You are on page 1of 11

245-235 ‫ ص‬،)2022( 01 :‫ الع ــدد‬/17‫اجمللد‬ ‫جملة املفكر‬

‫دور اإلرادة يف حتديد القانون الواجب التطبيق على عقود نقل التكنولوجيا‬
The role of the will in determining the law applicable to technology
transfer contracts
2
‫ صالح الدين عقر الدماغ‬،1 ‫قروف موسى‬
mguerrouf@gmail.com ،‫جامعة حممد خيضر بسكرة‬1

Salah.akerdemagh@univ-biskra.dz ،‫جامعة حممد خيضر بسكرة‬2


2022/06/16 :‫ اتريخ النشر‬2022/06/07 :‫ اتريخ القبول‬2021/11/08 :‫اتريخ االستالم‬

:‫ملخص‬
‫عقد نقل التكنولوجيا هو اتفاق إرادتني أو أكثر على إحداث أثر قانوين يرتتب عليه إكتساب حقوق‬
‫وحتمل التزامات وأهم بنود هذا االتفاق هو القانون الواجب التطبيق على التحكيم يف منازعات عقود نقل‬
‫التكنولوجيا حيث تظهر إرادة أطراف العقد بصورة صحيحة واضحة أو بصورة ضمنية ويف حالة غياب إرادة‬
‫األطراف يف حتديد القانون الواجب التطبيق أييت دور هيئة التحكيم يف البحث عن القانون املناسب ووفق ضوابط‬
.‫معينة‬
.‫ التحكيم‬،.‫ نقل التكنولوجيا‬،.‫ العقد‬،.‫قانون اإلرادة‬:‫كلمات مفتاحية‬

Abstract:
A technology transfer contract is an agreement of two or more wills to have
a legal effect that leads to the acquisition of rights and bearing obligations and the
most important provisions of this agreement is the law applicable to arbitration in
disputes in technology transfer contracts where the will of the parties to the
contract appears correctly, clearly or implicitly, and in the absence of the will of
the parties in Determining the applicable law The role of the arbitration panel is to
search for the appropriate law and according to certain controls.
Keywords:Law of will; contract; technology transfer; arbitration.

Salah.akerdemagh@univ-biskra.dz :‫ اإلمييل‬،‫ صالح الدين عقر الدماغ‬:‫املؤلف املرسل‬


‫دور االرادة يف حتديد القانون الواجب التطبيق على عقود نقل التكنولوجيا‬

‫‪ .1‬مقدمة‪:‬‬
‫إن حتديد القانون الواجب التطبيق ابلنسبة للتحكيم يف النزاعات الناشئة يف عقود نقل التكنولوجيا‬
‫أمر ابلغ األمهية فتحديد القانون بطريقة سليمة يعترب نصف احلل فهو يرسم طريق واضح حلل النزاع وهناك‬
‫عدة طرق لتحديد القانون الواجب التطبيق من بينها قانون اإلرادة ومعناه توافق إرادة أطراف العقد حول‬
‫قانون معني يكون هو القانون الواجب التطبيق يف حال نشوء نزاع مبناسبة تنفيذ العقد ويف حال وجود‬
‫إرادة ألطراف العقد تكون هيئة التحكيم ملزمة ابلعمل ابلقانون املختار من طرفهم سواء كانت هذه اإلرادة‬
‫واضحة صرحية أو ضمنية فهي ال ترتك أي جمال للمحكمني سوى االنصياع هلا‪.‬‬
‫ومن اهداف دراسة املوضوع هو حماولة بيان دور إرادة األطراف يف عقود نقل التكنولوجيا يف حتديد‬
‫القانون الذي يطبق‪ ،‬كما هتدف الدراسة إىل ربط إرادة األطراف ودوروها يف حتديد القانون الواجب‬
‫التطبيق‪ ،‬ومدى تدخل هيئة التحكيم يف ارادة األطراف‪.‬‬
‫ومبا أن عقود نقل التكنولوجيا هي من العقود الرضائية تبىن على أساس مبدأ سلطان اإلرادة فهنا‬
‫نطرح االشكالية اآلتية‪:‬‬
‫ما هو الدور الذي تلعبه إرادة األطراف يف وضع قانون الواجب التطبيق لسراينه على عقود نقل‬
‫التكنولوجيا الذي مت ابرامه فيما بينهما؟‬
‫الفرضيات‪:‬‬
‫لإلجابة عن اإلشكالية املطروحة مت وضع الفرضيات اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬أن عقود نقل التكنولوجيا تستند على اإلرادة الصرحية والضمنية يف حتديد القانون الواجب‬
‫التطبيق‪.‬‬
‫‪ -‬أن يف حالة غياب ارادة األطراف تتدخل هيئة التحكيم يف وضع القانون الواجب التطبيق‬
‫‪-‬هيئة التحكيم تعتد ابإلرادة الضمنية يف حتديد القانون الواجب التطبيق‪.‬‬
‫لإلجابة على هذه اإلشكاليات قسمنا اخلطة إىل ثالث مطالب سنتناول‪ :‬دور اإلرادة الصرحية يف‬
‫اختيار القانون الواجب التطبيق‪( :‬املطلب األول)‪ ،‬ودور اإلرادة الضمنية يف اختيار القانون الواجب التطبيق‬
‫(املطلب الثاين)‪ ،‬غياب وإرادة األطراف يف حتديد القانون الواجب التطبيق (املطلب الثالث)‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫قروف موسى‪.‬عقر الدماغ صالح الدين‬

