Professional Documents
Culture Documents
أنواع الزمن في اللغة العربية
أنواع الزمن في اللغة العربية
1
أولهما :اتجاه يقوم على أساس الداللة الزمنية للصيغ والتراكيب في ضوء السياق اللغوي ،وقد ارتضاه
الوزير لمراعاته للواقع اللغوي ،واعتماده على نصوص متنوعة ،وانتشاره .وثانيهما :اتجاه يقوم على أساس
وضع جداول زمنية للصيغ والتراكيب الدالة على الزمن في العربية ،ويقصد به علماء النحو الذين قعدّوا
للزمن ،فوضعوا معايير للصيغ والتراكيب ،فنظريتهم ال تتكئ على أمثلة من النصوص العربية المختلفة،
ومنهم :تمام حسان ،ومهدي المخزومي ،وإبراهيم السامرائي ،ومالك المطلبي ،والريحاني ،ثم استشهد
ببعض أعمالهم ،وحلل الدراسات التي قاموا بها ،وأخيرا انتقد طريقتهم قائال " :الحظ المؤلف اختالف
أصحاب هذا االتجاه في استخدام المصطلح :آثر تمام حسان (الزمن) ووافقه مالك المطلبي ...فضّل
أن يُو ّحد المصطلح".المخزومي والسامرائي (الزمان) واستخدم الريحاني كال المصطلحين ،وكان األجدر ْ
( )1كما التزم هؤالء العلماء بالتقسيم الثالثي للزمن؛ ما أبعدهم عن الواقع اللغوي ،وأيضا أكثر الريحاني من
ذكر االفتراضات واالحتماالت ،واعتمد على نظام التقليب في حصر أشكال التراكيب الفعلية الدالة على
الزمن ،كذلك انتقد الريحاني المطلبي ألنه أهمل المشبهات باألفعال للتعبير عن األحداث.
المحور األول :يمثل أصحاب االتجاه المعاصر في دراسة الزمن في ضوء السياق اللغوي ،وقام بعمل
ببليوجرافيا لهم وألعمالهم ،مرتبة ترتيبا تاريخيا ،وكانوا عربا ومستشرقين ،وقد بلغوا سبعة عشر عالما.
المحور الثاني :خصائص هذا االتجاه :له خمس خصائص يمتاز بها:
الخصيصة األولى :دراسة الداللة الزمنية في ضوء سياقات لم يكن كثير منها مألوفا لدى النحاة واللغويين
القدامى ،نحو:أ -نصوص من اإلذاعة والصحف والمجالت غير موثقة ،اعتمد فيها على نص من اإلذاعة
لألستاذ حامد عبد القادر ،ويطلق عليها اللغة المعاصرة .ب -كما يلجأ إلى بروكلمان وفيشر في االعتماد على
الجمل المستعملة في اللغة اليومية ،وأظن أن العرب المعاصرين أكثر تعبيرا عن لغتهم من المستشرقين.
الخصيصة الثانية :إظهار حد الثراء الزمني الذي يفوق القسمة الثالثية إلى أربعة أقسام:
أ( -ما قبل الزمن الماضي) وهو مصطلح أضافه الوزير إلى الدالالت الزمنية لصيغة الفعل الماضي ،لكن
هذا المصطلح مأخوذ من اللغة الالتينية " :وفي الجمل المر ّكبة وعند اختيار الزمن النسبي ،توجد قواعد
ملزمة ،ونجد نظام األزمنة اآلتية ،وهو مأخوذ من اللغة الالتينية :قبل زمن الحدث ،الحاضر ،بعد زمن
الحدث ،المستقبل )2( ".هما عنصران:
(ولَقَ ْد
ماض ،كقوله تعالىَ " : ٍ متلوا بصيغة -1مع الماضي " إذا وردت صيغة الماضي قبل الحرف (حتى) ّ
ت اللَّ ِّه َولَقَ ْد َجا َء َك ِّمن علَى َما ُك ِّذّبُواْ َوأُوذُواْ َحتَّى أَت َا ُه ْم نَ ْ
ص ُرنَا َوالَ ُمبَ ِّ ّد َل ِّل َك ِّل َما ِّ صبَ ُرواْ َ
س ٌل ِّ ّمن قَ ْب ِّل َك فَ َ
ت ُر ُ ُك ِّذّبَ ْ
سلِّينَ ) األنعام .34فقد وقع إيذاء المكذبين بالرسل لهم قبل مجيء نصر الله لهم في الماضي) ( ".
