You are on page 1of 158

‫الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية‬

‫‪Republic Algerienne Democratique Et Populaire‬‬


‫و زارة التعليم العالي و البحث العلمي‬
‫‪Ministre de l'enseignement supérieur et de la recherche scientifique‬‬
‫‪université ghardaia‬‬ ‫جامعة غرداية‬
‫‪faculté des sciences sociales et‬‬ ‫كلية العلوم االجتماعية واالنسانية‬
‫‪humaines‬‬
‫‪Département d'histoire‬‬ ‫قسم التاريخ‬
‫‪Fillére sciences humaines‬‬ ‫الشعبة ‪ :‬العلوم االنسانية‬

‫دروس في مادة‬
‫مدخل الى المذاهب الفلسفية الكبرى‬

‫مقدمة لطلبة السنة أولى علوم إنسانية ‪ -‬جذع مشرك ‪-‬‬


‫شعبة التكوين في‪ :‬التاريخ‬
‫تخصص‪ :‬تاريخ‬

‫إعداد االستاذ‪:‬‬
‫‪ -‬الدكتور‪ :‬عبد المالك بيدة‪.‬‬

‫الموسم الجامعي‪1441:‬هـ ‪ 1442/‬هـ ‪2021-2020-‬‬


‫قائمة المحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫المحتوى‬
‫‪1‬‬ ‫مقدمة‬
‫الدرس التمهيدي‬
‫‪4‬‬ ‫أكال‪ -‬التعريف دبقياس مدخل اذل اؼبذاىب الفلسفية الكربل‬
‫‪4‬‬ ‫ثانيا‪ -‬االؼباـ دبكاف اؼبادة يف ضمن الربنامج اؼبسطر يف نظاـ ‪ :‬ؿ‪.‬ـ‪.‬د‬
‫‪4‬‬ ‫ثالثا‪ -‬معرفة رصيد اؼبادة ك كيفية التقييم‪.‬‬
‫الدرس االول‪ :‬تعريف المذاهب الفلسفية الكبرى – مدخل مفاهيمي‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫أكال‪ -‬التعريف باؼبذىب ك اؼبذىب الفلسفي‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫ثانيا‪ -‬عوامل نشأة اؼبذاىب الفلسفية‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫ثالثا‪ -‬التعرؼ على اؼبصطلحات األساسية‪.‬‬
‫الدرس الثاني‪ :‬المذهب المثالي‪-1-‬‬
‫‪13‬‬ ‫أكال‪ -‬التعريف باؼبذىب اؼبثارل‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مفاىيم كدالالت‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫ثالثا‪ -‬نبذة تارىبية كركنولوجية حوؿ اؼبذىب‪.‬‬
‫الدرس الثالث‪ :‬المذهب المثالي‪-2-‬‬
‫‪14‬‬ ‫أكال‪ -‬اؼبذىب اؼبثارل التأسيس كأبرز الركاد كالشخصيات‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اؼببادئ ك األفكار‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫ثالثا‪ -‬مذاىب ك تيارات الفلسفة اؼبثالية‬
‫‪01‬‬ ‫رابعا‪ -‬مبوذج شخصية فلسفية‪.‬‬
‫‪01‬‬ ‫خامسا‪ -‬قراءة نقدية ك تقييمية‪.‬‬
‫الدرس الرابع‪ :‬المذهب الواقعي‪-1-‬‬
‫‪02‬‬ ‫أكال‪ -‬التعريف باؼبذىب الواقعي‪.‬‬
‫‪03‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مفاىيم كدالالت‪.‬‬
‫‪05‬‬ ‫ثالثا‪ -‬نبذة تارىبية كركنولوجية حوؿ اؼبذىب‬
‫الدرس الخامس‪ :‬المذهب الواقعي‪-2-‬‬
‫‪44‬‬ ‫أكال‪ -‬اؼبذىب الواقعي‪ ،‬التأسيس كأبرز الركاد كالشخصيات ‪.‬‬
‫‪42‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اؼببادئ ك األفكار‬
‫‪44‬‬ ‫ثالثا‪ -‬مذاىب ك تيارات الفلسفة الواقعية‬
‫‪11‬‬ ‫رابعا‪ -‬مبوذج شخصية فلسفية ‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫خامسا‪ -‬قراءة نقدية ك تقييمية‪.‬‬
‫الدرس السادس‪ :‬المذهب العقالني‪-1-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أكال‪ -‬التعريف باؼبذىب العقالشل‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مفاىيم كدالالت‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫ثالثا‪ -‬نبذة تارىبية كركنولوجية حوؿ اؼبذىب ‪.‬‬
‫الدرس السابع‪ :‬المذهب العقالني‪-2-‬‬
‫‪21‬‬ ‫أكال‪ -‬اؼبذىب العقالشل‪ ،‬التأسيس كأبرز الركاد كالشخصيات ‪.‬‬
‫‪24‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اؼببادئ ك األفكار ‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫ثالثا‪ -‬مذاىب ك تيارات الفلسفة العقالنية‬
‫‪31‬‬ ‫رابعا‪ -‬مبوذج شخصية فلسفية ‪.‬‬
‫‪31‬‬ ‫خامسا‪ -‬قراءة نقدية ك تقييمية‪.‬‬
‫الدرس الثامن‪ :‬المذهب الوجودي ‪-1-‬‬
‫‪31‬‬ ‫أكال‪ -‬التعريف باؼبذىب الوجودم‪.‬‬
‫‪32‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مفاىيم كدالالت‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫ثالثا‪ -‬نبذة تارىبية كركنولوجية حوؿ اؼبذىب‪.‬‬
‫الدرس التاسع‪ :‬المذهب الوجودي‪-2-‬‬
‫‪41‬‬ ‫أكال‪ -‬اؼبذىب الوجودم‪ ،‬التأسيس كأبرزالركاد كالشخصيات ‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اؼببادئ ك األفكار ‪.‬‬
‫‪42‬‬ ‫ثالثا‪ -‬مذاىب ك تيارات الفلسفة الوجودية‬
‫‪44‬‬ ‫رابعا‪ -‬مبوذج شخصية فلسفية ‪.‬‬
‫‪50‬‬ ‫خامسا‪ -‬قراءة نقدية ك تقييمية‪.‬‬
‫الدرس العاشر‪ :‬المذهب المادي‪-1-‬‬
‫‪54‬‬ ‫أكال‪ -‬التعريف باؼبذىب اؼبادم‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مفاىيم كدالالت‪.‬‬
‫‪110‬‬ ‫ثالثا‪ -‬نبذة تارىبة كركنولوجية حوؿ اؼبذىب ‪.‬‬
‫الدرس الحادي عشر‪ :‬المذهب المادي‪-2-‬‬
‫‪114‬‬ ‫أكال‪ -‬اؼبذىب اؼبادم‪ ،‬التأسيس كأبرز الركاد كالشخصيات‬
‫‪111‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اؼببادئ ك األفكار ‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫ثالثا‪ -‬مذاىب ك تيارات الفلسفة اؼبادية‬
‫‪112‬‬ ‫رابعا‪ -‬مبوذج شخصية فلسفية ‪.‬‬
‫‪115‬‬ ‫خامسا‪ -‬قراءة نقدية ك تقييمية‪.‬‬
‫الدرس الثاني عشر‪ :‬المذهب النفعي البراغماتي‪-1-‬‬
‫‪114‬‬ ‫أكال‪ -‬التعريف باؼبذىب النفعي الرباغمايت‪.‬‬
‫‪112‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مفاىيم كدالالت‪.‬‬
‫‪113‬‬ ‫ثالثا‪ -‬نبذة تارىبية كركنولوجية حوؿ اؼبذىب‪.‬‬
‫الدرس الثالث عشر‪ :‬المذهب النفعي البراغماتي‪-2-‬‬
‫‪101‬‬ ‫أكال‪ -‬اؼبذىب النفعي الرباغمايت‪ ،‬التأسيس كأبرز الركاد كالشخصيات‪.‬‬
‫‪104‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اؼببادئ ك األفكار ‪.‬‬
‫‪104‬‬ ‫ثالثا‪ -‬مذاىب ك تيارات الفلسفة الرباغماتية‬
‫الدرس الرابع عشر‪ :‬المذهب النفعي البراغماتي‪-3-‬‬
‫‪141‬‬ ‫أكال‪ -‬مبوذج شخصية فلسفية ‪.‬‬
‫‪140‬‬ ‫ثانيا‪ -‬قراءة نقدية ك تقييمية‪.‬‬
‫‪144‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫مقــــــدمة‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫بسم ا﵁ الرضبن الرحيم كالصالة كالسالـ على أشرؼ اؼبرسلُت‪ ،‬سيدنا ؿبمد ك على آلو كصحبو‬
‫كسلم تسليم كثَتا أما بعد‪:‬‬
‫عنوان الوحدة‪ :‬التعليم اإلستكشافية‬
‫عنوان المادة‪ :‬مدخل الى المذاهب الفلسفية الكبرى‬
‫ىذه اؼبطبوعة ىي عبارة عن ؿباضرات يف مقياس مدخل اذل اؼبذاىب الفلسفية الكربل‪ ،‬مقررة كموجهة‬
‫اذل طلبة السنة االكذل علوـ إنسانية –جذع مشًتؾ – زبصص ‪ :‬تاريخ ‪ ،‬ىذه اؼبادة مقررة للمستول اؼبذكور‬
‫يف السنة اكذل –السداسي الثاشل ‪.‬‬
‫ك نظرا اذل أنبية اؼبقياس ‪ ،‬فهي مادة علمية كمعرفية تعمل على التكوين اؼبعريف للطلبة ‪ ،‬الهنا تطلع‬
‫الطالب على ـبتلف اؼبذاىب الفلسفية الكربل‪ ،‬كتفتح لو نافذة على ـبتلف اؼبرجعيات اؼبذىبية ؼبختلف‬
‫التوجهات الفكرية ‪.‬‬
‫أهداف التعليم‪:‬‬
‫اؽبدؼ من دراسة اؼبذاىب الفلسفية الكربل‪ ،‬ىو اإلطالع على اؼبذاىب الفلسفية ك تياراهتا كمبادئها‬
‫ك أسسها ك خصائصها ك ؿبتوياهتا ك مقاصدىا ك أىدافها‪ .‬اذل جانب االطالع على ركادىا ك اؼببادئ اليت‬
‫إعتمدكا عليها‪ ،‬ك اؼبربرات ك اؼبسوغات اليت من خالؽبا برىنوا ك برركا ك إستدلوا على أنساقهم الفكرية‬
‫كالنظريات اليت إعتمدكا عليها‪ .‬اذل جانب ىذا فهم ك إستيعاب ك ربصيل اؼبعارؼ اؼبرتبطة هبذه التوجهات‬
‫الكربل حوؿ ـبتلف القضايا اؽبامة سواء تعلق األمر دببحث الوجود اك اؼبعرفة اك القيم اك الكونيات‪،‬‬
‫كـبتلف اإلشكاليات اؼبعرفية اؼبنظوية ربتها‪.‬مع ربط ىذه ا﵀تويات بالقاعدة اؼبعرفية اليت كوهنا الطالب‬
‫دبحتول برامج مقررات التعليم يف اؼبستول الثانوم‪.‬‬
‫محتوى المادة‪ :‬اؼبذاىب اؼبقصودة بالتعريف طبقا ؼبطبوعة الربامج اؼبقررة للسنة االكذل علوـ إنسانية –‬
‫جذع مشًتؾ‪ -‬السداسي الثاشل‪ ،‬ىي كالتارل‪:‬‬
‫أ‪-‬المذهب المثالي‪.‬‬
‫ب‪-‬المذهب الواقعي‪.‬‬
‫ج‪-‬المذهب العقلي‪.‬‬
‫د‪-‬المذهب الوجودي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫مقــــــدمة‬

‫هـ ‪-‬المذهب المادي‪.‬‬


‫و‪-‬المذهب النفعي البراغماتي‪.‬‬
‫الخطة المتبعة‪ :‬لقد فكرنا يف البناء اؼبنهجي اؼبناسب اؼبتبع إلحتواء كل العناصر الضركرية لكل‬
‫مذىب على حدة‪ .‬كإرتآينا اف تكوف اػبطة على اؼبنواؿ التارل‪:‬‬
‫‪-‬أوال‪ :‬التعريف باؼبذىب‪.‬‬
‫– ثانيا‪ :‬مفاىيم كدالالت‪.‬‬
‫–ثالثا‪ :‬نبذة تارىبة كركنولوجية حوؿ اؼبذىب‪.‬‬
‫–رابعا‪ :‬التأسيس كأبرز الركاد كالشخصيات‪.‬‬
‫– خامسا‪ :‬اؼببادئ ك األفكار‪.‬‬
‫–سادسا‪ :‬مبوذج شخصية فلسفية‪.‬‬
‫‪ -‬سابعا‪ :‬قراءة نقدية ك تقييمية‪.‬‬
‫لقد قمنا ضمن ىذه اؼبطبوعة دبعاعبة كل درس على حدة‪ ،‬مع قيد اؼبراجع اليت إعتمدنا عليها‪ ،‬كلقد‬
‫بذلنا جهدا معتربا يف إقباز ىذه اؼبطبوعة‪ ،‬من خالؿ إعتمادنا على مراجع ك مصادر‪ ،‬ك الكتب كالرسائل‬
‫العلمية‪ ،‬كاؼبذكرات اعبامعية‪ ،‬كالكتب الورقية ك االلكًتكنية‪ ،‬على غرار مواقع الشبكة العاؼبية‪ ،‬ككل ما لو‬
‫عالقة باؼبوضوع من بعيد أك قريب‪.‬‬
‫ك يف االخَت نرجوا من ا﵁ ػ أننا ككفقنا يف تغطية جزء من ىذه اؼبواضيع ك الدركس كا﵀اضرات اؼبتعلقة‬
‫باؼبطبوعة ك ؿبتويات اؼبقياس اؼبقرر‪ .‬ك الذم يساعد الطلبة يف البحث يف اؼبادة العلمية ك اؼبعرفية اؼبرتبطة‬
‫باؼبقياس‪ ،‬يف ظل النقص الكبَت يف بعض اؼبراجع على مستول اؼبكاتب العامة كاػباصة‪.‬‬

‫د‪ /‬عبد المالك بيدة‬


‫كلية العلوم االنسانية واالجتماعية‬

‫‪2‬‬
‫الدرس التمهيدي‬
‫الدرس التمهيدي‬

‫أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬التعريف بمقياس مدخل الى المذاهب الفلسفية الكبرى‬
‫‪ -‬االلمام بمكان المادة في ضمن البرنامج المسطر في نظام‪ :‬ل‪.‬م‪.‬د‬
‫‪ -‬معرفة رصيد المادة و كيفية التقييم ‪.‬‬
‫تمهيد ‪ :‬التعريف دبقياس مدخل اذل اؼبذاىب الفلسفية الكربل‬
‫‪ -1‬معلومات عن المقياس‪:‬‬
‫إسم المادة ‪:‬مدخل اذل اؼبذاىب الفلسفية الكربل‬
‫الرمز في المقرر الوزاري إلعتماد برنامج التدريس‪.6222 :‬‬
‫‪ -2‬مكانة المادة ضمن برنامج التدريس ‪:‬مادة إستكشافية‬
‫‪ -3‬المستوى المستهدف بها ‪:‬السنة االكذل علوـ إنسانية – السداسي الثاشل ‪.‬‬
‫‪ -4‬طريقة التقييم فيها ‪:‬عالمات االعماؿ اؼبوجهة ‪50‬باؼبائة‪+‬االمتحاف ‪50‬باؼبائة‪.‬‬
‫‪ -5‬المعامل والرصيد ‪:‬اؼبعامل‪ -01:‬كالرصيد ‪.01:‬‬
‫‪ -6‬أهداف التعليم ‪:‬‬
‫هتدؼ ىذه اؼبادة اذل تعريف الطالب بالفلسفة ‪،‬من حيث مذاىبها ك تياراهتا كأىدافها ‪.‬حبيث‬
‫يتحصل على معارؼ كمعلومات كمفاىيم تتعلق دبختلف اؼبذاىب الفلسفية على ـبتلف أنواعها كمرجعياهتا‪.‬‬
‫‪ -7‬المعارف المسبقة المطلوبة‪:‬‬
‫اإلستفادة من القاعدة اؼبعرفية اؼبقدمة خالؿ التعليم الثانوم‪،‬حوؿ التيارات كاؼبذاىب كالنظريات‬
‫الفلسفية من مثالية كذبريبية كبراغماتية‪،‬كغَتىا ‪.‬‬
‫‪ -8‬محتوى المادة‪:‬‬
‫اؼبذاىب اؼبقصودة بالتعريف طبقا ؼبطبوعة الربامج اؼبقررة للسنة االكذل علوـ إنسانية – جذع مشًتؾ‪-‬‬
‫السداسي الثاشل‪ ،‬ىي كالتارل‪:‬‬
‫أ‪-‬اؼبذىب اؼبثارل‬
‫ب‪-‬اؼبذىب الواقعي‬
‫ج‪-‬اؼبذىب العقلي‬
‫د‪-‬اؼبذىب الوجودم‬

‫‪4‬‬
‫الدرس التمهيدي‬

‫ىػ ‪-‬اؼبذىب اؼبادم‬


‫ك‪-‬اؼبذىب النفعي الرباغمايت‬
‫‪-9‬المصادر و المراجع األساسية للمادة‪:‬‬
‫أ*المراجع باللغة العربية ‪:‬‬
‫‪ .1‬أضبد أمُت ك آخركف‪ ،‬قصة الفلسفة ‪،‬ط‪،1‬مطبعة التاليف ك النشر‪،‬القاىرة –مصر ‪.1978،‬‬
‫‪ .2‬األلوسي حساـ الدين ‪،‬بواكَت الفلسفة قبل طاليس‪،‬ط‪،1‬اؼبؤسسة العربية للدراسات كالنشر بَتكت‬
‫لبناف ‪.1981‬‬
‫‪ .3‬باشالرد غاستوف ‪،‬العقالنية التطبيقية ‪،‬تر‪:‬د‪/‬بساـ اؽباشم ‪،‬ط‪،1‬اؼبؤسسة اعبامعية للدراسات ك النشر‬
‫ك التوزيع ‪،‬بَتكت ‪،‬لبناف ‪.1984،‬‬
‫‪ .4‬بدكم ‪،‬أضبد زكي ‪،‬معجم مصطلحات العلوـ االجتماعية ‪،‬ط‪،1‬مكتبة لبناف ‪،‬بَتكت لبناف ‪،‬السنة‬
‫‪:‬؟‬
‫‪ .5‬بدكم عبد الرضبن ‪ ،‬موسوعة الفلسفة ‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬اؼبؤسسة العربية للدراسات ك النشر‪،‬ط‪،1‬بَتكت‬
‫لبناف ‪.1984،‬‬
‫‪ .6‬برىومة موسى‪،‬الًتاث العريب ك العقل اؼبادم ‪،‬ط‪،1‬دار التنويرللطباعة كالنشر ‪،‬بَتكت لبناف‬
‫‪.2017،‬‬
‫‪ .7‬بوشنسكي‪،‬إ‪،‬ـ‪،‬الفلسفة اؼبعاصرة يف اكركبا ‪،‬تر‪:‬عزت قرشل ‪،‬ط‪،1‬سلسلة عادل اؼبعرفة ‪ ،‬الكويت‬
‫‪،‬سبيتمرب ‪.1992‬‬
‫‪ .8‬جوليفييو رهبيس‪،‬اؼبذاىب الوجودية ‪ -‬من كَتكجارد اذل ج‪.‬ب‪.‬سارتر‪-‬ط‪،1‬تر‪:‬فؤاد كامل‪،‬مرا‪:‬ؿبمد‬
‫عبد اؽبادم ابو ريدة ‪،‬دار اآلداب ‪،‬بَتكت لبناف ‪.1988،‬‬
‫‪ .9‬جونثاف‪ ،‬إدكارد‪،‬مقدمة لفلسفة العقل‪،‬تر‪:‬رضا زيداف ك عمرك بسيوشل‪،‬دار الركافد الثقافية‪،‬إبن الندصل‬
‫للنشر ك التوزيع ‪،‬القاىرة ‪،‬ج‪.‬مصر العربية ‪.2019،‬‬
‫‪ .10‬جيمس كلياـ ‪،‬الرباصباتية ‪،‬تر‪:‬ؿبمد علي العرياف ‪،‬ط‪،1‬دار اآلفاؽ‪-‬اؼبركز القومي للًتصبة‪،‬اعبزيرة –‬
‫ج‪.‬مصر العربية ‪.2008،‬‬
‫‪ .11‬جيمس كلياـ‪،‬الرباصباتية‪،‬ط‪،1‬تر‪:‬ؿبمد قتحي الشنيطي‪،‬مكتبة اغبديثة ‪،‬القاىرة‪.1957،‬‬

‫‪5‬‬
‫الدرس التمهيدي‬

‫‪ .12‬جيمس كلياـ‪،‬الرباغماتية‪ ،‬تر‪:‬كليد شحادة‪، ،‬ط‪،1‬دار الفرقد للطباعة كالنشر كالتوزيع‪،‬دمشق –سوريا‬
‫‪.4112،‬‬
‫‪ .13‬اغبجيلي‪ ،‬منصور عبد العزيز ‪،‬الرباصباتية –عرض كنقد‪ ،‬ب‪/‬ط‪،‬جامعة طيبة‬
‫‪.،‬ـ‪.‬ع‪.‬السعودية‪.2010:‬‬
‫‪ .14‬رافع ساىر‪ ،‬أفالطوف‪-‬مؤسس الفلسفةاؼبثالية ‪،‬ط‪،1‬دار العاؼبية للكتب كالنشر ‪ ،‬سلسلة مشاىَت‬
‫فالسفة الغرب ‪،‬ج‪.‬مصر‪ ،‬العربية ‪.2012،‬‬
‫‪ .15‬ركيس جوزايا‪ ،‬ؿباضرات يف اؼبثالية اغبديثة‪ ،‬تر‪:‬أضبد االنصارم‪ ،‬مرا‪:‬حسن حنفي‪ ،‬ط‪ ،1‬اؼبشركع‬
‫القومي للًتصبة‪ ،‬القاىرة ‪-‬ج‪.‬مصر‪.‬ع‪.2003 ،‬‬
‫‪ .16‬زندكولر‪،‬ىنس‪،‬اؼبثالية االؼبانية ‪،‬تر‪:‬أبو يعرب اؼبرزكقي ك آخركف‪،‬ط‪،1‬الشبكةالعربية لالحباث كالنشر‬
‫‪،‬بَتكت ‪.2012‬‬
‫‪ .17‬سارتر جوف بوؿ‪ ،‬الوجودية مذىب إنساشل ‪،‬تر‪:‬عبد اؼبنعم اغبفٍت ‪،‬ط‪،1‬ب‪/‬ط‪،‬دار الفكر ‪،‬القاىرة ‪،‬‬
‫ج‪،‬مصر‪ ،‬العربية‪،‬ب‪/‬سنة‪.‬‬
‫‪ .18‬سَتؿ جوف ‪،‬العقل ك اللغة كاجملتمع – الفلسفة يف العادل الواقعي‪-‬ط‪ ،1‬اؽبيئة اؼبصرية العامة للكتاب‬
‫‪.1996،‬‬
‫‪ .19‬صليبا ‪،‬صبيل ‪ ،‬اؼبعجم الفلسفي‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬ط‪،1‬دار الكتاب اللبناشل‪،‬بَتكت‪ ،‬لبناف ‪1982،‬‬
‫‪ .20‬صليبا صبيل ‪،‬تاريخ الفلسفة العربية ‪،‬ط‪،1‬الشركة العاؼبية للكتاب ‪،‬بَتكت ‪ ،‬لبناف ‪.1989‬‬
‫‪ .21‬الطباطبائي‪،‬السيد ؿبمد حسُت‪ ،‬تر‪:‬ؿبمد عبد اؼبنعم اػباقاشل‪،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دار اؼبعارؼ للمطبوعات‪،‬‬
‫بَتكت‪ ،‬لبناف‪.1981 ،‬‬
‫‪ .22‬عثماف أمُت‪ ،‬ركاد اؼبثالية يف الفلسفة الغربية ‪،‬ط‪ ،1‬داراؼبعارؼ ‪ ،‬االسكندرية –ج‪،‬مصر العربية‬
‫‪.1967،‬‬
‫‪ .23‬العراقي ‪،‬ؿبمد عاطف ‪،‬النزعة العقلية يف فلسفة ابن رشد‪،‬ط‪،4‬دار اؼبعارؼ ‪ ،‬القاىرة مصر‬
‫‪.1984،‬‬
‫‪ .24‬عزمي‪،‬إسالـ‪،‬إذباىات يف الفلسفة اؼبعاصرة‪،‬ط‪،1‬ككالة اؼبطبوعات ‪،‬الكويت‪.1980،‬‬
‫‪ .25‬عطية‪ ،‬أضبد عبد اغبليم‪ ،‬القيم يف الواقعية اعبديدة‪ ،‬ب‪/‬ط‪ ،‬دار الثقافة العربية‪ ،‬القاىرة –مصر‪،‬‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ .26‬غاركدم ‪،‬ركجي ‪،‬النظرية اؼبادية يف اؼبعرفة ‪،‬تر‪:‬ابراىيم قريط ‪،‬ب‪/‬ط‪،‬دار دمشق ‪،‬سوريا ‪،‬ب‪/‬سنة‬

‫‪6‬‬
‫الدرس التمهيدي‬

‫‪ .27‬كامل فؤاد‪ ،‬أعالـ الفكر الفلسفي اؼبعاصر ‪،‬ط‪،1‬دار اعبيل ‪،‬بَتكت –لبناف ‪.1993،‬‬
‫‪ .28‬الكحالكم‪،‬حسن ؿبمد‪،‬فلسفة التقدـ ‪،‬ط‪،1‬مركز األسكندرية للكتاب ‪،‬القاىرة –مصر‪.1997،‬‬
‫‪ .29‬كرـ يوسف ‪،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة ‪،‬ط‪،2‬دار اؼبعارؼ‪،‬القاىرة –مصر‪ ،‬ب‪/‬س‪.‬‬
‫‪ .30‬كرـ يوسف ‪،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة ‪،‬ط‪،5‬دار اؼبعارؼ ‪،‬ج‪.‬مصر‪.‬العربية‪. 1969،‬‬
‫‪ .31‬كرـ يوسف‪ ،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة‪ ،‬ب‪/‬ط‪ ،‬دار النشر كلمات عربية‪ ،‬القاىرة‪،‬مصر ‪.2012‬‬
‫‪ .32‬كوتنغهاـ جوف ‪،‬العقالنية‪،‬تر‪:‬ؿبمود منقذ اؽبامشي ‪،‬مركز االمباء اغبضارم ‪،‬حلب سوريا‪. 1997،‬‬
‫‪ .33‬ؿبمد علي عصاـ الدين ‪،‬تاريخ اؼبذاىب الفلسفية ‪،‬ط‪،1‬منشأة اؼبعارؼ ‪،‬االسكندرية‪-‬مصر‬
‫‪.1994،‬‬
‫‪ .34‬ؿبمود زكي قبيب ‪،‬حياة الفكر يف العادل اعبديد ‪،‬ط‪،1‬دار الشركؽ‪ ،‬القاىرة –مصر‪.1987،‬‬
‫‪ .35‬اؼبرىج‪ ،‬علي عبد اؽبادم‪ ،‬الفلسفة الرباصباتية – اصوؽبا ك مبادئها‪ ،‬ط‪،1‬دار الكتب العلميػ ػ ػ ػ ػة‪،‬‬
‫بَتكت لبناف‪.2008 ،‬‬
‫‪ .36‬مركة حسُت ‪،‬النزعات اؼبادية يف الفلسفة العربية االسالمية ‪،‬ط‪،1‬دار الفارايب‪ ،‬بَتكت لبناف‬
‫‪.2002،‬‬
‫‪ .37‬اؼبسَتم عبد الوىاب ‪،‬الفلسفة اؼبادية ك تفكيك االنساف‪،‬ط‪،4‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سوريا‬
‫‪.2010،‬‬
‫‪ .38‬منصور أنيس ‪،‬مقاالت عن الوجودية ‪،‬ط‪،9‬دار هنضة مصر للنشر ‪،‬اعبيزة ‪،‬مصر ‪،‬سبتمرب‪.2010‬‬
‫‪ .39‬النشار مصطفى‪،‬أفالطوف –رائد اؼبثالية‪،‬ط‪،1‬دار اؼبصرية اللبنانية للنشر ك التوزيع ‪،‬ج‪.‬مصر العربية‬
‫‪2018،‬‬
‫‪ .40‬النشار مصطفى‪،‬مدخل جديد اذل الفلسفة‪،‬ط‪،4‬دار قباء للطباعة كالنشر ‪،‬القاىر –صبهورية‬
‫مصر‪.1998،‬‬
‫‪ .41‬نصار نصيف ‪،‬الفكر الواقعي عند بن خلدكف‪-‬تفسَت ربليلي كجدرل لفكر بن خلدكف‪-‬يف بنيتو‬
‫كمعناه‪،‬ط‪،1‬دار الطليعة للطباعة كالنشر ‪،‬بَتكت لبناف ‪.1981‬‬
‫ب*المراجع باللغة االجنبية ‪:‬‬
‫‪1. A.Comte ;Cours de Philosophie Positive ;Paris.1830.‬‬
‫‪2. A.Comte,A discourses on the positive Spirit,Tr.S.Beesley,revers,London.1903.‬‬
‫‪3. Deledalle Gérard ; La Philosophie Americaine ; Edit ; L’age D’homme ; Lau-‬‬
‫‪sane ; 1983.‬‬

‫‪7‬‬
‫الدرس التمهيدي‬

4. Dialogues Concerning Natural religion by D.Hume.ED.N.Kemp Smith


O.V.P.Oxford.1935.
5. F.C.COPLESTON Burns ;History of Philosophy.London 1947.
6. Galetic Stephan ;Theorie et Pratique Chez william james ; Universite de Liege ;
Bulletin D’analyse Phénoménologique,IV3 ;2008(Actes 1).
7. H.HOFFDING, History of Modern Philosophy ,London 1956.
8. Halvey Elie ;La Formation Du RaducalismPhilosophique, PUF ; Paris ; 1995 ;
Vol :03 .
9. Jean-Paul Sartre, l'être et le néant, Gallimard, Paris France,1955.
10. Jean-Paul Sartre,L'existentialisme est un humanisme, University of Min-
nesota, 1970,USA.
11. Leclercq ;Bruno ;Phénoménologie Et Pragmatisme :Y a –Til Repture ou
Continuté Entre Attitude Theoriques Et attitude Pratiques ?Universite de Liege.
Bulletin D’analyse Phénoménologique ; ,IV3 ;2008(Actes 1).

: ‫ج*مواقع االنترنت‬
1. https://www.alshirazi.com/compilations/nirai/waqfa/part2/1.htm
2. http://abdulkrem556.blogspot.com/2011/12/blog-post_23.html
3. http://arab-ency.com.sy/detail/9462
4. https://sst5.com/Article/2113/33
: ‫خالصة‬
‫كبينا أىم ا﵀تويات‬، ‫ حاكلنا التعرؼ على ـبتلف العناصر اؼبتعلقة باؼبادة‬،‫من خالؿ ما كرد أعاله‬
‫ ك‬،‫اذل جانب مكانتها يف اؼبقرر‬، ‫ ككيفية تقييمها‬، ‫ ك رمزىا‬، ‫ك إطلعنا على تعريف اؼبادة‬. ‫اؼبتعلقة هبا‬
‫كاىم اؼبراجع كاؼبصادر‬، ‫كأىداؼ التعليم‬، ‫اذل جانب اؼبعارؼ اؼبسبقة اؼبطلوبة‬. ‫اؼبستول اؼبوجهة اليو‬
.‫كنوعيتها‬

8
‫الدرس االول‪:‬‬
‫المذاهب الفلسفية الكبرى – مدخل مفاهيمي‪.‬‬
‫المذاهب الفمسفية الكبرى – مدخل مفاهيمي‬ ‫الدرس األول‬

‫الدرس االول‪ :‬تعريف المذاهب الفلسفية الكبرى – مدخل مفاهيمي‪.‬‬


‫أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬التعريف بالمذهب و المذهب الفلسفي ‪.‬‬
‫‪ -‬عوامل نشأة المذاهب الفلسفية‪.‬‬
‫‪ -‬التعرف على المصطلحات األساسية ‪.‬‬
‫*تمهيد ‪:‬‬
‫يعترب ىذا الدرس ‪ ،‬كمدخل سبهيدم اذل اؼبقياس بصفة عامة ‪ ،‬ك ـبتلف الدركس كا﵀اضرات‬
‫بصفة منهجية ‪.‬ك فيو كباكؿ التعرؼ على اؼبقصود باؼبذىب ك اؼبذاىب بصفة عامة ك اؼبذىب الفلسفي‬
‫بصفة خاصة ‪،‬على غرار اغبديث على ـبتلف اؼبصطلحات اؼبفتاحية ك االساسية اليت تعتمد يف التفريق ك‬
‫التمييز بُت اؼبذاىب ك تصنيفها ‪ ،‬فضال عن التعرؼ عن العوامل ك اغبوافز ك األسباب اليت أدت اذل نشأة‬
‫ىذه اؼبذاىب ‪.‬‬
‫المذاهب الفلسفية الكبرى=‪The Major Philosophical Doctrines‬‬
‫‪-1‬التعريف بالمذاهب و المذهب الفلسفي‪:‬‬
‫اؼبذىب (بالفرنسية‪ Doctrine :‬ك االقبليزية‪ Doctrine :‬كبالالتينية‪:)doctrina :‬ىو الطريقة أك‬
‫اؼبسعى أك اؼبنحى‪ ،‬كمن ناحية اعبذر اللغوم‪ ،‬فكلمة مذىب مأخوذة من فعل‪ :‬ذىب‪ ،‬يذىب‪.‬مفردىا‬
‫مذىب كصبعها مذاىب ‪ ،‬كىو ما يتبعو الفرد اك اعبماعة اك االمة ك ينزع ك يبيل اذل تبنيو ك اإلقتناع بو‪.‬ك‬
‫اؼبذىب عند اؼبفكرين كالفالسفة ىو صبلة من القواعد ك النظريات ك القوانُت كاؼبفاىيم الفكرية كالفلسفية‬
‫اليت تربطها كحدة نسقية منطقية حبيث أصبحت كال ك متكامال يكوف نظاما فكريا متماسكا ‪.‬ك اؼبذىب‬
‫أمشل من النظرية بل ىو كحد أدسل ؾبموعة من النظريات اؼبرتبطة فيما بينها إرتباطا عضويا متالزما(‪. )1‬‬
‫ك عليو فاؼبذىب‪ -‬بصفة عامة ‪-‬ىو ما تعتقده فئة من الناس اك شعب بل حىت ؾبموعة من الشعوب‬
‫كاالمم ‪،‬صحيحا ‪،‬مقنعا كصوابا ك يلتزموف بو ‪ ،‬بغض النظرعن مدل مصداقية ما يلتزموف بو‪ .‬كفبا ىو جدير‬
‫بالتنويو اف اؼبذاىب تتمايز ك زبتلف بناءا على مرجعياهتا ك مبادئها ك مشارهبا الفكرية ك الركحية كحىت‬
‫العلمية كاؼبعرفية ‪.‬ك باختالؼ القراءات االنسانية ك اؼبفاىيم ك الرؤل اؼبرتبطة هبا ‪ ،‬كباختالؼ تصورات‬

‫‪ -1‬د‪ /‬صليبا صبيل‪،‬اؼبعجم الفلسفي‪ ،‬اعبزء الثاشل ‪ ،‬ط‪،1‬دار الكتاب اللبناشل ‪،‬بَتكت –لبناف ‪،1982،‬ص ‪361‬‬

‫‪10‬‬
‫المذاهب الفمسفية الكبرى – مدخل مفاهيمي‬ ‫الدرس األول‬

‫الناس ؽبا من ركحية كغَت ركحية‪ ،‬ك ما يًتتب عن ذلك من إختالؼ يف فنوهنا من فقهية ك لغوية اك رياضية‬
‫اك علوـ عقلية اك ذبريبية اك فلسفات كغَتذلك ‪.‬‬
‫ك فبا ىو جلي ككاضح كاقعيا ك عمليا من خالؿ اؼبسار البشرم ‪ ،‬أنو من الناذر ذبد ؾبتمع اك فرد اك‬
‫أمة اك شعب ال يتبع مذىبا ما ‪،‬بغض النظر عن طبيعتو ‪.‬إال ما شذ يف بعض اؼبواقف الفلسفية الطريفة‬
‫كمقولة "كولن كلسوف " من خالؿ كتابو الذائع الصيت "الالمنتمي "(*‪.)1‬ك ؽبذا فمهما إختلفت اغبقب‬
‫كاغبضارات ك الثقافات ك أمباط التفكَت ك اغبياة ‪،‬إال ك ذبد مناحي فكرية ك مذىبية ربدد معادل مسارات‬
‫معينة‪،‬طبقا للمميزات العقلية للفرد اك اجملتمع تكيفا مع منطق اغبياة ك االشياء ك االفكار ك االشخاص‬
‫كاعببلة االنسانية ك مصاغبها ك مقتضياهتا ك متطلباهتا ك ميوؽبا ك نزعاهتا‪.‬‬
‫‪ -2‬عوامل نشأة المذاهب‪:‬‬
‫اؼبذىبية ك التمذىب سجية مالزمة للطبيعة االنسانية ‪،‬كوف ىذه االخَتة زبتص بالعقل ك اؼبنطق‬
‫كالتفكَت ك الفهم ك حب االستطالع كاؼبعرفة‪ ،‬كالنزعة اذل الفهم ك التفسَت ك الفضوؿ اؼبعريف ‪ .‬كىذا فبا‬
‫جعالالنساف‪ ،‬مؤىل لصناعة اؼبنظومات الفكرية ك الثقافية كاؼبعرفية ك إبتكار اؼبناىج ك بناء اغبضارات‬
‫كإقباز اؼبناىج ك البناءات اؼبعرفية كاؼبنهجية طبقا للحوافز ك الدكافع اؼبعرفية كالعقالنية ‪.‬كدبا أننا نتحدث‬
‫كنتساءؿ عن اؼبذاىب الفكرية بصفة شاملة ك الفلسفية بصفة خاصة ؟فهي ظبيت كذلك نسبة ؼبا ترتبط بو‬
‫من أفكار ك فلسفات حوؿ ؾبمل القضايا ك اؼبسائل اليت ربرؾ العقل البشرم للبحث ك التحرم كالفهم‬
‫كالتفسَت إلهباد حلوؿ ك أجوبة حوؿ‪ .‬القضايا الوجودية االنطولوجية كاؼبعرفية االيبستيمولوجية كالقيمية‬
‫كاالكسيولوجية ك الكونية الكوظبولوجيا ‪ ،‬كـبتلف القضايا اليت تنزع بو اذل البحث كالفهم كالتفسَت‬
‫كاالستثمار اؼبعريف ك العملي ‪.‬‬
‫ك نظرا الختالؼ البشر يف طرائق كآليات تفكَتىم ك مرجعياهتم ك ثقافتهم ك قناعاهتم ك أساليب حبثهم عن‬
‫اغبقيقة ‪،‬ك كجهات نظرىم ك سبايز قراءاهتم ‪ ،‬كانت ىناؾ عدة تيارات ك مدارس ك مذاىب ‪.‬‬
‫نقوؿ مذاىب فكرية اك فلسفية نسبة اذل ؾباالهتا البحثية ك حقوؽبا اؼبعرفية ك ىي الفلسفة‬
‫كالتفكَت ك التفلسف ‪ ،‬دبعٌت اف تسمية طبيعة اؼبذاىب ترتبط بنوعية اؼبيداف اك التخصص‪.‬خالفا اذا كانت‬
‫تستند ىذه اؼبذاىب اذل مسلمات ك مبادئ ك منطلقات ركحية ك دينية ك إعتقادية كالوحي االالىي‬

‫‪ -*1‬كولن كلسوف‪:‬كولن ىنرم كلسوف‪ ،‬كاتب ك ركائي ك فيلسوؼ بريطاشل‪ ،‬من مواليد ‪ 1931/06/26‬كتويف بتاريخ‬
‫‪ ،2013/12/05:‬صاحب كتاب "الالمنتمي " الذم الفو سنة ‪1956‬ـ‪.‬ك لو كتاب آخر بعنواف ‪" :‬مابعد الالمنتمي‪1965 ،‬ـ‪" .‬‬

‫‪11‬‬
‫المذاهب الفمسفية الكبرى – مدخل مفاهيمي‬ ‫الدرس األول‬

‫كإعتقاد معُت ‪.‬يف ىذه اغبالة نسميها مذاىب ركحية اك دينية ‪.‬ك عليو فطبيعة التسمية مرتبطة بطبيعة اجملاؿ‬
‫اك اؼبيداف اكاغبقل اؼبعريف ‪.‬بغض النظر عن صحتها اك عدـ صحتها ‪.‬‬
‫أما بالنسبة اذل مرجعيات اؼبذاىب فهي ـبتلفة ‪ ،‬فقد تكوف العقل ا﵀ض اك الوحي الصرؼ اك نبا معا‬
‫‪.‬ك عموما تنسب التسمية اذل اؼببدأ اعبوىرم اليت تستند اليو اك الشخصيات اؼبؤسسة ؽبا فنقوؿ‪ :‬على سبيل‬
‫اؼبثاؿ ال اغبصر ‪:‬مذىب مادم اك عقالشل اك ذرائعي براغمايت اك مثارل اك ماركسي ك غَتىا ‪.‬كما تنسب‬
‫اذل الثقافة اك اغبضارة اكالبلد ك البيئة فنقوؿ ‪ :‬يوناشل اك اسالمي اك غريب ‪ ،‬كغَتىا من االمثلة اليت تبُت‬
‫النسبة ‪ :‬إما اذل الشخصية اؼبؤسسة اك البلد اك اؼبدرسة اك مبط التفكَت ‪ .‬ك منو فاؼبراد من اؼبذاىب الفلسفية‬
‫ىي اؼبذاىب اؼبنسوبة اذل الفلسفة كالتفكَت الفلسفي‪ ،‬ك اإلجتهاد الفلسفي الذم يتجلى فيما يصدره العقل‬
‫من شىت االراء كاالفكار كاؼبفاىيم كاؼبعارؼ يف حقوؿ الفلسفة ك مباحثها ‪.‬ك من ىنا ظبيت مذاىب فلسفية‬
‫نسبة اذل الفلسفة ك ظبيت تسمية معينة نسبة اذل طائفة اك توجو اك مرجعية ؿبددة ؽبا ‪.‬‬
‫يبكن تلخيص عوامل نشأة اؼبذاىب الفلسفية فيما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬عوامل فكرية ‪:‬الفضوؿ اؼبعريف ‪،‬اإلجتهادات الفكرية ‪ ،‬كاالختالفات الفكرية‪.‬‬
‫‪-‬عوامل سياسية‪ :‬الصراعات ك االختالفات السياسية‪ ،‬كالنظريات اؼبربرة ؼبختلف االنظمة السياسية ك أنظمة‬
‫اغبكم ‪.‬‬
‫‪-‬عوامل جغرافية ‪:‬التقارب اعبغرايف ؼبختلف اغبضارات ك التبادالت التجارية كاالستكشافية ‪.‬‬
‫‪-‬عوامل دينية ك ركحية‪ :‬الصراعات بُت اؼبذاىب الدينية ك تنوع اؼبرجعيات ك تنوع الفرؽ يف إجتهاداهتا ك‬
‫مسوغاهتا الدينية ك العقلية ‪.‬‬
‫‪-‬عوامل تارىبية‪:‬التاريخ عبارة عن سجل حافل بالصراعات الفكرية كالدينية ك السياسية ك االجتماعية اليت‬
‫تنتقل من جيل اذل جيل ك من ؾبتمع اذل آخر‪.‬ك ىو جزء من الًتاكم االفقي ك العمودم ؼبختلف اؼبنتوج‬
‫اغبضارم اؼبتنوع اؼبنتشر ىنا كىناؾ‪.‬‬
‫‪ -3‬التعرف على المصطلحات األساسية‪:‬‬
‫ك من اؼبصطلحات الشائعة كاؼبرتبطة بكلمة مذىب قبد مصطلح اؼبذىب التعليمي ك اليت تعٍت ؾبموعة‬
‫من اؼببادئ كاالراء الدينية ‪ ،‬اك الفلسفية ‪،‬اك العلمية اك الفقهية ‪ ،‬اؼبنسوبة اذل احد اؼبفكرين اك إحدل‬
‫اؼبدارس(‪. )1‬ك اؼبقصود باؼبذىب التعليمي ‪ ،‬أف تكوف مبادئو ك حقائقو مرتبطة بالعمل ك التجسيد العملي‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬معجم فلسفي صبيل صليبا ج‪– 2‬ص ‪361‬‬

‫‪12‬‬
‫المذاهب الفمسفية الكبرى – مدخل مفاهيمي‬ ‫الدرس األول‬

‫كالتطبيقي ‪ ،‬كال تكوف ؾبرد أفكار ك مبادئ نظرية ‪ ،‬كؽبذا يتم التمييز بُت العلم ك اؼبذىب التعليمي ‪ ،‬اف‬
‫االكؿ يهتم بالفهم كالتفسَت ك الدراسة النظرية‪ ،‬اما الثاشل فيحكم ك يلزـ بالتطبيق ك ىنا من إدعى من اىل‬
‫الباطينة باهنم أىل تعليم كما اشاراالماـ "ابوحامد الغزارل" يف كتابو" اؼبنقذ من الضالؿ "(‪.)1‬‬
‫بيدأف يف ىذا العنصر ‪ ،‬كباكؿ الًتكيز على اؼبصطلحات الفلسفية ‪،‬اؼبرتبطة بطبيعة اؼبقياس اك اؼبادة ‪،‬كىي‬
‫اؼبذاىب الفلسفية ‪ ،‬كاليت تنوعت ك تعددت ‪ ،‬بناءا على القاعدة الفكرية ك الفلسفية اؼبرجعية اليت تنطلق‬
‫منها ‪ ،‬ك من بُت اؼبصطحات اؼبفتاحية ك األساسية قبد مايلي ‪:‬‬
‫‪-‬المثالية ‪:‬مأخوذة من كلمة "مثاؿ "ىو ما يقابل الواقع ‪،‬ك اؼبثاؿ ؽبا معنياف ‪ :‬من جهة ‪:‬ىو مايستجيب‬
‫لكل مستلزمات الفكر ‪ ،‬لكنو يفتقر للواقع ك الوجود ‪.‬ك من جهة أخرل ‪ :‬ىو ما يكوف ‪ ،‬حُت يليب كل‬
‫مستلزمات الفكر ‪ ،‬يف الفكر ك بالفكر ‪،‬ك ىو ال يتحقق ماديا ‪،‬ألم كلوج يف كجود معُت(‪.)2‬ك اؼبثالية‬
‫فلسفيا ىو ما ينسب اذل مفاىيم اؼبذىب اؼبثارل ‪(.‬ك اؼبزيد من التفصيل‪ ،‬متضمن يف اؼبذىب اؼبثارل أدناه)‬
‫‪-‬الواقعية ‪:‬منسوب اذل كلمة كاقع ‪،‬كىي ما يقابل كلمة مثاؿ اػبياؿ ك الوىم‪ ،‬ك يرادفو اغبقيقي ك‬
‫الوجودم كالفعلي‪.‬ك الواقعية كمذىب فلسفي ‪ :‬ىي كل توجو فكرم اك نظرية ربقق اؼبثاؿ اك ذبسده أم‬
‫تعده شيئا كاقعيا‪ ،‬اك تقدـ الواقع عن الفكر(‪ (.)3‬كاؼبزيد من التفصيل‪ ،‬متضمن يف اؼبذىب الواقعي أدناه)‬
‫‪-‬العقالنية ‪:‬مأخوذة من كلمة عقل ‪،‬ك العقل حسب "الكندم" "جوىر بسيط مدرؾ لألشياء حبقائقها "ك‬
‫العقالنية ‪ ،‬ىي القوؿ بأكلوية العقل يف اؼبعرفة ‪،‬ك أف اؼبعرفة تنشأ من اؼببادئ العقلية ك الضركرية القبلية(‪.)4‬ك‬
‫اف التجربة كالواقع زبضع للعقل كآلياتو ك مقوالتو‪ (.‬كاؼبزيد من التفصيل‪،‬متضمن يف اؼبذىب العقالشل أدناه)‬
‫‪-‬المادية ‪:‬مأخوذة من كلمة مادة كاؼبصطح الشائع "مادية" ‪،‬لكن اؼبصطلح االصح "مادكية " إذا ما تعلق‬
‫باؼبذىب اؼبادم‪ ،‬ك يستعمل مصطلح "مادية"على كل ما يتعلق باؼبادة(‪،)5‬ك تستعمل اؼبادكية على كل من‬
‫يعتنق اؼبذىب اؼبادم ‪،‬كىو اؼبقابل للمذىب اؼبثارل ك الركحي ‪(. .‬ك اؼبزيد من التفصيل‪،‬متضمن يف اؼبذىب‬
‫اؼبادم أدناه)‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬اؼبعجم الفلسفي ‪.‬ج‪.‬ص ‪.‬ج‪ 2‬ص ‪361‬ك ص‪362‬‬


‫‪ -2‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة الالند ص‪482‬‬
‫‪ -3‬نفس اؼبرجع‪ ،‬معجم صلبيا ج‪،4‬ص‪444‬‬
‫‪ -4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬معجم فلسفي صليبا ج‪ ،4‬ص‪01‬‬
‫‪ -5‬نفس اؼبرجع‪ ،‬موسوعة الالند ‪677‬‬

‫‪13‬‬
‫المذاهب الفمسفية الكبرى – مدخل مفاهيمي‬ ‫الدرس األول‬

‫‪-‬الوجودية ‪:‬مأخوذة من كلمة الوجود ‪.‬اؼبقابل لكلمة العدـ ‪.‬ك الوجود ىو كل ماىو كائن اك يتصف‬
‫بالكينونة‪.‬ك الوجود ىو اغبقيقة الواقعية الدائمة ك هبذا ىو مقابل للحقيقة اجملردة(‪.)1‬اما الوجودية يف الفلسفة‬
‫‪:‬ىي الفلسفة اليت تبحث يف الوجود ك اليت تبناه اؼبذىب الوجودم ؿ ياسبَتس‪ ،‬ىايدجر‪ ،‬كَتكجارد‪ ،‬سارتر‬
‫‪،‬كامي ك غَتىم ‪.‬ك ظبيت هبذا االسم الهنا تقوـ على مبدأ قاعدم مفاده‪ :‬الوجود سابق عن اؼباىية ‪.‬‬
‫‪-‬البراجماتية ‪:‬مأخوذ من كلمة براغما الالتينية ‪،‬ك ىي كلمة يونانية تعٍت العمل اك اؼبمارسة ‪،‬ك حىت اؼبنفعة‬
‫دبعناه العملي ‪.‬ك الرباغماتية من الناحية الفلسفية ‪،‬معناىا ربط اغبقيقة بالنجاح ك اؼبنفعة‪.‬ك يقوؿ الالند يف‬
‫موسوعتو الفلسفية ‪":‬براغماتيكا اك ذريعي لفظ إقًتحو "موريس بلوندؿ"حبيث يشكل ىذا العلم نظاـ حقيقة‬
‫فريدة من نوعها ‪ ،‬كىذا ما تضمنو يف رسالتو سنة ‪ 1902‬حوؿ مادة الفعل(‪.)2‬ك على العموـ فاؼبذىب‬
‫الرباغمايت مذىب امريكي أسسو كل من الفالسفة ‪":‬شارؿ بَتس" ‪"،‬جوف ديوم" ‪"،‬كلياـ جيمس"‪.‬‬
‫*خالصة‪:‬‬
‫من خالؿ الدرس االكؿ التمهيدم ‪ ،‬حاكلنا تقدصل تصورات ك مفاىيم ك تعاريف اكلية حوؿ‬
‫ا﵀تويات االساسية للمقياس ‪ :‬حيث عرجنا على اؼبقصود باؼبذاىب ك اؼبذىب الفلسفي ‪ ،‬كما تعرفنا عن‬
‫عوامل نشأة اؼبذاىب ‪ ،‬كأخَتا أىم اؼبصطلحات ك الكلمات اؼبفتاحية اؼبستعملة ‪ ،‬حىت يتسٌت للطالب‬
‫إستيعاب بعض االبعاد اؼبعرفية قبل الولوج يف صلب ا﵀اضرات كالدركس ‪.‬‬
‫*فهرس المراجع‪:‬‬
‫‪-1‬الالند أندرم ‪ ،‬موسوعة الالند الفلسفية –آ‪-‬جي‪ ،‬تر‪:‬خليل أضبد خليل ‪،‬ط‪،2‬منشورات عويدات –‬
‫بَتكت لبناف‪-‬باريس‪2001.،‬‬
‫‪ -2‬د‪ /‬صليبا صبيل‪،‬اؼبعجم الفلسفي‪ ،‬اعبزء الثاشل ‪ ،‬ط‪،1‬دار الكتاب اللبناشل ‪،‬بَتكت –لبناف ‪1982،‬‬
‫*فهرس المراجع االضافية التدعيمية للدرس التمهيدي ‪:‬‬
‫‪-1‬كىبة مراد‪ ،‬اؼبعجم الفلسفي ‪،‬ط‪،1‬دار قباء اغبديثة للطباعة كالنشر ك التوزيع‪ ،‬القاىرة –مصر ‪.2007،‬‬
‫‪-2‬كريسوف ‪،‬أكندرم‪ ،‬اؼبذاىب الفلسفية ‪ ،‬تر‪ :‬حكمت ىاشم ‪،‬ط‪،1‬مطبوعات اعبامعة السورية ‪،‬دمشق‬
‫–سوريا ‪.1952،‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬معجم صليبا ج‪،4‬ص‪448‬‬


‫‪ -2‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة الالند ‪،‬ص‪1112‬‬

‫‪14‬‬
‫المذاهب الفمسفية الكبرى – مدخل مفاهيمي‬ ‫الدرس األول‬

‫‪-3‬د‪/‬غالب ؿبمد‪ ،‬اؼبذاىب الفلسفية العظمى يف العصور اغبديثة ‪،‬ط‪،1‬مؤلفات اعبمعية الفلسفية اؼبصرية‬
‫‪،‬القاىرة ‪،‬صبهورية مصر العربية ‪.1948،‬‬
‫‪-4‬عصاـ الدين ؿبمد علي ‪،‬تاريخ اؼبذاىب الفلسفية ‪،‬ب‪/‬ط‪ ،‬منشأة اؼبعرؼ االسكندرية ‪،‬اإلسكندرية‪-‬‬
‫مصر ‪،‬ب‪/‬س‪.‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد رافع ظباح ‪،‬اؼبذاىب الفلسفية اؼبعاصرة ‪،‬ط‪،1‬مكتبة مدبورل ‪،‬القاىرة –مصر‪1973،‬ـ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الدرس الثاني‪:‬‬
‫المذهـ ـ ـ ـ ـب المثـ ـ ـ ـ ـ ـالي ‪-1-‬‬
‫المذهب المثالي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني‬

‫الدرس الثاني‪ :‬المذهب المثالي‪-1-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬التعريف بالمذهب المثالي‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬مفاهيم ودالالت‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬نبذة تاريخة كرونولوجية حول المذهب ‪.‬‬
‫*تمهيد‪:‬‬
‫من خالؿ ىذا الدرس الثاشل ‪ ،‬كباكؿ التعرؼ على اؼبذىب اؼبثارل ‪ ،‬من خالؿ التعريف اللغوية ك‬
‫االصطالحية ‪ ،‬مث ننتقل اذل التفصيل اذل كل اؼبفاىيم ك الدالالت اؼبًتبطة بو ‪.‬اذل جانب تقدصل إطاللة‬
‫تارىبية حوؿ اؼبذىب اؼبثارل ‪ ،‬كيف ظهر ك تظور يف الزمن ‪ ،‬كاعبذكر التارىبية اؼبرتبطة بو ‪.‬‬

‫المذهب المثالي ‪(:‬المثالية)‪ :‬الفرنسية= (‪ )Idealisme‬اإلقبليزية=(‪ )Idealism‬الالتينية=(‪:) idealismo‬‬


‫أوال‪ :‬التعريف بالمذهب المثالي ‪:‬كلمة مثارل مأخوذة من كلمة (مثاؿ ) كىي عكس‬
‫كلمة(كاقع)أك كلمة( مادة) اك كلمة( ؿبسوس) ‪.‬ك ىي تتطابق اذل حد كبَت مع كلمة (فكرم) ك كلمة‬
‫(صورم)‪.‬يعرفها الفيلسوؼ الفرنسي " أندرم الالند " (‪ )1963-1867‬يف "معجمو الفلسفي" ‪":‬‬
‫اؼبثالية ىي االذباه الفلسفي الذم يرجع كل الوجود اذل الفكر ‪ ،‬باؼبعٌت األعم ؽبذه الكلمة‪.‬ك اؼبثالية هبذا‬
‫اؼبعٌت تقابل الواقعية اعبديدة" أك ىي ‪":‬اؼبذىب الذم يقر بأف االشياء الواقعية ليست شيئا آخر غَت أفكارنا‬
‫كبن ‪....‬ك أنو ليس ىناؾ حقيقة إال ذكاتنا اؼبفكرة ‪.‬أما كجود االشياء فقائم يف اف تكوف مدركة عن طريق‬
‫ىذه الذكات ك ال حقيقة ؽبا كراء ذلك "(‪.)1‬‬
‫كدبفهوـ عاـ فإف اؼبقصود بالفلسفة اؼبثالية ىي الفلسفة اليت تعتقد أف حقيقة الوجود كالكوف عبارة عن‬
‫أفكار ك صور عقلية ‪،‬ال يبكن ذبسيد كجودىا اال من خالؿ إطار العقل كالوعي‪ ،‬كوف التصورات الفكرية‬
‫ىي اؼبصدر اغبقيقي لوجود ىذه اؼبوجودات‪ .‬ك منو فالوجود كاؼبوجودات ىي عبارة عن صور ك مدركات‬
‫ذىنية يف شكل مفاىيم ك معاشل‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة الالند‪ ،‬ص‪.585:‬‬

