You are on page 1of 30

‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫قرارات التعمير العملياتي بين تعدد املصدرين وتنوع املتدخلين‬


‫عبداإلاله الرجبي‬
‫طالب باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق‪ -‬سال‪ ،‬تخصص القانون العام والعلوم السياسية‬

‫ملخص املقال‪:‬‬
‫ﺍﻟﻤﺘﺪﺧﻠﻴﻦله‬
‫ﻭﺗﻨﻮﻉوسائل التخطيط‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭﻳﻦ‬
‫أركانه‪ ،‬وتحديد‬ ‫ﺑﻴﻦرسمﺗﻌﺪﺩ‬
‫معامله وتوضيح‬ ‫ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺗﻲ‬
‫ساهمت في‬ ‫ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﺮ‬
‫املحطات التي‬ ‫بجموعة من‬ ‫ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪ :‬مر التعمير العملياتي باملغرب‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‬ ‫ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ وطنيا‪.‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓفإن له أيضا بعدا‬
‫ﻣﺠﻠﺔشأنا محليا‬
‫والرقابة على تنفيذه‪ ،‬ألنه وإن كان‬ ‫وتطبيقه‬
‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ألجله‪ ،‬ومع منح الجماعات صالحيات في ميدان التعمير أضحت سلطات رئيس املجلس الجماعي في هذا الجانب مقيدة بآراء‬
‫ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻌﻨﺒﻲ‬
‫مجموعة من املتدخلين‪ ،‬على اعتبار التعمير مجموعة من القواعد واملؤسسات واإلجراءات القانونية‪ ،‬التي تمكن من حيازة واستعمال املجال‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﻋﺒﺪﺍﻹﻻﻩ‬ ‫ﺍﻟﺮﺟﺒﻲ‪،‬‬
‫السلطات اإلدارية‪.‬‬ ‫العام الذي تحدده‬‫ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ‬
‫ملتطلبات الصالح‬ ‫طبقا‬
‫فتنفيذ وثائق التعمير ال يكتمل إال بموافقة مجموعة من السلطات بحيث تتم هذه املوافقة عبر ما تبديه إدارات الدولة من‬
‫ﻉ‪38‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫آراء استشارية ملزمة للجماعات املوكول لها أمر تنفيذ وثائق التعمير‪ ،‬وأحيانا أخرى آرا ء ملزمة ومطابقة في نفس الوقت‪ ،‬كالرأي الذي تبديه‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫الحضرية‪.‬‬ ‫الوكاالت‬
‫لذا فاقتران التعمير برقابة متنوعة من قبل عدد من الهيئات االستشارية املتدخلة يعد مسألة منطقية ‪ ،‬حيث ينبغي أخذ آرائها‬
‫‪2022‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫بعين االعتبار سواء قبل الترخيص لطالب اإلذن بممارسة أشغال التعمير والبناء‪ ،‬أ و أثناء تنفيذ هذه العمليات التعميرية‪ ،‬أو بعد االنتهاء‬
‫الختصاص رئيس املجلس الجماعي في إصداره هذه القرارات اإلدارية التي تختلف بحسب طبيعة‬ ‫ﻳﻮﻧﻴﻮ‬
‫وذلك في ظل مزاحمة هيئات أخرى‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫منها‪،‬‬
‫العملية التعميرية‪ ،‬فتتنوع بذلك بين سلطة منتخبة وأخرى معينة‪.‬‬
‫‪37 - 64‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫األمر الذي جعل طلبات الحصول على تراخيص ممارسة أشغال التعمير العملياتي تعرف قبل إجابة السلطة املنتخبة املختصة لطالب‬
‫الحصول على هذه التراخيص وأيضا تعدد املتدخلين‪ ،‬مما يجعل مدة دراستها تتجاوز أحيانا‬ ‫‪1334908‬‬
‫‪:MD‬عدة إشكاالت‪ ،‬أفرزتها كثرة طلبات‬ ‫الترخيص‬‫ﺭﻗﻢ‬
‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕعليها بشكل ضمني نتيجة فوات األجل‪ ،‬أو رفضها أحيانا أخرى بسبب عدم تقديم‬ ‫وبالتالي املوافقة‬
‫ﺑﺤﻮﺙ‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬قانونا لإلجابة عليها‪،‬‬
‫ﻧﻮﻉ املدة املحددة‬
‫العناية الالزمة لدراسة الطلب‪ ،‬فيضر ذلك بمصلحة طالب الترخيص وينعكس أيضا على التنزيل السليم للمقتضيات التعميرية‬
‫‪Arabic‬خروجها عن األهداف التي أحدثت ألجلها‪ ،‬فينعكس ذلك سلبا على عدة مجاالت اقتصادية‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬املنصوص عليها بوثائق التعمير‪ ،‬وبالتالي‬
‫اجتماعية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬أمنية وبيئية‪.‬‬ ‫‪EcoLink, IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺗﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺮﺧﺺ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫‪Article Summary:‬‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1334908‬‬
‫‪Operational‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪reconstruction has undergone several phases in Morocco, which helped shape its features:‬‬ ‫‪and‬‬
‫‪clear its foundations, as well as decide on its planning methods, its application and the sup ervision‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪its‬‬
‫‪implementation. All due to the fact that despite being a local issue, it carries within national implications.‬‬
‫‪For this purpose, the Municipal Council's president's authority in this matter has become restricted with the‬‬
‫‪opinions of several stakeholders, with the addition of Municipalities being granted new powers in the field of construction.‬‬
‫‪Taking into account that construction entails several rules, institutions and legal procedures, which allow the exploitation‬‬
‫‪and inclusion of the field to conform to the needs of public interest as defined by administrative authorities.‬‬
‫‪The completion of any application of construction documents is bound to the agreement of several authorities,‬‬
‫‪in accordance to what the governments' administrations have expressed through advisory but obliging consultations for‬‬
‫‪the municipalities responsible for the application of these documents. At other times, the consultations are obligatory and‬‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫‪conform‬‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻚ‬ ‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‪at the‬‬
‫‪same time,‬‬
‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫‪such‬‬ ‫‪consultations‬ﺃﻥ‪as the‬‬
‫ﺟﻤﻴﻊ‬ ‫‪issued‬ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ‬
‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫ﺃﺻﺤﺎﺏ ‪by‬‬
‫‪urban agencies.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫‪combining‬ﺃﻱ‪Thus,‬‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ‬ ‫‪ with‬ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ‬
‫‪construction‬‬ ‫ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ‬ ‫ﻭﻳﻤﻨﻊ‬
‫‪a diverse‬‬ ‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪،‬‬
‫‪supervision‬‬ ‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫‪from several‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‪advisory‬‬
‫ﻫﺬﻩ‪bodies‬‬ ‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ‪a‬ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ‬
‫‪is deemed‬‬ ‫‪logical‬‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫‪procedure. It is necessary to consider its opinions whether it is prior to authorizing construction works, during these works,‬‬
‫‪37‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫قرارات التعمير العملياتي بين تعدد املصدرين وتنوع املتدخلين‬


‫عبداإلاله الرجبي‬
‫طالب باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق‪ -‬سال‪ ،‬تخصص القانون العام والعلوم السياسية‬

‫ملخص املقال‪:‬‬
‫ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬ ‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬
‫مر التعمير العملياتي باملغرب بجموعة من املحطات التي ساهمت في رسم معامله وتوضيح أركانه‪ ،‬وتحديد وسائل التخطيط له‬
‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬
‫وتطبيقه والرقابة على تنفيذه‪ ،‬ألنه وإن كان شأنا محليا فإن له أيضا بعدا وطنيا‪.‬‬
‫ألجله‪ ،‬ومع منح الجماعات صالحيات في ميدان التعمير أضحت سلطات رئيس املجلس الجماعي في هذا الجانب مقيدة بآراء‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫مجموعة من املتدخلين‪ ،‬على اعتبار التعمير مجموعة من القواعد واملؤسسات واإلجراءات القانونية‪ ،‬التي تمكن من حيازة واستعمال املجال‬
‫ﺍﻟﺮﺟﺒﻲ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻹﻻﻩ‪ .(2022) .‬ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺗﻲ ﺑﻴﻦ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭﻳﻦ ﻭﺗﻨﻮﻉ‬
‫طبقا ملتطلبات الصالح العام الذي تحدده السلطات اإلدارية‪.‬‬
‫ﺍﻟﻤﺘﺪﺧﻠﻴﻦ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻉ‪ .64 - 37 ،38‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫فتنفيذ وثائق التعمير ال يكتمل إال بموافقة مجموعة من السلطات بحيث تتم هذه املوافقة عبر ما تبديه إدارات الدولة من‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1334908‬‬
‫آراء استشارية ملزمة للجماعات املوكول لها أمر تنفيذ وثائق التعمير‪ ،‬وأحيانا أخرى آرا ء ملزمة ومطابقة في نفس الوقت‪ ،‬كالرأي الذي تبديه‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫الوكاالت الحضرية‪.‬‬
‫ﺍﻟﺮﺟﺒﻲ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻹﻻﻩ‪" .‬ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺗﻲ ﺑﻴﻦ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭﻳﻦ ﻭﺗﻨﻮﻉ‬
‫لذا فاقتران التعمير برقابة متنوعة من قبل عدد من الهيئات االستشارية املتدخلة يعد مسألة منطقية ‪ ،‬حيث ينبغي أخذ آرائها‬
‫ﺍﻟﻤﺘﺪﺧﻠﻴﻦ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔﻉ‪.64 - 37 :(2022) 38‬‬
‫بعين االعتبار سواء قبل الترخيص لطالب اإلذن بممارسة أشغال التعمير والبناء‪ ،‬أ و أثناء تنفيذ هذه العمليات التعميرية‪ ،‬أو بعد االنتهاء‬
‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪1334908/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫منها‪ ،‬وذلك في ظل مزاحمة هيئات أخرى الختصاص رئيس املجلس الجماعي في إصداره هذه القرارات اإلدارية التي تختلف بحسب طبيعة‬
‫العملية التعميرية‪ ،‬فتتنوع بذلك بين سلطة منتخبة وأخرى معينة‪.‬‬
‫األمر الذي جعل طلبات الحصول على تراخيص ممارسة أشغال التعمير العملياتي تعرف قبل إجابة السلطة املنتخبة املختصة لطالب‬
‫الترخيص عدة إشكاالت‪ ،‬أفرزتها كثرة طلبات الحصول على هذه التراخيص وأيضا تعدد املتدخلين‪ ،‬مما يجعل مدة دراستها تتجاوز أحيانا‬
‫املدة املحددة قانونا لإلجابة عليها‪ ،‬وبالتالي املوافقة عليها بشكل ضمني نتيجة فوات األجل‪ ،‬أو رفضها أحيانا أخرى بسبب عدم تقديم‬
‫العناية الالزمة لدراسة الطلب‪ ،‬فيضر ذلك بمصلحة طالب الترخيص وينعكس أيضا على التنزيل السليم للمقتضيات التعميرية‬
‫املنصوص عليها بوثائق التعمير‪ ،‬وبالتالي خروجها عن األهداف التي أحدثت ألجلها‪ ،‬فينعكس ذلك سلبا على عدة مجاالت اقتصادية‪،‬‬
‫اجتماعية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬أمنية وبيئية‪.‬‬

‫‪Article Summary:‬‬
‫‪Operational reconstruction has undergone several phases in Morocco, which helped shape its features and‬‬
‫‪clear its foundations, as well as decide on its planning methods, its application and the sup ervision‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪its‬‬
‫‪implementation. All due to the fact that despite being a local issue, it carries within national implications.‬‬
‫‪For this purpose, the Municipal Council's president's authority in this matter has become restricted with the‬‬
‫‪opinions of several stakeholders, with the addition of Municipalities being granted new powers in the field of construction.‬‬
‫‪Taking into account that construction entails several rules, institutions and legal procedures, which allow the exploitation‬‬
‫‪and inclusion of the field to conform to the needs of public interest as defined by administrative authorities.‬‬
‫‪The completion of any application of construction documents is bound to the agreement of several authorities,‬‬
‫‪in accordance to what the governments' administrations have expressed through advisory but obliging consultations for‬‬
‫‪the municipalities responsible for the application of these documents. At other times, the consultations are obligatory and‬‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫‪conform‬‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻚ‬ ‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‪at the‬‬
‫‪same time,‬‬
‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫‪such‬‬ ‫‪consultations‬ﺃﻥ‪as the‬‬
‫ﺟﻤﻴﻊ‬ ‫‪issued‬ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ‬
‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫ﺃﺻﺤﺎﺏ ‪by‬‬
‫‪urban agencies.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫‪combining‬ﺃﻱ‪Thus,‬‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ‬ ‫‪ with‬ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ‬
‫‪construction‬‬ ‫ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ‬ ‫ﻭﻳﻤﻨﻊ‬
‫‪a diverse‬‬ ‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪،‬‬
‫‪supervision‬‬ ‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫‪from several‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‪advisory‬‬
‫ﻫﺬﻩ‪bodies‬‬ ‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ‪a‬ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ‬
‫‪is deemed‬‬ ‫‪logical‬‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫‪procedure. It is necessary to consider its opinions whether it is prior to authorizing construction works, during these works,‬‬
‫‪37‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫قرارات التعمير العملياتي بين تعدد املصدرين وتنوع املتدخلين‬


‫عبداإلاله الرجبي‬
‫طالب باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق‪ -‬سال‪ ،‬تخصص القانون العام والعلوم السياسية‬

