You are on page 1of 21

‫في قصدّية المعنى‬

‫د‪.‬هيفاء بوبكر جدة‬

‫(كلية اللغة العربية والدراسات االجتماعية بريدة‪ ،‬جامعة القصيم‪ ،‬المملكة العربية السعودية)‬

‫"ينبغي للمتكلم أن يعرف أقدار املعاين ويوازن بينها وبني أقدار احلاالت‪...‬‬

‫حىت يقسم أقدار الكالم ويقسم أقدار املعاين على أقدار املقامات‬

‫وأقدار املستمعني على أقدار تلك احلاالت"‬

‫اجلاحظ البيان والتبيني ص ص‪139-138‬‬

‫الملخّص ‪:‬‬

‫تعّد المقاصد عامال من أهّم العوام‪+‬ل ال‪+‬تي ت‪+‬ؤثر في اس‪+‬تعمال اللغ‪+‬ة وتأويله‪+‬ا كم‪+‬ا ت‪+‬ؤثر ب‪+‬دورها في توجيه‬
‫المرس‪++‬ل إلى اختيار اس‪++‬تراتيجية الخط‪++‬اب‪ .‬فتبليغ مع‪++‬نى ّم ا بمقاص‪++‬ده يتطلب ع‪++‬ادة‪ ،‬جه‪++‬ة مس‪++‬تقبلة وقن‪++‬اة‬
‫ووسيلة وسيطة لعمل ذلك‪ .‬فيرتكز دور المقاصد‪ ،‬بوجه عام‪ ،‬على بل‪+‬ورة المع‪+‬نى كم‪+‬ا ه‪+‬و عن‪+‬د المرس‪+‬ل‪،‬‬
‫إذ يس‪++‬تلزم من‪++‬ه مراع‪++‬اة كيفية التعب‪++‬ير عن قص ‪++‬ده‪ ،‬وانتخ‪++‬اب اإلس ‪++‬تراتيجية ال‪++‬تي تتكف‪++‬ل بنقل‪++‬ه م‪++‬ع مراع‪++‬اة‬
‫العناص‪++‬ر الس‪++‬ياقية‪ .‬وتكمن وظيف‪++‬ة اللغ‪++‬ة هن‪++‬ا في تحقيق التفاع‪++‬ل بين ط‪++‬رفي الخط‪++‬اب‪ ،‬بم‪++‬ا يناس‪++‬ب الس‪++‬ياق‬
‫بمجمل ‪++‬ه‪ ،‬فتتض ‪++‬ح المقاص ‪++‬د بمعرف ‪++‬ة عناص ‪++‬ره‪ .‬وألن اس ‪++‬تهداف المع ‪++‬نى ه ‪++‬و الغاية‪ ،‬فس ‪++‬هامه ق ‪++‬د تنح ‪++‬رف‬
‫انح‪++‬راف راميه‪++‬ا‪ ،‬ألن‪++‬ه الق‪++‬ائم بالعم‪++‬ل وتفاع‪++‬ل الجه‪++‬ة المقابل‪++‬ة مره‪++‬ون بح‪++‬يز مع‪++‬رفي يح‪++‬دد جه‪++‬ة الفع‪++‬ل أو‬
‫القصد التي يتوسل به عمله التواصلي‪.‬‬

‫الكلمات المفاتيح‪ :‬اللغة‪ ،‬القصد‪ ،‬المعنى‪ ،‬السياق‪ ،‬التضمين‪.‬‬

‫‪: Abstract‬‬

‫‪The aims are considered one of the most important factors influencing‬‬
‫‪language use and they also influence the orientation of the sender's choice of‬‬
‫‪the strategy of rhetoric Reporting a given meaning with its aims requires‬‬
‫‪usually a receiving party, a channel and a medium.The role of the aims is‬‬
‫‪generally based on clarifying the meaning as it is delivered by the sender.He‬‬
‫‪must consider the manner of expressing his aims and elect/select the strategy‬‬

‫‪1‬‬
‫‪that accepts as charge to deliver it taking into account the Contextual‬‬
‫‪elements, The function of language here lays in the realization of interaction‬‬
‫‪between both parties of rhetoric with what is convenient to the whole context.‬‬
‫‪So that the aims are clarified/made clear by recognizing its elements.And‬‬
‫‪because aiming the meaning is the purpose, the arrow may be deviated‬‬
‫‪according to the shooter because he is the person in charge of the action, And‬‬
‫‪the reaction of the counter party in continged upon a cognitive realm that‬‬
‫‪determines the party of action or the purpose of the interactional action.‬‬

‫‪Key words: language . Aim. Meaning. Context. Implication.‬‬

‫تعت‪++‬بر قض ‪ّ+‬ية المع‪++‬نى من القض‪++‬ايا الش‪++‬ائكة والعس‪++‬يرة اّل تي احت‪++‬ار اللغويون في تعريفه‪++‬ا وض‪++‬بط ح‪++‬دودها‬
‫ق‪++‬ديما وح‪++‬ديثا بحكم ارتباطه‪++‬ا بظ‪++‬واهر متع ‪ّ+‬د دة وأنظم‪++‬ة داّل ة مختلف‪++‬ة‪ ،‬والتباس‪++‬ها ببعض المف‪++‬اهيم األخ‪++‬رى‬
‫المجاورة لها والمتقاطعة معها‪ ،‬مثل الداللة‪ ،‬والمدلول‪ ،‬والجوهر‪ ،‬والغرض‪ ،‬والمضمون‪ ،‬وما إلى ذلك‪،‬‬
‫مع ما يتبع ذلك من شرح وتفسير وتأويل وتحليل…‬

‫والمعنى‪ ،‬إذا ما حاولنا تعريفه‪ ،‬هو ما يمكن إدراكه أو فهمه مّم ا ت‪++‬وحي ب‪++‬ه األش‪++‬ياء الداّل ة‪ ،‬س‪++‬واء ك‪++‬انت‬
‫دالئ‪++‬ل لغوّي ة أو غيرلغوّي ة‪ .‬وبتعب‪++‬ير آخ‪++‬ر يمكن أن نق‪++‬ول إّن المع‪++‬نى ه‪++‬و م‪++‬ا نعم‪++‬ل على إيص‪++‬اله و تبليغ‪++‬ه‬
‫إلى ط‪++‬رف أو أط‪++‬راف مقابل‪++‬ة بين الب‪++‬اث والمتقب‪++‬ل‪ .‬ومعل‪++‬وم أّن طرائ‪++‬ق التواص‪++‬ل عديدة ومختلف‪++‬ة أبرزه‪++‬ا‬
‫وأهّم ها‪ ،‬في رأينا‪ ،‬التواصل اللغوّي ‪.‬‬

‫والمع‪++‬نى لغ‪++‬ة من عِنَي َيٌعِني عنًي ا وِع نَـ اية‪ .‬وَع نَي بم‪++‬ا قال‪++‬ه أي أراده وقص‪++‬ده‪ .‬ومنه‪++‬ا تعّنى ب‪++‬األمر َتَعّنًي ا‬
‫َقَص د‪ .‬ومن ‪++‬ه ج ‪++‬اءت كلم ‪++‬ة مع ‪++‬نى‪ .‬وتجم ‪++‬ع على مع ‪++‬اٍن وه ‪++‬و م ‪++‬ا نقص ‪++‬ده‪ .‬ومع ‪++‬نى الكلم ‪++‬ة كم ‪++‬ا ج ‪++‬اءت في‬
‫المعاجم مدلولها أو مضمونها‪ .‬وُيقال أيضا معنى الكالم ومٌعَناته ومعنّيُتُه أي معناه‪.‬‬

‫على ه ‪++‬ذا األس ‪++‬اس وبن ‪++‬اء على م ‪++‬ا س ‪++‬بقت اإلش ‪++‬ارة إليه ال يمكن فهم قض‪ّ+ +‬ية المع ‪++‬نى بمع ‪++‬زل عن األش ‪++‬ياء‬
‫الدالة‪ .‬ومن ثّم ال سبيل إلى فهم المعنى أو إدراكه خارج بنياته‪+‬ا أو خ‪+‬ارج تراكيبه‪+‬ا وص‪++‬يغها وأص‪++‬واتها‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وبتعب ‪++‬ير آخ ‪++‬ر يمكن أن نق ‪++‬ول ال س ‪++‬بيل إلى إدراك المع ‪++‬نى باعتب ‪++‬اره تقطيع ‪++‬ا أو مجموع ‪++‬ة من األص ‪++‬وات‬
‫المقّطع‪++‬ة‪ ،‬ألن‪++‬ه ال يجب أن تغيب عّن ا محدودّي ة األلف‪++‬اظ وقّلته‪++‬ا مقارن‪++‬ة ب‪++‬المعنى‪ ،‬ألّن مكّو ناته‪++‬ا وأص‪++‬واتها‬
‫المتكّو نة منها محدودة وقليلة مّم ا يجعل األلفاظ عاجزة عن استيعابها أو التعبير عنها كّلها‪.‬‬

‫ومّم ا قاله فخ‪+‬ر ال‪+‬دين ال‪+‬رازي في ه‪+‬ذا الب‪+‬اب‪" :‬ال يجب أن يك‪+‬ون لك‪ّ+‬ل مع‪+‬نى لف‪+‬ظ ألن المع‪+‬اني ال‪+‬تي يمكن‬
‫أن تح ‪ّ+ +‬و ل ال تتن‪++ +‬اهى واأللف‪++ +‬اظ متناهية ألنه‪++ +‬ا مرّك ب‪++ +‬ة من الح‪++ +‬روف والح‪++ +‬روف متناهية والم‪++ +‬رّك ب في‬
‫المتناهي متناه والمتناهي ال يضبط ما ال يتناهى وإ ال لزم تناهي المدلوالت"‪.‬‬

‫إّن العالق‪++‬ة بين اللف‪++‬ظ والمع‪++‬نى أو بين الص‪++‬ورة اللفظية والمع‪++‬نى هي‪ ،‬إًذ ا‪ ،‬عالق‪++‬ة متين‪++‬ة ووثيق‪++‬ة ال يمكن‬
‫فهم عراه‪++‬ا من دون األخ‪++‬ذ في االعتب‪++‬ار جمل‪++‬ة من االعتب‪++‬ارات الّنظرّي ة والمنهجّي ة ليس أقّله‪++‬ا من اعتب‪++‬ار‬
‫تل‪++‬ك العالق‪++‬ة عالق‪++‬ة تالزم (ل‪++‬زوم األول للث‪++‬اني) ع ‪ّ+‬د ها بعض الّلغ‪++‬ويين من الق‪++‬دماء والمح‪++‬دثين عالق‪++‬ة اس‪++‬م‬
‫بمس‪ّ+‬م اه‪ .‬وفي ه‪++‬ذا م‪++‬ا يدّل على أّن اللف‪++‬ظ مك‪ّ+‬و ن من مكّو ن‪++‬ات المع‪++‬نى‪ ،‬وأّن االس‪++‬م ال‪++‬ذي ُيطل‪++‬ق على ش‪++‬يء‬
‫معّين ه ‪++‬و مك ‪ّ+‬و ن من مكّو ن ‪++‬ات ذل ‪++‬ك الش ‪++‬يء‪ .‬ل ‪++‬ذلك ال يعت ‪++‬بر المع ‪++‬نى ش ‪++‬يئا متأّص ال في األلف ‪++‬اظ والكلم ‪++‬ات‬
‫وحدها‪ .‬وال يرتبط بالمتكلم وحده‪ .‬فصناعة المعنى تتمث‪+‬ل في ت‪+‬داول اللغ‪+‬ة بين المتكّلم والس‪+‬امع في س‪+‬ياق‬
‫محّد د مادّي واجتماعّي ولغوّي وصوال إلى المعنى الكامن في كالم ّم ا والموّج ه لقصد ّم ا‪.‬‬

‫لذا فهي تهّتم " بدراسة الوسائل اللغوية التي يستعملها المتكلم في عملية التواصل وعوامل المقام الم‪+‬ؤثرة‬
‫في اختياره أدوات معينة دون أخرى للتعبير عن قصده‪ ،‬كالعالقة بين المتكلم وسياق الحال وأثر العالق‪++‬ة‬
‫‪1‬‬
‫بين المتكلم والمخاطب على الكلم والمقاصد من الكالم‪".‬‬

‫ويمكن أن نوّض ح ذلك عبر الخطاطة الموالية ‪:‬‬

‫السياق(حال‪ ،‬مقام)‬

‫المخاطب‬ ‫رسالة‬ ‫المتكلم‬

‫اإلفادة‬ ‫المقصدية‬

‫االستعماالت العادية‬

‫القصد بين التعريف اللغوي والمفهوم االصطالحي‪:‬‬

‫‪ - 1‬ج براون وج‪، .‬يول تحليل الخطاب ‪ :‬تر ‪ ،‬محمد لطفي الزليطي ومنير التركي ‪ ،‬جامعة الملك سعود للنشر العلمي و المطابع ‪ ،‬المملكة السعودية‬
‫( د ط) ‪1418‬هـ‪1997 /‬م ‪،‬ص ‪.32‬‬

‫‪3‬‬
‫لم يغف‪++‬ل المهتّم ون بالدالل‪++‬ة من‪++‬ذ الق‪++‬ديم عن عام‪++‬ل النفس اإلنس‪++‬انية ال‪++‬تي تعيد ص‪++‬ياغة المع‪++‬نى بع‪++‬د إع‪++‬ادة‬
‫تشكيله وإ نتاج‪++‬ه حين يت‪++‬دخل معطى القص‪++‬د‪ 2‬واإلرادة‪ ،‬وه‪++‬و ال يتوق‪++‬ف عن الت‪++‬دخل بك‪++‬ل تأكيد‪ .‬وال ِم ْر ية‬
‫أّن البحث في سؤال القصد والقصدية من وجهة نظر لسانية ‪ 3‬وفلسفية تتوالج فيه أبعاد مرّك ب‪++‬ة ال ب ‪ّ+‬د من‬
‫إدراكها في تنوعها وتداخلها حتى نقترب من وجود متحرك هو "المعنى"‪.‬‬

