Professional Documents
Culture Documents
إنتاج كتابي -Enregistré-automatiquement
إنتاج كتابي -Enregistré-automatiquement
(كلية اللغة العربية والدراسات االجتماعية بريدة ،جامعة القصيم ،المملكة العربية السعودية)
"ينبغي للمتكلم أن يعرف أقدار املعاين ويوازن بينها وبني أقدار احلاالت...
حىت يقسم أقدار الكالم ويقسم أقدار املعاين على أقدار املقامات
الملخّص :
تعّد المقاصد عامال من أهّم العوام+ل ال+تي ت+ؤثر في اس+تعمال اللغ+ة وتأويله+ا كم+ا ت+ؤثر ب+دورها في توجيه
المرس++ل إلى اختيار اس++تراتيجية الخط++اب .فتبليغ مع++نى ّم ا بمقاص++ده يتطلب ع++ادة ،جه++ة مس++تقبلة وقن++اة
ووسيلة وسيطة لعمل ذلك .فيرتكز دور المقاصد ،بوجه عام ،على بل+ورة المع+نى كم+ا ه+و عن+د المرس+ل،
إذ يس++تلزم من++ه مراع++اة كيفية التعب++ير عن قص ++ده ،وانتخ++اب اإلس ++تراتيجية ال++تي تتكف++ل بنقل++ه م++ع مراع++اة
العناص++ر الس++ياقية .وتكمن وظيف++ة اللغ++ة هن++ا في تحقيق التفاع++ل بين ط++رفي الخط++اب ،بم++ا يناس++ب الس++ياق
بمجمل ++ه ،فتتض ++ح المقاص ++د بمعرف ++ة عناص ++ره .وألن اس ++تهداف المع ++نى ه ++و الغاية ،فس ++هامه ق ++د تنح ++رف
انح++راف راميه++ا ،ألن++ه الق++ائم بالعم++ل وتفاع++ل الجه++ة المقابل++ة مره++ون بح++يز مع++رفي يح++دد جه++ة الفع++ل أو
القصد التي يتوسل به عمله التواصلي.
: Abstract
The aims are considered one of the most important factors influencing
language use and they also influence the orientation of the sender's choice of
the strategy of rhetoric Reporting a given meaning with its aims requires
usually a receiving party, a channel and a medium.The role of the aims is
generally based on clarifying the meaning as it is delivered by the sender.He
must consider the manner of expressing his aims and elect/select the strategy
1
that accepts as charge to deliver it taking into account the Contextual
elements, The function of language here lays in the realization of interaction
between both parties of rhetoric with what is convenient to the whole context.
So that the aims are clarified/made clear by recognizing its elements.And
because aiming the meaning is the purpose, the arrow may be deviated
according to the shooter because he is the person in charge of the action, And
the reaction of the counter party in continged upon a cognitive realm that
determines the party of action or the purpose of the interactional action.
تعت++بر قض ّ+ية المع++نى من القض++ايا الش++ائكة والعس++يرة اّل تي احت++ار اللغويون في تعريفه++ا وض++بط ح++دودها
ق++ديما وح++ديثا بحكم ارتباطه++ا بظ++واهر متع ّ+د دة وأنظم++ة داّل ة مختلف++ة ،والتباس++ها ببعض المف++اهيم األخ++رى
المجاورة لها والمتقاطعة معها ،مثل الداللة ،والمدلول ،والجوهر ،والغرض ،والمضمون ،وما إلى ذلك،
مع ما يتبع ذلك من شرح وتفسير وتأويل وتحليل…
والمعنى ،إذا ما حاولنا تعريفه ،هو ما يمكن إدراكه أو فهمه مّم ا ت++وحي ب++ه األش++ياء الداّل ة ،س++واء ك++انت
دالئ++ل لغوّي ة أو غيرلغوّي ة .وبتعب++ير آخ++ر يمكن أن نق++ول إّن المع++نى ه++و م++ا نعم++ل على إيص++اله و تبليغ++ه
إلى ط++رف أو أط++راف مقابل++ة بين الب++اث والمتقب++ل .ومعل++وم أّن طرائ++ق التواص++ل عديدة ومختلف++ة أبرزه++ا
وأهّم ها ،في رأينا ،التواصل اللغوّي .
والمع++نى لغ++ة من عِنَي َيٌعِني عنًي ا وِع نَـ اية .وَع نَي بم++ا قال++ه أي أراده وقص++ده .ومنه++ا تعّنى ب++األمر َتَعّنًي ا
َقَص د .ومن ++ه ج ++اءت كلم ++ة مع ++نى .وتجم ++ع على مع ++اٍن وه ++و م ++ا نقص ++ده .ومع ++نى الكلم ++ة كم ++ا ج ++اءت في
المعاجم مدلولها أو مضمونها .وُيقال أيضا معنى الكالم ومٌعَناته ومعنّيُتُه أي معناه.
على ه ++ذا األس ++اس وبن ++اء على م ++ا س ++بقت اإلش ++ارة إليه ال يمكن فهم قضّ+ +ية المع ++نى بمع ++زل عن األش ++ياء
الدالة .ومن ثّم ال سبيل إلى فهم المعنى أو إدراكه خارج بنياته+ا أو خ+ارج تراكيبه+ا وص++يغها وأص++واتها.
2
وبتعب ++ير آخ ++ر يمكن أن نق ++ول ال س ++بيل إلى إدراك المع ++نى باعتب ++اره تقطيع ++ا أو مجموع ++ة من األص ++وات
المقّطع++ة ،ألن++ه ال يجب أن تغيب عّن ا محدودّي ة األلف++اظ وقّلته++ا مقارن++ة ب++المعنى ،ألّن مكّو ناته++ا وأص++واتها
المتكّو نة منها محدودة وقليلة مّم ا يجعل األلفاظ عاجزة عن استيعابها أو التعبير عنها كّلها.
ومّم ا قاله فخ+ر ال+دين ال+رازي في ه+ذا الب+اب" :ال يجب أن يك+ون لكّ+ل مع+نى لف+ظ ألن المع+اني ال+تي يمكن
أن تح ّ+ +و ل ال تتن++ +اهى واأللف++ +اظ متناهية ألنه++ +ا مرّك ب++ +ة من الح++ +روف والح++ +روف متناهية والم++ +رّك ب في
المتناهي متناه والمتناهي ال يضبط ما ال يتناهى وإ ال لزم تناهي المدلوالت".
إّن العالق++ة بين اللف++ظ والمع++نى أو بين الص++ورة اللفظية والمع++نى هي ،إًذ ا ،عالق++ة متين++ة ووثيق++ة ال يمكن
فهم عراه++ا من دون األخ++ذ في االعتب++ار جمل++ة من االعتب++ارات الّنظرّي ة والمنهجّي ة ليس أقّله++ا من اعتب++ار
تل++ك العالق++ة عالق++ة تالزم (ل++زوم األول للث++اني) ع ّ+د ها بعض الّلغ++ويين من الق++دماء والمح++دثين عالق++ة اس++م
بمسّ+م اه .وفي ه++ذا م++ا يدّل على أّن اللف++ظ مكّ+و ن من مكّو ن++ات المع++نى ،وأّن االس++م ال++ذي ُيطل++ق على ش++يء
معّين ه ++و مك ّ+و ن من مكّو ن ++ات ذل ++ك الش ++يء .ل ++ذلك ال يعت ++بر المع ++نى ش ++يئا متأّص ال في األلف ++اظ والكلم ++ات
وحدها .وال يرتبط بالمتكلم وحده .فصناعة المعنى تتمث+ل في ت+داول اللغ+ة بين المتكّلم والس+امع في س+ياق
محّد د مادّي واجتماعّي ولغوّي وصوال إلى المعنى الكامن في كالم ّم ا والموّج ه لقصد ّم ا.
لذا فهي تهّتم " بدراسة الوسائل اللغوية التي يستعملها المتكلم في عملية التواصل وعوامل المقام الم+ؤثرة
في اختياره أدوات معينة دون أخرى للتعبير عن قصده ،كالعالقة بين المتكلم وسياق الحال وأثر العالق++ة
1
بين المتكلم والمخاطب على الكلم والمقاصد من الكالم".
السياق(حال ،مقام)
اإلفادة المقصدية
االستعماالت العادية
- 1ج براون وج، .يول تحليل الخطاب :تر ،محمد لطفي الزليطي ومنير التركي ،جامعة الملك سعود للنشر العلمي و المطابع ،المملكة السعودية
( د ط) 1418هـ1997 /م ،ص .32
3
لم يغف++ل المهتّم ون بالدالل++ة من++ذ الق++ديم عن عام++ل النفس اإلنس++انية ال++تي تعيد ص++ياغة المع++نى بع++د إع++ادة
تشكيله وإ نتاج++ه حين يت++دخل معطى القص++د 2واإلرادة ،وه++و ال يتوق++ف عن الت++دخل بك++ل تأكيد .وال ِم ْر ية
أّن البحث في سؤال القصد والقصدية من وجهة نظر لسانية 3وفلسفية تتوالج فيه أبعاد مرّك ب++ة ال ب ّ+د من
إدراكها في تنوعها وتداخلها حتى نقترب من وجود متحرك هو "المعنى".
