Professional Documents
Culture Documents
تقدم الكلام على البسملة
تقدم الكلام على البسملة
وأما احلروف املقطعة يف أوائل السور ،فاألسمل فهيا ،السكوت عن التعرض ملعناها من
غري مستند رشعي ،مع اجلزم بأن هللا تعاىل مل يزنلها عبثا بل حلمكة ال نعلمها.
" ذكل الكتاب ال ريب فيه هدى للمتقني "
وقوله " َذ ِلَك اْلِكَتاُب " أي هذا الكتاب العظمي اذلي هو الكتاب عىل
احلقيقة ،املشمتل عىل ما مل تشمتل عليه كتب املتقدمني ،من العمل العظمي ،واحلق املبني.
فهو " اَل َر ْيَب ِف يِه " وال شك بوجه من الوجوه.
ونفي الريب عنه ،يستلزم ضده ،إذ ضد الريب والشك ،اليقين.
فهذا الكتاب مشمتل عىل عىل اليقني املزيل للشك والريب.
وهذه قاعدة مفيدة ,أن النفي المقصود به المدح ,ال بد أن يكون متضمنا
لضدة ,وهو الكامل ,ألن النفي عدم ,والعدم احملض ,ال مدح فيه.
فلام اشمتل عىل اليقني واكنت الهداية ال حتصل إال ابليقني قالُ " :هًد ى ِلْلُم َّتِقَني " والهدى:
ما حتصل به الهداية من الضالةل والشبه :وما به الهداية إىل سلوك الطرق النافعة.
وقال " ُهًد ى " وحذف املعمول ,فمل يقل هدى للمصلحة الفالنية ,وال لليشء الفالين,
إلرادة العموم ,وأنه هدى مجليع مصاحل ادلارين.
فهو مرشد للعباد يف املسائل األصولية والفروعية ,ومبني للحق من الباطل ,والصحيح من
الضعيف ,ومبني هلم كيف يسلكون الطرق النافعة هلم ,يف دنيامه وأخرامه.
وقال يف موضع آخر " ُهًد ى ِللَّناِس " فعمم.
ويف هذا املوضع وغيره " ُهًد ى ِلْلُم َّتِقيَن " ألنه يف نفسه هدى مجليع الناس.
فاألشقياء مل يرفعوا به رأسا.
ومل يقبلوا هدى هللا ,فقامت علهيم به احلجة ,ومل ينتفعوا به لشقاهئم.
وأما املتقون اذلين أتوا بالسبب األكبر ,لحصول الهداية ,وهو التقوى اليت
حقيقهتا :اختاذ ما يقي خسط هللا وعذابه ,ابمتثال أوامره ,واجتناب نواهيه ,فاهتدوا به,
وانتفعوا.
غاية الانتفاع.
قال تعاىل " اَي َأَهُّيا اِذَّل يَن آَمُنوا ْن َتَّتُقوا َهَّللا َيْج َع ْل َلُك ْم ُفْر َقاًنا " .
آل آ آل ِإ
فاملتقون مه املنتفعون اب ايت القر نية ,وا ايت الكونية.
وألن الهداية نوعان :هداية البيان ,هداية التوفيق.
فاملتقون حصلت هلم الهدايتان ,وغريمه مل حتصل هلم هداية التوفيق.
وهداية البيان بدون توفيق للعمل هبا ,ليست هداية حقيقية اتمة.