‫ملخص املقال‪:‬‬
‫مر التعمير العملياتي باملغرب بجموعة من املحطات التي ساهمت في رسم معامله وتوضيح أركانه‪ ،‬وتحديد وسائل التخطيط له‬
‫وتطبيقه والرقابة على تنفيذه‪ ،‬ألنه وإن كان شأنا محليا فإن له أيضا بعدا وطنيا‪.‬‬
‫ألجله‪ ،‬ومع منح الجماعات صالحيات في ميدان التعمير أضحت سلطات رئيس املجلس الجماعي في هذا الجانب مقيدة بآراء‬
‫مجموعة من املتدخلين‪ ،‬على اعتبار التعمير مجموعة من القواعد واملؤسسات واإلجراءات القانونية‪ ،‬التي تمكن من حيازة واستعمال املجال‬
‫طبقا ملتطلبات الصالح العام الذي تحدده السلطات اإلدارية‪.‬‬
‫فتنفيذ وثائق التعمير ال يكتمل إال بموافقة مجموعة من السلطات بحيث تتم هذه املوافقة عبر ما تبديه إدارات الدولة من‬
‫آراء استشارية ملزمة للجماعات املوكول لها أمر تنفيذ وثائق التعمير‪ ،‬وأحيانا أخرى آرا ء ملزمة ومطابقة في نفس الوقت‪ ،‬كالرأي الذي تبديه‬
‫الوكاالت الحضرية‪.‬‬
‫لذا فاقتران التعمير برقابة متنوعة من قبل عدد من الهيئات االستشارية املتدخلة يعد مسألة منطقية ‪ ،‬حيث ينبغي أخذ آرائها‬
‫بعين االعتبار سواء قبل الترخيص لطالب اإلذن بممارسة أشغال التعمير والبناء‪ ،‬أ و أثناء تنفيذ هذه العمليات التعميرية‪ ،‬أو بعد االنتهاء‬
‫منها‪ ،‬وذلك في ظل مزاحمة هيئات أخرى الختصاص رئيس املجلس الجماعي في إصداره هذه القرارات اإلدارية التي تختلف بحسب طبيعة‬
‫العملية التعميرية‪ ،‬فتتنوع بذلك بين سلطة منتخبة وأخرى معينة‪.‬‬
‫األمر الذي جعل طلبات الحصول على تراخيص ممارسة أشغال التعمير العملياتي تعرف قبل إجابة السلطة املنتخبة املختصة لطالب‬
‫الترخيص عدة إشكاالت‪ ،‬أفرزتها كثرة طلبات الحصول على هذه التراخيص وأيضا تعدد املتدخلين‪ ،‬مما يجعل مدة دراستها تتجاوز أحيانا‬
‫املدة املحددة قانونا لإلجابة عليها‪ ،‬وبالتالي املوافقة عليها بشكل ضمني نتيجة فوات األجل‪ ،‬أو رفضها أحيانا أخرى بسبب عدم تقديم‬
‫العناية الالزمة لدراسة الطلب‪ ،‬فيضر ذلك بمصلحة طالب الترخيص وينعكس أيضا على التنزيل السليم للمقتضيات التعميرية‬
‫املنصوص عليها بوثائق التعمير‪ ،‬وبالتالي خروجها عن األهداف التي أحدثت ألجلها‪ ،‬فينعكس ذلك سلبا على عدة مجاالت اقتصادية‪،‬‬
‫اجتماعية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬أمنية وبيئية‪.‬‬

‫‪Article Summary:‬‬
‫‪Operational reconstruction has undergone several phases in Morocco, which helped shape its features and‬‬
‫‪clear its foundations, as well as decide on its planning methods, its application and the sup ervision‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪its‬‬
‫‪implementation. All due to the fact that despite being a local issue, it carries within national implications.‬‬
‫‪For this purpose, the Municipal Council's president's authority in this matter has become restricted with the‬‬
‫‪opinions of several stakeholders, with the addition of Municipalities being granted new powers in the field of construction.‬‬
‫‪Taking into account that construction entails several rules, institutions and legal procedures, which allow the exploitation‬‬
‫‪and inclusion of the field to conform to the needs of public interest as defined by administrative authorities.‬‬
‫‪The completion of any application of construction documents is bound to the agreement of several authorities,‬‬
‫‪in accordance to what the governments' administrations have expressed through advisory but obliging consultations for‬‬
‫‪the municipalities responsible for the application of these documents. At other times, the consultations are obligatory and‬‬
‫‪conform at the same time, such as the consultations issued by urban agencies.‬‬
‫‪Thus, combining construction with a diverse supervision from several advisory bodies is deemed a logical‬‬
‫‪procedure. It is necessary to consider its opinions whether it is prior to authorizing construction works, during these works,‬‬
‫‪37‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫‪or after the works are finilized. The making of administrative decisions, which differ according to the nature of the‬‬
‫‪construction operation, by the President of the Municipal Council, is contested by several other bodies. The conce rned‬‬
‫‪authorities could either be elected or designated.‬‬
‫‪The increasing number of demands for operational construction licences, and the plurality of participants, is‬‬
‫‪causing the duration of the file examination period to exceed the legal deadline, and therefore giving away the license by‬‬
‫‪default due to the time excess. This has caused the application for these licenses to cause several issues for the applicants .‬‬
‫‪As a result, severe harm is caused to the interests of the licence applicants, also affecting the complete application of‬‬
‫‪construction dispositions in accordance to the construction files, and thus losing its purpose, negatively affecting several‬‬
‫‪social, economic, cultural, environmental fields and security.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫يشهد املجال العمراني ببالدنا نموا ملحوظا نتيجة للنمو االقتصادي والهجرة القروية وفتح فرص‬
‫شغل جديدة باملجال الحضري‪ ،‬األمر الذي أدى إلى زيادة عدد سكان الحواضر‪ ،‬وبروز مجموعة من املشاكل‬
‫التي أثرت بشكل مباشر على املجال العمراني‪ ،‬وأدت إلى تشويه بنيته على النحو الذي جعله غير متناغم وال‬
‫يترجم مضامين التصاميم واملخططات التعميرية‪ ،‬مما أفرز تجزئات عشوائية وأحياء صفيحية وبنايات غير‬
‫قانونية‪.‬‬

‫هذه املشاكل االجتماعية واألوضاع السلبية جعلت السلطات العمومية تحس بأهمية التدخل‬
‫على جميع املستويات لضبط كل االختالالت التعميرية‪ ،‬والبحث عن سبل فعالة لردع هذه األفعال املخلة‬
‫بقوانين التعمير والبناء‪ ،‬سواء ما تعلق باملرحلة السابقة ملنح اإلذن بممارسة العمليات التعميرية‪ ،‬أو خالل‬
‫سريان هذه األشغال واالنتهاء منها‪ ،‬فأصبح رئيس املجلس الجماعي بذلك يتبوأ مكانة أساسية فيما يتعلق‬
‫بالتعمير العملياتي‪ ،‬وأضحى يختص بمنح ا لرخص واألذون الخاصة بالقيام بأشغال البناء وإحداث‬
‫التجزئات العقارية واملجموعات السكنية وغيرها‪ ،‬حتى وإن كانت قراراته في هذا املجال تتصف باالزدواجية‪،‬‬
‫إذ تأتي تارة صريحة وأخرى ضمنية‪.‬‬

‫ووعيا من املشرع املغربي بأهمية هذه القرارات اإلدارية أخضعها لرقابات متنوعة وعدد الهيئات‬
‫االستشارية املتدخلة فيها‪ ،‬أي تلك التي ينبغي أخذ رأيها بعين االعتبار سواء قبل منح الترخيص لطالب اإلذن‬
‫بممارسة أشغال التعمير والبناء‪ ،‬أو أثناء تنفيذ هذه العمليات التعميرية‪ ،‬أو بعد االنتهاء منها‪ ،‬وذلك في ظل‬
‫مزاحمة هيئات أخرى الختصاص رئيس املجلس الجماعي في إصداره هذه القرارات اإلدارية التي تختلف‬
‫بحسب طبيعة العملية التعميرية‪ ،‬فتتنوع بذلك بين سلطة منتخبة وأخرى معينة‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫ويبقى الهدف من هاته اإلجراءات هو تعزيز الرقابة في مجال التعمير‪ ،‬وتفادي ما من شأنه أن‬
‫ينعكس سلبا على صورة املجال العمراني‪ ،‬ويؤدي إلى تشوهه وخروجه عن اإلطار الذي حدد له في املخططات‬
‫والتصاميم التعميرية‪ ،‬فضال عن رقابة قضائية الحقة وظيفتها إصدار عقوبات زجرية في حق املخالفين‬
‫للمقتضيات القانونية املؤطرة لعمليات التعمير والبناء‪.‬‬

‫وغني عن البيان أن التعمير يعد مجموعة من اإلجراءات التقنية والقانونية واالقتصادية‬


‫واالجتماعية التي تهدف إلى تنظيم املجال العمراني والحفاظ على جماليته‪ ،‬لذلك فهو يعد مجاال خصبا‬
‫لتدخل السلطات العمومية‪ ،‬السيما على املستوى املحلي‪ ،‬غير أن درجة التدخل هاته تختلف من مصلحة‬
‫ألخرى‪ ،‬لكن يشترط األخذ بآرائها االستشارية نظرا لطبيعة وظيفتها‪ ،‬السيما الرأي امللزم للوكاالت الحضرية‪.‬‬
‫هذا التضخم في األجهزة اإلدارية املتدخلة في العمليات التعميرية نتج عنه عدم التنسيق في اتخاذ القرارات‬
‫الترخيصية وتحديد املسؤوليات بين مختلف املتدخلين‪.‬‬

‫فكثرة التدخالت تؤثر على وثيرة دراسة الطلبات التعميرية واآلجال القانونية املحددة للبث فيها‪،‬‬
‫وذلك راجع لكم الطلبات املقدمة أحيانا من أجل ممارسة عمليات التعمير العملياتي‪ ،‬وأحيانا أخرى‬
‫للتضارب وتداخل اآلراء وتعارض وجهات النظر بين موافق ورافض للطلب‪ ،‬حيث يشترط أن تكون القرارات‬
‫الترخيصية ملمارسة العمليات التعميرية متطاب ق مع ثائق التعمير وإعداد التراب‪.‬‬

‫وبذلك يكون التعمير العملياتي أو التدبير الحضري‪ ،‬يهدف إلى تنزيل مضامين وثائق التعمير على‬
‫أرض الواقع‪ ،‬حيث إن مختلف هذه الوثائق والتصاميم ال تستطيع لوحدها تحديد وتفصيل وتنظيم كل‬
‫شكليات تدبير املجال واستعمال السطح‪ ،‬لذا فإن املشرع املغربي سن قواعد تنظيم استغالل األرض ‪.1‬‬

‫وقد جعلت هذه األدوار القانونية الرامية إلى ضبط املخالفات وتتبع األشغال في ميدان التعمير‬
‫هذا املجال العملي يعرف نوعا من تداخل االختصاصات في املهام من قبل عدة أجهزة‪ ،‬سواء فيما يتعلق‬
‫بتسليم رخص التعمير العملياتي‪ -‬في ظل تبسيط للمساطر واحترام آجاالت الحصول عليها‪ -‬أو ما يخص‬
‫تحديد الهيئات املتنوعة املتدخلة لضبط وزجر املخالفات الناتجة عن تنفيذها‪.‬‬

‫‪ -1‬رضوان العلمي‪ ،‬التعمير والتنمية املجالية بامل غرب‪ ،‬من منشورات املجلة املغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد الخاص رقم‪،‬‬
‫مطبعة األمنية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط ‪ ،2019‬ص‪.286‬‬
‫‪39‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫وبمساءلة التاريخ نجد أن إجراءات ضبط العمليات التعميرية بدأت مع الحماية الفرنسية من‬
‫خالل إصدارها لظهير ‪ 1914‬الذي يوصف بكونه النواة األولى للتعمير الحديث باملغرب‪ ،‬بعد ذلك تولت‬
‫الظهائر والقوانين التي رامت باألساس ضبط املجال املعماري‪ ،‬وفي هذا السياق جاء ظهير ‪ 14‬يونيو ‪1933‬‬
‫املتعلق بالتجزئات العقارية‪ ،‬وظهيري ‪ 1952‬و‪ 1953‬املتعلقين بالتعمير والتجزئات العقارية وتقسيم‬
‫األراض ي‪ ،‬اللذ ين سار العمل بهما إلى فترة ما بعد االستقالل إلى أن تم نسخهما بالقانون رقم ‪ 1 12-90‬املتعلق‬
‫بالتعمير والقانون رقم ‪ 2 25-90‬املتعلق بالتجزئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات‪،‬‬
‫إضافة إلى ظهير ‪ 25‬يونيو ‪ 3 1960‬بشأن توسيع نطاق العمارات القروية‪.‬‬

‫مما سلف بيا نه‪ ،‬يكون التعمير العملياتي باملغرب قد مر بجموعة من املحطات التي ساهمت في‬
‫رسم معامله وتوضيح أركانه‪ ،‬وتحديد وسائل التخطيط له وتطبيقه والرقابة على تنفيذه‪ ،‬في ظل استحضار‬
‫األهداف التي يرمي إليها وتأثيراته التي قد ينتجها على املستوى االقتصادي واالجتماعي والثقافي واألمني‬
‫والبيئي‪.‬‬

‫وتأسيسا على ماسبق‪ ،‬تظهر لنا أهمية موضوع التعمير العملياتي والتي تكمن فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬املستوى االقتصادي‪ :‬فالتعمير العملياتي يضمن إنشاء بنيات تحتية ومناطق صناعية تشجع‬
‫املستثمرين على إنشاء بنايات صناعية وخلق فرص شغل لشرائح اجتماعية مختلفة‪ ،‬وبالتالي تحقيق تنمية‬
‫اقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬على املستوى االجتماعي‪ :‬تأخذ التصاميم التعميرية بعين االعتبار خالل مرحلة إعدادها الحفاظ‬
‫على املستوى االجتماعي للمواطنين بإنشاء تجزيئات عقارية ومجموعات سكنية توفر مقومات العيش‬
‫الكريم والتصدي لألحياء العشوائية والبنايات الغير قانونية‪ ،‬فضال عن إحداث بنايات مخصصة للتطبيب‬
‫والتعليم‪ ،‬والتعمير العملياتي هو اآللية التي تمكن من تجسيد ذلك على أرض الواقع‪.‬‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 12.90‬املتعلق بالتعمير‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.92.31‬الصادر في ‪ 15‬ذي الحجة عام ‪ 1412‬موافق ‪17‬‬
‫يونيو ‪ ، 1992‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4159‬بتاريخ ‪ 14‬محرم عام ‪ 1413‬موافق ‪ 15‬يوليوز ‪ 1992‬ص ‪.887‬‬
‫‪ -2‬القانون رقم ‪ 25.90‬املتعلق بالتجزئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.92.7‬‬
‫بتاريخ ‪ 15‬ذي الحجة عام ‪ 1412‬موافق ‪ 17‬يونيو ‪ ، 1992‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4159‬لسنة ‪ ،1992‬ص ‪.887‬‬
‫‪ -3‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.60.063‬املتعلق بتوسيع نطاق العمارات القروية‪ ،‬الصادر في ‪ 30‬ذي الحجة ‪ 1379‬موافق ‪25‬يونيو ‪ ، 1960‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 2489‬بتاريخ ‪ 13‬محرم عام ‪ 1380‬موافق ‪ 18‬يونيو ‪ ،1960‬ص ‪.2098‬‬
‫‪40‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫‪ -‬على املستوى البيئي‪ :‬التعمير العملياتي له دور كبير في املحافظة على البيئة وجمالية املجال‬
‫العمراني‪ ،‬عن طريق احترامه لألماكن املخصصة للمجال األخضر من غابات وحدائق عمومية ومنتزهات‬
‫ومحميات غابوية‪ ،‬التي تمنع فيها أشغال التعمير والبناء بمختلف أشكالها‪ ،‬باستثناء األشغال البسيطة التي‬
‫تهدف إلى تجويدها والحفاظ عليها‪.‬‬

‫‪ -‬على املستوى األمني‪ :‬للمجل العمراني تأثير مباشر على سلوك اإلنسان ونفسيته‪ ،‬فأغلب األحياء‬
‫العشوائية يكون لها تأثير على شخصية قاطنيها وسلوكاتهم‪ ،‬لعدة عوامل أهمها‪ :‬الفقر واألمية والهدر‬
‫املدرس ي في سن مبكرة لدى أغلب ناشئتها والبطالة والرغبة في البحث عن مستقبل أفضل‪ ،...‬مما قد يؤدي‬
‫ببعض سكانها إلى ارتكاب أفعال أو ممارسات مخالفة للقانون‪.‬‬