‫‪ .2‬املطلب األول‪ :‬دور اإلرادة الصرحية يف اختيار القانون الواجب التطبيق‪:‬‬


‫إن املطلع على أغلب العقود الدولية وعقود نقل التكنولوجيا بصفة خاصة‪ ،‬جيد أن إرادة األطراف‬
‫واضحة وصرحية يف اختيار القانون الواجب التطبيق‪ ،‬وذلك من خالل بنود عقد التحكيم وهو ما يسمى‬
‫شرط االختصاص التشريعي والذي حيدد بوضوح القانون الواجب التطبيق على العقد وقد يكون ضمن‬
‫العقد األصلي أو يف وثيقة مستقلة عنه‪(.‬حممد السيد‪ ،2009 ،‬صفحة ‪)136‬‬
‫ووفقا للقواعد العامة فإن احملكمني ملزمني يف هذه احلالة ابلعمل إبرادة األطراف وتطبيق القانون‬
‫الذي مت اختياره‪ ،‬كما ميكن لألطراف يف أي وقت تعديل بند االختصاص التشريعي املختار يف العقد‬
‫األصلي بشرط أال يؤدي هذا التعديل إىل اإلخالل بصحة العقد‪.‬‬
‫وعند النص صراحة على القانون الواجب التطبيق يف عقود نقل التكنولوجيا‪ ،‬جند ذلك واضح يف‬
‫بنود شرط التحكيم أو مشارطة التحكيم‪(.‬حممد سامي‪ ،1997 ،‬صفحة ‪)168‬‬
‫ويظهر بوضوح إرادة األطراف الصرحية يف اختيار القانون الواجب التطبيق على عقود نقل‬
‫التكنولوجيا سواء كان االعتماد يف إختيار النظم القانونية الوطنية أو اختيار قواعد القانون الدويل ابلنص‬
‫عليها يف الوثيقة األساسية أو يف شكل وثيقة ملحقة‪ ،‬يف شكل صور هي‪:‬‬
‫‪ .1.2‬الفرع األول‪ :‬االختيار املباشر لقانون وطين معني أو قواعد دولية معينة‪.‬‬
‫انطالقا من حرية األطراف يف اختيار القانون الواجب التطبيق فإن ادراج هذا القانون مباشرة يف‬
‫الوثيقة األصلية يبني بوضوح ودقة عالقة القانون املختار مبوضوع العقد مما يساهم يف اختيار القانون‬
‫األنسب‪.‬‬
‫وقد يقع االختيار املباشر على قواعد قانونية دولية ابالستناد إىل سلطان اإلدارة وحرية أطراف‬
‫العقد‪ ،‬حيث ذهبت هيئة التحكيم لدي مركز تسوية املنازعات االستثمارية بواشنطن لتطبيق اتفاقية‬
‫واشنطن وذلك من خ الل اعتدائها ابإلرادة الصرحية يف قضية (‪ )AGIP‬ضد حكومة الكونغو‪ ،‬حيث‬
‫اتفق األطراف على أن تسوية اخلالفات اليت قد تنشأ بينهم بشأن تغيري أو تطبيق االتفاق وفقا ألحكام‬
‫اتفاقية واشنطن‪ ،‬من خالل هيئة حتكيم تتشكل من ثالث حمكمني يتم تعيينهم وفقا ألحكام االتفاقية‪،‬‬
‫على أن تطبق اهليئة القانون الكوجنويل املكمل ابلقانون الدويل يف حاالت الضرورة‪(.‬صالح الدين‪،‬‬
‫‪ ،2004‬صفحة ‪)69‬‬

