Professional Documents
Culture Documents
أهراس
السنة األولى
ال بد لتتبع تطور الفكر اإلداري احلديث من اإلحتكام إلطار تصنيفي يتم على أساسه إستعراض املدارس اإلدارية املختلفة.
وتشكل النظريات اليت جاء هبا املفكرون اإلداريون هذا اإلطار التصنيفي .وقبل استعراض النظريات اإلدارية املختلفة البد من
اإلتفاق على معىن النظرية.
بالرغم من تعدد تعاريف النظرية بقدر تعدد الباحثني وإديولوجياهتم ،إال أن هناك عناصر أساسية مشرتكة بني هذه التعريفات
وميكن تعريف النظرية بأهنا " :مجموعة من اإلصطالحات والمفاهيم التي تبحث في العالقات اإلفتراضية بين متغيرين أو
أكثر بقصد فهم الظواهر،التنبؤ بحدوثها ،التحكم بها وضبطها بالشك المرغوب وبما يحقق األهداف المطلوبة ".
والنظريات اإلدارية جمموعة من اإلصطالحات واإلفرتاضات اليت تبحث يف السلوك اإلنساين يف جمال العمل ،وحتليل دوافعه،
بقصد فهم هذا السلوك وحماولة توجيهه الوجهة اليت حتقق األهداف املشرتكة بني اإلدارة ،حاجات أفرادها وحاجات البيئة اليت
تنشط فيها.
وميكن تقسيم املدارس اإلدارية الرئيسية إىل أربعة مدارس أساسية تستوعب اإلجتاهات الرئيسية اليت ميزت الفكر اإلداري،
وه ذه املدارس هي :المدرس ة الكالس يكية ،المدرس ة الس لوكية وحرك ة العالق ات اإلنس انية ،المدرس ة الكمي ة ( مدرس ة
إتخاذ القرارات ) المدرسة اإلدارية الحديثة .واجلدير بالذكر أن هذا الرتتيب املتبع يف عرض هذه املدارس ليس ترتيبا تارخييا،
بل ترتيب موضوعي ،وذل ك أن بعض املدارس اإلدارية ظهرت يف الف رتة الزمنية نفسها .وعليه فإن معاجلتها يف هذا الكتاب
سيكون حسب موقعها الفكري الحسب ظهورها التارخيي.
1
قبل تناول النظريات التنظيمية املختلفة ووفقا للتبويب املقرتح ،البد من اإلشارة إىل مسامهات بعض املفكرين الذين كانوا
س ابقني لعص رهم ،وال ذين ك; kان هلم وألفك ارهم ت أثري على الفك ر اإلداري بش كل مباش ر أو غ ري مباش ر ،ومها نيك وال
ميكافيلي و آدم سميث .
-1-1نيكوال ميكافيلي :يرتبط إمسه مبفهوم اإلنتهازية ومقولة " الغاية تبرر الوسيلة " .فقد قدم يف كتابه " األمير " عدة
نصائح لألمري يف كيفية حمافظته على احلكم واإلمارة ،ولكنه أيضا أكد على مفهوم أساسي يف اإلدارة احلديثة ،وهو موضوع
القيادة ،فقد كان سباقا يف التفريق بني السلطة والقيادة ( السلطة :هي احلق القانوين يف إصدار األوامر ) .إذ رأى أن القيادة أمر
يعتمد على مدى القدرة يف إرضاء املرؤوسني ،وعلى مدى قبوهلم بالرئيس وإعطائه الوالء .وهذه األفكار مل تتغري كثريا منذ
القرن السادس عشر لذلك فهو يستحق اإلشارة إىل أن أفكاره ال تزال حاضرة إىل اآلن ،بل إن املنظور السياسي للتنظيم والذي
يتم النظر فيه للتنظيم باعتباره مسرحا سياسيا تتصارع فيه اإلدارات وتتحدد السياسات ال خيتلف كثريا عن ماذكره ميكافيلي
من نصائح لألمري إذا فشلت الطرق واألساليب الصحيحة للمحافظة على احلكم.
-1-2آدم سميث :يرتبط امسه بعلم اإلقتصاد باعتباره أبو املذهب الرأمسايل أكثر مما يرتبط بعلم اإلدارة ،ولكنه كان سباقا
يف حتدي د آلي ات زي ادة اإلنت اج ،وه و يبحث على أس باب ث روة األمم وتق دمها .فق د توص ل إىل مب ادىء أساس ية رأى ض رورة
تطبيقها إذا ما أريد لإلنتاج أن يزيد كما ويتحسن كيفا ،فقد أكد على ضرورة تقسيم العمل ومراعاة التخصص يف تقسيمه
بعتبارمها شرطان ضروريان لتحقيق زيادة اإلنتاج .لذلك :آدم سميث يستحق أن يدخل تاريخ علم اإلدارة كما استحق أن
يك ون من رواد علم اإلقتص اد .وال ش ك أن العالق ة بني علم اإلقتص اد وعلم اإلدارة عالق ة وثيق ة ،فكالمها يق وم على إف رتاض
حمدودية املوارد وتعدد األهداف ،األمر الذي يستدعي العمل بكفاءة لتعظيم اإلنتاجية واستغالل املوارد بشكل أفضل.
يطل ق تعب ري املدرس ة الكالس يكية أو التقليدي ة على ع دد من النظري ات ال يت ظه رت يف الع امل الغ ريب ،وهي بال ش ك ولي دة
الفرتة الزمنية اليت ظهرت فيها ،وهي اليت أعقبت الثورة الصناعية وس يادة املذهب اإلقتص ادي الرأمسايل الذي كان آدم مسيث
املنظ ر الرئيس ي ل ه .وميكن أن نق ول على ال رغم من تع دد النظري ات ال يت تن درج حتت ه ذا العن وان إال أهنا مجيع ا تش رتك يف
افرتاضات رئيسية ،نذكر منها:
-تنظر هذه النظريات نظرة حمدودة لإلنسان ،فالنموذج الذي تضعه هذه املدرسة لإلنسان هو نموذج آلة ،ميكن التحكم به
كما ميكن التحكم يف اآللة ،وهذا النموذج ينطلق من النظرة األحادية لإلنسان واليت تظهر من اإلفرتاض أنه كائن إقتصادي،
مبعىن ميكن التأثري على كافة نواحي سلوكه عن طريق الدوافع اإلقتصادية ،كزيادة األجر واملزايا املادية األخرى من عالوات
ومنافع.
-ترى هذه النظريات أن هناك طريقة مثلى لتأدية العمل تناسب كافة الظروف ،وأن وظيفة اإلدارة هي إكتشاف هذه الطريقة
وتعليمها للعمال ليلتزمو هبا.
-ي رتكز اهتم ام ه ذه النظري ة على اهليك ل التنظيمي الرمسي كمح دد رئيس يلزيادة اإلنتاجي ة ،وعلى الظ روف والعوام ل املادي ة
والفسيولوجية دون الرتكيز بالقدر نفسه على العوامل النفسية واإلجتماعية للعاملني.
2
-تؤك د ه ذه النظري ات على املف اهيم الس لطوية كأس اس لإلدارة ،وعلى ح ق من هم يف قم ة التنظيم اإلداري بإص دار األوام ر
كأساس لسري العمل اإلداري ،دون أن تفرق بني السلطة كحق قانوين للمدير وبني القيادة كقدرة على التأثري واإلقناع ال بد
من أن تتواجد لدى املدير إىل جانب السلطة حىت يكون قادرا على حتقيق األهداف املطلوبة.
-تتمسك هذه النظريات بنمط املركزية اهلرمي كمبادىء أساسية للتنظيم األمثل ،والذي على كافة التنظيمات أن تطبقه إذا
أرادت حتقيق أقصى درجة ممكنة من اإلنتاجية.
-ال تعري هذه النظرية األمهية املناسبة للظروف البيئية احمليطة كمحددات ومؤثرات على سلوك العاملني وعلى التنظيم بشكل
إمجايل ،إذ ترى ضمنا أن التنظيم نظام مغلق يقتصر التفاعل فيه على أعضاء التنظيم الرمسيني وبالقنوات احملددة.
-تعترب هذه النظريات أن كل إتصال وتنظيم خارج القنوات الرمسية هو يف غري صاحل التنظيم ويؤدي إىل اإلضرار باإلنتاجية.
تقرتن بدايات حركة اإلدارة العلمية باسم وجهود فريدريك تايلور وهي جهود جاءت بعد إضافات لكثري من الرواد
األوائل أمثال :ماثيو ب اولتون ،جبمس وات ،روبرت أوين ،تشارلز باباج ،هنري تاوين ،فريدريك هالسي ،فرانك جلربت،
هارنغتون ،هنري جانت ،إمرسون وآخرون غريهم.
