You are on page 1of 12

‫الفهرس ‪:‬‬

‫‪ .1‬نبذه مختصره عن حياة ارسطو‬

‫‪ .2‬موقف أرسطو من الفن والجمال‬

‫‪ .3‬فلسفة الفن عند أرسطو‬

‫‪ .4‬فلسفة الجمال عند أرسطو‬

‫‪ .5‬الشعر الجمالي عند أرسطو‬

‫• أنواع الشعر‬
‫• شروط االبداع الشعري‬

‫‪ .6‬المحاكاة عند أرسطو‬


‫نبذه مختصره عن حياة ارسطو ‪:‬‬
‫أرسطو أو أرسطوطاليس ‪(Aristotle‬باإلغريقية‪ (384 :‬هو فيلسوف إغريقي ‪ ،‬تلميذ أفالطون‬
‫ومعلم اإلسكندر األكبر‪ .‬فقد أرسطو والده وهو ما يزال حدثاً‪ ،‬ثم فقد والدته‪ ،‬فرباه وصي عليه‬
‫رجل يدعى بروكسين‪ .‬وفي حوالي عام ‪ 366‬ق‪.‬م‪ ،‬وعندما كان في سن السابعة عشرة‪" ،‬قصد‬
‫أرسطو مدينة أثينا ودخل أكاديمية أفالطون كطالب‪ ،‬وبقى فيها حتى وفاة المعلم‪ ،‬أي حوالي‬
‫عشرين عاماً‪ .‬كانت مدرسة أفالطون وقتها في أوج ازدهارها وتعتبر كجامعة حقيقية‪ ،‬فلها‬
‫نظامها‪ ،‬وفيها مساكن للطالب‪ ،‬وقاعات محاضرات‪ ،‬ومتحف ومكتبة ‪.‬‬

‫تعرف أرسطو في األكاديمية على أفالطون‪ ،‬كما تعرف على تالميذه ومنهم فالسفة كبار مثل‬
‫أودوكس وهيراقليدس (اللذين توليا رئاسة األكاديمية في غياب أفالطون تباعاً)‪.‬‬

‫موقف أرسطو من الفن والجمال‪:‬‬


‫كان كتاب فن الشعر فتحا جديدا في علم الجمال‪ ،‬أال ان صاحبه لم يترك قضية من‬

‫قضايا الفن إال وعالجها" فقد حلل إنتاج الفنانين في عصره‪ ،‬وقدم أسس وقوانين في‬

‫اإلبداع‪...‬وعرف الدراما والشعر الملحمي وفن العمارة والموسيقى والرسم والمسرح وكان في‬
‫فهذا يدل كل ذلك يرتكز على الواقع الملموس في كل أبحاثه حول الفن خالفا ألفالطون "على أن‬
‫أرسطو نظرته للفن والجمال نظرة واقعية ملموسة نراها ونحس بها‪ ،‬أي أنه فضل االنطالق من‬
‫الواقع في معالجة المسائل الجمالية‪ ،‬والحواس هي التي تزيد من واقعيتها‪ ،‬فقد حلل وفسر بها‬
‫جل أعماله في الفن‪ ،‬فكانت نظرته معاكسة لنظرة أفالطون المثالية‪.‬‬

‫رأى أرسطو أن الجمال هو "انسجام الوحدة في التنوع والتخالف‪ ،‬الوحدة التي تجمع في بمعنى‬
‫أنه يشير إلى جزئية الجمال‪ ،‬فالجمال داخلها التنوع والتخالف في وحدة منسجمة" متكون من‬
‫أجزاء وهذه األجزاء هي التي تشكل الوحدة‪ ،‬وهذا يدل أنه انطلق في تحليله للجمال من الجزء‬
‫إلى الكل‪ ،‬عكس أفالطون الذي ينتقل من الكل إلى الجزء‪.‬‬

‫تعد فلسفة أرسطو فلسفة غائية " وهي التي بموجبها يقارن ما بين الفن والطبيعة في أن‬

‫ولهذا نجد كالهما قادر على التشكيل ومنح األشياء صورها العضوية وفقا لغرض أو غاية"‬

‫عالقة وطيدة بين الطبيعة والنفس في فهم نظريته الجمالية‪ ،‬فغاية الفن هي تحقيق التوازن‬

‫النفسي لدى الفرد والمجتمع‪ ،‬فالفن والطبيعة كما يقول أرسطو" هما القوتان األوليان في العلم‬

‫واالختالف بينها هو أن الطبيعة تحتوي على مبدأ الحركة ذاتها بينما الفن تكتب األشياء‬

‫صورها الجميلة بواسطة تلك الحركة التي تحدثها روح الفنان فالفن إذا ينافس الطبيعة‪ ،‬من‬

