فاعلية وكفاءة رقابتها‪.‬‬

‫‪ .4‬كلما كبر حجم المؤسسة أصبح التنسيق الداخلي أقل‪ ،‬نظرًا لظهور طبقات وإدارات جديدة‪.‬‬

‫‪ .5‬كلما زادت جهود الرقابة زادت معها جهود الموظفين في إيجاد فجوة لإلفالت‪.‬‬

‫ازدواجية الرقابة وتعدد أجهزتها‪ ،‬مما يقلل فعالية الرقابة وتداخل أنشطتها ويص رف الم ال‪. 6.‬‬
‫‪.‬العام بعيدًا عن تحقيق أهداف المصالح الحكومية‬

‫كما بين داونز في كتابه "في داخل البيروقراطية" أن السلوك اإلنساني والنفس البشرية أعلى من‬
‫أن تشمل في سلوك بيروقراطي روتيني وجامد‪ ،‬وأن السلوك اإلنساني ال يمكن تحديده أو قياس ه‬
‫أو وضع افتراضات يقينية عليه‪ ،‬وال يمكن أيضًا وضعه في إطار محدد‪ .‬وخلص داونز في كتاب ه‬
‫إلى أن االنحرافات التي ظهرت باتجاه السلوك اإلنساني عن السلوك البيروقراطي المثالي لفي بر‬
‫تمثل أدلة يقينية على فشل نظرية فيبر للنموذج البيروقراطي في اس تيعاب العنص ر البش ري في‬
‫نموذجه‪ .‬وأوضح ذلك في ثالث فرضيات‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬يتجه جميع الموظفين إلى تحقيق أه دافهم الشخص ية منطقي ًا‪ ،‬أي أن ه دفهم الحص ول على‬
‫أعلى حد ممكن لمنفعتهم الشخصية‪.‬‬

‫‪ .2‬كل موظف لديه دافع كبير لتحقيق مصلحته الشخصية‪ ،‬مما يؤدي إلى ظهور أه داف عدي دة‬
‫معقدة لدى أفراد المنظمة الواحدة‪.‬‬

‫‪ .3‬تؤثر العالقات االجتماعية في أي منظمة على هيكلها التنظيمي‪ ،‬مما يؤدي إلى ظهور هيك ل‬
‫تنظيمي غير رس مي "الش للية"‪ ،‬والعكس ص حيح‪ .‬أي التنظيم غ ير الرس مي ال ذي ظه ر بس بب‬
‫العالقات الشخصية "الشللية" يؤدي الحقًا إلى وجود تنظيم رسمي هيكلي في المؤسس ة‪ ،‬وك ذلك‬
‫دواليك‪ .‬وهذا أمر طبيعي ومرغوب فيه لتحسين فاعلية وكفاءة المنظمة‬

‫وقال داونز‪" :‬إن الوظيفة التي يؤديها موظف البيروقراطية تحتوي على خدمات له ا قيم ة معين ة‬
‫لدى المستفيدين‪ ،‬أي المتعاملين مع تلك المصلحة الحكومية‪ ،‬ألن هذه الخ دمات تحق ق مص الحهم‬
‫الشخصية‪ ،‬ونتيجة ذل ك ف إن موظ ف البيروقراطي ة يق وم بتق ييم ه ذه الخ دمات ويس عى لتحقي ق‬
‫مصلحته الشخصية بالمقابل بأي وسيلة ممكنة"‪.‬‬

‫(المنيف‪ ،2017 ،‬ص ‪.)114 - 107‬‬

‫وخلص باركنسون إلى أن العمل حسب النموذج البيروقراطي لفيبر يتوسع ليمأل ال وقت المت وفر‬
‫إلنجازه (أي أن العمل يتوسع بمهام غير هامة او يمكن اهمالها أو أعمال ثانوية‪ ،‬وهو اشارة من ه‬
‫إلى عدم كفاءة النموذج وبطئه وضعف انتاجيته بسبب اإلجراءات الطويلة والطبقي ة غ ير الهام ة‬
‫والتي من األفضل اهمالها وتجاوزها‪ .‬كما يعود ذلك ألن نموذج فيبر المثالي يل زم الموظ ف بع دد‬
‫ساعات معين يقضيه في المكتب سوآءا أنهى أعماله أم لم ينهيها‪ ،‬ما سيجعل الموظف يقوم عن وًة‬
‫بالتس ويف وتأجي ل األعم ال األساس ية الهام ة)‪ ،‬وه و م ا ع رف الحق ًا بـ "ق انون باركنس ون"‬
‫(وضرب مثاًال لذلك بأ ن سيدة مسنة تكتب بطاق ة بريدي ة لحفي دها وتس تيقظ ب اكرًا وتع رف ب أن‬
‫ساعي البريد سيأتي في نهاية اليوم‪ ،‬ونظًر ا ألن ليس لديها أي عمل أخر تقوم ب ه بوقته ا الطوي ل‬
‫هذا‪ ،‬فإن هذه المهمة البسيطة التي قد تستغرق معها عشرة دقائق فقط س تهتلك به ا يومه ا ك امًال‬
‫لعدم وجود عمل اخر لديها تقوم به ولمعرفتها انه ما زال معها الكثير من الوقت حتى يأتي ساعي‬
‫البريد‪.).‬‬