‫وتنتمي كلمة "قصد" إلى الجذر اللغوي "القاف" و"الصاد" و"الدال"‪ .‬وقد جاء في المعاجم العربية على عدة‬
‫معان‪ ،‬منها ما جاء في لسان العرب لــ" ابن منظ‪+‬ور" وه‪+‬و م‪+‬ا اتف‪+‬ق فيه م‪+‬ع "الخليل ابن أحم‪+‬د الفراهيدي"‬
‫ف ـ ـ "القص‪++‬د‪ :‬اس‪++‬تقامة الطريق‪ .‬وطريق قاص‪++‬د‪ :‬س‪++‬هل مس‪++‬تقيم ومن‪++‬ه قول‪++‬ه تع‪++‬الى‪" :‬وعلى اهلل قص‪++‬د الس‪++‬بيل"‬
‫أي‪ :‬على اهلل تب‪++‬يين الطريق المس‪++‬تقيم وال‪++‬دعاء إليه ب‪++‬الحجج وال‪++‬براهين الواض‪++‬حة‪ ،‬وطريق قاص‪++‬د‪ :‬س‪++‬هل‬
‫مستقيم‪ ،‬وسفر قاصد‪ :‬سهل قريب‪ .‬والقص‪+‬د في الش‪+‬يء‪ :‬خالف اإلف‪+‬راط‪ ،‬والقص‪+‬د من الش‪+‬عر م‪+‬ا ش‪+‬طرت‬
‫أبيات‪++ +‬ه س ‪ّ+ +‬م ي ب‪++ +‬ذلك لكمال‪++ +‬ه وص ‪ّ+ +‬ح ة وزن‪++ +‬ه"‪ 4‬كم‪++ +‬ا ج‪++ +‬اء لف‪++ +‬ظ (َقَص َد ) مرادف‪++ +‬ا للف‪++ +‬ظ " مع‪++ +‬نى "‪ .‬فق‪++ +‬د ذك‪++ +‬ر‬
‫"الزمخشري" في "أساس البالغة" " عنيت بكالمي كذا أي‪ :‬أردته وقصدته ومنه المعنى"‪ .5‬وقد أشار "أب‪++‬و‬
‫هالل العسكري" إلى ارتباط المع‪+‬نى بالقص‪++‬د في قول‪+‬ه‪ ":‬المع‪+‬نى ه‪+‬و القص‪++‬د ال‪+‬ذي يق‪+‬ع ب‪+‬ه الق‪+‬ول على وج‪+‬ه‬
‫دون وجه "‪ .6‬ومن معانيه‪ ،‬أيضا‪ ،‬اإلصابة وهو ما يبين عنه قول "ابن ف‪++‬ارس‪ " :‬فاألص‪++‬ل قص‪++‬دته قص‪++‬دا‬
‫ومقص‪++‬دا ومن الب‪++‬اب أقص‪++‬ده الس‪++‬هم إذا أص‪++‬ابه "‪ ، 7‬وه‪++‬و في مع‪++‬نى نح‪++‬وت اّل ذي يذكره ص‪++‬احب الص‪++‬حاح‬
‫"وقصدت قصده نحوت نحوه"‪ ،8‬فيقال‪ :‬قَص د المكان توّج ه إليه عامدا‪ ،‬قصدت نحوه‪ :‬أي اتجاهه‪.‬‬

‫‪ - 2‬القصد أوالُعني مصطلح ذكر في العصور الغابرة‪ ،‬في العصر الوسيط‪ ،‬للداللة على العالقة بين القصد وموضوعه‪ ،‬أو العالقة التي تربط المدرك‬
‫بالمدرك أو شيء ما إطالقا‪ .‬لقد فّر قوا بين العني األول (‪ )Intentia prima‬أو العني المباشر ( ‪ )Directa Intentio‬وهو إدراك األشياء الفريدة‬
‫في الترابط الطبيعي لها‪ .‬وبين العني الثاني (‪ ) Intentia secunda‬أو العني التأملي (‪ )Intentia Reflexa‬وهو إدراك العام من المفاهيم والبنى‬
‫التصورية‪ .‬وفي حوار "خارميس" يقول "أفالطون" إن السمع ال يكون إّال ألصوات معينة واإلحساس ال يكون لذاته بل لموضوعات معينة‬
‫محسوسة‪ ...‬إذ يصعب أن يكون تعلق الشيء بذاته"‪ .‬وقال أرسطو بذلك أيضا‪ .‬فاإلدراك الحسي بالنسبة إليه‪ ،‬ليس أبدا إدراكا لذاته بل هو إدراك لشيء‬
‫يتعداه‪ .‬وفي موضوع آخر‪ ،‬يقول‪ " :‬إن المعرفة واإلدراك الحسي والرأي والتفكير‪ .‬إن هذه جميعا تتخذ شيئا أخر غيرها كموضوع لها وأّال يكون تعلقها‬
‫بذاتها إّال على نحو جانب"‪ .‬ومصطلح القصد مشتق من الكلمة الالتينية ( ‪ )intendo‬أو (‪ )intendio‬معنى الشّد أو المّد أو التوّج ه‪ .‬لكن الفالسفة‬
‫المتأخرين في القرنين الثالث عشر والرابع عشر استخدموا الفعل (‪ )intendo‬كمصطلح فنّي يدل على المفهوم (‪ )concept‬وكان هذا المصطلح‬
‫الفني ترجمة أخرى لمصطلحين عربيين هما المعقول ( ‪ )Maqul‬و( ‪ )Mana‬الشيء الموجود أمام العقل في التفكير‪ ,‬فاألول ترجمه "الفارابي" عن‬
‫الكلمة اليونانية (‪ ) Noema‬والثاني من وضع "ابن سينا"‪ ,‬ومنه يمكن القول إن المصطلحات ( ‪ )Intendio‬و ( ‪ )Mana‬و (‪ )Maqul‬و(‪)Noema‬‬
‫مترادفة على نطاق واسع‪ .‬إذ تستعمل جميعها للداللة على األفكار والمفاهيم أو أي شيء كائن أمام العقل في التفكير‪ .‬كما ترجمت ( ‪ )Intentice‬إلى‬
‫اإلنجليزية على أنها (‪ )Intention‬للداللة على القصد بمعناه العادي‪ .‬وظل مصطلح القصدية مغمورا وأحيي ألول مرة على يد الفيلسوف "فرانز‬
‫برنتانو" (‪ )1838-1917‬في كتاب " علم النفس من وجهة نظر تجريبية عام ‪ 1998‬الذي ُيعّد مصدر التفكير الفلسفي في العقل وفي الفكر األوروبي‬
‫المعاصر‪ .‬كما تعتبر القصدية من أشهر نظرياته على اإلطالق‪.‬‬
‫‪ - 3‬اهتمت العديد من الدراسات اللسانية في الممارسة الغربية وخصوصا األمريكية منها بموضوع القصد والقصدية في إنجاز الخطاب وتأويله‪.‬‬
‫ويعود ذلك إلى نشوء المدرسة التداولية أول أمرها في أمريكا‪ .‬من ذلك دراسة الفيلسوف "جون سيرل" عن القصدية من وجهة نظر فلسفة اللغة وفلسفة‬
‫العقل‪ ،‬وعمل "روبرت ستانالكر" الذي درس عالقة السياق بالمعنى وبالقصد‪ .‬وكذلك عمل "جون ديلي" في القصدية والسيمياء‪ .‬وهي دراسات تغلب‬
‫عليها المعالجة الفلسفية مع انفتاحها على علم النفس المعرفي مع "ماكميالن" و"جران جيلي" عن القصدية والوعي‪ .‬وفي نفس المسار تدخل دراسة‬
‫"ريان هكرسون" و"أنطوان"‪ .‬أما في الدراسات العربية المعاصرة فيمكن تسجيل تنامي االهتمام بالموضوع نظرا لَتَم ُّك ن الدرس التداولي من شق‬
‫طريقه في العقود األخيرة بالجامعات العربية مع جهود عدد من الباحثين في المقارنة بين التراثين العربي والغربي في مجال المعنى والداللة‪ ،‬أمثال‬
‫"طه عبد الرحمن"و"عبد الهادي" و"حسان الباهي" و"أحمد المتوكل" وغيرهم‪....‬‬
‫‪ - 4‬ابن منظور(جمال الدين)‪ :‬لسان العرب‪،‬ج‪، 3‬ط‪، 3‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪،1994 ،‬ص ص‪.357-353‬‬
‫‪ - 5‬الزمخشري (محمود)‪ :‬أساس البالغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد باسل‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،1998 ،‬ص‪.8‬‬
‫‪ - 6‬العسكري (أبوهالل)‪ :‬الفروق اللغوية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد إبراهيم سليم‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪1992 ،‬م‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ - 7‬ابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.15‬‬
‫‪ - 8‬الجوهري‪ ،‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.511‬‬

‫‪4‬‬
‫وج‪+‬اءت بمع‪+‬نى الع‪+‬دل‪ :‬فُيق‪+‬ال قص‪+‬د في الش‪+‬يء‪ :‬أي خ‪+‬الف اإلف‪+‬راط وه‪+‬و م‪+‬ا بين اإلس‪+‬راف والتقت‪+‬ير فيق‪+‬ال‬
‫قصد في المعيشة‪ :‬أي االعتدال‪.‬‬
‫م‪++ +‬ا نس‪++ +‬تنتجه مّم ا تق ‪ّ+ +‬د م من تعريف‪++ +‬ات أّن مجم‪++ +‬ل مع‪++ +‬اني "قص‪++ +‬د" تص ‪ّ+ +‬ب في الغاية ال‪++ +‬تي يراد إص‪++ +‬ابتها‬
‫والوص ‪++‬ول إليه ‪++‬ا‪ .‬ويك ‪++‬ون مع ‪++‬نى الكالم م ‪++‬ا تعّل ق ب ‪++‬ه القص ‪++‬د‪ ،‬أي المع ‪++‬نى ال ‪++‬ذي قص ‪++‬د إليه المتكّلم‪ .‬ل ‪++‬ذلك‬
‫فالمعنى والغرض والهدف مرادفات للقصد‪ .‬لكن يظهر أن معنـى العمـد وإ تيـان الـشيء عـن إرادة جازمـة‬
‫لـه هـو المعنى األظهر وقد جعله "ابن جني" األصل ‪ .9‬إذ يجمع القصد على‪:‬‬
‫‪ -1‬المقصودات‪ :‬هو الفائدة عكس اللغو‪ ،‬ويراد به المقصود‪ ،‬أو المعنى الداللي للكالم‪.‬‬
‫‪ -2‬القصود‪ :‬هو التوجه عكس السهو‪ ،‬ويقصد به المضمون اإلرادي‪.‬‬
‫‪-3‬المقاص‪++‬د‪ :‬ه‪++‬و موض‪++‬ع القص‪++‬د أو الوجه‪++‬ة‪ ،‬والم‪++‬راد ب‪++‬ه الغاية أو اله‪++‬دف‪ .‬وه‪++‬ذا ه‪++‬و المع‪++‬نى المن‪++‬اط من‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫من خالل م‪++‬ا تق‪ّ+‬د م نس‪++‬تطيع الق‪++‬ول إّن مفه‪++‬وم القص‪++‬د في الخط‪++‬اب‪ ،‬يع‪++‬ني‪ ،‬في ج‪++‬انب كب‪++‬ير من‪++‬ه‪ ،‬اإلتيان‬
‫باألس ‪++‬باب ال ‪++‬تي من أجله ‪++‬ا نس ‪++‬تعمل اللغ ‪++‬ة‪ ،‬لبيان غاية المتكلم من الخط ‪++‬اب‪ ،‬ولتس ‪++‬تقيم عملّي ة التواص ‪++‬ل‬
‫اللساني من خالل حمل المتكلم مراده إلى المتلقي وبيانه له‪.‬‬

‫القصدية والتداولية وطبيعة العالقة بينهما‪:‬‬


‫ارتب‪++‬ط القص‪++‬د في الدراس‪++‬ات التداولية ب‪++‬البحث في المع‪++‬نى اللغ‪++‬وي لمختل‪++‬ف قض‪++‬اياه وخاص‪++‬ة عن‪++‬د فالس‪++‬فة‬
‫‪10‬‬
‫نظرية االس ‪++ + + + +‬تعمال في المع ‪++ + + + +‬نى‪ .‬ن ‪++ + + + +‬ذكر منهم على س ‪++ + + + +‬بيل المث ‪++ + + + +‬ال الفيلس ‪++ + + + +‬وف "فتجنش ‪++ + + + +‬تاين"‪،‬‬
‫و"أوس‪++‬تن"‪،11‬و"غ‪++‬رايس"‪ ،‬و"ستراوس‪++‬ون"‪ ،‬و"س‪++‬يرل"‪ 12‬ال‪++‬ذين منح‪++‬وا المتكلمين ومقاص‪++‬دهم مكان‪++‬ة محورية‬
‫‪ - 9‬ابـــن ســـيده‪ ،‬المحكم والمحـــيط األعظـــم‪ ،‬تحقيـــق‪ :‬مـــصطفى الـــسقا وآخـــرين‪ ،‬نـــشر معهـــد المخطوطات العربية بالقاهرة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ 1423،‬هـ‪ ،‬ج‪ 6‬ص ‪ 116/‬مادة‪( :‬قصد)‪.‬‬
‫‪ - 10‬اْسَتَّن "فتجنشتاين" بعدا آخر كان مغيبا وغير حاضر في حسابات اللسانيين والمهتمين باللغة من الفالسفة‪ ،‬أال وهو البعد التداولي والتفاعلي للغة‪،‬‬
‫محدثا بذلك حركية منقطعة النظير في البحث اللغوي المهتم برصد مختلف األبعاد المتدخلة في تحديد المعنى‪ ،‬اللغوية منها وغير اللغوية وخاصة‬
‫المتعلقة بمقاصد المتكلمين وسياقات التخاطب‪ ،‬بعدما كان البحث مقتصرا على الجانب الشكلي والبنيوي للغة‪ .‬فليس من خصائص اللغة تصوير الواقع‬
‫فقط‪ .‬كما أن دراستها ال تقتصر على البحث في بنية الجملة بعيدا عن متكلميها‪ .‬فأحدث بذلك ثورة معرفية في مجال العلوم اللسانية خاصة منها المتعلق‬
‫بالتواصل‪.‬‬
‫ّة‬
‫‪ - 11‬أتي ميالد التداولي باعتبارها علما جديدا يعنى بدراسة المعنى في سياقات التخاطب بمثابة امتداد طبيعي لما انتهت إليه أبحاث فلسفة اللغة العادية‬
‫على يد "فتجنشتاين" لتعرف هذه األفكار‪ ،‬خاصة ما تعّلق منها بألعاب اللغة‪ ،‬اهتماما خاصا من "جون أوستين " الذي تجاوز حدود البحث في الجملة‬
‫وطبيعة العالقات الداخلية المتحكمة في بنائها إلى ما هو أوسع وأرحب يتداخل فيه ما هو لغوي بغير ما هو لغوي في إنتاج المعنى والتأثير في السامع‬
‫المخاَطب‪.‬‬
‫‪ - 12‬يعّر ف "سيرل" القصدية على أنها تلك القدرة التي يمتلكها العقل فيوجه ذاته نحو األشياء أو يتعلق بها‪ .‬وتكون اإلحاالت العقلية قصدية إذا كانت‬
‫حول شيء ّم ا‪ ،‬أو نحو شيء ّم ا‪ ،‬أو تمثل شيئا ّم ا‪ .‬فتضّم بذلك عددا ال حصر له من الظواهر العقلية كالتذكر والحب‪ ،‬الكراهية‪ ،‬واإلدراك الحسي‬
‫والرغبة الجنسية واالعتقاد والخوف واألمل ‪ ...‬ويمكن اإلحاطة بعناصر مفهوم القصدية من خالل المالحظات التالية‪:‬‬
‫‪-‬يوجد في الوعي شيء ّم ا أمام العقل‪.‬‬
‫‪-‬يملك العقل قدرة على توجيه ذاته نحو األشياء‪.‬‬
‫–األحداث الواعية تكون موجهة نحو األشياء أو تملك إشارة اليها‪.‬‬
‫‪-‬األحداث الواعية تكون حول األشياء‪.‬‬
‫فنحن ال نعتقد فحسب‪ ،‬أو نرغب فحسب‪ ،‬أو نرى فحسب‪ ،‬وإنما نعتقد في شيء ّم ا ونرغب في شيء ّم ا ونرى شيئا ّم ا‪ .‬كما أننا نستطيع االعتقاد فيما ال‬
‫يكون واقعيا ونرغب فيما ال يوجد‪...‬‬