ولق د ع اش ت ايلور وه و املنظ ر الرئيس ي ألفك ار ه ذه النظري ة يف ف رتة متيزت بالفس اد السياس ي واإلداري وع دم الكفاي ة
والفعالية .وقد بدأ حياته عامال يف شركة ميدفيل للفوالذ يف مدينة فيالديلفيا يف والية بنسلفانيا األمريكية ،وتدرج يف العمل من
مراقب عمال إىل مساعد مهندس حىت أصبح رئيسا للمهندسني .وحتصل على شهادة يف اهلندسة امليكانيكية .وقد عمل يف
حقل االستشارات أيضا ،حيث قام باكتشاف طريقة جديدة لعمل الفوالذ ،ومن مث أصبح رئيسا للجمعية األمريكية للمهندسني
امليكانيكيني .وهذا ما أكسبه اخلربة الكافية لكي مينح حلوال لكيفية الزيادة يف اإلنتاج.
لقد أدى التطور لظهور ما يسمى حبركة اإلدارة العلمية ،وقد بدأت هذه احلركة يف البداية وعرفت باسم إدارة الورشة أو
إدارة املهمة وقد عرفت أيضا بنظام تايلور أو التايلورية وعرفت فيما بعد باسم اإلدارة العلمية .ولقد نشر تايلور أفكاره يف
كتابه :مبادئ اإلدارة العلمية.
3
إن اإلدارة العلمي ة علم حيوي ق وانني ومب ادئ إذا مت إتباعه ا ،فإهنا ت ؤدي لتحقي ق مط الب ك ل من العام ل ،ص احب العم ل
واملس تهلك كم ا أهنا يف نفس ال وقت فن ألهنا تتعام ل م ع العناص ر البش رية ال يت ال ميكن الرقاب ة عليه ا بش كل كام ل ،وال ميكن
التنبؤ بسلوكها بدقة عالية .وميكن حتديد معىن اإلدارة العلمية كما أورده تايلور يف نظريته بالنقاط التالية:
-ختتلف اإلدارة العلمية عن التقليدية اليت تعتمد على قواعد تقديرية للخربة السابقة.
-إن اهلدف الرئيسي لإلدارة هو حتقيق أعلى رفاهية لصاحب العمل والعامل.
-تعتم د اإلدارة العلمي ة على مجي ع املعلوم ات وحتليله ا ،واس تخالص العالق ات والق وانني ال يت تس اعد العام ل يف أداء عمل ه
ومهامه.
-إن اخنفاض مستوى الكفاءة اإلنتاجية يف كافة األعمال سيرتتب عليه خسائر فادحة.
-إن عالج عدم الكفاءة اإلنتاجية يكون باإلدارة الرشيدة فهي الضمانة األساسية لرفع معدالت اإلنتاج.
-إن اإلدارة علم يعتمد على جمموعة من القوانني والقواعد واملبادئ احملددة بوضوح ،وإن الوصول إىل األهداف البد وأن مير
من خالل التطبيق الدقيق هلذه القوانني والقواعد.
-إن القوانني واملبادئ والقواعد اخلاصة باإلدارة ميكن تطبيقها على كافة النشاطات اإلنسانية ويف كافة املنظمات مهما كان
حجمها ،ولكن بشرط ضمان تطبيقها بطريقة صحيحة وسليمة.
تعد سنة 1898م بداية جتارب فردريك تايلور ،حيث ذهب يف ذلك العام ليعمل يف شركة بيت حلم للفوالذ ،وقام هناك
بدراساته املشهورة يف عدة جماالت ،وعلى النحو التايل:
-تجربة رفع الكتل المعدنية :أجرى تايلور جتربة لرفع الكتل املعدنية على جمموعة تتكون من 75عامال كانوا يقومون برفع
املعادن على قاطرات .وكان العامل الواحد عند بدء التجربة يرفع ما معدله 12.5طنا من اخلامات يوميا .ومن دراسته للوضع
تبني له أن العامل الواحد يستطيع أن يرفع حواليي 47طنا باليوم بـ %43 :فقط من وقت العمل ،حيث أن الوقت املتبقي
حيتاجه العامل للراحة واستعادة النشاطن وبالفعل قام تايلور بتزويد العمال مسبقا بالتعليمات واألدوات االزمة للقيام بالعمل،
وحدد الوقت االزم لذلك .وبعد تطبيق التجربة تبني له صدق فرضيته.
-تجربة تغذية اآلالت بمدخالت اإلنتاج :من خالل هذه التجربة توصل إىل براءة اخرتاع للصناعات الفوالذية ذات السرعة
العالية ،وقد أدى ذلك إىل تقليص الوقت االزم للعمل إىل 1/3من الوقت السابق .وقد باع تايلور هذا اإلخرتاع يف بريطانيا
مببلغ 100ألف دوالر.
-تجربة جرف الخامات :تناولت هذه التجربة عملية جرف خامات احلديد والفحم .وقد تبني له أن استعمال العمال لنفس
األدوات جلرف املادتيني كان سببا يف خفض اإلنتاج ،حيث أن األدوات املستعملة كان جيلبها العمال أنفسهم ،وكانت ثقيلة
4
ج دا عن د اس تعماهلا جلرف اخلام ات املعدني ة وخفيف ة ج دا عن د اس تعماهلا جلرف الفحم .ولت دارك ذل ك أل زم اإلدارة بتص ميم
األدوات املناس بة لكال الن وعني من العم ل وبإعط اء العام ل األداة املناس بة للعم ل املناس ب ،وق د أدى ذل ك إىل توف ري س نوي يف
التكاليف يرتاوح ما بني 80-75ألف دوالر سنويا.
-2-1مبادئ النظرية:
-فصل مهام التخطيط عن مهام التنفيذ ،حبيث تتوىل اإلدارة مسؤولية التخطيط ،تنظيم العمل .ويتوىل العمال مهام التنفيذ.
-حتقيق التعاون بني العمال واإلدارة إلجناز األعمال بالطريقة الصحيحة والسليمة.
-دراسة كل عنصر من عناصر العمل بطريقة علمية بدل اإلعتماد على احلدس والتخمني.
-إس تبدال الطرائ ق التقليدي ة ألداء األعم ال ب الطرائق العلمي ة القائم ة على البحث والتحلي ل ب دال من اإلعتم اد على الطريق ة
اإلعتباطية واخلربة للقيام بذلك.
-اإلختيار العلمي السليم للعمال وتدريبهم وفق األسلوب العلمي هبدف إتقاهنم للنشاط ،تنمية قدراهتم ،تدريبهم وتعليمهم
على كيفية أداء العمل بشكل صحيح بدال من ترك هذه املسؤولية على العامل الذي ال يتوقع منه أن يكون ملما بذلك.
وتتلخص فلس فة اإلدارة العلمي ة باس تخدام األس لوب العلمي في الوص ول إلى ح ل المش كالت اإلداري ة واتخ اذ
الق رارات ،كم ا يتم اختي ار الطريق ة المثلى واختي ار اآلالت والم واد والع املين بص ورة علمية .ويعه د إلى الع املين ب أداء
عمل محدد بشرط أن توفر لهم اإلدارة التعليمات واإلرشادات التي تساعد على تفهم كيفية األداء األمثل للعمل .كما
ترتكز اإلدارة العلمية على مبدأ التخصص في العمليات وتنظيمها إلى جانب تخصص فريق العمل من مخططين ( اإلدارة
) ومنفذين وهم العاملين.
إنطالقا من البادئ اليت حددها تايلور ،فقد أكد على األسس اليت جيب أن حتكم نظام العمل من حيث هيكلية اجلهاز
اإلداري وتوزيع األعمال وسبل دراسة املشاكل ،ومن هذه األسس:
-تقس يم العم ل والتخص ص :ال بد لنج اح وزي ادة كف اءة العم ل من تقس يم األعم ال إىل خط وات متع ددة حبيث يتوىل ك ل
شخص مهمة حمددة ،األمر الذي يساعد على إتقاهنا بشكل أكرب.
-طريقة مثلى للعمل :يعتقد تايلور وأتباعه أنه ميكن أداء العملية الواحدة بعدة طرق قد تصل إىل مخسني أو مائة طريقة ،إال
أن هناك طريقة واحدة مثلى ألداء العمل بأقل جهد وأسرع وقت .ولذلك فقد أوصى باكتشاف هذه الطريقة املثلى عن طريق
البحث املس تمر ومراقب ة ع دد ك اف من العم ال يف أثن اء ت أديتهم لواجب اهتم وحماول ة تنمي ط احلرك ات ال يت يؤديه ا الع املون
وصقلها ،وهذا واجب اإلدارة وليس العمال أنفسهم.
-دراسة اإلجهاد الجسمي :قام تايلور وجلربت بدراسات عديدة يف جمال اإلجهاد اجلسمي الذي يصيب الفرد أثناء عمله،
وهو اإلجهاد غري الضروري والذي ينشأمن حركات غري ضرورية يقوم هبا الفرد أثناء العمل ،ألنه يعمل بطريقة خاطئة بسبب
5
نقص التدريب .وقد حاوال القضاء على اإلجهاد غري الضروري من خالل دراسات الزمن والحركة ،حيث يتم تسجيل كافة
اخلطوات والوقت الذي يستغرقه أداء كل منها ،وهذا ما خيفف األعباء على العامل.
