Professional Documents
Culture Documents
األهداف التعليمية:
في نهاية هذه الوحدة التعليمية يجب أن يكون الطالب قادراً على أن:
يعرف مبدأ تقسيم العمل وفوائده ،ومبادئ اإلدارة العلمية ،ومبادئ اإلدارة البيروقراطية،
ومبادئ اإلدارة التنظيمية.
يعرف الكفاية اإلنتاجية والكفاية اإلدارية.
يفرق بين النشاطات الفنية واإلدارية.
يعرف المبادئ العامة في اإلدارة.
يعدد وظائف اإلدارة ،وأنواع السلطة.
يعدد عوامل زيادة اإلنتاجية ودور العالقات اإلنسانية في زيادتها.
يعرف كيفية تحفيز العاملين ،والحاجات الخمسة لإلنسان.
الكلمات المفتاحية
اتخاذ القرار -التحفيز المادي -التحفيز المعنوي -السلطة -تعويضات -مكافآت -كفاية إنتاجية-
كفاية إدارية -التوازن التنظيمي -المسؤولية -التنظيم الرسمي -التنظيم غير الرسمي -المستويات
اإلدارية -شبكة االتصاالت -الرقابة -التوجيه -التنسيق -أهداف المؤسسة -أهداف الفرد.
أولً -مقدمة
نشأ علم اإلدارة كعلم له أُسسه وقواعده ونظرياته في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين،
ويصنف العديد من الكتاب تطور الفكر اإلداري ضمن ثالث مدارس إدارية :المدرسة التقليدية،
ومدرسة العالقات اإلنسانية ،والمدرسة السلوكية.
وسنستعرض من خالل هذه الوحدة التعليمية مدارس الفكر اإلداري بدءًا من النظريات المبكرة في
اإلدارة ،التي كانت بمثابة المقدمات لبلورة نظريات اإلدارة الحقاً ،ثم سنتناول المدرسة التقليدية
في اإلدارة والمتضمنة ثالث نظريات:
-1اإلدارة العلمية التي هدفت إلى البحث عن كيفية الوصول إلى رفع إنتاجية األفراد ،وذلك
باالعتماد على اإلدارة الصحيحة للعمل وجدولته وتبسيطه.
-2اإلدارة التنظيمية التي حاولت تقديم أسلوب جديد في إدارة المؤسسات وبنيتها الهيكلية،
وفق نظرة تنظيمية شاملة للمؤسسة.
-3اإلدارة البيروقراطية التي قدمت أسلوباً جديداً إلدارة المؤسسات الحكومية ،وجعلتها أكثر
قدرة على منافسة المؤسسات الخاصة.
بعد ذلك سنستعرض مدرسة العالقات اإلنسانية والسلوكية التي اهتمت بالجانب النفسي والسلوكي
للعامل واعتبرته العنصر األساسي في العمل.
ثانياً -النظريات المبكرة في اإلدارة:
أ -نظرية آدم سميث في اإلدارة:
وهذا ال يعني أن متكالف ابتكر السجالت والتقارير بل على العكس قد استغنى عنها وترك الهام
منها فقط ،وقد ظل متكالف يجري تجاربه على أحسن أساليب الرقابة اإلدارية واختتم حياته
العملية مدرسًا ،وقد اهتم بخطط اإلدارة والتنظيم وتقسيم العمل بين األفراد.
ثالثاً -المدرسة التقليدية:
ظهرت المدرسة التقليدية في نهاية القرن التاسع عشر،
وكانت مزيجاً بين علم إدارة األعمال وعلم اإلدارة العامة
وعلم االجتماع وعلم النفس.
وبالرغم من هذا التباعد الجغرافي والثقافي بينه م ،غير أن أفكارهم تالقت في نقاط أساسية عديدة،
واختلفت في بعض النقاط الثانوية.
