بحث ابن البيطار gfg

You might also like

You are on page 1of 25

‫عنوان البحث‬

‫إسهامات علماء المسلمين في علم الطب عامة وابن البيطار خاصة‬

‫اسم الطالب ‪:‬‬


‫رقم الجامعي ‪:‬‬

‫بإشراف أستاذ مادة األخالق الطبية ‪:‬‬


‫د‪ .‬وليد الحواجرة ‪Dr.WalidAlhawarjeh‬‬
‫قمت بهذا البحث استكماال لمتطلبات مادة األخالق الطبية اإلسالمية‬
‫للعام الجامعي‪٢٠٢٣-٢٠٢٢‬‬

‫قائمة المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫‪1‬‬
‫‪3‬‬ ‫قائمة المحتويات‬
‫‪4‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪5‬‬ ‫مشكلة الدراسة‬
‫‪5‬‬ ‫خطة البحث‬
‫‪6‬‬ ‫أهمية الدراسة‬
‫‪6‬‬ ‫أهداف الدراسة‬
‫‪6‬‬ ‫الدراسات السابقة‬
‫‪6‬‬ ‫منهج الدراسة‬
‫‪7-8-9‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬نشأة الطب وأهميته‬
‫‪10-11-12‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الطب اإلسالمي‬
‫‪13-14‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أهم علماء المسلمين‬
‫‪15-16‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬ابن البيطار‬
‫‪17‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مولده ونشاته‬
‫‪18‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬منهج ابن البيطار‬
‫‪19-20- 21-22-23-24‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬العلم الذي سلكه‬
‫‪25‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬أخالقه وشخصيته‬
‫‪26-27-28-29‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬اساتذته وتالمذته‬
‫‪30-31‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬رحالته العلمية‬
‫‪32-33‬‬ ‫المطلب السابع‪ :‬تأثره العلمي‬
‫المطلب الثامن‪ :‬أشهر إنجازاته ومؤلفاته‬
‫‪34-35-36‬‬
‫‪37‬‬ ‫المطلب التاسع‪ :‬وفاته‬
‫‪38‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪39‬‬ ‫المصادر والمراجع‬

‫المقدمة‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫‪2‬‬
‫الحمدهللا رب العالمين‪ ،‬وصلى هللا وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬أما بعد‬

‫اإلسالم دين عظيم‪ ،‬فهو لم يكن مجرد دين للعبادة فقط بل كان إعادة بناء وهيكلة للمجتمع بشكل كامل‪،‬‬
‫فهو لم يترك جانبا من جوانب الحياة إال واهتم به‪ ،‬فكانت الحضارة اإلسالمية حضارة تمزج بين العقل‬
‫والروح وهذا ما ميزها عن الحضارات السابقة ‪.....‬‬
‫ومن أهم الجوانب التي ركز عليها اإلسالم‪ ،‬ال وكانت ركيزة من ركائزه هي العلم والتعلم‪ ،‬فقد اهتم‬
‫اإلسالم بهذا الجانب‪ ،‬بل كان هو دين العلم والتعلم ‪،‬فقد جاء القول القرآني من بعد‪:‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫اْق َر ْأ ِباْس ِم َر ِّب َك اَّلِذي َخ َلَق (‪َ )1‬خ َلَق اِإْلْن َس اَن ِمْن َع َلٍق (‪ )2‬اْق َر َو َر ُّب َك اَأْلْك َر ُم (‪ )3‬اَّلِذي َع َّلَم ِباْلَقَلِم (‪)4‬‬
‫ْأ‬
‫َع َّلَم اِإْلْن َس اَن َم ا َلْم َي ْع َلْم (‪)5‬‬
‫صدق هللا العظيم‬
‫وهذا دليل واضح على أن اإلسالم دين علم وتعلم‪ ،‬يحض على طلب العلم وعمارة األرض لتنهض أممه‬
‫وشعوبه‪ ،‬فكان هذا شعلة تنبأ بأمة محبة للعلم‪ ،‬ألن العلم فيها اقترن بالدين ‪...‬‬
‫ومن هنا ظهرت إسهامات المسلمين في مجاالت الحياة اإلنسانية واالجتماعية والبيئية خالل تاريخهم‬
‫الطويل وعصورهم المتالحقة‪ ،‬اهتم المسلمون بالعلوم الكونية ألن بها تنصلح الحياة على األرض ‪...‬‬
‫وبلغت مكانة العلوم الكونية في ظل اإلسالم مبلغا عظيما‪ ،‬حتى أصبح المسلمون فيها سادة‪ ،‬فغدت‬
‫جامعاتهم مفتوحة للطلبة األوربيين الذين جاءوا من بالدهم لطلب تلك العلوم‪ ،‬وباهتمام المسلمين بالعلم‬
‫والدين‪ ،‬نشأت حضارة علمية إسالمية عظيمة ومن أهم العلوم الكونية التي اهتم بها علماء المسلمون علم‬
‫الطب‬

‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫ما تأثير الدين اإلسالمي على العلم والتعلم؟‬
‫ما موقف الدين من العلم والعلماء؟‬

‫‪3‬‬
‫ماهي مراحل نشأت الطب؟‬
‫ما أهم إنجازات علماء المسلمين في مجال الطب؟‬
‫من هو ابن البيطار ما منهجه وسلوكه في هذا العلم؟‬
‫ماهي أهم إنجازات ابن البيطار في مجال الطب؟‬
‫ماذا تستنتج من حياة ابن البيطار خاصة وعلماء المسلمين عامة؟‬

‫خطة البحث‬
‫نشأت الطب وأهميته‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫الطب اإلسالمي‬ ‫المطلب األول‪:‬‬
‫أهم علماء المسلمين وإنجازاتهم‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫ابن البيطار‬ ‫المبحث الثاني‬
‫مولده ونشأته‬ ‫المطلب األول‪:‬‬
‫منهج ابن البيطار‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫العلم الذي سلكه‬ ‫المطلب الثالث‪:‬‬
‫أخالقه وشخصيته‬ ‫المطلب الرابع‪:‬‬
‫أساتذته وتالمذته‬ ‫المطلب الخامس‪:‬‬
‫رحالته العلمية‬ ‫المطلب السادس‪:‬‬
‫تأثره العلمي‬ ‫المطلب السابع‪:‬‬
‫أشهر إنجازاته ومؤلفاته الطبية‬ ‫المطلب الثامن‪:‬‬
‫وفاته‬ ‫المطلب التاسع‪:‬‬

‫الخاتمة‬
‫المصادر والمراجع‬
‫أهمية دراسة‪:‬‬
‫تكمن في تعرف على نشأت الطب وأهم إسهامات علماء المسلمين عامة وابن البيطار خاصة‪.‬‬

‫أهداف دراسة‪:‬‬
‫توضيح عالقة الدين اإلسالمي بالعلم والتعلم‪.‬‬
‫تعرف على موقف الدين من العلم والعلماء‪.‬‬
‫آثر الدين في نشأت العلوم عامة والطب خاصة واهم إنجازات علماء المسلمين عامة وابن البيطار‬
‫خاصة‪.‬‬
‫بيان منهج وسلوك ابن البيطار ‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‬

‫‪4‬‬
‫عاطف محمد ‪،‬أشهر العلماء في تاريخ ابن البيطار‬

‫منهج الدراسة‬
‫منهج استقرائي ويكون بقراءة ما دونه العلماء‬
‫منهج وصفي ويكون باالطالع على تجاربهم بقصد المعرفة االستفادة‬

‫‪5‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬نشأت الطب وأهميته‬

‫يعد علم الطب من أوسع مجاالت العلوم الحياتية التي كان لعلماء المسلمين فيها‬
‫إسهامات بارزة على مدار أيام حضارتهم الزاهرة ‪،‬لتكون إسهاماتهم تصحيحا‬
‫للمسار ‪....‬‬
‫وكأن الطب لم يكن قبل المسلمين ‪،‬ومن أعظم اإلسهامات اإلسالمية في الطب‬
‫تخريج هذا الحشد من العبقريات الطبية النادرة ‪...‬‬
‫وإن بداية تلك العلم تكمن في أن اإلنسان منذ وجد على األرض وهو يهتدي بإلهام‬
‫ربه إلى أنواع من التطبيب تتفق مع مستواه العقلي وتطوره اإلنساني‪ ،‬وهو ما‬
‫يعرف بالطب البدئي ‪،‬ولما جاء اإلسالم كان للعرب في الجاهلية مثل هذا‬
‫الطب ‪،‬فحث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على التداوي فقال كم روى أسامة‬