-تحديد كمية العمل اليومية أو تنظيم العمل بشكل يسهل حل مشاكل العمل :أدركت اإلدارة العلمية بأن مشكلة اإلدارة
وص راعها املري ر م ع الع املني يرج ع إىل ع دم إدراك اإلدارة لنقط ة البداي ة الص حيحة وهي حتدي د املع دل املقب ول لإلنت اج .وق د
استخدمت اإلدارة يف املاضي الضغط كطريقة إلدارهتا للعاملني وحثهم على اإلنتاج ،بينما رأت اإلدارة العلمية أن ينتهي ذلك
الصراع بتحديد الكمية الصحيحة لإلنتاج ليوم عمل لكل وطيفة بطريقة علمية .ولذا فما أن حددت كمية العمل ومت تدريب
األفراد على اتباع الطريقة املثلى – بعد أن مت اختيارها – حىت زاد اإلنتاج وقلت املساومات بني اإلدارة والعاملني على كميات
اإلنتاج الواجب حتقيقها.
-وح دة األم ر :وهي أن يتلقى ك ل م رؤوس أوام ره من رئيس واح د ،إذ ال يس تطيع الف رد احتم ال ازدواجي ة املس ؤولية إن
تعددت مصادر إصدار األوامر.
جنحت اإلدارة العلمي ة يف زي ادة اإلنت اج ،وه و اهلدف األساس ي ال ذي س عت إلي ه ،وم ع ذل ك فق د تعرض ت لكث ري من النق د،
وذلك ألهنا:
-متيل للتخصص العميق يف العمل .ال شك أن هنالك فائدة للتخصص ال ميكن إنكارها ،ولكن اإلمعان يف التخصص العميق
يؤدي إىل امللل وقتل روح اإلبداع.
-تنادي نظرية افدارة العلمية بالطريقة املثلى يف العمل دون أن تربط ذلك بنوع العمل والظروف وطبيعة هذه الطريقة املثلى.
إن نك ران التب اين بني األف راد أم ر غ ري س ليم ،إذ أن الطريق ة الس هاة واألحس ن للف رد هي تل ك الطريق ة ال يت تتواف ق م ع مهاب ه
وقدراته.
-جتاهلت نظرية اإلدارة العلمية – وهي تبحث عن اإلقالل من اإلجهاد – اإلجهاد غري الطبيعي أو اإلجهاد النفسي ،كما أن
وجود حد أدىن من اإلجهاد الطبيعي املعقول يبقى ضروريا ،وميثل صمام األمان لتبديدج الكثري من امللل.
-حتدثت الطريقة العلمية عن عملية اإلختيار العلمي للعاملني ووضعت مبادئ هلا ،إال أن متبعيها مل يعنوا بتطبيق تلك املبادئ
يف الواقع العملي.
-جتاهلت اإلدارة العلمية العامل اإلنساين يف اإلنتاج ،وهي حىت يف هتذيبها حلركات اإلنسان نظرت له نظرة ميكانيكية فقط.
ولكن مهما قيل عن هذه النظرية فإنه يبقى هلا حماسنها اليت تتمثل يف أهنا:
-تص دت للمش اكل بس الح العلم واألس اليب العلمي ة واختذت من العلم منهج ا ،فأب دعت يف دراس ة ال وقت واحلرك ة ،وهي
أدوات التحليل احلديث وأساس التنظيم.
6
-مل تكتف هذه النظرية بأحكام املاضي ،بل أخضعتها للتجربة والتمحيص ،ووضعت بناءا على ذلك نظريا ومبادئ حتكم
العمل.
-ثبت بش كل م ادي أن املؤسس ات وال دول ال يت تأخ ذ باألفك اراليت طرحته ا نظري ة اإلدارة العلمي ة حتق ق نت ائج أفض ل من
اإلعتماد على أسلوب التجربة واخلطأ.
إن أهم م ا مييز دعاة ه ذه النظرية ه و السعي للوص ول إىل مبادئ إدارية على املستوى النظري لتك ون األساس لعملي ات
التنظيم والتصميم اإلداري .وقد جاء دعاهتا من بلدا ن خمتلفة ،حيث أن هنري فايول فرنسي ،ليندال إيرويك و لوثر جوليك
بريطانيان موين و رايلي أمريكيان .ولكن ما جيمعهم يف مدرسة واحدة هو أهنم كانوا مجيعا معنيني بالوصول إىل مبادئ إدارية
عاملية حتكم التنظيم ويف خمتلف البيئات .ولذلك فغن أفكار هذه النظرية كانت أكثر تعقيدا من نظرية اإلدارة العلمية.
ولق د أدرك ف ايول ض رورة تعلم اإلدارة على خمتل ف املس تويات وح ول أن يط ور نظم ا فكري ا إداري ا ميكن تعليم ه ودراس ته،
ولقد كتلب يف سنة 1916م مقالة بعنوان " اإلدارة العامة الصناعية " حاول فيها أن يبني خالصة جتاربه ومعرفته اإلدارية يف
كتاب من أربعة أجزاء .حيث تعرض ألهم النقاط التالية:
-3-1الوظائف اإلدارية :لقد ذكر فايول أن الوظائف اإلدارية ميكن أن تقسم إىل 6وظائف هي:
وقد بني فايول أمهية القدرة اإلدارية بالنسبة للوظائف العليا ،فإذا استطاع اإلداري القيام هبذه املهام اإلدارية فإن قيادته ستكون
ناجحة وفعالة.
-3-2المب ادئ اإلدارية :وهي عناص ر العملي ة اإلداري ة ال واجب مراعاهتا يف عملي ة التنظيم للم وارد املتاح ة ،وتؤك د املب ادئ
اإلدارية اليت ذكرها على ضرورة وجود املرونة االزمة يف عملية تطبيقها حسب الظروف ،وقد أشار إىل أن هذه املبادئ ليست
قوانني ،وإمنا هي جمرد قواعد مرنة قابلة للتطبيق يف خمتلف املواقف واملنظمات ،وهذه املبائ هي 14مبدأ:
7
-تقسيم العمل
-اإلنظباط
-وحدة األمر
-التسلسل الرئاسي
-نظام لألوامر
-اتباع العدالة
-تشجيع املبادرة
-3-3العناصر اإلدارية:
-التخطيط
-التنظيم
-اإلتصاالت
-التنسيق
-الرقابة
8
البيروقراطية :معناها حكم املكتب أو سلطة املكتب.
تتش ابه افرتاض ات النظري ة البريوقراطي ة واملب ادئ ال يت ج اءت هبا م ع م ا ج اء ب ه ت ايلور ،وترتب ط ه ذه النظري ة باس م ع امل
اإلجتم اع األملاين :م اكس في بر ( ) 1920-1864ال ذي اعت رب حرك ة اإلدارة العلمي ة انتص ارا للمنهج العقالين وس بيال
لتحقيق الكفاءة .ومع أن أعماله نشرت يف أملانيا سنة 1921م إال أهنا مل تنشر باإلجنلزية إال يف أواخر األربعينيات من القرن
املاضي.
وامت ازت كتابات ه بدرج ة عالي ة من التعقي د العلمي ،فه و مل يكتب كس ابقيه من وجه ة نظ ر املدير أو املهن دس املع ين بزي ادة
اإلنتاج فحسب كما حصل مع تايلور ،بل كتب من منطلق العامل واحمللل اإلقتصادي والتارخيي ،فقد كان باحثا يف جماالت
عدة منها علم اإلجتماع ،اإلقتصاد ،السياسة ،األديان وعلم التاريخ .ومل تكن النظرية البريوقراطية إال حصيلة حتليالته ودراساته
العميقة لسري تطور اجملتمعات البشرية.
واعتقد فيرب أن املؤسسة البريوقراطية هي أعظم الوسائل العقالنية لتنفيذ الرقابة السلطوية على العناصر البشرية ،بالرغم من
اعرتافه بأمهية القيادة الشخصية ،إال أنه أقر بعدم اإلستغاء عن القيادة البريوقراطية يف إدارة اجلماهري اليت يتطلبها اجملتمع املعاصر.
ولقد وضع فيرب مفهوما بريوقراطيا يظم املقومات اخلاصة بالبنية البريوقراطية املثالية .فقد اعترب أن تنظيم املناصب يتبع نظام
ت رتيب الت درج اهلرمي ،حيث خيض ع املكتب األدىن لس يطرة ورقاب ة املكتب ال ذي األعلى ،نتيج ة ل ذلك يك ون التقس يم املنس ق
للعم ل .فلك ل مكتب نط اق واض ح وحمدد من املس ؤوليات ،ويتم اختي ار املوظفني يف ال دائرة الواح دة على أس اس م ؤهالهتم
الفنية .وجيب أن يكون املكتب هو الشاغل الرئيسي للموظف ويشكل املنصب حياته العملية ،ويكون ترفيع املوظف مبنيا على
األقدمية يف التعيني واإلجنازات اليت حققها املوظف أو كليهما .كما جيب الفصل بني النشاط الرمسي واحلياة اخلاصة للموظف.