‫‪5‬‬
‫عن‪++‬د تفس‪++‬ير المع‪++‬نى على خالف النظريات الص‪++‬ورية الش‪++‬كلية للغ‪++‬ة‪ .‬ف‪++‬أدرك ه‪++‬ؤالء الدارس‪++‬ون من‪++‬ذ بداية‬
‫أبح ‪++ +‬اثهم "وج ‪++ +‬ود ت ‪++ +‬وّتر دائم بين األلف ‪++ +‬اظ والمقاص ‪++ +‬د‪ .‬ل ‪++ +‬ذا وجب ال ‪++ +‬تراجع عن دراس ‪++ +‬ة اللغ ‪++ +‬ة ومعالجته ‪++ +‬ا‬
‫باعتباره‪++‬ا تراث‪++‬ا من أج‪++‬ل اختزاله‪++‬ا إلى أفع‪++‬ال قص‪++‬دية‪ .‬ف‪++‬المتكلم يريد تحقيق مس‪++‬عى معّين أي إّن ه يقص‪++‬د‬
‫ش‪++ +‬يئا بكالم‪++ +‬ه‪ .‬وحينم‪++ +‬ا يتع ‪ّ+ +‬ر ف الق‪++ +‬ارئ والس‪++ +‬امع على م‪++ +‬راد المتكّلم يك‪++ +‬ون ق‪++ +‬د توص‪++ +‬ل إلى فهم لغت‪++ +‬ه‪،‬‬
‫‪13‬‬
‫فالمفردات المجّر دة من القصد مجّر د لغو‪ ،‬وتظهر القيمة النفسّي ة للغة في فعل القصد""‬

‫ل ‪++‬ذلك تع ‪ّ+‬د المقاص ‪++‬د أهّم العوام ‪++‬ل ال ‪++‬تي ت ‪++‬ؤثر في اس ‪++‬تعمال اللغ ‪++‬ة وتأويله ‪++‬ا‪ .‬كم ‪++‬ا ت ‪++‬ؤثر ب ‪++‬دورها في توجيه‬
‫المرسل إلى اختيار استراتيجية الخط‪+‬اب‪ .‬فيعّب ر عن مقاص‪++‬ده في الخط‪+‬اب من خالل اللغ‪+‬ة إلحالته‪+‬ا عليه‬
‫في مقام أّو ل‪ ،‬ولتحديد معنى الخطاب في مقام ثان‪ .‬ومن ثّم ة يعتبر القص‪++‬د ش‪+‬رطا في بل‪+‬وغ الكالم تمام‪+‬ه‬
‫وأم‪++‬ارة لم‪++‬ا يريد المتكّلم أن يبلغ‪++‬ه بمقص‪++‬وده‪ .‬وبم‪++‬ا أّن اهتمام‪++‬ات الدراس‪++‬ات التداولية بالمقص‪++‬د التواص‪++‬لي‬
‫وبتحديد مفهوم‪++ +‬ه في المعالج‪++ +‬ات النظرية اتخ‪++ +‬ذت ع ‪ّ+ +‬د ة دالالت‪ ،‬فإّن ه يمكنن‪++ +‬ا حص‪++ +‬رها في مفهوم‪++ +‬يين‪/‬‬
‫صنفين‪.‬‬
‫*القصد بمفهوم اإلرادة والوعي‪.‬‬
‫*القصد بمفهوم المعنى‪.‬‬
‫م‪++‬ا نعنيه بالص‪++‬نف األول ه‪++‬و أن يؤثر ه‪++‬ذا الن‪++‬وع في الحكم على الفع‪++‬ل‪ .‬ذل‪++‬ك أن‪++‬ه ال يك‪++‬ون تابع‪++‬ا لش‪++‬كله‬
‫الظ‪++‬اهري ب‪++‬ل للمقاص‪++‬د الباطن‪++‬ة ل‪++‬دى المتكلم الفاع‪++‬ل‪ .‬ومن ه‪++‬ذه الزاوية ع‪++‬الج ك‪++‬ل من "أوس‪++‬تين" و"س‪++‬يرل"‬
‫المقص‪++‬ود ودوره في التفريق بين المع‪++‬نى التعب‪++‬يري والق‪++‬وة الغرض‪++‬ية لألفع‪++‬ال ال‪++‬تي يقص‪++‬د المرس‪++‬ل نقله‪++‬ا‬
‫وبيان الطرق التي يعتمدها في ذلك‪ .‬إذ ال يكفي التلفظ في غياب القصد‪.‬‬

‫مثال‪ :‬عندما يقول األستاذ‪ :‬ما الكلمات األكثر تداوال بينكم في الصف أيها الطالب؟‬

‫يجيب الطالب‪ :‬ال أدري يا أستاذ‪.‬‬

‫األستاذ‪ :‬ممتاز‪.‬‬

‫فالطالب هنا لم يقصد اإلجابة عن سؤال أستاذه ألنه لم يكن على علم باإلجاب‪+‬ة ولم تكن لديه فك‪+‬رة عنه‪+‬ا‪.‬‬
‫في حين فهم األس ‪++‬تاذ أّن ه توّص ل إلى اإلجاب ‪++‬ة الص ‪++‬ائبة المطلوب ‪++‬ة فأج ‪++‬اب فعال‪ .‬ولحس ‪++‬ن حظ ‪++‬ه أن ك ‪++‬انت‬
‫إجابته صحيحة بالفعل على الرغم أّنه لم يكن يقصد معناها الحرفي‪.‬‬

‫ه‪++ +‬ذا التب‪++ +‬اين بين القص‪++ +‬دين ه‪++ +‬و م‪++ +‬ا جع‪++ +‬ل الخط‪++ +‬اب طريف‪++ +‬ا‪( .‬وه‪++ +‬ذه تقنية يك‪++ +‬ثر اس‪++ +‬تعمالها في الخط‪++ +‬اب‬
‫المسرحي خاصة تسمى (الكيبروكو)‪.‬‬

‫‪ - 13‬بناني (عز العرب لحكيم)‪ :‬الظاهراتية وفلسفة اللغة تطور مباحث الداللة في الفلسفة النمساوية‪ ،‬ريقيا الشرق‪ ،‬بيروت‪ ،‬أفريقيا الشرق‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬لبنان‪.2003 ،‬ص‪.289‬‬

‫‪6‬‬
‫وهناك من يرى ض‪+‬رورة ت‪+‬وافر قص‪+‬دّي عن‪+‬د المرس‪+‬ل بمع‪+‬نى اإلرادة بم‪+‬ا أن الخط‪+‬اب عملّي ة بين ط‪+‬رفين‬
‫هما‪:‬‬

‫*قصد التوجه إلى الغير‪.‬‬

‫*قصد إفهام الغير‪.‬‬

‫فمقتض‪++ +‬ى القص‪++ +‬د األول أّن المتكلم ال يك‪++ +‬ون متكّلم‪++ +‬ا حّق ا م‪++ +‬ا لم تت‪++ +‬وّفر لديه إرادة التوّج ه بكالم‪++ +‬ه إلى‬
‫اآلخرين‪ .‬أما القصد الثاني فالمنطوق ال يكون كالما ما لم ُيِر د به المتكلم إفهام غيره‪.‬‬

‫وب‪++‬ذلك تتع‪ّ+‬د د مقاص‪++‬د المرس‪++‬ل أثن‪++‬اء التواص‪++‬ل‪ .‬فنج‪++‬د قص‪++‬دا أّو ال وقص‪++‬دا آخ‪++‬ر يقابل‪++‬ه وال يص ‪ّ+‬ح الّث اني إّال‬
‫باألّو ل‪.‬‬

‫مثال‪ُ :‬اتركي اللعب واذهبي إلى الدرس‪ .‬حمادينو غّي ر المثال ان كنت ترى ذلك مناسبا‬

‫ف ‪++‬ترك اللعب ليس مقص ‪++‬ودا لذات ‪++‬ه إذ ال يع ‪++‬ني التوج ‪++‬ه إلى الدراس ‪++‬ة فه ‪++‬و ت ‪++‬ابع للقص ‪++‬د األول واألص ‪++‬ل ه ‪++‬و‬
‫التوجه إلى الدراسة ألنه يمكن التلفظ به ثم يفهم أمر الترك بداهة‪ِ :‬ا ذهبي إلى الدراسة‪.‬‬

‫ويكون بذلك للقصد بمعنى اإلرادة فضل التفريق بين مرسل صادق وآخر كاذب فتكون (اإلرادة) معيارا‬
‫للصدق والكذب عوض المحتوى القضوي للفعل اللغوي‪.‬‬

‫أم ‪++‬ا عن القص ‪++‬د بمفه ‪++‬وم المع ‪++‬نى فق ‪++‬د ذهب كث ‪++‬ير من الب ‪++‬احثين إلى أن المقاص ‪++‬د هي المع ‪++‬اني‪ .‬ووض ‪++‬عت‬
‫األلفاظ من أجل الوصول إلى معاني معينة‪ ،‬فكانت وسيلة إلدراكها‪ .‬وبذلك يكون المعنى هو المقصود‪.‬‬

‫ولكن هنا تختلف المعاني وتتفاوت حسب العالقة بين القص‪++‬د والدالل‪+‬ة الحرفية للخط‪+‬اب ال‪+‬ذي يت‪+‬وفر على‬
‫ب ‪++‬اّث ومتقّب ل أو مرس ‪++‬ل ومرس ‪++‬ل إليه‪ .‬وب ‪++‬ؤرة االهتم ‪++‬ام هي‪ :‬م ‪++‬اذا يع ‪++‬ني المرس ‪++‬ل بكالم ‪++‬ه؟ ال م ‪++‬اذا تعنية‬
‫اللغة؟ فقد يكون الخطاب واضحا في لغته‪ .‬ولكنن‪+‬ا ال ن‪+‬درك معن‪+‬اه دون معرف‪++‬ة قص‪++‬د المرس‪+‬ل ال‪+‬ذي يمكن‬
‫أن يتج‪+‬اوز المع‪+‬نى الح‪+‬رفي للخط‪+‬اب إلى مقاص‪+‬د أخ‪+‬رى‪ .‬ف‪++‬إذا قيل مع‪+‬نى اللف‪+‬ظ ك‪+‬ذا ف‪++‬المراد ب‪+‬ه أّن مح‪ّ+‬ل‬
‫العناية ب‪+‬ه ك‪+‬ذا‪ .‬والعناية من ج‪+‬انب المض‪+‬مون هي اإلرادة والقص‪+‬د فيك‪+‬ون مع‪+‬نى الش‪+‬يء ه‪+‬و م‪+‬ا يقص‪+‬د ب‪+‬ه‬
‫ومعنى اللفظ هو المراد منه ‪ ...‬ومن ثّم فالمعنوي هو بالذات القصدي‪.‬‬

‫وهذا يؤّك د قاع‪+‬دة تواص‪+‬لية هاّم ة مفاده‪+‬ا أن المع‪+‬اني غ‪+‬ير كامن‪+‬ة في م‪+‬ا يس‪+‬تعمل المتكّلم من أدوات لغوّي ة‬
‫بل بالكيفية التي يوظفها بها حتى تعّبر عن مقاصده ونواياه‪ .14‬ولذلك ال بّد من توّفر القص‪++‬د في الخط‪++‬اب‬