‫‪ -‬على املستوى الثقافي‪ :‬فالتنزيل السليم ملقتضيات التصاميم التعميرية يساعد على خلق وعي‬
‫بأهمية الحفاظ على جمالية املدينة ومآثرها وخصوصياتها‪.‬‬

‫ومن ثمة‪ ،‬تظهر أهمية التعمير العملياتي الذي تتدخل فيه عدة أجهزة رقابية تتنوع بين السلطة‬
‫املحلية والهيئات املنتخبة والسلطة القضائية‪ ،‬والتي يكون هدفها باألساس السهر على مطابقة مشاريع‬
‫التعمير العملياتي ملا هو منصوص عليه في الرخص واألذون املانحة لصالحية القيام بهذه األشغال‪ ،‬والتي‬
‫تكون غير مخالفة بتاتا ملا هو مصادق عليه في املخططات والتصاميم التعميرية‪ ،‬سواء في املجال الحضري‬
‫أو القرو ي‪ ،‬واالنعكاس اإليجابي لذلك على التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫فأهمية التنسيق بين األجهزة املتدخلة في مجال التعمير العملياتي أساسية وضرورية لنجاح‬
‫التنزيل السليم ملضامين املخططات التعميرية‪ ،‬الرامية باألساس إلى الحفاظ على جمالية املجال العمراني‬
‫وحماية البيئة وتوفير بنيات تحتية سليمة‪ ،‬وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية‪ ،‬وأيضا لتبسيط املساطر‬
‫واإلجراءات املتبعة لتقديم طلبات الحصول على الرخص التعميرية‪ ،‬عن طريق منحها العناية الكافية خالل‬
‫دراستها‪ ،‬واإلجابة عليها داخل اآلجال القانونية‪.‬‬

‫من هنا يتضح أن قرارات التعمير العملياتي التي تعرف تعدد املصدرين وتنوع املتدخلين يعتريها‬
‫الكثير من الغموض وتطرح عدة إشكاليات تفرض البحث فيها وتحديدها من بينهما‪ :‬إلى أي حد استطاع‬

‫‪41‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫املشرع املغربي من خالل ترسانته القانونية املؤطرة ملسألة تعدد املصدرين لقرارات التعمير العملياتي وتنوع‬
‫املتدخلين فيها‪ ،‬تجاوز االختالالت التي يعرفها مجال التعمير العملياتي؟‬

‫اإلجابة عن هذه اإلشكالية تقتض ي تحديد السلطة اإلدارية املختصة بتسليم رخص التعمير‬
‫العملياتي (املبحث األول)‪ ،‬ثم تحديد انعكاس تعدد املتدخلين على اتخاذ قرار التعمير العملياتي (املبحث‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫املبحث األول‪ :‬السلطة اإلدارية املختصة بتسليم رخصة التعمير العملياتي‪.‬‬

‫شكل تعدد السلطات اإلدارية املتدخلة في دراسة وتسليم طلبات ممارسة عمليات التعمير‬
‫العملياتي نوعا من الرقابة اإلدارية السابقة لعملية منح تراخيص الشروع في إنجاز أشغال التعمير والبناء‪،‬‬
‫في ظل تعدد للسلطات املخول لها حق تسليم هذا النوع من التراخيص‪ ،‬والتي تختلف بحسب طبيعة أشغال‬
‫التعمير العملياتي‪ ،‬وبحسب نوعيتها وحجمها‪ ،‬فاالختصاص األصلي للهيئات املنتخبة في تسليم رخص‬
‫التعمير العملياتي (املطلب األول)‪ ،‬لم يمنع املشرع املغربي من منح السلطة املحلية كذلك من صالحية تسليم‬
‫تراخيص تعميرية عملياتية في مجال محدد (املطلب الثاني)‪ ،‬رغم رقابتها التي تمارسها على باقي العمليات‬
‫التعميرية التي تختص بها الهيئات املنتخبة‪ ،‬املتمثلة باألساس في رئيس املجلس الجماعي‪ ،‬الذي يمكنه أن‬
‫يفوض بعضها لرؤساء مجالس املقاط عات في جوانب محددة قانونا‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اختصاص الهيئات املنتخبة في تسليم رخصة التعمير العملياتي‪.‬‬

‫يعد رئيس مجلس الجماعة السلطة املختصة بصفة أصلية بمنح تراخيص ‪ 1‬التعمير العملياتي ‪،2‬‬
‫غير أن هناك نصوص خاصة منحت االختصاص إلى جهات إدارية أخرى ‪ .3‬وبالتالي فإن رئيس مجلس‬
‫الجماعة هو صاحب االختصاص فيما يتعلق بمنح رخص البناء ‪ 4‬والتجزئة والتقسيم وإحداث املجموعات‬

‫‪ -5‬القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬املتعلق بالجماعات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.85‬بتاريخ ‪ 7‬يوليوز ‪ ،2015‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد‪ 6380 :‬بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪ ،2015‬ص ‪ 6660‬أكد في قسمه الثالث املحدد لصالحيات مجلس الجماعة ورئيسه‪ ،‬خاصة املادة‬
‫‪ ، 101‬أن رئيس مجلس الجماعة يقوم في مجال الت عمير بالسهر على تطبيق القوانين واألنظمة املتعلقة به طبقا للتشريع واألنظمة الجاري بها‬
‫العمل‪ ،‬وعلى احترام ضوابط تصاميم إعداد التراب ووثائق التعمير؛ ثم بمنح رخص البناء والتجزئة والتقسيم‪ ،‬وإحداث مجموعات سكنية‪،‬‬
‫ويتعين على الرئيس‪ ،‬تحت طائلة البطالن‪ ،‬التقيد في هذ ا الشأن بجميع اآلراء امللزمة املنصوص عليها في النصوص التشريعية الجاري بها‬
‫العمل والسيما بالرأي امللزم للوكالة الحضرية املعنية"‪.‬‬
‫‪ -6‬تنص املادة ‪ 41‬من قانون التعمير رقم ‪" : 12.90‬يسلم رخصة البناء رئيس مجلس الجماعة‪ .‬وفي املنطقة املحيطة بجماعة حضرية يسلم‬
‫رخصة الب ناء رئيس مجلس الجماعة القروية املزمع إقامة البناء على أرضها بتنسيق مع رئيس مجلس الجماعة الحضرية"‪.‬‬
‫وحسب املادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 25.90‬املتعلق بالتجزئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات فإنه‪":‬يسلم رئيس مجلس‬
‫الجماعة الحضرية أو القروية اإلذن في القيام بإحداث التجزئات العقارية املنصوص عليها في املادة ‪ 2‬من نفس القانون‪ .‬وإذا كان العقار‬
‫املراد تجزئته يوجد في جماعتين أو عدة جماعات‪ ،‬يسلم اإلذن وزير الداخلية أو الوالي أو العامل املعني الذي يفوض إليه مباشرة ذلك‪ ،‬بعد‬
‫استطالع رأي رؤساء مجالس الجماعات املعنية‪."...‬‬
‫‪ -3‬عز العرب الحمومي‪ ،‬الطعن القضايئ في رخص التعمير‪ ،‬مجلة محاكمة‪ ،‬العدد الرابع عشر‪ ،2018 ،‬ص‪.49‬‬
‫‪ -4‬حسب املادة ‪ 58‬من القانون ‪ 12.90‬املتعلق بالتعمير فإنه‪":‬ال يجوز تغيير الغرض املخصص له كل مبنى والذي سلمت من أجله رخصة‬
‫البناء ورخصة السكن أو شهادة املطابقة‪ .‬بيد أنه يمكن لرئيس مجلس الجماعة اإلذن في ذلك بعد موافقة اإلدارة املكلفة بالتعمير‪ ،‬وبعد‬
‫‪43‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫السكنية‪ ،‬سواء تعلق األمر باملشاريع الكبرى أو الصغرى؛ إال أن الجماعات ذات نظام املقاطعات فإن املشرع‬
‫استثنى املشاريع الصغرى من اختصاص رئيس مجلس الجماعة وجعل من اختصاصه فقط املشاريع‬
‫الكبرى ‪.1‬‬

‫كما يجوز لرئيس املجلس الجماعي‪ ،‬تحت مسؤوليته ومراقبته أن يفوض إمضاءه بقرار إلى نوابه‬
‫باستثناء التسيير اإلداري واألمر بالصرف ‪ ، 2‬شريطة أن ينحصر التفويض في قطاع محدد لكل نائب‪ ،‬كقطاع‬
‫التعمير مثال ‪ ،3‬وذلك مع مراعاة أحكام القانون التنظيمي املتعلق بالجماعات ‪.4‬‬

‫ومن ثمة‪ ،‬وبمجرد تقديم طلب الترخيص لإلدارة فإن هذه األخيرة إما ترفضه أو تمنحه الترخيص‬
‫إما صراحة أو ضمنيا ‪ ، 5‬حيث يعتبر اإلذن ممنوحا إذا لم يبت رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية‬
‫في طلب الحصول عليه داخل أجل شهرين من إيداعه‪.‬‬

‫ويلعب رئيس املجلس الجماعي دورا أساسيا لفرض احترام مختلف الضوابط املتعلقة بالتعمير‬
‫والبناء والسكن‪ ،‬وذلك تفاديا لكل العمليات العشوائية التي تخرج عن القواعد املنصوص عليها قانونا‪،‬‬
‫حيث أجاز القانون لرئيس مجلس الجماعة أن يحدد بقرار يطلق عليه اسم "ضوابط البناء الجماعية"‬
‫القواعد املنصوص عليها في املادة ‪ 6 59‬من القانون رقم ‪ 90.12‬املتعلق بالتعمير والتي يجب أن تتوفر في‬

‫التأكد من أن الغرض الجديد يتالءم مع وظيفة القطاع املعني وتصميم املبنى‪ ،‬وأنه ال يشكل أي إزعاج بالنسبة لسكان أو مستعملي البنايات‬
‫املجاورة"‪.‬‬
‫‪ -1‬املادة ‪ 237‬من القانون التنظيمي للجماعات رقم ‪ 113.14‬نصت في بندها الثالث على اختصاص رئيس مجلس املقاطعة‪ ،‬أو نوابه بناء على‬
‫تفويض من الرئيس‪ ،‬داخل دائرتها الترابية في منح رخص البناء ورخص السكن وشواهد املطابقة املتعلقة باملشاريع الصغرى املنصوص عليها‬
‫في الضابط العام للبناء‪.‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 103‬من القانون رقم ‪ 113.14‬املتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫‪ -3‬مصطفى بلكوزي‪ ،‬رخص التعمير في إطار الشباك الوحيد‪ ،‬منشورات املجلة املغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد الخاص رقم‬
‫‪ ، 11‬مطبعة األمنية‪ ،2019 ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -4‬املادة ‪ 103‬من القانون رقم ‪ 113.14‬املتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫‪ -13‬تنص املادة ‪ 48‬من قاون التعمير السالف الذكر أنه‪" :‬في حالة سكوت رئيس مجلس الجماعة تعتبر رخصة البناء مسلمة عند انقضاء‬
‫شهرين من تاريخ إيداع طلب الحصول عليها"‪.‬‬
‫وهو األمر الذي سنه أيضا الفصل السابع من قانون توسيع نطاق العمارات القروية‪.‬‬
‫‪ -6‬حسب املادة ‪ 59‬من القانون رقم ‪ 12.90‬املتعلق بالتعمير‪ :‬تحدد ضوابط البناء العامة‪ :‬شكل وشروط تسليم الرخص وغيرها من الوثائق‬
‫املطلوبة بمقتض ى هذا القانون والنصوص التشريعية املتعلقة بالتجزئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص‬
‫الصادرة لتطبيقها؛ ضوابط السالمة الواجب مراعاتها في املباني والشروط الواجب توافرها فيها ملا تستلزمه متطلبات الصحة واملرور‬
‫واملتطلبات الجمالية ومقتضيات الراحة العامة خصوصا‪ :‬قواعد استقرار املباني ومتانتها؛ مساحة املحالت وحجمها وأبعادها؛ شروط تهوية‬
‫‪44‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫املباني‪ ، 1‬وكذلك الضوابط الالزم احترامها فيها واملتعلقة بالسالمة والنظافة والصحة العامة إذا لم تنص‬
‫عليها ضوابط البناء العامة أو تصاميم التهيئة ‪.2‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن البنايات الكبرى مثل العمارات تستدعي ضوابط إضافية لبنائها‪ ،‬ويتعلق األمر‬
‫بإيصالها بشبكة االتصاالت السلكية والالسلكية العامة‪ ،‬حيث ال تسلم رخصة السكن و شهادة املطايقة‬
‫ملالكها في هذه الحالة إال بعد معاينتها من طرف مصالح املواصالت السلكية والالسلكية ‪.3‬‬

‫غير أن هذ ا الوضوح التشريعي لم يمنع املشرع سواء في قانون التعمير أو في قوانين أخرى من منح‬
‫نفس االختصاص في حاالت معينة لسلطات أخرى ‪ ، 4‬سواء من حيث الجهة املختصة بمنحها أو املجال الترابي‬
‫املعني بها‪ ،‬أو املعنيين مباشرة بها‪ ،‬السيما في إطار التعمير العملياتي ‪ ،5‬إذ أن هناك مجموعة من الحاالت‬
‫تخرج بنص القانون عن اختصاص رئيس املجلس الجماعي‪ ،‬ليتوالها رئيس مجلس املقاطعة‪ ،‬أو السلطة‬
‫املحلية ‪.6‬‬

‫فقد خول املشرع بموجب املادة ‪ 237‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113-14‬املتعلق بالجماعات‬
‫لرئيس مجلس املقاطعة ‪ 7‬منح رخص البناء ورخص السكن وشواهد املطابقة املتعلقة باملشاريع الصغرى‬
‫املنصوص عليها في الضابط العام للبناء؛ ويتعين على الرئيس‪ ،‬تحت طائلة البطالن‪ ،‬التقيد في هذا الشأن‬