وتنتمي كلمة "قصد" إلى الجذر اللغوي "القاف" و"الصاد" و"الدال" .وقد جاء في المعاجم العربية على عدة
معان ،منها ما جاء في لسان العرب لــ" ابن منظ+ور" وه+و م+ا اتف+ق فيه م+ع "الخليل ابن أحم+د الفراهيدي"
ف ـ ـ "القص++د :اس++تقامة الطريق .وطريق قاص++د :س++هل مس++تقيم ومن++ه قول++ه تع++الى" :وعلى اهلل قص++د الس++بيل"
أي :على اهلل تب++يين الطريق المس++تقيم وال++دعاء إليه ب++الحجج وال++براهين الواض++حة ،وطريق قاص++د :س++هل
مستقيم ،وسفر قاصد :سهل قريب .والقص+د في الش+يء :خالف اإلف+راط ،والقص+د من الش+عر م+ا ش+طرت
أبيات++ +ه س ّ+ +م ي ب++ +ذلك لكمال++ +ه وص ّ+ +ح ة وزن++ +ه" 4كم++ +ا ج++ +اء لف++ +ظ (َقَص َد ) مرادف++ +ا للف++ +ظ " مع++ +نى " .فق++ +د ذك++ +ر
"الزمخشري" في "أساس البالغة" " عنيت بكالمي كذا أي :أردته وقصدته ومنه المعنى" .5وقد أشار "أب++و
هالل العسكري" إلى ارتباط المع+نى بالقص++د في قول+ه ":المع+نى ه+و القص++د ال+ذي يق+ع ب+ه الق+ول على وج+ه
دون وجه " .6ومن معانيه ،أيضا ،اإلصابة وهو ما يبين عنه قول "ابن ف++ارس " :فاألص++ل قص++دته قص++دا
ومقص++دا ومن الب++اب أقص++ده الس++هم إذا أص++ابه " ، 7وه++و في مع++نى نح++وت اّل ذي يذكره ص++احب الص++حاح
"وقصدت قصده نحوت نحوه" ،8فيقال :قَص د المكان توّج ه إليه عامدا ،قصدت نحوه :أي اتجاهه.
- 2القصد أوالُعني مصطلح ذكر في العصور الغابرة ،في العصر الوسيط ،للداللة على العالقة بين القصد وموضوعه ،أو العالقة التي تربط المدرك
بالمدرك أو شيء ما إطالقا .لقد فّر قوا بين العني األول ( )Intentia primaأو العني المباشر ( )Directa Intentioوهو إدراك األشياء الفريدة
في الترابط الطبيعي لها .وبين العني الثاني ( ) Intentia secundaأو العني التأملي ( )Intentia Reflexaوهو إدراك العام من المفاهيم والبنى
التصورية .وفي حوار "خارميس" يقول "أفالطون" إن السمع ال يكون إّال ألصوات معينة واإلحساس ال يكون لذاته بل لموضوعات معينة
محسوسة ...إذ يصعب أن يكون تعلق الشيء بذاته" .وقال أرسطو بذلك أيضا .فاإلدراك الحسي بالنسبة إليه ،ليس أبدا إدراكا لذاته بل هو إدراك لشيء
يتعداه .وفي موضوع آخر ،يقول " :إن المعرفة واإلدراك الحسي والرأي والتفكير .إن هذه جميعا تتخذ شيئا أخر غيرها كموضوع لها وأّال يكون تعلقها
بذاتها إّال على نحو جانب" .ومصطلح القصد مشتق من الكلمة الالتينية ( )intendoأو ( )intendioمعنى الشّد أو المّد أو التوّج ه .لكن الفالسفة
المتأخرين في القرنين الثالث عشر والرابع عشر استخدموا الفعل ( )intendoكمصطلح فنّي يدل على المفهوم ( )conceptوكان هذا المصطلح
الفني ترجمة أخرى لمصطلحين عربيين هما المعقول ( )Maqulو( )Manaالشيء الموجود أمام العقل في التفكير ,فاألول ترجمه "الفارابي" عن
الكلمة اليونانية ( ) Noemaوالثاني من وضع "ابن سينا" ,ومنه يمكن القول إن المصطلحات ( )Intendioو ( )Manaو ( )Maqulو()Noema
مترادفة على نطاق واسع .إذ تستعمل جميعها للداللة على األفكار والمفاهيم أو أي شيء كائن أمام العقل في التفكير .كما ترجمت ( )Intenticeإلى
اإلنجليزية على أنها ( )Intentionللداللة على القصد بمعناه العادي .وظل مصطلح القصدية مغمورا وأحيي ألول مرة على يد الفيلسوف "فرانز
برنتانو" ( )1838-1917في كتاب " علم النفس من وجهة نظر تجريبية عام 1998الذي ُيعّد مصدر التفكير الفلسفي في العقل وفي الفكر األوروبي
المعاصر .كما تعتبر القصدية من أشهر نظرياته على اإلطالق.
- 3اهتمت العديد من الدراسات اللسانية في الممارسة الغربية وخصوصا األمريكية منها بموضوع القصد والقصدية في إنجاز الخطاب وتأويله.
ويعود ذلك إلى نشوء المدرسة التداولية أول أمرها في أمريكا .من ذلك دراسة الفيلسوف "جون سيرل" عن القصدية من وجهة نظر فلسفة اللغة وفلسفة
العقل ،وعمل "روبرت ستانالكر" الذي درس عالقة السياق بالمعنى وبالقصد .وكذلك عمل "جون ديلي" في القصدية والسيمياء .وهي دراسات تغلب
عليها المعالجة الفلسفية مع انفتاحها على علم النفس المعرفي مع "ماكميالن" و"جران جيلي" عن القصدية والوعي .وفي نفس المسار تدخل دراسة
"ريان هكرسون" و"أنطوان" .أما في الدراسات العربية المعاصرة فيمكن تسجيل تنامي االهتمام بالموضوع نظرا لَتَم ُّك ن الدرس التداولي من شق
طريقه في العقود األخيرة بالجامعات العربية مع جهود عدد من الباحثين في المقارنة بين التراثين العربي والغربي في مجال المعنى والداللة ،أمثال
"طه عبد الرحمن"و"عبد الهادي" و"حسان الباهي" و"أحمد المتوكل" وغيرهم....
- 4ابن منظور(جمال الدين) :لسان العرب،ج، 3ط، 3دار صادر ،بيروت،1994 ،ص ص.357-353
- 5الزمخشري (محمود) :أساس البالغة ،تحقيق :محمد باسل ،ج ،2ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت ،1998 ،ص.8
- 6العسكري (أبوهالل) :الفروق اللغوية ،تحقيق :محمد إبراهيم سليم ،ط ،1دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع ،القاهرة1992 ،م ،ص.33
- 7ابن فارس ،معجم مقاييس اللغة ،ج ،5ص.15
- 8الجوهري ،الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ،ج ،1ص.511
4
وج+اءت بمع+نى الع+دل :فُيق+ال قص+د في الش+يء :أي خ+الف اإلف+راط وه+و م+ا بين اإلس+راف والتقت+ير فيق+ال
قصد في المعيشة :أي االعتدال.
م++ +ا نس++ +تنتجه مّم ا تق ّ+ +د م من تعريف++ +ات أّن مجم++ +ل مع++ +اني "قص++ +د" تص ّ+ +ب في الغاية ال++ +تي يراد إص++ +ابتها
والوص ++ول إليه ++ا .ويك ++ون مع ++نى الكالم م ++ا تعّل ق ب ++ه القص ++د ،أي المع ++نى ال ++ذي قص ++د إليه المتكّلم .ل ++ذلك
فالمعنى والغرض والهدف مرادفات للقصد .لكن يظهر أن معنـى العمـد وإ تيـان الـشيء عـن إرادة جازمـة
لـه هـو المعنى األظهر وقد جعله "ابن جني" األصل .9إذ يجمع القصد على:
-1المقصودات :هو الفائدة عكس اللغو ،ويراد به المقصود ،أو المعنى الداللي للكالم.
-2القصود :هو التوجه عكس السهو ،ويقصد به المضمون اإلرادي.
-3المقاص++د :ه++و موض++ع القص++د أو الوجه++ة ،والم++راد ب++ه الغاية أو اله++دف .وه++ذا ه++و المع++نى المن++اط من
الدراسة.
من خالل م++ا تقّ+د م نس++تطيع الق++ول إّن مفه++وم القص++د في الخط++اب ،يع++ني ،في ج++انب كب++ير من++ه ،اإلتيان
باألس ++باب ال ++تي من أجله ++ا نس ++تعمل اللغ ++ة ،لبيان غاية المتكلم من الخط ++اب ،ولتس ++تقيم عملّي ة التواص ++ل
اللساني من خالل حمل المتكلم مراده إلى المتلقي وبيانه له.
