You are on page 1of 25

‫مقياس مدخل إدارة األعمال‬

‫د‪ .‬بالل مسرحد‬


‫المحور األول‪ :‬مفاهيم حول اإلدارة وادارة األعمال‬
‫المبحث األول‪ :‬نشأة ومفهوم علم اإلدارة‬
‫المطلب األول‪ :‬نشأة علم اإلدارة‬
‫البد من اإلشارة إلى أن مصطلح (اإلدارة أوالتسيير) كان له وجود منذ‬
‫قبل الحديث عن نشأة اإلدارة والتسيير كعلم قائم بذاته‪ّ ،‬‬
‫يسمى‬
‫العصور القديمة لإلنسان؛ وبالتحديد منذ أن بدأ اإلنسان التفكير والتدبير في كيفية توفير حاجياته الشخصية‪ ،‬فكان ما ّ‬
‫التسيير الشخصي أو إدا رة اإلنسان بنفسه ولنفسه‪ ،‬وتطور التفكير بعد ذلك إلى التدبير الجماعي منذ أن بدأ اإلنسان العيش‬
‫في جماعات؛ فتطورت اإلدارة والتسيير وأسهمت في ظهور الحضارات اإلنسانية المتعاقبة‪ .‬وتظهر العمليات اإلدارية في‬
‫أبسط صورها في األسرة بحكم تكوينها وطبيعة الروابط التي تربط بين أعضائها؛ حيث تبرز في إطار النظام األسري كثير‬
‫من العمليات اإلدارية التي يهتم بدارستها علماء اإلدارة‪ ،‬كتقسيم العمل‪ ،‬التخصص‪ ،‬القيادة‪ ،‬المتابعة‪ ،‬وتشير الدراسات أن‬
‫عددا من المبادئ والمفاهيم الحديثة يمكن إرجاع أصولها إلى الممارسات اإلدارية القديمة‪ ،‬نتطرق إلى أهم الحضارات القديمة‬
‫ما قبل الميالد وما بعده من خالل الممارسة اإلدارية إلى غاية تطورها إلى علم قائم بذاته له موضوع ومنهج يتبعه‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اإلدارة في الحضارات القديمة (ما قبل الميالد)‬
‫السومرية‬
‫‪ .1‬الحضارة ّ‬
‫تزامن وجودها في بالد الرافدين (العراق) خالل األلف الرابع قبل الميالد (‪ 4000‬ق‪.‬م)‪ ،‬وقد كان السومريون يمارسون الرقابة اإلدارية‬
‫من خالل نظام المعابد‪ ،‬فكان لكل كاهن سجل وملف لمتابعة تحصيل ضرائب األموال ويقوم بإعداد تقارير لكبير الكهنة‪ ،‬وبذلك فإن‬
‫تسيير األعمال واألموال والرقابة عليهما كانت من بين أهم الممارسات اإلدارية القديمة‪.‬‬
‫‪ .2‬الحضارة المصرية‬
‫لقد كان المجتمع المصري الفرعوني على جانب كبير من التنظيم الهرمي الذي هو رمز التنظيم اإلداري على مر الزمن‪ ،‬وكان ذلك‬
‫حوالي األلف الثالث قبل الميالد (‪ 3000‬ق‪.‬م)؛ ففي قمة الهرم فرعون ملك مصر‪ ،‬وتحت هذه القمة النبالء‪ ،‬ثم كبار موظفي الدولة‪،‬‬
‫ثم الكتاب والحرفين‪ ،‬ثم العمال غير المهرة‪ ،‬ثم الفالحون‪ ،‬وقد كانت هناك ثالث سلطات إلدارة شؤون الدولة‪ ،‬أولها مكلفة بإدارة الشؤون‬
‫المدنية تحت إشراف الوزير‪ ،‬والثانية إلدارة شؤون المعابد الدينية تحت إشراف كبار رجال الدين‪ ،‬والثالثة إلدارة شؤون الحرب والجيش‪.‬‬
‫‪ .3‬الحضارة البابلية‬
‫حمو رابي‪ ،‬وهو‬
‫حمو رابي"‪ ،‬والذي اشتهر بقانون ّ‬ ‫كانت ببالد الرافدين خالل األلف األخير قبل الميالد (‪ 1000‬ق‪.‬م)‪ ،‬وأشهر ملوكها " ّ‬
‫أقدم قانون د ّل على وجود ممارسة وتنظيم إداري آنذاك؛ حيث قامت شريعته على العديد من المفاهيم اإلدارية المتعلقة بتنظيم النشاط‬
‫المالي والتجاري والزراعي والعقاري ‪ ،‬كما اهتم بالرقابة والمسؤولية والسلطة‪ ،‬وبالحوافز واألجور وغيرها من الوظائف اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .4‬الحضارة الصينية‬
‫تدل الوثائق بأنها كانت حضارة على علم كبير بممارسة بعض المبادئ اإلدارية كالتنظيم والتوجيه والرقابة‪ ،‬حيث أن الدستور الصيني‬
‫لعام (‪ 1100‬ق‪.‬م) استخدم كدليل إداري‪ ،‬فالتوظيف حسبه يخضع للكفاءة وعلى أساس االختبارات الختيار األصلح بغرض تحقيق‬
‫أهداف الدولة‪ ،‬كما وضع جها از للرقابة والتفتيش على أداء الموظفين‪.‬‬
‫‪ .5‬الحضارة اإلغريقية‬
‫امتدت الحضارة اإلغريقية أو اليونانية القديمة من (‪1200‬ق‪.‬م إلى ‪300‬ق‪.‬م)‪ ،‬وتركزت في شبه جزيرة البلقان وخليج بحر‬
‫إيجه‪ ،‬وكانت حضارة بحرية تجارية‪ ،‬وعرفت بالوثائق المتعلقة بمبادئ اإلدارة‪ ،‬واعتبرت اإلدارة فنا مستقال حسب "أكسنفون"‪،‬‬
‫وقد ترك اإلغريق العديد من المبادئ اإلدارية في كيفية اختيار الموظفين‪ ،‬وتفويض السلطة‪ ،‬والعدل والرقابة على األعمال‪.‬‬
‫ونادوا بمبدأ كلية اإلدارة‪ ،‬وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة‪ ،‬ومبدأ دورية الوظيفة‪.‬‬
‫‪ .6‬الحضارة الهندية‬
‫تميزت الحضارة الهندية القديمة بنظام الطبقية‪ ،‬حيث تشكلت من طبقة الكهنة (البراهمة)‪ ،‬وطبقة المحاربين (الجيش)‪ ،‬وطبقة الم ازرعين‬
‫والتجار‪ ،‬وطبقة أصحاب الحرف‪ ،‬وطبقة المنبوذين‪ ،‬وقد عرف عن الحضارة الهندية آنذاك مبدأ التخصص في العمل‪ ،‬ووضوح التعليمات‪،‬‬
‫وقيمة كفاءة األفراد والعالقات اإلنسانية‪ ،‬والتنظيم العسكري‪ ،‬والرقابة على األعمال وتفويض السلطة‪ ،‬والتخطيط‪ ،‬ونظام الحوافز‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلدارة في الحضارات القديمة (ما بعد الميالد)‬
‫‪ .1‬الحضارة الرومانية‬
‫امتدت الحضارة الرومانية من (‪ 500‬ق‪.‬م إلى القرون األولى ما بعد الميالد)‪ ،‬واستطاعت أن تبسط سيطرتها على رقعة شاسعة من‬
‫العالم‪ ،‬شملت أوربا وشمال إفريقيا‪ ،‬وبالد الشام‪ ،‬ويرجع ذلك لكفاءتها القيادية واإلدارية؛ حيث كان للحاكم (حكم ملكي) جها از استشاريا‪،‬‬
‫والقيادة اإلدارية حك ار على الطبقة األرستقراطية‪ ،‬وقد شهدت اإلمبراطورية الرومانية العديد من المهارات والمبادئ اإلدارية؛ حيث يتم‬
‫اختيار القادة حسب الكفاءة والجدارة‪ ،‬واعتمدت الالمركزية في التنظيم اإلداري‪ ،‬والهرمية في التسيير‪.‬‬
‫‪ .2‬الحضارة اإلسالمية‬
‫كانت بدايتها من منتصف األلف األول الميالدي؛ حيث قام اإلسالم على العديد من األحكام القرآنية والممارسات واألحاديث النبوية التي‬
‫أرست دعائم حضارة ودولة إسالمية مبنية على قواعد إدارية مثلى ومتطورة لتنظيم شؤون المجتمع آنذاك‪ ،‬كمبدأ الشورى الذي يعتبر‬
‫أسمى مبدأ للديمقراطية والمشاركة في المسؤولية والحكم‪ ،‬وتميزت القيادة اإلدارية بمفهوم عام وشامل؛ حيث كانت تنطوي على سلطات‬
‫دينية وادارية وسياسية‪ ،‬وجاءت الخالفة فيما بعد بمبدأ الالمركزية في اإلدارة والتسيير وتفويض السلطة‪ ،‬واختيار القادة على أساس الكفاءة‬
‫واألمانة والعدالة في الحكم والتسيير ورعاية شؤون الرعية‪ .‬وقد اعتمدت الحضارات الغربية بعد ذلك على العديد من المبادئ اإلدارية‬
‫للحضارة اإلسالمية لكونها مبادئ سامية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬اإلدارة في الحضارة الغربية‬
‫ورثت الحضارة الغربية العديد من المبادئ والعمليات اإلدارية للحضارات السابقة‪ ،‬لكنها في حقبة زمنية عانت من التخلف واالنحطاط‬
‫فساهم ذلك في التراجع عن العديد من المبادئ والممارسات اإلدارية السليمة‪ ،‬إلى أن وصلت إلى مرحلة ظهور الثورة الصناعية التي‬
‫كانت سببا في إنشاء مؤسسات ومنشآت صناعية كبرى ساعدت على إرساء مبادئ الفكر اإلداري من جديد‪ ،‬مع والدة أفكار جديدة‬
‫ومتطورة بعدها‪ ،‬نتيجة لعدة عوامل ساهمت في االنتقال من اإلدارة كممارسة وفن إلى اعتبارها علما قائما‪ ،‬ومن أهم هذه العوامل نجد‪:‬‬
‫‪ -‬التطور التكنولوجي‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور منشآت صناعية كبرى تعتمد على اآلالت بهدف البحث عن الزيادة في اإلنتاجية مع تخفيض التكاليف‪.‬‬
‫‪ -‬االتجاه إلى التخصص في النشاطات االقتصادية وخاصة الصناعية آنذاك‪.‬‬
‫إن الفكر اإلداري في العصور القديمة من خالل الحضارات المتعاقبة كان يعتمد على الممارسة وعلى الحدس والتخمين‪ ،‬والتجربة والخطأ‪،‬‬
‫لكن بعد ظهور الثورة الصناعية ظهرت أنواع جديدة من المشكالت لم تصادفها المجتمعات من قبل إلى حد ما‪ ،‬لذا بدأت إسهامات‬
‫بعض المفكرين والرواد االقتصاديين مثل "آدم سميث" و"جيمس ستيوارت" وغيرهم‪ ،‬كبداية لوضع المبادئ األولى لعلم اإلدارة وادارة‬
‫األعمال من خالل تحول الممارسات اإلدارية السابقة إلى مبادئ وأسس لعلم قائم بذاته‪ ،‬وسيتم توضيح ذلك أكثر في المحور الثاني‬
‫بالتطرق إلى أهم األفكار والنظريات والمبادئ التي أرستها مختلف مدارس الفكر اإلداري‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم علم اإلدارة‬
‫لم يرتق علم اإلدارة إلى علم قائم بذاته إال بعد الثورة الصناعية بأروبا‪ ،‬فمنذ القرن التاسع عشر(‪19‬م) ومع بداية المؤسسات‬
‫الصناعية الكبرى في العملية اإلنتاجية واستخدام اآلالت لتحقيق أقصى إنتاجية ممكنة‪ ،‬ظهرت بعض المشكالت المعقدة‬
‫المتعلقة باإلنتاج وتسيير العاملين‪ ،‬فبدأ بعض المفكرين االقتصاديين وضع أولى مبادئ علم اإلدارة بغرض مسايرة التطور‬
‫الحاصل في االقتصاد آنذاك‪ ،‬والحاجة إلى مفاهيم إدارية تساعد في إدارة هذه المنشآت الصناعية الكبيرة‪ ،‬ومن بين أهم‬
‫المفكرين نجد" جيمس ستيوارت" الذي نادى بتطبيق مبدأ تكافؤ السلطة والمسؤولية‪ ،‬وأوضح مدى أهمية وجود الحوافز بهدف‬
‫زيادة إنتاجية العمل‪ ،‬وكذلك "ت شارلز بابيج" الذي قام بدراسات أكد من خاللها على مبدأ عمومية اإلدارة وشموليتها كعملية‬
‫إدارية‪ ،‬وركز على مبدأ تقسييم العمل والتخصص لتحقيق المهارة وزيادة اإلنتاج ‪ ،‬ومع الدراسات واألبحاث التي قام بها هؤالء‬
‫المفكرون ظهر ما يسمى بإدارة األعمال‪ ،‬باعتبار أن هذه المنشآت الصناعية عبارة عن أعمال اقتصادية ينبغي مرافقتها عن‬
‫طريق أبحاث ودراسات علمية باستخدام أدوات منهجية بغرض وضع قواعد وأسس إدارية علمية إلدارة أعمالها بطريقة سليمة‬
‫وللوصول إلى الكفاءة اإلنتاجية‪.‬‬
‫يقصد بعلم اإلدارة بأنه "ذلك العلم الحديث النشأة مقارنة بالعديد من العلوم األخرى كعلم االقتصاد‪ ،‬وعلم االجتماع فأصبح‬
‫ينطوي على موضوع ومنهج خاص به؛ حيث أن موضوع علم اإلدارة يعنى بدراسة المعرفة المتعلقة بالظواهر المكونة للنشاط‬
‫اإلداري على مستوى منشآت األعمال والمؤسسات بمختلف أنواعها وأشكالها ونشاطاتها‪ ،‬هذا النشاط متعلق بالعملية اإلدارية‬
‫التي تنطوي على مجموعة من الوظائف التي يقوم بها المدير ويشرف عليها‪ ،‬كالتخطيط والتنظيم والتوجيه والقيادة والتحفيز‬
‫والرقابة‪.‬‬
‫أما عن المنهج المستخدم في الدراسات اإلدارية‪ ،‬فباعتبار أن علم اإلدارة من العلوم االجتماعية فإنه ال يختلف عن طريقة‬
‫التحليل المستخدمة في مثل هذه العلوم والمعتمدة باألساس على الطريقة االستنباطية التي تنتقل من فروض عامة مسلم بها‬
‫للوصول إلى قضايا وقوانين وأحكام يمكن تطبيقها على قضايا جزئية باستخدام العقل والمنطق في المقام األول وأدوات علمية‬
‫أخرى‪ .‬أو االعتماد على التحليل االستقرائي باالنتقال من مشاهدة الوقائع واألجزاء والقضايا الجزئية وتحليلها‪ ،‬ومن ثم استخراج‬
‫أحكام وقوانين يمكن تعميمها على الوقائع والظواهر المشابهة في شكل قوانين تفسيرية للواقع‪.‬‬
‫كما يمكن للباحثين في الدراسات اإلدارية االعتماد على مناهج علمية أخرى للوصول إلى النتائج المرجوة‪ ،‬كالمنهج الوصفي‬
‫باستخدام أسلوب دراسة الحاالت وأسلوب المسح أساسا‪ ،‬أو المنهج التاريخي‪ ،‬ومناهج أخرى موصولة إلى الحقيقة العلمية‪.‬‬
‫ويمكن تعريف علم اإلدارة بأنه " العلم الذي يستخدم طريقة عمل عقالنية للتنسيق بين الموارد المادية والبشرية بغرض تحقيق‬
‫أهداف المنشأة"‪.‬‬