‫خالل تغير إلى األفضل وإظهار األجمل في العملية اإلبداعية‪ ،‬فالطبيعة تبرز الجمال والفن‬
‫يبدع في إظهار األجمل‪.‬‬

‫وعليه فالجمال الحقيقي عند أرسطو‪ ،‬هو الجمال الذي يناغم البيئة الحسية ومشاكلها وهو‬

‫الجمال الموضوعي فهو مرتبط باإلدراك الحسي" والجمال في رأى أرسطو صفة لها وجودها‬

‫الموضوعي وهي صفة األشياء نفسها وأرسطو يبرز وينظم سمات الجمال وينشئ علم‬

‫الجمال المعياري‪...‬ويقول بهذا في كتابه فن الشعر إن التناسق واالنسجام والوضوح هي أهم‬

‫فالجمال إذا هو جمال خصائص الجميل‪ .‬وهي صفات يمكن تبنيها على نحو موضوعي"‬

‫موضوعي يحتوى على الوضوح والتناسب والت اربط بين األجزاء لتكون وحدة منظمة‪.‬‬

‫وقد ميز أرسطو بين نوعين من الفن‪ :‬الفنون النافعة والفنون الجميلة "والثانية ألصقها بماهية‬

‫المحاكاة من األولي ومن ثم يتبين أن الجمال في رأى أرسطو موجود على نحو موضوعي‪،‬‬

‫في نسب األشياء و أحجامها وتناسقها‪ ،‬وذلك الجمال هو مصدر وعيينا الجمالي وأعمالنا‬

‫الفنية‪ ،‬أما الفن بمبدئه في المحاكاة فإن نشأته ترتبط بالميل الغريزي لإلنسان نحو‬

‫التقليد فتحقق المحاكاة شأنه أن يبعث عنده الشعور باللذة‪ ،‬فمنبع المتعة الجمالية االهتمام‬

‫الواقعي للناس بالمعرفة فالفن شكل من أشكال نشاط الناس في سبيل المعرفة"‬

‫فلسفة الفن عند أرسطو ‪:‬‬


‫إن الفن الحقيقي لدى أرسطو هو تعبير خالق و مبدع عن الحقيقة التي ال تتعدى نطاق الممكن‪،‬‬
‫بخالف الفن المزيف الذي يقدم حقائق مغلوطة تبعده عن مجال الممكن عقليا أي عن الحقيقة‪.‬‬

‫ولهذا وضع أرسطو الفن في خدمة الحقيقة والفنان الجدير بهذا االسم في نظره يجب عليه أن‬
‫يستخدم كل طاقته الخالقة وخياله المبدع في التعبير عن حقائق األشياء‪ .‬فالفن شأنه شأن الفلسفة‬
‫يمكنه أيضا الوصول إلى الحقيقة اعتمادا على التخيل و التمثيل مثلما تصل إليه الفلسفة عن‬
‫طريق التجريد والتعميم المرتبطين بالعقل والخطابة والشعر‪.‬‬

‫ولقد تناول أرسطو الفن من خالل مؤلفاته الفنية المتمثلة في‪:‬‬

‫الخطابة‬

‫فن الشعر‬

‫مدونات تسجيلية من العروض الدرامية‪ .‬وكذلك الفائزين في المسابقات الدرامية‪.‬‬

‫مالحظات حول المشكلة الهومرية‪.‬‬


‫مالحظات حول الشعر‪.‬‬

‫وفي مؤلفه الخطابة كان يهدف من وراءه تناول األساليب اإلغريقية التقليدية السائدة فيه ‪ ،‬ولكنه‬
‫تعامل معها بطريقة أكثر تنظيما ‪ .‬وكانت األولوية عنده أن يحدد الخطيب أوال موضوع خطبته‬
‫‪ ،‬ويصل إليها بشكل جدلي منطقي ‪ ،‬ومن ثم يختار ما يشاء من كلمات أو محسنات بالغية‬
‫للتعبير عنا ‪ .‬فأالهم أن يكون موضوع الخطبة موضوعا منطقيا ثم تأتي البالغة بعد ذلك ‪َ.‬التي‬
‫تؤدى إلى إحياء البالغة من خالل استخدام األسلوب الخطابي أمام اآلخرين وليستطيع من‬
‫يتحدث أمامهم أن يقنعهم بما يريد ‪.‬‬

‫وبذلك كان كتابه "خليطا ً من النقد األدبي والمنطق واألخالق والسياسة والقانون‪ ،‬كما كان آلراء‬
‫الشاعر بروتاجوراس السفسطائي في الشعر خاصةً أثر كبير على آراء وفكر أرسطو‪.‬‬