5
عن++د تفس++ير المع++نى على خالف النظريات الص++ورية الش++كلية للغ++ة .ف++أدرك ه++ؤالء الدارس++ون من++ذ بداية
أبح ++ +اثهم "وج ++ +ود ت ++ +وّتر دائم بين األلف ++ +اظ والمقاص ++ +د .ل ++ +ذا وجب ال ++ +تراجع عن دراس ++ +ة اللغ ++ +ة ومعالجته ++ +ا
باعتباره++ا تراث++ا من أج++ل اختزاله++ا إلى أفع++ال قص++دية .ف++المتكلم يريد تحقيق مس++عى معّين أي إّن ه يقص++د
ش++ +يئا بكالم++ +ه .وحينم++ +ا يتع ّ+ +ر ف الق++ +ارئ والس++ +امع على م++ +راد المتكّلم يك++ +ون ق++ +د توص++ +ل إلى فهم لغت++ +ه،
13
فالمفردات المجّر دة من القصد مجّر د لغو ،وتظهر القيمة النفسّي ة للغة في فعل القصد""
ل ++ذلك تع ّ+د المقاص ++د أهّم العوام ++ل ال ++تي ت ++ؤثر في اس ++تعمال اللغ ++ة وتأويله ++ا .كم ++ا ت ++ؤثر ب ++دورها في توجيه
المرسل إلى اختيار استراتيجية الخط+اب .فيعّب ر عن مقاص++ده في الخط+اب من خالل اللغ+ة إلحالته+ا عليه
في مقام أّو ل ،ولتحديد معنى الخطاب في مقام ثان .ومن ثّم ة يعتبر القص++د ش+رطا في بل+وغ الكالم تمام+ه
وأم++ارة لم++ا يريد المتكّلم أن يبلغ++ه بمقص++وده .وبم++ا أّن اهتمام++ات الدراس++ات التداولية بالمقص++د التواص++لي
وبتحديد مفهوم++ +ه في المعالج++ +ات النظرية اتخ++ +ذت ع ّ+ +د ة دالالت ،فإّن ه يمكنن++ +ا حص++ +رها في مفهوم++ +يين/
صنفين.
*القصد بمفهوم اإلرادة والوعي.
*القصد بمفهوم المعنى.
م++ا نعنيه بالص++نف األول ه++و أن يؤثر ه++ذا الن++وع في الحكم على الفع++ل .ذل++ك أن++ه ال يك++ون تابع++ا لش++كله
الظ++اهري ب++ل للمقاص++د الباطن++ة ل++دى المتكلم الفاع++ل .ومن ه++ذه الزاوية ع++الج ك++ل من "أوس++تين" و"س++يرل"
المقص++ود ودوره في التفريق بين المع++نى التعب++يري والق++وة الغرض++ية لألفع++ال ال++تي يقص++د المرس++ل نقله++ا
وبيان الطرق التي يعتمدها في ذلك .إذ ال يكفي التلفظ في غياب القصد.
مثال :عندما يقول األستاذ :ما الكلمات األكثر تداوال بينكم في الصف أيها الطالب؟
األستاذ :ممتاز.
فالطالب هنا لم يقصد اإلجابة عن سؤال أستاذه ألنه لم يكن على علم باإلجاب+ة ولم تكن لديه فك+رة عنه+ا.
في حين فهم األس ++تاذ أّن ه توّص ل إلى اإلجاب ++ة الص ++ائبة المطلوب ++ة فأج ++اب فعال .ولحس ++ن حظ ++ه أن ك ++انت
إجابته صحيحة بالفعل على الرغم أّنه لم يكن يقصد معناها الحرفي.
ه++ +ذا التب++ +اين بين القص++ +دين ه++ +و م++ +ا جع++ +ل الخط++ +اب طريف++ +ا( .وه++ +ذه تقنية يك++ +ثر اس++ +تعمالها في الخط++ +اب
المسرحي خاصة تسمى (الكيبروكو).
- 13بناني (عز العرب لحكيم) :الظاهراتية وفلسفة اللغة تطور مباحث الداللة في الفلسفة النمساوية ،ريقيا الشرق ،بيروت ،أفريقيا الشرق،
الدار البيضاء ،المغرب ،لبنان.2003 ،ص.289
6
وهناك من يرى ض+رورة ت+وافر قص+دّي عن+د المرس+ل بمع+نى اإلرادة بم+ا أن الخط+اب عملّي ة بين ط+رفين
هما:
فمقتض++ +ى القص++ +د األول أّن المتكلم ال يك++ +ون متكّلم++ +ا حّق ا م++ +ا لم تت++ +وّفر لديه إرادة التوّج ه بكالم++ +ه إلى
اآلخرين .أما القصد الثاني فالمنطوق ال يكون كالما ما لم ُيِر د به المتكلم إفهام غيره.
وب++ذلك تتعّ+د د مقاص++د المرس++ل أثن++اء التواص++ل .فنج++د قص++دا أّو ال وقص++دا آخ++ر يقابل++ه وال يص ّ+ح الّث اني إّال
باألّو ل.
مثالُ :اتركي اللعب واذهبي إلى الدرس .حمادينو غّي ر المثال ان كنت ترى ذلك مناسبا
ف ++ترك اللعب ليس مقص ++ودا لذات ++ه إذ ال يع ++ني التوج ++ه إلى الدراس ++ة فه ++و ت ++ابع للقص ++د األول واألص ++ل ه ++و
التوجه إلى الدراسة ألنه يمكن التلفظ به ثم يفهم أمر الترك بداهةِ :ا ذهبي إلى الدراسة.
ويكون بذلك للقصد بمعنى اإلرادة فضل التفريق بين مرسل صادق وآخر كاذب فتكون (اإلرادة) معيارا
للصدق والكذب عوض المحتوى القضوي للفعل اللغوي.
أم ++ا عن القص ++د بمفه ++وم المع ++نى فق ++د ذهب كث ++ير من الب ++احثين إلى أن المقاص ++د هي المع ++اني .ووض ++عت
األلفاظ من أجل الوصول إلى معاني معينة ،فكانت وسيلة إلدراكها .وبذلك يكون المعنى هو المقصود.
ولكن هنا تختلف المعاني وتتفاوت حسب العالقة بين القص++د والدالل+ة الحرفية للخط+اب ال+ذي يت+وفر على
ب ++اّث ومتقّب ل أو مرس ++ل ومرس ++ل إليه .وب ++ؤرة االهتم ++ام هي :م ++اذا يع ++ني المرس ++ل بكالم ++ه؟ ال م ++اذا تعنية
اللغة؟ فقد يكون الخطاب واضحا في لغته .ولكنن+ا ال ن+درك معن+اه دون معرف++ة قص++د المرس+ل ال+ذي يمكن
أن يتج+اوز المع+نى الح+رفي للخط+اب إلى مقاص+د أخ+رى .ف++إذا قيل مع+نى اللف+ظ ك+ذا ف++المراد ب+ه أّن محّ+ل
العناية ب+ه ك+ذا .والعناية من ج+انب المض+مون هي اإلرادة والقص+د فيك+ون مع+نى الش+يء ه+و م+ا يقص+د ب+ه
ومعنى اللفظ هو المراد منه ...ومن ثّم فالمعنوي هو بالذات القصدي.
وهذا يؤّك د قاع+دة تواص+لية هاّم ة مفاده+ا أن المع+اني غ+ير كامن+ة في م+ا يس+تعمل المتكّلم من أدوات لغوّي ة
بل بالكيفية التي يوظفها بها حتى تعّبر عن مقاصده ونواياه .14ولذلك ال بّد من توّفر القص++د في الخط++اب
- 14معلوم أن القصد في الخطاب والفعل شخصي ومرتبط بالذات .فال ُيسأل أو يؤاخذ أحد عن قصد غيره .وقد جاء في الموافقات" :وال يلزم أحدا أن
يقصد وقوع ما هو فعل الغير ألنه غير مكّلف بفعل الغير وإنما يكّلف بما هو من فعله"
وهذا التنصيص على القصدية في اللغويات التداولية بما هي فعل ذاتي في الخطاب يرجع كل داللة ملفوظية إلى المتلفظ بها .ويحتكم في الختام إليها.
هو المختار من األقوال عند غالب الفقهاء إال في حاالت خاصة ،وعلى هذا المعنى صاغوا القاعدة الذهبية التاليةَ" :م َقاِص ُد الَّلْفِظ َع َلى ِنَّيِة الاَّل ِفظ".
7
الذي يساعد السياق على اكتشافه ،ألّن داللة العبارة هي استلزام الق+ول للمع+نى المقص++ود من س+ياقه .وق++د
يط++ابق ه++ذا المع++نى المقص++ود المس++تفاد من ظ++اهرة الق++ول وق++د يتف++اوت مع++ه .ف++إذا طابق++ه قيل إّن ه المع++نى
المطابق للقول .وإ ن تفاوت معه فأحد األم+رين :إّم ا إّن ه يط+ابق ج+زءا من ه+ذا المع+نى الظ+اهر (المقص+ود
هو معناه التضّم ني).
وإ ّم ا إّن ه يالزم ه ++ذا المع ++نى من غ ++ير أن يطابق ++ه ال كّال وال ج ++زءا (المقص ++ود االس ++لتزامي) ،ألن دالل ++ة
العبارة هي استلزام القول للمعنى المقصود من سياقه.
وق ++د شّ+ +ك ل ك ++ل من القص ++د والعناية ب ++المعنى ص ++ميم نظرية "غ ++رايس" 15ال ++تي تق ++وم على "مب ++دإ التع ++اون"
بقواع++ده المختلف++ة 16ال++تي تتحكم في تفاع++ل ط++رفي الخط++اب تف++اعال ناجح++ا .فك++ل ُم رِس ل يعّب ر عن قص++ده
باحترام هذه القواعد أو بتجاهلها تماما .فيتحّ+و ل القص++د هن+ا إلى معرف++ة المع+نى المضّ+م ن في ق++ول المتكلم
أو إلى "معنى المتكلم" كما يسميه "غ+رايس" وق++د ض++بط ه++ذا الض++مني ورّتب++ه ومن ثّم ة قّس مه في خطاط++ة
اعتم++دها من تاله من اللس++انيين ن++ذكر على س++بيل المث++ال" كرب++را أوريكيوني" و س++ادوك وغيرهم++ا ...م++ع
17
التدقيق واالختصار.