3
نَّبَإ ِّ ْال ُم ْر َ
ماض دالة على الزمن الماضي ،نحو
ٍ -2مع المصدر العامل ،إذا ورد مجرورا بالباء ،وتعلق بصيغة فعل
ض ِّهم ِّ ّمي َٰث َقَ ُه ۡم لَعَ َٰنَّ ُه ۡم) المائدة ،13فنقض بني إسرائيل الميثاق حدث وقع في ما قبلقوله تعالى( " :فَبِّ َما ن َۡق ِّ
الزمن الماضي (لعناهم)
- 1السياق اللغوي ودراسة الزمن في اللغة العربية :محمد رجب الوزير ،عالم الكتب 2115م ،ص .11
-2قاموس قاسم للمصطلحات اللغوية (إنجليزي – عربي – ألماني) :محمود قاسم ،ص .514
- 3السياق اللغوي :الوزير ،عالم الكتب ،ص .34
2
ب(-الزمن الماضي) وتدل عليه صيغة الماضي والمضارع والمصدر واسم الفاعل واسم المفعول ،حيث
يسرد األمثلة لكل نوع.
ت(-ما بعد الزمن الماضي) وهو مصطلح اكتشفه إبراهيم أنيس ،كما في قوله تعالى( :فَت ََولَّى ِّف ْر َ
ع ْو ُن فَ َج َم َع
أن تولى فرعون. َك ْي َدهُ ث ُ َّم أَت َى) طه ،61فاإلتيان وقع بعد ْ
ث(-الزمن الحاضر) تدل عليه صيغة الماضي والمضارع واسم الفاعل ،ممثال له.
ج(-ما قبل الزمن المستقبل) يسميه حامد عبد القادر( :الزمن االستقبالي)
وهو نادر االستعمال ،مثل( :حينما تكون الساعة العاشرة ،تكون الحفلة قد انتهت) ويمثلها التركيب (يكون قد
فعل) فقوله :تكون الحفلة قد انتهت (تدل على ما قبل الزمن المستقبل) الظاهر في( :حينما تكون الساعة
العاشرة) وهذا االستعمال نادر الوجود.
ح(-الزمن المستقبل) تدل عليه :صيغة الماضي والمضارع واألمر والمصدر واسم الفاعل .وبالنسبة لصيغة
األمر فقد اختُلف فيها :فالسكاكي رأى أنها تدل على الحال ،وتمام حسان يراها تدل على الحاضر والمستقبل
بقرينة لفظية ،يقول " :افعل اآلن ،افعل غدا )4( ".أما المطلبي فيقول " :وهكذا نخلص إلى ّ
أن صيغة األمر
(ار ِّجعُواْ ِّإلَى أ َ ِّبي ُك ْم فَقُولُواْ ) يوسف ،81فداللة صيغتي
صيغة فعلية مفرغة من الزمن ،نحو قوله تعالىْ :
(ارجعوا) و(قولوا) ال تنطويان على زمن )5( ".اختار الوزير الزمن المستقبل لصيغة األمر ،وسكت عن
ذكر هذه اآلراء المهمة ،وأرى أن األمر مفرغ من الزمن؛ لكونه طلبا.
خ(-ما بعد الزمن المستقبل) يدل عليه :صيغة الماضي والمضارع ،ففي الماضي تكون في سياق الشرط،
اتقيت اللهَ أدخلك الجنة " .الزمن :يدل الزمن القواعدي – عكس الزمن الطبيعي – على فئة َ كقولكْ :
إن
صرفية قواعدية أساسية للفعل تميز العالقة الزمنية بين فعل الكالم ،والحقيقة التي يسميها اإلخبار ،أو
باألحرى يضع كل حدث منطوق في عالقة من منظور المتحدث .وتختلف األزمنة من لغة إلى أخرى،
أن يوجد في نظام الزمن الواحد الفرق بين المضارع والماضي ،ثم يُستكمل وكصفة عالمية أو عامة يمكن ْ
هذا النظام الثنائي بزمن المستقبل) ( ".
6
الخصيصة الثالثة :إعادة النظر في أقسام الجملة العربية بإضافة ما يُسمى بالجملة الزمنية .وهي جملة
بسيطة أو مركبة ُمصدّرة بظرف زمان ،نحو:
راض يحيى األمر ذلّ ْ
ت صعابُهُ) ← جملة مركبة. َ (ما دمتُ حيا) ← جملة بسيطة( .إذا
الخصيصة الرابعة :توضيح الداللة عن طريق ذكر ترجمتها إلى اإلنجليزية واأللمانية ،وهي ميزة تخص
اللغتين األجنبيتين ،إفادة لدارس العربية بهما.
