You are on page 1of 34

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫ملخص التوحيد‬
‫الفرقة الرابعة قسم التفسير‬
‫لطفي محمد عزام‬
‫الفصل األول‪ :‬أدعياء النبوة في ميزان اإلسالم‬
‫التمهيد‬
‫• إن رسالة سيدنا محمد ﷺ رسالة ربانية صادرة عن هللا عز وجل وحفظ لها مكانها األسمى‪ .‬وهي كذلك شاملة‬
‫وكاملة‪ ،‬ومن مقتضيات هذا الكمال أن تكون رسالته خاتم الرساالت‪ ،‬ونبوته خاتمة النبوات‪ ،‬فهو ﷺ خاتم النبيين‪ ،‬فال‬
‫حاجة إلى النبوة الجديدة‪ .‬ومن النصوص الدالة على ذلك‪:‬‬
‫قوله تعالى‪{:‬ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول هللا وخاتم النبيين}‬
‫وقوله ﷺ‪ ":‬إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فال رسول بعدي وال نبي"‪.‬‬
‫• والحكمة من هذا التشريع‪ :‬لما كانت هي رسالة ربانية تقتضي شمولها وكمالها وتجعل صالحة لكل زمان ومكان‬
‫وتصحب اإلنسان إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬النبوة والتنبؤ‬
‫الفرق بين النبوة والتنبؤ‪:‬‬
‫النبوة‪ :‬اصطفاء هللا تعالى عبدا من عباده فيوحي إليه إما مباشرة وإما من وراء حجاب وإما بواسطة الملك ‪ ،‬ليخبر‬
‫الناس بما أمره هللا بإبالغه لهم‪.‬‬
‫التنبؤ‪ :‬عبارة عن ادعاء إنسان النبوة‪ ،‬بواسطة أو بغيرها زورا دون أن يكون له دليل على مدعاه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أسباب التنبؤ‪:‬‬
‫‪-١‬العصبية القبلية‬
‫فقد دعت العصبية إلى التطلع لمنافسة قريش في الرئاسة‪ ،‬فادعى أصحابها النبوة وانتصر لهم قومهم تعصبا لمن هو‬
‫من نفس القبيلة مع تيقنهم أنهم كاذبون في هذا االدعاء‪ .‬مثل‪ :‬مسيلمة الكذاب‪.‬‬
‫‪-٢‬انتشار األفكار المتطرفة وتأثيرها على األمم‬
‫لكي يسيطر الحادقون على اإلسالم واألمة اإلسالمية فهم يستغلون أناسا ضعاف النفوس فيدعون النبوة‪ ،‬وساندوهم بكل‬
‫ما يحتاجون إليه لكي يشككوا الناس في عقائدهم‪.‬‬
‫• القديانية في الهند‪:‬‬
‫بعد أن قام المسلمون بالثورة ضد االستعمار اإليجليزي‪ ،‬اختار اإلنجليز رجال مخلصا من عمالء الهند يدعي النبوة‬
‫وسانده بكل ما يحتاج إليه لكي يخمد فيهم روح الجهاد‪ .‬فتم اختيار غالم أحمد القدياني‪.‬‬
‫• البابية في إيران‪:‬‬
‫كذلك ما حدث في إيران من اختيار الباب ثم البهاء لنفس المهمة بمساعدة اإلنجليز والروس بتوصيات من اليهود‪.‬‬
‫‪-٣‬تأثر المتنبئين بشخصية األنبياء وبما أوحى إليهم ومحاولة تقليدهم في أفعالهم وأقوالهم‬
‫تأثر المتنبؤون بشخصية النبي ﷺ وبما حظى به من احترام وإجالل‪ .‬فخيل إليهم أنهم لو استطاعوا تقليده في أفعاله‬
‫وأقواله فسيصلون إلى هذه الدرجة‪.‬‬
‫ومن أبرز هؤالء الذين أصروا على تقليد النبي ﷺ‪:‬‬
‫أ) نهار الرجال بن عنفوة ومعونته لمسيلمة الكذاب‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫كان النبي ﷺ قد بعثه معلما ً ألهل اليمامة‪ ،‬لكنه قد طمس هللا على بصيرته فارتد عن اإلسالم‪ ،‬ووقف خلف مسيلمة‬
‫يسانده بمفتريات‪ .‬ومن مفترياته‪:‬‬
‫• أنه أمر مسيلمة أن يبرك على مولود وحنكه ومسح رأسه كما فعله النبي ﷺ‪ ،‬إال أن مسيلمة لم يحنكه ويمسح رأسه‬
‫إال قرع ولثغ واستبان‪.‬‬
‫ب) مسيلمة ومحاكاة األقوال النبوية‪:‬‬
‫فقد حاول مسيلمة تقليد النبي ﷺ في أقواله كذلك‪ .‬أنه قال‪":‬الفيل ما الفيل وما أدراك ما الفيل له ذنب وبيل وخرطوم‬
‫طويل"‪.‬‬
‫‪-٤‬ضعف إرادة المتنبي‬
‫فضعف اإلرادة وتناقص العزيمة يجعل المتنبي يتأثر باألفكار المغلوطة التي دعت إلى التنبؤ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مدعوا النبوة‬
‫‪-١‬مسيلمة الكذاب‬
‫• هو مسيلمة بن ثمامة بن كثير ابن حنيفة‪ .‬ولد في قرية من قرى اليمامة بوادى خلفا في نجد‪.‬‬
‫• بدأء في دعوته بعد عودته مع بني حنيفة إلى اليمامة‪ ،‬وقد تضمنت دعوته أمرين‪ :‬أنه نبي يوحى إليه‪ .‬وأن هللا أشركه‬
‫مع سيدنا محمد ﷺ في األرض‪.‬‬
‫• فقد حاول تقليد النبي ﷺ في أفعاله وأقواله كما ذكرنا قبل‪.‬‬
‫‪-٢‬األسود العنسي‬
‫• هو بهلة بن كعب العنسي‪ ،‬ولد باليمن‪ ،‬عرف بالفصاحة والخطابة والشعر والكهانة‪.‬‬
‫• تنبأ في عهد النبي ﷺ وحارب المسلمين‪ .‬وكان سيء الطبع ومنحرف السلوك مما أدى إلى نفور الناس منه‪.‬‬
‫• قتل قبل وفاة النبي ﷺ على الخارجين عليه بتحريض من بعض المسلمين‪.‬‬
‫‪-٣‬طليحة بن خويلد األسدي‬
‫• ظهر طليحة في بني أسد‪ ،‬وعرف بين قومه بالشجاعة حتى يعدونه بألف فارس‪.‬‬
‫• قدم مع وفد أسد بن خزيمة على النبي ﷺ سنة ‪ ٩‬من الهجرة‪ ،‬فأسلموا ثم لما رجعوا تنبأ طليحة‪.‬‬
‫• لم يدع أن له قرآنا‪ ،‬أل ن قومه عرفوا بالفصاحة والبالغة‪ ،‬وما كان اتباعهم إال للعصبية‪.‬‬
‫• أرسل سيدنا أبو بكر خالد بن الوليد لقتاله‪ ،‬فانهزم طليحة في هذه المعركة ولحق بنواحي الشام‪.‬‬
‫• هدى طليحة بعد ذلك فأسلم‪ ،‬وأبلى بالء حسنا في الفتوحات اإلسالمية‪.‬‬
‫‪-٤‬الطريقة الشيخية‬
‫الطريقة الشيخية‪:‬‬
‫• هي طريقة باطنة صوفية تبشر بظهور المهدي المنتظر‪ ،‬وتعد ممهدة للبابية والبهائية‪ ،‬وشيخها أحمد اإلحسائي‬
‫المولود سنة ‪ ١١٥٧‬ه‪.‬‬
‫• نشأت هذه الطريقة من تدخل االستعمار الذي كان هدفه قطع الروابط الدينية وإضعاف قوة المجتمع اإلسالمي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أحمد اإلحسائي ودوره في التمهيد لفتنة المتنبئين‪:‬‬
‫• جاء من أندونيسيا إلى العراق تحت أمر المستعمر فادعي أنه المهدي المنتظر ثم عمل على تكوين جماعة (الشيخية)‬
‫• غير فكرة اإلمام المعصوم والمهدي المنتظر الراسخة في ذهن الشيعة حيث قرر أن الحقيقة المحمدية ظهرت في‬
‫األنبياء قبل النبي ﷺ واألئمة من أهل البيت إال أن اكتمال ظهورها حصل فيه هو ومن سيأتي بعده ممن سينتهجون‬
‫منهجه‪.‬‬
‫• اختار "كاظم الرشتي" أن يخلفه في استمرار منهجه‪ ،‬فصار أخلص من اإلحسائي في إضالل الناس‪.‬‬
‫• له دور كبير في التمهيد لفتنة المتنبئين الجدد بأن يبعد اإلنسان عن الربانية ويدخلهم في الشيطانية‪ ،‬وأراد أن أرجع‬
‫الناس إلى الملل ما قبل اإلسالم‪ ،‬وقال أن للقرآن ظاهر وباطن لكن الظاهر مشكوك فيه‪ ،‬فيترك ظاهر القرآن ويأخذ‬
‫باطنه ويفسره وفق هواه‪ ،‬فيأتي بشريعة جديدة‪.‬‬
‫‪-٥‬الدعوة البابية‬
‫البابية‪:‬‬
‫• تعد البابية نحلة نبعت من فرق الشيعة برعاية االستعمار الروسي واإلنجليزي واليهودية العالمية‪.‬‬
‫• حلت البابية محل الشيخية سنة ‪ ١٨٤٤‬م‪ ،‬وأطلق لقب الباب على مؤسس هذه الفرقة "الباب"‪.‬‬
‫مؤسس هذه الفرقة‪:‬‬
‫• هو علي محمد الشيرازي ولد بمدينة سيرا الفارسية أول المحرم سنة ‪ ١٨١٩‬م‪ .‬توفى والده وهو رضيع فكفله خاله‬
‫الميرزا "سيد علي" التاجر‪.‬‬
‫• تعلم العربية والفارسية‪ ،‬وعلمه خاله التجارة واشتغل بها إلى سن العشرين‪.‬‬
‫• رحل إلى كربالء والتقى بكاظم الرشتي‪ ،‬فالزمه وتأثر بكالمه وانقطع عنه فجأة‪.‬‬
‫• زعم أن العناية اإللهية أرسلته إلصالح ما أفسده علماء الدين وادعى أنه المهدي‪.‬‬
‫أسباب أدت إلى نشأة البابية‪:‬‬
‫‪-١‬غياب الوعي الديني ووجود السذاجة المفرطة في المجتمع اإليراني‪.‬‬
‫‪-٢‬انتشار الظلم بزعامة الشاه مما جعل المجتمع يتطلع إلى خروج المنقذ‪.‬‬
‫‪-٣‬مساعدات االستعمار ودعمه لهذه الطائفة‪.‬‬
‫‪-٤‬مساندة اليهود للمذاهب الهدامة ومحاولتهم الترويج لها‪.‬‬
‫أهداف دعوة الباب‪:‬‬
‫• نسخ الشريعة اإلسالمية والعمل بها‪.‬‬
‫• وضع شريعة جديدة لقتل الروح الدينية لدى األفراد‪ ،‬وعزلهم عن األخالق السامية‪ ،‬وصرف الناس عن األديان‬
‫السماوية‪.‬‬
‫عقيدة الباب‪:‬‬
‫‪-١‬ادعاء النبوة‪.‬‬
‫‪-٢‬أن هللا تعالى أوحى إليه بكتاب البيان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-٣‬تغيير الكثير من شرائع اإلسالم‪.‬‬
‫‪-٤‬القول بالحلول‪.‬‬
‫‪-٥‬تفسيره لمشاهد القيامة مخالف لمفهوم جمهور العلماء والمفسرين‪.‬‬
‫‪-٦‬أن النبي ﷺ سوف يعود هو وأئمة أهل البيت‪.‬‬
‫‪-٧‬إبطال التقويم المعروف‪ ،‬وجعل الشهر ‪ ١٩‬يوما‪ ،‬والسنة ‪ ١٩‬شهرا ‪ ،‬وجعل الشهر األخير "شهر األعلى" شهر‬
‫الصيام‪.‬‬
‫‪-٨‬وافق على إبقاء شريعة الطالق‪.‬‬
‫‪-٩‬أسقط وجوب اغتسال المرأة من الحيض والنفاس‪.‬‬
‫‪-١٠‬ألغى صالة الجماعة إال في الجنائز‪.‬‬
‫‪-١١‬جعل الحج إلى األماكن التي سجن فيها‪ ،‬وإلى قبره بعد مماته‪.‬‬
‫قبض الباب‪:‬‬
‫• لما شاع أمر الباب قبضت عليه الحكومة اإليرانية سنة ‪ ١٨٤٧‬م‪.‬‬
‫• عقد أتباعه مؤتمرا إلخراج الباب من محبسه ‪ ،‬وإعالن نسخ الشريعة اإلسالمية برئاسة "حسين علي" الذي لقب نفسه‬
‫ب"بهاء هللا"‪.‬‬
‫• رفض بعض الحاضرين نسخ الباب للشريعة اإلسالمية إال أن قرة العين (خطيبة القوم) أعلنت أن أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية قد نسخت بظهور الباب‪.‬‬
‫نهاية الباب‪:‬‬
‫• أصدر علماء المسلمين فتواهم بتكفير الباب وأتباعه‪ ،‬فتم إعدامه في سجنه في شهر يوليو ‪ ١٨٥٠‬م رميا بالرصاص‬
‫مع اثنين من مريديه "محمد علي الشيرازي" و"أغا سيد حسين"‪.‬‬
‫• خططت قرة العين بصحبة ثالثين رجال من أتباعها لالنتقام للباب بغتيال الشاه "ناصر الدين" لكنها خسرت وتم‬
‫إعدامها ومن معها‪ .‬فانتهت البابية وبدأت البديلة لها وهي البهائية‪.‬‬
‫ما غيرت البابية في التشريعات اإلسالمية‪:‬‬
‫‪-١‬الصالة‪ :‬جعلت الصالة ركتين في الصبح فقط وتؤدي فرادي في المسجد واإلنسان جالس على الكرسي‪.‬‬
‫‪-٢‬الصوم‪ :‬جعلت شهر الصوم في الربيع‪ ،‬والصوم مفروض على كل من بلغ سن ‪ ١١‬عاما ويسقط عن كل من بلغ‬
‫سن ‪.٤٢‬‬
‫‪-٣‬الزكاة‪ :‬واجبة على كل من يمتلك النصاب‪ ،‬تدفع للباب حال حياته وللمجلس البابي بعد مماته بقدر (‪ )٥٣٠‬مثقال من‬
‫الذهب أو الفضة‪.‬‬
‫‪-٤‬الحج‪ :‬جعلت الحج إلى مسقط رأس الباب‪ ،‬واألماكن التي عاش فيها‪ ،‬ثم إلى قبره بعد مماته‪.‬‬
‫‪-٥‬الزواج‪ :‬واجب على الرجل إذا بلغ سنه ‪ ١١‬عاما‪ ،‬والطالق عندهم ‪ ١٩‬طلقة‪ ،‬وعدة المطلقة ‪ ١٩‬يوما‪.‬‬
‫‪-٦‬البهائية‬
‫البهائية‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫هي الحلقة األخيرة في الخطة اإلستعمارية‪ .‬فقد أدت الدولة الروسية "حسين علي المازندراني" لتولى المهمة بعد هالك‬
‫الباب‪.‬‬
‫حسين علي المازندراني‪:‬‬
‫• ولد في طهران ‪ ١٢٣٣‬ه في بلدة نور‪ ،‬وكان من أتباع قرة العين‪.‬‬
