You are on page 1of 17

‫إشكالية اإلثبات يف منازعات األعامل املختلطة‬

‫املهيمن محزة‬
‫ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻄﺔ‬‫ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺯﻋﺎﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ عبد‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫دكتور يف القانون اخلاص‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫أستاذ زائر بجامعة عبد املالك السعدي ‪ -‬طنجة‬
‫ﺯﻛﺮﻳﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﻱ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺣﻤﺰﺓ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻦ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫يقصد باألعامل املختلطة((( تلك األعامل التي جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر‪ ،‬حيث‬
‫جانب آخر‪ ،‬مما يفرز عالقة خمتلطة بسبب اختالف طبيعة العمل املعني‬‫من ﻉ‪2‬‬
‫ﺱ‪,1‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬جانب وجتارية‬
‫تكون مدنية من‬
‫الطرفني‪ ،‬وكمثال عىل ذلك عقد القرض االستهالكي الذي يعترب جتاريا بالنسبة‬
‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬جانب كل واحد منﻧﻌﻢ‬‫باألمر من‬
‫‪2013‬للمستهلك املقرتض‪ ،‬وكذلك عقد النقل الذي يعترب جتاريا بالنسبة ملقاولة‬
‫ومدنيا بالنسبة‬ ‫للمؤسسة املمولة‪،‬‬
‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫النقل ومدنيا بالنسبة للمسافر العادي‪.‬‬
‫ﺧﺮﻳﻒ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫وقد استقر الفقه والقضاء عىل إخضاع األعامل املختلطة لنظام قانوين مزدوج مؤداه تطبيق قواعد القانون‬
‫‪61 - 76‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫التجاري عىل الطرف الذي يعد العمل جتاريا بالنسبة إليه‪ ،‬وقواعد القانون املدين عىل الطرف الذي يعترب العمل‬
‫‪653415‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫مدنيا بالنسبة إليه‪ ،‬وهو التوجه الذي كرسته املادة الرابعة من مدونة التجارة املغربية التي وضعت ألول مرة‬
‫جاء فيها ما ييل‪« :‬إذا كان العمل جتاريا بالنسبة ألحد املتعاقدين‪،‬‬ ‫ﺑﺤﻮﺙ حيث‬
‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪ :‬األعامل املختلطة‬
‫حكام خاصا ينظم‬
‫ﻧﻮﻉ‬
‫‪IslamicInfo,‬التجاري يف مواجهة الطرف الذي كان العمل بالنسبة‬
‫‪ EcoLink‬قواعد القانون‬
‫للمتعاقد اآلخر‪ ،‬طبقت‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪبالنسبة‬
‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬ ‫ومدنيا‬
‫عىل‬ ‫مقتىض خاص‬
‫ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ‪ ،‬ينص‬
‫ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻼﺕ‬ ‫إليه مدنيا ما مل‬ ‫ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ‪،‬بالنسبة‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ‬ ‫كان العمل‬ ‫الطرف الذي‬
‫ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ‪،‬‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪ :‬وال يمكن أن يواجه هبا‬
‫ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻋﺎﺕ‬ ‫إليه جتاريا‪،‬‬
‫ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ‬ ‫خالف ذلك»‪.‬‬
‫األعامل املختلطة‪،‬‬ ‫وقد كانت األعامل التحضريية ملرشوع مدونة التجارة تسري يف طريق التخيل عىل نظرية‬
‫‪https://search.mandumah.com/Record/653415‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫من خالل تبني تطبيق قواعد القانون التجاري عىل التزامات كافة املتعاقدين الناشئة عن العمل املختلط برصف‬
‫النظر عن صفة األطراف(((‪ ،‬وذلك من أجل خلق ضامنة أكثر للتاجر وتكريس مبدإ استقرار املعامالت التجارية‬
‫ومنحها ائتامنا أفضل‪ ،‬إال أن املناقشات الربملانية خلصت إىل وجوب اإلبقاء عىل نظرية األعامل املختلطة‪ ،‬لعدم‬

‫(‪ )1‬ال تشكل األعامل املختلطة زمرة ثالثة من األعامل التجارية‪ ،‬بل هي يف أصلها إما أعامل جتارية‪ ،‬بطبيعتها أو أعامل جتارية بالتبعية‬
‫فكل ما هنالك أهنا جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر‪ ،‬وهي يف الترشيعات ذات االجتاه الالتيني من وضع الفقه‬
‫والقضاء‪ ،‬إال أن املرشع املغريب وتأثرا منه باالجتاه اجلرماين نص رصاحة عليها يف املادة الرابعة من مدونة التجارة ‪.‬جتارية بالتبعية‬
‫فكل ما هنالك أهنا جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر‪ ،‬وهي يف الترشيعات ذات االجتاه الالتيني من وضع الفقه‬
‫باالجتاه اجلرماين نص رصاحة عليها يف املادة الرابعة من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ منه‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫املغريب وتأثرا‬
‫املرشعﺟﻤﻴﻊ‬ ‫ﺩﺍﺭ إال أن‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫والقضاء‪،‬‬
‫© ‪2018‬‬
‫ص ‪.81‬‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻚ‬ ‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ‪،2001‬‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫ﺣﻘﻮﻕالبيضاء‪،‬‬
‫اجلديدة‪ ،‬الدار‬
‫النجاحﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ‬
‫مطبعة ﻋﻠﻤﺎ‬
‫الثانية‪،‬ﺍﻟﻨﺸﺮ‪،‬‬
‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫الطبعة‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ‬‫اجلديد‪،‬‬
‫املغريب ﻣﻊ‬
‫التجاريﺍﻟﻤﻮﻗﻊ‬
‫القانون ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ‬
‫ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ‬‫ﻣﺘﺎﺣﺔرشح‬
‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓمعالل‪:‬‬
‫ﻫﺬﻩ‪ -‬فؤاد‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫ييل‪:‬ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫عىل ما‬
‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫التجارة تنص‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ‬ ‫ﺧﻄﻲ ﻣﻦ‬ ‫مدونة‬ ‫مرشوع‬
‫ﺗﺼﺮﻳﺢ‬ ‫منﺩﻭﻥ‬ ‫املادة الرابعة‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ(‬ ‫كانت‬
‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ‬ ‫وهكذا ﺃﻭ‬
‫(‪)2‬ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ‬
‫«إذا كان العمل جتاريا بالنسبة ألحد املتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد اآلخر‪ ،‬طبقت أحكام القانون التجاري عىل التزامات‬
‫كافة املتعاقدين الناشئة عن هذا العمل ما مل ينص مقتىض خاص عىل خالف ذلك»‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫إشكالية اإلثبات يف منازعات األعامل املختلطة‬
‫عبد املهيمن محزة‬
‫دكتور يف القانون اخلاص‬
‫أستاذ زائر بجامعة عبد املالك السعدي ‪ -‬طنجة‬

‫يقصد باألعامل املختلطة((( تلك األعامل التي جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر‪ ،‬حيث‬
‫تكون مدنية من جانب وجتارية من جانب آخر‪ ،‬مما يفرز عالقة خمتلطة بسبب اختالف طبيعة العمل املعني‬
‫باألمر من جانب كل واحد من الطرفني‪ ،‬وكمثال عىل ذلك عقد القرض االستهالكي الذي يعترب جتاريا بالنسبة‬
‫للمؤسسة املمولة‪ ،‬ومدنيا بالنسبة للمستهلك املقرتض‪ ،‬وكذلك عقد النقل الذي يعترب جتاريا بالنسبة ملقاولة‬
‫النقل ومدنيا بالنسبة للمسافر العادي‪.‬‬
‫وقد استقر الفقه والقضاء عىل إخضاع األعامل املختلطة لنظام قانوين مزدوج مؤداه تطبيق قواعد القانون‬
‫التجاري عىل الطرف الذي يعد العمل جتاريا بالنسبة إليه‪ ،‬وقواعد القانون املدين عىل الطرف الذي يعترب العمل‬
‫مدنيا بالنسبة إليه‪ ،‬وهو التوجه الذي كرسته املادة الرابعة من مدونة التجارة املغربية التي وضعت ألول مرة‬
‫حكام خاصا ينظم األعامل املختلطة حيث جاء فيها ما ييل‪« :‬إذا كان العمل جتاريا بالنسبة ألحد املتعاقدين‪،‬‬
‫ومدنيا بالنسبة للمتعاقد اآلخر‪ ،‬طبقت قواعد القانون التجاري يف مواجهة الطرف الذي كان العمل بالنسبة‬
‫إليه جتاريا‪ ،‬وال يمكن أن يواجه هبا الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه مدنيا ما مل ينص مقتىض خاص عىل‬
‫خالف ذلك»‪.‬‬
‫وقد كانت األعامل التحضريية ملرشوع مدونة التجارة تسري يف طريق التخيل عىل نظرية األعامل املختلطة‪،‬‬
‫من خالل تبني تطبيق قواعد القانون التجاري عىل التزامات كافة املتعاقدين الناشئة عن العمل املختلط برصف‬
‫النظر عن صفة األطراف(((‪ ،‬وذلك من أجل خلق ضامنة أكثر للتاجر وتكريس مبدإ استقرار املعامالت التجارية‬
‫ومنحها ائتامنا أفضل‪ ،‬إال أن املناقشات الربملانية خلصت إىل وجوب اإلبقاء عىل نظرية األعامل املختلطة‪ ،‬لعدم‬

‫(‪ )1‬ال تشكل األعامل املختلطة زمرة ثالثة من األعامل التجارية‪ ،‬بل هي يف أصلها إما أعامل جتارية‪ ،‬بطبيعتها أو أعامل جتارية بالتبعية‬
‫فكل ما هنالك أهنا جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر‪ ،‬وهي يف الترشيعات ذات االجتاه الالتيني من وضع الفقه‬
‫والقضاء‪ ،‬إال أن املرشع املغريب وتأثرا منه باالجتاه اجلرماين نص رصاحة عليها يف املادة الرابعة من مدونة التجارة ‪.‬جتارية بالتبعية‬
‫فكل ما هنالك أهنا جتمع بني طرفني أحدمها تاجر واآلخر غري تاجر‪ ،‬وهي يف الترشيعات ذات االجتاه الالتيني من وضع الفقه‬
‫والقضاء‪ ،‬إال أن املرشع املغريب وتأثرا منه باالجتاه اجلرماين نص رصاحة عليها يف املادة الرابعة من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ -‬فؤاد معالل‪ :‬رشح القانون التجاري املغريب اجلديد‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2001 ،‬ص ‪.81‬‬
‫(‪ )2‬وهكذا كانت املادة الرابعة من مرشوع مدونة التجارة تنص عىل ما ييل‪:‬‬
‫«إذا كان العمل جتاريا بالنسبة ألحد املتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد اآلخر‪ ،‬طبقت أحكام القانون التجاري عىل التزامات‬
‫كافة املتعاقدين الناشئة عن هذا العمل ما مل ينص مقتىض خاص عىل خالف ذلك»‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫مجلة القضاء التجاري ‪ -‬العدد ‪� - 2‬صيف‪/‬خريف ‪2013‬‬