الخصيصة الخامسة :ربط الزمن النحوي باألدب خاصة القصة واألمثال.وأنا ال أستوعب هذه النتيجة؛ ألنه
يمكننا التعبير عن الزمن في كل أنواع اللغة المكتوبة ،سواء لغة علمية أو جغرافية أو تاريخية ،لكننا
أن نأتي ببعض الشواهد. قصرناها على نوعين من السياق األدبي ففيه إجحاف لباقي األنواع ،لمجرد ْ
- 4اللغة العربية (معناها ومبناها) :تمام حسان ،الهيئة المصرية العامة للكتاب1713 ،م ،ص .251
- 5الزمن واللغة :مالك المطلبي ،الهيئة المصرية العامة للكتاب 1786م ،ص .123
-6قاموس قاسم للمصطلحات اللغوية (إنجليزي – عربي – ألماني) :محمود قاسم ،ص .514
3
نقد االتجاه األول:
-1كان أصحاب هذا االتجاه أقرب إلى الواقع اللغوي من الثاني.
-2اختلف العلماء في المصطلحات ،فالبعض اختار لفظة (صيغة) أضافها لكل األزمنة مثل( :صيغة
الماضي) وهذا أكثر ثباتا ،والبعض منهم ،نحو( حسن عون) آثر األوزان فقال( :فعَ َل للماضي) (ويفعَ ُل
عرضة للتغيير أوللضياع عند الكتابة وحينئ ٍذ تختلط صيغ األفعال باألسماء ،لكني أرى أنهموا ْفعَ ْل) وهي ُ
أن الحركات القصيرة ال تكفي إلظهار الصيغة، صاروا على النهج الصرفي في استعمال األوزان ،ولو ظننا ّ
لكان حري بنا أن نلغي (علم الصرف) المبني على الحركات ،فأنا أخالفه هنا.
-3لم يُرجع بعض أصحاب هذا االتجاه النصوص إلى مظانها ،ولم ينسبوها إلى قائليها.
-4معظم نصوصهم ترجع إلى عصور قديمة ووسطى ،وكان من األجدر ْ
أن تعتمد على
ت الوزير بنصوص منطوقة ،بل اكتفى بمثال
نصوص حديثة ومعاصرة ،منطوقة ومكتوبة ،ومع ذلك لم يأ ِّ
مكتوب باللغة المعاصرة الفصحى .أالحظ أنه انتقد االتجاهين.
وأخيرا :خاتمة البحث.
توصل إليه من نتائج عامة ،ونتائج لم تُطرح من قبل ،وهذا أهم ما ينماز به البحث ،ثم
يسرد فيها أهم ما ّ
يسرد أهم المصادر والمراجع.
لم يشر الوزير إلى عنصرين من عناصر الزمن اللغوي ،وهما:
-1الصيغ المفرغة من الزمن :هناك نوع من تفريغ بعض الصيغ الفعلية من الزمن ،وقد رفضه الوزير
إن وقوع الصيغ المتغايرة في مستوي تركيبي واحد يعني تفريغ صيغة ما دون وأقره المطلبي ،يقولّ " :
ّ
غيرها من الزمن حيث تشير إلى وجه من وجوه دالاللتها الحديثة ،وهنا يكون من الخطأ إسناد الزمن إلى
مثل هذه الصيغ بوصفها (شكال زمنيا) ّ
ألن الزمن يُكتسب من قرائن السياق اللفظية والمعنوية ،نحو:
( يَ ْق ُد ُم قَ ْو َمهُ يَ ْو َم ْال ِّقيَا َم ِّة فَأ َ ْو َر َد ُه ُم النَّار) هود ،78إ ّن ظرف االستقبال (يوم القيامة) +النار (جهنم) =
أن المستقبل هو زمن اآلية ،أما الفعل المضارع (يقدم) فهو مفرغ من الزمن ،يؤدي معنى إشارات تعني ّ
استحضار صورة حدثه ...وكذا الفعل (أورد) فعل تام أي يؤدي معنى القطع والتأكيد بوقوع الحدث) ( ".
7
-2الصيغة الفعلية الدالة على كل األزمنة :أغفل الوزير هذه الصيغة ،نحو( " :يقو ُم المسجد بدور كبير في
توعية الناس) (يقو ُم) يدل على كل األزمنة ...يقول تعالى ( :و َكانَ اللهُ غ ُ
َفو َرا َر ِّحي َما) النساء ،111أي كان
ويكون وهو كائن )8( ".أي صيغة المضارع (يقو ُم) تدل على كل األزمنة وال تعبر عن الحال أو االستقبال
فقط ،وكذلك (كان) وقد أطلق العلماء عليها :مصطلح (الماضي الدائم)
4
تكليف لطلبة الدراسات العليا:
على كل طالب ْ
أن يطبق دراسة الزمن على أحد األعمال ،كاآلتي:
سورة قرآنية قصيرة - .بعض األحاديث النبوية -.قصيدة شعرية ،من الشعر العمودي ،أو ال ُحر.
قصة قصيرة - .مقالة حديثة.
وتُقدم في فايل ،ويُظهر رأيه فيها ،وبعد مناقشتها ،يتم تدارك األخطاء ،ثم تُطبع ويحتفظ بها الدكتور في ملف
اإلنجاز.
5