‫‪237‬‬
‫دور االرادة يف حتديد القانون الواجب التطبيق على عقود نقل التكنولوجيا‬

‫كما جند القانون الواجب التطبيق غالبا مدوان يف العقود النموذجية الدولية‪ ،‬حيث تبني القانون‬
‫الواجب التطبيق على موضوع النزاع مثال ذلك ما جاء يف العقود النموذجية اخلاصة بنقل التكنولوجيا‬
‫الواردة يف االتفاقية املربمة بني الدول الغربية حيث نصت املادة ‪ 13‬على أن العقد وما نشأ عنه من‬
‫منازعات ختضع لقانون دولة البائع إال إذا اتفقت األطراف على غري ذلك‪(.‬حممد سامي‪ ،1997 ،‬صفحة‬
‫‪.)186‬‬
‫واملعروف أن العقود الدولية متنح احلرية الكاملة ألطراف العقد يف اختيار القانون الواجب التطبيق‬
‫عليها وعقود نقل التكنولوجيا هي أحد العقود الدولية املشار إليها‪ ،‬وابلتايل جيب إعمال قانون اإلرادة‬
‫وتطبيقه على موضوع النزاع حسب ما اجتهت اإلرادة املشرتكة أبطراف العقد‪(.‬األسعد‪ ،2006 ،‬صفحة‬
‫‪.)102‬‬
‫‪ .2.2‬الفرع الثاين‪ :‬حالة صياغة أطراف عقود نقل التكنولوجيا لشروط العقد بصفة تفصيلية‬
‫دقيقة تشمل مجيع جزئيات العقد‪.‬‬
‫هذه الطريقة انتشرت بصورة كبرية خصوصا يف العقود املركبة اليت يربم إلنشاء اجملمعات الصناعية أو‬
‫الستغالل الثروات البرتولية‪ ،‬حيث ترفق العقود مبالحق تفصيلية تشمل مجيع املسائل اليت قد ينشأ عنها‬
‫نزاع معني‪ ،‬ولكن هذا النوع من العقود حيمل سلبيات من بينها اجلمود الذي ينتج عن التقيد بنص العقد‬
‫دون اللجوء إىل قانون خارجي‪(.‬شفيق‪ ،1997 ،‬صفحة ‪)124‬‬
‫ويف حالة نشوء نزاع على هيئة التحكيم الرجوع إىل بنود العقد التفصيلي امللحق الذي حيدد بدقة‬
‫القواعد اليت تطبق‪ ،‬ويف حالة النزاع خبصوص كل احلاالت اليت سبق وتوقعها أطرف العقد‪(.‬فتح هللا عوض‪،‬‬
‫‪ ،2012‬صفحة ‪.)84‬‬
‫ويطرح التساؤل هنا يف حالة عدم التعبري بصراحة عن إرادة األطراف‪ ،‬ما هو احلل هل حيل احملكم‬
‫حمل أطراف العقد وخيتار القانون الواجب التطبيق؟ أم عليه أن يبحث عن إرادة األطراف ضمنيا؟ وهل هو‬
‫مقيد بضوابط أم هو حر؟‬
‫‪ .3‬املطلب الثاين‪ :‬دور اإلرادة الضمنية يف اختيار القانون الواجب التطبيق‪:‬‬