‫ويعرف كذلك بأنه "العلم الذي يقوم بتطوير األفكار اإلدارية والتسييرية بطريقة منهجية‪ ،‬ووفق فلسفة تتمحور حول النشاط‬
‫اإلداري بكل مكوناته‪ ،‬بغرض تلبية مختلف حاجات المنخرطين في العملية اإلدارية من مسيرين وعاملين‪ ،‬والوصول إلى‬
‫تحقيق العملية االقتصادية واالجتماعية "‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تعريف وخصائص اإلدارة والتسيير وادارة األعمال‬
‫من البداية يظهر لنا أن هناك اختالفا جوهريا بين المصطلحات الثالثة‪" ،‬اإلدارة"‪" ،‬التسيير" و"إدارة األعمال"‪ ،‬إال أن ذلك ال‬
‫يعدو أن يكون مجرد مفاهيم منحت من قبل الباحثين والمفكرين في الدراسات اإلدارية‪ ،‬كل حسب مجال بحثه وتخصصه‬
‫والبيئة التي يجرى فيها بحثه عن المنشأة‪ ،‬كما يمكن أن تكون التفرقة كذلك من وجهة النظر المختلفة لكل من المصطلحات‬
‫أو المفاهيم من ناحية الممارسة من قبل المتدخلين في العملية اإلدارية؛ باعتبار أن اإلدارة أو التسيير أو إدارة األعمال‬
‫أصبحت كل منها مهنة قائمة على أسس وقواعد تحكمها‪.‬‬
‫‪ .1‬من الجانب اللغوي‬
‫مصطلح" إدارة" يعود أصله إلى الالتنية (‪ ،)To serve‬وتعني باللغة العربية "الخدمة"‪ ،‬ويشار إلى اإلدارة بالالتنية من خالل‬
‫المصطلحات اآلتية‪:‬‬
‫"‪ :"Administration‬تشير إلى مهام اإلداري أو المدير في المستويات العليا للمنظمة‪ ،‬في المنظمات التي ال تسعى‬ ‫‪‬‬
‫إلى تحقيق الربحية أو في المؤسسات اإلدارية الحكومية‪.‬‬
‫‪ :"Management" ‬يمكن ترجمتها إلى الفرنسية وتعني "‪ ،" Gestion‬ويقصد بها باللغة العربية "التسيير"‪ ،‬وتطلق‬
‫عمليا على مهام اإلدارة في المستويات اإلدارية التنفيذية‪.‬‬
‫أو مدير األعمال فيما‬ ‫أما "إدارة األعمال" فيطلق عليها بالالتنية "‪ ،"Business administration‬وتعني مهام المدير‬
‫يتعلق بالسيطرة واإلشراف على األعمال الخاصة بالمنظمة بفعالية للوصول إلى األهداف المرجوة‪.‬‬
‫‪ .2‬من الجانب االصطالحي‬
‫نستعرض بعض التعريفات المقدمة لإلدارة والتسيير وادارة األعمال من قبل علماء الفكر اإلداري من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬عرف " تايلور" اإلدارة أو التسيير بأنها " القيام بتحديد ما هو مطلوب عمله من العاملين بشكل صحيح‪ ،‬ثم التأكد من‬
‫أنهم يؤدونه بأفضل وأرخص الطرق"؛ أي أن "تايلور" يعرف اإلدارة من جانب الوصول إلى الهدف (تحقيق أكبر إنتاجية)‬
‫بأقل تكلفة ممكنة‪ ،‬بالتركيز على ضرورة اإلشراف على العاملين وتقسيم العمل فيما بينهم وفق مبدأ التخصص‪ .‬فهو يركز في‬
‫تعريفه لإلدارة على العمليات اإلدارية على مستوى الورشة أو المصنع؛ أي العمليات التنفيذية بمفهوم التسيير‪.‬‬
‫أما "فايول" فعرف اإلدارة بأنها " اإلدارة بالنسبة للمدير هي أن يتنبأ بالمستقبل ويخطط بناء عليه‪ ،‬وينظم ويصدر األوامر‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وينسق ويراقب"‪ ،‬هنا "فايول" عرف اإلدارة بالتركيز على وظائف المدير أو مدير األعمال في المنظمة من خالل العملية‬
‫اإلدارية المشكلة من أربع وظائف‪ ،‬هي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة‪.‬‬
‫ويعرف "سايمون" اإلدارة بأنها " االستخدام األمثل لعناصر اإلنتاج لتحقيق أهداف المنشأة"؛ فهو يعرف اإلدارة من‬ ‫‪‬‬
‫منظور إقتصادي‪.‬‬
‫ويمكن القول أن اإلدارة أو التسيير عمل ذهني يسعى إلى تحقيق االستخدام األمثل لعناصر اإلنتاج في المنظمة بأعلى كفاءة‪،‬‬
‫وهي عبارة عن عملية إدارية متكاملة يقوم من خاللها المدير بوظائف تتعلق بالتخطيط للمشروع ووضع استراتيجيته واطاره‬
‫التنظيمي‪ ،‬واختيار الرؤساء واألفراد العاملين‪ ،‬وتوجيههم وقيادتهم وتحفيزهم‪ ،‬والقيام بالرقابة على أعمالهم للوصول إلى تحقيق‬
‫أهداف المنظمة‪.‬‬
‫‪ .3‬التفرقة بين اإلدارة والتسيير وادارة األعمال‬
‫من خالل التعاريف المقدمة لإلدارة والتسيير وادارة األعمال‪ ،‬نجد بأن مظاهر االختالف بين هذه المصطلحات ال وجود لها‬
‫من حيث المفاهيم التي أعطيت من قبل المفكرين لكل منها حسب مجال الدراسة وبيئتها والزمن التي أجريت فيه‪ ،‬أو من‬
‫حيث مجال الممارسة لكل منها‪.‬‬
‫فاإلدارة والتسيير مصطلحين لمفهوم واحد لدى أغلب علماء الفكر اإلداري‪ ،‬إال أن البعض يتحدث عن اختالف بينهما من‬
‫حيث الجوانب اآلتية‪:‬‬
‫من حيث المصطلح فإن لكل من المصطلحين معنى بالالتينية؛ فاإلدارة بمعنى "‪ ،" Administration‬أما التسيير‬ ‫‪‬‬
‫بمعنى "‪ ،"Gestion‬ولهذا المعنى الالتيني فإن المصطلحين مختلفين من حيث مجال ممارسة كل منهما‪.‬‬
‫من حيث أدوات الممارسة فإن التسيير بمعنى "‪ "Gestion‬يعتمد بدرجة كبيرة على التقنيات أكثر من اعتماده على‬ ‫‪‬‬
‫الفنيات‪ ،‬ونقصد هنا التسيير يستخدم األسلوب العلمي الكمي في حل المشكالت اإلدارية باالعتماد على التقنيات واألدوات‬
‫الكمية‪ ،‬كبحوث العمليات ونظريات اتخاذ القرار وما يتطلب ذلك من استخدام الحاسب اإللكتروني‪ ،‬وذلك فيما يتعلق بتخطيط‬
‫اإلنتاج أو تسيير المخزون وغيرها؛ أما اإلدارة بمعنى "‪ " Administration‬فيغلب عليها الطابع الفني أكثر‪ ،‬وتعتمد على‬
‫ما يقدمه التسيير من تقنيات ووسائل ومعلومات‪.‬‬
‫من حيث مجال الممارسة‪ ،‬فإن الطابع التقني للتسيير يجعل من مجال ممارسته يتوفر في المشرفين القاعديين بدرجة‬ ‫‪‬‬
‫أكبر‪ ،‬حيث تتوفر فيهم المهارات التقنية‪ ،‬أما اإلدارة فيغلب عليها الطابع الفني الذي يتوفر لدى المشرفين في المستويات‬
‫الوسطى والعليا للمنظمة؛ حيث تتوفر فيهم بدرجة أكبر حسن التعامل والتواصل مع األفراد‪ ،‬وحسن التدبير والتخطيط‪.‬‬
‫فيما يتعلق "بإدارة األعمال" فهو مصطلح حديث العهد مقارنة بالمصطلحين األولين "اإلدارة" و"التسيير"‪ ،‬فهو مصطلح ظهر‬
‫مع تطور الفكر اإلداري وظهور المنشآت والمنظمات الكبيرة والصناعية‪ ،‬ومحاولة علماء اإلدارة إيجاد الطرق العلمية إلدارتها‬
‫بهدف تحقيق الكفاءة اإلنتاجية؛ هذا من حيث النشأة‪ ،‬أما من حيث مجال الممارسة فإذا كنا بصدد ممارسة اإلدارة على‬
‫مستوى اإلدارات الحكومية التي ال تهدف إلى تحقيق الربح بل إلى تحقيق مصلحة عامة فنحن بصدد ممارسة ما يسمى‬
‫"باإلدارة العامة"؛ أما إذا كنا بصدد مؤسسات ومنظمات األعمال التي هدفها تحقيق الربح‪ ،‬فهنا نكون بصدد ممارسة ما يسمى‬
‫"إدارة األعمال"‬
‫وتختلف "إدارة األعمال" عن "اإلدارة العامة" من حيث ما يأتي‪:‬‬
‫إن الهدف الذي تسعى إليه اإلدارة العامة يتمثل في خدمة الصالح العام؛ فأغلب اإلدارات العمومية الحكومية ال تهدف‬ ‫‪‬‬
‫من خالل نشاطها إلى تحقيق الربح؛ في حين أن إدارة األعمال من خالل المؤسسات ومنظمات األعمال فهدفها األساسي‬
‫الربح المادي بغرض البقاء في السوق والمنافسة‪ .‬ونشير هنا إلى أن بعض المؤسسات ومنظمات األعمال تكون ذات ملكية‬
‫عمومية أي تابعة للدولة؛ فهي من الجانب القانوني ذات ملكية عمومية أما من الجانب اإلداري فتطبق مبادئ إدارة األعمال‪،‬‬
‫ألنها باإلضافة إلى تقديمها لخدمات عمومية فإنها تهدف كذلك إلى تحقيق ربح مادي‪.‬‬
‫إن األساس القانوني الذي يحكم اإلدارة العامة يتمثل في القوانين والتشريعات الحكومية‪ ،‬وهذا ما يجعلها غير مرنة إلى‬ ‫‪‬‬
‫حد كبير مع صعوبة التطوير والتغيير فيها‪ ،‬أما إدارة األعمال فتحكمها تنظيمات مجلس اإلدارة وق ارراته‪ ،‬وبذلك فهي تتمتع‬
‫بمرونة كبيرة تجاه التطوير والتعديل‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلدارة بين العلم والفن والمهنة‬
‫يعتبر الكثير من المفكرين اإلدارة فنا ‪ ،‬باعتبارها الصفة التي سادت لدى الممارسين لإلدارة في العصور القديمة اعتمادا على‬
‫الحدس والتخمين‪ ،‬وباعتبار كذلك أن صفة الفن مرتبطة بمهارات األفراد وسلوكياتهم الشخصية‪ ،‬وهي عند البعض أهم من‬
‫صفتي العلم أو المهنة‪ ،‬وأن الفن هو الوصول إلى النتيجة بتطبيق مجموعة من المهارات المبنية على الموهبة والخبرات‬
‫والتجارب التي اكتسبها اإلنسان في ممارسته للعملية اإلدارية‪.‬‬
‫ولقد اعتبرت اإلدارة من قبل العديد من المفكرين وعلماء اإلدارة بداية من القرن العشرين علما قائما بذاته؛ حيث أن العلم‬
‫أو مجال معرفي ما‪ ،‬والتي تمت البرهنة عليها‬ ‫مجموعة من المعارف المتراكمة والمنظمة بشكل منهجي والمتعلقة بموضوع‬
‫منطقيا لتكون مبادئ وقوانين يمكن تطبيقها‪ .‬فمنذ بداية الفكر اإلداري من خالل المدارس اإلدارية المختلفة بدأت توضع أولى‬
‫مباد ئ اإلدارة‪ ،‬ومع تراكم هذه المبادئ والقوانين التسييرية تكونت المعارف اإلدارية فأصبحت الممارسة اإلدارية علما؛ حيث‬
‫أن المدير يستخدم مبادئ علم اإلدارة ويستخدم األسلوب العلمي في حل المشكالت اإلدارية‪ ،‬من تحديد للمشكلة وتحليلها‬
‫واإلنسانية‪.‬‬ ‫ودراستها في شكل نماذج كمية؛ وقد صنف علم اإلدارة من ضمن العلوم االجتماعية‬
‫أما فيما يتعلق اعتبار اإلدارة مهنة ؛ فبعد انفصال الملكية عن اإلدارة والتسيير خاصة بظهور المؤسسات والمصانع الكبيرة‬
‫التي تطلبت إدارتها اعتماد مبادئ إدارة األعمال لتحقيق مبادئها المتمثلة أساسا في الكفاءة والفعالية‪ ،‬ظهرت كفاءات إدارية‬
‫وتسييرية بشرية تطبق مبادئ علم اإلدارة وقواعد إدارة األعمال مستفيدة من خبراتها المتراكمة‪ ،‬فأسندت لها مهام اإلدارة‬
‫والتسيير من قبل مالك هذه المؤسسات والمصانع‪ ،‬فأصبحت بذلك اإلدارة والتسيير مهنة‪ ،‬لصاحبها واجبات وحقوق‪.‬‬
‫فطبيعة اإلدارة تماشيا مع التطورات االقتصادية واالجتماعية يمكنها أن تجمع اليوم بين الصفات الثالث؛ فهي "مهنة" لما‬
‫يتطلب ذلك من احترافية في األداء والتسيير من قبل مدير أعمال المنشأة الذي ينحو به األمر إلى االعتماد على القواعد‬
‫العلمية لتسيير المنشأة "علم"‪ ،‬وااللتزام بتطبيقها؛ وتساعده المهارة "فن" في الوصول بهذا التطبيق إلى أعلى درجات الفعالية‪.‬‬
‫‪ .5‬خصائص اإلدارة‬
‫يمكن استخالص أهم خصائص اإلدارة من التعاريف المختلفة المقدمة سابقا‪ ،‬أي من وظائفها المختلفة والتي صنفها "فايول"‬
‫إلى خمسة عناصر وظيفية أساسية تتمثل في التخطيط والتنظيم‪ ،‬واصدار األوامر‪ ،‬والتنسيق‪ ،‬والرقابة‪ .‬ومن خالل هذه‬
‫الوظائف التسييرية نجد أن أهم خصائص اإلدارة‪ ،‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أن اإلدارة تبرز كفاءة المجموعة؛ أي أن المسير ال يمكنه تحقيق أهداف المنشأة بمفرده‪ .‬فالبد من مشاركة الموارد البشرية‬
‫في مختلف المستويات لتحقيق الفعالية المطلوبة‪.‬‬
‫‪ ‬أن ممارسة اإلدارة يظهر تأثير وظائف العملية التسييرية على بعضها البعض؛ حيث تشكل مجموعة واحدة متكاملة‬
‫ومتناسقة‪.‬‬
‫أن العملية اإلدارية تتميز باالستم اررية وفق دورة مستمرة تضمن استم اررية وتطور أعمال المنشأة‪ ،‬من خالل تصحيح‬ ‫‪‬‬
‫األخطاء واالنحرافات المالحظة في كل دورة؛ حيث تبدأ بالتخطيط وتنتهي بالرقابة الكتشاف االنحرافات‪ ،‬فتنطلق دورة أخرى‬
‫بالتخطيط ألهداف جديدة أخذا في االعتبار التعديالت المطلوبة‪.‬‬
‫أن هدف العملية اإلدارية تقريب الجانب العقالني (بإدخال بعض التقنيات الكمية واألساليب لرفع مستوى الكفاءة اإلنتاجية)‬ ‫‪‬‬
‫من الجانب اإلنساني‪ ،‬المتعلق أساسا بتحفيز العاملين ماديا ومعنويا واشراكهم في كل ما يتعلق باتخاذ الق اررات في المنشأة‪.‬‬