‫وكما خلص ل ورانس إلى أن ه في منظم ة هرمي ة تتب ع نم وذج في بر المث الي للبيروقراطي ة يمي ل‬
‫الموظ ف إلى االرتق اء إلى مس تواه في ع دم الكف اءة‪ ،‬أي أن ذل ك يح دث من خالل ارتقائ ه في‬
‫المؤسس ة بس بب انقض اء م دة قانوني ة مح ددة في التعليم ات واألنظم ة دون اهتم ام المؤسس ة‬
‫بمستوى كفاءته وفاعليته لتحقيق أهدافها واالرتق اء بن اًء على ذل ك (أي الترقي ة حس ب األقدمي ة‬
‫وذلك من خالل الترقية بعد انقضاء مدة زمنية محددة وليس بس بب الج دارة او الكف اءة) ‪ ،‬ول ذلك‬
‫أس مها االرتق اء إلى مس توى ع دم الكف اءة ألن الموظ ف يجاب ه الحق ًا بع د ارتقائ ه مس ؤوليات‬
‫وأنشطة ال تتالءم مع مؤهالته وقدراته وكفاءته‪.‬‬

‫ونجد أيضًا أن غامون خلص إلى أن زيادة النفقات في النظ ام الب يروقراطي على الرقاب ة ت ؤدي‬
‫إلى انخفاض في اإلنتاجية لعدم تركيز المؤسسة على الغاية الرئيسية من وجوده ا‪ ،‬ومن هن ا أتي‬
‫بمقولة‪" :‬أن العمل غير المجدي يؤدي إلى القضاء على العمل المجدي"‪ ،‬أي اهتمام المؤسسة في‬
‫االلتزام الصارم التام باألنظمة والتعليمات بدًال من السعي نحو تحقيق الغاية التي انشئت ألجلها‪.‬‬

‫(المنيف‪ ،2017 ،‬ص ‪.)118 - 115‬‬

‫وبناًء على بحوث هذه المجموعة من الباحثين المذكورة أعاله‪ ،‬يظهر جلي ًا وج ود ثغ رات كب يرة‬
‫في نظرية فيبر للنموذج البيروقراطي أو حتى تنقض ها تمام ًا‪ ،‬مم ا أدى لظه ور نظري ات جدي دة‬
‫اخذت في الحسبان ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬االعتراف بوج ود التنظيم ات غ ير الرس مية في المؤسس ات "الش للية" وأن له ا أث رًا على‬
‫التنظيمات الرسمية‪ ،‬وبالتالي يجب محاولة دمجها في التنظيمات الرسمية للمؤسسة لالستفادة من‬
‫تأثيرها إيجابيًا على السلوك والثقافة المؤسسية‪.‬‬

‫‪ .2‬مراعاة القدرة البشرية والعالقات اإلنسانية‪ ،‬العنصر اإلنساني‪ ،‬في النظريات الجديدة‪ .‬وذلك‬
‫ألن االنسان ليس بآلة وله مشاعر يهمه ا وج ود عالق ات شخص ية ول ه ق درة معين ة على تحم ل‬
‫العمل وسعة معرفة محددة وأنه ال يمكن تواجده فيزيائيًا في أكثر من مكان في نفس الزمان‪.‬‬

‫‪ .3‬أهمية تفويض الصالحيات إلى المستويات الدنيا‪ ،‬أي الالمركزية‪ ،‬في اتخ اذ الق رارات على‬
‫أساس يخدم الجميع‪.‬‬

‫‪ .4‬االلتزام التام في القواعد والتعليمات قد يؤدي إلى ع دم معرف ة التص رف في مواق ف معين ة‬
‫تفرض ها الطبيع ة أو الظ روف الق اهرة‪ ،‬مم ا أدى الحق ًا إلى ظه ور نظري ة الموق ف‬
‫‪ Contingency theory‬لزي ادة الس لطة التقديري ة للم وظفين بالمس تويات الوس طى وال دنيا‬
‫لتطبيق األنظمة أو تجاوزها أو تفسيرها أو عدم تطبيقها‪.‬‬