‫استساغة إلزام الطرف املدين وهو الطرف الضعيف يف العالقة بقواعد القانون التجاري التي هي قواعد غريبة‬
‫(((‬
‫عنه وال إملام له هبا‪.‬‬
‫وتطبيقا للامدة ‪ 4‬من مدونة التجارة فإن استعامل وسائل اإلثبات بالنسبة لألعامل املختلطة خيضع لنظام‬
‫قانوين مزدوج خيتلف حسب طبيعة العمل بالنسبة لكل واحد من الطرفني‪ ،‬وخيتلف بحسب صفة االلتزام‬
‫وطبيعته بالنسبة للمدين‪ ،‬فالطرف الذي يعترب العمل بالنسبة إليه جتاريا تطبق يف مواجهته قواعد القانون‬
‫التجاري تبعا لصفة الدين‪ ،‬أما الطرف الذي يعترب العمل بالنسبة إليه مدنيا فإن القواعد التي تطبق يف حقه هي‬
‫قواعد القانون املدين(((‪ ،‬وهذا يعني تطبيق مبدإ حرية اإلثبات املقرر يف املواد التجارية يف مواجهة الطرف الذي‬
‫يعترب العمل موضوع النزاع جتاريا من جانبه‪ ،‬ومبدأ تقييد اإلثبات املقرر يف املواد املدنية جتاه الطرف اآلخر الذي‬
‫يعترب العمل مدنيا بالنسبة له( املبحث األول) ‪.‬‬
‫غري أن املرشع أدخل عىل املبدإ العام الذي يقيض بالتطبيق املزدوج لوسائل اإلثبات عىل األعامل املختلطة‬
‫استثناء نص عليه يف الفقرة األخرية من املادة ‪ 4‬من مدونة التجارة‪ ،‬وهو حالة وجود مقتضيات قانونية خاصة‬
‫توجب إخضاع العمل املختلط بصفة عامة وإثباته بصفة خاصة لقواعد قانونية موحدة تسوي بني التاجر وغري‬
‫التاجر يف اإلثبات (املبحث الثاين)‬
‫املبحث األول‪ :‬خضوع إثبات األعامل املختلطة لنظام قانوين مزدوج كقاعدة عامة‬
‫خيضع اإلثبات يف القانون املغريب للعمل املختلط لنظام قانوين مزدوج‪ ،‬حيث يكون لغري التاجر أن يثبت‬
‫العمل يف مواجهة التاجر بكافة طرق اإلثبات‪ ،‬أما التاجر فال يستطيع أن يثبت العمل يف مواجهة غري التاجر إال‬
‫(((‬
‫باتباع طرق اإلثبات املنصوص عليها يف القانون املدين‪.‬‬

‫(‪ )3‬فؤاد معالل‪ :‬رشح القانون التجاري املغريب اجلديد‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫(‪ )4‬عمرو قريوح‪ :‬احلامية القانونية للمستهلك‪ ،‬القرض االستهالكي نموذجا‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون اخلاص‪ ،‬جامعة‬
‫حممد األول‪ ،‬كلية احلقوق وجدة ‪ ،2007–2006‬ص ‪.420‬‬
‫(‪ )5‬يتم اإلثبات يف القانون املدين بواسطة الوسائل املقررة يف الفصل ‪ 404‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي ينص عىل أن‪:‬‬
‫«وسائل اإلثبات التي يقررها القانون هي‪ - 1 :‬إقرار اخلصم‪ - 2 ،‬احلجة الكتابية‪ - 3 ،‬شهادة الشهود‪ - 4 ،‬القرينة‪ - 5 ،‬اليمني‬
‫والنكول عنها»‪.‬‬
‫وهو إثبات مقيد حيث ينص الفصل ‪ 443‬من ق‪.‬ل‪.‬ع كام تم تعديله بمقتىض املادة ‪ 5‬من القانون ‪ 53-05‬املتعلق بالتبادل‬
‫اإللكرتوين للمعطيات القانونية املنشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5584‬بتاريخ ‪ 6‬دجنرب ‪ 2007‬عىل ما ييل‪« :‬االتفاقيات و غريها‬
‫من األفعال القانونية التي يكون من شأهنا أن تنيشء أو تنقل أو تعدل أو تنهي االلتزامات أو احلقوق‪ ،‬والتي يتجاوز مبلغها أو‬
‫قيمتها عرشة آالف درهم‪ ،‬ال جيوز إثباهتا بشهادة الشهود‪ ،‬ويلزم أن حترر هبا حجة رسمية أو عرفية‪ ،‬وإذا اقتىض احلال ذلك أن‬
‫تعد بشكل إلكرتوين أو أن توجه بطريقة إلكرتونية»‪.‬‬
‫وهذه املادة تقابل ما تنص عليه املادة ‪ 1341‬من القانون املدين الفرنيس‪ ،‬التي جاء فيها ما ييل‪:‬‬
‫‪«Il doit être passé acte devant notaires ou sous signatures privées de toutes choses excédant une somme‬‬
‫‪ou une valeur fixée par décret, même pour dépôts volontaires, et il n’est reçu aucune preuve par témoins‬‬
‫‪contre et outre le contenu aux actes, ni sur ce qui serait allégué avoir été dit avant, lors ou depuis les actes,‬‬
‫‪encore qu’il s’agisse d’une somme ou valeur moindre.‬‬
‫‪Le tout sans préjudice de ce qui est prescrit dans les lois relatives au commerce».‬‬

‫‪62‬‬
‫�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة‬

‫وخيلف إثبات األعامل املختلطة باختالف صفة مدينها‪ ،‬فإن كان تاجرا فإن قواعد اإلثبات املعمول هبا يف‬
‫امليدان التجاري هي املعول عليها‪ ،‬أما إذا كان غري تاجر فإن اإلثبات خيضع للمقتضيات الواردة يف الفصل ‪443‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع والذي هو إثبات مقيد‪ ،‬كلام جتاوزت قيمة االلتزام مبلغ عرشة آالف درهم(((‪.‬‬
‫أما الطرف املدين فيمكنه إثبات ادعاءاته باستعامل كافة وسائل اإلثبات املقررة قانونا إلثبات احلقوق‬
‫وااللتزامات(((‪ ،‬وذلك دون التقييد بأي قيود ال سيام الكتابة التي غالبا ما تكون معقدة ومرتفعة املصاريف(((‪،‬‬
‫وتبعا لذلك يمكنه إثبات أي التزام سواء عن طريق الشهادة أو اإلقرار أو اخلربة أو القرائن أو اليمني أو أي‬
‫وسيلة أخرى برشط أن يقبلها القضاء‪ ،‬حيث إن حرية اإلثبات ال تعني بالرضورة سهولة اإلثبات‪ ،‬فليس من‬
‫السهل عىل الطرف الضعيف أن يقوم بإثبات ادعاءاته يف املنازعات االستهالكية‪ ،‬وذلك ألن القضاة ليسوا‬
‫عىل نفس الدرجة من االقتناع‪ ،‬فمنهم من يقبل القرائن‪ ،‬يف حني يبدي البعض اآلخر تساهال يف قبول أي نوع‬
‫من وسائل اإلثبات(((‪ ،‬ففرض نجاح الطرف املدين يف دعواه تبقى رهينة للسلطة التقديرية للقايض ولقناعته‪،‬‬
‫حيث ينص الفصل ‪ 417‬من قانون االلتزامات والعقود عىل أنه‪ ...« :‬للمحكمة احلق يف تقدير ما تستحقه هذه‬
‫(‪((1‬‬
‫الوسائل من قيمة حسب األحوال‪ ،‬وذلك ما مل يشرتط القانون أو املتعاقدان رصاحة شكال خاصا»‪.‬‬
‫وجيب التأكيد عىل أن تطبيق قواعد اإلثبات بشكل مزدوج عىل النزاع الناشئ عن العمل املختلط ال يتأثر‬
‫بنوع املحكمة التي قد يعرض عليها النزاع‪ ،‬فسواء رفعت الدعوى أمام املحكمة التجارية أو املحكمة املدنية‬
‫فإن ذلك سوف لن يغري يف األمر شيئا‪ ،‬فإذا كانت املحكمة التجارية هي التي تنظر يف النزاع فإهنا تطبق األحكام‬
‫املنصوص عليها يف الفصل ‪ 443‬من ق‪.‬ل‪.‬ع فيام خيص إثبات التزام الطرف الذي يكون العمل مدنيا بالنسبة إليه‬
‫حيث يكون اإلثبات مقيدا‪ ،‬ويف املقابل إذا كان النزاع معروضا عىل أنظار املحكمة املدنية فإنه يتعني عىل هذه‬
‫األخرية تطبيق مقتضيات املادة ‪ 334‬من مدونة التجارة فيام يتعلق بإثبات التزام الطرف الذي يعد العمل جتاريا‬
‫من جانبه‪ ،‬حيث يستفيد الطرف املدين من حرية اإلثبات(‪.((1‬‬

‫(‪ )6‬العريب مياد‪ :‬إشكالية الرتايض يف عقود اإلذعان‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون اخلاص‪ ،‬جامعة حممد اخلامس‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،2001-2000 ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )7‬تنص املادة ‪ 334‬من مدونة التجارة عىل ما ييل‪« :‬ختضع املادة التجارية حلرية اإلثبات‪ ،‬غري أنه يتعني اإلثبات بالكتابة إذا نص‬
‫القانون أو االتفاق عىل ذلك»‪.‬‬
‫(‪ )8‬منري حممد اجلنبيهي وممدوح حممد اجلنبيهي‪ :‬التوقيع اإللكرتوين وحجيته يف اإلثبات‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،2004 ،‬‬
‫ص ‪.57‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب‪ :‬اإلثبات يف املادة التجارية بني احلرية والتقييد‪ ،‬جملة املحامون‪ ،‬العدد ‪ ،6‬السنة ‪ ،1998‬ص ‪.50‬‬
‫(‪ )9‬املهدي منري‪ :‬املظاهر القانونية حلامية املستهلك‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون اخلاص‪ ،‬جامعة حممد األول‪ ،‬كلية احلقوق‪،‬‬
‫وجدة‪ ،2005-2004 ،‬ص ‪.304‬‬
‫(‪ )10‬يوجد مقتىض مشابه ملا قرره الفصل ‪ 417‬من ق‪ .‬ل ‪.‬ع يف القانون املدين اجلزائري الذي تنص املادة ‪ 340‬منه عىل ما ييل‪« :‬يرتك‬
‫لتقدير القايض استنباط كل قرينة مل يقررها القانون‪ ،‬و ال جيوز اإلثبات هبذه القرائن إال يف األحوال التي جييز فيها القانون‪،‬‬
‫واإلثبات بالنية»‪.‬‬
‫كام يوجد مقتىض مشابه نصت عليه املادة ‪ 1353‬من القانون املدين الفرنيس حيث جاء فيها ما ييل‪:‬‬
‫‪«Les présomptions qui ne sont point établies par la loi, sont abandonnées aux lumières et à la prudence‬‬
‫‪du magistrat, qui ne doit admettre que des présomptions graves, précises et concordantes, et dans les‬‬
‫‪cas seulement où la loi admet les preuves testimoniales, à moins que l’acte ne soit attaqué pour cause‬‬
‫‪de fraude ou de dol».‬‬
‫(‪ )11‬احممد لفروجي‪ :‬التاجر وقانون التجارة باملغرب‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1997 ،‬ص ‪.373‬‬

‫‪63‬‬
‫مجلة القضاء التجاري ‪ -‬العدد ‪� - 2‬صيف‪/‬خريف ‪2013‬‬

‫ومن خالل ما سبق يالحظ أن التطبيق املزدوج لوسائل اإلثبات عىل العمل املختلط يعترب يف مصلحة‬
‫الطرف الذي يعد العمل مدنيا بالنسبة إليه أكثر مما يعد يف مصلحة الطرف الذي يكون العمل جتاريا من جانبه‪،‬‬
‫ذلك أن الطرف األول يستطيع وفقا هلذه القاعدة أن يثبت ما يدعيه بكافة وسائل اإلثبات‪ ،‬فيام يتعني عىل‬
‫الطرف الثاين أن يثبت ما يدعيه وفق أحكام القانون املدين‪ ،‬والغرض من ذلك هو إرادة املرشع توفري احلامية‬
‫للمتعاقد الذي يكون التزامه يف العقد التزاما مدنيا من مغبة ما قد يتحمله من تكاليف إضافية وغري مألوفة من‬
‫(‪((1‬‬
‫قبله نتيجة السامح خلصمه الذي يكون التزامه ذا طبيعة جتارية بإعامل قواعد القانون التجاري ضده‪.‬‬
‫ورغم أن قاعدة اإلثبات يف األعامل املختلطة تعمل بشكل واضح يف اجتاه محاية الطرف الذي يعترب العمل‬
‫بالنسبة إليه مدنيا(‪ ،((1‬إال أنه قد ال يتحقق املرجو منها‪ ،‬مادام أن هذه القاعدة يمكن احلد منها‪ ،‬إما بوجود نص‬
‫قانوين خاص(‪ ،((1‬وإما باتفاق الطرفني كام يتضح من صياغة املادة الرابعة من مدونة التجارة يف فقرهتا األخرية‪،‬‬
‫والتي جاء فيها «ما مل ينص مقتىض خاص عىل خالف ذلك»‪ ،‬فعبارة «مقتىض» جاءت يف النص عامة‪ ،‬مما يفيد‬
‫أن املقتىض يمكن أن يكون قانونيا‪ ،‬كام يمكن أن يكون اتفاقيا(‪.((1‬‬
‫ومن جهتنا نعتقد أن االتفاق عىل خمالفة نظام اإلثبات املزدوج يف األعامل املختلطة استنادا إىل املادة الرابعة‬
‫من مدونة التجارة باستعامهلا لعبارة «مقتىض خاص» له ما يدعمه يف القواعد العامة‪ ،‬ذلك أن الفصل ‪ 417‬من‬
‫ق‪ .‬ل‪ .‬ع ملا نظم الدليل الكتايب كوسيلة لإلثبات أتاح للمتعاقدين إمكانية االتفاق عىل ما خيالف ذلك(‪ ،((1‬كام‬
‫أن املادة ‪ 334‬من مدونة التجارة بعدما قررت مبدأ حرية اإلثبات يف املادة التجارية أجازت لألطراف االتفاق‬
‫عىل أن يكون اإلثبات بينهم بالكتابة عىل خالف املبدإ العام (‪ ،((1‬مما جعل البعض يرى أن العمل بمثل هذا‬