‫‪6‬‬
‫بن شريك رضي هللا عنه ‪”:‬تداووا ‪،‬فإن هللا لم يضع داء إال وضع له دواء ‪،‬غير‬
‫داء واحد ‪،‬الهرم “‪.‬‬
‫وعرف عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم التداوي بالعسل والتمر واألعشاب‬
‫الطبيعية ‪،‬وغيرها مما عرف بالطب النبوي‪.‬‬
‫لم يقف علماء المسلمين عند حدود الطب النبوي‪ ،‬بل عرفوا منذ وقت مبكر العلوم‬
‫الدنيوية والطب فنرى أطباء المسلمين تطبيقا لهدي اإلسالم يسعون لالستزادة من‬
‫كل ما هو نافع ‪ ،‬فيأخذون في التعرف على الطب اليوناني من خالل البالد‬
‫اإلسالمية المفتوحة ‪،‬كما أن الخلفاء بدئوا يستقدمون األطباء الروم الذين سرعان‬
‫ما أخذنهم األطباء المسلمون ‪،‬ونشطوا في ترجمة كل ما وقع تحت أيديهم من‬
‫مؤلفات طبية ولعل هذا يعتبر من أعظم أحداث العصر األموي ‪....‬‬
‫نشأ الطب اإلسالمي كنتيجة للتفاعل الذي حدث بين الطب التقليدي العربي‬
‫والمؤثرات الخارجية ‪،‬كانت الترجمات األولى للنصوص الطبية ‪،‬عامال أساسيا‬
‫في تكون الطب اإلسالمي ومن الترجمات التي كان لها أثرها البالغ في تطور‬
‫الطب في نهاية العصور الوسطى وبداية عصر النهضة الترجمات الالتينية‬
‫لألعمال العربية ‪ ،‬كل هذا حصل وكان في الوقت الذي كانت فيه الكنيسة‬
‫الغربية تحرم صناعة الطب‪ ،‬الن المرض عقاب من هللا وال ينبغي أن يصرف‬
‫عمن ال يستحقه ‪،‬وهو االعتقاد الذي ظل سائدا في الغرب حتى القرن الثاني‬
‫عشر‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الطب اإلسالمي‬

‫أما المسلمون في القرن التاسع ميالدي بدؤوا بتطوير الطب ‪ ،‬أخرج اإلسالم في‬
‫العصور الوسطى ‪،‬بعض أعظم األطباء في التاريخ ‪،‬الذين طوروا المستشفيات‬
‫ومارسوا الجراحة على نطاق واسع ‪،‬بل مارس النساء الطب ‪.‬كان الطب في‬
‫الجاهلية بدائيا ‪،‬وبعد الفتوحات اإلسالمية في الشرق اهتم العرب بأعمال األطباء‬
‫اإلغريق والرومان القدماء ومع بداية العصر العباسي تطور األمر بعد ما بدأ‬
‫العرب في نقل العلوم الطبية من مصادرها اليونانية مباشرة ‪،‬مع الوقت انتشرت‬
‫ممارسة مهنة الطب حتى بلغ عدد االطباء ‪ ٨٦٠‬طبيب‪ ،‬بل وظهرت المصنفات‬
‫الطبية ولعل أهمها ”طبقات األطباء والحكماء ”البن جلجل ‪” ،‬عيون األنباء في‬
‫طبقات االطباء" البن أبي أصيبعة ‪...‬‬

‫‪8‬‬
‫ومن مزية العلم أن هللا عزوجل أثنى على العلماء فقال «إنما يخشى هللا من عباده‬
‫العلماء» فقصر خشيته على العلماء حيث أن االنسان كلما ازداد علما بعظمة هللا‬
‫عزوجل ومدى إحاطته بخلقه وقدرته عليهم وعظيم سلطانه‪ ،‬في مقابل عجز‬
‫وضعف البشر وقلة حيلتهم فهذه األمور تزيد من خشية المولى عز وجل‬
‫وتعظيمه‪ .‬وقرن هللا عز وجل شهادته وشهادة مالئكته بشهادة العلماء فقال «شهد‬
‫هللا أنه ال إله إال هو والمالئكة وأولوا العلم قائما بالقسط» ‪.‬‬
‫وجاء في الحديث النبوي أن العلماء ورثة األنبياء ورثة صفوة البشر في العلم‪،‬‬
‫فيالها من مفخرة ومكرمة‪ ،‬ومن فضائل العلم أن الكائنات تستغفر لمعلم الناس‬
‫الخير حتى النملة في جحرها والحوت في البحر كما جاء في الحديث‪ ،‬والعلم‬
‫يفضل على المال حيث أن المال ينقص باإلنفاق والعلم يزيد باإلنفاق والمال‬
‫يحتاج صاحبه إلى حراسته على عكس العلم يحرس صاحبه من الجهل‬
‫والخرافات والمهالك‪.‬‬
‫والعلم شرط لنهضة الحضارات واألمم من خالل استغالل الثروات الطبيعية‬
‫وتثمينها والعلم مكن من معرفة مكونات وأجزاء الذرة وما دونها وكذلك الخلية‬
‫ومكوناتها ونظامها وبفضل العلم تم اخترع التلسكوب الذي مكن من فهم أكثر‬
‫للكون والتعرف على المجرات ونجومها وتحديد أبعادها ومميزاتها وفي مجال‬
‫الطاقة تم اكتشاف النفط والغاز اللذان يعدان من أهم مصادر الطاقة‪ .‬والعلم في‬
‫مجال الطب ساعد اإلنسانية في التغلب على أمراض كانت تفتك بالشعوب‬
‫واالمم‪.‬‬
‫سهل العلم التواصل االنساني وتبادل المعلومة من خالل الوسائل الحديثة كالهاتف‬
‫واالنترنيت فغدا العالم كالقرية الصغيرة‪ ،‬وكذلك التكنولوجيا سهلت تدوين العلم‬
‫وتدويله عن طريق المطابع والمواقع االلكترونية‪ ،‬فهذه األمور إن دلت على‬
‫شيء فإنما تدل على أهمية ومكانة العلم والعلماء في نهضة الشعوب واالمم‬
‫وتسهيل حياة اإلنسان‬
‫وهناك الكثير من االطباء المسلمين ممن كانت لهم إسهامات متميزة في هذا‬
‫المجال ‪،‬فكانت لهم مكانة عظيمة عبر التاريخ ‪،‬نذكر منهم أبي بكر الرازي الذي‬
‫يعتبر جالينوس العرب لما قدمه من إنجازات طبية كما ويعتبر ابا الطب‬
‫اإلسالمي ‪،‬وعرف عنه أنه عالم موسوعي له أكثر من مائتي مصنف نصفها في‬
‫الطب ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫أهم اكتشافاته الطبية أنه أول من أرجع سبب اإلصابة ببعض األمراض إلى‬
‫الوراثة ‪،‬ولقد مارس الطب بطريقة موسوعية شاملة حتى أنه تفوق على جالينوس‬
‫نفسه ‪ ،‬كما وأنه أول من فرق بين الجدري والحصبة على نحو دقيق‪...‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أهم علماء المسلمين وأشهر إنجازاتهم‬

‫أما عن اإلنجازات المتميزة عند علماء المسلمين فقد كان ابن النفيس مكتشف‬
‫الدورة الدموية الصغرى ‪...‬‬
‫وعرف عن الزهراوي أنه أبا الجراحة الحديثة ‪،‬ونذكر أيضا ابن سينا صاحب‬
‫الكتاب األشهر القانون في الطب وكتاب الشفاء كما غطت أعماله مواضيع حول‬
‫أدوية القلب وعالج أمراض الكلى ‪..‬‬
‫ولقب ابن سينا بأمير األطباء وزعيمهم ومان أكثر األطباء حجة في القرون‬
‫الوسطى وقد ترجمت كتبه في الطب إلى معظم لغات العالم ‪...‬‬
‫وتستخدم كأساس للتعليم في جامعات فرنسا وإيطاليا وظلت تدرس في جامعة‬
‫مونبلييه حتى أوائل القرن التاسع عشر‬