وقد حاول فيرب معرفة كيفية اإلنتقال ببلده ( أملانيا ) من الوضع املتخلف واملتفكك يف بداية القرن العشرين إىل وضع الدول
الصناعية املتقدمة يف اجملاالت االقتصادية والصناعية.
لقد ميز فيرب بني ثالثة وسائل لتحقيق شرعية السلطة هي:
-السلطة الكاريزماتية ( البطولية ) :وتقر هذه السلطة بضرورة وجود صفات وخصائص يتميز هبا فرد عن اآلخرين .وهذه
السلطة متكن الفرد من احلصول على احرتام اآلخرين له وطاعته ،فيصبح األفراد مبثابة تابعني له ويأمترون بأمره .وهذه السلطة
يف نظر فيرب نوع من اإلهلام والقدرة غري الطبيعية.
-السلطة التقليدية :خاصة يف اجملتمعات البدائية اليت يصل للسلة فيها الفئات التقليدية اليت تستند يف شرعية حكمها إىل معايري
غري موضوعية العالقة هلا مبستوى األداء والقدرات بل ملعاير احلسب والنسب والوراثة.
-السلطة القانونية :تعرب عن العقالنية التنظيمية ،حبيث تستند على أسس موضوعية ورشيدة .والفرد الذي حيوز عليها ميارسها
إنطالقا من املركز الوظيفي الذي يشغله يف لتنظيم ويسمى هذا النوع من السلطة رشيدا ،ألن الوسائل فيه مصممة ومعرب عنها
بطريقة واضحة ،وهلذدف واضح هو إجناز غايات حمددة.
9
-4-2مبادئ النظرية البيروقراطية:
تعترب النظرية البريوقراطية منوذجا مثاليا للتنظيم يتصف بعدة مسات هيكلية وسلوكية جتعله أكثر التنظيمات كفاءة ودقة يف
حتقيق األهداف احملددة .وتتمثل مبادئها يف التايل:
الدق ة ،الوض وح ،الس رعة ،اخلض وع الكام ل للرؤس اء ،ختفيض التكلف ة اإلنس اين واالقتص ادية للعم ل ،ختفيض اإلحتك اك بني
األفراد
-4-4تقييم النظرية البيروقراطية :رغم كل االنتقادات ال تزال النظرية البريوقراطية تعترب فعالة وخاصة يف دول مثل دولنا،
إذ أنه وكما تدل الوقائع فإ الدول اليت تطبق هذا النموذج والدول اليت طبقته يف السابق حققت تقدما ملحوظا.
أما الشكاوى على النم وذج الب ريوقراطي ،فهي إن صحت شكاوى جمتمع ات مل تعد زي ادة اإلنت اج مشكلة فيها ،ب ل إن
املش كلة تتمث ل يف إجياد أس واق كافي ة لتص ريف اإلنت اج الكب ري ال ذي يزي د عن اس تهالكها يف جماالت الزراع ة ،الص ناعة
واخلدمات .وك ذلك ف إن احلديث عن املل بس بب زي ادة التخص ص والتق نني الزائ د إلج راءات العم ل ه و أيض ا ش كوى من
م وظفني يقض ون س اعات فعلي ة يف أداء مه امهم ،أم ا يف بالدن ا فال يك اد املوظ ف يعم ل إال س اعات حمدودة جدا من س اعات
العمل ،ويضيع الوقت الباقي يف إضاعة وقت اآلخرين أو متابعة أعماله اخلاصة ،فاملشكلة الرئيسية يف بالدنا هي غياب النموذج
البريوقراط وليس وجوده.
تعترب األفكار والنظريات اليت جاء هبا املفكرون الذين ينتمون للمدرسة الكالسيكة أفكارا على قدر كبري من األمهية .إذ أن
دعاهتا رج ال وعوا العص ر ال ذي عاش وا فيه .فقد ك ان هدف زي ادة اإلنت اج يف سلم األولوي ات يف اجملتمع ات الغربي ة ،وك ان
العمال غري مهرة وغري مدربني ومن مستويات متدنية ،وكانت احلوافز اإلقتصادية ذات أثر فعال يف نفوس العاملني .وكذلك ال
ت زال املب ادئ والعناص ر اإلداري ة ال يت أتى هبا أتب اع النظري ات املختلف ة – على ال رغم مما توص ف ب ه من قصور وع دم واقعي ة –
10
إط ارا و تراث ا فكري ا مفي دا ح ىت اآلن .فال ت زال النظري ة البريوقراطي ة إط ارا عاملي ا لفهم البريوقراطي ة احلكومي ة وإع ادة تنظيم
أجهزهتا.
رغم كل هذه املزايا للمدرسة الكالسيكية إال أنه وجهت هلا عدة إنتقادات ،نذكر منها:
-لقد عكس دعاة هذه النظرية فهم ا حمدودا لطبيعة اإلنسان ،فقد رأوا فيه كائنا جامدا كاآللة ،وجيب إعادة قولبته بشكل
يتناسب والعمل املطلوب منه ،وأنه ميكن اإلستغناء عنه أو استبداله إن مل يكن صاحلا كما تستبدل األداة أو القطع املعدنية يف
احملرك .وك ذلك ف إن اإلنس ان يف نظ ر ه ذه النظري ات إن مل يكن جام دا فه و ك ائن إقتص ادي ميكن تع ديل س لوكه بالت أثريات
اإلقتصادية كزيادة األجر واحلوافز املادية األخرى ،إذ أن رد فعله سيكون حتما زيادة اإلنتاج ومسايرة إرادة اإلدارة .وكذلك
فإن اإلنسان حسب نظرهم كسول وقصري لنظر وأناين وغري قادر على إصدار القرارات اجليدة إىل غري ذلك من اإلفرتاضات
السلبية ،وهذه اإلفرتاضات جتايف املنطق والواقعية على األقل يف املنظور العصري احلايل مما أوقع التنظيمات اإلدارية املبنية عليها
يف مشاكل كثرية.
-تعترب إفرتاضات أتباع هذه النظريات عن طبيعة األجهزة اإلدارية والبيئة الىت تعمل فيها بعيدة عن الصحة ،فهم يفرتضون أن
األهداف معروفة واألعمال روتينية ومتكررة وإن التنظيم نظام مغلق وحمصن ضد التأثريات البيئية ،وهذا أمر مل يعد صحيحا
وال واقعيا.
-مل تكن بعض املبادئ اليت جاءت هبا نظريات هذه املدرسة ائمة على التجربة وال عاملة التطبيق ،بل تتناقض مع بعضها كما
هو األمر بالنسبة ملبدأ وحدة األمر ومبدأ التنسيق.
لقد جاءت هذه املدرسة كرد فعل غري مباشر على املدرسة الكالسيكية بتفرعاهتا وإمهاهلا للعنصر اإلنساين وعدم إعطائه
األمهية الالزمة .وعلى الرغم من أنه يؤرخ لبداية حركة العالقات اإلنسانية أهنا بدأت يف العشرينيات والثالثينيات من القرن
املاضي إال أن بدايتها تعود لفرتة ما بعد احلرب العاملية األوىل اليت أثارت اهتماما بالعالقات اإلنسانية .ففي سنة 1918م عقد
أول مؤمتر حول االعالقات اإلنسانية يف الصناعة يف ضواحي مدينة نيويورك ،ويعد كتاب وايتنغ وليامز بعنوان " :ماذا يدور
في ذهن العامل ؟ " والذي نشر يف عام 1920م أول تعبري عن هذا اإلجتاه.
ويعد إلتون مايو وزمالؤه من الرواد األوائل هلذه احلركة .وقد أكد مع زميله روثليز برجر أن حل املشاكل اإلنسانية يف
العم ل حيت اج لدراس ة الس لوك اإلنس اين ومعرفت ه ،فعلى العكس مما رآه ت ايلور يف وج وب القض اء على املش اكل اإلنس انية ال يت
تقف عائقا أمام زيادة اإلنتاج والعمل على احلد منها وجعلها عقالنية ،فقد رآى مايو أن معاجلة هذه املشاكل واحلد منها يتم
عن طريق االهتمام بالعنصر البشري .ولتأكيد ذلك طرح مقررا يدرس يف جامعة هارفارد حول املوضوع.
وميكن إرجاع أسباب ظهور حركة العالقات اإلنسانية إىل عدة عوامل نذكر منها:
11
-تزايد قوة احتادات العمال .فسر بعض رجال الصناعة هذه الظاهرة بأهنا داللة على فشلهم يف تطوير العالقات اإلنسانية يف
مصانعهم ،وحماولتهم تدارك هذا األمر من خالل امتام كثر مبوضوع العالقات اإلنسانية.
-حتسن أوضاع العمال املادية والثقافية ،مما ساعدهم على املطالبة بإدارة أفضل متكنهم من املشاركة يف إختاذ القرارات ،فلم
يعد العمال مهتمني فقط باألجور واحلوافز املادية كما كان األمر يف السابق.