على الرغم من التطور الكبير في ميادين العلوم اإلدارية واالقتصادية ،إال أن نهاية القرن التاسع
عشر وبداية القرن العشرين يمثالن التحول الكبير في عصر إدارة األعمال ،واالنتقال بها
من التخمين والحدس والتقدير إلى علم له مبادئه وقواعده
ونظرياته التي تحكم مسيرته والعالقات القائمة في األنشطة
والفعاليات المختلفة .وهذه القواعد والمبادئ وضعها الرواد
األوائل للمدرسة العلمية اإلدارية أمثال فردريك تايلور ،فرانك
وليليان جلبرت ،هنري غانت وهارينغتون إميرسون وغيرهم،
ولقد كانت محاوالتهم وتجاربهم جميعاً تصب في إطار واحد أال
وهو زيادة الكفاية اإلنتاجية في مستوى اإلدارة التنفيذية
من خالل اإلدارة الصحيحة للعمل وجدولته وتبسيطه ،مما يتيح الفرصة للحصول على أكبر قدر
من اإلنتاج من خالل استخدام اإلمكانات اإلنتاجية نفسها ،فاستخدام اآللة في اإلنتاج أدى إلى
ظهور مشاكل تتعلق بنقص المهارات وتدني الكفاءة اإلدارية وحجم وجودة اإلنتاج ،فكان ال بد من
البحث عن أساليب جديدة للتغلب على هذه المشكالت.
وسنتوقف فيما يلي عند كل من هؤالء الرواد اإلداريين ،موضحين أهمية مساهماتهم ونتائج أبحاثهم
اإلدارية واإلنتاجية وأثرها في تطوير نظرية اإلدارة العلمية.
فريدريك تايلور:
يعد المهندس األمريكي فريدريك تايلور رائد نظرية اإلدارة العلمية ،أو ما
يطلق عليها أيضاً نظرية الرجل االقتصادي ( ،)1118-1181حيث
اهتم بإنتاجية العا مل وبدأ يبحث ويطبق النتائج التي يتوصل إليها
الكتشاف أساليب لزيادة إنتاجية العامل وزيادة أجره.
استخدم تايلور التحليل العلمي والتجارب العملية لرفع إنتاجية العامل
واعتبر أن كثي ًار من المشاكل يمكن تجنبها أو حلها إذا تم تأهيل وتدريب الموظف بشكل
منهجي وتحليل العملية اإلنتاجية علمياً.
كما أشار إلى أن جهد العاملين في المنظمة مرهون بقدراتهم الجسمية ،لذا على المدير أن يحسن
اختيار العاملين ويعمل على تدريبهم ،واعتبر تايلور أن المحفز الحقيقي لألفراد هو العامل
االقتصادي هذا باإلضافة إلى قناعته بأن العاملين بحاجة مستمرة إلى اإلشراف والرقابة الصارمة
لضمان عدم تقاعسهم في تطبيق األسلوب العلمي في العمل ،أي إنه عد أن العامل كسول بطبعه،
وأن حافزه للعمل مادي ،وأنه غير قادر على تحمل المسؤولية.
الحظ تايلور ضياع وهدر وقت العمل في أثناء ممارسة األعمال اإلنتاجية ،بسبب غياب المعدالت
والمعايير وعدم ربط األجر باإلنتاج والجهد الشخصي المبذول ،وهذا يؤدي بدوره إلى إلحاق خسارة
كبيرة باالقتصاد الوطني.
بدأ تايلور تطبيقاته بدراسة وتقسيم العمل إلى مجموعات وعناصر في المنشأة التي عمل فيها
وحدد الزمن الالزم لكل عملية وعنصر بطريقة قياسية ،وحاول تحليل األعمال وعناصرها بهدف
وضع معايير علمية دقيقة لطريقة وحجم اإلنتاج الذي يجب تنفيذه في كل موقع عمل وعلى كل
عامل ،وكانت نتائج هذا اإلجراء على صعيد المنشأة مذهلة حقًا ،حيث ارتفعت إنتاجية العمال
إلى ثالثة أضعاف ،بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل إجراء التجربة ،لكن أجور العمل لم ترتفع إالَّ
هنري غانت:
ركز هنري غانت ( )1212-1181اهتمامه على الكفاية اإلنتاجية ضمن المنشأة الصناعية،
ونظر غانت إلى اإلدارة كوظيفة اجتماعية يمكن بواسطتها رفع مستوى المعيشة عن طريق التنمية
ورفع مستوى اإلنتاجية.
كما إنه اهتم بالنواحي النفسية لدى العاملين كوسيلة لزيادة إنتاجيتهم وأولى اهتمامًا بالحوافز المالية
والمعنوية ،وأوضح أثرها في زيادة اإلنتاج ،ولقد كان أكثر إنسانية وتفهمًا ألوضاع العاملين
اإلنتاجيين من خالل نظام "المهمة والعالوة" بالمقارنة مع تايلور.