‫‪ - 14‬معلوم أن القصد في الخطاب والفعل شخصي ومرتبط بالذات‪ .‬فال ُيسأل أو يؤاخذ أحد عن قصد غيره‪ .‬وقد جاء في الموافقات‪" :‬وال يلزم أحدا أن‬
‫يقصد وقوع ما هو فعل الغير ألنه غير مكّلف بفعل الغير وإنما يكّلف بما هو من فعله"‬
‫وهذا التنصيص على القصدية في اللغويات التداولية بما هي فعل ذاتي في الخطاب يرجع كل داللة ملفوظية إلى المتلفظ بها‪ .‬ويحتكم في الختام إليها‪.‬‬
‫هو المختار من األقوال عند غالب الفقهاء إال في حاالت خاصة‪ ،‬وعلى هذا المعنى صاغوا القاعدة الذهبية التالية‪َ" :‬م َقاِص ُد الَّلْفِظ َع َلى ِنَّيِة الاَّل ِفظ"‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الذي يساعد السياق على اكتشافه‪ ،‬ألّن داللة العبارة هي استلزام الق‪+‬ول للمع‪+‬نى المقص‪++‬ود من س‪+‬ياقه‪ .‬وق‪++‬د‬
‫يط‪++‬ابق ه‪++‬ذا المع‪++‬نى المقص‪++‬ود المس‪++‬تفاد من ظ‪++‬اهرة الق‪++‬ول وق‪++‬د يتف‪++‬اوت مع‪++‬ه‪ .‬ف‪++‬إذا طابق‪++‬ه قيل إّن ه المع‪++‬نى‬
‫المطابق للقول‪ .‬وإ ن تفاوت معه فأحد األم‪+‬رين‪ :‬إّم ا إّن ه يط‪+‬ابق ج‪+‬زءا من ه‪+‬ذا المع‪+‬نى الظ‪+‬اهر (المقص‪+‬ود‬
‫هو معناه التضّم ني)‪.‬‬

‫وإ ّم ا إّن ه يالزم ه ‪++‬ذا المع ‪++‬نى من غ ‪++‬ير أن يطابق ‪++‬ه ال كّال وال ج ‪++‬زءا (المقص ‪++‬ود االس ‪++‬لتزامي)‪ ،‬ألن دالل ‪++‬ة‬
‫العبارة هي استلزام القول للمعنى المقصود من سياقه‪.‬‬

‫وق ‪++‬د ش‪ّ+ +‬ك ل ك ‪++‬ل من القص ‪++‬د والعناية ب ‪++‬المعنى ص ‪++‬ميم نظرية "غ ‪++‬رايس"‪ 15‬ال ‪++‬تي تق ‪++‬وم على "مب ‪++‬دإ التع ‪++‬اون"‬
‫بقواع‪++‬ده المختلف‪++‬ة‪ 16‬ال‪++‬تي تتحكم في تفاع‪++‬ل ط‪++‬رفي الخط‪++‬اب تف‪++‬اعال ناجح‪++‬ا‪ .‬فك‪++‬ل ُم رِس ل يعّب ر عن قص‪++‬ده‬
‫باحترام هذه القواعد أو بتجاهلها تماما‪ .‬فيتح‪ّ+‬و ل القص‪++‬د هن‪+‬ا إلى معرف‪++‬ة المع‪+‬نى المض‪ّ+‬م ن في ق‪++‬ول المتكلم‬
‫أو إلى "معنى المتكلم" كما يسميه "غ‪+‬رايس" وق‪++‬د ض‪++‬بط ه‪++‬ذا الض‪++‬مني ورّتب‪++‬ه ومن ثّم ة قّس مه في خطاط‪++‬ة‬
‫اعتم‪++‬دها من تاله من اللس‪++‬انيين ن‪++‬ذكر على س‪++‬بيل المث‪++‬ال" كرب‪++‬را أوريكيوني" و س‪++‬ادوك وغيرهم‪++‬ا‪ ...‬م‪++‬ع‬
‫‪17‬‬
‫التدقيق واالختصار‪.‬‬

‫المحتوى ‪ /‬القول‬

‫ضمني‬ ‫صريح‬

‫غير وضعي‬ ‫وضعي‬

‫قائم على غير محادثة‬ ‫قائم على محادثة‬

‫خاص‬ ‫عام‬

‫ولهذا فالقصد بوصفه المعنى يدخل في إنجاز أفعال لغوية متع‪ّ+‬د دة ض‪++‬من س‪++‬ياقات متنّو ع‪+‬ة وبخط‪++‬اب ذي‬
‫ش ‪++‬كل لغ ‪++‬وي واح ‪++‬د مث ‪++‬ل االس ‪++‬تفهام (لعل ‪++‬ك تفيدني في تفص ‪++‬يل ه ‪++‬ذه القض ‪++‬ية يمكن أن يدّل على الطلب أو‬

‫‪ - 15‬اشتهر "غرايس" بنموذج القصد الذي طبقه على أفعال الكالم‪ ،‬واقتضي هذا النموذج تأسيسً الداللة اللغوية على مقاصد المتكلمين واتخذ‬
‫الصورة اآلتية‪ :‬إن قول القائل ال يمكن أن يفيد شيئا إال إذا قصد القائل األمور اآلتية‪:‬‬
‫* أن يدفع قول المتكلم المتلقي إلى النهوض بالجواب‪.‬‬
‫* أن يتعرف المتلقي إلى القصد الذي يريده المرسل‪.‬‬
‫* أن يكون نهوض المتلقي بالجواب مستندا إلى تعرفه على قصد المتكلم‪.‬‬
‫‪ -16‬قواعد مبدأ التعاون‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ الكم‪ :‬ويعني وجوب التزام المسهم في الحوار بالقدر المطلوب من المعلومات دون أن يزيد أو ينقص‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الكيف‪ :‬مفاده أّال يساهم المتكلم في الحوار بما يعتقد أنه كاذب‪ ،‬وبما ال يستطيع البرهنة عليه‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ المالءمة‪ :‬وينّص على أن المشاركة في موضوع الحوار تكون مناسبة وفي الصميم (أي مفيدة (‪ .‬يقول "ديكرو"‪" :‬على المخاطب تقديم‬
‫المعلومات الالزمة التي يملكها عن موضوع الخطاب‪ ،‬وغرضها إفادة المخاطب ‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الطريقة‪ :‬وتوجب أن تكون المشاركة في الحوار واضحة‪ ،‬موجزة‪ ،‬مركبة وبعيدة عن اللبس والغموض‬
‫وبخرق إحدى هذه القواعد األربع تحصل ظاهرة االستلزام الحواري‪.‬‬
‫‪ - 17‬أوركيوني (‪ :)1986‬قّسمت المحتوى إلى صريح وصمني وقسمت الضمني بدوره إلى مهمت ومقتضى‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫اإلخبار أو اإلنكار… فاالستفهام عمل لغوي مباش‪+‬ر ينش‪+‬ئ طلب‪+‬ا م‪+‬ا‪ ،‬ولكن‪+‬ه يتض‪ّ+‬م ن أعم‪+‬اال لغوية ض‪+‬منّية‬
‫تتج ‪++ +‬اوز الدالل ‪++ +‬ة الص ‪++ +‬ريحة لالس ‪++ +‬تفهام إلى دالالت متض‪ّ+ + +‬م نة في الق ‪++ +‬ول وغالب ‪++ +‬ا مايكش ‪++ +‬ف عنه ‪++ +‬ا المق ‪++ +‬ام‬
‫أوالسياق‪ ،‬فعندما يقول األستاذ‪:‬‬

‫مثال (‪ :)1‬هل يمكن أن نبدأ الدرس؟ فهو إما أّنه‪:‬‬

‫‪ -‬قصد إخبار الطلبة ببدء الدرس‪.‬‬

‫‪ -‬قصد طلب السكوت والصمت‪.‬‬

‫مث‪++ + +‬ال (‪ :)2‬حين كنت أس‪++ + +‬مع ب‪++ + +‬ائع الجرائ‪++ + +‬د يص‪++ + +‬يح‪ :‬ال‪++ + +‬وطن ب‪++ + +‬دينار‪...‬الجمهورية ب‪++ + +‬دينار‪...‬الش‪++ + +‬عب‬
‫بدينار ‪...‬كنت أظّنه يقصد ثمن الجرائد‪.‬‬

‫مثال (‪ :)3‬أنا عطشان‪.‬‬

‫إذا اعتم ‪++‬د المخ ‪++‬اطب على التفك ‪++‬ير الت ‪++‬داولي في تحليل ت ‪++‬ركيب ه ‪++‬ذه الجمل ‪++‬ة أمكن ‪++‬ه الوص ‪++‬ول إلى مع ‪++‬ان‬
‫واض‪++‬حة مث‪++‬ل‪ :‬إّن المتكلم بحاج‪++‬ة إلى م‪++‬اء‪ ،‬أو إّن ه ص‪++‬ائم ويش‪++‬عر ب‪++‬العطش‪ ،‬أو ع‪++‬دم ت‪++‬وفر الم‪++‬اء‪ ،‬أو غ‪++‬ير‬
‫ذلك من المعاني‪.‬‬

‫وه ‪++‬ذا م ‪++‬ا يؤك ‪++‬د أهمّي ة معرف ‪++‬ة قص ‪++‬د المتكّلم‪ ،‬وع ‪++‬دم االكتف ‪++‬اء بالّد الل ‪++‬ة الحرفّي ة للخط ‪++‬اب ألّن ه ق ‪++‬د‬
‫يختل ‪++‬ف عنه ‪++‬ا فينتج عن ‪++‬ه معنيان‪ :‬مع ‪++‬نى ح ‪++‬رفي ومع ‪++‬نى ت ‪++‬داولّي س ‪++‬مته " أوركيوني" ب ـ "المع ‪++‬نى الُم همت"‬
‫وتعني به "كل عناصر المعنى ال‪+‬تي نفس‪+‬ر ظهوره‪+‬ا بافتراض‪+‬نا لمنط‪+‬ق ك‪ّ+‬ل م‪+‬ؤّو ل للق‪+‬ول "من ن‪+‬وع أن‪+‬ه إذا‬
‫قال المتكّلم هذا فإّنه يريد أن يبّلغ ذاك‪ 18.‬وهذا التفاوت بين المعنى اللغوي وقص‪++‬د المتكلم ه‪++‬و ال‪++‬ذي يجع‪++‬ل‬
‫الناس يسائلون بعضهم بعضا عن معنى عبارة ّم ا أو داللتها‪.‬‬

‫ف ‪++‬إذا اّتجهن ‪++‬ا مثال إلى علم الّص رف‪ ،‬وج ‪++‬دنا أّن كث ‪++‬يرا من المش ‪++‬تقات تش ‪++‬ترك في أوزان واح ‪++‬دة‪ .19‬وهن ‪++‬ا‬
‫العلم بالقصد ال بّد من‪++‬ه ألن‪++‬ه ش‪++‬رط‪ .20‬والش ‪ّ+‬ك في الش‪++‬رط يقتض‪++‬ي الش‪++‬ك في المش‪++‬روط‪ .‬ن‪++‬ذكر على س‪++‬بيل‬
‫المثال‪:‬‬

‫اسم المفعول أو اسم المكان أو اسم الزمان من غير الثالثي‪:‬‬ ‫●‬

‫‪18- Kerberat Orecchioni (Catherine) ; L'implicite 1986 " J'appelle sous-entendu tous les éléments de sens dont‬‬
‫‪j'explique l'apparition en supposant chez celui qui interprète l'énoncé, un raisonnement du type : si le locuteur‬‬
‫‪a dit ceci, c'est qu'il voulait dire cela ". p39‬‬
‫‪ - 19‬هنا ال ننفي إمكانية أن يكون السياق المقالي نفسه مرّج حا لصيغة صرفّية على أخرى‪ .‬هناك موّجهات لغوّية تلعب هي األخرى دورا في ترجيح‬
‫معنى على آخر‪ ،‬ودون االلتفات إلى قصد المتكّلم أحيانا‪.‬‬
‫‪ - 20‬يمكننا تسميته بالسياق الصرفي وهو السياق الذي تتجلى فيه الصيغ والعالمات‪ ،‬الحقة أي غير منفردة في الكلمات‪ ،‬من خالل سياق معين‪ ،‬يؤدي‬
‫إلى داللة معينة‪ .‬كما أنه يبرز المعنى من خالل متابعة التغيرات التي تعتري صيغ الكلمات‪ ،‬فتحدث معنى جديدا في الجملة أو التركيب‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬كلمة ُم جَتمٌع مثال يمكن أن تكون اسم مفعول أو اسم مكان أو اسم زمان والذي يح‪ّ+‬د د ذل‪++‬ك الّس ياَق‬
‫النُّص ومعرفُة قصد المتكلم‪.‬‬

‫اسم اآللة وصيغة المبالغة‪:‬‬ ‫●‬

‫‪ -‬كلم ‪++‬ة (م ‪++‬ذياع) ق ‪++‬د تك ‪++‬ون اس ‪++‬م آل ‪++‬ة وق ‪++‬د تك ‪++‬ون ص ‪++‬يغة مبالغ ‪++‬ة‪ ،‬وتحديد ذل ‪++‬ك راج ‪++‬ع فق ‪++‬ط إلى قص ‪++‬د‬
‫المتكلم‪.‬‬

‫اسم فاعل أو اسم مفعول‪:‬‬ ‫●‬

‫‪ -‬كلم ‪++‬ة (مخت ‪++‬ار) ق ‪++‬د تك ‪++‬ون اس ‪++‬م فاع‪++‬ل أو اس ‪++‬م مفع ‪++‬ول‪ .‬وال م ‪++‬رجح أمامن ‪++‬ا بينهم ‪++‬ا إال معرف ‪++‬ة قص ‪++‬د‬
‫المتكلم وقس على ذلك العديد من األمثلة‪.‬‬

‫وهو ما جعل الباحثين ينقسمون إلى اتجاهين‪:‬‬

‫*اتج‪++‬اه منظ‪++‬ري الدالل‪++‬ة الش‪++‬كلية‪ ،‬وه‪++‬و اّتج‪++‬اه ُيع‪++‬نى بدراس‪++‬ة النظ‪++‬ام اللغ‪++‬وي مع‪++‬زوًال عن س‪++‬ياق التواص‪++‬ل‬
‫االجتماعي‪( .‬سأذكر بعض أعالم هذا االتجاه)‬

‫*اتجاه منظ‪+‬ري المقاص‪++‬د التواص‪++‬لية (غ‪+‬رايس‪ /‬أوس‪+‬تين‪ /‬فتجنش‪+‬تاين‪ )...‬وه‪+‬ؤالء يفس‪+‬رون المع‪+‬نى اللغ‪+‬وي‬
‫باإلحالة إلى مقام التواصل‪.‬‬