‫(‪ )12‬احممد لفروجي‪ :‬التاجر و قانون التجارة باملغرب‪ ،‬م ‪.‬س‪ ،‬ص ‪.373‬‬
‫(‪ )13‬نشري إىل أن بعض الفقه الفرنيس انتقد نظام اإلثبات املزدوج يف األعامل املختلطة بدعوى أنه من غري املنطقي أن ختتلف وسائل‬
‫إثبات عمل بذاته باختالف صفة الطرف امللزم باإلثبات‪ ،‬حيث يؤدي إىل اإلجحاف يف حق الطرف الذي يعترب العمل جتاريا‬
‫بالنسبة إليه‪ ،‬عىل اعتبار أن مطالبة هذا الطرف بإثبات التزام خصمه الذي يفوق مبلغ حدا معينا بواسطة الكتابة يعد من األمور‬
‫التي تتناىف مع ما تقوم عليه التجارة من رسعة يف التعامل وما تستند إليه من ثقة وائتامن‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪- F. Dekeuwer-Défosser: Droit commercial, 10 éme édition, Montchrestien, Paris 2010, p 120.‬‬
‫‪ -‬رقية السحيمي‪ :‬حرية اإلثبات يف امليدان التجاري وفق أحكام الترشيع املغريب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون اخلاص‪،‬‬
‫جامعة حممد اخلامس‪ ،‬كلية احلقوق أكدال‪ ،‬الربا‪ ،2006-2005 ،‬ص ‪.‬‬
‫(‪ )14‬نذكر عىل سبيل املثال‪:‬‬
‫‪ -‬املادة ‪ 338‬من مدونة التجارة التي تستثني إثبات الرهن احليازي من اخلضوع للنظام القانوين املزدوج الذي حيكم إثبات‬
‫األعامل املختلطة حيث تنص عىل ما ييل‪« :‬يثبت الرهن طبقا ألحكام املادة ‪ 334‬بالنسبة للمتعاقدين والغري سواء قام به تاجر‬
‫أو غري تاجر من أجل ضامن عمل من األعامل التجارية…‪.».‬‬
‫‪ -‬املادة ‪ 118‬من قانون رقم ‪ 34-03‬املتعلق بمؤسسات االئتامن واهليآت املعتربة يف حكمها التي وحدت القوة الثبوتية لكشف‬
‫احلساب البنكي يف مواجهة عميل البنك سواء كان تاجرا أو غري تاجر‪ ،‬حيث جاء فيه ما ييل‪« :‬تعتمد كشوف احلسابات التي‬
‫تعدها مؤسسات االئتامن وفق الكيفيات املحددة بمنشور يصدره وايل بنك املغرب‪ ،‬بعد استطالع رأي جلنة مؤسسات االئتامن‪،‬‬
‫يف املجال القضائي باعتبارها وسائل إثبات بينها وبني عمالئها يف املنازعات القائمة بينهام إىل أن يثبت ما خيالف ذلك»‪.‬‬
‫(‪ )15‬عمرو قريوح‪ :‬أطروحته‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.423‬‬
‫(‪ )16‬ينص املقطع األخري من الفصل ‪ 417‬من ق‪ .‬ل ‪.‬ع عىل ما ييل‪ ...« :‬وذلك ما مل يشرتط القانون أو املتعاقدان رصاحة شكال خاصا»‪.‬‬
‫(‪ )17‬نستشف ذلك من العبارة التي جاءت يف املقطع األخري من املادة ‪ 334‬من مدونة التجارة «‪...‬غري أنه يتعني االثبات بالكتابة‬
‫إذا نص القانون أو االتفاق عىل ذلك»‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة‬

‫االتفاق من شأنه أن يؤدي إىل ضياع حقوق الطرف املدين يف العمل املختلط والذي قد يكون مستهلكا‪ ،‬وقد‬
‫ينتج عنه أيضا اختالل التوازن بني األطراف يف العالقة التعاقدية(‪.((1‬‬
‫وقد قرر املرشع الفرنيس يف القائمة امللحقة بنص املادة ‪ 1-132L‬من مدونة االستهالك الفرنسية أن الرشط‬
‫الذي يؤدي إىل تقليص حق املستهلكني يف اختيار وسائل اإلثبات التي خيول هلم القانون احلق يف استعامهلا يعد‬
‫رشطا تعسفيا(‪ ،((1‬وبالتايل فإن مصريها هو البطالن حيث تعترب وكأهنا غري مكتوبة ‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد ال يسعنا إال أن ننوه باملقتىض اهلام الذي جاء به قانون رقم ‪ 31-08‬القايض بتحديد تدابري‬
‫حلامية املستهلك(‪ ((2‬يف الفقرة ‪ 17‬من املادة ‪ 18‬التي اعتربت رشطا تعسفيا كل إلغاء أو عرقلة حلق املستهلك‬
‫يف إقامة دعاوى قضائية‪ ،‬من خالل احلد بوجه غري قانوين من وسائل اإلثبات املتوفرة لديه أو إلزامه بعبء‬
‫اإلثبات الذي يقع عادة عىل طرف آخر يف العقد(‪ ،((2‬وغني عن البيان أنه يرتتب عن وجود الرشط التعسفي‬
‫(‪((2‬‬
‫بطالنه حسب ما نصت عليه املادة ‪ 19‬من نفس القانون‪.‬‬
‫ومن وجهة نظرنا نعتقد بأنه لتحقيق احلامية القانونية للمستهلك بصورة أشمل وأوضح‪ ،‬جيب أن ينضاف‬
‫إىل هذه املادة كل رشط من شأنه أن يقيد من حرية اإلثبات التي يتمتع هبا املستهلك يف مواجهة املهني بمقتيض‬
‫املادة ‪ 4‬من مدونة التجارة‪ ،‬وذلك من أجل تقوية مركز املستهلك‪ ،‬كام نؤيد اقرتاح األستاذ عبد احلميد أخريف‬
‫بإضافة مادة إىل هذا القانون حتمل املهني عبء اإلثبات وتقرر قاعدة جديدة يف هذا املجال عىل الشكل التايل‪:‬‬

‫(‪ )18‬املهدي منري‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.305‬‬


‫(‪ )19‬يعرف األستاذ ‪ J .Calais - Auloy‬الرشط التعسفي عىل أنه‪« :‬الرشط املحرر مسبقا من جانب الطرف األكثر قوة ويمنح هلذا‬
‫األخري ميزة مفرطة عىل حساب الطرف اآلخر»‪.‬‬
‫‪«Est abusive la clause qui pré rédigée par la partie la plus puissante, accorde à cette dernière un avantage‬‬
‫‪excessive sur l’autre».‬‬
‫‪- J. Calais- Auloy: Droit de la consommation, 3ème édition, Dalloz, Paris, 1992, p 134 .‬‬
‫كام عرفته ذة أمينة ناعمي عىل أنه‪« :‬الرشط الذي يؤدي إىل اختالل يف حقوق والتزامات املتعاقدين عىل حساب املستهلكني»‪.‬‬
‫‪ -‬أمينة ناعمي‪ :‬أحكام الرشط يف القانون املدين املغريب عىل ضوء الفقه واالجتهاد القضائي – دراسة مقارنة‪ -‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه يف القانون اخلاص‪ ،‬جامعة احلسن الثاين عني الشق‪ ،‬كلية احلقوق الدار البيضاء‪ 2007-2006 ،‬ص ‪.262‬‬
‫لالطالع أكثر حول مفهوم الرشوط التعسفية تراجع الدراسات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬مجيلة لعامري‪ :‬احلامية القانونية للمستهلك من الرشوط التعسفية‪ ،‬جملة طنجيس للقانون واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،2007 - 6‬ص ‪.182‬‬
‫‪ -‬إدريس الفاخوري‪ :‬احلامية القانونية للمستهلك من الرشوط التعسفية‪ ،‬جملة طنجيس للقانون واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ 3‬لسنة‬
‫‪ 2003‬ص ‪ 63‬وما بعدها ‪.‬‬
‫(‪ )20‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5932‬بتاريخ ‪ 7‬أبريل ‪.2011‬‬
‫(‪ )21‬تنص الفقرة ‪ 17‬من قانون رقم ‪ 31-08‬القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك عىل ما ييل‪:‬‬
‫«‪ ...‬تعترب الرشوط تعسفية إذا كانت تتوفر فيها رشوط املادة ‪ 15‬أعاله‪ ،‬و يكون الغرض منها أو يرتتب عليها ما ييل‪:‬‬
‫(‪ - 17 )...‬إلغاء أو عرقلة حق املستهلك يف إقامة دعاوى قضائية أو اللجوء إىل طرق الطعن‪ ،‬و ذلك باحلد بوجه غري قانوين‬
‫من وسائل اإلثبات املتوفرة لدي»‬
‫(‪ )22‬تنص املادة ‪ 19‬من قانون رقم ‪ 31-08‬القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك عىل ما ييل‪« :‬يعترب باطال والغيا الرشط التعسفي‬
‫الوارد يف العقد املربم بني املورد واملستهلك‪ .‬تطبق باقي مقتضيات العقد األخرى مطبقة إذا أمكن أن يبقى العقد قائام بدون‬
‫الرشط التعسفي املذكور»‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫مجلة القضاء التجاري ‪ -‬العدد ‪� - 2‬صيف‪/‬خريف ‪2013‬‬