‫‪238‬‬
‫قروف موسى‪.‬عقر الدماغ صالح الدين‬

‫قد ال يفصح أطراف العقد صراحة عن إرادهتم يف حتديد القانون الواجب التطبيق على موضوع‬
‫النزاع‪ ،‬فيتعني يف هذه احلالة على احلكم أن يبحث عن اإلرادة الضمنية أو املفرتضة لألطراف لكي يتمكن‬
‫فيها من حتديد القانون الذي سيطبق على موضوع النزاع‪(.‬حممد سامي‪ ،1997 ،‬صفحة ‪)187‬‬
‫ويرجع سبب عدم ذكر القانون الواجب التطبيق على منازعات العقود الدولية‪ ،‬إما بسبب نقص‬
‫اخلربة القانونية لدى املكلفني ابلتفاوض وإبرام العقد وذلك نظرا لتكوينهم التقين أو الفين أو يف حالة‬
‫أخرى‪ ،‬وهي األغلب حيث يكلف ابلتفاوض يف عقود نقل التكنولوجيا الدولية خلرباء قانونيني وبسبب‬
‫الرتكيز على إبرام العقد دون اإلطالة يف املفاوضات يعمدون إىل أتجيل حتديد القانون الواجب التطبيق يف‬
‫حالة النزاع الذي قد يثور مبناسبة تنفيذ بنود العقد‪(.‬فلحوط‪ ،2005 ،‬صفحة ‪)494‬‬
‫نالحظ أن اإلرادة الصرحية واإلرادة الضمنية متساوية من حيث القوة يف أغلب التشريعات‬
‫واالتفاقيات الدولية (حيث جاء يف املادة ‪ 60‬فقرة ‪ 02‬من القانون املدين اجلزائري "وجيوز أن يكون التعبري‬
‫عن اإلرادة ضمنيا إذا مل ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريح" وجاء يف املادة ‪ 90‬فقرة ‪02‬‬
‫من القانون اللييب "وجيوز أن يكون التعبري عن اإلرادة ضمنيا إذا مل ينص القانون أو يتفق الطرفان على‬
‫خالف ذلك" ونصت املادة ‪ 02‬فقرة ‪ 01‬عن اتفاقية الهامي املربمة يف ‪ 15‬يونيو ‪ 1955‬املتعلقة‬
‫اب لقانون الواجب التطبيق على البيوع الدولية لألشياء املنقولة املادية واليت تنص على أنه "يسري عقد البيع‬
‫القانون الداخلي للبلد الذي حيدده األطراف املتعاقدة" هنا مل حيدد املشرع نوع اإلرادة صرحية أو‬
‫ضمنية‪.‬لكن املادة ‪ 03‬فقرة ‪ 01‬من اتفاقية روما املربمة بني دول االحتاد األورو ي واملتعلقة ابلقانون‬
‫الواجب التطبيق على االلتزامات التعاقدية املربمة سنة ‪ 1980‬قررت "يسري على العقد القانون الذي‬
‫خيتاره األطراف وجيب أن يكون هذا االختيار صرحيا أو يستخلص بطريقة مؤكدة من أحكام العقد أو من‬
‫ظروف القضية")‪ ،‬ولكنها حددت جمموعة من الضوابط الالزمة الستخراج اإلرادة الضمنية‪ ،‬وذلك حىت‬
‫تضمن الوصول لإلرادة احلقيقية ألطراف العقد وال تدع جمال للتالعب هبا(املواجدة‪ ،2010 ،‬صفحة‬
‫‪ ،)222‬وذلك من نصوص العقد أو من ظروف توقيع العقد(مسعودة‪ ،2016 ،‬صفحة ‪.)20‬‬
‫هنا أييت دور احملكم أو هيئة التحكيم يف معرفة اإلرادة الضمنية ألطراف العقد‪ ،‬وذلك ابإلعتماد‬
‫على جمموعة ضوابط حمددة ودقيقة متكنه للوصول لإلرادة احلقيقية‪ ،‬ومن بينها اشرتاط تنفيذ العقد يف إقليم‬
‫دولة معينة أو انتماء أطراف العقد جلنسية دولة معينة أو اتفاق طريف العقد على جعل االختصاص ينظر‬
‫املنازعة املتعلقة ابلعقد حملاكم دولة معينة أو ملركز من مراكز التحكيم الدائمة مما يفيد ابجتاه إرادة أطراف‬
‫‪239‬‬
‫دور االرادة يف حتديد القانون الواجب التطبيق على عقود نقل التكنولوجيا‬