هارينغتون إميرسون
يعد هارينغتون إميرسون ( )1211-1181من المهتمين بالوصول
لتحسين الكفاية اإلنتاجية ،حيث أكد بأن السكك الحديدية األميركية
يمكن لها أن توفر يوميًا بحدود مليون دوالر ،فيما لو اتبعت
األساليب والطرائق العلمية التي تعتمد على العلم والمنطق في
التشغيل واتخاذ الق اررات اإلدارية الصحيحة.
مبادئ إميرسون اإلدارية:
لقد حاول تثبيت وتطبيق آرائه وأفكاره من خالل مجموعة من المبادئ اإلدارية لخصها في:
وضع أهداف محددة وطموحة ومفهومة من قبل جميع العاملين واداراتهم ،على أن تكون
ممكنة التنفيذ.
دراسة أجزاء وتقسيم العمل بشكل متكامل وتوضيح طبيعة العالقة واالرتباط فيما بينها.
برمجة العمل ومعايرته ،أي وضع برامج زمنية محددة لتنفيذ حجم عمل معين مع تخصيص
وتوزيع دقيق للمهمات على المستويات التنفيذية ليتبين مقدرة العاملين على اإلنتاج من
جهة ومدى تقيدهم بالبرامج والمعايير من جهة ثانية.
االعتماد بشكل أساسي في اتخاذ الق اررات على تحليل البيانات والمعلومات ونتائج األبحاث
والدراسات المتوفرة عن طبيعة المشكلة.
االهتمام بالسجالت وضرورة االحتفاظ بالمعلومات والبيانات المتعلقة بالتشغيل واإلنتاج
والعمل على تصنيفها وتبويبها وأرشفتها لتسهل العودة إليها حين الحاجة.
وفقاً لما تقدم ،فإن نظرية اإلدارة العلمية اعتمدت على المرتكزات التالية:
ركزت بشكل أساسي على موضوع الكفاية
اإلنتاجية وعلى العوامل والوسائل التي يمكن
اتباعها واستخدامها بغية رفع مستوى الكفاية
اإلنتاجية.
اهتم رواد هذه المدرسة بموضوع تقسيم العمل
وتجزئته في األعمال اإلدارية واإلنتاجية،
وكذلك بموضوع التخصص في اإلنتاج.
من أهم دعامات اإلدارة العلمية اعتمادها على البحث العلمي والتجارب والدراسات
وتقويم تجارب المؤسسات اإلنتاجية المتقدمة عوضًا عن اتخاذ القرارات اإلدارية في
ضوء التوقعات والتخمينات ،والتعاون في مجاالت البحث العلمي اإلداري واالقتصادي
وتبادل الخبرات ونتائج األبحاث والتجارب ،ودفع عجلة التطور العلمي واإلداري إلى
اإلمام.
طالما أصبح علم إدارة األعمال علماً يتصف باالستقاللية فال بد له من االعتماد على
مجموعة من القواعد والمبادئ والنظريات المعروفة للعاملين جميعًا في الحقل اإلداري،
والتي تكون صالحة في األنشطة كافة وعلى المستويات المختلفة مع االهتمام بخصوصية
كل مشروع أو كل قطاع.
هنري فايول:
مفهوم نظرية التنظيم اإلداري عند فايول
ركز هنري فايول اهتمامه على دراسة وتحليل الوظائف
اإلدارية واألنشطة التي تُمارس على مختلف المستويات
اإلدارية من خالل كتابه "اإلدارة العامة والصناعية"
الذي نشر في عام ،1111وأشار إلى أن األبحاث يجب أن تتركز بشكل رئيس على اإلنسان
الذي يمثل محور العملية اإلدارية واإلنتاجية ،والذي من خالله يمكن تحقيق التطور الصناعي
عن طريق رفع الكفاية اإلنتاجية وتخفيض التكاليف
الصناعية بعناصرها المباشرة وغير المباشرة.
بدأ فايول دراساته وأبحاثه على وظائف المدراء في
المستويات اإلدارية العليا ،ثم انتقل إلى المستويات
اإلدارية الوسطى ،بعكس تايلور الذي تركزت دراساته في
المستويات اإلدارية واإلنتاجية الدنيا ،أي على المستويات
التنفيذية (العاملين وخطوط اإلنتاج).