‫‪ .6‬أهمية اإلدارة‬
‫انطالقا من خصائص اإلدارة باعتبارها نشاطا ديناميكيا وفاعال عن طريق استخدام الموارد البشرية والمادية الالزمة بفعالية‬
‫وكفاءة‪ ،‬فهي تلعب دو ار كبي ار في تعظيم وتفجير الطاقات البشرية واالستخدام األمثل لإلمكانيات المادية المتاحة‪ ،‬وهو ما يخدم‬
‫مصالح المنشأة عامة ومصا لح األفراد بها‪ ،‬فاإلدارة تعتبر من أكثر األنشطة اإلنسانية شموال وحيوية‪ ،‬فعلى الصعيد الميداني‬
‫تسهم اإلدارة في إحداث تغييرات جوهرية في الجهد اإلنساني من حيث زيادة كفاءته‪ ،‬مما يقود إلى تعظيم معدالت اإلنتاجية‬
‫وتقليص التكاليف‪ ،‬واستغالل الطاقات الكامنة‪ ،‬وتنمية اإلبداع واالبتكار‪ ،‬عالوة على دور اإلدارة في حل المشكالت‪ ،‬وتصحيح‬
‫االنحرافات‪ .‬ومنذ أن أصبحت اإلدارة علما أضحت تقدم األفكار والحلول بصورة منهجية‪ ،‬مع إدخال األساليب العلمية والتقنيات‬
‫الحديثة في العملية اإلدارية تماشيا مع التطورات التكنولوجية واالقتصادية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬عالقة علم اإلدارة (إدارة األعمال) بالعلوم األخرى‬
‫تربط علم اإلدارة عالقات عديدة مع مختلف العلوم األخرى‪ ،‬ونتيجة لهذه العالقات ظهرت تخصصات عديدة متعلقة باإلدارة‪،‬‬
‫وكل علم يستفيد من نظريات ومبادئ العلوم األخرى ويستخدمها لتطوير نظرياته وأفكاره‪ ،‬نذكر هنا بعض أهم العلوم التي‬
‫ترتبط بعلم اإلدارة‪.‬‬
‫‪ .1‬عالقة علم اإلدارة بعلم االقتصاد‬
‫يهتم علم االقتصاد بكيفية تحقيق الثروة عن طريق االستغالل األمثل للموارد على اختالف أنواعها بهدف إشباع حاجات أفراد‬
‫المجتمع‪ ،‬واالستغالل األمثل للموارد والطاقات المختلفة من صميم المهارات اإلدارية‪ ،‬فاإلدارة هي التي تسير وتوجه العمليات‬
‫االقتصادية‪ ،‬في المقابل فإن اإلدارة الناجحة هي التي تستخدم المعطيات االقتصادية واستغاللها بكفاءة عالية لتحقيق أهداف‬
‫المنظمة‪.‬‬
‫‪ .2‬عالقة علم اإلدارة بعلم االجتماع‬
‫علم االجتماع يقوم على دراسة المجتمع اإلنساني وسلوك الفرد والجماعات‪ ،‬واإلدارة تتفاعل مع المجتمع على اعتبار أنه يمثل‬
‫بيئتها الخارجية‪ ،‬فعليها األخذ بعين االعتبار مكونات هذا المجتمع ورغباته وسلوكياته ويستمد اإلداري كل هذه المعلومات‬
‫والنظريات من علم االجتماع‪ ،‬إضافة إلى ذلك يمكن النظر إلى المنشأة على اعتبار أنها مجتمع مصغر تطبق فيه مبادئ‬
‫ونظريات علم االجتماع‪ ،‬واإلدارة الناجحة هي اإلدارة التي تطبق في فلسفتها اإلدارية مبادئ ونظريات علماء االجتماع المتعلقة‬
‫أساسا بتسيير العاملين وتحفيزهم‪ ،‬ومن أهم التخصصات التي ظهرت في هذا المجال علم اجتماع التنظيمات‪.‬‬

‫‪ .3‬عالقة علم اإلدارة بعلم النفس‬


‫يهتم علم النفس بدراسة وتفسير الشخصية اإلنسانية والسلوك اإلنساني من حيث معرفة دوافعه وميوالته واتجاهاته‪ ،‬واإلداري‬
‫يحتاج إلى مثل هذه النظريات لمساعدته في فهم نفسية العاملين داخل المنشأة‪ ،‬ومعرفة دوافعهم ورغباتهم وطرق تحفيزهم‬
‫لتقديم األفضل‪ ،‬وهنا ظهر تخصص علم النفس الصناعي‪ ،‬وعلم النفس اإلداري في كيفية التعامل مع األفراد في المنظمات‬
‫الصناعية أو اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .4‬عالقة علم اإلدارة بعلم القانون‬
‫يدرس علم القانون التشريعات والقوانين التي تنظم األفراد والجماعات في المجتمع من كافة النواحي‪ ،‬واإلدارة الحديثة أضحت‬
‫تساير التطورات القانونية والتنظيمات المحلية والدولية بهدف التعرف على مختلف القواعد القانونية المتعلقة بالنشاط التجاري‪،‬‬
‫والنشاط الصناعي‪ ،‬وحماية المستهلك‪ ،‬وغيرها من التشريعات التي ينبغي على اإلدارة االلتزام بها في إدارة للمنشأة‪.‬‬
‫‪ .5‬عالقة علم اإلدارة بعلم الرياضيات وعلم اإلحصاء‬
‫ظهرت مجموعة من المدارس اإلدارية في الفكر اإلداري تنادي بتطبيق االتجاه الكمي في اإلدارة بهدف الوصول إلى ق اررات‬
‫أكثر دقة وموضوعية‪ ،‬فأصبح اإلداري في وقتنا الحالي يعتمد على مجموعة من القواعد والنماذج الرياضية وكذلك اإلحصائية‪،‬‬
‫كبحوث العمليات والبرمجة الخطية ونظرية المباريات وأدوات اإلحصاء االستداللي‪ ،‬للوصول إلى اتخاذ ق اررات أكثر منطقية‪،‬‬
‫واستخدام أسلوب النماذج في حل المشكالت اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .6‬عالقة علم اإلدارة بعلم السياسة‬
‫علم السياسة يعنى بدراسة نظام الحكم ومؤسسات الدولة‪ ،‬والعالقات السياسية والدبلوماسية بين الدول‪ ،‬وكذلك فلسفة إدارة نظام‬
‫الحكم في الدولة‪ ،‬وهي من المتغيرات التي تدخل من ضمن مكونات البيئة الخارجية للمنشأة‪ ،‬والتي يجب على اإلداري أخذها‬
‫بعين االعتبار والتعامل معها بحكمة بهدف نجاح المنشـأة أو المنظمة التي يشرف عليها‪ ،‬كما أن نظريات علم السياسة تفيد‬
‫اإلداري في كيفية التعامل وتسيير عالقاته الداخلية والخارجية مع المتعاملين مع المنظمة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المدير والعملية اإلدارية‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم العملية اإلدارية‬
‫يقصد بالعملية اإلدارية‪ ،‬تلك الوظائف اإلدارية المترابطة والمتشابكة فيما بينها‪ ،‬بحيث تشكل دائرة مستمرة غير منتهية‪ ،‬تبدأ‬
‫بوظيفة التخطيط وتنتهي بوظيفة الرقابة‪ ،‬هذه األخيرة تنطوي على مجموعة من العمليات الهدف منها تصحيح االنحرافات‬
‫واكتشاف التغيرات بهدف القيام بالتعديالت الالزمة على مستوى الخطط واالستراتيجيات‪ ،‬وبالتالي فهي عملية دائرية مستمرة‪.‬‬
‫ومن أهم خصائص هذه العملية نجد‪:‬‬
‫العملية اإلدارية عملية مستمرة لضمان استم اررية النشاط اإلداري‪ ،‬فهي تتعلق بمجموعة من الوظائف تبدأ بالتخطيط‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ثم التنظيم‪ ،‬فالتوجيه‪ ،‬فالرقابة‪ ،‬وهي تتجدد باستمرار عبر الزمن‪ ،‬وأن حلقة الغلق تنتهي بمرحلة مراقبة النتائج المتوصل إليها‪،‬‬
‫في حين أن انطالق دورة جديدة تكون بإعادة التخطيط مع األخذ بعين االعتبار التعديالت المطلوبة‪.‬‬
‫العملية اإلدارية عملية مترابطة ومتشابكة‪ ،‬فالوظائف اإلدارية تتداخل فيما بينها‪ ،‬بحيث تشكل مجموعة واحدة متكاملة‬ ‫‪‬‬
‫ومتناسقة‪ ،‬فالتخطيط مثال وهو مرحلة ووظيفة من وظائف هذه العملية يمكن أن نجده في الوظائف األخرى‪ ،‬كالتخطيط‬
‫للتنظيم‪ ،‬أو للقيادة‪ ،‬أو للرقابة‪.‬‬
‫‪ ‬العملية اإلدارية عملية مرحلية ؛ فرغم ترابط وتشابك وتداخل وظائف العملية اإلدارية‪ ،‬إال أن مدير األعمال ينبغي عليه‬
‫احترام مراحل هذه العملية بهدف التسيير الحسن للمنظمة‪ ،‬فال يمكن القيام بعملية التنظيم دون تخطيط‪ ،‬أو مباشرة وظيفة‬
‫التوجيه والقيادة دون تنظيم‪ ،‬ومن غير المنطقي إجراء الرقابة على األعمال من دون القيام بعملية تحديد مهام األفراد وتوصيفها‬
‫والقيام بتوجيههم وتحفيزهم‪ ،‬وبالتالي فالمرحلية مطلوبة حتى تؤدي وظائف العملية اإلدارية الغرض منها‪.‬‬
‫‪ ‬العملية اإلدارية عملية هادفة‪ ،‬حيث تهدف إلى إبراز دور الفرد داخل الجماعة‪ ،‬من خالل البحث عن الكفاءة الجماعية‬
‫لكون أن المشروع يحتاج إلى مساهمة الجميع للوصول إلى تحقيق الفعالية المطلوبة‪.‬‬
‫إن العملية اإلدارية ترتكز على مجموعة من الوظائف كما حددها علماء اإلدارة‪ ،‬وذلك انطالقا من أفكار "فايول" الذي حدد‬
‫وظائف اإلدارة‪ ،‬وتتمثل في التخطيط‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتوجيه (القيادة)‪ ،‬والرقابة وتشكل ما يسمى "بالعجلة التسييرية"‪ ،‬سوف‬
‫نتطرق بشيء من التفصيل لكل وظيفة من هذه الوظائف الحقا‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم المدير ومستويات المديرين‬
‫‪ .1‬تعريف المدير‪ :‬يمكن تقديم عدة تعاريف للمدير من خالل التعاريف المقدمة من قبل علماء اإلدارة‪:‬‬
‫يعرف المدير بأنه " الشخص الذي يقوم باإلشراف على أعمال الموظفين‪ ،‬بحيث يكون قاد ار على تقديم جهد ذاتي لفترة طويلة‬
‫"‪.‬‬
‫ويعرف كذلك بمفهوم المسير "فهو الشخص الذي يستطيع القيام باألعمال التسييرية وانجاز المهام من خالل اآلخرين‪ ،‬فهو‬
‫مخطط ومنشط ومراقب ومنسق لجهود األفراد للوصول إلى األهداف‪.‬‬
‫ويمكن تعريفه كذلك بأنه" الشخص المسؤول عن اإلنجاز من خالل قيامه بوظائف التخطيط والتنظيم واإلشراف والتوجيه‬
‫والرقابة‪ ،‬بحيث تكون له سلطة اتخاذ الق اررات حتى ال يفقد صفة الرئيس اإلداري "‪.‬‬
‫في الواقع العملي يطلق على المدير مسميات عديدة‪ ،‬كالرئيس‪ ،‬أو رئيس اإلدارة‪ ،‬أو المشرف‪ ،‬أو المسير‪ ،‬أو مدير األعمال‪،‬‬
‫واالختالف بينها يكون من حيث المستوى اإلداري الذي يعمل فيه المدير والسلطات التي يمكنه التمتع بها داخل المنشأة‪.‬‬
‫‪ .2‬مستويات المديرين‪ :‬الحديث عن مستويات المديرين يقودنا إلى اإلشارة إلى األساس الذي يعتمد عليه هذا التقسيم وهو‬
‫أساس المستويات اإلدارية في المنشأة؛ أي حسب الموقع اإلداري الذي يشغله صاحب المهمة اإلدارية‪ ،‬فيمكن حسب هذا‬
‫المعيار تقسيم المديرين إلى ما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬مديرو اإلدارة العليا‪ :‬وهو المستوى األعلى في المنشأة‪ ،‬أي على رأس الهرم التنظيمي أو السلم اإلداري‪ ،‬ويتولى مديرو هذا‬
‫المستوى اإلداري رسم المسرى العام للمنشأة‪ ،‬أي وضع اإلستراتيجيات والسياسات والخطط‪ ،‬وتنسيق أنشطة اإلدارة الوسطى‪،‬‬
‫وقيادة األعمال ورسم الخطط طويلة المدى‪ ،‬واتخاذ الق اررات اإلستراتيجية للمنشأة‪ ،‬ومتابعة األعمال من األعلى‪.‬‬
‫مديرو اإلدارة الوسطى‪ :‬وهو المستوى األوسط في المنشأة‪ ،‬أي في وسط الهيكل التنظيمي بين اإلدارة العليا واإلدارة‬ ‫‪‬‬
‫الدنيا‪ ،‬فهم حلقة وصل بينها‪ ،‬ويقوم المديرون في هذا المستوى بمتابعة عمل المرؤوسين في اإلدارة الدنيا‪ ،‬ووضع الخطط‬
‫المتوسطة المدى واتخاذ الق اررات التكتيكية للمنشأة‪ ،‬ومن خالل عملية المتابعة والمراقبة للمرؤوسين يقومون برفع تقارير دورية‬
‫إلى مديري اإلدارة العليا‪ ،‬وعادة ما يطلق على المسيرين في هذا المستوى "مدير إدارة "‪ ،‬فقد يكون مدير إدارة المبيعات‪ ،‬أو‬
‫مدير إدارة التسويق‪ ،‬أو مدير إدارة اإلنتاج‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫مديرو اإلدارة الدنيا‪ :‬وهو المستوى األدنى في الهيكل التنظيمي للمنشأة‪ ،‬ويقوم المدير في هذا المستوى باألعمال والمهام‬ ‫‪‬‬
‫التنفيذية‪ ،‬وتنحصر مهامهم في التخطيط لعمل المرؤوسين وتوفير الموارد واإلمكانيات الالزمة لذلك‪ ،‬والمتابعة اليومية ألعمال‬
‫المرؤوسين‪ ،‬ورفع تقارير دورية إلى مديري اإلدارة الوسطى‪ ،‬وعادة ما يطلق على المسيرين في المستوى األدنى " نائب مدير"‬
‫أو "رئيس مصلحة" أو "رئيس قسم" ويقومون بإعداد الخطط قصيرة المدى‪ ،‬واتخاذ الق اررات التنفيذية الروتينية‪.‬‬
‫إن القاسم المشترك بين مختلف مستويات المديرين هو ممارستهم للوظائف اإلدارية من تخطيط‪ ،‬وتنظيم‪ ،‬وتوجيه‪ ،‬ورقابة‬
‫لتحديد أهداف المنظمة وفقا للمستوى الذي يتواجدون فيه‪ .‬ومعايير االختالف بين هذه المستويات تتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬مستوى اإلشراف الذي يتمتع به المدير (نوعية وعدد المرؤوسين)‪.‬‬
‫‪ ‬طبيعة ومستوى الق اررات التي يمكن اتخاذها في كل مستوى‪.‬‬
‫‪ ‬طبيعة ومستوى الصالحيات التي يتمتع بها المدير في كل مستوى إداري والمسؤوليات المنوطة به‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬وظائف وأدوار ومهارات المديرين‬
‫يقوم المدير أو مدير األعمال بمجموعة من الوظائف ويلعب الكثير من األدوار في المنشأة‪ ،‬كما يجب أن يتمتع بمجموعة‬
‫من المهارات‪،‬‬
‫‪ .1‬وظائف المدير‬
‫يتوجب على المديرين القيام بمجموعة من الوظائف بغض النظر عن المستوى اإلداري الذي يتواجدون فيه أو المنصب اإلداري‬
‫الذي يشغلونه في الهيكل التنظيمي للمنشأة‪ ،‬وهذه الوظائف هي عبارة عن مراحل العملية اإلدارية (التسييرية)‪ ،‬وتتمثل وظائف‬
‫المديرين فيما يأتي‪:‬‬
‫التخطيط‪ :‬يقوم المديرون برسم سياسة المنشأة ووضع االستراتيجيات والخطط‪ ،‬وتحديد األهداف المراد الوصول إليها‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وتحديد الموارد واإلمكانيات والطرق الالزمة لتحقيقها‪.‬‬
‫‪ ‬التنظيم‪ :‬من خالل وضع مخطط تنظيمي للمنشأة تحدد فيه الوظائف بدقة‪ ،‬بناء على األهداف التي تم رسمها في المرحلة‬
‫السابقة (التخطيط)‪ ،‬ويتم توزيع المسؤوليات على األفراد الذين يشغلون هذه الوظائف‪ ،‬ومن أهداف التنظيم تسهيل عملية‬
‫التنسيق واالتصال بين الوظائف والمستويات المختلفة‪.‬‬
‫التوجيه والتنسيق‪ :‬أي توجيه األفراد في مختلف المستويات نحو تحقيق أهداف المنشأة‪ ،‬ودفعهم إلى ذلك بتطبيق مبادئ‬ ‫‪‬‬
‫القيادة وطرق التحفيز المختلفة‪.‬‬
‫‪ ‬الرقابة‪ :‬يقوم المديرون بالرقابة على األعمال من خالل متابعة تنفيذ الخطط المسطرة واألهداف الموضوعة‪ ،‬وذلك باعتماد‬
‫أ دوات الرقابة المالئمة من خالل مقارنة النتائج المحققة بالتقديرات المخططة‪ ،‬والهدف من الرقابة الكشف عن االنحرافات‬
‫ومحاولة تصحيحها واجراءات التعديالت المطلوبة مستقبال‪.‬‬
‫‪ .2‬أدوار المديرين‬
‫انطالقا من الوظائف والمهام التي تقع على عاتقهم‪ ،‬يلعب المديرون أدوا ار مختلفة عند ممارستهم لألنشطة اإلدارية‪ ،‬وتتمثل‬
‫في السلوكيات التي يمارسونها خالل قيامهم بمهامهم المختلفة‪ ،‬ويمكن الحديث عن هذه األدوار من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬األدوار العالئقية‬
‫وتتمثل في األدوار المتعلقة بالواجهة الشخصية للمدير أو المسير‪ ،‬وتستهدف تسيير األعمال سواء داخليا أو خارجيا بصفة‬
‫منتظمة‪ ،‬وتتمثل هذه األدوار في‪:‬‬
‫‪ ‬الواجهة (التمثيل الرسمي)‪ :‬أي القيام بتمثيل المنشأة أو المنظمة بشكل رسمي لدى الهيآت األخرى‪ ،‬عن طريق الحضور‬
‫الشخصي وكتابة الخطابات والمراسالت الخارجية‪ ،‬واستقبال الوفود والمتعاملين الخارجيين مع المنشأة‪.‬‬
‫‪ ‬القائد (الموجه)‪ :‬من خالل اختيار المرؤوسين وتوجيههم وتدريبهم وتحفيزهم وتقييم أدائهم وتوقيع العقاب عليهم‪.‬‬
‫‪ ‬الرابط (المنسق) ‪ :‬أي الربط والتنسيق بين الوحدات المختلفة داخل المنشأة‪ ،‬وكذلك ربط المنشأة بالمتعاملين الخارجيين من‬
‫خالل االتصال الخارجي والتنسيق معها‪.‬‬
‫أو‬ ‫‪ -‬األدوار اإلعالمية‪ :‬تتعلق بأدوار جمع البيانات والمعلومات وتوصيلها إلى المعنيين بها سواء داخل المنشأة‬
‫خارجها‪ ،‬وتتمثل هذه األدوار في‪:‬‬
‫‪ ‬الملتقط (جمع المعلومات)‪ :‬أي القيام بدور جمع المعلومات من مختلف المصادر داخليا وخارجيا التي تفيد في تسيير‬
‫المنشأة‪.‬‬
‫‪ ‬الموصل (نشر المعلومات)‪ :‬من خالل إيصال المعلومات التي قام بجمعها وتحليلها إلى مرؤوسيه والعمل على نشرها‬
‫على أوسع نطاق داخل المنشأة للمساعدة على اتخاذ الق اررات المناسبة‪.‬‬
‫‪ ‬المتحدث (نقل المعلومات)‪ :‬فالمدير من خالل الموقع الذي يتواجد فيه داخل المنشأة يمكنه أن يلعب دور المتحدث باسمها‪،‬‬
‫عن طريق تبليغ رسالة المنشأة وينقل المعلومات المتوفرة لدى الهيآت الخارجية بهدف إنجاز األعمال وتحسين صورة المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬األدوار التقريرية (القرارية)‪:‬‬
‫تتعلق باألدوار التي تستهدف اتخاذ الق اررات وعلى جميع المستويات في المنشأة‪ ،‬وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬المستحدث (المبادر)‪ :‬يقوم المدير هنا بالمبادرة وخلق أفكار جديدة ويجب عليه القيام باالبتكار والتطوير للمنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬معالج المشكالت‪ :‬حيث يقوم بتفادي الوقوع في المشكالت‪ ،‬ولديه القدرة على إيجاد الحلول المالئمة حين وقوعها‪.‬‬
‫‪ ‬موزع الموارد‪ :‬وهو المدير الذي يقوم بتخصيص الموارد واإلمكانيات والوسائل ويوزعها على مرؤوسيه مع ضمان حسن‬
‫استخدامها بكفاءة‪.‬‬
‫‪ ‬المفاوض‪ :‬حيث يتمثل دوره في التفاوض الداخلي مع مرؤوسيه حول ما يتعلق تسيير المنظمة‪ ،‬ومع الهيئات الخارجية‪،‬‬
‫يبرم االتفاقيات والعقود ويقبل االلتزامات‪ ،‬ويقدم التنازالت عند الضرورة والمصلحة‪.‬‬
‫‪ .3‬مهارات المديرين‬
‫يهدف المديرون من خالل صالحيتهم ومهامهم المنوطة بهم إلى القيام بوظائفهم وأدوارهم على أكمل وجه‪ ،‬ويتوقف ذلك على‬
‫قدراتهم الشخصية والتي تنطوي على مجموع المهارات التسييرية التي من الواجب أن تتوفر فيهم والتي تميزهم عن األفراد‬
‫اآلخرين في المنشأة‪ ،‬ويمكن تقسيم المهارات الواجب أن تتوفر فيهم والتي تميزهم عن األفراد اآلخرين في المنشأة‪ ،‬ويمكن‬
‫تقسيم المهارات الواجب توافرها لدى المديرين إلى ما يأتي‪:‬‬
‫مهارات ذهنية‪ :‬وهي المهارات الفكرية التي يتمتع بها المدير‪ ،‬ويقصد بها القدرة على الرؤية المستقبلية والشمولية للمنظمة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫والقدرة على النظرة إلى األمور وتفسيرها بعمق وكذا حل المشكالت بحكمة ال متناهية مما يساعده على التخطيط البعيد‬
‫المدى‪ ،‬ويطلق عليها كذلك "المهارة التنظيرية"‪ ،‬وتزداد الحاجة إلى المهارات الذهنية كلما اتجهنا صعودا إلى أعلى المستويات‬
‫اإلدارية‪ ،‬وباألخص لدى مديري اإلدارة العليا مقارنة بالمديرين في المستويات األخرى‪.‬‬
‫مهارات إنسانية‪ :‬وهي المهارات السلوكية‪ ،‬ويقصد بها قدرة المدير على التعامل واالتصال مع اآلخرين وفهم سلوكياتهم‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫والقدرة على تحفيزهم وتوجيههم ومتابعة أعمالهم‪ ،‬وتزداد الحاجة إلى هذه المهارات لدى مديري اإلدارة الوسطى باعتبارهم همزة‬
‫وصل بين المستويين األعلى واألدنى في اإلدارة؛ إال أن هذه المهارة مطلوبة كذلك لدى مديري اإلدارة العليا واإلدارة الدنيا‬
‫لكون أن لديهم مرؤوسين يشرفون عليهم‪ ،‬ولكن بدرجة أقل من مديري اإلدارة الوسطى في المنشأة‪ ،‬فمستوى اإلشراف والدور‬
‫الذي يلعبه المسير في المنشأة عامالن مهمان لتحديد مدى وجوب توافر هذه المهارة في المدير‪.‬‬
‫مهارات فنية‪ :‬وهي المهارات التقنية؛ ويقصد بها المعرفة المتخصصة في مجال معين‪ ،‬والقدرة على التحكم في التقنيات‬ ‫‪‬‬
‫واإلجراءات واألساليب المتعلقة بذلك المجال المتخصص فيه المسير‪ ،‬ويزداد الحاجة إلى هذه المهارة في المستويات الدنيا في‬
‫المنشأة‪ ،‬حيث يشترط ف ي المسير القدرة على أداء العمل بدقة متناهية وبكفاءة عالية في مجال تخصصه‪ ،‬وغياب هذه الدقة‬
‫والكفاءة أو نقصها ينتج عنها صعوبة لدى المسير في حل المشكالت وتوجيه مرؤوسيه في أعمالهم اليومية‪ ،‬وتنقص الحاجة‬
‫إلى هذه المهارة كلما اتجهنا صعودا نحو أعلى السلم اإلداري؛ أي لدى مديري اإلدارة الوسطى واإلدارة العليا‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬تطور الفكر اإلداري‬