المحتوى /القول
ضمني صريح
خاص عام
ولهذا فالقصد بوصفه المعنى يدخل في إنجاز أفعال لغوية متعّ+د دة ض++من س++ياقات متنّو ع+ة وبخط++اب ذي
ش ++كل لغ ++وي واح ++د مث ++ل االس ++تفهام (لعل ++ك تفيدني في تفص ++يل ه ++ذه القض ++ية يمكن أن يدّل على الطلب أو
- 15اشتهر "غرايس" بنموذج القصد الذي طبقه على أفعال الكالم ،واقتضي هذا النموذج تأسيسً الداللة اللغوية على مقاصد المتكلمين واتخذ
الصورة اآلتية :إن قول القائل ال يمكن أن يفيد شيئا إال إذا قصد القائل األمور اآلتية:
* أن يدفع قول المتكلم المتلقي إلى النهوض بالجواب.
* أن يتعرف المتلقي إلى القصد الذي يريده المرسل.
* أن يكون نهوض المتلقي بالجواب مستندا إلى تعرفه على قصد المتكلم.
-16قواعد مبدأ التعاون:
-مبدأ الكم :ويعني وجوب التزام المسهم في الحوار بالقدر المطلوب من المعلومات دون أن يزيد أو ينقص.
-مبدأ الكيف :مفاده أّال يساهم المتكلم في الحوار بما يعتقد أنه كاذب ،وبما ال يستطيع البرهنة عليه.
-مبدأ المالءمة :وينّص على أن المشاركة في موضوع الحوار تكون مناسبة وفي الصميم (أي مفيدة ( .يقول "ديكرو"" :على المخاطب تقديم
المعلومات الالزمة التي يملكها عن موضوع الخطاب ،وغرضها إفادة المخاطب .
-مبدأ الطريقة :وتوجب أن تكون المشاركة في الحوار واضحة ،موجزة ،مركبة وبعيدة عن اللبس والغموض
وبخرق إحدى هذه القواعد األربع تحصل ظاهرة االستلزام الحواري.
- 17أوركيوني ( :)1986قّسمت المحتوى إلى صريح وصمني وقسمت الضمني بدوره إلى مهمت ومقتضى.
8
اإلخبار أو اإلنكار… فاالستفهام عمل لغوي مباش+ر ينش+ئ طلب+ا م+ا ،ولكن+ه يتضّ+م ن أعم+اال لغوية ض+منّية
تتج ++ +اوز الدالل ++ +ة الص ++ +ريحة لالس ++ +تفهام إلى دالالت متضّ+ + +م نة في الق ++ +ول وغالب ++ +ا مايكش ++ +ف عنه ++ +ا المق ++ +ام
أوالسياق ،فعندما يقول األستاذ:
مث++ + +ال ( :)2حين كنت أس++ + +مع ب++ + +ائع الجرائ++ + +د يص++ + +يح :ال++ + +وطن ب++ + +دينار...الجمهورية ب++ + +دينار...الش++ + +عب
بدينار ...كنت أظّنه يقصد ثمن الجرائد.
إذا اعتم ++د المخ ++اطب على التفك ++ير الت ++داولي في تحليل ت ++ركيب ه ++ذه الجمل ++ة أمكن ++ه الوص ++ول إلى مع ++ان
واض++حة مث++ل :إّن المتكلم بحاج++ة إلى م++اء ،أو إّن ه ص++ائم ويش++عر ب++العطش ،أو ع++دم ت++وفر الم++اء ،أو غ++ير
ذلك من المعاني.
وه ++ذا م ++ا يؤك ++د أهمّي ة معرف ++ة قص ++د المتكّلم ،وع ++دم االكتف ++اء بالّد الل ++ة الحرفّي ة للخط ++اب ألّن ه ق ++د
يختل ++ف عنه ++ا فينتج عن ++ه معنيان :مع ++نى ح ++رفي ومع ++نى ت ++داولّي س ++مته " أوركيوني" ب ـ "المع ++نى الُم همت"
وتعني به "كل عناصر المعنى ال+تي نفس+ر ظهوره+ا بافتراض+نا لمنط+ق كّ+ل م+ؤّو ل للق+ول "من ن+وع أن+ه إذا
قال المتكّلم هذا فإّنه يريد أن يبّلغ ذاك 18.وهذا التفاوت بين المعنى اللغوي وقص++د المتكلم ه++و ال++ذي يجع++ل
الناس يسائلون بعضهم بعضا عن معنى عبارة ّم ا أو داللتها.
ف ++إذا اّتجهن ++ا مثال إلى علم الّص رف ،وج ++دنا أّن كث ++يرا من المش ++تقات تش ++ترك في أوزان واح ++دة .19وهن ++ا
العلم بالقصد ال بّد من++ه ألن++ه ش++رط .20والش ّ+ك في الش++رط يقتض++ي الش++ك في المش++روط .ن++ذكر على س++بيل
المثال:
18- Kerberat Orecchioni (Catherine) ; L'implicite 1986 " J'appelle sous-entendu tous les éléments de sens dont
j'explique l'apparition en supposant chez celui qui interprète l'énoncé, un raisonnement du type : si le locuteur
a dit ceci, c'est qu'il voulait dire cela ". p39
- 19هنا ال ننفي إمكانية أن يكون السياق المقالي نفسه مرّج حا لصيغة صرفّية على أخرى .هناك موّجهات لغوّية تلعب هي األخرى دورا في ترجيح
معنى على آخر ،ودون االلتفات إلى قصد المتكّلم أحيانا.
- 20يمكننا تسميته بالسياق الصرفي وهو السياق الذي تتجلى فيه الصيغ والعالمات ،الحقة أي غير منفردة في الكلمات ،من خالل سياق معين ،يؤدي
إلى داللة معينة .كما أنه يبرز المعنى من خالل متابعة التغيرات التي تعتري صيغ الكلمات ،فتحدث معنى جديدا في الجملة أو التركيب.
9
-كلمة ُم جَتمٌع مثال يمكن أن تكون اسم مفعول أو اسم مكان أو اسم زمان والذي يحّ+د د ذل++ك الّس ياَق
النُّص ومعرفُة قصد المتكلم.
-كلم ++ة (م ++ذياع) ق ++د تك ++ون اس ++م آل ++ة وق ++د تك ++ون ص ++يغة مبالغ ++ة ،وتحديد ذل ++ك راج ++ع فق ++ط إلى قص ++د
المتكلم.
-كلم ++ة (مخت ++ار) ق ++د تك ++ون اس ++م فاع++ل أو اس ++م مفع ++ول .وال م ++رجح أمامن ++ا بينهم ++ا إال معرف ++ة قص ++د
المتكلم وقس على ذلك العديد من األمثلة.
*اتج++اه منظ++ري الدالل++ة الش++كلية ،وه++و اّتج++اه ُيع++نى بدراس++ة النظ++ام اللغ++وي مع++زوًال عن س++ياق التواص++ل
االجتماعي( .سأذكر بعض أعالم هذا االتجاه)
*اتجاه منظ+ري المقاص++د التواص++لية (غ+رايس /أوس+تين /فتجنش+تاين )...وه+ؤالء يفس+رون المع+نى اللغ+وي
باإلحالة إلى مقام التواصل.
فالقواعد التركيبية الداللية عندهم تحّد د مع+اني العب+ارات الّلغوية ولكّنه+ا ال تك+ون مفهوم+ة إال إذا اس+تعملنا
مفهوم القصد التواصلي الموّج ه نحو المستمعين .وقد يكون للمرسل قصد رئيس واحد .ولكن يتّم الّتعب+ير
عنه بآليات مختلفة يمكن تقسيمها إلى آلّيات مباشرة وأخرى تلميحّية غير مباشرة .وهو م+ا يب+دو واض++حا
عن+د "س+يرل" في تقس+يمه لألفع+ال اللغوية إلى مباش+رة وغ+ير مباش+رة أو في خ+رق إح+دى القواع+د األربع+ة
لمبدإ التعاون الغرايسي الذي ال يكون إّال لقصد معّين مع أّنه يظّل مس++اعدا لفهم قص++د المرس++ل من خالل
االستلزام الحواري.21
مثال :قول األّم البنته+ا وهي تخ+رج دون معط+ف :أين معطف+ك؟ ه+ل ت+رى حم+ادينو أن أغ+ير المث+ال إلن
رأيت ذلك غبره هههههههههههههههه
-21اشتق مصطلح االستلزام ( )Implicatureمن الفعل ( )Implicateويعنى أن تشمل أو تضّم ن شيئا" بمعنى يورط أو يوّح د" وهو في االصطالح
النقدي التداولي مكّو ن لمعنى المتكّلم الذي يشمل جانبا مّم ا يعنيه ملفوظ المتكّلم من دون أن يكون جزءا مما ُيقال.
ولالستلزام الحواري عند "غرايس" خاصيات تفرده ،وهي:
-يمكن إلغاؤه وذلك بإضافة قول من قبل المتكلم ينكر ما يستلزم من كالمه ويحول دونه.