‫‪11‬‬
‫أنافي عالم الطب والصيدلة فنذكر الصيدالني األول في تركيب االدوية ورائد‬
‫العالج الكيمياء ابن البيطار الذي سنتوقف عنده ليكون موضوع بحثنا هذا ‪،‬كان‬
‫ممن غير مجرى العلوم الطبيعية من خالل اكتشافاته وساهم في إعادة تشكيل‬
‫الحياة العلمية كان له الفضل في إنارة الطريق لألجيال فهو أوحد زمانه في مجال‬
‫الصيدلة وعلوم العقاقير الطبية ‪،‬فهو أحد عظماء الحضارة اإلسالمية وربما ساهم‬
‫هذا األمر في منحه فرصة متميزة فأخذ على نفسه مهمة التبحر والتعمق في عالم‬
‫ربما أحبه ابيه‬

‫‪12‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ابن البيطار‬

‫ابن البيطار هو ضياء الدين أبو محمد عبد هللا بن أحمد بن البيطار‪ ،‬من علماء األندلس الذين عرفوا‬
‫بطلب المعرفة ‪،‬فهجروا من مواطنهم في سبيل ذلك ‪..‬فهو الطبيب والصيدالني وباحث ‪،‬وواحد من أبرز‬
‫العلماء الرواد في علوم النبات في العصور الوسطى ‪.....‬‬
‫وهو الحكيم األجل إمام النباتيين والعشابين‪ ،‬أوحد زمانه وعالمة وقته في معرفة النبات وتحقيقه‬
‫واختباره ‪،‬ومواضع زرعته ‪،‬حبه للنباتات وشغفه للطب أودى بحياته ‪ ،‬فقد توفي وهو يقوم بأبحاثه‬
‫وتجاربه على النباتات ‪،‬حيث تسرب إليه السم في أثناء اختباره لنبتة حاول صنع دواء منها ‪،‬فكان بحق‬
‫شهيد الطب‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مولده ونشأته‬


‫في رب األندلس ولد ‪،‬وبين مدن المغرب شب وعلى ضفاف نهر النيل اشتهر وكانت حياته مليئة‬
‫بالعطاء هو ابن البيطار ولد بمالقة في أواخر القرن السادس الهجري تعلم الطب ودرس على أبي‬
‫العباس األندلسي ‪،‬الذي كان يجمع النباتات لدرسها وتصنيفها في منطقة إشبيلية ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ثم سافر إلى الشرق وسافر إفريقيا الشمالية وآسيا الصغرى وسوريا ليظفر بمعلومات جديدة توسع‬
‫أطياف معرفته بالنباتات‪ ،‬ومن ثم استوطن في مصر التي عينه السلطان الكامل فيها رئيسا‬
‫للعشابني ‪،‬ومن بعدها عاد إلى سوريا وأقام في دمشق وتابع تأليفه وكتاباته هناك ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬منهج ابن البيطار‬


‫تفرد بمنهج خاص ومختلف‪ ،‬ولكنه كان مقلدا في بعض النواحي وليس مبتكرا حيث نهج منهج السابقين‬
‫من قبله في مجال صناعة األدوية‪ ،‬من أمثال ابن سينا وداوود ‪،‬وأتبع نفس ترتيبهم األبجدي الذي يسهل‬
‫على القارئ والطالب البحث‬
‫أما عن تميزه بمنهج مختلف ‪،‬إذا اتسم ابن البيطار في مؤلفاته بدقة مالحظته الشديدة حول كل ما‬
‫يكتبه ‪،‬بعد أن يستدل بالبحث العميق ويصل لالستنتاج الذي يخلق لديه الثقة الكاملة ‪،‬كما وكان األول من‬
‫الصيادلة وعلماء األعشاب ممن حددوا توقيت األدوية وأنواعها التي تؤخذ ليال واألخرى التي تؤخذ‬
‫خالل النهار كما وحرص على صحة النقل إذا ما سمع خبرا‪...‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬العلم الذي سَلكه ابن البيطار‬

‫"وفي الحقيقة شِه دت الفترة ما بين القرنين السادس والسابع الهجريين َت طُّو ًر ا كبيًر ا في مجال الطب‪،‬‬
‫خاصة الهتمام الحَّك ام واألمراء بالِع لم الطبي وإنشاء دور االستشفاء (البيمارستانات)‪ ،‬بل وَص ل األمر‬
‫إلى حِّد أْن كان لهم دور أيًض ا في تطُّو ر البحث الطبي في هذه المرحلة‪ ،‬فقد تعَّد دت اإلشارات إلى‬
‫صدور األوامر السلطانية بالتأليف الطبي‪ِ ،‬مثل ما َن جُد ه في مخطوطة (بهجة الفكر في عالج أمراض‬
‫العين) البن أبي عقيل؛ حيث َي ذكر أَّن السلطان (نجم الدين أيوب) قد أمره بتأليف كتاب في أمراض‬
‫العين‪ ،‬واألسباب الُمحِدثة لها والعالمات الَّد الة عليها‪ ،‬والعالجات الشافية منها‪ ،‬ويقول في ذلك‪" :‬امتثلُت‬
‫إلى ذلك‪ ،‬ووضعُت الكتاب ُم شَت ِم ًال على ذْك ر العين)‪ ،‬ثم َي شُرع الُمؤِّلف في عْر ض الموضوع عرًض ا‬
‫سريًع ا موسوعًّي ا على طريقة علماء العصر‪.‬‬

‫وإلى جانب اهتمام الحكام واألمراء بالتأليف‪ ،‬إال أن القرنين السادس والسابع الهجريين قد مَّث ال عْص ر‬
‫التطبيق وظهور االكتشافات الطبية الجديدة‪ ،‬مثال ذلك الدورة الدموية البن النفيس‪ ،‬وفي هذه الفترة أيًض ا‬
‫ظهرت الِّص لة الوثيقة بين الصيدلة والطب؛ حيث كان الطبيب ُيعُّد أدويَت ه بنْف سه‪ ،‬حسب معرفته وَت جاِر به‬

‫‪14‬‬
‫الخاصة‪ ،‬والدليل على ذلك الـتآليف الكثيرة التي وَض عها األطباء في الصيدلة؛ أي‪ :‬في األدوية الُمفَر دة‬
‫والمرَّك بة سواء كانت من نبات أو حيوان أو معادن‪ ،‬وقد عَّر فوا األدوية الُمفَّر دة بالعقاقير األصيلة‪ ،‬أما‬
‫األدوية المركبة فسَّموها (األقراباذين)‪ ،‬وبقي هذان االسمان متداولين عبر التاريخ‪ ،‬وتقَّد موا تقُّد ًما‬
‫ملحوًظ ا في معرفة خواص العقاقير‪ ،‬سواء كانت من النباتات أو المعادن أو الحيوانات‪ ،‬فُهم الذين أرسوا‬
‫قواِع د ِع لم الصيدلة‪.‬‬

‫وهناك إجماع عند مؤِّر خي العلم أَّن علماء العرب والمسلمين هم الذين وَض َع وا قواعد علم الصيدلة‬
‫وَفَص لوها عن ِع لم الطب؛ ألن الصيدلة والطب كانتا ِمهنة واحدة‪ ،‬وقد حاول علماء المسلمين أْن َي حصلوا‬
‫على ُمختِّص ين في مجال الصيدلة‪ ،‬فأنشؤوا المدارس التي ُتعِّلم الدارسين طريقة تحضير األقراب ذين‬
‫وطريقة َت سويقها‪ ،‬كما أَّن هم أَّو ل من عِمل صيدلية عامة‪ ،‬وصيدلية خاصة ُملَح قة بالمستشفى‪ ،‬يقول‬
‫الدكتور عبدالرحمن مرحبا‪" :‬وللعرب نصيب كبير في نشأة الصيدلة وتقُّد مها‪ ،‬فقد بلغْت على أيديهم َم بلًغ ا‬
‫عظيًما من الُّر قي‪ ،‬فالعرب هم المؤِّسسون الحقيقيون لمهنة الطب التي رفعوها عن مستوى ِتجارة‬
‫العقاقير‪ ،‬وهم الذين أنشؤوا المدارس لتحضير األقراباذين وأماكن لبيعها وتصريفها‪ ،‬وأخضعوا هذه‬
‫الصناعة لرقابة الدولة لمْن ع الغِّش ‪ ،‬فكان الصيادلة ال ُيزاِو لون مهنَت هم إال بعد الترخيص لهم‪ ،‬وقد افتتحوا‬
‫الصيدليات العاَّمة في أواخر القرن الثامن للميالد في عهد المنصور‪ ،‬كما َأَلحقوا بكِّل (بيمارستان)‬
‫صيدلية خاصة به‪.‬‬