نشاطات فايول في المشروع الصناعي:
قسم فايول النشاطات في المشروع الصناعي إلى ما يلي:
النشاطات الفنية :وتشتمل على عمليات التحضير والتشغيل
والتصنيع والتطوير والبحوث واإلنتاج ،كما تشتمل على
النواحي المتعلقة بالبحث والتطوير في مجاالت تحسين
وتطوير اآلالت وخلق واستخدام مواد أكثر اقتصادية ،إضافة
إلى االهتمام بمواضيع األمن الصناعي والصيانة.
1التخطيط:
وضح فايول أهمية التنبؤ كمقدمة لعملية وضع الخطة االقتصادية بأجزائها المختلفة ،والتنبؤ كما
نظر إليه عبارة عن تقدير وتصور واقع المشروع في المستقبل والتحضير للوصول إلى أفضل ما
يمكن ،والتخطيط هنا يعني رسم السياسة المستقبلية التي توضح أهداف المشروع القريبة والبعيدة
وتجنيد الطاقات لتنفيذ هذه األهداف بأقل التكاليف الممكنة.
9التنظيم:
ويقصد بالتنظيم هنا مجموعة األعمال والنشاطات التي يقوم بها المدير والتي تشتمل على اختيار
اآلالت والتجهيزات واألدوات اإلنتاجية والمواد األولية الرئيسة والمساعدة ،وكذلك العناصر اإلدارية
والفنية ،ثم تحديد الهيكل التنظيمي للمشروع االقتصادي ،موضحًا بذلك المستويات اإلدارية
ومواصفات شاغليها ،واألقسام اإلنتاجية األساسية والثانوية ،واإلدارات المركزية ،وأقسام الصيانة
واألمن الصناعي وغير ذلك.
1القيادة واصدار األوامر:
تنحصر هذه الوظيفة حسب فايول في توجيه جهود المرؤوسين على المستويات كافة ،من خالل
األوامر الصادرة والق اررات المتخذة لتحقيق األهداف الموضوعة أمام المؤسسة ،فوظيفة إصدار
األوامر تهتم باإلشراف على العاملين وارشادهم في أثناء تأدية مهامهم وقبل البدء بها.
1التنسيق:
يتكون المشروع من عدد من النشاطات لخدمة أهدافه ،واإلدارة يجب أن تتمتع بمقدرة كافية لخلق
التفاعل الصحيح لهذه األنشطة والفعاليات ،ولتوحيد الجهود كافة وصهرها في بوتقة واحدة ،بغية
الوصول إلى هدف المنشأة النهائي ،وهذا ما نسميه بوظيفة التنسيق في المؤسسة االقتصادية.
8الرقابة:
هي العملية التي يسعى المدير من خاللها للتأكد من أن الخطط اإلنتاجية والتنظيمية تنفذ كما هو
مرسوم لها ،أو أن هناك انحرافات يجب تعديلها في الوقت المناسب ،والسعي لمنع وقوعها في
المستقبل.
أوليفر شيلدون:
إن األفكار الجديدة التي جاء بها شيلدون وساهم من خاللها في
بناء الفكر اإلداري وتطويره جعلته رائدًا من الرواد األوائل في هذا
المجال العلمي ،وقد تضمن كتابه "فلسفة اإلدارة" الذي نشر في
عام 1123في الواليات المتحدة األميركية أهم آراءه وأفكاره،
ومنها:
يعد النشاط اإلداري عنص ًار هامًا من عناصر اإلنتاج،
ويلعب دو اًر أساسيًا في نجاح المشروع أو فشله.
تتحمل اإلدارة مسؤولية تجاه المجتمع على اعتبار أنها تمتلك أدوات ووسائل وقوى
اإلنتاج فيه ،وبالتالي فهي مسؤولة عن تحقيق الرفاه والتقدم االجتماعيين.
تمارس النشاطات اإلدارية عن طريق األشخاص ومن خاللهم وبوساطتهم ،ولهذا فالعمل
اإلداري يجب أن يكون له طابعًا إنسانيًا.
وفيما يلي نورد أهم الجوانب التي ركزت عليها نظرية اإلدارة التنظيمية:
ركزت اهتمامها على النشاطات اإلدارية
وخاصة في المستويات العليا.
أهملت الجوانب اإلنسانية والسلوكية ومدى
تأثيرها على التنظيم اإلداري.
إن الشغل الشاغل لرواد هذه النظرية هو دراسة
طرق تنظيم الوحدات االقتصادية،
والعمل على تحديد وتعريف ماهية وطبيعة الوظائف اإلدارية.