‫المبحث األول‪ :‬المدرسة الكالسيكية‬
‫ظهرت النظريات الكالسيكية للتنظيم والفكر اإلداري في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين في خضم األجواء‬
‫التي كانت سائدة آنذاك بعد الثورة الصناعية‪ ،‬من خالل سيطرة اآللة على اإلنسان‪ ،‬وبروز أفكار جديدة كتقسيم العمل‪،‬‬
‫وضرورة تطبيق الرقابة الشديدة على العاملين بهدف تحقيق الكفاءة اإلنتاجية واإلدارية‪ ،‬ولقد زاد في تطور هذه األفكار نمو‬
‫المنظمات العمالية والوعي القومي‪ ،‬وترتبط هذه المدرسة بمجموعة من الباحثين األوائل الذين حاولوا تقديم حلوال علمية‬
‫للمشكالت اإلدارية واالبتعاد عن المفاهيم المتعلقة بالتجربة والخطأ والحدس والتخمين‪ ،‬وال شك أن أفكار الكالسيك واسهاماتهم‬
‫كانت مدخال أساسيا لألفكار اإلدارية التي جاءت فيما بعد‪ ،‬وفي هذا الصدد سنركز على إسهامات أبرز مفكري هذه المدرسة؛‬
‫وذلك من خالل عرض أهم ثالث نظريات لرواد الفكر الكالسيكي خاصة أولئك الذين لم يكتفوا بالجانب األكاديمي في أبحاثهم‪،‬‬
‫ولكن كانوا ممارسين للعمل التسييري ويملكون خبرة في ذلك‪ ،‬لذلك تم اعتبارهم روادا لهذه المدرسة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نظرية اإلدارة العلمية‬


‫ظهرت اإلدارة العلمية في الواليات المتحدة األمريكية نتيجة ظروف اقتصادية تتعلق بظهور المنشأة الصناعية‪ ،‬واالتجاه نحو‬
‫التركيز على الرفع من اإلنتاجية‪ ،‬فأصبحت مسألة الكفاية اإلنتاجية الهدف األكبر واألساسي للمالك ومديري األعمال‬
‫والمسيرين‪.‬‬
‫واقترنت اإلدارة العلمية باسم المفكر األمريكي "فريدريك تايلو)‪ ، (F.Taylor‬ويعتبر في أدبيات الفكر اإلداري أب علم اإلدارة‪،‬‬
‫وهو مهندس واقتصادي( ‪ ،)1915 -1856‬بحث في كيفية تحسين الكفاية اإلنتاجية على مستوى المصنع‪ ،‬و العالقة بين‬
‫الحركة والزمن في الورشة‪ ،‬أهم مؤلفاته " مبادئ اإلدارة العلمية" عام ‪ ،1911‬واهتم بأساليب اإلدارة على مستوى التنفيذ؛ أي‬
‫أن تركيزه كان منصبا على الورشة؛ حيث يرى بأن اإلدارة علم يقوم على قواعد ومبادئ محددة‪ ،‬وبذلك فهو يعتمد األسلوب‬
‫العلمي في تحليله وفهمه للعمل اإلداري‪ ،‬كما يرى أن العاملين يشاركون بطريقة آلية في العملية اإلدارية لتحقيق أهداف‬
‫التنظيم ويقتصر دور الرئيس اإلداري على تحديد ما يجب أداؤه‪.‬‬

