You are on page 1of 4

‫املبحث األول‪ :‬ماهية الكفاءات‬

‫ً‬
‫ديناميكيا من املعرفة‪ ،‬واملهارات‪ ،‬والقدرات السلوكية التي‬ ‫ً‬
‫مزيجا‬ ‫أوال‪ :‬تعريف الكفاءة ومميزاتها‪ :‬التعريف‪ :‬الكفاءة تمثل‬
‫يمتلكها الفرد أو املنظمة‪ ،‬بحيث تتيح للفرد تحقيق األداء ّ‬
‫الفعال واملتميز في مختلف املهام والوظائف التي يشارك فيها‪ .‬من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬تسمح للمنظمة بتحقيق أهدافها والتكيف مع التغيرات البيئية‪.‬‬

‫تتألف الكفاءة من املعرفة واملهارات والسلوكيات‪ .‬تعرف املعرفة على أنها الفهم النظري واملفاهيمي للمواضيع ذات الصلة‪،‬‬
‫واملهارات هي القدرة على تطبيق هذه املعرفة بشكل ّ‬
‫فعال وعملي‪ ،‬وتعتبر السلوكيات أنها الصفات واالتجاهات التي تؤثر على‬
‫سلوك الفرد‪.‬‬

‫أيضا القدرة على التكيف مع التحديات الجديدة وتطوير‬ ‫وال تكتفي الكفاءة بالقدرة على إتقان املهام الروتينية‪ ،‬بل تشمل ً‬
‫ً‬
‫ديناميكيا يتطلب التعلم املستمر والتطور الشخص ي‪ .‬بشكل عام‪،‬‬ ‫ً‬
‫مفهوما‬ ‫األساليب والتقنيات لتحسين األداء‪ ،‬بحيث تعتبر‬
‫يمكن اعتبار الكفاءة محددة بالقدرة على تحقيق األهداف بشكل ّ‬
‫فعال‪ ،‬مع األخذ في االعتبار تطوير القدرات واملهارات للتكيف‬
‫مع تغيرات البيئة وتحسين األداء على املدى الطويل‪.‬‬

‫املميزات‪:‬‬

‫✓ الكفاءة ذات غاية (هادفة)‪ :‬حيث أنه يتم تشغيل معارف مختلفة قصد تحقيق هدف محدد أو تنفيذ نشاط معين‪.‬‬

‫✓ الكفاءة مفهوم مجرد‪ :‬فهي غير ملموسة وغير مرئية‪.‬‬

‫✓ الكفاءة مكتسبة‪ :‬فالفرد ال يولد كفؤ ألداء نشاط معين وإنما يكتسب ذلك من خالل تدريب موجه‪.‬‬

‫✓ الكفاءة ذات تشكيل ديناميكي‪ :‬أي أن تحصيلها يتم من خالل تفاعل العناصر واملكونات املختلفة (املعارف‪ ،‬املعارف‬
‫العملية‪ ،‬املعارف السلوكية)‪.‬‬

‫✓ الكفاءة تمكن الفرد من التحول من وضعية عمل إلى أخرى‪ :‬وهو ما ال يمكن تحقيقه إال عبر مستويين من الكفاءات‪،‬‬
‫وهما مستوى اإلبداع ومستوى اإلسقاط فالفرد إذا كان في مواجهة وضعية جديدة فهو مطالب باإلبداع أما إذا كانت‬
‫مشابهة لوضعية سابقة فهو مطالب بإجراء عمليات إسقاط باللجوء للقياس مع العلم أنه يوجد مستوى آخر هو‬
‫التقليد أين يكتفي العامل بالنقل فقط؛‬

‫✓ الكفاءات ال تكون مفيدة للمنظمة إال إذا كانت مدركة‪ :‬لكون إدراك الفرد ملا يملكه يسمح بالحفاظ عليه وتطويره‬
‫ومن ثم االستفادة منه‪.‬‬

‫✓ اعتماد على السياق‪ :‬الكفاءة تعتمد على سياق العمل املحدد‪ ،‬وتتأثر بالوسائل املتاحة ومتطلبات املحيط‬