-3نظرية البيروقراطية:
نشأت البيروقراطية في ألمانيا بفضل الجهود التي قام بها عالم االجتماع األلماني ماكس فيبر
( ،)1122-1111وكلمة البيروقراطية مشتقة من كلمتين التينية واغريقية:
" بناء تنظيمي هرمي يتصف بالتحديد الدقيق لخطوط السلطة والقواعد واإلجراءات التي تحكم
العمل".
بالمقابل لدور النهضة الصناعية في أوروبا في تطوير أساليب اإلنتاج ،لقد خلقت مشاكل
اجتماعية وانسانية كثيرة ،أهمها:
هجرة السكان من الريف إلى المدن للعمل في القطاع الصناعي ،حيث تتركز المصانع
قرب المدن الكبرى.
هجرة السكان من القطاع الزراعي إلى العمل في القطاع الصناعي ،بحثًا عن أجور أعلى
وفرص عمل أفضل.
دخول األطفال والنساء إلى العمل لتتمكن األسرة من الحصول على أعلى عائد مادي
ممكن يشبع احتياجاتها األساسية.
انتشار الجريمة واألمراض نتيجة تكدس أعداد هائلة من العمال مع أسرهم في تجمعات
سكنية ضخمة من الصفيح قرب المدن الكبرى في أوروبا.
تدني المستوى النسبي لألجور خاصة للنساء العامالت ،وتدني الثقة بين العاملين وأرباب
العمل.
ولقد أولى الباحثون في مجال اإلدارة وعلم االجتماع اهتماماً متزايداً للتغلب على المشكالت
السابقة وحلها ،وأدت هذه الجهود إلى ظهور عدة مدارس فكرية إدارية أخرى ،جعلت المفكرين
والباحثين يركزون اهتمامهم على العامل كإنسان ،وليس كعنصر بين عناصر اإلنتاج أو مجرد
آلة ،و ُعرفت هذه المدارس الفكرية بمدرسة العالقات اإلنسانية والمدرسة السلوكية واالجتماعية،
والتي ستكون المحور التالي في استعراضنا لمدارس الفكر اإلداري.
رابعاً -مدرسة العالقات اإلنسانية:
ظهرت هذه المدرسة في ثالثينيات القرن العشرين كرد فعل على المدرسة التقليدية ،فقد كانت
المدرسة التقليدية تنظر لإلنسان على أنه آلة بيولوجية تستخدم في عملية اإلنتاج ،في حين اهتمت
نظرية العالقات اإلنسانية بالجوانب النفسية واالجتماعية للفرد ،حيث انطلقت من أن اإلنسان يمتلك
قيماً ومعتقدات وعواطف وميول لها أثر كبير على إنتاجيته.
ويعد اإلنسان المنطلق األساس لهذه المدرسة ،وهو محور
العمل اإلداري وعنصره المهم في تحديد اإلنتاجية.
كما إنها تهدف إلى فهم أساليب السلوك اإلنساني في اإلدارة
وأنماط العالقات بين األفراد على اختالف مستوياتهم.
ويطالب مفكرو هذه النظرية بدراسة اإلنسان دراسةً عميقة،
بحيث يمكن معرفة ما يحفزه على العمل بأعلى كفاءة ممكنة ،ويكون ذلك بإشباع حاجاته في
مجال عمله ،وقد كان مجال العمل ميدانًا وهدفاً إلجراء البحوث والتجارب المتعلقة بالمبادئ
الرئيسة للعالقات اإلنسانية ،وسنحاول استعراض أهم األعمال التي ساهمت في بناء أفكار هذه
المدرسة.
المرحلة األولى:
بدأ الباحثون بدراسة تأثير اإلضاءة على العاملين في الظروف اإلنتاجية على مستويات األداء،
ولتحقيق مضمون التجربة وأهدافها تم االعتماد على مجموعتين من العمال واحدة منهما مجموعة
مراقبة واألخرى مجموعة تجربة.
ولقد تم زيادة اإلضاءة على مجموعة التجربة ،بينما بقيت اإلنارة نفسها على مجموعة المراقبة،
ونتيجة لهذا اإلجراء تم مالحظة أن اإلنتاج ازداد بقدر متكافئ في المجموعتين معًا.