‫فالقواعد التركيبية الداللية عندهم تحّد د مع‪+‬اني العب‪+‬ارات الّلغوية ولكّنه‪+‬ا ال تك‪+‬ون مفهوم‪+‬ة إال إذا اس‪+‬تعملنا‬
‫مفهوم القصد التواصلي الموّج ه نحو المستمعين‪ .‬وقد يكون للمرسل قصد رئيس واحد‪ .‬ولكن يتّم الّتعب‪+‬ير‬
‫عنه بآليات مختلفة يمكن تقسيمها إلى آلّيات مباشرة وأخرى تلميحّية غير مباشرة‪ .‬وهو م‪+‬ا يب‪+‬دو واض‪++‬حا‬
‫عن‪+‬د "س‪+‬يرل" في تقس‪+‬يمه لألفع‪+‬ال اللغوية إلى مباش‪+‬رة وغ‪+‬ير مباش‪+‬رة أو في خ‪+‬رق إح‪+‬دى القواع‪+‬د األربع‪+‬ة‬
‫لمبدإ التعاون الغرايسي الذي ال يكون إّال لقصد معّين مع أّنه يظّل مس‪++‬اعدا لفهم قص‪++‬د المرس‪++‬ل من خالل‬
‫االستلزام الحواري‪.21‬‬

‫مثال‪ :‬قول األّم البنته‪+‬ا وهي تخ‪+‬رج دون معط‪+‬ف‪ :‬أين معطف‪+‬ك؟ ه‪+‬ل ت‪+‬رى حم‪+‬ادينو أن أغ‪+‬ير المث‪+‬ال إلن‬
‫رأيت ذلك غبره هههههههههههههههه‬

‫‪ -21‬اشتق مصطلح االستلزام (‪ )Implicature‬من الفعل (‪ )Implicate‬ويعنى أن تشمل أو تضّم ن شيئا" بمعنى يورط أو يوّح د" وهو في االصطالح‬
‫النقدي التداولي مكّو ن لمعنى المتكّلم الذي يشمل جانبا مّم ا يعنيه ملفوظ المتكّلم من دون أن يكون جزءا مما ُيقال‪.‬‬
‫ولالستلزام الحواري عند "غرايس" خاصيات تفرده‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬يمكن إلغاؤه وذلك بإضافة قول من قبل المتكلم ينكر ما يستلزم من كالمه ويحول دونه‪.‬‬
‫‪ -‬إنه متصل بالمعنى الداللي للتركيب وال عالقة له بالصيغة اللغوية‪ .‬فلو استبدلت مفردات وعبارات بأخرى ترادفها ينقطع االستلزام‪.‬‬
‫‪ -‬إنه متغير بتغير السياقات التي يرد فيها‪ ،‬فيمكن لتعبير واحد أن يؤدي إلى استلزامات مختلفة إذا ما تباينت السياقات‪.‬‬
‫‪ -‬إنه يمكن تقديره‪ ،‬بمعنى إن المتكلم بإمكانه أن يقوم بمجموعة من االستنتاجات أو العمليات الذهنية بناء على ما يسمعه من كالم‪ ،‬وصوال إلى‬
‫االستلزام المطلوب بعيدا عن المعنى الحرفي‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫االبنة‪ :‬في المعالق ‪ /‬سأرتديه اآلن‪.‬‬

‫األم‪ :‬ارتديه اآلن‪.‬‬

‫تن ‪ّ+‬و عت إجاب ‪++‬ات االبن ‪++‬ة حس ‪++‬ب تأويله ‪++‬ا لخط ‪++‬اب أّم ه ‪++‬ا‪ .‬فاإلجاب ‪++‬ة األولى ت ‪++‬بّين أّنه ‪++‬ا فهمت المع ‪++‬نى الح ‪++‬رفّي‬
‫للسؤال أو كما أوهمتها أّنها فهمت المعنى هروبا من تنفيذ أمرها‪.‬‬

‫أم‪++‬ا اإلجاب‪++‬ة الثانية فيّتض‪++‬ح من خالله‪++‬ا أّنه‪++‬ا فهمت قص‪++‬دها الحقيقي وه‪++‬و م‪++‬ا يعكس ق‪++‬درتها على التأويل‬
‫التداولي‪ .‬نصوغ مثاال ثانيا بين مرسل (أ) ومرسل إليه(ب)‪:‬‬

‫هل الجّو ممطر في الخارج؟‬ ‫(‪)1‬‬


‫عليك أخذ المظلة وارتداء معطفك أيضا‪.‬‬ ‫‪)2‬‬

‫هذا التركيب حامل لمعنيين اثنين في نفس اآلن‪:‬‬

‫‪ -‬المع‪++ +‬نى الح‪++ +‬رفي ه‪++ +‬و المتض ‪ّ+ +‬م ن نص‪++ +‬يحة (ب) لـ ـ (أ) بض‪++ +‬رورة أخ‪++ +‬ذ المظل‪++ +‬ة وارت‪++ +‬داء المعط‪++ +‬ف عن‪++ +‬د‬
‫الخروج‪ ،‬بينما اإلجابة المتضمنة للسؤال المطروح (الجو ممطر في الخارج (‪.‬‬

‫مثال (‪ :)3‬أسعار خرافية‪.‬‬

‫يحمل معنيين‪:‬‬

‫األول‪ :‬كما قصده المتكلم المرسل وهو أن األسعار رخيصة جدا ترغيبا للمرسل إليه في الشراء‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬ما يتأّو له المرسل إليه بأّن األسعار غالية جّد ا‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫لهذا ال يجب الفصل بين المعاني واأللفاظ‪ .‬فالمعاني تضم الّد اللة (أو المعنى النفسي) أو قص ‪++‬د المتكلم‪.‬‬
‫واأللفاظ تحدث على مستوى النطق‪ .‬وبذلك يكون النّص كاش‪++‬فا للقص‪++‬د التواص‪++‬لي‪ 23.‬كم‪++‬ا يمكن أن يس‪++‬هم‬
‫اللف ‪++‬ظ في إنت ‪++‬اج خط ‪++‬اب يقب ‪++‬ل أك ‪++‬ثر من تأويل‪ .‬وه ‪++‬ذا م ‪++‬ا يعكس دور القص ‪++‬د بمفه ‪++‬وم المع ‪++‬نى في تش ‪++‬كيل‬

‫‪ - 22‬قسم ابن قيم الجوزية في "أعالم الموقعين " ص ص‪ 108-107‬األلفاظ إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -‬أن تظهر ألفاظ مطابقة للقصد وللظهور مراتب تنتهي إلى اليقين والقطع بمراد المتكلم‪ ،‬بحسب الكالم في نفسه وما يقترن به من القرائن الحالية‬
‫واللفظية‪ ،‬وحال المتكلم به وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬ما يظهر من ألفاظ لم ُيرد المتكلم معناها‪ ،‬وقد ينتهي هذا الظهور إلى حد اليقين بحيث ال يشك السامع فيه‪ ،‬وهذا القسم نوعان‬
‫أ‪ :‬أال يكون مريدا لمقتضاه‪ ،‬وال لغيره‪.‬‬
‫ب‪ :‬أن يكون مريدا لمعنى يخالفه‪.‬‬
‫‪ -‬ما هو ظاهر من األلفاظ في معناه ويحتمل إرادة المتكلم له‪ ،‬ويحتمل إرادته غيره‪ ،‬وال داللة على واحد من األمرين بمثل هذه المراعاة‪ ،‬واللفظ دال‬
‫على المعنى الموضوع له‪ ،‬وقد أتى به اختبارا‪".‬‬
‫‪ 23‬القصد التواصلي‪ :‬يتجسد بعناصر السياق المحيطة بالخطاب والمتلقي والمخاطب في آن واحد إلبالغ المقاصد وتوظيفها داخل الخطاب‪ ،‬وكيفية‬
‫توصيلها من طرف المتكلم لتجسيد تلك المعاني الضمنية واستيعابها وبلورتها في ذهن المتلقي‪ .‬مما يستدعي ضرورة الكفاءة اللغوية التداولية وذلك‬
‫لوجود إمكانية الخروج عن الداللة الظاهرة باعتبار القصد‪ ،‬كما يذهب إلى ذلك محمد طه عبد الرحمان بقوله في ‪" :‬جاز أن يتفاوت مقصود القول عن‬
‫مضمونه‪ ،‬فال يتسارع إلى فهم المخاطب‪)...( ،‬نظرا ألن المتكلم يكون قد بلغه إليه بطريق التلميح‪ ،‬ال بطريقَ التصريح‪ ،‬فيكون المخاطب مطالبا بتعقبه‬
‫بمعونة القرائن المقالية و المقامية التي تتعلق بهذا القول "ص ‪251‬‬

‫‪11‬‬
‫الخطاب وتعّد ده‪ .‬كما يقوم تعّد د التأويالت واختالفه‪+‬ا في الخط‪+‬اب الواح‪+‬د ذل‪+‬ك أّن الخط‪+‬اب ق‪+‬د يص‪+‬اغ في‬
‫تمثيل ت‪++‬درك معانيه الحرفية ولكنه‪++‬ا غ‪++‬ير كافية إلدراك المغ‪++‬زى‪ .‬وعلى ه‪++‬ذا ف‪++‬إن النص ال يتمظه‪++‬ر في‬
‫ش‪++‬اكلة واح‪++‬دة وإ ّنم‪++‬ا بكيفّي ات مختلف‪++‬ة وراءه‪++‬ا مقص‪++‬دّية المرس‪++‬ل األساس‪ّ+‬ي ‪ .‬وه‪++‬ذا المع‪++‬نى يبّين أّن للمؤل‪++‬ف‬
‫دوافع‪++ +‬ه الخاص‪++ +‬ة‪ ،‬فه‪++ +‬و يح‪++ +‬اول‪ ،‬من خالل نّص ه‪ ،‬إيص‪++ +‬ال القص‪++ +‬د األص‪++ +‬لّي ومراع ‪++‬اة مقص‪++ +‬دّية المرس‪++ +‬ل‬
‫المخاطب والظروف الحاّفة التي يروج فيها النص في ذات اآلن‪.‬‬

‫ما يهّم نا نحن أّن النّص رسالة تدور حول أمر ّم ا‪ .‬وهي مكتوبة بلغة ّم ا‪ .‬ولها قص‪++‬د ّم ا س‪+‬واء ك‪+‬ان قص‪++‬د‬
‫المؤل‪++‬ف األص‪++‬لي أو القص‪++‬د المستش‪ّ+‬ف من الق‪++‬ول األص‪++‬لي‪ .‬وه‪++‬ذا البحث في القص‪++‬دّية ه‪++‬و في رأين‪++‬ا بحث‬
‫في فهٍم أو قول هذا الفهم ويمكن أن يقّس م إلى ثالثة أقسام‪:‬‬

‫فهم مشترك بين الباّث والمتقبل‪.‬‬ ‫●‬

‫فهم خاّص بالباّث نعيد بناءه بصفتنا متقّب لين‪.‬‬ ‫●‬

‫فهم خاّص بالمتقّب ل الذي يعترض عليه الباّث كشيء آخر خارجّي خاص‪.‬‬ ‫●‬

‫والق‪++ +‬درة على المزاوج‪++ +‬ة الكالمية بين ص‪++ +‬ريح األلف‪++ +‬اظ ومقاص‪++ +‬د المتكلم تتطلب الترك‪++ +‬يز على معطيات‬
‫التواص‪++ +‬ل اللغ‪++ +‬وي ال‪++ +‬تي تتمث‪++ +‬ل في اختب‪++ +‬ار م‪++ +‬دى ق‪++ +‬درة المخ‪++ +‬اطب على فهم الكالم المنط‪++ +‬وق إلى ج‪++ +‬انب‬
‫المعرف ‪++ +‬ة المش ‪++ +‬تركة بين المتكلم والمخ ‪++ +‬اطب ألن بعض األلف ‪++ +‬اظ أو المص ‪++ +‬طلحات ق ‪++ +‬د تحم ‪++ +‬ل‪ ،‬في بعض‬
‫جوانبها‪ ،‬معاني منهيا عنها‪.‬‬

‫ولكن المقام هنا يجعلنا نتساءل‪ :‬إذا كان الّناس يقصدون أكثر مّم ا يقولون من ألفاظ فكيف لهم أن يفهم‪++‬وا‬
‫بعضهم بعضا؟‬

‫لإلجابة عن هذا التساؤل مّيز بعض الباحثين بين ثالثة مستويات للمعنى‬

‫* المعنى اللغ‪+‬وّي المس‪+‬تفاد من دالل‪+‬ة الكلم‪+‬ات والجم‪+‬ل مباش‪+‬رة أو المع‪+‬نى الح‪+‬رفي‪ .‬فلم يختل‪+‬ف النح‪+‬اة في‬
‫أّن الكالم هو اللفظ المس‪+‬تقل بنفس‪+‬ه المفيد لمعن‪+‬اه" أو ه‪+‬و المش‪+‬تمل على بعض الح‪+‬روف مفيد فائ‪+‬دة يحس‪+‬ن‬
‫السكوت عليها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫* مع ‪++ +‬نى الكالم أو المع ‪++ +‬نى الس ‪++ +‬ياقّي ال ‪++ +‬ذي يعين الس ‪++ +‬ياق ‪24‬على اس ‪++ +‬تنباطه‪ .‬فالس ‪++ +‬ياق يبحث في تراب ‪++ +‬ط‬
‫المع‪++ +‬اني بالمع‪++ +‬اني الس‪++ +‬ابقة والالحق‪++ +‬ة (عالم‪++ +‬ة المع‪++ +‬نى ب‪++ +‬المعنى)‪ .‬كم‪++ +‬ا تجع‪++ +‬ل داللت‪++ +‬ه الجمل‪++ +‬ة ذات الهيئ‪++ +‬ة‬
‫التركيبية الواح‪+‬دة بمفرداته‪+‬ا ونص‪+‬ها تختل‪+‬ف ب‪+‬اختالف الس‪+‬ياق ال‪+‬ذي توجـد فيه‪ ،‬ألن ك‪+‬ل س‪+‬ياق يختل‪+‬ف في‬
‫زمانه ومكانه ومالبساته المتعددة‪ .‬ولع‪ّ+‬ل تقس‪++‬يم اإلم‪++‬ام ابن القيم الجوزية (ت‪751‬هـ) للدالل‪++‬ة‪ ،‬مرتب‪++‬ط أش‪++‬د‬
‫االرتب ‪++‬اط بس ‪++‬ياق التواص ‪++‬ل بين المرس ‪++‬ل والمتلقي‪ .‬فدالل ‪++‬ة النص ‪++‬وص عن ‪++‬ده‪ " :‬نوع ‪++‬ان‪ :‬حقيقية وإ ض ‪++‬افية‪،‬‬
‫فالحقيق ‪++‬ة تابع ‪++‬ة لقص ‪++‬د المتكلم وإ رادت ‪++‬ه وه ‪++‬ذه دالل ‪++‬ة ال تختل ‪++‬ف‪ ،‬واإلض ‪++‬افية تابع ‪++‬ة لفهم الس ‪++‬امع وإ دراك ‪++‬ه‪،‬‬
‫وج‪++‬ودة فك‪++‬ره وقريحت‪++‬ه‪ ،‬وص‪++‬فاء ذهن‪++‬ه‪ ،‬ومعرفت‪++‬ه باأللف‪++‬اظ ومراتبه‪++‬ا‪ ،‬وه‪++‬ذه الدالل‪++‬ة تختل‪++‬ف اختالف‪++‬ا متباين‪++‬ا‬
‫بحسب تباين السامعين في ذلك‪.‬‬