‫وعندما تناول أرسطو فن الشعر تناوله أيضا ً في كتب ليست كتب للشعر مثل كتابة األخالق‬
‫وكتابة السياسة وكتاب الميتافيزيقا‪ .‬وفي كل واحدة من هذه الكتب تناول الشعر بالطريقة التي‬
‫يجب أن يتناول فيها وبصورة جيدة وصحيحة‪ .‬حيث تناول فيها موضوعات مختلفة مثل‬
‫المحاكاة وفنونها‪ ،‬الفرق بين الشاعر والناظم‪ ،‬اختالف الفن باختالف الموضوع المحاكي‬
‫وطريقة المحاكاة الشعرية والتراجيديا والكوميديا‪ ،‬أجزاء التراجيديا الحبكة – الشخصية – الفكر‬
‫– اللغة – المرئيات – اإلنشاد – فنون وقواعد الحبكة الدرامية – أنواعها البسيطة والمعقدة‬
‫وجوانب تفصيلية في الحبكة كالتحول والتعرف‪ ،‬مجدد أجزاء الفعل التراجيدي وخصائصه‬
‫والنهاية الصحيحة للتراجيديا والنهاية المزدوجة ومسببات التأثير التراجيدي والباثوس‬
‫(‪ )Pathos‬والهامازنيا والكتارسيس ‪Catheris‬في التراجيديا‪ .‬ثم ينتقل إلى تعريف المالحم‬
‫وخصائصها ويقيم موازنة بين الملحمة والتراجيديا لصالح التراجيديا‪.‬‬

‫وفي مجال الشعر دافع أرسطو عن الشعر ضد انتقادات أفالطون له باعتباره نوعا من الفن‬
‫التقليدي ‪ ،‬ولكن أرسطو كان يعتبره إبداعا ينم عن مخيلة عظيمة لدى الشاعر ‪ ،‬وحقيقة منهجية‬
‫اقرب إلى الواقعية من تسجيالت اإلخباريين أو المؤرخين ‪ ".‬وقد رفض أرسطو وجهة النظر‬
‫القائلة بأنه يجب أن يحكم على مضمون الشعر من منظور أخالقي ال علمي ‪ ،‬كما أنه أبدى‬
‫بعض المالحظات الخالفية حول المالحم الشعرية التراجيدية من أنها تثير الشفقة والخوف لدى‬
‫المستمع وبالتالي فهي تزور المشاعر ولهذا فإنه لم يكن من المتحمسين لمثل هذه النوعية من‬
‫الشعر‪.‬‬

‫فلسفة الجمال عند أرسطو ‪:‬‬


‫لقد قام أرسطو باستكمال الطريق الذي بدأه كالً من سقراط وأفالطون فأشاد بما وصفه سقراط‬
‫وتأثر بآراء أفالطون إال أنه كان يتميز عنهم بأنه كان أكثر عناية بالحياة العلمية الواقعية‪ .‬فقد‬
‫كان أرسطو واقعيا ً بل أكثر واقعية من أستاذه أفالطون‪.‬‬

‫ولقد تناول الجماليات والفن في عدد من مؤلفاته مثل كتاب "بحث في الجماليات" وكذلك "كتاب‬
‫الميتافيزيقا" و "كتاب الشعر والخطابة"‪.‬‬
‫ولقد قام أرسطو بتقسيم المعارف إلى ثالثة أقسام‪:‬‬

‫األولى‪ :‬المعارف النظرية‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬المعارف العمليـة‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬المعارف الفنيـة‪.‬‬

‫ولقد تميزت آراء أرسطو الجمالية بالعقالنية وهو بهذا اتخذ طريقا ً مختلفا ً عن طريق أستاذه‬
‫ورفض عالم المثل‪.‬‬

‫ويعرف أرسطو الجمال " بأنه التناسق التكويني وأن العالم يتبدى في أجل مظاهره فهو ال يفي‬
‫برؤية الناس كما هم في الواقع بل كما يجب أن يكونوا عليه ‪.‬‬
‫ويقول أرسطو في الفصل السابع من كتابه الشعر ‪ " Poetics‬إن الشيء الجميل سواء أكان كائنا ً‬
‫حيا ً أو تشيدا ً مصنوعا ً من أجزاء يجب أال يكون لديه فقط تنظي ُمُُ ُم ُ‬
‫رتبُُ لهذه األجزاء وإنما‬
‫أيضا ً يجب أن يكون له حجم‪ ،‬فالجمال يكمن في الحجم والتنظيم "‪.‬‬

‫(وفي الميتافيزيقا الجزء ‪ ) 3‬يقول وإن األشكال األساسية للجمال هي النظام والتناسق والثبات)‬
‫وهو ال يفكر بالضرورة في الجمال على أساس أنه سمة خاصة مختلفة عن االمتياز الفني ـ‬
‫ولكنها قادرة على المشاركة في تحقيقه ـ وربما كانت "التراجيديا الجميلة" و "التراجيديا الجيدة‬
‫من الناحية الفنية" كلمات مترادفة بالنسبة له ‪.‬‬