‫«يعترب املستهلك يف وضعية املدعى عليه يف الدعوى من زاوية عبء اإلثبات”(‪.((2‬‬


‫حيث إن إضافة هذه القاعدة سيؤدي ال حمالة إىل التخفيف من رصامة القواعد العامة لإلثبات (‪ ،((2‬والتي‬
‫تقيض بأن عبء اإلثبات يقع عىل مدعيه(‪ ،((2‬خاصة وأنه مل حيصل تقدم كبري عىل مستوى تطوير قواعد اإلثبات‬
‫لصالح املستهلك حتى يف القوانني املقارنة احلديثة‪ ،‬فال زالت القاعدة العامة هي التي تطبق‪ “ :‬املستهلك يثبت‬
‫وجود االلتزام واملهني يثبت تنفيذه»‪ ،‬بل إن هذه القاعدة تطبق فقط إذا ادعى املستهلك عدم حصول التنفيذ‬
‫باملرة‪ ،‬أما إذا ادعى تنفيذا معيبا مثال‪ ،‬فيبقى عليه عبء اإلثبات(‪.((2‬‬
‫وقد أحسن املرشع املغريب صنعا ملا قرر يف قانون ‪ 31-08‬حتميل املهني عبء اإلثبات يف حالة وقوع نزاع‬
‫حول عقد يتضمن رشطا تعسفيا‪ ،‬حيث أوجب عىل املهني اإلدالء بام يثبت الطابع غري التعسفي للرشط‬
‫موضوع النزاع(‪.((2‬‬
‫هذا باختصار عن املبدإ العام املقرر بالنسبة لإلثبات يف األعامل املختلطة‪ ،‬ليبقى السؤال املطروح هو‪ :‬ما‬
‫هي االستثناءات التي أدخلها املرشع عىل هذا املبدإ بمقتىض ق‪.‬ل‪.‬ع أو مدونة التجارة أو القوانني التجارية‬
‫اخلاصة والتي جتعل إثبات األعامل املختلطة خاضعا لنظام قانوين موحد؟‬
‫املبحث الثاين‪ :‬خضوع إثبات األعامل املختلطة لنظام قانوين موحد كاستثناء‬
‫إذا كانت القاعدة العامة هي التطبيق املزدوج لوسائل اإلثبات عىل األعامل املختلطة‪ ،‬فإنه وعمال باالستثناء‬
‫املنصوص عليه يف الفقرة األخرية من املادة ‪ 4‬من مدونة التجارة توجد نصوص قانونية توجب إخضاع إثبات‬
‫األعامل املختلطة لقواعد قانونية موحدة تسوي بني التاجر وغري التاجر يف اإلثبات يف حاالت معينة‪ ،‬ومن بينها‬
‫االستثناءات الواردة يف الفصول ‪ 443‬و‪ 447‬و‪ 448‬من ق‪.‬ل‪.‬ع (أوال)‪ ،‬ثم حالة إثبات الرهن احليازي التجاري‬
‫رغم قيامه بني شخص تاجر وآخر غري تاجر‪ ،‬حيث خيضع حلرية اإلثبات وفق ما نصت عليه املادة ‪ 338‬من‬
‫مدونة التجارة(ثانيا)‪ ،‬ثم حالة إثبات البنك مديونية العميل غري التاجر بواسطة كشف احلساب حيث قررت‬
‫املادة ‪ 118‬من قانون ‪ 34-03‬املتعلق بمؤسسات االئتامن واهليآت املعتربة يف حكمها منح هذا الكشف قوة إثباتية‬
‫رغم أنه دليل من صنع البنك وذلك يف مواجهة كل من العميل التاجر والعميل غري التاجر (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االستثناءات الواردة يف قانون االلتزامات والعقود‬
‫استثناء من القاعدة العامة املقررة بخصوص إثبات األعامل املختلطة‪ ،‬فإنه باستقراء مضامني الفصول ‪443‬‬
‫و‪ 447‬و‪ 448‬من ق‪.‬ل‪.‬ع يتبني لنا أن املرشع قد خرج عن هذا األصل ليخضع إثبات األعامل املختلطة لقواعد‬
‫قانونية موحدة‪ ،‬وبالتايل أجاز فيها للطرف التاجر إثبات التزام خصمه الذي يعد العمل مدنيا من جانبه بكافة‬
‫وسائل اإلثبات بام يف ذلك شهادة الشهود‪ ،‬وذلك يف احلاالت التالية‪:‬‬

‫(‪ )23‬عبد احلميد أخريف‪ :‬قراءة يف مرشوع قانون رقم ‪ 31-08‬القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلكني‪ ،‬جملة القانون االقتصادي‪،‬‬
‫العدد ‪ ،2010 ،3‬ص ‪.212‬‬
‫(‪ )24‬يراجع يف هذا الشأن القسم السابع من الكتاب األول من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬واملواد من ‪ 1315‬إىل ‪ 1369‬من القانون املدين الفرنيس‪.‬‬
‫(‪ )25‬كام ينص عىل ذلك الفصل ‪ 399‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬
‫(‪ )26‬عبد احلميد أخريف‪ :‬احلقوق القضائية للمستهلك‪ ،‬جملة املعيار‪ ،‬العدد ‪ ،38‬دجنرب ‪ ،2007‬ص ‪. 31-30‬‬
‫(‪ )27‬الفقرة األخرية من املادة ‪ 18‬من قانون رقم ‪ 31-08‬القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة‬

‫‪ - 1‬حالة عدم جتاوز قيمة العمل املختلط مبلغ عرشة آالف درهم‬
‫يمكن للتاجر الذي يعترب العمل جتاريا من جانبه أن يثبت التزام خصمه الذي يعد العمل مدنيا من جانبه‬
‫بكافة وسائل اإلثبات‪ ،‬وذلك يف حالة ما إذا كان املبلغ املتنازع عليه ال يتجاوز مبلغ عرشة آالف درهم‪ ،‬وهو‬
‫املبلغ الذي حدده الفصل ‪ 443‬من ق‪.‬ل‪.‬ع لتقييد اإلثبات بالدليل الكتايب‪ ،‬وقد كان هذا املبلغ قبل التعديل‬
‫األخري الذي طرأ عىل الفصل ‪ 443‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بمقتىض املادة ‪ 5‬من القانون ‪ 53-05‬املتعلق بالتبادل اإللكرتوين‬
‫للمعطيات القانونية (‪ ((2‬حمددا يف ‪ 250‬دمها فقط‪ ،‬ففي هذه احلالة خيضع إثبات العمل املختلط لقواعد قانونية‬
‫موحدة حيث يمكن للتاجر ولغري التاجر إثبات االلتزام وفق مبدإ حرية اإلثبات مادامت قيمة االلتزام ال‬
‫تتجاوز املبلغ املذكور‪.‬‬
‫‪ - 2‬حالة وجود بداية حجة بالكتابة‬
‫نص عىل هذه احلالة الفصل ‪ 447‬من ق ل ع الذي ورد فيه‪« :‬ال تطبق األحكام املقررة فيام سبق عندما‬
‫توجد بداية حجة بالكتابة‪.‬‬
‫وتسمى بداية حجة بالكتابة كل كتابة كانت صادرة ممن حيتج هبا عليه أو ممن أنجز إليه احلق عنه أو ممن‬
‫ينوب عنه‪.‬‬
‫وتعترب صادرة من اخلصم كل حجة حيررها بناء عىل طلبه‪ ،‬موظف رسمي خمتص‪ ،‬يف الشكل الذي جيعلها‬
‫حجة يف اإلثبات‪ ،‬وكذلك أقوال اخلصوم الواردة يف حمرر أو يف حكم قضائي صحيحني شكال»‪.‬‬
‫ويتعني لوجود بداية احلجة بالكتابة أن تقدم يف اإلثبات ورقة مكتوبة ال تشكل دليال كتابيا كامال بل يقترص‬
‫دورها عىل تأييد دليل موجود‪ ،‬ذلك أن القايض يكون قد اجتاز مراحل يف سبيل تكوين قناعاته ومل يبق أمامه إال‬
‫أن يكمل هذه القناعة بواسطة الشهادة أو القرائن ‪.‬‬
‫ويراد بالكتابة التي قد تشكل بداية كل حمرر أو ورقة مكتوبة أيا كانت‪ ،‬فال يشرتط فيها الشكل أو التوقيع‬
‫وال أن تكون معدة لإلثبات‪ ،‬و قد تكون هذه الورقة سندا أو رسالة أو مذكرة خاصة أو أقواال يف حمرض حتقيق‬
‫أو يف حمرض استجواب أو يف مذكرة قدمها اخلصم يف الدعوى أو غريها‪.‬‬
‫ولكن يشرتط العتبار هذه الورقة وغريها بداية حجة كتابية أن تصدر ممن حيتج هبا عليه أو ممن أنجز إليه‬
‫احلق أو من نائبه‪ ،‬فإذا توفرت هذه الرشوط والظروف فإن التاجر يعفى من التقييد الوارد عىل مستوى إثبات‬
‫العمل املختلط يف مواجهة الطرف املدين‪ ،‬وبالتايل خيضعان معا لقواعد قانونية موحدة‪.‬‬
‫‪ - 3‬حالة فقدان السند الكتايب‬
‫جيوز عىل سبيل االستثناء للتاجر يف مواجهة الطرف املدين اإلثبات عن طريق الشهادة وغريها من وسائل‬
‫اإلثبات يف حالة فقدان احلجة الكتابية‪ ،‬فقد ورد يف هذا الشأن يف الفصل ‪ 448‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫املغريب مقتىض خاص يعفي التاجر من مبدإ تقييد اإلثبات يف مواجهة غري التاجر حيث جاء فيه ما ييل‪« :‬استثناء‬
‫من األحكام السابقة يقبل اإلثبات بشهادة الشهود ‪:‬‬

‫(‪ )28‬املنشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5584‬بتاريخ ‪ 6‬دجنرب ‪.2007‬‬

‫‪67‬‬
‫مجلة القضاء التجاري ‪ -‬العدد ‪� - 2‬صيف‪/‬خريف ‪2013‬‬

‫‪ - 1‬يف كل حالة يفقد فيها اخلصم املحرر الذي يتضمن الدليل الكتايب اللتزام له أو للتحليل من التزام عليه‪،‬‬
‫نتيجة حادث فجائي أو قوة قاهرة أو رسقة‪ ،‬وختضع األوراق النقدية والسندات حلاملها ألحكام خاصة‪»...‬‬
‫فرضورة االستثناء يف هذه احلالة واضحة جلية ذلك أنه جيوز أن حتل الشهادة حمل الدليل الكتايب إلثبات‬
‫ما تفوق قيمته عرشة آالف درهم‪ ،‬ألن احلجة الكتابية املتطلبة لإلثبات قد وجدت فعال و لكنها ضاعت بدون‬
‫تقصري من حاملها‪ ،‬حيث راعى املرشع الوضعية احلرجة التي قد يوجد عليها التاجر الذي فقد الدليل الكتايب‬
‫بعدما وجد‪ ،‬وذلك صيانة حلقوقه(‪.((2‬‬
‫‪ - 4‬حالة وجود املانع من احلصول عىل دليل كتايب‬
‫نص عىل هذه احلالة املرشع يف الفقرة الثانية من الفصل ‪ 448‬من ق‪.‬ل‪.‬ع حيث جاء فيه ما ييل‪« :‬استثناء من‬
‫األحكام السابقة يقبل اإلثبات بشهادة الشهود ‪:‬‬
‫(‪ - 2 )...‬إذا تعذر عىل الدائن احلصول عىل دليل كتايب إلثبات االلتزام كاحلالة التي تكون فيها االلتزامات‬
‫ناشئة عن شبه العقود وعن اجلرائم واحلالة التي يراد فيها إثبات وقوع غلط مادي يف كتابة احلجة أو حالة‬
‫الوقائع املكونة لإلكراه أو الصورية أو االحتيال أو التدليس التي تعيب الفعل القانوين وكذلك األمر بني التجار‬
‫فيام خيص الصفقات التي مل جتر العادة بتطلب الدليل الكتايب إلثباهتا‪.‬‬
‫تقدير احلاالت التي يتعذر فيها عىل الدائن احلصول عىل الدليل الكتايب موكول حلكمة القايض»‬
‫وعليه‪ ،‬إذا تعذر عىل التاجر احلصول عىل الدليل الكتايب نتيجة لألسباب الواردة يف الفقرة املذكور أعاله‪،‬‬
‫فإنه يمكن للتاجر أن يثبت االلتزام بشهادة الشهود يف مواجهة الطرف املدين يف العمل املختلط وإن جتاوزت‬
‫قيمة النزاع عرشة آالف درهم‪،‬غري أن تقدير احلاالت التي يتعذر فيه عىل الدائن احلصول عىل الدليل الكتايب‬
‫موكول حلكمة القايض(‪.((3‬‬
‫ثانيا‪ :‬حالة إثبات الرهن احليازي التجاري‬
‫يقوم الرهن احليازي عىل نقل حيازة الضامن العيني للدائن‪ ،‬حيث يبقى هذا األخري حائزا عليه إىل غاية‬
‫استحقاق الدين‪ ،‬فإن مل يدفع املدين ما عليه من دين للدائن‪ ،‬يعمل هذا األخري عىل بيع الضامن العيني طبقا‬
‫لإلجراءات القانونية ليستويف حقه منه(‪.((3‬‬