‫األبعاد‬ ‫ثانيا‪ :‬أبعاد ومستويات الكفاءات‪:‬‬

‫‪1‬املعرفة )‪ : (Savoir‬هي القاعدة العقلية‪ ،‬املعلومات التي نحملها ونستفيد منها من تجاربنا وتعلمنا والتي يمكن نقلها من فرد إلى‬
‫آخر بحيث تشكل أساس الفهم النظري والتفكير في سياق العمل‪.‬‬
‫‪2‬املهارات العملية)‪ : (Savoir-faire‬تمثل فن العمل‪ ،‬القدرة على تحويل املعرفة النظرية إلى أفعال ّ‬
‫فعالة‪ .‬تشمل التحليل‬
‫العميق‪ ،‬االبتكار‪ ،‬والتكيف مع متطلبات العمل وتعتبر الجسر الذي يربط بين املعرفة والتطبيق ّ‬
‫الفعال في الواقع‪.‬‬
‫‪3‬املعارف السلوكية)‪ : (Savoir-être‬تعبر عن الجوانب الشخصية واألخالق والروح اإليجابية للفرد‪ .‬وتشمل مهارات التعامل مع‬
‫حيويا في تحديد كيف يتفاعل الفرد مع الزمالء وكيف يتأقلم‬ ‫ً‬ ‫اآلخرين‪ ،‬التحفيز الذاتي‪ ،‬والتصدي للتحديات‪ .‬بحيث تلعب ً‬
‫دورا‬
‫ُ ّ‬
‫وهذه األبعاد تكون شبكة مترابطة تمكن الفرد من التألق في مجال عمله‪ ،‬حيث تجمع بين‬ ‫مع بيئة العمل‪.‬‬
‫القوة الفكرية للمعرفة‪ ،‬وبراعة التنفيذ من خالل املهارات‪ ،‬والشخصية امللهمة التي ُت ّ‬
‫جسد القيم واألخالق في سياق العمل‪.‬‬
‫املستويات‪1 :‬البيانات‪ :‬تمثل مجموعة من الحقائق الواقعية واملوضوعية والتي تصبح معلومات عند تصنيفها وتحليلها لتكون‬
‫ذات قيمة وفهم‪.‬‬
‫ً‬
‫تطويرا للبيانات وتمنح صفة املصداقية بحيث يتم استخدامها ألغراض محددة مثل التقييم واملقارنة‬ ‫‪2‬املعلومات‪ :‬تعتبر‬
‫واالتصال واملشاركة في الحوار‪.‬‬
‫‪3‬املعرفة‪ :‬وهي ترجمة املعلومات إلى أداء يحقق مهمة محددة أو ُيسهم في إيجاد ش يء محدد وتعتمد على قدرات البشر ذوي‬
‫العقول واملهارات الفكرية‪.‬‬
‫ً‬
‫وتفوقا في املعارف الفنية بشكل يتجاوز املستوى‬ ‫‪4‬الخبرة‪ :‬تمثل درجة عالية من الكفاءة‪ .‬تتطلب سيطرة هائلة على املعرفة‬
‫وهذه العناصر تشكل سلسلة تطورية حيث يتحرك الفرد من جمع البيانات إلى‬ ‫األساس ي‪.‬‬
‫ً‬
‫وأخيرا تحقيق خبرة عميقة‪.‬‬ ‫تحويلها إلى معلومات‪ ،‬ثم استخدام تلك املعلومات لتوليد معرفة‪،‬‬

‫ثالثا‪ :‬تصنيف الكفاءات تمييز وتصنيف الكفاءات يتم من خالل أربع زوايا رئيسية‪:‬‬

‫‪1‬تصنيف الكفاءات من حيث النوعية املهنية‪:‬‬

‫• الكفاءات الفكرية أو التصورية‪ :‬تشمل قدرة تصور املؤسسة بشكل شامل وفهم عالقاتها بالبيئة الخارجية‪.‬‬
‫• الكفاءات اإلنسانية أو العالقاتية‪ :‬تعكس قدرة املسؤول على العمل بفعالية كجزء من فريق وعلى فهم والتفاعل مع‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫• الكفاءات التقنية‪ :‬تتعلق بالتخصصات الفنية والقدرة على استخدام وفهم التقنيات ذات الصلة‪.‬‬

‫‪2‬تصنيف الكفاءات من حيث مدى اللزومية للمهام‪:‬‬

‫• الكفاءات الخصوصية‪ :‬ذات صلة باملؤهالت التقنية الالزمة للقيام بمهام خاصة في منصب معين‪.‬‬
‫• الكفاءات املشتركة‪ :‬تطبق على مجموعة متنوعة من املهام اليومية واملهنية وتعزز قدرة الفرد على التكيف‪.‬‬

‫‪3‬تصنيف الكفاءات بحسب سعة ومستوى الحيازة‪:‬‬

‫• الكفاءات الفردية‪ :‬مجموعة من املعارف والقدرات التي يمتلكها الفرد من خالل التعليم والتدريب والتجارب الشخصية‪.‬‬
‫• الكفاءات الجماعية‪ :‬تشمل املهارات املشتركة للجماعة وشبكات االتصال والذاكرة الجماعية التي تعزز العمل الجماعي‪.‬‬