‫* معنى المتكلم‪ ،‬وهو المعنى الكامن أو الموجود وجود قّو ة‪.‬‬

‫وإ دخ‪+++‬ال مفه‪+++‬وم القص‪+++‬دية في فهم كالم المتكلم وتحليل العب‪+++‬ارات اللغوية مب ‪++‬دأ أخ ‪++‬ذ ب ‪++‬ه فالس‪+++‬فة نظرية‬
‫االس ‪++‬تعمال في المع ‪++‬نى (فتجنش ‪++‬تاين‪ ،‬أوس ‪++‬نت‪ ،‬غ ‪++‬رايس‪ ،‬سرتاوس ‪++‬ن‪ ،‬س ‪++‬يرل‪ )...‬ال ‪++‬ذين أعط ‪++‬وا المتكلمين‬
‫ومقاصدهم مكانة محورية عند تفسير المعنى على خالف النظرّيات الصورّية لّلغة‪.‬‬

‫وم‪++‬تى رّك زن‪++‬ا على فع‪++‬ل الفهم باعتب‪++‬اره قص‪++‬دا فإّنن‪++‬ا نج‪++‬د أنفس‪++‬نا أم‪++‬ام فّن من ن‪++‬وع آخ‪++‬ر يس‪++‬ميه "ش‪++‬اليماخر"‬
‫‪25‬‬
‫"هيرمينوطيقا"وتعني فّن الفهم وبذلك يمكننا أن نتحّص ل على قصود ثالثة‪:‬‬

‫قصد المؤلف = يعني ما أراد المؤلف بّثه كدالالت في نّص ه‪.‬‬ ‫●‬

‫قصد النّص = ما يسمح به النص من خالل تراكيبه الداخلّية‪.‬‬ ‫●‬

‫قصد القارئ = ما يستخرجه القارئ في تأويالت للنّص ‪.‬‬ ‫●‬

‫‪ - 24‬مصطلح حديث ارتبط بالدراسات اللغوية الحديثة‪ .‬لكّن الدراسات اللغوية القديمة كان لها فضل األسبقية في ذلك من خالل اهتمامها بفكرة المقام‪.‬‬
‫ومع التطور الذي شهدته الدراسات اللغوية جاء "فيرث" بنظرية السياق التي ترتكز على دوره في فهم المعنى‪ .‬فنّبه إلى أّن المعنى ال ينكشف إال من‬
‫خالل وضع الوحدة اللغوية في سياقات مختلفة‪ .‬وعليه تتطلب دراسة المعاني تحليال للسياقات والمواقف التي ترد فيه حتى ما كان منها غير لغوي‬
‫بمعنى أنها بهذا التصور تستطيع أن تدرس جميع أنواع الوظائف الكالمية وتفسرها‪ .‬محمود السعران‪ ،‬علم اللغة‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫وبالرجوع إلى أقوال العلماء واللغويين في تحديدهم لمفهوم السياق نالحظ تفاوتا فانقسموا في إيضاحهم إلى فريقين‪:‬‬
‫‪ -‬فريق أول‪ :‬قصر السياق على الجانب المقالي ضمن حدود ال يخرجها عن السابق وعن الالحق فهم يرون أنها مقصورة على المقال دون الحال وهو‬
‫ما ُيسّم ى بالسياق اللغوي‪ .‬والمراد به عند "البناني" في حاشيته على جمع الجوامع (‪" )1/20‬هو ما دل على خصوص المقصود من سابق الكالم‬
‫المسوق لذلك أو الحقه"‬
‫‪-‬فريق ثان‪ :‬يشمل السياق عندهم المقال السابق والالحق والمقام "الحال"‪.‬‬
‫فالداللة هنا قائمة عندهم قائمة على دعامين‪:‬‬
‫*سياق المقال يشمل السابق والالحق‪.‬‬
‫* سياق المقام‪ :‬وهو األدوات التي تصاحب النص من قرائن وأحوال وعوامل خارجية لها تأثير على الفهم‪ :‬كحال المتكلم والمخاطب والزمن والمكان‬
‫والغرض الذي سيق له‪.‬‬
‫وبالتالي فإّن السياق والقرائن دالة على مراد المتكلم ومرامه من كالمه وهي المرشدة إلى بيان المجمالت وتعيين المحتمالت‪.‬‬

‫‪ - 25‬مع أّن "امبيرتو ايكو" يرى غير ذلك ويقول إّن وراء كل قصد قصدا حقيقّيا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫م ‪++ +‬ع العلم أّن لس ‪++ +‬انيات الّنص ال تعتم ‪++ +‬د في الوص ‪++ +‬ول إلى مقاص ‪++ +‬د المتكلم على المع ‪++ +‬نى الح ‪++ +‬رفي للنص‬
‫فحس ‪++‬ب‪ .‬ب ‪++‬ل ت ‪++‬درس المع ‪++‬نى ال ‪++‬ذي يرمي إليه المتكلم‪ /‬النص وف ‪++‬ق اعتب ‪++‬ارات ع ‪ّ+‬د ة (هوية المنتج‪ /‬مك ‪++‬ان‬
‫الخطاب وزمانه ‪ /‬الظروف التي تكتنف الخطاب‪ )...‬للوصول إلى المعنى أو مضمون الكالم‪.‬‬

‫على ذل ‪++‬ك ال يمكن الق ‪++‬ول إّن القص ‪++‬دية هي الش ‪++‬يء ال ‪++‬ذي يبتغيه المتكلم من عملّي ة التواص ‪++‬ل م ‪++‬ع المتلقي‬
‫باستعمال وسائط لغوية‪ ،‬أي ما تحدثه قواعد النحو وما يستتبعه من معنى‪ .‬وما يتوّل د عن ت‪++‬راكيب النص‬
‫من م‪++ +‬دلوالت ألن المع‪++ +‬نى ال ينكش‪++ +‬ف إاّل من خالل تس‪++ +‬ييق ِ(‪ 26)Contextualisation‬الوح‪++ +‬دة اللغوية‪.‬‬
‫فلوال التركيب النحوي لما نشأ المعنى الداللي ولما تكّو نت معرفة مش‪+‬تركة بين الب‪+‬اّث والمتقب‪+‬ل‪ .‬وه‪+‬ذا م‪+‬ا‬
‫ُيبرز عند القدامى العناية بقص‪++‬دية المتكلم وف‪++‬ق تغـير تركيـب الكـالم‪ ،‬واخـتالف صـياغته‪( .‬ربم‪++‬ا في ه‪++‬ذا‬
‫الموض‪++‬ع يمكن‪++‬ني الع‪++‬ودة إلى الجاح‪++‬ظ في "البيان والّتب‪++‬يين" وعب‪++‬د الق‪++‬اهر الجرج‪++‬اني في دالئل‪++‬ه وأس‪++‬راره‬
‫والسّك اكي في "مفتاح العلوم" )‬

‫ففي قصّـة منسـوبة ألبي العبـاس في محاّج ة للكنـدي الفيلسـوف تظهـر عنايتـه بمقصـد المـتكّلم مـن كالمـه‪،‬‬
‫وفيهـا يقـول الكنـدي ألبي العب ‪++‬اس‪ ":‬إني ألج ‪++‬د من كالم الع ‪++‬رب حش ‪++‬وا‪ ".‬فق ‪++‬ال ل ‪++‬ه أب ‪++‬و العب ‪++‬اس‪ :‬في أّي‬
‫موضع وجدت ذلـك فقـال‪ ":‬أجـد العرب يقولون‪ :‬عبـد اهلل قـائم‪ ،‬ثّم يقولـون‪ :‬إن عبـد اهلل قـائم‪ ،‬ثّم يقولـون‪:‬‬
‫إن عبـد اهلل لقـائم؛ فاأللفـاظ متكـررة والمعـنى واحـد‪ .‬فقـال لـه أبـو العبـاس‪ :‬بـل المعـاني مختلفـة باخـتالف‬
‫األلفـاظ‪ ،‬فقـولهم‪ :‬عبـد اهلل قـائم إخبـار عـن قيام‪++‬ه‪ ،‬وق‪++‬ولهم‪ :‬إن عب‪++‬د اهلل ق‪++‬ائم ج‪++‬واب عـن سـؤال سـائل‪،‬‬
‫وقـولهم‪ :‬إن عبـد اهلل لقـائم جـواب عـن إنكـار منكـر قيامـه‪ ،‬فقـد تكـررت األلفـاظ بتكـرير المعـاني‪ .‬قـال‪:‬‬
‫فمـا حـار المتفلسـف جوابا"‪.27‬‬

‫نالح ‪++‬ظ من خالل ه ‪++‬ذا الش ‪++‬اهد أن التراكيـب اختلفـت ب ‪++‬اختالف قص ‪++‬د المتكلم من إخب ‪++‬ار‪ ،‬أو ج ‪++‬واب عن‬
‫س‪++‬ؤال‪ ،‬أو ج‪++‬واب إلنك‪++‬ار منك‪++‬ر‪ .‬واختل‪++‬ف ن‪++‬وع الخ‪++‬بر في ه‪++‬ذه األمثل‪++‬ة‪ ،‬إذ ك‪++‬ان في المث‪++‬ال األول ابت‪++‬دائيا‬
‫خل‪++‬وا من أدوات التأكيد‪ ،‬وك‪++‬ان في المث‪++‬ال الث‪++‬اني طلبّي ا ت‪ّ+‬و فر على أداة تأكيد واح‪++‬دة (إّن )‪ ،‬أّم ا في المث‪++‬ال‬
‫الثالث فكان الخبر إنكاريا لتضّم نه ألكثر من أداة تأكيد (إن ‪ /‬الم التوكيد)‪.‬‬

‫وفي مقاب‪++‬ل ذل‪++‬ك ح‪++‬تى الجم‪++‬ل غ‪++‬ير المنطوق‪++‬ة (المض‪ّ+‬م نة) ال‪++‬تي ش‪++‬كلت عائق‪++‬ا أم‪++‬ام النظرية القص‪++‬دّية يمكن‬
‫معالجتها عن طريق مبدأين مهمّين وردا في فلسفة "فرجيه" (‪ )Frege‬اللغوية وهما‪:‬‬

‫‪ -1‬القيمة الداللّية للتعبير المرّك ب عن طريق القيمة الداللية ألجزائه‪.‬‬

‫‪ -2‬يتحّد د معنى التعبير المركب عن طريق معاني مكوناته‪.‬‬

‫‪ - 26‬تأخّذ في االعتبار العناصر السياقية والمالبسات المختلفّة أثناء عملية تحليل الخطاب‪ ،‬فتتالقى مع األبعاد السياقية الخارجية‪ ،‬أوما أطلق عليّه‬
‫"سياق الموقف"‪.‬‬
‫‪ - 27‬الجرجاني‪ ،‬أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمان‪ ،‬أسرار البالغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود محمد شاكر‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة المدين‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.325‬‬

‫‪14‬‬
‫وبتط‪++‬بيق ه‪++‬ذين المب‪++‬دأين يتح ‪ّ+‬د د مع‪++‬نى الجم‪++‬ل المركب‪++‬ة س‪++‬واء أك‪++‬انت منطوق‪++‬ة أم غ‪++‬ير منطوق‪++‬ة‪ ،‬علم‪++‬ا أّن‬
‫التعب‪++‬ير الم‪++‬ركب يض‪++‬م الجم‪++‬ل والعب‪++‬ارات وأش‪++‬باه الجم‪++‬ل‪ .‬وتكمن القيم‪++‬ة الداللية للجمل‪++‬ة في ص‪++‬دقها (قيمت‪++‬ا‬
‫والكذب)‪ .‬وللتعامل مع اعتراض "بالتس" على ذلك اقترح "غرايس" في مقالته " المع‪++‬نى ل‪++‬دى‬ ‫الصدق‬
‫الن ‪++‬اطق‪ ،‬ومع ‪++‬نى الجمل ‪++‬ة‪ ،‬ومع ‪++‬نى الكلم ‪++‬ة " تع ‪++‬ديل تحليل المع ‪++‬نى ليش ‪++‬ير إلى المتكلمين ومقاص ‪++‬دهم س ‪++‬واء‬
‫بالنس ‪++‬بة إلى الجم ‪++‬ل الكامل ‪++‬ة أو أج ‪++‬زاء الجمل ‪++‬ة أيض ‪++‬ا– فيمتل ‪++‬ك المتكلم ‪++‬ون معرف ‪++‬ة عن العناص ‪++‬ر المكون ‪++‬ة‬
‫لمنطوق ّم ا وهو ما أطلق عليه غرايس اسم " اإلجراءات الناتجة " ‪.‬‬