‫(المنيف‪ ،2017 ،‬ص ‪.)118‬‬

‫لمنيف‪ ،‬إبراهيم‪ .)2017( .‬تطور الفكر اإلداري المعاصر‪ .‬ط ‪ .3‬مجلة المدير‪ .‬الرياض‪ .‬المملكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬

‫إيجابيات النظرية البيروقراطية‬


‫‪ .1‬تقسيم العمل‬

‫تقسيم العمل يجعل العمل أسهل؛ ويؤدي إلى التخصص‪.‬‬

‫‪ .2‬الكفاءة‬

‫يتم تنفيذ العمل بكفاءة تحت إشراف المديرين المباشرين في التسلسل الهرمي‪.‬‬

‫‪ .3‬المساءلة والشفافية‬

‫يمكن للمواطنين العاديين تحميل المسؤولين الحكوميين والموظفين المس‪++‬ؤولية عن األفع‪++‬ال ال‪++‬تي يقوم‪++‬ون‬
‫بها في سياق القيام بمهامهم‪ ،‬فالمنظمة مسؤولة في حالة حدوث خطأ ما‪.‬‬

‫‪ .4‬صنع القرار‬

‫يتم تس‪++‬ليم الق‪++‬رارات بش‪++‬كل ع‪++‬ام للم‪++‬وظفين من قب‪++‬ل م‪++‬ديريهم المباش‪++‬رين‪ ،‬وه‪++‬ؤالء الم‪++‬ديرين يتس‪++‬لمون‬
‫القرارات من قبل أولئك الذين فوقهم في التسلسل الهرمي‬

‫‪ .5‬القواعد واللوائح‬
‫مجموعة القواعد واللوائح التي يتم تحديدها بوضوح في معظم الحاالت تجعل االمتثال لها ش‪++‬رًط ا أساس ‪ً+‬يا‬
‫في الهيكل البيروقراطي‪ ،‬مما يقلل من نطاق عدم االلتزام بإطار القواعد والبروتوكوالت‪.‬‬
‫‪ .6‬سهولة اإلدارة‬

‫البيروقراطية تجعل اإلدارة أسهل؛ حيث يتم ت‪++‬رتيب المنظم‪++‬ة بش‪++‬كل أك‪++‬ثر عقالني‪++‬ة في التسلس‪++‬ل اله‪++‬رمي‬
‫الهيكلي؛ ففي الهيك‪++‬ل الب‪++‬يروقراطي‪ ،‬يك‪++‬ون أس‪++‬هل بس‪++‬بب الحجم الكب‪++‬ير للمنظم‪++‬ة أن يتم الرقاب‪++‬ة من قب‪++‬ل‬
‫اإلدارة‪ ،‬وإجراء التعديالت الالزمة عند االقتضاء‪ ،‬وإدخال مجموعة جديدة من القواعد حس‪++‬ب المتطلب‪++‬ات‬
‫من وقت آلخر‬

‫‪https://www.business4lions.com‬‬

‫لمحة عن هنري فورد‪:‬‬


‫ُو لد هنري فورد في والية ميشيغان في أمريكا ‪ 30‬يوليو ‪ 1863‬أما من حيث ديانة ه‪++‬نري ف‪++‬ورد ومعتقدات‪++‬ه‬
‫وطائفت‪+‬ه األص‪+‬لية‪ ،‬فق‪+‬د ول‪+‬د لعائل‪+‬ة مس‪+‬يحية بروتس‪+‬تانتية ُيعتَب ر ه‪+‬نري ف‪+‬ورد من أوائ‪+‬ل وأش‪+‬هر الص‪+‬ناعيين‬
‫األمريكيين‪ ،‬وهو مؤسس شركة “فورد لصناعة السيارات‬
‫ترك هنري منزل عائلته إذ لم يكن مقتنعًا بالعمل في مجال الزراعة وَذ َه ب إلى دي‪++‬ترويت ليعم‪++‬ل كميك‪++‬انيكي‬
‫متدرب في مج‪++‬ال ص‪++‬ناعة الس‪++‬فن وذل‪++‬ك في السادس‪++‬ة عش‪++‬ر من عم‪++‬ره‪ُ ،‬ثّم تعّلم تش‪++‬غيل وص‪++‬يانة المحرك‪++‬ات‬
‫البخارية كما أنه تعّلم في ذلك الوقت المحاسبة‪.‬‬
‫تزوج فورد من "كالرا أالبريانت" في عام ‪ ،1888‬وبعد زواجه عاد إلى العم‪++‬ل بالزراع‪++‬ة ليتمّك ن من إعال‪++‬ة‬
‫زوجته وطفله "إدسيل"‪ ،‬وبعد ثالث سنوات من عمله بالزراعة الذي لم يكن مقتنعًا ب‪++‬ه ق‪++‬امت ش‪++‬ركة أديس‪++‬ون‬
‫لإلنارة بتوظيف هنري فورد مهندسًا في الشركة‪ ،‬وبعد الذي رُأته الشركة من موهبته وبراعته‪ ،‬فقد قامت بعد‬
‫عامين من عمله مهندسًا بترقيته ليصبَح رئيسًا للمهندسين‪.‬‬
‫اشُتِه ر فورد بتطويره لخطوط التجميع الصناعية في المعامل ُمح‪ِ+‬دثًا ب‪++‬ذلك ث‪++‬ورة ص‪++‬ناعية في إنت‪++‬اج وتص‪++‬نيع‬
‫السيارات داخل أمريكا وخارجها‪ .‬يعتبر هنري فورد واحدًا من كبار رجال األعمال األمريكيين الذين ساهموا‬
‫ببناء االقتصاد األمريكي‪.‬‬
‫في تلك األثناء‪ ،‬كان فورد قد ّط ّو ر تصاميمه إلنشاء عرب‪++‬ة ذاتي‪++‬ة ال‪++‬دفع واس‪++‬تطاع في ع‪++‬ام ‪ 1896‬أن يص‪++‬نع‬
‫ه‪++‬ذه العرب‪++‬ة وال‪++‬تي ت‪++‬دعى "ف‪++‬ورد ‪ ،"Quadricycle‬في ذات الع‪++‬ام التقى ف‪++‬ورد ب‪++‬المخترع الكب‪++‬ير توم‪++‬اس‬
‫أديسون والذي قام بتشجيع فورد على أن ُيصّن ع عربة جديدة بشكل متطّو ر عن سابقتها‪.‬‬