‫العقد لتطبيق ذلك القانون‪ ،‬كما قد يعتمد احملكم على مصطلحات العقد اليت ال توجد إال يف قانون معني‬
‫يفهم منه هنا كذلك أن إرادة أطراف العقد تتجه لتطبيق ذلك القانون وحرية احملكم ليست مطلقة وإمنا‬
‫تتقيد ابلضوابط املوضوعية والشكلية اليت تؤدي للوصول لإلرادة احلقيقية ألطرف العقد‪ ،‬كما أن احملكم ال‬
‫جيرب على اختيار قانون دولة معينة حبجة أن مجيع قوانني الدول أمامه هلا نفس القيمة حيث تعترب ابلنسبة‬
‫له أجنبية على العقد حىت وإن كانت من نفس جنسية أطراف العقد(رحوم‪ ،‬صفحة ‪.)672‬‬
‫خبصوص هذا الشأن قرر قانون اإلجراءات املدنية الفرنسي يف الفقرة األوىل من املادة ‪" 1511‬أبنه‬
‫ميكن للمحكم الفصل يف النزاع طبقا لقواعد القانون الذي اختاره أطراف العقد عند حتديد القانون‬
‫الواجب التطبيق‪ ،‬ويف حالة غياب حتديد القانون الواجب التطبيق تتوىل احملكمة بتحديد القانون الواجب‬
‫التطبيق مع مراعاة األعراف املعمول هبا يف التجارة الدولية ‪(Article 1511 code de procédu‬‬
‫)‪.civil, modifié par décret n 2011-48 du 13 janvier 2011 :‬‬
‫وقد أكدت هذا احملكمة العليا الفرنسية يف حكم هلا أهنا على احملكم البحث عن القانون الواجب‬
‫التطبيق على النزاع من خالل البحث عن اإلرادة احلقيقية ألطراف العقد ابإلعتماد على جمموعة من‬
‫الضوابط والقرائن)‪.(Cass civ, 29 juillet 2002 jcp, 2002, p. 209‬‬
‫وهذا ما أمجع عليه بعض من الفقه الفرنسي ابلنسبة لدور احملكم يف البحث عن القانون الواجب‬
‫التطبيق يف حال غياب إرادة األطراف الصرحية)‪.(Jean & philippe, 2007, p. 807‬‬
‫ونتيجة على كل ما سبق فإن اإلرادة الضمنية تكون متساوية مع اإلرادة الصرحية إذا مت استنباطها‬
‫وفق القواعد والضوابط سابقة الذكر ويتعني على احملكم العمل هبذا القانون الذي وقع عليه اإلختيار(إبراهيم‬
‫أمحد‪ ،‬صفحة ‪.)313‬‬
‫ومن أمثلة اإلرادة الضمنية يف الواقع عدة قضااي مشهورة يف جمال عقود نقل التكنولوجيا ومنها‪:‬‬
‫قضية حتكيم (‪ ) TEXACO‬حيث تضمن العقد صراحة القانون الواجب التطبيق‪ ،‬ولكن رغم‬
‫ذلك استبعد احملكم القانون الوظيفي اللييب وذلك ابالستناد إىل وجود بند الثبات التشريعي ابعتباره ميثل‬
‫من وجهة نظر هيئة التحكيم إحدى القرائن الرئيسية للبنية الضمنية يف استبعاد القانون اللييب‪( ،‬فلحوط‪،‬‬
‫‪ ،2005‬صفحة ‪)498‬والقرار الصادر من "غرفة التجارة الدولية" يف ديسمرب ‪ 1985‬بشأن النزاع الذي‬
‫وقع بني شركة جزائرية وشركة أمريكية حول إنشاء خطة للسكك احلديدية يف اجلزائر جاء فيه‪" :‬حيث أن‬