بعد ذلك تم تخفيض اإلضاءة واضعافها في ظروف عمل المجموعتين ومع ذلك فقد بقيت اإلنتاجية
في حالة تزايد ،إلى أن وصلت نسبة اإلضاءة إلى درجة ضعيفة وغير مقبولة حيث بدأت اإلنتاجية
بالتناقص في كال المجموعتين.
وان هذه النتائج التي تم التوصل إليها من قبل الباحثين لم تكن متوقعة إطال ًقاً ،حيث إنهم كانوا
على ثقة بأن تغير ظروف العمل وشروطه بين المجموعتين سيؤدي حتمًا إلى حدوث تباين في
إنتاجية كل منهما ،وكان هذا سببًا كافيًا الستم اررية األبحاث والتجارب.
المرحلة الثانية:
هذه المرحلة كانت مخصصة لدراسة التأثيرات المادية على إنتاجية العاملين في المجموعات
المختلفة ،فقد أعطيت المجموعة األولى فترات راحة أطول وقدمت لها وجبة طعام وحصلت على
زيادة مادية ،بينما بقيت المجموعة الثانية تعمل في الظروف والشروط نفسها ،لكن مجرد اهتمام
اإلدارة المعنوي بالمجموعتين معًا أدى إلى تزايد اإلنتاجية في كل منهما ،ولم يكن هناك تأثير
واضح للظروف المادية على العمل.
المرحلة الثالثة:
افترض الباحثون في هذه المرحلة أهمية وقوة تأثير العامل اإلنساني والنفسي مقارن ًة بالعوامل
المادية والفنية ،وتبين لهم بأن اإلنتاجية مرتبطة ارتفاعاً وانخفاضًا بالعالقة االجتماعية غير
الرسمية بين العاملين أنفسهم ،إلى جانب توطيد وترسيخ العالقة على أسس إنسانية مع المشرفين
في المستويات اإلدارية الدنيا.
ثم قام الباحثون والمشرفون بإجراء مقابالت مباشرة مع العاملين في العديد من المستويات الفنية
التنفيذية ،وذلك للوصول معهم إلى تحديد إنتاجية اليوم العادلة التي تحقق مصلحة اإلدارة والعمال،
وتم االختبار على مجموعة من اإلف ارد العاملين ممن يتصفون بالقدرة اإلنتاجية العالية وبعضهم
األخر له طاقة إنتاجية ضعيفة أو متوسطة ،وربط األجر بعدد القطع المنتجة في ظروف ومناخ
وشروط اإلنتاج من قبل كل عامل بغية تحفيز العمال ذوي الطاقات اإلنتاجية العالية على حساب
العمال من ذوي اإلمكانات المحدودة.
وكان افتراض الباحثين بأن العمال األكفاء سيضغطون على العمال ذوي الكفاية األقل لزيادة عدد
القطع المنتجة من قبلهم ،ولكن كانت النتائج أيضًا غير متوقعة ،حيث إن االرتباط االجتماعي
بين العاملين أدى إلى وضع وتحديد مستوى عادل لإلنتاجية اليومية التي يمكن تحقيقها وتنفيذها
من قبل العاملين جميعاً.
وخلصت الدراسة إلى أن الروابط اإلنسانية أقوى بكثير من الروابط والحوافز المادية.
-1شيستر برنارد:
إنجازات برنارد في مجال اإلدارة السلوكية:
يعد شيستر برنارد ( )1281-1111من المساهمين في تطوير وتعميق المفاهيم اإلدارية الحديثة
ونظرياتها من خالل أبحاثه ودراساته في كبرى الشركات المتخصصة في االتصاالت الهاتفية،
والتي ضمنها فيما بعد في كتابيه "وظائف المدير" الذي نشر عام 1131و "التنظيم واإلدارة"
الذي صدر في عام ،1948وتحدث فيهما عن دور وأهمية وظائف المدير مع تحليل للوظائف
اإلدارية معتمداً بذلك على العلوم االجتماعية واإلحصائية والنفسية.
من المالحظ بأن برنارد يؤمن بمبدأ المركزية في السلطة ،حيث إن التنظيم الجيد هو الذي يضمن
توزيع األعمال بين الرؤساء والمرؤوسين حسب مراكزهم الوظيفية ،مع ضرورة إخضاع المرؤوس
لسلطة مركزية يتلقى منها األوامر والتعليمات ،ويعمل على تنفيذها شريطة أن يحصل التنسيق
في األعمال بين مختلف مواقع العمل للوصول إلى األهداف والغايات المرسومة.