-إنه متصل بالمعنى الداللي للتركيب وال عالقة له بالصيغة اللغوية .فلو استبدلت مفردات وعبارات بأخرى ترادفها ينقطع االستلزام.
-إنه متغير بتغير السياقات التي يرد فيها ،فيمكن لتعبير واحد أن يؤدي إلى استلزامات مختلفة إذا ما تباينت السياقات.
-إنه يمكن تقديره ،بمعنى إن المتكلم بإمكانه أن يقوم بمجموعة من االستنتاجات أو العمليات الذهنية بناء على ما يسمعه من كالم ،وصوال إلى
االستلزام المطلوب بعيدا عن المعنى الحرفي.
10
االبنة :في المعالق /سأرتديه اآلن.
تن ّ+و عت إجاب ++ات االبن ++ة حس ++ب تأويله ++ا لخط ++اب أّم ه ++ا .فاإلجاب ++ة األولى ت ++بّين أّنه ++ا فهمت المع ++نى الح ++رفّي
للسؤال أو كما أوهمتها أّنها فهمت المعنى هروبا من تنفيذ أمرها.
أم++ا اإلجاب++ة الثانية فيّتض++ح من خالله++ا أّنه++ا فهمت قص++دها الحقيقي وه++و م++ا يعكس ق++درتها على التأويل
التداولي .نصوغ مثاال ثانيا بين مرسل (أ) ومرسل إليه(ب):
-المع++ +نى الح++ +رفي ه++ +و المتض ّ+ +م ن نص++ +يحة (ب) لـ ـ (أ) بض++ +رورة أخ++ +ذ المظل++ +ة وارت++ +داء المعط++ +ف عن++ +د
الخروج ،بينما اإلجابة المتضمنة للسؤال المطروح (الجو ممطر في الخارج (.
يحمل معنيين:
األول :كما قصده المتكلم المرسل وهو أن األسعار رخيصة جدا ترغيبا للمرسل إليه في الشراء.
الثاني :ما يتأّو له المرسل إليه بأّن األسعار غالية جّد ا.
22
لهذا ال يجب الفصل بين المعاني واأللفاظ .فالمعاني تضم الّد اللة (أو المعنى النفسي) أو قص ++د المتكلم.
واأللفاظ تحدث على مستوى النطق .وبذلك يكون النّص كاش++فا للقص++د التواص++لي 23.كم++ا يمكن أن يس++هم
اللف ++ظ في إنت ++اج خط ++اب يقب ++ل أك ++ثر من تأويل .وه ++ذا م ++ا يعكس دور القص ++د بمفه ++وم المع ++نى في تش ++كيل
- 22قسم ابن قيم الجوزية في "أعالم الموقعين " ص ص 108-107األلفاظ إلى ثالثة أقسام:
-أن تظهر ألفاظ مطابقة للقصد وللظهور مراتب تنتهي إلى اليقين والقطع بمراد المتكلم ،بحسب الكالم في نفسه وما يقترن به من القرائن الحالية
واللفظية ،وحال المتكلم به وغير ذلك.
-ما يظهر من ألفاظ لم ُيرد المتكلم معناها ،وقد ينتهي هذا الظهور إلى حد اليقين بحيث ال يشك السامع فيه ،وهذا القسم نوعان
أ :أال يكون مريدا لمقتضاه ،وال لغيره.
ب :أن يكون مريدا لمعنى يخالفه.
-ما هو ظاهر من األلفاظ في معناه ويحتمل إرادة المتكلم له ،ويحتمل إرادته غيره ،وال داللة على واحد من األمرين بمثل هذه المراعاة ،واللفظ دال
على المعنى الموضوع له ،وقد أتى به اختبارا".
23القصد التواصلي :يتجسد بعناصر السياق المحيطة بالخطاب والمتلقي والمخاطب في آن واحد إلبالغ المقاصد وتوظيفها داخل الخطاب ،وكيفية
توصيلها من طرف المتكلم لتجسيد تلك المعاني الضمنية واستيعابها وبلورتها في ذهن المتلقي .مما يستدعي ضرورة الكفاءة اللغوية التداولية وذلك
لوجود إمكانية الخروج عن الداللة الظاهرة باعتبار القصد ،كما يذهب إلى ذلك محمد طه عبد الرحمان بقوله في " :جاز أن يتفاوت مقصود القول عن
مضمونه ،فال يتسارع إلى فهم المخاطب)...( ،نظرا ألن المتكلم يكون قد بلغه إليه بطريق التلميح ،ال بطريقَ التصريح ،فيكون المخاطب مطالبا بتعقبه
بمعونة القرائن المقالية و المقامية التي تتعلق بهذا القول "ص 251
11
الخطاب وتعّد ده .كما يقوم تعّد د التأويالت واختالفه+ا في الخط+اب الواح+د ذل+ك أّن الخط+اب ق+د يص+اغ في
تمثيل ت++درك معانيه الحرفية ولكنه++ا غ++ير كافية إلدراك المغ++زى .وعلى ه++ذا ف++إن النص ال يتمظه++ر في
ش++اكلة واح++دة وإ ّنم++ا بكيفّي ات مختلف++ة وراءه++ا مقص++دّية المرس++ل األساسّ+ي .وه++ذا المع++نى يبّين أّن للمؤل++ف
دوافع++ +ه الخاص++ +ة ،فه++ +و يح++ +اول ،من خالل نّص ه ،إيص++ +ال القص++ +د األص++ +لّي ومراع ++اة مقص++ +دّية المرس++ +ل
المخاطب والظروف الحاّفة التي يروج فيها النص في ذات اآلن.
ما يهّم نا نحن أّن النّص رسالة تدور حول أمر ّم ا .وهي مكتوبة بلغة ّم ا .ولها قص++د ّم ا س+واء ك+ان قص++د
المؤل++ف األص++لي أو القص++د المستشّ+ف من الق++ول األص++لي .وه++ذا البحث في القص++دّية ه++و في رأين++ا بحث
في فهٍم أو قول هذا الفهم ويمكن أن يقّس م إلى ثالثة أقسام:
فهم خاّص بالمتقّب ل الذي يعترض عليه الباّث كشيء آخر خارجّي خاص. ●
والق++ +درة على المزاوج++ +ة الكالمية بين ص++ +ريح األلف++ +اظ ومقاص++ +د المتكلم تتطلب الترك++ +يز على معطيات
التواص++ +ل اللغ++ +وي ال++ +تي تتمث++ +ل في اختب++ +ار م++ +دى ق++ +درة المخ++ +اطب على فهم الكالم المنط++ +وق إلى ج++ +انب
المعرف ++ +ة المش ++ +تركة بين المتكلم والمخ ++ +اطب ألن بعض األلف ++ +اظ أو المص ++ +طلحات ق ++ +د تحم ++ +ل ،في بعض
جوانبها ،معاني منهيا عنها.
ولكن المقام هنا يجعلنا نتساءل :إذا كان الّناس يقصدون أكثر مّم ا يقولون من ألفاظ فكيف لهم أن يفهم++وا
بعضهم بعضا؟
لإلجابة عن هذا التساؤل مّيز بعض الباحثين بين ثالثة مستويات للمعنى
* المعنى اللغ+وّي المس+تفاد من دالل+ة الكلم+ات والجم+ل مباش+رة أو المع+نى الح+رفي .فلم يختل+ف النح+اة في
أّن الكالم هو اللفظ المس+تقل بنفس+ه المفيد لمعن+اه" أو ه+و المش+تمل على بعض الح+روف مفيد فائ+دة يحس+ن
السكوت عليها.
12
* مع ++ +نى الكالم أو المع ++ +نى الس ++ +ياقّي ال ++ +ذي يعين الس ++ +ياق 24على اس ++ +تنباطه .فالس ++ +ياق يبحث في تراب ++ +ط
المع++ +اني بالمع++ +اني الس++ +ابقة والالحق++ +ة (عالم++ +ة المع++ +نى ب++ +المعنى) .كم++ +ا تجع++ +ل داللت++ +ه الجمل++ +ة ذات الهيئ++ +ة
التركيبية الواح+دة بمفرداته+ا ونص+ها تختل+ف ب+اختالف الس+ياق ال+ذي توجـد فيه ،ألن ك+ل س+ياق يختل+ف في
زمانه ومكانه ومالبساته المتعددة .ولعّ+ل تقس++يم اإلم++ام ابن القيم الجوزية (ت751هـ) للدالل++ة ،مرتب++ط أش++د
االرتب ++اط بس ++ياق التواص ++ل بين المرس ++ل والمتلقي .فدالل ++ة النص ++وص عن ++ده " :نوع ++ان :حقيقية وإ ض ++افية،
فالحقيق ++ة تابع ++ة لقص ++د المتكلم وإ رادت ++ه وه ++ذه دالل ++ة ال تختل ++ف ،واإلض ++افية تابع ++ة لفهم الس ++امع وإ دراك ++ه،
وج++ودة فك++ره وقريحت++ه ،وص++فاء ذهن++ه ،ومعرفت++ه باأللف++اظ ومراتبه++ا ،وه++ذه الدالل++ة تختل++ف اختالف++ا متباين++ا
بحسب تباين السامعين في ذلك.