‫‪240‬‬
‫قروف موسى‪.‬عقر الدماغ صالح الدين‬

‫أطراف النزاع مل يتفقوا على القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع‪ ،‬ومبا أن العقد مت إبرامه يف اجلزائر‬
‫ومبا أن العقد يتم تنفيذه على أرض اجلزائر خل ص احملكم إىل أن إرادة أطراف العقد تتجه إىل تطبيق‬
‫التشريع اجلزائري ابعتبارها مكان إبرام العقد وتنفيذه‪(.‬املواجدة‪ ،2010 ،‬صفحة ‪)205‬‬
‫وهذا ما حدث كذلك يف قضية مجهورية فنزويال وشركة (‪ ،)AUTOPISTA‬حيث طبقت‬
‫هيئة التحكيم لدى مركز تسوية املنازعات االستثمارية بواشنطن نص املادة ‪ 42‬فقرة ‪ 02‬من "اتفاقية‬
‫واشنطن"‪ ،‬والذي مفاده أنه جيب تطبيق اإلرادة الضمنية ألطراف العقد‪ ،‬وحيث أن مجهورية فنزويال‬
‫منحت مبوجب القانون الفنزويلي رقم (‪ )138‬واملرسوم الرائسي رقم (‪ )502‬ترخيص لشركة‬
‫(‪ )AUTOPISTA‬مدته ‪ 30‬سنة إلنشاء جسر وإعادة هتيئة الطرق العامة خلصت هيئة التحكيم‬
‫أبن اإلرادة الفنية تتجه لتطبيق القانون الفنزويلي(شادي حلو‪ ،2004 ،‬صفحة ‪.)84‬‬
‫ونرى هنا فيما خيص العقود الدولية وخاصة عقود نقل التكنولوجيا ابلنسبة لإلرادة الضمنية أبهنا ال‬
‫تكون يف الغالب يف صاحل الدول النامية كوهنا الطرف الضعيف وإمنا تكون للدولة املوردة للتكنولوجيا‪ ،‬واليت‬
‫عادة ما تكون من الدول املتقدمة‪ ،‬وابلتايل وجب على املتعاقد من الطرف املتلقي للتكنولوجيا العمل على‬
‫حتديد القانون الواجب التطبيق يف حال نشوب نزاع بصراحة ووضوح‪.‬‬
‫‪ .4‬املطلب الثالث‪ :‬غياب وإرادة األطراف يف حتديد القانون الواجب التطبيق‪:‬‬
‫إن حالة عدم حتديد األطراف للقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع مبناسبة التحكيم يف‬
‫عقود نقل التكنولوجيا‪ ،‬ال بصورة صرحية‪ ،‬وال بصورة ضمنية وميكن طرح السؤال هنا هل اإلرادة غائبة متاما‬
‫يف حتديد القانون الواجب التطبيق على النزاع يف عقود نقل التكنولوجيا؟ أم أن اإلرادة أخذت شكل أخر‬
‫غري اإلرادة الصرحية أو الضمنية؟‬
‫يف حالة عدم اتفاق األطراف على تطبيق قواعد قانون معني‪ ،‬ففي هذه احلالة يتم تفويض احملكم أو‬
‫احملكمني صراحة أو ضمنا من أجل اختيار القانون الذي وجب تطبيقه يف حالة وقوع اختالف بينهما‪،‬‬
‫وجند جاء تطبيق هذا يف اتفاق التحكيم بني اململكة العربية السعودية والشركة العربية للنفط‬
‫(‪ ،)ARAMCO‬فنجد أن نص اتفاق التحكيم املوقع بينهما الذي جاء يف‪ 23 .‬شباط ‪ 1955‬يف‬
‫مضمون املادة السادسة منه نصت فيها عل ى ما يلي‪" :‬على أن هيئة التحكيم تقرر قواعد اإلجراءات اليت‬
‫تتبعها"(حممد سامي‪ ،1997 ،‬صفحة ‪.)167‬‬

‫‪241‬‬
‫دور االرادة يف حتديد القانون الواجب التطبيق على عقود نقل التكنولوجيا‬

‫كما جاء يف القانون النموذجي لليونسرتال (‪ )UNCTRAL‬يف نص املادة ‪ 19‬الفقرة الثانية‬


‫ما يلي «فإن مل يكن مثة اتفاق كان هليئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون أن تسري يف التحكيم‬
‫ابلكيفية اليت تراها مناسبة وتشمل السلطة املخولة هليئة التحكيم سلطة تقرير جواز قبول األدلة املقدمة‬
‫وصلتها ابملوضوع وجدواها وأمهيتها»‪ .‬وجاء يف املادة ‪ 39‬الفقرة الثانية من التشريع املصري على أنه إذا «مل‬
‫يتفق الطرفا ن على القواعد القانونية الواجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد‬
‫املوضوعية يف القانون الذي ترى أنه األكثر اتصاال ابلنزاع‪.‬‬
‫أما القانون النموذجي لليونسرتال فكان موقفه خمتلف نوعاما‪ ،‬حيث جاء يف املادة ‪ 28‬الفقرة‬
‫الثانية على أنه‪« :‬عند عدم التحد يد بواسطة األطراف تطبق حمكمة التحكيم القانون احملدد بواسطة قواعد‬
‫التنازع القوانني اليت تقدر قابليتها للتطبيق على موضوع النزاع»‪.‬‬
‫ويتضح من خالل املقارنة بني النصني أن احملكم يف ظل القانون املصري يتمتع بسلطة تقديرية‬
‫واسعة فهو خيتار القانون الذي يقدر أنه األكثر اتصاال ابلنزاع‪ ،‬بينما جنده ملزما بتطبيق القانون الذي تشري‬
‫إليه قواعد التنازع يف القانون الذي يرى إمكان تطبيقه على النزاع وفقا لنص القانون النموذجي(حممود‬
‫خمتار‪ ،2004 ،‬صفحة ‪.)135‬‬
‫وابلرجوع لقواعد إتفاقية أمسرتدام لعام ‪ 1957‬وقواعد نيوشانل لعام ‪ 1959‬واليت كانت نتيجة لتقرير‬
‫قدمه ‪ sausser-hall‬إىل معهد القانون الدويل‪ ،‬جنده ذكر فيه أن طبيعة التحكيم ليست تعاقدية صرفة‬
‫وليست قضائية صرفة وإمناهو ذات طبيعة خمتلطة ‪ ،une institution mixte‬وكما جند أن ما جاء‬
‫يف التقرير املذكور وجوب االعرتاف على أن إرادة األطراف ال ميكن ممارستها إال يف احلدود املسموح هبا‬
‫يف قواعد اإلسناد للدولة اليت يتواجد فيها مكان للتحكيم‪ ،‬ويف حالة عدم تعيني القانون الواجب التطبيق‬
‫من قبل األطراف يتوىل احملكمون تطبيق قواعد اإلسناد يف الدولة مكان التحكيم للبث يف مسألة تنازع‬
‫القوانني اليت تشار أمامه من قبل األطراف‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن سلطان اإلرادة ألطراف النزاع جيد له‬
‫مكاان يف حتديد القانون الواجب التطبيق حبيث ال يتعارض ذلك مع القانون اخلاص مبكان التحكيم‪.‬‬
‫‪ .5‬خامتة‪:‬‬
‫وخالصة القول أن القانون الواجب التطبيق يف عقود نقل التكنولوجيا بوصفها عامل أساسي يف حل النزاع‬
‫الذي قد يثور بني أطراف العقد حتديده شيء ضروري‪ ،‬وهو خيضع أساسا ملبدأ سلطان اإلرادة فإرادة‬