‫‪4‬تصنيف الكفاءات بحسب درجة االحتياج اآلنية أو املستقبلية‪:‬‬

‫• الكفاءات املكتسبة (املتاحة)‪ :‬تلك التي يحملها األفراد حاليا وتتوافق مع متطلبات الوظائف الحالية‪.‬‬
‫• الكفاءات الالزمة مستقبليا‪ :‬تلك التي يحتمل أن يحتاجها املنظمة في املستقبل نتيجة للتغيرات في اإلنتاج أو التنظيم‪.‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬أساسات تسيير الكفاءات‬

‫أوال‪ :‬تعريف تسيير الكفاءات ومقاربتها التعريف‬

‫تسيير الكفاءات هو عملية استمرارية تستهدف تعزيز وتحسين مستوى املعرفة واملهارات والسلوكيات للعاملين في املنظمة‪ .‬يركز‬
‫الفعالة منها لتطوير األداء‪ .‬يتضمن تسيير الكفاءات جوانب‬ ‫هذا النهج على استكشاف وتعزيز القدرات الفردية واالستفادة ّ‬
‫متعددة مثل توظيف وتطوير املهارات الفردية وإدارة مسارات العمل بطريقة تعزز األداء الفردي وتعزز إنتاجية املنظمة‪ .‬يعتبر‬
‫هذا النهج أحدث السبل ّ‬
‫الفعالة إلدارة املوارد البشرية‪ ،‬إذ يشجع على تطوير قدرات املوظفين وتوفير البيئة املالئمة لتحقيق‬
‫التعلم العملي واالبتكار‪ .‬يعزز تسيير الكفاءات املرونة والتكيف في بيئة العمل‪ ،‬ويعمل على تعزيز قدرة الفرد على التطوير‬
‫ً‬
‫أساسيا من استراتيجية املوارد البشرية‪ ،‬مع التركيز على تحقيق‬ ‫املستمر وتحسين أدائه‪ .‬بشكل عام‪ُ ،‬يعتبر تسيير الكفاءات ً‬
‫جزءا‬
‫توازن بين احتياجات املوظفين وأهداف املؤسسة لتعزيز الفائدة للطرفين‪.‬‬

‫األهداف‪- :‬تعزيز اإلبداع واالبتكار داخل املؤسسة‪ ،‬مما يقود إلى تقليل التكاليف املرتبطة بجلب كفاءات جديدة‪.‬‬

‫‪-‬تحسين توزيع الكفاءات البشرية وضمان توافقها مع متطلبات الوظائف املحددة‪.‬‬

‫‪-‬بناء ثقافة تنمية قوية بين أفراد املؤسسة‪ ،‬مما يؤدي إلى تعزيز الوالء واالنتماء‪.‬‬
‫‪-‬وضع أسس علمية ّ‬
‫فعالة لجذب وتوظيف الكفاءات املناسبة لتحقيق أهداف املؤسسة‪.‬‬

‫‪-‬قيادة وتحفيز الكفاءات بفعالية من خالل تقييمها وتحديد نظام تحفيز مناسب‪.‬‬

‫‪-‬تحديد احتياجات املؤسسة الحالية واملستقبلية من القوى العاملة وتحديد استراتيجيتها‪.‬‬

‫بشكل إضافي‪ ،‬تتمثل أهداف تسيير الكفاءات في تقدير األفضلية للمهارات الالزمة للوظائف‪ ،‬وفهم أفضل لنتائج التغييرات‬
‫أيضا إلى توجيه املهارات‪ ،‬وتنمية مهارات العاملين بفعالية‪ ،‬والحفاظ على قابلية‬ ‫التكنولوجية واالقتصادية‪ .‬كما تهدف ً‬
‫التوظيف‪ ،‬وإدارة مسارات الوظائف بشكل ّ‬
‫فعال‪ ،‬وتقليل املخاطر والتكاليف املرتبطة باالختالالت‪ ،‬واتخاذ اإلجراءات الالزمة‬
‫بشكل أفضل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫مقاربات تسيير الكفاءات‪ :‬تقدم مقاربات تسيير الكفاءات ً‬
‫ومتطورا ملفهوم الكفاءات‪ ،‬وتظهر بوضوح من خالل‬ ‫فهما شامال‬
‫ُ‬
‫التحول من تسيير الحافظة التكنولوجية إلى تسيير حافظة الكفاءات‪ ،‬وتلخص بما يلي‪:‬‬