‫‪17‬‬
‫المذهب المثالي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني‬

‫ثانيا‪ :‬المثالية دالالت و مفاهيم ‪:‬‬


‫(اؼبثاؿ) صورة الشيء الذم سبثل صفاتو ‪ ،‬أك القالب أك النموذج الذم يقرر على مثلو ‪.‬ك اعبزئي‬
‫الذم يذكر إليضاح القاعدة‪ ،‬كإيصاؽبا اذل فهم اؼبتعلم ‪.‬‬
‫‪-1‬اؼبثاؿ عند أفالطوف صورة ؾبردة ‪ ،‬ك حقيقة معقولة‪ ،‬أزلية ثابتة ػ ال تتغَت ك ال يعًتيها الفساد ‪.‬قاؿ‬
‫"الفارايب" يف كتابو اؼبشهور" اعبمع بُت رأيي اغبكيمُت" ‪ :‬إف أفالطوف يف كثَت من أقاكيلو يوميءاذل أف‬
‫اؼبوجودات صورا ؾبردة يف عادل االاله ‪ ،‬ك ردبا يسميها باؼبثل االالىية ‪ ،‬كأهنا ال تندثر ‪،‬ك ال تفسد ‪ ،‬كلكنها‬
‫باقية "‪ .‬ك اؼبثل االفالطونية ىي‪ :‬مبادئ أساسية للمعرفة ك الوجود معا ‪.‬آلف النفس ال تقدر على معرفة‬
‫االشياء ك إدراكها ك تصورىا اال إذا كانت قادرة على تصور ك إستيعاب اؼبثل يف ـبياؽبا ‪.‬آلف اعبسم ليس‬
‫من قدراتو تأمل اؼبثل ‪.‬ك يراد بكلمة مثاؿ –أيضا‪-‬كهبذا يكاد نعت مثارل يتضمن دائما اف االمر يتعلق‬
‫حبد‪ ،‬ال يبكن بلوغو بالتجربة(‪.)1‬‬
‫‪-2‬ك اؼبثاؿ عند زعيم اؼبدرسة النقدية "إيبانويل كانط" ىو صورة عقلية كاملة تتجاكز معطيات اغبس ك‬
‫تصورات الذىن ‪ ،‬ك ال يوجد ما هبانسها يف عادل ا﵀سوسات ‪،‬إال إهنا تتخذ كقاعدة اك مبدأ للتفكَتك‬
‫العمل ‪.‬‬
‫‪ -3‬اما اؼبثاؿ عند الفيلسوؼ اؼبثارل االؼباشل " ىيجل" كمفهوـ قيمي يف ؾباؿ علم اعبماؿ لو مفهوـ ذك‬
‫خصوصية حيث يعترب أف اعبميل ظاىرة حسية للمثاؿ ‪،‬كما يعتقد آخر اف موضوع الفن ىو التعبَت اغبسي‬
‫عن اؼبثاؿ(‪. )2‬‬
‫‪ -4‬أما اؼبقصود دبصطلح "اؼبثارل "ىو اؼبنسوب اذل اؼبثاؿ ‪ ،‬كيطلق على صورة الشيء الكاملة أك على ما‬
‫وبقق ىذه الصورة ربقيقا تاما ‪ ،.‬اك ما يتفق مع ميولنا ك قناعتنا العقلية ك االخالقية اك العاطفية إتفاقا شبو‬
‫مطلق ك تستعمل كلمة "اؼبثارل" عند اؼبفكرين ك الفالسفة عدة مفاىيم ‪:‬‬
‫أ‪ -‬يطلق اؼبثارل على ما ينتجو الذىن اك يتصوره ك حىت يتخيلو كلذلك ىناؾ من يسميو باػبيارل ‪ ،‬ك مقابل‬
‫اك مضاد ؼبعٌت اغبقيقي اك الواقعي ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ك تعٍت اؼبثارل أيضا‪ :‬كصف كل ما يتصل بالفكرة كالتصور ك لبص بالذكر اؼبعاشل الرياضية باعتبارىا‬
‫مفاىيم ك تصورات ؾبردة ك مقابلة لالشياء الطبيعية ‪.‬فعندما نقوؿ رقم كاحد فهو تصور مثارل ؾبرد غَت‬

‫‪ -1‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.581،‬‬


‫‪ -2‬مرجع سابق‪ ،‬معجم صليبا‪ ،‬ج‪ 2‬ص رقم ‪.335:‬‬

‫‪18‬‬
‫المذهب المثالي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني‬

‫معُت يف نوع معُت من ا﵀سوسات بل ىو يعرب عنها ك يتجاكزىا يف ذات الوقت ك كل اللواحق اؼبادية‬
‫اؼبًتبطة هبا ‪.‬‬
‫ج‪ -‬ك تطلق كلمة مثارل ايضا على ما يتصف بالسموؽ ك السمو اك الرفعة ك التميز الفٍت اك االخالقي اك‬
‫العقلي اك الركحي ‪ ،‬بناءا على ما تعرب عنو كلمة مثارل من سعة نظر ك ذبرد ك إحاطة كقولنا على سبيل‬
‫اؼبثاؿ ‪ :‬اغبياة اؼبثالية اك االخالؽ اؼبثالية(‪. )1‬‬
‫د‪-‬ك اؼبثارل تعٍت ايضا تعبَت على ما ىو كامل من نوعو كوبمل ضمنا معٌت صعب اؼبناؿ ك بعيد التحقيق‬
‫الواقعي ك التجسيد الفعلي ‪،‬آلهنا أشياء ؾبردة بل موغلة يف التجريد ك صعبة التحقيق كقولنا ‪:‬العدالة اؼبثالية‬
‫‪ -3‬التعريف الفلسفي للمثالية‪:‬‬
‫أ‪-‬المعنى الفلسفي العام ‪:‬‬
‫يطلق لفظ اؼبثالية بصفة عامة على النزعة الفلسفية اليت تقوـ على رد كل الوجود اذل الفكر بأكسع‬
‫معانيو ‪.‬ك ؽبذه اؼبثالية صورتاف‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تصبواذل رد الوجود اذل اذل الفكر الفردم اك الذايت ‪ ،‬كتسمى بالذاتية اك اؼبثالية الفردية اك الشخصية ‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬ترنو اذل رد الوجود اذل الفكر بوجو عاـ‪ ،‬فرديا كاف‪ ،‬أك صباعيا‪ ،‬أك كليا‪.‬‬
‫ك ىناؾ سبييزات عديدة أخرل تتعلق باؼبثالية منها مايلي‪:‬‬
‫ثالثا‪ :‬منها التمييز بُت اؼبثالية ك اؼبوضوعية ‪ ،‬كاؼبثالية الذاتية ‪.‬اؼبفهوـ االكؿ قبده عند" أفالطوف "كاؼبراد هبا‬
‫أف ا﵀سوسات ليست ؽبا كجود حقيقي ك إمبا صورىا النوعية ىي الوجود اغبقيقي‪ ،‬فمثال كلمة (إنساف)‬
‫ىي مفهوـ ؾبرد عن كل االنواع اعبزئية الفراد اعبنس البشرم ( زيد ‪ ،‬عمر ك بكر ‪...‬اخل)‪.‬أما اؼبثالية الذاتية‬
‫‪ ،‬فتتجسد يف فلسفة "ايبانويل كانط" ك مواطنيو ؾ "شلنج"‪"،‬فشتة"ك "ىيجل" كاليت مؤداىا أف العقل ال‬
‫يدرؾ االشياء يف ذاهتا بل الصور ك التمثالت اليت تقوـ يف ذىن االنساف‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬كما قبد بُت اؼبثالية يف نظرية اؼبعرفة ك نظرية الوجود ك نظرية القيم ك نظرية الكونيات‪.‬فاؼبثالية يف‬
‫نظرية اؼبعرفة تعتقد اف كجود اعبزئيات ا﵀سوسة ليس ذبريبيا بل ؾبرد معقوالت كأف كل شيء مرجعو اذل‬
‫الفكر ‪ .‬أما اؼبثالية يف الكوظبولوجيات فتعتقد اف الظواىر ا﵀سوسة ىي ؾبرد صور ربصل يف ملكة العقوؿ‬
‫اؼبفكرة(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.336‬‬


‫‪ -2‬بدكم عبد الرضباف‪ ،‬موسوعة الفلسفة‪،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،1‬اؼبؤسسة العربية للدراسات ك النشر‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪ .1984 ،‬ص ‪439‬‬

‫‪19‬‬
‫المذهب المثالي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني‬

‫ب‪-‬المعاني الفلسفية الخاصة ‪:‬‬


‫‪-1‬أكؿ من إستعمل التعبَت" مثارل" الفلسفي يف التاريخ اغبديث ىو الفيلسوؼ االؼباشل "ليبنيتز" حوارل‬
‫ؽ‪17‬يف اللغة الفلسفية‪ .‬ك الذم قصد بو معٌت مناقض ك مقابل لكلمة "مادم" مث أستعملت كلمة اؼبثالية‬
‫يف التعبَت عن أفكار" افالطوف" لكوف ىذا االخَت‪ ،‬ربدث عن عادل اؼبثل ك اؼبعقوالت ‪ ،‬كىي مباذج العادل‬
‫اغبسي ‪ ،‬كصوره ‪ ،‬كأصولو ‪ ،‬كلكن كل ىذه ؽبا كجود مفارؽ يسمى بعادل اغبقائق اؼبطلقة اك عادل اؼبثل ك‬
‫ىي عادل النماذج الكاملة كاؼبطلقة ‪ ،‬ك تسمى يف حقوؿ الفلسفة باؼبثل االفالطونية اك اؼبثالية االنطولوجية‬
‫‪.‬كما يصف "ليبنيتز" "أبيقور " بانو مادم ‪،‬آلنو عكس أفالطوف إعتقادا يف كونو يتصور انو ال يوجد نفس‬
‫ال مادية(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬لكن يف القرف ‪ ،18‬إستعمل لفظ اؼبثالية على مذىب فيلسوؼ بريطاشل يسمى ب "باركلي" (‪،)*2‬‬
‫كالذم يعترب مؤسس اؼبثالية الالمادية‪.‬كىو يعتقد يف ذات الوقت –توضيحا ؼبا سلف‪ -‬أنو الكجود لنوعُت‬
‫من اؼبوجودات ‪ :‬مادية ك ركحية ‪ ،‬بل توجد عقوؿ فقط ‪ ،‬أعٍت كائنات مفكرة ‪ ،‬تقوـ طبيعتها يف االمتثاؿ‬
‫ك االرادة ‪.‬إف موضوعات إمتثاالتنا ك أفعاؿ إرادتنا ‪ ،‬كىي االفكار ‪ ،‬ال قواـ ؽبا خارج االذىاف ‪ ،‬إهنا نتاج‬
‫نشاطها الذىٍت ليس إال ‪.‬‬
‫‪ -3‬أما "ايباكنويل كانط " فيستعمل مصطلح اؼبثالية التجريبية(االمربيقية ) للداللة على التوجو الذم يتصور‬
‫اف كينونة االشياء يف الواقع خارج الفكر أمر مشكوؾ فيو ‪ ،‬اك على االقل ال يبكن الربىنة عليو ‪،‬أك أمر‬
‫مستحيل ك باطل عقال ك تسمى مثالية "كانط" ب"اؼبثالية اؼبتعالية" ك اليت تتصور اف كل اؼبوجودات ىي‬
‫تصورات عقلية مرتبطة جبملة من اؼبقوالت ك القوالب القبلية يف الذىن‪ ،‬كمقوليت‪ :‬الزماف كاؼبكاف‪،‬ك لذلك‬
‫تسمى ايضا باؼبثالية االيبيستيمولوجية(‪.)3‬ك من بُت ذبليات ىذه اؼبثالية التجريبية اليت يلخصها "رينيو‬
‫ديكارت" يف مبدأه االنطولوجي ‪ ،‬الذم ال يسلم اال بوجود حقيقة كاحدة ك ىي االنا الشكاؾ اؼبفكر(أنا‬
‫أشك‪..‬إذف أنا افكر ‪ ...‬إذف أنا موجود )‪.‬اال اف "ديكارت " دل ينكر اؼبكاف الواقعي‪ ،‬ك إمبا أقر بوجود‬
‫آليات عقلية كإستداللية للربىنة عليو حبكم نزعتو العقالنية‪.‬كما يرل "كانط" يف كتابو" مقدمة اذل كل‬
‫ميتافيزيقا" أف اؼبثالية تقوـ على منظور مؤداه أنو ال توجد كائنات إال الكائنات العاقلة اؼبفكرة ‪ ،‬ك سائر‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪439‬‬


‫*باركلي جورج ( ‪ )1753 - 1685‬فيلسوؼ أيرلندم مثارل‪ ،‬كاف إقبازه الرئيسي تطوير نظرية أطلق عليها اسم «الالمادية‪ .‬من مؤلفاتو‪:‬‬
‫"حبث يف مبادئ اؼبعرفة اإلنسانية" ‪" ،1710‬ا﵀اكرات الثالث بُت ىيالس كفيلونوس" ‪.1713‬‬
‫‪ - 2‬مرجع سابق‪ ،‬معجم صليبا ج‪ 2‬ص‪339‬‬

‫‪20‬‬
‫المذهب المثالي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني‬

‫االشياء ابت نعتقد اننا ندركها حسيا يف التجربة ‪ ،‬ماىي إال إمتثاالت يف عقوؿ الكائنات العاقلة ‪ ،‬ال‬
‫يناظرىا يف اػبارج أم موضوع(‪. )1‬‬
‫ك ثاشل صورىا مثالية "باركلي"اليت تسمى بالوثوقية الدكغمائية اك القطعية اليت تنكر كجود اؼبكاف ا﵀سوس‬
‫ك لواحقو اؼبادية اال يف التصورات الذىنية‪.‬ك ىذه مثالية ال مادية أنكرت التمثل ا﵀سوس للمكاف ‪.‬‬
‫أما "كوندياؾ" (االسم الكامل ك تاريخ اؼبيالد ك الوفاة)‪،‬الذم هبارم النزعة اؼبثالية ‪،‬غَت انو ال يشك يف‬
‫كجود اغبقائق اؼبادية ‪ ،‬بل يشك يف امكانية إدراكها باؼبعاينة اؼبباشرة ‪ ،‬كال يبكن الربىنة عليها اال ك فقط‬
‫بالنظر ك االستدالؿ ‪.‬‬
‫‪ -4‬ىناؾ مذاىب فلسفية أخرل تصنف ضمن اؼبذاىب ك الفلسفات اؼبثالية ‪ ،‬كمذىب" فيختة"(اؼبيالد‬
‫كالوفاة)ك تسمى اؼبثالية الذاتية ك مذىب "شيلينغ"(ميالد كفاة)ك تسمى باؼبثالية اؼبوضوعية ك مذىب‬
‫"ىيجل"ك تسمى باؼبثالية اؼبطلقة ‪.‬‬
‫ىو االعتقاد بوجود مبادئ فطرية ك قبلية سبلي النزكع‬ ‫ج‪-‬المثالية في اإلتـ ـ ـ ـ ـ ــيقا(علم االخالق) ‪:‬‬
‫االخالقي كاالخالقية كالضمَت ك الواجب االخالقي اك ربقيق السعادة ‪ ،‬ك بالتارل فالذات البشرية ؽبا‬
‫إستعدادات فطرية قبلية تنحو صوب ترسيم ك تأسيس توجهات إرشادية ك توجيهية الصالح الطبيعة ك‬
‫اجملتمع من ـبتلف اؼبفاسد ك الشركر ‪.‬‬
‫د‪ -‬المثالية في اإلسـ ـ ـ ـ ـ ــتطيقا (علم الجمال) ‪:‬ىو توجو مناقض للتوجهات اعبمالية اؼبادية‪ ،‬كىو تصور‬
‫يرل أف غاية الفن ‪،‬ليس ىو ؿباكاة للطبيعة ‪ ،‬كإمبا ىو تعبَت عن اؼبثل ك النماذج العليا ام ذبسيد لتجليات‬
‫العقل ك منازع الفكر كبو الكماؿ ك اؼبطلق‪.‬كالتعبَت عن التصورات اليت تفوؽ الرؤل السطحية لالشياء‬
‫الطبيعية ‪.‬‬
‫هـ المثالية االجتماعية ‪ :‬يدخل ىذا اؼبصطلح ضمن إصطالحات ك معاشل التقدـ االجتماعي ك على‬
‫االعماؿ االنسانية كالتهذيبية اليت كاف يتصورىا الفيلسوؼ االقبليزم"باركلي"‪ ،‬على غرار كتاب" اؼبثالية‬
‫االجتماعية" للفرنسي "أكجُت فورنيار" الذم وبدد فيو توجها مذىبيا أخالقيا يقوـ على مفاىيم منها ‪:‬اف‬
‫التطور االجتماعي لو منطق خاص بو ‪ ،‬كأف تزايد شعور اجملتمعات االنسانية بذاهتا ك كعيها جبوىرىا هبعلها‬
‫أكثر ربررا ك إنطالقا يف صناعة مصَتىا بذاهتا بآليات عقلية كأخالقية ك إقتصادية أكثر ربررا(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪439‬‬


‫‪ -2‬مرجع سابق‪ ،‬معجم صليبا ج‪،2‬ص‪.340‬‬

‫‪21‬‬
‫المذهب المثالي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني‬

‫ثالثا ‪ :‬نبذة تاريخية كرونولوجية حول المذهب‪:‬‬


‫اؼبذىب اؼبثارل أك النزعة اؼبثالية‪ ،‬ليست ؿبصورة من ناحية الظهور‪ ،‬فقط يف اغبقبة اليونانية ‪ ،‬بل ىي‬
‫سبتد اذل عصور غابرة منذ كجدت الثقافات االنسانية القديبة ك خاصة الثقافات الشرقية ‪ :‬كثقافة بابل ‪،‬‬
‫مصر ك اؽبند ك الصُت ك الفينيقيُت‪ ،‬ك ىذا ما تؤكده االفكار ك اؼبفاىيم ك التصورات الواردة يف الفنوف‬
‫كاغبفريات ك الرسوـ كاغبفريات ك اؼبالحم ك األشعار ك اإلعتقادات ‪.‬اليت كانت تنم عن مستول ـبياؿ‬
‫اغبضارات كالثقافات الشرقية ك اليت ذبسدت يف تعابَتىم اؼبختلفة ‪ ،‬ك نظرهتم اذل القضايا االساسية للوجود‬
‫ك الكوف ك االنساف كاػبالق كفكرة مثالية تصورية ك جوىرية للوجود كاػبلق ك البعث ك اؼبوت كاغبياة ‪.‬‬
‫اال أف الطابع الفكرم الرظبي ك الفلسفي أخذ ضمورا بارزا مع الفلسفة اليونانية االغريقية ‪.‬ك بشكل‬
‫اكثر كضوح مع الفيلسوؼ اليوناشل " أفالطوف " اؼبلقب بأيب الفلسفة اؼبثالية ‪.‬لقد كاف افالطوف مثاليا من‬
‫خالؿ أفكاره ك كتبو ك أعمالو ك أرائو ‪.‬ك خاصة الفكرة القاعدية اليت قامت عليو فلسفتو ك ىي ثنائية‬
‫الوجود ‪ ،‬حيث ميز بُت نوعُت من الوجود اك العوادل ‪ :‬عادل ا﵀سوسات ك اؼباديات اليت سبثل علم الوىم ك‬
‫اعبزئيات ك النسبية ك الضالؿ ‪،‬ك عادل اؼبعقوالت ك اجملردات اك عادل اؼبثل(*‪)1‬الذم يبثل عادل اغبقائق اؼبطلقة‬
‫الكاملة ‪ ،‬كمنو فأساس اؼبعرفة ىو ملكة العقل اليت تدرؾ مثل ك الصور اؼبطلقة لكل اؼبوجودات آلف‬
‫ا﵀سوسات يف هناية اؼبطاؼ ؾبرد صور ذىنية ؾبردة‪.‬فالفكر ك الركح عميات اكلوية ك اللواحق اؼبادية ؾبرد‬
‫توابع ثانوية ‪.‬‬
‫مث تطورت اؼبثالية مع القرف ‪ 17‬اذل غاية عصر النهضة االكركبية اغبديثة من خالؿ خدمات ثلة كبَتة من‬
‫الفالسفة الغربيُت ؾ "باركلي" " توماس ريد" "فختة" "شلينغ " "ىيجل" كوندياؾ " "باركلي " ك غَتىم ‪.‬‬
‫*خالصة‪:‬‬
‫اؼبثالية ىي االذباه الفلسفي الذم يرجع كل الوجود اذل الفكر ‪ ،‬كباؼبعٌت األعم ؽبذه الكلمة‪.‬ك اؼبثالية‬
‫هبذا اؼبعٌت تقابل الواقعية ‪،‬كىي اؼبذىب الذم يقر بأف االشياء الواقعية ليست شيئا آخر غَت أفكارنا كبن ‪،‬ك‬
‫أنو ليس ىناؾ حقيقة إال ذكاتنا اؼبفكرة ‪.‬أما كجود االشياء فقائم يف اف تكوف مدركة عن طريق ىذه الذكات‬
‫كال حقيقة ؽبا كراءذلك‪.‬كؼبصطلح مثاؿ ك مثالية عدة مفاىيم ك دالالت مشتقة‪ ،‬كىي مرتبطة تارىبيا بعدة‬
‫شخصيات فلسفية من أبرزىا الفيلسوؼ االؼباشل "أفالطوف" الذم يعترب مؤسس النزعة اؼبثالية ‪.‬‬

‫*‪ -‬عادل اؼبثل‪ :‬ىو عادل اؼبعقوالت اجملردة اؼبفارقة للمادة‪ ،‬اليت ربدث عنها أفالطوف‪ ،‬كوهنا سبثل اغبقائق الكلية ك اؼبطلقة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الدرس الثالث‪:‬‬
‫المذهـ ـ ـ ـ ـب المثـ ـ ـ ـ ـ ـالي ‪-2-‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫الدرس الثالث‪ :‬المذهب المثالي‪-2-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬اوال‪ :‬المذهب المثالي التأسيس وأبرز الرواد والشخصيات ‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬المبادئ و األفكار ‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬مذاهب و تيارات الفلسفة المثالية‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬نموذج شخصية فلسفية ‪.‬‬
‫‪ -‬رابعا‪ :‬قراءة نقدية و تقييمية‪.‬‬
‫*تمهيد‪:‬‬
‫اؽبدؼ من ىذا الدرس ىو التعرؼ على ـبتلف الشخصيات اليت سانبت يف تأسيس اؼبذىب اؼبثارل ‪،‬‬
‫كالفالسفة الذم سانبوا يف إثرائو ‪.‬اذل جانب التعرؼ على اؼببادئ ك االفكار ‪ ،‬فضال عن التطرؽ اذل أىم‬
‫اؼبذاىب كالتيارات الفلسفية ‪،‬عالكة على إختيار شخصية فلسفية مبوذجية سبثل اؼبذىب الفلسفي ‪ ،‬كأخَتا‬
‫اىم االنتقادات اليت كجهت ؽبذا اؼبذىب ‪.‬‬
‫أوال ‪:‬المذهب المثالي‪ ،‬التأسيس وأبرز الرواد والشخصيات‪:‬‬
‫يقوؿ "أندرم الالند " يف موسوعتو الفلسفية‪ ":‬ظهرت كلمة مثارل الكؿ مرة يف اللغة الفلسفية ‪ ،‬كبو‬
‫هناية القرف السابع عشر ‪ ،‬يعارضها ليبنيتز مع كلمة مادم‪ :‬فرضيات أبيقورك أفالطوف ‪ ،‬أكرب اؼباديُت ك‬
‫أكرب اؼبثاليُت"(‪.)1‬كلقد كاف للفلسفة اؼبثالية عدة ركاد عرب التاريخ ‪ ،‬لكن كانت البداية الفلسفية النسقية مع‬
‫فالسفة اليوناف‪ ،‬مع العلم اف البدايات الفكرية كاؼبفهومية ك التصورية كانت سابقة لليوناف‪.‬لكن البداية‬
‫النسقية الفلسفية كانت مع أفالطوف اليوناشل ‪ ،‬مث تطورت مع فالسفة آخرين ؾ"باركلي" " توماس ريد"‬
‫"فختة" "شلينغ " "ىيجل" كوندياؾ " "باركلي " ك غَتىم ‪.‬ك ترل جهات أخرل ‪،‬اف إستخداـ مصطلح‬
‫مثالية آلكؿ مرة كاف يف القرف السابع عشر عن طريق الفليلسوؼ االؼباشل "ليبنيتز"(‪ .)2‬ك لقد كاف ما أىم‬
‫ركاد الفلسفة اؼبثالية مايلي‪:‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة الالند ‪ ،‬ص‪.585،‬‬


‫‪ -2‬د‪/‬الشُت يوسف حامد‪ ،‬الفلسفة اؼبثالية –قراءة جديدة لنشأهتا ك تطورىا ك غاياهتا ‪،‬ط‪ ،1‬منشورات جامعة قار يونس ‪ ،‬بنغازم –‬
‫ليبيا‪ ،1998 ،‬ص‪.14-13،‬‬

‫‪24‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫‪-1‬أفالطون (آرستوكليس بن آرستوف)‪ 427(:‬ؽ‪.‬ـ‪ 347 -‬ؽ‪.‬ـ) فيلسوؼ يوناشل ‪،‬ىو تلميذ ؿ‬
‫"سقراط" ك أستاذ"آرسطو"‪.‬ىو فيلسوؼ ك سياسي ك رياضي‪ ،‬يعترب مؤسس االكاديبية‪ ،‬ك من أشهر‬
‫الكتاب‪ :‬من مؤلفاتو اؼبشهورة‪ :‬اعبمهورية‪ -‬النواميس – كلو عدة مؤلفات يف الوجود‪،‬كنظرية اؼبعرفة‪،‬‬
‫اؼبيتافيزيقا‪ ،‬االخالؽ‪ ،‬كالقيم كحىت يف االدب ك الشعر ك اػبطابة‪ .‬إشتهر بتأسيسو للفلسفة اؼبثالية الواقعية‪.‬‬
‫‪ -2‬باركلي( جورج)‪ )1753-1685(:‬فيلسوؼ أيرلندم ‪ ،‬يلقب ب"االسقف باركلي"‪ ،‬إشتهر بنزعتو‬
‫الفلسفية اؼبثالية الذاتية اك الالمادية ‪.‬تتنكر ىذه النظرية لوجود اعبوىر اؼبادم ا﵀سوس ‪ ،‬كتعتربه ؾبرد سبثالت‬
‫ذىنية من صناعة العقل ‪ ،‬حبيث لوال التصور العقلي ؽبا ؼبا كانت موجودة‪ ،‬كىو يف نفس الوقت ينتقد‬
‫التجريد‪.‬من مؤلفاتو اؼبشهورة ‪":‬مقاؿ كبو نظرية جديدة لالبصار"" حبث يف مبادئ اؼبعرفة االنسانية"" يف‬
‫اغبركة" " ا﵀اكرات الثالث ؿ فيلونوس ك ىيالس" ام ؿبب العقل ك اؼبادة ك غَتىامن االعماؿ ‪.‬‬
‫‪ -3‬كانط (إيبانويل)‪ )1804 -1724(:‬فيلسوؼ اؼباشل شهَت عاش معظم حياتو يف مدينة "كونيغسربغ"‬
‫اؼبانية‪ ،.‬من أىم مؤلفاتو" نقد العقل اػبالص اك اجملرد" ك "نقد العقل العملي" كىو ابو الفلسفة النقدية‪ ،‬اليت‬
‫أحدثت ثورة كوبرنيكية يف نظرية اؼبعرفة بُت التجريبيُت ك العقالنيُت ‪ ،‬ك اليت ظبيت بعد ذلك باؼبعرفة‬
‫اؼبتعالية‪ .‬كما يعترب مؤسس للمثالية النسبية اك اؼبتعالية ‪ ،‬كمن أشهر مقوالتو" اؼبفاىيم بدكف حدكس حسية‬
‫تظل جوفاء‪،‬ك اغبدكس اغبسية بدكف مفاىيم تبقى عمياء" ك يعد الفيلسوؼ كانط أبو الفلسفة النقدية‬
‫اؼبتعالية(*‪.)1‬‬
‫‪-4‬فيشتة (غوتليب يوىاف)‪ )1814 -1762(:‬فيلسوؼ اؼباشل ‪ ،‬كأحد من أبرز مؤلفي الفلسفة اؼبثالية‬
‫االؼبانية ‪ ،‬ك يعترب كمثابة اعبسر الفكرم بُت مثالية كانط ك ىيجل ‪ ،‬إشتهر كثَتا يف دراستو يف الوعي‬
‫كاالدراؾ الذايت ‪.‬ك إشتهر ايضا يف ببحوثو يف الفكر السياسي ‪،‬ك يعترب البعض أبو القومية االؼبانية‪.‬لو حبوث‬
‫ك دراسات فلسفية ك سياسية ‪.‬ؾ "أساس مذىب العلم"" خطبة موجهة لالمة االؼبانية‪" "1808‬يف مصَت‬
‫االنساف" كغَتىا ‪.‬‬
‫‪-5‬شيلينغ(فريديريك فلهلم جوزيف فوف)‪1775(:‬ـ‪1854 -‬ـ)فيلسوؼ اؼباشل‪ ،‬كاف تلميذا ؿ "فيشتة"‬
‫كزميال يف الدراسة ؿ" ىيجل "بل شريكو يف غرفة اعبامعة ك منافسو ك خصمو الحقا‪.‬من من أعمالو"‬

‫* ‪ -‬كما لنفس اؼبؤلف عدة كتب منها ‪" :‬نقد ملكة اغبكم " ترصبة‪:‬د‪/‬غازل ىنا ‪،‬صادر عن اؼبنظمة العربية للًتصبة ‪"،‬تأمالت يف الًتبية –‬
‫ماىي االنوار"‪،‬تعريب ‪:‬ؿبمود بن صباعة‪،‬منتدل مكتبة االسكندرية" الدين يف حدكد ؾبرد العقل " ترصبة‪:‬فتحي اؼبسكيٍت‪،‬صادر عن علي‬
‫موال جداكؿ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫ؿباضرات شتوتغارت اػباصة ‪ "1810‬لو "مقاؿ يف اغبرية" "مبادئ الفلسفة" كلو عدة آراء ك مقاالت يف‬
‫قضايا فلسفية ـبتلفة ‪.‬يف الفلسفة اؼبتعالية ك فلسفة التاريخ ك فلسفة الطبيعة‬
‫‪-6‬هيجل ( جورج فلهلم فريديريك)‪)1831-1770(:‬فيلسوؼ اؼباشل من مواليد مدينة شتوتغارت‪ ،‬يعترب‬
‫من أىم الفالسفة االؼباف ‪ ،‬ك يعترب مؤسس الفلسفة اؼبثالية االؼبانية ‪ ،‬كمن أىم ركاد الفلسفة اعبدلية ‪ ،‬اليت‬
‫تعترب قانوف الوجود االظبى ك الذم يتكوف من االطركحة كنقيض االطركحة كاؼبركب بينهما ‪ ،‬لكن ا﵀رؾ‬
‫االساسي ىو الركح اك الفكر اك العقل اك اؼبطلق ‪ ،‬كاف للعقل رسالة تارىبية تتطور باستمرار تتخذ‬
‫اغبضارات ك الثقافات ك االبطاؿ ك اللغات كالفنوف كآليات لتجسدىا كاقعيا ك عمليا ‪ .‬ربدث يف قضايا‬
‫اغبرية ك الصَتكرة ك الوعي ك اؼبنطق ك التناقض ك اعبدؿ ‪.‬من اىم مؤلفاتو ‪":‬فينومينولوجيا الركح"" ؿباضرات‬
‫يف تاريخ الفلسفة" "اصوؿ فلسفة اغبق"" اؼبدخل اذل علم اعبماؿ"‪...‬اخل‪.‬‬
‫‪ -7‬هوسرل (إدموند)‪)1938-1859(:‬فيلسوؼ اؼباشل مثارل ك مؤسس للنزعة الظاىراتية‪.‬ىو أستاذ ؿ‬
‫"مارتن ىايدغر" من مؤلفاتو‪ ":‬فلسفة علم اغبساب""الفلسفة علما دقيقا"" اؼبنطق الصورم ك اؼبتعارل""‬
‫حبوث منطقية"" التجربة كاغبكم"‪...‬اخل ‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬المبادئ و األفكار‪:‬‬
‫تعترب الفلسفة اؼبثالية ‪ ،‬فلسفة عقلية كلية ال هتم باعبزئيات(‪.)1‬كما اهنا فلسفة تقوـ على العقل اؼبطلق‬
‫الكلي(‪ .)2‬لكل فلسفة اك مذىب فلسفي ؾبموعة من االسس ك اؼببادئ اليت يرتكز عليها يف الربىنة ك‬
‫االستدالؿ على منظومتو الفكرية الفلسفية ‪ ،‬ك ـبتلف آرائو يف ـبتلف القضايا الفلسفية ‪ :‬كقضايا الوجود ك‬
‫اؼبعرفة ك القيم ك الكونيات ك غَتىا‪.‬كىناؾ من يرل اف حىت الرباصباتيُت االمريكيُت من أتباع اؼبثالية الكانطية‬
‫‪ ،‬كمن نتاج ىذه اغبركة الفلسفية ‪.‬ك دل تبق الفلسفة اؼبثالية (كخاصة الكانطية)ؾبرد فلسفة بل ركح اك طريقة‬
‫لتفسَت اغبياة ك الطبيعة االنسانية ك العادل(‪.)3‬ك من بُت مبادئ ك أسس اؼبذىب اؼبثارل قبد مايلي ‪:‬‬
‫‪-1‬الفكر أو الروح أساس الوجود و التصور عن الكون ‪:‬من مبادئ مذاىب الفلسفة اؼبثالية كجود عادل‬
‫ركحاشل ك عادل مادم ‪ ،‬لكن ىذه الثنائية الوجودية ترجح اذل العادل الركحاشل باعتباره االصل ك اؼببدأ ك‬
‫اعبوىر ‪.‬فالعادل الركحاشل الفكرم ىو اغبقيقة ‪ ،‬يف حُت علم ا﵀سوسات ك اؼباديات ك اعبزئيات ىو عادل‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬حامد الشُت ‪ ،‬ص‪.14،‬‬


‫‪ -2‬نفس اؼبرجع‪ ،‬نفس الصفحة (‪.)14‬‬
‫‪ -3‬ركيس جوزايا‪ ،‬ؿباضرات يف اؼبثالية اغبديثة‪ ،‬تر‪:‬أضبد االنصارم‪ ،‬مرا‪ :‬حسن حنفي‪،‬ط‪ ،1‬اؼبشركع القومي للًتصبة‪ ،‬القاىرة‪-‬‬
‫ج‪.‬ـ‪.‬العربية‪.2003 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫الوىم ك الظل ‪.‬ك تعتقد اؼبثالية اف حقيقة الوجود ىي ركحانية يف االساس ‪ ،‬مايسمى بعادل ا﵀سوسات‬
‫ماىو اال تصور مفهومي للعقل ك الركح ‪.‬ك بإعتبار أفالطوف ابو الفلسفة اؼبثالية ك مؤسسها ‪،‬فهو يقسم‬
‫العادل اذل عاؼبُت ‪:‬‬
‫أ‪-‬عادل اؼبثل علوم ظباكم ‪ :‬يعترب عادل اغبقائق اؼبطلقة ك اؼبثل اؼبطلقة ك العدالة اؼبطلقة ك القيم اؼبطلقة ‪:‬‬
‫ك اػبَت االظبى اك اؼبطلق ك اغبق اؼبطلق كاعبماؿ اؼبطلق‪.‬ىذا العادل األظبى أزرل ك أبدم خالد ال يتغَت ك ال‬
‫يفسد ‪.‬ك يف ىذه النقطة تتشابو العقالنية كاؼبثالية ‪ ،‬حيث يرل "ديكارت "ضركرة تفضيل االحكاـ االالىية‬
‫عن إستدالالتنا ‪ ،‬كلكن فيما عدا االشياء اؼبنزلة ‪ ،‬فينبغي اف ال نعتقد شيئا دل ندركو إدراكا كاضحا(‪.)1‬‬
‫ب‪-‬عادل الواقع ك ا﵀سوسات ‪ :‬يعترب عادل سفلي مادم ترايب مبوذج لكل مظاىر النقص ‪ ،‬كىو علم جزئي‬
‫‪ ،‬نسيب ‪ ،‬متغَت ‪ ،‬قابل للفساد ‪.‬ك ىو عادل غَت حقيقي بل ؾبدر ظل لعادل اؼبثل عادل اغبقائق اؼبطلقة ‪ ،‬كه‬
‫يف هناية اؼبطاؼ من صنع العقل اك الركح اك اللوغوس‪.‬‬
‫‪-2‬الطبيعة البشرية و أساسها ‪:‬تعتقد اؼبثالية اف االنساف اك الذات االنسانية ىي عبارة عن ركح ك جسد‬
‫‪ .‬ك الركح ىي االساس ك ال يعًتيها الفناء ك الفساد ‪.‬يف حُت اعبسم يفٌت ك يفسد ‪.‬فاؼبثالية تعتقد اف‬
‫الطبيعة البشرية ىي ثنائية ‪.‬النفس ك اعبسم ‪.‬االكذل جاءت من عادل اغبقائق اؼبطلقة ك اؼبثل ك كانت تعرؼ‬
‫كل شيئ ك حلت يف اعبسم السفلي الًتايب فنسيت كل شيئ ك أصبحت تتعلم من جديد ‪.‬ك ستعود مرة‬
‫اخرل اذل العادل العلوم ‪.‬ك تبقى اذل االبد خبالؼ اعبسم اؼبتهالك الفاشل ‪.‬‬
‫يرل افالطوف اف النفس البشرية ثالث قول رئيسية أعالىا القوة العاقلة ك سبوقعها الراس ‪ ،‬ك أدناىا القوة‬
‫الشهوانية ك ؿبلها البطن ‪ ،‬كتتوسطهما القوة الغضبية ك ؿبلها الصدر ‪ ،‬كأساس التوازف ك اغبكمة ىو سيطرة‬
‫العقل على ـبتلف النزعات كالقول النفسية ‪.‬‬
‫إعتمدت ىذه النزعة اؼبثالية يف ؾباؿ الًتبية لتنمية ـبتلف القول العقلية كاالخالقية كالًتبية كااليبانية اليت تعترب‬
‫اساس الًتبية الصحيحة كالفعالة ‪.‬‬
‫‪ -3‬فلسفة المعرفة و االساس المعرفي في الفلسفة المثالية ‪:‬‬
‫‪ -‬ترل اؼبثالية اف اساس اؼبعرفة ىو الفكر أك الركح ككسيلتها العقل ‪ ،‬فالركح كانت تعرؼ كل اغبقائق‬
‫اؼبطلقة ‪.‬‬
‫‪ -‬اؼبعرفة عند اؼبثاليُت ‪ :‬معرفة حقيقية أزلية مطلقة ركحية فكرية‪.‬ك معرفة حسية ذبريبية جزئية نسبية متغَتة‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪/‬عثماف أمُت ‪ ،‬ركاد اؼبثالية يف الفلسفة الغربية ‪،‬ط‪،1‬دار اؼبعارؼ ‪ ،‬االسكندية –مصر ‪ ،1967،‬ص‪47،‬‬

‫‪27‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫‪ -‬مصدر اؼبعرفة ىو الركح كالعقل ك ىي مستقلة عن اؼبعرفة اغبسية ك التجريبية ‪.‬‬


‫‪ -‬طبيعة اؼبعرفة عند اؼبثاليُت فطرية قبلية بديهية ك ليست ذبريبية حسية بعدية ‪.‬‬
‫‪ -‬مراتب اؼبعرفة ‪ :‬أدسل اؼبعارؼ ىي اغبسية اؼبضللة الونبية النسبية – مث اؼبعرفة العقلية اآلكثرنضجا ك‬
‫إرتقاءا –مث اؼبعرفة الركحية االؽبامية االشراقية اؼبباشرة ك ىي اعلى اؼبعرؼ يقينا ك إرتقاءا ‪ .‬ك يتحدث‬
‫"كانط"عن "الديالكتيكا الًتانسندنتالية ‪،‬يف كوهنا تبُت ك توضح كيف اف الذات العارفة (االنساف )‬
‫بطبيعتها مضطرة اذل اف تتعقب اؼبطلق ‪ ،‬كإف تكن يف الوقت نفسو عاجزة عن بلوغو ‪ ،‬ك الوظيفة اؼبنطقية‬
‫للعقل ‪،‬ىي االستدالؿ ‪ ،‬كتتبع تسلسل الظواىر اذل ماكراء كل ذبربة فبكنة(‪.)1‬‬
‫‪ -‬منهج اؼبعرفة الصحيحة ىي اغبدس االؽبامي اؼبباشر ‪،‬أما باقي اؼبعارؼ فهي ملحقة ك الترقى لالكذل ‪.‬‬
‫‪ -‬يرل الفيلسوؼ "ىيجل" اف اؼبعرفة تكوف صحيحة اذل اغبدالذم تشكل فيو نظاما منطقيا متناسقا ‪ ،‬ك‬
‫كلما كاف ىذا النظاـ أكثر مشوال كانت االفكار اليت يتضمنها أكثر إتساقا ‪ ،‬كتصبح نظاـ ترابطي منطقي‬
‫للحقيقة ‪.‬‬
‫‪ -4‬فلسفة القيم أو االكسيولوجيا(*‪ )2‬في الفلسفة المثالية‪:‬‬
‫‪ -‬القيم ثابتة ال تتغَت كىي صاغبة لكل زماف كمكاف ‪ ،‬كأىم ىذه القيم ىي ‪ :‬اغبق األظبى ك اػبَت االظبى‬
‫ك اعبماؿ االظبى‪.‬ك ىي أزلية ك أبدية ‪،‬موجودة قبل كجود االنساف ك الكوف ‪ ،‬كتقتضي تربويا ترسيخا‬
‫فبنهجا ‪.‬‬
‫‪ -‬االخالؽ منظومة قيمية تفرض من طرؼ العقل ك الواجب الداخلي الذم يفرض نفسو بواسطة رادع‬
‫الضمَت ‪.‬‬
‫‪ -‬ترل اف االنساف ثنائية ‪ ،‬تقتضي االىتاـ باعبانب النفسي ك الركحي عن طريق التهذيب االخالقي‬
‫بوسائط التعلم الذم هبعل النفس تتذكر القيم اؼبطلقة ‪.‬‬
‫‪ -‬القيم ذات طبيعة ركحية فكرية ك عقلية ك ال يبكن بام حاؿ االحواؿ إستخالصها من الواقع اغبسي‬
‫كالتجرييب ‪.‬‬
‫‪ -‬يرل كانط يف كتابو ‪":‬نقد ملكة اغبكم "‪ ،‬اف نظرية اعبماؿ ك أف عادل الفن اعبميل ىو كسط بُت عاؼبُت‪،‬‬
‫العلم اغبسي ك العادل العقلي‪ ،‬ك إنو حلقة كصل بُت العقل النظرم ك العقل العملي‪ ،‬كبُت العلم كاالخالؽ‪،‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق ‪ ،‬عثماف امُت‪ ،‬ص‪97،‬‬


‫*‪ -‬االكسيولوجية‪ :‬ىو مصطلح التيٍت يعٍت مبحث القيم‪ ،‬كاغبق‪ ،‬اػبَت ك اعبماؿ باعتبارىا مواضيع جوىرية للعلوـ اؼبعيارية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫ك إف موضوع العلم ىو اغبقيقة اػبالصة ‪،‬كأف موضوع االخالؽ ىو الفضيلة العاملة ‪ ،‬كأف موضوع الفن ىو‬
‫اعبماؿ ك السمو ك اعبالؿ(‪.)1‬‬
‫‪ -‬ك يرل كانط –ايضا –اف العقل العملي مرتبط بالعلوـ االخالقية ك اؼبعيارية ‪،‬ك اليت ال يبكن أف تقوـ‬
‫على اؼبيتافيزيقا لوحدىا ‪،‬كال على التجربة لوحدىا ‪،‬أف ىذه االخَتة تبحث فيما ىو كائن ‪،‬كليس فيما ينبغي‬
‫اف يكوف(‪.)2‬‬
‫ثالثا‪ :‬مذاهب و تيارات الفلسفة المثالية ‪:‬‬
‫‪-1‬المثالية الواقعية ‪ :‬مؤسسها "أفالطوف" ك ىنالك من يسميها باؼبثالية االنطولوجية اك الوجودية ‪.‬اؼبراد‬
‫هبا ‪،‬اف الوجود ينقسم اذل قسمُت‪ :‬عادل اؼبثل ك اجملردات ك االفكار ك اغبقائق اؼبطلقة مليئ باالفكار ك‬
‫اؼبفاىيم الكلية‪ ،‬كعادل ظل لو ك ىو عادل الوىم ك ا﵀سوسات كعادل الوقائع اعبزئية‪ .‬ك يعترب عادل اؼبثل(*‪)3‬ىو‬
‫اؼبرجعية االساسية للوجودكاغبقائق برمتها‪.‬ك ىو موجود خارج ؾباؿ االشخاص ك االشياء ك الواقع ‪.‬‬
‫‪-2‬المثالية الالمادية ‪":‬جورج باركلي"كىذا اؼبذىب ال يعًتؼ بوجود حقيقة خارجية‪ ،‬كيعترب بأف كافة‬
‫اؼبوجودات اؼباديٌة ال كجود ؽبا على أرض الواقع‪ ،‬بل الوجود ىو فقط ماىو مدرؾ ‪ ،‬بل ىي موجودة يف‬
‫و‬
‫بشكل مباشر عرب عددد من‬ ‫التمثٌالت الذىنيٌة البشريٌة‪ ،‬كىذه التمثٌالت يتلقاىا الفرد من الفكر اإلؽبي‬
‫األشياء‪..‬‬
‫‪ -3‬المثالية النسبية ‪:‬يبثلها "ايبانويل كانط"ك يطلق عليها ايضا باؼبثالية اؼبتعالية ‪ ،‬كمؤداىا أف الوجود‬
‫ينقسم اذل قسمُت ‪ :‬عادل الظواىر كيسمى ب( الفينومينات) (*‪)4‬ك عادل اعبواىر اك الظواىر يف ذاهتا ك‬
‫تسمى ب (النومينات) (*‪.)5‬ك يرل "كانط" اف العادل الظواىر فبكن اؼبعرفة النسبية‪ ،‬بالرغم أف ىذه اؼبعرفة‬
‫اليت تتمثل يف اغبدكس ك اؼبفاىيم ىي ؾبرد سبثالت ذىنية ك فكرية ‪.‬اما ما يتعلق بعادل الظواىر يف ذاهتا فهي‬
‫غَت فبكن اؼبعرفة‪.‬ك ؽبذا يقوؿ "كانط "‪":‬إف ما يسمى دبثالية متعالية للظواىر‪ ،‬كىو مذىب يعترب اف ىذه‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬عثماف أمُت‪ ،‬ص‪.75 ،‬‬


‫‪ -2‬نفس اؼبرجع‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫*‪ -‬عادل اؼبثل‪ :‬نظرية أتى هبا الفيلسوؼ أفالطوف‪ ،‬كيعٍت هبا عادل ما قبل العادل اغبسي أك اؼبادم‪ ،‬يكوف فيو اإلنساف على علم جبميع‬
‫العلوـ كاػبفايا‪ ،‬كعند ذىابو إذل العادل اغبسي (أم حينما يولد) يكوف قد نسي كل ىذه العلوـ‪ ،‬كما عليو إال أف يتذكرىا يف العادل اغبسي‪.‬‬
‫*‪ -‬الفينومينات‪ :‬ىو عادل الظواىر اؼبعطى يف التجربة‪ ،‬كيف اإلدراؾ اغبسي‪ ،‬الذم يتواجد يف الزماف كاؼبكاف‪.‬‬
‫*‪ -‬النومينات‪ :‬ىو الشيء يف ذاتو‪ ،‬الذم يتعذر الوقوؼ عليو من خالؿ التجربة كاؼبمارسة‪ ،‬فاألشياء يف ذاهتا مستعصية على اؼبعرفة‪،‬‬
‫فاإلنساف اليستطيع معرفة سول الظواىر‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫الظواىر ىي سبثالت (تصورات) ذىنية‪ ،‬كليست أشياء بذاهتا‪،‬آلف معرفة االشياء بذاهتا أمر غَت فبكن "‪.‬ك‬
‫يعرؼ "كانط " االستطيقا ك االناليطيقا اؼبتعالية باعتبارنبا مرتبطاف باالدراكات اغبسية كاغبدكس العقلية(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬المثالية الذاتية ‪ :‬يبثلها الفيلسوؼ االؼباشل "فيشتة" الذم يقدـ اؼبثالية الذاتية ‪،‬بإعتبارىا فلسفة االنا اك‬
‫الذات‪.‬ك اؼبقصود هبذا ىو إرجاع اؼبوجودات ؾبرد تصورات ك سبثالت حسب قراءة الذات الفردية اك االنا‬
‫العقلي للذىن البشرم‪ ..‬ك ظباىا بالذايت الهنا تنقل كل العادل بكل موجوداتو اذل الذات كالتصورات‬
‫الداخلية للفرد‪.‬‬
‫‪-5‬المثالية الموضوعية‪ :‬يبثلها الفيلسوؼ االؼباشل "شيلينغ" ك ىي عكس اؼبثالية الذاتية ‪،‬النو ترجع كافة‬
‫الظواىر اؼبتعلقة بالوعي اذل نظاـ مطلق أزرل قبلي ـبلوؽ يسبق الوجود االنساشل‪.‬‬
‫‪-6‬المثالية المطلقة ‪:‬يبثلها الفيلسوؼ االؼباشل " فريدريك ىيجل " كىي تقوـ على أساس التجانس بُت‬
‫التصورات الذىنية ك اؼبوجودات اغبسية‪.‬حيث يعرب عن ىذا بقولو‪":‬أف كل ماىو عقلي كاقعي ‪ ،‬ككل ماىو‬
‫كاقعي عقلي " عكس أغلب اؼبذاىب اؼبثالية اليت تعتربالواقع ا﵀سوس ؾبرد تصورات ك سبثالت ذىنية ‪.‬ك يرل‬
‫"ىيجل" يف نفس الوقت اف العقل اك الفكر اك اؼبطلق اك اللوغوس يتطور بشكل دكرم ‪،‬يف فهمو للواقع ك‬
‫ىو يعرب يف ذات الوقت بتطور الواقع ‪ .‬ك لالشارة فاف اؼبثالية االؼبانية إنشغلت كثَتا ك بنحو مكثف بفلسفة‬
‫القانوف ك فلسفة الدكلة(‪.)2‬‬
‫‪ -7‬المثالية الظاهراتية او الظواهرية ‪ :‬يبثلو الفيلسوؼ االؼباشل " ىوسرؿ" الذم يكتفي كقاعدة للمعرفة ‪،‬‬
‫أننا ندرؾ فقط ما يظهر‪ ،‬كأف معرفة كإكتشاؼ جواىر اؼبفاىيم كاالشياء تايت من اغبدس ‪ ،‬حيث اف الواقع‬
‫اك التجربة ؾبرد ايضاح لطبيعة جواىر اؼبوجودات ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬نموذج شخصية فلسفية‪:‬‬
‫ترل طائفة من الفالسفة االؼباف أف الفلسفة باعتبارىا فقو العبارة (ىرمينوطيقا) (‪..)3‬كلقد كاف‬
‫الفيلسوؼ االؼباشل "ىيجل"ك إظبو الكامل "ج ػ ػػورج فيلهاـ فردريك ىيجل" (‪1770‬ـ‪1831-‬ـ) ىو‬
‫فيلسوؼ اؼباشل من اصل مبساكم ‪.‬من أىم مؤلفاتو اؼبشهورة ‪":‬موسوعة العلوـ الفلسفية"‪"-‬ظاىريات‬
‫الركح"‪"-‬اؼبنطق"‪"-‬فلسفة القانوف"" فلسفة التاريخ"‪"-‬علم اعبماؿ"‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬عثماف امُت‪ ،‬ص‪93،‬‬


‫‪ -2‬زندكولر ىنس‪ ،‬اؼبثالية االؼبانية‪ ،‬تر‪ :‬ابو يعرب اؼبرزكقي كؾبموعة‪ ،‬الشبكة العربية لالحباث ك النشر‪ ،‬ط‪ ،1‬بَتكت‪-‬لبناف‪ ،2012 ،‬ص‬
‫‪.476‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪957،‬‬

‫‪30‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫فلسفة ىيجل مثالية مطلقة ‪ ،‬تقوـ على اعبدلية اؼبثالية اك(الديالكتيك اؼبثارل) اليت مفادىا ‪ :‬أف قانوف‬
‫الوجود يقوـ على اساس اعبدؿ ‪ ،‬الذم يتكوف من القضية ك نقيض القضية ك اؼبركب بنيهما = الفكر –‬
‫الطبيعة ‪-‬الركح ‪ ،‬ك اؼبرجعية االساسية لتحريك ىذا القانوف اعبدرل ىو العقل اك الفكر اك الركح اك اللوغوس‬
‫(‪)1‬‬
‫اك اؼبطلق‪.‬ك للركح اك العقل رسالة ربققها عرب التاريخ‪.‬ك ىي تعتمد على الركح اؼبطلق‬
‫تتلخص فلسفة "ىيجل" يف النقاط االساسية التالية ‪ :‬نظرية الوجود‪ -‬اعبدلية الالمتناىية – فلسفة‬
‫اؼباىية –نظرية التصور – فلسفة الطبيعة – فلسفة الركح اك العقل اك اللوغوس – علم النفس اؽبيجيلي –‬
‫االخالؽ اؽبيجيلية –ك فلسفة التاريخ‪.‬نظرية ىيجل اعبديدة ىو صبع كل القضايا الفكرية ك االنسانية ك‬
‫الثقافية ك التارىبية يف نظرية كاحدة‪.‬ىذه النظرية‪ ،‬اليت توحد كل اؼبعرفة يف الركح اك اللوغوس مطلق اليت تقوـ‬
‫بتحقيق رسالة عرب السَتكرة ك الصَتكرة التارىبية‪ .‬ك سبثل اؼبثالية اؼبطلقة ؿ "ىيجل" اؼبركب بُت اؼبثالية الذاتية‬
‫ؿ "فشتة " ك اؼبثالية اؼبوضوعية لػ "شيلينج"(‪ )2‬كيبكن زبليصها كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬نسقية ك تناسق اؼبوجودات‪،‬فال يبكن قبوؿ أم حدث دبعزؿ عن األحداث األخرل‪.‬‬
‫‪ -2‬اؼبنهج اعبدرل الدياليكتيكي أساس الوجود ك اؼبعرفة ك اغبقيقة‪.‬‬
‫‪ -3‬الصَتكرة ك السَتكرة فكل شيء يف مرحلة انتقاؿ كيف تطور دائم ‪.‬‬
‫‪ -4‬التناقض كاعبدؿ ىو جوىر صبيع الظواىر كاالشياء كىذا النضاؿ ىو منبع كل مبو‪.‬‬
‫‪ -5‬عرب اغبركة كالصراع اؼبوجودتاف يف كل شيء يولد اعبديد من خالؿ كصوؿ الًتاكمات الكمية ىذا يعٍت‬
‫أف الشئ ثابت أبدان يف الطبيعة أك اجملتمع كإف كعينا الستمرار اغبركة يعزز تفاؤلنا باؼبستقبل فعوامل اليأس‬
‫مؤقتو كجربكت كتسلط االحتالؿ اليبكن لو أف يستمر طاؼبا أستمر الصراع ككذلك األمر بالنسبة النظمة‬
‫االستبداد كالتسلط إف استمرار كجودىا مرىوف بضعف العوامل الذاتية كمشاركتها يف عملية اغبركة كالصراع‪.‬‬
‫‪ -6‬عملية التطور كالتجيد كالتجدد أك داللتو وبمل معو عناصر كثَتة من القدصل كلكن مدفوعة أك مطوره‬
‫إذل األماـ‪.‬‬
‫أستنادان إذل جدليتو حوؿ أستمرار اغبركة كالصراع كالتناقض كنفي النفي فأف يف ىذه العملية الصراعية تكمن‬
‫اآلماؿ العظيمة للشعوب اؼبستضعفة‪.‬ككلنا يدرؾ ك يتصور أكضاعنا األكثر من البائسة ك الشديدة التخلف‬
‫لدرجة لو أف "ىيجػػل" عاش عصرنا لكاف لو رأم آخر أكثر كقعا أك لقاؿ‪ :‬بأننػػا كأمة عربية‪-‬إسالمية‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬حامد الشُت‪ ،‬ص‪36 ،‬‬


‫‪ -2‬نفس اؼبرجع‪ ،‬ص ‪36‬‬

‫‪31‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫كجدنا يف مرحلة النزع األخَت لتطور الوعي “الػػلوغوس اؼبطلق”‪.‬كعلى أم حاؿ لن نظل غارقُت يف بئر‬
‫التخلف إذل األبػػد‪،‬إف الفن كالدين كالفلسفة ‪ ،‬ىي األشكاؿ العليا لوعي "ركح الػمطلق”‪.‬فاغبل الذم قدمو‬
‫"ىيجل" قاـ على التوفيق كالتنسيق بُت اؼبصاحل الفردية كاؼبصاحل االجتماعية يف ؾبتمع يتحقق فيو العقل‬
‫كاغبرية معان كحل مقبوؿ‪.‬‬
‫ك يرل "ىيجل" هبذه اؼبناسبة أف الثورة الفرنسية حطمت نفسها ألف اإلنساف الفرد دل يضع نفسو عن‬
‫طواعية ربت سلطاف دكلة ربقق لو حريتو اػباصة كحرية اعبماىَت‪.‬إنو يرل يف اغبػػب جوىر اغبياة اإلنسانية‬
‫كىدفها كيرل فيو القوة ا﵀ركة للتقدـ االجتماعي كاألخالقي خاصة‪.‬ىذا التفاؤؿ األخالقي يصطدـ ال ؿبالة‬
‫بوقائع التاريخ كاغبياة اليومية‪ .‬ك يشبو "ىيجل" اغبياة ىف أؼبانيا بقولو ‪“ :‬إهنا حياة غبركة لألموات ” فماذا‬
‫نقوؿ ىف كصف حياة شعوبنا ىف زماننا ؟‪.‬نعم إف حياة شعوبنا ىف الوقت اغباضر ىى أكثر سوءا من كصف‬
‫"ىيجل "كلكن أملنا يتمثل ىف قوة كقدرة ىذة الشعوب على تغَت أكضاعها عند توفر الوضع الذاتى اؼبناسب‬
‫أك البديل الركحي الثقايف أذ ليس ىناؾ بديل أخر‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬قراءة نقدية و تقييمية‪:‬‬
‫‪ -1‬اؼبثالية ركزت على االفكار ك التصورات ك اؼبفاىيم ك التمثالت الذىنية ‪ ،‬كركزت على الركح ك العقل‬
‫كأنبلت شيء كاقعي معاين ك مدرؾ ك ؿبسوس ك ىو العادل ك اؼبوجودات اغبسية ك التجريبية ‪ ،‬كدكرىا يف‬
‫(*‪)1‬‬
‫فهم الوجود ك بناء اؼبعرفة ك ربرم ؿبك القيم ك فهم الكونيات ك الكوظبولوجيات‪.‬‬
‫‪ -2‬اؼبثالية أنبلت دكر اغبواس كاالدراكات اغبسية يف اؼبعرفة كيف فهم اعبانب اؼبادم غبقائق االشياء‬
‫كاؼبوجودات‪.‬‬
‫‪ -3‬الفكر ك الركح ك التصورات ك القراءات العقلية ك الذىنية ضركرية لفهم كتفسَت الوجود ‪ ،‬كلكنها ليست‬
‫كافية لوحدىا‪ .‬آلف اغبقيقة تقتضي النظرة الكلية ك الشمولية ‪.‬‬
‫‪ -4‬الًتبية االخالقية ك اعبمالية ك اؼبنطقية ال تستلزـ فقط الًتكيز على االرتقاء بالركح كالفكر بل هبب اف‬
‫تراعي مادة الفكر ك ال تكتفي بالصورة فقط ‪ ،‬الف ىذا يؤدم اذل الصورية كالشكلية ك العقم ك ربصيل‬
‫ماىو ؿبصل مبدئيا ‪.‬‬