‫ومنذ أيام المأمون في القرن التاسع كانت الصيدليات تحت إشراف الدولة؛ صيانة لها من ُتجار العقاقير‪،‬‬
‫ويقول طوقان‪" :‬كان في كِّل مدينة مفِّت ش خاص للصيدليات وتحضير األدوية"‪ ،‬لقد حازت بحوث‬
‫المسلمين في حْق ل الصيدلة موِقَع الصدارة‪ ،‬منذ وقت مبِّك ر‪ ،‬وال أَد َّل على ذلك من أَّن نا َن جد كثيًر ا من‬
‫المؤَّلفات الصيدلية لكثير من حكماء اإلسالم وعلمائه‪ِ ،‬مثَل بعض أجزاء القانون البن سينا الذي خَّصصه‬
‫لدراسة األدوية والعقاقير الهامة‪ ،‬والتي يعتمد عليها الطبيب في عالجه‪ ،‬وكذلك البيروني ُمعاِص ره‬
‫والُمتفِّو ق عليه في هذا الجانب بكتابه (الصيدلة في الطب) والذي أَّلفه ُمسَّج ًال فيه خمسة أضعاف ما‬
‫سَّج له (دسيقوريدس) في دراساته للعقاقير‪ ،‬وكانت َم يزته في هذا الكتاب معرفته التاَّمة بكٍّل من اللغة‬
‫السنسكريتية والفارسية والعربية واليونانية‪ ،‬إضافة إلى لهجته الخوارزمية؛ مما مَّك نه من أْن ُيوِر د في‬
‫كتابه أسماء العقاقير بكِّل هذه اللغات‪ ،‬محاوًال التوحيد بين مصطلحات علم الصيدلة عالمًّي ا بقْد ر اإلمكان‪،‬‬
‫هذا فضًال عن وْض عه لُم قِّد مة الكتاب والتي ُتعُّد دستوًر ا طبًّي ا ال َغ نى للطبيب من االطالع عليه‪ ،‬خاصة‬
‫أَّن ه ُيوِر د فيه األخالقيات العلمية التي َي نبغي أْن َي َّت صف بها الصيدالني‪ ،‬وكذلك األسلوب العلمي الذي‬
‫ينبغي أْن َي تبعه في عمله الطبي وتكوينه لألدوية والعقاقير‪ ،‬وَيكتِس ب الصيدلي عنده معرفة بقوى األدوية‬
‫وتأثير العقاقير بطول الَّت جِر بة واستمرار الممارسة‪ ،‬وقد َت مَّك ن البيروني من جْع ل الصيدلة ‪ -‬وإن تكن آلة‬
‫الطب ‪ -‬علًما ُمستقاًّل كاستقالل المنطق عن الفلسفة‪ ،‬والَع روض عن الشعر‪.‬‬

‫وعلى الُّر غم من اعتماد الصيادلة العرب في بداية أبحاثهم ودراساتهم على ُكُتب السابقين‪ ،‬إال أنهم َت مَّك نوا‬
‫من إضافة مادة طبية غزيرة‪ ،‬سواء كانت نباتية أ حيوانية أم معدنية‪ ،‬بفْض ل اِّت ساع رقعتهم الجغرافية‬
‫وُنمِّو كثير من النباتات الطبية فيها‪ ،‬باإلضافة إلى َت فُّو قهم في ِع لم الكيمياء؛ مما مَّك نهم من ابتكار أدوية لم‬
‫تكن معروفة من قبل‪ ،‬رَّك بوها من تلك األصول‪ ،‬وأضافوا إلى ما عَر فوا من ُصنوفها عن الهنود‬
‫واليونان؛ فكانوا بهذا سَّباقين إلى ابتداع األقراب ذين أو الفارما كولوجي ‪ Pharmacology‬على‬
‫الصورة التي وَص لْت إلينا‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫وال أدَّل على تقُّد م المسلمين في ِع لم الصيدلة من أَّن هم كانوا يتحَّققون من أي األجزاء من النبات يكون‬
‫العَّقار َأفيد وَأقوم وَأفضل‪ ،‬وكذلك مواعيد جْم ع العقاقير من النبات وَج نيها أو قطفها منها‪ ،‬وكيفية إدخالها‬
‫وَت خزينها‪ُ ،‬محتِفظة بفوائدها وقَّو ِتها دون أْن َي تطَّر ق إليها الفساد‪ ،‬مع معرفة عالمات فسادها‪ ،‬وكذلك‬
‫انتقاء أجود النبات الُمستخَد م في صْن ع العقار‪ ،‬ولقد َأطنَب في هذا المجال الكثير من أطباء العرب كابن‬
‫سينا‪ ،‬والطبري‪ ،‬والمجوسي‪ ،‬وداود األنطاكي‪ ،‬والرازي‪ ،‬والبيروني‪ ،‬وابن البيطار"‬
‫كان العَّش ابون في عْص ر ابن البيطار ُيعاِلجون بُعشبهم أمراًض ا عديدة؛ وهم بذلك يقومون بدور الصيادلة‬
‫الذين رَّبما َي قومون بتحضير الدواء وإعداده‪ ،‬بل واكتشاف عقاقير ُتعاِلج مرًض ا َت َّم اكتشافه حديًث ا؛ لذا‬
‫فابن البيطار كان يقوم بأدوار ثالثة َت جعله َي نتمي لعلماء ثالثة فروع من فروع العلوم الطبيعية أو العلوم‬
‫البحتة‪ ،‬فهو يتحَّر ى النبات‪ ،‬وُيحِّلله كعلماء الكيمياء‪ ،‬ثم يقوم على صناعة الدواء من النبات الذي قام‬
‫باختياره وتطبيق الَّت جاِر ب التحليلية عليه الكتشاف مدى قدرة هذا النبات على معالجة المرض‪ ،‬فهو بذلك‬
‫يقوم بدور الصيدلي في عصرنا هذا‪ ،‬ولم يكن ابن البيطار َي صنع الدواء‪ ،‬ويكتشف العقار فحسب‪ ،‬بل‬
‫كان ُيعاِلج المرضى؛ فهو بذلك يقوم بدور الطبيب في عصرنا هذا‪ ،‬ونستطيع أْن َن خُلص بهذا التحليل‬
‫إلى كون ابن البيطار من علماء النبات‪ ،‬أو على وجه الدقة مَّمن كان ُيطلق عليهم خالل هذه الفترة‬
‫"العَّش ابين"؛ فهم الذين يقومون على ِع لم النبات‪.‬‬

‫‪ -‬نبوغه في العلم الذي اختاره لنفسه (علم النبات)‪:‬‬


‫حسًن ا فعل ابن البيطار حين قَّر ر أْن َي رحل عِقب بلوغه سِّن الشباب؛ لُينِّمي عقَله بالِعلم الذي اختار أْن‬
‫َي سلك طريقه؛ فقد "سافر ابن البيطار إلى مراكش والجزائر وتونس‪ ،‬وواَص ل دراسة النباتات بها‪ ،‬ثم‬
‫توَّج ه إلى إلى مصر حيث التحق بخدمة السلطان األيوبي "الملك الكامل" الذي عَّينه رئيًس ا لعَّش ابيه‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك عِمل في خدمة ابنه "الملك الصالح َن جم الدين" في مقِّر ه بدمشق‪ .‬وفي دمشق عَك ف ابن البيطار على‬
‫دراسة نباتات البيئة السورية‪ ،‬ومن دمشق توَّج ه إلى آسيا الصغرى (القسم األسيوي من تركيا في العصر‬
‫الحالي)‪ ،‬وتاَب ع دراسة نباتاِتها‪ ،‬ثم اْن تَق ل إلى بالد اليونان وإيطاليا دون أْن يتوَّقف عن دراساِته هذه‬
‫وتسجيل مالحظاته عن النباتات في بيئِاتها الطبيعَّية"‬
‫ال شَّك أن هذه األسفار والرحالت العلمَّية ‪ -‬على اختالف بين المؤِّر خين بشأن بداية رحالته ونهايتها ‪-‬‬
‫قد شَّك لت ِفْك ر ابن البيطار العلمي‪ ،‬واستطاعْت أْن ُتشِّك ل ‪ -‬مع ما حَّص ل عليه من علم باألندلس على يد‬
‫رجاالتها ‪ -‬علًما خاًّص ا بابن البيطار؛ فقد دَر س باألندلس العلم النظري على أيدي أساتذته‪ ،‬وبات من‬
‫الضروري أْن َي نطِلق ليرى ما دَر س رؤية عينَّية َت صِقل هذا الدرس‪ ،‬وُتنِض جه وَت جعله ُيبِدع وَي بتِكر‬
‫الجديد والمفيد‪.‬‬