‫وبهذا يؤكد أرسطو على أن الجمال ليس شيء خارجا ً عن قدره اإلنسان "وإنما هو نموذج‬
‫باطني في العقل البشرى ليس له موضوع نبحث عنه خارج أنفسنا فليس هناك مثال يتجاوز‬
‫حدود اإلنسان أو العالم فكل شيء موجود فينا نحن والمثال موجود في اإلنسان‪.‬‬

‫ويرى أرسطو مرة أخرى " أن العنصر العام في الجمال ( في كتابة الميتافيزيقا ) هو النظام‬
‫والتماثل والتحديد ويضيف في كتابة " السياسيات "‪ Politics‬عنصرا أخر أساسيا وهو عنصر‬
‫الحجم فالشيء يجب أال يكون كبير جدا حتى يمكن إدراكه في مجملة بنظرة شمولية على حين‬
‫يتطلب وضوح اإلدراك أال يكون هذا الشيء شديد الصغر ‪.‬‬

‫وتتسم وجهات نظر أرسطو المتعلقة بالفن بأنها أكثر تقدما وتطورا عن نظريات أفالطون وهو‬
‫يشير في كتابة السياسيات وفي مؤلفات أخرى إلى" أن هدف الفن هو إحداث متعة وقتية على‬
‫أساس أن المتعة تختلف عن النفعية – فالمتعة هي غاية الفنون اليدوية ‪ ،‬وهو ينظر للمحاكاة‬
‫الفنية نظرة أعمق وأرقى من نظرة أفالطون لها مؤكدا أن المحاكاة الفنية ليست خدعة عديمة‬
‫القيمة فهي تنطوي على معارف واكتشافات وان أهداف هذه المحاكاة ال تقتصر على مجرد خلق‬
‫أشياء مألوفة الوجود بل تأمل ما هو محتمل الوجود وما هو موجود بالضرورة وتوضيح فقرته‬
‫الشهيرة في كتابة السياسيات‪ -‬والتي يعلن فيه أن الشعر أكثر تفلسفا وأهمية من الفلسفة‪.‬‬
‫الشعر الجمالي عند أرسطو‪:‬‬
‫أرى أرسطو أن الشعر وليد المحاكاة حيث أن اإلنسان مفطور على المحاكاة‪ ،‬وحب الوزن‬

‫واإليقاع‪ ،‬فبالمحاكاة تنشأ المتعة واللذة ويتضح ذلك من خالل" فالشعر في رأيه فن ينشأ عن‬

‫ميول فطرية في اإلنسان‪ ،‬ودوافع اإلنسان إلى المحاكاة‪ ،‬تعتبر من أبرز خصائص عملية‬

‫إبداعه الفني‪...‬فهو يكتسب معرفة عن طريق المحاكاة‪ ،‬كما يميل بفطرتيه إلى اإليقاع والوزن‬

‫أي أنه يرجع أصل الشعر ويستمتع بمشاهدة المحكيات الفنية التي تشبع رغبته في التعلم"‬

‫إلى سببين وهما األول المحاكاة الفطرية التي تنشأ معه منذ طفولته‪ ،‬والسبب الثاني هو‬

‫المحاكاة التي تلبي رغبته في التعلم والتعرف على المعرفة‪ ،‬فالمحاكاة معرفة في نظره‪.‬‬

‫أي أن المحاكاة هي "إذا كانت المحاكاة هي جوهر الشعر‪ ،‬فإن الفعل هو جوهر المحاكاة"‬

‫جوهر الشعر‪ ،‬وأن الوزن واإليقاع ال يقدمون الشعر بل تقدمه المحاكاة‪ ،‬ولهذا فالشعر يقرن‬

‫بالفنون التي تحاكي بالشكل واللون كالنحت والتصوير‪ ،‬وإن كانت الفنون جميعا تروم‬

‫المحاكاة‪ ،‬وطبعا فإن موضوع المحاكاة يختلف تبعا لطبيعة الفن‪ ،‬وهذا هو السبب في تفضيل‬

‫أرسطو للشعر الملحمي ال يعني إغفال الشعر الغنائي ألن الشعر الملحمي لما ينطوي عليه‬

‫من محاكاة جوهر الفعل ألن الفعل هو روح الشعر عند أرسطو"‬

‫ذهب أفالطون إلى القول بأن الشاعر كالمصور في مالحظة مظاهر األشياء‪ ،‬أما‬

‫أرسطو فقد رأى أن الشاعر أنه كالموسيقى في مالحظة معاني النفوس‪ ،‬كالرقص في‬

‫مالحظة األفعال وهما ال يصورن وإنما يعب ارن وهذا ما يقرب الشعر من عالم النفس يقول‬