‫• أعلن نفسه أنه الباب الجديد‪ ،‬لكن والي بغداد نفاه إلى االستانة‪ .‬وانتصر عليه أخيه "يحيى" فرحل إلى عكا واستقر‬
‫بها‪.‬‬
‫• لم يدع المهدوية فقط بل يعلن أنه نبي مرسل لجميع البشر ثم ادعى األلوهية‪.‬‬
‫• لقب نفسه بالبهاء وعرفت جماعته بالبهائية‪ ،‬وألف كتابه (األقدس)‬
‫• ابتاله هللا بالحمى فهلك سنة ‪ ١٨٩٠‬م‪ ،‬ودفن على سفح الكرل في فلسطين‪.‬‬
‫مبادئ البهائية‪:‬‬
‫‪-١‬إنكار عقيدة النبوة‪.‬‬
‫‪-٢‬التوراة واإلنجيل شأنهما شأن القرآن الكريم‪ ،‬فال بد من توحيد األديان‪.‬‬
‫‪-٣‬إنكار مشاهد يوم القيامة ألنهم يؤولون كل ما جاء في القرآن بشأنها‪.‬‬
‫‪-٤‬تغيير الشرائع اإلسالمية من الصالة والصيام والحج‪ ،‬وحرموا تعدد الزوجات ورفضوا سائر الحدود‪.‬‬
‫‪-٥‬وحدة األديان‪ :‬ألن مصدر األديان كلها واحد‪ .‬واالختالف في األديان سبب للعداوات بين الناس‪.‬‬
‫‪-٦‬وحدة االوطان‪ :‬ألن وجود األوطان سبب لتعصب كل إنسان لوطنه‪ .‬ووراء هذا تمكين اليهود من أرض فلسطين‬
‫والسيطرة على بالد المسلمين‪.‬‬
‫‪-٧‬وحدة اللغة‪ :‬ألن االختالف في اللغة يؤدي إلى االختالف بين األمم‪ .‬ووراء هذا طمس معالم اللغة العربية ليصبح‬
‫المسلمون في بعد تام عن القرآن‪.‬‬
‫‪-٨‬السالم العالمي وترك الحروب‪ :‬طالما أن الدين واحد واللغة واحدة فال موجب للقتال‪ .‬ووراء هذا مساندة المستعمر‬
‫في السيطرة على بالد المسلمين‪.‬‬
‫‪-٩‬المساواة بين الرجل والمرأة‪ :‬يرون أن الرجل أعطى لنفسه سلطة والمرأة مظلومة وهذا يسبب في ظلم اجتماعي‪.‬‬
‫عقائد البهائية‪:‬‬
‫عقيدتهم في األلوهية‪:‬‬
‫• أثبتوا وجود هللا إال أنهم أنكروا صفاته وأضافوا له صفات ال تليق به‪.‬‬
‫• زعموا أن البهاء هو مظهر هللا األكمل إذ أن هللا قد حل في األنبياء السابقين حلوال يتناسب مع عصورهم‪ ،‬واكتمل‬
‫حلوله في البهاء‪.‬‬
‫عقيدتهم في النبوة‪:‬‬
‫• هم ينكرون ختم النبوة وينكرون المعجزات الحسية ألنها ال تثبت صدق النبي إال لمن رآها‪ ،‬وأيضا ال تناسب العقل‪.‬‬
‫• يرون أن عيسى صلب وقبر‪ ،‬وخرج من قبره‪ ،‬وأنهم يقولون بنيوة بوذا وبراهما‪.‬‬
‫عقيدتهم في البعث‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫هم أنكروا يوم القيامة وأولوا كل ما جاء في القرآن بشأنها‪ ،‬مثل الجنة عبارة عن الفرح الذي يشعر اإلنسان عندما‬
‫يؤمن بالبهاء‪ ،‬والنار عبارة عن الجهل به وعدم اإليمان بدعوته‪.‬‬
‫تأسست البهائية على عاملين‪:‬‬
‫‪-١‬تناول الذات العلية بالخيال مما جعلهم يلصقون الصفات ماال يليق بذاته تعالى‪.‬‬
‫‪-٢‬تأويل اآليات بدون ضابط عن العقل‪ ،‬فصرفوها عن ظاهرها‪.‬‬
‫الشرائع في البهائية‪:‬‬
‫‪-١‬الصالة‪ :‬أن الصالة تسع ركعات‪ ،‬وأنها ثالث صلوات ‪ :‬في الزوال‪ ،‬وفي البكور‪ ،‬وفي اآلصال‪ .‬وصرح بأن‬
‫الصلوات الثالث ليست واجبة بل تكفي عنها صالة واحدة‪.‬‬
‫‪-٢‬الصيام‪ :‬جعلوا الصيام في الشهر ‪ ،١٩‬والصيام ‪ ١٩‬يوما‪ .‬والصيام عبارة عن االمتناع عن المأكل والمشارب فقط‬
‫من طلوع الفجر إلى المغرب‪ .‬وبقية المفطرات ليست معتبرة‪.‬‬
‫‪-٣‬الزكاة‪ :‬واجبة عل كل من ملك النصاب‪ ،‬تدفع للبهاء في حياته ثم لبيت العدل من بعده‪ ،‬بقدر ‪ ١٠٠‬مثقال من الذهب‪.‬‬
‫‪-٤‬الحج‪ :‬مكتوب على الرجال فقط لكن ليس له وقت معين‪ ،‬ويكون إلى بيت البهاء ببغداد وبالعراق‪ ،‬وإلى عكا فلسطين‬
‫بعد وفاته‪.‬‬
‫‪-٥‬الحدود‪ :‬أسقط البهاء سائر الحدود وأحل محلها غرما ماديا يعطي لبيت العدل‪.‬‬
‫موقف اإلسالم من البهائية‪:‬‬
‫أصدرت لجنة الفتوى فتاواها بأن مذهب البهائية باطل‪ ،‬ليس من اإلسالم ‪ ،‬ومن يتبعه من المسلمين يكون مرتدا خارجا‬
‫عن دين اإلسالم‪.‬‬
‫‪-٧‬القاديانية‬
‫القاديانية‪:‬‬
‫هي جماعة مستقلة في الهند ليست متتلمذة على الشيخية وإنما هي من األباطيل التي أسسها غالم أحمد‪ .‬والذي أوحى‬
‫بهذا هو االستعمار اإلنجليزي حيث أراد الديانة تشك لوحدة المسلمين في الهند‪ ،‬وتخمد فيهم روح الجهاد‪.‬‬
‫مؤسسها‪:‬‬
‫• أسسها غالم أحمد المولود سنة ‪ ١٨٣٩‬م في ربوة بقاديان إحدى قرى الباكستاني‪.‬‬
‫• نشأ في أسرة عميلة لالستعمار اإلنجليزي ‪ ،‬وكان ألبيه عالقات ودية مع اإلنجليز فساعدهم مساعدات ضد اإلسالم‬
‫والمسلمين‪.‬‬
‫• درس غالم أحمد بعض الكتب األردية والعربية والقانون‪.‬‬
‫عقائدهم‪:‬‬
‫‪-١‬ادعاء النبوة‪ ،‬وأن غالم أحمد أفضل من جميع األنبياء والرسل‪.‬‬
‫‪-٢‬المسيح الذي وعد في آخر الزمان هو غالم أحمد‪.‬‬
‫‪-٣‬ادعى أن المسيح بعث من قبره وهاجر إلى كشمير وتوفى هناك‪ ،‬وأنه هو ومحمد‪ .‬فقد جمع بين النبوتين‪ ،‬وزعم أنه‬
‫يوحى إليه باإلنجليزية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪-٤‬أن الجهاد في سبيل هللا قد نسخ‪.‬‬
‫‪-٥‬زعم غالم أحمد أن هللا يصوم ويصلي وينام ويخطئ ويصيب‪ ،‬وقال بذلك ليسهل له فيما بعد دعوى األلوهية‪.‬‬
‫موقف اإلسالم من القاديانية‪:‬‬
‫فقد أجمع علماء المسلمين على أن هذه الطائفة خارجة عن اإلسالم‪.‬‬
‫‪-٨‬محمد رشاد خليفة‬
‫ترجمته‪:‬‬
‫ولد محمد رشاد خليفة ببلدة كفر الزيات محافظة الغربية بمصر ‪ ١٨‬نوفمبر سنة ‪ ١٩٣٥‬م‪ .‬وبعد حصوله على‬
‫بكالوريوس الزراعة بدأ يحاضر بمسجد توسان في اإلعجاز العددي في القرآن الكريم‪ .‬ثم أعلن أنه مجدد لهذه األمة ثم‬
‫ادعى الرسالة‪.‬‬
‫رأيه في القرآن الكريم‪:‬‬
‫أقر بأن القرآن معجز لكن إعجازه ليس لبالغته أو ألسلوبه بل يدور حول العدد ‪ ، ١٩‬فالقرآن إما أنه يقبل القسمة على‬
‫‪ ١٩‬وإما أنه يساويه أو يضب فيه‪ ،‬وهذا السر الحسابي ظل خفيا على الكل إلى أن جاءت العقول اإللكترونية‪.‬‬
‫موقفه من السنة‪:‬‬
‫أن السنة بأنواعها الثالثة (القولية والفعلية والتقريرية) نسيج من عمل الشيطان‪ ،‬نسبه المجرمون للنبي ﷺ‪ ،‬فيرى أن‬
‫التمسك بها عصيان صارخ هلل ورسوله‪.‬‬
‫ادعاؤه للنبوة‪:‬‬
‫ادعى أنه نبي مرسل في سنة ‪ ١٩٨٨‬م‪ ،‬بعدما عاش ‪ ١٨‬سنة ينهد لذلك لتكون سنة ‪ ١٩‬زمان ادعائه‪ ،‬فهو يقدس رقم‬
‫‪.١٩‬‬
‫المبرر لدعواه النبوة‪:‬‬
‫• زعم أن أمريكا توجد في العالم الجديد‪ ،‬ولم يرسل هللا لها رسوال يوحى إليه ‪ ،‬وقد جاء الوقت ألن يرسل هللا إلى‬
‫أمريكا لكي يتبعوه‪.‬‬
‫• زعم أن هللا قد أورد اسمه في القرآن {إال سبيل الرشاد} و {إني جاعل في األرض خليفة}‬
‫• أنه يفرق بين النبي والرسل‪ ،‬إن باب النبوة قد ختم لكن باب الرسالة ال زال مفتوحا‪.‬‬
‫اعتدائه على هللا عز وجل‪:‬‬
‫• زعم أن تحديد سن األربعين في قوله تعالى {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة} هو بداية المسؤولية والجزاء‪.‬‬
‫واإلنسان قبل هذا السن يعد طفال غير مسؤول عن أفعاله وأقواله‪.‬‬
‫• زعم أن الشيطان يقاسم هللا في العالم‪ ،‬فالعالم كله ليس هلل‪ ،‬بل هناك عوامل يمتلكها الشيطان‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬مباحث السمعيات‬


‫المبحث األول‪ :‬المالئكة‬
‫تعريف المالئكة‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫‪-١‬عند الفالسفة‪ :‬هي العقول والنفوس المسيطرة على األفالك‪.‬‬
‫‪-٢‬عند النصارى‪ :‬هي نفوس بشرية بعد مفارقة األجساد إن كانت خيرة‪.‬‬
‫‪-٣‬عند المسلمين‪ :‬هي أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكل بأشكال حسنة وال تحكم عليها الصورة‪.‬‬
‫حكم اإليمان بالمالئكة‪:‬‬
‫اإليمان بوجود المالئكة واجب على كل مسلم ألنه ركن من أركان اإليمان الستة‪ ،‬ومن أنكر وجودهم يكون كافرا لقوله‬
‫تعالى {ومن يكفر باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر فقد ضل ضالال بعيدا}‬
‫صفات المالئكة وطبيعتهم‪:‬‬
‫‪-١‬خلقت المالئكة من نور‪.‬‬
‫‪-٢‬ومسكن أغلبهم السماء‪ ،‬وبعضهم يسكن في األرض‪.‬‬
‫‪-٤‬وأخبرهللا أن لهم أجنحة‪.‬‬
‫‪-٥‬وهم يتمثلون بصورة حسنة‪.‬‬
‫‪-٦‬وليس فيهم شهوة‪ ،‬فال يوصفون بالذكورة أو األنوثة‪ ،‬من وصفهم بذكورة فسق؛ ألنه ادعى ما ال دليل عليه في أمر‬
‫۟‬
‫{وجعلوا ٱلمالئكة ٱلذين هم عب ٰـد ٱلرحم ٰـن إِ ٰنـثا أشهدوا خلقهم}‬ ‫غيبي‪ ،‬ومن وصفهم بأنوثة كفر؛ لمعارضة قوله تعالى‬
‫‪-٧‬فهم ال يتناكحون وال يتوالدون وال ينامون وال يأكلون وال يشربون‪.‬‬
‫‪-٨‬وهم مفطرون على عبادة هللا تعالى وطاعته ال يملون وال يسأمون‪.‬‬
‫‪-٩‬وهم ال يعصون هللا ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون‪.‬‬
‫‪-١٠‬وهم يتأذون مما يتأذى به منه بنو آدم من الروائح الكريهة‪.‬‬
‫‪-١١‬وهم يموتون حتى ملك الموت نفسه‪.‬‬
‫عددهم وأشهرهم‪:‬‬
‫ال يعلم عدد المالئكة إال هللا تعالى {وما يعلم جنود ربك إال هو}‬
‫ومن المالئكة الذين ورد ذكرهم باالسم في القرآن والسنة‪:‬‬
‫‪-١‬جبريل‪ :‬الروح األمين الموكل بالوحي‪.‬‬
‫ٰ‬
‫وميكل فإن هللا عدو للكافرين}‬ ‫‪-٢‬وميكائيل‪ :‬الموكل باألمطار واألرزاق {من كان عدوا هلل ومالئته ورسله وجبريل‬
‫‪-٣‬ومالك‪ :‬خازن النار {ونادوا يامالك ليقض علينا ربك}‬
‫‪-٤‬ملك الموت‪ ،‬فلم يذكر اسمه في القرآن بعزرائيل‪.‬‬
‫‪-٤‬إسرافيل‪ :‬الموكل بالنفخ في الصور يوم القيامة‪.‬‬
‫أصناف المالئكة‪:‬‬
‫‪-١‬الموكلون باألرحام‪ :‬قال ﷺ‪ ":‬إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة‪ ،‬بعث هللا إليها ملكا‪ ،‬فصورها وخلق سمعها‬
‫وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ‪"...‬‬
‫‪-٢‬الحفظة‪ :‬قال تعالى {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر هللا}‬
‫‪9‬‬
‫‪-٣‬الكتبة‪{ :‬ما يلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد}‬
‫‪-٤‬تبليغ الوحي‪{ :‬نزل به الروح األمين}‬
‫‪-٥‬حث المسلم على الخير‪ :‬قال ﷺ‪ ":‬ما من يوم يصبح العباد فيه ‪ ،‬إال ملكان ينزالن‪ .‬فيقول أحدهما‪ :‬اللهم أعط منفقا‬
‫خلفا‪ ،‬ويقول اآلخر‪ :‬اللهم أعط ممسكا تلفا"‪.‬‬
‫‪-٦‬نصر المؤمنين في معاركهم‪{ :‬إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثالثة آالف من المالئكة منزلين}‬
‫‪-٧‬مالئكة الرحمة يدعون ويستغفرون للمؤمنين ‪{ :‬الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به‬
‫ويستغفرون للذين آمنوا}‬
‫‪-٨‬قبض األرواح‪{ :‬قل يتو ٰفكم ملك الموت الذي وكل بكم}‬
‫‪-٩‬خزنة جهنم‪{ :‬عليها مالئكة غالظ شداد}‬
‫هل الحفظة والكتبة صنف واحد أم ال؟‬
‫اختلف العلماء في ذلك على قولين‪:‬‬