‫املحالت‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق بمختلف األحجام واألجهزة التي تهم الصحة والنظافة؛ الحقوق التي يتمتع بها في الطرق العامة أصحاب‬
‫العقارات املجاورة لها؛ مواد وطرق البناء املحظور استخدامها بصورة دائمة؛ التدابير املعدة للوقاية من الحريق؛ طرق الصرف الصحي‬
‫والتزود باملاء الصالح للشرب؛ االلتزامات املتعلقة بصيانة األمالك العقارية واملباني‪.‬‬
‫‪ -1‬الشريف البقالي‪ ،‬شرطة التعمير بين القانون واملمارسة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانو العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪ -‬كلية‬
‫ن‬
‫العلوم القانونية واالجتماعية بالرباط‪ ،2011-2010 ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 61‬من القانون رقم ‪ 12.90‬املتعلق بالتعمير‪.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 44‬من القانون رقم ‪ 12.90‬املتعلق بالتعمير‪.‬‬
‫‪ -4‬أحمد أجعون‪ ،‬تحديد السلطة املختصة بالترخيص بالبناء ومبدأ ربط املسؤولية باملحاسبة‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية املنظمة من طرف‬
‫املاستر املتخصص في قانون العقار والتعمير‪ ،‬بالكلية املتعددة التخصصات بالناظور‪ ،‬أيام ‪3-2‬و‪ 4‬مارس ‪ ، 2017‬منشورات مختبر البحث‬
‫في قانون العقار والتعمير بالناظور‪ ،‬مطبعة ووراقة القبس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2018 ،‬ص‪.615‬‬
‫‪ -5‬نورالدين عسري‪ ،‬منازعات التعمير والبناء محاولة في التأصيل‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – أكدال‪ -‬الرباط‪2011-2010 ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -6‬مصطفى بلكوزي‪ ،‬رخص التعمير في إطار الشباك الوحيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ -7‬حسب املادة ‪ 216‬من القانون التنظيمي للجماعات رقمم ‪ 113.14‬فإن الجماعات ذات نظام املقاطعات هي‪ :‬الدارالبيضاء‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫طنجة‪ ،‬مراكش‪ ،‬فاس وسال‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫بجميع اآلراء امللزمة والسيما بالرأي امللزم للوكالة الحضرية املعنية‪.‬‬

‫وتوجه قصد اإلخبار نسخ ة من الرخص املسلمة من طرف رئيس مجلس املقاطعة إلى رئيس‬
‫مجلس الجماعة داخل أجل ثمانية ‪ 8‬أيام‪ .‬ويمكن لرئيس مجلس املقاطعة أن يفوض بقرار بعض من مهامه‬
‫إلى واحد أو أكثر من نوابه طبق للشروط املنصوص عليها قانونا ‪.1‬‬

‫وتطبق على مقررات مجلس املقاطعة وقرارات رئيسها ومن ضمنها رخص البناء‪ ،‬نفس األحكام التي‬
‫تسري على مقررات املجلس الجماعي وقرارات رئيسه ‪.2‬‬

‫هناك استثناء آخر تجدر اإلشارة إليه ويتعلق باالختصاص املمنوح لرئيس مجلس املقاطعة في‬
‫الجماعات الحضرية الكبرى واملتعلق بمنح رخص البناء ورخص السكن وشواهد املطابقة املتعلقة باملشاريع‬
‫الصغرى املنصوص عليها في الضابط العام للبناء ‪.3‬‬

‫حيث إذا رفض رئيس مجلس املقاطعة أو امتنع عن القيام باألعمال املنوطة به ومن ضمنها تسليم‬
‫رخص التعمير‪ ،‬جاز لرئيس املجلس الجماعي القيام بهذه األعمال بصفة تلقائية بعد إنذاره بدون جدوى‬
‫وبعد إخبار عامل العمالة أو م ن ينوب عنه‪ ،‬القيام بهذه األعمال بصفة تلقائية ‪.4‬‬

‫تجدر اإلشارة أن صالحيات منح رخص التعمير بما فيها رخص البناء كانت قبل صدور ظهير ‪30‬‬
‫شتنبر ‪ 1976‬املتعلق بامليثاق الجماعي من اختصاص رجل السلطة املحلية‪ ،‬إال أن صدور الظهير املذكور‪،‬‬
‫ثم بعده الظهير رقم ‪ 1-02-297‬القاض ي بتنفيذ القانون رقم ‪ 78-00‬كما تم تعديله بموجب الظهير رقم‬
‫‪ 1-08-153‬القاض ي بتنفيذ القانون ‪ 17-08‬املتعلق بامليثاق الجماعي‪ ،‬الذي جعل مجال ممارسة شرطة‬
‫الجماعة ‪..5‬‬ ‫التعمير بما في ذلك منح رخص البناء من اختصاص رئيس مجلس‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 242‬من القانون التنظيمي رقم ‪ ، 113.14‬أورده‪ :‬مصطفى بلكوزي‪ :‬رقابة قضاء املشروعية على رخص البناء‪ ،‬منشورات مجلة العلوم‬
‫القانونية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ، 4/3‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬دون ذكر سنة النشر‪ ،‬الصفحتين ‪ 99‬و‪.100‬‬
‫‪ -2‬مصطفى بلكوزي‪ ،‬رخص التعمير في إطار الشباك الوحيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ -3‬أحمد أجعون‪ ،‬تحديد السلطة املختصة بالترخيص بالبناء وربط املسؤولية باملحاسبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.617‬‬
‫‪ -4‬املادة ‪ 244‬من القانون رقم ‪.113.14‬‬

‫‪ -5‬مصطفى بلكوزي‪ ،‬رخص التعمير في إطار الشباك الوحيد ‪ ،‬مرحع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬

‫‪46‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫وفي املجال القروي‪ ،‬فإن املختص بتسليم رخصة البناء هو رئيس مجلس الجماعة القروية حسب‬
‫مقتضيات الفصل السابع من ظهير ‪ 25‬يونيو ‪ 1960‬املتعلق بتوسيع نطاق العبارات القروية‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫صالحية السلطة املحلية املذكورة في هذا الفصل انتقلت بموجب ظهير ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬إلى رئيس مجلس‬
‫الجماعة القروية‪.‬‬

‫وينبغي الت أكيد أنه يلزم الحصول على رخصة البناء ليس في حالة القيام بإنجاز بنايات جديدة‬
‫فحسب‪ ،‬بل كذلك في حالة إدخال تغييرات على مباني قائمة إذا كانت التغييرات املزمع إدخالها تتعلق‬
‫بالعناصر املنصوص عليها في الضوابط املعمول بها كأنظمة البناء الجماعية ‪ .1‬مع األخذ بعين االعتبار أن‬
‫القانون إذا أعطى لرؤساء املجالس الجماعية الصالحية بمنح رخص البناء والتجزئات العقارية‪ ،‬وإحداث‬
‫املجموعات السكنية‪ ،‬وكذا تقسيم العقارات‪ ،‬فإن هناك مصالح تقنية أخرى يجب على الرؤساء أخذ‬
‫استشارتها ‪ 2‬التقنية‪ ،‬حيث عمد املشرع إلى ربط تسليم الرخصة بضرورة أخذ اآلراء وبعض التأشيرات املقررة‬
‫بموجب األنظمة الجاري بها العمل ‪.3‬‬

‫هكذا ينص قانون التعمير ‪ 12.90‬في مادته ‪ 48‬على أن سکوت رئيس املجلس الجماعي عند فوات أجل شهرين من تاريخ تقديم طلب الحصول‬
‫على رخصة البناء يعتبر بمثابة موافقة ضمنية‪ .‬وهو نفس املقتض ى الوارد في الفصل السابع من ظهير ‪ 25‬يونيو ‪ 1960‬املتعلق بتوسيع نطاق‬
‫العمارات القروية‪ ،‬فيما يتم تنظيم رخص التجزئات بمقتضيات متباينة وذلك حسيما إذا تعلق األمر بالتجزئات الخاضعة للقانون ‪25.90‬‬
‫والتجزئات التي ينظمها ظهير تنمية العمارات القروية‪.‬‬
‫فأحكام املادة الثامنة من قانون ‪ 25.90‬تعطي للمجزىء إمكانية الحصول على الترخيص الضمني بإحداث تجزئة عقارية وذلك في حالة‬
‫سكوت اإلدارة ملدة ثالثة أشهر‪ ،‬تبتدي من تاريخ إيداع الطلب‪ .‬بينما يشكل سكوت اإلدارة خالل نفس املدة حسب مضمون املادة ‪ 11‬من‬
‫ظهير ‪ 25‬يونيو ‪ ، 1960‬رفضا ضمنيا يسمح الصاحب الشأن بعرض األمر على أنظار عامل اإلقليم الذي يتوفر بدوره على أجل ثالثة أشهر‬
‫يتحول بمقتضاها سكوته إلى قرار ضمني باملوافقة‪.‬‬
‫‪ -1‬الشريف البقالي‪ ،‬رخصة البناء بالوسط القروي نطاق إلزاميتها وشروط منحها‪ ،‬مقال منشور باملجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ‪،‬‬
‫مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬دون ذكر سنة النشر‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ -2‬تشكل االستشارة مفهوما سياسيا من املفاهيم التي تدعم نظام الحكم وتقوي ركائزه‪ .‬وتعتبر الهيئات االستشارية من بين أهم الوسائل‬
‫التي تمارس من خاللها الوظيفة االستشارية‪ .‬أورتده‪ :‬حكيمة بومحمدي‪ ،‬االستشارة في التشريع املغربي‪ ،‬منشورات املجلة املغربية لإلدارة‬
‫املحلية ‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة الرباط‪ ،2004 ،‬ص ‪.155‬‬

‫‪ -3‬فقد نصت املادة ‪ 43‬من الفقرة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 12-90‬املتعلق بالتعمير أنه‪" :‬تسلم رخصة البناء دون إخالل بوجوب إحراز الرخص‬
‫األخرى املنصوص عليها في تشريعات خاصة‪ ،‬وبعد أخذ اآلراء والحصول على التأشيرات املقررة بموجب األنظمة الجاري بها العمل"‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫واملنازعات التي يمكن أن تثار بهذا الخصوص تتعلق بتحديد الجهة املكلفة بمنح الترخيص بالبناء‬
‫وبتحديد الطبيعة القانونية لبعض اآلراء االستشارية الالزمة للترخيص ‪.1‬‬

‫فكيف يمكن القول إذن باختصاص الرئيس بالترخيص بالبناء إذا كان هذا األخير ملزما برأي عدة‬
‫متدخلين سيما الرأي امللزم للوكالة الحضرية ‪ ، 2‬حيث يوافق على منح الترخيص بالبناء إذا كان هذا الرأي‬
‫إيجابيا ويرفض الترخيص بالبناء كلما كان الرأي سلبيا‪.‬‬

‫إن هذا املعطى يدفع إلى القول بأن القرار الحقيقي بالترخيص با لبناء أو عدم الترخيص يعود إلى‬
‫الوكالة الحضرية‪ ،‬وهو ما يفرغ اختصاص رئيس املجلس الجماعي في ميدان الترخيص بالبناء والتعمير‬
‫بصفة عامة من كل محتوی ويجعله يقتصر على مجرد وسيط تنفيذي أو ساعي البريد بين املواطنين طالبي‬
‫الرخص واإلدارة ‪.3‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬محدودية اختصا ص السلطة املحلية في التعمير العملياتي‪.‬‬

‫تشكل قضايا التعمير إحدى أولويات السياسة العمومية للدولة‪ ،‬خاصة بعد اإلنتشار املهول‬
‫للبناء الغير قانوني وللتجزئات العشوائية ‪ ، 4‬ألجل ذلك أعطى املشرع املغربي لرئيس املجلس الجماعي‬

‫‪ -1‬أحمد أجعون‪ ،‬املنازعات املتعلقة برخص البناء‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق املغربية‪ :‬سلسلة "فقه املنازعات اإلدارية"‪ ،‬مطبعة األمنية‪-‬‬
‫الرباط‪ ،‬العدد األول‪ ،‬دار اآلفاق للنشر والتوزيع بالدارالبيضاء‪ ،2011 ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪ -2‬املادة ‪ 101‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬املتعلق بالجماعات نصت في بندها الثاني أنه‪ :‬يقوم رئيس مجلس الجماعة في مجال التعمير‬
‫بمنح رخص البناء والتجزئة والتقسيم‪ ،‬وإحداث مجموعات سكنية‪ ،‬ويتعين على الرئيس‪ ،‬تحت طائلة البطالن‪ ،‬التقيد في هذا الشأن بجميع‬
‫اآلراء امللزمة املنصوص عليها في النصوص التشريعية الجاري بها العمل والسيما بالرأي امللزم للوكالة الحضرية املعنية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للجماعات التي تعرف نظام املقاطعات فحسب املادة ‪ 237‬من نفس القانون فالترخيص بممارسة التعمير العملياتي بالنسبة‬
‫للمشاريع الصغرى يبقى من اختصاص رئيس مجلس املقاطعة ونوابه‪ ،‬ك ما سبق اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬غير أن منحه لرخص السكن وشواهد‬
‫املطابقة املتعلقة باملشاريع الصغرى املنصوص عليها في الضابط العام للبناء‪ .‬فيتعين على الرئيس‪ ،‬وتحت طائلة البطالن‪ ،‬التقيد في هذا‬
‫الشأن بجميع اآلراء امللزمة املنصوص عليها في النصوص التشريعية الجاري بها العمل والسيما بالرأي امللزم للوكالة الحضرية املعنية‪.‬‬

‫‪ -3‬أحمد أجعون‪ ،‬تحديد السلطة املختصة بالترخيص بالبناء وربط املسؤولية باملحاسبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.619‬‬
‫‪ -4‬سارة ازكواغ‪ ،‬قراءة في املستجدات التشريعية الزجرية للحد من املخالفات العمرانية (سلطات الرقابة وآليات الزجر)‪ ،‬من كتاب التعمير‬
‫والبناء ومتطلبات الحكامة الترابية‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية املنظمة من طرف املاستر املتخصص في قانون العقار والتعمير‪ ،‬بالكلية املتع ددة‬
‫التخصصات بالناظور‪ ،‬أيام ‪3-2‬و‪ 4‬مارس ‪ ، 2017‬إعداد وتنسيق أحمد خرطة‪ ،‬مطبعة ووراقة القدس‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2018‬ص ‪.552‬‬
‫‪48‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫اختصاصات واسعة في مجال التعمير‪ ،‬وخاصة ما يتعلق منها بأشغال التعمير العملياتي‪ ،‬التي تترجم في شكل‬
‫قرارات إدارية تصدر في إطار شرطة التعمير كإحدى صور الشرطة اإلدارية‪ ،‬فجميع عمليات البناء أو إحداث‬
‫التجزئات العقارية أو املجموعات العقارية سواء املعدة لغرض صناعي أو تجاري أو منهي أو إداري‪ ،‬نهيكا عن‬
‫املساكن الفردية وعمليات الترميم كلها تستلزم الحصول على رخصة البناء‪.‬‬

‫وبخصوص توزيع االختصاصات بين رؤساء املجالس الجماعية والسلطات املحلية في میدان‬
‫الشرطة اإلدارية‪ ،‬نجد أن القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬املتعلق بالجماعات قد عمل على تكريس‬
‫اختصاصات الجماعات بشكل يتالءم مع مقتضيات دستور اململكة‪ ،‬غير أن قاعدة اختصاص رئيس‬
‫الجماعة في ميدان الترخيص بالبناء ترد عليها بعض االستثناءات ‪ ، 1‬حيث يمكن للسلطة املحلية في بعض‬
‫الحاالت التي حددها القانون تسليم رخصة البناء إما بصفة أصلية أو استثنائية ومؤقتة تزول بزوال‬
‫الظروف التي استدعتها ‪.2‬‬