‫*‪ -‬الكوظبولوجيا‪ :‬ىي أحد اؼبباحث األساسية للفلسفة‪ ،‬كىو يعٌت بالبحث يف القضايا اؼبتعلقة بػػالكونيات‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫‪ -5‬اؼبعرفة ليست قبلية (*‪ )1‬فطرية بل ىي ايضا ذبريبية كحسية بعدية(*‪ .)2‬ك أكرب دليل على ذلك دكر‬
‫اؼبناىج اؼبعرفية كالعلمية ك على راسها اؼبنهج التجرييب‪،‬كونو أساس العلوـ كالتكنولوجيا ك اغبضارة ‪.‬‬
‫‪ -6‬اإلكتفاء بالنظرة اؼبثالية جعل البشر يف أزمنة ك حضارات غابرة يعتقدكف اف االنساف ك االرض نبا ؿبورا‬
‫الكوف‪ ،‬ك لكن تبُت اػبطأ اعبذرم ؽبذا التصور‪.‬ك كلما إًنتعشت اؼبعرفة االنسانية أكثر كلما أكدت على‬
‫ضآلة الكائن البشرم كاالرض‪ .‬كبالرغم أف العلم قد قطع شوطا يف إعادة ترميم تلكم األفكار الذاتية البالية‪،‬‬
‫كإحياء الواقعية عرب دحض فكرة مركزية االنساف ك االرض‪ ،‬لكن سرعاف ما إضمحلت ىذه الذاتية الصرفة‬
‫الس ىما ًكية ك‬
‫كآثارىا‪ ،‬كما فتئ اإلنساف اليوـ يؤمن بعوادل ك كواكب أخرل‪ .‬كبفكرة أف كل اجملرات كاألجراـ ى‬
‫الكواكب االخرل موجودة يف ىذا الوجود الفسيح الذم يبدك انو المتناىي ك ـبلوؽ منذ االزؿ‪.‬‬
‫‪ -7‬ربفظ آخرحوؿ اؼبثالية يتمحور يف كوف االفكار ك التصورات ك القراءات الذىنية كيانات مستقلة عن‬
‫بعضها البعض‪ ،‬ككل فكر منها يبتلك نظرتو اػباصة للحقيقة‪ ،‬حبيث أنو يشق بناء على ذلك اإلتفاؽ على‬
‫حقيقة ثابتة تستكُت ؽبا كافة العقوؿ‪ .‬كالسبب يف ذلك ىو غياب اؼبعيار اؼبادم الذم ييبٌت عليو اغبكم‪،‬‬
‫ىذا اؼبعيار الذم ينبغي أف يكوف منفصال عن العقل حىت يتم األخذ حبياديتو‪.‬فإذا كاف العقل البشرم أعدؿ‬
‫االشياء قسمة بُت الناس كما يقوؿ "رينيو ديكارت"(‪ ،)1650-1596‬لكن ىذا ال يستلزـ تصورات‬
‫كمفاىيم كسبثالت متجانسة كمتماثلة يف كل شيء‪.‬يف االحسن من االحواؿ يكوف يف اؼبفاىيم ك القضايا‬
‫البديهية‪ ،‬كاليت بدكرىا تقتضي عقوؿ يف مستول راقي من التفكَت ك الفهم كالقدرات الذىنية‪..‬‬
‫*خالصة‪:‬‬
‫تعرفنا من خالؿ ما كرد أعاله عن أىم الشخصيات اؼبؤسسة للمذىب اؼبثارل‪ ،‬كأىم اؼببادئ كاالفكار‬
‫اليت إعتمد عليها‪ ،‬على غرار التعرؼ على مبوذج شخصية مثالية يف العصر اغبديث كىي الفيلسوؼ االؼباشل‬
‫"ىيجل"‪.‬ك أخَتا عرفنا أىم االنتقادات اليت كجهت ؽبذا اؼبذىب‪ ،‬كأبرزالتحفظات الواردة حولو‪.‬‬
‫*قائمة مراجع المذهب المثالي( الدرس االول والثاني ) ‪:‬‬
‫‪-1‬د‪/‬عثماف أمُت‪ ،‬ركاد اؼبثالية يف الفلسفة الغربية‪ ،‬ط‪ ،1‬داراؼبعارؼ‪ ،‬االسكندرية–ج‪ ،‬مصر العربية‪،‬‬
‫‪.1967‬‬

‫*‪ -‬قبلية‪ :‬تعٍت معطيات سابقة عن الواقع ك التجريب‪.‬‬


‫*‪ -‬بعدية‪ :‬دبعٌت معطيات تأيت بعد الواقع ك التجريب ك اؼبعاينة ك اؼبشاىدة اغبسية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫المذهب المثالي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الثالث‬

‫‪-2‬د‪/‬رافع ساىر ‪،‬أفالطوف‪-‬مؤسس الفلسفةاؼبثالية ‪،‬ط‪،1‬دار العاؼبية للكتب كالنشر ‪ ،‬سلسلة مشاىَت‬
‫فالسفة الغرب ‪،‬ج‪.‬مصر ‪ ،‬العربية ‪2012.،‬‬
‫‪-3‬د‪/‬النشار مصطفى ‪،‬أفالطوف –رائد اؼبثالية ‪،‬ط‪،1‬دار اؼبصرية اللبنانية للنشر ك التوزيع ‪،‬ج‪.‬مصر العربية‬
‫‪2018،‬‬
‫‪-4‬ركيس جوزايا ‪،‬ؿباضرات يف اؼبثاليةاغبديثة‪،‬تر‪:‬أضبد االنصارم ‪،‬مرا‪:‬حسن حنفي‪،‬ط‪،1‬اؼبشركع القومي‬
‫للًتصبة ‪،‬القاىرة ‪-‬ج‪.‬مصر‪.‬ع‪2003.،‬‬
‫‪-5‬زندكولر‪،‬ىنس‪،‬اؼبثالية االؼبانية ‪،‬تر‪:‬أبو يعرب اؼبرزكقي ك آخركف‪،‬ط‪،1‬الشبكةالعربية لالحباث كالنشر‬
‫‪،‬بَتكت ‪2012.‬‬
‫‪ -6‬بدكم عبد الرضبن ‪ ،‬موسوعة الفلسفة ‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬اؼبؤسسة العربية للدراسات ك النشر‪،‬ط‪،1‬بَتكت لبناف‬
‫‪1984.،‬‬
‫‪-7‬صليبا ‪،‬صبيل ‪ ،‬اؼبعجم الفلسفي‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬ط‪،1‬دار الكتاب اللبناشل ‪.1982،‬‬
‫*قائمة مصادر ومراجع تدعيمية إضافية للمذهب المثالي( الدرس االول و الثاني) ‪:‬‬
‫‪-1‬كرـ يوسف‪،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة‪،‬ط‪،4‬دار اؼبعارؼ‪ ،‬القاىرة ‪،‬مصر ‪.1966،‬‬
‫‪-2‬أبو رياف ؿبمد علي‪،‬تاريخ الفكر الفلسفي‪ :‬الفلسفة اغبديثة‪،‬ط‪ ،1‬دار الكتب اعبامعية ‪،‬االسكندرية‪-‬مصر‪.1969،‬‬
‫‪3-Diogéne laerce,Vie,et Doctrines et Sentences Des Philosophes Illustres,2Vols,Ed Garnier‬‬
‫‪flammarion,Paris,1965.‬‬
‫‪-4‬النشار مصطفى‪ ،‬أفالطوف رائد اؼبثالية ‪،‬ط‪،5‬اؼبصرية اللبنانية للنشر ك التوزيع ‪.2018،‬‬
‫‪-5‬أضبد أمُت ك زكي قبيب ؿبمود ‪،‬قصة الفلسفة اغبديثة ‪،‬ج‪1‬كج‪،2‬ط‪،1‬القاىرة –مصر ‪.1959،‬‬

‫‪34‬‬
‫الدرس الرابع‪:‬‬
‫المذهب الواقعي‪-1-‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الرابع‬

‫الدرس الرابع‪ :‬المذهب الواقعي‪-1-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬التعريف بالمذهب الواقعي‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬مفاهيم ودالالت‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬نبذة تاريخة كرونولوجية حول المذهب‬
‫*تمهيد ‪ :‬من خالؿ ىذا الدرس ‪ ،‬كباكؿ التعرؼ على اؼبذىب الواقعي ‪ ،‬من خالؿ التعاريف اللغوية ك‬
‫االصطالحية ‪ ،‬مث ننتقل اذل التفصيل اذل كل اؼبفاىيم ك الدالالت اؼبًتبطة بو ‪.‬اذل جانب تقدصل إطاللة‬
‫تارىبية حوؿ اؼبذىب الواقعي ‪ ،‬كيف ظهر ك تطور يف الزمن ‪ ،‬كاعبذكر التارىبية اؼبرتبطة بو ‪.‬‬

‫المذهب الواقعي‪( :‬الواقعية)‪ :‬بالفرنسية=(‪ -)Réalisme‬باالقبليزية= (‪-)Realism‬بالالتينية= (‪)Realismus‬‬


‫أوال‪ :‬التعريف بالمذهب الواقعي‪ :‬لغة ىي مأخوذة من لفظ (كاقع)‪.‬كيطلق لفظ الواقعية على ـبتلف‬
‫اؼبذاىب الفلسفية اليت تتجانس ك تتماثل يف اؼببدأ الذم يعتقد اف االشياء كاؼبوجودات اغبسية كالتجريبية‬
‫الواقعية ػ ىي موجود كجودا فعليا كاقعيا عينيا مستقال عن العقوؿ ك الذكات االنسانية اؼبدركة أك العارفة‪.‬بل‬
‫ىي مفارقة ك مستقلة عن صبيع أفكار العقوؿ ك أحواؽبا‪.‬ك أف الواقع ك لواحقو اؼبادية مستقل كجوديا‬
‫كأنطولوجيا عن التمثالت التصورية كحىت اؼبمارسات اللغوية‪.‬كأف ـبتلف اؼبعارؼ ك االفكار اؼبوجودة يف‬
‫العقل مطابقة غبقائق االشياء الواقعية اؼبدركة ‪.‬ك منو تعتقد الفلسفة الواقعية كجود تطابق كلي بُت اؼبوضوع‬
‫ك الفكر ‪،‬اك بُت الذات ك الواقع ‪.‬اك بُت االنساف ك العادل ‪.‬ك القاعدة اؼبعرفية االساسية عند اؼبذىب‬
‫الواقعي اف اؼبعرفة ىي إنعكاس متطابق بُت العادل اػبارجي اك اؼبوضوع من جهة ك العقل اك الذات من جهة‬
‫أخرل‪.‬ك ىي هبذا فالواقعية ىي مذىب مناقض ك مقابل سباما للمذىب اؼبثارل ‪.‬ك تطلق الواقعية من جهة‬
‫ماىي مذىب فلسفي على نظرية ربقق اؼبثاؿ‪.‬أك تعده شيئا كاقعيا أك تقػ ػػدـ الواقع عن اؼبثاؿ(‪)1‬ىناؾ من‬
‫يعترب اؼبذىب الواقعي ‪،‬مذىب مادم ملحد‪ ،‬يلغي كل ماىو مفهوـ ميتافيزيائي‪ .‬يعترب "ارسطو "ابو الفلسفة‬
‫الواقعية عند اليوناف ك الغرب ‪ ،‬كابو علي بن سينا ابو الواقعية عند فالسفة االسالـ ‪ ،‬كيعترب فرانسيس‬
‫بيكوف اك الفلسفة الواقعية عند االقبليز ‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬معجم صليبا ج‪.2‬ص‪552‬‬

‫‪36‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الرابع‬

‫ثانيا‪:‬مفاهيم ودالالت‪:‬‬
‫‪ -1‬تفيد كلمة (كاقع ) لغة ‪ ،‬كاليت أخذ منها كلمة كاقعية‪.‬الفعل الثالثي "كقع"ك إشتقاقاتو اللغوية "يقع –‬
‫كقعا ‪ -‬ككقوعا " السقوط ‪ ،‬ك إنزاؿ الشيء على الشيء‪ ،‬كقولنا كقع القلم على االرض ‪،‬اك كقع الطفل على‬
‫االرض ‪.‬أما يف االستخداـ اجملازم‪ ،‬فوقع الشيء دبعٌت حصوؿ الشيء اك ثبوتو ‪.‬كقولنا كقع اغبق أ يثبت اك‬
‫كقع اغبق عليو ‪.‬ك منو فكلمة (كاقع) تعٍت اغباصل اك الثابت اك النازؿ ‪ ،‬كمنو كلمة النازلة اك الواقعة ‪،‬‬
‫ككقائع دبعٌت نوازؿ ‪ ،‬كحسب فقهاء اللغة فاف كلمة كاقعة أم نازلة ‪ ،‬ال تقاؿ اال يف الشدة كاؼبكركه ‪...‬ك‬
‫ؽبذا إستعمل اغبق تعارل كلمة "كاقعة "للداللة على يوـ القيامة ‪ ،‬ؼبا فيو من شدة ك أىواؿ ‪.‬حيث يقوؿ اغبق‬
‫ت الٍ ىواقً ىعةي﴾(‪ .)1‬كيف االصطالح التقليدم للغة العربية فكلمة (كاقع) مرتبطة‬
‫تعاذل يف سورة الواقعة‪ ﴿:‬إً ىذا كقىػع ً‬
‫ىى‬
‫بفعل " كقع" أم ما حصل ك تعُت ‪ ،‬ك أصبح عيانا ك منظورا‪ ،‬أك خربا متحصال لواقعة اك نازلة اك حادثة ‪،‬‬
‫كىو بذلك يف زمن ؿبصور ‪.‬اما كلمة كاقع ‪ ،‬فيعرؼ بانو ما وبيط باإلنساف ك اعبماعة من حاؿ ك ؾباؿ‬
‫كعصر ‪ ،‬كىو حاؿ االنساف ك اعبماعة ك اجملتمعات دبا ربملو من قيم كأفكار ك طبائع ك خصائص ك ظبات‬
‫ك أحواؿ سياسية ‪ ،‬اقتصادية ‪ ،‬ثقافية ‪ ،‬كإجتماعية ك معاشية يف مرحلة من اؼبراحل اك عصر من العصور اك‬
‫حقب من االحقاب ‪ ،‬كىو ما نطلق عليو العصر ‪،‬كاغباؿ كاجملاؿ كالعصر معيش من قبل اإلنساف كاعبماعة‬
‫معاصرة اغباؿ كاجملاؿ‪ ،‬كتشكلهما يف صَتكرة الزمن اؼبعاش(‪.)2‬‬
‫يف زمن فبتد متحوؿ‪ ،‬كالواقع بذلك ليس إال ى‬
‫ك يرل "اندرم الالند " ‪:‬يف العصر الوسيط كاف اؼبقصود بالواقعية‪ ،‬مذىب يقوؿ إف الكليات توجد دبعزؿ‬
‫عن االشياء اليت تتجلي فيها ‪ ،‬كتتعارض الواقعية مع االظبية اك اإلظبانية ك مع اؼبفهومية‪ ،‬لكن من زاكيتُت‬
‫ـبتلفتُت(‪.)3‬‬
‫‪ -1‬نقوؿ الواقع اك الواقعة ىو ما حدث ككجد بالفعل كىي مطابقة لكلمة حادث اك حادثة ‪.‬ك الواقعي‬
‫ىي كلمة منسوبة اذل الواقع ك يطابقو يف اؼبعٌت الغعلي ك اغبقيقي ك الوجودم‪ ،‬كيتناقض معو يف اؼبعٌت‬
‫الونبي ك اػبيارل ك اؼبثارل ‪.‬‬
‫‪ -2‬الواقعية يف اؼبقصود العادل ىو توصيف ؼباىو كاقعي ‪،‬نقوؿ التفكَت الواقعي ‪ ،‬أم التفكَت اؼبطابق يف‬
‫خصائصو الواقع ‪.‬‬

‫‪ -1‬اآلية رقم ‪ 01‬سورة الواقعة‪.‬‬


‫‪ -2‬أنور أبو طو‪ ،‬باحث فلسطيٍت‪ ،‬ؿبتويات العدد صفرين‪ ،‬موقع اؼبلتقى‪.‬‬
‫‪ -3‬مرجع سابق ‪ ،‬موسوعة الالند ‪،‬ص‪1175،‬‬

‫‪37‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الرابع‬

‫‪ -3‬اؼبعاشل ك اؼبقاصد الفلسفية للواقعية‪:‬‬


‫أ‪-‬تطلق كلمة كاقعية على كل نظرية تقدـ الواقع ك تعطي لو اكلوية يف الوجود ك اؼبعرفة ك القيم ك اؼبفاىيم‬
‫كالقضايا الفلسفية ‪،‬أك تقدـ الواقع عن اؼبثاؿ ‪.‬‬
‫ب‪-‬فالواقعية اؼبثالية عند أفالطوف ىي اليت تعتقد اف اؼبثل ك اغبقائق اجملردة ىي ذات اكلوية عن الواقع‬
‫ا﵀سوس ك اؼبلموس‪.‬كأهنا ذات اكلوية يف الوجود مقارنة باالشياء ا﵀سوسة ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الواقعية اؼبقابلة ك اؼبناىضة لالظبية ك التصورية ىي اليت تعتقد أف للكليات كجودا مستقال عن االشياء‬
‫اليت سبثلها‪.‬‬
‫د‪ -‬كالواقعية تعٍت أيضا ‪ ،‬أف الوجود مستقل عن معرفتنا الفعلية بو ‪ ،‬آلف الوجود غَت االدراكات ‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬كالواقعية تعٍت أيضا‪ ،‬يف اؼبقاصد اؼبذىبية الفلسفية ‪ ،‬أف الوجود بطبيعتو شيء آخر غَت الفكر ‪،‬فال‬
‫يبكنك – بام حاؿ من االحواؿ –إستخراج اؼبوجودات اك الوجود من الفكر على سبيل التضمن ك‬
‫اإلندراج ‪ ،‬كال أف توصف الوجود حبدكد منطقية مستوفية ‪.‬ك الواقعية هبذا اؼبعٌت ىي اؼبذىب الذم يعتقد اف‬
‫الوجود اغبقيقي مقابل ك مناقض للوجود اؼبعقوؿ اجملرد ‪.‬‬
‫ك‪ -‬ك الواقعية يف علم الرياضيات‪،‬ىي االعتقاد الذم يرل انو ال يبكن إبداع الصور ك اؼبفاىيم الرياضية بل‬
‫يكتشفها إكتشافا ‪.‬ك ىذا اؼبنظور الذم يعتقد اف اف االعداد ك الدكاؿ ك التحليالت الرياضية ناشئة من‬
‫ربكمات ذىنية ‪ ،‬بل إعتقد اهنا موجودة يف اػبارج ‪ ،‬تفرض نفسها علينا ‪ ،‬ك تلزمنا بالتسليم هبا ‪ ،‬كأهنا‬
‫مدركات خارجية ‪ ،‬نستخلصها من اػبارج عن طريق مناىج كما وبدث يف الفيزياء ك العلوـ التجريبية ‪.‬‬
‫ىػ ‪ -‬ترل الواقعية الطبيعية اف اف الفكر الفردم يكشف بواسطة اغبدس اؼبباشر عن الالأنا ‪ ،‬من جهة ىو‬
‫متميز عن االنا اك الذات العارفة ‪.‬ك ىذا ما يعتقده "ىاملتوف " (*‪.)1‬‬
‫‪ -4‬الواقعية يف علم اإلستطيقا ‪،‬أكثر من معٌت كاحد ‪ ،‬فمن جهة تعٍت اف الفن يعرب عن الصفات اغبقيقية‬
‫كالواقعية ؼبا ىو موجود ‪ ،‬ال عن الصفات اؼبثالية اؼبعيارية اليت هبب اف يكوف عليها الشيء حىت يكوف صبيال‬
‫‪.‬ك من جهة أخرل الواقعية اعبملية الطبيعية اليت تعرب عن نزعة فنية هتتم بالنواحي اليت تربط االنياف بالطبيعة‪.‬‬
‫‪ -5‬ك ىناؾ منظور للواقعية مناىض ك ـبالف للنزعة السريالية ك التجريدية ‪ ،‬كىي الذم يعتقد بوجود التقيد‬
‫بالواقع ك االحساس بو كمحور أساسي قاعدم ‪.‬‬

‫*‬
‫‪ -‬السير وليم بارت هاملتون‪ :)1856-1788( :‬ىو فيلسوؼ ميتافيزيقي كمنطقي اسكتلندم‪ .‬لو مؤلفات منها‪" :‬ؿباضرات يف‬
‫اؼبيتافيزيقا ك اؼبنطق"‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الرابع‬

‫‪ -6‬ك يطلق مصطلح اغبقيقة الواقعية أك الوجودية ‪ ،‬ىلى ؾبموع اغبقائق ك االشياء اغبادثة بالفعل‪ ،‬كىذا ما‬
‫يعرب عنو الفيلسوؼ "أرنست ريناف" ‪ :‬ليت االموات يعودكف الينا ‪ ،‬ليطلعونا على ما كجوده يف االخرة من‬
‫اغبقائق الواقعية(‪.)1‬‬
‫‪ -7‬الواقعية متعدد اغبقائق أك اؼبتكثرة ‪ ،‬مصطلح إستعملو اؼبفكر "ركة"للداللة على اؼبذىب الذم يرل اف‬
‫ىنالك حقائق كجودية كثَتة ليس بينها قياس مشًتؾ ‪ ،‬مثل الوجود اغبسي ‪،‬ك الوجود اؼبنطقي الرياضي ‪،‬‬
‫كالوجود االخالقي ‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬نبذة تاريخية كرونولوجية حول المذهب‪:‬‬
‫ظهرت بوادر الواقعية منذ أزمنة موغلة يف التاريخ ‪ ،‬منذ فجر الثقافات ك اغبضارات الشرقية القديبة‬
‫‪.‬لكن بصماهتا الفلسفية تزامنت ك الفلسفة اليونانية ‪ ،‬بداية مع فالسفة الطبيعة‪ ،‬كلكن كجودىا الفلسفي‬
‫اغبقيقي كاف مع الغرصل الفكرم الفالطوف ‪ ،‬تلميذه "آرسطو طاليس"( ‪ 384‬ؽ‪.‬ـ‪ 322 -‬ؽ‪.‬ـ) مؤسس‬
‫النزعة الواقعية عن اليوناف‪.‬آرسطو كاف يؤمن بوجود الواقع ك حضوره الطاغي يف اؼبنظومات اؼبعرفية ك‬
‫الوجودية ‪ ،‬كلقد أعطى للحواس ك االدراكات اغبسية دكر مرجعي يف اؼبعرفة االنسانية ‪ ،‬بل أرجع مصدر‬
‫اؼبعرفة اذل الواقع ا﵀سوس الذم يأيت يف شكل مدركات ك صور حسية من التجربة ك اؼبوضوع كالواقع ‪.‬‬
‫لقد تزايد الفكر االنساشل ك الفلسفة بالنزعة الواقعية ‪ ،‬ؼبا زادت إىتماما الفالسفة ببعض القضايا ذات‬
‫الصلة ‪ ،‬على سبيل اؼبثاؿ قضايا اليقُت ك اؼبعرفة العلمية ك قضايا السببية ك اغبتمية ك الضركرة ك غَتىا ‪،‬‬
‫كمدل أنبية دكر الوقائع كا﵀سوسات كالتجربة يف بناء اؼبعرفة الصحيحة ‪ ،‬العلمية ك اليقينيةػ للحصوؿ على‬
‫اغبقيقة ‪.‬ك يبكن القوؿ اف الواقعية الفلسفية تطورت مع اؼبفهوـ الواقعي الساذج ؿ االقبليزم "توماس‬
‫ريد"(‪1710‬ـ‪.)1796 -‬ك بلغت أعلى مستوياهتا الفلسفية مع العادل الرياضي ك الفيلسوؼ االقبليزم‬
‫"بَتتراند راسل"( ‪1872‬ـ‪ )1970 -‬مع نزعتو الواقعية النقدية ‪.‬كما يبكن ؼبس بعض بوادر ظهور‬
‫الفلسفة الواقعية من خالؿ مدرسة كاقعية االدراؾ الفطرم االسكتنلدية‪.‬كىي مدرسة فلسفية ظهرت يف‬
‫اسكتلندا كانت مهتها الدفاع على منظور فلسفة الواقعية الساذجة فيمواجهة النظرة الفلسفية الشكوكية‬
‫‪.‬حيث ترل اف قضايا االدراؾ الفطرم ىي مسالة مشًتكة بُت البشر‪،‬كىي تنحو مناحي منظور فلسفة‬
‫"توماس ريد"" اؼبذكور سابقا ‪.‬كما قبد مؤشرات التوجو الواقعي يف االيديولوجية اػبلدكنية ‪ ،‬من خالؿ كتابو‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬معجم صليبا‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.554‬‬

‫‪39‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الرابع‬

‫"التعريف" الذم ضمنو السَتة الذاتية غبياتو‪ ،‬كفيو وبكي حياتو الواقعية‪ ،‬منها أصولو العربية اغبضرمية‬
‫اغبجرية ‪ ،‬ك يكوف بذلك اكؿ مؤلف ك عادل عريب ىبصص مؤلفا كامال حوؿ حياتو(‪.)1‬‬
‫بيد أف الواقعية كنزعة فكرية ليست حكرا على حقوؿ الفلسفة فقط ‪.‬بل قبد ؽبا حضور قوم جدا يف‬
‫ؾباالت االدب ك الفن ‪.‬ألف النزعة الواقعية لديها جذكر ضاربة يف تاريخ الفكر االنساشل ‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫التمثيل يف ؾباؿ االدب كالفن‪ ،‬على سبيل اؼبثاؿ ال اغبصر قصص ك مسرحيات الربيطاشل "شيكسبَت"(*‪، )2‬‬
‫كاف الشغل الشاغل ‪ :‬كيف يستطيع االنساف التعرؼ على ـبتلف الدكافع ك اغبوافز اليت تتحكم ك تسَت ك‬
‫تسيطر على سلوكات ك افعاؿ البشر ك الشخصيات االنسانية؟ كماىي الدكافع ا﵀ركة لتحركات البشر ؟‬
‫كماىي حقيقة حياهتم االجتماعية ك مساعيها ك غاياهتا ؟ك إنشغاالهتم ك تفاعالهتم اؼبتنوعة؟ كتفاصيل ك‬
‫تعقيدات حياهتم يف ـبتلف ميادين اغبياة ؟ ك كانت أحكامهم تلزمهم لالجابة على ىذه التساؤالت‪،‬‬
‫كجوب التزامهم بطرائق كآليات تعتمد على اؼبالحظة اؼبباشرة كالواقعية ك تتبع دقائق تفاصيل حياة االفراد‬
‫كاجملتمعات ك ظركفهم ك إدراكها ك صقلها باؼبالحظة اؼبيدانية ك اؼبباشرة‪.‬‬
‫اف الشغل الشاغل للنزعة الواقعية يف ـبتلف اؼبدارس االدبية كحىت الفنية ىي تصوير ك كصف دقيقا ك‬
‫بالتفصيل اؼبمل للشخصية االنسانية ك الطبيعة ك كل ما يتعلق هبما ‪.‬ك كاف التصَت االديب ك الفٍت يقوـ على‬
‫النقل اغبريف اؼبيداشل للواقع االجتماعي ك االنساشل كالطبيعي ‪.‬ك يبكن ؼبس ىذه النزعة الواقعية يف ـبتلف‬
‫أعماؿ الركائيُت ك االدباء ك الفنانيُت ك اؼبسرحيُت ك القصاصُت ‪.‬ؾ "شيكسبَت" ‪" ،‬دكستويفسكي" ‪" ،‬سَت‬
‫فانتيس" ‪ "،‬جوف جاؾ ركسو" ‪ ،‬ليسينغ ‪،‬ك ادباء ك مفركي ك فالسفة التنويركالنهضة اغبديثة ‪.‬حيت قبد‬
‫على سبيل اؼبثاؿ االديب ك اؼبسرحي الربيطاشل اؼبشهور"شيكسبَت" فنجده يف اغلب مسرحياتو يقوـ‬
‫بالتشريح ك التحليل الواقعي لشخصياتو اؼبسرحية كالركائية ك خصائصهم النفسية ك السيكولوجية ك‬
‫االجتماعية ‪ ،‬الستخراج أسرارىا ك مكنوناهتا ك مكوناهتا ك ظباهتا اػبفية‪.‬ك ىذا ما قبده يف شخصيات‬
‫مسرحياتو اؼبشهورة ؾ "ىاملت " ك" عطيل" ك"تاجر البندقية" ك غَتىا ‪.‬كما قبد "جوف جاؾ ركسو" الذم‬

‫‪ -1‬نصار نصيف‪ ،‬الفكر الواقعي عند بن خلدكف – تفسَت ربليلي ك جدرل لفكر بن خلدكف‪،‬ط‪،1‬دار الطليعة للطباعة كالنشر ‪ ،‬بَتكت‬
‫–لبناف ‪ ،1981،‬ص‪.18،‬‬
‫* ‪ -2‬شيكسبَت كيلياـ‪1564 :‬ـ‪1616-‬ـ شاعر ككاتب مسرحي كفبثل إقبليزم بارز يف األدب اإلقبليزم خاصة‪ ،‬كاألدب العاؼبي عامة‪،‬‬
‫يظبي بشاعر الوطنية كشاعر آفوف اؼبلحمي‪ ،‬أعمالو موجودة‪ ،‬كتتكوف من ‪ 39‬مسرحية ك‪ 158‬قصيدة قصَتة سوناتات كاثنتُت من‬
‫القصص الشعرية (قصيدتُت سرديتُت طويلتُت) كبعض القصائد الشعرية‪،‬‬

‫‪40‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الرابع‬

‫(*‪)1‬‬
‫يقوؿ ‪":‬‬ ‫يدعو اذل العودة اذل الطبيعة آلهنا اقرب اذل الطبيعة البشرية اػبَتة ‪.‬كما قبد الكاتب "ليسينغ"‬
‫ضركة التزاـ الكاتب بالضركرة اؼبوضوعية"‪.‬‬
‫أما يف إسبانيا فنجد الركائي اؼبشهور الساخر كالذائع الصيت " السَت فانتيس" صاحب أشهر قصة‬
‫يف تاريخ االدب اغبديث ك ىي "دك نكيشوط دم المانشا" مصارع الطواحُت ك أبو الفركسية البطوالت‬
‫الونبية ك اػبيالية اليت تستلهم ركحها من قركف خلت ‪.‬حيث يقوؿ الكتب "سَت فانتيس" بصرخة كاقعية‬
‫مؤداىا ‪ :‬أف اغبرية ىي اكرب ىبة ظباكية للبشر ال تشًتل حىت بأغلى كنوز االرض‪.‬يف حُت قبد اؼبفكر‬
‫كالفيلسوؼ التنويرم صاحب اؼبوسوعية االنسيكلوبيدية(*‪ )2‬يقوؿ ‪ ":‬اف اغبقيقة ىي اساس الفلسفة "‪ .‬كمن‬
‫جهة اخرل قبد اف للنزعة الواقعية أثر كبَت يف ـبتلف اؼبيادين الفلسفية ك االدبية كالفنية كحىت يف الواقع‬
‫السياسي ك االجتماعي االكركيب ك خاصة يف القرف ‪ 18‬ـ ك الذم سبخض على اكرب الثورات السياسية‬
‫كالفكر يف العصر اغبديث كىي الثورة الفرنسية سنة ‪1789‬ـ‪.‬ك لقد كاف ؽبذه االخَتة إرتباط قوم جدا‬
‫كفعاؿ فكريا ك سياسيا بالنزعة الواقعية ‪ ،‬حبيث كانت قضايا اجملتمع ‪ ،‬حقوؽ االنساف ‪،‬قضايا اغبرية ‪،‬العدالة‬
‫ك اؼبساكاة‪ ،‬ركح القوانُت‪ ،‬العالقات بُت االفراد ك اجملتمع ‪ ،‬اغباكم ك ا﵀كومُت ‪ ،‬السلطة ك الشعب شغلها‬
‫الشاغل ‪.‬ك لقد إرتبطت النزعة الواقعية فنيا ك أدبيا بالركمنسية ‪ ،‬كفكريا كفلسفيا بالنهضة االكركبية كفالسفة‬
‫التنوير (*‪)3‬كما يبكن االشارة اف للنزعة الواقعية يف االدب ك الركاية شخصيات أخرل من بينها‪:‬‬
‫بلزاؾ‪،‬ستنداؿ‪ ،‬فلوبَت‪ ،‬مَتيبيو‪ ،‬دكماس الصغَت ك غَتىم‪.‬كما أف النزعة الواقعية عرفت عدة تيارات‬
‫كإذباىات يف االدب منها‪ :‬الواقعية النقدية ‪،‬الواقعية الطبيعية‪ ،‬الواقعية االشًتاكية ‪.‬كعموما تفضل الواقعية‬
‫النثر عن الشعر‪ ،‬كسبيزت بابداعها يف ؾباؿ الركاية كاؼبسرحية ‪.‬فواقعية "فيكتور ىيجو" يف كتابو "البؤساء"‪،‬‬

‫* ليسينغ‪ 1781-1729 :‬كاتب‪ ،‬كفيلسوؼ‪ ،‬ككاتب مسرحي‪ ،‬كناقد فٍت أؼباشل ىو أحد أىم فبثلي عصر التنوير‪ ،‬مسرحياتو ككتاباتو‬
‫النظرية أثرت بصورة كبَتة على تطور األدب األؼباشل‪.‬‬
‫*‪ -‬ديٍت ديدرك‪1784-1713 :‬ـ‪ ،‬فيلسوؼ‪ ،‬ككاتب فرنسي‪ ،‬كموسوعي فرنسي‪ ،‬كىو أيضا كاتب مسرحي ككاتب مقالة كفٍت‪ .‬من أب‬
‫حريف‪ ،‬برز بإشرافو على إصدار "موسوعة الفنوف كالعلوـ كاغبرؼ" كربرير العديد من فصولو‪ .‬من قادة حركة التنوير ‪.‬رئيس ربرير أكؿ‬
‫موسوعة حديثة‪ ،‬إنسايكلوبيدم ‪.. Encyclopédie‬‬
‫* ‪ -3‬فالسفة التنوير‪ :‬ىم فالسفة النهضة األركبية‪ ،‬الذين حاكلوا تنوير العقل األكركيب كؿباربة تسلط الكنيسة‪ ،‬ك دعوا اذل فصل الدين عن‬
‫اغبياة ك السياسة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الرابع‬

‫سبثل القهر االبكم يف العالقات‬ ‫ككاقعية "ماركس" يف حديثو عن الفوارؽ االقتصاديةك الراظبالية‬
‫االقتصادية(‪.)1‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫الواقعية على ـبتلف اؼبذاىب الفلسفية اليت تتجانس ك تتماثل يف اؼببدأ الذم يعتقد اف االشياء‬
‫كاؼبوجودات اغبسية كالتجريبية الواقعية ػ ىي موجود كجودا فعليا كاقعيا عينيا مستقال عن العقوؿ ك الذكات‬
‫االنسانية اؼبدركة أك العارفة‪ ،‬ك ك ؼبفهوـ الواقع ك الواقعية عدة مفاىيم ك دالالت مرتبطة ‪ ،‬تستعمل حسب‬
‫سياقاهتا ‪ ،‬كترجع اؼبؤشرات االكذل لظهور النزعة الواقعية لفالسفة الطبيعة اليوناف ‪ ،‬ك النزعة الواقعية‬
‫ؿ"آرسطو طاليس" تلميد أفالطوف‪.‬‬

‫‪ -1‬لوكاش جورج ‪،‬دراسات يف الواقعية ‪،‬تر‪ :‬نايف بلوز‪،‬ط‪،3‬اؼبؤسسة اعبامعية للدراسات ك النشر ك التوزيع‪،‬بَتكت –لبناف ‪،1985،‬‬
‫ص‪40-39،‬‬

‫‪42‬‬
‫الدرس الخامس‪:‬‬
‫المذهب الواقعي‪-2-‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الخامس‬

‫الدرس الخامس‪ :‬المذهب الواقعي‪-2-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬اوال‪ :‬المذهب الواقعي‪ ،‬التأسيس وأبرز الرواد والشخصيات ‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬المبادئ و األفكار ‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬مذاهب و تيارات الفلسفة الواقعية‬
‫‪ -‬رابعا‪ :‬نموذج شخصية فلسفية ‪.‬‬
‫‪ -‬خامسا‪ :‬قراءة نقدية و تقييمية‪.‬‬
‫*تمهيد‪:‬‬
‫اؽبدؼ من ىذا الدرس ىو التعرؼ على ـبتلف الشخصيات اليت سانبت يف تأسيس اؼبذىب الواقعي ‪،‬‬
‫كالفالسفة الذم سانبوا يف إثرائو ‪.‬اذل جانب التعرؼ على اؼببادئ ك االفكار ىذا اؼبذىب ‪ ،‬عالكة على‬
‫إختيار شخصية فلسفية مبوذجية سبثل اؼبذىب الفلسفي الواقعي ‪ ،‬كأخَتا أىم االنتقادات اليت كجهت ؽبذا‬
‫اؼبذىب ‪.‬‬
‫اوال‪ :‬المذهب الواقعي ‪،‬التأسيس وأبرزالرواد والشخصيات‪:‬‬
‫يبكن حصر أىم الشخصيات الفكرية ك الفلسفية اليت كانت من كراء ظهور الفلسفة الواقعية فيما يلي ‪:‬‬
‫آرسطو طاليس ‪،‬جوف لوؾ ‪،‬دافيد ىيوـ ‪.‬توماس ريد ‪ ،‬بَتتراند راسل ‪:‬‬
‫‪-1‬آرسطو (طاليس) ‪ 384(:‬ؽ‪.‬ـ‪ 322 -‬ؽ‪.‬ـ)فيلسوؼ يوناشل‪ ،‬تلميذ الفالطوف ك استاذ ؿ الكسندر‬
‫االكرب اؼبقدكشل ‪،‬من أعظم فالسفة اليوناف ‪،‬صاحب نزعة كاقعية ‪،‬لو عدة كت يف ـبتلف اجملاالت ‪:‬اؼبيتافزيقا‬
‫–الفيزيقا (الطبيعة) – الشعر –االدب –السياسة –االخالؽ‪ -‬اغبيواف –ك ـبتلف القضايا الفلسفية‪.‬ىو‬
‫مبدع علم اؼبنطق ك ظباه باألكرجانوف أم اآللة الذىنية اليت تعصم الذىن من اػبطأ‪.‬من أشهر كتبو‬
‫"االكرجانوف"‪" ،‬يف السياسة"" يف اغبيواف" " التحليالت" ‪...‬اخل‪.‬‬
‫‪ -2‬لوؾ( جوف)‪ )1704-1632(:‬فيلسوؼ اقبليزم ذم نزعة حسية ذبريبية ك مفكر كفليسوؼ سياسي‬
‫من فالسفة التعاقد االجتماعي ‪.‬لقد كاف "جوف لوؾ" فيلسوفا ذبريبيا حسيا(‪ ،)1‬كمن مؤلفاتو اؼبشهورة‬
‫‪":‬مقاؿ يف الفهم االنساشل" ك كتاب "عن العقل البشرم "إشتهر دبقولتو اؼبشهورة ‪" :‬إذا سألك سائل مىت‬
‫بدأت تفكر ؟فيجب اف تكوف االجابة ‪ :‬عندما بدأت أحس"‪.‬ك ؽبذا ؼ "جوف لوؾ " يعتقد اف العقل‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة بدكم‪.‬ج‪ ، 4‬ص‪381-363:‬‬

‫‪44‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الخامس‬

‫صفحة بيضاء ‪ ،‬ك ينكر صبلة كتفصيال كل االفكار الفطرية ك القبلية اليت كاف يعتقد العقالنيوف الديكارتيوف‬
‫اهنا مبادئ يولد هبا العقل‪ ،‬كمن بينها مبادئ العقل اؼبعركفة ‪.‬‬
‫‪ -3‬ىيوـ (دافيد)‪ )1776 -1711(:‬فيلسوؼ ك إقتصادم ك مؤرخ اسكتنلدم ‪ ،‬من اىم الفالسفة‬
‫الغربيُت التنويريُت االقبليز ‪.‬من اىم الفالسفة التجريبيُت اغبسيُت ‪،‬لو عدة إجتهادات ك آراء ك أفكار‬
‫فلسفية يف ـبتلف اجملاالت ‪:‬نظرية اؼبعرفة ‪ ،‬فلسفة العلم ‪ ،‬فلسفة اعبماؿ ك االخالؽ ك السياسة ‪ ،‬الدين‬
‫الطبيعي ‪ ،‬الشك ‪ ،‬السببية ك العلية ‪.‬من اىم مؤلفاتو ‪":‬رسالة يف الطبيعة البشرية"‪"،‬مبحث يف االخالؽ""‬
‫مقاالت سياسية"‬
‫‪-4‬ريد (توماس)‪)1796-1710(:‬فيلسوؼ اسكتلندم ‪ ،‬إشتهر بنزعتو الواقعية الساذجة اك الواقعية‬
‫الطبيعية ‪ ،‬اليت تعتقد اف اؼبوجودات كاالشياء مطابقة إلدراكاتنا اغبسية اليت تأيت من الواقع عن طريق‬
‫اغبواس‪.‬يعتقد اف االدراؾ الطبيعي مؤشر معريف اساسي للمعرفة الفلسفية الصحيحة ‪.‬ك هبب اف نكتفي يف‬
‫كاقعيتنا دبا تظهر عليو االشياء ك اؼبواضيع ‪.‬من مؤلفاتو اك رسائلو اؼبشهورة ‪ ":‬ربقيق يف مبادئ العقل‬
‫االنساشل ك االدراؾ الفطرم " كما لو مقاالت حوؿ ‪ :‬الواقعانية اؼبباشرة" ك" الواقعانية االدراكية الفطرية"‪.‬‬
‫‪-5‬راسل(آرثر كلياـ بَتتراند)‪1872(:‬ـ‪)1970-‬فيلسوؼ ك عادل رياضيات اقبليزم ‪ ،‬مبدع اؼبنطق الرمزم‬
‫اك الرياضي‪.‬كما انو مؤرخ ك ناقد إجتماعي ‪.‬كاف ذك توجو ليبَتارل‪.‬من أكرب مناىضي النزعة اؼبثالية يف‬
‫الفلسفة ‪ ،‬كأحد مؤسسي الفلسفة التحليلية ‪.‬من مؤلفاتو اؼبشهورة ‪":‬مبادئ الرياضيات"" يف التدليل ‪،‬‬
‫العقل" "مسائل الفلسفة""مبادئ إعادة البناء االجتماعي" "التصوؼ كاؼبنطق ك مقاالت أخرل"‪...‬اخل ‪.‬‬
‫‪ -6‬بيكوف (فرانسيس)‪)1626-1561(:‬فيلسوؼ ك كاتب ك سياسي اقبليزم(‪ ،)1‬ارتبط اظبو باؼبنهج‬
‫التجرييب ك كتبو اؼبشهرك "االكرجانوف اعبديد" اك "النيو اكرغانوف" يتمَت بنزعتو التجريبية اغبسية ك اشتغالو‬
‫بتنقية التفكَت كمناىج اؼبعرفة من اصناـ الفكر ‪.‬ك نقده الكبَت للمنطق االرسطي الصورم الذم كصفو‬
‫(*‪)2‬‬
‫بالعقم ك الطوطولوجيا‪.‬من اىم كتبو "االرغانوف اعبديد"‬
‫‪ -7‬ابن سينا( ابو علي)‪980(:‬ـ‪1037-‬ـ)‪ 370(-‬ىجرم‪427-‬ىجرم)من اكرب فالسفة االسالـ ك‬
‫من اكرب االطباء يف تاريخ البشرية ‪.‬من اشهر كتبو "الشفاء" " القانوف يف الطب" " االشارات ك التنبيهات"‬
‫يف الفلسفة ‪.‬أهتم بتوجهاتو الباطنية ‪.‬يعترب من فبثلي االذباه الفلسفي الواقعي عند اؼبسلمُت ‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة بدكم‪.‬ج‪ ، 1‬ص‪308-304:‬‬


‫* ‪ -‬االرغانوف اعبديد‪ :‬ىو كتاب للفيلسوؼ االقبليزم "فرانسيس بيكوف" فيو ربدث عن قواعد اؼبنهج التجرييب‪ ،‬ككاف ىذا الكتاب كرد‬
‫على كتاب ارسطو طاليس يف علم اؼبنطق‪ ،‬الذم اظباه باألرغانوف‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الخامس‬

‫‪-8‬سيموف (ساف)‪:)1825-1760(:‬مفكر ك إقتصادم فرنسي ‪ ،‬كاف ذك نزعة كاقعية ‪،‬حيث يرل كما‬
‫يرل "بوريداف "أف العلوـ بدأت زبمينية ‪ ،‬مث تدرجت اذل اغبالة الواقعية ‪،‬حسب بساطة موضوعها ‪،‬‬
‫فتكونت الرياضيات مث الفلك كالكيمياء ‪ ،‬كيرل اف العقل االنساشل مر يف تفكَته عرب ثالث حاالت كىي‪:‬‬
‫‪-01‬مرحلة التفكَت التخميٍت‪-‬الظٍت‪ ،‬مث ‪-02‬مرحلة التفكَت الوسط بُت التخميٍت‪-‬الواقعي ‪،‬ك أخَتا ‪-03‬‬
‫مرحلة التفكَت الواقعي ‪.‬كيرل اف تنظيم اجملتمع ك تطوره ‪،‬ىو تسليم مقاليد اغبكم اذل كبار رجاؿ الصناعة ك‬
‫العلم بل االشراؼ ك القانونيُت ‪ ،‬كرفع مستول الطبقة العاملة عقليا ك إقتصاديا ‪.‬ك كاف يبيل اذل تدخل‬
‫الدكلة يف تسيَت اغبياة االقتصادية‪،‬ك نوه بأنبية اغبياة الربؼبانية يف االقتصاد ‪،‬ك دعا اذل اف الربؼباف يكوف‬
‫مكوف من ثالثة ؾبالس‪-01:‬ؾبلس االخًتاع‪-02،‬ؾبلس الفحص ‪-03،‬ؾبلس النفيذ‪.‬من‬
‫مؤلفاتو‪":‬الصناعة "‪1816:‬ـ‪" ،‬السياسة" ‪1819:‬ـ‪"،‬من النظاـ الصناعي"‪1822:‬ـ‬
‫‪-9‬اكجست كونت‪:)1857-1798(:‬فيلسوؼ فرنسي مؤسسة النزعة الوضعية يف الفلسفة كعلم‬
‫االجتماع ‪،‬كىو تلميذ ؿ "ساف سيموف" ‪.‬أكجست كونت مفكر ك فيلسوؼ مشهور بفكرة تصنيف‬
‫العلوـ‪ ،‬ك قانوف اغباالت الثالث (‪،)* 1‬كما عرؼ دبذىبو ‪ :‬الديانة االنسانية ‪.‬من مؤلفاتو‪:‬الفلسفة‬
‫الوضعية"‪1830‬ـ‪1842-‬ـ يف‪ 06‬أجزاء‪.‬ك يصنف "كونت "باعتباره كضعيا ك اقعيا‪.‬‬
‫على غرار الشخصيات اؼبذكورة ‪ ،‬يبكن إضافة كل من ‪" :‬شارؿ فوريي"‪،1837-1772‬جوزيف‬
‫بركدكف ‪1865-1809‬ـ ‪،‬لويس بالف ‪.1886-1811‬‬
‫ثانيا‪ :‬المبادئ و األفكار‪ :‬من نافلة القوؿ اف النزعة الواقعية لديها مبادئ ك اساس ك أفكار ك قواعد فكرية‬
‫ك فلسفية ربدد منطلقاهتا الفلسفية ك الفكرية منها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬هبعل للواقع اؼبادم الدكر األكؿ‪ ،‬كيقوؿ حبقيقة اإلنساف يف ذاتو مستقال عن العقل كالفكر‪،‬كاف االشياء‬
‫ك اؼبوجودات اػبارجية ك اؼبواضيع موجودة موجودا عينيا مستقال عن العقل (الذات)‪ ،‬كأف ـبتلف اؼبعارؼ ك‬
‫االفكار اليت يتضمنها العقل مطابقة غبقائق االشياء اؼبدركة‪ ،‬فالعادل الواقعي كما ىو مدرؾ من طرؼ عقولنا‬
‫ىو صورة مطابقة ؼبا ىو موجود يف العادل اؼبوضوعي اؼبستقل عنا ‪.‬‬
‫‪ -2‬االشياء موجودة كجودا مستقال عن الفكر‪ ،‬فالواقعية تؤمن بالواقع ك اؼبثالية تؤمن بالفكر‪.‬‬

‫* ‪ -‬قانوف اغباالت الثالث‪ :‬قانوف جاءت بو الفلسفة الوضعية‪ ،‬للفيلسوؼ ك عادل االجتماع الفرنسي "اكغست كونت" كالذم مفاده أف‬
‫الفكر البشرم مر عرب ثالث مراحل من أصناؼ التفكَت ‪:‬اغبالة الالىوتية ‪،‬مث اغبالة اؼبيتافيزيقية ‪ ،‬كأخَتا اغبالة الوضعية اك العلمية ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الخامس‬

‫‪-3‬الواقعية تعترب اف الواسطة االساسية للمعرفة الصحيحة كاليقينية ىي اغبواس ك االدراكات اغبسية ‪ ،‬ؽبذا‬
‫(‪)*1‬‬
‫العلوـ التجريبية تعرؼ بالعلوـ الدقيقة‬
‫‪ -4‬النسبية كالتغَت من خصائص اؼبعرفة ‪ ،‬بينما الثبات ك اؼبطلقية موجودة يف اؼبثالية ‪.‬‬
‫‪-5‬التعدد كالكثرة من اػبصائص اؼبميزة لعادل اؼبوجودات اؼبوضوعية ‪ ،‬كعليو ال يبكن رده اك إرجاعو اذل‬
‫الوحدة كما يعتقد اؼبثاليوف ‪.‬‬
‫‪-6‬معارفنا ك أفكارنا ك مفاىيمنا ك تصوراتنا ىي مشاهبة ك مطابقة للواقع كما ىو موجود يف العادل‬
‫اػبارجي‪.‬‬
‫‪-7‬اؼبعرفة فبكنة يف حدكد اؼبعطيات اغبسية كاؼبوضوعات اػبارجية ‪.‬‬
‫‪-8‬الشركط العلمية للمعرفة تكوف نقدية ك تأليفية ك ربليلية كتركيبية من حيث ربطها دبختلف اؼبعطيات‬
‫العقلية ك الظركؼ االجتماعية ك البيئية كالعالقات االنسانية ‪.‬‬
‫‪ -9‬الًتكيز على نتائج العلوـ ك نتائجها اليقينية يف بناء اؼبعرفة الصحيحةك خاصة علوـ الرياضيات ك الفيزياء‬
‫ك بدرجة اقل البيولوجيا ك السيكولوجيا ‪.‬‬
‫‪-10‬ال هتتم بالقضايا ك اؼبسائل اؼبيتافيزيقية ك ال تدخل ضمن إىتماماهتا‪.‬‬
‫‪ -11‬ال تبحث يف اؼبسائل الدينية ك الركحية ك اإلعتقادية الهناؿ ازبضع للمعطيات التجريبية(‪.)2‬‬
‫‪-12‬هتتم بكل التفاصيل ك اعبزئيات ك دقائق االمور مهما كانت تفصيلية ك ال تكتفي باالحكاـ الكلية ‪.‬‬
‫‪-13‬تعتقد الواقعية يف مناحي توجهاهتا اؼبعرفية بالثنائية بُت الذات ك اؼبوضوع اك العقل ك الواقع باعتبارنبا‬
‫ؾبالُت مستقلُت‪.‬‬
‫‪-14‬النظرة ك اؼبالحظة النقدية مهمة للوصوؿ اذل اؼبعرفة الصحيحة ‪.‬‬
‫‪– 15‬األكلوية للواقع ك التجربة عن العقل ك التصورات كالتمثالت الذىنية ‪ ،‬ك اف الواقع كاؼبوضوعات‬
‫اػبارجية ليست ؾبرد سبثالت ك تصورات يبنيها الذىن كما يتصور اصحاب النزعة اؼبثالية ‪.‬‬
‫‪-16‬التقليل بل االستغناء عن الوسائط العقلية ػ كالفرضيات –على سبيل اؼبثاؿ –ك االعتماد االساسي‬
‫على االستقراء اؼبيداشل ك التطبيقي ( مثاؿ االستغناء عن الفرض يف قواعد االستقراء عند جوف ستوارت‬
‫مل)‪.‬‬

‫* ‪ -‬تصنيف ال علوـ كترتيبها يعتمد على مسبار الدقة ك اليقينية ‪ ،‬ك ؽبذا قبد العلوـ الدقيقة كالتجريبية يف اؼبرتبة االكذل ‪ ،‬كاؼبرتبة الثانية‪:‬‬
‫العلوـ الصورية ‪ ،‬كأخَتا العلوـ االنسانية ك االجتماعية ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- http://abdulkrem556.blogspot.com/2011/12/blog-post_23.html‬‬

‫‪47‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الخامس‬

‫‪-17‬العلوـ التجريبية ك الطبيعة ذات اكلوية من ناحية اؼبعرفة ك حىت يف التوجهات الًتبوية‪.‬‬
‫‪-18‬من القواعد الًتبوية كالتعليمية عن النزعة الواقعية االىتماـ دبايلي ‪:‬‬
‫‪-‬اإلىتاـ باعبسم ك الًتبية البدنية آلف العقل السليم يف اعبسم السليم ‪.‬‬
‫‪-‬اإلىتماـ بالعلوـ الطبيعية ك التجريبية‬
‫‪-‬تشجيع اؼبدارس العملية ك اؼبهنية كالتطبيقية ‪.‬‬
‫‪-‬اإلىتماـ باالنشطة‬
‫‪-‬ا﵀اضرات ك االعماؿ اؼبوجهة ك الالعماؿ التطبيقية دكر كبَت يف التحصيل اؼبعريف ك التعليمي ‪.‬‬
‫‪-‬عدـ االكتفاء بالدركس النظرية ك التجريدية‪.‬‬
‫‪-‬اإلىتماـ بالتدريب اػبلقي ضمن اغبرية ‪.‬‬
‫‪-‬الًتبية الواقعية الصحيحة تقتضي التكامل بُت الًتبية البدنية كاػبلقية ك الفكرية ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مذاهب و تيارات الفلسفة الواقعية ‪:‬‬
‫(*‪)1‬‬
‫(‪،)1796-1710‬‬ ‫‪-1‬الواقعية الساذجة (الموقف الطبيعي )‪:‬رائػ ػ ػ ػػدىا االقبليزم "توم ػ ػ ػػاس ريد "‬
‫حيث ينطلق من اؼبوقف الطبيعي‪ ،‬ك الذم مؤداه االنطالؽ من الواقع العادم ا﵀سوس ك اؼبدرؾ ذبريبيا ك‬
‫مباشرا ‪ ،‬حيث تعترب كل اؼبوضوعات ك االشياء اػبارجية اليت كبس هبا ك ندركها ‪ ،‬ىي موجود بالفعل ك‬
‫مطابقة لصور ك مدركات اغبواس حسب طبيعتها‪ ،‬كىي كاضحة كما نعاينها يف اغبياة اليومية ‪ ،‬فكل الناس‬
‫تتفق على االشياء اػبارجية ‪ :‬ىذا قلم ك ىذا كتاب ‪ ،‬كىذا باب ‪...‬اخل ‪ ،‬ىذه مسائل متفق عليها من‬
‫حيث تواجدىا يف الواقع ك اػبصائص ك الصفات اؼبشًتكة اؼبميزة ؽبا عن غَتىا ‪.‬ك منو فهناؾ تطابق تاـ ك‬
‫كاضح بُت ما تايت بو اغبواس من مدركات للموضوعات اػبارجية ‪ ،‬كاالشياء كما ىوم موجودة فعال ‪.‬ك‬
‫عليو ىناؾ تطابق ك سباثل بُت ما وبصل يف الذات ك الكيفية اليت يكوف عليو اؼبوضوع اػبارجي‪.‬ك النتيجة اف‬
‫ما يسمى الواقعية الساذجة ىي النزعة الواقعية اليت تكتفي بالكيفية اليت تظهر هبا االشياء كما ىي يف الواقع‬
‫‪ ،‬فبا هبعلها تتميز بالنظرة العمومية ك السطحية ‪.‬ك تعتقد يف ذات الوقت بالكثرة ك التعدد كصفة مالزمة‬
‫للموجودات ك ليس الوحدة كما يرل اؼبثاليوف‪،‬كما تؤمن ايبانا ثابتا باؼبطابقة بُت الذات ك اؼبوضوع ‪.‬ىذا ما‬

‫*‪ -‬ريد توماس‪ ،)1796-1710(:‬فيلسوؼ كناقد إسكتلندم‪ ،‬لعب دكر كبَت يف التنوير الربيطاشل ك االسكتلندم ‪،‬من أبرز نقاد دافيد‬
‫ىيوـ ‪،‬ىو مؤسس الدرسة االسكتلندية للحس السليم ‪.‬ك ىو من ركاد الواقعية الطبيعية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الخامس‬