-تطور املس ؤولية اإلجتماعية ألرب اب العمل وزيادة اهتم ام اإلدارة مشاكل اجملتم ع مبا يف ذل ك مش اكل املوظفني .فلعالقات
اإلنسانية إحدى الوسائل اليت حتمل اإلدارة بعض هذه املسؤوليات اإلجتماعية.
-تزايد املشاكل داخل منظمات األعمال بفعل زيادة حجم التنظيمات اإلدارية ،إذ أدى التخصص الدقيق يف العمل إىل ظهور
مشاكل إنسانية بني الفئات واجلماعات ملهنية املختلفة.
ولقد تطورت حركة العالقات اإلنسانية بشكل تدرجيي يف تناوهلا للنواحي النفسية واملعنوية للعمال بصفتها حمددات لإلنتاج.
ومل تركز هذه احلركة على العوامل اإلجتماعية إال بعد جهد كبري يف البحث عن أثر العوامل الطبيعية والفزيولوجية على هنج
املدرسة الكالسيكية.
إن تطور علم النفس الصناعي ،أدى إىل تطوير املفهوم اإلداري لإلدارة الصناعية من املفهوم امليكانيكي اإلقتصادي إىل املفهوم
العضوي أو البيولوجي السيكولوجي .وافرتضت املدرسة الكالسيكية أن مستوى الكفاءة اإلنتاجية يتحدد مباشرة مبجموع ة من
املتغريات اليت تدخل حتت اسم " أحوال العمل " ،مثل اإلضاءة ،التهوية ،الرطوبة ،جدولة العمل وطريقة دفع األجور .غري أن
هذا اإلجتاه مل يكتمل فلم يتم حصر مجيع أحوال العمل .ولقد مت اإلهتمام بـ:الروح المعنوية وبالنواحي النفسية واإلجتماعية،
إال أن ه ذا املتغ ري اجلدي د ( ال روح املعنوي ة )ج اء نتيج ة غ ري مباش رة وغ ري متوقع ة لتج ارب ك انت هتدف إىل اختب ار بعض
إفرتاضات النظرية الكالسيكية اليت تتعلق بأمهية ظروف العمل املادية واألجور يف حتديد اإلنتاجية .وفيما يلي استعراض موجز
بعض هذه التجارب.
ولد إلتون مايو يف أسرتاليا وسافر إىل الواليات املتحدة األمريكية حيث إلتحق جبامعة بنسلفانيا يف عام 1922م ومن مث
إلتح ق جبامع ة هارف ارد يف ع ام 1926م ،وق د ق اد فريق ا من الب احثني وأش رف على التج ارب ال يت متت يف ش ركة ويس رتن
إلكرتيك بالواليات املتحدة األمريكية يف مصانع هاوثورن بشيكاغو يف عشرينيات القرن املاضي .حيث تعترب جتارب هاوثورن
مبثابة بداية حركة العالقات اإلنسانية إذ لفتت األنظار إىل مطالب األفراد النفسية واإلجتماعية ،وفتحت آفاقا جديدة للتفكري
يف إدارة األفراد ويف حتقيق األهداف املادية واملعنوية على السواء.
التجارب: -1.1
ولقد تضمنت جتارب هاوثورن اليت امتدت إىل 1932م التجارب التالية:
أ -تجارب اإلضاءة :ويف هذه التجارب مت تعريض جمموعات خمتلفة من العاملني لشدة إضاءات خمتلفة ،ومالحظة أثر ذلك
على اإلنتاجية ،حيث تبني من خالهلا أن الزيادة والنقصان يف معدالت اإلضاءة ال تتماشى مع الزيادة والنقصان يف اإلنتاج.
12
ب -تجرب ة جدول ة العم ل :اجته الب احثون يف ه ذه املرحل ة إىل فحص أث ر التعب واإلجه اد اجلس مي على مس توى اإلنتاجي ة.
ولق د أظه رت ه ذه التجرب ةخطأ اإلف رتاض القائ ل ب األثر الس ليب لإلجه اد الط بيعي على اإلنتاجي ة ،إذ أن مع دل اإلنتاجي ة مل
يتذبذب زيادة أو نقصا بعد عدد من التغريات يف ساعات العمل وفرتات الراحة.
جـ -تجربة األجور :أثبتت هذه التجارب أن أثر حافز األجر على الكفاية اإلنتاجية يكون واضحا ومستمرا إذا إقرتنت الزيادة
يف األجر بتحسن يف الروح املعنوية للعاملني ،ومن دون ذلك يكون أثر عامل األجر عيفا ويستنفذ مفعوله بسرعة.
إضافة إىل جتارب أخرى هي :جتربة نتائج املقابالت ،جتربة مالحظة السلوك اجلماعي.
-تعترب القيادة اإلدارية من األمور األساسية املؤثرة يف سلوك األفراد ،وبالتايل حدد كفاءهتم.
-إن اإلتص االت وتب ادل املعلوم ات والتفاع ل اإلجتم اعي املفت وح بني العم ال بعض هم البعض ،وبيتهم وبني رؤس ائهم تس هم
مجيعا يف تطوير عالقات العمل بشكل إجيايب يؤثر يف اإلنتاجية.
-إن اإلدارة الدميقراطي ة هي األس لوب األفض ل لتحقي ق أه داف اإلنتاجي ة ،ومن مث انتش رت مف اهيم املش اركة يف اإلدارة
وتفويض السلطة والالمركزية اإلدارية.
-إن كمية العمل اليت يؤديها العامل ال تتحدد طبقا لطاقته الفسيولوجية ،وإمنا لطاقته اإلجتماعية.
-إن املكافآت واحلوافز اإلقتصادية تلعب دورا رئيسيا يف حتفيز األفراد وشعورهم بالرضا.
-إن التخصص الدقيق يف األعمال ليست بالضرورة أن يكون أهم أشكال التنظيم كفاءة وأعالها من حيث اإلنتاجية.
-إن العمال ال يسلكون العمل ،أو جياهبون اإلدارة وسياساهتا كأفراد ،وإمنا يسلكون العمل باعتبارهم أعضاء يف مجاعات.
-1-3اإلنتقادات:
-جتاهلت جمموع ة من ال دوافع ال يت حترك وت ؤثر على س لوك الع املني برتكيزه ا فق ط على املتغ ريات اإلجتماعي ة كمح رك
للسلوك.
13
-جتاهلت التنظيم الرمسي ،معتربة أن التنظيم غري الرمسي هو أساس اهليكل التنظيمي ،لذلك ،فإن إلغاء دور التنظيم الرمسي يعين
عدم وجود منظمة قائمة.
-حمدودي ة ع دد الع املني ال ذين مشلتهم الدراس ة ،وبالت ايل ميكن الش ك يف مص داقية النت ائج ال يت مت التوص ل إليه ا من الناحي ة
العلمية.
-لقد اجتهت لعدم حتديد الفروض أو املتغريات للبحث عن حقائق العالقات بينها وبني اإلنتاجية.
نظريات الدافعية:
توجه اهتمام مفكري اإلدارة يف هذه املرحلة من اإلجتاه اهلندسي الذي كان يرى العامل كيانا ماديا حبتا ميكن التأثري على
سلوكه أوتوماتيكيا من خالل احلوافز املادية ،أو من خالل التعامل مع ظروف العمل املادية ،إىل النظر إليه كإنسان له حاجاته
ورغباته .فقد دخل علماء النفس يف هذه املرحلة احللبة وأصبحوا يرون أن التأثري اإلجيايب على سلوك العامل ممكن من خالل
تفهم الدوافع اليت حتركه للعمل ،ومن مث حماولة إشباع هذه الدوافع واحلاجات بشكل مناسب.
لق د وض ع دوغالس م اكغريغور أمناط ا مثالي ة ح ول مفه وم اإلنس ان وس لوكه ،واص فا واح دا منه ا بافرتاض ات xالس لبية
(التقليدية) والثاين بافرتاضات yاإليجابية .والذي حاول يف كتاباته التآلف والتقريب بني املنظمة وأفرادها ،وإحداث التكامل
بني أهداف الطرفني ،وخلق الظروف املالئمة لتحقيق إشباع حاجيت األف راد من خالل عملهم يف منظماهتم .وبذلك يشعر
األفراد أهنم مرتبطني هبذه املنظمات .لذلك فإهنم يسعون إىل تطويرها وحتسينها باستمرار ضمانا لبقائها .واجلدول املوايل يشرح
باختصار هذه النظرية:
14
-إن ق درة الف رد الع ادي على ممارس ة اإلب داع والتط وير هي
قدرة منتشرة بني األفراد.
-تعت رب الرقاب ة الش ديدة على اإلنس ان ض رورية كي يعم ل- ،ال يعت رب الف رد احلوافز املادي ة مهه الوحي د .ب ل يس عى إىل
إثبات ذاته والشعور باإلجناز. حيث ال يؤمتن الفرد على شيء دون متابعة وإشراف.
-يعترب األجر واملزايا املادية أهم حوافز العمل.