‫‪ .1‬تجارب تايلور في المصنع (الورشة)‬


‫قبل الحديث عن التجارب التي قام بها "تايلور" البد أن نشير إلى الظروف المحيطة والتي ساعدته في القيام بأبحاثه؛ حيث‬
‫ولد في عائلة ميسورة الحال ساعدته في التفرغ للبحث والدراسة‪ ،‬كذلك فإن التحول الصناعي الكبير آنذاك والبحث عن أقصى‬
‫إنتاجية ممكنة من قبل المصانع الكبيرة ساعده في القيام بأبحاثه وشجعه على إيجاد الحلول الالزمة‪ ،‬وقد كان يتصف بالعصبية‬
‫الزائدة‪ ،‬والدقة الشديدة‪ ،‬ويهتم كثي ار باآللة والعمل في الورشة‪.‬‬
‫انصب اهتمام "تايلور" أثناء عمله في شركة بيت لحم للفوالذ في أواخر القرن ‪19‬م ‪-‬وهو يشرف على العاملين في الورشة‪-‬‬
‫بدراسة عنصري الزمن والحركة‪ ،‬من خالل قيامه بعدة تجارب في هذا الصدد تتعلق بطرق رفع الحديد وتقطيعه وجرفه‪ ،‬فلم‬
‫يكن مرتاحا لنظام العمل المطبق في المصنع آنذاك واعتقاده أن هذا النظام ال يقوم على تقدير سليم لطاقة العامل اإلنتاجية‪،‬‬
‫وقد الحظ أن كل عملية يقوم بها العامل تتكون من عدة حركات بسيطة يمكن تحليلها وقياس الزمن الذي تستغرقه في إنجازها‪،‬‬
‫وكان الهدف هو اختصار الوقت وتفادي الحركات غير الضرورية وتحسين األداء بفرض الوصول إلى أقصى إنتاجية ممكنة‬
‫(الكفاءة اإلنتاجية)‪ ،‬وسميت هذه التجارب " بدراسة الوقت والحركة "‪ ،‬وقام بتدوين كل مالحظاته وتحليالته والنتائج التي‬
‫توصل إليها في كتابه المعروف بـ " مبادئ اإلدارة العامة" عام ‪ ،1911‬مشي ار إلى أن اإلدارة العلمية هي المعرفة الدقيقة لما‬
‫تريده من العاملين أن يعملوه‪ ،‬ثم التأكد من أن أنهم يقومون بعملهم بأحسن طريقة وأرخصها‪.‬‬
‫وقد كان إلى جانب "تايلور" مفكرون آخرون ساعدوه في تأكيد تحليالته وتفسيراته وترسيخ أفكار اإلدارة العلمية‪ ،‬حيث نجد‬
‫كل من " فرانك جلبرت" (‪ )F.Jelbert‬الذي قدم مجموعة من االفتراضات من أهمها أن هناك طريقة مثلى ألداء أي عمل‬
‫في أقل مدة زمنية معينة وبأقل جهد ممكن‪ .‬إضافة إلى " هنري جانت"‪ ،‬وقد توصل " تايلور" ومن معه إلى مجموعة من‬
‫النتائج من خالل تجاربه في المصنع أصبحت مبادئ وأسس فيما بعد لإلدارة العلمية‪ ،‬من أهم هذه النتائج‪ ،‬ضرورة التخلي‬
‫عن الحركات الزائدة في العمل واالعتماد على العقالنية والسرعة في األداء‪ ،‬وتزامن أفضل في الحركات‪.‬‬

‫‪ .2‬مبادئ اإلدارة العلمية‬


‫لقد انطلق "تايلور" عند قيامه بالتجارب في المصنع بهدف الوصول إلى تحقيق الكفاءة اإلنتاجية‪ ،‬من مجموعة من االفتراضات‪،‬‬
‫تتمثل في اعتباره أن العامل يميل إلى الكسل ويحتاج إلى مراقبة شديدة‪ ،‬وكذلك يجب تحفيز العاملين ماديا من أجل بذل جهد‬
‫مضاعف في العمل‪ ،‬وينبغي تدريب العاملين وتقسيم العمل بينهم حسب تخصصهم‪ ،‬ومن خالل التجارب والدراسات التي قام‬
‫بها حاول إثبات صحة هذه االفتراضات‪ ،‬فوصل إلى نتائج صاغها في مجموعة من المبادئ فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬اعتماد األسلوب العلمي والقواعد العلمية محل القواعد التقديرية التي تعتمد على التجربة والحدس والتخمين في كل ما‬
‫يتعلق بالعملية اإلدارية وحل المشكالت‪ ،‬بتطبيق المالحظة والتجربة للوصول إلى النتائج المرجوة‪.‬‬
‫االختيار العلمي للعاملين‪ ،‬وتدريب العاملين وتطويرهم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تقسيم العمل بين العاملين وبين اإلدارة والعاملين بفرض الوصول إلى التخصص في العمل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تعاون اإلدارة والعاملين وفق مبدأ المنافع المتبادلة لتحقيق أهداف المنشأة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الفصل بين مهام اإلدارة التخطيطية والق اررية ومهام العاملين التنفيذية وفقا لمبدأ كل يؤدي مسؤولياته ومهامه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المتابعة والرقابة الشديدة للعاملين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العمل على تحقيق الرشد والعقالنية في األداء والعملية اإلدارية في المنشأة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫االعتماد على التحفيز المادي للعاملين بشكل أساسي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ .3‬تقييم نظرية اإلدارة العلمية‬


‫لقد كا نت للباحثين في علم اإلدارة آنذاك آراء حول المبادئ واألفكار التي جاءت بها هذه النظرية‪ ،‬فقاموا بإظهار أهم المزايا‬
‫والمحاسن التي قدمها لعلم اإلدارة‪ ،‬إضافة إلى توضيح عيوبها من خالل االنتقادات المقدمة لها‪.‬‬
‫‪ .1.3‬مزايا نظرية اإلدارة العلمية‬
‫‪ -‬استخدام األسلوب الع لمي في العملية اإلدارية وخاصة فيما يتعلق بحل المشكالت واتخاذ الق اررات في المنشأة وفي اختيار‬
‫العاملين وتدريبهم‪.‬‬
‫‪ -‬التركيز على تحديد المسؤوليات وتقسيمها بين اإلدارة والعاملين في إطار التعاون بينهما‪.‬‬
‫‪ -‬االعتماد على تقسيم العمل والتخصص وخاصة في الوظائف التقنية التي تتطلب المهارة أي العمل في الورشة على المستوى‬
‫التنفيذي للمنشأة‪.‬‬
‫‪ .2.3‬عيوب نظرية اإلدارة العلمية‬
‫‪ -‬التركيز الكبير على الكفاءة اإلنتاجية لتحقيق الربح أدى إلى استغالل اإلدارة للعاملين‪.‬‬
‫‪ -‬إغفال الجوانب النفسية للعاملين والتركيز على الجانب المادي فقط واعتبار اإلنسان آلة‪.‬‬
‫‪ -‬ربطت رضا العامل بالجانب المادي لتحفيزه‪ ،‬وأهملت العامل النفسي والعوامل البيئية األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬اعتبار اإلنسان آلة جعلها تعتبره يتصرف بعقالنية ورشد طوال الوقت‪.‬‬
‫لقد كان لنظرية ا إلدارة العلمية تأثير قوي على الفكر اإلداري والممارسة اإلدارية العلمية؛ إال أنها لم تطبق إال بشكل جزئي‬
‫وذلك للخالفات والتعارض بين العاملين واإلدارة في المنشأة بفعل إهمالها لدور دفاع العاملين على حقوقهم وتجاهلها لدور‬
‫النقابات العمالية في ذلك‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظرية اإلدارة العملية (اإلدارة الوظيفية)‬


‫تسمى كذلك بنظرية التقسيم اإلداري وتنسب إلى "هنري فايول" (‪ ،)H.Fayol‬وهو مهندس فرنسي (‪ ،)1925-1841‬شغل‬
‫مناصب إدارية عليا في المؤسسات اإلدارية والصناعية‪ ،‬وأهمها مدي ار لشركة مناجم الفحم الفرنسية التي كانت تعاني من‬
‫مشكالت إنتاجية كادت تؤدي بها إلى اإلفالس‪ ،‬فقام " فايول " بوضع خطط إدارية جديدة للعمل اإلداري مكنته من إنقاذها‬
‫م ن الوضعية التي كانت فيها‪ .‬وفي الوقت الذي انتهج فيه " تايلور" أسلوب التجربة والمالحظة وتركيزه على قاعدة الهرم‬
‫اإلداري (الورشة) أو المستوى التنفيذي‪ ،‬اهتم " فايول " بالعملية اإلدارية بشكل عام وعلى كل المستويات‪ ،‬ولقد ساعده في‬
‫ذلك الخبرة التي اكتسبها كمدير وبالتالي كانت نظرته للمنشأة من األعلى‪ ،‬ويعتبر أول من وضع أسس ومبادئ النظرية العامة‬
‫لإلدارة‪ ،‬وهو صاحب المبادئ اإلدارية األربعة عشر‪ ،‬وأول من قسم أنشطة المؤسسة إلى ستة وظائف أو نشاطات‪ ،‬وانصب‬
‫اهتمامه على التكوين الداخلي للتنظيم‪ ،‬وكيفية توزيع النشاطات بين أقسامه بالشكل الذي يحقق التكامل فيما بينها‪ ،‬وذلك‬
‫بتحديد أهداف التنظيم واألنشطة واألعمال الالزمة لتحقيقها بهدف الوصول إلى الكفاءة اإلدارية‪ .‬وقد ضمن " فايول " أفكاره‬
‫في كتابه الذي صدر تحت عنوان "اإلدارة العامة الصناعية " عام ‪.1916‬‬

‫‪ .1‬أفكار ومبادئ نظرية اإلدارة العملية‬


‫ما يميز أفكار نظرية اإلدارة الوظيفية سعيها إلى وضع مبادئ إدارة نظرية تكون أساسا لعمليات التنظيم اإلداري‪ ،‬فكانت‬
‫أفكارها أكثر عمقا وتجريدا في محاولة لتأسيس علم اإلدارة ووضع مبادئه النظرية‪ ،‬وكان "لفايول" مجموعة من الباحثين الذين‬
‫شكلوا معه مجموعة في وضع أسس النظرية الوظيفية أو العملية لإلدارة‪ ،‬من بينهم " ليندول أرويك" و " لوثر جبوليك" وقد‬
‫حاول " فايول " تقديم فكر إداري حديث يمكن تدريسه وتطبيقه في قطاع األعمال واإلدارة العامة‪ .‬وتضمنت أفكار " فايول "‬
‫موضوعات تعالج النواحي اآلتية‪:‬‬

‫‪ .1.1‬صفات اإلداريين وتدريبهم‬


‫حسب " فايول " فإن اإلداريين يحتاجون إلى مجموعة من السمات والصفات الفدة‪ ،‬ذهنية وجسمانية‪ ،‬وأخالقية حتى تكون لهم‬
‫األهلية للقيادة‪ ،‬إضافة إلى سعة اطالعهم وثقافتهم العامة‪ ،‬وأن يتمتعوا بقدرات ومهارات إدارية‪ ،‬حيث تتزايد أهميتها كلما صعد‬
‫اإلداري إلى المستويات العليا في المنظمة في حين تكون المهارات الفنية والتقنية مهمة كلما اتجهنا نحو األسفل‪.‬‬
‫‪ .2.1‬وظائف ونشاطات اإلدارة‬
‫يعتبر" فايول" أن التنظيم اإلداري يمكن تصنيفه إلى مجموعة من الوظائف تعبر عن أنشطة المنشأة‪ ،‬وتتمثل في‪:‬‬
‫وظائف فنية (النشاطات المتعلقة باإلنتاج والتصنيع)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وظائف تجارية (نشاطات المشتريات والمبيعات والتوزيع والتبادل)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وظائف مالية (نشاطات التمويل‪ ،‬والمصاريف‪ ،‬واالستثمارات)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وظائف أمنية (نشاطات األمن والصيانة)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وظائف محاسبية (الموازنة‪ ،‬تقدير التكاليف‪ ،‬الجرد)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وظائف إدارية (التنبؤ والتخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬التنسيق‪ ،‬إصدار األوامر‪ ،‬الرقابة)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وتعتبر الوظائف اإلدارية من تخطيط وتنظيم واصدار األوامر والرقابة من المهام األساسية للمدير في المنظمة‪.‬‬
‫‪ .3.1‬المبادئ (األسس) العامة لإلدارة‬
‫وضع " فايول " أربعة عشر مبدأ واعتبرها أساسية في اإلدارة مؤكدا أنها تضمن حسن أداء المدير والتسيير الفعال للمنظمة‪،‬‬
‫وتتمثل في‪:‬‬
‫تقسيم العمل والتخصص‪ :‬حسب التخصص والمهارة الفنية‪ ،‬وينطبق على كافة األعمال فنية كانت أم إدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السلطة والمسؤولية‪ :‬أي أن السلطة التي تعطي للمسير الحق في إصدار األوامر واتخاذ الق اررات يجب أن تتساوى مع‬ ‫‪‬‬
‫مسؤولياته في االلتزام بإنجاز المهام الموكلة إليه‪.‬‬
‫االنضباط‪ :‬أي ضرورة احترام النظم واللوائح‪ ،‬وعدم اإلخالل باألوامر‪ ،‬وهو يعكس مستوى ونوعية الرؤساء في المستويات‬ ‫‪‬‬
‫التنظيمية للمنظمة‪.‬‬
‫وحدة األمر‪ :‬حيث يتلقى المرؤوس األوامر والتوجيهات من مصدر واحد هو رئيسه المباشر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وحدة االتجاه‪ :‬أي وجود رئيس واحد وخطة واحدة لكل مجموعة من النشاطات الموطدة الهدف‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة‪ :‬بمعنى أن تكون ألهداف ومصالح المنشأة األولوية على أهداف ومصالح‬ ‫‪‬‬
‫األفراد العاملين بها‪.‬‬
‫‪ ‬المكافأة‪ :‬أن تكون المكافآت والرواتب عادلة ومجزية لجميع العاملين في جميع مستويات المنظمة‪.‬‬
‫المركزية‪ :‬أي مدى تركيز السلطة في يد الرئيس أو تفويضها للمرؤوسين‪ ،‬ويختلف تطبيق هذا المبدأ من منظمة ألخرى‬ ‫‪‬‬
‫وحسب الموقف اإلداري‪.‬‬
‫تسلسل القيادة (التدرج الهرمي)‪ :‬معناه هناك تدرج في مستويات القيادة في شكل تنظيم هرمي‪ ،‬ووجود خطوط واضحة‬ ‫‪‬‬
‫للسلطة‪.‬‬
‫النظام‪ :‬يتطلب وضع كل شخص وكل شيء في مكانه المناسب تماشيا مع مصلحة العمل والمنظمة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العدالة واإلنصاف‪ :‬معناه وجوب معاملة العاملين معاملة واحدة بهدف الوصول إلى والئهم وتحقيق انتمائهم للمنظمة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وحصولهم على حقوقهم كافة‪.‬‬
‫االستقرار الوظيفي‪ :‬يتطلب نجاح المنظمات واألعمال استقرار وبقاء الموظفين في أعمالهم مدة كافية لالستفادة من‬ ‫‪‬‬
‫خبراتهم ومهاراتهم‪.‬‬
‫المبادأة (المبادرة)‪ :‬أي تشجيع المبادرة وروح اإلبداع واالبتكار‪ ،‬واشتراك العاملين في كل ما يتعلق بالمنظمة وفي التخطيط‬ ‫‪‬‬
‫واتخاذ القرار‪.‬‬
‫روح الفريق (الجماعة)‪ :‬أي الحرص على التعاون وتكثيف االتصاالت داخل المنظمة في كافة االتجاهات‪ ،‬والعمل‬ ‫‪‬‬
‫الجماعي‪.‬‬

‫‪ .2‬تقييم نظرية اإلدارة العملية‬


‫أثار الباحثون في الميدان اإلداري بعض اإلشكاالت في األفكار التي جاء بها "فايول" في المقابل أبانت نظريته على الكثير‬
‫من المحاسن والمزايا فيما يتعلق بعلم اإلدارة‪.‬‬
‫‪ .1.2‬مزايا نظرية اإلدارة العملية‬
‫‪ ‬قدم "فايول" أفكا ار عامة عن مبادئ اإلدارة وقابلة للتطبيق على المستويات الصناعية واإلدارية على حد سواء على عكس‬
‫"تايلور" الذي اهتم باإلدارة على المستوى األدنى فقط (الورشة)‪.‬‬
‫‪ ‬ركز "فايول " على وضع المبادئ النظرية لإلدارة التي يمكن للفرد دراستها في المدارس والجامعات‪ ،‬ويطور مهاراته فيها‬
‫بالممارسة‪.‬‬
‫‪ ‬يعتبر "فايول" أول من تحدث عن العملية اإلدارية كإطار فكري واضح لفهم أهمية اإلدارة على مستوى المنشأة‪.‬‬
‫‪ .2.2‬عيوب نظرية اإلدارة العملية‬
‫وجه بعض المفكرين انتقادات لنظرية "فايول" نذكرها فيما يأتي‪:‬‬
‫المبادئ التي صاغها "فايول" ال يمكن اعتبارها ذات قبول عام‪ ،‬حيث أنه ال يمكن تطبيقها في كل البيئات خصوصا مع‬ ‫‪‬‬
‫تطور التفكير اإلداري عبر الزمن‪.‬‬
‫وجود تداخل في مفاهيم بعض المبادئ وكذلك تعارض في بعضها اآلخر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إلغاء الجوانب السلوكية والنفسية للعاملين والتركيز على الحوافز المادية واعتبار اإلنسان آلة بيولوجية كما في نظرية‬ ‫‪‬‬
‫"تايلور"‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬نظرية اإلدارة البيروقراطية (البيروقراطية الرشيدة)‬