‫جعل البعض يعتربىا نزعة سطحية ك ساذجة ال تشك يف امانة اغبواس اليت هبب اف تتسلح بالنظرة اؼبنطقية‬
‫ك النقدية اؼبتجددة لتفادم اؼبزالق اؼبعرفية ‪.‬‬
‫‪-2‬الواقعية النقدية التقليدية ‪ :‬يبثلها"بَتتراند راسل"(‪ ،)1*( )1970-1872‬تعترب ىذه النزعة اف العلوـ‬
‫التجريبية ك الطبيعية مبوذج للدقة ك اليقينية كوهنا زبضع للنقد العلمي التجرييب ك التطبيقي ‪.‬ك تقر الوقعية‬
‫النقدية بوجود االشياء ك اؼبوضوعات يف اػبارج كما تدركها اغبواس ‪ ،‬كلكن الكيفيات االدراكية تتمايزك‬
‫زبتلف حسب العمليات ك القراءات العقلية ‪.‬فالقراءة العقلية ؼبختلف الصور ك اؼبدركات اغبسية ‪ ،‬ىي اليت‬
‫تضفي ظبة اؼبصداقية على مدل حقيقة اؼبوجودات ‪.‬ك ترفض الواقعية النقدية التسليم التلقائي ك اؼبباشر‬
‫للموجودات ك اؼبوضوعات اػبارجية ‪ ،‬إال ك فقط بعد إخضاعها للتمحيص ك االختبار النقدم ‪ ،‬كمنو ال‬
‫يبكن اعبزـ اف معارفنا ىي صورمطابقة لالشياء اؼبدركة‪ ،‬كلكنها صور زبضع للتعديالت بفعل دكر اآلليات‬
‫العقلية ك اؼبنطقية اليت تتبٌت طرائق االنتقاؿ من العاـ اذل اػباص اك العكس ‪ ،‬ك االنتقاؿ من الكل اذل اعبزء‬
‫ك العكس‪.‬ك ؽبذا تعتقد الواقعية النقدية ‪ :‬أف اؼبعرفة فبكنة ك لكن يف حدكد اؼبعطيات اغبسية ك اؼبوضوعات‬
‫اػبارجية ‪.‬ك أف الشركط العلمية للمعرفة الصحيحة تكوف نقدية ك تأليفية كتركيبية مع اآلخذ بعُت االعتبار‬
‫اؼبعطيات البيئية ك حىت االجتماعية كالعالقات االنسانية ‪ ،‬ك اآلليات االستداللية ك آليات التحليل‬
‫كالًتكيب ‪.‬‬
‫‪-3‬الواقعية الجديدة ‪:‬لقد ظهرت الواقعية اعبديدة يف الواليات اؼبتحدة االمريكية من خالؿ ؾبموعة من‬
‫الفالسفة ‪ ،‬ك ىذا يف بداية القرف العشرين حوارل سنة ‪.1910‬إىتمت الواقعية اعبديدة بتحليل العالقة بُت‬
‫الذات العارفة ك اؼبوضوعات اػبارجية‪ ،‬أك بُت العقل ك الواقع ‪.‬ك كانت ترفض رفضا تاما كجود كسيط بُت‬
‫الواقع كالذات العارفة ‪.‬لقد كاف ملخص ىذه الواقعية اعبيدة من خالؿ مؤلف ‪":‬الواقعية اعبديدة –دراسات‬
‫تعاكنية يف الفلسفة"‪.‬ك من خصائص الواقعية اعبديدة خاصة يف الواليات اؼبتحدة االمريكية ىي‪ :‬نقد‬
‫االذباىات الفلسفية اؼبختلفة ك خاصة اؼبثالية ك الرباغماتية ك الوضعية ‪ ،‬اذل جانب االجتهاد الفكرم ك‬
‫الفلسفي‪،‬من خالؿ تقدصل نظريات يف ربليل العقل ك العملية اؼبعرفية ‪،‬ك إستقاللية موضوعات اؼبعرفة عن‬
‫الذات العارفة(‪.)2‬‬
‫ك من أىم أسس الواقعية اعبديدة ما يلي ‪:‬‬

‫*‪ -‬راسل بَتتراند‪،1970-1872:‬عادل يف الرياضيات ك فيلسوؼ أقبليزم‪ ،‬مؤسس اؼبنطق الرياضي الرمزم ‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪/‬عطية أضبد عبد اغبليم ‪،‬القيم يف الواقعية اعبديدة ‪ ،‬بدكف طبعة ‪،‬دار الثقافة العربية ‪،‬القاىرة‪،‬ج‪.‬مصر العربية ‪ ،2008،‬ص‪.23،‬‬

‫‪49‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الخامس‬

‫‪-‬إىتمت بآليات اؼبعرفة اؼباسبة ك خاصة يف اؼبسائل النظرية ‪.‬‬


‫‪-‬للنظرة النقدية انبية جوىرية ذات اكلوية عن التحليالت الفلسفية ‪.‬‬
‫‪-‬إىتمت بنتائج العلوـ التجريبية كخاصة العلوـ الدقيقة ك بشكل اقل البيولوجية ك علم النفس‪.‬‬
‫‪-‬تستبعد بكل قوة اػبوض يف اؼبسائل اؼبيتافيزيقيةػ الهنا تعتربىا قضايا فارغة من ا﵀تول‪.‬‬
‫‪-‬مركز إىتمامها اؼبسائل التجريبية ك ال هتتم باؼبسائل الدينية ك االعتقادية ‪.‬‬
‫‪-‬تتجنب بقدر االمكاف االحكاـ العامة ‪،‬ك هتتم بالتفاصيل ك اعبزئيات مهما كانت دقيقة ‪.‬‬
‫‪ -4‬الواقعية النقدية المعاصرة‪:‬ظهرت الواقعية النقدية اؼبعاصرة يف بداية القرف العشرين حواؿ سنة‬
‫‪ ،1917-1916‬من خالؿ إجتهادات ؾبموعة من الفالسفة االمريكيُت‪ ،‬ككاف ملخص ىذه النزعة من‬
‫خالؿ كتاب ‪":‬مقاالت الواقعية النقدية حوؿ مشكالت اؼبعرفة" ‪ ،‬ككاف من االىتمامات االساسية ؽبذا‬
‫التيارىو ‪ :‬العالقة بُت الذات ك اؼبوضوع ة عالقة اؼبعرفة بالتجربة اغبسية من اىم مبادئها ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬عدـ االكًتاث اؼبمنهج للمسائل ك القضايا اؼبيتافزيقية الهنا ال تدخل ضمن معطيات اؼبعرفة ‪.‬‬
‫‪-‬تقليص الفوارؽ بُت النومينات ك الفينومينات اك بعبارة أخرل بُت اغبقيقة اعبوىرية للموضوعات كظواىرىا‪.‬‬
‫‪-‬انتقدكا الواقعية اعبديدة يف عدـ إىتمامها يف مسائل الفوارؽ بُت الذات كاؼبوضوع ‪ ،‬كقالوا بثنائية الذات‬
‫كاؼبوضوع ‪.‬‬
‫‪-5‬الواقعية االشتراكية ‪:‬تعترب الواقعية االشًتاكية‪ ،‬منهج فٍت يتمثل جوىره يف االنعكاس الصادؽ ك ا﵀دد‬
‫تارىبيا للواقع يف صراعاتو ك تطوره الثورم ‪.‬فالتاريخ ك الواقع كا﵀ركات اعبدلية ىي منبع السَتكرة ك الصَتركة‬
‫لواقع االفراد ك اجملتمعات كاؼبؤسسات االقتصادية كاالجتماعية ‪ ،‬كتكوف كعي كاقعي يصبو اذل ربقيق ثقافة‬
‫تقدمية عاؼبية ‪.‬ك لقد انتشرت ىذه الثقافة خاصة ع الفالسفة ك الفنانُت ك االدباء الركس‪.‬‬
‫‪-6‬الواقعية البرجوازية‪ :‬بداية ىذا اؼبصطح يف الظهور كاف مع تيار الواقعية االدبية االؼبانية يف النصف‬
‫الثاشل من القرف ‪ ،19‬ك من فبيزات الواقعية النقدية‪ ،‬كصف الواقع ك التحلي باؼبوضوعية الواقعية كالتجريبية‬
‫اذل حد أقصى‪ ،‬ك السعي اذل تطابق النص اؼبعريف العلمي كالفلسفي كاالديب مع الواقع‪ ،‬كاالىتماـ برصد‬
‫قوانُت الواقع اعبوىرية‪ ،‬ك ؽبذا يعترب ىذا التيار كامتداد للواقعية النقدية‪ ،‬كمن غاياتو السعي اغبثيث اذل‬
‫مواكبة التطورات العلمية ك الواقعية‪ .‬ك يبكن القوؿ اف من أىداؼ اؼبذىب الواقعي ىو كضع اؼبذىب‬
‫الطبيعي‪ ،‬كالنفعي الرباغمايت على ؿبك النقد كالتفنيد(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪،‬عطية اضبد عبد اغبليم ‪ ،‬ص‪.40،41،42،43،‬‬

‫‪50‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الخامس‬

‫رابعا‪ :‬نموذج شخصية فلسفية‪:‬‬


‫الفيلسوؼ االقبليزم "بَتتراند راسل"(‪1872‬ـ‪ ،)1970-‬من بُت أكرب الفالسفة االقبليز‪،‬كانت‬
‫إسهاماتو الكبَتة يف ميداف الفلسفة‪ ،‬الرياضيات كاؼبنطق الرياضي‪.‬فبثل لتيار الواقعية النقدية الكالسيكية‪،‬‬
‫اليت تقوـ على أساس النزعة النقدية‪ ،‬كلكن اؼبسلحة النظرة النقدية ‪ ،‬اليت ال تقبل كل ما تأيت بو اغبواسو‬
‫االدراكات اغبسية بشكل مباشر كما يعتقد الواقعيوف الساذجوف ‪ ،‬كإمبا ضركرة إخضاعها عبملة من القواعد‬
‫ك القنوات النقدية ك التحليالت اؼبنطقية ‪ .‬يعترب "برتراند راسل" من الفالسفة اغبسيُت الذين ناصركا اؼبذىب‬
‫التجرييب‪ ،‬كلذلك فإف نظرية اؼبعرفة عنده ترتكز أصالن على "اؼبعطيات التجريبية"‪ .‬فاؼبعرفة الصحيحة ىي‬
‫ي‬
‫ليست اغبقيقة اؼبطلقة‪ ،‬كما عند الفالسفة اؼبثاليُت كالعقالنيُت ‪ ،‬من أمثاؿ " رينيو ديكارت" ك" ايبانويل‬
‫كانط" كآخرين غَتىم‪ ،‬من الذين هبعلوف مبادئ العقل األكلية‪ ،‬كاؼببادئ العقلية االساسية من التجريديات‬
‫ىي يقينية ثابتة بالفطرة يف عقل اإلنساف‪ .‬إذ إف "بَتتنراد راسل" هبعل اليقُت مقًتنان حسب الدرجة اؼبمكنة‬
‫لو من اغبقيقة‪ .‬فكلما كانت الدرجة أكرب كأكثر سبيزا ك دقة‪ ،‬كاف اليقُت أكثر صدقان‪ ،‬فال يصل إليو الريب‬
‫بام حاؿ من االحواؿ ‪ ،‬مثل‪ :‬القضايا الرياضية كاؼبنطقية‪ ،‬كالقضايا األساسية اليت ندركها باغبواس مباشرة‬
‫يف اللوف كالصوت‪ ...‬إخل‪.‬كمن ىنا‪ ،‬فقد رفض "برتراندراسل" أف يكوف ىناؾ أم سبييز بُت اؼبوضوعات‬
‫اػبارجية‪ ،‬اليت يشًتؾ فيها كل البشر‪ ،‬كفعل اإلدراؾ اغبسي الذم ىبص الذات العارفة كحدىا يف عملية‬
‫اإلدراؾ‪ .‬كسواء كاف ىناؾ فرؽ‪ ،‬كما يؤكده بعض الفالسفة‪ ،‬فإف راسل ىنا‪ ،‬إمبا ينطلق من مبدأ الوصفية يف‬
‫اؼبذىب التجرييب‪.‬‬
‫لقد ؿ "بَتتراند راسل" عدة أراء يف كثَت من القضايا الفلسفية ‪ ،‬كمهمة ك كظيفة الفلسفة يف عصر‬
‫العلم ‪،‬ك االستقراء العلمي ك السياسة كاالخالؽ ك معارضتو للسالح النوكم ك عواقبو الوخيمة على اغبياة‬
‫البشرية ػ كيعترب مؤسس للمنطق الرياضي اك الرمزم ‪.‬من مؤلفاتو اؼبشهورة ‪":‬التعقل كاغبرب النوكية"‪ " ،‬ىل‬
‫لالنساف مستقبل"‪ " ،‬اؼبعرفة االنسانية مداىا ك حدكدىا"‪ "،‬التطور الفلسفي" ك "ربليل العقل"‪...‬اخل(‪')1‬‬
‫خامسا‪ :‬قراءة نقدية و تقييمية‪:‬‬
‫من اىم االنتقادات اؼبوجهة للنزعة الواقعية مايلي‪:‬‬
‫‪-1‬إعطائها االكلوية ك االنبية للواقع ك اؼبدركات اغبسية عن دكر العقل ك اؼببادئ كاؼبفاىيم العقلية يف عملية‬
‫بناء اؼبعرفة البشرية ‪.‬‬

‫‪ -1‬مردع سابق‪ ،‬موسوعة بدكم ج‪ 2‬ص‪.524-517.‬‬

‫‪51‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الخامس‬

‫‪-2‬امكانية الوصوؿ اذل اؼبعرفة الصحيحة باالعتماد على اؼبدركات اغبسية كالتجريبية دكف االعتماد على‬
‫االساليب النظرية‬
‫‪-3‬موضوع اؼبعرفة ذم اكلوية اسبق عن الذات العارفة‪.‬‬
‫‪-4‬ضركة إخضاع اؼبعرفة الصحيحة للمعطيات التجريبية ك اغبسية ‪.‬‬
‫‪-5‬الذات صفحة بيضاء ك الواقع التجرييب ىو اؼبلهم االساسي يف اؼبعارؼ البشرية‪.‬‬
‫*خالصة ‪:‬‬
‫لقد تبُت لنا من خالؿ ماكرد أعاله ‪ ،‬أف من أبرز الشخصيات الفلسفية اؼبؤسسة للمذىب الواقعي‬
‫قبد اليوناشل "أرسطو طاليس " ك يف العصر اغبديث أغلب الفالسفة االقبليز ؾ" توماس ىوبز" "جوف لوؾ"‬
‫"دافيد ىيوـ " ك"فرانسيس بيكوف"‪،‬كمن أىم اؼببادئ اليت يعتمد عليها الواقع كالتجربة ‪،‬ك لقد كردت حولو‬
‫ربفظات كثَتة على مدل قناعة ك مصداقية مسابَته ك معايَته الفلسفية‪.‬‬
‫*قائمة مراجع المذهب الواقعي (الدرس االول والثاني)‪:‬‬
‫‪-1‬الطباطبائي‪،‬السيد ؿبمد حسُت‪ ،‬أصوؿ الفلسفة كاؼبنهج الواقعي تر‪:‬ؿبمد عبد اؼبنعم اػباقاشل‬
‫‪،‬ج‪،1‬ط‪،1‬دار اؼبعارؼ للمطبوعات ‪،‬بَتكت ‪ ،‬لبناف ‪1981.،‬‬
‫‪-2‬د‪/‬نصار نصيف ‪،‬الفكر الواقعي عند بن خلدكف‪-‬تفسَت ربليلي كجدرل لفكر بن خلدكف‪-‬يف بنيتو‬
‫كمعناه‪،‬ط‪،1‬دار الطليعة للطباعة كالنشر ‪،‬بَتكت لبناف ‪1981.‬‬
‫‪-3‬د‪/‬كرـ يوسف ‪،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة ‪،‬ب‪/‬ط‪،‬دار النشر كلمات عربية ‪ ،‬القاىرة‪،‬مصر ‪2012.‬‬
‫‪-4‬د‪/‬عطية ‪،‬أضبد عبد اغبليم ‪،‬القيم يف الواقعية اعبديدة‪،‬ب‪/‬ط‪،‬دار الثقافة العربية ‪ ،‬القاىرة –مصر‬
‫‪2008.،‬‬
‫‪-5‬سَتؿ جوف ‪،‬العقل ك اللغة كاجملتمع –الفلسفة يف العادل الواقعي‪-‬ط‪،1‬اؽبيئة اؼبصرية العامة للكتاب‬
‫‪1996.،‬‬
‫‪ -6‬بدكم عبد الرضبن ‪ ،‬موسوعة الفلسفة ‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬اؼبؤسسة العربية للدراسات ك النشر‪،‬ط‪،1‬بَتكت لبناف‬
‫‪1984.،‬‬
‫‪-7‬صليبا ‪،‬صبيل ‪ ،‬اؼبعجم الفلسفي‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬ط‪،1‬دار الكتاب اللبناشل ‪1982.،‬‬
‫‪-8‬رابط‪http://abdulkrem556.blogspot.com/2011/12/blog-post_23.html:‬‬

‫‪52‬‬
‫المذهب الواقعي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الخامس‬

‫*قائمة مصادر ومراجع تدعيمية إضافية للمذهب الواقعي ( الدرس االول و الثاني) ‪:‬‬
‫‪-1‬الطباطبائي‪ ،‬السيد ؿبمد حسُت ‪،‬أصوؿ الفلسفة كاؼبنهج الواقعي ‪،‬تر ‪:‬عماد أبو رغيف‪،‬ط‪،1‬منتدل‬
‫الكتاب الشيعي‪ ،‬اؼبؤسسة العراقية للنشر ك التوزيع ‪،‬العراؽ ‪.2012،‬‬
‫‪-2‬لوكاش جورج‪،‬دراسات يف الواقعية ‪،‬تر‪:‬د‪/‬نايف بلوز‪،‬ط‪.،3‬الدراسات اعبامعية للنشر ك الطبع ك التوزيع‬
‫‪،‬بَتكت –لبناف‪.1985‬‬
‫‪-3‬لوكاش جورج ‪،‬بلزاؾ ك الواقعية الفرنسية‪،‬تر‪:‬ؿبمد علي اليوسفي‪،،‬ط‪،1‬اؼبؤسسة العربية للناشرين‬
‫اؼبتحدين‪ ،‬بَتكت ‪-‬لبناف‪.1985،‬‬
‫‪-4‬مركة حسُت ‪،‬دراسات نقدية يف ضوء اؼبنهج الواقعي ‪،‬ط‪ ،1‬مكتبة اؼبعارؼ ‪ ،‬بَتكت –لبناف ‪.1988،‬‬
‫‪-5‬خضر عباس ‪ ،‬الواقعية يف االدب ‪،‬ط‪،1‬دار اعبمهورية‪،‬بغداد –العراؽ ‪.1967،‬‬

‫‪53‬‬
‫الدرس السادس‪:‬‬
‫المذهب العقالني‪-1-‬‬
‫المذهب العقالني‪-1-‬‬ ‫الدرس السادس‬

‫الدرس السادس‪ :‬المذهب العقالني‪-1-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪-‬أوال‪:‬التعريف بالمذهب العقالني‪.‬‬
‫–ثانيا‪:‬مفاهيم ودالالت‪.‬‬
‫–ثالثا‪:‬نبذة تاريخة كرونولوجية حول المذهب ‪.‬‬
‫*تمهيد ‪:‬‬
‫من خالؿ ىذا الدرس‪ ،‬كباكؿ التعرؼ على اؼبذىب العقالشل‪ ،‬من خالؿ التعاريف اللغوية‬
‫كاالصطالحية ‪ ،‬مث ننتقل اذل التفصيل اذل كل اؼبفاىيم ك الدالالت اؼبًتبطة بو ‪.‬اذل جانب تقدصل إطاللة‬
‫تارىبية حوؿ اؼبذىب العقالشل ‪ ،‬كيف ظهر ك تطور يف الزمن ‪ ،‬كاعبذكر التارىبية اؼبرتبطة بو ‪.‬‬
‫باالقبليزية=(‪.)rationalism‬‬ ‫بالفرنسية=(‪)Le rationalisme‬‬ ‫المذهب العقالني‪(:‬العقالنية)‪:‬‬
‫بالالتينية=(‪.)rationalism‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف بالمذهب العقالني‪:‬‬
‫يرل "أندرم الالند" يف موسوعتو الفلسفية‪" :‬العقالنية باؼبعٌت اؼبيتافيزيقي‪ ،‬مذىب يقوؿ بعدـ‬
‫كجود أم شيء بال موجب‪ ،‬حبيث انو ال يوجد شيء ال يكوف معقوال ‪ ،‬قانوف إف دل يكن كاقعا ‪ ،‬كمن مث ك‬
‫من زاكية مصادر اؼبعرفة ‪ ،‬تكوف يف مقابل التجريبية ‪ ،‬كيقوؿ ‪ :‬أف العقالنية معرفة يقينية تصدر من مبادئ‬
‫ال تقبل الضحد‪ ،‬قبلية ‪ ،‬بينة ‪ ،‬تكوف حصيلتها الالزمة ‪ ،‬كال يبكن للحواس أف تقدـ عنها سول نظرة‬
‫ملتبسة ك ظرفية"(‪.)1‬‬
‫واؼبذىب العقلي اك العقالشل اك العقالنية مأخوذ من كلمة "العقل" ‪.‬ىواؼبذىب اك النزعة اليت تعترب‬
‫العقل مرجعية أساسية يف ربصيل اؼبعرفة ك بنائها ‪.‬ك اؼبراد بالعقل ىنا ‪ :‬ىو ؾبموعة من اؼببادئ ك اؼبقوالت‬
‫ك اؼبعارؼ ك اؼبفاىيم أكاإلستعدادات الفطرية ‪.‬فالعقالنية تعترب العقل قوة ك ملكة قبلية فطرية ربتوم على‬
‫ؾبموعة من اؼببادئ ‪ :‬كمبدأ اؽبوية ‪ ،‬عدـ التناقض‪ ،‬الثالث اؼبرفوع أك الوسط اؼبمتنع‪ ،‬اليت تعرب مبادئ عامة‬
‫‪ ،‬كلية ‪،‬مطلقة ‪ ،‬ضركرية ‪ ،‬كاضحة بذاهتا ك مشًتكة لدل صبيع العقوؿ البشرية ‪ ،‬كما تعرب بديهية ‪ ،‬تقوـ‬
‫عليها الربىنة ك ال ربتاج اذل برىاف ‪.‬ك من أكرب ركاد الفلسفة العقالنية يف العصر اغبديث الفيلسوؼ ك‬
‫العادل الفرنسي ‪ ":‬رينيو ديكارت"(‪1650-1596‬ـ) اؼبلقب بايب الفلسفة اغبديثة ‪،‬كمن اشهر كتبو "مقاؿ‬

‫‪ -1‬مرجع سابق ‪ ،‬موسوعة الالند ‪ ،‬ص‪.1172،‬‬

‫‪55‬‬
‫المذهب العقالني‪-1-‬‬ ‫الدرس السادس‬

‫عن اؼبنهج" الذم حدد فيها قواعد اؼبنهج العقالشل لتحصيل اؼبعرفة الصحيحة ك الدقيقة كاليقينية‪ ،‬كمن شبة‬
‫معرفة اغبقيقة ‪ .‬يقوـ ىذا اؼبنهج العقالشل عند "ديكارت" على آليتُت عقالنيتُت أساسيتُت ك نبا ‪ :‬اغبدس ك‬
‫االستدالؿ ‪.‬ك من أشهر مقوالتو ‪ ":‬أف العقل ىو أعدؿ االشياء قسمة بُت الناس " ك أشتهر دببدأ الكوجيتو‬
‫الذم يسمى ايضا باؼببدأ االنطولوجي الذم مؤداه ‪ ":‬انا أشك ‪ ،‬فأنا أفكر ‪،‬إذف أنا موجود"‪.‬بيدأف‬
‫العقالنية ليست حكرا على ىذا الفيلسوؼ الفرنسي بل عرفت عند االؼباف كاؽبولنديُت ‪ ،‬كعرفت قبل ىذا‬
‫عند اؼبسلمُت يف‪ -‬زمن مبكرا جدا‪ -‬عند اؼبذاىب الكالمية كفرقة اؼبعتزلة بزعامة "كاصل بن‬
‫عطاء"(*‪)1‬كعرفت بشكل كبَتعندالفيلسوؼ كالطبيب كالفقيو العريب االندلسي القرطيب اؼبسلم "ابو الوليد بن‬
‫رشد"(‪)2*( )1198-1126‬الذم ىو جدير يف االصل بأيب العقالنية يف كل العصور قبل "ديكارت " ك‬
‫باقي الفالسفة العقالنيُت االكركبيُت كاؽبولندم" البػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاركؾ سبينوزا "(‪1632‬ـ‪ )1677-‬كاؼباشل‬
‫الفيلسػ ػ ػ ػوؼ كالع ػ ػ ػ ػادل الرياضػ ػ ػ ػي"غوتفريد ليبنيتز"(‪1646‬ـ‪.)1716-‬‬
‫– ثانيا‪:‬مفاهيم ودالالت‪:‬‬
‫كردت مقاصد كلمة عقل ك عقالنية يف اؼبعاجم ك القواميس العربية‪ ،‬كمن بينها‪":‬معجم اؼبعاشل اعبامع‬
‫"كاآليت ذكره‪:‬‬
‫‪-‬عقالنية اسم مؤنث منسوب اذل لفظ عقل‪.‬‬
‫‪-‬مصدر منحوت من عقل‪ :‬إتباع العقل ك تقديبو عن العاطفة‪.‬‬
‫‪-‬يف الفلسفة ك التصوؼ‪ ،‬يعٌت هبا‪ :‬مذىب فلسفي مؤداه ‪:‬اف العقل مصدر كل معرفة ك ليس للتجربة دكر‬
‫فيها‪ ،‬ك خالفو اؼبذىب التجرييب اغبسي‪.‬‬
‫‪-‬عصر العقالنية‪:‬ىو العصر الذم انتشر فيو اؼبذىب العقالشل يف اكركبا ‪،‬خاصة فًتة حركة التنوير الفلسفية‬
‫عند الغرب ‪.‬‬

‫*‪ -‬كاصل بن عطاء ‪ :‬ىو ابوحذيفة كاصل بن عطاء اؼبخزكمي (‪80‬ىجرم ‪131-‬ىجرم)=‪700‬ـ ‪748-‬ـ‪،‬مفكر ك متكلم إسالمي‪،‬‬
‫ىو مؤسس فرقة اؼبعتزلة ‪،‬اليت إشتهرت بإعماؿ العقل يف التأكيل ك االجتهاد ‪ ،‬كعرفت باالصوؿ اػبمسة‪.‬‬
‫*‪ -‬إبن رشد أبو الوليد‪520:‬ىػ‪595-‬ق=‪1126‬ـ‪1198-‬ـ‪،‬فيلسوؼ‪ ،‬كطبيب ك فقيو ك فلكي كعادل اندلسي من اصل عريب شامي‬
‫مشرقي ‪،‬صاحب الكتب ذائعة الصيت كػػ‪":‬هتافت التهافت" ك "فصل اؼبقاؿ "يعترب من أكرب الفالسفة ك العلماء عرب التاريخ العريب‬
‫االسالمي ك العاؼبي‪،‬‬

‫‪56‬‬
‫المذهب العقالني‪-1-‬‬ ‫الدرس السادس‬

‫‪ -‬منها أشتق مصطلح "الالعقالنية" يف الفلسفة كالتصوؼ ‪ ،‬الذم يعرب عن توجو فلسفي‪ ،‬يقدـ اؼبعقوؿ‬
‫عن اؼبعقوؿ ‪ ،‬كالذم مفاده اف العادل ك الوجود ك اؼبعرفة ليست كلها معقولة ككاضحة بل ىناؾ جوانب‬
‫غامضة ال يبكن فهمها اك تأكيلها عن طريق العقل‪.‬‬
‫‪-‬عقل –يعقل –عاقل – فهو معقوؿ ك عاقل ‪ ،‬يقاؿ ‪:‬عقل الولد يبعٌت أدرؾ حقائق االشياء ‪.‬‬
‫‪-‬عقل الشاب‪ ،‬دبعٌت‪ :‬أدرؾ كميز‪.‬‬
‫‪-‬عقل الشئ ‪ ،‬دبعٌت ‪ :‬فهمو ك ادركو على حقيقتو ‪.‬‬
‫‪-‬عقل صاحبو ‪ ،‬دبعٌت ‪ :‬فاقو يف العقل ‪.‬‬
‫‪-‬عقل الدابة ‪ ،‬دبعٌت ‪:‬ضم رسغها اذل عضدىا‪ ،‬كربطهما معا بالعقاؿ حىت تبقى باركة ‪.‬‬
‫‪-‬عقل الظل ‪ ،‬دبعٌت ‪:‬إنقبض ك إنزكل عند منتصف النهار‪.‬‬
‫كما يبكن أف نفهم معٌت كلمة عقل يف اللغة دبعٌت ‪ :‬اغبجر ك النهي ‪،‬كقد ظبي بذلك تشبيها حببل اك‬
‫عقاؿ الناقة ‪،‬آلنو يبنع صاحبو من اػبركج عن جادة الطريق ‪ ،‬كما يبنع العقاؿ اغبيواف اك الناقة من اؽبركب‬
‫اك الشركد‪.‬‬
‫أ‪ -‬يرل حجة االسالـ "ابو حامد الغزارل "(‪450‬ىػ‪ 505-‬ىػ)(‪1058‬ـ‪1111-‬ـ)اف اعبمهور يطلقوف‬
‫(‪)1‬‬
‫لفظ على عقل على ما يلي‪:‬‬
‫االول‪ :‬يرتبط ىيئة االنساف ك كقاره ك اؽبيئة ا﵀مودة يف إختيار الكالـ ك اغبركات ك االفعاؿ ‪.‬‬
‫الثاني ‪:‬كونو معاشل ؾبتمعة يف الذىن ك تكوف دبثابة ما يكتسبو االنساف من التجارب يف امكانية إصدار‬
‫االحكاـ الكلية اؼبستنبطة من مقدمات اك من قضايا سابقة‪.‬‬
‫الثالث‪:‬اف اؼبقصود بالعقل قوة تدرؾ صفات االشياء من حسنها ‪،‬ك قبحها‪،‬ك كماؽبا ‪ ،‬كنقصاهنا‪.‬‬
‫ب‪ -‬ـبتلف معاشل العقل عند الفالسفة ‪:‬‬
‫‪ -1‬المعنى االول‪:‬يرل "ابو يوسف الكندم"(‪ 185‬ىػ ‪ 256 -‬ىػ)(‪805‬ـ‪873-‬ـ) يف كتابو" رسالة‬
‫يف حدكد األشياء ك رسومها"أف العقل‪":‬جوىر بسيط مدرؾ لألشياء حبقائقها" يف حُت يرل" ابو علي بن‬
‫سينا"(‪370‬ىػ ‪427-‬ىػ)(‪980‬ـ‪1037-‬ـ) يف كتابو" االشارات ك التنبيهات" ص‪.178‬اف العقل‪":‬‬
‫جوىر ليس مركبا من قوة قابلة للفساد " اما "الشريف اعبرجاشل"(‪740‬ىػ‪816-‬ىػ)(‪1339‬ـ‪1413-‬ـ)‬
‫يف كتابو "التعريفات" العقل ىو جوىر ؾبرد عن اؼبادة يف ذاتو مقارف ؽبا يف فعلو" أما اؼبعلم الثاشل " أبو نصر‬

‫‪ -1‬الغزارل ابو حامد ‪ ،‬معيار العلم‪ ،‬شر‪ :‬اضبد مشس الدين‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪،2013 ،‬ص‪162‬‬

‫‪57‬‬
‫المذهب العقالني‪-1-‬‬ ‫الدرس السادس‬

‫الفارايب" فَتل يف كتبو "عيوف اؼبسائل" ص‪.64‬اف العقل "جوىر بسيط مقارف للمادة‪ ،‬يبقى بعد موت‬
‫البدف ‪ ،‬ك ىو جوىر أحدم‪ ،‬كىو االنساف على اغبقيقة "‪.‬كيرل "الالند" اف العقل ‪ :‬ملكة اغبكم السليم‬
‫– حسب ديكارت يف كتابو مقاؿ عن اؼبنهج –أم ملكة التمييز بُت اػبَت كالشر ‪ ،‬كالصحيح كالفاسد (اك‬
‫حىت اعبميل ك البشع)بشعور فطرم تلقائي"(‪.)1‬‬
‫‪-2‬المعنى الثاني ‪:‬ترل فئة اخرل من الفالسفة اف العقل ىو قوة النفس اليت هبا وبصل تصور اؼبعاشل ‪ ،‬ك‬
‫تأليف القضايا ك األقيسة‪.‬ك الفرؽ بينو ك بُت اغبس أف العقل يستطيع لن هبرد الصور عن اؼبادة كلواحقها‬
‫‪،‬اـ اغبس فال يتمتع هبذه القدرة‪.‬إذف العقل ىو قدرة اك ملكة كظيفتها االساسية التجريد ك إنتاج اؼبعاشل ك‬
‫اؼبفاىيم‪.‬ك ؽبذه اؼبلكة اك القدرة ؾبموعة من اؼبراتب ك اؼبستويات حسب ما جاء عن فالسفة االسالـ ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪-‬مرتبة العقل اؽبيوالشل‪:‬ىو االستعداد ا﵀ض الدراؾ اؼبعقوالت‪.‬‬
‫‪-‬مرتبة العقل باؼبلكة‪:‬ىو إستعداد النفس للعلم بالضركريات الكتساب النظريات ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪-‬مرتبة العقل بالفعل‪:‬ىو ملكة القدرة على إستحضار اؼبفاىيم كاؼبعاشل كالنظريات اؼبخزنة يف العقل‪.‬‬
‫‪-‬مرتبة العقل اؼبستفاد‪:‬ىو اف تكوف اؼبفاىيم كالنظريات حاضرة يف العقل ال تغيب‪.‬‬
‫‪-‬مرتبة العقل الفعاؿ ‪ :‬ىو عقل مفارؽ للعقل االنساشل ك ىو الذم يلهم العقوؿ البشرية عن طريق الفيض‬
‫‪ -‬مرتبة العقل اؼبنفعل ‪:‬ىو الذم تنطبع فيو الصوراليت يايت هبا العقل الفعاؿ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪-3‬المعنى الثالث‪:‬مفاده قوة االصابة يف اغبكم ك التمييز‬
‫‪ -4‬المعنى الرابع‪:‬قوة طبيعية للنفس متهئية لتحصيل اؼبعرفة العلمية كىو ما يسمى بالعقل الطبيعي ‪،‬‬
‫خبالؼ اؼبعرفة الدينية ك الركحية اليت تدرؾ بالوحي ك االعتقاد‪.‬ك للعقل الطبيعي عند "عبد الرضباف بن‬
‫خلدكف" ثالث درجات ‪ :‬سبييزم‪-‬ذبرييب –نظرم(‪.)5‬‬
‫‪-5‬المعنى الخامس‪:‬يرل " كانط" ك"ليبنيتز" اف العقل ىو ؾبموعة من من اؼببادئ القبلية اؼبنظمة للمعرفة‬
‫ك اليت تتمثل يف مبادئ العقل ك اؼبقوالت ‪.‬ىذه القدرة غَتموجودة عند اغبيواف ‪.‬كلقد كاف للفلسفة لنقدية‬

‫‪ -1‬مرجع سابق ‪ ،‬موسوعة الالند ‪ ،‬ص‪.1161‬‬


‫‪ -2‬صليبا صبيل ‪ ،‬تاريخ الفلسفة العربية ‪،‬ط‪،1‬الشركة العاؼبية للكتاب ‪،‬بَتكت لبناف ‪،1989،‬ص‪.499-498،‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.498‬‬
‫‪ -4‬ديكارت رينو‪ ،‬مقالة الطريقة‪ ،‬غبسن قيادة العقل كللبحث عن اغبقيقة يف العلوـ‪ ،‬تر‪:‬صبيل صليبا‪ ،‬ط‪ ،3‬اؼبكتبة الشرقية‪ ،‬بَتكت‪،‬‬
‫لبناف‪.2016 ،‬‬
‫‪ -5‬بن خلدكف‪ ،‬اؼبقدمة‪ ،‬ب‪/‬ط‪ ،‬مكتبة لبناف علي موال‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪ ،1992 ،‬ص‪797‬‬

‫‪58‬‬
‫المذهب العقالني‪-1-‬‬ ‫الدرس السادس‬

‫الكانطية مسانبات كبَتة يف ىذا اؼبسعى من خالؿ الثركة الكوبرنيكية يف فلسفة اؼبعرفة ‪ ،‬ك تأسيس ما‬
‫يسمى باؼبعرفة اؼبتعالية‪.‬ك لقد كانت كاسطة فلسفية معرفية بُت التجريبيُت كاؼبثاليُت ‪.‬‬
‫‪-6‬العقل ىو اؼبلكة اليت وبصل هبا للنفس علم مباشر باغبقائق اؼبطلقة‪.‬ك ىو يف تواصل مع العقل الكلي‬
‫اؼبطلق ‪ ،‬الذم يتواصل معو بالوحي كالرسل ك الكتب السماكية ‪.‬يف حُت يعلن "كانط" اف معرفة ىذا‬
‫اؼبطلق فبتنعة‪،‬قبد بعض خلفائو يعتقد بامكانية معرفة عن طريق اغبدس اك االؽباـ اك االشراؽ أك الفيض‪.‬‬
‫‪ -7‬يستعمل لفظ (عقل )ايضا يف على ؾبموع الوظائف النفسية اؼبتعلقة بتحصيل اؼبعرفة كاالدراؾ ػ‬
‫كالتداعي ‪ ،‬كالذاكرة ‪،‬كاغبكم كاالستدالؿ ‪...‬اخل ‪.‬اما ملكة الفهم السريع فتسمى بالذكاء ‪.‬ك اذا زادت يف‬
‫مستوىا ظبيت باألؼبعية ك العبقرية ‪.‬‬
‫‪-8‬إزبد العقل ايضا عدة مفاىيم لدل "كانط" كالعقل النظرم اك اػبالص اك اجملرد ك النوع الثاشل كىو‬
‫العقل العملي ‪ ،‬كيتعلق ىذا األخَت‪ ،‬بادراؾ مفاىيم ليست من إختصاص العقل اجملرد ‪ ،‬كاالخالؽ ك اغبرية‬
‫ك خلود النفس ‪ ،‬كالقضايا اؼبيتافيزيقية(‪. )1‬‬
‫‪ -9‬كما قبد بعض اؼبفاىيم ذات دالالت أخرل ‪،‬كالعقل اؼبؤلف (بفتح الالـ) ك العقل اؼبؤلف ( بكسر‬
‫الالـ )ىذه اؼبصطلحات قبدىا عند "أندرم الالند"(‪ 1876‬ـ‪1963-‬ـ) صاحب كتاب اؼبعجم الفلسفي‬
‫اؼبسمى‪" :‬اؼبعجم التقٍت ك النقدم للفلسفة" ‪ ،‬كمدلوؿ العقل االكؿ ىو العاقل الذم يقصد بو‪ :‬ملكة‬
‫االنساف اليت تتكوف من ؾبموع اآلليات العقلية االستداللية ‪ ،‬يف حُت اؼبقصود بالعقل الثاشل ىو ؾبموع‬
‫اؼببادئ ك القواعد اليت نعتمد عليها يف إستدالالتنا(‪. )2‬‬
‫‪-10‬اما مصطلح العقالنية ‪ ،‬فهو القوؿ بأكلوية العقل عن التجربة ‪ ،‬كلو عدة دالالت ك معاشل منها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬اكلوية العقل اك الذىن عن اؼبعطيات اغبسية يف اؼبعرفة‪.‬‬
‫ب‪-‬اؼبعرفة تنشأ عن اؼببادئ العقلية الضركرية اؼبوجودة يف العقل ‪،‬ألف العقل ليس صفحة بيضاء‪.‬‬
‫ج‪-‬االيباف بالعقل ك قدرتو على إدراؾ اغبقيقة عن طريق القوانُت العقلية ك اؼببادئء الفطرية كالضركرية ك‬
‫اؼبطلقة ك الكلية ‪.‬فكل ماىو عقالشل فهو كاقعي ك العكس‪.‬‬
‫د‪-‬ك العقالنية عن بعض علماء الدين ىي القوؿ باف العقائد االيبانية مطابقة الحكاـ العقل‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬معجم صليبا‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.89‬‬


‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.89‬‬

‫‪59‬‬
‫المذهب العقالني‪-1-‬‬ ‫الدرس السادس‬

‫ىػ‪ -‬ك اؼبذىب العقلي الذم مفاده ‪ :‬اف كل ماىو موجود فهو مردكد اذل العقل اكاؼببادئ العقلية كىو‬
‫مذىب "ديكارت" "سبينوزا""ليبنيتز"كىو الذىب الذم يعتقد اف اغبكم يرجع اذل العقل اك الذىن ك ليس‬
‫اذل االرادة ‪ ،‬كىو مفهوـ ال يفسح اجملاؿ للظواىر الوجدانية ك ال االرادية يف العمليات الذىنية ‪ ،‬كىو بشكل‬
‫من االشكاؿ ـبلف اك مضاد للمذىب االرادم ‪ ،‬الذم يعتقد اف تأثَت االرادة يف اغبياة النفسية اقول من‬
‫العقل(‪. )1‬‬
‫‪ -11‬كالعقالنية يف الفكر الغريب اؼبعاصر‪ ،‬ؾباؿ فبتد لكن يبكن سرب مفهومها من خالؿ القاموس الفلسفي‬
‫(‪)2‬‬
‫الفرنسي لػ "أندرم الالند" ‪،‬حيث قبد ىذا االخَت من خالؿ ؾبموعة من التعاريف‪:‬‬
‫أكال ‪:‬عرؼ العقالنية بأهنا اؼبذىب اؼبقر بأف الشيء يوجد بدكف اف يكوف لو موجب معقوؿ ‪ ،‬حبيث يصبح‬
‫قانونا ‪ ،‬لينتهي يف االخَت اذل إستخالص اؼبقارنة بُت مصادر اؼبعرفة ‪ ،‬حبيث يعترب العقالنية ‪،‬كمنحى‬
‫فلسفي يقابل التجريبية (االمربيقية) مباشرة ‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬إستعاف يبفهوـ "أيكن" ك ديكارت ك سبينوزا ‪ ،‬باعتبار اف ىذا التعريف كاف شائعا يف القرف ‪،17‬‬
‫كالذم مفاده ‪:‬اف العقالنية ىي اؼبذىب الذم يعتقد اف كل معرفة يقينية هبب اف تقوـ على مبادئ يقينية ك‬
‫قبلية غَت قابلة للنقض‪ ،‬كاغبواس ال يتسٌت ؽبا ىذا ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ربط الالند ىذا التعريف باؼبفهوـ الكانطي‪،‬الذم مفاده ‪ :‬عدـ إمكانية االختبار بدكف االعتماد على‬
‫مبادئ ضركرية ككلية‪ ،‬كمنو ‪،‬فهو منظومة أسس كلية كمبادئ ضركرية تنظم اؼبعطيات التجريبية ‪.‬‬
‫رابعا ‪:‬ربط الالند مفهوـ العقالنية من ناحية مصدرىا اللغوم ‪،‬كىو العقل ‪،‬ك االيباف بالعقل ك العقل كحده‬
‫يف الربىنة كا﵀اجة ‪ ،‬ك ىي من جهة أخرل مناقضة لكل ماىو غَت مقبوؿ عقال ‪.‬ك بإعتباره أساس االقناع ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬التعريف الالىويت ‪ ،‬الذم هبعل العقالنية كمذىب مضاد ؽبا(‪. )3‬‬
‫أما مصطلح اؼبعقولية ‪ ،‬فهو صفة اك ميزة لكل ماىو عقلي مثل القوؿ "معقولية مبادئ ‪ ،"1783‬كاليت‬
‫يتبُت من خالؽبا ‪،‬اهنا ليست مبادئ تارىبية عارضة ‪ ،‬كإمبا يكوف مصدرىا ترابط ضركرم يربرىا كيربطها مع‬
‫حاالت ك أكضاع اجملتمعات اغبديثة(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬معجم صليبا‪ ،‬ج‪.2‬ص‪.91‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-lalande-andré ,vocabulaire technique et critique de la philosophie,P.U.F, Paris, Del-‬‬
‫‪ta ; Beyrouth, 1996, p889):‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-lalande(andré) ,vocabulaire technique et critique de la philosophie,op cit,p889 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Ibid,p890‬‬

‫‪60‬‬
‫المذهب العقالني‪-1-‬‬ ‫الدرس السادس‬

‫‪ -12‬اما مفهوـ العقالنية عند الفيلسوؼ الفرنسي "غاستوف باشالرد"‪ ،‬فلقد ربطو مباشرة باؼبفهوـ‬
‫االيبيستيمي العلمي‪ ،‬حيث أبرز من خاللو‪ :‬فبيزات عقالنية باشالرد االيبيستيمية‪.‬حيث ربط العقالنية‬
‫بالتطبيق ك اغبرص على إعادة النظر اؼبتواصلة‪ ،‬حىت يتسٌت ؽبا مسايرة التطور العلمي اؼبتجدد باستمرار‪ ،‬فهي‬
‫رباكر كاقع العلم ك تسايره ‪.‬لذلك يقوؿ ‪ ":‬الفكر العقالشل على أىبة بإستمرار‪،‬ال للبداية من جديد فحسب‬
‫‪،‬ك ال إلعادة البناء فحسب ‪ ،‬بل على أىبة إلعادة التنظيم" (‪.)1‬‬
‫كما يبُت "باشالرد" أيضا من ضمن مفاىيمو للعقالنية ‪ ،‬ضركرة إستثمار ماىو ذبرييب ك خرباشل يف‬
‫إعادة بناء ك تنظيم ك صياغة ماىو عقالشل ‪.‬حيث يرل "باشالرد"‪،‬اف اؼبنظور النظرم وبل اغبدث‬
‫االختباريفي اؼبوضع الذم هبب اف يكوف فيو ‪.‬كإذا ما إستوعب اغبدث من قبل النظرية‪ ،‬فاف ذلك يبطل‬
‫الًتدد بشأف اؼبوضع الذم هبب اف يتخذه يف فكر ما ‪ ،‬كال يعود االمر متعلقا حبدث شاذ اك حبدث خاـ‪،‬‬
‫فقد بات حدثا ثقافيا‪ ،‬لو كضع عقالشل‪ ،‬كىو من اآلف فصاعدا موضوع حوار بُت العقالشل ك التجرييب‬
‫اػبرباشل"(‪.)2‬‬
‫كما يتحدث "باشالرد" يف سياؽ حديثو عن العقالنية ك انواعها‪ ،‬عن العقالنية اؼبعلمة (الشدة‬
‫كالكسرة فوؽ الالـ) ك العقالنية اؼبعلمة (الشدة ك الفتحة فوؽ الالـ) (‪.)3‬كما يشَت اذل العقالنية االقليمية‪،‬‬
‫ك الكرىبائية‪ ،‬ك حىت العقالنية األكالية ك اإلكالية(‪.)4‬‬
‫يبكن تلخيص خصائص العقالنية الباشالرية اؼبعاصرة فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬اهنا عقالنية تطبيقة تسعى اذل التجسد يف ارض الواقع ‪.‬‬
‫‪-‬إهنا نتاج التطور العلمي اغبديث‪ ،‬كبالتارل فهي فلسفة علمية‪.‬‬
‫‪-‬إهنا متفتحة على التيارات األخرل سواءا كانت فلسفية اك علمية ‪.‬‬
‫‪-‬إهنا يف حوار دائم كجدؿ مع األنساؽ الفلسفية من جهة ‪،‬ك مع العلم من جهة أخرل‪.‬‬
‫‪-‬إهنا عقالنية خاصة ‪،‬ك ليست عامة كمطلقة‪ ،‬دبعٌت لكل زبصص علمي عقالنيتو اػباصة(‪.)5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Bachelard-G,L’engagement Rationaliste,P.U.F ;Paris-France,1972,P121 .‬‬
‫‪ -2‬باشالرد غاستوف‪ ،‬العقالنية التطبيقية‪ ،‬تر‪ ،‬بساـ ىشاـ‪ ،‬ط‪ ،1‬اؼبؤسسات اعبامعية للدراسات كالنشر ك التوزيع‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪،‬‬
‫‪ ،1984‬ص‪.29‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.45 ،‬‬
‫‪ -4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.295-245-215‬‬
‫‪ -5‬كقيدم‪ ،‬ؿبمد‪ ،‬فلسفة غاستوف باشالرد‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة اؼبعارؼ للنشر كالتوزيع‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪ ،‬ص‪.91،92‬‬

‫‪61‬‬
‫المذهب العقالني‪-1-‬‬ ‫الدرس السادس‬

‫العقالنية يف القرف ‪ ،20‬تركزت حوؿ االستثمار يف الًتاث العقالشل اؼباضي‪،‬كاالستثمار يف تراث‬


‫ىيجل ك ديكارت ك سبينوزا ك ليبنيتز‪ ،‬لكن الغالب يف ىذا القرف اف العقالنية أفل قبمها يف مقابل صعود‬
‫التوجهات التجريبية ك سقوطها‪ ،‬ك للعقالنية عالقة بالفلسفة التحليلية‪ ،‬كعالقتهما باللغة‪ ،‬كإحياء الفطرية‪،‬‬
‫كنظرية "تشومسكي"يف إكتساب اللغة‪ ،‬كعقالنية تشومسكي‪ ،‬كتشومسكي كاللسانيات الديكارتية(‪.)1‬‬
‫– ثالثا‪ :‬نبذة تاريخة كرونولوجية حول المذهب‪:‬‬
‫اؼبذىب العقالشل اك باألحرل العقالنية تضرب جبذركىا يف عمق التاريخ االنساشل‪ ،‬بل حىت قبل‬
‫الفلسفة اليونانية‪ ،‬من خالؿ بعض اؼبواد اؼبعرفية كاالشعار اؼبلحمية ك الرسومات ك النحوت كالنقوش كاآلثار‬
‫ك الربديات اليت تركتها اغبضارات ك الثقافات الشرقية القديبة‪ ،‬ك اليت كانت تعرب عن بعض االراء ك اؼبفاىيم‬
‫ك نظرات فلسفية للحياة كالوجود ك القيم كالعدالة ك اغبق كاػبَت ك الشر كاؼبوت كاغبياة كالبعث‪..‬اخل ككيف‬
‫نفهم بعض اؼبسائل ك القضايا اليت كانت تشغل البشر ك كيف نتعامل معها؟ ك ىل معرفة حقيقة الكوف‬
‫كالوجود ك اغبياة من االمور اؼبمكنة من طرؼ القدرات الذاتية للبشر ؟بغض النظر عن الرؤل اليت إختلطت‬
‫باالسطورة ك اػبرافة ك الكهنوتية ك اليت كانت سبثل خاصية أساسية يف الثقافة اؼبيثولوجية القديبة‪.‬‬
‫ك اعبديرباالشارة اف فالسفة اليوناف كانت ؽبم مسانبات ذات قيمة‪ ،‬يف بناء صرح النزعة العقالنية‬
‫بداية من "سقراط"‪" ،‬أفالطوف"‪ ،‬ك" آرسطو"‪ ،‬ك اليت كانت سبثل بداية لتوجهات فلسفية عقالنية ذات شأف‬
‫كبَت مع بدايات النهضة االكركبية ك خاصة مع الفيلسوؼ الفرنسي "رينيو ديكارت"(‪)1650-1596‬‬
‫اؼبعركؼ بالكوجيتو ك منهج الشك اؼبهنجي‪" "،‬غوتفريد ليبنيتز"(‪ )2*( )1716-1646‬اؼبعركؼ بفكرة‬
‫التفاكت يف االدراؾ‪ ،‬كالنزعة التفاؤلية ( عكس شوبنهاكر) كغَتنبا‪ .‬كمايبكن إضافة اذل الفليسوفُت السابقُت‬
‫اؽبولندم "الباركخ سبينوزا"(‪ )1677-1632‬صاحب فكرة اؼبونادات الركحية أك العاقلة‪.‬‬
‫بػ ػػيدأف الفضل اغبقيقي ك التارىبي ك الفلسفي ك الفكرم يف بناء صرح النزعة الفكرية العقالنية‪ ،‬فَتج‬
‫بدكف جدارة اذل فالسفة العرب كاؼبسلمُت كخاصة‪ ":‬ابو الوليد بن رشد"(‪ 1126‬ـ‪ )1198-‬صاحب‬
‫النزعة الرشدية العقالنية اليت تأثر هبا كثَتا الفيلسوؼ االيطارل"توما االكويٍت"ك اليت قاـ بنقلها اذل الفكر‬
‫االكركيب قبل ظهور كل الفالسفة العقالنيوف اؼبذكورين أعاله‪.‬حيث إستفاد فالسفة اكركبا كثَتا يف من‬
‫خدماتو الفكرية كالفلسفية كالتقنيات العقالنية‪،‬اؼبنطقية كاؼبنهجية‪،‬بل ىناؾ إتفاؽ عند الكثَتمن اؼبستشرقُت‬

‫‪ -1‬كوتنغهاـ‪،‬جوف‪ ،‬العقالنية‪ -‬فلسفة ؾبددة‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز االمباء اغبضارم‪ ،‬حلب –سوريا‪ ،1997،‬ص‪.175-105‬‬
‫*‪ -‬غوتفريد ليبنيتز‪ ،)1716-1646( :‬ىو فيلسوؼ كعادل طبيعة كعادل رياضيات كدبلوماسي كمكتيب كؿباـ أؼباشل اعبنسية‪ ،‬ىو من‬
‫ارتبط اظبو بالدالة الرياضية‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫المذهب العقالني‪-1-‬‬ ‫الدرس السادس‬

‫الغربيُت بأف "إبن رشد" ىو أبو العقالنية االكركبية‪.‬ك ىذا ما من خالؿ مؤلفاتو اؼبشهورة ‪" :‬هتافت هتافت"‬
‫ك "فصل اؼبقاؿ فيما بُت اغبكمة ك الشريعة من إتصاؿ"‪.‬ك لقد ؿبتول كتاب "هتافت التهافت"‪ ،‬يتمثل يف‬
‫ؾبادلة الغزارل ك تسخيف اقوالو يف اؼبسائل العشرين اليت رد فيها على الفالسفة(‪.)1‬‬
‫عالكة على ـبتلف اػبدمات الفكرية اليت قدمتها فرقة اؼبعتزلة بزعامة كاصل بن عطاء‪ ،‬الذين إشتهركا بالتأكيل‬
‫العقالشل للنصوص النقلية‪.‬ك من أىم كتب اؼبعتزلة ‪":‬اؼبغٍت يف ابواب التوحيد ك العدؿ" للقاضي عبد اعببار‪،‬‬
‫فضال عن مؤلفات اخرل ككتاب" الكشاؼ" للزـبشرم‪ ،‬ك غَتىا‪ .‬ك لقد أسس اؼبعتزلة طبس مبادئ‬
‫اساسية اظبوىا باالكصوؿ اػبمسة االساسية ك ىي‪ :‬التوحيد (نفي الصفات عن الذات االالىية)‪-‬‬
‫العدؿ(االنساف مسؤكؿ عن افعالو‪ ،‬كاغبسن ك القبيح معطياف عقلياف)‪ -‬ك اؼبنزلة بُت اؼبنزلتُت(مرتكب‬
‫الكبَتة ليس مؤمنا كال كافرا بل ىويف كضعية بُت الكفر ك اإليباف كىي العصياف)‪ -‬الوعد الوعيد (اعبنة‬
‫كالنار)‪ -‬كاالمر باؼبعركؼ كالنهي عن اؼبنكر( كجوب اػبركج عن اغباكم الفاسق‪ ،‬االصالح االجتماعي‬
‫كالسياسي)‪.‬‬
‫أما العقالنية يف عصر النهضة ‪ ،‬فقد إرتبطت بفالسفة التنوير ك االكلَتكس ‪ ،‬كالفالسفة العقالنيوف‬
‫اؼبذكورين سلفا ك خاصة ‪ ":‬رينيو ديكارت" ك" غوتفريد ليبنيتز" ك " الباركؾ سبينوزا"‪.‬فاالرغم من إختالفهم‬
‫يف بعض اػبصائص ك السمات ك اؼبميزات ‪ ،‬بيدأف كل الفالسفة العقالنيوف يتفقوف على قاعدة عامة‬
‫مؤداىا أف السبيل الوحيد ك االكحد للوصوؿ غلى اغبق ك اغبقيقة ك اؼبعرفة الصحيحة ىو العقل دببادئو‬
‫الفطرية ك مقوالتو القبلية ك آلياتو االستداللية ك اغبدسية ‪.‬كال يبكن بام حاؿ من االحواؿ االعتماد على‬
‫اؼبيتافيزيقا بكل سبثالهتا اؼبختلفة كمصدر للمعرفة ‪.‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫اؼبذىب العقالشل أك النزعة العقالنية مذىب أك نزعة تعترب العقل مرجعية أساسية يف ربصيل اؼبعرفة‬
‫ك بنائها ‪.‬ك اؼبراد بالعقل ىنا ‪ :‬ىو ؾبموعة من اؼببادئ ك اؼبقوالت ك اؼبعارؼ ك اؼبفاىيم أكاإلستعدادات‬
‫الفطرية ‪.‬فالعقالنية تعترب العقل قوة ك ملكة قبلية فطرية‪.‬ك ؼبفهوـ العقل ك العقالنية عدة مفاىيم ك دالالت‬
‫حسب سياقاهتا‪،‬ك يعتربالفرنسي "رينيو ديكارت "كاالؼباشل "ليبنيتز" من اىم الشخصيات اؼبؤسسة كالفاعلة‬
‫يف بلورة ك تطوير النزعة العقالنية ك اؼبذىب العقالشل ‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق ‪ ،‬صبيل صليبا ‪،‬ص‪.472،‬‬

‫‪63‬‬
‫الدرس السابع‪:‬‬
‫المذهب العقالني‪-2-‬‬
‫المذهب العقالني ‪-2-‬‬ ‫الدرس السابع‬

‫الدرس السابع‪ :‬المذهب العقالني‪-2-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬اوال‪ :‬المذهب العقالني‪ ،‬التأسيس وأبرز الرواد والشخصيات ‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬المبادئ و األفكار ‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬مذاهب و تيارات الفلسفة العقالنية‬
‫‪ -‬رابعا‪ :‬نموذج شخصية فلسفية ‪.‬‬
‫‪ -‬خامسا‪ :‬قراءة نقدية و تقييمية‪.‬‬
‫*تمهيد ‪:‬‬
‫اؽبدؼ من ىذا الدرس ىو التعرؼ على ـبتلف الشخصيات اليت سانبت يف تأسيس اؼبذىب العقالشل‬
‫‪ ،‬كالفالسفة الذم سانبوا يف إثرائو ‪.‬اذل جانب التعرؼ على اؼببادئ ك االفكار ىذا اؼبذىب ‪،‬فضال عن‬
‫التطرؽ اذل أىم اؼبذاىب ك تيارات الفلسفة العقالنية‪ ،‬عالكة على إختيار شخصية فلسفية مبوذجية سبثل‬
‫اؼبذىب الفلسفي العقالشل‪ ،‬كأخَتا أىم االنتقادات اليت كجهت ؽبذا اؼبذىب ‪.‬‬
‫–أوال‪ :‬التأسيس وأبرز الرواد والشخصيات‪ :‬من ابرز الشخصيات اليت اسست اؼبذىب العقالشل ك النزعة‬
‫العقالنية قبد ما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬إبن رشد (ابو الوليد)‪520( :‬ىػ‪595-‬ىػ) (‪1126‬ـ‪1198-‬ـ) ىو فيلسوؼ(‪ ،)1‬فقيو‪ ،‬طبيب‪ ،‬ك‬
‫قاضي‪ ،‬فيزيائي عريب اندلسي مسلم ‪.‬ك كاف على مذىب االماـ مالك‪ ،‬ككاف وبفظ "اؼبوطأ"‪ ،‬ك درس‬
‫الشريعة كفق اؼبسلك االشعرم‪ ،‬كما وبفظ دكاكين الشاعر "اؼبتنيب"‪.‬دافع "ابن رشد" عن الفلسفة‪ ،‬كرد على‬
‫مواقف "ابو حامد الغزارل" صاحب كتاب" هتافت الفالسفة"‪.‬ك صحح بعض اؼبفاىيم الفلسفية ؿ " ابن‬
‫سينا"ك"الفارايب" ‪.‬يعترب ابن رشد من اكرب اؼبنافحُت كاؼبدافعُت عن الفلسفة ك االشتغاؿ هبا‪ ،‬حبيث بُت اف‬
‫الفلسفة ماىي اال االعتبار ‪،‬ك النظر ك التأمل ك إجالء الفكر يف اؼبوجودات ك اؼبخلوقات االالىية‪ ،‬فكل ما‬
‫كانت معرفتنا باؼبصنوعات ك اؼبخلوقات أعمق‪ ،‬زادتنا معرفة ك عمق با﵁ سبحانو ك تعاذل‪ ،‬كبارئ ؽبذه‬
‫اؼبخلوقات ‪.‬كما يبُت ال كجود تعارض اك تناقض بُت الفلسفة ك الشريعة‪ ،‬اك بُت العقل الصريح كالنقل‬
‫الصحيح ‪ ،‬بل ىناؾ توافق بينهما ‪.‬كما يعترب "ابن رشد" من اكرب شراح ؼبؤلفات ك فلسفة "آرسطو"‪.‬سبَت‬
‫بفلسفتو العقالنية اليت ظبيت بالرشدية‪.‬تعترب الفلسفة الرشدية فلسفة عقالنية بامتياز‪ ،‬يف حدكد العقالنية‬