‫(‪ )29‬عز الدين بنستي‪ :‬دراسات يف القانون اجلاري املغريب‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص ‪.180‬‬
‫(‪ )30‬بيد أن املحكمة ال جيوز هلا أن تثري من تلقاء نفسها وجود املانع الذي تعذر معه عىل الدائن احلصول عىل الدليل الكتايب‪ ،‬بل‬
‫جيب التمسك به من قبل من هيمه االمر‪ ،‬وحكمة القايض يف حالة استعملها ملصلحة التاجر يف مثل هذه احلاالت االستثنائية‬
‫لن تيسء إىل غري التاجر ما دام أن حرية اإلثبات هي الواجبة التطبيق يف مواجهة الطرفني معا‪ ،‬وهذا يعني توحيد وسائل‬
‫اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -‬عز الدين بنستي‪ :‬دراسات يف القانون التجاري املغريب ن اجلزء األول‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.180‬‬
‫(‪ )31‬رشيف زهار أمال قوسم‪ :‬القرض الفالحي يف الترشيع اجلزائري‪ ،‬رسالة لنيل املاجستري يف العقود و املسؤولية‪ ،‬جامعة اجلزائر‪،‬‬
‫كلية احلقوق و العلوم اإلدارية‪ ،2001-2000 ،‬ص ‪.106‬‬

‫‪68‬‬
‫�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة‬

‫وقد عرفته املادة ‪ 145‬من مدونة احلقوق العينية(‪ ((3‬كام ييل‪« :‬الرهن احليازي حق عيني يتقرر عىل ملك‬
‫يعطيه املدين أو كفيله العيني إىل الدائن املرهتن لضامن الوفاء بدين‪ ،‬وخيول الدائن املرهتن حق حيازة املرهون‬
‫وحق حبسه إىل أن يستويف دينه‪ .‬ترسي عىل الرهن احليازي أحكام الرهن الرسمي إذا تعلق بملك حمفظ»‪.‬‬
‫وقد نظم املرشع املغريب الرهن احليازي يف الفصول من ‪ 1170‬إىل ‪ 1240‬من ق‪ .‬ل ‪.‬ع‪ ،‬واملواد من ‪ 145‬إىل‬
‫‪ 164‬من مدونة احلقوق العينية‪ ،‬باإلضافة إىل املواد من ‪ 337‬إىل ‪ 354‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫ويعترب املرشع املغريب الرهن احليازي عقدا شكليا‪ ،‬حيث ال ينعقد بمجرد ترايض طرفيه عىل إنشائه‪ ،‬بل‬
‫جيب إفراغه يف حمرر رسمي وال يصح إال ملدة معينة (‪ ،((3‬والكتابة يف هذه احلالة مشرتطة لنشوء الرهن‪ ،‬وليس‬
‫فقط من أجل إثباته و تقييده يف السجل العقاري(‪.((3‬‬
‫وإذا كانت القاعدة يف األعامل املختلطة خضوعها لنظام قانوين مزدوج‪ ،‬مفاده تطبيق قواعد القانون املدين‬
‫عىل الطرف الذي يعد العمل بالنسبة إليه مدنيا‪ ،‬و قواعد القانون التجاري عىل الذي يعد العمل بالنسبة إليه‬
‫جتاريا‪ ،‬فان املرشع و تطبيقا منه لالستثناء املنصوص عليه يف الفقرة األخرية من املادة الرابعة من مدونة التجارة‬
‫التي توجب إخضاع بعض األعامل املختلطة لنظام قانوين موحد حالة وجود مقتىض خاص‪ ،‬جعل إثبات‬
‫الرهن احليازي التجاري من االستثناءات القانونية التي ختضع لنظام قانوين موحد وهو القانون التجاري رغم‬
‫قيامه بني شخص تاجر وآخر غري تاجر‪ ،‬حيث ال يمكن للطرف املدين أن يتمسك بمطالبة خصمه بالدليل‬
‫الكتايب وفقا للفصل ‪ 443‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬وذلك استنادا إىل نص املادة ‪ 338‬من مدونة التجارة التي جاء فيها ما ييل‪:‬‬
‫«يثبت الرهن احليازي طبقا ألحكام املادة ‪ 334‬بالنسبة للمتعاقدين والغري‪ ،‬سواء قام به تاجر أو غري تاجر من‬
‫أجل ضامن عمل من األعامل التجارية»(‪.((3‬‬
‫ومن املعلوم أن املادة ‪ 334‬من مدونة التجارة تقرر مبدأ حرية اإلثبات يف املواد التجارية حيث تنص عىل أنه‪:‬‬
‫«ختضع املادة التجارية حلرية اإلثبات‪ ،‬عىل أنه يتعني اإلثبات بالكتابة إذا نص القانون أو االتفاق عىل ذلك»‪.‬‬
‫والغاية من تقرير هذا احلكم من طرف املرشع أي فرض قانون موحد فيام خيص إثبات الرهن احليازي‬
‫وإخضاعه بالتايل للقانون التجاري القايض بمبدأ حرية اإلثبات بالرغم من كونه عمال خمتلطا‪ ،‬هو الزيادة يف‬
‫فعالية هذا الضامن العيني باعتباره وسيلة من وسائل االئتامن التجاري‪ ،‬وحترير إثباته من القيود املدنية البطيئة‬
‫املتمثلة يف رضورة الكتابة والتصديق عىل التوقيعات وغريها من اإلجراءات املعتمدة(‪. ((3‬‬

‫(‪ )32‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ 24‬نونرب ‪.2011‬‬


‫(‪ )33‬تنص املادة ‪ 147‬من مدونة احلقوق العينية عىل ما ييل‪« :‬يشرتط لصحة الرهن احليازي أن يربم يف حمرر رسمي وأن يكون ملدة‬
‫معينة»‪.‬‬
‫‪(34) Paul Decraux: Droit foncier Marocain, 2 édition, édition la porte, rabat 1977, p405‬‬
‫‪ème‬‬

‫(‪ )35‬يقابل هذا املقتىض نص املادة ‪ 30‬من القانون التجاري اجلزائري حيث نصت عىل ما ييل‪« :‬يثبت الرهن املتمم من تاجر أو غري‬
‫تاجر ألجل عمل من األعامل التجارية جتاه الغري وبالنسبة للمتعاقدين طبقا ألحاكم املادة ‪ 30‬أعاله»‪.‬‬
‫وقد عددت املادة ‪ 30‬من القانون التجاري اجلزائري وسائل إثبات املعامالت التجارية بصورة جتعلها خاضعة حلرية اإلثبات‬
‫حيث جاء فيها ما ييل‪« :‬يثبت كل عقد جتاري ‪ -‬بسندات رسمية‪ - .‬بسندات عرفية‪ - .‬بفاتورة مقبولة‪ - .‬بالرسائل‪ - .‬بدفاتر‬
‫االطراف‪ - .‬باإلثبات بالبينة أو أي وسيلة أخرى إذا رأت املحكمة وجوب قبوهلا»‪.‬‬
‫(‪ )36‬فؤاد معالل‪ :‬رشح القانون التجاري املغريب اجلديد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪69‬‬
‫مجلة القضاء التجاري ‪ -‬العدد ‪� - 2‬صيف‪/‬خريف ‪2013‬‬

‫وعليه فإننا نعترب أن ما جاء يف املادة ‪ 338‬من مدونة التجارة ضامنة فعالة وضعها املرشع حلامية الدائنني‬
‫املرهتنني والبنوك‪ ،‬من خالل إعفائهم من إثبات الرهن احليازي كتابة يف مواجهة املدين الراهن‪ ،‬رغم أنه يعد‬
‫طرفا مدنيا تطبق عليه قواعد القانون املدين من حيث املبدأ حسب ما تقرره نظرية األعامل املختلطة‪ ،‬و هذا من‬
‫شأنه تدعيم االئتامن الذي يشكل عصب الرواج التجاري واالقتصادي‪ .‬فيكفي أن يكون العمل جتاريا بالنسبة‬
‫ألحد املتعاقدين لكي يعترب الرهن احليازي من قبل أي منهام ألجل ضامن هذا العمل رهنا حيازيا‪ ،‬وخيضع‬
‫بالتايل ألحكام القانون التجاري بالنسبة للطرفني معا والغري سواء من حيث إثباته أو نفاذه(‪.((3‬‬
‫ثالثا‪ :‬حالة إثبات مديونية الزبون غري التاجر بواسطة كشف احلساب البنكي‪.‬‬
‫يعترب كشف احلساب من أهم الوسائل التي تعتمدها البنوك إلثبات عدم أداء الزبون اللتزامه التعاقدي‪،‬‬
‫حيث أفرز العرف البنكي التعامل هبذه الوثيقة التي تستند أساسا عىل الدفاتر التجارية التي متسكها البنوك‪،‬‬
‫وتوظفها إلثبات مديونيتها جتاه الزبناء‪.‬‬
‫ويعرف كشف احلساب عىل أنه اجلرد الشامل ملختلف العمليات الواردة عىل حساب الزبون واملسجلة يف‬
‫اخلانتني الدائنة واملدينة‪ ،‬والذي يظهر حالة احلساب والرصيد به‪ ،‬ويتم إعداده من قبل مؤسسات االئتامن وفق‬
‫نموذج حيدده وايل بنك املغرب بعد موافقة جلنة مؤسسات االئتامن (‪ ،((3‬وجيب أن يبني أساسا وبشكل ظاهر‬
‫سعر الفوائد والعموالت ومبلغها وكيفية احتساهبا(‪.((3‬‬
‫وحسب تعريف آخر فإن كشف احلساب يتجسد يف ضلعني أحدمها دائن تسجل فيه الدفوع‪ ،‬واآلخر‬
‫مدين تسجل فيه السحوب والفوائد املدينة‪ ،‬والفرق بني جمموع الضلعني يسمى رصيدا قد يكون مدينا أو دائنا‬
‫حسب سلبية أو إجيابية الفرق بني الضلعني(‪ ،((4‬أو بعبارة أخرى هو جرد مسجل فيه حق الديون املتبادلة‪ ،‬ففي‬
‫جانب يسجل القرض ويف اجلانب اآلخر املديونية(‪.((4‬‬

‫(‪ )37‬احممد لفروجي‪ :‬التاجر و قانون التجارة باملغرب‪ ،‬م ‪.‬س‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫(‪ )38‬نشري يف هذا الصدد إىل صدور دورية لوايل بنك املغرب حتت رقم ‪ 98/04‬بتاريخ ‪ 5‬مارس ‪ 1998‬ودخلت حيز التنفيذ منذ‬
‫بداية أكتوبر ‪ ،1998‬بعد موافقة جلنة مؤسسات االئتامن‪ ،‬تتكون الدورية من ديباجة وثامنية فصول‪ ،‬فالبعض جاء بصيغة‬
‫اإللزام وهو ما جاء يف مضامني الفصل األول والثاين والثالث والرابع‪ ،‬أما البعض اآلخر فجاء بطريقة اختيارية أي ما يفيد‬
‫جتريده من أي إلزام‪ ،‬وذلك يف الفصل اخلامس والسادس والسابع‪ ،‬أما الفصل االخري فقد اقترص عىل بيان تاريخ دخول هذه‬
‫الدورية حيز التنفيذ‪.‬‬
‫ولقد حددت الدورية يف فصلها األول املعلومات التي جيب أن يتضمنها كشف احلساب‪ ،‬خاصة تلك التي حتدد هوية املؤسسة‬
‫البنكية‪ ،‬التسمية‪ ،‬العنوان‪ ،‬املقر االجتامعي‪ ،‬الوكالة‪ ،‬عنارص تعريف صاحب احلساب‪ ،‬رقم احلساب‪ ،...‬فيام ألزم الفصل‬
‫الثاين مؤسسات االئتامن تضمني الكشف للمعلومات املتعلقة باحلساب من حيث مبلغه ونوعه‪ ،‬خانة الدائنية واملديونية‪،‬‬
‫تاريخ التنفيذ‪ ،‬نسبة الفائدة املطبقة‪ ،‬كيفية احتساب الفوائد‪ ،‬سعر الرصف املطبق‪ ،‬طبيعة كل عملة متحصلة‪ ،‬طبيعة وقيمة كل‬
‫رسم أو مصاريف مضمنة يف الكشف مثل مصاريف اهلاتف‪ ،‬الطوابع‪ ،‬الفاكس‪ ،‬الرضيبة عىل القيمة املضافة وغريها ‪.‬‬
‫(‪ )39‬حممد احلارثي‪ :‬االجتهاد القضائي التجاري للمجلس األعىل‪ ،‬مداخلة يف إطار ندوة «عمل املجلس األعىل والتحوالت‬
‫االقتصادية واالجتامعية»‪ ،‬منشورات املجلس االعىل‪ ،‬مطبعة االمنية‪ ،‬الرباط‪ ،1999 ،‬ص ‪.576‬‬
‫‪(40) Mohamed Azzedine Berrada: Les techniques de banque de crédit et de commerce extérieur au‬‬
‫‪Maroc, 4 éme édition S.E.C.E.A, Casablanca, 2000, p 159‬‬
‫‪(41) Mohamed Drissi Alami Machichi, Droit commercial fondamental au Maroc, Imprimerie Fédala,‬‬
‫‪Mohammedia, 2006, p 241.‬‬