‫نستطيع أْن ُنقِّسم حياة ابن البيطار العلمَّية إلى مراحل ثالث‪ ،‬أَّما األولى منها فقد كانت مرحلة التكوين‪،‬‬
‫والتي كان ُيعنى فيها بدرس علم الكيمياء والطب والنبات على أيدي أساتذته باألندلس‪ ،‬وتأتي المرحلة‬
‫الثانية وهي مرحلة الدراسة العملية؛ حيث "سافر إلى بالد األغارقة وأقصى بالد الروم‪ ،‬ولقي جماعة‬
‫يعاينون هذا الفَّن ‪ ،‬وأَخ ذ عنهم معرفة نبات كثير وعاينه في مواضعه‪ ،‬واجتمع أيًض ا في المغرب وغيره‬

‫‪16‬‬
‫بكثير من الفضالء في علم النبات وعاين منابَت ه‪ ،‬وتحَّقق ماهَّي َت ه‪ ،‬وأتقن دَّر ة كتاب (ديسقوريدس) إتقاًن ا‬
‫بَلغ فيه مبلًغ ا ال يكاد ُيوجد من ُيجاريه فيما هو فيه‪ ،‬وذلك أَّن ني وجدُت عنده من الذكاء والفطنة والدراية‬
‫في النبات وفي نْق ل ما ذَك ره ديسقوريدس وجاليونس فيه ما ُيتعَّج ب منه‪.‬‬
‫ولقد شاهدُت منه في ظاهر دمشق كثيًر ا من النبات في مواضعه‪ ،‬وقرأُت عليه أيًض ا تفسيره ألسماء‬
‫أدوية كتاب دريسقويدس‪ ،‬فكنُت أجد من َغ زارة علِمه ودرايته وفْهمه شيًئ ا كثيًر ا جًّد ا‪ ،‬وكنُت أحُضر لديه‬
‫عدة من الُكُتب الُم ؤَّلفة في األدوية الُمفَر دة‪ِ ،‬مثَل كتاب ديسقوريدس وجالينوس والغافقي‪ ،‬وأمثالها من‬
‫الكتب الجليلة في هذا الفن‪ ،‬فكان َي ذكر أَّو ًال ما قاله ديسقوريدس في كتابه باللفظ اليوناني على ما قد‬
‫صَّح حه في بالد الروم‪ ،‬ثم َي ذُك ر جملة ما َق اله ديسقوريدس من نعِته وصفته وأفعاله‪ ،‬وَي ذُك ر أيًض ا ما قاله‬
‫جالينوس فيه من نعته ومزاجه وأفعاله وما َي تعَّلق بذلك‪ ،‬ويذكر أيًض ا ُجمًال من أقوال الُمتأِّخ رين‪ ،‬وما‬
‫اختَلفوا فيه ومواضع الَغ َلط واالشتباه الذي وَق ع لبعضهم‪ ،‬فكنت أراجع تلك الكتب معه وال أجده ُيغاِدر‬
‫شيًئ ا مما فيهاو‪.‬وتأتي مرحلة أخرى‪ ،‬وهي مرحلة النبوغ؛ فقد انتقل التلميذ الذي أخذ َي نهل العلم نهًال من‬
‫أساتذته إلى مرحلة التجريب والتأمل واالبتكار‪ ،‬ثم بات ُيحِّد ث بما َع اين وشاَه د؛ ليكون بذلك في طور‬
‫األستاذَّية؛ حيث "ُيعتبر ابن البيطار من أوائل الكيميائين الطبيين (‪ُ )Iatrochimistes‬ر غم أَّن اهتمامه‬
‫اْق تصر على األعشاب دون العناصر الكيميائية "‬
‫وفي مرحلة النبوغ التي نحن بصدد الحديث عنها نرى أَّن ابن البيطار قد اهتَّم فيها بتدوين هذا الِعلم الذي‬
‫َي خُز نه عقله؛ فقد قام "بوْص ف أكثر من ألف وأربعمائة عقار طبي‪ ،‬وقارَن ها مع ما سَّج له أكثر من مائة‬
‫وخمسين ُم ؤَّلًفا مَّمن سبقوه"‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬أخالقه وشخصيته‬


‫أوال ‪ -‬أخالقه‬
‫كان ابن البيطار َي تمَّيز بصفات رَّبما أَّث رت بيئته في تكوينها؛ فجمال ورَّقة األندلس‪ ،‬وِط يب هوائها‪ ،‬جَع له‬
‫طِّيب الِعشرة‪َ ،‬ر ضَّي النْف س‪َ ،‬فِط ًن ا‪ ،‬ذكًّي ا‪ ،‬سريع البديهة‪ ،‬ولعَّل هللا ‪ -‬عز وجل‪ -‬حباه بصفات العالم الذي‬
‫ال َي بخُل بعلم‪ ،‬وال َي ترَّفع عن التعُّلم ممن دونه في الِعلم أو السِّن ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬شخصيته‬
‫كان البن البيطار أخالق سامية‪ ،‬ومروءة كاملة‪ ،‬وعلم غزير‪ .‬وكان له قوة ذاكرة أعانته على تصنيف‬
‫األدوية التي قرأ عنها‪ ،‬واستخلص من النباتات العقاقير المتنوعة فلم يغادر صغيرة وال كبيرة إال طبقها‪،‬‬
‫بعد تحقيقات طويلة‪ .‬قال تلميذه ابن أبي أصيبعة في كتابه عيون األنباء في طبقات األطباء‪« :‬رأيت من‬
‫حسن عشرته وكمال مروءته وكرم نفسه ما يفوق الوصف‪ ،‬وشاهدت معه في ظاهر دمشق كثيًر ا من‬
‫النباتات في مواضعها‪ ،‬ووجدت عنده من الذكاء والفطنة والدراية في النبات وفي الكتب المؤلفة في هذا‬
‫العلم ما يثير التعجب لذاكرته المتوقدة النادرة‪ ،‬فكان يذكر كل دواء في أي كتاب ذكر وفي أي مقالة من‬
‫هذا الكتاب وفي أي عدد هو من جملة األدوية المذكورة في تلك المقالة‪ ،‬إن ابن البيطار هو أوحد زمانه‬
‫وعّالمة عصره في معرفة النبات وتحقيقه واختياره ومواضع نبته ونعت أسمائه على اختالفها وتنوعها‬

‫‪17‬‬
‫المطلب الخامس ‪ :‬أساتذته وتالمذته‬

‫أوال ‪ :‬أساتذته‬
‫ومن الجدير بالذكر أَّن ابن البيطار قد استفاد من اإلسهامات التي قَّد مها أساتذة سابقون عليه‪ ،‬وقد تأَّث ر‬
‫تأثيًر ا كبيًر ا بمؤَّلفاتهم وأعمالهم‪ ،‬ومن بين هؤالء‪:‬‬
‫‪ -1‬ديسقوريدس والذي كان له ُم ؤَّلفات هامة‪ ،‬من بينها كتاب (الحشائش) الذي قام ابن البيطار بترجمته‬
‫ونَق ل منه الكثير في كتابه (الجامع لألدوية المفردة)‪ ،‬وعندما قام ابن البيطار بترجمته لم يكتِف فقط‬
‫بترجمته ونْق ل نصوصه‪ ،‬ولكنه امتاز بُعمق المعرفة والِّد قة في تناوله؛ حيث جَم ع المصادر الهاَّمِة لمادة‬
‫البحث‪ ،‬ولم يكتِف بمصدر واحد فقط‪ ،‬بل رَج ع إلى ِع َّد ة مصادر‪ ،‬وعَق د بعض المقارنات بين‬
‫ديسقوريدس وجالينوس وعلماء العرب السابقين‪ ،‬وقد كان حريًص ا على نْق ل أسماء النباتات بدَّقة‪،‬‬
‫وأضاف العديد من التعليقات على هوامش الكتاب (الحشائش) للزيادة في اإليضاح والتوصل إلى نتائج‬
‫جديدة‪.‬‬

