You are on page 1of 4

‫جامعة الجزائر ‪3‬‬

‫المحاضرة األولى ‪ :‬اإلطار النظري للمخاطر المالية‬


‫مقياس‪ :‬إدارة المخاطر المالية‬
‫‪LAMRAOUI Hanane‬‬

‫تعتبر اإلدارة المالية السليمة مفتاح نجاح األعمال؛ ونجاح المنظمات مرهون بمواكبتها للتطورات‬
‫الحاصلة على الساحة اإلقتصادية العالمية‪ ،‬خاصة ما تعلق بتكنولوجيا المعلومات وزيادة ترابط األسواق‬
‫المالية وتعقدها‪ ،‬والتي أحدثت وال تزال تحدث نقلة نوعية في بيئة األعمال‪ ،‬ولمقابلة هذا التطور والمخاطر‬
‫المرتبطة به‪ ،‬أصبح لزاما على المنظمات اتخاذ اإلجراءات الالزمة للتعرف على هاته المخاطر‪ ،‬وبحث‬
‫سبل للتقليل من آثارها‪.‬‬
‫المحاضرة األولى ‪ :‬اإلطار النظري للمخاطر المالية‬

‫أوال‪ -‬تعريف الخطر ونقد نظرية المخاطرة‪ :‬هناك تعريفات متعددة للمخاطرة نذكر أهمها‪:‬‬
‫‪ " ‬إحتمال أن يكون العائد الفعلي مختلفا عن العائد المتوقع‪ ،‬وهو ما يعني تباين أو إنحراف العائد‬
‫المتوقع؛‬
‫‪" ‬أي ظاهرة يمكن أن تؤثر على قدرتنا على تحقيق أهدافنا" ويعود هذا عادةً إلى األموال ‪-‬خسارة‬
‫العمالء‪ ،‬وفقدان السمعة‪ ،‬وفقدان الحرية في القيام باألعمال التجارية كما نرغب‪ -‬وكل ذلك يؤثر‬
‫على قدرتنا على كسب المال‪.‬‬
‫ونلخص أهم ماجاء في الفكر الغربي حول مفهوم المخاطرة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إن قبول الخطر‪ ،‬يعتمد على موازنة (الفائدة‪-‬العائد) أو الترجيح بين الدخل المتوقع والخطر أو‬
‫المجازفة؛‬
‫‪ ‬السبب المنطقي لقبول المخاطرة هو أن تكون الخسارة المتوقعة أقل من تكلفة إدارة األنشطة‬
‫لتخفيف المخاطر؛‬
‫‪ ‬الفائدة ال تشكل إال تعويضا عن مخاطر متنوعة يتعرض لها الدائن‪ ،‬فالمرابي يقرض نقوده‬
‫لشخص‪ ،‬رّبما ال يعيد له هذه النقود‪ .‬فهو يخاطر بهذه النقود‪ ،‬لذلك يجب أن يأخذ الفائدة نتيجة‬
‫هذه المخاطرة؛‬
‫‪ ‬لم يقتصر المفكرون الرأسماليون على ربط الفائدة بعنصر المخاطرة وتفسيرها في هذا الضوء‪ ،‬بل‬
‫قدموا لها عدة تفسيرات لتبريرها من الناحية المذهبية؛‬
‫‪ ‬إن الفائدة يدفعها المدين إلى الرأسمالي تعويضا له عن حرمانه من اإلنتفاع بالمال المسلف‪،‬‬
‫ومكافأة له على اإلنتظار طيلة المدة المتفق عليها‪ ،‬أو أجرة يتقاضاها الرأسمالي نظير إنتفاع‬
‫المدين بالمال الذي إقترضه منه‪ ،‬كاألجرة التي يحصل عليها مالك الدار من المستأجر لقاء‬
‫إنتفاعه بسكناها‪.‬‬
‫‪ ‬نقد نظرية المخاطرة (* ‪ :)risk theory‬تعرضت نظرية المخاطرة في اإلقتصاد الوضعي إلى‬
‫الكثير من اإلنتقادات‪ ،‬لكن سنتطرق إلى أبرزها‪ ،‬وهي إنتقادات الدكتور رفيق المصري في كتابه مصرف‬
‫التنمية اإلسالمي فيقول‪:‬‬
‫‪ ‬من البديهي أن الخطر ال يمكن تغطيته بمعدل فائدة‪ ،‬فالضمانات الشخصية والمادية هي الطريق‬

‫*‬
‫طورت هذه النظرية من قبل فرانك نايت ‪ Frank Knight‬في عام ‪ 1291‬في كتابه المخاطر وعدم اليقين والربح ‪Risk‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪Uncertainty and Profit.‬‬
‫‪2‬‬
‫المحاضرة األولى ‪ :‬اإلطار النظري للمخاطر المالية‬