وإ دخ+++ال مفه+++وم القص+++دية في فهم كالم المتكلم وتحليل العب+++ارات اللغوية مب ++دأ أخ ++ذ ب ++ه فالس+++فة نظرية
االس ++تعمال في المع ++نى (فتجنش ++تاين ،أوس ++نت ،غ ++رايس ،سرتاوس ++ن ،س ++يرل )...ال ++ذين أعط ++وا المتكلمين
ومقاصدهم مكانة محورية عند تفسير المعنى على خالف النظرّيات الصورّية لّلغة.
وم++تى رّك زن++ا على فع++ل الفهم باعتب++اره قص++دا فإّنن++ا نج++د أنفس++نا أم++ام فّن من ن++وع آخ++ر يس++ميه "ش++اليماخر"
25
"هيرمينوطيقا"وتعني فّن الفهم وبذلك يمكننا أن نتحّص ل على قصود ثالثة:
قصد المؤلف = يعني ما أراد المؤلف بّثه كدالالت في نّص ه. ●
- 24مصطلح حديث ارتبط بالدراسات اللغوية الحديثة .لكّن الدراسات اللغوية القديمة كان لها فضل األسبقية في ذلك من خالل اهتمامها بفكرة المقام.
ومع التطور الذي شهدته الدراسات اللغوية جاء "فيرث" بنظرية السياق التي ترتكز على دوره في فهم المعنى .فنّبه إلى أّن المعنى ال ينكشف إال من
خالل وضع الوحدة اللغوية في سياقات مختلفة .وعليه تتطلب دراسة المعاني تحليال للسياقات والمواقف التي ترد فيه حتى ما كان منها غير لغوي
بمعنى أنها بهذا التصور تستطيع أن تدرس جميع أنواع الوظائف الكالمية وتفسرها .محمود السعران ،علم اللغة ،ص .312
وبالرجوع إلى أقوال العلماء واللغويين في تحديدهم لمفهوم السياق نالحظ تفاوتا فانقسموا في إيضاحهم إلى فريقين:
-فريق أول :قصر السياق على الجانب المقالي ضمن حدود ال يخرجها عن السابق وعن الالحق فهم يرون أنها مقصورة على المقال دون الحال وهو
ما ُيسّم ى بالسياق اللغوي .والمراد به عند "البناني" في حاشيته على جمع الجوامع (" )1/20هو ما دل على خصوص المقصود من سابق الكالم
المسوق لذلك أو الحقه"
-فريق ثان :يشمل السياق عندهم المقال السابق والالحق والمقام "الحال".
فالداللة هنا قائمة عندهم قائمة على دعامين:
*سياق المقال يشمل السابق والالحق.
* سياق المقام :وهو األدوات التي تصاحب النص من قرائن وأحوال وعوامل خارجية لها تأثير على الفهم :كحال المتكلم والمخاطب والزمن والمكان
والغرض الذي سيق له.
وبالتالي فإّن السياق والقرائن دالة على مراد المتكلم ومرامه من كالمه وهي المرشدة إلى بيان المجمالت وتعيين المحتمالت.
- 25مع أّن "امبيرتو ايكو" يرى غير ذلك ويقول إّن وراء كل قصد قصدا حقيقّيا.
13
م ++ +ع العلم أّن لس ++ +انيات الّنص ال تعتم ++ +د في الوص ++ +ول إلى مقاص ++ +د المتكلم على المع ++ +نى الح ++ +رفي للنص
فحس ++ب .ب ++ل ت ++درس المع ++نى ال ++ذي يرمي إليه المتكلم /النص وف ++ق اعتب ++ارات ع ّ+د ة (هوية المنتج /مك ++ان
الخطاب وزمانه /الظروف التي تكتنف الخطاب )...للوصول إلى المعنى أو مضمون الكالم.
على ذل ++ك ال يمكن الق ++ول إّن القص ++دية هي الش ++يء ال ++ذي يبتغيه المتكلم من عملّي ة التواص ++ل م ++ع المتلقي
باستعمال وسائط لغوية ،أي ما تحدثه قواعد النحو وما يستتبعه من معنى .وما يتوّل د عن ت++راكيب النص
من م++ +دلوالت ألن المع++ +نى ال ينكش++ +ف إاّل من خالل تس++ +ييق ِ( 26)Contextualisationالوح++ +دة اللغوية.
فلوال التركيب النحوي لما نشأ المعنى الداللي ولما تكّو نت معرفة مش+تركة بين الب+اّث والمتقب+ل .وه+ذا م+ا
ُيبرز عند القدامى العناية بقص++دية المتكلم وف++ق تغـير تركيـب الكـالم ،واخـتالف صـياغته( .ربم++ا في ه++ذا
الموض++ع يمكن++ني الع++ودة إلى الجاح++ظ في "البيان والّتب++يين" وعب++د الق++اهر الجرج++اني في دالئل++ه وأس++راره
والسّك اكي في "مفتاح العلوم" )
ففي قصّـة منسـوبة ألبي العبـاس في محاّج ة للكنـدي الفيلسـوف تظهـر عنايتـه بمقصـد المـتكّلم مـن كالمـه،
وفيهـا يقـول الكنـدي ألبي العب ++اس ":إني ألج ++د من كالم الع ++رب حش ++وا ".فق ++ال ل ++ه أب ++و العب ++اس :في أّي
موضع وجدت ذلـك فقـال ":أجـد العرب يقولون :عبـد اهلل قـائم ،ثّم يقولـون :إن عبـد اهلل قـائم ،ثّم يقولـون:
إن عبـد اهلل لقـائم؛ فاأللفـاظ متكـررة والمعـنى واحـد .فقـال لـه أبـو العبـاس :بـل المعـاني مختلفـة باخـتالف
األلفـاظ ،فقـولهم :عبـد اهلل قـائم إخبـار عـن قيام++ه ،وق++ولهم :إن عب++د اهلل ق++ائم ج++واب عـن سـؤال سـائل،
وقـولهم :إن عبـد اهلل لقـائم جـواب عـن إنكـار منكـر قيامـه ،فقـد تكـررت األلفـاظ بتكـرير المعـاني .قـال:
فمـا حـار المتفلسـف جوابا".27
نالح ++ظ من خالل ه ++ذا الش ++اهد أن التراكيـب اختلفـت ب ++اختالف قص ++د المتكلم من إخب ++ار ،أو ج ++واب عن
س++ؤال ،أو ج++واب إلنك++ار منك++ر .واختل++ف ن++وع الخ++بر في ه++ذه األمثل++ة ،إذ ك++ان في المث++ال األول ابت++دائيا
خل++وا من أدوات التأكيد ،وك++ان في المث++ال الث++اني طلبّي ا تّ+و فر على أداة تأكيد واح++دة (إّن ) ،أّم ا في المث++ال
الثالث فكان الخبر إنكاريا لتضّم نه ألكثر من أداة تأكيد (إن /الم التوكيد).
وفي مقاب++ل ذل++ك ح++تى الجم++ل غ++ير المنطوق++ة (المضّ+م نة) ال++تي ش++كلت عائق++ا أم++ام النظرية القص++دّية يمكن
معالجتها عن طريق مبدأين مهمّين وردا في فلسفة "فرجيه" ( )Fregeاللغوية وهما:
- 26تأخّذ في االعتبار العناصر السياقية والمالبسات المختلفّة أثناء عملية تحليل الخطاب ،فتتالقى مع األبعاد السياقية الخارجية ،أوما أطلق عليّه
"سياق الموقف".
- 27الجرجاني ،أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمان ،أسرار البالغة ،تحقيق :محمود محمد شاكر ،القاهرة :مطبعة المدين ،د.ت ،ص.325
14
وبتط++بيق ه++ذين المب++دأين يتح ّ+د د مع++نى الجم++ل المركب++ة س++واء أك++انت منطوق++ة أم غ++ير منطوق++ة ،علم++ا أّن
التعب++ير الم++ركب يض++م الجم++ل والعب++ارات وأش++باه الجم++ل .وتكمن القيم++ة الداللية للجمل++ة في ص++دقها (قيمت++ا
والكذب) .وللتعامل مع اعتراض "بالتس" على ذلك اقترح "غرايس" في مقالته " المع++نى ل++دى الصدق
الن ++اطق ،ومع ++نى الجمل ++ة ،ومع ++نى الكلم ++ة " تع ++ديل تحليل المع ++نى ليش ++ير إلى المتكلمين ومقاص ++دهم س ++واء
بالنس ++بة إلى الجم ++ل الكامل ++ة أو أج ++زاء الجمل ++ة أيض ++ا– فيمتل ++ك المتكلم ++ون معرف ++ة عن العناص ++ر المكون ++ة
لمنطوق ّم ا وهو ما أطلق عليه غرايس اسم " اإلجراءات الناتجة " .