‫ولكّن إش‪++ +‬كالية أخ‪++ +‬رى ظه‪++ +‬رت م‪++ +‬ع ه‪++ +‬ذا االق‪++ +‬تراح ألن‪++ +‬ه ينس‪++ +‬ب إلى المتكلمين ق‪++ +‬درا كب‪++ +‬يرا من المعرف‪++ +‬ة‬
‫وامتالك مف‪++ +‬اهيم معين‪++ +‬ة من غ‪++ +‬ير احتم‪++ +‬ال امتالكه‪++ +‬ا عن‪++ +‬د المتقب‪++ +‬ل أو المخ‪++ +‬اطب ويتجلى ذل‪++ +‬ك في الجم‪++ +‬ل‬
‫المجازية ‪ ...‬فالمجاز هو طريق من طرق التوسع اللغوي‪ ،‬وباب من أبواب االفتنان في التعبير يلجأ إليه‬
‫المتكلم حين يريد الت‪++‬أنق في أداء المع‪++‬نى‪ ،‬واالنطالق م‪++‬ع الخيال‪ ،‬واالس‪++‬تجابة لخ‪++‬واطر النفس وه‪++‬واجس‬
‫الشعور‪ .‬وحينئذ يخرج اإلسناد عن حقيقته إلى مس‪++‬الك أخ‪++‬رى بض‪++‬وابط تحكم مس‪++‬اره ح‪++‬تى يص‪++‬ح التج‪++‬وز‬
‫في اإلس‪++‬ناد والت‪++‬أنق في بن‪++‬اء العب‪++‬ارة‪ ،‬وأداء المع‪++‬نى المقص‪++‬ود‪ .‬كم‪++‬ا يك‪++‬ون معاكس‪++‬ا للحقيق‪+‬ة ال‪++‬تي تتمث‪++‬ل في‬
‫استعمال اللفظ على أصل وضعه في اللغة "بقرينة صارفة عن إرادة ما وضع له اللف‪++‬ظ"‪ .28‬ويلج‪++‬أ المتكلم‬
‫إلى هذا النوع من التعبير متعمدا ليعّبر عن مقصود ّم ا‪ ،‬ويجبر السامع على االنتقال بتص‪ّ+‬و ره ال‪++‬ذهنّي أو‬
‫العقلّي من هذا الشيء إلى ما يتعّل ق ب‪+‬ه من ال‪+‬دالالت‪ .‬وه‪+‬ذا التعّل ق ه‪+‬و ال‪+‬ذي يدعو المتكلمين المس‪+‬تعملين‬
‫للغة إلى التعابير المجازية التي تعبر عن مقاصدهم‪ .‬وهو نفسه ال‪++‬ذي يس‪++‬اعد المخ‪++‬اطب على االنتق‪++‬ال من‬
‫" المفه‪++‬وم األص‪++‬لي" إلى " المع‪++‬نى المقص‪++‬ود" فالمج‪++‬اوزة واالنتق‪++‬ال من المع‪++‬نى الح‪++‬رفي إلى المع‪++‬نى ال‪++‬ذي‬
‫تكـتسبه اللفظة من السياق تلبية لمقاصد المتكلمين‪ ،‬هو نقطة االلتقاء بين التداولية والمجاز والقصد‪.‬‬

‫مث‪++‬ال (‪ :)1‬عن‪++‬د إجاب‪++‬ة إب‪++‬راهيم فرع‪++‬ون عن‪++‬دما س‪++‬أله عن زوجت‪++‬ه من هي فق‪++‬ال‪( :‬إنه‪++‬ا أخ‪++‬تي) ف‪++‬إن األخت‬
‫موض‪++ +‬وعة لألخت النس‪+++‬بية‪ ،‬لكن‪+++‬ه هن‪+++‬ا قص‪++ +‬د األخت في اإلس‪+++‬الم وال ‪++‬دين‪ .‬ف‪++ +‬إذا ك ‪++‬ان اس ‪++‬تعمل األخت في‬
‫األخت في اإلسالم كان مجازًا ألنه استعمال اللفظ في غير الموضوع له[‪، ]7‬أما لو اس‪+‬تعملها في معناه‪+‬ا‬
‫الموضوع له وقصد[‪ ]8‬األخت في الدين باالنتقال ال االستعمال فهو قاصد للمعنى لكن ال باللفظ‪ ،‬ب‪++‬ل م‪++‬ع‬
‫اللفظ‪.‬‬

‫مثال (‪ :)2‬عندما يق‪+‬ول ش‪+‬خص (م‪+‬ا أجمل‪+‬ك؟) لقيبح‪ ،‬أو ق‪++‬ال لجاه‪+‬ل (م‪+‬ا أعلم‪+‬ك؟ ) مس‪+‬تهزءًا ب‪+‬ه مكنيًا ب‪+‬ه‬
‫عن جهله‪ .‬فهو هنا لم يس‪+‬تعمل (م‪+‬ا أعلم‪+‬ك) في (م‪+‬ا أجهل‪+‬ك) وإ ال ك‪+‬ان مج‪+‬ازًا أو غلط‪ً+‬ا‪ ،‬ب‪+‬ل أراد االنتق‪+‬ال‬
‫منه إليه فقص‪+‬د ه‪+‬ذا المع‪+‬نى م‪+‬ع قول‪+‬ه (م‪+‬ا أجهل‪+‬ك) ال ب‪+‬ه م‪+‬ا نالحظ‪+‬ه هن‪+‬ا أّن الكنايات الس‪+‬ابقة لم تس‪+‬تعمل‬
‫في المع‪++‬نى الكن‪++‬ائي‪ ،‬ب‪++‬ل ُينتق‪++‬ل من المع‪++‬نى الحقيقي إلى الكن‪++‬ائي عبره‪++‬ا‪ ،‬ف‪++‬إّن قول‪++‬ك‪ :‬فالن جب‪++‬ان الكلب أو‬
‫‪635‬‬
‫‪ - 28‬الميداني حبنكة‪( ،‬عبد الرحمن حسن)‪ :‬البالغة العربية أسسها وعلومها وفنونها وصور من تطبيقاتها لهيكل من طريف من جديد وتليد‪ ،‬ص‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫كث‪++‬ير الرم‪++‬اد‪ ،‬ال يراد ب‪++‬ه اس‪++‬تعمال المه‪++‬زول في ج‪++‬ود الش‪++‬خص وكرم‪++‬ه‪ ،‬ب‪++‬ل يراد االنتق‪++‬ال من‪++‬ه إليه‪ ،‬وق‪++‬د‬
‫استعمل هذين المثلين في مداليلهما الحقيقية‪ ،‬وإ ن لم تكن بنفسها مرادة باإلرادة الجدية‪.‬‬

‫ومن هن‪++‬ا ف‪++‬إّن العناص‪++‬ر النص ‪ّ+‬ية المكّو ن‪++‬ة للنص بم‪++‬ا تش‪++‬مله من أس‪++‬اليب ت‪++‬ركيب المف‪++‬ردات وط‪++‬رق تماس‪++‬ك‬
‫جم‪++‬ل الّنص وم‪++‬ا ينتج عنه‪++‬ا من بحث وتق‪++‬ديم وت‪++‬أخير وتورية وكناية‪ ...‬وغ‪++‬ير ذل‪++‬ك من أس‪++‬اليب التعب‪++‬ير‬
‫البالغية (قصدية تخاطبية ثابتة) لكي تكون "مقبول‪+‬ة دالليا فمن الض‪++‬روري أن يتض‪++‬من عالق‪+‬ات تالؤمية‪.‬‬
‫وه‪++ +‬ذه العالق‪++ +‬ات هي عالق‪++ +‬ات أفقية أي تركيبية بواس‪++ +‬طتها يتأّس س تماس‪++ +‬ك الّنص ومقبوليت‪++ +‬ه‪ .‬فتتش‪++ +‬ابك‬
‫المعاني الجزئية وتتفاعل ساعية إلى غاية مستهدفة هي قصد المتكلم إلى إبراز معنى داللي واحد‪.‬‬

‫وبواسطة ذلك نتحصل على‪:‬‬

‫(ت‪++‬ركيب – مس‪++‬اعد) قص‪++‬دّية تخاطبّي ة ثابت‪++‬ة (= تواص‪++‬ل ت‪++‬ام) ال يوج‪++‬د لبس فيه‪++‬ا على المخ‪++‬اطب‬ ‫●‬
‫أصال‪ .‬ونعني بها ما وضع على األصل دون تغيير في الرتبة والحذف‪.‬‬

‫وقد يطرأ على هذه القصدّية التخاطبّي ة الثابتة شيء من التقديم أو التأخير أو الحذف والزيادة بش‪++‬رط أمن‬
‫اللبس على المخاطب وهذا في حّد ذاته شيء إيجابّي للمخاطب‪.‬‬

‫(تركيب ‪ +‬مساعد) قصدّية تخاطبّية إيجابّية (= تواصل تام) يوجد لبس يلزم المتكّلم تأمينه‪.‬‬ ‫●‬

‫وعلى نقيض ذل‪++‬ك ق‪++‬د يعم‪++‬د المتكّلم في بعض األحيان إلى قص‪++‬د اللبس واإلبه‪++‬ام على المخ‪++‬اطب "والبلغ‪++‬اء‬
‫تقصد اإلبهام إذا ناسب المقام" حسب عبارة الصبان‪.‬‬

‫(تركيب ‪+‬مساعد) قصدّية سلبية (= تواصل تام ‪+‬مساعد) يوجد تعُّم د لبس على المخاطب‪.‬‬ ‫●‬

‫وهن‪++ +‬ا يتجّلى القص‪++ +‬د في ص‪++ +‬ورة مجازّي ة بين مطرق‪++ +‬ة المع‪++ +‬نى وس‪++ +‬ندان الّد الل‪++ +‬ة‪ .‬فالعنص‪++ +‬ر النح‪++ +‬وّي يم ‪ّ+ +‬د‬
‫العنص ‪++‬ر ال ‪++‬داللي ب ‪++‬المعنى األساس ‪++‬ي في الجمل ‪++‬ة ال ‪++‬ذي يس ‪++‬اعد على تمييزه وتجس ‪++‬يده‪ .‬كم ‪++‬ا يم‪ّ+ +‬د العنص‪ُ+ +‬ر‬
‫الداللي العنصَر النحوي بعدد من الجوانب التي تساعده على تحديده وتمييزه ف‪++‬بين الج‪+‬انبين أخ‪+‬ذ وعط‪+‬اء‬
‫وتبادل تأثيري مستمّر ‪.‬‬

‫البد في اإلنشائيات مطلقًا من أمور ثالثة‪:‬‬


‫أوًال‪ :‬قصد اللفظ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬قصد المعنى‪ ،‬عكس قاصد غيره مجازًا‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬قصد المعنى بهذا اللفظ؛ فإنه ال يكفي قصد اللفظ وقصد المعنى‪ ،‬بل يجب قصد المعنى بهذا اللفظ‬
‫ليقع الـُم نشأ به‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫من ك‪ّ+‬ل م‪++‬ا س‪++‬بق يمكن الق‪++‬ول إّن إنت‪++‬اج أّي خط‪++‬اب بين ط‪++‬رفين رهين فهم مقاص‪++‬د المرس‪++‬ل وإ فهام‪++‬ه ال‪++‬تي‬
‫ُتبلوُر العالقة بينهما سواء كانت مقاصد إرادّي ة (بوصفها اإلرادة) أو مقاصد بوصفها معنى‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫نخلص مّم ا سبق إلى مجموعة من االستنتاجات رأينا أن نجملها في اآلتي‪:‬‬

‫القص ‪++‬د والمع ‪++‬نى والقص ‪++‬دّية والمقص ‪++‬ود كّله ‪++‬ا مص ‪++‬طلحات تت ‪++‬نزل في إط ‪++‬ار ت ‪++‬دّبر العالق ‪++‬ة بين المنط ‪++‬وق‬
‫والمفه‪+‬وم‪ .‬وق‪+‬د ب‪+‬ات من المع‪+‬روف أّن الق‪+‬ول ُي لّف ظ ج‪+‬زءا مّم ا يعنيه ويترك ج‪+‬زءا آخ‪+‬ر غ‪+‬ير ُم لف‪+‬ظ ( ‪non‬‬
‫‪ )verbalisé‬موسوما في بعض األحيان وغير موسوم أحيانا أخرى‪ .‬فُيفهم لمًح ا وإ يحاًء أو ُيتوّص ل إليه‬
‫استدالال واقتضاء أو ُيفترض تأُّو ال واستنتاجا وسيلة المرء في ذلك كيفية اس‪++‬تعماله للغ‪++‬ة ال‪++‬تي نج‪++‬د أنفس‪++‬نا‬
‫أمام مستوياتها األربعة‪:‬‬