‫أرسطو "فشعر المالحم‪ ،‬وشعر التراجيديا‪ ،‬وكذلك الكوميديا‪ ،‬والشعر الدثورامبي‪...‬كل تلك‬

‫بوجه عام أنواع من المحاكاة وتفترق في إما باختالف ما يحاكي به‪ ،‬أو ما يحاكي‪ ،‬أو‬

‫باختالف طريقة المحاكاة"‬

‫ولهذا جعل أرسطو للفن ولشعر خاصة وظيفة أساسية وهو تأثير التراجيديا على النفس‪ ،‬فهي‬

‫ليست خاصة بالمتعة المباشرة فقط‪ ،‬ولكنها خاصة بتأثيراتها السيكولوجية العميقة‪ ،‬وذلك عن‬

‫طريق التطهير وهذا بأنواع "وقد ذكر أرسطو هذا النوع الناتج عن التطهير بواسطة الموسيقى‬
‫الدينية في كتابه السياسة فذكر ما تحدثه من حاالت من الجنون الصوفي يعقبها تطهير‬

‫دورا أساسيا ومباشر في حفاظ النفس على توازنها‪ ،‬وذلك وهدوء"‬

‫بتطهيرها من االنفعاالت التي تأثر على العقل بالسلب‪ ،‬فهي النوع الثاني من الشعر تكشف‬

‫لنا عن الجانب المفزع من حياتنا حينما نتعرض لذلك الصراع المخيف بين إرادتنا ودواتنا‪.‬‬

‫أنواع الشعر ‪:‬‬


‫لقد اهتم أرسطو بفن الشعر اهتماما ً خاصا ً لما يمثله من أهمية كبيرة عندما تكتمل فيه‬
‫الشروط الثالثة المصاحبة له‪ .‬ويذكر في كتاب الشعر في الفصل السابع قوله‪:‬‬

‫"أن الكائن أو الشئ المكون من أجزاء متباينة ال يتم جماله ما لم تترتب أجزاؤه في نظام وتتخذ‬
‫أبعادا ً ليست تعسفية وذلك ألن الجمال ما هو إال التنسيق والعظمة‪.‬‬

‫ولقد قام أرسطو بتقسيم الشعر إلى‪:‬‬

‫الشعر الحماسي (التراجيديا)‪.‬‬

‫الشعر الهجائي (الكوميديا)‪.‬‬

‫حيث جعل األول يتمثل في (المأساة) (التراجيديا) والثاني يتمثل في المهزلة (الكوميديا) ثم قام‬
‫بتقسيم فنون الشعر إلى أربعة أقسام‪:‬‬

‫المالحم‪ .‬وجعلها أصل المأساة‪.‬‬

‫التراجيديا‪ .‬وهى المأساة‪.‬‬

‫الكوميديا‪ .‬وهى المهزلة‪.‬‬

‫الشعر الغنائي‪.‬‬

‫والملحمة هي محاكاة فعل جاد تام في ذاته له طول معين في لغة مختلفة أي بها وزن وإيقاع ‪.‬‬

‫ولقد قسم الملحمة إلى أربعة أنواع من حيث البناء أال و هي ‪:‬‬

‫األولى‪ :‬البسيطة‬

‫الثانية‪ :‬المركبة‬

‫الثالثة‪ :‬الخلفية‬

‫الرابعة‪ :‬المتعلقة بمعاناة‬


‫" والتراجيديا تثير في اإلنسان أحساسين هامين هما "الباثوس أو المعاناة المثيرة للشفقة لما‬
‫يكابده البطل التراجيدي من ألم ال يستحقه‪ .‬وأن سقط فيه نتيجة (الهامازنيا) أو الخطأ الذي وقع‬
‫فيه عن غير رغبة وغير قصد وساقه إلية حاقد وهذه المعاناة تؤدى إلى إحساس أخير ثاني‬
‫للتراجيديا وهو التطهير‪.‬‬

‫ويبقى اتجاه واحد للتفكير يجب أن يوضع في االعتبار وهو أكثر االتجاهات صعوبة على‬
‫اإلطالق‪ ،‬ويتمثل في المفهوم الشهير للـتطهير "‪ Catherisis‬ويظهر هذا المصطلح في شكله‬
‫الشفهي (‪ )Katharsin‬عندما يتحدث أرسطو فقط عن التراجيديا في كتابة فن الشعر ‪Poetics‬‬
‫الفصل السادس ‪.‬‬