‫وإذا كان العامل يحظى بمجموعة من االختصاصات على املستوى املحلي‪ ،‬فإن هذا ال يجب أن‬
‫يغفلنا يمنع عن اختصاصاته في مجال شرطة التعمير‪ ،‬حيث خول له املشرع هو اآلخر صالحية الترخيص‬
‫بالبناء لكن في مجال محدد‪ ،‬وذلك استنادا إلى مقتضيات ظهير ‪ 2‬أكتوبر ‪ 1984‬املت علق باألماكن املخصصة‬
‫إلقامة شعائر الدين اإلسالمي ‪ 3‬فيها‪ ،‬الذي نص في فصله األول على إلزامية الحصول على رخصة للبناء‬
‫بجميع أنحاء التراب الوطني قبل القيام ببناء أو توسيع مساجد أو غيرها من األماكن املخصصة إلقامة‬
‫شعائر الدين اإلسالمية بها‪ ،‬هذه الرخصة التي يسلمها عامل العمالة أو اإلقليم بعد استطالع رأي املصالح‬
‫املختصة بوزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ووزارة السكنى وإعداد التراب الوطني ‪.4‬‬

‫وبذلك يكون عامل العمالة أو اإلقليم من يملك صالحية التدخل في حالة القيام دون الحصول‬
‫على رخصة لبناء أو توسعة املساجد وغيرها من األما كن املعدة ألداء شعائر الدين اإلسالمي‪ ،‬إذ يأمر فورا‬

‫‪ -1‬أحمد أجعون‪ ،‬تحديد السلطة املختصة بالترخيص بالبناء وربط املسؤولية باملحاسبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.615‬‬
‫‪ -2‬مصطفى بلكوزي‪ ،‬رخص التعمير في إطار الشباك الوحيد ‪ ،‬مرحع سابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -3‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.84.150‬الصادر في ‪ 6‬محرم ‪ 1405‬املوافق ل ‪ 2‬أكتوبر ‪ 1984‬املتعلق باألماكن املخصصة إلقامة شعائر الدين‬
‫اإلسالمي‪ ،‬كما وقع تغييره وتتميمه‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ 3753 :‬بتاريخ ‪ 07‬محرم ‪ 1405‬موافق ‪ 03‬أكتوبر ‪ ،1984‬ص ‪.927‬‬
‫‪ -4‬عبدهللا حارس ي‪ ،‬التدخل العمومي في ميدان التعمير باملغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،2008-2007 ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪49‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫بوقف هذه األشغال أو بهدم األبنية موضوع املخالفة‪ ،‬وذلك على نفقة املخالف‪ ،‬ودون اتباع للمسطرة‬
‫العادية‪ ،‬وإذا كانت الدولة هي املنفذة ألشغال تشييد هذه األبنية فال تطبق هذه املقتضيات ‪.1‬‬

‫ويمكن للعامل منح رخص البن اء بشكل استثنائي‪ ،‬وذلك في إطار مسطرة الحلول محل رئيس‬
‫املجلس الجماعي املمتنع عن ممارسة االختصاصات املسندة إليه بمقتض ى القانون‪ ،‬وذلك بعد الحصول‬
‫على حكم قضائي يقر حالة االمتناع‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬يمكن للسلطة املحلية ممثلة في الباشا فيما يخص جماعة املشور‪ ،‬تسلیم رخصة‬
‫البناء‪ ،‬باعتباره يمارس جميع االختصاصات املسندة إلى رؤساء الجماعات بمقتض ى القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 113.14‬املتعلق بالجماعات ‪.2‬‬

‫كما أن السلطة اإلدارية املحلية تمارس رقابتها على قرارات رئيس املجلس الجماعي االقاضية بمنح‬
‫تراخيص ممارسة التعمير العملياتي‪ ،‬حيث وبموجب التعديالت الجديدة أصبح رئيس الجماعة ملزم بتوجيه‬
‫اإلذن املتعلق بإحداث التجزئات العقارية مباشرة بعد تسليمها إلى املعني باألمر إلى السلطة اإلدارية املحلية‪،‬‬
‫مما يجعل إذن رئيس الجماعة يخضع لرقابة الوالي أو العامل‪ ،‬ويأتي هذا التعديل ملحاربة الرخص التي تمنح‬
‫خارج املصالح اإلدارية والتي ال تسجل في سجل التعمير لدى الجماعة وال تخضع للمسطرة القانونية‪ ،‬مما‬
‫أدى إلى االستيالء على عقارات الغير وانهيار البنايات ‪.3‬‬

‫إن ما سلف ذكره ال ينبغي أن ينسينا دور السلطة اإلدارية املحلية في التصدي ملخالفات التعمير‪،‬‬
‫فالقانون رقم ‪ 66.12‬عمل على تحديد من يقوم بمعاينة املخالفات في ميدان التعمير والبناء‪ ،‬وبالتالي أسند‬
‫اإلختصاص لكل من ضباط الشرطة القضائية ومراقبوا التعمير التابعون للوالي أو العامل أو لإلدارة املخولة‬
‫لهم صفة ضابط الشرطة ‪ ، 4‬حيث بموجب التعديالت الجديدة تم سحب بعض االختصاصات املتعلقة‬

‫‪ -1‬املادة الثامنة من ظهير ‪ 2‬أكتوبر ‪ 1984‬السالف الذكر‪.‬‬


‫‪ -2‬مصطفى بلكوزي‪ ،‬رقابة قضاء املشروعية على رخص البناء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ -3‬عزيزة الغداني‪ ،‬املستجدات القانونية املتعلقة بمراقبة وزجر املخالفات في مجال التعمير والبناء‪ ،‬من كتاب التعمير والبناء ومتطلبات‬
‫الحكامة الترابية‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية املنظمة من طرف املاستر املتخصص في قانون العقار والتعمير‪ ،‬بالكلية املتعددة التخصصات‬
‫بالناظور‪ ،‬أيام ‪3-2‬و‪ 4‬مارس ‪ ، 2017‬إعداد وتنسيق أحمد خرطة‪ ،‬مطبعة ووراقة القدس‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2018‬ص ‪.456‬‬
‫‪ -4‬سارة ازكواغ‪ ،‬قراءة في املستجدات التشريعية الزجرية للحد من املخالفات العمرانية (سلطات الرقابة وآليات الزجر)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.552‬‬
‫‪50‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫بمعاينة املخالفات من رئيس الجماعة لصالح العامل أو الوالي‪ ،‬حيث أنه لم يعد يختص بمعاينة‬
‫املخالفات ‪.1‬‬

‫وينبغي التنبيه أنه وباإلضافة إلى الحاالت السابقة التي أوكل فيها املشرع لجهات أخرى من غير‬
‫رئيس مجلس الجماعة سلطة الترخيص بالبناء‪ ،‬نالحظ أنه حتى في الحالة التي يبقى فيها هذا األخير هو‬
‫املختص بمنح رخص البناء‪ ،‬هناك أجهزة أخرى تزاحمه في هذا االختصاص إلى الحد الذي يطرح فيه‬
‫التساؤل حول الجهة الحقيقية التي تقرر منح الرخصة؟ ‪ ، 2‬حيث يرد على هذا املبدأ عدة استثناءات تتمثل‬
‫في التالي‪:‬‬

‫‪ ‬االستثناء األول‪ :‬يتعلق بجماعات مشاور القصر امللكي التي تتمع بأنظمة خاصة‪ ،‬يتكفل الباشا‬
‫بمنح رخصة البناء وذلك طبقا للمادة ‪ 113‬من القانون التنظيمي للجماعات ‪3‬؛‬
‫االستثناء الثاني‪ :‬متعلق باألماكن املخصصة إلقامة شعائر الدين اإلسالمي‪ ،‬التي يختص العامل‬ ‫‪‬‬
‫بمنح رخص بنائها طبقا لظهير ‪ 2‬أكتوبر ‪ ،1984‬كم ا تم تعديله بظهير ‪.2007‬‬
‫‪ ‬االستثناء الثالث‪ :‬يتعلق بتقنية الحلول املنصوص عليها في املادة ‪ 76‬من القانون التنظيمي‬
‫للجماعات ‪.4‬‬
‫االستثناء الرابع‪ :‬يتعلق بالجماعات األهلية باملدن العتيقة التي يتولى الترخيص ببنائها وزير‬ ‫‪‬‬
‫األوقاف والشؤون اإلسالمية طبقا لظهير ‪ 8‬يناير ‪.1938‬‬
‫‪ ‬االستثناء الخامس‪ :‬يتعلق باالختصاصات املمنوحة ملديري بعض الوكاالت املستحدثة حيث‬
‫أسندت املادة ‪ 27‬من القانون ‪ 16.04‬املتعلق بتهيئة ضفتي أبي رقراق والقانون ‪ 25.10‬املتعلق‬

‫‪ -1‬عزيزة الغداني‪ ،‬املستجدات القانونية املتعلقة بمراقبة وزجر املخالف ات في مجال التعمير والبناء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.458‬‬
‫‪ -2‬أحمد أجعون‪ ،‬تحديد السلطة املختصة بالترخيص بالبناء وربط املسؤولية باملحاسبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 617‬‬
‫‪ -3‬تنص هذه املادة على أنه‪" :‬يمارس باشا كل جماعة من جماعات املشور الصالحيات املسندة بمقتض ى هذا القانون التنظيمي إلى رؤساء‬
‫املجالس الجماعية ويؤازره مساعد‪ ،‬يمكن أن يفوض إليه جزءا من صالحياته وينوب عنه إذا تغيب أو عاقه عائق"‪.‬‬
‫‪ -4‬فإذا امتنع الرئيس عن القيام باألعمال املنوطة به بمقتض ى أحكام هذا القانون التنظيمي وترتب على ذلك إخالل بالسير العادي ملصالح‬
‫الجماعة‪ ،‬قام عامل ال عمالة أو اإلقليم بمطالبته بمزاولة املهام املنوطة به‪ .‬بعد انصرام أجل سبعة (‪ )7‬أيام من تاريخ توجيه الطلب دون‬
‫استجابة الرئيس‪ ،‬يحيل عامل العمالة أو اإلقليم األمر إلى قاض ي املستعجالت باملحكمة اإلدارية من اجل البت في وجود حالة االمتناع ‪ .‬ويبث‬
‫قاض ي املستعجالت داخل أجل ‪ 48‬ساعة من تاريخ تسجيل اإلحالة بكتابة الضبط بهذه املحكمة‪.‬‬
‫ويتم البت املشار إليه في الفقرة السابقة بواسطة حكم قضائي نهائي وعند القضاء بدون استدعاء األطراف؛ ذا أقر الحكم القضائي حالة‬
‫االمتناع ‪ ،‬جاز للعامل الحلول محل الرئيس في القيام باألعمال التي امتنع هذا األخير عن القيام بها‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫بتهيئة موقع بحيرة مارشيكا ملديري هاتين الوكالتين اختصاص منح رخص البناء والسكن وشهادة‬
‫املطابقة داخل نفوذها الترابي ‪.1‬‬

‫كما أن املادة ‪ 63‬من قانون ‪ 12-90‬املتعلق بالتعمير استثنت بعض األشغال التي تقوم بها الدولة من‬
‫الحصول على رخصة البناء وذلك نظرا لطبيعتها وأهميتها ويتعلق األمر باملنشآت الفنية كالسدود واألنفاق‬
‫والتجهيزات األساسية كالخزانات والسدود‪.‬‬

‫أيضا من الطبيعي أن تكون املشاريع واألشغال العسكرية التي تتطلب سرية ألسباب تتعلق بالدفاع‬
‫الوطني‪ ،‬معفاة من الحصول على رخصة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لباقي األشغال التي تقوم بها الدولة أو باقي األشخاص املعنوية فيفترض خضوعها للحصول‬
‫على الترخيص بالبناء‪ ،‬وقد تكفلت مجموع ة من املذكرات واملناشير ‪ 2‬بتحديدها ‪.3‬‬

‫وهذا كله ال ينبغي أن ينسينا دور السلطة املحلية في مجال إيقاف األشغال‪ ،‬فبالرجوع إلى املواد‬
‫املنظمة إلطار تدخل السلطات اإلدارية في ميدان زجر املخالفات التعميرية‪ ،‬يتضح لنا أن قرار إيقاف‬
‫األشغال قد يصدر إما من قبل رئيس املجلس الجماعي أو عن عامل اإلقليم‪.‬‬

‫والفرق بين الحالتين هو أن قرار رئيس املجلس يصدر بمناسبة الوقوف على بناء أقيم دون ترخيص أو‬
‫في حالة عدم احترام مقتضيات الرخصة استنادا إلى املادة ‪ 67‬من القانون رقم ‪.412.90‬‬

‫‪ -1‬أحمد أجعون‪ ،‬تحديد السلطة املختصة بالترخيص بالبناء وربط املسؤولية باملحاسبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 616‬‬
‫‪ -2‬وأخص بالذكر هنا ثالث مناشير‪:‬‬
‫‪ -‬املنشور رقم ‪ 126‬بتاريخ ‪ 28‬يونيو‪ 1985‬؛‬
‫‪ -‬املنشور رقم ‪ 222‬بتاریخ ‪ 12‬أبريل‪ 1995‬؛‬
‫‪ -‬املنشور رقم ‪ 1500/2000‬بتاريخ ‪ 6‬أكتوبر‪.2000‬‬
‫‪ -3‬أحمد أجعون‪ ،‬املننمازعات املتعلقة برخص البناء ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ -4‬تنص هذه املادة على أنه‪" :‬إذا كانت األفعال املتكونة منها مخالفة من املخالفات املنصوص عليها في املادة ‪ 66‬أعاله يمكن تداركها لكونها ال‬
‫تمثل إخالل خطيرا بضوابط التعمير والبناء التي جرى انتهاكها فإن رئيس مجلس الجماعة يأمر املخالف باتخاذ التدابير الالزمة إلنهاء‬
‫املخالفة في أجل ال يمكن أن يقل عن ‪ 15‬يوما وال أن يتجاوز ‪ 30‬يوما‪.‬‬
‫وإذا انتهت األفعال املتكونة منها املخالفة عند االقتضاء األجل امل شار إليه أعاله يقع التخلي عن املتابعة الجارية في شأنها‪.‬‬
‫وإذا لوحظ عند انتهاءؤ األجل املشار إليه أعاله أن املخالف لم ينفذ األوامر املبلغة إليه تطبق األحكام املنصوص عليها في املادة ‪ 68‬وما يليها‬
‫من هذا القانون‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫من هنا يتبين أن ممارسة صالحيات الشرطة في ميدان التعمير تمارس من قبل عدة متدخلين‪،‬‬
‫حيث وإلى جانب تدخل السلطة املنتخبة في ميدان شرطة التعمير‪ ،‬خول املشرع للعمال والوالة مجموعة من‬
‫اإلختصاصات في هذا املجال‪ ،‬إال أنه لم يتم تحديد بصورة دقيقة الكيفيات التي سيمارس بها كل طرف هذه‬
‫االختصاصات دون أن يشكل ذلك تدخال في اختصاصات اآلخر‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬انعكاسات تعدد املتدخلين على اتخاذ قرار التعمير العملياتي‪.‬‬