‫‪ -1‬د‪/‬قبار رمزم‪ ،‬الفلسفة العربية عرب التاريخ‪ ،‬ط‪ ،4‬منشورات دار االفاؽ اعبديدة‪ ،‬بَتكت‪ -‬لبناف ‪ ،1060،‬ص‪.481-466:‬‬

‫‪65‬‬
‫المذهب العقالني ‪-2-‬‬ ‫الدرس السابع‬

‫اؼبتدينة‪.‬ك يبكن تلخيص الفلسفة الرشدية من خالؿ اؼبواضيع اليت تناكلتها‪ :‬كإشكالية العالقة بُت العقل ك‬
‫النقل ك تربير النظر ك التاكيل العقلي بالشرع‪ ،‬ك جواز االجتهاد العقلي شرعا‪ ،‬كما تناكلت الفلسفة العقالنية‬
‫الرشدية مهمة الفلسفة‪ -‬االالىيات –قدـ العادل – السياسة –االخالؽ‪ -‬النفس‪...--‬اخل‪.‬من اشهر‬
‫مؤلفاتو يف الفلسفة ‪ ":‬فصل اؼبقاؿ"‪"،‬هتافت التهافت" " شرح كتاب ما بعد الطبيعة "لو كتاب يف الطب‬
‫موسوـ ب "الكليات يف الطب" ‪ ،‬كما لديو كتاب يف الفقو يسمى" بداة اجملتهد ك هناية اؼبقتصد"‪.‬ك لو‬
‫العديد من اؼبؤلفات يف ـبتلف ىذه اؼبيادين تفوؽ العشرات منها(‪.)1‬‬
‫‪"-2‬رينيو ديكارت"(‪1596‬ـ‪:)1650-‬فيلسوؼ فرنسي‪ ،‬إىتم بعلم الرياضيات ك ـبتلف قضايا العلوـ‬
‫اؼبختلفة ‪ ،‬ك إشتغل كثَتا بقضايا الفلسفة العقالنية ‪.‬يبكن تلخيص فلسفة ديكارت العقالنية من خالؿ‬
‫قواعد اؼبنهج االربعة ‪ ،‬اليت تكلم عنها يف كتابو" مقاؿ عن اؼبنهج" ك اؽبدؼ من ىذاىو اهباد منهج علمي‬
‫منطقي يبككنا من معرفة اغبقيقة ‪.‬كما إشتهر ىذا الفيلسوؼ بالشك اؼبنهجي الذم ظبي باظبو الشك‬
‫الديكاريت ‪.‬ك إعترب من القنوات االساسية للمعرفة الصحيحة ىو ‪ :‬اغبدس كاالستدالؿ بانواعو كفق مبادئ‬
‫(‪)2‬‬
‫العقل االساسية‬
‫‪" -3‬الباركخ سبينوزا"( ‪1632‬ـ‪:)1677-‬فيلسوؼ ىولندم ذك نزعة عقالنية‪.‬يعترب من ابرز الفالسفة‬
‫العقالنيُت يف القرف ‪.17‬لقد تاثر "سبينوزا" بشكل كبَت بالفليلسوؼ الفرنسي "ديكارت" ك خاصة بنزعتو‬
‫العقالنية ‪ ،‬ك ـبتلف آرائو يف قضايا كقواعد اؼبنهج(*‪)3‬ك الشك اؼبنهجي‪ ،‬كالكوجيتو‪ ،‬ك قضية ثنائية النفس‬
‫ك اعبسد ‪ ،‬ىذه الفكرة االخَتة اليت انتقدىا سبينوزا ‪ ،‬الذم اعترب النفس ك اعبسد كياف كاحد متصل ‪.‬يعترب‬
‫ىذا الفيلسوؼ من اكثر اؼبفركُت اضطهادا من قبل قوميتو اليهودية‪ ،‬اليت اهتمتو بالكفر ك االغباد كالزندقة ك‬
‫اػبركج عن اؼبلة ‪ ،‬اذل درجة تعرضو اذل ؿباكالت إغتياؿ من طرؼ متدين يهودم متطرؼ‪ ،‬خاصة عندما‬
‫صرح باف اليهودية ك اؼبسيحية تستنداف اذل اذل عقائد جامدة ك طقوس فارغة من اؼبضموف كال معٌت‬
‫ؽبا‪.‬موجها انتقادات اذل التوراة ك االقبيل ‪ ،‬كإستحالة اف تكونا من كحي االىي ك اهنا صالحيتهما تارىبية‬
‫مرتبطة بالفًتة اليت كتبت فيها ‪ ،‬ك اف تعاليمها ذباكزىا الزماف ك اؼبكاف‪.‬كما بُت ـبتلف التناقضات اليت‬
‫كردت يف نصوص الكتب اؼبقدسة ( التوراة كاالقبيل)‪.‬ك اكضح "سبينوزا" اف اؼبسيح يسوع باعتباره ناطقا‬
‫رظبيا باسم ا﵁‪ ،‬قد انتقد اليهودية ك دعا اذل التخلي عنها باعتبارىا ديانة ال تتوافق ك تعاليم الرب اليت‬

‫‪ -1‬اؼبصدر موسوعة الفلسفة –بدكم ج‪.1‬ص‪.39-19‬‬


‫‪ -2‬موسوعة بدكم ج‪ 1‬بدكم ‪.‬ص‪.499-488‬‬
‫* ‪ -‬قواعد اؼبنهج عند ديكارت‪ :‬قاعدة البداىة‪ ،‬قاعدة التحليل‪ ،‬قاعدة الًتكيب‪ ،‬قاعدة اإلحصاء‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫المذهب العقالني ‪-2-‬‬ ‫الدرس السابع‬

‫جاءت يف االقبيل‪.‬ك فضحها كثَتا يف مواعضو‪.‬ك بشر بدين جديد يقوـ على التسامح كا﵀بة ‪.‬لكن اضاؼ‬
‫ىذا الفيلسوؼ اف حىت اؼبسيحية قد ذباكزىا ك اصبحت دينا باليا فارغامن ا﵀تول كاؼبعٌت‪ ،‬كخاصة بعدما‬
‫ربولت اذل التشدد الديٍت كاعبمود العقيدم ‪ .‬كقاؿ‪" :‬ىؤالء الذين يريدكف البحث يف أسباب اؼبعجزات‪،‬‬
‫كفهم ظواىر الطبيعة كالفالسفة ‪ ،‬كالذين ال يكتفوف بالتحديق فيها يف دىشة كما يفعل األغبياء‪ ،‬سرعاف‬
‫ما نعتربىم ملحدين كفرة‪ ".‬كىذا بالضبط ما حدث لو باعتباره متهما بالكفر‪ .‬بنفس الوقت كرغم ما تعرض‬
‫لو "سبينوزا" من إهتاـ ك تكفَت ‪.‬اال اف التاريخ ال يعرؼ فيلسوفا قاتل مثل "سبينوزا" من اجل حرية الرأم‬
‫كالتسامح العقيدم‪.‬من بُت اىم مؤلفاتو ‪":‬رسالة فلسفية"‪" ،‬رسالة يف الالىوت كالسياسة"‪"،‬كتاب‬
‫االخالؽ"‪...‬اخل ‪.‬‬
‫‪" -4‬غوتفريد ليبنيتز"(‪1716-1646‬ـ)‪ :‬عادل ك فيلسوؼ اؼباشل كبَت‪.‬من مواليد مدينة "اليبتزيغ" االؼبانية‬
‫‪.‬تقوـ فلسفة "ليبنيتز"على فكرة اساسية ك ىي التناغم اك التناسق الكلي يف الكوف ك الوجود‪.‬ك ؽبذا عرؼ‬
‫يف خصائص تفكَته بفكريت التناسق ك التفاضل ‪.‬حىت يف علم الرياضيات يعترب مكتشف حسابات التفاضل‬
‫‪.‬كيف كتابو "فن الًتكيب" طور "ليبنيتز" فكرة ربليل اؼبعاشل اك اغبدكد‪.‬اما يف نظرية اؼبعرفة يرل اف اؼبعرفة‬
‫الصحيحة هبب اف تتميز بصفتُت اساسيتُت كنبا ‪ :‬الضركرة ك الكلية ‪.‬ك ؽبذا اذل ضركرة كجود النسقية‬
‫كالتنظيم يف ام معرفة صحيحة اك مذىب فكرم حيث تكلم كثَتا عن فكرة االنسجاـ االزرل‪.‬ك لقد كاف‬
‫ؽبذا الفليلسوؼ كالعادل الرياضي االؼباشل عدة اراء يف ـبتلف القضايا الفلسفية ‪ :‬كاؼبعرفة ك االخالؽ ك‬
‫السياسة ك اؼبيتافيزيقا‪ ،‬كلقد كاف صاحب اراء سياسية ك قومية ‪.‬ك نظرا اذل اف "ليبنيتز" عاش يف فًتة حركب‬
‫يف اكركبا ‪ ،‬ك رام التبعات الوخيمة اليت تنجم عنها ‪.‬دعا كثَتا اذل كقف اغبركب ك خاصة يف اكركبا‬
‫اؼبسيحية ‪.‬ككصف اغبركب باهنا ضرب من الكفر ك اعبنوف‪ .‬ك كثَتا ما ربدث عن قضايا كاغبرية ك اػبَت ك‬
‫الشر ‪ ،‬كىل ىذا االخَت يتناقض ك فكرة االنسجاـ اليت طاؼبا تغٌت بو "ليبنيتز"؟ؽبذا قدـ تفسَتات مربرة ؽبذا‬
‫كفق نظرات عقالنية من جهة كإعتقادية مسيحية ركحيا‪..‬ككانت ؽبذا الفيلسوؼ عدة مؤلفات منها‬
‫‪":‬أحباث جديدة يف الفهم االنساشل" "اؼبونادكلوجيا"‪..‬اخل(‪. )1‬‬
‫كبَتا من حياتو كعملو‬‫كرس جزءنا ن‬ ‫‪-5‬باشالرد غاستوف‪ ،)1962-1884( ،‬عادل كفيلسوؼ فرنسي ‪،‬فقد ٌ‬
‫أفكارا متميزة يف ؾباؿ االبستمولوجيا‪ ،‬حيث سبثل مفاىيمو يف العقبة اؼبعرفية كالقطيعة‬ ‫لفلسفة العلوـ‪ ،‬كق ٌدـ ن‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة بدكم‪.‬ج‪ ، 2‬ص‪.397-387.‬‬

‫‪67‬‬
‫المذهب العقالني ‪-2-‬‬ ‫الدرس السابع‬

‫اؼبعرفية كاعبدلية اؼبعرفية كالتاريخ الًتاجعي؛ مسانبات ال يبكن ذباكزىا بل تركت آثارىا كاضحة يف فلسفة‬
‫معاصريو كمن جاء بعده‪.‬‬
‫أىم مؤلفاتو يف ؾباؿ فلسفة العلوـ ‪":‬العقل العلمي اعبديد "سنة ‪1934‬ـ‪ ،‬ك "تكوين العقل العلمي"‬
‫‪1938‬ـ‪ ،‬ك "العقالنية ك التطبيقية" سنة ‪1948‬ـ‪ ،‬ك "اؼبادية العقالنية" سنة ‪1953‬ـ‪.‬على غرار كتاب‬
‫"فلسفة الال "اك فلسفة الرفض"‪.‬‬
‫– ثانيا‪:‬المبادئ و األفكار‪:‬‬
‫للنزعة العقالنية عدة مبادئ ك افكار كأسس قامت عليها ‪.‬ك الغاية ىو ترببر مدل مصداقية ىذه‬
‫النزعة الفلسفية اليت تقف مواقفا مناىضا للنزعة التجريبية اغبسية من جهة ك للمثالية من جهة اخرل‪ .‬كمن‬
‫اىم مبادئ الفلسفة اك النزعة العقالنية ما يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬العقل البشرم ليس صفحة بيضاء‪-‬كما يعتقد التجريبيوف(*‪ -)1‬بل ىو ؾبموعة من اؼببادئ الفطرية ك‬
‫اؼبفاىيم ك اؼبقوالت القبلية بدكهنا تتعذر اؼبعرفة ‪.‬‬
‫‪-2‬آلػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػيات اؼبعرفة الصحيحة ىي اغبدس كاالستدالؿ( االستنباط‪ -‬االستقراء) كالبداىة كالوضوح ك‬
‫مبادئ العقل ‪ :‬كمبدأ اؽبوية ك الوسط اؼبمتنع ك عدـ التناقض‪.‬‬
‫‪-3‬الشك اؼبنهجي ك التفكَت نبا عنواف الوجود االنساشل ك اكرب دليل كجودم‪ ،‬ؽبذا يقوؿ "ديكارت"‪ ":‬أنا‬
‫أشك ‪ ،‬فأنا أفكر ‪ ،‬إذف أنا موجود"‪.‬مايسمى بالكوجيتو اك الدليل االنطولوجي‪.‬‬
‫‪ -4‬اؼبرجع الوحيد ك االكحد يف تفسَت ـبتلف قضايا اؼبعرفة كالوجود ك القيم ك الكوف ىو العقل ‪.‬‬
‫‪ -5‬الوصوؿ اذل اؼبعرفة ال يكوف اال بالطرائق العقلية ك ليس بالتجريب اك االدراكات اغبسية ‪.‬‬
‫‪-6‬عدـ االيباف اؼبطلق باػبوارؽ ك اؼبعجزات كالوحي ك النبوات دبختلف انواعها ‪.‬‬
‫‪ -7‬االستبعاد الكلي للقضايا اؼبيتافيزيقة الهنا ال تستند اذل مرجعيات عقلية ‪.‬‬
‫‪-8‬معيار ك ؿبك اإلعتقادات الدينية ك النقلية ىو العقل ك مناىجو‪.‬‬
‫‪ -9‬قواعد اؼبنهج الصحيح للوصوؿ اذل معرفة اغبقيقة ك اؼبعرفة الصحيحة ىي ‪ :‬مبدأ البداىة –مبدأ‬
‫التحليل –مبدأ الًتكيب‪ -‬مبدأ االحصاء‪.‬‬
‫‪-10‬تعطي للعلوـ العقلية كاؼبنطق ك الرياضيات دكر مهم يف بناء اؼبعرفة ‪.‬‬

‫*‪ -‬التجريبيوف‪ :‬ىم فالسفة ذكم نزعة حسية ذبريبية ‪ ،‬يعتقدكف أف أساس اؼبعرفة ىو االدراكات اغبسية للواقع ‪ ،‬كالعقل يولد صفحة بيضاء‬
‫‪.‬ك اغبواس ىي نوافذه ك قنواتو الوحيدة اذل اؼبعرفة ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫المذهب العقالني ‪-2-‬‬ ‫الدرس السابع‬

‫ثالثا‪ :‬مذاهب النزعة العقالنية‪:‬‬


‫أ‪ -‬العقالنية الكالسيكية اليونانية‪ :‬لقد كانت العقالنية السقراطية تقوـ على اساس فكرة جوىرية ‪،‬كىي‬
‫ضركة معرؼ النفس لنفسها لو الذات لذاهتا ‪ ،‬فمعرفة النفس ىي بداية الفهم اؼبعريف للوجود ‪.‬فالنفس ىي‬
‫عبارة عن عقل ك جسم ‪.‬اف العقالنية اغبقيقية عند سقراط ليست ىي فقط فبارسة فعل التعقل ك التفكَت ‪،‬‬
‫ك امبا تكمن يف تغيَت الوعي البشرم من خالؿ ـبتلف اؼبعارؼ ك اؼبفاىيم اليت يكتسبها ‪ .‬سقراط سبيز‬
‫دببادئ يف التفكَت ك إعماؿ العقل ك إستعمالو لفهم اعمق ك اكضح للوجود االنساشل ك الطبيعي ‪.‬غَت اف‬
‫عقالنية سقراط ذىبت اذل أبعد اغبدكد من خالؿ تبٍت تصوراكرل حوؿ كجود عادل اؼبعقوالت باعتباره عادل‬
‫اغبقائق الكليةك اليت ال تدرؾ اال بالعقل كواسطة كحيدة(‪.)1‬‬
‫ب‪-‬العقالنية التقليدية االسالمية‪ )2( :‬ك عندما ننظر اذل عقالنية "إبن رشد" قبدىا تقوـ على ؾبموعة من‬
‫اؼببادئ كالقواعد‪:‬‬
‫إشتهر "ابن رشد" بقولو دبذىب كحدة اغبقيقة رغم كوف ؽبا مظهراف ـبتلفاف أحدنبا ديٍت ك اآلخر فلسفي‬
‫‪.‬ك يبكن النظر اذل ىذا من خالؿ اراء "ابن رشد" من االرباد بُت الفلسفة كالشريعة ك الرد على الغزارل يف‬
‫تكفَت الفالسفة ‪ ،‬كركحانية النفس ‪ ،‬كقد العادل ك غَتىا ‪.‬ك من اؼببادئ االساسية لعقالنية ىذا الفيلسوؼ‬
‫ننظر اليها من اعبهات التالية‪:‬‬
‫‪-1‬التوفيق بُت الفلسفة ك الشريعة اك العقل ك النقل ‪.‬‬
‫‪-2‬الشرع ال وبظر النظر العقلي بل يدعو اليو ‪.‬‬
‫‪-3‬النهي عن اغبكمة ـبالف للشريعة‪.‬‬
‫‪-4‬مطابقة الشريعة للحكمة بالتأكيل‪.‬‬
‫‪-5‬التأكيل الىل العم فحسب‪.‬‬
‫‪-6‬دفاع ابن رشد على الفالسفة بالتاكيل‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪-7‬علم ا﵁‪ :‬إف ا﵁ يعلم الكليات ك اعبزئيات خالفا لقوؿ"آرسطو"‬

‫‪ -1‬اػبشت ‪ ،‬ؿبمد عثماف‪،‬العقالنيةكالتعصب‪،‬ط‪،1‬هنضة مصر للطباعة كالنشر‪،‬القاىرة‪-‬مصر ‪،‬بدكف سنة ص‪.26-25‬‬


‫‪ -2‬نفس اؼبرجع ‪،‬ص‪.28،29،30‬‬
‫‪ -3‬النجار رمزم‪ ،‬الفلسفة العربية عرب التاريخ ‪،‬ط‪ ،2‬دار اآلفاؽ اعبديدة‪،‬بَتكت –لبناف ‪،1979،‬ص ‪298-283‬‬

‫‪69‬‬
‫المذهب العقالني ‪-2-‬‬ ‫الدرس السابع‬

‫ب‪-‬العقالنية الحديثة ‪:‬‬


‫يبكن ربديد الفلسفة العقالنية اغبديثة يف فالسفة التنوير ك النهضة االكركبية من خالؿ ‪ :‬ديكارت –‬
‫سبينوزا –ليبنيتز ك اليت سبيزت بإدخاؿ الرياضيات ك اؼبناىج الرياضية يف اؼبعرفة العقالنية ‪:‬‬
‫‪-‬الديكارتية ‪ :‬عرفت بالشك اؼبنهجي ك قواعد اؼبنهج ك اساليب اغبدس ك االستدالؿ‬
‫‪-‬السبينوزية‪:‬الفلسفة العقالنية اؼبنطقية الرياضية الت تقتضي االستعانة دبنهج ىندسي يف ـبتلف القضايا‬
‫الفلسفية كاؼبعرفةك االلوىية كاالخالؽ‪ ،‬كإمكانية الوصوؿ اذل اغبقيقة كما كصل اقليدس اذل تاسيس اؼبفاىيم‬
‫الرياضية االكلية ‪.‬‬
‫‪-‬الليبنيتيزية ‪:‬نظرة ليبنيتز العقالنية تستند اذل مبدأين كنبا ‪:‬مبدأ عدـ كجود التناقض –ك مبدأ العلة الكافية‪،‬‬
‫كيرل اف ىناؾ حقائق الزمة كىي حقائق العقل كحقائق اعبائزة كىي حقائق الواقع ‪.‬‬
‫ك لقد ربدث صاحب كتاب "العقالنية –فلسفة متجددة"عن العصر الذىيب للعقالنية مع الشخصيات‬
‫الفكرية كالفلسفية ذات االكزاف الثقيلة ‪،‬فنجد "رينيو ديكارت" ‪،1650-1596‬ك الشك الديكاريت كحلو‪،‬‬
‫ك صور ديكارت للمعرفة ‪ ،‬ك اؼبشكالت اؼبعرفية اؼبًتبطة بالعقالنية الديكارتية ‪ :‬كالدائرة الديكارتية –‬
‫حدكد اغبواس –الرياضيات كالعلم –ك التصور الديكاريت للبحث العلمي(‪.)1‬‬
‫كماربدث عن "بنديكتوس دم سبينوزا " ‪ 1677-1632‬ك اؼبنهج االستنباطي ‪ ،‬كالنظرية الواحدية يف‬
‫اعبوىر‪ ،‬ك اغبقيقة بوصفها سباسكا ‪،‬كالعالقة بُت علم النفس ك الفيزيولوجيا ‪ ،‬على غرار قضية اعبربية(‪.)2‬‬
‫اذل جانب "ليبنيتز " ‪،1716-1646‬ك حقائق العقل ك الواقع ‪ ،‬كاؼبونادات ‪،‬ك التفاعل النسيب‪،‬‬
‫كاالحتماؿ ك مبدأ العلة الكافية ‪ ،‬عالكة على قضايا ‪ :‬اغبرية كالضركرة(‪...،.)3‬اخل‪.‬‬
‫– رابعا‪ :‬نموذج شخصية فلسفية ‪:‬‬
‫رينيه ديكارت ‪1595(:‬ـ‪ )1650-‬فيلسوؼ كعادل رياضيات فرنسي رائد النزعة العقالنية اغبديثة ك مبدع‬
‫اؽبندسة التحليلية‪ .‬كلد دبدينة "الىام"يف اقليم "التورين" بغرب فرنسا‪.‬ك كاف ابوه "جواشيم ديكارت"‬
‫مستشارا يف برؼباف مدينة "رف" كىي عاصمة اقليم الربكتاشل يف مشاؿ غرب فرنسا ‪.‬لقد كا ف ديكارت متنوع‬
‫التخصص كالدراسات على غرار الفلسفة كالرياضيات ‪.‬كلقب ب"أيب الفلسفة اغبديثة "(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪،‬كوتنغهاـ ‪ ،‬ص‪.80-47‬‬


‫‪ -2‬نفس اؼبرجع ‪ ،‬نفس الصفحات‪.‬‬
‫‪ -3‬نفس اؼبرجع ‪ ،‬نفس الصفحات‪.‬‬
‫‪ -4‬مرجع سابق ‪ ،‬موسوعة بدكم ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.490-488‬‬

‫‪70‬‬
‫المذهب العقالني ‪-2-‬‬ ‫الدرس السابع‬

‫كاف الربنامج الفلسفي لديكارت يتحدد يف ثالث ؿباكر ‪:‬‬


‫‪ -‬تأسيس منظومة معرفية كعلمية يقينية ‪.‬‬
‫‪-‬تطبيق ىذا العلم اليقيٍت تطبيقا ميدانيا‬
‫‪-‬اهباد ميتافيزيقا ذبد كافة اغبلوؿ العالقة يف اؼبسائل بُت اػبالق ك اؼبخلوؽ ك ا﵁ كالوجود‪.‬‬
‫ك يبكن تلخيص فلسفة ديكارت من خالؿ ا﵀اكر السابقة فيما يايت ذكره‪:‬‬
‫أ‪-‬قواعد اؼبنهج‪ :‬من خالؿ كتايب ديكارت ‪ ":‬مقاؿ عن اؼبنهج" ك"قواعد ؽبداية العقل" يصبو اذل تأسيس‬
‫منهج علمي دقيق ‪ ،‬كنظرا للتكوين الرياضي لديكارت ‪ ،‬فاف ىذا القى باثره الكبَت يف ىذا اؼبوضوع ‪.‬حيث‬
‫حدد اربعة قواعد أساسية لتحصيل اليقُت اؼبعريف كىي ‪ :‬مبدأ البداىة –مبدأ التحليل –مبدأ الًتكيب –ك‬
‫مبدأ اإلحصاء ‪.‬‬
‫ب‪-‬الشك الديكاريت ك الكوجيتو‪:‬يعترب الشك اؼبنهجي كاؼبعريف لديكارت ‪ ،‬من أشهر مبادئ الشك‬
‫الفلسفية بعد "ابو حامد الغزارل" صاحب كتاب "اؼبنقذ من الضالؿ" ‪.‬ك ىناؾ دراسات ترل اف ديكارت‬
‫قد تأثر كثَتاب ػ ػ ػ ػػ" الشك عند الغزارل"‪.‬ك يلخص "ديكارت" ىذه اؼبسألة يف مقولتو اؼبشهورة "أنا أشك ‪،‬فأنا‬
‫أفكر‪ ،‬إذف أنا موجود" ‪.‬فبما اشل أشك معٌت ىذا أنا افكر ‪ ،‬كدبا اشل افكر فهذا دليل على إنٍت موجود‬
‫‪.‬لذلك يقوؿ "ديكارت" ‪":‬أنا شيء يفكر ‪ :‬لكن ماىو الشيء الذم يفكر ؟إنو شيئ يشك ‪،‬كيفهم ‪،‬ك‬
‫يتصور ‪،‬ك يقرر‪ ،‬كينفي ‪ ،‬كيريد أك ال يريد ‪ ،‬كيتخل ايضا ك وبس ‪.‬كال شك اف ىذا ليس باالمر القليل ‪،‬ك‬
‫كل ىذه االمور تنسب اذل طبيعيت" ‪.‬ك ىذا ىوالذم يسمى بالدليل الكوجيتو(*‪.)1‬‬
‫ج‪ -‬اغبقائق السرمدية‪:‬كانت اكذل النظريات اليت ربدث عنها "ديكارت"ك ىي نظرية خلق اغبقائق‬
‫السرمدية ‪.‬ك اليت مؤداىا اف ا﵁ ىو خالق اؼباىيات اؼبخلوقات ككجودىا ‪ ،‬كىو الذم أكجدىا يف الوجود‬
‫حرا ـبتارا ‪ ،‬ك حدد ؽبا غايات ك مصائر معينة ‪ ،‬كىذه اغبقائق السرمدية ىي البينات اؼبنطقية ‪ ،‬كالًتاكيب‬
‫الرياضية ك ماىيات االشياء ك القيم االخالقية ‪.‬‬
‫د‪-‬اغبجة الوجودية ‪:‬يقوؿ "ديكارت"‪ :‬يعترب الوجود االالىي متجانس ك بعض البديهيات العقلية ‪ ،‬فبماأنٍت‬
‫موجود ناقص ‪ ،‬دليل على كجود شيء كامل كحقيقة مطلقة ‪.‬‬
‫ىػ ‪-‬النفس‪":‬ديكارت" يؤمن بثنائية النفس ك اعبسم ‪.‬فالنفس ربمل كل الظواىر النفسية كالشعورية كالعقلية‪،‬‬
‫يف حُت اعبسم يتصف بكل صفات اؼبادة كاالمتداد ‪ ،‬كاليت زبتلف إختالفا جذريا عن بعضها البعض ‪.‬‬

‫‪ -1‬الكوجيتو‪ :‬ىو الدليل الوجودم الذم جاء بو ديكارت ك ا﵀تول يف مقولتو اؼبشهورة‪" :‬انا اشك‪ ،‬فاف افكر‪ ،‬إذف انا موجود"‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫المذهب العقالني ‪-2-‬‬ ‫الدرس السابع‬

‫‪ -‬خامسا‪ :‬قراءة نقدية و تقييمية‬


‫اوال‪ :‬يقوؿ ديكارت "العقل أعدؿ االشياء قسمة بُت الناس " ؟ ىل ىذا صحيح ؟‪:‬ىذه القاعدة صحيحة‬
‫نسبيا ‪،‬ألف لو سلمنا بصحتها ‪ ،‬لكاف التقارب ك التوافق بُت العقوؿ البشرية ‪ ،‬لكن ىذا ليس متاح دائما ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬لو كاف اؼببادئ العقلية كالفطرية كالقبيلة مركثة ‪ ،‬عامة ك مطلقة –كما يعتقد العقالنيوف – ىذا يستلزـ‬
‫منطقيا كعقليا تساكم ك تتشابو الناس يف العلم هبا ك فهمها ‪،‬ك بالتارل يتساكل الناس يف مبادئهم ك‬
‫أفكارىم‪،‬لكن الواقع يثبت العكس ‪ ،‬حبيث ىناؾ إختالؼ مهوؿ بُت البشر ك ثقافاهتم ك قناعتهم ك مبط‬
‫تفكَتىم ك مبادئهم ك عاداهتم ك تقاليدىم ك أعرافهم ك قوانينهم ‪ ،‬كمنظوماهتم ك مؤسساهتم ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬العقل ضركرم لكل معرفة ‪ ،‬كلكنو ليس كافيا كحده ‪ ،‬الف اآلليات ك اؼبقوالت العقلية ربتاج دائما‬
‫اذل معطيات ك قرائن مادية ك حسية ‪ ،‬كمادة خاـ لالستثمار فيها معرفيا ك علميا ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬من أىم اإلنتقادات اليت كجهت اذل اؼبذىب العقالشل ‪،‬ىو عدـ إىتمامو بدكر اغبواس ك االدراكات‬
‫اغبسية يف فهم الكوف كالوجود ‪ ،‬كركز بشكل كلي على العقل ك مقوالتو ك مبائو ك مفاىيمو‪ ،‬اذل درجة تأليو‬
‫العقل ‪،‬ك إعتباره معصوـ من اػبطأ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬لقد أكغل يف اؼبفاىيم اؼبطلقة ك القبلية ‪ ،‬كأغفل دكر اؼبعراؼ البعدية ك النسبية ‪.‬‬
‫سادسا ‪:‬العقل كحده قاصر عن فهم اغبقائق الركحية اؼبتعلقة بالوحي ‪ ،‬فالوحي يوجو العقل ك يرشده اذل‬
‫حقائق إالىية كربانية ليست متاحة للعقل البشرم‪.‬كما اف العقل بدكف كحي قاصر يف فهم التشريعات‬
‫االالىية ك اغبقائق الربانية ‪.‬كقدـ العادل ‪ ،‬كالذات اإلالىية ك صفاهتا ك فبيزاهتا ‪ ،‬فهناؾ حقائق جاء هبا‬
‫الوحي ‪،‬ليست متاحة للعقوؿ ‪.‬‬
‫سابعا ‪:‬العلم التجرييب ك اؼبعطيات اغبسية ىي جزء ال يتجزء من معرفة اغبقائق اؼبتعلقة بالكوف ك الوجود‬
‫كاالنساف ‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬اغبقائق اليت الزبضع للفهم العقلي ك التعقل‪ ،‬ال يستلزـ بالضركرة اف تكوف خرافات ك أساطَت‪ ،‬بل‬
‫(‪)1‬‬
‫قد تكوف حقائق مطلقة تتجاكز االستيعاب العقلي‬
‫‪.‬‬
‫لقد كاف للمذىب العقالشل تواجد كبَت يف ـبتلف اغبضارات االنسانية عند اؼبسلمُت ك الغربيُت ‪ ،‬ك‬
‫لقد كاف ؿ"ابن رشد" ك "ديكارت" خدمات منقطعة النظَت يف ىذا السياؽ ‪،‬ك من أىم اؼبنطلقات اؼبرجعية‬

‫‪1‬‬
‫‪-http://arab-ency.com.sy/detail/9462‬‬

‫‪72‬‬
‫المذهب العقالني ‪-2-‬‬ ‫الدرس السابع‬

‫ؽبذه اؼبذىب ىو العقل الذم يعترب ملكة أساسية يف اؼبعرفة ‪،‬ك لقد كجهت ؽبذا اؼبذىب عدة إنتقادات –‬
‫شأنو شأف اؼبذاىب االخرل‪-‬منها ‪ :‬لو كاف للعقل دكر ضركرم فهو غَت كاؼ لوحده‪.‬‬
‫*قائمة مراجع المذهب العقالني‪:‬‬
‫‪-1‬ؿبمد علي عصاـ الدين ‪،‬تاريخ اؼبذاىب الفلسفية ‪،‬ط‪،1‬منشأة اؼبعارؼ ‪،‬االسكندرية‪-‬مصر ‪.1994،‬‬
‫‪-2‬العراقي ‪،‬ؿبمد عاطف ‪،‬النزعة العقلية يف فلسفة ابن رشد‪،‬ط‪،4‬دار اؼبعارؼ ‪ ،‬القاىرة مصر ‪.1984،‬‬
‫‪-3‬صليبا صبيل ‪،‬تاريخ الفلسفة العربية ‪،‬ط‪،1‬الشركة العاؼبية للكتاب ‪،‬بَتكت ‪ ،‬لبناف ‪.1989‬‬
‫‪-4‬جونثاف‪ ،‬إدكارد‪،‬مقدمة لفلسفة العقل‪،‬تر‪:‬رضا زيداف ك عمرك بسيوشل‪،‬دار الركافد الثقافية‪،‬إبن الندصل‬
‫للنشر ك التوزيع ‪،‬القاىرة ‪،‬ج‪.‬مصر العربية ‪.2019،‬‬
‫‪-5‬كوتنغهاـ جوف ‪،‬العقالنية‪،‬تر‪:‬ؿبمود منقذ اؽبامشي ‪،‬مركز االمباء اغبضارم ‪،‬حلب سوريا‪. 1997،‬‬
‫‪-6‬باشالرد غاستوف ‪،‬العقالنية التطبيقية ‪،‬تر‪:‬د‪/‬بساـ اؽباشم ‪،‬ط‪،1‬اؼبؤسسة اعبامعية للدراسات ك النشر ك‬
‫التوزيع ‪،‬بَتكت ‪،‬لبناف ‪.1984،‬‬
‫‪-8‬بدكم عبد الرضبن ‪ ،‬موسوعة الفلسفة ‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬اؼبؤسسة العربية للدراسات ك النشر‪،‬ط‪،1‬بَتكت لبناف‬
‫‪.1984،‬‬
‫‪-9‬صليبا ‪،‬صبيل ‪ ،‬اؼبعجم الفلسفي‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬ط‪،1‬دار الكتاب اللبناشل‪،‬بَتكت‪ ،‬لبناف ‪1982،‬‬
‫*قائمة مصادر ومراجع تدعيمية إضافية للمذهب العقالني‪ (:‬الدرس االول و الثاني) ‪:‬‬
‫‪-1‬كونتغهاـ جوف ‪،‬العقالنية –فلسفة متجددة‪،‬تر‪:‬ؿبمودمنقد اؽبامشي‪،‬ط‪،1‬مركز اإلمباء اغبضارم ‪ ،‬حلب‬
‫سوريا ‪.1997،‬‬
‫‪-2‬حيدر غنية ‪،‬ىكذا تكلم العقل ‪،‬ط‪،1‬دار الطليعة ‪ ،‬بَتكت ‪،‬لبناف ‪.1999،‬‬
‫‪-3‬اعبابرم‪ ،‬ؿبمد عابد‪،‬تكوين العقل العريب‪،‬ط‪ ،1‬دارالطليعة ‪،‬بَتكت‪-‬لبناف‪.1984،‬‬
‫‪-4‬الالندأندرم ‪،‬العقل كاؼبعايَت ‪،‬تر‪ :‬نظمي لوقا ‪،‬ط‪،1‬اؽبيئة اؼبصرية العامة للكتاب ‪،‬القاىرة –مصر‬
‫‪.1979،‬‬
‫‪-5‬يفوت سادل ‪،‬العقالنية اؼبعاصرة‪،‬بُت النقد كاغبقيقة ‪،‬ط‪،1‬دار الطليعة ‪،‬بَتكت لبناف ‪.1982،‬‬
‫‪-6‬فضل ا﵁ مهدم ‪،‬فلسفة ديكارت كمنهجو (نظرة ربليلية نقدية )‪،‬ط‪،1‬دار الطليعة بَتكت –لبناف‬
‫‪.1983،‬‬

‫‪73‬‬
‫الدرس الثامن‪:‬‬
‫المذهب الوجودي ‪-1-‬‬
‫المذهب الوجودي‪-1-‬‬ ‫الدرس الثامن‬

‫الدرس الثامن‪ :‬المذهب الوجودي ‪-1-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬التعريف بالمذهب الوجودي‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬مفاهيم ودالالت‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬نبذة تاريخة كرونولوجية حول المذهب‪.‬‬
‫*تمهيد ‪:‬‬
‫من خالؿ ىذا الدرس‪ ،‬كباكؿ التعرؼ على اؼبذىب الوجودم‪ ،‬من خالؿ التعاريف اللغوية‬
‫كاالصطالحية‪ ،‬مث ننتقل اذل التفصيل اذل كل اؼبفاىيم ك الدالالت اؼبًتبطة بو‪ .‬اذل جانب تقدصل إطاللة‬
‫تارىبية حوؿ اؼبذىب الوجودم‪ ،‬كيف ظهر ك تطور يف الزمن ‪ ،‬كاعبذكر التارىبية اؼبرتبطة بو ‪.‬‬

‫)‪ -‬باالنجليزية =‬ ‫(‪Existentialisme‬‬ ‫المذهب الوجودي‪( :‬الوجودية)‪ :‬بالفرنسية =‬


‫(‪ )Existentialism‬و بالالتينية = (‪)exsistentialismi‬‬
‫‪-‬أوال‪ :‬التعريف بالمذهب‪ :‬المذهب الوجودي (أو الوجودية)‪ :‬ىي فلسفة غربية حديثة‪ .‬كالوجودية‬
‫باؼبعٌت العاـ ىي إبرازقيمة الوجود االنساشل الفردم‪ .‬كىي مذىب كل من الدمباركي" سورين كَتكجارد"‬
‫(‪ ،)1855-1813‬االؼبانيُت‪" :‬كارؿ ياسبَتس" (‪"، )1969-1883‬مارتن ىايدجر"(‪-1889‬‬
‫‪ ،)1976‬كالفرنسي "جوف بوؿ سارتر"(‪،)1980-1905‬ك الركسي" نيكوالم برديائيف"(‪-1874‬‬
‫‪...)1948‬اخل(‪ )1‬ظبي ىذا االسم هبذا االسم لًتكيزه االساسي على فكرة جوىرية كؿبورية كىي الوجود‬
‫االنساشل‪ ،‬حيث قامت على قاعدة أساسية مفادىا ‪ :‬الوجود سابق عن اؼباىية‪ ،‬كما يبيز – اؼبذىب‬
‫الوجودم‪ -‬بُت نوعُت من الوجود‪ :‬الوجود لذاتو ك ىو االنساف العاقل الناطق‪ ،‬كالوجود يف ذاتو ك ىي باقي‬
‫اؼبوجودات دبختلف انواعها‪ :‬جامدة ‪ ،‬نباتية ‪ ،‬حيوانية(غَت االنساف)‪.‬كما يدعو ىذا اؼبذىب اذل الرجوع‬
‫اذل عناصر الوجود األساسية كىي ‪:‬اغبرية‪-‬الوجداف‪-‬االنساف‪ .‬ك ىو دل يرتبط حبقوؿ الفلسفة فحسب ‪ ،‬بل‬
‫كاف ؽبا حضور قوم يف الفن‪ ،‬االدب‪ ،‬الشعر‪ ،‬اؼبسرح كالركاية‪ .‬بل ىناؾ من يرل اف الوجودية اغبقيقية‬
‫ظهرت مع التوجهات االدبية كالركائية اليت جاءت بعد اغبرب العاؼبية الثانية ‪.‬ك كانت من بُت االفكار‬
‫الغائية اليت تصبو اذل ربقيقها ىو ربقيق مشركع الذات االنسانية‪ .‬ك من اػبصائص العامة ؽبذا اؼبذىب‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬معجم صليبا ‪.‬ج‪.2‬ص‪.565‬‬

‫‪75‬‬
‫المذهب الوجودي‪-1-‬‬ ‫الدرس الثامن‬

‫‪:‬كجوب الرجوع اذل الوجود الواقعي‪ ،‬ك االندماج يف الوجود اغبيوم‪ ،‬بعيدا عن اؼبفاىيم اجملردة ك الكلية اليت‬
‫كانت تعتقد اف االنساف ؾبرد فكرة اك مفهوـ اك تصور(‪.)1‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬مفاهيم ودالالت‪:‬‬
‫‪ -1‬كلمة الوجود مقابل لكلمة عدـ ‪ ،‬ك ىو مرادؼ لعدة مفاىيم كمعاشل منها ‪:‬الكوف ‪ ،‬الثبوت ‪،‬‬
‫التحقق ‪،‬اغبصوؿ ك الشيئية ك غَتىا ‪.‬كما تعٍت كلمة كجود ‪،‬ىو كوف الشيء حاصال يف نفسو ‪.‬كما قد‬
‫يعٍت كوف الشيء موجودا يف التجربة اك التصور العقلي ‪.‬كما تعٍت كلمة الوجود ىو اغبقيقة الواقعية الدائمة‬
‫اؼبعشة خبالؼ اغبقيقة النظرية اجملردة‪ .‬كما يبكن اف يصنف كوجود كاقعي ك كوجود ذىٍت‪.‬‬
‫‪-2‬مفهوـ الوجود عند الفالسفة ىبتلف من مذىب اذل آخر‪ .‬فعلى سيبل اؼبثاؿ ‪ ،‬قبد معناه عند‬
‫الفالسفة اؼبدرسيُت (السكوالكتيكيُت) بانو مقبل ؼبفهوـ اؼباىية ‪.‬الف اؼباىية ىي الطبيعة اؼبعقولة للشيء‪ ،‬ك‬
‫الوجود ىو التحقق الفعلي لو ‪.‬ك بإعتبار الشيء موجودا يف اغبس ىبتلف عن كونو موجودا يف العقل‪.‬‬
‫اما مفهوـ الوجود عند الشيخ الرئيس الفيلسوؼ كالطبيب "ابو علي بن سينا" فهو زائد عن اؼباىية ‪،‬ك اف‬
‫الوجود عرض يف األشياء ذكات اؼباىيات اؼبختلفة ؿبموؿ عليها ‪ ،‬خارج عن تقوصل ماىياهتا(‪ ،.)2‬أما‬
‫الفيلسوؼ 'ابن رشد" مصححا مفهوـ "ابن سينا" حوؿ الوجود بقولو‪" :‬إمبا غلط الرجل يف أمراف‪ :‬أحدنبا‬
‫‪ :‬أنو إعتقد اف الواحد الذم ىو مبدأ الكمية ىو الواحد اؼبرادؼ السم الوجود ‪...‬ك الثاشل انو التبس عليو‬
‫اسم اؼبوجود الذم يدؿ عن اعبنس‪ ،‬كالذم يدؿ على الصادؽ ( كالصادؽ ىو الذم يف الذىن على ماىو‬
‫عليو خارج الذىن)‪ ،‬فاف الذم يدؿ على الصادؽ ىو عرض‪،‬ك الذم يدؿ على اعبنس يدؿ على كل كاحد‬
‫من اؼبقوالت العشر"(‪. )3‬‬
‫‪-3‬علم الوجود اك االنطولوجيا‪ ،‬ىو قسم من الفلسفة ‪ ،‬كىو يبحث يف اؼبوجود يف ذاتو مستقال عن أحوالو‬
‫ك ظواىره‪،‬أك ىو علم اؼبوجود من حيث ىو موجود كما يقوؿ "آرسطو"‪،‬ك قديقصد هبذا العلم الوجود‬
‫ا﵀ض كما يف كجودية "ىايدرجر"‪ ،‬اك يوسع حىت يشمل طبيعة الكائن الواقعي ‪،‬اك اؼبوجود اؼبشخص ك‬
‫ماىيتو ‪ ،‬كأىم مسائل ىذا العلم ‪ ،‬ربديد العالقة بُت اؼباىية ك الوجود ‪.‬ك يقوؿ "داالمرب"‪ ":‬إف للكائنات ‪،‬‬
‫ركحانية كانت اك مادية ‪ ،‬بعض اػبصائص العامة‪ ،‬كالوجود ‪ ،‬االمكاف ‪،‬الديبومة‪،‬فاذا جعلت حبثك مقصورا‬

‫‪1‬‬
‫‪-Le Senne,René ,introduction a la philosophie,4 Edition,Presse Universitaires de‬‬
‫)‪Frances,France,1958,p228‬‬
‫‪ -2‬ابن سينا أبو علي ‪،‬منطق اؼبشرقيُت‪،‬بدكف طبعة‪،‬اؼبكتبة السلفية‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬السكة اعبديدة ‪،‬ج‪،‬مصر العربية‪ ،‬بدكف سنة‪،‬ص‪22‬‬
‫‪ -3‬إبن رشد أبو الوليد‪ ،‬تفسَت ما بعد الطبيعة‪ ،‬ط‪ ،1‬اؼبطبعة األدبية بسوؽ اػبضار‪ ،‬مصر‪ ،‬بدكف سنة‪ ،‬ص‪1280‬‬

‫‪76‬‬
‫المذهب الوجودي‪-1-‬‬ ‫الدرس الثامن‬

‫على ىذه اػبصائص ألفت األصل الفلسفي الذم تستمد منو صبيع الفركع الفلسفية مبائها‪ ،‬ك يسمى ىذا‬
‫االصل اباألنطولوجيا‪ ،‬اك بعلم الوجود(‪.)1‬معجم صليبا ك لكن يف ذات الوقت ‪ ،‬ايضا يبحث علم الوجود‬
‫يف عن االشياء يف ذاهتا من جهة ماىي جواىر باؼبعٌت الديكاريت ‪،‬ال عن ظواىرىا ك ؿبموالهتا‪.‬‬
‫‪-4‬أما الوجودية باؼبعٌت اػباص فهي اؼبذىب الذم عرضو "جوف بوؿ سارتر"يف كتابو "الوجود كالعدـ"‪،‬‬
‫كنشره يف اؼبيادين العامة من خالؿ ركاياتو ك مسرحياتو ك مقاالتو‪ .‬ك الفكرة ا﵀ورية ؽبذا اؼبفهوـ السارترم‪،‬‬
‫يقوؿ "سارتر"‪:‬إف الوجود متقدـ عن اؼباىية‪ ،‬ك إف االنساف مطلق اغبرية يف االختيار‪ ،‬يصنع نفسو بنفسو‪ ،‬ك‬
‫يبأل كجوده على النحو الذم يالئمو‪ ،‬كىذا مضاد لقوؿ الفالسفة القدماء‪ :‬اف اؼباىية سابقة عن الوجود‪ ،‬ك‬
‫أف الوجود أمر زائد على اؼباىية ‪.‬ك يف الوقت الذم يرم فيو "سارتر " الوجود متقدـ عن اؼباىية‪ ،‬قبد‬
‫"ىايدجر"يعلن اف ماىية االنساف ىي الوجود الذم ىبصو أم "الدازاين"‪،‬اك ىو كيفية كجوده يف العادل ‪.‬‬
‫‪ -5‬يرل الفيلسوؼ الفرنسي "غابرياؿ مارسيل"(‪)*2( )1873-1889‬يف كتابو"الوجود كاؼبلك" ك" سر‬
‫الوجود" ما يسمى بالوجودية اؼبسيحية اليت ذبد بعض حلوؿ قضايا ك مسائل بالرجوع اذل االعتقاد الديٍت‪.‬‬
‫‪ -6‬اما الفيلسوؼ " موريس مَتلوبونيت"(‪)3*( )1961-1908‬فَتل اف الفلسفة الوجودية‪ ،‬ىي اليت هتدؼ‬
‫اذل كصف كجود االنساف اؼبشخص لتفسَته‪ ،‬كتوجيهو‪ ،‬كىي مرادفة لفلسفة الوجود‪.‬‬
‫‪-‬ثالثا‪ :‬نبذة تاريخة كرونولوجية حول المذهب‪:‬‬
‫لو رأينا الوجودية من جهة كوهنا حبث فلسفي يعٌت بقضايا الوجود‪،‬إلننا قبد ىذه الفلسفة موغلة يف‬
‫جذكر التاريخ منذ اغبضارات الشرقية القديبة ‪ ،‬مركرا باليوناف ‪،‬عند ىَتقليدس ك "بارمنيدس" ك "أفالطوف"‬
‫"آرسطو" ‪ ،‬كصوال اذل "ىيجل "‪ ،‬كيف القرف التاسع عشر ‪ ،‬فنجد الفيلسوؼ "كَتكجارد" الذم كضع‬
‫اغبجر الزاكية للتيار الوجودم اؼبعاصر ‪ ،‬مع كاف من أشد اؼبفكرين نبذا ؼبى يسمى بالتصنيف اؼبذىيب‬
‫(‪)4‬‬
‫الفلسفي ‪.‬‬
‫كانت بدايات الفلسفة الوجودية كمذىب م ػ ػ ػ ػ ػع الفيلسػ ػ ػ ػ ػ ػوؼ الدمبارك ػ ػ ػ ػ ػي "سورين‬
‫كَتكجارد"(‪.)1855-1813‬لقد كاف من اكرب أعداء الفلسفة اؼبثالية اؽبيجيلية‪.‬كاف يصبو اذل اذل فلسفة‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬معجم صليبا‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.560‬‬


‫*‪ -‬غربياؿ مارسيل‪ :)1973-1889( :‬فيلسوؼ فرنسي‪ ،‬ككاتب مسرحي‪ ،‬كناقد موسيقى‪ ،‬كقائد الوجودية اؼبسيحية ‪.‬ألف أكثر من‬
‫اثٍت عشر كتابان كثالثُت مسرحية على األقل‪ ،‬ركزت أعماؿ مارسيل على نضاؿ الفرد يف اجملتمع من الناحية اإلنسانية‪.‬‬
‫*‪ -‬ميلوبونيت‪ :)1961-1908( :‬فيلسوؼ فرنسي تأثر بفينومينولوجيا ىوسرؿ كبالنظرية القشتالتية‪.‬‬
‫‪ -2‬ؾبموعة من اؼبؤلفُت ‪،‬معٌت الوجودية ‪،‬بدكف طبعة‪ ،‬منشورات دارمكتبة اغبياة‪ ،‬بَتكت لبناف ‪ ،‬بدكف سنة ‪،‬ص‪.11‬‬

‫‪77‬‬
‫المذهب الوجودي‪-1-‬‬ ‫الدرس الثامن‬

‫نابعة من الذات ‪ ،‬كليس اػبارج كاؼبوضوع ‪.‬ك ؽبذا يعترب ‪":‬أكؿ من جعل من األزمات النفسية كالتجارب‬
‫الشخصية نقطة البداية للفلسفة اغبديثة"(‪ .)1‬ك كانت مفاىيمو ك آراؤه مدموغة بالبصمة الدينية ‪.‬ك ؽبذا‬
‫ظبي مذىبو بالوجودية اؼبؤمنة‪.‬غَت اف ىناؾ من يرل اف البدايات االكذل للفلسفة الوجودية ‪،‬بدأت مع بعض‬
‫الركائيُت ك األدباء االكركبيُت ‪.‬ؾ الفرنسي "فلوبَت" ك االديب ك الركائي الركسي اؼبشهور "دكستوفسكي"ك‬
‫االديب الركمانسي " ىولدرلُت"‪ ،‬الذين كثَتا ما يتحدثوف يف ركاياهتم كعلى لساف شخصياهتم الركائية عن‬
‫قضايا متعلقة بالوجود ‪ ،‬اؼبصَت ‪،‬كاالقدار البشرية ‪.‬‬
‫لقد كاف لالحداث السياسية ك العسكرية أثرا كبَتا يف ظهور الفلسفة الوجودية ‪ ،‬من بُت أبرز االحداث‬
‫اغبرب العاؼبية االكذل كالثانية ‪ ،‬اليت كاف ؽبا كقع الصاعقة على الضمَت اعبمعي لالنساف االكركيب بشكل‬
‫خاص ‪ ،‬ك ماعاناه من خيبة امل نتيجة اػبسائر ك التبعات السيئة غبماقة ىذه اغبركب العاؼبية ‪.‬ك كانت‬
‫خيبة االمل كبَتة ‪ ،‬على ما آلت اليو اغبضارة االنسانية من إرتكاس ك تقهر يف ا﵀افظة على الذات‬
‫االنسانية ك طموحاهتا كتطلعاهتا ‪.‬كؽبذا تعرب الفلسفة الوجودية دبثابة ثورة جذرية على ختلف اؼبفاىيم ‪،‬‬
‫كخاصة ضد التيارات الفلسفية الكالسيكية ك خاصة ضد التيارات اؼبثالية كالعقالنية ك اليت سلبت االنساف‬
‫قيمتو االنسانية منخالؿ تصويره على انو ؾبرد ماىيات ك تصورات ؾبردة خالية من اغبياة كاؼبشاعر كالركح‬
‫كالوجداف ‪،‬فاالنساف كائن حي لو حياة ك كجداف كمشاعر ك أحاسيس ك مصَت ك حرية ك انفعاالت ك‬
‫مشاعر ‪ ،‬ك كانت الوجودية ‪-‬ايضا ‪-‬موجهة اذل الفلسفات االكركبية اليت كانت تصبو اذل ربويل الفلسفة‬
‫اذل علم موضوعي ك ضعاشل ‪ ،‬عن طريق إرساء مبادئ موضوعية للوجود كالفكر ك اؼبعرفة لتحقيق الدقة‬
‫كاليقينية ك اؼبطلقية كالكلية ‪ ،‬مع العلم ىذا امر غَت متيسر كوف اؼبعرفة االنسانية ؿبدكدة ‪.‬ك ؽبذا كاف‬
‫"كَتكجارد" يسعى اذل إستخراج الفكر الفلسفي من منابع االنشغاالت ك اؽبموـ اإلنسانية ك ؽبذا فلسفتو‬
‫‪":‬تبُت اهنا تقرير ؼبا يف حياتو من تناقض ‪،‬ك تأكيدا لقيمتو الذاتية يف السيب اؼبؤدم اذل اغبق ‪ ،‬ك إيباف كامل‬
‫بأف الذات اؼبطلقة يبكن اف تكتشف للذات الفردية من خالؿ األدل كالقلق كالندـ ك اغبصرة النفسية‪،‬‬
‫فاغبياة يف ىذه الفلسفة معناىا الذات للوجود يف ؿباكلة لتقرير مصَتىا ك اعبود على ىذا اؼبعٌت ىو‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلختيار"‬

‫‪ -1‬العشماكم سعيد ‪،‬تاريخ الوجودية يف الفكر البشرم‪،‬ط‪ ،3‬دار الوطن العريب‪ ،‬بَتكت –لبناف ‪،1984،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ -2‬نفس اؼبرجع‪ ،‬العشماكم‪ ،‬ص ‪.120‬‬

‫‪78‬‬
‫المذهب الوجودي‪-1-‬‬ ‫الدرس الثامن‬

‫ك لقد إنشغل "كَتكغارد" بالقضايا الدينية كاؼبسيحية‪ ،‬حبيث يرل أف تقدـ الذات البشرية‪ ،‬إمبا يكوف عن‬
‫طريق اإلنتقاؿ من اؼبرحلة اغبسية اعبمالية اذل اؼبرحلة األخالقية‪ ،‬حىت تصل اذل اؼبرحلة الدينية(‪،)1‬كمن خالؿ‬
‫ذلك يؤكد على دكر العقيدة اؼبسيحية يف إثبات الوجود‪.‬‬
‫ك لقد كانت الوجودية يف شكل من االشكاؿ ضبلة مضادة للمذاىب اؼبثالية كالعقالنية اليت كانت تدعي‬
‫معرفة اؼبطلق ك اغبقيقة من خالؿ سباحتها يف ؿبيطات من األفكار ك اؼبفاىيم ك اؼبسائل اجملردة بعيدا عن‬
‫نبض اغبياة االنسانية كمعاناهتا‪ .‬فاالنساف يف نظر الوجوديُت ىو الوجود لذاتو ك ىو مشركع يتطلب‬
‫التجسيد يف جو من اغبرية ك التحرر بعيدا عن كل انواع القيود كالعناف ‪ ،‬سواء من القيود الدينية اك‬
‫االخالؽ اك منظومة القيم اك التقاليد اك االعراؼ اك غَتىا من اساليب القهر اليت ربد من حريتو كإنطالقو‪،‬‬
‫كاليت فرضت عليو فرضا تعسفيا ‪.‬ك تعترب اغبرية يف نظر الوجوديُت أمرا إلزاميا ال مفر منو‪ .‬كاليت من خالؽبا‬
‫وبدد االنساف مصَته ك مستقبلو الذم ىبتاره بنفسو كال يفرض عليو‪ ،‬بأم شكل من االشكاؿ‪ .‬كمن ىنا‬
‫كانت مسؤكلية البشرعن مصائرىم مسؤكلية كاملة غَت منقوصة يف ظل اغبرية اعبربية ‪.‬بالرغم اف اؼبسؤكلية‬
‫تعترب اعبانب اؼبظلم من للحرية‪ .‬فاؼبسؤكلية ذبعلهم يف معاناة كجدانية ك قلق دائم يدفعهم اذل اؽبركب من‬
‫مواجهة خياراهتم اؼبصَتية‪.‬فتنشأ صبلة من الصراعات الوجدانية ك ؿباكلة التحايل مع الذات ك لقد ربدث‬
‫كثَتا "جوف بوؿ سارتر" عن ىذه القضايا من خالؿ مسرحياتو ك ركياتو ؾ" االيدم القذرة" ك "الغثياف" ك‬
‫غَتنبا ‪.‬‬
‫لقد ظهرت الوجودية من خالؿ عدة شخصيات تنتمي اذل مناطق جغرافية ـبتلفة ‪:‬‬
‫‪ -‬يف الدامبارؾ‪ :‬قبد مؤسس الوجودية اؼبؤمنة "كَتكجارد "‬
‫(‪)2‬‬
‫‪-‬يف اؼبانيا‪ :‬قبد "مارتن ىايدجر" ك" كارؿ ياسبَتس" الذم كاف يركس كل تفكَته ألعماؿ الركح‪.‬‬
‫‪ -‬يف فرنسا‪" :‬جوف بوؿ سارتر"‪ ،‬مؤسس الوجودية اؼبلحدة ك "غربياؿ مارسيل" حىت "البَت كامي"‬
‫‪ -‬يف ركسيا ‪" :‬نيكوالم برديائيف" ك " دكستويفسكي"(*‪.)3‬‬