‫والنظرية العامة المنسوبة إلى أرسطو تتمثل في أن التراجيديا ـ من خالل تحريك هذه المشاعر ـ‬
‫لها نوع من التأثير العالجي على الصحة العقلية للمشاهد فهي تعطى إحساسا ً ممتعا ً بالراحة في‬
‫عقل هادئ تنتهي معه مشاعر الشغف كلها ‪.‬‬

‫وهو يرى أن غموض النص وتباعده عن بعضة باإلضافة إلى تعدد المترجمين والشك في‬
‫جدارتهم قد تضافرت لتفرز موضوعات جانبية دون وجود حل كامل‪ .‬فنجد على سبيل المثال‬
‫وجود عدم اتفاق حول ما إذا كانت كلمة ‪ Katharsim‬هي استعارة طبية أم أنها تتضمن‬
‫التخلص من المشاعر المؤذية بطريقة تماثل طريقة الطبيب النفسي أم أنها كناية مأخوذة من‬
‫الشعائر الدينية وهى تعنى نوع من "تطهير" المشاعر وليس إلغاءها‪ .‬وفيما يختص بالتفسير‬
‫الطبي وهو التفسير السائد فقد اتفق على أن كلمة ‪ Katharsim‬لها في الكتابات الطبية اليونانية‬
‫معنى التطهير‪ ،‬وأن شكل المضاف إليه في ‪ Pathematon‬غالبا ً ما يشير إلى الشئ الذي يتم‬
‫إزالته ‪.‬‬

‫وهكذا يتحدث أرسطو عما يمكن تسميته بالوظيفة التطهيرية أو االنفعالية التي تجعل مهمة الفن‬
‫هي تطهير انفعاالتنا‪ .‬فالفن التراجيدي ( المأساوي) يحدث استبعادا أو طردا لما لدينا من‬
‫مشاعر الخوف و الرأفة و الحب و ما إلى ذلك من مشاعر عنيفة‪ ،‬بأن يستوعب في نطاق خيالي‬
‫غير ضار كل ما لدينا من حاجة إلى الشعور بمثل تلك االنفعاالت‪ :‬فالعمل الفني هنا إنما يقوم‬
‫بوظيفة إيجابية هامة أال و هي التحرير أو التحصين الخلقي من االنفعاالت الحادة التي تنتاب‬
‫النفس اإلنسانية‪.‬‬

‫وكان لهذا أثر كبير في جعل أرسطو يضع التراجيديا في أرقى أنواع الشعر‪ .‬أما الشعر الغنائي‬
‫فلم يلتفت إليه كثيرا ً ألنه اعتبره شبيه بفن الموسيقى‪" .‬أما التراجيديا بترفعها بالمتفرج فإنها‬
‫تحقق هدفا ً دنيويا ً ساميا ً وذلك بالكيفية والقوة كلتيهما اللتين تفعلها الموسيقى"‬

‫شروط اإلبداع الشعري ‪:‬‬


‫إن هناك "ثالثة شروط أساسية للقيام بعملية اإلبداع الشعري ويرتبهم أرسطو على النحو التالي‪:‬‬

‫الوحدة‬
‫الترتيب‬

‫النسبة‬

‫ويرى أرسطو أنه لكي تتحقق القيمة الجمالية للعمل الفني فإنه البد وأن يكون متالئم األجزاء‬
‫مكتمالً مع ذاته فيظهر في النهاية بصورة متحدة كاملة وليست مجزأ األطراف‪.‬‬

‫فهو يقول على سبيل المثال "من الواضح أيضا ً أن وظيفة الشاعر ليست في أن يخبرنا بما حدث‬
‫وإنما بنوعية األشياء التي يمكن أن تحدث ‪ .‬لذا فكتابه عن الشعر يعد في حد ذاته نشاطا فلسفيا ً‬
‫‪.‬‬

‫ونالحظ في محاورة ‪ ، Alcibiades‬أن أرسطو يؤكد على وجوب عمل حبكة درامية متصلة‬
‫وقوية‪ .‬فالشاعر يوضح كيفية نمو األحداث وانبثاقها عن دوافع وتنبثق الدوافع عن ظروف‪ .‬إال‬
‫أن ذلك يمكن أن يتم فقط من خالل المصطلحات بمعناها العام والخاص أو القوانين النفسية‬
‫(وهى تلك القوانين التي يتصرف اإلنسان وفقا ً لها بشكل ضروري أو محتمل في ظروف معينة‬
‫وبطريقة معينة)‪ .‬وهكذا فإن أرسطو ال يدعى أن الشعر يعد فلسفيا ً للغاية وإنما يقول بأنه ينطوي‬
‫على معارف نفسية ‪ .‬ويجب علينا أال ننسى بالتأكيد أن هذه الفقرة قد أوحت بالعديد من‬
‫النظريات المهمة المتعلقة بالشعر والفن مثل "محاكاة العام و الجوهر" ويجب أن نضع هذه‬
‫النظريات في مكانها الصحيح سواء كان أرسطو هو األب الشرعي لتلك النظريات أم لم يكن‬
‫كذلك ‪.‬‬