‫• بعضهم قال‪ :‬أن الحفظة والكتبة صنف واحد‪ ،‬بدليل قوله تعالى {وإن عليكم لحٰ فظين ‪ °‬كراما كاتبين} فالكاتبين تفسير‬
‫للحافظين‪.‬‬
‫• وبعضهم قال‪ :‬أنهما صنفان‪ ،‬وهذا هو الراجح ألربع نواحي‪:‬‬
‫‪.١‬من ناحية األدلة‪:‬‬
‫الحفظة لها دليل مستقل والكتبة لها دليل مستقل‪:‬‬
‫• دليل الحفظة {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر هللا}‬
‫• ودليل الكتبة {ما يلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد}‬
‫‪.٢‬من ناحية العدد‪:‬‬
‫الحفظة‪ :‬أن لكل إنسان من المالئكة ال حفظة عشرة بالليل وعشرة بالنهار‪.‬‬
‫والكتبة‪ :‬أن عددهم اثنان‪ ،‬وفي رواية أربعة‪ ،‬اثنان بالليل واثنان بالنهار‪.‬‬
‫‪.٣‬من ناحية المهمة‪:‬‬
‫• الحفظة‪ :‬يحفظون اإلنسان من اإلنس والجن والهوى‪ ،‬ويحفظونه من جميع القضاء إال ما قدر هللا قضاء مبرما‪.‬‬
‫كيف يحفظونه؟‬
‫الحفظة يحفظونه حفظا هو من أمر هللا ‪.‬‬
‫• والكتبة‪ :‬يكتبون كل ما يصدر عن العبد من قول أو فعل أو اعتقاد حتى لو كان هذا القول أو الفعل في حالة الغفلة أو‬
‫النسيان حتى لو كان هما أو عزما‪.‬‬
‫بم يكتب الكتبة؟‬
‫فيه خالف بين العلماء والراجح أن هناك قرطاس أو آلة تستخدمها الكتبة‪ ،‬لكن ليس بالضرورة أننا نعلم حقيقة هذه‬
‫الجزئية‪ ،‬فالكتابة أمر حقيقي‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫أسباب الكتابة‪:‬‬
‫• أنها توجه اإلنسان إلى أنه يحاسب نفسها‪.‬‬
‫• أنها توجه اإلنسان إلى أنه يستحيي من هللا في ارتكاب المعصية‪.‬‬
‫• أنها توجه اإلنسان إلى أنه يستغفر ويتوب إن فعل المعصية‪.‬‬
‫• وفوق ذلك كله هي حجة على اإلنسان يوم القيامة‪.‬‬
‫‪.٤‬من ناحية عملية الدوام وعدمه‪:‬‬
‫• الحفظة‪ :‬ال يفارقون اإلنسان أبدا ولو كان في بيت فيه كلب أو جرس أو صورة‪.‬‬
‫• وال كتبة‪ :‬ال يفارقون اإلنسان إال في ثالث حاالت‪ :‬عند الغائط‪ ،‬وعند االغتسال‪ ،‬وعند الجماع‪ ،‬ويجعل هللا لهم عالمة‬
‫على ما فعل في هذه الحاالت‪ ،‬فيكتبونه‪.‬‬
‫هل رؤية المالئكة تختص باألنبياء؟‬
‫ال تختص باألنبياء بل يراهم الصحابة واألولياء‪.‬‬
‫أيهما أفضل المالئكة أم األنبياء؟‬
‫ال نجد دليال قاطعا في مثل هذه األمور‪ .‬وقد نقل عن اإلمام تاج الدين السبكي أنه قال‪ :‬أننا لسنا أهال بأن نحكم بين‬
‫هذين العظيمين من مخلوقات هللا‪.‬‬
‫هل المالئكة معصومون؟‬
‫• بعض العلماء قال‪ :‬أنهم معصومون‪ ،‬لكثرة األدلة التي تدل على ذلك من أنهم ال يعصون هللا ما أمرهم ويفعلون ما‬
‫يؤمرون‪ ،‬وأنهم مفطرون على عبادة هللا وغير ذلك قد ذكرنا صفاتهم‪.‬‬
‫• وبعضهم قال‪ :‬أنهم غير معصومين‪ ،‬واستدل بثالث آيات‪:‬‬
‫اآلية األولى‪{ :‬أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} حيث قالوا أن في هذه اآلية أربع معاص‪:‬‬
‫‪-١‬أنهم يغيبون آدم‪.‬‬
‫‪-٢‬أنهم تكبروا وافتخروا في تعظيم أنفسهم‪.‬‬
‫‪-٣‬أنهم رجموا بالغيب‪.‬‬
‫‪-٤‬أن في كل ذلك هو اعتراض على فعل هللا‪.‬‬
‫والرد على ذلك‪:‬‬
‫أن كالم المالئكة في هذا األسلوب ليس فيه غيبة وفخر ألنفسهم واعتراض على هللا‪ ،‬وإنما هو استفهام حقيقي على‬
‫الحكمة في خلق هذا النوع من المخلوقات الذي سيفعل كذا وكذا‪ ،‬فلذلك كان جوابا هلل تعالى {إني أعلم ماال تعلمون}‬
‫أي‪ :‬إذا كنتم تشاهدون في هذا الصنف من المخلوقات وجها من وجوه النقص فأنا أعلم فيه وجها من وجوه الكمال‪.‬‬
‫فكيف المالئكة علموا بذلك؟‬
‫ألن ذلك مكتوب في لوح المحفوظ أنه سيفعل كذا وكذا‪ ،‬فهم شاهدوا ذلك في لوح المحفوظ أو أن هللا الذي أخبرهم‬
‫بذلك‪.‬‬
‫اآلية الثانية‪{ :‬وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس} حيث إنهم يعتبرون أن إبليس واحد من المالئكة‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫والرد على ذلك‪:‬‬
‫• هناك آية قرآنية تدل على أن إبليس كان من الجن {إال إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه} فإبليس لم يكن من‬
‫المالئكة‪.‬‬
‫• إبليس قال نفسه أنه من الجن {خلقتني من نار وخلقته من طين} فناسبه حديث الرسول ﷺ أنه قال‪ ":‬خلقت المالئكة‬
‫من نور وخلق الجان من مارج من نار‪"...‬‬
‫• األمر بالسجود آلدم متوجه إلى المالئكة إال أن إبليس كان جنيا مغمورا بينهم فشمله األمر‪.‬‬
‫اآلية الثالثة‪{ :‬وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت} حيث قالوا أنهما يعلمان الناس السحر وشاهدا امرأة‬
‫جميلة جدا وافتتنا بها ومن ثم يعذبان إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫والرد على ذلك‪:‬‬
‫كل ذلك منسوب إلى اليهود وال يمكن أن نأخذ به بأي حال من األحوال‪ ،‬والمحققون من العلماء فيما يتعلق بقصة‬
‫هاروت وماروت قالوا‪ :‬بأن في هذا العصر الذي وجد فيه هذان الملكان قد كثر السحر بين الناس وادعوا أنه معجزة‬
‫فادعوا النبوة في كثير من األحيان‪ .‬فاهلل تعالى أرسل هذين الملكين ليعلمان الناس السحر حتى يستطيع اإلنسان أن‬
‫يفرق بين السحر والمعجزة‪.‬‬
‫الوحي‬
‫الوحي في اللغة‪:‬‬
‫‪-١‬يكون بمعنى اإللهام {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه}‬
‫‪-٢‬ويكون بمعنى اإلشارة‪ ،‬كما في قوله تعالى عن زكريا {فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا}‬
‫‪ -٣‬ويكون بمعنى األمر {وإذ أوحيت إلى الحوارين أن آمنوا بي وبرسولي}‬
‫‪-٤‬ويكون بمعنى الوسوسة {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم}‬
‫والوحي في الشرع‪:‬‬
‫الوحي في الشرع له ثالثة اعتبارات‪:‬‬
‫• المعنى المصدري‪ :‬التعليم السري الصادر عن هللا ألنبيائه ورسله‪.‬‬
‫• المعنى الحاصل بالمصدر‪ :‬عرفان يجده الشخص في نفسه مع اليقين بأنه من قبل هللا‪.‬‬
‫• الموحى به‪ :‬كالم هللا المنزل على أحد من األنبياء والرسل‪.‬‬
‫طرق الوحي‪:‬‬
‫وله طرق أشار إليها قوله تعالى {وما كان لبشر أن يكلمها هللا إال وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسوالً فيوحي‬
‫بإذنه ما يشاء}‬
‫الطريقة األولى‪:‬‬
‫ومنها نوعان‪-١ :‬اإللهام‪ :‬وهو إلقاء المعنى في قلب النبي يقظة أو مناما‪-٢ .‬الرؤيا الصادقة‪ ،‬كرؤيا الخليل إبراهيم عليه‬
‫السالم‪.‬‬
‫الطريقة الثانية‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫المكالمة من وراء حجاب كما كلم موسى وكما فرض هللا الصالة على سيدنا محمد ﷺ وأمته ليلة المعراج‪.‬‬
‫الطريقة الثالثة‪:‬‬
‫أن يكون هناك ملك يرسله هللا عزوجل فيوحي بإذنه ما يشاء‪.‬‬
‫وملك الوحي يهبط في صورة مختلفة‪:‬‬
‫‪-١‬يظهر في صورته الحقيقية الملكية‪ ،‬كما رآه رسول هللا ﷺ في غار حراء وفي ليلة اإلسراء‪.‬‬
‫‪-٢‬يظهر في صورة إنسان يراه الحاضرون ويستمعون إليه‪ ،‬كما ظهر في صورة أعرابي ودحية الكلبي‪.‬‬
‫‪-٣‬أن يسمع النبي صوتا خفيفا أو شديدا‪.‬‬
‫كيف ينتقل البشر مع الملك؟‬
‫• إما أن يتنزل الملك إلى درجة البشرية فيراه النبي في صورة بشر‪.‬‬
‫• وإما أن ترتفع نفس النبي‪ ،‬نفس األنبياء والرسل لها خاصة متميزة يمكن أن تنتقل إلى العالم العليا فيراه النبي في‬
‫صورته الحقيقية‪.‬‬
‫كيف يعرف النبي الغيب؟‬
‫الفالسفة قالوا أن نفس النبي شريفة غاية الشرف‪ ،‬فيمكن أن ترتفع إلى العالم العليا‪ ،‬ولما ترتفع إلى العالم العليا من‬
‫الممكن أن تقرأ ما هو مكتوب في لوح المحفوظ‪.‬‬
‫هل الوحي ممكن أم غير ممكن؟‬
‫أثبتنا وجود النبي ووجود المالئكة فالوحي أمر ممكن‪ ،‬وأما وقوعه فهو ثابت لمن شاهده في أثناء النبوة‪ ،‬أما وقوعه‬
‫بالنسبة لنا فثابت بطريق التواتر‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الجن‬
‫حكم اإليمان بالجن‪:‬‬
‫أن العقل ال يمنع إمكان وجود الجن‪ ،‬وأما وقوعه فهو ثابت بالقرآن والسنة‪ ،‬ومنكر ذلك كافر‬
‫الجن والشياطين في اللغة‪:‬‬
‫‪-١‬جن‪ :‬ستر‪ .‬والجان‪ :‬الجن‪ .‬والجنان‪ :‬القلب‪ .‬والجنة‪ :‬كل بستان ذي شجر يستر بأشجاره األرض‪ .‬والجنين‪ :‬الولد‬
‫مادام في بطن أمه‪ ،‬وجمعه أجنة‪.‬‬
‫‪-٢‬والشيطان‪ :‬مشتق من شطن بمعنى بعد؛ لبعده عن الخير‪.‬‬
‫والجن والشياطين في الشرع‪:‬‬
‫اختلف الفالسفة والمتكلمون في تعريف الجن والشيطان‪ ،‬وكل منهما ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬عند الفالسفة قسمان‪:‬‬
‫‪-١‬االختالف في الحقيقة‪:‬‬
‫• الجن‪ :‬جوهر مجرد مؤثر في األجسام العنصرية من غير تعلق‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫• الشيطان‪ :‬القوة المتخيلة القادرة على مجابهة القوة العقلية‪ ،‬مثل النفس اللوامة ألمارة بالسوء‪ ،‬تحاول دائما أن تسيطر‬
‫على عقل اإلنسان وتدفعه للسيئات‪.‬‬
‫‪-٢‬االتفاق في الحقيقة‪:‬‬
‫فأصلهما واحد‪ :‬هو األنفس البشرية بعد المفارقة‪ ،‬كالتناسخ‪ ،‬إن كانت خيرة كانت من الجن‪ ،‬وإن كانت شريرة كانت‬
‫من الشيطان‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عند المتكلمين قسمان‪:‬‬
‫‪-١‬االختالف في الحقيقة‪:‬‬
‫• الجن‪ :‬أجسام لطيفة هوائية قادرة على التشكل‪.‬‬
‫• الشيطان‪ :‬أجسام نارية قادرة على التشكل‪.‬‬
‫رد التفتازاني على تعريف الجن‪ :‬بأنه أجسام هوائية ال يتفق مع اآلية القرآنية من أنه خلق من النار‪.‬‬
‫ويمكن أن نرد عليه‪ :‬بأن الجن بعد خلقه من النار لم يبق على طبيعته النارية كما أن اإلنس بعد خلقه من التراب لم يبق‬
‫على طبيعته الترابية‪ ،‬فالجن أصبحت له طبيعة خاصة وهي أجسام هوائية وجسم هوائي ال لون له وال يمكن أن يرى‪.‬‬
‫‪-٢‬االتفاق في الحقيقة‪:‬‬
‫أجسام نارية قابلة للتشكل بأشكال مختلفة‪ ،‬والعالقة بينهما هي العموم والخصوص المطلق‪ ،‬فالجن منهم المؤمن ومنهم‬
‫الكافر والشيطان كافر متمرد مفسد دائما‪ ،‬وهذا هو الراجح‪.‬‬
‫الفرق بين المالئكة والجن‪:‬‬
‫‪-١‬المالئكة أجسام نورانية والجن أجسام نارية‪.‬‬
‫‪-٢‬المالئكة قادرة على التشكل بصورة حسنة فقط والجن قادر على التشكل بصورة حسنة أو قبيحة‪.‬‬
‫‪-٣‬المالئكة ال تحكم عليها الصورة والجن تحكم عليه الصورة‪.‬‬
‫هل الشيطان مخير أم مجبر؟‬
‫الشيطان مجبر‪ ،‬أما القول بأن ه مخير فهو قول ضعيف ألن الشيطان ال يمكن أن يتحول إلى اإليمان أبدا‪.‬‬
‫هل إبليس مخير أم مجبر؟‬
‫إبليس كان من الجن مغمورا بين المالئكة فهو مخير‪ ،‬بدليل قوله تعالى {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} لكنه‬