من خالل ما سبق ميكننا القول أن:
على أساس هذه االفرتاضات اختذت اإلدارة اخلطط واألساليب املالئمة .فسلكت طريق القوة ( سياسة العصا ) واختذهتا شعارا
هلا يف إدارة جهود األفراد .وجعلت أسلوب السيطرة والتحكم ،كنمط قيادي .ولقد انطلقت هذه السياسة التقليدية يف إدارة
العاملني من افرتاضات ظاملة حول سلوك األفراد أثبتت العلوم االجتماعية بطالهنا.
لقد أشاعت فروض النظرية احلديثة أسلوب القيادة واإلشراف الدميقراطي الذي يسمح لألفراد حبرية العمل ،وشجبت األساليب
االس تبدادية يف القي ادة م ا دامت ال تتف ق كص فة عام ة م ع الطبيع ة البش رية .حيث جعلت أسلوب القي ادة الديمقراطية المرنة
كنمط قيادي.
ب -نظرية تدرج الحاجات ( هرم ماسلو للحاجات) لـ :إبراهام ماسلو
تقوم نظرية إبراهام ماصلو على افرتاضات النظرة yفهو يرى أن اإلنسان كائن مميز يسعى لتحقيق أهداف مهمة ،أمهها
حقيق الذات ،ويقرتن اسم ماسلو بنظرية سلم احلاجات ،اليت ترى أن لعامل حاجات متعددة ،فهو إنسان يطلب املزيد ،إذ أنه
م ا إن يش بع حاج ة واح دة ح ىت يط الب بغريه ا ،وهي عملي ة ميارس ها طيل ة حيات ه .وتتش كل تل ك احلاج ات على ش كل ه رم
تشكل قاعدته حاجاته الفسيولوجية الطبيعية ،املتمثلة يف :األكل ،الشرب ،السكن...إخل .وما إن يشبع هذه الرغبات يبدأ يف
التفكري لتلبية حاجات أخرى تليها يف سلم احلاجات ،وهي الحاجة لألمن واالطمئنان ،اطمئنانا يكفيه شر املخاطر ،اخلوف
واحلرم ان .وم ا إن يش بع احلاج ة الثاني ة ح ىت ت ربز حاج ة أخ رى لتح ل حمله ا يف س لم احلاج ات ،وهي الحاج ات االجتماعي ة
( حاجة االنتماء ) ،لكي يكون مقبوال يف جمتمعه وبني أصحابه كحاجته للصداقة واحلب ،تلك احلاجات اليت تدركها اإلدارة
وختشاها ،خوفا من حدوث صراعات تنظيمية مع العمال املتحدين نتيجة لتمردهم وتعبريهم عن استيائهم من األوضاع غري
املقبولة من طرفهم .وما إن يشبع العامل هذه احلاجة حىت حتل حملها حاجة الشعور بالتقدير و االحترام من قبل اآلخرين .أما
احلاجة اليت تقف يف قمة اهلرم هي الحجة لتحقيق الذات ،وهي حاجة اإلنسان للثقة بالنفس ،وحاجته للكمال واإلستقالل،
وحاجته ألن يرتك وراءه شيئا يف هذه احلياة.
وخيتل ف ماص لو ملفه وم الدافعي ة يف ه ذا الص دد عن املف اهيم األخ رى الش ائعة ،ف رغم ن الكث ري ي رون أن الدافعي ة هي ش يء
يعمله شخص لشخص آخر ،إال أنه بالنسبة ملاصلو الدافعية شيء ذايت ال ميكن أن يكون مفروضا من اخلارج ،فهو قوة داخلية
15
تدفع الفرد ألن يقوم بعمل معني ،وأهم دافع لدى اإلنسان هو حتقيق ما يطمح إليه يف حياته ،أو رسالته يف احلياة وهي ما مساه
بتحقيق الذات .والشكل املوايل يبني هذه النظرية:
حاجة اإلنتماء
األمن واألمان
احلاجات الفسيولوجية
إن دالالت ه ذه النظري ة لإلدارة عدي دة ،حيث ترش د اإلدارة يف كيفي ة إث ارة الدافعي ة ل دى الع املني دون أن تعت رب وج ود هذه
احلاجات خطرا عليها .إن من شأن تطبيق هذه النظرية أن تزيل خماوف اإلدارة من عداء اجلماعات ألهداف التنظيم وترحيها
من عناء اإلجراءات الرقابية الطويلة ،اليت يقصد هبا مقاومة التجمعات غري الرمسية داخل العمل ،وتبني هلا أنه إذا ما هددت هذه
احلاجة لالنتماء والعضوية يف اجلماعة فإن من شأن ذلك أن يضر بالتنظيم بدل أن يؤدي به إىل حتقيق أهدافه.
وبالتايل على اإلدارة أن تعرف احلاجات املشبعة وحتافظ أو تنمي درجة اإلشباع لدى أفرادها ،وتكتشف احلاجات غري املشبعة
وتعمل على مساعدة أفرادها على إشباعها من خالل وضع أنظمة حوافز كمؤثر خارجي يتوافق مع املؤثر الداخلي ( الدافعية )
للتأثري إجيابا على سلوك العاملني وتوجيه جهودهم حنو حتقيق األهداف املشرتكة.
جـ -نظرية ذات العاملين ( نظرية العوامل الوقائية والعوامل الدافعية ) لـ :فريدريك هيرزبيرغ
تركز نظرية هيرزبيرغ على دور العمل وظروفه يف حياة األفراد العاملني .حيث قام بدراسة استطالعية ملئتني من احملاسبني
واملهندسني ،حماوال فهم شعورهم حول األعمال اليت يؤدوهنا ،وقد توصل من تلك الدراسة إىل تصنيف فئتني من العوامل مها:
16
-التطور والنمو الشخصي.
-منط اإلشراف
-العالقات مع الرؤساء
-ظروف العمل
-الراتب
-املركز اإلجتماعي
-األمن الوظيفي
ولقد بني هريزبريغ أن وجود العوامل الدافعية هو الذي يؤدي إىل حتسني اإلنتاج ،ألهنا دوافع ذاتية توفر شعورا إجيابيا
لدى األفراد ،وتعطيهم فرصا للتطور الشخصي ،مما يدفعهم ملزيد من العمل وحتسني اإلنتاجية .أما العوامل الوقائية فإن وجودها
ال يثري الدافعية وال يؤدي ملزيد من اإلنتاج ،بل مينع حصول حالة عدم الرضا ومشاعر االستياء أو التمرد واإلضراب عن العمل.
فوجود هذه العوامل يعترب حدا أدىن البد من وجوده ،ويعتربه العاملون أساسيا وال يعتربكرما من اإلدارة .ويبني الشكل املوايل
توضيحا هلذه النظرية:
النظرة التقليدية
البعد األول
البعد الثاين
17
غي اب الش عور بع دم ع دم الرض ا
الرضا
جاءت املدرسة السلوكية بتفرعاهتا املختلف لتعاجل نواحي خلل رأهتا يف افرتاضات املدرسة الكالسيكية .ويف حماولة لعمل
ذلك اختذت متاما الصورة املغايرة لالفرتاضات السابقة ،إذ ركزت على اإلنسان وحاجاته املختلفة وافرتضت أنه كائن عاطفي
له جمموعة من املشاعر والعواطف واالنفعاالت اليت جيب فهمها والعمل على إشباعها .وقد بالغ أنصار هذه املدرسة يف الضرب
على هذا الوتر إىل درجة عدم التفريق بني الوظيفة كعمل رمسي يقوم به املوظف لقاء أجر وأن عليه أن يقدم تنازالت مقابل
ذل ك ،وبني أهنا مل تنش أ بدرج ة أساس ية من أج ل إس عاد العام ل على حس اب األه داف التنظيمي ة .ل ذلك خيل ط أنص ار ه ذه
املدرسة بني دور اإلنسان كموظف أو عامل وبني دوره كإنسان له أهدافه ومصاحله اخلاصة وحميطه الشخصي ،فقد خلطوا بني
حاجات اإلنسان العليا مثل حتقيق الذات وافرتضوا أن املكان الطبيعي لتحقيقها هو التنظيم وليس أي مكان آخر.
أ-المرتكزات:
يرتكز اهتمام أنصار هذه النظرية على إعطاء أمهية كبرية لعملية اختاذ القرارات يف اإلدارة ،فلم يعد اإلهتمام يف هذه املرحلة
على املب ادئ ال يت حتكم عملي ة تص ميم التنظيم ات ال يت أك دت عليه ا املدرس ة الكالس يكية يف اإلدارة واعتربهتا ض مانه حلس ن
اإلدارة ،فاهلياكل التنظيمية على أمهيتها ال تؤدي بالضرورة إىل ضمان حسن التنفيذ .وكذلك فقد رؤا أن اإلهتمام باإلنسان
العامل والعمل على إشباع حاجاته كمدخل لضمان حسن أدائه للعمل ال يضمن هو اآلخر الوصول للنتائج املطلوبة .بل مت
ب دل ك ل ذل ك الرتك يز على ج وهر العملي ة اإلداري ة هو عملية اتخ اذ الق رارات واألس س ال يت تق وم عليه ا باعتب ار ذل ك أهم
مقوم ات اإلدارة على ك ل املس تويات .ف إذا اس تندت الق رارات ألس س علمي ة وبش كل منهجي ك ان ذل ك ض مانة لحس ن
اإلدارة والوصول لنتائج جيدة .أما إذا استندت قرارات المديرين للتخمين واإلرتجالية فإن ذلك لن يؤدي إلى تحقيق
نتائج مرضية ،بل ستكون األمور قائمة على المحاولة و الخطأ.