‫ومن الواضح أن أرسطو يعرض لنقطة مهمة هنا وهي متعلقة بالمضمون الثقافي للشعر وهو‬
‫يرد بشكل واضح على أحد االعتراضات األساسية التي أطلقها أفالطون‪ .‬فالشاعر ال يستطيع أن‬
‫يتظاهر بمعرفة بناء السفن أو بالسياسات الحربية التي ال يعلم عنها شيئا ً وال يستطيع أن يخلق‬
‫معلومات سيكولوجية إذ يتعين عليه أن يدرك الطبيعة البشرية كما يتحتم عليه أن يمتلك معرفة‬
‫عامة وصحيحة فيما يختص ببعض اآلليات السيكولوجية‪ .‬وتتساوى األشياء األخرى‪ ،‬فكلما‬
‫كانت المسرحية جيدة فإن ذلك يعنى أن معارف الشاعر عميقة ومركزة ويعتمد على ذلك‬
‫النموذج الجيد للحبكة الدرامية والتمثيل الجيد للمسرحية‪.‬‬

‫المحاكاة عند أرسطو‪:‬‬


‫تعد نظرية المحاكاة من أقدم النظريات الفلسفية‪ ،‬ونجدها خاصة عند أفالطون ثم‬

‫تبنها أرسطو‪ ،‬ليعطيها مفهوما جوهريا أخر مختلف عن أستاذه أفالطون الذي كانت نزعته‬

‫نزعة صوفية غائية‪ ،‬بينما أرسطو نزعة عملية تجريبية‪ ،‬فقد أعطى للمحاكاة أهمية كبير ة في‬

‫الفن حيث أن الفن عند أفالطون يصدر عن إلهام إلهي‪ ،‬بينما أرسطو فالفن عنده نتيجة‬

‫للعواطف اإلنسانية‪ ،‬ولكن أعطى أهمية أكثر لألداء في العمل الفني‪.‬‬


‫اتفق أرسطو على أن الفن يحاكي الطبيعة‪ ،‬فرأى أن الفن إذا كان محاكاة فإنه أعظم‬

‫من الحقيقة ألنه يتمم ما تعجز عن إتمامه الطبيعة‪ ،‬فالفنان عنده يحاكي الواقع ويظهر هذا‬

‫في قوله" أن الفنان يحاكي الواقع‪ ،‬ويعدل به دون أن يخرج عن النموذج الواقعي‪ ،‬بحيث‬

‫يصور الحقيقة الجوهرية الداخلية للمحسوسات‪ ،‬ويترفع عن المعاني المبتذلة إلى مستوى من‬

‫فالفن عند أرسطو يحاكي الطبيعة وبهذا األداء العقلي والفن‬

‫يكون الفنان هو ذلك اإلنسان الذي يستطيع االنتقال بعقله من عقل بالقوة إلى العقل بالفعل‬

‫وهنا يشير إلى دور الحواس في عملية بناء المعارف‪ ،‬ويستطيع أن يفسر المعاني والصور‬

‫وغيرها في حدود الحقيقة‪.‬‬

‫فالشاعر في نظر أرسطو إنما يحاكي الطبيعة بعد أن يفهمها على نحو متكامل منظم‬

‫بمعنى أن المحاكاة نظرية فنية وليست مثل ما قال أفالطون نظرية فلسفية‪ ،‬فأرسطو نادى‬

‫بمحاكاة الطبيعة على أصلها فقد قال في هذا الصدد" أن عمل الشاعر ليس رواية ما‬

‫بمعنى أن وقع بل ما يجوز وقوعه وهو ممكن على مقتضى الرجحان أو الضرورة"‬

‫المحاكاة عنده ال تعني التقليد أو النقل الحرفي للطبيعة‪ ،‬وإنما يؤكد على دور الفنان في‬

‫اإلبداع واالبتكار حتى تكون هناك صلة بين ما يقدمه الفنان وبين العمل الفني الذي قام‬

‫بمحاكاته‪ ،‬فالمحاكاة ليست تقليد للواقع لكنها تصوير لما يمكن تصويره‪ ،‬فقد رأى أن الشاعر‬

‫يتمتع بالقدرة على الخلق واإلبداع ولم يجعله مسلوب اإلرادة يقوم فقط بالتقليد التقليد‪.‬‬

‫فالفن إذا وظيفة مزدوجة‪ ،‬فهو يقلد الطبيعة أوال ثم يتسامى عنها ‪،‬وليس التقليد في‬