ولكّن إش++ +كالية أخ++ +رى ظه++ +رت م++ +ع ه++ +ذا االق++ +تراح ألن++ +ه ينس++ +ب إلى المتكلمين ق++ +درا كب++ +يرا من المعرف++ +ة
وامتالك مف++ +اهيم معين++ +ة من غ++ +ير احتم++ +ال امتالكه++ +ا عن++ +د المتقب++ +ل أو المخ++ +اطب ويتجلى ذل++ +ك في الجم++ +ل
المجازية ...فالمجاز هو طريق من طرق التوسع اللغوي ،وباب من أبواب االفتنان في التعبير يلجأ إليه
المتكلم حين يريد الت++أنق في أداء المع++نى ،واالنطالق م++ع الخيال ،واالس++تجابة لخ++واطر النفس وه++واجس
الشعور .وحينئذ يخرج اإلسناد عن حقيقته إلى مس++الك أخ++رى بض++وابط تحكم مس++اره ح++تى يص++ح التج++وز
في اإلس++ناد والت++أنق في بن++اء العب++ارة ،وأداء المع++نى المقص++ود .كم++ا يك++ون معاكس++ا للحقيق+ة ال++تي تتمث++ل في
استعمال اللفظ على أصل وضعه في اللغة "بقرينة صارفة عن إرادة ما وضع له اللف++ظ" .28ويلج++أ المتكلم
إلى هذا النوع من التعبير متعمدا ليعّبر عن مقصود ّم ا ،ويجبر السامع على االنتقال بتصّ+و ره ال++ذهنّي أو
العقلّي من هذا الشيء إلى ما يتعّل ق ب+ه من ال+دالالت .وه+ذا التعّل ق ه+و ال+ذي يدعو المتكلمين المس+تعملين
للغة إلى التعابير المجازية التي تعبر عن مقاصدهم .وهو نفسه ال++ذي يس++اعد المخ++اطب على االنتق++ال من
" المفه++وم األص++لي" إلى " المع++نى المقص++ود" فالمج++اوزة واالنتق++ال من المع++نى الح++رفي إلى المع++نى ال++ذي
تكـتسبه اللفظة من السياق تلبية لمقاصد المتكلمين ،هو نقطة االلتقاء بين التداولية والمجاز والقصد.
مث++ال ( :)1عن++د إجاب++ة إب++راهيم فرع++ون عن++دما س++أله عن زوجت++ه من هي فق++ال( :إنه++ا أخ++تي) ف++إن األخت
موض++ +وعة لألخت النس+++بية ،لكن+++ه هن+++ا قص++ +د األخت في اإلس+++الم وال ++دين .ف++ +إذا ك ++ان اس ++تعمل األخت في
األخت في اإلسالم كان مجازًا ألنه استعمال اللفظ في غير الموضوع له[، ]7أما لو اس+تعملها في معناه+ا
الموضوع له وقصد[ ]8األخت في الدين باالنتقال ال االستعمال فهو قاصد للمعنى لكن ال باللفظ ،ب++ل م++ع
اللفظ.
مثال ( :)2عندما يق+ول ش+خص (م+ا أجمل+ك؟) لقيبح ،أو ق++ال لجاه+ل (م+ا أعلم+ك؟ ) مس+تهزءًا ب+ه مكنيًا ب+ه
عن جهله .فهو هنا لم يس+تعمل (م+ا أعلم+ك) في (م+ا أجهل+ك) وإ ال ك+ان مج+ازًا أو غلطً+ا ،ب+ل أراد االنتق+ال
منه إليه فقص+د ه+ذا المع+نى م+ع قول+ه (م+ا أجهل+ك) ال ب+ه م+ا نالحظ+ه هن+ا أّن الكنايات الس+ابقة لم تس+تعمل
في المع++نى الكن++ائي ،ب++ل ُينتق++ل من المع++نى الحقيقي إلى الكن++ائي عبره++ا ،ف++إّن قول++ك :فالن جب++ان الكلب أو
635
- 28الميداني حبنكة( ،عبد الرحمن حسن) :البالغة العربية أسسها وعلومها وفنونها وصور من تطبيقاتها لهيكل من طريف من جديد وتليد ،ص.
15
كث++ير الرم++اد ،ال يراد ب++ه اس++تعمال المه++زول في ج++ود الش++خص وكرم++ه ،ب++ل يراد االنتق++ال من++ه إليه ،وق++د
استعمل هذين المثلين في مداليلهما الحقيقية ،وإ ن لم تكن بنفسها مرادة باإلرادة الجدية.
ومن هن++ا ف++إّن العناص++ر النص ّ+ية المكّو ن++ة للنص بم++ا تش++مله من أس++اليب ت++ركيب المف++ردات وط++رق تماس++ك
جم++ل الّنص وم++ا ينتج عنه++ا من بحث وتق++ديم وت++أخير وتورية وكناية ...وغ++ير ذل++ك من أس++اليب التعب++ير
البالغية (قصدية تخاطبية ثابتة) لكي تكون "مقبول+ة دالليا فمن الض++روري أن يتض++من عالق+ات تالؤمية.
وه++ +ذه العالق++ +ات هي عالق++ +ات أفقية أي تركيبية بواس++ +طتها يتأّس س تماس++ +ك الّنص ومقبوليت++ +ه .فتتش++ +ابك
المعاني الجزئية وتتفاعل ساعية إلى غاية مستهدفة هي قصد المتكلم إلى إبراز معنى داللي واحد.
(ت++ركيب – مس++اعد) قص++دّية تخاطبّي ة ثابت++ة (= تواص++ل ت++ام) ال يوج++د لبس فيه++ا على المخ++اطب ●
أصال .ونعني بها ما وضع على األصل دون تغيير في الرتبة والحذف.
وقد يطرأ على هذه القصدّية التخاطبّي ة الثابتة شيء من التقديم أو التأخير أو الحذف والزيادة بش++رط أمن
اللبس على المخاطب وهذا في حّد ذاته شيء إيجابّي للمخاطب.
(تركيب +مساعد) قصدّية تخاطبّية إيجابّية (= تواصل تام) يوجد لبس يلزم المتكّلم تأمينه. ●
وعلى نقيض ذل++ك ق++د يعم++د المتكّلم في بعض األحيان إلى قص++د اللبس واإلبه++ام على المخ++اطب "والبلغ++اء
تقصد اإلبهام إذا ناسب المقام" حسب عبارة الصبان.
(تركيب +مساعد) قصدّية سلبية (= تواصل تام +مساعد) يوجد تعُّم د لبس على المخاطب. ●
وهن++ +ا يتجّلى القص++ +د في ص++ +ورة مجازّي ة بين مطرق++ +ة المع++ +نى وس++ +ندان الّد الل++ +ة .فالعنص++ +ر النح++ +وّي يم ّ+ +د
العنص ++ر ال ++داللي ب ++المعنى األساس ++ي في الجمل ++ة ال ++ذي يس ++اعد على تمييزه وتجس ++يده .كم ++ا يمّ+ +د العنصُ+ +ر
الداللي العنصَر النحوي بعدد من الجوانب التي تساعده على تحديده وتمييزه ف++بين الج+انبين أخ+ذ وعط+اء
وتبادل تأثيري مستمّر .
16
من كّ+ل م++ا س++بق يمكن الق++ول إّن إنت++اج أّي خط++اب بين ط++رفين رهين فهم مقاص++د المرس++ل وإ فهام++ه ال++تي
ُتبلوُر العالقة بينهما سواء كانت مقاصد إرادّي ة (بوصفها اإلرادة) أو مقاصد بوصفها معنى.
خاتمة:
القص ++د والمع ++نى والقص ++دّية والمقص ++ود كّله ++ا مص ++طلحات تت ++نزل في إط ++ار ت ++دّبر العالق ++ة بين المنط ++وق
والمفه+وم .وق+د ب+ات من المع+روف أّن الق+ول ُي لّف ظ ج+زءا مّم ا يعنيه ويترك ج+زءا آخ+ر غ+ير ُم لف+ظ ( non
)verbaliséموسوما في بعض األحيان وغير موسوم أحيانا أخرى .فُيفهم لمًح ا وإ يحاًء أو ُيتوّص ل إليه
استدالال واقتضاء أو ُيفترض تأُّو ال واستنتاجا وسيلة المرء في ذلك كيفية اس++تعماله للغ++ة ال++تي نج++د أنفس++نا
أمام مستوياتها األربعة:
* المس ++توى الّس طحي للبنّي ة اللغوّي ة :ونق++وم خالل++ه بدراس ++ة بنية المف++ردة بص ++ورة مس ++تقلة عن ال ++تركيب
النحوي أو السياق التواصلي ويندرج تحته عدد من العلوم منها :األصوات – المعجم -الصرف.
*المس++توى الّس طحي لل++تركيب :ونق++وم خالل++ه بدراس++ة العالق++ة الش++كلية بين المف++ردات في إط++ار ال++تركيب
النحوي للجملة أو النص وتمثل لدينا في الدرس العربي في علم النحو.
*المستوى العميق للبنية أو التركيب :ونقوم خالله بدراسة معاني المفردات وتطورها الت++اريخي ومعناه++ا
داخل السياق التواصلي وم+ا عليه من حقيق+ة أو مج+از وع+دد من قض++ايا تتعّل ق بمع+اني األلف+اظ ك+الترادف
والمشترك اللفظي واألضداد وهو ما عرف بعلم الداللة.
*المس++توى االس++تعمالي :ونق++وم خالل++ه بدراس++ة العالق++ة بين المف++ردات ومس++تعمليها ،في إط++ار العالق++ة بين
المتكلم والمخاطب المستعملين للغة سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية والظروف المحيطة بهم.
ه++ذه المس++تويات األربع++ة لدراس++ة اللغ++ة انعكس++ت على المج++االت ال++تي تهتم فيه++ا التداولية بدارس++ة المع++نى
فنتج عنها أربعة مجاالت من جهة المتكلم والسامع والسياق والعوامل المادية واالجتماعي.