‫* المس ‪++‬توى الّس طحي للبنّي ة اللغوّي ة‪ :‬ونق‪++‬وم خالل‪++‬ه بدراس ‪++‬ة بنية المف‪++‬ردة بص ‪++‬ورة مس ‪++‬تقلة عن ال ‪++‬تركيب‬
‫النحوي أو السياق التواصلي ويندرج تحته عدد من العلوم منها‪ :‬األصوات – المعجم ‪ -‬الصرف‪.‬‬
‫*المس‪++‬توى الّس طحي لل‪++‬تركيب‪ :‬ونق‪++‬وم خالل‪++‬ه بدراس‪++‬ة العالق‪++‬ة الش‪++‬كلية بين المف‪++‬ردات في إط‪++‬ار ال‪++‬تركيب‬
‫النحوي للجملة أو النص وتمثل لدينا في الدرس العربي في علم النحو‪.‬‬
‫*المستوى العميق للبنية أو التركيب‪ :‬ونقوم خالله بدراسة معاني المفردات وتطورها الت‪++‬اريخي ومعناه‪++‬ا‬
‫داخل السياق التواصلي وم‪+‬ا عليه من حقيق‪+‬ة أو مج‪+‬از وع‪+‬دد من قض‪++‬ايا تتعّل ق بمع‪+‬اني األلف‪+‬اظ ك‪+‬الترادف‬
‫والمشترك اللفظي واألضداد وهو ما عرف بعلم الداللة‪.‬‬
‫*المس‪++‬توى االس‪++‬تعمالي‪ :‬ونق‪++‬وم خالل‪++‬ه بدراس‪++‬ة العالق‪++‬ة بين المف‪++‬ردات ومس‪++‬تعمليها‪ ،‬في إط‪++‬ار العالق‪++‬ة بين‬
‫المتكلم والمخاطب المستعملين للغة سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية والظروف المحيطة بهم‪.‬‬
‫ه‪++‬ذه المس‪++‬تويات األربع‪++‬ة لدراس‪++‬ة اللغ‪++‬ة انعكس‪++‬ت على المج‪++‬االت ال‪++‬تي تهتم فيه‪++‬ا التداولية بدارس‪++‬ة المع‪++‬نى‬
‫فنتج عنها أربعة مجاالت من جهة المتكلم والسامع والسياق والعوامل المادية واالجتماعي‪.‬‬
‫* فمن جه‪++‬ة المتكّلم ن‪++‬درس المع‪++‬نى كم‪++‬ا يوص‪++‬له المتكلم ويفس‪++‬ره المس‪++‬تمع أو الق‪++‬ارئ‪ .‬ل‪++‬ذا فإنه‪++‬ا مرتبط‪++‬ة‬
‫بتحليل م‪++‬ا يعنيه الن‪++‬اس بألف‪++‬اظهم أك‪++‬ثر من ارتباطه‪++‬ا بم‪++‬ا يمكن أن تعنيه كلم‪++‬ات أو عب‪++‬ارات ه‪++‬ذه األلف‪++‬اظ‬
‫منفصلة‪ .‬التداولية دراسة المعنى الذي يقصده المتكلم‪.‬‬
‫ومن جه‪++‬ة الّس امع يدرس المع‪++‬نى ت‪++‬داوليا حس‪++‬ب الكيفية ال‪++‬تي يص‪++‬وغ من خالله‪++‬ا المس‪++‬تمعون اس‪++‬تدالالت‬
‫حول ما يقال للوصول إلى تفسير المعنى الذي يقصده المتكلم‪...‬‬
‫التداولية هي دراسة كيفية إيصال أكثر مّم ا يقال‬

‫‪17‬‬
‫ومن جه ‪++‬ة الس ‪++‬ياق تتض ‪++‬من تفس ‪++‬ير م ‪++‬ا يعنيه الن ‪++‬اس في س ‪++‬ياق معين وكيفية ت ‪++‬أثير الس ‪++‬ياق فيم ‪++‬ا يق ‪++‬ال‪...‬‬
‫والتمعن في اآللية التي ينظم من خاللها المتكلم‪+‬ون م‪+‬ا يريدون قول‪+‬ه وفق‪+‬ا لهوية ال‪+‬ذي يتكلم‪+‬ون إليه وأين‬
‫ومتى وتحت أي ظروف‪.‬‬
‫التداولية هي دراسة المعنى السياقي‪.‬‬
‫ومن جه‪++‬ة العوام‪++‬ل المادية واالجتماعية" ينط‪++‬وي الق‪++‬رب الم‪++‬ادي أو االجتم‪++‬اعي أو المف‪++‬اهيمي على خ‪++‬برة‬
‫مشتركة حيث يحدد المتكلمون مقدار ما يحتاجون قوله بناء على افتراض قرب المستمع أو بعده‪.‬‬
‫التداولّية هي دارسة التعبير عن التباعد النسبي"‬
‫وعلى ه ‪++‬ذا ف ‪++‬إّن ك ‪ّ+‬ل منط ‪++‬وق يعلن عن ص ‪++‬ريح جلّي ويس ‪++‬كت عن ُم ض ‪++‬مر ض ‪++‬منّي ‪ ،‬إّم ا كره ‪++‬ا لص ‪++‬فة في‬
‫الكالم جوهرية‪ ،‬وهي أّن ه ق‪++‬ادر على أن يق‪++‬ول أك‪++‬ثر مّم ا يّد عي قول‪++‬ه حرفيا‪ ،‬وإ ّم ا طوع‪++‬ا لتعّم د منش‪++‬ىء‬
‫الكالم إلى الح‪++‬ذف أو إلى اإليح‪++‬اء أو الم‪++‬داورة والتس ‪ّ+‬تر التماس‪++‬ا للتخفيف واالختص ‪++‬ار أو طلب‪++‬ا للتحس‪++‬ين‬
‫والتحبير أو لْو ًذ ا بالتقّية واالستبراء‪.‬‬

‫ونن‪ّ+‬و ه أّن لّلغ‪++‬ة أيض‪++‬ا قص‪++‬دّيتها المنفلت‪++‬ة من س‪++‬لطة المتكّلم‪ ،‬فال‪ّ+‬د وال مس‪++‬كونة بت‪++‬اريخ طويل من االس‪++‬تعمال‬
‫ويص ‪++‬عب توجيه ‪++‬ه نح ‪++‬و الوجه ‪++‬ة ال ‪++‬تي نريدها‪ .‬وه ‪++‬ذا م ‪++‬ا تبّين ‪++‬ه العلم ‪++‬اء الع ‪++‬رب‪ .‬فمّم ا ج ‪++‬اء في اإلمت ‪++‬اع‬
‫والمؤانسة للتوحيدي أّن الكالم صلف تّياه ال يستجيب لكل إنسان‪ ...‬وهذا أيضا ما دعاء بعض المح‪++‬دثين‬
‫إلى الح ‪++ + +‬ديث عن إمبريالية اللغ ‪++ + +‬ة وتس ‪++ + +‬لطها على المتكلمين وتمّر ده ‪++ + +‬ا على إراداتهم من مث ‪++ + +‬ل روالن‬
‫بارت‪...‬‬

‫وهنا نعترف اعتراف "غرايس" أّن ه من الصعب إيجاد حل للغز المعنى‪ .‬لذلك علين‪+‬ا أن نس‪ّ+‬لم بأنن‪+‬ا نع‪+‬رف‬
‫"معنى ّم ا"‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫باللغة العربية‪:‬‬

‫*ابن منظور (أبو الفضل جمال الدين محمد)‪ :‬لسان العرب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار صادر‪.2003 ،‬‬

‫*أحمد (كروم)‪ :‬مقاصد اللغة وأثرها في فهم الخطاب الشرعي‪ ،‬األردن‪ ،‬دار كنوز المعرفة‪.2015،‬‬

‫* إس‪++‬ماعيل(ص‪++‬الح)‪ :‬نظرية المع‪++‬نى في فلس‪++‬فة ب‪++‬ول ج‪++‬رايس‪ ،‬ال‪++‬دار المص‪++‬رية الس‪++‬عودية للطباع‪++‬ة والنش‪++‬ر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.2005 ،‬‬

‫* أوستن(ج‪+‬ون)‪ :‬نظرية أفع‪+‬ال الكالم العام‪+‬ة (كيف ننج‪+‬ز األش‪+‬ياء ب‪+‬الكالم)‪ ،‬ترجم‪+‬ة‪ :‬عب‪+‬د الق‪+‬ادر قينيني‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬دار أفريقيا الشرق‪.1991،‬‬

‫*أوشن(دالل)‪:‬‬

‫‪ -‬القصدية من فلسفة العقل إلى فلسفة اللغة‪ ،‬مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بجامعة بسكرة‪ ،‬العدد (‬
‫‪.2010،)6‬‬

‫‪ -‬القص ‪++‬دية في الم ‪++‬وروث اللس ‪++‬اني الع ‪++‬ربي‪ :‬دراس ‪++‬ة في األس ‪++‬س النظرية واإلجرائية للبالغ ‪++‬ة العربية‪،‬‬
‫بسكرة‪.2016،‬‬ ‫رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة محمد خضير‪،‬‬

‫* براون(ج) و بول (ج)‪ :‬تحليل الخطاب‪ :‬تر‪ ،‬محمد لطفي الزليطي ومنير التركي‪ ،‬جامعة الملك‬
‫سعود للنشر العلمي و المطابع‪ ،‬المملكة السعودية (د ط)‪.1997 ،‬‬

‫*بناني (عز العرب لحكيم)‪ :‬الظاهراتية وفلسفة اللغ‪+‬ة تط‪+‬ور مب‪+‬احث الدالل‪+‬ة في الفلس‪+‬فة النمس‪+‬اوية‪ ،‬ريقيا‬
‫الشرق‪ ،‬بيروت‪ ،‬أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬لبنان‪.2003 ،‬‬

‫‪19‬‬
‫* بن عيس‪++‬ى (عس‪++‬و أزاييط)‪ :‬الخط‪++‬اب اللس‪++‬اني الع‪++‬ربي – هندس‪++‬ة التواص‪++‬ل االض‪++‬ماري من التجريد إلى‬
‫التوليد‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬إربد – األردن‪ ،‬ط ‪.2009 ،9‬‬

‫*عبد الرحمان (طه)‪ :‬اللسان والميزان‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪.1998 ،1‬‬

‫* العياش‪++ +‬ي (أدراوي)‪ ،‬االس‪++ +‬تالزم الح‪++ +‬واري في الت‪++ +‬داول اللس‪++ +‬اني‪ ،‬من ال‪++ +‬وعي بالخصوص‪++ +‬يات النوعية‬
‫للظاهرة ِإلى وضع القوانين الضابطة لها‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط ‪.2000، 9‬‬

‫* براون‪ ،‬ج‪ .‬ويول‪ :‬تحليل الخطاب‪ ،‬النشر العلمي والمطابع جامعة الملك سعود‪ ،‬د ط‪.1995 ،‬‬

‫* بكاي(محمد)‪ :‬التصورات التداولية لمبحث القصدية‪ ،‬مجلة العربية والترجمة‪ ،‬العدد‪.2015 ،21‬‬

‫* فيليب بالنش ‪++ +‬يه‪ ،‬التداولية من أوس ‪++ +‬تين إلى غوفم ‪++ +‬ان‪ ،‬ترجم ‪++ +‬ة ص ‪++ +‬ابر الحباش ‪++ +‬ة‪ ،‬دار الح ‪++ +‬وار للنش ‪++ +‬ر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الالذقية‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪2007 1،‬م‪.‬‬

‫*توسان (بيرنار)‪ :‬ما هي السيميولوجيا‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد نظيف‪ ،‬ط‪.2016، 2‬‬

‫* الجاحظ‪ :‬البيان والتبيين‪ ،‬ج‪ ،1‬تحقيق‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫* الجرج‪++‬اني (عب‪++‬د الق‪+‬اهر)‪ :‬دالئ‪++‬ل االعج‪++‬از‪ ،‬ش‪++‬رح وتعليق د‪ /‬محم‪++‬د الُّتنجي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكت‪++‬اب الع‪++‬ربي‪،‬‬
‫بوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫* الجوزية (ابن القيم)‪ :‬أعالم الموقعين‪ ،‬دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬ط‬
‫‪.2002 ،1‬‬

‫* س ‪++‬انديرس (فيلي)‪ :‬نح ‪++‬و نظرية أس ‪++‬لوبية لس ‪++‬انية‪ ،‬ترجم ‪++‬ة‪ :‬د‪ .‬خال ‪++‬د محم ‪++‬ود جمع ‪++‬ة‪ ،‬المطبع ‪++‬ة العلمية‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬ط ‪.2001 ،9‬‬

‫*السكاكي (أبو يعقوب)‪ :‬مفتاح العلوم‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫* س ‪++‬يرل (ج ‪++‬ون)‪ :‬األعم ‪++‬ال اللغوية بحث في فلس ‪++‬فة اللغ ‪++‬ة‪ ،‬ترجم ‪++‬ة‪ :‬أم ‪++‬يرة غ ‪++‬نيم‪ ،‬ت ‪++‬ونس‪ ،‬دار س ‪++‬يناترا‪،‬‬
‫‪.2015‬‬

‫* الشهري (عبد الهادي بن ظافر)‪ :‬استراتيجيات الخطاب‪ ،‬مقاربة تداولية‪ ،‬دار الكتاب الجديدة المتح‪+‬دة‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬بيروت‪.2014‬‬

‫*صحراوي(مسعود)‪ :‬التداولية عند العلماء الع‪+‬رب‪ :‬دراس‪+‬ة تداولية لظ‪+‬اهرة االفع‪+‬ال الكالمية في ال‪+‬تراث‬
‫اللساني العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪.2015 ،‬‬

‫‪20‬‬
‫*ط‪++‬ه (عب‪++‬د الرحم‪++‬ان)‪ :‬اللس‪++‬ان والم‪++‬يزان أو التك‪++‬وثر العقلي‪ ،‬المرك‪++‬ز الثق‪++‬افي الع‪++‬ربي‪ ،‬ال‪++‬دار البيض‪++‬اء‪ ،‬ط‬
‫‪.1998 ،1‬‬

‫*مقب‪++‬ول (إدريس)‪ :‬األف‪++‬ق الت‪++‬داولي‪ ،‬نظرية المع‪++‬ني والس‪++‬ياق في الممارس‪++‬ة التراثية العربية‪ ،‬ع‪++‬الم الكتب‬
‫الحديث أربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪2011 ،1‬م‪.‬‬

‫* الميداني حبنكة‪( ،‬عبد الرحمن حسن)‪ :‬البالغة العربية أسسها وعلومه‪++‬ا وفنونه‪++‬ا وص‪++‬ور من تطبيقاته‪++‬ا‬
‫لهيكل من طريف من جديد وتليد‪ ،‬ص‪635.‬‬

‫باللغة األجنبية‪:‬‬
‫‪1) Chatebi. A. (1989). Almowafakat, Tahkike abdelah deraz, beirut: Dar al-ma'rifa.‬‬
‫‪2) Kerberat Orecchioni (Catherine) ; L'implicite 1986.‬‬
‫‪3) Zarkachi. A. (1984). Almanthour fi al_kawa'id, Koewet: wizarat al-awkaf wa cho'oune‬‬
‫‪islamia, tab'a1, 3/312.‬‬

‫شوف نعرف باش تسبني وتقول شهرزاد تخلوظ ولكن طول بالك عليا‬
‫والمقال هذا انفخ فيه وعشعشو ورّجعلو الحياة‬
‫الليلة تعّد ل مخك وتفكيرك فيه تعشيه معاك وتزيدو كاس تاي من العتيق‬
‫ههههههههه‬
‫هيا بنا للعمل‬

‫‪21‬‬

You might also like