‫بعد عدة مح‪++‬اوالت لص‪++‬ناعة الس‪++‬يارات ولتأس‪++‬يس ش‪++‬ركات لص‪++‬ناعة الس‪++‬يارات‪ ،‬تمكن ه‪++‬نري ف‪++‬ورد في ع‪++‬ام‬
‫‪ 1903‬من تأسيس "شركة فورد للسيارات"‪ ،‬وأنتجت هذه الشركة في ع‪++‬ام ‪ 1908‬س‪++‬يارة "مودي‪++‬ل ‪ "T‬ال‪++‬تي‬
‫حققت مبيعات هائلة‪ ،‬ونتيجًة لذلك حققت شركة فورد أرباحًا بنسبة ‪ %100‬لسنوات عديدة‪.‬‬
‫اكتسب هنري فورد شهرًة واسعًة بسبب رؤيته االقتص‪++‬ادية المتط‪ّ++‬و رة‪ ،‬فق‪++‬د اس‪++‬تطاع تط‪++‬وير طريق‪++‬ة ص‪++‬ناعة‬
‫سيارة "موديل ‪ "T‬ليصبح بمقدور أغلب الن‪+‬اس امتالكه‪+‬ا‪ ،‬واس‪+‬تطاع تط‪+‬وير نظ‪+‬ام العم‪+‬ل في مص‪+‬انع ش‪+‬ركة‬
‫فورد طّو ر هنري فورد آلية خط التجمي‪+‬ع المتح‪+‬رك مّم ا س‪+‬اهم في رف‪+‬ع وت‪+‬يرة العم‪+‬ل واإلنت‪+‬اج وس‪+‬اهم ذل‪+‬ك‬
‫بتخفيض سعر السيارات الُم نَت جة‪ ،‬وفي حلول عام ‪ 1918‬شكلت سيارة "موديل ‪ "T‬نصف السيارات المباع‪++‬ة‬
‫في الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫حين بدأت صحته بالتراجع‪ ،‬تقاعد هنري فورد في عام ‪ ،1945‬وأوكل رئاسة الشركة لحفي‪++‬ده "ه‪++‬نري ف‪++‬ورد‬
‫الثاني"‪ ،‬وبعد عامين من تقاعده توّفي هنري فورد عن عمر ناهز ثالثة وثمانين عامًا نتيجًة إلص‪++‬ابته ب‪++‬نزيف‬
‫في الدماغ‪ ،‬وكانت وفاته في ‪ 7/4/1947‬في ديربورن في ميش‪+‬يغان‪ .‬وب‪+‬ذلك اختتمت مس‪+‬يرة ه‪+‬ذا الص‪+‬ناعي‬
‫الكبير‪ ،‬الذي ساهم مساهمة كبيرة في تطور االقتصاد األمريكي في النصف األول من القرن العشرين‪.‬‬
https://www.brainyquote.com/authors/henry-ford-quotes

https://www.yurtopic.com/society/history/henry-ford.php

https://www.biography.com/business-leaders/henry-ford

You might also like