‫نظر أرسطو أن ينقل الفنان المظهر الحسي لألشياء كما تبدو له في الواقع ‪،‬أي إن صح هذا‬

‫التعبير أن يكون مجرد مصورا ً فوتوغرافيا ‪ ،‬بل الواقع أنه يجب أن يكون تقليد الفنون ألشياء‬
‫تصويرا لحققتها الداخلية"‪.‬‬

‫إن المحاكاة عند أرسطو تتخذ ثالثة أنواع‪ ،‬فالشاعر لما يكون محاكيا شأنه شأن كل‬

‫فنان يقدم لنا صورة يجب عليه أن يتخذ إحدى أنواع أو طرق المحاكاة "فهو يصور األشياء إما‬
‫كما كانت أو كما في الواقع‪ ،‬أي أنها محاكاة سهلة وبسيطة‪ ،‬أو كما يصفها الناس وتبدو عليه‪ ،‬أو‬
‫كما يجب أن تكون وهو إنما يصورها بالقول ويشمل‪ :‬الكلمة الغريبة والمجاز‪ .‬أي أن الشاعر‬
‫يحاكي ما يمكن أن وكثيرا من التبديالت اللغوية التي أجزناها للشعراء "يكون بالضرورة أو‬
‫باالحتمال لما هو كائن وعليه فالمحاكاة عند فعل أرسطو تشمل ثالثة أنواع وهي محاكاة الواقع لما‬
‫هو كائن فعال‪ ،‬ومحاكاة لما يمكن أن يكون‪ ،‬ومحاكاة لما يجب أن يكون‪ .‬إذا فالمحاكاة عند أرسطو‬
‫صفة إنسانية إيجابية‪ ،‬معاكسة لنظرة أفالطون الذي أعطى لها صفة سلبية‪ ،‬فاإلنسان بطبعته‬
‫يحاكي‪ ،‬والمحاكاة تحقق المعرفة‪ ،‬فهو ال يعني بالمحاكاة الساذجة وإنما المحاكاة التي تحقق النمو‬
‫والتطور والبناء الجيد والمبتكر‪ ،‬أي ليس نسخ الواقع كما هو كائن في العالم المرئي بل كما يمكن‬
‫أن يكون‪ ،‬والفنان الحقيقي يبدأ من الجزء البسيط إلى الكل المركب‪ .‬برؤية جديد تحقق االبتكار‪.‬‬

‫إن موضوع المحاكاة عند أرسطو هو الشعر وخاصة المأساة "ولقد اختار الشعر وخاصة المأساة‬
‫لتكون الجانب التطبيقي لنظرية المحاكاة" ويقول في هذا الصدد إن المأساة‬

‫ال تحاكي الناس‪ ،‬بل تحاكي الفعل والحياة والسعادة والشقاوة‪...‬وال يوجد مأساة بغير‬

‫‪...‬أال إن المأساة محاكاة للفعل ويفضل الفعل تحاكي أناس يفعلون"‬

‫أي أن المأساة تحاكي الفعل فقط من خالل عواطف الناس‪.‬‬

‫ونرى أرسطو يعرف المأساة بأنه" محاكاة لحدث جدي كامل‪ ،‬ذات طول معين‪ ،‬بلغة‬

‫موقعة‪ ،‬تحدث متعة تختلف باختالف أجزاء الحدث‪ ،‬في أسلوب مسرحي ال قصصي‪ ،‬مثيرة‬

‫الرحمة والخوف ومؤدية إلى التطهير‪...‬أما المأساة فترى ما يحتمل أ‪ ،‬يحدث‪ ،‬فهي ال تحكي‬

‫أي أن غاية المأساة هي إثارة عاطفتين مختلفتين ما حدث وإنما تصوره في صورته المثالية"‬

‫مع تنقية هاتين العاطفتين وهما الرحمة والخوق‪ ،‬فهي تروي ما يحتمل أن يحدث‪.‬‬

‫وعليه بين لنا أرسطو على الربط بين الشعر والمحاكاة‪ ،‬الذي اعتبره منهجا تطبيقيا‬

‫لنظريته في المحاكاة‪ ،‬فقد وصفها بأنها صفة إيجابية‪ ،‬فهي ليست تقليد الطبيعة بحذافيرها‪،‬‬

‫وإنما يضفي عليها الفنان طابع جمالي متميز ومختلف مع إبداعه وابتكاره‪.‬‬

‫وهكذا حرر أرسطو الفن من جعله مجرد محاكاة للطبيعة كما عند أفالطون الذي‬

‫خضع عليها الطابع السلبي والذي ألغي فيه دور الفنان في اإلبداع‪ ،‬إال أن أرسطو ألغى‬

‫الجانب الموضوعي للجمال‬

You might also like