‫ترجع هذه النظرية إلى العالم األلماني والفيلسوف "ماكس فيبر" (‪ ،)Max Weber‬وهو عالم اجتماع (‪ ،)1920-1864‬له‬
‫نشاط أكاديمي ثري‪ ،‬تأثر كثي ار بالنظام العسكري للجيش األلماني الذي كان عضوا فيه‪ ،‬ووصف نظرية البيروقراطية بأنها‬
‫البداية لنظرية التنظيم العلمية‪ ،‬ومصطلح البيروقراطية (‪ )Bureaucracy‬يتشكل من كلمتين (‪ )Bureau‬بمعنى مكتب‬
‫و(‪ )Cracy‬بمعنى حكم‪ ،‬وبالتالي فهي تعني حكم المكتب أو سلطة المكتب‪ ،‬ويعرفها "فيبر" بالنموذج المثالي للتنظيم؛ حيث‬
‫تصف ما يجب أن يكون عليه سلوك الفرد داخل التنظيم‪ ،‬وتوصف بيروقراطية " فيبر" بالرشادة‪ ،‬أي تعتمد على مبدأ الرشد‬
‫في تصرفات أعضائه‪ ،‬وذلك باختيار األساليب المستخدمة بدقة لتحقيق أهداف التنظيم‪ ،‬وباستخدام المنطق العلمي في تفسير‬
‫األمور ورفض األساليب والمعتقدات غير العلمية‪.‬‬

‫‪ .1‬أفكار ومبادئ اإلدارة البيروقراطية الرشيدة‬


‫البيروقراطية ونظرية السلطة‬ ‫‪.1.1‬‬
‫لقد منح "فيبر" وصف البيروقراطية لنظريته ووصفها بالرشادة‪ ،‬وفي مفهومها فهي تعبر عن تنظيم إداري يتسم بخصائص‬
‫أو‬ ‫ومميزات محددة‪ ،‬وتعني مجموعة اإلجراءات التي يجب اتباعها في مباشرة العمل اإلداري أو الحكومي داخل المكتب‬
‫التنظيم‪ ،‬وتستخدم كذلك للتعبير عن السلطة التي يمارسها الموظف أو اإلداري؛ أي بناء السلطة الهرمية في التنظيم اإلداري‬
‫والذي يتحقق فيه تقسيم واضح للمهام واألعمال‪ ،‬ومن هنا فإن "فيبر" قدم أهم دراسة تتعلق بالتنظيم والخاصة بنظرية السلطة‬
‫بها‪ ،‬ثم قسم السلطة إلى سلطة بطولية أو أبوية يمارسها المدير من خالل صفاته الشخصية‪ ،‬والسلطة القانونية الرشيدة‪ ،‬والتي‬
‫يستمدها المدير من خالل اللوائح والقوانين والعالقات الرسمية داخل التنظيم‪ ،‬وهي تعبير عن التنظيم الحديث‪.‬‬
‫‪ .2.1‬مبادئ اإلدارة البيروقراطية‬
‫إن التنظيم البيروقراطي المثالي حسب " فيبر" يقوم على األسس اآلتية‪:‬‬
‫التسلسل الرئاسي أو التدرج الرتبوي‪ :‬وهو نظام هرمي للسلطة يوضح مهام كل فرد في التنظيم‪ ،‬ويوضح مستويات‬ ‫‪‬‬
‫التنظيم وطرق وأساليب ممارسة السلطة‪.‬‬
‫تقسيم العمل والتخصص الدقيق‪ :‬لكل فرد في التنظيم مجال اختصاص محدد وفقا للوائح والقوانين‪ ،‬وتحدد بموجبه سلطة‬ ‫‪‬‬
‫ومسؤولية كل فرد بوضوح‪.‬‬
‫االلتزام بالنظام الرسمي في العمل‪ :‬أي الخضوع وااللتزام بالقواعد واللوائح والعمل على تطبيقها بشكل دقيق‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التدوين المكتوب للوثائق الرسمية‪ :‬أي كتابة التعليمات واألوامر والقواعد واإلجراءات وحفظها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فصل الملكية عن التسيير‪ :‬أي أن الموظف ال يملك وسائل التنظيم وال حتى منصبه في المنشأة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫االحتفاظ بالوظيفة‪ :‬أي تدرج الفرد في سلم الوظائف وفقا لمؤهالته وأقدميته في التنظيم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الموضوعية ‪ :‬اعتماد الموضوعية في تعيين الموظفين وترقيتهم وتعليمهم وتدريبهم وكذلك تحفيزهم المادي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ .2‬تقييم نظرية اإلدارة البيروقراطية‬
‫نالحظ من خالل األفكار والمبادئ التي جاء بها " فيبر" للنظام البيروقراطي أنها مبادئ جيدة وفاعلة للتنظيم وتحقق كفاءته‪،‬‬
‫وهذا ما تصبو إليه معظم منظمات األعمال‪ ،‬لكن هناك بعض العيوب متعلقة‬
‫أساسا بالممارسات الخاطئة في تطبيق هذه النظرية على أرض الواقع‪.‬‬
‫‪ .1.2‬مزايا البيروقراطية الرشيدة‬
‫الخضوع الكامل للوائح والقوانين وااللتزام بالقواعد واإلجراءات الموحدة مما يساعد على الدقة في التنفيذ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المعرفة الكاملة بالقوانين واللوائح المطبقة في التنظيم نتيجة التدوين الكتابي‪ ،‬يساعد على معرفة الموظف لمهامه وواجباته‬ ‫‪‬‬
‫بدقة‪.‬‬
‫التدرج الهرمي للتنظيم ساعد على توضيح السلطة والمسؤولية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ .2.2‬عيوب البيروقراطية الرشيدة‬