‫‪70‬‬
‫�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة‬

‫ويعد كشف احلساب من الوسائل اخلاصة باإلثبات يف امليدان التجاري‪ ،‬والتي نص عليها املرشع يف املادة‬
‫‪ 492‬من مدونة التجارة‪ ،‬حيث نصت عىل أنه «يكون كشف احلساب وسيلة إثبات وفق رشوط املادة ‪ 106‬من‬
‫الظهري الرشيف رقم ‪ 1.93.147‬الصادر يف ‪ 15‬من حمرم ‪ 6( 1414‬يوليو ‪ )1993‬املعترب بمثابة قانون يتعلق بنشاط‬
‫مؤسسات االئتامن ومراقبتها»‪.‬‬
‫وبالرجوع للفصل ‪ 106‬من قانون نشاط مؤسسات االئتامن ومراقبتها امللغى(‪ ،((4‬نجده ينص عىل أن‬
‫«كشوف احلسابات التي تعدها مؤسسات االئتامن وفق الكيفية التي حيددها وايل بنك املغرب بعد موافقة جلنة‬
‫مؤسسات االئتامن تعتمد يف امليدان القضائي باعتبارها وسائل إثبات بني املؤسسات وعمالئها من التجار يف‬
‫املنازعات التي تنشأ فيام بينهم إىل أن يثبت ما خيالف ذلك»‪.‬‬
‫وبالنظر إىل املادتني معا ‪ 492‬من مدونة التجارة و‪ 106‬من ظهري ‪ 6‬يوليو ‪ 1993‬امللغى‪ ،‬يتضح أن املرشع‬
‫املغريب أجاز اعتامد كشف احلساب كوسيلة لإلثبات أمام القضاء بشأن النزاعات الناشئة بني مؤسسات االئتامن‬
‫وزبنائها من التجار فقط‪ ،‬ولو أن الكشف من إعداد وصنع هذه املؤسسات (‪ ،((4‬وذلك استثناء من القاعدة‬
‫املقررة يف جمال اإلثبات‪ ،‬والتي تقيض بأنه ال جيوز للمدعي أن يضع دليال لنفسه(‪ ،((4‬مما يعني أن القوة اإلثباتية‬
‫لكشف احلساب كانت يف ظل القانون املتعلق بمؤسسات االئتامن ومراقبتها امللغى تنحرص يف مواجهة العميل‬
‫التاجر‪ ،‬أما العميل غري التاجر فال يمكن مواجهته بكشف احلساب كوسيلة إلثبات مديونيته‪ ،‬وهذا يدل عىل‬
‫مالءمة هذا املقتىض للقاعدة العامة التي تنص عليها املادة ‪ 4‬من مدونة التجارة واملتعلقة باألعامل املختلطة‪،‬‬
‫حيث يتم التمييز من خالهلا بني الطرف التاجر والطرف املدين‪ ،‬إذ يتحتم إخضاع األعامل التي جتمع بينهام‬
‫لنظام قانوين مزدوج‪ ،‬فال يمكن مواجهة الطرف املدين إال بوسائل اإلثبات املدنية ‪.‬‬

‫(‪ )42‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 4210‬بتاريخ ‪ 1993/07/07‬الصفحة ‪.1156‬‬


‫(‪ )43‬تعترب بعض املحاكم أن الكشوف احلسابية هي نظائر مشهود من قبل البنك بصحة مطابقتها لألصل الذي هو الدفاتر التجارية‬
‫املستخرجة منها‪ ،‬حيث جاء يف حكم صادر عن املحكمة التجارية بوجدة ما ييل‪ ...« :‬وحيث إن الكشوفات احلسابية املشهود‬
‫بمطابقتها ألصل الدفاتر التجارية املمسوكة بني يدهيا بانتظام تقوم حجة اجتاه الزبون التاجر ما مل ينازع يف مضموهنا منازعة‬
‫جدية»‪ - .‬حكم املحكمة التجارية بوجدة‪ ،‬عدد ‪ ،2007/07‬بتاريخ ‪ 09‬يناير ‪ ،2007‬ملف رقم ‪ 5/06/185‬غري منشور‬
‫وقد دافع بعض الفقه بقوة عن هذا التوجه حيث يرى أن اعتبار الكشوف احلسابية نظائر مشهود من طرف البنك بمطابقتها‬
‫لألصل جيد سنده القانوين يف الفصل ‪ 433‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬الذي ينص عىل أنه «إذا تضمنت دفاتر التاجر تقييدا صادرا من اخلصم‬
‫اآلخر أو اعرتافا مكتوبا منه أو إذا طابقت نظريا موجودا يف يد هذا اخلصم فإهنا تكون دليال تاما لصاحبها وعليه»‪.‬‬
‫‪- Fassi Fihri Mohamed: Les moyens de preuve des créances du banquier et les procédures de‬‬
‫‪recouvrement, R.M.D.E.D, N : 16, 1988, p 141‬‬
‫غري أن إشهاد البنك عىل نفسه ال يعني شيئا‪ ،‬ذلك أن واقعة اإلثبات باملطابقة تعترب واقعة مادية من صميم القانون‪ ،‬وليس‬
‫من عمل األطراف‪ ،‬وذلك وفق ما نص عليه املرشع املغريب يف الفصل ‪ 440‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي جاء فيه‪« :‬النسخ املأخوذة عن‬
‫أصول الوثائق الرسمية والوثائق العرفية هلا نفس قوة اإلثبات التي ألصوهلا‪ ،‬إذا شهد بمطابقتها هلا املوظفون الرسميون‬
‫املختصون بذلك يف البالد التي أخذت فيها النسخ‪ ،»...‬مما يعني أن اجلهة املختصة باستصدار النسخ املطابقة لألصل هي‬
‫املوظفون الرسميون املختصون وليس مستخدمو األبناك‪ ،‬وهذا ال ينطبق عىل ما جيري العمل به عىل مستوى املامرسة البنكية‬
‫من إشهاد األبناك بنفسها عىل صحة مطابقة ما تدونه هي بكشوفها احلسابية للبيانات الواردة بدفاترها املمسوكة بني يدهيا‪،‬‬
‫للتوسع يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬مصطفى الوصبي‪ ،‬حجية الكشوف احلسابية‪ ،‬مظاهر االختالل ففي الترشيع وعمل القضاء‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬مطبعة دار‬
‫السالم‪ ،‬الرباط‪ ،2005 ،‬ص ‪.197‬‬
‫(‪ )44‬عمرو قريوح‪ :‬القوة اإلثباتية لكشف احلساب جتاه الزبون غري التاجر‪ ،‬جملة املحاكم التجارية‪ ،‬العدد الثاين‪ ،‬دجنرب ‪ ،2006‬ص ‪.87‬‬

‫‪71‬‬
‫مجلة القضاء التجاري ‪ -‬العدد ‪� - 2‬صيف‪/‬خريف ‪2013‬‬

‫وقد كان مرشوع قانون ‪ 95/15‬املتعلق بمدونة التجارة ال يميز من حيث حجية كشف احلساب يف اإلثبات‬
‫بني التاجر وغري التاجر(‪ ،((4‬حيث كانت الصيغة األوىل للامدة ‪ 492‬تنص عىل أنه «يكون كشف احلساب وسيلة‬
‫إثبات وفق رشوط املادة ‪ 106‬من الظهري الرشيف رقم ‪ 1.93.147‬الصادر يف ‪ 15‬من حمرم ‪ 6( 1414‬يوليو ‪)1993‬‬
‫املعترب بمثابة قانون يتعلق بنشاط مؤسسات االئتامن ومراقبتها سواء يف مواجهة التاجر أو غري التاجر»‪ ،‬غري‬
‫أنه بعد املناقشة تم حذف العبارة األخرية التي تعمم حجية كشف احلساب‪ ،‬مما يدل عىل نية املرشع يف تكريس‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 106‬امللغى بخصوص الصفة التجارية للعميل ملواجهته بحجية كشف احلساب(‪.((4‬‬
‫وتأسيسا عىل ذلك فقد اجته املجلس األعىل نحو حرص حجية كشف احلساب يف املعامالت التي جتمع بني‬
‫البنك والتجار‪ ،‬حيث ذهب إىل ما ييل‪« :‬وحيث إن الطالبة متسكت يف مقاهلا االستئنايف أهنا ليست بتاجرة‪ ،‬ومن‬
‫تم ال يمكن االحتجاج عليها بالكشف احلسايب‪ ،‬استنادا للامدة ‪ 106‬من ظهري ‪ 1993/7/6‬التي حرصت حجيته‬
‫بني مؤسسات االئتامن وعمالئها من التجار‪ ،‬إضافة إىل أن االعتامد عليه يقتيض توصل املحتج عليه به‪ ،‬وهذا‬
‫غري ثابت من بنود القرار املطعون فيه‪ ،‬الذي اعتمد الكشف احلسايب يف قضائه ومل يرش إىل ذلك‪ ،‬ومل جيب عليه‬
‫رغم ما له من أثر فيكون ناقص التعليل املنزل منزلة انعدامه وعرضه للنقض»(‪.((4‬‬
‫وهو نفس التوجه الذي تبنته حماكم املوضوع فقد ذهبت حمكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء إىل أن «اعتامد‬
‫املدعي عىل الكشف احلسايب فقط للمطالبة بمستحقات القرض جيعل طلبه غري مرتكز عىل أساس قانوين»(‪.((4‬‬
‫ويف املقابل صدرت أحكام وقرارات قضائية أخرى تأخذ بكشف احلساب كوسيلة لإلثبات يف مواجهة‬
‫الزبون غري التاجر ما دام هذا األخري يتوصل بصفة دورية بكشوفات احلساب من املؤسسة البنكية من غري أن‬
‫يسبق له تقديم أي طعن أو اعرتاض عىل هذه الكشوف قبل نشوب املنازعة القضائية‪ ،‬إذ يقع عليه عبء إثبات‬
‫أنه سبق أن اعرتض عىل الكشوف الدورية قبل النزاع‪ ،‬أما إذا عجز عن إثبات ذلك اعترب ذلك قبوال ضمنيا‬
‫مسبقا منه بكل ما ورد بالكشوف احلسابية املحتج هبا عليه‪ ،‬ومانعا له من املنازعة فيها يف إطار اخلصومة(‪،((4‬‬
‫وهذا ما قررته املحكمة التجارية بالرباط حيث جاء يف حكم صادر عنها ما ييل‪« :‬إن كشف احلساب املنجز‬
‫من طرف البنك مستخرج من دفاتره وسجالته املمسوكة لديه بكيفية منتظمة علام أن الزبون يتوصل عادة‬
‫بإعالنات دورية تبني رصيده‪ ،‬ومل يطعن فيه يف الوقت املناسب‪ ،‬كام مل يكن موضوع منازعة يف مضمونه امام‬
‫املحكمة‪ ،‬مما يتعني معه اعتامدها والترصيح بمديونية املدعى عليه لفائدة املدعية»(‪.((5‬‬