‫اتصف بصفة معينة جعلته الشيطان الملعون ألنه تحدى هللا تعالى وأصبحت مهمته اإلغواء واإلفساد‪ .‬وذريته كلهم من‬
‫الشياطين‪.‬‬
‫صفات الجن وطبيعتهم‪:‬‬
‫‪-١‬خلق هللا الجن من النار{وخلق الجان من مارج من نار}‬
‫‪-٢‬وهم يأكلون ويشربون‪ ،‬قال رسول هللا ﷺ‪... ":‬فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله"‪.‬‬
‫‪-٣‬وهم يتزوجن ويتناسلون‪.‬‬
‫‪-٤‬وهم مكلفون بعبادة هللا تعالى {وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون}‬
‫‪-٥‬وهم يسكنون البر والبحر والجو‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪-٦‬ولهم قدرات فائقة {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك}‬
‫‪-٨‬وهم يموتون ويبعثون ويدخلون الجنة أو النار‪.‬‬
‫من أعمال الشيطان‪:‬‬
‫‪-١‬الشيطان يسول ويزين {وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون}‬
‫‪-٢‬ويفتن ويوسوس {فوسوس لهما الشيطان}‬
‫‪-٣‬ويعد ويمني {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء}‬
‫‪-٤‬ويخوف ويضل {ويريد الشيطان أن يضلهم ضلال بعيدا}‬
‫‪-٥‬وينزع وينسي {فأنسٰ هم ذكر هللا}‬
‫‪-٦‬ويمس ويؤذي {أني مسني الشيطان بنصب وعذاب}‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أشراط الساعة‬
‫األشراط جمع شرط‪ ،‬وهو العالمة‪ ،‬والمراد العالمات التي تدل على قرب يوم القيامة‪.‬‬
‫وعالمات الساعة نوعان‪:‬‬
‫• عالمات صغرى‪ :‬وهي البعيدة عن اليوم اآلخر‪ ،‬وتحدث خالل فترات طويلة من الزمان‪.‬‬
‫• و عالمات كبرى‪ :‬وهي القريبة من النفخ في الصور‪ ،‬وتحدث في فترة وجيزة آخر الزمان‪.‬‬
‫العالمات الصغرى‪ :‬قسمان‬
‫القسم األول‪ :‬قسم قد وقع كما جاء في الوحي‪:‬‬
‫‪-١‬بعثته ﷺ‪" ،‬بعثت أنا والساعة كهاتين‪ ،‬وأشار إلى إصبعيه‪ :‬السبابة والوسطية وقرن بينهما"‪.‬‬
‫‪-٢‬انشقاق القمر {اقتربت الساعة وانشق القمر}‬
‫‪-٣‬قتال علي ومعاوية رضي هللا عنهما في صفين‪ ":‬ال تقوم الساعة حتى تقاتل فئتان عظيمتين"‪.‬‬
‫‪-٤‬انقطاع ورود الخراج وغيره من األقطار إلى أهل الحجاز‪.‬‬
‫‪-٥‬النار التي خرجت بالمدينة المنورة‪ ،‬وقد حدث ذلك في ليلة األربعاء ثالث جمادي اآلخرة سنة ‪ ٦٥٤‬ه وضوء نارها‬
‫يرى من بصرى الشام‪ ،‬وغيرها كثير‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬قسم ينتظر حدوثه‪:‬‬
‫‪-١‬قال ﷺ‪ ":‬ال تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب‪ ،‬يقتتل الناس عليه‪."...‬‬
‫‪-٢‬ظهور المهدي‪ ،‬قال ﷺ‪":‬ال تقوم الساعة حتى يملك الناس رجل من أهل بيتي‪."...‬‬
‫‪-٣‬قال ﷺ‪ ":‬ال تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ‪ ،‬فيقتلهم المسلمون‪ ،‬حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر‬
‫والشجر‪."...‬‬
‫‪-٤‬قال ﷺ‪ ":‬ال تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض‪ ...‬وحتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا"‪.‬‬
‫العالمات الكبرى‪:‬‬
‫‪-١‬الدخان {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين}‬
‫‪15‬‬
‫وهو يمأل ما بين المشرق والمغرب‪ ،‬ويمكث أربعين يوما وليلة‪ ،‬أما المؤمنون فيصيبه منه شبه الزكام‪ .‬وأما الكافر‬
‫فيكون بمنزلة السكرأن يخرج الدخان من فمه ومنخره وعينيه وأذنيه ودبره‪.‬‬
‫هل الدخان قد وقع؟‬
‫لم يقع‪ ،‬ألن هذا الدخان غير الدخان الذي نال قريشا من القحط أيام الرسول ﷺ حتى يرون بينهم وبين السماء كهيئة‬
‫الدخان من شدة الجوع‪.‬‬
‫‪-٢‬المسيح الدجال‬
‫• سمي المسيح‪ :‬ألنه ممسوح العين اليمنى أو ألنه يمسح األرض أي يقطعها في أربعين يوما‪ ،‬يوم كسنة‪ ،‬ويوم كشهر‪،‬‬
‫ويوم كجمعة‪ ،‬وسائر أيامه كأيامنا هذه ‪.‬‬
‫• والدجال‪ :‬من الدجل وهو التغطية والكذب‪ ،‬يقال‪ :‬دجل البعير بالقرطان إذا غطاه‪.‬‬
‫• وسمي الكذاب‪ :‬ألنه يغطي الحق بباطله‪.‬‬
‫• سبب كونه فتنة‪ :‬جعله هللا فتنة واختبارا للخلق ألنه تظهر على يديه خوارق العادات التي تسمى االستدراج‪.‬‬
‫• وقت خروجه‪ :‬أنه يخرج عند فتح المسلمين القسطنطينية المقترنة بيوم القيامة‪.‬‬
‫• سبب خروجه‪ :‬أنه يخرج من غضبة يغضبها‪.‬‬
‫• مكان خروجه‪ :‬أنه يخرج من قبل المشرق جزما من خراسان ثم يتجه غربا‪ ،‬فيمر بأصبهان‪ ،‬فيتبعه من سبعين ألفا‬
‫من يهود‪ ،‬وعندما يخرج يدعي اإليمان والصالح ثم يدعي النبوة ثم يدعي األلوهية‪.‬‬
‫• وقت هالكه‪ :‬أنه يهلك بعد ظهوره على األرض كلها إال مكة والمدينة ثم يقصد بيت المقدس‪ ،‬فينزل عيسى فيقتله‪.‬‬
‫• ومن صفاته‪ :‬أنه يهوديا‪ ،‬مكتوب بين عينيه كافر ‪ ،‬قصير الجسم‪ ،‬أحمر الوجه‪ ،‬أعور العين اليسرى‪ ،‬قد غطتها جلدة‬
‫عظيمة‪ ،‬وعينه اليمنى جاحظة‪ ،‬وشعر رأسه شديد الجعودة‪ ،‬بشع المنظر‪ ،‬منفرج الرجلين في‬
‫المشي‪.‬‬
‫• ومن خوارق التي تظهر على يديه‪ :‬أنه يأمر السماء أ ن تمطر فتمطر‪ ،‬واألرض أن تنبت فتنبت‪ ،‬فيكثر الخصب‪،‬‬
‫وتسمن الماشية‪ ،‬وينتقل من بلد إلى بلد بسرعة السحاب‪.‬‬
‫‪-٣‬نزول عيسى ابن مريم من السماء‬
‫• {إذ قال هللا ٰيعيسى إني متوفيك ورافعك إلي} والمراد من الوفاة النوم‪ ،‬فقد رفع إلى السماء نائما‪.‬‬
‫• مكان نزوله‪ :‬أنه ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق واضعا كفيه على أجنحة ملكين‪.‬‬
‫• أعماله‪ :‬أنه يحكم حكما عادال‪ ،‬فيكسر الصليب‪ ،‬ويقتل الخنزير‪ ،‬ويضع الجزية‪ ،‬ويدعو الناس إلى اإلسالم فيهلك هللا‬
‫في زمانه الملل كلها إال اإلسالم ‪ ،‬ويقتل المسيح الدجال‪ ،‬ويفيض المال حتى ال يقبله أحد‪ ،‬حتى تكون السجدة الواحدة‬
‫خيرا من الدنيا وما فيها‪.‬‬
‫• ومن صفاته‪ :‬أنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض‪ ،‬عليه ثوبان ممصران كان رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل‪.‬‬
‫• مدة مكثه‪ :‬أنه يمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويص لي عليه المسلمون‪ ،‬وفي رواية أنه يمكث سبع سنين‪ .‬ويمكن الجمع‬
‫بين الروايتين بأنه رفع إلى السماء سنة ‪ ٣٣‬من عمره ثم يمكث بعد نزوله من السماء سبع سنين‪.‬‬
‫‪-٤‬يأجوج ومأجوج‬
‫• يأجوج ومأجوج‪ :‬قبيلتان من ذرية يافث بن نوح عليه السالم‬
‫‪16‬‬
‫• كيفية خروجهم‪ :‬وهم من كل حدب ينسلون‪ ،‬فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها‪ ،‬ثم يخرجون على‬
‫الناس ويتحصن الناس منهم في حصونهم ‪ ،‬فيرمون بسهامهم إلى السماء‪ ،‬فترجع الدم الذي اجفظ‪ ،‬فيقولون‪ :‬قهرنا أهل‬
‫األرض وعلونا أهل السماء‪.‬‬
‫• وقت هالكهم‪ :‬لما يحصرون نبي هللا عيسى وأصحابه يبعث هللا نغفا في أقفائهم فيقتلهم بها‪ ،‬فيرسل هللا طيرا كأعناق‬
‫البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء هللا‪.‬‬
‫‪-٥‬دابة األرض‬
‫• {أخرجنا لهم دابة من األرض تكلمهم} قال المفسرون‪ :‬إنها فصيل من ناقة صالح عليه السالم‪.‬‬
‫• مكان خروجه‪ :‬أنها تخرج من جبل الصفا بمكة‪.‬‬
‫• كيفية خروجه‪ :‬أن األرض تنشق عن الدابة وعيسى عليه السالم يطوف بالبيت ومعه المسلمون من ناحية المسعى‪،‬‬
‫وأنها تخرج من الصفا‪ ،‬فارفض الناس منها شتى ومعا‪ ،‬وتثبتت عصابة من المؤمنين‪.‬‬
‫• أعمالها‪ :‬تسم بين عيني المؤمن (مؤمن) سمة كأنها كوكب دري‪ ،‬وتسم بين عيني الكافر نكتة سوداء (كافر)‪ ،‬وتكلم‬
‫الناس بصوت يسمعه من قرب ومن بعد قائلة {أن الناس كانوا بآياتنا ال يوقنون} أي بخروجي‪.‬‬
‫‪-٦‬طلوع الشمس من مغربها‬
‫قال رسول هللا ﷺ‪ ":‬ال تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها‪ ،‬فإذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم أجمعون‬
‫فيومئذ {ال ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا}"‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اليوم اآلخر‬
‫مقدمة من حياة البرزخ‪:‬‬
‫• البرزخ‪ :‬هو حياة متواسطة بين حياة الدنيا وبين حياة اآلخرة‪.‬‬
‫• روح اإلنسان‪ :‬جسم لطيف شفاف سالم في البدن سريان الماء في العود‪.‬‬
‫• الموت‪ :‬عبارة عن انقطاع صلة الروح بالجسد‪ ،‬لتنتقل من عالم إلى عالم آخر‪.‬‬
‫• ملك الموت‪ :‬هو الذي يتولى إخراج الروح من الجسد‪ .‬وال يبقى من الجسد إال عجب الذنب‪ ،‬وهو عظم صغير في‬
‫آخر سلسلة الظهر‪.‬‬
‫• القبر‪ :‬روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار‪.‬‬
‫البعث‪:‬‬
‫تعريف البعث‪:‬‬
‫هو إحياء هللا الموتى وإخراجه من القبور بعد جمع أجزائهم األصلية‪.‬‬
‫شرح التعريف‪:‬‬
‫• اإلحياء ال يكون إال بعودة الروح إلى الجسم‪.‬‬
‫• وهذا اإلحياء سيكون بعد جمع أجزاء أصلية‪.‬‬
‫• واألجزاء األصلية هي التي تستمر من بداية الحياة إلى نهايتها مثل اليد والرجل والرأس‪ ،‬لكن بالنسبة للشعر والظفر‬
‫ليس من األجزاء األصلية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫دليل إمكان البعث‪:‬‬
‫‪-١‬الدليل النقلي‪:‬‬
‫• الموضع األول‪{ :‬يأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من‬
‫مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم‪(}...‬الحج‪)٧-٥/‬‬
‫• الموضع اآلخر‪{ :‬أولم ير اإلنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ‪ °‬وضرب لنا مثال ونسي خلقه قال من‬
‫يحيي العظام وهي رميم‪(}...‬يس‪)٨٣-٧٨/‬‬
‫‪-٢‬الدليل العقلي‪:‬‬
‫كل أحداث يوم القيامة واآلخرة أمر ممكن أخبر به الصادق فيكون واقعا‪.‬‬
‫وقد اشتملت اآلية في الموضع األول على دليلين على إمكان البعث‪:‬‬
‫الدليل األول‪:‬‬
‫خلق اإلنسان وتطويره في هذه المراحل المختلفة‪ ،‬فمن قدر على خلق اإلنسان على هذه الصورة العجيبة وفي هذه‬
‫األطوار الدقيقة‪ ،‬فهو ال شك أقدر على إعادته‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪:‬‬
‫دليل حسي يراه كل إنسان إذا نظر إلى األرض الميتة التي ال زرع فيها وال ثمر لعدم وجود مياه الري‪ ،‬فإذا نزل عليها‬
‫الماء عادت إليها الحياة فازدادت وأنبتت من كل صنف حسن نضير‪.‬‬
‫وقد اشتملت اآلية في الموضوع الثاني على أربعة أدلة‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬من قدر على البدء قدر على اإلعادة {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة}‬
‫الدليل الثاني‪ :‬من قدر على إيجاد الضد من ضده قدر على إعادة اإلنسان {الذي جعل لكم من الشجر األخضر نارا فإذا‬