‫إهمالها للجانب اإلنساني في التعامل مع العاملين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السلطة ترتكز على فئة قليلة في المستويات العليا للتنظيم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫االتصاالت من األعلى إلى األسفل وفي اتجاه واحد فقط‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قتل روح اإلبداع لدى الموظف نتيجة التشدد في احترام اللوائح والقوانين وخشيته من الوقوع في الخطأ وبالتالي العقاب‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تطبيق وسائل التنظيم البيروقراطي بمثالية أصبحت غاية بالنسبة للتنظيم وليست وسيلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫بطيء شديد في اتخاذ الق اررات نتيجة االحترام الكبير للقواعد واإلجراءات والتدوين الكتابي للتعليمات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الجمود وعدم المرونة نتيجة التقيد باللوائح والقوانين بحذافيرها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التركيز على المركزية في العمل والتنظيم واهمال الالمركزية والتفويض‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لقد وضعت المدرسة الكالسيكية األسس والمبادئ األولى لعلم اإلدارة ووضحت طرق إدارة أعمال المنشأة معتمدة في ذلك‬
‫على القواعد والمبادئ العلمية في التسيير‪ ،‬وقد ركزت اهتمامها على كيفية تحقيق الكفاءة اإلنتاجية والتنظيمية وعلى الجوانب‬
‫المادية‪ ،‬ذلك ألن أغلب روادها وقعوا تحت التأثير الشديد لحركة الترشيد التي كانت أبرز سمات الفكر اإلداري في القرن‬
‫الثامن عشر الميالدي ومطلع القرن العشرين‪ ،‬هذه الحركة التي كانت ترى بأن التنظيم اإلداري يتصف بالرشد مادام أنه‬
‫يخضع لمجموعة من المبادئ الرشيدة‪ ،‬كالتخصص والتسلسل اإلداري‪ ،‬ووحدة القيادة‪ ،‬وغيرها‪ .‬وألجل ذلك أطلق عليها مدرسة‬
‫"الرجل االقتصادي الرشيد" لتركيزها على تحقيق أقصى إنتاجية ممكنة وفق قواعد واجراءات مثالية وعاملين يتصفون بدرجة‬
‫كبيرة من العقالنية والرشد‪ .‬ورغم كل ما قدمته هذه المدرسة من مساهمات إيجابية الزالت سارية في الفكر اإلداري المعاصر‪،‬‬
‫إال أنها تعرضت لمجموعة من االنتقادات نذكر أهمها فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬نظر أصحاب هذه المدرسة إلى العامل على أنه رجل رشيد يلتزم بالقوانين واألنظمة ويتصرف بعقالنية طوال الوقت‪ ،‬وبأنه‬
‫إنسان مادي وسلبي وغير محب للعمل بطبعه ويمكن استثارته وحفزه للعمل بواسطة المادة فقط‪.‬‬
‫‪ ‬تجاهلت الجانب اإلنساني في العامل والتنظيم غير الرسمي؛ أي العالقة والمعامالت غير الرسمية بين اإلدارة والعاملين‪،‬‬
‫وبين العاملين فيما بينهم‪.‬‬
‫‪ ‬أهملت الحاجات اإلنسانية والنفسية واالجتماعية للعاملين ونظرت إليهم نظرة مادية بحتة وعاملته وكأنه آلة بيولوجية‪.‬‬
‫‪ ‬لم تدع مجاال لمشاركة العاملين في اتخاذ الق اررات داخل التنظيم‪.‬‬
‫‪ ‬اعتبارها للمنشأة وحدة ميكانيكية تسعى لتحقيق مصالحها دون النظر إلى مصالح العاملين واحتياجاتهم النفسية واالجتماعية‪،‬‬
‫مما أدى إلى وقوع العديد من المشكالت بين أرباب العمل والعاملين‪ .‬ممثلين في النقابات العمالية‪.‬‬
‫‪ ‬اعتبار المنظمة نظاما مغلقا ال يتأثر بعوامل البيئة الخارجية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المدرسة السلوكية وحركة العالقات اإلنسانية‬
‫المطلب األول‪ :‬حركة العالقات اإلنسانية‬
‫قبل ظهور حركة العالقات اإلنسانية كانت الدراسات حول العمل في المنشأة ذات طابع فيزيولوجي يتعلق أكثر بالظروف‬
‫المادية للعمل وتأثيرها على المردودية واإلنتاجية‪ ،‬فلم تخرج هذه األبحاث والدراسات عن الحوافز المادية للعمل وتأثيرها على‬
‫المردودية اإلنتاجية‪ ،‬ولم تُعرف األسباب التي من شأنها أن تجعل للعامل حاف از خارج إطار المكافأة المادية إال من خالل‬
‫األبحاث والتجارب التي قام بها "إلتون مايو" ومجموعة من الباحثين من رواد حركة العالقات اإلنسانية‪ ،‬بهدف إثبات أن‬
‫االنسان العامل إضافة إلى كونه كائنا ماديا فهو كذلك كائن اجتماعي يرتبط على األقل بقدر مهم من االنتماء للمجموعة‪،‬‬
‫وله حاجات نفسية واجتماعية ينبغي العناية بها في إطار العالقات اإلنسانية داخل المنشأة‪.‬‬
‫‪ .1‬أهم رواد حركة العالقات اإلنسانية‬
‫‪ .1.1‬روبرت أوين (‪)1858-1771‬‬
‫يعتبر "روبرت أوين" (‪ )Robert Owen‬مصلحا ومفك ار اشتراكيا انجليزيا‪ ،‬ومؤسس الحركة التعاونية‪ ،‬وقد كان من رجال‬
‫األعمال الناجحين آنذاك‪ ،‬انتقل في بدايات ‪ 1800‬إلى مدينة نيوالنارك باسكتلندا؛ حيث جعل منها ومن مصنعه نموذجا في‬
‫النجاح اإلداري والتسيير وفي عالقاته الجيدة بالعاملين‪ ،‬وآزر الحركة النقابية وهي في خطواتها األولى‪ ،‬وأسفرت جهوده عن‬
‫إقامة مشروعات تعاونية انتشرت من انجلت ار إلى أنحاء العالم‪ ،‬ومن أهم كتبه "نظرة جديدة إلى المجتمع" عام ‪.1814‬‬
‫‪ .2.1‬إلتون مايو (‪)1949-1880‬‬
‫يعتبر "جورج إلتون مايو" (‪ )G.Elton Mayo‬باحثا أستراليا‪ ،‬أمريكي الجنسية‪ ،‬عالم نفس ورجل عالقات عامة؛ وقد كان‬
‫ويعد مؤسسا لعلم االجتماع الصناعي‪ ،‬وأبو العالقات اإلنسانية في المنشأة من‬ ‫أستاذا للبحوث الصناعية بجامعة هارفرد‪ّ ،‬‬
‫خالل دراساته وتجاربه التي قام بها في هاوثورن حول العوامل المؤثرة في زيادة إنتاجية األفراد‪.‬‬
‫‪ .3.1‬ماري باركر فيوليت (‪)1933-1868‬‬
‫تعد "ماري باركر فيوليت" (‪ )M.P.Fiollette‬من أنصار العالقات اإلنسانية‪ ،‬وكانت خادمة اجتماعية ومستشارة أمريكية‬ ‫ّ‬
‫في الشؤون اإلدارية ورائدة في مجاالت النظرية التنظيمية والسلوك التنظيمي‪ ،‬وألفت العديد من المؤلفات حول العالقات‬
‫اإلنسانية وعلم النفس وتسوية النزاعات‪ ،‬ومن مؤلفاتها "ديناميكية اإلدارة"‪ ،‬وقد دعت للتصدي لمدرسة لندن في االقتصاد‪.‬‬
‫ويمكن إضافة لهؤالء الرواد العالم االجتماعي األمريكي "شستر برنارد" (‪ )Chester Bernard‬بفعل دراساته للنواحي‬
‫النفسية واالجتماعية في العمل واعتباره المنشأة نظاما تعاونيا؛ إال أنه انتهج المنهج السلوكي في الوصول إلى نظرياته في‬
‫التنظيم‪ ،‬فاعتبر كذلك من أنصار المدرسة السلوكية‪.‬‬
‫‪ .2‬تجارب وأهم إنجازات رواد مدرسة العالقات اإلنسانية‬
‫‪ .1.2‬تجارب " هاوثورن" لـ "إلتون مايو"‬
‫بعد التحاق "إلتون مايو" بجامعة "هارفرد" كمدير لقسم األبحاث الصناعية‪ ،‬قام باإلشراف على مجموعة من الدراسات والتجارب‬
‫في مصنع وسترن إلكتريك (‪ )Western electric‬بهاوثورن األمريكية‪ ،‬وكان الهدف األول من هذه التجارب دراسة‬
‫مدى تأثير الظروف المادية للعمل على إنتاجية العامل‪ ،‬فإلتون مايو اعتمد نفس طريقة ومنهجية فريدريك تايلور فيما يتعلق‬
‫بتجاربه في الورشة‪ ،‬فأراد بذلك الوصول إلى إثبات أو نقض النتائج التي توصل إليها الكالسيك فيما يتعلق أساسا بالنظرة‬
‫المادية لإلنسان العامل واعتباره آلة يقبل الحوافز المادية فقط‪.‬‬
‫قام "مايو" بمجموعة من التجارب للوصول إلى مبادئ نظريته‪ ،‬من أهم هذه التجارب تجربة اإلضاءة وتجربة فترات الراحة‬
‫أثناء العمل؛ فقام بدراسة مدى تأثير ظروف العمل وخاصة ظروف اإلضاءة على إنتاجية العمال في المصنع؛ إال أنه وبمرور‬
‫الوقت أ صبحت تجاربه تستهدف تحليل طرق مجموعة العمل والتعاون داخل الجماعات وتأثير ذلك على اإلنتاجية‪.‬‬
‫من خالل تجاربه تم تقسيم العمال إلى مجموعتين لدراسة أوال أثر اإلضاءة على مستوى اإلنتاجية‪ ،‬ثم إخضاع األولى للتجربة‬
‫وابقاء الثانية على نفس ظروف العمل‪ ،‬فصاحب المجموعة األولى زيادة في اإلنتاجية واستمرت هذه الزيادة مع كل تغير في‬
‫ظروف اإلضاءة‪ ،‬كما واكب ذلك ارتفاع في إنتاجية المجموعة الثانية رغم ثبات ظروف العمل‪ ،‬وبعدها تم تخفيض معدالت‬
‫اإلضاءة لدى المجموعة األولى محل التجربة إال أن اإلنتاجية استمرت بالزيادة‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة للمجموعة الثانية التي‬
‫لم تتغير ظروف العمل بها‪ .‬ونظ ار للنتائج التي توصل إليها من خالل تجربة تغيير اإلضاءة‪ ،‬قام بتجربة تغيير فترات الراحة‬
‫لتحديد العالقة بين اإلجهاد في العمل ومستوى اإلنتاجية‪ ،‬فقام بنفس منهجية التجربة األولى بتقسيم العمال إلى مجموعتين‬
‫واخض اع إحداهما إلى فترات راحة أثناء العمل اليومي‪ ،‬واتضح أن زيادة اإلنتاجية ترتبط بطول فترة الراحة ومعدل تكرارها‬
‫اليومي‪.‬‬
‫أظهرت تجارب "مايو" أنه باإلضافة ما للعوامل المتعلقة بظروف العمل المادية من تأثير على مستوى اإلنتاجية‪ ،‬هناك عوامل‬
‫أخرى مؤثرة على زيادة إنتاجي ة العاملين والتي تتمثل في العوامل االجتماعية والنفسية التي تم مراعاتها من خالل التجارب‪،‬‬
‫فاالهتمام المتزايد من قبل اإلدارة والمشرفين ومشاركتهم في التجارب مع العاملين من خالل تواجدهم وحضورهم الدائم إلى‬
‫جانبهم شكل تحفي از ودعما معنويا في زيادة الجهد المقدم في العمل‪ ،‬وبالتالي زيادة مستوى اإلنتاجية من خالل اهتمام اإلدارة‬
‫والمشرفين بالعالقات اإلنسانية والعمل الجماعي لتحقيق أهداف المنشأة‪.‬‬
‫وقد توصل "إلتون مايو" من خالل أبحاثه إلى مجموعة من النتائج أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬ميل األفراد العاملين في وحدة إنتاجية إلى تشكيل تنظيمات غير رسمية فيما بينهم‪.‬‬
‫‪ -‬تأثر تصرفات األفراد داخل التنظيم باإلطار الذي ترسمه لهم الجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬تلعب الحوافز المعنوية للعاملين دو ار كبي ار إضافة إلى الحوافز المادية في زيادة مستوى اإلنتاجية في العمل‪.‬‬
‫‪ -‬إن طاقة الفرد للعمل ال تتحدد طبقا لطاقته الفسيولوجية فقط‪ ،‬بل أيضا طبقا لطاقته االجتماعية من حيث شعوره بالرضا‬
‫والتفاهم القائم بينه وبين رؤسائه من جهة ودرجة التعاون مع زمالئه في العمل من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬للقيادة غير الرسمية دور في التأثير على سلوك األفراد داخل التنظيم‪.‬‬
‫لقد دفعت هذه النتائج الكثير من الباحثين إلى إعادة النظر في المبادئ الكالسيكية في اإلدارة‪ ،‬عن طريق نقدها واعتبارها‬
‫غير كافية للوصول إلى حد أعلى من الكفاءة اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ .2.2‬إنجازات ونظريات "أوين" و"فيوليت" و"برنارد" في العالقات اإلنسانية‬
‫‪ -‬ركز "أوين" على اعتماد ما يسمى بالرقابة الصامتة على العاملين بهدف تحسين اإلنتاجية‬
‫‪ -‬كما نادى باالستثمار في المورد البشري أكثر من االستثمار في اآلالت والتجهيزات‪.‬‬
‫‪ -‬ساهم في إعطاء نظرة عن أهمية العمل الجماعي في زيادة اإلنتاجية وتعزيز العالقات اإلنسانية من خالل إنشائه ما يسمى‬
‫بالمشاريع أو القرى التعاونية‪.‬‬
‫‪ -‬ركزت "فيوليت" على نشاط المجموعة في العمل ووجدت بأن اإلنسان يجد نفسه وحريته من خالل نشاط المجموعة التي‬
‫هو عضو فيها‪ ،‬ويعمل في تكامل وتعاون مع األفراد اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -‬ومن خالل تركيزها على العمل الجماعي دعت "فيوليت" إلى إعادة النظر في مفهوم السلطة والقوة من قبل إدارة المنظمة‪،‬‬
‫وكذلك بأن تجعل السلطة مع العاملين وليس عليهم‪.‬‬
‫‪ -‬وركزت "فيوليت" كذلك على الموقف الذي بموجبه يتم الخضوع لألنظمة والتعليمات في المنشأة وليس على أساس شخص‬
‫القائد أو المدير‪ ،‬ولذلك البد من تكامل األهداف بين العاملين واإلدارة العليا في المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬عارضت "فيوليت" الدور التقليدي البيروقراطي والرسمي للسلطة‪ ،‬ونادت بالتخلي عن األوامر المتسلطة التي يقابلها مقاومة‬
‫من األفراد إلى تغليف األوامر بمستوى العالقات اإلنسانية‪ ،‬واعتماد حل الصراعات بين اإلدارة والعاملين على الحوار والمشاركة‬
‫باعتبار أن الصراع في المنظمة أمر طبيعي حسب "فيوليت" ‪.‬‬
‫‪ -‬ركز "برنارد" على آليات المجموعة في المنظمة‪ ،‬وبما أنه كان مدي ار لشركة هواتف "بل" في " نيوجرسي" وضع نظرية في‬
‫"النظام التعاوني"؛ إذ يرى أن األفراد العاملين بحاجة للتعويض عن القيود والمحددات التي يعانون منها على المستوى الشخصي‬
‫من خالل التعاون فيما بينهم في العمل‪.‬‬
‫‪ .3‬مبادئ مدرسة العالقات اإلنسانية‬
‫من خالل تجارب ودراسات رواد حركة العالقات اإلنسانية فإن مبادئ هذه المدرسة كانت كاآلتي‪:‬‬
‫إن المنظمة كيان ونظام اجتماعي إضافة إلى كونها نظام إداري واقتصادي‪ ،‬وأن هذا النظام االجتماعي يحدد أدوا ار للفرد‬ ‫‪‬‬
‫في المنظمة قد تختلف عن أدوار التنظيم الرسمي للمنشأة‪.‬‬
‫ال تتم إثارة دوافع األفراد بفعل حوافز مادية واقتصادية فقط‪ ،‬بل للحوافز المعنوية دور أيضا في ذلك‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يلعب النظام غير الرسمي في المنظمة من خالل الجماعات والعالقات الشخصية في العمل دو ار مهما في تحديد اتجاهات‬ ‫‪‬‬
‫األفراد ومستوى أدائهم‪.‬‬
‫اعتماد األسلوب الديمقراطي في القيادة من خالل إشراك العاملين بدل األسلوب البيروقراطي والتسلطي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ربطت حرك ة العالقات اإلنسانية بين رضا العامل ومستوى إنتاجيته‪ ،‬مع ضرورة وضع نظام فعال للتواصل وتبادل‬ ‫‪‬‬
‫المعلومات بين اإلدارة والعاملين‪.‬‬
‫‪ .4‬تقييم مدرسة العالقات اإلنسانية‬
‫لقد نالت أفكار مدرسة العالقات اإلنسانية إعجابا واستحسانا من قبل العديد من الباحثين‪ ،‬كما قدمت لها مجموعة من‬
‫االنتقادات‪ ،‬نذكر هذا من خالل تقييم أفكار هذه المدرسة‪:‬‬
‫‪ .1.4‬مزايا مدرسة العالقات اإلنسانية‬
‫‪ -‬التركيز على النواحي االجتماعية والنفسية في العمل بهدف زيادة اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ -‬رفع كفاءة العمل وتحسين اإلنتاجية من خالل التعاون وتبادل الخبرات والمعلومات‪.‬‬
‫‪ -‬أهمية التنظيم غير الرسمي والعالقات الشخصية في التنظيم‪.‬‬
‫‪ -‬إشباع حاجات األفراد النفسية واالجتماعية ومساعدتهم على تحقيق ذواتهم وابراز قدراتهم‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز االنتماء للعمل واثارة الدافعية بالتركيز على الحوافز المعنوية‪ ،‬إضافة إلى الحوافز المادية‪.‬‬
‫‪ -‬تنمية وتوثيق الروابط بين منتسبي المنظمة بما يكفل توفير جو من الثقة المتبادلة بين العاملين فيما بينهم وبين اإلدارة‬
‫والعاملين‪.‬‬
‫‪ -‬القيادة والسلطة الديمقراطية هي األنسب لتحقيق رضا العاملين وارتفاع روحهم المعنوية وبالتالي زيادة إنتاجيتهم‪.‬‬
‫‪.2.4‬عيوب مدرسة العالقات اإلنسانية‬
‫‪ -‬حسب " فيدلر" فإن القيادة أو المدير الذي يجعل بينه وبين مرؤوسيه مسافة معينة‪ ،‬تتميز منظمته بالنجاح أكثر من المدير‬
‫الذي يكون على صلة أقرب بمرؤوسيه‪ ،‬وبذلك فهو يحتفظ باالستقالل االنفعالي وبدرجة من االتزان والثبات في تصريفه‬
‫لألمور‪.‬‬
‫‪ -‬ويرى "مالكوم" بأنه يجب على المدير أن يعطي االهتمام األكبر لألداء في العمل‪ ،‬ألن االهتمام أكثر بالناس ومعاملتهم‬
‫بليونة قد يؤدي إلى اإلهمال في العمل‪.‬‬
‫‪ -‬االعتقاد بأن مصلحة اإلدارة والعاملين واحدة ومشتركة أو متبادلة اعتقاد خاطئ ألنه في أغلب المنظمات فإن المصلحة‬
‫بينهما تكون متعارضة‪ ،‬فاإلدارة تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة للمنظمة‪ ،‬أم العامل فيبحث عن مصلحته الشخصية‪.‬‬
‫‪ -‬اعتبرت هذه المدرسة التنظيم نظاما مغلقا ال يتأثر بالعوامل البيئية والخارجية األخرى وهذا ما وقع فيه الكالسيك كذلك‪.‬‬
‫‪ -‬تركيز مدرسة العالقات اإلنسانية على اإلنسان وأهميته في المنظمة حال دون وصولها إلى وضع نظريته شاملة ومتكاملة‬
‫عن التنظيم‪.‬‬
‫‪ -‬التنظيم غير الرسمي في المنشأة مثلما له إيجابيات على العالقات االجتماعية والنفسية للعاملين وتبادل المعلومات‬
‫واالتصال‪ ،‬له كذلك سلبيات‪.‬‬
‫‪ -‬إضعاف التنظيم الرسمي الذي يهدف إلى تحديد المهام والواجبات والصالحيات بدقة وااللتزام بالقوانين والتعليمات المرسومة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المدرسة السلوكية‬
‫تعتبر المدرسة السلوكية من خالل الدراسات واألبحاث التي قام بها روادها امتدادا للدراسات واألبحاث والنتائج المتوصل إليها‬
‫من قبل مدرسة العالقات اإلنسانية؛ إال أن السلوكيون درسوا بنوع من العمق سلوك الفرد بالمنظمة وامكانية التنبؤ به‪ ،‬ذلك‬
‫أنهم افترضوا بأن سلوك الفرد له أهداف معينة في المنظمة ويقوم بعمله مع مجموعة أفراد متأثرين بأنماطهم السلوكية وعاداتهم‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫والمدرسة السلوكية من مدارس الفكر اإلداري التي تأسست على يد "واطسون" عام ‪ ،1913‬حيث يعتبر أن الفهم الكامل‬
‫لسلوك اإلنسان يكون من خالل تحليل الظواهر النفسية على أنها سلسلة معقدة من المثيرات واالستجابات‪ ،‬ويعتبر مجال‬
‫العلوم ال سلوكية من مجاالت علم النفس وعلم االجتماع المهمة في اإلدارة الحديثة لذلك تفرع عنه ما يسمى "بالسلوك التنظيمي"‬
‫و" علم اجتماع التنظيمات" وغيرها‪ ،‬ولقد ركز السلوكيون اهتمامهم على دراسة العنصر البشري الذي يعتبر أساس العملية‬
‫اإلدارية والمحور األساس للسلوك التنظيمي‪.‬‬
‫كما ركزت بعض نظريات المدرسة السلوكية على النواحي الحركية في اإلدارة كالقيادة واالتصاالت واتخاذ الق اررات بحكم أن‬
‫المبادئ األولى واألساسية لعلم اإلدارة وادارة األعمال تم وصفها من قبل الكالسيك‪ ،‬وأدت نتائج دراسات السلوكيين إلى فتح‬
‫آفاق جديدة للدراسات اإلدارية خرجت بها عن نطاق التنظيم اآللي المحدود مثلما صورته النظريات الكالسيكية مستعينة في‬
‫ذلك بدراسات العلوم النفسية واالجتماعية‪.‬‬
‫من أهم رواد المدرسة السلوكية نجد " شستر برنارد" (‪ - )1961-1886‬الذي يعتبر من أنصار العالقات اإلنسانية كذلك‬
‫مثلما أشرنا إليه سابقا‪ -‬بحكم نهجه للمنهج السلوكي في دراساته للنواحي النفسية واالجتماعية في العمل‪ ،‬وهو باحث أمريكي‬
‫وضمن أفكاره في مؤلفاته "وظائف‬
‫ّ‬ ‫وشغل منصبا إداريا تنفيذيا في مؤسسته‪ ،‬اهتم باألساس بوظائف المدير واتخاذ الق اررات‪،‬‬
‫المنفذ" عام ‪ ،1938‬حيث اعتبر أن مصدر سلطة المدير تنبع من قبول المرؤوس لقيادته لهم وليس من شخصه‪ ،‬وعليه أن‬
‫يأخذ في االعتبار في ممارسته للسلطة سلوكيات األفراد في التنظيم والعمل على إرساء نظام تعاوني مبني على هيكل تنظيمي‬
‫واضح المهام وعلى مبدأ تفويض السلطات للمرؤوسين واشراكهم في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫كما أن هناك رواد آخرون لهذه المدرسة "كأبراهام ماسلو"‪ ،‬و"هيرتزبرج" و"ماك جريجور" و"فريديك هرزبرغ"‪ ،‬و"ماكليالند"‬
‫وغيرهم‪ ،‬ويشترك هؤالء كما ذكرنا سابقا في دراستهم للسلوك التنظيمي من خالل البحث في حاجات ودوافع األفراد في العمل‬
‫وطرق ممارسته القيادة‪ .‬واتخاذ الق اررات واالتصاالت‪ ،‬وأسهموا بذلك في وضع نظريات تخص حركية اإلدارة والوظائف بها‪.‬‬
‫سوف نتعرض ألهم نظريات هؤالء الرواد فيما يتعلق بالسلوك التنظيمي من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬أفكار ونظريات المدرسة السلوكية‬
‫‪ .1.1‬نظرية الفلسفة اإلدارية‬
‫يعتبر "ماك جريجور" (‪ )Mc Grigore‬رائدا لهذه النظرية السلوكية التي أطلق عليها الفلسفة اإلدارية‪ ،‬والمسماة أيضا بنظرية‬
‫(‪ X‬و‪ ،)Y‬وتقوم هذه النظرية على أساس افتراض أساسي هو أن لكل مدير في المنشأة فلسفته الخاصة التي تؤثر على‬
‫سلوكه وتطبع تصرفاته؛ فهي عامل أساسي في تحديد السلوك اإلداري من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن سلوك العاملين بالمنشأة‬
‫يتحدد أيضا كنوع من االستجابة أو رد فعل للسلوك اإلداري للمدير والذي يطبع به سلوك إدارته‪.‬‬
‫انطالقا من هذا فقد قسم "جريجور" فلسفة إدارة المنشأة على حسب فلسفة المديرين والعاملين بها إلى قسمين‪ ،‬فأطلق على‬
‫الفلسفة اإلدارية الكالسيكية نظرية ‪ ،X‬فيما أطلق على فلسفة أخرى معاكسة لها نظرية ‪ ،Y‬وقدم افتراضات ومواصفات كل‬
‫فلسفة على حدى كما يأتي‪:‬‬
‫نظرية ‪ :X‬تنطلق فلسفة هذه النظرية من االفتراضات التي منحها الكالسيك لإلنسان العامل‪:‬‬
‫‪ -‬اإلنسان كسول وال يحب العمل‪.‬‬
‫‪ -‬اإلنسان أناني؛ يغلب مصلحته الخاصة على مصلحة المنشأة‪.‬‬
‫‪ -‬يحتاج اإلنسان دائما إلى التحفيز المادي لعمل ما هو مطلوب‪.‬‬
‫‪ -‬يتم إجبار اإلنسان على العمل بتوقيع العقاب إذا لم يقدم ما هو مطلوب‪.‬‬
‫‪ -‬اإلنسان يفتقر إلى الطموح والمبادرة‪ ،‬ويكره المخاطرة‪.‬‬
‫نظرية ‪ :Y‬تنطلق فلسفة هذه النظرية من نظرة إيجابية لإلنسان ومعاكسة لنظرة الكالسيك للعامل‪:‬‬
‫‪ -‬اإلنسان يحب العمل ويعتبره نشاطا طبيعيا ولديه الرغبة في تقديم األفضل‪.‬‬
‫‪ -‬يسعى اإلنسان برغبة منه ودون إكراه للقيام بعمله نظير المكافأة التي يتوقعها‪.‬‬
‫‪ -‬اإلنسان لديه استعداد فطريا لتحمل المسؤولية وتغليب مصلحة المنشأة‪.‬‬
‫‪ -‬اإلنسان طموح ويسعى إلى تحقيق ذاته ورغباته‪.‬‬
‫‪ -‬يمتلك اإلنسان القدرة على االبتكار‪ ،‬ويتخذ ق اررات فيها مخاطرة‪.‬‬
‫من خالل هذه االفتراضات التي قدمها "جريجور" فيما يتعلق بالفلسفة اإلدارية لدى العاملين في المنشأة‪ ،‬فإنه وانطالقا من‬
‫نظرته السلوكية للمنشأة وتركيزه على العامل اإلنساني والجماعة‪ ،‬قدم انتقادات لنموذج نظرية ‪ X‬التي قام الكالسيك بتسويقها‬
‫عن اإلنسان العامل وفق نظرة وفلسفة إدارية سلبية تشاؤمية‪ ،‬وعلى إثر ذلك توصل إلى أن الفرد العامل أقرب في طبيعته‬
‫وسلوكه إلى نموذج نظرية‪ ،Y‬التي تنظر إلى الفرد العامل نظرة إيجابية تركز فيها على اإلنسان واحتياجاته أوال قبل المنظمة‪،‬‬
‫وهذا على عكس النظرة الكالسيكية التي ركزت على العمل قبل الفرد واحتياجاته‪ .‬وزيادة على ذلك اقتصرت حاجياته في‬
‫الجوانب المادية فقط‪.‬‬
‫‪ .2.1‬نظرية سلّم الحاجات‬
‫رائد هذه النظرية "أبراهام ماسلو" (‪)A. Maslow‬؛ حيث حاول من خالل دراساته للسلوك اإلنساني باعتباره عالم نفس تقديم‬
‫نظرية لتفسير حاجيات اإلنسان‪ ،‬وتعتبر نظريته سلم الحاجات من أكثر النظريات شيوعا فيما يتعلق بالتحفيز وتفسير السلوك‬
‫اإلنساني في سعيه إلشباع حاجاته المختلفة والتي قدمها في دراساته الموسومة بـ " نظرية التحفيز اإلنساني" عام ‪،1943‬‬
‫وتنطلق نظريته من االفتراضات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬حاجات الفرد مرتبة ترتيبا تصاعديا في شكل سلّم (هرم) بحسب أولويتها للفرد‪.‬‬
‫‪ -‬حالة عدم االكتفاء أو عدم إشباع الحاجة هي التي تؤثر على سلوك الفرد وتحفزه للعمل على إشباعها‪.‬‬