‫تعرف طلبات الحصول على تراخيص ممارسة أشغال التعمير العملياتي نتيجة لتعدد الهيئات‬
‫االستشارية املتدخلة في دراستها وإبرازها لرأيها واألخذ به‪ ،‬قبل إجابة السلطة املنتخبة املختص ة لطالب‬
‫الترخيص عدة إشكاالت‪ ،‬أفرزتها كثرة طلبات الحصول على هذه التراخيص وأيضا تعدد املتدخلين الواجب‬
‫األخذ بآرائهم والعمل بها السيما الرأي امللزم للوكالة الحضرية‪ ،‬األمر الذي قد يجعل مدة دراستها تتجاوز‬
‫أحيانا املدة املحددة قانونا‪ ،‬وبالتالي املوافقة عليها بشكل ضمني‪ ،‬أو رفضها أحيانا أخرى (املطلب األول)‪،‬‬
‫كما أن لغموض وتداخل األجهزة الرقابية على قرارات التعمير العملياتي (املطلب الثاني) مساوئ تنعكس‬
‫باألساس على التنزيل السليم للمقتضيات التعميرية املنصوص عليها باملخططات والتصاميم التعميرية‪،‬‬
‫وبالتالي خروجها عن األهداف التي أحدثت ألجلها‪ ،‬فينعكس ذلك سلبا على عدة مجاالت اقتصادية‪،‬‬
‫اجتماعية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬أمنية وبيئية‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬طلبات التعمير العملياتي بين البطء اإلداري والرفض‪.‬‬

‫يشكل التعمير إحدى السياسات العمومية التي تقوم الدولة بإعدادها وتشرف على إنجازها‬
‫مختلف األجهزة اإلدارية‪ ،‬الوطنية منها واملحلية‪ ،‬وذلك بسبب النمو الديمغرافي الكبير الذي تشهده بالدنا‬
‫وتنامي ظاهرة الهجرة القروية نحو املدن‪ ،‬وما واكبه ذلك من انتشار للبناء الغير القانوني‪ ،‬األمر الذي خلف‬
‫واق عا عمرانيا مشوها أفرز مشاكل ال حصر لها على عدة مستويات وأخل بشروط ومتطلبات التنمية‬
‫العمرانية املتوازنة ‪.1‬‬

‫ويخبر رئيس مجلس الجماعة الجهات املوجه إليها املحضر والشكوى بالتدابير التي اتخذها عمال بهذه املادة ومآل واستمرار الشكوى أو‬
‫سحبها"‪.‬‬
‫‪ -1‬نورالدين الوناني‪ ،‬الجزاءات الزجرية املقررة لجرائم التعمير ومدى فعاليتها في حماية املجال العمراني على ضوء مستجدات القانون رقم‬
‫‪ ، 66.12‬من كتاب التعمير والبناء ومتطلبات الحكامة الترابية‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية املنظمة من طرف املاستر املتخصص في قانون العقار‬
‫‪53‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫وبذلك أضحى التعمير يطرح اليوم قضايا ومشاكل أكثر تعقيدا‪ ،‬وتشعبا من أي وقت مض ى‪ ،‬نظرا‬
‫لتباين عناصره وارتباطه املباشر بالحاجيات اليومية‪ ،‬واألساسية للسكان‪ ،‬قضايا اليمكن تدبيرها بقرارات‬
‫مرتجلة‪ ،‬ألن ذلك من شأنه أن يساهم في إنتاج مجاالت حضرية غير قادرة على أداء وظائفها التنموية‪.1‬‬

‫وبالتالي ينبغي تحقيق املرونة الضرورية للتنزيل السليم لوثائق التعمير عن طريق تبسيط إجراءات‬
‫طلبات الحصول على تراخيص ممارسة التعمير العملياتي واملصادقة عليها وتسليمها‪.‬‬

‫السيما وأن القواعد اإلجرائية الخاصة بتسليم الرخص والوثائق املختلفة تكتس ي في ميدان‬
‫التعمير والبناء مكانة مهمة بالنسبة للمرتفقين الراغبين في الحصول على تلك الرخص باعتبارها أوراشا‬
‫عمرانية ذات وقع اقتصادي واجتماعي‪ .‬وتعتبر مرونة تسليم تلك الرخص واألذون مقياسا ملعرفة مدى‬
‫فعالية املؤسسات اإلدارية املعنية من حيث سرعة التجاوب مع الطلبات في ظرف زمني معقول وبجودة أكبر ‪.2‬‬

‫غير أنه وفي حالة رصد تأخير عند دراسة ملفات طلبات الرخص أو عند منحها‪ ،‬يقوم عمال‬
‫العماالت واألقاليم بتوجيه وحث الطرف أو األطراف املعنية بذلك على ضرورة التقيد بالقوانين واألنظمة‬
‫املعمول بها داخل أجل يتم تحديده لهذا الغرض‪ ،‬مع العمل على اتخاذهم التدابير الالزمة في حالة استمرار‬
‫التأخير ‪.3‬‬

‫واملالحظ في هذا اإلطار أن تنفيذ وثائق التعمير ال يكتمل إال بموافقة مجموعة من السلطات‬
‫العمومية في شخص السلطة الحكومية الوصية على التعمير وكذا مصالح وزارة الداخلية فضال عن جهات‬
‫إدارية أخرى حسب الحالة‪ ،‬بحيث تتم هذه املوافقة عبر ما تبديه إدارات الدولة من آراء استشارية ملزمة‬

‫والتعمير‪ ،‬بالكلية املتعددة التخصصات بالناظور‪ ،‬أيام ‪3-2‬و‪ 4‬مارس ‪ ، 2017‬إعداد وتنسيق أحمد خرطة‪ ،‬مطبعة ووراقة القدس‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2018‬ص‪.559‬‬
‫‪ -1‬غيثة دكراويي‪ ،‬منازعات التعمير بين املحاكم اإلدارية و املحاكم العادية‪ ،‬منشورات املجلة املغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد‬
‫الخاص رقم ‪ ، 13‬مطبعة األمنية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط ‪ ،2019‬ص‪. 5‬‬
‫‪ -2‬محمد عمري‪ ،‬قراءة ألحكام مرسوم الضابط العام للبناء في ضوء املستجدات القانونية الالحقة‪ ،‬من كتاب التعمير والبناء ومتطلبات‬
‫الحكامة الترابية‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية املنظمة من طرف املاستر املتخصص في قانون العقار والتعمير‪ ،‬بالكلية املتعددة التخصصات‬
‫بالناظور‪ ،‬أيام ‪3-2‬و‪ 4‬مارس ‪ ، 2017‬إعداد وتنسيق أحمد خرطة‪ ،‬مطبعة ووراقة القدس‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2018‬ص ‪.168‬‬
‫‪ -3‬مصطفى البدواني‪ ،‬األجهزة املتدخلة في مجال التعمير والبناء وفق آخر التشريعات القانونية‪ ،‬من كتاب التعمير والبناء ومتطلبات‬
‫الحكامة الترابية‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية املنظمة من طرف املاستر املتخصص في قانون العقار والتعمير‪ ،‬بالكلية املتعددة التخصصات‬
‫بالناظور‪ ،‬أيام ‪3-2‬و‪ 4‬مارس ‪ ، 2017‬إعداد وتنسيق أحمد خرطة‪ ،‬مطبعة ووراقة القدس‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2018‬ص‪. 380‬‬
‫‪54‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫للجماعات املوكول لها أمر تنفيذ وثائق التعمير‪ ،‬وأحيانا أخرى آراء ملزمة ومطابقة في نفس الوقت‪ ،‬كالرأي‬
‫الذي تبديه الوكاالت الحضرية‪.‬‬

‫غير أن هناك إشكاالت يطرحها تعدد املتدخلين في قطاع التعمير من بينها البطء في دراسة طلبات‬
‫الحصول على ترخيص من أجل البناء أو إحداث تجزئات عقارية‪ .‬وذلك بالرغم من أن املشرع قد حدد األجال‬
‫التي يجب خاللها دراسة هذه الطلبات (ثالثة أشهر فيما يخص مشاريع التجزئات وأجل شهرين فيما يخص‬
‫البنايات عدا املجموعات السكنية التي خص ص لها نفس أجل التجزئات)‪ ،‬فما يالحظ جليا أن تلك اآلجال‬
‫ال يتم احترامها من طرف السلطات اإلدارية ‪.1‬‬

‫على الرغم من كون القانون رقم ‪ 12-90‬املتعلق بالتعمير مكن من توفير اإلطار املناسب الذي‬
‫سمح للسلطات العمومية من التدخل بطريقة مناسبة وأكثر فاعلية ملعالجة املشاكل املطروحة ف ي مجال‬
‫التعمير بالنظر إلى تأثيراته الكبيرة على كافة املجتمع وبنياته‪ ،‬حيث جاء هذا القانون بمجموعة من‬
‫املقتضيات أهمها ‪ :‬تحسين وتسريع مساطر دراسة ومعالجة امللفات ‪.2‬‬

‫وكذا سعي املشرع املغربي من خالل القانون رقم ‪ 66.12‬املتعلق باملراقبة والزجر في مجال التعمير‬
‫والبناء توفير اإلطار القانوني للحد من األفعال املخلة بقانون التعمير والبناء‪ ،‬بهدف تمكين املغرب من نص‬
‫قانون يتجاوز من خالله القصور الذي يعرفه نظام الرقابة والزجر الذي كان معموال به ‪.3‬‬

‫كما أن قانون التعمير وقانون تنمية العمارات القروية لم يوضحا الكيفية التي يجب أن يقدم بها‬
‫طلب رخصة البناء أو شكله أو محتواه‪ ،‬ومثل هذه األمور أوكلتها النصوص لقرارات وضوابط البناء العامة‬
‫املتخذة بمرسوم وضوابط البناء الجماعية املتخدة بقرارات لرؤساء املجالس بناء على مداوالت هذه األخيرة‪.‬‬

‫‪ -1‬عماد ابركان‪ ،‬قراءة تحليلية نقدية في الرأي امللزم للوكاالت الحضرية‪ ،‬من كتاب التعمير والبناء ومتطلبات الحكامة الترابية‪ ،‬أشغال الندوة‬
‫الوطنية املنظمة من طرف املاستر املتخصص في قانون العقار والتعمير‪ ،‬بالكلية املتعددة التخصصات بالناظور‪ ،‬أيام ‪3-2‬و‪ 4‬مارس ‪، 2017‬‬
‫إعداد وتنسيق أحمد خرطة‪ ،‬مطبعة ووراقة القدس‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2018‬ص‪.292‬‬
‫‪ -2‬عماد ابركان‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.282‬‬
‫‪ -3‬نورالدين الوناني‪ ،‬الجزاءات الزجرية املقررة لجرائم التعمير ومدى فعاليتها في حماية املجال العمراني على ضوء مستجدات القانون رقم‬
‫‪ ، 66.12‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.559‬‬
‫‪55‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫فباالطالع على الدورية ‪ 1 2000-1500‬نجدها قد بينت الكيفية التي يتم بها تقديم هذه الطالبات‬
‫وذلك بنصها على مجموعة من الوثائق الالزم إرفاقها بملف طلب الرخصة‪ ،‬هذه الوثائق التي تختلف من‬

‫منطقة أو مجال ترابي إلى آخر ‪.2‬‬

‫وفي هذا السياق‪ ،‬وبعد طول انتظار‪ ،‬صدر املرسوم القاض ي باملوافقة على ضابط البناء العام‬
‫املحد د لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق املقررة بموجب النصوص التشريعية املتعلقة بالتعمير‬
‫والتجزئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها ‪.3‬‬

‫ويعتبر الشباك الوحيد ‪ 4‬آلية جديدة إلرساء دعائم حکامة جيدة في مجال تبسيط مساطر رخص‬
‫ال تعمير‪ ،‬وتفعيال لهذه اآللية في شموليتها‪ ،‬كأداة أساسية يمكنها املساهمة في تشجيع االستثمار وتحسين‬
‫مناخ األعمال في شقه املتعلق برخص التعمير‪ ،‬فالبد من توفرها على مواصفات تسمح ملختلف املتدخلين‬
‫من ممارسة اختصاصاتهم على الوجه األكمل ‪.5‬‬

‫ألن تبسيط مساطر التدبير الحض ري على مستوى منح الرخص املتعلقة بمشاريع البناء وإحداث‬

‫‪ -1‬الدورية ‪ 2000-1500‬الخاصة بتبسيط مسالك ومساطر دراسة طلبات رخص البناء وإحداث التجزئات العقارية واملجموعات لسكنية‬
‫وتقسيم العقارات‪ ،‬الصادرة عن الوزير املكلف بإعد اد التراب الوطني والتعمير واإلسكان والبيئة الصادرة في ‪ 6‬أكتوبر ‪ 2000‬لالطالع على‬
‫الوثائق املكونة مللف طلب رخصة البناء‪.‬‬
‫‪ -2‬الشريف البقالي‪ ،‬رخصة البناء بالوسط القروي نطاق إلزاميتها وشروط منحها‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫‪ -3‬محمد عمري‪ ،‬قراءة ألحكام مرسوم الضابط العام للبناء في ضوء املستجدات القانونية الالحقة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.168‬‬
‫‪ -4‬بالرجوع إلى املرسوم رقم ‪ 2.18.577‬الصادر في ‪ 8‬شوال ‪ 12( 1440‬يونيو ‪ ) 2019‬القاض ي باملوافقة على ضابط البناء العام املحدد لشكل‬
‫وشروط تسليم الرخص والوثائق املقررة بموجب النصوص التشريعية املتعلقة بالتعمي ر والتجزئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم‬
‫العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ 6793 :‬بتاريخ ‪ 05‬ذو القعدة ‪ 08( 1440‬يوليوز ‪ ،)2019‬الصفحة ‪، 4852‬‬
‫نجده ينص في مادته ‪ 10‬على أنه‪" :‬يحدث الشباك الوحيد لدى الجماعات التي يتجاوز عدد سكانها ‪ 50.000‬نسمة‪ ،‬ولدى املقاطعات‬
‫املنصوص عليها في القسم السادس املتعلق باملقتضيات الخاصة بالجماعات ذات نظام املقاطعات من القانون التنظيمي رقم ‪113.14‬‬
‫املتعلق بالجماعات‪ .‬ويعتمد لهذا الغرض عدد السكان املثبت في آخر إحصاء رسمي"‪ .‬وأضافت املادة ‪ 11‬من نفس املرسوم أن هذا الشباك‬
‫الوحيد لرخص التعمير يحدث بقرار مشترط للسلطتين الحكوميتين املكلفتين بالتعمير والداخلية‪.‬‬
‫‪ -5‬مصطفى بلكوزي‪ ،‬رخص التعمير في إطار الشباك الوحيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪56‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫التجزئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات ‪ 1‬في أقصر اآلجال ‪ ، 2‬سينتج عنه ال محال‬
‫املساهمة الفعالة في تقوية قطاع التعمير‪.‬‬