‫‪ -2‬جالينوس حيث إَّن ه من َت صَّفح ُم ؤَّلفات ابن البيطار‪َ ،‬ن جد أَّن ه قد استفاد أيًض ا من جالينوس‬
‫‪31( Galenos‬ق‪.‬م)‪ ،‬حيث َت أَّث ر بُم ؤَّلفاته الكثيرة‪ ،‬ومن بينها كتابه الذي يتضَّمن أَّن الطبيب الفاضل‬
‫يجب أن يكون فيلسوًف ا‪ ،‬وكذلك بكتابه (االسطقسات) (العناصر)‪ ،‬وكتابه (التشريح الكبير)‪ ،‬وكتابه (حيلة‬
‫البرء)‪ ،‬وقد كان جالينوس أَّو ل األطباء الذين َأْج روا اختبارات للوقوف على طريقة عَم ل بعض األعضاء‬
‫مثل الُكَلى‪ ،‬وصلة الحبل الشوكي بحركات الجسم‪ ،‬والحساسية‪ ،‬وطريقة عمل التنفس والنبض‪ ،‬فأثبت‬
‫علمًّي ا أن الشرايين تحتوي على دم‪ ،‬وتنقله على ما يذهب إليه األب جورج قنواتي‪.‬‬
‫ومن أبرز إنجازات جالينوس ‪ -‬والتي تأَّث ر بها ابن البيطار ‪ -‬اهتمامه بإجراءالَّت جاِر ب وتحضير األدوية‪،‬‬
‫فقد كان جالينوس ُيحِّضر األدوية بنفسه‪ ،‬وقد وَص ف ‪ 473‬وْص ًفا طبًّي ا من مختلف المصادر نباتات‬
‫وحيوانات ومعادن‪.‬‬
‫‪ -3‬وإذا كان ابن البيطار قد استفاد من علماء اليونان‪ ،‬فإَّن ه أيًض ا قد تأَّث ر بعلمائنا العرب الذين قد تأَّث روا‬
‫بدورهم بالعلم اليوناني‪ ،‬ومن أبرز هؤالء العلماء‪ :‬أبو حنيفة الدينوري‪ ،‬الذي كان من علماء اللغة‬
‫المعروفين‪ ،‬والذي وَض ع كتاًبا في النبات‪ ،‬ولم يصنف مثله في اللغة العربية؛ إذ ُيعُّد أول كتاب عربي‬
‫أِّلف في النبات‪ ،‬وإن كان العرب قبله قد تكَّلموا في النبات‪ ،‬بدليل أَّن ه نَق ل هو نفسه من كثير من العلماء‬
‫الذين سَب قوه في هذا الميدان‪ ،‬إال أَّن هم لم يضعوا كتاًبا معروًفا ُمتكاِم ًال في ذلك‪.‬‬
‫وقد استفاد ابن البيطار من أبي حنيفة الذي كان نباتًّي ا ُلغوًّي ا‪ ،‬بينما كان ابن البيطار عَّش اًبا وطبيًبا نباتًّي ا‪،‬‬
‫َت حَّد ث عن النبات وأوصافه‪َ ،‬أصِله وساقه وورقه وزهره وثمره؛ حتى ال َي خِلط بين نبات نافع وآخر‬
‫ضار‪ ،‬ثم يقف على ذلك بذكره ما ُيستخَلص منه من عقار ُمفيد في العالج‪ ،‬وكيف ُيؤخذ كدواء‪ ،‬ومتى‬
‫ُيؤخذ‪ ،‬وكيف ُيعُّد ‪ ،‬وكيف يتم َت عاطيه ومقدار الجرعة؟‬

‫‪18‬‬
‫‪ -4‬كما استفاد ابن البيطار من العالم الطبيب والفيلسوف ابن سينا الذي اْس تقَص ى نسبة كبيرة من‬
‫النباتات‪ ،‬والتي كانت معروفة في عْص ره‪ ،‬فأورَد في كتابه (القانون) طائفة كبيرة من النباتات الشجرية‬
‫والعشبية والزهرية والعطرية والطحلبَّية‪ ،‬وبين األجناس المختلفة من النباتات واألنواع المختلفة من‬
‫الجنس الواحد‪ ،‬وَذ َك ر الُمتشاِبه وغير المتشابه‪ ،‬وُعني بذكر مواطن النبات والتربة التي َي نمو فيها إْن‬
‫كانت َم ِلحة أو غير َم ِلحة‪.‬‬
‫ولكن نجد َت مُّي َز ابن البيطار عن ابن سينا في كثير من المواضع؛ فبينما َن جد ابن سينا َي هتُّم بدراسة‬
‫النبات‪ ،‬وَي تناوله َت ناوًال عاًّم ا من حيث أوصافه الدقيقة‪ ،‬التي ُتمِّيزه عن غيره‪ ،‬وذَك ر منابته‪ ،‬نجد ابن‬
‫البيطار ُيرِّك ز على الخصائص الطبَّية وفوائده في العالج ومداواة األمراض‪ ،‬ويوِّج ه اهتمامه إلى تفصيل‬
‫المزايا الطبَّية‪ ،‬وُيقاِر ن الباحث الجنبالطي‪ ،‬بين مقدرة ابن سينا وابن البيطار بقوله‪" :‬وليس معنى ذلك أْن‬
‫َن َّت هم ابن سينا بالقصور في أبحاثه الخاصة في علم النبات‪ ،‬أو أَّن ه ُيفِّضل الخصائص الطبَّية‪ ،‬بل كان‬
‫ُيعطيها من األهمية ِمثَل ما ُيعطي وْص ًفا للنبات‪ ،‬ومن هنا تَّت ضح دَّقُة ابن سينا‪ ،‬وإْن لم يكن صيدلًّي ا كما‬
‫كان ابن البيطار‪ ،‬فابن سينا كان اهتمامه في مجال التأليف الطبي الُم َّت ِِس ق الذي َي تناول الطَّب والصيدلة‬
‫مًع ا‪ ،‬بينما كان ابن البيطار َي هُّمه مجال الصيدلة وحَد ه‪.‬‬
‫‪ -5‬كما َت أَّث ر ابن البيطار بالشريف اإلدريسي الذي ُيعُّد عاِلًما جغرافًّي ا وعالًما نباتًّي ا‪ ،‬خاصة بكتابه‬
‫"الجامع لصفات أشتات النبات"‪ ،‬والذي َأتى فيه بأفكار جديدة وُمبتَك رة‪ ،‬فقد حَر ص على أْن َي تجَّن ب ما‬
‫جاء في الكتب السابقة من خْل ط وتشويه وتقصير‪ ،‬وأنه اَّت خذ َم سلًك ا فريًد ا َي هِدف إلى التعريف بأسماء‬
‫النباتات ُبلغاتها المختلفة من يونانية وفارسَّية‪ ،‬وهندَّية وبربرية‪ ،‬والتينية ‪ -‬مَّما ُيذِّك رنا بإنجاز البيروني‬
‫في كتابه "الصيدلة في الطب" ‪ -‬وترتيبها على حروف المعجم‪ ،‬وهذا أيًض ا ما فَع َله ابن البيطار؛ حيث‬
‫سار على َن ْهج اإلدريسي‪ ،‬ناقًد ا الُمتقِّد مين على تقصيرهم في هذا الشأن‪.‬‬
‫‪ -6‬كما تأَّث ر ابن البيطار بالغاِفقي النباِّت ي المشهور الذي ُيعُّد من أعظم الصيدليين العرب أصالة‪ ،‬حيث‬
‫أَخ ذ منه أجزاء غير قليلة من كتابه في األدوية الُمفَر دة‪.‬‬
‫‪ -7‬كما ال ُيمِكن إغفال تأُّث ر ابن البيطار بكثير من العلماء العرب والصيادلة والعَّش ابين‪ ،‬والذين َت ظهر‬
‫أسماؤهم في ُم ؤَّلفاته؛ ِمثَل الزهاوي‪ ،‬وابن جزلة‪ ،‬وأبو بكر الرازي‪ ،‬وابن سمحون‪ ،‬وثابت بن قرة‪،‬‬
‫وماسرجويه‪ ،‬وابن العوام‪ ،‬الذين َكَت بوا ُتراًث ا ضخًما‪َ ،‬ت مَّك ن ابن البيطار من االستفادة منه وتوظيفه في‬
‫تأسيس ِع لم الصيدلة وتأصيله عند العرب والمسلمين‪.‬‬
‫ليس من العيب أْن أتأَّث ر بالغير أًّي ا كان جنسه ودينه؛ فقد شَر ع لنا اإلسالم أْن نأخذ عن الغير ما َي عود‬
‫بالنفع لنا‪ ،‬وهذا ما قام به ابن البيطار؛ فقد أخذ عن علماء اليونان واإلغريق كما أخذ عن علماء العرب‬
‫والمسلمين‪ ،‬واْس تهَد ى بمقاالِتهم‪ ،‬واْس ترَش د بمؤَّلفاِتهم؛ لُيقِّد م لنا في النهاية ِع لًما نافًع ا‪ ،‬ظَّل باقًيا أبد‬
‫اآلبدين‪ ،‬وآثاًر ا خالدة قامت بفضلها أمجاد أمم في هذا الِعلم‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تالمذته‬
‫كان البن البيطار في القاهرة ودمشق تالميذ أخذوا عنه الطب وعلم النبات منهم‪:‬‬
‫أحمد بن القاسم ابن أبي أصيبعة‪ :‬التقى ألول مرة بابن البيطار في دمشق‪ ،‬وكان يصاحبه إلى ظاهر‬
‫دمشق للتعشيب‪ ،‬ويدرس معه عيون الكتب في األدوية المفردة‪ ،‬وهو صاحب كتاب عيون األنباء‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫إبراهيم بن محمد السويدي الدمشقي‪ :‬كان البن البيطار أثر عميق في نفسه قد تجلى في كتابيه الّسمات‬
‫في أسماء النبات وكتاب التذكرة الهادية والذخيرة الكافية‪.‬‬