‫شكل رقم (‪ :)1‬سلّم ماسلو للحاجات‬

‫حاجات تحقيق الذات‬ ‫‪Self –actualization / Fulfilment‬‬

‫حاجات التقدير واالحترام‬ ‫‪Self-esteen and‬‬


‫‪respect‬‬
‫حاجات تحقيق الذات‬
‫الحاجات االجتماعية‬ ‫‪Social needs‬‬

‫حاجات تحقيق الذات‬


‫حاجات األمن‬ ‫‪Safety needs‬‬

‫حاجات تحقيق الذات‬


‫الحاجات الفيزيولوجية‬ ‫‪Physiology needs‬‬

‫حاجات تحقيق الذات‬


‫المصدر‪ :‬إعداد الباحث باالعتماد على ‪Abraham. H. Maslow, Motivation and personality1954, p2‬‬

‫يربط "ماسلو" مردود العامل وأدائه في العمل بمدى تحقيق احتياجاته والتي صنفها إلى خمس حاجات يتم تحقيقها بصفة‬
‫متتابعة‪ ،‬فكلما حقق حاجة يصبو إلى تحقيق األخرى‪ ،‬حتى يصل إلى تحقيق الحاجة األسمى وهي تحقيق الذات‪ ،‬أي المشاركة‬
‫والمساهمة في تحقيق أهداف المؤسسة عن طريق المشاركة في اتخاذ الق اررات واإلبداع‪.‬‬
‫هدف هذه النظرية هو منح العاملين فرصا للمشاركة في تحقيق أهداف المؤسسة التي يعمل بها وشعوره باالنتماء‪ ،‬هذا ما‬
‫يسمح له بإشباع حاجاته ورغباته المعنوية والنفسية وليس فقط المادية‪ ،‬فيكون له الحق في اتخاذ الق اررات بتفويض من رؤسائه‬
‫في العمل‪.‬‬
‫ولقد تعرضت نظرية سلم الحاجات النتقادات أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬تختلف حاجات األفراد من حيث النوع والعدد وال يمكن حصرها في هذه األنواع الخمسة بالنسبة لكل األفراد‪.‬‬
‫‪ -‬ترتيب الحاجات بهذا التسلسل المقترح فيما يتعلق باإلشباع يمكن أن يختلف من فرد إلى آخر‪.‬‬
‫‪ -‬ال يمكن أن نجزم باستقرار هيكل الحاجات بالنسبة لكل األفراد‪.‬‬
‫‪ .3.1‬نظرية ‪ERG‬‬
‫قدم "ألديرفر كاليتن" (‪ )Alderfer. K‬عام ‪ 1969‬نظرية مغايرة لنظرية سلم الحاجات لماسلو‪ ،‬وهي عبارة عن تنقيح وتعديل‬
‫لها؛ حيث أعاد تصنيف الحاجات اإلنسانية إلى ثالثة أصناف بدل خمسة حسب "ماسلو"‪ ،‬كما لم يخضع إشباعها إلى تدرج‬
‫هرمي‪.‬‬
‫‪ -‬حاجات البقاء (‪ :)Existence needs‬وتشمل الحاجات الفزيولوجية وحاجات األمان‪.‬‬
‫‪ -‬حاجات االرتباط (‪ :)Relatedness needs‬وتشمل الحاجات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬حاجات النمو (‪ :)Growth needs‬وتشمل حاجات التقدير واالحترام وحاجات تحقيق الذات‪.‬‬
‫وتختلف هذه النظرية عن نظرية "ماسلو" في أنها تعتبر بأن الحاجات اإلنسانية ال تتبع هرما في إشباعها‪ ،‬بل قد يحاول الفرد‬
‫تحقيق أكثر من نوع من الحاجات في آن واحد‪ ،‬كما أنه قد يحقق حاجات التقدير واالحترام مع ضعف في إشباع الحاجات‬
‫الفزيولوجية مثال‪ ،‬فتداخل االحتياجات أمر معقد فهي قد تتعارض وقد تتفق في إشباعها وقد تسبق هذه تلك‪.‬‬
‫العاملين‬
‫ْ‬ ‫‪ .4.1‬نظرية‬
‫رائد هذه النظرية هو "فريدريك هرزبرج" (‪)F. Herzberg‬؛ حيث أجرى دراسة على مجموعة من المهندسين والمحاسبين‬
‫يعملون في مصانع بمدينة "بترسبرج" عام ‪ ،1966‬وكان للنتائج التي توصل إليها أثر كبير على االتجاهات السلوكية للعاملين‬
‫متغيرْين يؤثران على‬
‫عاملين ّ‬
‫ْ‬ ‫في المنشأة‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بالدوافع والحوافز‪ ،‬وخلص إلى وجود مجموعتين من العوامل‪ ،‬أو‬
‫دوافع وحوافز األفراد‪.‬‬
‫‪ -‬المجموعة األولى‪ :‬العوامل الوقائية؛ وهي عوامل أساسية بالنسبة للفرد العامل‪ ،‬وتسعى المنشأة توفيرها للعامل‪ ،‬وتتمثل‬
‫في‪ :‬سياسة المنظمة تجاه العاملين وادارتها‪ ،‬وعدالة نظمها‪ ،‬ونمط اإلشراف‪ ،‬والعالقات مع الرؤساء‪ ،‬وظروف العمل‪ ،‬االستقرار‬
‫واألمن الوظيفيين‪ ،‬الراتب والمكافآت‪.‬‬
‫وتعتبر هذه العوامل أساسية بالنسبة للفرد؛ حيث أن وجودها ال يزيد من رضا الفرد العامل فهي ليست محفزات‪ ،‬أما نقصها‬
‫أو انعدامها فيشعر الفرد باإلحباط وبعدم الرضا‪.‬‬
‫‪ -‬المجموعة الثانية‪ :‬العوامل الدافعة أو المحفزة‪ ،‬ويسعى الفرد إلى تحقيقها‪ ،‬وتتمثل في‪ :‬الشعور باإلنجاز‪ ،‬إدراك قيمة العمل‬
‫من خالل إتقانه‪ ،‬إنجاز العمل المثير والمبدع الذي يشبع احتياجات الفرد وقدراته‪ ،‬فرص النمو والتطور الشخصي‪ ،‬إمكانية‬
‫التقدم والترقية في الوظيفة‪ ،‬فرص تحمل المسؤولية وقيادة اآلخرين واتخاذ الق اررات‪.‬‬
‫وتعبر هذه المجموعة عن العوامل المحفزة بالنسبة للفرد العامل‪ ،‬ووجودها يزيد من دافعية الفرد ودرجة الرضا‪ ،‬لكن نقصها أو‬
‫ّ‬
‫انعدامها ال يشعر العامل بعدم الرضا‪..‬‬
‫حد ما مع نظرية ‪ ERG‬في أن الحاجات قد يتم إشباعها في آن واحد‪ ،‬كما تتفق مع‬ ‫العاملين لهازبرج إلى ّ‬
‫ْ‬ ‫وتتفق نظرية‬
‫نظرية "ماسلو" في أن الحاجيات األساسية ال بد من إشباعها أوال وتعتبر أساسية لشعور العامل بالرضا‪.‬‬
‫قدمت هذه النظريات أهم أفكار المدرسة السلوكية فيما يتعلق باالهتمام بسلوك األفراد في المنشأة واألسباب المؤدية لذلك‬
‫السلوك‪ ،‬من خالل دراسة حاجات الفرد العامل ودوافع إنجازه والحوافز الواجب توفيرها‪ ،‬بما يعنى بالعامل اإلنساني في العمل‪،‬‬
‫وهناك نظريات أخرى تدخل ضمن إطار النظرة السلوكية والتي ركزت على الدافعية والتحفيز‪ ،‬كنظرية "فروم" للتوقع‪ ،‬ونظرية‬
‫"ماكليالند" في دوافع اإلنجاز‪ ،‬ونظرية "ليكارت" في الدوافع وتأثيرها على السلوك اإلنساني‪.‬‬
‫‪ .2‬تقييم المدرسة السلوكية‬
‫في إطار ما جاءت به هذه المدرسة كامتداد لحركة العالقات اإلنسانية؛ فقد ساهمت بنظريات وأفكار تدعم هذا االتجاه وتنتقد‬
‫االفتراضات التي انطلق منها الكالسيك فيما يتعلق باإلنسان العامل في المنشأة‪ ،‬وبذلك فقد تميزت أفكارها بمجموعة من‬
‫المزايا‪ ،‬مقابل ذلك قدمت لها مجموعة من االنتقادات‪.‬‬
‫‪ .1.2‬مزايا المدرسة السلوكية‪:‬‬
‫‪ -‬ساهمت في تطوير الفكر اإلداري وذلك بتركيزها على العامل اإلنساني وسلوك األفراد في المنشأة‪.‬‬
‫‪ -‬ركزت أكثر على ضرورة معرفة السلوك اإلنساني من خالل حاجاته ودوافعه في العمل بهدف الوصول إلى تحقيق اإلنتاجية‪،‬‬
‫وهو ما ميزها عن الكالسيك الذين ركزوا أكثر على كيفية تحقيق اإلنتاجية في العمل‪.‬‬
‫‪ -‬قدمت للمنشأة والمشرفين عليها أفكا ار تتعلق بكيفية فهم سلوك األفراد وكيفية التعامل معهم واشباع حاجياتهم بهدف تحقيق‬
‫أهداف المنشأة‪.‬‬
‫‪ -‬اعتبرت المنشأة وحدة اجتماعية أيضا وليست وحدة اقتصادية فقط كما اعتبرها الكالسيك‪.‬‬
‫‪ .2.2‬عيوب المدرسة السلوكية‪:‬‬
‫‪ -‬ركزت على الجانب اإلنساني والسلوكي في اإلدارة على حساب جوانب أخرى في المنشأة‪ ،‬مما جعلها ال تقدم نظرية متكاملة‬
‫وشاملة في اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬سلوكيات األفراد وتصرفاتهم تختلف وتتغير‪ ،‬وال يمكن التعامل مع الفرد أو إصدار حكم عليه؛ إال في وقت ذلك السلوك أو‬
‫التصرف الذي يبديه في ذلك الزمن المحدد‪.‬‬
‫‪ -‬اعتبرت المنشأة نظاما مغلقا ولم تشر إلى تأثيرات البيئة الخارجية على الجوانب االجتماعية في اإلدارة‪ ،‬فوقعت في نفس‬
‫خطأ الكالسيك‪.‬‬

You might also like