أنواع التنظيمات عند برنارد:
عمل برنارد على التمييز بين نوعين من التنظيمات:
األول هو التنظيم الرسمي الذي يقوم على أساس الهيكل التنظيمي اإلداري في المشروع
بشكل محدد وثابت.
والثاني هو التنظيم غير الرسمي الذي ينشأ نتيجة للعالقات القائمة بين األفراد العاملين
بسبب انسجام في مصالحهم أو معتقداتهم أو أفكارهم.
كما أن لهذا التنظيم في العادة قائد غير رسمي يجب على اإلدارة أن تعتمد عليه في حل العديد
من القضايا اإلدارية ،وقد يكون له أحيانًا تأثي ًار أكبر من تأثير القائد الرسمي على الجماعة ،ويجب
أن تسعى اإلدارة بشكل دائم إلزالة التعارض والتناقض بين التنظيمين الرسمي وغير الرسمي.
وتتحدد المسؤولية من خالل المراكز الوظيفية المشغولة من قبل األفراد والصالحيات الممنوحة
لهم بما يتالءم ومواقع أعمالهم ،ويجب أن تتوازى المسؤولية مع السلطة.
ويتطلب النجاح وجود شبكة اتصاالت لنقل المعلومات والبيانات من المستويات اإلدارية والفنية
المختلفة واليها ،دون أن يكون هناك ازدواجية في إيصال المعلومات واصدار األوامر ،وأكد برنارد
على مبدأ تفويض السلطة من األعلى.
ومن أهم المساهمات التي قدمها برنارد لإلدارة هي فكرة التوازن التنظيمي ،فهو يرى أن الفرد
يتعاون مع التنظيم إذا كانت المغريات والحوافز بأشكالها المختلفة تزيد عن المساهمات التي يطلب
من الفرد تقديمها ،واذا حدث عكس ذلك فإن العضو يرفض التعاون واالشتراك معب اًر عن ذلك
بطرائق متعددة تتراوح في شدتها من التذمر واالحتجاج البسيط إلى تقديم االستقالة وترك العمل.
-9هربرت سايمون:
من المواضيع األساسية التي ركز عليها هربرت سايمون في دراساته هي مشكلة اتخاذ الق اررات
اإلدارية ،باعتبار أن المدير يتخذ الق اررات بشكل دائم بحكم عمله ،كما إن الهيكل التنظيمي في
المؤسسة يجب أن يحدد المراكز التي يمكن لها أن تتخذ الق اررات اإلدارية التي تعبر عن أهداف
المنظمة وطريقة وسبل الوصول إليها بأقل تكاليف ممكنة.
ويرى سايمون أن النشاط اإلداري في المؤسسة
يتحقق من خالل االهتمام باجتماعية وانسانية
الكائن البشري الذي يمثل محور العملية
اإلدارية واإلنتاجية ،وبالتالي فإن اإلدارة في
ممارساتها وق ارراتها يجب أن تركز على هذه
الناحية االجتماعية اإلنسانية لتضمن نجاح
مشاريعها.
كما رفض سايمون مبادئ اإلدارة العلمية
التي توجه الكثير من الضغط النفسي على العامل ،فالمدير بحسب سايمون ،ال يعنى باتخاذ
القرار فقط وانما ينظر إلى ردود الفعل الناتجة عنه ،ووفق سايمون فإن المدير يتخذ الق اررات
على أساس المعلومات المتوفرة لديه.
-1أبراهام ماسلو ومبادئ السلوك اإلنساني:
قدم أبراهام ماسلو نظريته عن الحاجات اإلنسانية ورتبها على شكل تسلسل هرمي ،وقد القت
اهتمامًا من علماء النفس وبخاصة في أوساط علماء النفس اإلداري.
صنف العديد من الكتاب تطور الفكر اإلداري ضمن ثالث مدارس إدارية هي :المدرسة
التقليدية ،ومدرسة العالقات اإلنسانية ،والمدرسة السلوكية.
تعرفنا على مدارس الفكر اإلداري بدءاً من النظريات المبكرة في اإلدارة التي كانت بمثابة
المقدمات لبلورة نظريات اإلدارة الحقاً ،ومن هذه النظريات :نظرية آدم سميث في اإلدارة،
ونظرية روبرت أوين في الموارد البشرية ،ونظرية شارلز باباخ ،ونظرية هنري متكالف.