‫المطلب السادس ‪ :‬رحالته العلمية‬

‫كان ابن البيطار كثير الترحال إلى بالد اليونان والروم‪ ،‬وجميع بالد العالم اإلسالمي‪ ،‬حيث يجتمع مع‬
‫علماء تلك البالد ويدارسهم في أنواع النبات‪ ،‬وخواصه وفوائده‪ ،‬غير مكتف بقراءة الكتب والمصنفات‪،‬‬
‫وكان في ترحاله يدرس النبات في منابته‪ ،‬بل يدرس التربة والحجر الذي ينمو فيه‪ ،‬واألرض التي تنبته‪،‬‬
‫والعوامل المختلفة المتركزة عليه‪ ،‬حتى إذا جمع خبرة طويلة مستندة على المالحظة الدقيقة ألف كتابيه‬
‫المشهورين المغني في األدوية المفردة والجامع لمفردات األدوية واألغذية‪]9[.‬‬
‫بعد أن تمكن في األندلس من علم النبات‪ ،‬غادر ابن البيطار بالد األندلس بال رجعة في سن العشرين من‬
‫عمره في رحلة علمية طويلة‪ ،‬مر في رحلته بالمغرب األقصى فالجزائر فتونس ثم طرابلس وبرقة‪ ،‬ثم‬
‫أخذ طريق البحر نحو آسيا الصغرى‪ ،‬وزار اليونان ووصل به المطاف إلى أقصى بالد الروم‪ ،‬ثم اتجه‬
‫إلى المشرق اإلسالمي فزار بالد فارس والعراق ثم بالد الشام ومصر‪ .‬لم يكن مروره بتلك البلدان‬
‫عابًر ا‪ ،‬بل كان يقيم بكل بلد مدة يبحث فيها عن النباتات ويدرس كل نبات في منبته‪ ،‬ويدرس األرض‬
‫التي تنبته‪ ،‬وكان يصطحب رساًما معه يرسم له كل نبات بدقة‪ ،‬ثم يجتمع مع علماء تلك البالد فيأخذ‬
‫عنهم ويتدارس معهم مسائل النبات‪ ،‬وقد تهيأت له من ذلك كله معرفة معمقة بالنبات الموجود في البيئة‬
‫العربية وفي آسيا الصغرى‪ ،‬وصار أوحد زمانه وعالمة وقته في تحقيق النبات ومواضع منابته ونعت‬
‫أسمائه على اختالفها وتنوعها‪ .‬ثم استقر ابن البيطار في مصر‪ ،‬وحظي بمنزلة رفيعة عند سلطانها‬
‫األيوبي الملك الكامل‪ ،‬الذي ألحقه بخدمته وجعله رئيًس ا على سائر العَّش ابين‪ ،‬وبعد وفاته حظي عند الملك‬
‫الصالح نجم الدين أيوب بما كان يحظى به عند والده الملك الكامل من منزلة‪ ،‬فكان ينتقل معه بين‬
‫القاهرة ودمشق‪ .‬قال عبد الرزاق نوفل في كتابه المسلمون والعلم الحديث‪« :‬ضياء الدين هو أول عالم‬
‫اهتم بدراسة الحشائش التي تنبت في الحقل وتضر بالمحاصيل‪ ،‬وكّو ن لذلك مجموعات في األنواع‬
‫المختلفة واألصناف العديدة التي تختص بكل محصول‪ ،‬ومازالت فكرة تكوين مجموعات الحشائش هي‬
‫األساس الذي يلجأ إليه علماء النبات في أبحاثهم حتى الوقت الحاضر»‪.‬‬

‫المطلب السابع‪ :‬تأثره العلمي‬

‫خالل رحالته العلمية تأثر ابن البيطار بآراء أبقراط الذي عاش في القرن الخامس قبل الميالد‪ ،‬وقد‬
‫استفاد من المنهج العلمي الذي اتبعه‪ ،‬وكذلك كتاباته في علوم التشريح ووظائف األعضاء‪ ،‬كما تأثر‬
‫بديسقوريدس الذي عاش في القرن األول قبل الميالد‪ ،‬وشرح له كتاب الحشائش وعلق عليه‪،‬وقابل بين‬
‫معلوماته ومعلومات جالينوس وعلماء العرب‪ .‬كما تأثر بجالينوس الذي عاش في القرن الثاني قبل‬
‫الميالد وكتبه الكثيرة‪ ،‬وكان جالينوس قد تأثر من قبل بأبقراط وشرح معظم كتبه‪ .‬ومن أبرز إنجازات‬
‫جالينوس التي تأثر بها ابن البيطار اهتمامه بإجراء التجارب وتحضير األدوية بنفسه‪ ،‬كما تأثر بأبي‬
‫حنيفة الدينوري الذي كان نباتيًا ولغويًا‪ ،‬عاش في القرن الثالث الهجري‪ .‬كما تأثر بابن سينا وخاصة‬
‫بكتابيه القانون والشفا‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫كما تأثر ابن البيطار بالشريف اإلدريسي الذي يعد عالًما جغرافًيا وعالًما نباتًيا‪ ،‬خاصة بكتابه الجامع‬
‫لصفات أشتات النبات‪ ،‬والذي أتى فيه بأفكار جديدة ومبتكرة‪ ،‬فقد حرص على أن يتجنب ما جاء في‬
‫الكتب السابقة من خلط وتشويه وتقصير‪ ،‬وأنه اتخذ مسلًك ا فريًد ا يهدف إلى التعريف بأسماء النباتات‬
‫بلغاتها المختلفة من يونانية وفارسية‪ ،‬وهندية وبربرية‪ ،‬والتينية‪ ،‬وهذا ما فعله ابن البيطار‪ ،‬حيث سار‬
‫على نهج اإلدريسي‪ ،‬ناقًد ا المتقدمين على تقصيرهم في هذا الشأن‪ .‬كما تأثر بالغافقي النباتي المشهور‬
‫الذي يعد من أعظم الصيدليين العرب أصالة‪ ،‬حيث أخذ منه أجزاء غير قليلة من كتابه في األدوية‬
‫المفردة‪ .‬كما ال يمكن إغفال تأثر ابن البيطار بكثير من العلماء العرب والصيادلة والعشابين‪ ،‬والذين‬
‫تظهر أسماؤهم في مؤلفاته مثل الزهراوي وابن جزلة وأبو بكر الرازي وابن سمحون وثابت بن قرة‬
‫وماسرجويه وابن العوام‪ ،‬الذين كتبوا تراًث ا ضخًما‪َ ،‬ت مكن ابن البيطار من االستفادة منه وتوظيفه في‬
‫تأسيس علم الصيدلة وتأصيله عند العرب والمسلمين‬