‫أنتم منه توقدون}‬
‫الدليل الثالث‪ :‬من قدر على األكبر قدر على األصغر من باب األولى {أوليس الذي خلق السموات واألرض ٰبقدر على‬
‫أن يخلق مثلهم}‬
‫الدليل الرابع‪ :‬فعله ال يحتاج إلى آلة وال معين {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}‬
‫الخالف في إثبات البعث‪:‬‬
‫• المنكرون للبعث‪ :‬الفالسفة الطبيعيون الموجودون أيام فلسفة اليونان‪ ،‬وكانوا يقولون بفلسفة مادية اآلن‪ ،‬قالوا‪ :‬أننا ال‬
‫نؤمن إال بما نراه ونشاهده‪.‬‬
‫سبب إنكارهم‪:‬‬
‫أنهم ال يؤمنون إال بما يرونه ويشاهدونه‪ ،‬فهم ال يعتبرون األلفاظ الفارغة (ليس لها مدلول في الخارج) كالروح‪،‬‬
‫والمالئكة‪ ،‬وهللا‪ .‬وإنما يعتبرون األلفاظ الملعانة (لها مدلول في الخارج)‪.‬‬
‫كيف أنكروا البعث؟‬
‫أن اإلنسان هو الهيكل المحسوس‪ ،‬وأنه يفنى بالموت‪ ،‬وحينما يموت تنعدم األجزاء وتتهلك‪ ،‬وال إعادة للمعدوم‪.‬‬
‫• المثبتون للبعث‪ :‬جميع الفالسفة اإللهيي ن وجميع المتكلمين من األشاعرة والماتوريدية وغيرهم‪ ،‬لكنهم اختلفوا في‬
‫كيفيته‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫الخالف في كيفيته‪:‬‬
‫‪.١‬الفالسفة اإللهيون‪ :‬البعث للروح فقط أي إذا انفصلت الروح عن الجسم تعود إلى عالم المجردات‪ ،‬والجسم ينعدم‪،‬‬
‫وال إعادة للمعدوم‪.‬‬
‫الحساب والثواب والعقاب سيكون لمن؟‬
‫للروح فقط ‪ ،‬ألن الروح عندهم‪ :‬جوهر مجرد يعود إلى عالم المجردات بعد مفارقة الجسم‪ ،‬وبعد ما يعود إلى عالم‬
‫المجردات سيكون قابلة للحساب والثواب والعقاب‪.‬‬
‫‪.٢‬جميع المتكلمين‪ :‬الب عث للجسم والروح معا أي أن األجزاء التي تفرقت في القبر بعد الموت يجمعها هللا مرة أخرى‬
‫ثم يعيد إليها الروح‪ .‬هذا هو الراجح‪.‬‬
‫هل الروح جوهر مجرد أم جسم سالم في البدن؟‬
‫‪-١‬بعضهم قال‪ :‬أنها جسم سالم في البدن سريان الماء في العود أو سريان النار في الفخم‪.‬‬
‫‪-٢‬وبعضهم قال‪ :‬أنها جسم شفاف رباني‪.‬‬
‫‪-٣‬وبعضهم قال‪ :‬أنها جوهر مجرد أي ليست جسما وإنما تتعلق بالجسم فتؤثر فيه‪.‬‬
‫• لكن المتكلمين كلهم قالوا‪ :‬أن هللا بعد أن يجمع البدن يعيد إليه روحه التي كانت‪ ،‬سواء كانت جوهرا أو جسما‪.‬‬
‫فالخالف عندهم في تعريف الروح فقط ال في كيفية البعث‪.‬‬
‫من المسئول والمعذب في القبر والمحاسب والمنعم يوم القيامة؟‬
‫الجسم والروح معا‪.‬‬
‫حكم البعث عند المعتزلة‪:‬‬
‫أن اإلعادة ليست أمر ممكن بل أمر واجب على هللا‪ ،‬ألنه خلق اإلنسان وكلفه بالتكاليف‪ ،‬فمن السفه أن يتركه‬
‫واليحاسبه‪ ،‬وهلل تعالى ال يمكن أن يكون سافها‪ ،‬ومن عدله تعالى أن يعيد اإلنسان مرة أخرى ليحاسبه‪.‬‬
‫الرد عليهم‪:‬‬
‫إطالق الوجوب على أفعال هللا ال يجوز مطلقا‪ ،‬ألن هللا يفعل ما يشاء وال يسأل عما يفعل‪.‬‬
‫رؤية هللا تعالى‬
‫‪.١‬المثبتون لرؤية هللا ‪ :‬أهل السنة ‪.‬‬
‫‪-٢‬المانعون لرؤية هللا ‪ :‬الخوارج والشيعة والمعتزلة‪.‬‬
‫مواضع االتفاق بين المثبتين والمانعين‪:‬‬
‫هم يتفقون على ثالثة أمور‪:‬‬
‫‪-١‬هم يتفقون على أن هناك تغاير بين العلم والرؤية‪:‬‬
‫• إذا أدركت شيئا عن طريق التعريف حصل لك نوع من االنكشاف‪ ،‬وهو يسمى (علما)‪.‬‬
‫• وإذا أبصرت ذلك المعرف حصل لك نوع من االنكشاف األتم من العلم‪ ،‬وهو يسمى (رؤية)‪.‬‬
‫‪-٢‬وهم يتفقون على أنه يجوز هلل تعالى أن يخلق في اإلنسان علما ضروريا بذاته تعالى‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪-٣‬وهم يتفقون على أن الرؤية في المشاهد بين المخلوقات تتوقف على الشروط‪:‬‬
‫• أن تكون هناك مقابلة‪.‬‬
‫• أن تكون هناك حاسة سليمة‪.‬‬
‫• أن تكون هناك انطباع الصورة‪.‬‬
‫• أن تكون هناك اتصال بالشعاع بين الرائي والمرئي‪.‬‬
‫• أن تكون في مكان‪.‬‬
‫• أن اليكون المرئي قريبا جدا أو بعيدا جدا‪.‬‬
‫موضع االختالف بين المثبتين والمانعين‪:‬‬
‫هذا االختالف يدور حول اإلجابة على السؤال‪:‬‬
‫هل يجوز أن يرى هللا في اآلخرة بدون هذه الشروط؟‬
‫• المثبتون قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬يجوز أن يرى هللا في اآلخرة بدون هذه الشروط‪ ،‬حتى في الدنيا كما حدث في رسول هللا ﷺ لما‬
‫رأى من خلفه في الصالة بدون المقابلة‪.‬‬
‫• والمانعون قالوا‪ :‬ال‪ ،‬فهذا أساس الرفض للمانعين‪.‬‬
‫مذهب أهل السنة‪:‬‬
‫رؤية هللا تعالى جائزة من الناحية العقلية في الدنيا واآلخرة‪ ،‬وستحدث للمؤمنين في الجنة‪ ،‬حيث يرون ربهم بأبصارهم‬
‫بغير إحاطة وال كيفية‪ .‬وأما وقوعه في الدنيا فلم تحدث لغير نبينا محمد ﷺ ليلة المعراج‪.‬‬
‫أدلة أهل السنة على وقوع الرؤية‪:‬‬
‫‪{-١‬وجوه يومئذ ناضرة ‪ °‬إلى ربها ناظرة} والنظر إذا تعدى بحرف الجر (إلى) كان معناه المشاهدة بالعين‪.‬‬
‫‪{-٢‬لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد} والمراد‪ :‬هو النظر إلى وجه هللا تعالى‪.‬‬
‫‪{-٣‬للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} فالحسنى‪ :‬الجنة‪ ،‬والزيادة‪ :‬النظر إلى وجهه الكريم‪.‬‬
‫أدلة أهل السنة على جواز وقوع الرؤية‪:‬‬
‫‪-١‬الدليل النقلي‪{ :‬ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن‬
‫استقر مكانه فسوف تراني}‬
‫وجه االستشهاد‪:‬‬
‫• أن موسى طلب الرؤية‪ ،‬ومادام طلبها فهو أمر جائز ألنه نبي ورسول‪ ،‬فال يمكن أن يطلب أمرا مستحيال‪ ،‬لو كان‬
‫طلب أمرا مستحيال لكان عبثا وجهال بذات هللا تعالى‪.‬‬
‫• أن هللا قد علق الرؤية على أمر ممكن وهو استقرار الجبل‪ ،‬والمعلق على الممكن ممكن‪ ،‬فالرؤية أمر ممكن‪.‬‬
‫‪-٢‬الدليل العقلي‪ :‬هللا موجود‪ ،‬وكل موجود تجوز رؤيته‪ ،‬فاهلل تجوز رؤيته‪.‬‬
‫مذهب المانعين للرؤية والرد عليهم‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫‪.١‬دليلهم العقلي‪ :‬إذا تحققت رؤية هللا في اآلخرة فال بد من شروط‪ ،‬وهذه الشروط تقتضي أن يكون المرئي جسما وهللا‬
‫تعالى ليس بجسم‪.‬‬
‫الرد عليهم‪:‬‬
‫أن هذه الشروط شروط عادية وليست عقلية‪ ،‬وهي خاصة برؤية المخلوقات بعضها لبعض‪ ،‬وهللا منزه عن ذلك‪ .‬فيمكن‬
‫أن يرى بغير هذه الشروط‪ ،‬بأن يزيد في بصر من شاء من عباده حتى يراه بغير إحاطة وال كيفية‪.‬‬
‫‪.٢‬دليلهم النقلي‪:‬‬
‫• اآلية األولى‪{ :‬ولما جاء موسى‪...‬قال لن تراني}‬
‫وجه االستشهاد‪:‬‬
‫قوله تعالى {لن تراني} يفيد نفي رؤيته وامتناعها؛ ألن (لن) لتأبيد النفي‪.‬‬
‫الرد عليهم‪:‬‬
‫قولكم‪( :‬لن) تفيد تأبيد النفي غير صحيح‪ ،‬ألنه ال تفيده حتى لو قيدت‪ ،‬تأمل قوله تعالى عن الكافرين‪{ :‬ولن يتمنوه أبدا‬
‫بما قدمت أيديهم} أي الموت‪ ،‬وقوله‪{ :‬ونادوا يامالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون} أي يميتنا‪ .‬فاألية األولى تفيد‬
‫أنهم لن يتمنوا الموت‪ ،‬واآلية األخرى تفيد أنهم يتمنونه‪.‬‬
‫اآلية الثانية‪{ :‬ال تدركه األبصار وهو يدرك األبصار}‬
‫وجه االستشهاد‪ :‬معنى اإلدراك الرؤية‪ ،‬وقد نفاه هللا عنه‪ ،‬فهو ال يرى‪.‬‬
‫الرد عليهم‪:‬‬
‫• بأن اإلدراك غير الرؤية‪ ،‬ألن معناه اإلحاطة بالشيء ‪ ،‬وهو قدر زائد على الرؤية‪ ،‬كما أننا نرى الشمس وال ندركها‬
‫أي ال نحيط بها بأبصارنا‪ .‬فاألية لم تنف الرؤية وإنما نفي اإلدراك‪ ،‬ونفي األخص ال يستلزم نفي األعم‪.‬‬
‫• أن (أل) في كلمة (اإلبصار) في اآلية للعموم‪ ،‬وتقدم النفي على العموم يفيد سلب العموم ‪ .‬فالمعنى ال تدركه جميع‬
‫األبصار بل يراه ب عضها دون بعض‪ ،‬فيراه المؤمنون دون الكافرين‪.‬‬
‫رؤية نبينا ﷺ ربه ليلة المعراج‬
‫انقسم العلماء في هذا الموضوع ثالثة مذاهب‪:‬‬
‫المذهب األول‪ :‬ينكرون حدوثها‪.‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬يثبتونها‪.‬‬
‫المذهب الثالث‪ :‬التوقف‪.‬‬
‫المذهب األول‪:‬‬
‫وعلى رأسه أم المؤمنين عائشة رضي هللا عنها قالت‪ ":‬من زعم أن محمدا ﷺ رأى ربه فقد أعظم على هللا الفرية"‪.‬‬
‫وتستدل على رأيها بأيتين‪:‬‬
‫• {ال تدركه األبصار} وتفسير اإلدراك بالرؤية‪.‬‬
‫• {وما كان لبشر أن يكلمه هللا إال وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسوال} فإذا كان ال يتكلم البشر إ ال بحالة من هذه‬
‫الحاالت فكيف رأى محمد ﷺ ؟‬

‫‪21‬‬
‫المذهب الثاني‪:‬‬
‫وعلى رأسه ابن عباس فهو يقول‪ ":‬رآه بفؤاده مرتين"‪.‬‬
‫ونميل إلى هذا المذهب ألمور‪:‬‬
‫‪-١‬أن حادثة اإلسراء والمعراج كان في مكة وكانت عائشة أنذاك صغيرة وهي ما كانت بأعلم من ابن عباس‪ .‬وقول‬
‫النبي ﷺ‪ ":‬رأيت ربي"‪ .‬أكبر من قولها‪.‬‬
‫‪-٢‬عائشة تنفي وابن عباس يثبت والمثبت مقدم على النافي‪.‬‬
‫‪-٣‬عائشة لم تنف الرواية بحديث سمعته من رسول هللا‪ ،‬ولو كان عندها حديث لذكرته‪.‬‬
‫‪-٤‬اعتمدت عائشة على قوله تعالى‪{:‬ال تدركه األبصار} وقد سبق بيان أن نفي اإلدراك ال يدل على نفي الرؤية‪ ،‬فقد‬
‫تحدث بدون إحاطة ‪.‬‬
‫‪-٥‬أما استداللها بقوله {وما كان لبشر‪ }...‬فهذه اآلية تتحدث عن حكم في الدنيا‪ ،‬فيجوز أن تحدث الرؤية من غير كالم‪.‬‬
‫المذهب الثالث‪:‬‬
‫التوقف عن الجزم بأحد الرأيين لعدم وجود دليل قاطع‪.‬‬
‫الخالف بين عائشة وابن عباس لفظي أم معنوي؟‬
‫• بعضهم قال‪ :‬أنه لفظي‪ ،‬ألن المانعين للرؤية منعوا الرؤية المقترنة بالشروط والمثبتين للرؤية أثبتوا الرؤية الخالية‬
‫من الشروط‪.‬‬
‫• وبعضهم قال‪ :‬أنه معنوي‪ ،‬ألنهم اختلفوا في اإلجابة على السؤال" هل يجوز أن يرى هللا في اآلخرة بدون هذه‬
‫الشروط؟ قالوا‪ :‬ال"‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اإليمان بالقضاء والقدر‬
‫تعريف القضاء والقدر في اللغة‪:‬‬
‫القضاء لغة‪:‬‬
‫وردت مادة (القضاء) في القرآن عدة معان منها‪:‬‬
‫‪-١‬الحكم {مما قضيت ويسلموا تسليما}‬
‫‪-٢‬األمر {وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا}‬
‫‪-٣‬اإلرادة {إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون}‬
‫و‬
‫‪-٤‬اإليجاد والخلق {فقضٰ هن سبع سموات في يومين}‬
‫القدر لغة‪:‬‬
‫وردت مادة (القدر) في القرآن عدة معان منها‪:‬‬
‫‪-١‬العلم {إال امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين}‬
‫‪-٢‬القدرة {أيحسب أن لن يقدر عليه أحد}‬
‫‪-٣‬التضييق {وأما إذا ما ٰ‬
‫ابتله فقدر عليه رزقه}‬