‫ويعتبر إيداع طلب رخصة البناء لدى السلطة املختصة املرحلة األولى التي تمكن السلطة املختصة‬
‫من مراقبة مدى استيفاء الطلب للوثائق املكونة للملف وإرجاعه إلى املعني باألمر في حالة عدم استيفائه‬
‫للشروط ‪.3‬‬

‫إال أنه باملوازاة مع هذا التوجه الرامي إلى تبسيط مساطر الحصول على مختلف الرخص واألذون‪،‬‬
‫فاملشرع أخذ على عاتقه حماية املجال العمراني‪ ،‬خاصة أن الواقع العملي كشف ظاهرة البناء غير القانوني‪،‬‬
‫التي ترجع في جزء منها إلى تعقد وطول مساطر الحصول على الرخص القانونية‪.‬‬

‫وبما أن املشرع املغربي سواء في قانون التعمير أو في قانون التجمع ات القروية يمنع القيام بالبناء‬
‫دون الحصول على رخصة‪ ،‬غير أن هذه الصيغة العامة كثيرا ما أدت إلى طرح تساؤالت ونزاعات من قبيل‪:‬‬
‫من هم األشخاص امللزمين بالحصول على رخصة‪ ،‬هل األشخاص الخاصة فقط أم أن األشخاص العامة‬
‫أيضا؟ وما هي املشاريع املستثناة من هذا الترخيص؟‪.‬‬

‫إن غياب نص قانوني واضح في هذا اإلطار يجعل بعض األشخاص املعنوية العامة تعتقد أنها غير‬
‫ملزمة بالحصول على رخصة البناء‪ ، 4‬حيث أنه‪ ،‬وإلى جانب التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪،‬‬
‫يمكن الحديث عن التنمية العمرانية‪ ،‬والتي تهتم بتنظيم املدينة أو بشكل أوسع بالتنظيم العقالني‬
‫الستعمال السطح‪ ،‬وهذه التنمية ال تتحقق إال بتخطيط حضري فعال ‪ 5‬عبر تقوية وتحسين مردودية‬
‫املتدخلين في مجال التعمير والبناء‪ ،‬بتوزيع االختصاصات وتقاسم الصالحيات وترتيب املسؤولية في حالة‬
‫التقاعس أو التقصير‪ ،‬نفس األمر ينسحب على الكافة‪ ،‬حيث أن تعدد الجهات املتدخلة في ميدان التعمير‬
‫قد يؤدي إلى تشتيت املسؤوليات أو التهرب منه ا وتداخلها أحيانا‪ ،‬إذ أن هناك من يقول إن تعدد هذه األجهزة‬

‫‪ -1‬خصص املرسوم رقم ‪ 2.18.577‬القاض ي باملوافقة على ضابط البناء العام السالف الذكر بابه الرابع لتبيان مساطر دراسة ملفات‬
‫طلبات الرخص بموجب املواد ‪ 19-18-17‬و‪ .20‬في حين خصص الباب الخامس لتسليم اإلذن بالتجزيء وإحداث املجموعات السكنية‬
‫وتقسيم العقارات ورخص البناء واإلصالح والتسوية والهدم‪.‬‬
‫‪ -2‬مصطفى البدواني‪ ،‬األجهزة املتدخلة في مجال التعمير والبناء وفق آخر التشريعات القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 383‬‬
‫‪ -3‬الشريف البقالي‪ ،‬رخصة البناء بالوسط القروي نطاق إلزاميتها وشروط منحها‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫‪ -4‬أحمد أجعون‪ ،‬املنازعات املتعلقة برخص البناء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ -5‬الحاج شكرة‪ ،‬الوجيز في قانون التعمير املغربي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ، 2013 ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪57‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫يؤدي إلى عرقلة التدبير الحضري من خالل قلة وثائق التعمير املصادق عليها‪ ،‬وكذا البطء في دراسة طلبات‬
‫الحصول على الرخص التعميرية ‪.1‬‬

‫ناهيك عن عدة أسباب أخرى تتمثل خاصة في البعد الردعي والزجري وعدم التطبيق السليم‬
‫للعقوبات املنصوص عليها بموجب التشريع‪ ،‬زيادة عن طول وتعقد املساطر املتعة ملعاينة‪.‬‬

‫ومن ثمة‪ ،‬يشكل التعمير إحدى السياسات العمومية التي تقوم بإعدادها الدولة وتشرف على‬
‫إنجازها مختلف األجهزة اإلدارية املختصة ‪.2‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مساوئ غموض وتداخل األجهزة الرقابية على قرارات التعمير العملياتي‪.‬‬

‫اكتسح التوسع العمراني غير املنظم على مدى عقود معظم هوامش املجال الحضري‪ ،‬بإفرازه‬
‫لتجمعات سكنية صغيرة بها‪ ،‬شكلت بذلك نواة التعمير غير القانوني باملجال الحضري وتطورت بشكل‬
‫تدريجي لتصبح فيما بعد ظاهرة عمرانية تفرض نفسها عليه‪ ،‬وتربك البنية العمرانية والتعميرية‪ ،‬وتشوه‬
‫جمالية املدن ‪.3‬‬

‫خاصة وأن التعمير العملياتي ببالدنا يحظى بأهمية كبيرة نظرا لالنعكاسات التي ينتجها على‬
‫مجاالت مختلفة‪ ،‬األمر الذي جعل السلطات العمومية تولي له أهمية كبرى‪ ،‬فقامت بإصدار ومراجعة عدة‬
‫تشريعات تهدف إلى تنظيمه‪ ،‬وذلك كلما دعت الضرورة إلى ذلك‪ ،‬وكأيضا كلما استجدت حاجيات وظروف‬
‫تحتم فعل ذلك‪.‬‬

‫وبالتالي تم التوصل إلى قناعة مفادها أنه لفرض احترام قانون التعمير المناص منه إصدار قانون‬
‫للحد من األفعال املخلة بقواعد البناء والتعمير‪ ،‬إذ أن هذه القواعد ال يمكن أن تكون فعالة إال إذا تمت‬
‫حمايتها برقابة فعالة وتدابير زجرية رادعة ‪ ، 4‬غير أن نظام الرقابة والزجر في مجال التعمير والبناء يعد من‬
‫أصعب العمليات بسبب ديناميكية الظاهرة واإلمكانيات الضخمة التي تحتاجها أجهزة املراقبة وهيئاتها‬

‫‪ -1‬مصطفى البدواني‪ ،‬األجهزة املتدخلة في مجال التعمير والبناء وفق آخر التشريعات القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحتين ‪ 378‬و‪.379‬‬
‫‪ -2‬مصطفى البدواني‪ ،‬األجهزة املتدخلة في مجال التعمير والبناء وفق آخر التشريعات القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.375‬‬
‫‪ -3‬رضوان العلمي‪ ،‬التعمير والتنمية املجالية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.289‬‬
‫‪ -4‬نورالدين الوناني‪ ،‬الجزاءات الزجرية املقررة لجرائم التعمير ومدى فعاليتها في حماية املجال العمراني على ضوء مستجدات القانون رقم‬
‫‪ ، 66.12‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.560‬‬
‫‪58‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫املكلفة بذلك‪ ،‬بفعل املشاكل املتعددة التي تهدد الطابع العمراني للمدينة يوما بعد يوم‪ ،‬مما يتطلب معه‬
‫وجود أجهزة رقابية قوية واضحة املعالم من حيث الصالحيات واملهام املكلفة بها على جميع املستويات‪.‬‬

‫فحقيقة أنه أمام التطور الديمغرافي السريع تم إصدار العديد من القوانين من أجل ضبط‬
‫التعمير في اتجاه خلق نوع من التوازن والتناسق في هذا املجال‪ ،‬والهدف من ذلك بطبيعة الحال هو حماية‬
‫املشهد املعماري والعمراني للمدينة وعدم املس بجماليتها ‪ ،1‬إال أن قوانين التعمير والبناء في العرف القانوني‬
‫عموما تبقى من قواعد الضبط اإلداري‪ ،‬التي تهدف إلى الحفاظ على سالمة املواطنين وأمنهم وصحتهم‪.‬‬

‫فبالرغم من أن نطاق تطبيق إلزامية رخصة البناء قد اتسع بموجب أحكام القانون رقم ‪12-90‬‬
‫املتعلق بالتعمير ليشمل مناطق أخرى غير التي كان يشملها قبل صدور هذا القانون‪ ،‬فإن هذه اإللزامية لم‬
‫تطل بعد مجموع التراب الوطني‪ ،‬إذ ال زالت هناك مناطق قروية غير خاضعة لرخصة البناء‪ ،‬باستثناء‬
‫املناطق املزودة بتصميم التنمية وهو ما نصت عليه املادة ‪ 40‬من القانون رقم ‪.2 12-90‬‬

‫وبالنسبة للقانون ‪ 25-90‬املتعلق بالتجزيئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات‪،‬‬


‫فقد حاول تمكين اإلدارة املكلفة بتدبير هذا املجال من الوسائل الضرورية والفعالة ملواجهة أحد املشاكل‬
‫املستعصية في مجال التدبير الحضري‪ ،‬وهو التجزيء السري‪ ،‬ومن أجل تحقيق هذا الهدف وسع هذا‬
‫القانون من مفهوم التجزئة العقارية والتقسيم وبين حقوق وواجبات املجزئين‪ ،‬وحدد وبسط مختلف‬

‫‪ -1‬مصطفى البدواني‪ ،‬األجهزة املتدخلة ف ي مجال التعمير والبناء وفق آخر التشريعات القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.375‬‬
‫‪ -2‬تنص هذه املادة على أنه‪" :‬يمنع القيام بالبناء دون الحصول على رخصة ملباشرة ذلك ‪:‬‬
‫ن‬
‫‪ -‬داخل الدوائر املنصوص عليها في املادة األولى أعاله‪ ،‬وفي النطاق املشار إليها في ب) من املادة ‪ 18‬من هذا القانو التي تكتس ي صبغة خاصة‬
‫تستوجب خضوع تهيئتها لرقابة إدارية؛ أي (جميع أو بعض أراض ي جماعة قروية أو جماعات قروية تكتس ي صبغة خاصة سياحية أو منجمية‬
‫ويستوجب نموها العمراني املرتقب تهيئة خاصة تخضع لرقابة إدارية‪ ،‬وتتولى اإلدارة تحديد هذه املناطق باقتراح من مجالس الجماعات‬
‫املختصة أو بطلب من عامل العمالة املعنية أو اإلقليم املعني في حالة صدور اقتراح من هذه املجالس)؛‬
‫‪ -‬خارج الدوائر املنصوص عليها في البند السابق والتجمعات القروية املوضوع لها تصميم تنمية‪ :‬على طول السكك الحديدية وطرق‬
‫املواصالت غير الجماعية إلى غاية ع مق يبلغ كيلومترا ابتداء من محور السكك الحديدية والطرق اآلنفة الذكر‪ ،‬وعلى طول حدود امللك العام‬
‫البحري إلى غايىة عمق يبلغ خمس كيلومترات؛‬
‫‪ -‬داخل التجزئات املأدون في إحداثها عمال بالتشريع املتعلق بتجزئة األراض ي وتقسيمها وإقامة املجموعات السكنية‪.‬‬
‫ويجب الحصول ع لى رخصة البناء كذلك في حالة ادخال تغييرات على املباني القائمة إذا كانت التغييرات املزمع ادخالها عليها تتعلق بالعناصر‬
‫املنصوص عليها في الضوابط املعمول بها"‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫مساطر دراسة امللفات‪ ،‬وفرض ضرورة اللجوء إلى املهنين ف ي املجال‪ ،‬ناهيك عن تقوية الجانب الزجري‪ ،‬كما‬
‫نظم عملية إعادة هيكلة التجزئات العشوائية ‪.1‬‬

‫كما أن عدم وجود أي نص ينظم التعمير باملناطق القروية بدأ يخلق مشاكل كبيرة‪ ،‬خاصة في ظل‬
‫التطور السريع الذي شهدته الكتل العمرانية القروية‪ ،‬مما جعل املشرع يفكر في تنظيم املجال القروي وهو‬
‫ما تم بالفعل عند إصدار ظهير ‪ 25‬يونيو ‪ 1960‬بشأن تنمية العمارات القروية‪ ،‬والذي يهم مناطق محددة‬
‫لم يكن يسري عليها ال قانون ‪ 1952‬بشأن التعمير‪ ،‬وال قانون ‪ 1953‬بشأن التجزئات وتقسيم األراض ي‪ ،‬كما‬
‫ال يسري عليها حاليا القانون الجديد رقم ‪ 12.90‬املتعلق بالتعمير‪ ،‬وكذا القانون رقم ‪ 25.90‬بشأن التجزتات‬
‫املعمارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات ‪.2‬‬

‫غير أنه وبالرغم من تضمن هذه القوانين السابقة ملقتضيات زجرية‪ ،‬إال أنها لم تستطع الحد أو‬
‫على األقل التقليل من جرائم التعمير نتيجة التطور االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬كما أن من أبرز العيوب‬
‫القانونية التي ميزت املنظومة التشريعية مليدان التعمير‪ ،‬هي كثرة الدوريات واملناشير في هذا املجال‪ ،‬والتي‬
‫أفرزت ما يعرف اليوم بالتعمير االستثنائي‪ ،‬والذي أصبح األصل من حيث التطبيق‪ ،‬مما جعل منه أحد أهم‬
‫العراقيل التشريعية‪ ،‬نظرا ملحدودية مراقبته ‪.3‬‬

‫وغني عن البيان أن الرقابة اإلدارية على عمليات البناء تقتض ي استمرارها في الزمان بالشكل الذي‬
‫يخول للسلطات اإلدارية مواكبة هذه األشغال منذ بدايتها وإلى غاية االنتهاء منها مع التأكد من استعمال‬
‫التجزئات واملباني املشيدة في الغرض املخصصة له‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس ت عتبر قواعد التعمير والبناء املنصوص عليها قانونا بمثابة اإلطار الذي يجب‬
‫احترامه من طرف كل من يباشر عملية من عمليات البناء والتجزيء وتقسيم األراض ي‪ ،‬وتطبيق هذه القواعد‬