‫(‪ )45‬عدم متييز املادة ‪ 492‬من مرشوع مدونة التجارة بني العميل التاجر والعميل غري التاجر بخصوص حجية كشف احلساب يف‬
‫اإلثبات نابع من التوجه العام ملرشوع مدونة التجارة الذي كان يتوجه نحو إلغاء العمل بنظرية األعامل املختلطة‪ ،‬حيث كانت‬
‫املادة ‪ 4‬من مرشوع مدونة التجارة تنص عىل ما ييل‪« :‬إذا كان العمل جتاريا بالنسبة ألحد املتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد‬
‫اآلخر‪ ،‬طبقت أحكام القانون التجاري عىل التزامات كافة املتعاقدين الناشئة عن هذا العمل‪ ،‬ما مل ينص مقتىض خاص عىل‬
‫خالف ذلك» يراجع‪ :‬تقرير جلنة االقتصاد والتجارة والصناعة والصناعة التقليدية حول مرشوع مدونة التجارة‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫(‪ )46‬حسن احلرضي‪ :‬كشف احلساب البنكي‪ ،‬رشوطه وحجيته يف اإلثبات‪ ،‬مداخلة يف إطار الندوة الرابعة للعمل القضائي‬
‫والبنكي‪ ،‬منشورات املعهد العايل للقضاء‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،2004 ،‬ص ‪.254‬‬
‫(‪ )47‬قرار املجلس األعىل رقم ‪ 94‬يف امللف التجاري عدد ‪ 01/187‬صادر بتاريخ ‪ 16‬يناير ‪ ،2002‬منشور باملجلة املغربية لقانون‬
‫االعامل واملقاوالت‪ ،‬العدد األول‪ ،‬دجنرب ‪ ،2002‬ص ‪. 106-104‬‬
‫(‪ )48‬قرار حمكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 1136‬ملف رقم ‪ ،6/02/605‬بتاريخ ‪ ،2002/04/30‬غري منشور‪.‬‬
‫(‪ )49‬وقد ساند بعض الفقه هذا التوجه‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪- Charqui Mohamed: Droit bancaire Marocaine, Imprimerie Bnisnassen, Sale, 2000, p 20‬‬
‫(‪ )50‬حكم املحكمة التجارية بالرباط‪ ،‬يف امللف رقم ‪ ،4/01/972‬صادر بتاريخ ‪ 22‬يناير ‪ ،2002‬غري منشور‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة‬

‫وقد تشبثت بعض األحكام القضائية بنفس املوقف القايض باعتامد كشف احلساب يف مواجهة غري التاجر‬
‫بدعوى أن العقود التي تربمها البنوك تعد عقودا جتارية‪ ،‬وتضفي الصفة التجارية عىل املقرتض انطالقا من الصفة‬
‫التجارية للعقد ‪،‬وإن كان املقرتض مدنيا والغرض من القرض مدين مثل عقد القرض االستهالكي‪ ،‬وهذا ما‬
‫ذهبت إليه املحكمة التجارية بالدار البيضاء‪ ،‬يف نازلة أثارت فيها املدعى عليها بأهنا غري تاجرة‪ ،‬وأن الغرض‬
‫من القرض البنكي غري جتاري بل خمتلط‪ ،‬ملتمسة استبعاد كشف احلساب كوسيلة لإلثبات يف مواجهتها‪ ،‬بيد‬
‫أن املحكمة مل تستجب لذلك واعتمدت عىل كشف احلساب الذي أدلت به املؤسسة البنكية (‪.((5‬‬
‫غري أنه بدخول قانون ‪ 34-03‬املتعلق بمؤسسات االئتامن واهليآت املعتربة يف حكمها حيز التنفيذ(‪،((5‬‬
‫والذي ألغى ظهري ‪ 6‬يوليوز ‪ 1993‬املتعلق بنشاط مؤسسات االئتامن ومراقبتها‪ ،‬ونسخ معه نص الفصل ‪106‬‬
‫ليعوضه بنص املادة ‪ 118‬التي وحدت القوة اإلثباتية لكشف احلساب يف مواجهة عمالء املؤسسات البنكية‬
‫سواء التجار أو غري التجار وألغت التمييز الذي كان قائام بينهام بمقتىض الفصل ‪ 106‬امللغى‪ ،‬حيث أصبحت‬
‫املادة ‪ 118‬تنص عىل ما ييل‪« :‬تعتمد كشوف احلسابات التي تعدها مؤسسات االئتامن وفق الكيفيات املحددة‬
‫بمنشور يصدره وايل بنك املغرب‪ ،‬بعد استطالع رأي جلنة مؤسسات االئتامن‪ ،‬يف املجال القضائي باعتبارها‬
‫وسائل إثبات بينها وبني عمالئها يف املنازعات القائمة بينهام إىل أن يثبت ما خيالف ذلك”‪.‬‬
‫وهكذا كرس املرشع من خالل املادة ‪ 118‬من قانون ‪ 34-03‬من قانون مؤسسات االئتامن واهليآت املعتربة‬
‫يف حكمها مبدأ تعميم حجية الكشوفات احلسابية سواء فيام خيص الزبناء التجار أو غري التجار‪ ،‬مما يعني أن‬
‫هذه الفئة األخرية أصبحت جمردة من احلامية التي كانت مقررة هلا بمقتىض الفصل ‪ 106‬ظهري ‪ 6‬يوليوز ‪،1993‬‬
‫خاصة وأن هذا الفصل كام سبق الذكر كان حمل تضارب للعمل القضائي حول مدى إمكانية االعتداد بكشف‬
‫احلساب يف مواجهة الزبون غري التاجر‪.‬‬
‫ويالحظ أنه بدخول قانون ‪ 34-03‬حيز التنفيذ زال تضارب األحكام التي كانت تعرفها املحاكم فيام خيص‬
‫حجية الكشوف احلسابية بالنسبة للزبون غري التاجر‪ ،‬إذ اجته العمل القضائي نحو تعميم القوة الثبوتية لكشف‬
‫احلساب لتشمل التجار وغري التجار‪ ،‬ويمكن أن نستدل عىل ذلك بحكم صادر عن املحكمة التجارية بوجدة‬
‫جاء فيه ما ييل‪ ...« :‬وحيث إن كشف احلساب حجة كافية عىل ما تضمنه ما مل ينازع فيه طبقا للامدة ‪ 492‬من‬
‫مدونة التجارة‪ ،‬واملادة ‪ 106‬من ظهري ‪ 1993/7/6‬املعدلة بمقتىض املادة ‪ 118‬من قانون ‪ 34-03‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ ،2006/02/14‬خاصة وأن املدعية تستند إضافة إىل كشف احلساب عىل عقد قرض‪ ،‬مما تكون معه قد أثبتت‬
‫االلتزام طبقا للفصل ‪ 399‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.((5( ».‬‬

‫(‪ )51‬جاء يف حيثيات هذا احلكم ما ييل‪« :‬وحيث دفعت املدعى عليها بعد اختصاص هذه املحكمة ألهنا ليست تاجرة‪ ،‬والعقد املربم‬
‫بينها وبني املدعي هو عقد قرض انصب عىل رشاء بقعة فالحية وبالتايل فهو عمل مدين‪ .‬وحيث إن العقد املربم بني الطرفني هو‬
‫عقد بنكي‪ ،‬وهذا العقد يدخل ضمن العقود التجارية التي تدخل ضمن اختصاص املحكمة التجارية طبقا للامدة اخلامسة من قانون‬
‫إحداث املحاكم التجارية‪ ،‬مما يتعني معه استبعاد الدفع املثار من طرف املدعى عليها‪ ...‬وحيث إن الكشوفات احلسابية تعد حجة‬
‫إثباتية يف املنازعات التي تنشأ بني التجار ما مل يثبت ما خيالف ذلك طبقا للفصل ‪ 106‬من قانون ‪.»1993/7/6‬‬
‫‪ -‬حكم املحكمة التجارية بالدار البيضاء عدد ‪ 98/271‬يف امللف رقم ‪ ،98/560‬صادر بتاريخ ‪ 27‬يوليو ‪ ،1998‬منشور باملجلة‬
‫املغربية لقانون األعامل واملقاوالت‪ ،‬العدد األول‪ ،‬دجنرب ‪ ،2002‬ص ‪ 77‬وما يليها‬
‫(‪ )52‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5397‬بتاريخ ‪ 20‬فرباير ‪.2006‬‬
‫(‪ )53‬حكم املحكمة التجارية بوجدة عدد ‪ 06/575‬يف امللف رقم ‪ 5/06/228‬الصادر بتاريخ ‪ ،2006/10/08‬غري منشور ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫مجلة القضاء التجاري ‪ -‬العدد ‪� - 2‬صيف‪/‬خريف ‪2013‬‬

‫كام نحت حمكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء نفس املنحى فقررت ما ييل‪« :‬حيث إنه بخصوص‬
‫ما متسك به املستأنف كون الدعوى باطلة عىل احلالة ألنه جمرد موظف وال حيتج عليه بالكشوف احلسابية‬
‫وذلك طبقا للفصل ‪ 106‬من ظهري ‪ 1993/07/06‬املتعلق بمؤسسات االئتامن‪ ،‬فإن ذلك مردود عىل اعتبار أنه‬
‫بناء عىل منازعة املستأنف متت معاينة الدفاتر التجارية للبنك من طرف اخلبري والذي أكد املديونية‪ ،‬وبالتايل‬
‫فاملرشع أعطى هلذه الدفاتر احلجية يف اإلثبات من جهة ومن جهة أخرى فإن املرشع يف الفصل ‪ 118‬من ظهري‬
‫‪ 2006/02/14‬املتعلق بمؤسسات االئتامن والذي حل حمل الفصل ‪ 106‬املتمسك به قد جعل حجية الكشف‬
‫احلسايب يف مواجهة التاجر أو غري التاج‪ ،‬وأن منازعة املستأنف جاءت عامة وجمردة ومل يدعمها بأية حجة تفيد‬
‫كون مسك احلساب مل تكن مطابقة للقانون ‪.‬‬
‫وبخصوص الكشف املتمسك به من طرف املستأنف فإنه قد اطلع عليه اخلبري وأكد أنه يتعلق بأداء قسط‬
‫التأمني عىل احلساب‪ ،‬وأكد املديونية ودعمها بوثائق‪ ،‬وأن منازعة املستأنف مل تنصب عىل تلك الوثائق‪ ،‬ومن‬
‫املعلوم أن الفصل ‪ 492‬من مدونة التجارة أعطى للكشوف احلسابية حجية‪ ،‬وأن الفصل ‪ 106‬املذكور أعاله‬
‫جعل عبء اإلثبات عكس ما هو مدون هبا عىل عاتق املدعي‪ ،‬وأن منازعة املستأنف مل تؤد إىل هدم القرينة‬
‫الواردة يف الفصل املذكور»(‪.((5‬‬
‫ولعل هذا التعديل جاء ليقرب وضعية الزبون التاجر من وضعية الزبون غري التاجر حتى ترسي عليهام نفس‬
‫األحكام‪ ،‬ويتم حل املعضلة األساسية التي كانت تواجه عمل املحاكم وهي صعوبة اإلثبات كلام كان املحتج‬
‫عليه بالكشوف احلسابية خصام غري تاجر‪ ،‬كام أن من شأن هذا التعديل توحيد العمل القضائي بخصوص القوة‬
‫اإلثباتية لكشف احلساب‪ ،‬خاصة وأن التوجه الترشيعي القديم أثار عدة انتقادات عىل مستوى املؤسسات البنكية‬
‫التي ال متيز يف مسك احلسابات بني التاجر وغريه‪ ،‬وحتى يف حال استبعاد املحكمة لكشف احلساب‪ ،‬فإن اللجوء‬
‫إىل اخلربة ليس باحلل الناجع(‪ ،((5‬نظرا ملا تصطدم به عمليا من صعوبات وعىل رأسها إطالة أمد النزاع(‪.((5‬‬
‫فواقع اخلربة يظهر جوانب غري إجيابية ال ختدم االستقرار يف العمليات البنكية‪ ،‬وهتدم قاعدة وجوب‬
‫البث يف املنازعات التجارية بأقىص رسعة‪ ،‬بل قد يكون طلب اخلربة سببا للتامطل وتعطيل التنفيذ بني املدينني‬