‫‪22‬‬
‫‪-٤‬المقدار { قد جعل هللا لكل شيء قدرا}‬
‫تعريف القضاء والقدر في الشرع‪:‬‬
‫‪.١‬األشاعرة‪:‬‬
‫القضاء‪ :‬اإلرادة األزلية المتعلقة بجميع األشياء فيما ال يزال‪.‬‬
‫القدر‪ :‬إيجاد هللا تعالى لألشياء‪.‬‬
‫‪.٢‬الماتوريدية‪:‬‬
‫القضاء‪ :‬إيجاده تعالى لألشياء‪.‬‬
‫القدر‪ :‬العلم األزلي القائم بذاته تعالى‪.‬‬
‫الفرق بين األشاعرة والماتوريدية‪:‬‬
‫• األشاعرة‪ :‬القضاء قديم‪ ،‬والقدر حادث‪ .‬والماتوريدية‪ :‬القضاء حادث‪ ،‬والقدر قديم‪.‬‬
‫• األشاعرة‪ :‬القضاء من صفات الذات‪ ،‬والقدر من صفات الفعل‪ .‬والماتوريدية‪ :‬القضاء من صفات الفعل والقدر من‬
‫صفات الذات‪.‬‬
‫كثير من العلماء حتى األشاعرة يرجحون الماتوريدية في هذا الموضوع‪ ،‬ألن المعنيين (القضاء والقدر) عندهم‬
‫موافقان لمعاني القرآن الواردة‪.‬‬
‫المنكرون للقضاء والقدر‪:‬‬
‫وهم القدرية حيث قالوا‪ :‬ال قدر واألمر أنف أي مستأنف‪ .‬بمعني أن هللا يعلم األشياء بعد وقوعه‪ ،‬فاإلنسان يخلق أفعاله‬
‫نفسه بقدرته وإرادته ثم يعلمها هللا بعد ذلك‪.‬‬
‫سبب كفرهم‪:‬‬
‫• أنهم ينكرون علم هللا في األزل‪.‬‬
‫• وأنهم يثبتون علم الحادثة القائمة بذات هللا تعالى‪.‬‬
‫القضاء والقدر عند المعتزلة‪:‬‬
‫أن اإلنسان يخلق أفعاله نفسه بقدرته وإرادته‪ ،‬لكنهم يثبتون علم هللا في األزل‪ ،‬فالمعتزلة ال يكفر ألنهم ال ينفون علم هللا‬
‫في األزل كما ينفونه القدرية‪.‬‬
‫واإليمان بالقضاء والقدر يتضمن األمور التالية‪:‬‬
‫‪-١‬اإليمان بعلمه تعالى بما سيكون قبل أن يكون‪.‬‬
‫‪-٢‬اإليمان بمشيئته العامة وإرادته الشاملة لكل الموجودات‪.‬‬
‫‪-٣‬اإليمان بكتابته كل شيء في اللوح المحفوظ‪.‬‬
‫‪-٤‬اإليمان بإيجاده تعالى لكل المخلوقات حسب علمه وإرادته وكتابته‪.‬‬
‫حكم اإليمان بالقضاء والقدر‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫اإليمان بالقضاء والقدر واجب ألنه الركن السادس من أركان اإليمان‪ .‬ومن اآليات القرآنية التي تشير إلى القضاء‬
‫والقدر وكتابته في لوح المحفوظ‪:‬‬
‫• {بل هو قرآن مجيد ‪ °‬في لوح محفوظ}‬
‫• {ما أصاب من مصيبة في األرض وال في أنفسكم إال في كتاب من قبل أن نبرأهنا}‬
‫التساؤالت حول القضاء والقدر‪:‬‬
‫‪.١‬هل اإليمان بالقضاء والقدر يترتب عليه الرضا بالكفر والمعاصي؟‬
‫المعاصي والكفر جهتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬من حيث إنها متعلقة بفعل هللا وإرادته وقدرته وعلمه‪ ،‬وإذا كانت من هذه الجهة‪ ،‬فهي قضاء ووجب الرضا‬
‫به‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬من حيث إنها متعلقة بفعل العبد وكسبه وقدرته وإرادته‪ ،‬فهذا مقضي‪ ،‬والمقضي قسمان‪:‬‬
‫• إن كان إيمانا وطاعة وجب الرضا به‪.‬‬
‫• وإن كان كفرا ومعصية نكرهه و نرفضه ونحاول أن نغيره وال يجب الرضا به‪.‬‬
‫‪.٢‬هل يرد الدعاء القضاء ؟‬
‫القضاء نوعان‪:‬‬
‫‪-١‬قضاء مبرم‪ :‬هو ما تعلق بعلم هللا وإرادته وقد ثبت في لوح المحفوظ‪ .‬وهذا ال يجوز تغيره بأي حال من األحوال‬
‫ألنه تغيير في علم هللا‪.‬‬
‫‪-٢‬قضاء معلق‪ :‬هو الثابت في صحف األعمال التي بأيدى المالئكة‪ .‬وهذا يجوز أن يتغير ألنه متعلق بسبب‪.‬‬
‫ف الدعاء يرد من القضاء ما هو معلق‪ ،‬أما ما هو مبرم فال يتغير وال يتبدل ال بدعاء وال بغير دعاء‪ .‬والقرآن يشير إلى‬
‫هذا {يمحو هللا ما يشاء ويثبت} أي‪ :‬يمحو هللا ما يشاء ويثبت في القضاء المعلق الذي يتعلق بسبب‪.‬‬
‫‪.٣‬هل يتنافى اإليمان بالقدر مع األخذ باألسباب؟‬
‫األخذ باألسباب من الناحية الشرعية أمر مأمور به‪ ،‬وإن هللا يعلم السبب ويعلم المسبب ويعلم االرتباط بينهما‪ ،‬كل هذا‬
‫معلوم أزال‪ ،‬أما بالنسبة لإلنسان فمحجوب عنه‪ .‬فاإلنسان في مرحلة حياته كلها يركز على ما أمره هللا وما نهاه عنه‪،‬‬
‫ال يظلم نفسه بما أراده به‪ .‬فنحن نؤمن بالقدر ونرضى به وال يتنافى هذا مع األخذ باألسباب ألن هللا أمرنا بذلك‪.‬‬
‫عالقة السبب بالمسبب‪:‬‬
‫• الفالسفة‪ :‬عالقة السبب بالمسبب عالقة عقلية بمعنى أنه كلما وجد السبب وجد المسبب‪.‬‬
‫• المتكلمون‪ :‬عالقة السبب بالمسبب عالقة عادية‪ ،‬بمعنى أنه يجوز التخلف‪ ،‬يمكن أن يوجد السبب ولم يوجد المسبب‪،‬‬
‫كعدم إحراق نار إبراهيم‪ ،‬وكذلك العكس كمولود عيسى‪ .‬هذا هو الراجح‪.‬‬
‫‪.٤‬هل يتنافى اإليمان بالقدر مع التكليف؟‬
‫التكليف‪ :‬هو األوامر والنواهي اإللهية‪ .‬والرضا بالقدر‪ :‬هو عدم االعتراض‪ ،‬أي ال نعترض على هللا في تصرفه‬
‫وإيجاده لألشياء ألنه ال يسأل عما يفعل‪ .‬فليس هناك تنافي بين اإليمان بالقدر مع التكليف‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا كان هللا قد كتب علي هذا اإلنسان بأنه كافر فلم يكلفه؟‬

‫‪24‬‬
‫ج‪ :‬أن هللا كتب عليه أنه سيكون كافرا هذا فيما يتعلق بعلم هللا األزلي وإرادته‪ ،‬لكن ما يتعلق بالكافر نفسه هللا يعلم أنه‬
‫سيختار الكفر بإرادته‪ ،‬فعلمه منه بهذه الطريقة‪.‬‬
‫‪.٥‬هل يحتج بالقضاء والقدر على ارتكاب المعاصي؟‬
‫يجب أن نفرق بين االحتجاج بالقدر قبل وقوع المعصية واالحتجاج بالقدر بعد وقوعها‪.‬‬
‫قبل وقوع المعصية‪ :‬ال يجوز قوال واحدا على اإلطالق ألنه وصول إلى المعصية‪.‬‬
‫بعد وقوع المعصية‪:‬‬
‫• يجوز في حالتين‪:‬‬
‫‪-١‬لرفع اللوم‪ ،‬كاحتجاج آدم على موسى حين قال له‪ :‬أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم؟ قال آدم‪ :‬يا‬
‫موسى‪ ،‬أنت الذي اصطفاك هللا برسالته وبكالمه؟ أتلومني على أمر كتبه هللا على قبل أن يخلقني؟‪.‬‬
‫‪-٢‬لتأكيد اإليمان‪ ،‬كما قال ﷺ‪ ":‬فال تقل أني فعلت كان كذا وكذا‪ ،‬ولكن قل قدر هللا وما شاء فعل"‪.‬‬
‫• وال يجوز في حالتين‪:‬‬
‫‪-١‬إذا كان لالستمرار أو للوقوع في الحرام أو الرتكاب الكفر‪ ،‬كاحتجاج المشركين بالقدر تدبيرا لشركهم {لو شاء هللا‬
‫ما أشركنا}‬
‫‪-٢‬لرفع الحد‪ ،‬كاحتجاج سارق على عمر وقال‪ :‬أنا سرقت بقضاء هللا وقدره‪ ،‬فقال عمر‪ :‬وأنا أقطع يدك بقضاء هللا‬
‫وقدره ‪.‬‬
‫فوائد اإليمان بالقضاء والقدر‪:‬‬
‫‪-١‬لقد كان إيمان المسلمين بالقضاء والقدر سببا في تقدمهم في مجاالت الحياة‪ ،‬كدفعه إلى اإلقدام والشجاعة والجرأة‬
‫والبسالة‪.‬‬
‫‪-٢‬وكان لعقيدة القضاء والقدر األثر الواضح في نبوغ علماء المسلمين في فروع العلم المختلفة‪.‬‬
‫‪-٣‬وكانت هذه العقيدة سببا في الهدوء النفسي والطمأنينة القلبية‪ ،‬فلم يظهر ما يسمى بالعقد النفسية أو األمراض القلبية‪.‬‬
‫‪-٤‬واإليمان بعقيدة القضاء والقدر يدفع المسلم ألن يكون كريما ً سخيا جوادا ودودا‪.‬‬
‫أفعال العباد‬
‫العلماء في هذا الموضوع ثالثة آراء‪:‬‬
‫‪.١‬رأي الجبرية‪:‬‬
‫وهم يرون أن اإلنسان مجبور في أفعاله ال إرادة له وال قدرة‪ ،‬وإنما األفعال يخلقها هللا تعالى فيه وتنسب إليه مجازا‪.‬‬
‫الرد عليهم‪:‬‬
‫أن هذا المذهب ال اعتبار له على اإلطالق ألنه يخالف قوال واحدا في تكليف هللا على العبد ويناقض الثواب والعقاب‪،‬‬
‫كيف يثيبه ويعاقبه على أمر قد أوجده وأجبره؟ فهذا مذهب باطل من كل وجوه‪.‬‬
‫دليلهم األول‪ :‬لو كان اإلنسان مختارا يخلق أفعاله نفسه لكان شريكا هلل‪.‬‬
‫الرد عليهم‪ :‬ال بد أن نعرف ما هو الشرك‪ ،‬فالشرك هو إثبات شريك هلل في وجوب الوجود أو استحقاق العبادة‪ .‬فمن‬
‫قال أن اإلنسان يخلق أفعاله نفسه ال يكون بهذين الوجهين ألن اإلنسان عندما يخلق أفعاله بقدرته وإرادته خلقها هللا فيه‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫دليلهم الثاني‪ :‬وجود مقدور بين قدرتين محال‪ ،‬واستدلوا بقوله تعالى {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} وخلق كل شيء‬
‫يمكن أن تندرج في أفعال العباد‪.‬‬
‫الرد عليهم‪:‬‬
‫• وجود مقدور بين قدرتين غير محال إذا كان من جهتين مختلفتين‪ ،‬بأن المقدور ينسب إلى هللا من جهة الخلق وينسب‬
‫إلى العبد من جهة الكسب‪.‬‬
‫• أن اآلية {وخلق كل شيء} معارضة لقوله تعالى {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فاليكفر} فإن هذه اآلية تدل على اختيار‬
‫اإلنسان‪ ،‬فاآلية ليست نصا في هذا الموضوع‪.‬‬
‫‪.٢‬رأي المعتزلة‪:‬‬
‫وهم يرون أن العبد يخلق أفعاله نفسه بقدرته وإرادته التي أودعها هللا فيه على سبيل االستقالل‪.‬‬
‫دليلهم األول‪ :‬لو لم يكن اإلنسان قادرا ومريدا وخالقا لفعله لما صح التكليف والثواب والعقاب‪ ،‬واستدلوا بقوله تعالى‬
‫{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فاليكفر}‬
‫الرد عليهم‪ :‬هذه اآلية معارضة لقوله تعالى {وخلق كل شيء} وهذا يدل على عموم قدرة هللا‪ ،‬فاآلية ليست نصا على‬
‫أن اإلنسان مختار في جميع أفعاله‪.‬‬
‫دليلهم الثاني‪ :‬لو كان هللا خالقا لف عل اإلنسان لكان متصفا به‪.‬‬
‫الرد عليهم‪ :‬هذه مغالطة‪ ،‬ألن الذي يخلق الشيء ال يكون متصفا به وإنما المتصف هو الذي يقوم به ذلك الشيء ال من‬
‫أوجده‪.‬‬
‫‪.٣‬رأي أهل السنة‪:‬‬
‫• اإلمام األشعري‪:‬‬
‫هناك آية قرآنية تدل على أن هللا خالق كل شيء‪ ،‬وهناك ضرورة عقلية تقول أن أفعال اإلنسان تنقسم إلى اضطرارية‬
‫واختيارية‪ ،‬كحركة االرتعاش اضطرارية وحركة القيام اختيارية‪ .‬فالعبد يخلق بعض أفعاله أو يكون سببا لوجود بعض‬
‫أفعاله‪.‬‬
‫هللا تعالى قال‪{:‬وخلق كل شيء} فكيف العبد يخلق بعض أفعاله؟‬
‫هللا يخلق واإلنسان يكسب‪ ،‬فما هو منسوب إلى هللا يسمى خلقا وما هو منسوب إلى العبد يسمى كسبا‪.‬‬
‫أن لإلنسان كسب‪ ،‬فما هو الكسب؟‬
‫األشاعرة‪ :‬الكسب معناه أن هللا يخلق قدرة العبد ويخلق معها أو بعدها الفعل‪.‬‬
‫الماتوريدية‪ :‬الكسب هو العزم والتصميم على الفعل‪.‬‬
‫هل للكسب تأثير؟‬
‫اإلمام األشعري‪ :‬أن ليس للكسب تأثير‬
‫اإلمام الباقالني‪ :‬أن للكسب تأثير في وصف الفعل‪ ،‬بمعنى أن هللا يخلق الفعل لكن كون هذا الفعل طاعة أو معصية من‬
‫العبد‪ .‬مثل اإلنسان المصلي‪ ،‬من القيام إلى القعود هذا من خلق هللا‪ ،‬لكن كونه مقبولة أو غير مقبولة هذا بكسب العبد‪.‬‬
‫فإن كان مخلصا هلل فهو مثاب عليه وإن كان ألجل الرياء ال يثاب عليه‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫• اإلمام الحرمين‪ :‬إن العبد يخلق أفعاله نفسه بقدرته وإرادته التي أودعها هللا فيه ال على سبيل االستقالل‪ .‬بمعنى أنها‬