‫‪ -1‬ماكورم جوف ‪،‬الوجودية ‪ ،‬تر‪:‬إماـ عبد الفتاح إماـ ‪،‬مرا‪ :‬فؤادزكريا‪،‬د‪.‬ط‪،‬عادل اؼبعرفة ‪،‬مصر ‪،‬ص‪61‬‬
‫‪ -2‬بدكم عبد الرضباف ‪،‬دراسات يف الفلسفة الوجودية ‪،‬اؼبؤسسة العربية للذراسات ك النشر ‪،‬د‪/‬ط ‪ ،‬بَتكت لبناف ‪ ،‬د‪/‬س‪،‬ص‪.133‬‬
‫*‪ -‬دكستويفسكي‪ :)1881-1821( :‬ركائي ككاتب قصص قصَتة كصحفي كفيلسوؼ ركسي‪ .‬كىو كاح هد من أشهر ال يكتاب كاؼبؤلفُت‬
‫حوؿ العادل‪ .‬ركاياتو ربوم فهمان عميقان للنفس البشرية كما تقدـ ربليالن ثاقبان للحالة السياسية كاالجتماعية كالركحية لركسيا يف القرف التاسع‬
‫عشر‪ ،‬كتتعامل مع ؾبموعة متنوعة من اؼبواضيع الفلسفية كالدينية‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫المذهب الوجودي‪-1-‬‬ ‫الدرس الثامن‬

‫خالصة ‪:‬‬
‫اؼبذىب الوجودم ‪،‬ينطلق من قاعدة مفادىا ك مؤداىا أف الوجود سابق عن اؼباىية ‪،‬ك ىدفو الرئيسي‪،‬‬
‫رجوع الفلسفة اذل مصادر الوجود االنساشل من جهة ‪،‬كمن جهة أخرل‪ ،‬الوقوؼ يف كجو ـبتلف الفلسفات‬
‫اليت تتعامل مع االنساف كونو فكرة اك صورة اك ماىية ‪ ،‬ك لقد كاف ؿ "كَتكجارد"ك "ىايدجر" ك "سارتر"‬
‫خدمات صبة يف نضج ىذه النزعة ‪.‬ك من الناحية التارىبية يعترب ىذا اؼبذىب ‪،‬حديث مقارنة مع باقي‬
‫اؼبذاىب الفلسفية االخرل‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫الدرس التاسع‪:‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫الدرس التاسع ‪ :‬المذهب الوجودي‪-2-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬اوال‪:‬المذهب الوجودي‪ ،‬التأسيس وأبرزالرواد والشخصيات‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪:‬المبادئ و األفكار‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬مذاهب و تيارات الفلسفة الوجودية‪.‬‬
‫‪ -‬رابعا‪:‬نموذج شخصية فلسفية‪.‬‬
‫‪ -‬خامسا‪:‬قراءة نقدية و تقييمية‪.‬‬
‫*تمهيد‪:‬‬
‫اؽبدؼ من ىذا الدرس ىو التعرؼ على ـبتلف الشخصيات اليت سانبت يف تأسيس اؼبذىب‬
‫الوجودم‪ ،‬كالفالسفة الذم سانبوا يف إثرائو ‪.‬اذل جانب التعرؼ على اؼببادئ ك االفكار ىذا اؼبذىب‪ ،‬فضال‬
‫عن التطرؽ اذل أىم اؼبذاىب ك تيارات الفلسفة الوجودية ‪ ،‬عالكة على إختيار شخصية فلسفية مبوذجية‬
‫سبثل اؼبذىب الفلسفي الوجودم‪ ،‬كأخَتا أىم االنتقادات اليت كجهت ؽبذا اؼبذىب‪.‬‬
‫‪-‬أوال‪:‬التأسيس وأبرزالرواد والشخصيات‪:‬‬
‫من ابرز الشخصيات اليت كانت كراء ظهور ك تأسيس اؼبذىب الوجودم كالفلسفة الوجودية قبد مايلي‪:‬‬
‫‪ -1‬كَتكجارد(سورين) (‪1813‬ـ‪1855-‬ـ)‪ ،‬ك يكتب بالعربية "كَتكغارد" أيضا‪ .‬فيلسوؼ دمباركي‪،‬‬
‫كشاعر ك الىويت‪ .‬عرؼ بتأسيسو للفلسفة الوجودية بصفة عامة‪ ،‬كخاصة الوجودية اؼبؤمنة (*‪ ،)1‬لقد معظم‬
‫كتابتو الوجودية حوؿ حياة الفرد ك معاناتو ك مشاعره ك آالمو‪ .‬ك لقد حاكؿ ربليل ك تشريح اغبياة‬
‫االنسانية بطابع كاقعي ك عملي بعيدا عن التصورات ك اؼبفاىيم اؼباىوية اجملردة‪.‬ك كاف يركز على اغبياة‬
‫االنسانية ك عالقتو باغبرية كاالختيار ك االلتزاـ ك اؼبسؤكلية ك القلق ك االدل‪ .‬يركز "كَتكغارد"(*‪)2‬يف مبط‬
‫تفكَته على الالىوت كاالخالؽ اؼبسيحية‪ ،‬ك علم النفس‪ ،‬ك فلسفة الدين‪ ،‬كلقد ركز بشكل اساسي على‬
‫دمج اؼبفاىيم الدينية كاالخالقية للكنيسة اؼبسيحية يف مفاىيمو الفلسفية الوجودية ‪.‬ك من اإلشكاليات اليت‬

‫*‪ -‬الوجودية اؼبؤمنة‪ :‬ىي الوجودية اليت تعتمد على مرجعية دينية مسيحية‪ ،‬خالؼ لوجودية سارتر غَت اؼبؤمنة‪.‬‬
‫*‪ -‬كَتكغارد‪ :)1855-1813( :‬فيلسوؼ دمباركي‪ ،‬كالىويت‪ ،‬كشاعر‪ ،‬كناقد اجتماعي‪ ،‬كمؤلف ديٍت‪ ،‬كيعترب على نطاؽ كاسع‬
‫أكؿ فيلسوؼ كجودم ‪.‬كتب نصوص نقدية حوؿ الدين اؼبنظم‪ ،‬كاؼبسيحية‪ ،‬كاألخالؽ‪ ،‬كعلم النفس‪ ،‬كفلسفة الدين‪ ،‬مظهرا يف ذلك‬
‫ؿببة لالستعارات كالسخرية كاألمثاؿ‪ .‬تتعامل الكثَت من أعمالو الفلسفية مع القضايا اليت تناقش كيف يعيش اؼبرء "كفرد منفرد"‪ ،‬مع إعطاء‬
‫األكلوية للواقع اإلنساشل اؼبلموس على التفكَت اجملرد كإبراز أنبية االختيار الشخصي كااللتزاـ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫شغلت عقلو كتفكَته‪ ،‬االختالفات بُت الرباىُت اؼبوضوعية البحتة للمسيحية‪ ،‬كالتمييز النوعي الالهنائي بُت‬
‫االنساف كا﵁ ك عالقة الفرد الذاتية بُت اؼبسيح كاؼبسيحية ‪.‬‬
‫ك من مؤلفاتو اؼبشهورة‪":‬التكرار– مغامرة يف علم النفس التجرييب"‪،‬خوؼ ك رعدة""اؼبرض طريق اؼبوت"ك‬
‫"القلق اؼبشوب بالذنب"غَتىا ‪.‬‬
‫‪-2‬ىايدجر(مارتن)‪ ،)1976-1889(:‬فيلسوؼ كجودم اؼباشل ينتمي اذل التيار اؼبلحد يف الوجودية‪ ،‬كىو‬
‫تلميذ للفيلسوؼ الظاىرايت "ادموند ىوسرؿ"(‪1859‬ـ‪ ،)1938-‬لقد انصب إىتماـ "ىايدجر" بالكثَت‬
‫من القضايا الفلسفية ‪ ،‬كالوجود ك اغبرية كاغبقيقة االنسانية‪.‬ؿ "ىايدجر" اثر كبَت يف فلسفة القرف العشرين‬
‫االكركبية ‪،‬كخاصة الوجودية ‪،‬ك الفلسفة التفكيكية ك مابعد اغبداثة ‪.‬ك لقد كانت من بيت إىتماماتو‬
‫االساسية فلسفة الوجود ‪ ،‬ك بشكل خاص مسالة اك إشكالية "الكينونة " (دازاين)‪ ،‬من بُت االنتقادات‬
‫اليت كجهت اذل "ىايدجر" اهتامو باكذكبة معادات السامية ‪.‬كثَتا ما أىتم "ىايدجر" دبسالة العدـ ك‬
‫عالقتها بالوجود كالقلق ‪ ،‬فالوجود االصيل –حسب منظوره ػ ىو الوجود اؼبفعم بالقلق ‪ ،‬كيبيز بُت نوعُت‬
‫من الوجود ‪،‬الوجود الزائف ك الوجود االصيل ‪.‬‬
‫من اىم مؤلفاتو ‪":‬الوجود كالزماف"‪"،‬يف ماىية اغبقيقة"‪"،‬اؼبفاىيم االساسية يف اؼبيتافيزيقا""دركب موصدة"ك‬
‫غَتىا ‪.‬‬
‫‪-3‬ياسبَتس(كارؿ)‪1883(:‬ـ‪ ،)1969-‬فيلسوؼ كجودم اؼباشل ‪.‬ينتمي اذل التيار اؼبؤمن يف الفلسفة‬
‫الوجودية ‪ ،‬كىو بركفيسور يف علم النفس كالطب النفسي ‪.‬كثَتا ما إشتغل بعالقة الفلسفة بالدين ‪ ،‬ك عالقة‬
‫العقل بااليباف ‪.‬من أشهر مؤلفاتو ‪":‬الباثولوجية النفسية العامة"‪" ،‬تاريخ الفلسفة بنظرة عاؼبية"" مدخل اذل‬
‫الفلسفة"" عظمة الفلسفة"‪ ،‬يرل "ياسبَتس" يف كتابو "عظمة الفلسفة" ‪،‬أف لإلنساف عظمة تقاس‬
‫باالمكانات القصول‪ :‬بطولة ا﵀ارب‪ ،‬براعة اؼبشرع ‪،‬مهارة اؼبخًتع ‪ ،‬نبوغ الشاعر كالكاتب ك الفناف‬
‫كالنحات ك اؼبوسيقار‪ ،‬ك لكن للفكر الفلسفي عظمة النفاذ اذل اعبوىر ‪،‬اذل األعماؽ ‪،‬ك االتصاؿ بالكوف‪،‬‬
‫كإف كاف الكوف سبزقا ‪ ،‬كبالوجود‪ ،‬ك إف كاف الوجود خيبة أمل تدعو الضعاؼ اذل اليأس‪.‬‬
‫الفيلسوؼ يشارؾ الشعراء ك الفنانُت ك األبطاؿ ك القديسُت ك األنبياء يف نقطة رئيسية‪ ،‬نقطة االرتباط‬
‫الشامل بالكوف ‪.‬ك لكن الفلسفة كحدىا كعي عقلي بالوجود‪ ،‬كمسؤكلية االمل اؼبنبثق من اػبور كاليأس‪.‬‬
‫(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬ياسبَتس كارؿ ‪ ،‬عظمة الفلسفة ‪،‬تر‪ :‬عادؿ العوا ‪،‬ط‪4،1988‬منشورات عويدات ‪ ،‬بَتكت ػ باريس ‪،1988،‬ص‪.57،65‬‬

‫‪83‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫كلقد ربدث ياسبَتس يف كتابو "عظمة الفلسفة " عن معايَت عظمة الفلسفة ‪ ،‬معاشرة العظماء(‪،)1‬اعبداؿ‬
‫يف العظمة‪،‬االرتياب يف العظمة ‪،‬ككاجبات ينبغي آداؤىا ‪،‬ك الفارؽ بُت عظمة الفالسفة ك عظمة سائر‬
‫الوجوه اإلنسانية(‪.)2‬‬
‫‪-4‬سارتر(جوف بوؿ)‪ )1980-1905(:‬فيلسوؼ كجودم فرنسي‪ ،‬ركائي ك مسرحي‪ ،‬اشتغل باالدب‬
‫كالفلسفة ك السياسة‪ ،‬ككاف لو اثركبَت يف الفلسفة الوجودية غَت اؼبؤمنة ‪.‬كانت الفيلسوفة الفرنسية "سيموف‬
‫دم بوفوار"من اىم رفقاء دربو ك اليت تصبح زكجتو الحقا ‪ .‬عرؼ "سارتر" بانتاجو االديب ك اؼبسرحي الغزير‬
‫‪ ،‬كالذم كاف ذبسيدا لفلسفتو الوجودية غَت اؼبؤمنة ‪ ،‬اليت تقوـ على اغبرية ك االختيار ‪ ،‬كالقلق ‪ ،‬كاؼبسؤكلية‬
‫كااللتزاـ ك الفعل ك الكثَت من اؼبواقف ك السلوكات االنساينة اؼبفعمة بارادة ربقيق اغبياة الفعالة ك اؼبرتبطة‬
‫بفكرة رئيسية ‪ ،‬تقوؿ اف الوجود سابق اؼباىية ‪ ،‬متخذا مواقف عداكنية ضد كل الفلسفات العقالنية ك‬
‫اؼبثالية ‪ ،‬اليت صورت االنساف كفكرة اك مفهوـ عقلي ؾبرد جامد بارد خارل من اغبياة ‪.‬من اىم مؤلفاتو ‪":‬‬
‫الوجود كالعدـ""الوجودية نزعة انسانية" "الغثياف" "كااليدم القذرة" ك "الغرفة اؼبغلقة" ك غَتىا ‪.‬‬
‫كتب "سارتر" يف مذكراتو عن العلم ك اؼبعرفة‪ ":‬إنو العادل الذم اريد أف أسبلكو ‪ ،‬إال أنو سبلك من مبط‬
‫خاص‪ ،‬أريد سبلكو بوصفو معرفة ‪ ،‬كاؼبعرفة بالنسبة رل معٌت سحرم للتملك "(‪.)3‬‬
‫‪ -5‬كامو‪( ،‬آلبَت)‪1913( :‬ـ ‪1960-‬ـ)‪ ،‬فيلسوؼ ككاتب فرنسي يع ٌد من أبرز فبثلي الفلسفة الوجودية‬
‫لحدة ناؿ جائزة نوبل عاـ ‪1975‬ـ‪ ،‬تشكلت معظم آراء كامو ف نتيجة تأثره بالفلسفة التشاؤمية‬ ‫اؼب ً‬
‫ي‬
‫للفيلسوؼ األؼباشل اؼبتشائم "آرثرشوبنهاكر"‪ ،‬كفيلسوؼ القوة "فريدريك نيتشو"‪ ،‬كالفالسفة الوجوديُت‬
‫األؼباف‪ ،‬يرل كامو أف العادل اػبارجي ما ىو إال حالة من حاالت الذات‪ ،‬كتعد قضية االنتحار القضية‬
‫اؼبركزية يف كتابات كامو‪ ،‬كاإلنساف يف نظره كائن يعيش يف عبثية‪ ،‬كيواجو مواقف عبثية طيلة كجوده‪،‬‬
‫كتتجلى النزعة الفردية كالالعقالنية يف أعماؿ كامو إذل مستول فيو الكثَت من اؼببالغة كالشطط‪.‬ك من اىم‬
‫مؤلفاتو ‪ ":‬أسطورة سيزيف" ك"ركاية الطاعوف" ك" اإلنساف اؼبتمرد"‪.)4(،‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬ياسبَتس‪ ،‬ص‪.112‬‬


‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ص‪.57‬‬
‫‪ -3‬كتورة جورج ‪ ،‬جوف بوؿ سارتر‪،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب اعبديد اؼبتحدة‪ ،‬بَتكت لبناف ‪ ،2006،‬ص‪.09‬‬
‫‪ -4‬ؾبموعة أكاديبيُت سوفياتيُت‪،‬اؼبوسوعة الفلسفية‪،‬ط‪،1‬دار التقدـ‪،‬بَتكت لبناف ب‪/‬س‪ ،‬ص‪.386‬‬

‫‪84‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫‪-‬ثانيا‪ :‬المبادئ و األفكار‪ :‬من أىم اؼببادئ ك االسس اليت بٍت عليها اؼبذىب الوجودم ك الفلسفة‬
‫الوجودية قبد مايأيت‪:‬‬
‫‪-1‬الوجود البشرم اك الذات البشرية ك االنساف (اغبياة‪-‬الوجداف‪-‬اغبرية)ىو اؼبوضوع ا﵀ورم للمذىب‬
‫الوجودم‪.‬‬
‫‪-2‬الوجود سابق عن اؼباىية‪.‬‬
‫‪-3‬اؼبوجودات نوعاف‪ :‬الوجود لذاتو ك ىو االنساف‪ ،‬كالوجود يف ذاتو كىو كل اؼبوجودات االخرم غَت‬
‫العاقلة‪.‬‬
‫‪-4‬اؼبنظومات يف ـبتلف اجملاالت ك اؼبيادين كالقيم‪ ،‬االخالؽ‪ ،‬االعراؼ‪ ،‬العادات‪ ،‬التقاليد كلها نسبية‬
‫كمتغَتة كليست مطلقة‪.‬‬
‫‪-5‬اغبرية عنواف االنساف بل ىناؾ جربية حرية‪ ،‬كالالمباالة سلوؾ داؿ عليها‪.‬‬
‫‪-6‬ترفض الوجودية كل اؼبنظومات اعباىزة ك اؼبوركثة الهنا قيود ربد اغبرية البشرية‪.‬‬
‫‪-7‬من اؼبهاـ األكلوية للوجودية‪ :‬قضايا االنساف ك الوجود االنساشل‪ :‬رفض اؼباىية‪،‬كاغبرية‪ ،‬اإلختيار‪،‬‬
‫اؼبصَت‪ ،‬اؼبسؤكلية‪ ،‬اإلغًتاب‪ ،‬اػبيبة‪ ،‬اليأس‪ ،‬القلق‪ ،‬اؼبوت‪ ،‬اؼبعاناة‪ ،‬الفعل‪ ،‬االلتزاـ‪ ،‬كالعدـ ك االنفصاؿ‪،‬‬
‫الذاتية ك الغَتية ك الطبيعة البشرية‪.‬‬
‫‪-8‬رفض الوجودية لكل الفلسفات اؼباىوية ك خاصة اؼبثالية االؼبانية‪،‬كاليت تقوؿ بأسبقية اؼباىويات عن‬
‫الوجود الذايت لإلنساف ‪،‬ك اليت إعتنت باؼبفاىيم العامة ك اؼبطلقة ك اجملردة ك صورت االنساف يف مفاىيم ك‬
‫أفكار ك تصورات ؾبردة ليس ككتلة من اؼبشاعر ك العواطف ك االحاسيس تضج باغبياة‪،‬ك جردت االنساف‬
‫من طوابعو الفردية العينية ‪ ":‬ال تعرب عن الصراع ك التمزؽ‪ ،‬كعن مغامرة االنساف يف معركة اؼبصَت ك اإلنسانية‬
‫(‪)1‬‬
‫كجوىر ال تتأدل"‬
‫ك خالصة مبادئ الفلسفة الوجودية ‪:‬يبكن تلخيصها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬االنساف ىو ؿبور ك مركز اػبطاب الفلسفي الوجودم‪ ،‬ك جوىر الوجود‪.‬‬
‫‪ -‬أسبقية الوجود عن اؼباىية‪.‬ىو اؼببدأ األساسي يف الفلسفة الوجودية‪.‬فاالنساف يوجد يف ىذه اغبياة مث يقرر‬
‫مصَته ك مستقبلو بذاتو‪ .‬ك الوجود نوعاف‪ :‬الوجود لذاتو ك ىو االنساف‪ .‬ك الوجود يف ذاتو ك ىو باقي‬
‫اؼبوجودات األخرل ‪.‬‬

‫‪ -1‬الشاركشل حبيب ‪،‬فلسفة جوف بوؿ سارتر‪،‬بدكف طبعة ‪،‬منشأة اؼبعارؼ ‪ ،‬اإلسكندرية – مصر‪،1962،‬ص‪.10‬‬

‫‪85‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫‪ -‬مفهوـ الذاتية ‪ :‬مفهوـ الذاتية مرتبط ذاتيا دبفهوـ اغبرية ‪ ،‬ؽبذا يقوؿ سارتر "إف الذاتية تعٍت اغبرية "بالتارل‬
‫فهي مرتبطة باالختيار ‪.‬‬
‫‪ -‬الرفض اؼبطلق للنظريات الفلسفية اؼبثالية ك الكالسيكية ‪.‬‬
‫‪ -‬رفض مفاىيم ك إمالءات النظريات الدينية كالالىوتية اال ما يتعلق بالوجودية اؼبؤمنة فهو نسيب‪.‬‬
‫‪-‬اؼبسؤكلة ليس دبفهومها التقليدم ‪ ،‬كلك اؼبسؤكلية دبفهومها الفردم ‪،‬فالفرد مسؤكؿ مسؤكلية كاملة عن‬
‫إختياراتو أماـ ذاتو ‪.‬‬
‫‪-‬ثالثا‪:‬مذاهب الفلسفة الوجودية‪:‬‬
‫أ‪-‬الوجودية المؤمنة او المتدينة‪ :‬من ركادىا الفيلس ػ ػ ػ ػ ػ ػوؼ الدمباركي"سورين كَتكجارد "(‪1813‬ـ‪-‬‬
‫‪،)1855‬من مؤلفاتو "رىبة كإضطراب"‪ ،‬اذل جانب الفيلسوؼ‪":‬غابرياؿ مارسيل" (‪ )1873-1889‬يف‬
‫كتابو"الوجود كاؼبلك" ك" سر الوجود" ما يسمى بالوجودية اؼبسيحية اليت ذبد بعض حلوؿ قضايا ك مسائل‬
‫بالرجوع اذل االعتقاد الديٍت النصراشل‪.‬‬
‫الدكافع اؼبساعدة يف كجود الفلسفة الوجودية اؼبؤمنة ىو مناىضة ك ؿباربة الفلسفة اؼبثالية األؼبانية‪،‬‬
‫كاؼبقصود بالفلسفة اؼبثالية؛ ىي الفلسفة اليت تعتقد بأسبقية الفكر أك الوعي على اؼبادة‪ ،‬أم أف ىناؾ أفكارا‬
‫الصيت يف القرف التاسع‬ ‫اؼبادم‪ ،‬كانت الفلسفة اؼبثالية ذائعة ٌ‬
‫ٌ‬ ‫أم العادل‬
‫تؤسس للواقع كالعادل "الفيزيقي" ٍ‬
‫عشر يف أكركبٌا‪ ،‬فهيغل كاف دبثابة األب الركحي للفالسفة اؼبثاليُت‪ ،‬ك ٌأكؿ من أسس ؽبذا التيار الفلسفي ىو‬
‫الفيلسوؼ كَتكجارد‪ ،‬فلسفة كَتكجارد الوجودية اؼبؤمنة‪ ،‬فلسفة ىيغل من كجهة نظر ذاتية حبتة‪ ،‬فاغبقيقة‬
‫على الدكاـ ذاتية(‪.)1‬‬
‫يقوؿ أحد الفالسفة" تيليش"(‪":)*2‬حُت قدمت الفلسفة الوجودية اذل اؼبانيا ‪ ،‬توصلت أنا اذل فهم جديد‬
‫(‪)3‬‬
‫للعالقة بُت الفلسفة ك الالىوت "‬

‫‪-1‬مرجع سابق ‪،‬ؾبموعة أكاديبيُت سوفياتيُت‪ ،‬ص‪238‬‬


‫*‪ -‬باكؿ يوى ػ ػ ػ ػانس اكسك ػ ػ ػ ػ ػ ػار تيليش"‪1074-1887(:‬ـ) قسيس بركتستانيت ك فيلسوؼ ديٍت ‪ ،‬ك من أبرز فالسفة اؼبسيحية يف القرف‬
‫‪ 41‬ك منظر الىويت‪،‬آمن باف الوحي ليس ؾبرد االجابة عن تساؤالت نظرية بل أيضا حلوؿ مثلي للمشاكل العملية ‪ ،‬كيعترب من أبرز‬
‫فالسفة الوجودية اؼبؤمنة‬
‫‪ -2‬اػبورل ‪ ،‬يبٌت طريف ‪،‬الوجودية الدينية –دراسة يف فلسفة باكؿ تيليش ‪،‬ط‪ ،1‬مؤسسة ىنداكم ‪،‬القاىرة –مصر‪،2017،‬ص‪.83‬‬

‫‪86‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫الوجودية دل تكن ؾبرد فلسفة بل ظاىرة إجتماعية‪ ،‬لذلك يرل أحد دارسي اؼبذاىب الوجودية ‪ ،‬بأف‬
‫للوجودية داللة مزدكجة‪ ،‬داللة باعتبارىا تيارا فلسفيا مبت يف داخلو مذاىب متعددة‪ ،‬كداللة بوصفها ظاىرة‬
‫إجتماعية موسومة بكلمة (كجودية)تلك الكلمة اليت إنتشرت كاسعا (‪.)1‬‬
‫ك لقد حاكؿ الكاتب ك الركائي اؼبصرم ‪ ،‬رائد القصة القصَتة "أنيس منصور" تقرب مفهوـ الوجودية‬
‫بقولو‪ ":‬الوجودية تنظر اذل الشخصية اإلنسانية على أهنا لوحة يقوـ االنساف برظبها يوما بعد يوـ ‪ ،‬كلونا بعد‬
‫(‪)2‬‬
‫لوف "‬
‫( *‪) 3‬‬
‫من ركادىا الفيلسوؼ الفرنسي "جوف بوؿ ساتر "(‪-1905‬‬ ‫ب‪-‬الوجودية الملحدة‪:‬‬
‫‪.)1980‬الوجودية اؼبلحدة ال تؤمن باالدياف السماكية ػ كتعتربىم عوائق لإلنساف للتقدـ كالتطور ك اغبرية‬
‫كالتحرر‪ ،‬ككاف رد الفعل ىذا‪ ،‬دبثابة رفض للقيود اليت كانت ترفضها الكنيسة النصرانية يف العصور الوسطى‪،‬‬
‫من خالؿ ؿباكم التفتيش اليت كانت رباكم العلماء‪ .‬كؽبذا قبد من أىم أفكار الوجودية غَت اؼبؤمنة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬كفركا با﵁ كرسلو ككتبو كبكل الغيبيات ككل ما جاءت بو األدياف‪ ،‬كيعتربكهنا عوائق أماـ اإلنساف كبو‬
‫اؼبستقبل‪ .‬كقد ازبذكا اإلغباد مبدأ ككصلوا إذل ما يتبع ذلك من نتائج مدمرة‪.‬‬
‫‪ -‬الوجوديوف‪ ،‬اغبياة يف نظرىم‪ ،‬ؾبرد إحساس أليم بالضيق كالقلق كاليأس كالشعور بالسقوط كاإلحباط‬
‫ألف الوجودية ال سبنح شيئان ثابتان يساعد على التماسك كاإليباف كتعترب اإلنساف قد أيلقي بو يف ىذا العادل‬
‫كسط ـباطر جعلتو يف صراع مع االىواؿ ك اؽبموـ ك اؼبعاناة‪.‬‬
‫‪ -‬يؤمنوف إيبانان مطلقان بالوجود اإلنساشل كزبذكنو منطلقان لكل فكرة‪.‬‬
‫‪ -‬يعتقدكف بأف اإلنساف أقدـ شيء يف الوجود كما قبلو كاف عدمان كأف كجود اإلنساف سابق ؼباىيتو‪.‬‬
‫‪ -‬ترل الوجودية اؼبلحدة‪ ،‬أف األدياف كالنظريات الفلسفية كخاصة الفلسفات اؼبثالية اليت سادت خالؿ‬
‫القركف الوسطى كاغبديثة دل ربل مشكلة اإلنساف‪.‬بل جعلتو ؾبرد فكرة ك ىوية كتصورات عقلية ؾبردة ‪،‬‬
‫كدل تنظر اليو كشعور ك حياة ك عواطف ك مشاعر ك معاناة كجودية ‪.‬‬
‫‪ -‬الوجودية غَت اؼبؤمنة ‪ ،‬تسعى اذل جعل البشر كآؽبة‪ ،‬من خالؿ إعادة االعتبار الكلي لإلنساف كمراعاة‬
‫تفكَته الشخصي كحريتو كغرائزه كمشاعره‪.‬‬

‫‪ -1‬جوليفييو‪ ،‬رهبيس‪ ،‬اؼبذاىب الوجودية‪-‬من كَتجارد اذل جوف بوؿ سارتر‪ ،-‬تر‪:‬فؤاد كامل‪ ،‬مرا‪:‬ؿبمد عبد اؽبادم أبو ريدة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫اآلداب‪ ،‬بَتكت لبناف‪ ،1988 ،‬ص‪.05‬‬
‫‪ -2‬منصور أنيس‪ ،‬مقاالت عن الوجودية‪ ،‬ط ‪ ،09‬دار هنضة مصر للنشر‪ ،‬اعبيزة –صبهورية مصر العربية‪ ،‬سبتمرب ‪ ،2010‬ص‪.14‬‬
‫*‪ -‬الوجودية اؼبلحدة‪ :‬ىي مذىب من مذاىب الوجودية‪ ،‬يرفض التدين ك االخالؽ الدينية‪ ،‬رائدىا جوف بوؿ سارتر الفرنسي‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫اغبرية اؼبطلقة اعبربية ىي العنواف الرئيسي لإلنساف‪،‬كاف مستقبل االنساف ك مصَته بيده‪ ،‬كأف لو أف‬ ‫‪-‬‬
‫يثبت كجوده كما يشاء كبأم كجو يريد دكف أف يقيده شيء‪.‬‬
‫اإلنساف مضطر أف يطرح اؼباضي كينكر كل القيود دينية كانت أـ اجتماعية أـ فلسفية أـ منطقية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدين – يف نظرىم ‪ -‬ؿبلو الضمَت أما اغبياة دبا فيها فمقيدة إلرادة الشخص اؼبطلقة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تنكر الوجودية اؼبلحدة بوجود قيم ثابتة توجو سلوؾ الناس كتضبطو إمبا كل إنساف يفعل ما يريد كليس‬ ‫‪-‬‬
‫ألحد أف يفرض قيمان أك أخالقان معينة على اآلخرين‪.‬‬
‫الوجودم اغبق عندىم ىو الذم ال يقبل توجيها من اػبارج إمبا يسَت نفسو بنفسو كيليب نداء شهواتو‬ ‫‪-‬‬
‫كغرائزه دكف قيود كال حدكد‪.‬‬
‫الوجودم اغبق عندىم ىو الذم ال يقبل توجيها من اػبارج إمبا يسَت نفسو بنفسو كيليب نداء شهواتو‬ ‫‪-‬‬
‫كغرائزه دكف قيود كال حدكد‪.‬‬
‫الوجودية يف مفهومها سبرد على الواقع التارىبي كحرب على الًتاث الضخم الذم خلفتو اإلنسانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تأثرت بسقراط الذم كضع قاعدة "اعرؼ نفسك بنفسك‪".‬تأثركابالركاقيُت(‪)*1‬الذين فرضوا سيادة‬
‫النفس‪.‬‬
‫‪-‬رابعا‪:‬نموذج شخصية فلسفية‪:‬‬
‫جوف بوؿ سارتر‪1905(،‬ـ‪ )1980-‬فيلسوؼ ك اديب ك مسرحي فرنسي ‪،‬ك النزعة الوجودية‬
‫السارترية ‪،‬ىي نزعة إنسانية ذبعل اغبياة االنسانية فبكنة ‪ ،‬كمعٌت ىذا ‪،‬أف كل حقيقة ككل فعل يستدعياف‬
‫كسطا ك ذاتية إنسانية(‪.)2‬‬
‫أ‪-‬نبذة عن حياتو ‪:‬‬
‫كلد سارتر يف فرنسا سنة ‪ 1905‬ك كاف كالده ضابطا يف البحرية الفرنسية يسمى"جاف باتيست سارتر"ك‬
‫امو "مارم إشفيتزر" ك كاف جده أبو أمو "الربت شفايتزر" حاصل على جائزة نوبل للسالـ سنة‬
‫‪. 1952‬منذ كفاة ابيو عندما كاف يتجاكز السنة من عمره ‪ ،‬كفلتو أمو ‪.‬ك عاش يف ضواحي" باريس "‪،‬‬
‫كالتحق بثانوية "ىنرم الرابع"سنة ‪.1916‬كيف سنة ‪1920‬ـ ربصل على شهادة البكالوريا" شهادة الثانوية‬
‫العامة"‪.‬كيف سنة ‪1924‬ـ التحق دبدرسة اؼبعلمُت العليا ‪.‬كيف سنة ‪ 1929‬ـ زبرج ك كاف ترتيبو االكؿ‪ ،‬ك‬

‫* ‪ -‬الركاقيوف‪ :‬ىم تالميذ‪ ،‬كمن تاثركا باؼبدرسة الركاقية‪ ،‬اليت أسسها ارسطو طاليس‪.‬‬
‫‪ -1‬جوف بوؿ سارتر‪"-‬الوجودية نزعة إنسانية "دار النشر غيمارد ‪.1996،‬ص‪.23‬‬

‫‪88‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫"سيموف دم بوفوار"اليت تصبح زكجتو يف الًتتيب الثاشل ‪ ،‬ك ىذا ما تطرقت اليو يف كتاهبا" مذكرات فتاة‬
‫عاقلة "ض‪.342-338‬‬
‫يف سنة ‪ 1931‬ـ عُت مدرسا يف ثانوية تسمى"لو ىافر"ػ كيف سنة ‪،1936-1934‬كتبو ركايتو‬
‫اؼبشهورة "الغثياف" ‪ ،‬كيف سنة ‪1939‬ـ قامت اغبرب العاؼبية الثانية ‪ ،‬كالتحق باعبيش الفرنسي ‪،‬ك لكن‬
‫أعتقل ك أكدع يف معسكر إعتقاؿ ‪.‬كلكن اطلق سراحو سنة ‪1941‬ـ ‪.‬كيف سنة ‪1942‬ـ بدأ "سارتر"‬
‫الكتابة يف اؼبقاىي يف الشارع الباريسي اؼبشهور "ساف جرماف"‪ ،‬ككاف يلتقي برجاؿ االدب ك اؼبسرح‬
‫كالفكر‪ ،‬ك كاف من اصدقائو الكاتب اؼبشهور" البَت كامي"الذم التقاه يف سنة ‪ .1944‬ك صبعتهما صحبة‬
‫فكرية اذل غاية سنة ‪ ،1946‬اختلفا فيما بينهما‪ .‬كيف سنة ‪ ،1952‬كقعت قطيعة هنائية بينو كبُت "البَت‬
‫كامي" ك يف ذات السنة التقى مع "مارتن ىايدجر" ‪.‬كبعد عدة أحداث مد ك جزر يف حياتو خاصة على‬
‫مستول السياسة ناؿ جايزة نوبل سنة ‪ 1964‬ك يقاؿ انو رفض إستالمها ‪ .‬كيف سنة ‪1969‬ـ توفيت امو‪،‬‬
‫ك يف ‪ 20‬مارس ‪ 1980‬ادخل اؼبستشفى للعالج السباب تتعلق باعبهاز التنفسي ك الرئتُت‪ ،‬ك سرعاف ما‬
‫تويف يف اؼبستشفى بتاريخ ‪ 15‬افريل ‪ ،1980‬كدفن يف مقربة تسمى "موبرناس" يف ضواحي باريس‪ ،‬كمت‬
‫(‪)1‬‬
‫إحراؽ جثتو حسب كصيتو‬
‫ب‪ -‬ملخص فلسفة سارتر‪:‬‬
‫النزعة الوجودية اليت يعتربىا "سارتر "نزعة إنسانية صافية كمتحررة‪ ،‬تتمحور أساس حوؿ‬
‫االنساف‪ ،‬من خالؿ اجملاؿ العملي دبعٌت الفعل كالسلوؾ‪،‬ك اجملاؿ العملي‪ ،‬أم فهم حقيقة الوجود‪ ،‬مع العلم‬
‫اف ىاذين اجملالُت يعتمداف بشكل أساسي على ما يبذلو البشر من جهد كإجتهاد‪.‬ك ال يتوافق "سارتر" مع‬
‫الرؤية العقالنية الديكارتية اليت ترل االنساف ؾبرد فكرة ؾبردة‪ ،‬زبتصر يف دليلو الوجودم اؼبعركؼ بالكوجيتو‬
‫"انا افكر‪ ،‬إذف أنا موجود"(‪.)2‬ك من خالؿ النقاط التالية كبدد اؼبعلم االساسية اك اػبصائص العامة لفلسفة‬
‫سارتر الوجودية‪:‬‬
‫‪ -1‬رفض الماهية و اسبقية الوجود عن الماهية و الطبيعة البشرية‪:‬‬
‫من خالؿ تتبع فلسفة "سارتر" الوجودية‪ ،‬قبدىا بشكل مستمر‪،‬كبإصرارلفكرة" اؼباىية"اليت ربدد مسار‬
‫االنساف ك مصَته ‪.‬فمن اؼببادم االساسية الرفض القطعي لوجود ام تدخالت مهما كاف نوعها سواء كاف‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة بدكم ج‪. 1‬ص‪.564-563‬‬


‫‪ -2‬سارتر – الوجودية النزعة االنسانية – تعريب ؿبمد عبد اؼبوذل ك زىَت اؼبدنيٍت‪ ،‬التنوير‪ :‬ط ‪ ،2012‬ص‪.61‬‬

‫‪89‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫على مستول ذايت اك موضوعي‪.‬النو ببساطة كجود االنساف سابق عن ماىيتو‪.‬كمعٌت ىذا‪ ،‬عدـ كجود ام‬
‫قوة ؽبا القدرة على ربديد ماىية االنساف كمستقبلو ‪،‬ماعدا حريتو اؼبطلقة اؼبسؤكلة ك اؼبرتبطة بالفعل كالسلوؾ‬
‫ك اؼبعاناة ك اؼبعايشة الواقعية ك الوجدانية كالشعورية ‪.‬لذلك يقوؿ "سارتر" ‪ ":‬ال يبكن للوجود االنساشل أف‬
‫يتلقى غاياتو ‪....‬من اػبارج كال من طبيعة داخلية مزعومة ‪...‬فوجود الدازاين يسبق ماىيتو كيوجهها"(أكتب‬
‫بالفرنسية –سارتر‪-‬إيكزيستونسياليزـ ك ىيمانيزـ‪-‬اك‪-‬يب –سيت –باج ‪-30‬قيمار ‪).1996-‬ك يقوؿ‬
‫ايضا ‪":‬أف كجود اؼبوجود لذاتو يتحكم يف ماىيتو"(‪ )1‬ك لقد ناقش "سارتر " كثَتا الفلسفات الكالسيكية‬
‫كخاصة الفلسفة العقالنية الديكراتية ك اؼبذاىب اؼبادية اليت كانت تتحدث عن اؼباىية االنسانية‪،‬كما ربدث‬
‫عن الطبيعة االنسانية ك كيف ىي خَتة حسب منظور "جوف جاؾ ركسو" كاليت تعترب حرة كمتحررة‬
‫كقابليتها للتحسن اؼبستمر ك االكتماؿ ‪ .‬ك الفرؽ بُت اغبيواف كاالنساف‪ ،‬اف االكؿ ربكمو ك تقيده الطبيعة‪،‬‬
‫يف حُت االنساف متحرر باالرادة ‪.‬ك عليو فاغبيواف ؿبدد اؼباىية منذ الوجود‪ ،‬يف حُت ىذه اؼبعادلة معكوسة‬
‫عند االنساف‪ ،‬حبيث اؼباىية ال تتحدد بالوجود بل يف اؼبستقبل الذم وبدد اؼبصَت البشرم ‪،‬عن طريق‬
‫االرادة‪.‬‬
‫‪-2‬االنسان بين الذاتية و الغيرية‪:‬‬
‫اؼبقصود بالذاتية عن "سارتر" ىو أف يكوف االنساف صانع نفسو ‪ ،‬كمن تسعى الوجودية عبعل‬
‫االنساف اكثر سبلكا لنفسو ك لوجوده‪.‬ك ربمل اؼبسؤكلية الكاملة لالفعالو ك مشاريعو الوجودية لتحقيق ذاتو‬
‫‪.‬ك منو فاؼبقصود بالذاتية عن كجودية "سارتر" أف هبعل االنساف ذاتو حرة يف افعاؽبا ‪ ،‬كأف الفرد ال يستطيع‬
‫ذباكز ذاتيتو‪.‬ك ىبصص "سارتر" جانب كبَت يف نقده لالنطولوجية الديكارتية اليت اختصرت االنساف يف‬
‫اؼبقولة اؼبشهورة 'انا افكر إذف أنا موجود"‪ ،‬كيرل اف االنساف ليس ؾبرد فكرة عقلية ؾبردة بل ىو حياة‬
‫كشعور ك معاناة‪.‬‬
‫اما اؼبقصود بالغَتية ‪ ،‬أف أجعل ذايت مبوذج للغَت ‪ ،‬دبعٌت عندما اشرع قوانُت اك قواعد ‪ ،‬فهذا يعٍت ك كأنٍت‬
‫اشرع لالنسانية صبعاء ك ليس لذايت فقط‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.519‬‬

‫‪90‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫‪-3‬الحرية و االلتزام و االختيار و الفعل االنساني‪:‬‬


‫مفهوـ اغبرية عند "سارتر" مرتبط جبملة من اؼبفاىيم الضمنية كالفرعية ‪،‬كالفعل ك االلتزاـ ك اؼبشركع‬
‫ك اؼبسؤكلية ك االختيار‪ ،‬فاالنساف ؿبكوـ عليو باغبرية(‪.)1‬ك مهما كانت الصفات ك اؼبميزات اليت تطبع‬
‫شخصية االنساف اك طبعو‪ ،‬فهو مسؤكؿ عنها مسؤكلية كاملة ‪ ،‬كاعبنب ‪،‬الشجاعة‪ ،‬الذكاء ‪ ،‬ك غَتىا‬
‫‪.‬فاالنساف مشركع ذاتو مسؤكؿ عن كل إختياراتو مهما بدا أهنا قدرية اك متحكمة فيو ‪.‬ك ؼبصطلح الفعل‬
‫انبية كربل يف اؼبنظومة الفلسفية الوجودية كعند "سارتر "بشكل خاص‪ ،‬حيث يقوؿ يف كتبو" الوجود‬
‫كالعدـ "اف النزعة االنسانية الوجودية زباطب كل متقاعس ك يتذرع بالظركؼ ا﵀ية بو‪ ،‬حيث تقوؿ‬
‫لو‪":‬لديك إستعدادات ك ميوؿ ك أمامك فبكنات‪ ،‬إذف إفعل"(‪ )2‬ك ؽبذا ال تعتربالوجودية نزعة إحباط كتثبيط‬
‫ماداـ اهنا مرتبطة بالفعل كالتغيَت كأخالؽ الفعل ك االلتزاـ‪.‬‬
‫ك يرل "سارتر " اف االلتزاـ ىبتلف عرب العصور‪ ،‬حسب مقتضيات كل مرحلة ‪ ،‬ك ضركرة العمل‬
‫كالفعل‪ ،‬كإستفراغ كل ما يكوف يف االستطاعة فعلو‪ ،‬كال حاجة رل ألمل الفارغ من ؿبتول التجسيد العملي‬
‫الواقعي‪.‬إذف االلتزاـ ك الفعل مرتبطاف بتحقيق مشركع الذات االنسانية كنبا أساس كجوده ضمن نسق اغبرية‬
‫‪.‬ك ىذا ما تسميو"سيموف دم بوفوار" بػػكوف كل فكرة ك كل عاطفة ىي مشركع(‪ )3‬ك بناءا على ماسبق‪،‬‬
‫فاف االنساف حسب "سارتر" جوىر االنساف ىو فيما يفعلو ‪ ،‬كاف كجود االنساف مرىوف دبا يصنعو بنفسو‬
‫‪.‬كلكن كل ما يفعلو ىو مرتبط خبيارتو ‪ ،‬فبا ينجم القلق إزاء ىذه االختيارات اؼبالزمة للمسؤكلية ‪.‬ك اؼببدأ‬
‫االساسي يف ىذا االطار ‪،‬أف زبتار حبيث يكوا إختيارؾ كمبدأ إختيارم لكل البشر‪،‬دبعٌت يصبح ىذا‬
‫االختيار يتسم باػبَتية لكل البشر‪.‬‬
‫ك فبا ىو جذير باؼبالحظة ‪،‬اف الوجودية ترفض كل انواع الضركرة كاغبتمية ؼبختلف أصنافها ‪ ،‬الف‬
‫ربقيق اؼبشركع الم إنساف مرتبط باغبرية اؼبطلقة غَتاؼبقيدة بام شركط بغض النظر عن طبيعتها‪ .‬اال ما‬
‫يرتبط باغبتمية اغبرية فهي جائزة كجوديا ‪.‬على غرار ىذا يربط "سارتر" اغبرية بسلوؾ التعدصل كالنفي‪ ،‬كالنفي‬
‫ىو إضفاء تصور على االشياء االخرل اليت ال تعنيٍت اك ربوؿ دكف فبارسة إختيارايت ك حرييت بشكل كلي‬
‫‪.‬ك بصفة عامة يبكن القوؿ اف الوجود ىو اغبرية ‪،‬ك اغبرية ىي الفعل ‪،‬كالفعل إختيار ك قرار كحىت االمتناع‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jean-Paul Sartre,L'existentialisme est un humanisme, University of Minnesota, 1970,USA, P22.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Jean-Paul Sartre, l'être et le néant, Gallimard, Paris France,1955, P78.‬‬
‫‪ -3‬سيموف دم بوفوار‪ ،‬بَتكس كيسيناس ‪ ،‬ترصبة جورج طرابيشي‪ ،‬منشورات دار االداب‪ ،‬بَتكت‪،‬ط‪،1،1963‬ص‪.24‬‬

‫‪91‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫يعترب إختيار ‪ ،‬ك القرار يثَت القلق ‪ ،‬ك القرار مرتبط باالختيار ك مرتبط باؼبسؤكلية‪ ،‬كاغبرية تتمثل يف القدرة‬
‫على االلتزاـ بالعمل ك الفعل لتغيَت الظركؼ ك اغبياة‪.‬‬
‫‪ -4‬الخصائص الوجودية االنسانية‪ :‬االنفصال و العدم‬
‫يبيز "سارتر"بُت نوعُت من الوجود‪ ،‬الوجود يف ذاتو (باقي اؼبوجودات)‪ ،‬كالوجود لذاتو(االنساف)‬
‫‪.‬ك يرفض رفضا مبدئيا فكرة ما يسمى بالوجود بالقوة عند" آرسطو"‪.‬الف كل موجود ىو موجود كماىو منذ‬
‫الوىلة االكذل ‪.‬ترتبط الوجودية السارترية دبفهومي العدـ كاالنفصاؿ ‪.‬ك العدـ عند "سارتر" يفهم دبعاشل‬
‫متعددة ‪.‬فالعدـ يرتبط عموما بالوعي االنساشل ك اغبرية ك اؼبسارات ‪.‬فامكاف االنساف إعداـ شعوره بالعادل‬
‫اػبارجي عندما ال يتالءـ كمبادئو ‪.‬‬
‫اما اؼبقصود باالنفصاؿ اك النفي‪،‬كوف الوجود االنساشل يف حركة دائبة قوامها االنفصاؿ عن اؼباضي‬
‫كاالذباه كبو اؼبستقبل‪.‬فاالنفصاؿ يعٍت ال كجود ؼبهاية سابقة عن الوجود ‪ ،‬كىذا االنفصاؿ يبكن الوعي من‬
‫فتح ؾباالت االختيار ؼباشاء من القيم كاؼبعاشل ‪.‬ك ىكذا يتمكن الوعي البشرم يف إطار اغبرية اؼبطلقة ربديد‬
‫ىويتو ك ماىيتو ‪.‬‬
‫االنفصاؿ ك النفي كالقيمة ( قيمة االمكاف) ؾبموعة من العناصر كالعوامل اليت تنتج العدـ عند تظافرىا‬
‫‪.‬الهنا تنفي اغباضر ‪ ،‬بسبب إنغالؽ االنساف يف فرديتو ك تقوقعو ك استغراقو يف ىذه الفردية ‪.‬بغرض‬
‫االستغناء عن كل ا﵀يط البشرم الذم وبيط بو ‪.‬ك بناءا على ىذا انتقد "سارتر" الفلسفات الكالسيكية‬
‫اليت جعلت االنساف غاية ‪،‬الف االنساف يف ذبدد مستمر لغرض إستكماؿ ذاتو ‪.‬فالتجاكز كالتعارل ىو ظبة‬
‫كجودية بشرية ذات قيمة كبَتة ‪.‬‬
‫‪ -‬أىم مؤلفات سارتر‪" :‬الوجود العدـ"‪"،‬الوجودية مذىب إنساشل" ‪ "،‬نقد العقل اعبدرل" ‪" ،‬موتى بال‬
‫قبور" مسرحية "الغثياف" ك "األيدم القذرة"(*‪ )1‬ك غَتىم ‪.‬‬

‫*‪ -‬مسرحية االيدم القذرة‪ :( Les Mains sales) :‬ىي مسرحية عباف بوؿ سارتر ‪.‬مت عرضها ألكؿ مرة يف ‪ 2‬نيساف ‪ 1948‬يف‬
‫مسرح أنطواف يف باريس‪ ،‬من إخراج بيَتفالدم كمارم أكلفييو كأندريو لوجيت‪ .‬تدكر أحداث اؼبسرحية يف بلد إيلَتيا اػبيارل بُت عامي‬
‫‪ 1943‬ك ‪ ، 1945‬حوؿ اغتياؿ سياسي بارز‪ .‬يتم سرد القصة بطريقة اػبطف للخلف‪ ،‬حيث يصف القاتل كيف قاـ دبهمتو‪ .‬مت ربديد‬
‫ىوية القاتل منذ البداية‪ ،‬لكن ا لسؤاؿ ىو ما إذا كانت دكافعو سياسية أك شخصية‪ .‬كبالتارل‪ ،‬فإف اؼبوضوع الرئيسي للمسرحية ليس من‬
‫فعل جريبة القتل كلكن ؼباذا مت القياـ بو‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫‪-‬خامسا‪:‬قراءة نقدية و تقييمية‪:‬‬


‫‪ -1‬ترل الوجودية أف الوجود اإلنساشل ىو اغبقيقة اليقينية الوحيدة فال يوجد شيء سابق عليو كال يوجد‬
‫شيء الحق لو‪ ،‬كأف الدين قيد على اإلنساف‪.‬ك ىذا ىدـ لألدياف ك االيباف كالقيم اليت جاءت كما يًتتب‬
‫عنو من أخطار تتوعد البشر ‪.‬لذلك يقوؿ احد اؼبفكرين ‪" :‬إذا كاف االيباف با﵁ غَت موجود ‪،‬فكل شيء‬
‫هبوز" ‪.‬‬
‫‪ -2‬اغبرية اؼبطلقة للفرد تؤدم اذل الالمباالة ك الفردانية ك التفرد يف أخذ القرارت الالمسؤكلية‪ ،‬فبا يؤدم إذل‬
‫اإلكبالؿ األخالقي‪.‬ك ىدـ منظومات القيم األخالقية كالًتبوية‪.‬ك اؽبركب من اؼبسؤكلية ‪.‬ككيف تفسر لنا‬
‫الوجودية اغبياة اليت تسَت عكس أىداؼ البشر ك طموحاهتم ك تطلعاهتم‪.‬فاغبياة ال تسَت كفق رغبات البشر‬
‫‪.‬فاغبرية ؿبدكدة ك زبضع عبملة من اغبتميات ك الظركؼ القاىرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬مذىب إضطرابات نفسية ك عقد كقلق كيأس كفراغ ركحي كىي أىم ركائزه‪ .‬فالقلق نتيجة اإلغباد كعدـ‬
‫اإليباف بالقضاء كالقدر كنبذ القيم األخالقية كالسلوكية‪ ،‬كأما اؽبجراف فهم إحساس الفرد بأنو كحيد كال عوف‬
‫لو إال نفسو‪ ،‬كأما اليأس فهو نتيجة طبيعة للقلق كاؽبجراف(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬اؼبعرفة تتسم بالشك كاالرتياب ال يبكن التأكد منها إال بالتجربة اؼبيدانية اليت قد تؤدم اذل تبعات‬
‫كخيمة ك كارثية‪.‬‬
‫‪ -5‬يرل الوجوديوف أف كل إنساف مشركع ذاتو ‪،‬ك بالتارل ال تؤمن بوجود قيم ثابتة توجو سلوؾ اإلنساف‬
‫كتضبطو بل ىبتار الفرد قيمو بنفسو‪ ،‬ككل إنساف يفعل ما يريد‪.‬فبا يؤدم اذل ىدـ القيم ك العادات كالتقاليد‬
‫كاألعراؼ اليت إكتسبها البشر عن طريق التجارب اإلنسانية ك األدياف السماكية ك اليت أثبت قباعتها‬
‫كمصداقيتها‪.‬‬
‫‪ -6‬ترفض التعليم اعبماعي كتؤكد على التعليم الفردم ‪،‬فلذلك ال وبصل على تغذية راجعة من اؼبعلم‪.‬‬
‫‪. -7‬دل هتتم باألنشطة الًتبوية اؽبادفة ك اؼبوجهة‪.‬‬
‫‪ -8‬اؼبعلم ليس لو دكر كبَت يف العملية التعليمية (دل يكن موجو كال مرشد) بل يتمحور دكره حوؿ إثارة‬
‫انتباه كميل الطالب‪.‬‬
‫‪ -9‬ال تؤمن بالعمل التعاكشل اعبماعي بل الفرد دبعزؿ عن اجملتمع‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪/‬الشرقاكم ؿبمد عبد ا﵁ ‪،‬يف الفلسفة العامة –دراسة كنقد‪،‬ط‪ ،4‬دار اعبيل ‪ ،‬بَتكت –لبناف ‪،1001،‬ص‪44‬‬

‫‪93‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫‪ -10‬دل تربىن الوجودية‪ :‬كيف اف الوجود سابق عن اؼباىية ؟ على غرار قضايا أخرل‪ ،‬ك بالتارل ىي تعتمد‬
‫على ؾبرد زبمينات ك توقعات تفتقر لألدلة كالرباىُت ك اغبجج العلمية كاؼبنطقية ك التارىبية‪.‬‬
‫‪ -11‬اإلنساف اجتماعي بالضركرة كاجتماعي بالفطرة كالفطرة تتطلب أف يولد يف أسرة اجتماعية كالبد‬
‫يعطي األسرة كاجملتمع أخالقان موجبة ألف اجملتمع من أعطاه بعد ا﵁ اللغة كالعقل كأىم أبرز خصائص‬
‫اإلنساف ‪.‬‬
‫‪-12‬كيف يتخذ الطفل القرارات أثناء تعلمو كىو دل يكتمل نضجو‪.‬‬
‫‪-13‬تلقي الوجودية مسؤكليات كبَتة على إدارة كتنظيم العملية التعليمية كالًتبوية حيث ترل الفرد دبفرده‬
‫يشكل نظامان تعليميان فبا هبعل اؼبدرسة عبارة عن ؾبموعة أنظمة فبا يؤدم إذل الفوضى كالتميع كضبابية القيم‬
‫ك مناىج اغبياة ‪.‬‬
‫‪ -14‬أدل فكرىم إذل شيوع الفوضى اػبلقية كاإلباحية اعبنسية كالتحلل كالفساد‪.‬‬
‫رغم كل ما أعطوه لإلنساف‪ ،‬فإف فكرىم يتسم باالنطوائية االجتماعية كاالهنزامية يف مواجهة اؼبشكالت‬
‫اؼبتنوعة(‪.)1‬‬
‫‪ -15‬سبثل الوجودية اليوـ كاجهة من كاجهات اإليديولوجيات اؼبشبوىة الكثَتة اليت تعمل من خالؽبا‬
‫اؼبذاىب اؽبدامة كذلك دبا تبثو من ىدـ للقيم كالعقائد كاألدياف‪.‬‬
‫‪ -16‬كما تأثركا دبختلف اغبركات الداعية إذل اإلغباد كاإلباحية ‪،‬ك اػبركج عن القيم ك خاصة الدينية ك‬
‫التقليدية‪.‬‬
‫ظهرت يف أؼبانيا بعد اغبرب العاؼبية األكذل مث انتشرت يف فرنسا كإيطاليا كغَتنبا‪ .‬كقد ازبذت من بشاعة‬
‫اغبركب كخطورهتا على اإلنساف مربران لالنتشار السريع‪ .‬كترل حرية اإلنساف يف عمل أم شيء متحلالن من‬
‫كل الضوابط‪ .‬كىذا اؼبذىب يعد اذباىان إغباديًّا يبسخ الوجود اإلنساشل كيلغي رصيد اإلنسانية ‪.‬‬
‫انتشرت أفكارىم اؼبنحرفة اؼبتحللة بُت اؼبراىقُت كاؼبراىقات يف فرنسا كأؼبانيا كالسويد كالنمسا كإقبلًتا كأمريكا‬
‫كغَتىا حيث أدت إذل الفوضى اػبلقية كاإلباحية اعبنسية كالالمباالة باألعراؼ االجتماعية كاألدياف‪.‬‬
‫خالصة القوؿ أف الوجودية اذباه يغلب عليو الطابع اإلحادم الذم يبسخ الوجود اإلنساشل كيلغي‬
‫رصيد اإلنسانية من األدياف كقيمها األخالقية(‪ .)2‬كزبتلف نظرة اإلسالـ سبامان عن نظرية الوجودية حيث يقرر‬

‫‪1‬‬
‫‪-https://www.alshirazi.com/compilations/nirai/waqfa/part2/1.htm‬‬
‫‪ -2‬مرجع سابق ‪،‬الشرقاكم ‪،‬ص‪44‬‬