‫‪1‬املقاربة التسييرية للكفاءات‪ :‬تعتبر الكفاءات‪ ،‬في سياق هذه املقاربة‪ ،‬من تراكم املعارف والخبرات الفردية والجماعية عبر‬
‫ُ‬
‫الزمن‪ .‬تركز املقاربة التسييرية على قدرة الفرد على استخدام هذه املعارف والخبرات بفعالية في سياقات مهنية متنوعة‪ .‬تنظر‬
‫للكفاءات هنا كأداة تتطور مع تغير الوضعيات املهنية‪ ،‬ويتطلب تحقيقها توفير بيئة تنظيمية تمكن الفرد من العمل بفعالية‬
‫وتشجيعه على األداء‪.‬‬
‫‪2‬املقاربة العملية‪ :‬تبرز هذه املقاربة أهمية التفاعل املستمر بين التدريب الجماعي والسياق التنظيمي والتكنولوجيا‪ .‬ترى‬
‫الكفاءات هنا كنتيجة للتفاعل املستمر بين هذه العناصر‪ ،‬ويمكن تحقيق امليزة التنافسية من خالل تحسين هذا التفاعل‬
‫وتعظيم تأثيره‪ .‬القدرة هنا ليست فقط فردية ولكن ً‬
‫أيضا جماعية‪ ،‬وتعتمد على التأقلم والتفاعل مع التغييرات في البيئة‬
‫الداخلية والتنافسية‪.‬‬
‫ُ‬
‫املقاربة االستراتيجية‪ :‬تركز هذه املقاربة على تحقيق الكفاءات للمؤسسة‪ ،‬حيث تعد الكفاءات وسيلة لتحقيق امليزة التنافسية‪.‬‬
‫ُ‬
‫تعرف الكفاءات هنا بالقدرات املعرفية والعملية والتنظيمية الصعبة تقليدها أو استبدالها‪ .‬يتوقف النجاح في هذا السياق على‬
‫تطبيق تكنولوجيا جديدة أو ابتكار نماذج تنظيمية حديثة‪ ،‬مما يبرز دور الكفاءات كجزء أساس ي من استراتيجيات املؤسسة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مراحل عملية تسيير الكفاءات ‪ 5‬مراحل‬

‫‪-1‬مرحلة تخطيط الكفاءات‪ :‬في هذه املرحلة‪ ،‬تقوم املؤسسة بتحليل وضعها الحالي وتحديد أهدافها املستقبلية‪ .‬يتضمن‬
‫التشخيص وضعيتها الداخلية والخارجية‪ ،‬وتحديد الوظائف الالزمة وكفاءات املوظفين املطلوبة‪ .‬الخطط تشمل الترقية‬
‫والتدريب أو التوظيف لسد الفجوات‪.‬‬

‫‪-2‬مرحلة إنشاء وتكوين مرجعية الكفاءات‪ :‬تتضمن تقييم وتحليل الوظائف وتحديد املهام املرتبطة بها‪ .‬يتم إعداد مرجعية‬
‫الكفاءات بتحديد الكفاءات الالزمة وترتيبها بشكل هرمي‪ .‬يلي ذلك برامج إلعادة التوزيع أو التدريب أو التوظيف لتحقيق‬
‫الكفاءات املطلوبة‪.‬‬

‫‪-3‬مرحلة استقبال ودمج الكفاءات الجديدة‪ :‬تركز على استقبال املوظفين الجدد وتوفير بيئة عمل مناسبة‪ .‬يشمل ذلك تقديم‬
‫التوجيه والدعم‪ ،‬وتقديم املعلومات والتدريب الضروري‪ ،‬وتقييم رضا املوظف الجديد وأدائه‪.‬‬

‫‪-4‬مرحلة التدريب والتطوير‪ :‬تركز على تلبية احتياجات التدريب للموظفين‪ .‬تضم إعداد سياسات وبرامج تدريب‪ ،‬وتنظيم‬
‫دورات وجلسات تدريبية‪ ،‬وتقديم املوارد التدريبية‪ .‬يهدف إلى تطوير مهارات املوظفين وتحسين أدائهم‪.‬‬

‫‪-5‬مرحلة تقييم األداء والعائد وتسيير املسار املنهي‪ :‬تتضمن مقابلة بين الرئيس واملوظف لتحديد األهداف وتحديد املعايير‪ .‬يتبع‬
‫ذلك تقييم األداء وتحليل العائد‪ .‬يتم تحديد مسارات مهنية واحتياجات التدريب املستقبلية ً‬
‫بناء على األداء والكفاءات‪.‬‬

You might also like