‫المطلب الثامن ‪ :‬أشهر إنجازات ومؤلفات ابن البيطار الطبية‬


‫‪ -‬أما عن إنجازات ابن البيطار الطبية في مجال الطب والتدواي باألعشاب التي قدمها للعالم أجمع‬
‫واألمة اإلسالمية خاصة ‪ ،‬ونذكر منها ‪:‬‬
‫*أثبت للعالم حقيقة أن األعشاب مفيدة لالستعمال العالجي في مجال التطبيب من خالل البحث في‬
‫العصر الذهبي لإلسالم ‪.‬‬
‫*استخدم ابن البيطار الزيوت األساسية للعالج بمايعرف بالعالج بالروائح وذلك بعد استخراجها بطريقة‬
‫التقطير والتبخير ‪،‬ومنها الزيت المستخرج من ماء البرتقال وماء الورد والتي تستخدم بوضعها على‬
‫الجلد مباشره أو بحرقها كالبخور وغيرها‪.‬‬
‫*استخدام نبات الهندباء بمثابة عالج تقليدي لللسرطان واألورام ‪،‬والتي باتت من النباتات المفيدة جدا‬
‫والتي اليزال الناس يستخدمونها حتى اآلن ‪...‬‬
‫وقد اعترف بفائدتها في عالج اضطرابات األورام ‪،‬وحصلت النبتة على براءة اختراع في عام ‪١٩٩٧‬‬
‫ميالديا‪.‬‬
‫*شجع على تحضير واستخدام االدوية ‪.‬‬
‫‪-‬أشهر مؤلفات العالم ابن البيطار ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مفردات ابن البيطار أو الجامع في األدوية المفردات ‪ :‬يعد هذا الكتاب أشهر كتب ابن البيطار وهو‬
‫موسوعة في الصيدلة تحتوي على وصف مفصل ألكثر من ‪ ١٤٠٠‬نوعا من األعشاب واألطعمة‬
‫والعقاقير الطبية ‪،‬وبيان قيمتها العالجية واستخداماتها الدوائية كما يحتوي الكتاب على إشارات إلى‬
‫‪ ١٥٠‬كتابا عربيا و‪٢٠‬كاتبا يونانيا‪ ،‬ذكر فيه أسماء أدوية واالغذية من نبات وحيوان وجماد ‪،‬حسب‬
‫ترتيب خروفها األبجدية ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ثانيا‪:‬المغني في األدوية المفردة ‪:‬وهو معجم في االدوية المفردة مثل كتاب الجامع إال أنه مرتب بحسب‬
‫أعضاء الجسد ترتيبا مبسطا ‪،‬قسمه إلى عشرين فصال بحسب األعضاء ‪،‬وضمن كل فصل االدوية‬
‫المفردة الصالحة ألمراض العضو المتحدث عنه والتي اليستطيع الطبيب االستغناء عنها ‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬اإلبانة واإلعالم بما في المنهاج من الخلل واألوهاب ‪:‬وهو معجم في االدوية المفردة وصفه ابن‬
‫البيطار في نقد كتاب منهاج البيان فيما يستعمله اإلنسان ‪،‬وهو الكتاب الذي جمع فيه ابن جزلة البغدادي‬
‫االدوية واألغذية واألشربة ‪،‬حيث استخرج ابن البيطار المفردات التي تثير النقاش والنقد ‪،‬ونبه على‬
‫أخطائه وماخلط فيه من أسماء األدوية ورتبها ترتيبا أبجديا ‪،‬الكتاب موجود في مخطوطة فريدة محفوظة‬
‫في مكتبة الحرم المكي الشريف‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬تفسير كتاب ديسقوريدوس ‪:‬وهو عبارةعن قاموس العربية واليونانية وشرح لألدوية النباتية‬
‫والحيوانية ‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬رسالة في تداوي السموم‪:‬نسخه من هذه الرسالة محفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة ‪.‬‬
‫سادسا‪:‬كتاب ميزان الطبيب‪:‬وهو كتاب في المداوة والعالج ألفه ابن البيطار بطلب من االمير سهاب‬
‫الدين أحمد بن عيسى وقسمه إلى ثمانين بابا رتبه بحسب أعضاء الجسد ومن الكتاب نسخة محفوظة في‬
‫جامعة ألبساال بالسويد ‪.‬‬
‫سابعا‪:‬كتاب األقرباذين ‪:‬يحتوي على مجموعة من األدوية ويشمل وصف جميع النباتات والمعادن‬
‫واألحجار والحيوانات ‪،‬وقد ثبت ان ابن البيطار ألف هذا الكتاب أثناء إقامته في مصر ‪.‬‬

‫المطلب التاسع ‪ :‬وفاته‬

‫استمر ابن البيطار في الكتابة والتأليف بعد عودته إلى سوريا وإقامته في دمشق‬
‫الى ان وصف الف و اربعمائة من أنواع النبات و العقاقير بتراكبها الكيميائية‬
‫و توفي فيها عام ‪٦٤٦‬للهجرة ‪١٢٤٨/‬م‬
‫عن عمر يناهز ‪ ٥١‬سنة ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الخاتمة‬
‫من خالل ماسبق نالحظ ارتباط الدين اإلسالمي بالعلم والتعلم ‪،‬فاإلنسان المسلم‬
‫غير قادر على فهم وتعلم دينه إال إذا تعلم ‪،‬ومن هنا تكمن عظمة هذا الدين الذي‬
‫حث على طلب العلم والمعرفة مما أدى لنشوء نهضة إسالمية متميزة عن األمم‬
‫السابقة بكل ماتحمله من علوم شرعية ودينية فكان ذلك مبعثا لظهور علوم‬
‫دنيوية مثل الطب وتمييز روادهل فكان علماء الطب المسلمين ممن كان لهم‬
‫دور عظيم في هذا المجال ومن أبرزهم وأشهرهم الحكيم األجل إمام النباتيين‬
‫والعشابين ‪،‬الطبيب ‪،‬والصيدالني ‪،‬والباحث ابن البيطار الذي تفرد في زمانه‬
‫بعلم النباتات في سبيل العالج وتداوي وخدمة المجتمع ‪ ،‬حبه لطب وشغفه لتعرف‬
‫على النباتات جعله شهيد الطب ‪،‬حق علينا ولنا أن نفخر بانتمائنا إلى حضارة كان‬
‫ابن البيطار أحد ابنائها ولكن علينا أن نقوم بأداء واجبنا تجاه هذا العالم العظيم ‪،‬‬
‫ويكمن هذا العمل على نشر علمه واالنتفاع به ما أمكن ‪،‬وليكون هذا‬
‫بطباعةمؤلفاته فحسب ‪،‬وإنما باالستفادة منها ما امكن ‪،‬فالمكتبات والمستودعات‬

‫‪23‬‬
‫تعج بالكتب والمؤلفات التي هجرت وتشتاق لمن ينفض عنها غبار الهجرة ويقلب‬
‫صفحاتها ويقرا كلماتها ويتأمل محتواها ‪...‬‬
‫أتمنى أن أكون من خالل هذه الوقفة قد اوصلت لمحة عن حياة عالم متميز متفرد‬
‫بصنعته وأوحد زمانه ‪،‬عالم ينتمي ألمة اإلسلتم ‪،‬كانت له الريادة العلمية في‬
‫زمانه ‪،‬عالم عرف بعزيمته وحبه للعلم وشغفه للتجربة ‪.‬‬
‫ومن هذا نرى ونثبت من جديد عظمة الدين اإلسالمي ‪،‬الذي لم يغفل جانبا من‬
‫جوانب الحياة إال واهتم به ‪،‬وأكبر دليل علماء طب المسلمين فإنجازاتهم التخفى‬
‫على أحد ومهما كتبنا النعطيهم حقهم ‪..‬‬
‫الحمدهلل على نعمة اإلسالم‬

‫المصادر والمراجع‬

‫عاطف محمد ‪،‬أشهر العلماء في تاريخ ابن البيطار‬

‫صفحة ‪ ٦.٥‬بتصرف‬

‫عبد الحليم منتصر الجامع لمفردات االدوية واألغذية‬

‫صفحة ‪ ٢٢.٢٣.٢٤‬بتصرف‬

‫جورج شحاتة قتواني ‪،‬تاريخ الصيدلة والعقاقير ‪،‬في العهد القديم والعصر الوسيط‬

‫‪24‬‬
‫صفحة ‪ ١٥٧‬بتصرف‬

‫‪25‬‬

You might also like