‫متوقفة على تهيئة األسباب وإزالة الموانع‪ .‬فمثال‪ ،‬لك قدرة وإرادة أن تسافر إلى مكان ما‪ ،‬فأنت تتوقف على أسباب‬
‫توصلك إلى ذلك المكان‪ ،‬لو كانت قدرتك وإرادتك تفعل على سبيل االستقالل لوصلت إلى ذلك المكان بالضرورة‪.‬‬
‫الفرق بين الكسب والخلق‪:‬‬
‫‪-١‬الكسب‪ :‬صرف العبد قدرته وإرادته إلى الفعل‪ .‬والخلق‪ :‬إيجاد هللا تعالى الفعل‪.‬‬
‫‪-٢‬الكسب‪ :‬تعلق القدرة الحادثة واإلرادة الحادثة‪ .‬والخلق‪ :‬تعلق القدرة القديمة واإلرادة القديمة‪.‬‬
‫‪-٣‬الكسب‪ :‬يكون بآلة دائما‪ ،‬كاليد والرجل‪ .‬والخلق‪ :‬ال يكون بآلة دائما‪ ،‬فاهلل تعالى إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون‪.‬‬
‫‪-٤‬الكسب‪ :‬يقع المقدور في محل القدرة‪ .‬كالصالة قائمة بالمصلي‪ .‬والخلق‪ :‬خالق محل القدرة‪ ،‬فكل ما يوجد في الخلق‬
‫مباين لذاته تعالى‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬مباحث األسماء واألحكام‬


‫المبحث األول‪ :‬اإليمان واإلسالم‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫اإلسالم‪ :‬هو األعمال الظاهرية التي يقوم بها اللسان وسائر الجوارح‪.‬‬
‫واإليمان‪ :‬التصديق الباطني باألمور الستة المذكورة في حديث جبريل‪.‬‬
‫تعريف اإليمان‪:‬‬
‫هو تصديق النبي ﷺ فيما جاء به من ربه تعالى إجماال فيما علم إجماال‪ ،‬وتفصيال فيما علم تفصيالً‪.‬‬
‫• التصديق يجب أن يصل إلى درجة اليقين واإلذعان القلبي واإلنقياد هلل‪ ،‬فال تكفي مجرد معرفة هللا‪.‬‬
‫مكان التصديق‪ :‬قلب المؤمن‪ ،‬دليله من القرآن والسنة‪:‬‬
‫ومن القرآن‪:‬‬
‫{أولئك كتب في قلوبهم اإليمان}‬
‫ومن السنة‪ :‬قال النبي ﷺ‪ ":‬يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"‪.‬‬
‫ما أهمية النطق بالشهادتين؟‬
‫• النطق بالشهادتين عالمة تدل على التصديق القلبي‪ ،‬وهو شرط إلجراء األحكام الشرعية‪ :‬كالزواج والميراث وحل‬
‫ذبيحته وغير ذلك‪.‬‬
‫• فمن صدق بقلبه ونطق بالشهادتين‪ ،‬فهو مؤمن عند هللا ‪ ،‬ومؤمن عندنا فنعامله معاملة المسلمين‪ .‬ومن صدق بقلبه ولم‬
‫ينطق بالشهادتين‪ ،‬فهو مؤمن عند هللا فقط‪ ،‬وليس مؤمن عندنا فال نعامله معاملة المسلمين‪.‬‬
‫هل العمل بالشرع جزء من اإليمان أم شرط كمال؟‬
‫هو شرط كمال لإليمان‪ ،‬ال يفقد اإليمان بفقده؛ ألنه لو كان العمل جزءا من اإليمان يكون من قصر في العمل زال عنه‬
‫اسم اإليمان‪ .‬أما إذا كان شرط كمال فإن من قصر فيه يكون ناقص اإليمان وال يزول عنه اسم المؤمن‪.‬‬
‫الدليل دال على ذلك‪:‬‬
‫‪27‬‬
‫‪-١‬ذكر األوامر والنواهي بعد إثبات اإليمان يدل على أن اإليمان شيء واألوامر والنواهي شيء آخر‪{:‬يأيها الذين آمنوا‬
‫كتب عليكم الصيام}‪.‬‬
‫‪-٢‬عطف األعمال على اإليمان يفيد المغايرة‪{:‬ومن يؤمن باهلل ويعمل صالحا}‬
‫‪-٣‬أن اإليمان والمعاصي قد يجتمعان‪{:‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}‪.‬‬
‫‪-٤‬جعل هللا اإليمان شر طا لقبول العمل الصالح‪ ،‬وشرط الشيء غيره‪{:‬فمن يعمل من الصاحات وهو مؤمن فال كفران‬
‫لسعيه}‪.‬‬
‫‪-٥‬جاءت األحاديث النبوية تصرح بأن هللا يخرج أقواما من الموحدين من النار ولم يعملوا خيرا قط‪.‬‬
‫تعريف اإليمان عند المعتزلة والخوارج‪:‬‬
‫المعتزلة‪ :‬اإليمان‪ :‬تصديق وإقرار وعمل‪ .‬لكنهم قالوا أن تارك العمل في منزلة بين المنزلتين (بين الكفر واإليمان)‬
‫الرد عليهم‪ :‬أن قولهم مخالف لما أجمعت عليه األمة ولما جاء في القران والسنة من أن اإلنسان إما مؤمن أو كافر‪ .‬ال‬
‫وسط بينهما‪.‬‬
‫الخوارج‪ :‬اإليمان‪ :‬تصديق وإقرار وعمل‪ .‬لكنهم كفروا من لم يعمل الشرع‪ .‬وسنرد عليهم في باب مرتكب الكبيرة‪.‬‬

‫اإلسالم‬
‫معنى اإلسالم في اللغة‪:‬‬
‫اإلسالم في اللغة معنيان‪:‬‬
‫‪-١‬االستسالم واإلنقياد {فلما أسلما وتله للجبين}‪.‬‬
‫‪-٢‬إخالص العبادة هلل تعالى {ومن يسلم وجهه هلل وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى}‪.‬‬
‫تعريف اإلسالم في الشرع‪:‬‬
‫اإلسالم هو االمتثال ألوامر هللا ونواهيه‪ .‬وهو مبني على خمسة أركان‪ :‬الشهادة والصالة والزكاة وصوم رمضان‬
‫والحج لمن استطاع إليه سبيال‪.‬‬
‫هل اإلسالم واإليمان مختلفان؟‬
‫ن عم‪ ،‬ألن اإلسالم االمتثال الظاهري‪ ،‬واإليمان التصديق الباطني‪ .‬إال أنهما متالزمان‪ ،‬إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا‬
‫اجتمعا أي‪ :‬إذا اجتمع اللفظان في نص واحد افترق معناهما ‪ ،‬فكان اإلسالم األعمال الظاهرة واإليمان التصديق‬
‫الباطني بأركان اإليمان الستة‪ .‬وإذا جاء أحدهما بدون اآلخر شمل معنى اآلخر‪.‬‬
‫مثال اجتماع اللفظين‪:‬‬
‫{قالت األعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل اإليمان في قلوبكم} ففي هذه األية لإلسالم معنى‬
‫ولإليمان معنى‪.‬‬
‫مثال انفراد اإلسالم وحده‪:‬‬
‫قوله تعالى‪{:‬قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم}‪ .‬وقوله ﷺ‪":‬المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"‪.‬‬
‫مثال انفراد اإليمان وحده‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫قوله تعالى‪}:‬ر بنا إننا سمعنا مناديا ينادي لإليمان أن آمنوا بربكم فآمنا}‪ .‬وقوله ﷺ‪ ":‬المؤمن القوي خير وأحب إلى هللا‬
‫من المؤمن الضعيف"‪ .‬فاإليمان في هذه النصوص يشمل اإلسالم‪.‬‬
‫ما عالمة اإليمان؟‬
‫من عالمات اإليمان‪ ،‬قال رسول هللا ﷺ‪ ":‬ال يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين"‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الكفر والتكفير‬
‫معنى الكفر في اللغة‪:‬‬
‫الكفر‪ :‬معناه التغطية والستر والجحود‪ ،‬وضده اإليمان‪.‬‬
‫والتكفير‪ :‬ستر الذنوب وإزالته‪ ،‬كالتمريض‪ :‬إزالة المرض‪.‬‬
‫معنى الكفر في الشرع‪ :‬هو تكذيب النبي ﷺ في شيء مما جاء به من ربه أو جحود شيء مما يصير به المؤمن مؤمنا‪.‬‬
‫الكافر اسم لمن ال إيمان له‪ ،‬فهو يشمل‪:‬‬
‫‪-١‬المنافق‪:‬من أظهر اإليمان وأبطن الكفر‪.‬‬
‫‪-٢‬المرتد‪ :‬من طرأ كفره بعد إسالمه‪.‬‬
‫‪-٣‬المشرك‪ :‬من قال بإلهين أو أكثر‪.‬‬
‫‪-٤‬الكتابي‪ :‬من كان متدينا بدين منسوخ كاليهودية والنصرانية‪.‬‬
‫‪-٥‬الملحد أو الزنديق‪ :‬من ال يؤمن بإله أصال‪.‬‬
‫أنواع الكفر‪:‬‬
‫‪-١‬كفر الملة (الكفر األكبر)‪ :‬هو جحود شيء مما جاء به نبينا محمد ﷺ مما علم بالضرورة (أصل من صول الدين)‪.‬‬
‫اآليات الدالة على كفر الملة‪:‬‬
‫• فمن أنكر وجودهم تعالى فهو كافر {أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة}‪.‬‬
‫• ومن أنكر رسالة نبينا ﷺ فهو كافر {ويقول الذين كفروا لست مرسال}‪.‬‬
‫• ومن أنكر كتابه عز وجل فهو كافر {قل أرءيتم إن كان من عند هللا وكفرتم به}‪.‬‬
‫حكم كفر الملة‪:‬‬
‫أنه يخرج صاحبه عن الملة ويخلد في النار‪ ،‬وأما في الدنيا فيترتب على األحكام التالية‪:‬‬
‫• ال تحل زوجته له؛ فال تبقي في عصمته‪.‬‬
‫• ال والية له على أوالده؛ فال والية لكافر على مسلم‪.‬‬
‫• ال تحل ذبيحته‪.‬‬
‫• ال يرث وال يورث؛ الختالف الدين‪.‬‬
‫• ال يصلي عليه وال يدفن في مقابر المسلمين‪.‬‬
‫‪-٢‬كفر النعمة (الكفر األصغر) ‪ :‬يسمى الكفر المجازي العملي‪ ،‬ألنه يكون في األعمال‪ .‬وهو جحود النعمة وعدم شكر‬
‫المنعم سبحانه‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫اآليات الدالة على كفر النعمة‪:‬‬
‫• {ومن يتبدل الكفر باإليمان فقد ضل سواء السبيل}‪.‬‬
‫• {كيف يهدى هللا قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات}‪.‬‬
‫حكم كفر النعمة‪:‬‬
‫أنه معاص وذنوب كبائر يجب التوبة منها‪ .‬وإن مات فاعلها قبل التوبة فأمره إلى هللا‪ ،‬إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه‪.‬‬
‫وال يخرج صاحبه عن الملة وال يخلد في النار‪.‬‬
‫س‪ :‬جاءت األحاديث النبوية تصرح بأن فاعل بعض الذنوب كافر‪ .‬منها‪ :‬قوله ﷺ‪ ":‬من أتى حائضا أو امرأة في دبرها‬
‫أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد"‪ .‬هل هذا صحيح؟‬
‫ج‪ :‬ليس صحيحا‪ ،‬قد سمى الشرع بعض الذنوب كفرا تنفيرا من فعلها وترهيبا لفاعلها‪ ،‬فالمراد بالكفرفي األحاديث كفر‬
‫النعمة‪.‬‬
‫أنواع الشرك‪:‬‬
‫‪-١‬الشرك األكبر‪ :‬هو اعتقاد وجود شريك هلل أو أكثر في ملكه‪ .‬وصاحبه مخلد في النار‪{ .‬إنه من يشرك باهلل فقد حرم‬
‫هللا عليه الجنة ومأواه النار}‪.‬‬
‫‪-٢‬الشرك األصغر‪ :‬هو شرك مجازي عملي‪ ،‬يكون في بعض الذنوب والمعاصي‪ ،‬وسمى الشرع شركا تنفيرا من فعله‬
‫وترهيبا لفاعله {وما يؤمن أكثرهم باهلل إال وهم مشركون}‪.‬‬
‫أنواع الشرك األصغر‪:‬‬
‫‪-١‬شرك صغير ظاهر‪ :‬ويكون في الكالم‪ :‬كالحلف بغير هللا‪ ،‬وفي األعمال‪ :‬كتقليق التعميمة خشية الحسد‪.‬‬
‫‪-٢‬شرك صغير خفي‪ :‬ويكون في النية‪ :‬وهو الرياء‪ .‬قوله ﷺ‪ ":‬الشرك الخفي‪ :‬أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل"‪.‬‬
‫أنواع النفاق‪:‬‬
‫‪-١‬النفاق األكبر‪ :‬وهو إظهار اإلسالم وإخفاء الكفر‪ ،‬وصاحبه في الدرك األسفل من النار‪.‬‬
‫‪-٢‬النفاق األصغر‪ :‬وهو النفاق المجازي العملي ؛ ألنه يكون في األعمال؛ فهو ذنوب ومعاص يجب التوبة منه‪ ،‬وال‬
‫يخلد صاحبه في النار‪ .‬كمن إذا حدث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا ائتمن خان‪.‬‬
‫أنواع الفسق‪:‬‬
‫‪-١‬فسق أكبر‪ :‬وهو الكفر {وأما الذين فسقوا فمأواهم النار}‪.‬‬
‫‪-٢‬فسق أصغر‪ :‬وهو فعل المعاصي {وال تأكلوا مما لم يذكر اسم هللا وإنه لفسق}‪.‬‬
‫قضية التكفير واإلكفار‪:‬‬
‫قال رسول هللا ﷺ‪ ":‬إن بني إسرائيل افترقت على إح دى وسبعين فرقة‪ ،‬وإن أمتي ستفترق على اثنين وسبعين فرقة‪،‬‬
‫كلها في النار إال واحدة وهي الجماعة"‪.‬‬
‫فهم بعض العلماء للفرق من الحديث أمورا منها‪:‬‬
‫‪-١‬أنه يحصر الفرق في العدد المذكور‪.‬‬
‫‪-٢‬أن كون الفرق المخالفة للجماعة كافرة مخلدة في النار‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫نوقش هذين األمرين‪:‬‬
‫‪-١‬ذكر العدد لبيان الكثرة ال للحصر‪ .‬كقوله تعالى‪{:‬إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر هللا لهم}‪ .‬ويؤيد هذا االحتمال‪،‬‬
‫النظر في الواقع‪ ،‬فإن العدد يزيد كثيرا على المذكور في الحديث‪ ،‬بل مازالت تظهر فرق أخرى في عصرنا الحاضر‪.‬‬