‫‪242‬‬
‫قروف موسى‪.‬عقر الدماغ صالح الدين‬

‫األطراف تبقى هي الفيصل يف حتديد هذا القانون والحظنا أن التشريعات واالتفاقيات الدولية ساوت بني‬
‫اإلرادة الصرحية واإلرادة الضمنية يف حتديد القانون الواجب التطبيق‪ ،‬وأما يف حالة عدم حتديد القانون‬
‫الواجب التطبيق فاجلهة املوكلة به هي هيئة التحكيم مع مراعاة شروط معينة حىت ال خترج هذه اهليئة عن ما‬
‫أراده األطراف من خالل بنود عقدهم‪.‬‬
‫وعليه توصلنا من خالل هذا البحث إىل العديد من النتائج أمهها‪:‬‬

‫النتائج املتوصل إليها‪:‬‬


‫‪-‬أن هيئة التحكيم جيب عليها اإللتزام إبراداة األطراف يف عقود نقل التكنولوجيا‪ ،‬واإلنصياع هلا إعماال‬
‫مببدأ سلطان اإلرادة‪.‬‬
‫‪ -‬أن اإلرادة الصرحية هلا حجية يف مواجهة كال من طريف العقد وملزمة يف حتديد القانون املطبق أثناء قيام‬
‫النزاع‪.‬‬
‫‪ -‬أن إرادة األطراف هي اليت حتدد وتضع البنود املتفق عليها يف عقود نقل التكنولوجيا بدقة فهي تسهل‬
‫على احملكم الرجوع إليها‪.‬‬
‫‪ -‬أن هليئة التحكيم دور فعال ويتمثل يف حتديد القانون الواجب التطبيق خاصة يف حالة اإلرادة الضمنية‪،‬‬
‫حيث تعتمد اهليئة على قواعد معينة للوصول للقانون املراد تطبيقه‪.‬‬
‫‪ -‬كما يظهر دورهيئة التحكيم كذلك يف حالة غياب إرادة األطراف وعدم حتديدهم للقانون الواجب‬
‫التطبيق هنا جيب على اهليئة العمل على حتديد القانون الواجب التطبيق‪.‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫‪-‬أن على األطراف املتعاقدة يف عقود نقل التكنولوجيا عند التفاوض فيما خيص بنود العقد‪ ،‬جيب وضع‬
‫شروط وقواعد بصفة صرحية ملعرفة كالمها مايقع عليهم من إلتزامات وماهلم من حقوق‪ ،‬وكذلك النص‬
‫بصفة صرحية ال ضمنية عل القانون الواجب التطبيق خالل وقوع نزاع بينهما‪.‬‬
‫‪-‬على هيئة التحكيم التقيد مبا حدده أطراف العقد‪ ،‬إحرتاما ملبدأ سلطان إرادة األطراف يف العقد اليت‬
‫نصت عليها مجيع اإلتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫دور االرادة يف حتديد القانون الواجب التطبيق على عقود نقل التكنولوجيا‬