إذ أن املدير جيب أن حيدد املش اكل ال يت ه و بص دد اختاذ ق رارات بش أهنا على حنو املع ادالت الرياض ية ،حيث تك ون فيه ا
متغريات معروفة وأخرى مبهمة .جيب حلها بأسلوب علمي .وقد ارتبطت هذه النظرية بعامل اإلدارة املشهور هربرت سايمون
الذي أكد على ضرورة عقلنة عملية اتخاذ القرارات استنادا إىل قاعدة معلوماتية ،وعلى خالف نظرية اإلدارة العلمية اليت
حتدثت عن العقالنية الكاملة فقد ذكر سايمون أن املدير يف أي مؤسسة ال ميكن أن يصل يف هنج اختاذ القرارات إىل العقالنية
الكاملة ،ويعود ذلك إىل عدة عوامل من أمهها:
-صعوبة توفر املوارد املالية الكافية للمدير ليجمع كافة املعلومات الالزمة الختاذ القرارات.
-صعوبة اإلنتظار جلمع كافة املعلومات الالزمة الختاذ القرار ألمهية عامل الوقت يف عملية اختاذ القرارات.
-صعوبة التعرف الكامل على كافة البدائل املختلفة الختاذ قرار واملوازنة بينها بشكل كامل يف ضوء اعتبارات الكلفة والوقت.
18
-صعوبة وجود هدف وحيد للتنظيم يتفق عليه اجلميع.
ولذلك فهو يرى أن اإلداري شخص حمدود العقالنية يتخذ قرارات معقولة وليس قرارات مثلى .ولقد أكد سايمون على
ضرورة استعانة املديرين بوسائل تكنولوجيا املعلومات واإلتصال .وقد حاز سايمون على جائزة نوبل عام 1976م عن حبوثه
يف جمال استخدام احلاسوب يف اإلدارة.
ولقد حدد سايمون معنيني للعقالنية ،األول مساه العقالنية الرئيسية وهي اليت تتعلق بتحديد األهداف املطلوب حتقيقها.أما
الثانية وهي العقالنية الوسيلية وتعين القدرة على اختيار وحتديد أفضل الوسائل للوصول إىل اهلدف احملدد .وهو هبذا يرى أن
الدور األساسي للمدير هو حتديد األهداف ومن مث اإلستعانة بكافة الوسائل املتاحة الختبار أكفأ الطرق لوصول إليها.
وقد بلور ساميون هذه املفاهيم يف كتابه الشهري " السلوك اإلداري ".
ويرى أنصار املدرسة الكمية أن املؤسسات املختلفة هي كيانات اصطناعية يتم انشاؤها لتحقيق أهداف حمددة ،وأن العاملني
أدوات ووسائل لتحقيق تلك األهداف .وأن العالقة بني العامل واإلدارة هي عالقة تعاقدية ( أجر مقابل جهد مبذول ).
ومن هذا املنطلق أصبح ينظر لإلدارة السليمة أهنا اإلدارة اليت تعتمد املنهجية اليت تؤكد على ضرورة حتديد املشاكل بشكل
علمي ،حبيث يتم مجع كاف ة املعلوم ات ال يت تتص ل هبا ،واس تعراض الب دائل املتاح ة ،ومن مث املفاض لة بينه ا باس تخدام مع ايري
واضحة وموحدة ،مث اختيار البديل األمثل الذي حيل املشكلة بكفاءة وفعالية.
-استخدام النماذج الرياضية يف بلورة القضايا املختلفة اليت حتتاج إىل حل
-اتخاذ القرار :إن التنظيم يتكون من هيكل لالتصاالت والعالقات بني األفراد ويقوم على أساس هرمي حبيث يتعلق كل قرار
بنشاط معني لتحقيق هدف معني الذي يصبح خطوة أو مرحلة يف حتقيق هدف آخر.
-البيئة :عند اختاذ أعضاء التنظيم لقراراهتم ،فإهنم يستمدون معايري وقيم االختبار من التنظيم ،إال أن البيئة هي اليت تتحكم يف
عدد البدائل املتاحة.
-الجماعة :إن اختاذ القرارات عمل مجاعي ،والبد من تقسيم العمل وتنسيق اجلهود على هذا األساس.
-التخصص :يتخصص أعضاء اإلدارة العليا يف التنظيم باختاذ القرارات ،أما اآلخرون فيتولون التنفيذ.
19
-التأثير :لكي يتمكن التنظيم من حتقيق أهدافه ،فالبد من التزام األعضاء بالقرارات املتخذة يف املستويات العليا .لذلك ميارس
التنظيم مؤثرات معينة كالسلطة وخلق الوالء ،االتصال والتدريب ،وضع معايري الكفاة ...إخل
التوازن :إن هدف التنظيم هو حتقيق التوازن بني املغريات اليت يقدمها ألعضائه واملسامهات اليت حيصل عليها باملقابل.
تعترب حبوث العمليات من أهم املداخل الكمية الختاذ القرارات ألهنا تعتمد مناذج رياضية يساعد حلها على تبني البدائل األفضل
للعمل .ومن أهم أدوات حبوث العمليات مايلي:
-البرمجة الخطية ،التحليل الشبكي ،نظرية صفوف اإلنتظار ،سلسلة ماركوف ،المحاكاة ،خارطة ونقطة التعادل.
-تعترب املدرسة الكمية خطوة أخرى على طريق تفهم أفضل لطبيعة التنظيمات اإلدارية باعتبارها مؤسسات مت انشاؤها لتحقيق
أغراض حمددة ليست حتما رعاية العاملني فيها كما دلت املدرسة السلوكية ،إذ مت أكيد العالقة التعاقدية بني العامل وأصحاب
العمل وضرورة وصوهلم إىل نقطة توازن يقدم فيها العامل أداء مناسبا يربر األجر الذي يتقاضاه.
-أكدت هذه املدرسة على أن جوهر العملية اإلدارية هو اختاذ القرارات اليت جيب أن تستند إىل معلومات جتعل مهمة املدير
كمن حيل مش كلة رياض ية ،وال يعتم د على التخمني واحملاول ة .وه و م ا فتح جمال ل ربوز نظم املعلوم ات ال يت ت وفر املعلوم ات
االزمة لرتشيد عملية اختاذ القرارات.
-وق د أك د أنص ار ه ذه النظري ة على عنص ر املخ اطرة يف اختاذ الق رار ،ل ذلك وص ف متخ ذ الق رار بأن ه ال ميل ك اال عقالني ة
حمدودة.
ويبقى من املهم الق ول ب أن أنص ار ه ذه املدرس ة ك انوا أص حاب رؤي ة ت رى أمهي ة املعلوم ات ومركزيته ا يف اإلدارة من ذ زمن
طويل .إذ مل يعد مقبوال أن يكون هناك مدير ال يفهم لغة احلاسوب وال يلم باإلمكانيات الكبرية اليت ميكن أن يقدمها للعاملني
يف حقل اإلدارة.
20
-5االتجاهات اإلدارية الحديثة ( المدرسة الحديثة ):
متثلت االجتاه ات اإلداري ة احلديث ة ب اجلهود العلمي ة ال يت اس تهدفت إجياد ن وع من التكام ل بني أفك ار النظري ات اإلداري ة
الس ابقة ،وهي النظريات الكالسيكية اليت أكدت على اجلانب اهليكلي وأسس عملية التنظيم ،واملدرسة السلوكية والنظريات
املختلف ة فيه ا وال يت ب الغت فب التأكي د على اجلوانب النفس ية واإلمتاعي ة للع املني على حس اب األه داف الرمسية للتنظيم ،وبني
نظرية اختاذ القرارات اليت أكدت على أمهية الرتكيز يف اجلانب املعلومايت كأساس الختاذ القرارات .ومن أهم هذه النظريات ما
يلي:
-5-1نظرية النظم:
سبق وان متت اإلشارة إىل انتشار التنظيمات واعتبارها مسة احلياة املعاصرة واليت على ما يبدو أهنا ستستمر يف زيادة نفوذها.
ويدل ذلك على مدى تأثري املنظمات يف حياة األفراد ،اجلماعات واألمم .وقد جاءت نظرية النظم بقيادة فان بيرتالونفي،
كرد فعل على أفكار املدرسة الكالسيكية اليت اعتربت املنظمة نظاما مغلقا ال يتفاعل مع بيئته اخلارجي ة .وأثبتت أن املنظمة
نظام مفتوح يتفاعل مع بيئته اخلارجية ،وأكدت على أمهية التفاعل بني املنظمات والبيئات اليت تعمل فيها ،وأسقطوا ذلك على
اإلنسان يف كونه نظاما كليا يتكون من أنظمة فرعية تعمل يف شكل متناسق .فاملنظمة هي نظام يتكون من جمموعة من األجزاء
أو األنظمة الفرعية املرتابطةواملرتبة بشكل تكون معه كال متكامال .إذ أن إمهال أي نظام فرعي سيؤدي إىل اخللل وتردي صحة
النظام ككل.