‫‪-٢‬ليس كل من يدخل النار كافرا مخلدا فيها؛ فإن عصاة المؤمنين يدخلونها أيضا مددا تتناسب مع معاصيهم‪ ،‬ثم‬
‫يخرجون منها إلى الجنة‪ .‬وال يعني ذلك أننا نحكم على جميع الفرق باإليمان ‪ ،‬فإننا ال نستطيع أن نحكم بإيمان فرق‬
‫مثل‪ :‬الباطنية والخطابية والدروز والنصيرية‪.‬‬
‫في هذا المجال اتجاهان‪:‬‬
‫‪-١‬اتجاه المسارعة إلى التكفير‪ :‬وهو يتمثل فيما ذهب إليه الخوارج من أن العاصي كافر مخلد في النار‪.‬‬
‫‪-٢‬واتجاه التريث‪ :‬وهو فيما ذهب إليه أهل السنة من أن العاصي ال يطلق عليه اسم الكافر وال يخلد في النار‪.‬‬
‫أراء العلماء في هذا المجال‪:‬‬
‫‪-١‬اإلمام مالك‪ ":‬من صدر عنه ما يحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجها ويحتمل اإليمان من وجه واحد؛ حمل أمره‬
‫على اإليمان"‪.‬‬
‫‪-٢‬اإلمام الشافعي‪ ":‬ال أرد شهادة أحد من أهل الهواء إال الخطابية؛ فإنهم يعتقدون حل الكذب"‪.‬‬
‫‪-٣‬ورد عن اإلمام أبي حنيفة‪ :‬أنه لم يكفر أحدا من أهل القبلة‪.‬‬
‫‪-٤‬اإلمام الرازي‪ ":‬المختار عندنا أنه ال يكفر أحد من أهل القبلة إال بدليل منفصل"‪.‬‬
‫أيهما أقرب إلى العقل والشرع وأبعد عن العقل والشرع؟‬
‫اتجاه التريث أقرب إلى العقل والشرع‪ ،‬بدليل قوله ﷺ‪ ":‬من صلى صالتنا‪ ،‬واستقبل قبلتنا‪ ،‬وأكل ذبيحتنا‪ ،‬فذلك المسلم‬
‫الذي له ذمة هللا وذمة رسوله‪ ،‬فال تخفروا هللا في ذمته"‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مرتكب الكبيرة‬
‫تعريف الكبيرة‪:‬‬
‫هي الذنب الذي فيه حد في الدنيا‪ ،‬أو توعد بالنار‪ ،‬أو اللعنة‪ ،‬أو الغضب‪ .‬كالشرك باهلل‪ ،‬وعقوق الوالدين والسحر‪ ،‬وقتل‬
‫النفس‪ ،‬وأكل مال اليتيم‪ ،‬وأكل الربا‪ ،‬والتولي يوم الزحف‪ ،‬وقذف المحصنات‪.‬‬
‫حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة‪:‬‬
‫يرى أنه مؤمن عاص‪ ،‬إن تاب تاب هللا عليه‪ ،‬وإن مات بدون توبة‪ ،‬فأمره إلى هللا‪ :‬إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه‪.‬‬
‫وهو غير مخلد في النار‪.‬‬
‫أدلة أهل السنة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬استدلوا على أنه مؤمن ليس كافرا‪:‬‬
‫‪{-١‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} فجعل الذين اقتتلوا من المؤمنين‪ ،‬واجتمع اإليمان مع المعصية‪.‬‬
‫‪-٢‬وقوله ﷺ‪":‬ثالث أصل اإليمان‪ :‬الكف عمن قال‪ :‬ال إله إال هللا‪ ،‬وال نكفره بذنب‪ ،‬وال نخرجه من اإلسالم بعمل‪،‬‬
‫والجهاد ماض منذ بعثني هللا إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال ال يبطله جور جائر‪ ،‬وال عدل عادل‪ ،‬واإليمان باألقدار‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬استدلوا على جواز العفو عن مرتكب الكبيرة‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫‪-١‬قوله تعالى‪{:‬وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات}‬
‫‪-٢‬وقوله ﷺ‪":‬شفاعتي ألهل الكبائر من أمتي"‪.‬‬
‫مذهب الخوارج في مرتكب الكبيرة‪:‬‬
‫يرون أنه كافر مخلد في النار‪ .‬ألن العمل بالشرع ركن من أركان اإليمان‪ ،‬فيفقد اإليمان بفقده‪.‬‬
‫أدلة الخوارج والرد عليهم‪:‬‬
‫‪{-١‬ومن لم يحكم بما أنزل هللا فأولئك هم الكافرون}‬
‫ومعنى الكفر هنا عندهم ليس له إال معنى واحد فقط وهو كفر أكبر يخرج عن اإلسالم‪.‬‬
‫أجاب أهل السنة‪:‬‬
‫بأن الحكم بغير ما أنزل هللا قد يكون كفرا أكبر يخرج عن اإلسالم‪ ،‬وقد يكون كفرا أصغر (معصية) ال يخرج عن‬
‫اإلسالم‪ .‬وذلك بحسب حال الحاكم بغير ما أنزل هللا‪ .‬إن كان منكرا له مستهينا به فهو كافر حقيقي‪ .‬وإن كان مقرا به‬
‫وعدل عنه مع اعترافه بتقصيره‪ ،‬فهو مسلم عاص ويسمى كافرا مجازيا‪.‬‬
‫‪{-٢‬وهلل على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيال ومن كفر فإن هللا غني عن العالمين}‬
‫أجاب أهل السنة‪:‬‬
‫بأن من ترك الحج جاحدا وجوبه مستهينا به فهو كافر حقيقي‪ .‬أما من تركه كسال أو بخال فهو كافر عملي مجازي‪.‬‬
‫‪-٣‬قوله ﷺ‪ ":‬من حلف بغير هللا فقد كفر أو أشرك"‪ .‬وغيره كثير‪.‬‬
‫أجاب أهل السنة‪:‬‬
‫بأن المقصود بالكفر في هذا الحديث وأمثاله‪ :‬الكفر الحقيقي إن كان فاعل هذه الذنوب مستحال لها‪ .‬أما إذا كان غير‬
‫مستحل لها فالمقصود الكفر المجازي (كفر النعمة)‪ .‬فيكون التعبير بالكفر والشرك من باب المبالغة في التنفير والزجر‬
‫عن فعلها‪.‬‬
‫أدلة الخوارج على أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار‪:‬‬
‫‪{-١‬ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها}‪.‬‬
‫أجاب أهل السنة‪:‬‬
‫بأن المراد من قتل مؤمنا إليمانه أو ألنه مستحل لقتله أو أن المراد بالخلود‪ :‬المكث الطويل‪.‬‬
‫‪{-٢‬ومن يعص هللا ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا}‬
‫أجاب أهل السنة‪:‬‬
‫• بأن المراد ومن يعص هللا ورسوله في التوحيد‪ ،‬ألن اآلية في الحديث عن التوحيد وليست في مرتكب الكبيرة‪.‬‬
‫• ولفظ (المعصية) إذا أطلق يدخل فيه الكفر{فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيال}‬
‫‪-٣‬قوله ﷺ‪ ":‬من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا‪"..‬‬
‫أجاب أهل السنة‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫بأن العقاب المذكور لمن استحل األمور المذكورة ؛ ألنه باست حالله لها يصير كافرا مخلدا في النار‪ .‬أما من انتحر وهو‬
‫يعلم أنه كبيرة من الكبائر لكنه يطمع في مغفرة هللا فهو مسلم عاص‪ ،‬وأمره مفوض إلى هللا إن شاء عاقبه وإن شاء عفا‬
‫عنه‪.‬‬
‫األسئلة عن الفصل األول والرابع‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫األول‪ :‬ينبني الدين على ثالثة عناصر‪ ،‬اذكر هذه العناصر محددا اسم كل عنصر وقيمته في الدين! وكيف تتكامل هذه‬
‫العناصر وتكون حقيقة الدين؟ فصل هذا الموضوع!‬
‫• ينبني الدين على ثالثة عناصر‪:‬‬
‫‪-١‬العنصر القلبي‪ :‬وهو االعتقاد‪ ،‬وهو العلم الجازم بكل ما ثبت بالضرورة مع اليقين الجازم القلبي‪ .‬وهذا الجزء ال‬
‫غنى عنه بحال‪ ،‬وإذا عدم عدمت حقيقة اإليمان‪ ،‬وإذا تحقق فقد وجد أساس اإليمان‪.‬‬
‫‪-٢‬العنصر القولي‪ :‬وهو اإلقرار باللسان‪ ،‬وهذا الجزء ال يدخل عند هللا على حساب أصل اإليمان‪ ،‬وإنما هو دليل على‬
‫وجود اإليمان أمام األمة‪.‬‬
‫‪-٣‬العنصر العملي‪ :‬وهو العمل بكل ما أمر هللا به من فريضة ونافلة واالنتهاء عما نهى عنه من حرام وشبهة‪.‬‬
‫• القيمة لكل عنصر‪:‬‬
‫أن اإلنسان مركب من األعضاء‪ ،‬تتفاوت حاجة المجموع إليها فمنها ما هو عضو رئيس تذهب الحياة بفقده كالقلب‬
‫والرأس‪ ،‬وهذا هو (العنصر القلبي)‪ .‬ومنها ما هو عضو نافع تنقص المرافق بفقده كاليد والرجل‪ ،‬وهذا هو (العنصر‬
‫القولي)‪ .‬ومنها ما هو زينة مكمل للجمال كالشعر والظفر‪ ،‬وهذا هو (العنصر العملي)‪.‬‬
‫• ال نكتفي بأحدها دون اآلخر بل ال بد من التكامل؛ ألن العمل بأحدها دون اآلخر يجعل الدين ناقصا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬قد يجتمع اإليمان واإلسالم في نص واحد وقد يفترقان‪ ،‬فماذا نفهم منهما حالة االجتماع وحالة االفتراق؟‬
‫ممثال لما تقول!‬
‫انظر صفحة ‪ ٢٩-٢٨‬في الملخص!‬
‫الثالث‪ :‬مصطلح الكفر قد يفيد معنى الكفر األكبر والكفر األصغر‪ ،‬اشرح كال منهما ممثال لما تقول!‬
‫انظر صفحة ‪ ٣٠-٢٩‬في الملخص!‬
‫الرابع‪ :‬في باب مرتكب الكبيرة تختلف المذاهب في مصطلح الكفر‪ ،‬مثل قوله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل هللا‬
‫فأولئك هم الكافرون} فما الكفر هنا عند كل من الخوارج وأهل السنة؟‬
‫انظر صفحة ‪ ٣٢‬في الملخص!‬
‫الخامس‪ :‬في مجال التكفير يوجد للعلماء اتجاهان‪ :‬اتجاه المسارعة واتجاه التريث‪ ،‬وضحهما ذاكرا آراء العلماء في‬
‫هذا الصدد! أيهما أقرب إلى العقل والشرع‪ ،‬وأيهما أبعد عن العقل والشرع؟‬
‫انظر صفحة ‪ ٣١‬في الملخص!‬
‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫األول‪ :‬أجمعت األمة على ختم النبوة‪ ،‬واستدلت عليه بالكتاب والسنة‪ ،‬فسر هذا الكالم مستدال باألدلة من الكتاب‬
‫والسنة مبينا الحكمة الجليلة من هذا التشريع!‬

‫‪33‬‬
‫انظر في التمهيد صفحة ‪! ٢‬‬
‫الثاني‪ :‬تكلم عن مذهب الشيخية ! واذكر دور أحمد اإلحسائي في التمهيد لفتنة المتنبئين الجدد في القرن التاسع‬
‫عشر! وبين التاريخ التأمري الذي مر به!‬
‫انظر صفحة ‪ ٤-٣‬في الملخص!‬
‫الثالث‪ :‬البابية والبهائية امتداد للشيخية‪ ،‬تكلم عن مؤسس البابية وعن عقيدته وأهداف دعوته! وتكلم عن مؤس س‬
‫البهائية! وتكلم عن صلتهما بالدوائر االستعمارية!‬
‫الجواب على مؤسس البابية وعقيدته وأهداف دعوته وعلى مؤسس البهائية انظر صفحة ‪ ٦-٤‬في الملخص!‬
‫أما عن صلتهما بالدوائر االستعمارية‪:‬‬
‫فكان لالستعمار دور لنشأة هذهين الطائفتين حيث ساهم في إيجادهم وساندهم بكل ما يحتاجون إليه لكي يؤدون مهمته‬
‫وهي نسخ الشريعة اإلسالمية ووضع شريعة جديدة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬تكلم عن القاديانية ومن كان وراء تأسيسها! وكيف استفادت من المستعمر البريطاني ؟‬
‫انظر صفحة ‪ ٧‬في الملخص!‬
‫الخامس‪ :‬بين الصواب والخطأ في القضايا اآلتية مع تصويب الخطأ!‬
‫‪-١‬ال يكفي في صحة االعتقاد العلم الجازم بالعقيدة (√)‬
‫‪-٢‬مرتكب الكبيرة مخلد في النار عند أهل السنة والجماعة (×) مرتكب الكبيرة مخلد في النار عند الخوارج‪.‬‬
‫‪-٣‬اقتتال المسلمين فيما بينهم مخرج له من الملة (×) ليس مخرجا عن الملة‪.‬‬
‫‪-٤‬كان االستعمار الصهيوني دائما من خلف المتنبئين بالعون (√)‬
‫السادس‪ :‬علل لما يأتي!‬
‫‪-١‬الدراسة العلمية لألديان المخترقة المفتراه تؤدي إلى بيان بطالنها‪.‬‬
‫من خالل الدراسة العلمية لألديان المخترقة يمكننا أن نعرف أنها باطلة ألنها إنتاج شيطاني والكالم فيها يخلو من‬
‫الكالم الرباني‪.‬‬
‫‪-٢‬فهم اإلسالم حق الفهم من وسائل إظهار بطالن األديان الباطلة‪.‬‬
‫ألن اإلسالم نفسه أتى من أشياء تعلو على المفاهيم البشرية‪ ،‬فتبين أنه من الربانية‪ ،‬وبتعرف الربانية تعرفنا أنه ال ينتج‬
‫من األفكار الشيطانية‪.‬‬

‫الحمد هلل رب العامين‬


‫وصلى هللا على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم‬

‫‪34‬‬

You might also like