* فمن جه++ة المتكّلم ن++درس المع++نى كم++ا يوص++له المتكلم ويفس++ره المس++تمع أو الق++ارئ .ل++ذا فإنه++ا مرتبط++ة
بتحليل م++ا يعنيه الن++اس بألف++اظهم أك++ثر من ارتباطه++ا بم++ا يمكن أن تعنيه كلم++ات أو عب++ارات ه++ذه األلف++اظ
منفصلة .التداولية دراسة المعنى الذي يقصده المتكلم.
ومن جه++ة الّس امع يدرس المع++نى ت++داوليا حس++ب الكيفية ال++تي يص++وغ من خالله++ا المس++تمعون اس++تدالالت
حول ما يقال للوصول إلى تفسير المعنى الذي يقصده المتكلم...
التداولية هي دراسة كيفية إيصال أكثر مّم ا يقال
17
ومن جه ++ة الس ++ياق تتض ++من تفس ++ير م ++ا يعنيه الن ++اس في س ++ياق معين وكيفية ت ++أثير الس ++ياق فيم ++ا يق ++ال...
والتمعن في اآللية التي ينظم من خاللها المتكلم+ون م+ا يريدون قول+ه وفق+ا لهوية ال+ذي يتكلم+ون إليه وأين
ومتى وتحت أي ظروف.
التداولية هي دراسة المعنى السياقي.
ومن جه++ة العوام++ل المادية واالجتماعية" ينط++وي الق++رب الم++ادي أو االجتم++اعي أو المف++اهيمي على خ++برة
مشتركة حيث يحدد المتكلمون مقدار ما يحتاجون قوله بناء على افتراض قرب المستمع أو بعده.
التداولّية هي دارسة التعبير عن التباعد النسبي"
وعلى ه ++ذا ف ++إّن ك ّ+ل منط ++وق يعلن عن ص ++ريح جلّي ويس ++كت عن ُم ض ++مر ض ++منّي ،إّم ا كره ++ا لص ++فة في
الكالم جوهرية ،وهي أّن ه ق++ادر على أن يق++ول أك++ثر مّم ا يّد عي قول++ه حرفيا ،وإ ّم ا طوع++ا لتعّم د منش++ىء
الكالم إلى الح++ذف أو إلى اإليح++اء أو الم++داورة والتس ّ+تر التماس++ا للتخفيف واالختص ++ار أو طلب++ا للتحس++ين
والتحبير أو لْو ًذ ا بالتقّية واالستبراء.
وننّ+و ه أّن لّلغ++ة أيض++ا قص++دّيتها المنفلت++ة من س++لطة المتكّلم ،فالّ+د وال مس++كونة بت++اريخ طويل من االس++تعمال
ويص ++عب توجيه ++ه نح ++و الوجه ++ة ال ++تي نريدها .وه ++ذا م ++ا تبّين ++ه العلم ++اء الع ++رب .فمّم ا ج ++اء في اإلمت ++اع
والمؤانسة للتوحيدي أّن الكالم صلف تّياه ال يستجيب لكل إنسان ...وهذا أيضا ما دعاء بعض المح++دثين
إلى الح ++ + +ديث عن إمبريالية اللغ ++ + +ة وتس ++ + +لطها على المتكلمين وتمّر ده ++ + +ا على إراداتهم من مث ++ + +ل روالن
بارت...
وهنا نعترف اعتراف "غرايس" أّن ه من الصعب إيجاد حل للغز المعنى .لذلك علين+ا أن نسّ+لم بأنن+ا نع+رف
"معنى ّم ا".
18
قائمة المصادر والمراجع:
باللغة العربية:
*ابن منظور (أبو الفضل جمال الدين محمد) :لسان العرب ،بيروت ،دار صادر.2003 ،
*أحمد (كروم) :مقاصد اللغة وأثرها في فهم الخطاب الشرعي ،األردن ،دار كنوز المعرفة.2015،
* إس++ماعيل(ص++الح) :نظرية المع++نى في فلس++فة ب++ول ج++رايس ،ال++دار المص++رية الس++عودية للطباع++ة والنش++ر
والتوزيع ،القاهرة.2005 ،
* أوستن(ج+ون) :نظرية أفع+ال الكالم العام+ة (كيف ننج+ز األش+ياء ب+الكالم) ،ترجم+ة :عب+د الق+ادر قينيني،
المغرب ،دار أفريقيا الشرق.1991،
*أوشن(دالل):
-القصدية من فلسفة العقل إلى فلسفة اللغة ،مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بجامعة بسكرة ،العدد (
.2010،)6
-القص ++دية في الم ++وروث اللس ++اني الع ++ربي :دراس ++ة في األس ++س النظرية واإلجرائية للبالغ ++ة العربية،
بسكرة.2016، رسالة دكتوراه ،جامعة محمد خضير،
* براون(ج) و بول (ج) :تحليل الخطاب :تر ،محمد لطفي الزليطي ومنير التركي ،جامعة الملك
سعود للنشر العلمي و المطابع ،المملكة السعودية (د ط).1997 ،
*بناني (عز العرب لحكيم) :الظاهراتية وفلسفة اللغ+ة تط+ور مب+احث الدالل+ة في الفلس+فة النمس+اوية ،ريقيا
الشرق ،بيروت ،أفريقيا الشرق ،الدار البيضاء ،المغرب ،لبنان.2003 ،
19
* بن عيس++ى (عس++و أزاييط) :الخط++اب اللس++اني الع++ربي – هندس++ة التواص++ل االض++ماري من التجريد إلى
التوليد ،عالم الكتب الحديث ،إربد – األردن ،ط .2009 ،9
*عبد الرحمان (طه) :اللسان والميزان ،المركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء ،ط.1998 ،1
* العياش++ +ي (أدراوي) ،االس++ +تالزم الح++ +واري في الت++ +داول اللس++ +اني ،من ال++ +وعي بالخصوص++ +يات النوعية
للظاهرة ِإلى وضع القوانين الضابطة لها ،منشورات االختالف ،الجزائر ،ط .2000، 9
* براون ،ج .ويول :تحليل الخطاب ،النشر العلمي والمطابع جامعة الملك سعود ،د ط.1995 ،
* بكاي(محمد) :التصورات التداولية لمبحث القصدية ،مجلة العربية والترجمة ،العدد.2015 ،21
* فيليب بالنش ++ +يه ،التداولية من أوس ++ +تين إلى غوفم ++ +ان ،ترجم ++ +ة ص ++ +ابر الحباش ++ +ة ،دار الح ++ +وار للنش ++ +ر
والتوزيع ،الالذقية ،سوريا ،ط2007 1،م.
* الجاحظ :البيان والتبيين ،ج ،1تحقيق :عبد السالم محمد هارون ،دار الجيل ،بيروت ،د ت.
* الجرج++اني (عب++د الق+اهر) :دالئ++ل االعج++از ،ش++رح وتعليق د /محم++د الُّتنجي ،ط ،1دار الكت++اب الع++ربي،
بوت ،لبنان.
* الجوزية (ابن القيم) :أعالم الموقعين ،دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع ،المملكة العربية السعودية ،ط
.2002 ،1
* س ++انديرس (فيلي) :نح ++و نظرية أس ++لوبية لس ++انية ،ترجم ++ة :د .خال ++د محم ++ود جمع ++ة ،المطبع ++ة العلمية،
دمشق ،ط .2001 ،9
*السكاكي (أبو يعقوب) :مفتاح العلوم ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،د ت.
* س ++يرل (ج ++ون) :األعم ++ال اللغوية بحث في فلس ++فة اللغ ++ة ،ترجم ++ة :أم ++يرة غ ++نيم ،ت ++ونس ،دار س ++يناترا،
.2015
* الشهري (عبد الهادي بن ظافر) :استراتيجيات الخطاب ،مقاربة تداولية ،دار الكتاب الجديدة المتح+دة،
ط ،1بيروت.2014
*صحراوي(مسعود) :التداولية عند العلماء الع+رب :دراس+ة تداولية لظ+اهرة االفع+ال الكالمية في ال+تراث
اللساني العربي ،ط ،1دار الطليعة ،بيروت.2015 ،
20
*ط++ه (عب++د الرحم++ان) :اللس++ان والم++يزان أو التك++وثر العقلي ،المرك++ز الثق++افي الع++ربي ،ال++دار البيض++اء ،ط
.1998 ،1
*مقب++ول (إدريس) :األف++ق الت++داولي ،نظرية المع++ني والس++ياق في الممارس++ة التراثية العربية ،ع++الم الكتب
الحديث أربد ،األردن ،ط2011 ،1م.
* الميداني حبنكة( ،عبد الرحمن حسن) :البالغة العربية أسسها وعلومه++ا وفنونه++ا وص++ور من تطبيقاته++ا
لهيكل من طريف من جديد وتليد ،ص635.
باللغة األجنبية:
1) Chatebi. A. (1989). Almowafakat, Tahkike abdelah deraz, beirut: Dar al-ma'rifa.
2) Kerberat Orecchioni (Catherine) ; L'implicite 1986.
3) Zarkachi. A. (1984). Almanthour fi al_kawa'id, Koewet: wizarat al-awkaf wa cho'oune
islamia, tab'a1, 3/312.
شوف نعرف باش تسبني وتقول شهرزاد تخلوظ ولكن طول بالك عليا
والمقال هذا انفخ فيه وعشعشو ورّجعلو الحياة
الليلة تعّد ل مخك وتفكيرك فيه تعشيه معاك وتزيدو كاس تاي من العتيق
ههههههههه
هيا بنا للعمل
21