-عناصر النظام:
حدود النظام
) المعالجة (
21
البيئ ة البيئ ة الداخلي ة
الخارجية
التغذية العكسية
معلومات مرتدة
-المدخالت :وهي جمموعة املوارد املتاحة املتمثلة يف املوارد املالية ،املادية والبشرية ،املعلومات.
-العمليات التحويلة :وهي عمليات معاجلة املدخالت وحتويلها إىل خمرجات مع التخطيط والتنظيم ،التوجيه والرقابة.
-المخرجات :وتتمثل يف السلع واخلدمات اليت ميكن يوجه للبيئة الداخلية ليصبح مدخالت أنظمة فرعية أخرى أو يستفيد
منه أنظمة أخرى متواجدة يف البيئة اخلارجية.
- _Uالتغذي ة العكس ية :أو التغذي ة الراجع ة ،وهي املعلوم ات املرت دة الناجتة عن العملي ة الرقابي ة ال يت تكتش ف األخط اء
واإلحنرافات والتغذية العكسية تعمل على تصحيح األخطاء.
-حدود النظام :لكل نظام مفتوح حدود تفصل بيئته الداخلية عن اخلارجية.
-البيئة الداخلية :تتكون من جمموعة من املتغريات اليت متنح للمنظمة نقاط قوة أو نقاط ضعف.
-البئة الخارجية :تتكون من جمموعة من املتغريات اليت متنح للمنظمة فرصا أو هتديدات.
تعرتف النظرية املوقفية بأمهية كل األفكار اليت جاءت هبا النظريات السابقة كمدخل لتحسني األداء اإلداري ولكنها ترى
أنه من الصعب إن مل يكن من املستحيل التوصية بأسلوب إداري معني أو نظرية إدارية معينة بصفتها األسلوب األمثل للتعامل
م ع كاف ة الظ روف أو كاف ة املش اكل ويف كاف ة األزمن ة والبيئ ات ،عكس املدرس ة الكالس يكية ال يت حتدثت عن احلل األمث ل.
فالنظري ة املوقفي ة تبحث عن الحل ول المرض ية عكس املدرس ة الكالس يكية ال يت تبحث عن الحل ول المثلى .ب ل ت رى أن
األس لوب اإلداري املناس ب يعتم د على املوق ف ،فم ا ه و مناس ب للتص رف يف موق ف معني أو بيئ ة معين ة أو زمن معني ليس
بالضرورة أن يكون مناسبا يف مواقف مغايرة.
يرى أنصار النظرية املوقفية يف اإلدارة أن هناك عوامل ومؤثرات ال بد من تفهمها قبل االعتماد على نظرية أو أسلوب إداري
معني من األساليب والنظريات السابقة .وتتعدد العوامل املوقفية وهي :طبيعة المدير ونمط شخصيته ونقاط القوة والضعف
ال يت حتدد خيارات ه ،ف إذا ك ان املدير من النم ط املتس لط وغ ري الواث ق من نفس ه فس يكون مي اال إىل تنظيم مرك زي يرك ز على
22
السلطات يف يديه وال يقدم معلومات لعاملني معه حىت يبقى املسيطر على الوضع .هذا على العكس من األسلوب الذي سيتبعه
املدير إذا كان مؤهال ويتمتع خبربة كافية ولديه افرتاضات إجيابية عن العاملني ،إذ سيكون أكثر ميال إىل اعتماد منط تنظيم ال
مرك زي يتم في ه توزي ع الص الحيات وف ق الق درات واخلربة .وك ذلك ف إن طبيع ة الع املين من حيث املس توى الثق ايف والق درة
اإلدارية ومنط الرتبية سيحدد هو اآلخر إمكانية تفويضهم للسلطات ،وجدوى األسلوب الدميقراطي يف القيادة .وتؤثر طبيعة
العمل الذي تعمل فيه املنظمة على منط التنظيم وأسلوب القيادة .أما العوامل البيئية فهي متعددة وتشمل االجتاهات والقيم
اإلجتماعية السائدة واليت تشكل حمددا أساسيا ال ميكن جتاهله .و عوامل تتعلق بطبيعة العمل نفسه.
تعود اجلذور التارخيية هلذه النظرية إىل الكاتب اإلداري بيتر دراكر يف عام 1954م حيث يقول " :إن كل عضو في منشأة
األعم ال يس هم بش يء مختل ف ،إال أن ه على الجمي ع القي ام باإلس هام من أج ل ه دف مش ترك ع ام ،كم ا يجب أ تعم ل
جه ودهم في نفس االتج اه ،وأن تتالءم إس هاماتهم م ع بعض ها إلنت اج "ك ل" كام ل ش امل ،ال توج د في ه ثغ رات أو
احتكاكات أو ازدواج غير مطلوب في المجهود".
-التأكيد اجلماعي
-وسائل التطبيق:
ميكن تلخيص أهم اخلطوات العملية لتطبيق منط اإلدارة باألهداف على الشكل التايل:
-االبتع اد عن املركزي ة وتف ويض الس لطات للع املني ،حبيث يتع ودوا على حتم ل املس ؤولية الذاتي ة ب دل االعتم اد املطل ق على
املركزية.
-تنوي ع امله ام ال يت يكل ف هبا الع املون من أج ل إش عارهم بأمهي ة األعم ال ال يت يؤدوهنا ،حبيث تك ون األعم ال يف املرة األوىل
للتفويض على نفس املستوى ،ومن مث يتم حتسينها نوعيا بزيادة الصالحيات املمنوحة هلم ،مما حيقق لديهم الشعور باملسؤولية.
23
-إش راكهم يف اختاذ الق رارات على خمتل ف املس تويات ح ىت ي روا أنفس هم ج زءا من اإلدارة وجيعلهم حريص ني على حتقي ق
األهداف املوضوعة.
-اتباع طرق جديدة يف تقييم األداء تركز على النتائج وليس على الوسائل فقط.
-احلصول على معيار ملكافآت اهلدف. -اعتبار الفاعلية اإلدارية كقيمة مركزية
-أسباب فشلها:
إن اإلدارة باألهداف تتطلب جهدا كبريا أو أدوات خاصة ،وذلك ألن املدراء يف املنظمات ال يتوجهون تلقائيا جتاه هدف
مشرتك ،بل على العكس جند أن العمل بطبيعته حيتوي على ثالثة عوامل قوية للخطأ يف التوجيه ،يف العمل التخصصي بالنسبة
للغالبي ة العظمى من املدراء ،ويف اهليك ل التسلس لي لإلدارة ،ويف اخلالف ات يف الرؤي ة والعم ل ،وك ذلك االنع زال يف خمتل ف
مستويات اإلدارة.
إن النج اح االقتص ادي الض خم ال ذي عرفت ه العدي د من الش ركات الياباني ة بع د احلرب العاملي ة الثاني ة جلب انتب اه ع املي
ملمارساهتا اإلدارية .فالعلماء اإلداريون درسوا اإلدارة اليابانية ،وحددوا اخلصائص املختلفة اليت ختتلف فيها املنظمات اليابانية
عن املداخل األمريكية التقليدية .ففي التعابري العامة شجع املديرون اليابانيون املشاركة األكرب للعمال يف اختاذ القرارات وزيادة
االهتم ام ب الوجود الشخص ي للعم ال ،ووض ع تأكي د كب ري على جودة س لعهم وخ دماهتم .وق د عملت اإلدارة العلي ا كمسهل
24
الختاذ الق رار أك ثر من كوهنا مص درة لألوام ر .ومت توكي د ت دفق املعلوم ات واملب ادرات من األس فل إىل األعلى .وق د وص فت
املنظمات اليابانية من خالل استخدام زمن احلياة واملسارات الوظيفية غري املتخصصة للعمال.
ويف الواقع هناك الكثري من الدروس اليت ميكن تعلمها من اليابانيني فقد طور العامل األمريكي من أصول يابانية وليام أوشي
النظري ة املس ماة نظري ة zيف اإلدارة ،حيث حتاول ه ذه النظري ة أن تكام ل املمارس ات اإلداري ة الياباني ة واألمريكي ة .وه ذه
النظري ة توح د التوكي د األم ريكي للمس ؤولية الشخص ية م ع التوكي د الياب اين الختاذ الق رار اجلم اعي والتق ييم البطيء والرتقي ة
واالهتم ام بالعم ال ،وعوام ل أخ رى ينص ح هبا أوش ي مث ل ط ول م دة االس تخدام ،وخص ائص املس ار ال وظيفي ،ومتثي ل
التسوية،والعمل الوسط من املمارسات اليابانية األمريكية التقليدية .والشكل املوايل يوضح منوذج التنظيم .z
-المسؤولية الفردية