‫‪ -1‬عماد ابركان‪ ،‬قراءة تحليلية نقدية في الرأي امللزم للوكاالت الحضرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫‪ -2‬وقد أتي ظهير ‪ 1960‬بأداة جديدة من أدوات التعمير‪ ،‬وهي تصميم التنمية املعروف بمرونته‪ ،‬حيث أصبح بإمكان اإلدارة أن تزود الكتل‬
‫العمرانية القروية بتصاميم التنمية والتي تحدد املناطق املخصصة األنشطة معينة أو للسكنى‪ ،‬وبمجرد أن يصادق على تصميم من هذا‬
‫النوع تصبح رخصة البناء إج بارية داخل املنطقة التي شملها التصميم ‪ ،‬وهذا ما نص عليه الفصل السابع من ظهير ‪ 25‬يونيو ‪ 1960‬الذي‬
‫جاء فيه ‪ :‬يمنع في العمارات القروية املتوفرة على تصميم خاص بتوسيع نطاقها تشييد أية بناية دون الحصول على اإلذن بالبناء تسلمه‬
‫السلطة املحلية‪( ،‬والذي أصبح يسلمه رئي س املجلس الجماعي بعد صدور ميثاق التنظيم الجماعي)؛ أورده‪ :‬الشريف البقالي‪ ،‬رخصة البناء‬
‫بالوسط القروي نطاق إلزاميتها وشروط منحها‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪ -3‬رضوان العلمي‪ ،‬التعمير والتنمية املجالية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.288‬‬
‫‪60‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫و احترام هذا اإلطار ال يمكن أن يكون فعاال إال إذا تمت حمايته بمجموعة من اإلجراءات اإلدارية والتدابير‬
‫الزجرية الهادفة أساسا إلى الوقاية وتفادي كل املخالفات قبل وقوعه‪ .‬بل األكثر من ذلك فحتى البناء في‬
‫العالم القروي يعرف عدة إكراهات تعزى إلى التعدد والتعقد الذي يشهده املجال‪ ،‬وإذا ما حاولنا أن نقوم‬
‫بتقييم شمولي للبناء في العالم القروي يمكن أن نستنتج أنه جزء كبير منه ال زال غير مستعد لتحمل تبعات‬
‫أحكام قانونية جبرية جديدة ‪.1‬‬

‫فإذا كانت مختلف التشريعات والقوانين تهدف إلى الضبط والتنظيم‪ ،‬فإنه يتعين على الجميع‬
‫احترام هذه القواعد التشريعية‪ ،‬ألن قانون التعمير يعد منظومة متكاملة من شأن اإلخالل ببعض مكوناتها‬
‫أن يفرغها من محتواها‪ ،‬حيث يالحظ على مستوى الواقع واملمارسة العملية وجود عراقيل تتمثل أساسا في‬
‫عدم احترام القواعد القانونية للتعمير من قبل املتدخلين العموميين والخواص على حد سواء ‪.2‬‬

‫ألنه وبالرغم من وجود ترسانة قانونية قوية تعنى بالتخطيط والتدبير العمراني باملغرب وآليات‬
‫مراقبة قبلية وبعدية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالتعمير العملياتي‪ ،‬إال أن الضغط املجتمعي وتزايد حاجيات‬
‫السكان بسبب الهجرة القروية والنمو الديموغرافي السريع باملدن‪ ،‬جعل القواعد القانونية التي تنظم املجال‬
‫واملشوبة بعدة نواقص‪ ،‬غير قادرة على استيعاب وتلبية هذه الحاجيات‪ ،‬مما خلق أزمة في تدبير املدن‪ ،‬وأفرز‬
‫توسعا مخثال وغير منظم للمجال‪ ،‬و میالد تعمير غير قانوني متجسد في أحياء عشوائية ودور صفيح تفتقر‬
‫ألبسط شروط العيش ‪.3‬‬

‫لذا فمراجعة القاعدة القانونية املؤطرة للعقوبات الزجرية والردع في مجال التعمير والبناء أضحى ضروري‬
‫ملواجهة التحديات التي يعرفها القطاع‪ ،‬سواء من خالل الضرب على أيدي كل املتالعبين بالثغرات القانونية‬
‫من خالل زجر املخالفات‪ ،‬أو من خالل إعطاء اإلدارة الوسائل الكفيلة ملراقبة أشغال التعمير العملياتي‬
‫سواء برقابة قبلية أو بعدية‪ .‬خاصة وأن التعمير العملياتي ببالدنا والذي يقصد به إخراج مقتضيات‬
‫وتوجهات وثائق التعمير إلى حيز الوجود يحظى بأهمية كبيرة لدى املختصين واملهتمين بهذا الشأن وكذا لدى‬

‫‪ -1‬أحمد مالكي‪ ،‬البناء في العالم القروي باملغ رب وإكراهات الواقع‪ ،‬مقال منشور باملجلة املغربية للدراسات القانونية‪ ،‬دار النشر املؤسسة‬
‫املغربية للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد االفتتاحي‪ ،‬يناير ‪ ،2016‬ص‪.115‬‬
‫‪ -2‬رضوان العلمي‪ ،‬التعمير والتنمية املجالية باملغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 288‬‬
‫‪- -3‬رضوان العلمي‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪. 290‬‬
‫‪61‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫السلطات العمومية ‪.1‬‬

‫وقد أظهر الواقع العملي عدم قدرة الكثير من رؤساء املجالس الجماعية على تدبير مجاالت شرطة‬
‫التعمير الجماعية‪ ،‬فإل ى جانب ضعف التكوين في مجال التعمير‪ ،‬واجه الكثير منهم عدة إكراهات للمالءمة‬
‫بين االلتزامات الشخصية واملسؤوليات التسييرية لإلدارة الجماعية‪ ،‬األمر الذي ينعكس على التعامل‬
‫اإليجابي مع دراسة طلبات ممارسة التعمير العملياتي‪.‬‬

‫خاصة وأن منح رخص التعمير العملياتي تتطلب وجود هياكل تتكلف بدراسة مختلف ملفات‬
‫طلب الرخص وفق مسطرة وآجال محددة وهو ما أكد عليه مرسوم ضابط البناء العام الذي حدد كذلك‬
‫مجال تطبيقه‪ .‬السيما وأن ثمة تشوهات عديدة أصابت النسيج العمراني وسط مركز الجماعة وفي األحياء‬
‫السكنية والتداخل فيما بينها‪2 ...‬‬ ‫الجانبية‪ ،‬أضف إلى ذلك الفوارق امللحوظة بين املناطق‬

‫حيث تطبق أحكام هذا الضابط على جميع مشاريع البناء‪ ،‬أو إحداث التجزئات العقارية‬
‫واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات التي يقوم بها كل شخص ذاتي أو معنوي خاص أو عام‪ ،‬ويخضع‬
‫إنجازها للحصول املسبق على األذون والرخص املنصوص عليها في ضابط البناء‪ .‬غير أن ضابط البناء العام‬
‫ال يسري على‪ :‬منطقة تهيئة ضفتي أبي رقراق؛ ومنطقة تهيئة موقع بحيرة مارشيكا؛ كما ال تسري على طلبات‬
‫الترخيص بناء األماكن املخصصة إلقامة شعائر الدين اإلسالمي (املساجد‪.3 )..‬‬

‫ولهذا فإن املرسوم القاض ي باملوافقة على ضاب ط البناء العام السالف الذكر يندرج في سياق‬
‫إصالح املنظومة القانونية املحددة لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق املقررة بموجب النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية املتعلقة بالتعمير والبناء‪ ،‬كما يمثل أحد املرتكزات األساسية املواكبة املجهودات‬
‫املبذولة من طرف الحكومة لتحسين مناخ األعمال وإنعاش االستثمار وتبسيط املساطر اإلدارية ببالدنا‪ .‬هذا‬
‫املرسوم عمل على إدراج شكل وشروط تسليم الرخص الجديدة املحدثة بموجب القانون رقم ‪ 66.12‬املتعلق‬
‫بمراقبة وزجر املخالفات في مجال التعمير والبناء واملتمثلة في رخص اإلصالح والتسوية والهدم‪.‬‬

‫‪ -1‬الحاج شكرة‪ ،‬التعمير العملياتي باملغرب – دراسة قانونية وقضائية‪ -‬مطبعة دعاية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سال ‪ ،2020‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -2‬بوشعيب أوعبي‪ ،‬قانون التعمير املغربي نظرية عامة‪،‬مطبعة دار القلم‪ ،‬دون ذكر دار الناشر‪ ،‬الرباط ‪ ، 2013‬ص ‪.86‬‬
‫‪ -3‬الهياللي عبدالهادي‪ ،‬قراءة في املرسوم الصادر بتاريخ ‪ 27‬ماي ‪ 2013‬املتعلق بضابط البناء العام‪ ،‬مقال منشور باملجلة املغربية لإلدارة‬
‫املحلية والتنمية‪،‬مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،2014 ،‬ص ‪. 163‬‬
‫‪62‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫ويهدف ضابط البناء العام‪ ،‬إلى تحديد شكل وشروط إيداع ودراسة طليات وتسليم األذون املتعلقة بإحداث‬
‫التجزئات العقارية واملجموعات السكنية و تقسيم العقارات ورخص البناء ورخص السکنى ‪ .1‬ألجل ذلك‬
‫فالتعمير العملياتي شامل لجميع مظاهر تنفيذ السياسة سواء تعلق األمر بتنقيط وثائق الت عمير على اعتبار‬
‫أنها هي التي تجسد السياسة املتبعة في ميدان التخطيط الحضري أو على مستوى امليادين املرتبطة بتهمة‬
‫املجال کاعادة الهيكلة والتدخل في ميدان السکنى ومحاربة أحياء الصفيح ‪.2‬‬

‫واملالحظ أن قانون التعمير لم تعد مهمته العمل على توفير املعمار املناسبة بل تجاوز ذلك لينظر‬
‫إلى الجماعة والسكان عوض النظر إلى البنايات والعمران‪ ،‬لكون الغاية أضحت هي السهر على راحة الساكنة‬
‫بتوفير متطلباتها الحيوية‪ ،‬وهو ما يستجيب له قانون التعمير بدرجة أساسية‪ ،‬وهذا ما ترمي إليه التنمية‬
‫العمرانية عن طريق توزيع مهام األجهزة الساهرة واملتدخلة في هذا املجال بشكل يحقق تناغما وانسجاما‬
‫بالرفع من فعاليتها لتحقق إعادة الهيكلة والتنظيم والتنمية املنسجمة للتجمعات السكانية وكذا ضبط‬
‫أدوات وتقنيات التعمير ‪ ، 3‬وتجاوز الضغط الذي تعاني منه األنسجة الحضرية بفعل ارتفاع وتيرة النمو‬
‫العمراني الذي أذى إ لى إضعاف هياكل املدينة‪ ،‬وتدهور ظروف السكن‪ ،‬حيث بلغ هذا الضغط حدا أصبح‬
‫معه أحيانا تطور املجاالت الحضرية يمت إلى مذهب الفوض ى أكثر منه إلى منطق التنظيم ‪.4‬‬

‫‪ -80‬الهياللي عبدالهادي‪ ،‬قراءة في املرسوم الصادر بتاريخ ‪ 27‬ماي ‪ 2013‬املتعلق بضابط البناء العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ، 159‬وهو ما أكده‬
‫املرسوم رقم ‪ 2.18.577‬القاضب باملوافقة على ضابط البناء العام في بابه األول املحدد للغرض منه ونطاق تطبيقه‪ ،‬بموجب املواد من األولى‬
‫إلى غاية املادة الخامسة منه‪.‬‬
‫‪ -2‬الحاج شكرة‪ ،‬التعمير العملياتي باملغرب – دراسة قانونية وقضائية‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪ -82‬مصطفى البدواني‪ ،‬األجهزة املتدخلة في مجال التعمير والبناء وفق آخر التشريعات القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.378‬‬
‫‪ -4‬محمد محجوبي‪ ،‬قراءة عملية في قوانين التعمير املغربية‪ ،‬مطبعة دار النشر املغربية‪ ،‬ددار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.5‬‬
‫‪63‬‬
‫مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية العدد الثامن والثالثين مارس – يونيو ‪2022‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫ختاما يتضح أن لتعدد املتدخلين وتنوع املصدرين فيما يتعلق بالتعمير العملياتي مجموعة من‬
‫اآلثار التي لها إيجابياتها ولها أيضا سلبيتها ‪ ،‬لكن لتجاوز هذه األخير يجب إعادة النظر في مجموعة من‬
‫املعطيات التي تؤثر سلبا أحيانا على تنظيم املجال العمراني وأحيانا أخرى على جودة خدمات املرفق‬
‫العمومي املسؤول عن الترخيص بممارسة أشغال التعمير العملياتي والرقاب ة عليها‪.‬‬

‫وتأسيسا عليه‪ ،‬فإن الدفع بإصالح اإلشكاالت القانونية التي يعرفها مجال التعمير العملياتي في‬
‫الشق املتعلق بتعدد املتدخلين واملصدرين لقراراته لن يتأتى دون األخد بمجموعة من التوصيات تم إدراجها‬
‫على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬تجاوز الشتات والتفرقة في النصوص القانوني ة املنظمة لعمليات التعمير العملياتي‪ ،‬وتحيينها على النحو‬
‫على يعزز الرقابة على القرارات اإلدارية املتعلقة بها سواء في مرحلة إعدادها أو تنفيذ مقتضياتها‪ ،‬على النحو‬
‫الذي يمكن من تجاوز االختالالت التي تطرحها عادة‪ ،‬وجعلها تواكب التطورات االقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫وأ يضا لتفادي إصدار املزيد من الدوريات واملناشير التي تصدر أحيانا لسد الفراغ القانوني؛‬

‫‪ -‬تعزيز النصوص القانونية الزجرية ملخالفات التعمير والبناء بعقوبات أكثر صرامة من شأنها ردع املخالفين‬
‫للقوانين املؤطرة لعميات التعمير العملياتي‪ ،‬وتعيين قضاة متخصصين في مجال التعمير والبناء؛‬
‫‪ -‬خلق لجن محلية تحت رئاسة وإشراف إطار مكون ومتمرس في قضايا التعمير والبناء‪ ،‬تكون وظيفتها رصد‬
‫والتصدي ملخالفات التعمير والبناء‪ ،‬ووضع حد لها‪ ،‬والسهر على تجاوزها؛‬
‫‪ -‬استحضار حس الوطنية وروح املواطنة من قبل كل املتدخلين وتفضيل املصلحة العامة عن املصلحة‬
‫الخاصة‪ ،‬وانخراطهم من أجل إيجاد حلول لتجاوز االختالالت التي يطرحها مجال التعمير العملياتي‪،‬‬
‫‪ -‬تعزيز تدخل املقاطعات في ميدان التعمير العملياتي‪ ،‬من خال إعطاء مسؤوليات واضحة ومحدد؛‬
‫‪ -‬تسوية الوضعية القانونية للبنايات املخالفة ملقتضيات التصاميم التعميرية‪ ،‬والعمل على تجاوز‬
‫االختالالت التي تؤدي إلى إحداثها؛‬
‫‪ -‬تنظيم دورات تكوينية لفائدة الهيئات املنتخبية املتدخلة في ميدان التعمير؛‬
‫‪ -‬تنظيم حمالت تحسيسية لفائدة املواطنين هدفها الوعي بأهمية املحافظة على املجال العمراني‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like