‫‪-‬أن على احملكم أيضا اإلعتداد ابإلرادة الضمنية فهي متثل أيضا تعبريا عن إرادة األطراف املتعاقدة‪ ،‬ودراسة‬
‫كل القرائن ملعرفة ماتتضمنه هذه اإلرادة‪ ،‬ألن اإلرادة الضمنية تعترب إشكال كبري عند تكييف القاضي‬
‫للنزاع‪.‬‬
‫‪-‬على احملكم مراعاة إرادة الدول النامية يف تكييف اإلرادة الصرحية لألطراف‪ ،‬ألن يف الغالب إن اإلرادة‬
‫الضمنية ال تكون يف صاحل الدول النامية خاصة فيما يتعلق بعقود نقل التكنولوجيا‪ ،‬ألن الدول الغربية هي‬
‫أكثر قوة من انحية التفكري التكنولوجي‪.‬‬

‫قائمة املراجع‪:‬‬

‫‪Article 1511 code de procédu civil, modifié par décret n 2011-48‬‬


‫‪du 13 janvier 2011 :. (s.d.). le tribinale tranche le litige‬‬
‫‪conformément aux régles de droit que les parties ont choisies‬‬
‫‪ou, a défaut, conformément a celles qu’il estime appropriées.‬‬
‫‪Cass civ, 29 juillet 2002 jcp. (2002).‬‬
‫‪Jean, m. j., & philippe, d. l. (2007). roit du commerce‬‬
‫‪internationale. dallez.‬‬
‫إبراهيم إبراهيم أمحد‪( .‬بال اتريخ)‪ .‬القانون الدويل اخلاص (تنازع القوانني)‪ .‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫بزيري حممود خمتار‪ .)2004( .‬التحكيم التجاري الدويل‪ .‬ط ‪ .3‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫بشار األسعد‪ .) 2006( .‬عقود االستثمار يف العالقات الدولية اخلاصة‪ .‬بريوت‪ :‬منشورات احلليب‬
‫احلقوقية‪.‬‬
‫بن خيال فتح هللا عوض‪ .)2012( .‬التحكيم يف عقود الدولة‪ .‬القاهرة‪ :‬معهد البحوث والدراسات‬
‫العربية‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫قروف موسى‪.‬عقر الدماغ صالح الدين‬

‫مجال الدين صالح الدين‪ .) 2004( .‬دور أحكام التحكيم يف تطوير حلول مشكلة التنازع القوانني‪.‬‬
‫اإلسكندرية‪ :‬دار الفكر اجلامعي‪.‬‬
‫دير مسعودة‪ .)2016( .‬القانون الواجب التطبيق على االلتزامات التعاقدية الدولية‪ .‬مذكرة ماسرت‪ .‬أم‬
‫البواقي‪ ،‬جامعة العر ي بن مهيدي‪ ،‬كلية احلقوق‪.‬‬
‫عبد الرمحان شادي حلو‪ .)2004( .‬تسوية منازعات االستثمار األجنيب وفقا التفاقية واشنطن ومنظمة‬
‫التجارة العاملية‪ .‬رسالة ماجستري‪ .‬األردن‪ ،‬جامعة آل البيت‪.‬‬
‫عرفة حممد السيد‪ .) 2009( .‬القانون الواجب التطبيق على النزاع أمام هيئات التحكيم‪ .‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫النهضة العربية‪.‬‬
‫فوزي حممد سامي‪ .)1997( .‬التحكم التجاري الدويل‪ .‬بريوت‪ :‬مكتبة الرتبية‪.‬‬
‫حمسن شفيق‪ .)1997( .‬عقد تسليم املفتاح‪ .‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫مراد املواجدة‪ .) 2010( .‬التحكيم يف عقود الدولة ذات الطابع الدويل‪ .‬عمان‪ :‬دار الثقافة‪.‬‬
‫نور رحوم‪( .‬بال اتريخ)‪ .‬القانون الذي حيكم النزاع احملكم فيه‪ .‬منشورات املؤشر السنوي السادس عشر‬
‫(التحكيم التجاري الدويل)‪ .‬جامعة اإلمارات العربية‪ ،‬كلية القانون‪.‬‬
‫وفاء فلحوط‪ .) 2005( .‬املشاكل القانونية يف عقود نقل التكنولوجيا إىل الدول النامية‪ .‬رسالة دكتوراه‪.‬‬
‫جامعة دمشق‪.‬‬

‫‪245‬‬

You might also like