‫‪94‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫اإلسالـ أف ىناؾ كجودان زمنيان دبعٌت عادل الشهادة ككجودان أبديًّا دبعٌت عادل الغيب‪ .‬كاؼبوت يف نظر اإلسالـ‬
‫ىو النهاية الطبيعية للوجود الزمٍت مث يكوف البعث كاغبساب كاعبزاء كالعقاب‪.‬‬
‫أما الفلسفة الوجودية فال تسلم بوجود الركح كال القول الغيبية كتقوـ على أساس القوؿ بالعدمية كالتعطيل‬
‫فالعادل يف نظرىم كجد بغَت داع كيبضي لغَت غاية كاغبياة كلها سخف يورث الضجر كالقلق كلذا يتخلص‬
‫بعضهم منها باالنتحار اإلرادم‪.‬‬
‫*خالصة ‪:‬‬
‫من أىم شخصيات اؼبذىب الوجودم‪" :‬كَتكجارد"" ىايدجر""سارتر"ك "ياسبَتس"يوصف بكونو‬
‫نزعة إنسانية ‪،‬جاءت كرد فعل ك تعبَت عن خيبة أمل نتيجة حربُت عاؼبيتُت مدمرتُت ‪.‬ك لقد كاف ىناؾ‬
‫نزعتاف كجوديتاف ‪ :‬نزعة مؤمنة ‪ ،‬كنزعة ملحدة ‪ ،‬كلقد كجهت عدة إنتقادات للنزعة الوجودية باعتبارىا نزعة‬
‫تفتقر اذل اؼبنطلقات الواقعية ‪،‬كما أهنا عجت باؼبفارقات ك التناقضات فبا يفضي اذل تقويض البعض من‬
‫توجهاهتا ك مبادئها‪.‬‬
‫*قائمة مراجع المذهب الوجودي‪:‬‬
‫‪-1‬جوليفييو رهبيس‪،‬اؼبذاىب الوجودية ‪ -‬من كَتكجارد اذل ج‪.‬ب‪.‬سارتر‪-‬ط‪،1‬تر‪:‬فؤاد كامل‪،‬مرا‪:‬ؿبمد‬
‫عبد اؽبادم ابو ريدة ‪،‬دار اآلداب ‪،‬بَتكت لبناف ‪1988.،‬‬
‫‪-2‬سارتر جوف بوؿ ‪،‬الوجودية مذىب إنساشل ‪،‬تر‪:‬عبد اؼبنعم اغبفٍت ‪،‬ط‪،1‬ب‪/‬ط‪،‬دار الفكر ‪،‬القاىرة ‪،‬‬
‫ج‪،‬مصر‪ ،‬العربية‪،‬ب‪/‬سنة‪.‬‬
‫‪-3‬بدكم عبد الرضبن ‪،‬دراسات يف الفلسفة الوجودية ‪،‬ط‪،1‬اؼبؤسسة العربية للدراسات ك النشر ‪ ،‬بَتكت‬
‫لبناف ‪1980.،‬‬
‫‪-4‬منصور أنيس ‪،‬مقاالت عن الوجودية ‪،‬ط‪،9‬دار هنضة مصر للنشر ‪،‬اعبيزة ‪،‬مصر ‪،‬سبتمرب‪.2010‬‬
‫اعبامعية للدراسات ك النشر ك التوزيع ‪،‬بَتكت ‪،‬لبناف ‪.1984،‬‬
‫‪-5‬بدكم عبد الرضبن ‪ ،‬موسوعة الفلسفة ‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬اؼبؤسسة العربية للدراسات ك النشر‪،‬ط‪،1‬بَتكت لبناف‬
‫‪.1984،‬‬
‫‪-6‬صليبا ‪،‬صبيل ‪ ،‬اؼبعجم الفلسفي‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬ط‪،1‬دار الكتاب اللبناشل‪،‬بَتكت‪ ،‬لبناف ‪1982،‬‬
‫‪ -7‬د‪/‬الشرقاكم ؿبمد عبد ا﵁ ‪،‬يف الفلسفة العامة –دراسة كنقد‪،‬ط‪ ،2‬دار اعبيل ‪ ،‬بَتكت –لبناف‬
‫‪.1991،‬‬
‫‪8 -https://www.alshirazi.com/compilations/nirai/waqfa/part2/1.htm‬‬

‫‪95‬‬
‫المذهب الوجودي‪-2-‬‬ ‫الدرس التاسع‬

‫‪9- Jean-Paul Sartre,L'existentialisme est un humanisme, University of Minnesota,‬‬


‫‪1970,USA.‬‬
‫‪10- Jean-Paul Sartre, l'être et le néant, Gallimard, Paris France,1955.‬‬

‫*قائمة مصادر ومراجع تدعيمية إضافية للمذهب الوجودي( الدرس االول و الثاني) ‪:‬‬
‫‪-1‬بدكم عبد الرضبن‪،‬االنسانية ك الوجودية يف الفكر العريب‪،‬ب‪/‬ط‪،‬ككالة اؼبطبوعات ‪،‬دارالقلم‪ ،‬بَتكت –‬
‫لبناف ‪.1982،‬‬
‫‪-2‬بدكم عبد الرضبن ‪ ،‬الزماف الوجودم ‪،‬ط‪،3‬دارالثقافة ‪،‬بَتكت‪-‬لبناف ‪.1973،‬‬
‫‪-3‬عطية أضبد عبد اغبليم ‪،‬سارتر ك الفكر العريب اؼبعاصر ‪،‬ط‪،1‬دار الفارايب ‪ ،‬بَتكت‪-‬لبناف‪.2011،‬‬
‫‪-4‬سارتر جوف بوؿ ‪،‬الوجودية مذىب إنساشل ‪،‬تر‪ :‬عبداؼبنعم اغبفٍت ‪،‬ط‪،1‬الداراؼبصرية ‪،‬القاىرة –مصر ‪،‬‬
‫‪.1964‬‬
‫‪ -5‬العشماكم سعيد ‪،‬تاريخ الوجودية يف الفكر البشرم ‪،‬ط‪،3‬دار الوطن العريب‪،‬بَتكت لبناف ‪.1984،‬‬
‫‪ -6‬كامل فؤاد ‪ ،‬الغَت يف فلسفة سارتر‪،‬ب‪/‬ط‪،‬دار اؼبعارؼ ‪،‬القاىرة –مصر ‪،‬د‪/‬س‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫الدرس العاشر‪:‬‬
‫المذهب المادي‪-1-‬‬
‫المذهب المادي ‪-1-‬‬ ‫الدرس العاشر‬

‫الدرس العاشر‪ :‬المذهب المادي‪-1-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪:‬التعريف بالمذهب المادي‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪:‬مفاهيم ودالالت‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪:‬نبذة تاريخة كرونولوجية حول المذهب ‪.‬‬
‫*تمهيد‪:‬‬
‫من خالؿ ىذا الدرس ‪ ،‬كباكؿ التعرؼ على اؼبذىب اؼبادم ‪ ،‬من خالؿ التعاريف اللغوية ك‬
‫االصطالحية ‪ ،‬مث ننتقل اذل التفصيل اذل كل اؼبفاىيم ك الدالالت اؼبًتبطة بو ‪.‬اذل جانب تقدصل إطاللة‬
‫تارىبية حوؿ اؼبذىب اؼبادم ‪ ،‬كيف ظهر ك تطور يف الزمن ‪ ،‬كاعبذكر التارىبية اؼبرتبطة بو ‪.‬‬
‫المذهب المادي‪ (:‬المادية )‪ :‬بالفرنسية= (‪ -)Matérialisme‬باالنجليزية= (‪)Materialism‬‬
‫وبالالتينية= (‪)materialismus‬‬
‫‪-‬أوال‪ :‬التعريف بالمذهب‪ :‬اؼبذىب اؼبادم اك اؼبادية مأخوذ من كلمة (مادة)‪،‬كىو اؼبذىب الذم يفسر‬
‫كل شيء باالسباب اؼبادية ا﵀سوسة‪.‬ك يعتقد اف اساس الوجود ىو اؼبادة كالطبيعة‪ .‬ك ال كجود ؼبوجود‬
‫يسمى الركح اك ميتافزيقا‪.‬فاؼبادة ك الطبيعة نبا اساس اؼبعرفة ك الوجود ‪.‬فالعقل يف نظر اؼبذىب اؼبادم ىو‬
‫عبارة عن صفحة بيضاء ‪ ،‬كإمبا اساس اؼبعرفة ىو التجربة اغبسية ك الواقع اؼبادم اؼبوضوعي‪.‬كما‬
‫يعترباؼبذىب اؼبادم أف اؼبادة أكلية‪،‬ك العقل ؾبرد إضفاء ثانوم‪،‬نتيجة تراكم اؼبادة‪.‬ك أف العادل أبدم ك أزرل ك‬
‫غَت ؿبدكد يف الزماف ك اؼبكاف‪ ،‬كما ترل اف العقل ك اؼبعرفة ‪ ،‬مانبا إال إنعكاس للعادل اؼبادم اػبارجي(‪.)1‬ك‬
‫لقد كاف ىذا النوع من االفكار موجود منذ كجود االنساف ك اغبضارات الشرقية القديبة ‪ ،‬غَت أنو إزبذ‬
‫طابعا فكريا ك فلسفيا منذ فالسفة الطبيعة اليوناف ‪.‬‬
‫هبيب "ركجي غركدم "على سؤاؿ ماىي اؼبادية ؟هبيب بأهنا ‪:‬اؼبقصود باؼبادية ‪:‬ىي كوف حوادث اك‬
‫ظواىر العادل ىي االكجو اؼبختلفة للمادة اؼبتحركة ‪.‬باعتبار أف اؼبادة ىي ماىو موجود خارج الركح كاليت‬

‫‪ -1‬بغورة الزكاكم‪-‬كتاب صباعي ‪،‬مدخل جديد اذل فلسفة العلوـ ‪،‬ط‪ ،1‬مطبوعات جامعة منتورم ‪،‬قسنطينة‪،‬دار اؽبدل ‪ ،‬عُت مليلة –‬
‫اعبزائر‪،‬ب‪/‬س‪،‬ص‪.10‬‬

‫‪98‬‬
‫المذهب المادي ‪-1-‬‬ ‫الدرس العاشر‬

‫تستغٍت عن كل ركح ‪.‬ك اؼبادة ىي الواقع االكؿ‪ ،‬ك ليست إحساساتنا ك أفكارنا إال إنعكاس ك نتاج ىذا‬
‫الواقع اؼبادم(‪.)1‬‬
‫فاؼبذىب اؼبادم اك التفسَت اؼبادم للوجود ك للكوف ‪ ،‬ىو توجو فلسفي يقوـ على قاعدة مرجعية أساسها‬
‫اكلوية اؼبادة اك الطبيعة ك التجربة كاغبس عن العقل ك الوعي كالفكر‪.‬فالوعي ماىو اال تابع ثاشل ‪.‬‬
‫ك منو فالتفسَت اؼبادم ىو الذم يستبعد كليا ‪ ،‬ام تفسَت غييب اك ركحي اك ميتافيزيقي مفارؽ للطبية‬
‫اؼبادية ك قوانينيها التجريبية ‪.‬ك عليو فاؼباديوف ينكركف ام عادل اك كجود ال ىبضع للمعاينة اغبسية ك التفسَت‬
‫اؼبادم التطبيقي‪.‬فالنفس كالعقل كالركح ماىي اال إضفاءات مادية اك ظالؿ مادية ال كجود ؽبا يف االصل‬
‫‪.‬اذل درجة إنكارىم اعبذرم لكل ما الىبضع للمعاينة اغبسية ‪.‬فالقضايا اؼبيتافيزيقية ك الظواىر اليت التقبل‬
‫التفسَت اؼبادم فهي ال كجود ؽبا أصال بل ؾبرد اكىاـ ك خرافات ناذبة عن جهل االنساف ك نقص معرفتو ك‬
‫خربتو ك عدـ قدرتو على التفسَت ك البحث ‪.‬ك ؽبذا إخًتع قول خارقة كنبية لتغطية العلمي ك البحثي ك‬
‫اؼبعريف ‪.‬ك ؽبذا ينكر اؼبذىب اؼبادم كجود اؼبصادفات ‪ ،‬باعتبارىا ؾبرد حتميات ؾبهولة ك غَت معلومة ‪،‬ك‬
‫يعترب اف القانوف الكلي اك اؼببدأ العاـ اؼبفسر للوجود ىو اآللية ك ليس الغائية ‪.‬ؽبذا قبد االقبليزم "توماس‬
‫ىوبز"(‪ )1679-1588‬يعتقد اف ىذا الوجود ىو ؾبرد مادة بابعاد ؿبددة ‪:‬الطوؿ ‪،‬العرض ‪ ،‬االرتفاع اك‬
‫العمق ‪ ،‬كاف كل ظاىرة ىي حركة آلية مادية ‪ ،‬بل حىت اؼبشاعرك العواطف ماىي اال حركاسبادية داخل‬
‫اعبسم‪.‬كما يرل الفيزيائي اإلقبليزم (‪ )1727-1642‬اف كل ماوبدث يف الكوف من ظواىر ىي ذات‬
‫طبيعة مادية ‪ ،‬ك مايبدك انو نفسي اك ركحي ماىو اال عمليات آلية ‪.‬فالعقل على سبيل اؼبثاؿ صورة من‬
‫صور اؼبادة ؽبا ظبات خاصة أكثر فاعلية تتثمل يف ‪ :‬القوة –التنوع –اغبركة –التفكَت ‪.‬كالظواىر الوجدانية‬
‫كالنفسية ماىو اال كظائف العضاء االنساف اؼبادية ‪.‬فاؼبخ كظيفتو التفكَت ك اللساف كظيفتو الذكؽ‪ ،‬كاالذف‬
‫السمع ك ىكذا ‪.‬ؽبذا يقوؿ احد العلماء ك ىو" كابانيس"(‪ ":)1808-1757‬اؼبخ يفرز التفكَت ‪ ،‬كما‬
‫تفرز الكبد الصفراء ك هتضم اؼبعدة الغذاء"‪.‬فاغبركة يف الطبيعة قبل اغبياة ‪،‬ك اغبركة ليست إنتقاال ميكانيكيا‬
‫بسيط ‪،‬إهنا التبدؿ بصورة عامة ‪ ،‬كإهنا عدة أشكاؿ كصور‪ :‬كيمياكية ‪،‬حرارية ‪،‬كهربائية ‪،‬ميكانيكية ‪...‬‬
‫(‪.)2‬‬

‫‪-1‬غاركدم ركجيو ‪،‬النظرية اؼبادية يف اؼبعرفة ‪،‬تر‪ :‬إبراىيم قريط ‪،‬ب‪/‬ط‪،‬دار دمشق‪،‬دمشق سوريا‪،‬ب‪/‬س‪،‬ص‪.05‬‬
‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.63،87‬‬

‫‪99‬‬
‫المذهب المادي ‪-1-‬‬ ‫الدرس العاشر‬

‫اما الفيلسوؼ اؼباشل "ىولباخ"(‪ )1789-1723‬فَتل اف كل ظاىرة اك حادثة يف الوجود كالطبيعة‬


‫يبكن تفسَتىا ماديا ‪.‬على اساس اغبركة ك اؼبادة كوهنما مبادئ ك قوانُت طبيعية أبدية ك أزلية ‪.‬زبضعاف‬
‫لنظاـ الضركرة‪ ،‬كال ؿبل يف الطبيعة للمصادفة اك التدبَت الغييب اك الغائية اك غَتىا ك ىذا ماكرد يف كتابو‬
‫اؼبشهور "نسق الطبيعة" الذم الفو سنة ‪1770‬ـ‪.‬كالذم انكر فيو ام تفسَت غييب ال يستند اذل التفسَتات‬
‫اؼبادية اػبالصة‪.‬ك الشك اف مازاد التفسَت اؼبادم قوة ك قناعة ىو التطور العلمي التجرييب ‪ .‬اما الفيلسوؼ‬
‫ااالؼباشل "فريدريك نيتشة"(‪ )1900-1844‬فَتل اف اإلعتقاد بوجود قول غَت مادية تسَت الكوف ك‬
‫الوجود ىو ضرب من الوىم ‪ ،‬بل ىذا يف حد ذاتو إدانة للحياة ك الطعن يف مصداقيتها ‪.‬ك ؽبذا ال ؤمن‬
‫"نيتشة" دببدأ ثنائية الوجود ‪.‬ك اف اؼبيتافزيقا ؾبرد خرافة ‪ ،‬بل ىي صنم من اصناـ الزيف ك الضالؿ هبب‬
‫ربطيمو ‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬مفاهيم ودالالت‪:‬‬
‫‪-‬اؼبادة ك اؼبادم ‪ :‬اؼبادة يف اللغة ‪ ،‬ىي كل شيء يكوف مددا لغَته ‪.‬ك مادة الشيء أصولو ك عناصره اليت‬
‫يًتكب منها حسية كانت اك معنوية كمادة البناء ك مادة اؼبعرفة ‪.‬‬
‫ك للمادة عند الفالسفة معاشل متعددة حسب السياقات الفكرية كاؼبعرفية‪:‬‬
‫‪-1‬اؼبادة يف عند "آرسطو" ىي اؼبعٌت اؼبناقض للصورة ‪.‬ك يفهم من ىذا اف اؼبادة ؽبا كجهاف ‪ :‬الوجو االكؿ‬
‫دالاهتا على العناصر غَت اؼبعينة اليت يبكن أف يتألف منها الشيء ‪ ،‬كتسمى عند آرسطو باؼبادة االكذل اك‬
‫اؽبيوذل‪ ،‬كىي إمكاف ؿبض ‪،‬كال تنتقل اذل الفعل اال بقياـ الصورة فيها ‪.‬اما عند "ابن سينا"فيعرؼ اؽبيوذل‬
‫اؼبطلقة ىي جوىر ككجوده بالفعل إمبا وبصل لقبوؿ الصورة اعبسمية لقوة فيو قابلة للصور‪ ،‬كليس لو يف ذاتو‬
‫صورة زبصهاال معٌت القوة(‪.)1‬‬
‫أما الوجو الثاشل فداللتها على اؼبعطيات الطبيعة كالعقلية اؼبعينة اليت يعمل الفكر على إكماؽبا كإنضاجها‬
‫‪.‬فكل موضوع يقبل الكماؿ بانضمامو اذل غَته‪،‬فهو مادة‪ ،‬ككل ما يًتكب منو الشيء‪ ،‬فهو مادة لذلك‬
‫الشيء ‪ ،‬حسيا كاف اك معنيا ‪.‬كقولنا مادة الفن‪.‬‬
‫‪-2‬اما مفهوـ اؼبادة عند "ديكارت" مقابل للصورة من جهة كللفكر من جهة اخرل‪.‬اما التعاكس بينها كبُت‬
‫الصورة فَتجع اذل اف اعبسم مؤلف من شيئُت ‪:‬أحدنبا شكلو اؽبندسي ك ىو صورتو ‪،‬ك اآلخر جوىره‬
‫اؼبشخص اؼبفرداؼبوجود بالفعل ‪ ،‬كىو مادتو ‪.‬اما التعاكس بينها كبُت الفكر فيكمن يف كوف اؼبادة كتلة‬

‫‪ -1‬ابن سينا ابوعلي‪ ،‬رسالة اغبدكد ‪،‬ط‪،2‬دار العرب للبستاشل ‪،‬القاىرة –ج‪.‬مصر العربية ‪،‬ب‪/‬س‪،‬ص‪.84-83‬‬

‫‪100‬‬
‫المذهب المادي ‪-1-‬‬ ‫الدرس العاشر‬

‫طبيعية ندركها بواسطة اغبدس اغبسي لوجودىا خارج العقل ‪.‬يف حُت اف الفكر شيء داخلي ؾبرد عن اؼبادة‬
‫ك عن لوحقها ‪.‬ىذا ماجعل "ديكارت" يقوؿ اف اؼبادة ىي اإلمتداد ‪ ،‬مشاهبا ؽبذا ‪ ،‬ىناؾ من يرل اف اؼبادة‬
‫اك باالحرل تصوراؼبادة ال ينفصل عن تصور القوة ك اغبركة كالطاقة ‪.‬‬
‫‪ -3‬ايبانويل كانط يرل اف اؼبقصود دبفهوـ اؼبادة ىو معطيات التجربة اغبسية ‪ ،‬على كوهنا مستقلة عن‬
‫قوالب العقل ‪.‬فمادة الواقعة ىي معطياهتا ك لواحقها اغبسية ‪،‬لكن صورهتا ىي العالقات اليت تضبطها ك‬
‫تنظم كقوعها ‪.‬‬
‫‪-4‬تستعمل كلمة مادة يف ؾباؿ اؼبنطق على القضايا اليت يتألف منها القياس اك اغبدكد اؼبكونة للقضية‬
‫‪.‬فمادة القضية ىي اؼبوضوع كا﵀موؿ ‪ ،‬اما الصورة فهي العالقة اليت تربطهما ‪ ،‬كىي تنقسم على ىذا النحو‬
‫اذل كلية كجزئية ك موجبة كسالبة‪.‬ك مادة القياس ىي القضايا اليت يتالف منها ‪ ،‬كاؼبقدمة الكربل كالصغرل‬
‫كالقضية الالزمة‪.‬اما صورة القياس قهي شكلو ك بناءه‪ .‬اما اؼبنطقيوف الكالسيكيوف فيستعملوف مصطلح‬
‫مادة على حاالت الوجوب ك االمتناع ك االمكاف اؼبتعلقة حبالة القضية ‪.‬ك ىذا نظرا للتالزـ الدائم من‬
‫الناحية اؼبنطقية للموضوع كا﵀موؿ ‪ ،‬كعدـ امكانية انفصاؽبما ‪.‬كما يبكن كصفها حباالت الوجوب‬
‫كاالمتناع ‪.‬ك بالتارل فاف حالة الوجوب مرتبطة بضركرة الوجود ‪ ،‬ك حالة االمتناع مرتبطة باستحالة الوقوع‬
‫‪،‬أما االمكاف فهي تًتاكح بينهما‪ ،‬بُت الوجوب كاالمتناع ‪ ،‬ىذا قريبا اذل ماكصفو احد اؼبتكلمُت بقولو‪:‬‬
‫ك حك ػ ػ ػ ػ ػ ػػمنا العقلي قضية بال*****كقف على عادة اك كضع جال‬
‫(‪)1‬‬
‫أقساـ مقتضاه باغبصر سباز *****كىي الوجوب االستحالة اعبواز‬
‫‪-5‬أما يف ؾباؿ اإلتيػػقا (علم االخالؽ)‪ :‬فاؼبقصود باؼبادة ىو الفعل الذم يقوـ بو الفاعل‪ ،‬بصرؼ النظر‬
‫عن نيتو كقصده‪.‬فالقاتل اػبطأ‪ ،‬فهو قالت من ناحية مادة الفعل ك لكن من ناحية صورة الفعل ىي‬
‫بريئ‪.‬أما اؼبذىب اؼبادم فيطلق على الذين يعتقدكف اف اغبياة مادية ك الكجود لبعث ‪ ،‬ؽبذا البد من‬
‫االستمتاع هبا اذل اقصى اغبدكد ‪ ،‬ىذا قريبا لتوجو الدىريُت الذين ذكرىم الشيخ " صباؿ الدين االفغاشل‬
‫اغبسيٍت" يف كتبو "رسالة الرد على الدىريُت" ‪ ،‬الذين يقولوف ماىي اال أرحاـ تدفع ك ارض تبلع ‪.‬‬

‫‪ -1‬أيب ؿبمد عبد الواحد ابن عاشر‪ ،‬اؼبرشد اؼبعُت على الضركرم من علوـ الدين‪ ،‬ب‪/‬ط‪ ،‬مكتبة القاىرة‪ ،‬ميداف االزىر‪ ،‬مصر‪ ،‬ب‪/‬س‪،‬‬
‫ص‪.01‬‬

‫‪101‬‬
‫المذهب المادي ‪-1-‬‬ ‫الدرس العاشر‬

‫‪ -6‬ك يطلق تسمية اؼبذىب اؼبادم يف اؼبيتافيزيقا‪،‬على التوجو الذم يقوؿ اف اؼبادة كحدىا ىي اعبوىر‬
‫اغبقيقي اك اؼببدأ االساسي الذم من خاللو نفسر صبيع ظواىر الوجود كاغبياة ك النفس ‪،‬ك هبذا اؼبفهوـ يعترب‬
‫مقابل للمذىب الركحي ‪.‬‬
‫‪-7‬يف علم النفس ك السيكولوجيا ‪ ،‬يطلق اؼبذىب اؼبادم ‪،‬على كل التوجهات اليت تعتقد اف أحواؿ الشعور‬
‫ظواىر ثانوية ناشئة عن الظواىر الفيزيولوجية اعبسمية اؼبقابلة ؽبا ‪.‬‬
‫‪ -8‬ك للمادية ايضا مفاىيم اخرل لتوجهات فلسفية مؤسسة فكريا كمعرفيا‪ ،‬كاؼبادية التقليدية اليونانية ك‬
‫اؼبادية اعبدلية ‪ :‬حيث يرل "ابيقور "(*‪)1‬اليوناشل الذم يعترباف اؼبادة اساس الوجود ك اغبياة ك طريقة تفسَت‬
‫كل الظواىر‪.‬أما اؼبادية اعبدلية كعلى لساف "كارؿ ماركس" تعتقد اف اؼبادة ك اعبدؿ نبا اؼببدأف االساسياف‬
‫يف تفسَت كل شيء ‪.‬ك اؼبادية اعبدلية تعتقد اف اؼبادة ىي كضعية تدخل ضمن حركة جديدة ذبمع ما بُت‬
‫اؼبتغَتات اؼبتضادة ك اؼبتغَتات الكمية كالكيفية‪ ،.‬كاليت تؤدم يف هناية اؼبطاؼ اذل قياـ حياة ركحية مستقلة‬
‫عن الظواىر اؼبادية ‪ ،‬لكن ا﵀رؾ اؼببدئي ىو اؼبادة‪.‬ك معٌت ىذا اف الوجود يف نظر اؼبادية اعبدلية كل مؤلف‬
‫من مادة متحركة ذات تطور صاعد على مستويات متتالية‪ ،‬متزايدة التعقيد ‪ ،‬يف الكم ‪ ،‬حىت إذا بلغت ىذه‬
‫اؼبستويات أعلى درجات التعقيد قبم عنها بالضركرة ربوؿ مفاجيء كتغَتات كيفية جديدة ‪.‬‬
‫‪ -9‬اما اؼبادية التارىبية فمفادىا ك مؤداىا أف الظواىر التارىبية كاالجتماعية تنشأ عن أسباب إقتصادية‬
‫خاصة‪ ،‬كؽبذا منظر ىذه الفكرة "كارؿ ماركس" ‪ :‬أف بنية اجملتمع االقتصادية ىي االساس الفعلي الذم‬
‫تقوـ عليو البنية الفوقية كىي ـبتلف اؼبنظومات كالسياسية ك القضائية ‪.‬فكل صورة من صور الوعي‬
‫االجتماعي مطابقة ؽبذا االساس ‪ ،‬ك كل حركة من اغبركات االجتماعية ك السياسية كالركحية ملحقة كتابعة‬
‫لنوعية االنتاج االقتصادم ‪.‬فالشركط االقتصادية سبثل ؾبموع البنيات التحتية(*‪ )2‬اليت تقوـ عليها البٌت‬
‫الركحية اؼبسماة البنية الفوقية(*‪.)3‬كالنظاـ السياسي ‪ ،‬االجتماعي ‪ ،‬الًتبوم ‪ ،‬الثقايف ‪..‬ك ىكذا‪.‬ك عليو‬
‫تعبًت اؼبادية التارىبية مفهوـ مناقض للمثالية التارىبية اليت ترل عكس اؼبنظور اؼبادم حبيث اف كل البٍت‬
‫الفوقية ربددىا العوامل الفكرية كالركحية ك ليس العكس‪.‬فالعوامل االقتصادية ناتج للعوامل الركحية‪.‬‬

‫* ‪ -‬ابيقور‪ :‬فيلسوؼ يوناشل قدصل عاش يف الفًتة بُت عامي (‪ 270-341‬ؽ‪.‬ـ)‪ ،‬أسس مدرسة فلسفية ظبيت باظبو ىي اؼبدرسة‬
‫اإلبيقوريٌة‪.‬‬
‫* ‪ -‬البنية التحتية‪ :‬ىومصطلح ماركسي‪ ،‬يقصد بو الظركؼ االقتصادية ك الشركط اؼبادية اليت تصنع الوعي‪.‬‬
‫*‪ -‬البنية الفوقية‪ :‬ىومصطلح ماركسي‪ ،‬يقصد بو ـبتلف اؽبياكل الثقافية ك االجتماعية كمظاىر الوعي اليت كانت نتيجة الظركؼ اؼبادية ك‬
‫االقتصادية ا﵀يطة هبا‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫المذهب المادي ‪-1-‬‬ ‫الدرس العاشر‬

‫‪-‬ثالثا‪ :‬نبذة تاريخة كرونولوجية حول المذهب‪:‬‬


‫من خالؿ عملية إستقرائية ‪ ،‬يتبُت من خالؿ مراحل تطور اؼبذىب الفلسفي اؼبادم‪،‬اف ىذه النزعية‬
‫اؼبفهومية الفلسفية للوجود كاغبياة ‪ ،‬يضرب جبدكره يف عمق التاريخ االنساشل منذ كجود اجملتمعات البابلية‬
‫كالشرقية ‪.‬غَت اف ىذا اؼبذىب عرؼ نضجا نظريا ك فكريا من خالؿ فالسفة اليوناف ‪ ،‬بداية مع فالسفة‬
‫الطبيعة ‪.‬اال اف ىذه النزعة الفلسفية اؼبادية عرفت تطورا ك نضجا كبَتا يف العصور الوسطى كاغبديثة مع‬
‫تطور العلوـ الطبيعية كالتجريبية ك الفيزيائية ‪.‬كاؼبالحظة اليت نستنبطها من خالؿ مقارنة النزعة اؼبادية القديبة‬
‫باغبديثة ‪ ،‬اف النزعة االكؿ كانت تفسرالكوف ك الوجود ك الظواىر تفسَتا ماديا مطلقا ‪.‬يف حُت قبد‬
‫التفسَتات اؼبادية اغبديثة التفسر الظواىر تفسَتا ماديا مطقا ‪ ،‬بل من خالؿ اهباد ركابط ك تفسَتات‬
‫ميكانيكية ك آلية بُت الظواىر ك اؼبوجودات‪.‬‬
‫لقد كانت البدايات الفلسفية للمذىب اؼبادم مع اغبقبة اليونانية ‪ ،‬كبالضبط مع فالسفة الطبيعة اليوناف‬
‫دبختلف اجياؽبم ‪ ،‬الذين كاف شغلهم الشاغل ىو ؿباكلة تفسَت مسألة جوىرية ‪ ،‬كانت شغلهم الشاغل ك‬
‫ؿبور تفكَتىم كىي ‪ :‬ماىو أصل الكوف ك الطبيعة ؟ ك كانت إجاباهتم كلها متفقة على أف اصل الكوف ال‬
‫ىبرج عن إطار العناصر االساسية للطبيعة كىي ‪ :‬اؽبواء‪-‬اؼباء‪-‬الًتاب –النار‪.‬اذل جانب مرجعيات مرتبطة‬
‫بالتفسَتات الذرية اك اعبوىر الفرد‪.‬ك من بُت أشهر فالسفة الطبيعة اليوناف قبد ‪ :‬الفيلسوؼ ك العادل‬
‫الرياضي كالطبيعة "طاليس اؼبالطي"(‪624‬ؽ‪.‬ـ‪ 546-‬ؽ‪.‬ـ)الذم أرجع اصل الكوف اذل عنصر اؼباء ‪ -‬مع‬
‫العلم اف البابليُت قد سبقوه يف ذلك –ك كاف تفسَته كفق آلية معينة ظبيت دبنهج التفسَت االيوشل ‪.‬اما‬
‫"انكسيمانس"(‪ 588‬ؽ‪.‬ـ‪ 525-‬ؽ‪.‬ـ)ك تلميػ ػ ػػذه "أنكسمنػدر"(‪610‬ؽ‪.‬ـ‪ 546-‬ؽ‪.‬ـ) فأرجعاه اذل‬
‫اؽبواء ‪.‬يف حُت قبد "ىَتاقليدس"(*‪ 540)1‬ؽ‪.‬ـ‪ 480-‬ؽ‪.‬ـ) ارجعو اذل النار ‪.‬ك لكل فيلسوؼ آلياتو يف‬
‫التربير للكيفية اليت برىن من خالؽبا مدل مصداقية عنصر عن عنصر آخر ػبصائص سبيزه‪.‬اذل جانب ىذا‬
‫قبد الفيلسوؼ اليوناشل "ديبوقريطس" (‪460‬ؽ‪.‬ـ‪370-‬ؽ‪.‬ـ)ك يلقب بصاحب اؼبدرسة الذرية‪ ،‬كاليت تعتقد‬
‫بأزلية الذرات اؼبكونة للموجودات الطبيعية ‪ ،‬كىي جزئيات ال متناىية العدد متحركة باستمرار‪،‬ك من خالؿ‬
‫ترابط ىذه اعبزائيات تتكوف اؼبوجودات دبا فيها الركحية‪.‬ك حىت النفس – يف نظره‪-‬تتألف من ذرات اك‬
‫جواىر مادية‪.‬‬

‫*‪ -‬ىَتاقليدس‪ 535( :‬ؽ‪.‬ـ‪470 -‬ؽ‪.‬ـ) فيلسوؼ طبيعي يوناشل‪ ،‬يعترب أبو دياليكتيك‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫المذهب المادي ‪-1-‬‬ ‫الدرس العاشر‬

‫بيد أف الفكرالفلسفي اليوناشل إزداد نضجا مع ؾبيئ الثالوث الفلسفي ‪ :‬سقراط‪-‬افالطوف‪-‬أرسطو‪.‬ك‬


‫لقد كاف آلرسطو خدمات فلسفية كبَتة ‪ ،‬ككاف دبثابة اؼبؤسس للمذىب اؼبادم ‪ ،‬نظرا لتميزه يف مساره‬
‫الفلسفي عن أستاذه "افالطوف" اؼبثارل ‪.‬حبيث كاف "آرسطو "يبيل اذل التفسَتات الطبيعية ك الواقعية ك اؼبادية‬
‫للظواىر كاؼبوجودات ‪ ،‬اذل درجة قولو دبركزية االرض للكوف ‪.‬‬
‫لكن مع بدايات عصر النهضة االكركبية من القرف ‪ 15‬ميالدم ‪ ،‬تطور الفكر اؼبادم كإزداد قوة مع‬
‫االكتشافات العلمية يف ؾباالت متعددة ‪:‬الفيزياء ‪ ،‬الفلك ‪،‬الطب ‪ ،‬اؼبيكانيكا‪،‬ك الكيمياء ك غَتىا ‪.‬ففي‬
‫(*‪)1‬‬
‫(‪1473‬ـ‪1543-‬ـ) بتاليف كتاب يعنواف "الثركة يف‬ ‫القرف ‪.16‬قاـ العادل االيطارل "كوبرنيك ػ ػػوس"‬
‫عادل السموات" حيث قاـ باكتشافات علمية غَتت كل اغبقائق العلمية السائدة ك من بينها اف الشمس‬
‫ىي مركز الكوف ك ليست االرض كما يعتقد اليواف ك آرسطو‪.‬كما قاـ العادل الفلكي االيطارل "غاليلي‬
‫غاليليو" باكتشافات منها ‪ :‬دكراف االرض ‪ ،‬كؽبذا السبب مت ؿباكمتو لدم ؿباكم التفتيش الكنسية اليت‬
‫أمرتو بالتنازؿ عن ىذه االكتشافات ‪ ،‬ككاد يعدـ بسببها ‪.‬ك نظرا اذل التضييق الكبَت على العلماء ك حرية‬
‫االكتشاؼ ك البحث العلمي ‪.‬ظهرت اصوات ك صيحات فكرية كسياسية تنادم بضركرة تنحي الكنيسة‬
‫من اغبياة العامة ‪.‬ك إعتماد العلمانية ك فصل الدين عن اغبياة كالسياسة ‪.‬‬
‫كيف القرف السابع عشر ‪،‬جاء عادل فيزيائي اقبليزم أحدث طفرة نوعية يف العلم ك االكتشافات العلمية ك‬
‫التفكَت‪ ،‬ىو "إسحاؽ نيوتن" (‪1643‬ـ‪1727-‬ـ)‪ ،‬الذم إستفاد كثَتا من اػبدمات العلمية اليت قدمها‬
‫"كوبرنيكوس" ك غاليلي" ‪ ،‬ك قدـ إجتهادات ك إكتشافات علمية جديدة يف ؾباؿ الفيزياء كالفلك ك‬
‫اؼبيكانيكا‪ ،.‬حبيث كضع االسس ك اؼببادئ القاعدية للفيزياء الكالسيكية‪ ،‬كهبذا اصبح العلم كالبحث‬
‫العلمي ‪،‬كميا قائما على القياس ك اؼبادة ‪.‬ك هبذا اصبح العلم يقوـ على االستقراء ك التفسَتات اؼبادية‪،‬‬
‫على أساس العلل كاؼبعلوالت ك التفسَتات اؼبيكانيكية ك السببية ك اغبتمية ‪ ،‬ك التخلص شبو الكلي من‬
‫اؼبنطق اآلرسطي الصورم الشكلي النظرم اجملرد‪ ،‬كالذم اعترب عقيم ك ؾبرد ربصيل حاصل كال يأيت باعبديد‬
‫كما انو كيفي ال كمي‪.‬‬
‫ك هبذا ذباكزالعلم التفسَتات التأملية ك التفسَتات النظرية الصورية ‪ ،‬كىذا ما كاف لو كقع كبَت على‬
‫الفلسفة ك التفكَت الفلسفي ‪ ،‬الذم اصبح يبيل ميال كبَتا اذل التفسَتات اؼبادية ‪ ،‬كإعتبار اؼبادة جوىر ك‬

‫*‪ -‬كوبرنيك ػ ػػوس‪ )1543-1473( :‬عادل كفلكي ايطارل‪ ،‬الذم بُت اف األرض ليست ؿبور الكوف بل ىي كوكب كباقي الكواكب يدكر‬
‫حوؿ الشمس‪ ،‬كارتبط اظبو دبا يسمى بالثورة الكوبرنيكية‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫المذهب المادي ‪-1-‬‬ ‫الدرس العاشر‬

‫مبدا التفسَتات الصحيحة كاالقرب اذل الدقة كاليقينية ‪.‬كبناءا عليو ظهرت تيارات ك مذاىب فلسفية تعتمد‬
‫اؼبادة ك ا﵀سوسات كمنطلق مرجعي للفهم ك التفسَت ك البحث‪.‬ك الفلسفة اؼبادية تنطوم ربتها عدة‬
‫إذباىات ـبتلفة منها ‪:‬فلسفة الفيلسوؼ االقبليزم مبدع اؼبنطق الرياضي "بَتتراند راسل"ك الوضعية اعبديدة‬
‫ك اؼبادية اعبدلية(‪ .)1‬ك لقد كانت بوادر االذباىات ك النزعات اؼبادية اغبديثة مع الفالسفة االقبليز‬
‫أصحاب النزعات التجريبية من بينهم ‪" :‬فرانسيس بيكوف"‪"،‬جوف إستورات مل"‪"،‬دافيد ىيوـ"‪ ،‬توماس‬
‫ىوبز"‪" ،‬جوف لوؾ " "ىربرت سبنسر"‪ ،‬كيف فرنسا "أكغست كونت" صاحب الفلسفة الوضعية يف البناءات‬
‫الفكرية كالفلسفية ‪.‬‬
‫كل اؼبفكركف الذين ينتموف اذل الفلسفة اؼبادية ىم طبيعيوف ‪ ،‬كىم أيضا علميوف بدرجة معينة ‪،‬ك‬
‫ىناؾ الطبيعيوف التجريبيوف ‪ ،‬الذين ىم ذكم مسحة عقالنية‪ ،‬لكن ينزعوف اذل اؼبذىب اؼبادم(‪.)2‬ك من‬
‫االمور اليت زادت من تعزيز التفكَت اؼبادم ك اغبسي التجرييب يف العصر اغبديث ‪ ،‬ىو تطور العلوـ التجريبية‬
‫ك الدقيقة ‪ ،‬كاليت زادت من مصداقية نتائج العلوـ اؼبادية ‪ ،‬كاليت تقوـ اساسا على اؼبناىج التجريبية ‪ ،‬كىكذا‬
‫تطور مفاىيم الفلسفات اؼبادية ‪ ،‬اليت انكرت كإستبعدت بشكل جذرم كل القضايا ك اؼبسائل الركحية ك‬
‫اؼبيتافيزيقية ‪ ،‬كاؼبفاىيم الفطرية القبلية ‪ ،‬ك نفي البحث عن العلل ك االسباب القصول اليت تؤدم اذل‬
‫التفسَتات غَت التجريبية ‪ ،‬كما نفت اؼببادئ العقلية ك إعتربت العقل صفحة بيضاء ‪ ،‬ك نفت مبدأ الغائية‬
‫صبلة كتفصيال ك إستبدلتو باؼببادئ اآللية كاؼبيكانيكية‪.‬ك تعترباؼبدرسة التجريبية النقدية االؼبانية مصدر مباشر‬
‫(‪)3‬‬
‫للوضعية اعبديدة‬
‫ك يبكن القوؿ ‪ ،‬أف من اىم الفلسفات اليت جسدت الفكر اؼبادم ك الفلسفة اؼبادية ‪ ،‬قبد الفلسفة‬
‫اؼباركسية ف اليت كانت من تأسيس الفيلسوؼ االؼباشل "كارؿ ماركس" ‪ ،‬حيث تقوـ ىذه الفلسفة على‬
‫ؾبموعة من اؼببادئ ك من انبها على االطالؽ ‪ :‬اؼبادة ك اعبدؿ ك اؼبادية اعبدلية ك اؼبادية التارىبية ‪ ،‬كيعترب‬
‫الفليلسوؼ اؼباشل اؼبادم "فويرباخ"من اىم اؼبؤسسُت اذل جانب "ماركس"‪ .‬اما الواقعية اعبديدة االقبليزية اليت‬
‫ظهرت على يد "بَتتراند راسل "فبداية ظهورىا يف النصف الثاشل من القرف ‪.19‬ك الواقعيوف يعارضوف اؼبثالية‬

‫‪ -1‬إ‪.‬ـ‪.‬بوشنسكي‪ ،‬الفلسفة اؼبعاصرة يف اكركبا‪،‬تر‪ :‬عزت قرشل ‪،‬سلسلة عادل اؼبعرفة ‪،‬الكويت‪ ،‬سبتمرب ‪،1992‬ص‪.69‬‬
‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.69،70‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.81‬‬

‫‪105‬‬
‫المذهب المادي ‪-1-‬‬ ‫الدرس العاشر‬

‫‪.‬ك من قواعدىم أف االدراؾ يستطيع إدراؾ الواقع اؼبستقل عن الذكات ك اػبارج عنها ‪ ،‬كليس التصورات‬
‫النفسية فحسب(‪.)1‬‬
‫*خالصة‪:‬‬
‫اؼبذىب اؼبادم اك اؼبادية مأخوذ من كلمة (مادة )‪،‬كىو اؼبذىب الذم يفسر كل شيء باالسباب‬
‫اؼبادية ا﵀سوسة‪.‬ك يعتقد اف اساس الوجود ىو اؼبادة كالطبيعة‪ .‬ك ال كجود ؼبوجود يسمى الركح اك‬
‫ميتافزيقا‪.‬فاؼبادة ك الطبيعة نبا اساس اؼبعرفة ك الوجود ‪.‬فالعقل يف نظر اؼبذىب اؼبادم ىو عبارة عن صفحة‬
‫بيضاء ‪ ،‬كإمبا اساس اؼبعرفة ىو التجربة اغبسية ك الواقع اؼبادم اؼبوضوعي‪.‬من الناحية التارىبية ىناؾ من يربط‬
‫نشأة النزعة اؼبادية بفالسفة الطبيعة ؾ‪ :‬طاليس ‪ ،‬اسنكسمنس‪ ،‬أنكسمندر‪ ،‬ىَتاقليدس ‪ ،‬ديبوقريطس ك‬
‫غَتىم ‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬بوشنسكي‪ ،‬ص‪.70،71،72‬‬

‫‪106‬‬
‫الدرس الحادي عشر‪:‬‬
‫المذهب المادي‪-2-‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫الدرس الحادي عشر‪ :‬المذهب المادي‪-2-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬اوال‪ :‬المذهب المادي‪ ،‬التأسيس وأبرز الرواد والشخصيات‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬المبادئ و األفكار ‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬مذاهب و تيارات الفلسفة المادية‬
‫‪ -‬رابعا‪ :‬نموذج شخصية فلسفية ‪.‬‬
‫‪ -‬خامسا‪ :‬قراءة نقدية و تقييمية‪.‬‬
‫*تمهيد‪:‬‬
‫اؽبدؼ من ىذا الدرس ىو التعرؼ على ـبتلف الشخصيات اليت سانبت يف تأسيس اؼبذىب اؼبادم ‪،‬‬
‫كالفالسفة الذم سانبوا يف إثرائو ‪.‬اذل جانب التعرؼ على اؼببادئ ك االفكار ىذا اؼبذىب ‪،‬فضال عن‬
‫التطرؽ اذل أىم اؼبذاىب ك تيارات الفلسفة اؼبادية ‪ ،‬عالكة على إختيار شخصية فلسفية مبوذجية سبثل‬
‫اؼبذىب الفلسفي اؼبادم ‪ ،‬كأخَتا أىم االنتقادات اليت كجهت ؽبذا اؼبذىب ‪.‬‬
‫‪-‬أوال‪ :‬التأسيس وأبرز الرواد والشخصيات‪:‬‬
‫من أىم الكتب اليت ربدثت عن الوضعية اعبديدة قبد "لودفيغ فيتجنشتاين "(‪ ،)1‬بيد أف من أىم ركاد‬
‫ك مؤسسي اؼبذىب اؼبادم اك النزعة الفلسفية اؼبادية قبد ‪:‬فرانيسيس بيكوف"‪"،‬دافيد ىيوـ""جوف إستوارت‬
‫مل" " توماس ىوبز"ك "جوف لوؾ "‪".‬اكغست كونت"‪.‬‬
‫‪-1‬بيكوف(فرانسيس)‪)1626-1561(:‬فيلسوؼ ذبرييب‪-‬حسي اقبليزم‪.‬ك كات ك رجل سياسة ‪.‬اك ؼبن‬
‫قاد ثورة علمية على اؼبفاىيم ك اؼبعرؼ الكالسيكية اؼبوركث عن اليوناف‪.‬كحاكؿ تأسيس فلسفة قائمة على‬
‫اؼبناىج اؼبادية‪ ،‬أساسها اؼبالحظة كالتجريب ك إستبعاد اؼبنطق الصورم اآلرسطي العقيم ‪.‬ك من اؼبهاـ‬
‫االساسية اليت رفعها "بيكوف" كمشركع ‪ ،‬قبد مهمة تنقية الفكر من االصناـ اليت ربيل دكف التفكَت‬
‫الصحيح‪ ،‬كما يرل اف أصدؽ منهج لتحصيل اؼبعرفة الدقيقة ىو االستقراء التجرييب ‪.‬من مؤلفاتو اؼبشهورة ‪:‬‬
‫"االكرغانوف اعبديد" سلسلة من اؼبؤلفات عرفت ب"االصالح العظيم"ك "اؼبعقوالت كاؼبرئيات" ك"اؼبيالد‬
‫العظيم للزماف"‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬بوشنسكي ‪،‬ص ‪.84‬‬

‫‪108‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫‪-2‬ىيوـ(دافيد)‪ )1776-1711(:‬فيلسوؼ كاقتصادم ك مؤرخ اسكتلندم ‪،‬ذم مكانة كبَتة يف ؾباؿ‬


‫الفكر ك التنويراالسكتنلدم‪ ،‬تأثر كثَتا بالفالسفة التجريبيُت مثل "جوف لوؾ"‪ ،‬ك"اسحاؽ نيوتن"ك"آدـ‬
‫ظبيث"‪.‬قامت فلسفة "ىيوـ " على عدـ الثقة يف التامل الفلسفي‪ ،‬كضركرة اػبربة يف اغبصوؿ على اؼبعرفة ‪.‬ك‬
‫ينفي كجود خربات سابقة يف العقل البشرم ‪،‬بل مصدر اؼبعرفة العقلية ىو اغبواس ك التجربة ‪.‬ك طبقا‬
‫لنمظور "ىيوـ" فاف اػبربات اغبسية اك اؼبدركات اغبسية اليت تبدك سطحيا غَت متصلة اك مًتابطة ‪،‬فهي‬
‫مًتابطة فعليا بناءا على ثالث مبادئ أساسية ىي ‪:‬التشابو‪-‬التجارب‪-‬األثر(النتيجة)‪.‬كيرل اف اساس‬
‫االخالؽ ليس ىو العقل ‪،‬بل عاطفة اػبَتية ك الرغبة االنسانية الطيبة اؼبشًتكة عند البشر‪.‬ك من أشهر‬
‫القضايا كاؼبسائل اليت حاكؿ ربليلها قضية السببية اك العلية ‪.‬ك من مؤلفاتو ‪":‬رسالة يف الطبيعة‬
‫البشرية"ك"مباحث أخالقية ك سياسية"ك"ؿباكرات يف الدين الطبيعي"‬
‫‪-3‬مل(جوف إسًتكات)‪ )1873-1806(:‬ىو فيلسوؼ كاقتصادم بريطاشل‪ ،‬تأثر كثَتا بالفالسفة اؼباديُت‬
‫االقبليز ك خاصة"جَتمي بنثاـ"‪ ،‬يقاؿ اف تعلم اللغة اليونانية كىو يف سن اػبامسة ‪.‬كإطلع الًتاث اليوناشل ‪،‬‬
‫كيف سن الثانية عشرة درس منطق آرسطو ك فلسفة "توماس ىوبز"اذل جانب فكر االقتصادم "دافيد‬
‫ريكاردك"(*‪.)1‬كلقد حرص كالده على تكوينو تكوينا علميا كعقالنيا متميزا‪.‬بدأ بكتابات مقاالت فكرية يف‬
‫ـبتلف اؼبواضيع حيث ماف يبجد العقالنية ‪،‬ك اؼبنهج التجرييب‪،‬كالديبوقراطية ك اؼبساكاة‪ ،‬كىاجم كثَتا‬
‫التعصب الديٍت ك اؼبثالية الفلسفية ك مطلقية اؼبعرفة‪.‬يعترب "مل" من راكد الفلسفة الليبَتالية ‪.‬كأشتهر "مل"‬
‫بتاسيسيو ؿ قواعد االستقراء ‪ ،‬كبديل عن الفرض العلمي ‪.‬ك من مؤلفاتو اؼبشهورة‪":‬مبادئ االقتصاد‬
‫السايسي""أسس الليربالية السياسية""عن اغبرية"ك"إستعباد النساء"‬
‫‪-4‬ىوبس(توماس)‪ )1679-1588(:‬عادل رياضيات ك فيلسوؼ كقانوشل اقبليزم ‪.‬لو شهرة كربل‪.‬كاف‬
‫"ىوبز" من مناصرم اغبكم اؼبلكي اؼبطلق ‪،‬كؽبد عدة حبوث يف ؾباؿ السياسة كالقانوف‪.‬يعترب مؤسس‬
‫الفلسفة السياسية اغبديثة ‪.‬اشتهر بنظريتو حوؿ التعاقد االجتماعي اك العقد االجتماعي ‪ ،‬كمن أشهر‬
‫كتبو‪":‬الليفيتياف ""عناصر القانوف" "الطبيعة االنسانية"‪.‬‬
‫‪-5‬لوؾ(جوف)‪ )1704-1632(:‬فيلسوؼ ذبرييب ك سياسي اقبليزم‪.‬لقد كاف "لوؾ" فيلسوفا حسيا ك‬
‫ذك نزعة ذبريبية ‪،‬من اكرب اعماله "مقاؿ عن الفهم االنساشل"ككتابو حوؿ" العقل البشرم"ك لقد أشتهر‬

‫‪1‬‬
‫تأثَتا إذل جانب توماس‬
‫‪ -‬دافيد ريكاردك‪ )1823-1772( :‬اقتصادم سياسي بريطاشل‪ ،‬ككاحد من أكثر االقتصاديُت الكالسيكيُت ن‬
‫مالتوس‪ ،‬كآدـ ظبيث‪ ،‬كجيمس مل‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫بعبارة مفادىا‪":‬إذا سألك شخص ‪ :‬مىت بدأت تفكر ؟فاالجابة هبب اف تكوف ‪:‬عندما بدأت أحس"‪.‬ك‬
‫ينتقد "لوؾ" بشدة الرؤية العقالنية الديكارتية ‪،‬اليت تعتقد أف العقل يولد مزكد دبفاىيم فطرية قبلية‬
‫‪،‬ؼ"لوؾ"يرل اف العقل يكتسب اؼبفاىيم البديهية للتفكَت من التجربة ك اؼبدركات اغبسية ‪.‬فالعقل صفحة‬
‫بيضاء ‪،‬الف ىذه اؼببادئ ليست مشًتكة عند الناس‪ ،‬كالدليل اننا القبدىا عند االطفاؿ ك االغبياء حىت عند‬
‫بعض الناس االسوياء ‪.‬اشتهر "لوؾ ايضا"بنظريتو السايسية اؼبعركفةب "العقد االجتماعي" غَت انو دل يكن‬
‫ؾ "ىوبز" يف مناصرتو للملكية اؼبطلقة‪ ،‬بل بالعكس كاف"لوؾ "من ماصرم اؼبلكية اؼبقيدة بالقوانُت‬
‫كالدساتَت‪.‬ؽبذا كانت صيغة "العقد االجتماعي "ـبالفة ؿ "ىوبز"‪.‬كمن اشهر مؤلفاتو ‪ ":‬ذبربة يف قانوف‬
‫الطبيعة"ك"عن العقل البشرم"ك"أعماؿ جوف لوؾ"كغَتىا ‪.‬‬
‫‪-6‬كونت( اكغست)‪ )1857-1798(:‬فيلسوؼ ك عادل اجتماع ك سياسي فرنسي ذك نزعة كضعانية‬
‫‪.‬من مؤسسي اؼبذىب الوضعي ‪.‬عاصر "كونت" فًتة الثورة الفرنسية كتداعياهتا على اجملتمع الفرنسي ‪ ،‬ككاف‬
‫لو آراء ك افكار عديدة يف الفلسفة ك السياسة‪،‬علم االجتماع ‪.‬ينسب اليو تأسيس علم االجتماع‪ ،‬غَت اف‬
‫اؼبنصفُت يف االختصاص ك االستشراؽ ‪،‬يعتربكف العادل العريب اؼبسلم "ابن خلدكف" (‪1332‬ـ‪)1406-‬ىو‬
‫اؼبؤسس اغبقيقي كالفعلي ‪،‬بل ىو أبو علم االجتماع اغبقيقي ‪ ،‬كالذم كاف سببا ليس يف تأسيس علم‬
‫االجتماع فحسب ‪،‬بل تأسيس حوارل سبعة إختصاصات اك فركع يف ىذا العلم‪ .‬ك يعترب "كونت" مؤسس‬
‫اؼبذىب الوضعي يف الفلسفة ‪ ،‬كىو ىو تلميذ للمفكر االقتصادم "ساف سيموف" ‪.‬اشتهر كانت بتصنيف‬
‫العلوـ ‪،‬كالدعول اذل تأسيس فلسفةعامة كضعية ‪.‬ك إشتهر بقانوف اغباالت الثالث يف تطور الفكر االنساشل‬
‫من اؼبراحل االسطورية اذل اؼبرحلة الوضعية العلمية ‪،‬اليت تقوـ على اؼبالحظة ك اؼبناىج التجريبية ك اؼبيدانية‪.‬ك‬
‫من أشهر كتبو" الفلسفة الوضعية"‪.‬‬
‫‪-‬ثانيا‪ :‬المبادئ و األفكار‪:‬‬
‫يبكن تلخيص أىم اؼببادئ ك االفكار اليت قاـ عليها اؼبذىب اؼبادم من خالؿ ما يأيت ‪:‬‬
‫‪-1‬اؼبذىب اؼبادم يعترب اف اغبقيقة اؼبطلقة اليت تسَت الكوف ك الوجود كاغبياة ىي اؼبادة يف ـبتلف ذبلياهتا ك‬
‫قوانينها ك قواعدىا(‪.)1‬‬
‫‪-2‬يستبعد اؼبذىب اؼبادم كل حقيقة ركحية اك ميتافزيقية(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬الشرقاكم ‪،‬ص‪.27‬‬


‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪110‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫‪-3‬تعترب اف العقل صفحة بيضاء ك ال كجود‪ -‬بام حاؿ من االحواؿ‪ -‬ؼبفاىيم فطرية ك مبادئ قبلية أك‬
‫مقوالت‪ ،‬فكل ىذه اؼببادئ اليت يعتقد البعض اهنا فطرية ك قبلية ىي نتاج اغبس كاالدراكات اغبسية‬
‫كتراكمها يف اؼبخ ك ربوؽبا اذل كيفيات فكرية بعدما كانت كمية‬
‫‪-4‬اؼبنهج االساسي ك االكحد اذل إدراؾ اؼبعرفة ىي اؼبناىج التجريبية كاالستقرائية ك االمربيقية اؼبيدانية‬
‫كالتطبيقية ‪.‬‬
‫‪-5‬اآلل ـ ـ ــية‪ :‬اؼبنظومة االساسية أكاؼببدأ االساسي الذم يسَت الكوف كالوجود كاغبياة ىو اؼببدأ اآلرل ك اآللية‬
‫ك اؼبيكانيكية ك ال كجود للمبدأ الغائي صبلة كتفصيال‪.‬‬
‫‪-6‬الفلسفة الوضعاينة‪ :‬الفلسفة اك النزعة الفلسفية الناجعة يف فهم الوجود ك الكوف كاغبياة‪ ،‬كاليت‬
‫بواسطتها ندرؾ اغبقيقة ك اؼبعرفة الصحيحة‪ :‬ىي الفلسفة الوضعية اك الوضعانية اؼبادية على منواؿ مبوذج‬
‫اكغست كونت‪.‬‬
‫‪ -7‬المادية الجدلية او الديالكتيكية المادية‪)1( :‬يعترب من اؼببادئ االساسية للمذىب اؼبادم اؼباركسي‬
‫‪،‬كالذم يرل اف جدلية اؼبادة ىي القانوف االساسي الذم يفسر الوجود ‪.‬فماركس اؼبادم أخذ الديالكتيكية‬
‫اؼبثالية ؿ "ىيجل" ك غَت من مبط مسارىا حبيث تكوف اؼبادة ىي اعبوىر اك اؼبرجعية االساسية ‪ ،‬كليس‬
‫الفكرة اك الركح اك العقل كما يعتقد "ىيجل" ‪،‬فاؼبادة كاؼبعطيات اؼبادية كالقوانُت االقتصادية ىي اليت تغَت‬
‫العقل االنساشل ‪.‬ك العوامل االقتصادية اؼبادية ؿبور االسباب اؼبادية اليت تتحكم يف كل اؼبنظومات االنسانية‬
‫كالسياسة ك اإلجتماع ك الًتبية‪ ،‬ككل النظومات ذات الطابع الفكرم ك االجتماعي ‪.‬ك تقوـ اؼبادية اعبدلية‬
‫عن ماركس على قوانُت منها مايلي‪:‬‬
‫أ‪-‬قانوف كحدة األضداد ك صراعها‪:‬ىناؾ مبدأ جدرل ؿبورم وبرؾ الكوف كالوجود كاغبياة ‪،‬ىو الصراع بُت‬
‫اؼبوجودات ك أضدادىا ‪ ،‬فلكل موجود يف ىذا الكوف لو ضد‪ ،‬كنظرا ؽبذه اػباصية ‪ ،‬ينشا دكما صراع بينها‬
‫‪ ،‬ال يقتضي بالضركرة القضاء على الضد‪ ،‬بل يؤدم اذل التغلب عليو ك ذباكزه‪ ،‬كىكذا تنشأ مركبات جديدة‬
‫من خالؿ ىذه الصراعات‪ ،‬كىذا ىو فحول التطور الذم يسرم على صبيع اؼبوجودات بدكف إسثناء ‪.‬على‬
‫سبيل اؼبثاؿ ال اغبصرىناؾ ملكية خاصة تقابلها ملكية عامة كصباعية ‪.‬ىناؾ طبقة بورجوازية راظبالية ‪ ،‬ىناؾ‬
‫طبقة بركليتارية كادحة‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق ‪،‬الشرقاكم ‪،‬ص‪28-26-27‬‬