تضمنت المدرسة التقليدية ث الث نظريات هي :اإلدارة العلمية ،واإلدارة التنظيمية ،واإلدارة
البيروقراطية:
الرواد اإلداريين لنظرية اإلدارة العلمية :فريدريك تايلور ،وفرانك جيلبرت ،وهنري غانت،
وهارينغتون إميرسون.
ظهرت نظرية التنظيم اإلداري على يد المهندس الفرنسي هنري فايول وشيلدون.
تناولنا أيضًا مدرسة العالقات اإلنسانية ،ودرسنا فيها نظرية إيلتون مايو وفريتز روثلزبرجر.
تعرضنا أخي اًر للمدرسة السلوكية التي تعد امتداداً لمدرسة العالقات اإلنسانية ،وتناولنا المواضيع
األساسية التي اهتم بها رواد هذه المدرسة ومنهم شيستر برنارد وماسلو.
التمارين
.aالخبرة.
.bنظام ورقابة.
.cاإلدارة.
.dكل اإلجابات خطأ.
.aالكفاية اإلنتاجية.
.bالبحث العلمي والتجارب والدراسات.
.cالجوانب اإلنسانية.
.A.B .d
اإلجابة الصحيحة. A.B:
-1التنبؤ لعملية وضع الخطة القتصادية من وظائف:
.aالتنظيم.
.bالقيادة.
.cالتخطيط.
.dالتنسيق.
.aالتخطيط والتنظيم.
.bاإلنتاج.
.cالرقابة والتوجيه.
.A.C .d
اإلجابة الصحيحة.A.C :
.aالعلمية والتنظيمية.
.bاإلدارية.
.cالبيروقراطية.
.A.C .d
اإلجابة الصحيحة. A.C :
.aالمدرسة الكالسيكية.
.bالمدرسة التقليدية.
.cالمدرسة السلوكية.
.dغير ذلك.
اإلجابة الصحيحة :غير ذلك.
....................................................................................
....................................................................................
....................................................................................
....................................................................................
....................................................................................
....................................................................................
....................................................................................
....................................................................................
....................................................................................
....................................................................................
-1ما االفتراضات التي قدمها ماسلو لبناء نظريته؟
....................................................................................
....................................................................................
المعلومات اإلضافية
يعد الكثيرون من علماء اإلدارة تايلور أب اإلدارة العلمية ،وقد عمل في عدد كبير من
شركات الفوالذ في الواليات المتحدة األمريكية ،في المستويات التنفيذية الدنيا ،وتدرج في
السلم اإلداري إلى أن وصل إلى رتبة كبير المهندسين لشركة الفوالذ والصلب.
نشر فردريك تايلور ما بين عامي 1111 - 1123كتابيه "إدارة المصنع" و"مبادئ
اإلدارة العلمية".
كان فايول مهندساً ومدي ًار في إحدى شركات استخراج الفحم في فرنسا ،حيث أنقذها من
اإلفالس وساعدها على االنتعاش واعادة تقوية مركزها المالي بفضل دراساته وأبحاثه
وتطبيقاته العملية اإلدارية.
إن أبحاث هاوثورن بدأت في الواليات المتحدة األميركية في عام 1127من قبل مجموعة
من علماء االجتماع في جامعة هارفارد في إحدى الشركات الصناعية الكبيرة وهي ويسترن
اليكتريك.
المصادر والمراجع
إبراهيم الضمري ،األفراد والسلوك التنظيمي ،دار الجامعات المصرية ،القاهرة .1999،
إبراهيم عبد اهلل المنيف ،اإلدارة ،المفاهيم واألسس والمهام ،دارالعلوم ،الرياض.1980 ،
إبراهيم عبد اهلل المنيف ،تطور الفكر اإلداري المعاصر ،الرياض ،المؤلف 1111 ،م.
أسامة محمد شاكر ،عمر أحمد أبو هاشم ،المداخل اإلدارية الحديثة في التعليم ،عمان ،دار
النشر والتوزيع 2221 ،م.
علي الخضر وآخرون ،مبادئ اإلدارة ،منشورات جامعة دمشق.2212 ،
علي الخضر ،مبادئ اإلدارة ،منشورات جامعة دمشق.1111 ،
علي الخضر ،مدخل إلى إدارة األعمال ،منشورات جامعة دمشق.1111 ،