‫الوحيد والمشروع لمواجهة مثل هذه األخطار؛‬


‫‪ ‬إن نظرية المخاطرة تقتصر على أن تلح على األخطار التي يتعرض لها المقرض‪ ،‬أما المخاطر‬
‫التي يتعرض لها المقترض‪ ،‬الذي يترتب عليه أن يرد في اإلستحقاق رأس مال القرض‪ ،‬فإن هذه‬
‫النظرية ال تتعرض لذلك وتبقى ساهية عنه غير ملتفة إليه؛‬
‫‪ ‬إن أمكن تغطية الخطر الذي يتعرض له المقرض بضمانات يقدمها للمقترض فإن الخطر الذي‬
‫يتعرض له هذا األخير‪ ،‬هو إحتمال خسارة و ضياع رأس المال الذي اقترضه‪ ،‬وال يمكن تغطيته‬
‫بتغطية مالئمة إال بمجانية القرض؛‬
‫‪ ‬إن هذه النظرية تريد أن يكون معدل الفائدة محددا على مستوى األخطار والحاجات‪ ،‬وبتعبير‬
‫آخر‪ ،‬تريد أن تجسد معنى القاعدة التي تقول‪" :‬ال إقراض إال لألغنياء"‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬المخاطرة في اإلقتصاد اإلسالمي‪:‬‬
‫إختلف الفقهاء والباحثون على إيجاد تعريف واحد للمخاطرة‪ ،‬حسب نظرة كل منهم للخطر في اإلقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وبالتالي وجود عدة تعاريف نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫يقول محمد باقر الصدر‪" :‬إن المخاطرة في الحقيقة ليست سلعة يقدمها المخاطر إلى غيره ليطالب‬
‫بثمنها‪ ،‬وال عمال ينفقه المخاطر على مادة ليكون من حقه تملكها أو المطالبة بأجر على ذلك من مالكها‪،‬‬
‫وانما هي حالة شعورية خاصة تغمر اإلنسان‪ ،‬وهو يحاول اإلقدام على أمر يخاف عواقبه‪ ،‬فإما يتراجع‬
‫انسياقا مع خوفه‪ ،‬واما أن يتغلب على دوافع الخوف ويواصل تصميمه فيكون هو الذي رسم لنفسه‬
‫الطريق‪ ،‬واختار بملء إرادته تحمل مشاكل الخوف باإلقدام على مشروع تحتمل خسارته مثال‪ ،‬فليس من‬
‫حقه أن يطالب بعد ذلك بتعويض مادي عن هذا الخوف‪ ،‬مادام شعو ار ذاتيا وليس عمال مجسدا في‬
‫المادة‪ ،‬وال سلعة منتجة"‪.‬‬
‫‪ ‬أشار ابن تيمية ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬أن الخطر خطران‪:‬‬
‫‪ ‬خطر التجارة‪ ،‬وهو أن يشتري السلعة يقصد أن يبيعها بربح‪ ،‬ويتوكل على اهلل في ذلك‪ ،‬فهذا البد‬
‫منه للتجار‪ ،...‬وان كان قد خسر أحيانا‪ ،‬فالتجارة ال تكون إال كذلك؛ هو المخاطرة التابعة‬
‫للملكية؛ وتعني توازن الحقوق والواجبات (أو الموجودات والمطلوبات)‪ ،‬ألن مسؤولية الهالك‬
‫والتلف يقابلها حق إمتالك الغلة والعائد‪ ،‬ولذلك قال صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬الخراج بالضمان"‪.‬‬
‫‪ ‬والخطر الثاني الميسر‪ :‬الذي يتضمن أكل المال بالباطل‪ ،‬فهذا الذي حرمه اهلل ورسوله؛ وهو‬
‫المخاطرة المجردة‪ ،‬وتتضمن طرفان‪ :‬أحدهما ضمان بال خراج‪ ،‬وهو ممنوع ألنه مخاطرة مجردة‬

‫‪3‬‬
‫المحاضرة األولى ‪ :‬اإلطار النظري للمخاطر المالية‬

‫عن الملكية‪ ،‬وهذا حقيقة الغرر‪ ،‬والطرف اآلخر هو الخراج أو الربح بال ضمان‪ ،‬وهو ممنوع‬
‫أيضا ألنه حقيقة الربا‪ .‬وهذان الطرفان‪ ،‬الربا والغرر‪ ،‬هما أصول المعامالت المحرمة شرعا‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like