‫(‪ )54‬قرار حمكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ ،2007/5648‬صادر بتاريخ ‪ ،2007/12/04‬غري منشور‪.‬‬
‫(‪ )55‬يف حالة املنازعة يف مضمون كشف احلساب نتيجة افتقاده ألحد مقوماته أو رشوطه التي جيب توفرها فيه طبقا ملا جاء به‬
‫القانون‪ ،‬يمكن للمحكمة أن تستجيب لطلب إجراء خربة حماسبية‪ ،‬أو أن تأمر هبا تلقائيا لفحص الوثائق املحاسبية املقدمة يف‬
‫النزاع‪ ،‬ولتتأكد من طريقة مسكها ومن ثم ترتب األثر القانوين الالزم‪ ،‬وجيب أن ال تتعدى اخلربة املسائل الفنية لتمس باملسائل‬
‫القانونية ألن هذه االخرية من صميم اختصاص القايض‪ ،‬فال يسوغ للخبري اخلوض فيها وإال كان عمله خمالفا للقانون‪ ،‬خاصة‬
‫يف احلالة التي ينازع فيها الزبون يف طريقة مسك تلك املحاسبة وإثباته ملا خيالف كشوفات احلساب طبقا للامدة ‪ 118‬من قانون‬
‫‪ 34-13‬املتعلق بمؤسسات االئتامن واهليآت املعتربة يف حكمها‪ ،‬أو عند إثباته ألخطاء مادية وردت بالكشف أو مبالغ غري‬
‫مستحقة‪ ،‬أو غلط يف تنفيذ عمليات أو أوامر أو قرارات أو تعرض أو إنذار‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد العايل العرضاوي‪ :‬الكشوفات احلسابية ورشوط صحتها يف إثبات املديونية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬رشكة بابل للطبع والنرش‪،‬‬
‫الرباط‪ ،2001 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -‬كامل الودغريي‪ :‬اخلربة القضائية يف القانون املغريب‪ ،‬جملة القانون املغريب‪ ،‬عدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،2002‬ص ‪. 97‬‬
‫(‪ )56‬ليىل بن جلون‪ ،‬كشف احلساب البنكي‪ ،‬مداخلة يف إطار الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي‪ ،‬منشورات املعهد العايل‬
‫للقضاء‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،2004 ،‬ص ‪.259‬‬

‫‪74‬‬
‫�إ�شكالية الإثبات فـي منازعات الأعمال املختلطة‬

‫حتى ال يتم إعالن إفالسهم (‪ ،((5‬كام أن اخلرباء ال يتقيدون باآلجال التي حتددها املحاكم نظرا لقلة عدد اخلرباء‬
‫املتخصصني مقارنة مع عدد النزاعات(‪ ،((5‬وهذا جيعلهم ال يتقيدون عادة ببعض اإلجراءات التي يتطلبها‬
‫قانون املسطرة املدنية حيث يكتفون بتقديم نتيجة ال تستند عل مقتضيات تقنية واضحة(‪.((5‬‬
‫كل هذه املسوغات جعلت بعض الفقه ال يرى وجود أي أساس منطقي يربر التمييز بني العميل التاجر‬
‫والعميل غري التاجر من حيث مواجهتهم بكشف احلساب كوسيلة لإلثبات‪ ،‬مادام أن هذا االخري يتم استخراجه‬
‫يف مجيع احلاالت من الدفاتر التجارية لألبناك واملمسوكة بانتظام واخلاضعة ملراقبة خاصة(‪. ((6‬‬
‫ورغم كل هذه االعتبارات‪ ،‬فإننا نرى أن تنزيل الزبون غري التاجر منزلة الزبون التاجر وإخضاعهام لنظام‬
‫قانوين موحد من حيث حجية كشف احلساب يف اإلثبات‪ ،‬فيه تراجع عن احلامية التي تقررها نظرية األعامل‬
‫املختلطة التي تنص عليها املادة ‪ 4‬من مدونة التجارة‪ ،‬والتي تقيض بالتطبيق املزدوج لوسائل اإلثبات عىل العمل‬
‫املختلط من خالل التمييز بني الطرف املدين والطرف التاجر‪.‬‬
‫وهذا يعني أن مقتضيات الفصل ‪ 106‬من ظهري ‪ 6‬يوليوز ‪ 1993‬امللغى كانت مالئمة مع نظرية األعامل‬
‫املختلطة ومنسجمة مع فلسفة محاية املستهلك‪ ،‬حيث كانت تنص بشكل حاسم ال يقبل التأويل عىل أن كشف‬
‫احلساب حجة يف اإلثبات بني البنك وزبونه التاجر‪ ،‬أما فيام يتعلق بكون البنك يمسك دفاتر حماسبية منتظمة أو‬
‫يرسل كشوف احلسابات لزبنائه كل ثالثة أشهر عىل األقل‪ ،‬فإن هذا ال يربر اعتامد كشف احلساب يف مواجهة‬
‫غري التاجر الذي ال يمكن بأي حال من األحوال مقارنته بالتاجر الذي يفرتض فيه علمه بكل ما خيص حساباته‬
‫التي هو عىل اطالع مستمر عليها‪ ،‬ويف املقابل فإن الزبون غري التاجر يمكن أن يكون جاهال بأبسط القواعد‬
‫واألعراف البنكية التي تتطلب معرفة تقنية وحسابية يفتقد إليها‪ ،‬فضال عن أن هذه الكشوفات قد تكون مدونة‬
‫بلغة أجنبية جيهلها‪ ،‬وبالتايل فال يعقل مواجهته بوسيلة إثبات ال يعرفها وتعتمد حجة عليه‪ ،‬بحيث ال يمكنه‬
‫دحضها إال بإثباته ما خيالفها‪.‬‬
‫فإذا كان يف استطاعة الزبون التاجر أن يواجه البنك وأن حيتج عليه بدفاتره التجارية التي يلزمه القانون‬
‫مسكها بصفة منتظمة‪ ،‬وبكل وسائل اإلثبات املقررة يف امليدان التجاري‪ ،‬والتي قد تدعم منازعته يف مضمون‬
‫كشف احلساب املستخرج من سجالت البنك ودفاتره التجارية‪ ،‬فإن الزبون غري التاجر يصعب عليه ذلك‪ ،‬لعدم‬
‫توفره عىل نفس الوسائل‪ ،‬إن مل نقل يستحيل عليه يف أغلب األحيان أن يفند ما يضمنه البنك يف الكشوفات‪،‬‬
‫نظرا لتعقد العمليات والتقنيات البنكية‪ ،‬وعدم مسك غري التاجر ألي دفاتر حماسبية عكس التاجر‪.‬‬

‫(‪ )57‬عبد النارص برادة‪ :‬احلجية اإلثباتية للكشوف احلسابية لألبناك مع التجار يف حالة التقايض‪ ،‬املجلة املغربية للقانون واالقتصاد‬
‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،16‬سنة ‪ ،1988‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )58‬أمحد عكاشة‪ :‬استخالص الديون البنكية عن طريق القضاء‪ ،‬مداخلة يف إطار الندوة الثالثة للعمل القضائي والبنكي‪ ،‬الرباط‬
‫‪ 20-19‬يونيو ‪ ،1993‬ص ‪.206‬‬
‫‪ -‬آسية ولعلو‪ :‬الفوائد البنكية من خالل العمل القضائي‪ ،‬مداخلة يف إطار الندوة الثالثة للعمل القضائي والبنكي‪ ،‬الرباط‬
‫‪ 20-19‬يونيو ‪ ،1993‬ص ‪.262‬‬
‫(‪ )59‬أمحد العامري‪ :‬الكشف احلسايب واخلربة‪ ،‬مداخلة يف إطار الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي‪ ،‬منشورات املعهد العايل‬
‫للقضاء‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،2004 ،‬ص ‪.‬‬
‫(‪ )60‬حممد جنكل‪ :‬العمليات البنكية‪ ،‬اجلزء األول‪ :‬العميالت البنكية املبارشة‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2003 ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪75‬‬
‫مجلة القضاء التجاري ‪ -‬العدد ‪� - 2‬صيف‪/‬خريف ‪2013‬‬

‫وهذا ما يدفعنا إىل القول بمجانبة املرشع للصواب فبدل تدخله بمقتضيات كفيلة بحامية املستهلك‬
‫يف مواجهة األبناك‪ ،‬عمل عىل تدعيم تفوق هذه األخرية وتقوية مركزها التعاقدي‪ ،‬واحلفاظ عىل مصاحلها‬
‫االقتصادية‪ ،‬دون مراعاة لوضعية املستهلك التي جتعله طرفا ضعيفا يف العالقة التعاقدية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن وضعية الزبون غري التاجر جيب أن تتسم بنوع من اخلصوصية‪ ،‬إذ أن عالقته بالبنك جيب أن‬
‫تنظم بمقتىض أسس وقواعد مستقلة عن تلك التي تنظم العالقة بني التجار ليس فيام يتعلق بكشف احلساب‬
‫ووسائل اإلثبات فقط‪ ،‬ولكن يف جوهر العالقة ذاهتا ويف كافة املستويات التي متر منها العملية التعاقدية(‪،((6‬‬
‫ولنا يف قانون ‪ 31-08‬القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك خري دليل عىل ذلك‪ ،‬حيث أقر مقتضيات هامة‬
‫تفوق إلزام البنك بمسك كشف احلساب وإرساله إىل الزبون‪ ،‬ومن ذلك إلزام البنك بإعالم وتبصري املقرتض‬
‫عن طريق تقنية العرض املسبق(‪ ،((6‬ووضع ضوابط محائية إلشهار القروض البنكية(‪ ،((6‬وتنظيم حالة األداء‬
‫املسبق للقرض البنكي(‪ ،((6‬وغري ذلك من املقتضيات‪.‬‬
‫إن الطفرة الترشيعية التي عرفها القانون املغريب بدخول قانون ‪ 31-08‬حيز التنفيذ جتعل املقتىض الذي‬
‫أقرته املادة ‪ 118‬من قانون ‪ 34-03‬بخصوص مواجهة املستهلك بكشف احلساب مقتىض موسوما بالتخلف‬
‫والرجعية مقارنة مع الفلسفة التي حيملها قانون محاية املستهلك اجلديد‪ ،‬مما يضع املرشع أمام رضورة تعديل‬
‫هذه املادة‪ ،‬كام أن القضاء مدعو بدوره إىل بلورة رؤية جديدة لألخذ بكشف احلساب يف اإلثبات‪ ،‬ال سيام يف‬
‫عالقة األبناك بزبنائها غري التجار‪ ،‬وهذا يتطلب من املحاكم نوعا من اجلرأة والشجاعة تؤهلهم للتدخل من‬
‫أجل إقرار التوازن العقدي بدل االحتامء وراء املقتضيات القانونية والتدابري التي جاءت خلدمة مصالح األبناك‬
‫باألساس‪ ،‬مع أهنا الطرف األكثر قوة يف العالقة التعاقدية‪ ،‬فتدخل القضاء جيب أن يتجه نحو خلق التكافؤ بني‬
‫مصالح األبناك وعمالئها‪ ،‬خاصة وأنه باختالل هذا التوازن هيتز عنرصا الثقة واالئتامن اللذان يشكالن أساس‬
‫التجارة وهذا قد ينعكس عىل مبدإ استقرار املعامالت التجارية واألمن القانوين والسلم االجتامعي‪.‬‬

‫(‪ )61‬عمرو قريوح‪ :‬القوة اإلثباتية لكشف احلساب جتاه الزبون‪ ،‬م‪.‬س‪،‬ص ‪103-102‬‬
‫(‪ )62‬املادتني ‪ 117‬و‪ 118‬من قانون ‪ 31-08‬القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك‪.‬‬
‫(‪ )63‬املادتني ‪ 115‬و‪ 116‬من قانون ‪ 31-08‬القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك‪.‬‬
‫(‪ )64‬املواد من ‪ 132‬إىل ‪ 134‬من قانون ‪ 31-08‬القايض بتحديد تدابري حلامية املستهلك‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like