‫‪111‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫ب‪ -‬قانوف االنتقاؿ من الًتاكم الكمي اؼبادم اذل التغَت الكيفي اك النوعي‪:‬من قوانُت اؼبادية اعبدلية‪ ،‬أف‬
‫الًتاكمات الكمية اؼبادية تؤدم اذل تغَتات كيفية‪.‬إف تزايد التغَتات ينجم عنها تغَتات كيفية‪ .‬ك قبل حدكث‬
‫التحوالت الكيفية البد من كجود تراكمات كمية‪ ،‬فالثورة ىي ربوؿ كيفي نتيجة سَتكرة تارىبية لتطورات بطيئة‪،‬‬
‫ناصبة عن ربوالت كمية مًتاكمة‪.‬‬
‫ج‪ -‬قانوف سلب السلب‪ :‬تاريخ التطورات ك التحوالت يف التاريخ االنساشل عبارة دكرات كحلقات سلب‬
‫كنفي ‪.‬دبعٌت اف لكل نظاـ سواء كاف إقتصادم‪،‬اك سياسي أك إجتماعي‪ ،‬إال ك وبمل يف طياتو بذكر فنائو‪،‬‬
‫كنقاط ضعفو ك هتافتو كإضمحاللو ‪.‬فاؼبراد بالسلب أخذ اؼببادئ القديبة اعبيدة ك دؾبها ك رفعها مع النظاـ‬
‫اعبديد‪ ،‬كىذه السَتكرة تؤدم اذل الصَتكرة ك التطور ك التغَت ك التحوؿ‪.‬‬
‫‪-8‬المادية التاريخية‪:‬اؼبقصود هبا ‪،‬دراسة سَتكرة ك صَتكرة تطور اؼبادة ك ظواىرىا كمدل ذبسد قوانينيها‬
‫اؼبادية ك االقتصادية عرب التاريخ ‪.‬فاؼبادية التارىبية ىي الشق العملي ك التطبيقي للمادية اعبدية عرب التاريخ‬
‫‪.‬ؽبذا رضل "ماركس" اف للعوامل االقتصادية كنوعية اك مبط النشاط االقتصادم‪ ،‬ك أساليب االنتاج ىي الذم‬
‫وبدد البٌت الفوقية االجتماعية ك االنسانية‪ ،‬كليس الضمَت اك العقل اك الركح ‪.‬كؽبذا فللعامل االقتصادم‬
‫حدد كل امباط االنظمة السياسية كاالقتصادية يف تطورىا التارىبي‪.‬فاؼبشاعية‪-‬العبودية‪-‬االقطاعية‪-‬الراظبالية‪-‬‬
‫االشًتاكية مث الشيوعية‪.‬ىي نتاج لتطورأمباط النشاط االقتصادم ‪.‬فالصيد كالقنص‪ ،‬الرعي‪ ،‬الفالحة‪،‬‬
‫الصناعة‪ ،‬التجارة ك اػبدمات‪.‬كما يرل "ماركس" أف كل االنظمة السابقة ربمل يف طياهتا تناقضات تؤدم‬
‫اذل زكاؽبا تارىبيا ‪ ،‬حبكم تطور اؼبعطيات اليت تسرع من ربقيق التناقضات يف البٌت الفوقية كالتحتية‪.‬‬
‫‪ -9‬الصراع الطبقي‪:‬يعتقد "ماركس" اف الصراعات بُت الطبقات االقتصادية ك االجتماعية ىي اؼببدأ للمحرؾ‬
‫للمسارات ك التحوالت ك التغَتات التارىبية يف ـبتلف اؼبيادين كاجملاالت‪.‬فوجود طبقات سادة كعبيد‪ ،‬مستغلة‬
‫كمستغلة‪ ،‬برزجوازية ك كادحة‪ ،‬حكاـ ك ؿبكومُت‪ ،‬ملكيات خاصة فردية ك ملكيات عامة صباعية‪،‬ىي طريف‬
‫معادلة اعبدلية التارىبية كاؼبادية اليت تعمل على تطور التاريخ ك اؼبنظومات يف ـبتلف اجملاالت‪ ،‬ك ظهور أنظمة ك‬
‫زكاؿ أخرل كىكذا‪.‬كما اف التطور يف البنية الفوقية يصل اذل مرحلة االشًتاكية العلمية ‪،‬مث تتطور ىذه االخَتة اذل‬
‫مراحل متطورة جدا فتتحوؿ اذل شيوعية ‪ ،‬كما أف إستبداد ىذه االخَتة ك تطورىا يؤدم اذل الفوضوية ك زكاؿ‬
‫الدكلة‪ ،‬ىذه االخَتة اليت تعترب ؾبرد كسيلة اك أداة يف يد طبقة لقهر طبقة أخرل ‪.‬ك لذلك زكاؽبا – يف نظر‬
‫ماركس‪-‬يعترب مظهر إهبايب للمسار السليم للمجتمعات العادلة كاليت ربقق أظبى مظاىر العدالة االجتماعية(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق ‪ ،‬الشرقاكم ‪،‬ص‪20‬‬

‫‪112‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫‪ -10‬البناء المعرفي لـ بيكون‪ :‬يرم فرنسيس بيكوف الذم يعترب من بُت مؤسسي اؼبذىب اؼبادم‪،‬ضركرة‬
‫كضع منظومة معرفية فلسفية مادية للوصوؿ اذل اغبقيقة اليقينية ‪.‬ك يبكن ربديد معلم ىذا البناء اؼبعريف‬
‫اؼبادم من خالؿ النقاط التالية ‪:‬‬
‫أ‪-‬تصور جديد للعلم ‪:‬يعتقد "فرانسيس بيكوف" بوجوب إرساء منظومة معرفية مادية للعلم تقوـ أساس‬
‫على اؼبالحظة اغبسية ك التجربية ك اؽبدؼ من العلم بصفة عامة ىي السيطرة على الطبيعة كتسخَتىا‬
‫لفائدة البشر‪.‬ك إعترب اف اؼبنهج العلمي الدراؾ اؼبعرفة الصحية كاغبقيقة ىو االستقراء اؼبادم ‪.‬‬
‫ك لتحقيق ىذا التصورالعلمي اعبديد يستلزـ اػبطوات التالية ‪:‬‬
‫‪-1‬تصنيف شامل للعلوـ ‪.‬‬
‫‪-2‬كضع اؼببادئ االساسية لفن تفسَت الطبيعة ك ظواىرىا‪.‬‬
‫‪-3‬صبع اؼبعطيات اؼبادية باؼبالحظة كاؼبشاىدة اؼبيدانية‪.‬‬
‫‪-4‬التجريب‬
‫‪-5‬االستقراء اؼبادم ك تتبع الظواىر ‪.‬‬
‫‪-6‬التجريد ك التعميم ‪.‬‬
‫‪-7‬كضع فلسفة شاملة لكيفية فهم كتفسَت الطبيعة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ىذه عملية ضركرية ك مبدئية ‪ ،‬لتطهَت العقل ك التفكَت من خالؿ ربطيم كل‬ ‫ب‪-‬تقويض االصنام‪:‬‬
‫العوائق اليت ربلو دكف التفكَت اؼبوضوعي الصحيح ك من بيناىا ما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬ربطيم أصناـ القبيلة ‪:‬كىي االفكار اؼبغركسة يف الًتسبات الثقافية لكل جنس اك قبيلة اك عرؽ اك جنس‪،‬‬
‫كاليت ربوؿ دكف التفكَت السليم ‪.‬كاالحالـ مثال(‪.)2‬‬
‫‪-‬ربطيم أصناـ الكهف‪:‬التسمية مستعارة من اسطورة الكهف االفالطونية ‪ ،‬كاؼبراد هبذا ذبنب اؼبيوؿ‬
‫كالعواطف ك ميولو كمزاجو يف تفسَت االشياء‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪/‬ماىر عبد القادر ؿبمد علي‪ ،‬فلسفة العلوـ – اؼبنطق االستقرائي‪،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دار النهضة العربية‪ ،‬للطباعة ك النشر‪ ،‬بَتكت‪-‬لبناف‪،‬‬
‫‪ ،1082‬ص‪06-07‬‬
‫‪ -2‬نفس اؼبرجع ‪ ،‬ص‪06‬‬

‫‪113‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫‪-‬ربطيم أصناـ السوؽ‪ :‬أخطاء االلفاظ الشائعة االستعماؿ كأساليب التواصل اللغوم اليت ال تعرب عن‬
‫حقائق االشياء ‪ ،‬كظبيت بالسوؽ الف من اكرب كسائل التخاطب ك التجارة يف االسواؽ ىي اللغة ‪ ،‬ككثَتا ما‬
‫تكوف ألفاظ – ىذه االخَتة‪ -‬غَت دقيقة يف التعبَت عن االشياء(‪.)1‬‬
‫‪-‬ربطيم أصناـ اؼبسرح‪:‬ك يقصد هبا االخطاء يف اؼبعارؼ ك اؼبفاىيم ك التصورات اليت تسربت اذل عقوؿ‬
‫الناس ك تفكَتىم من اؼبذاىب الفلسفية التقليدية اك اغبديثة‪.‬ك سبب التسمية اف "بيكوف" شبو ىذه‬
‫اؼبذاىب الفلسفية مثل اؼبسرحيات اك اؼبشاىد اؼبسرحية اليت ىي من إبداع أصحاهبا ك لكن ال تعرب بالضركرة‬
‫عن الواقع اغبقيقي‪.‬‬
‫ج‪-‬تصنيف العلوم ‪:‬قاـ "بيكوف"بتصنيف على اساس ‪ :‬اؼبلكة ك طبيعة كنوعية الظواىر اليت تدرسها‪.‬‬
‫د‪-‬المنهج العلمي ‪:‬يقوـ اساس على اؼبالحظة ك التجريب ك االستقراء ك إستبعاد كل ماىو نظرم‪.‬‬
‫هـ ـاالستقراء‪:‬منهج اساسي يف التجريب اؼبادم لتحصيل اؼبعرفة‪،‬ك االنتقاؿ من اعبزئيات اذل الكليات ‪.‬‬
‫يرل "عبد الوىاب اؼبسَتم" ‪:‬أف ؼبفهوـ الطبيعة ذم انبية كبَتة عند الفلسفات اؼبادية اليت تدكر يف‬
‫إطار اؼبرجعية الكامنة ‪ ،‬كىو تعبَت مهذب وبل ؿبل كلمة اؼبادة(‪ ،.)2‬ك يرل اف من أىم مبادئ الفلسفة‬
‫اؼبادية مايلي ‪:‬‬
‫‪-1‬االيباف بوحدة الطبيعة فهي كل متصل ‪.‬‬
‫‪-2‬االيباف بقانونية الطبيعة على أساس اغبتمية ك السببية ‪.‬‬
‫‪-3‬االيباف بأف الطبيعة ىي شبكة من القوانُت الصارمة ‪.‬‬
‫‪-4‬الطبيعة تتحرؾ بشكل تلقائي ‪ ،‬كاغبركة ىي أمر مادم ؿبض‪.‬‬
‫‪-5‬نفي مبدأ الغائية ‪.‬‬
‫‪-6‬االيباف الصارـ دببدأ اغبتمية اؼبيكانيكية كأساس االلية للكوف ‪.‬‬
‫‪-7‬نفي الغيبيات ‪ ،‬بإعتبارىا ؾبرد أساطَت ك غيبيات ‪.‬‬
‫‪-8‬اؼبادة أساس الكوف(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬ماىر عبد القادر ؿبمد علي ‪،‬ص‪06‬‬


‫‪ -2‬د‪/‬اؼبسَتم ‪ ،‬عبد الوىاب ‪،‬الفلسفة اؼبادية ك تفكيك االنساف ‪،‬ط‪،4‬دار الفكر اؼبعاصر ‪،‬دمشق سوريا ‪ ،2010،‬ص‪.15‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.16-15‬‬

‫‪114‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫ثالثا‪ :‬مذاهب الفلسفة المادية‪:‬‬


‫أ‪-‬المادية اآللـ ـ ـ ـ ـ ــية‪ :‬فالسفة عصر االنوار‪ :‬دكالمًتم‪-‬ديدرك‪-‬دكلباخ –فوريرباخ(‪)1‬ىي إذباه فلسفي يرل‬
‫اف الوجود ك الكوف كاغبياة ك الظواىر الطبيعية ‪ ،‬هبب تفسَتىا تفسَتا آليا ‪ ،‬يف إطار القوانُت السببية‬
‫كالنتائج اليت تفسر حركة األشياء‪.‬ترل فئة من الفالسفة اؼباديُت اف كل اؼبظاىر الطبيعية يبكن إدراكها دبعرفة‪،‬‬
‫اغبجم كالشكل ك النظاـ ك حركة اعبزئيات الصغَتة اليت يطلق عليها الذرات اك اعبسيمات ‪.‬ك زبتصر ىذه‬
‫الفئة العادل ك الوجود ك الكوف ىو عبارة آل ػ ػ ػ ػػة كبَتة اك عمالقة‪.‬ك كما وبدث يف ا﵀ركات ك االجهزة الكبَتة‬
‫ك شبكة العالقات بُت قطع غيار ‪،‬ىي تشبو ما وبدث يف ىذا الوجود‪.‬كىذا التوجو ىبتلف إختالفا جذريا‬
‫عن الفلسفة الغائية اليت تعتقد باف اؼببدأ االساسي الذم يفسر الوجود كاغبياة ىو الغاية اليت ربرؾ كل‬
‫اؼبوجودات كبو غايات ك أىدؼ ؿبددة مسبقا عن طريق األقدار ك التوجيهات القبلية‪.‬ك فبا زاد تعزيز النظرة‬
‫اآللية ىو التطور العلمي ك التجرييب ك العلوـ الدقيقة ك العلوـ اؼبيكانيكية ‪.‬‬
‫ب‪-‬المادية الجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدلية‪ :‬كارؿ ماركس – فردريك أقبلز‪:‬ىي توجو من توجهات الفلسفة اؼبادية ‪،‬كىي من‬
‫صنع الفيلسوؼ "كارؿ ماركس" ك زميلو "فردريك إقبلز" ‪ ،‬كىي ركن أساسي من أركاف الفلسفة اؼباركسية‬
‫اؼبادية‪.‬ك يف نظرىا ىناؾ إرتباط كثيق بُت اؼبادة كاعبدؿ ‪ ،‬كاؼبرحك االساسي ؽبذا االخَت ىو اؼبادة ‪ ،‬خبالؼ‬
‫ما كاف يعتقد "ىيجل"باف الفكر اك العقل اك الركح اك الوغوس اك اؼبطلق ىو ا﵀رؾ االساسي للجدؿ ك‬
‫قوانُت الوجود‪.‬‬
‫يرل ألنصار اؼبادية اعبدلية اف اؼبادة اليت سبثل البنية التحتية ىي اليت ربدد ك تصنع كل انواع البٌت الفوقية‬
‫‪.‬كلقد تلخيص معلم ىذا التوجو ‪ ،‬يبكن القوؿ اف مؤسسها "ماركس"دل يقوـ اال عملية مزاكجة اك توأمة بُت‬
‫مادية "فوريرباخ" ك جدلية "ىيجل"ك خلص يف االخَت على مادية جدلية تقوـ على ؾبموعة من القوانُت‬
‫الطبيعية اؼبادية (اليت سبق ك أف كضحناىا سابقا‪-‬أنظر ص‪.....:‬من ىذه اؼبطبوعة) كىي‪:‬‬
‫‪-‬قانوف نفي النفي‬
‫‪-‬قانوف التحوؿ من الًتاكم اؼبادم الكمي اذل التغَت الكيفي ك النوعي‪.‬‬
‫‪-‬قانوف كحدة االضداد كصراعها(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬بغورة الزكاكم‪.‬ص‪.10‬‬


‫‪ -2‬مرجع سابق ‪ ،‬الشرقاكم‪،‬ص‪28‬‬

‫‪115‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫طبعا اذل جانب القوانُت االخرل اليت تعرب مكملة للنزعة اؼبادية اؼباركسية ‪ :‬كاؼبادية التارىبية ك الصراع‬
‫الطبقي ‪.‬ك لقد كانت اؼبادية اعبدلية رباكؿ إضفاء اؼبصداقية على كل شركحها ك ربليالهتا على نظريات من‬
‫صميم العلم التجرييب كنظرية الطور ؿ "شارلز داركين" كنظرية الفيزيائية ك الكيميائية ؿ "الفوازييو " ك" نيوتن‬
‫" كغَتىم ‪.‬بغض النظر عن مدل قباحها يف ذلك ‪.‬ك يعترب" ماركس"اف التاريخ البشرم ماىو اال صراع بُت‬
‫الطبقات االجتماعية ك االقتصادية‪ ،‬كأف الصراع الطبقي ىو ا﵀رؾ االساسي للتاريخ كالوجود الذم قوـ على‬
‫عالقات الفعل كاالنفعاؿ بُت البٌت الفوقية ك البٌت التحتية‪.‬‬
‫إف شخصانية اؼبعرفة ىي من االفكار اليت جلبتها الفلسفات ما بعد اغبداثة للتشكيك يف موضوعية‬
‫اؼبعرفة ‪ ،‬كىي هبذا تتحدل اؼبادية اعبدلية‪ ،‬ىذه االخَتة اليت تصبو اذل ربقيق أعلى مستويات اؼبوضوعية يف‬
‫اؼبعرفة يف فهم كتفسَت الوجود ‪.‬فبا قبم عنو صراع فلسفي ك مفهومي بل إيديولوجي بُت اؼباركسيُت‬
‫كالرأظباليُت‪ ،‬فبا جعل أحد أقطاب اؼباركسية يقوؿ ‪ :‬أف من االسلحة اليت تراىن عليها االيديولوجية الرأظبالية‬
‫اليت يصفها باالمربيالية‪ ،‬ىي ىدـ االسس النظرية للمعرفة بسبب فشلها يف ربح اؼبعركة الفكرية ك الفلسفية‬
‫اؼبنطقية مع النزعة اؼبادية اعبدية ك التارىبية‪.‬‬
‫يتحدث عبد الوىاب اؼبسَتم‪ ،‬عن نوعُت من اؼبادية‪ :‬اؼبادية القديبة ك اؼبادية اعبديدة ‪ ،‬فاؼبادية‬
‫القديبة ىي اليت تستند اذل العقالنية اؼبادية‪ ،‬أما اؼبادية اعبديدة‪ ،‬فهي ثورة على كل اؼبفاىيم الواردة يف اؼبادية‬
‫القديبة‪ ،‬فاؼبادية اعبديدة فهي ثورة على اؼبيتافيزيقا االيبانية ك اؼبيتفافيزيقا اؼبادية ‪ ،‬بل ىي ثورة على العقالنية‬
‫اؼبادية يف ذاهتا(‪. )1‬‬
‫‪-‬رابعا‪ :‬نموذج شخصية فلسفية‪:‬‬
‫دافيد ىيوـ(‪1711‬ـ‪1776-‬ـ)‪ ،‬فيلسوؼ اقبليزم ذم نزعة حسية مادية مغالية ‪.‬من مواليد مدينة‬
‫"آدنربة "بأسكتلندة مشاؿ بريطانيا‪.‬كاف ابوه ؿباميا‪.‬تويف سنة ‪1714‬ـ ‪.‬توذل تربيتو عمو "جورج ىيوـ"ككاف‬
‫راعي كنيسة متشدد يف الدين ك االخالؽ‪،‬يسكن يف أحد الضواحي يف الريف االقبليزم‪.‬فبا كلد عند" دفيد‬
‫ىيوـ" نفور ك كراىية للمسيحية ك النصرانية كالكنيسة‪ ،‬بسبب تشدد عمو اؼبغارل جدا يف التدين الكنسي‪.‬‬
‫إلتحق "ىيوـ"بأحد الثانويات يف مدينة "أدنربة"‪ ،‬حيث حضر دركس يف الفلسفة الطبيعية ك اليت تعادؿ‬
‫اآلف دركس العلوـ الطبيعية ك الفيزياء‪ .‬ك كانت البدايات الفكرية كالفلسفية ل ػ ػ "ىيوـ" ديكارتيا ‪ ،‬لكن‬
‫سرعاف ما ربوؿ اذل مناصرا كبَتا ؿ"إسحاؽ نيوتن" العادل الفيزيائي اؼبشهور‪.‬يف سنة ‪1731‬ـ ‪ ،‬سافر اذل‬

‫‪ -1‬مرجع سابق ‪ ،‬اؼبسَتم ‪،‬ص‪.29‬‬

‫‪116‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫فرنسا ‪ ،‬ككن تأليفو الكؿ كتاب لو يف الفلسفة بعنواف"حبث يف الطبيعة االنسانية"‪.‬لكن كلد ىذا الكتاب‬
‫ميتا منعدـ اؼبقركئية ‪.‬كيف حوارل سنة ‪1737‬ـ ‪ ،‬تعرؼ على أستاذ فلسفة يدعى" ىتشستوف" يف مدينة‬
‫"ج ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػالسكو" االسكتلندية‪.‬ك كاف أستاذا لالقتصادم اؼبشهور"آدـ ظبيث"‪.‬ك يف سنة ‪1741‬ـ ‪/‬نشر ىيوـ‬
‫سلسلة من اؼبقاالت ربت عنواف" مقاالت أخالقية ك سياسية "‪.‬كيف سنة ‪1748‬ـ‪.‬صدرت لو الطبعة‬
‫الكاملة لكتاب "حبث يف الطبيعة االنسانية"(‪.)1‬‬
‫كيف سنة ‪1751‬ـ صدر لو كتاب بعنواف"الفحص عن مبادئ االخالؽ"‪ ،‬كنظرا ؽبذه اؼبؤلفات اؼبذكورة‬
‫آنفا ‪ ،‬أصبح ؿ "ىيوـ" شهرة كبَتة‪ ،‬ك كانت لو إتصاالت ك مراسالت مع اؼبفكر القانوشل‬
‫اؼبشهور"مونتسكيو" صاحب الكتاب اؼبشهور"ركح القوانُت"‪.‬ك نظرا اذل كتاباتو ك مؤلفاتو ك مقاالتو اليت‬
‫بنت لو شهرة يف اكساط اؼبثقفُت االكركبيُت ‪ ،‬اصبحت لو صداقات كإتصاالت فكرية مع أشهر اؼبفكرين ك‬
‫الفالسفة التنويريُت ك على رأسهم ‪"":‬دالومبَت" ك"ديٍت ديدرك"ك"دكلباخ"ك غَتىم ‪.‬ك زادت ىذه الصداقات‬
‫الفكرية من خالؿ مؤلف "دائرة اؼبعارؼ " اؼبوسوعة اليت كاف يشًتؾ فيها ؾبموعة من اؼبؤلفُت االكركبيُت(‪.)2‬‬
‫ك يف سنة ‪1766‬ـ كانت لو إتصاالت ك مصاحبات مع الفيلسوؼ السويسرم اؼبشهور " جوف جاؾ‬
‫ركسو"لكن صداقتهما دل تعمر طويال ‪ ،‬بسبب مزاج "ركس"ك السوداكم اؼبفعم بوساكس االضطهاد ك النفي‬
‫ك اؼبطاردات السياسية‪.‬كزادت ىذه العداكات حدة ‪ ،‬بعدما ساكرت "ركسو" شكوؾ ‪،‬بأف "ىيوـ "كاف‬
‫متواطئا مع جهات حكومية للقبض عليو ك التنكيل بو ‪ ،‬كىذا ما كرد يف إعًتافات "ىيوـ" بعد ذلك ‪ ،‬ك‬
‫تويف "ركسو"سنة ‪1778‬ـ‪ ،‬كعاد "ىيوـ اذل العيش يف مدينة مسقط رأسو ب "أدنربة" اليت كانت تسمى‬
‫ب" آثينا الشماؿ" يبدك بسبب كثرة مفكريها ك فالسفتها‪.‬مث تويف "ىيوـ" سنة ‪1776‬ـ يف نفس اؼبدينة‬
‫‪ -‬فلسفة ىيوـ ‪ :‬يبكن تلخيص فلسفة "ىيوـ" من خالؿ اىم اؼبباحث ‪ ،‬اليت كانت لو فيها آراء ك نظريات‬
‫كإجتهادات منها مايلي ‪:‬‬
‫أ‪-‬نظرية اؼبعرفة‪:‬‬
‫لقد كاف "ىيوـ "فيلسوفا ماديا حسيا متشددا‪،‬ك ىذا ما تؤكده أفكاره من خالؿ كتبو‪.‬حيث يقوؿ‬
‫يف كتابو"حبث يف الطبيعة االنسانية‪":‬كل إدراكات العقل اذل نوعُت من اغبس اؼبتميز نبا ‪:‬االنطباعات‬
‫كاالفكار‪ ،‬كىذه االخَتة ماىي اال ؾبرد نسخ االنطباعات "‪ .‬ك اؼبراد هبذا ‪ ،‬اف االفكار ك اؼبفاىيم‬

‫‪ -1‬مرجع سابق ‪،‬موسوعة بدكم ‪،‬ص‪712-711،‬‬


‫‪ -2‬نفس اؼبرجع ‪،‬ص‪710-718‬‬

‫‪117‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫كالتصورات ماىي اال ؾبرد إضفاءات لالنطباعات اغبسية‪.‬ك باستخداـ الذاكرة كالوظائف العقلية يبكن‬
‫تريتب افكارنا كمعاعبتها ك زبزينها‪.‬ك ينفي "ىيوـ" كجود افكار ك تصورات ؾبردة بشكل عاـ ‪.‬ك اليقُت يف‬
‫االفكار يتأتى من التعرؼ العياشل للمشاهبات اك الفركؽ بُت االفكار‪ ،‬اك من العمليات االستداللية اليت‬
‫ترتبط فيها العينات ك اؼبعطيات كما ىو اغباؿ يف الرياضيات(‪.)1‬‬
‫ترتبط النزعة اغبسية عند "ىيوـ "بالشك‪ ،‬خبالؼ "كوندياؾ "ك "جوف لوؾ" اليت ترتبط باليقُت‪،‬‬
‫كؽبذا صنفت ذبريبية اك حسية "ىيوـ" باغبسية الشكية ‪.‬ك اؼبقصود هبذااف "ىيوـ " قسم االنطباعات‬
‫كاالفكار اذل مركبة ك بسيطة ‪.‬فالبسيطة ال تتجزأ ‪ ،‬بينما اؼبركبة تتألف من جزئيات بسيطة‪.‬ك يلخص‬
‫لنا"ىيوـ"موقفو فاف افكارنا صادرة عن التجربة ‪ ،‬كال كجود –بام حاؿ من االحوؿ‪ -‬الفكار ك مبادئ‬
‫عقلية فطرية قبلية ‪.‬فالعقل صفحة بيضاء ك لدينا ملكتاف ؼبعاعبة االفكار كىي ‪ :‬الذاكرة ك اؼبخيلة ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ب‪-‬السببية‪:‬‬
‫يقوؿ "ىيوـ "يف كتابو" حبث يف الطبيعة االنسانية" ‪:‬إف فكرة السببية ‪ ،‬تنحل اذل العالقة بُت‬
‫االشياء‪ ،‬كتعترب عالقة االتصاؿ بُت االشياء عالقة ذات انبية جوىرية للعلية‪ .‬فالطبيعة ىي شبكة من‬
‫العالقات تربط بُت الظواىر بغض النظر عن الزماف كاؼبكاف ‪.‬ك وبلل "ىيوـ"اعبوانب االساسية اؼبكونة للعلية‬
‫اك السببية كىي ‪:‬االتصاؿ –األسبقية‪-‬االرتباط الضركرم‪.‬فالعلية ماىي اال عملية تكرار ك تواتر زمٍت ك‬
‫مكاف بُت العلل كاؼبعلوالت ‪.‬كماىي اال كاقعة أكدىا التكرار ك العادة ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ج‪-‬الريب( الشك)‪:‬‬
‫يشتهر "ىيوـ "اذل جانب نزعتو اغبسية اؼبشططة‪ ،‬بنزعتو الشكية االحتمالية ‪،‬حيث يرل اف للمعرفة‬
‫حدكد معينة ‪،‬ال يبكن ذباكزىا‪.‬ؽبذا فاف الدراسُت لفكر "ىيوـ" يتفقوف أنو يضع حدكدا المكاف اؼبعرفة ‪.‬كىو‬
‫يبيز بُت االفكار ك الوقائع ‪،‬فإذا كانت االنطباعات تفرض نفسها على عقولنا ‪،‬فاف االمر ليس كذلك‬
‫بالنسبة اذل النتائج اليت نصل اليها إبتداءا من الوقائع‪.‬كىذه ىي حاؿ مبدأ العلية ‪.‬ك من ىنا شك "ىيوـ" يف‬
‫يف االستقراءات اؼببتدئة من التجربة ‪.‬اهنا ؾبرد إحتماالت ‪.‬اف كل توكيد يتعلق بالوقائع هبب اف يقتصر على‬
‫االنطباعات كعلى التجارب اعبزئية ‪،‬ال على النتائج اؼبربىن عليها انطالقا من من ىذه االنطباعات اك‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة بدكم‪ ،‬ص ‪.714-712‬‬


‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.717-714‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ج‪.2‬ص‪616‬‬

‫‪118‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫التجارب اعبزئية‪.‬ك ىكذا خلص "ىيوـ" اذل إكتشاؼ للمعٌت النفساشل ا﵀ض للعلية‪،‬كلكن ال يعتربه إنتصار‬
‫للعقل التجرييب‪.‬‬
‫د‪-‬اعبماؿ كاالخالؽ كالسياسة‪:‬‬
‫يطبق "ىيوـ"منهجو يف اؼبعرفة حىت يف ؾباؿ حقوؿ االحكاـ التقويبية اكالعلوـ اؼبعيارية كاعبماؿ ك‬
‫االخالؽ(كاالستطيقا ك االيتيقا)‪.‬كيرل اف العلوـ اؼبعيارية اك التقويبية كالقيم اؼبرتبطة هبا ‪،‬كلها ذاتية‪،‬كمرتبطة‬
‫بالطبيعةاالنسانية‪.‬كمنو فكل ىذه االحكاـ ك العلوـ نسبية ك متغَتة‪.‬مرتبطة بردكد فعل انفعالية ك عاطفية‬
‫للبشر حوؿ اعبماؿ‪.‬اما يتعلق االخالؽ فهي يف نظر ‪-‬ىيوـ‪ -‬ذاتية‪.‬إذ يقرر اف اػبَت ك الشر كقيمتُت ليسا‬
‫أحكاـ موضوعية‪.‬الهنا أحكاـ تربر بالشعورك العاطفة ك ليس العقل ‪.‬كما أف اؽبدؼ من البحث االخالقي‬
‫ىو الكشف عن اؼببادئ الكلية اليت يقوـ عليها اؼبدح كالذـ االخالقياف ‪.‬فاالحساف فبدكح لسببُت نبا‪:‬‬
‫التعاطف االنساشل ك اؼبنفعة االجتماعية ‪.‬أما العدالة فهي فبدكحة لسبب كاحد كىي اؼبنفعة كحدىا حسب‬
‫منظور اؽبيومي(‪.)1‬‬
‫ىػ‪-‬مؤلفات ىيوـ ‪ :‬الف "ىيوـ "عدة مؤلفات منها ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬رسالة يف الطبيعة البشرية –سنة ‪.1739‬‬
‫‪-‬مباحث أخالقية ك سياسية –سنة ‪.1741‬‬
‫‪-‬مبحث يف االخالؽ‪-‬سنة ‪.1751‬‬
‫‪-‬مقاالت سياسية ‪.1752-‬‬
‫‪-‬تاريخ اقبلًتا‪-‬سنة ‪.1754‬‬
‫‪-‬خامسا‪ :‬قراءة نقدية و تقييمية‪:‬‬
‫لقد كجهت اذل اؼبذىب اؼبادم عدة إنتقادات‪ ،‬منها مايلي‪:‬‬
‫‪-1‬العقل ليس ؾبرد صفحة بيضاء ‪،‬بل ىو وبتوم على اغبد االدسل من اؼبفاىيم ك اؼببادئ االكلية ‪،‬كالدليل‬
‫ؼباذا االنساف يتميز دبيزة النطق كالتفكَت ك التعقل ك الفهم مقارنة باغبيوانات االقرب اليو من ناحية الًتكيبة‬
‫الدماغية‪ .‬كعلى ىذا االساس اصبح العقل مناط التكليف بالوحي ك العبادة‪.‬كما اف ىناؾ مفاىيم‬
‫كتصورات ال قبد مثيالهتا ك نظائرىا يف العادل اغبسي بل ىي انتاج عقلي ؿبض(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق ‪ ،‬موسوعة بدكم‪.716-717 ،‬‬


‫‪ -2‬مرجع سابق‪ ،‬اؼبسَتم‪ ،‬ص‪86-81‬‬

‫‪119‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫‪-2‬العقل ك القدرات العقلية مكلفة بًتصبة ك قراءة ـبتلف االحساسات الواردة من الواقع‪ ،‬رغم حالتها‬
‫الفوضوية غَتاؼبنظمة يف الواقع ‪ ،‬عالكة على ىذا فاف العمليات الذىنية تضفي مصداقية منطقية تنظيمية‬
‫عليها ك إضفاء صور تكميلية رغم اهنا ليست من معطيات اغبواس ‪.‬‬
‫‪-3‬يرل اؼباديوف اف العقالنية اؼبادية تؤكد على عناصر التجانس كالتكرار ك الكم ك السببية كاآللية ‪.‬غَت اف‬
‫العقل البشرم غَت ؿبصور يف حدكد الواحدية اؼبادية ‪ ،‬كالدليل كيف نفسر الركح اليت ربرؾ ك تفكر ك تفهم‬
‫كربلل ك تفسر دكف اف يعرؼ العلم اذل حد اآلف حقيقتها ك جوىرىا ‪.‬كما اف للعقل االنساشل قدرات‬
‫تتحدل حدكد التفسَت اؼبادم‪ ،‬كىذا ما جعل "تشومسكي" يتحدث عن معجزة اللغة‪.‬اليت تعترب ظاىرة ال‬
‫يبكن تفسَتىا يف إطار مادم ؿبض‪،‬بل يف اطار توليدم‪.‬ك ىذا ما جعل عادل النفس "جوف بياجيو" يقدـ‬
‫رؤية توليدية لتطور االنساف ك تطور إحساسو بالزماف كاؼبكاف‪ ،‬كىذا خبالؼ التفسَت كفق النموذج الًتاكمي‬
‫اؼبادم‪.‬‬
‫‪ -4‬يعتقد اؼبذىب اؼبادم اف الفكر ىو صورة من صور اؼبادة ‪،‬كاف التفكَت يف حد ذاتو ‪،‬ماىو اال نتيجة‬
‫للًتاكم الكمي اؼبادم الذم يتحوؿ اذل كيف ؟؟‪،‬لكن كيف يفسراالختالؼ يف انواع التفكَت ك الثقافات ك‬
‫اؼببادئ ك كل انواع االمور اؼبعنوية ‪ ،‬ماداـ اف العقل ك العمليات العقلية كالدماغية‪ ،‬ماىي أال ؾبرد عمليات‬
‫كيمياكية ك مواد ك أنزيبات ك عمليات عصبية‪.‬فاذا كنا اؼبادة طبيعة كاحدة ‪،‬من أين جاء التنوع يف صنوؼ‬
‫تفكَت البشر(‪.)1‬‬
‫‪-5‬كيف يفسر اؼبذىب اؼبادم ‪ ،‬العلوـ اؼبعيارية ك التقويبية مثل االخالؽ ك اعبماؿ ك قيمها مثل اػبَت ك‬
‫الشر كالقبح كاعبماؿ ؟؟باعتبارىا أحاسيس ك عمليات ركحية ككجدانية ذات قيم معنوية تتجاكز العمليات‬
‫الفيسيولوجية اؼبادية الصماء‪.‬فكيف تفسر االذباىات اؼبادية التضحية كالشرؼ ك النخوة ك الشهادة يف‬
‫سبيل ا﵁ ك اؼببادئ ك القناعات ‪.‬كما اف الرؤية اؼبادية كيف تفسر التجاكز ك الثورة على كضعيات سياسية‬
‫ك اقتصادية ك ؾبتمعية معينة ‪ ،‬يف حُت اف الطبيعة ك قوانينها – حسب اؼباديُت‪-‬ال تعرؼ الوثبات‪.‬‬
‫‪-6‬كيف يفسر اؼبذىب اؼبادم سعي االنسانية الدؤكب كبو اهباد معٌت ك حقيقة الوجود ك اغبياة كالكوف‪.‬‬
‫كؽبذا االعتقاد ك الدين كجد قبل اغبضارات بغض النظر عن اؼبعبود ‪.‬ك ؽبذا يرل "علي عزت بيقوفيتش"(‪:)2‬‬
‫اف الدين ك الفن منذ كجد االنساف على ىذه االرض ‪ ،‬يف حُت التفكَت مادم حديث ‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬اؼبسَتم‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫‪ -2‬بيقوفيتش‪ ،‬عزت علي‪ )2003-1925( :‬أكؿ رئيس صبهورم عبمهورية البوسنة كاؽبرسك بعد انتهاء حرب البوسنة كاؽبرسك ‪.‬ىو‬
‫ناشط سياسي بوسٍت كفيلسوؼ إسالمي‪ ،‬مؤلف لعدة كتب أنبها "اإلسالـ بُت الشرؽ كالغرب"‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫‪-7‬تقوـ الرؤية اؼبادية على التفسَت الواحدم اؼبادم ‪ ،‬لكن كيف تفسر الطبيعة الثنائية عند الظاىرة‬
‫االنسانية ‪.‬ك كيف تفسر التفاكت بُت ىذه الثنائيات يف الكائنات اغبية اليت تشًتؾ مع الظاىرة االنسانية يف‬
‫عامل اساسي مشًتؾ كىو اغبياة ‪.‬كما اف الرؤية اؼبادية عجرت عن تفسَت اؼبيل اعبارؼ عند البشر اذل‬
‫االعتقاد بوجود قول غَت طبيعية خالقة للكوف‪،‬يبٍت ؽبا البشر دكر عبادة لالقرار بربوبيتها ك تقوـ بشعائر ك‬
‫طقوس من أجل إرضائها ‪.‬‬
‫‪-8‬كيف تفسر اؼبذاىب اؼبادية كجود اغبياة ‪ ،‬كلقد ثبت علميا ك خربيا ك ذبريبيا ‪،‬عدـ أمكانية اغبصوؿ‬
‫على حياة من خالؿ التجارب ك التفاعالت الكيمياكية ك الفيزيولوجية‪.‬‬
‫*خالصة ‪:‬‬
‫اؼبادية نزعة مرتبطة باليوناف ك الفالسفة االقبليز من ناحية التأسيس ‪،‬كؽبا عدة مذاىب ‪ :‬كاؼبادية‬
‫اآللية ‪ ،‬اؼباية التارىبية ‪ ،‬اؼباية اعبدلية ك غَتىا ‪.‬من أىم مبادئها اؼبادة ك التجربة كأساسُت كحيدين للوجود‬
‫‪.‬ك من اىم االنتقادات اؼبوجهة اليها نكراف اعبانب الركحي ك الركحاشل للوجود‪.‬ك عدـ قدرهتا على تفسَت‬
‫بعض اإلشكاليات غَت القابلة للتفسَت اؼبادم‪.‬‬
‫* قائمة مراجع المذهب المادي‪:‬‬
‫‪ -1‬د‪/‬اؼبسَتم عبد الوىاب ‪،‬الفلسفة اؼبادية ك تفكيك االنساف‪،‬ط‪،4‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سوريا‬
‫‪.2010،‬‬
‫‪ -2‬مركة حسُت ‪،‬النزعات اؼبادية يف الفلسفة العربية االسالمية ‪،‬ط‪،1‬دار الفارايب‪ ،‬بَتكت لبناف ‪.2002،‬‬
‫‪ -3‬د‪/‬برىومة موسى‪،‬الًتاث العريب ك العقل اؼبادم ‪،‬ط‪،1‬دار التنويرللطباعة كالنشر ‪،‬بَتكت لبناف ‪.2017،‬‬
‫‪ -4‬بوشنسكي‪،‬إ‪،‬ـ‪،‬الفلسفة اؼبعاصرة يف اكركبا ‪،‬تر‪:‬عزت قرشل ‪،‬ط‪،1‬سلسلة عادل اؼبعرفة ‪ ،‬الكويت‬
‫‪،‬سبيتمرب ‪.1992‬‬
‫‪ -5‬غاركدم ‪،‬ركجي ‪،‬النظرية اؼبادية يف اؼبعرفة ‪،‬تر‪:‬ابراىيم قريط ‪،‬ب‪/‬ط‪،‬دار دمشق ‪،‬سوريا ‪،‬ب‪/‬سنة‬
‫‪ -6‬بدكم عبد الرضبن ‪ ،‬موسوعة الفلسفة ‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬اؼبؤسسة العربية للدراسات ك النشر‪،‬ط‪،1‬بَتكت لبناف‬
‫‪.1984،‬‬
‫‪-7‬صليبا ‪،‬صبيل ‪ ،‬اؼبعجم الفلسفي‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬ط‪،1‬دار الكتاب اللبناشل‪،‬بَتكت‪ ،‬لبناف ‪،‬‬
‫‪1982‬‬

‫‪121‬‬
‫المذهب المادي ‪-2-‬‬ ‫الدرس الحادي عشر‬

‫‪ -8‬د‪/‬الشرقاكم ؿبمد عبد ا﵁ ‪،‬يف الفلسفة العامة –دراسة كنقد‪،‬ط‪ ،2‬دار اعبيل ‪ ،‬بَتكت –لبناف‬
‫‪1991.،‬‬
‫‪-9‬د‪/‬ماىر عبد القادر ؿبمد علي ‪،‬فلسفة العلوـ –اؼبنطق االستقرائي‪،‬ج‪،1‬ط‪،1‬دار النهضة العربية‬
‫‪،‬للطباعة ك النشر‪،‬بَتكت‪-‬لبناف‪1984،‬‬
‫*قائمة مصادر ومراجع تدعيمية إضافية للمذهب المادي( الدرس االول و الثاني) ‪:‬‬
‫‪-1‬بليخانوؼ جورجي‪،‬فلسفة التاريخ ‪،‬اؼبفهوـ اؼبادم للتاريخ ‪،‬ب‪/‬ط‪،‬ب‪/‬س‪.‬‬
‫‪-2‬البوطي ‪،‬ؿبمد سعيد رمضاف‪،‬نقض أكىاـ اؼبادية اعبدلية ‪،‬ط‪ ،1‬دار الفكر ‪،‬دمشق سوريا‪.1978،‬‬
‫‪-3‬كجدم ؿبمد فريد ‪،‬على أطالؿ اؼبذىب اؼبادم‪،‬ط‪،2‬دائرة اؼبعارؼ القرف ‪،20‬مصر‪.1931،‬‬
‫‪ -4‬فاسيلي بودكستينيك‪،‬أكفشي ياخوت ‪،‬ألف باء اؼبادية اعبدلية ‪،‬تر‪ :‬جركج طرابيشي‪، ،‬ط‪ ،1‬دار الطليعة‬
‫للطباعة كالنشر ‪ ،‬بَتكت لبناف ‪.1979،‬‬
‫‪-5‬كونفورت موريس ‪،‬مدخل اذل اؼبادية اعبدلية ‪،‬ط‪ ،1‬دار الفارايب ‪،‬بَتكت لبناف ‪ ،‬ب‪/‬س‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫الدرس الثاني عشر‪:‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-1-‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني عشر‬

‫الدرس الثاني عشر‪ :‬المذهب النفعي البراغماتي‪-1-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬التعريف بالمذهب النفعي البراغماتي‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬مفاهيم ودالالت‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬نبذة تاريخة كرونولوجية حول المذهب ‪.‬‬
‫*تمهيد ‪:‬‬
‫من خالؿ ىذا الدرس‪ ،‬كباكؿ التعرؼ على اؼبذىب الواقعي ‪ ،‬من خالؿ التعاريف اللغوية ك‬
‫االصطالحية ‪ ،‬مث ننتقل اذل التفصيل اذل كل اؼبفاىيم ك الدالالت اؼبًتبطة بو ‪.‬اذل جانب تقدصل إطاللة‬
‫تارىبية حوؿ اؼبذىب الواقعي ‪ ،‬كيف ظهر ك تطور يف الزمن ‪ ،‬كاعبذكر التارىبية اؼبرتبطة بو ‪.‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪(:‬البراغماتية)‪ :‬بالفرنسية=(‪ -) Pragmatisme‬باالقبليزية=(‪)Pragmatism‬‬
‫ك بالالتينية=(‪)pragmatismus‬‬
‫‪-‬أوال‪:‬التعريف بالمذهب النفعي البراغماتي‪:‬‬
‫الرباغماتية أك الذرائعية أك اآلداتية‪ ،‬ىي نتاج عقل غريب أمريكي'' أقبلوساكسوشل ''‪ ،‬اؼبقصود‬
‫من ذكر ىذه اػباصية الثقافية ( األقبلوساكسونية) ىو ربط ىذه الفلسفة بالبيئة الثقافية اليت تربط‬
‫بشكل مباشر أك غَت مباشر اؼبدرسة بالفلسفة األكركبية التابعة للمقاربة الثقافية األقبلوساكسونية اليت‬
‫أقببت اؼبدرسة اغبسية التجريبية كعلى رأسها " توماس ىوبز" "جوف لوؾ" "جوف ستوارت مل" "دافيد‬
‫ىيوـ" "فرانسيس بيكوف" ‪ .‬ىناؾ عرؼ ثقايف يعتمد على اؼبفاىيم اغبسية كالتجريبية‪ ،‬كينبذ البناءات‬
‫الفكرية اؼبعرفية القائمة على مرجعيات عقالنية مثالية ‪ ،‬كمبادلء صورية ؾبردة ‪ .‬ؽبذا كصف "جوف‬
‫ديوم" الرباصباتية بكومها فلسفة معاكسة للفلسفة الكالسيكية القائمة على التصورات كاؼبفاىيم القبلية‬
‫‪.‬فالواقع ا﵀سوس ىو الذ م يفرض حقائقو على اإلدراكات العقلية كليس العكس ‪.)1( .‬كؽبذا ظبيث‬
‫بػ'' االداتية'' ألف اؼبعرفة أداة للعمل ك كسيلة للتجربة ‪.‬‬
‫الفلسفة الرباغماتية ىي إنعكاس للواقع األمريكي العملي كالصناعي كالعلمي ك التجرييب ‪ ،‬ؽبذا‬
‫أشار '' شارؿ بَتس'' أف عقائدنا ىي يف الواقع قواعد للعمل كاألداء ‪،‬فاألفكار كاؼبفاىيم كالتصورات‬

‫‪ -1‬ؿبمود زكي قبيب‪،‬من زاكية فلسفية ‪،‬ط‪،4‬دار الشركؽ ‪،‬القاىرة‪،1993،‬ص‪.222،‬‬

‫‪124‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني عشر‬

‫الصحيحة ‪،‬ىي مدل تطابق الواقع اغبسي ‪،‬كما تؤديو اذل نتائج نفعية مفيدة ك عملية ‪.)1( .‬فالرباغماتية يف‬
‫عمقها تعٍت النجاح كالعمل ‪.)2( .‬كلقد استطاعت اف تكوف أداة تغيَت للمجتمع األمريكي ‪ ،‬باعتمادىا‬
‫على األسلوب العلمي التطبيقي كواسطة لفهم كتغيَت اجملتمع يف ـبتلف ميادين اغبياة‪ ،‬ابتداءا من‬
‫اؼبفاىيم كالتصورات كاألفكار يف فهم الواقع كآليات ترشيده كتغيَته ‪.‬‬
‫مهما يكن فاف الفلسفة الرباغماتية ‪،‬ىي تعبَت فكرم ؼبا هبوؿ يف الركح الثقافية للمجتمع األمريكي ‪،‬ىذه‬
‫الركح اليت سبيل اذل التجسيد العملي لألفكار ك التكريس التطبيقي ؼباىو عقلي ‪.‬لكن ىذا ال يؤدم بالضركرة‬
‫اذل القوؿ ‪،‬اف الرباغماتية ىي مطابقة للفلسفة اؼبادية‪ ،‬نظرا اذل التباين الكبَت بينهما يف كثَت من اؼببادئ‬
‫كاػبصائص اؼبختلفة ‪،‬كؽبذا وبرص االذباه الرباصبايت ‪،‬على عدـ تصنيفو ضمن الفلسفات اؼبادية خاصة يف‬
‫السياؽ اؼبفهومي الذم بات يعرؼ باؼباركسي ‪.‬فلهذا األخَت خصوصية تقوـ على أساس مادم جدرل ك‬
‫تارىبي ‪،‬دل يكن من اىتمامات الفلسفة الرباصباتية ‪.‬‬
‫يعترب النجاح كاألثر العملي اإلهبايب جوىر الذرائعية ‪ ،‬غَت اف ىذا اؼبفهوـ تناقص مفعولو كحجر‬
‫(‪)3‬‬
‫للزاكية أك كمنطق أساسي للرباغماتية‪ ،‬كخاصة بتعاقب األجياؿ الالحقة اؼبتبنية للمنظور الرباغمايت ‪.‬‬
‫لقد أثبتت الرباغماتية خاصية التغيَت يف حقوؿ الفلسفة كقدرهتا على ذبسيد كتشخيص اؼببادئ‬
‫كاألفكار كالتصورات كاؼبفاىيم عمليا كتطبيقيا‪ ،‬من خالؿ ذبسيد تصور العصر العلمي اغبديث كتصور‬
‫اغبياة العملية اليت يعيشها اجملتمع األمريكي يف اؼبدينة الصناعية اغبديث‪.)4( .‬لقد حاكؿ '' شارؿ‬
‫بَتس'' توضيح اؼبنظور القاعدم للرباغماتية منن خالؿ مفهوـ عقائدنا باعتبارىا قواعد العمل‬
‫كاألداء‪،‬كحىت يتسٌت لنا إنشاء فكرة معينة ‪،‬فكل ما كبتاج إليو‪ ،‬إمبا ىو ربديد أم فعل ك أم سلوؾ‬
‫كأم فعل لو أثار إهبابية كناجحة بطريقة مباشرة أك غَت مباشرة ‪ .‬لقد كانت االنطالقة الفعلية ؽبذا‬
‫اؼبذىب مع الفيلسوؼ األمريكي '' كليم جيمس'' الذم بفضل خدماتو ذاع صيت ىذا اؼبذىب‬
‫كذبسدت نتائجو كخرج إذل حيز الوجود‪،‬حيث إنتشرت أفكاره ‪،‬كمهما يكن من تفاكت يف مستول‬
‫اػبدمات الفكرية اؼبقدمة لو من طرؼ الفالسفة األمريكيُت ‪،‬فإف للثالوث الرباغمايت '' شارؿ بَتس''‬

‫‪ -1‬جيمس كلياـ‪،‬الرباصباتية‪،‬ط‪،1‬تر‪:‬ؿبمد قتحي الشنيطي‪،‬مكتبة اغبديثة ‪،‬القاىرة‪،1957،‬ص‪.66-65‬‬


‫‪2‬‬
‫; ‪-Halvey Elie ;La Formation Du RaducalismPhilosophique, PUF ; Paris ; 1995‬‬
‫‪Vol :03 ; p :22-27.‬‬
‫‪3‬‬
‫; ‪-Deledalle Gérard ; La Philosophie Americaine ; Edit ; L’age D’homme ; Lausane‬‬
‫‪1983 ; p :56.‬‬
‫‪ -4‬الكحالكم‪،‬حسن ؿبمد‪،‬فلسفة التقدـ ‪،‬ط‪،1‬مركز األسكندرية للكتاب ‪،‬القاىرة –مصر‪،1997،‬ص‪.97،‬‬

‫‪125‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني عشر‬

‫ك '' جوف ديوم '' ك "كلياـ جيمس" دكر حاسم يف االنتشار الفكرم ؽبذا اؼبذىب بالرغم عن‬
‫االختالؼ يف طابع كلوف الطرح ‪ .‬إال أهنم أتفقوا يف القاعدة الفكرية اؼبشًتكة ‪،‬اليت مؤداىا اف معيار‬
‫الصدؽ يف األفكار كاؼبفاىيم كاالعتقادات إمبا يكوف من خالؿ ما ربققو من نتائج كآثار ملموسة ‪.‬‬
‫من خالؿ ىذه اػبدمات اؼبقدمة ‪،‬من طرؼ ىذا الثالوث ‪،‬كاف للرباغماتية صدل كاقعي تردد يف صبيع‬
‫األصقاع كالنوادم العلمية ك الفكرية يف امريكا كاكركبا ك العادل ‪.‬فبعد ما كاف الفكر األمريكي ؾبرد متلقي دبا‬
‫ذبود بو اؼبوائد الفكرية ك االجتهادات الفلسفية األكركبية‪ ،‬اصبح لو خصوصية ك اصالو ارتقت بو اذل‬
‫اؼبستول العاؼبية يف الفكر كالفلسفة ‪.‬فالرباغماتية القت بضالؽبا على الفكر االكركيب ك اصبحت مصدر اؽباـ‬
‫للكثَتين يف اكركبا كالعادل‪،‬الذين كجدكا فيها بلسما فكريا ك حال لكثَت من االشكاليات الفلسفية كاغبياتية‬
‫اليت بقيت عالقة لفًتات طويلة ‪.‬فالبيئة الثقافية األمريكية جادت دبا دل يتسن للكثَتين يف البيئات اؼبصدرة‬
‫للفكر الفلسفي العاؼبي‬
‫‪ -‬ثانيا‪:‬مفاىيم كدالالت‪:‬‬
‫‪ -‬الرباغماتية ىي إسم مشتق من كلمة (براغما) (*‪)1‬اليونانية ‪ ،‬كمعناىا العمل اك اؼبمارسة‪ ،.‬كىي‬
‫مذىب فلسفي من تأسيس الفالسفة االمريكيُت‪":‬كليم جيمس"‪"،‬شارؿ بَتس""كلياـ جيمس"‪ .‬يقرر‪-‬ىذا‬
‫اؼبذىب‪ -‬اف العقل ال يبلغ غايتو إال إذا قاد صاحبو اذل العمل الناجع ‪.‬إف مسبار الفكرة الصحيحة ىو‬
‫النجاح ‪،‬فالفكرة الصحيحة ىي الفكرة الناجحة أك الناجعة‪ ،.‬ام اؼبعرفة اليت ربقق عمليا ك ميدانيا منفعة‬
‫معينة ‪.‬فكل ما يتحقق بالفعل فهو حق‪.‬ك ال يبكن اغبكم دبدل صحة الفكرة اك اؼبعرفة إال من خالؿ‬
‫نتائجها العملية ‪.‬ك اؼبقصود هبذا ال يوجد يف العقل معرفة اكلية تستنبط منها نتائج صحيحة بصرؼ النظر‬
‫عن جانبها التطبيقي ‪.‬بل االمر كلو مشركط بتبعات ك نتائج التجربة العملية ‪.‬كما يبكن القوؿ اف صدؽ‬
‫االفكار ك اؼبعارؼ نسيب ك متغَت زمانيا ك مكانيا ‪.‬فما كاف صادقا يف عصر سابق ‪ ،‬يبكن اك يكوف غَت‬
‫صادؽ يف العصر اغباضر‪.‬ك بالتارل فصدؽ القضايا يتغَت بتغَت اؼبعطيات العلمية‪.‬ك عليو فليس معناه اف‬
‫يقودنا العقل اذل معرفة االشياء‪ ،‬ك إمبا اؼبهم اف يقودنا اذل التأثَت الناجح فيها‪.‬‬
‫‪ -‬غَت اف ىناؾ من يتبنوف التوجو الرباغمايت‪ ،‬كلكن ال يربطوف اغبقيقة باقباح ك اؼبنفعة العملية‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫اؼبثاؿ قبد بعض االذباىات الفلسفية اليت تربط اغبقيقة ك الصحة بالنجاح بل ما سبليو مبادئ العقل‪ ،‬فمثال‬

‫‪ -1‬الرباغما‪ :‬ىي كلمة يونانية تعٍت العمل أك اؼبمارسة‪ ،‬منها أخدت تسمية اؼبذىب الرباغمايت‬

‫‪126‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني عشر‬

‫يرل "ىنرم برغسوف" ‪":‬أف العقل من حيث مسعاه االصل‪ ،‬ىو صنع االشياء السيما االدكات" ‪ ،‬كيرل‬
‫آخر اف اف قيمة االدياف ال تتمثل يف ما ربمل من حقائق بل ما ربملة من قواعد سلوكية ‪.‬‬
‫‪ -‬اما معٌت كلمة براغمايت فتعٍت عملي ك منفعي‪ ،‬كتعٍت يف بعض معاشل السلبية ‪ :‬إنتهازم كمصلحي‪ ،‬اذل‬
‫درجة ؾبرد من االخالؽ‪.‬ك الرباغمايت ايضا ربمل على اؼبفكر اك الفيلسوؼ الذم يشتغل بالفلسفة‬
‫الرباغماتية علما ك تدريسا ‪.‬‬
‫‪ -‬من فركع الفلسفة الرباغماتية قبد مذىب يسمى "اآلداتية " كىو من تأسيس "جوف ديوم" الذم يقوؿ‬
‫‪:‬النظرية آداة اك آلة للتأثَت يف التجربة ك تبديلها ‪ ،‬كاؼبعرفة النظرية كسيلة للسيطرة على اؼبواقف غَت اؼبالوفة‪،‬‬
‫أك كسيلة لزيادة قيمة التجارب السابقة من حيث دالالهتا اؼبباشرة‪.‬ك العلة االداة ىي العلة الفاعلة يف اؼبفهوـ‬
‫الفلسفي الكالسيكي‪.‬‬
‫‪-‬ثالثا‪:‬نبذة تارىبة كركنولوجية حوؿ اؼبذىب‪:‬‬
‫ال ريب أف النزعة الرباغماتية اك الذرائعية اك النفعية (*‪ ،)1‬ىي فلسفة حديثة من ناحية التأسيس الفكرم‬
‫كالنظرم الفلسفي ‪ ،‬بيد أف ىذا ال يعٍت اف أفكار ك كجهات نظر ك مفاىيم من ىذا القبيل دل تظهر يف‬
‫أحقاب خلت ‪.‬من خالؿ أراء ك أفكار ؾبتمعات ك ثقافات قديبة عند اغبضارات القديبة ‪ ،‬كاليوناف ك‬
‫اؼبسلمُت‪.‬ك لقد كانت البدايات يف العصر اغبديث يف الواليات اؼبتحدة االمريكية اؼبعركفة بنزعتها الرباغماتية‬
‫مع الطبيب الفيلسوؼ االمريكي "شارلز ساندرس بَتس"(‪ ،)1914-1839‬كالذم يعترب اكؿ من إستعمل‬
‫مصطلح "الرباغماتية" يف حقوؿ الفلسفة اؼبعاصرة‪.‬ك كاف ىذا يف مقاؿ لو بعنواف" كيف نوضح أفكارنا‬
‫"الذم نشره سنة ‪1878‬ـ‪،‬ك لقد إعترب اف العمل كالنتائج اؼبًتتبة عنو‪ ،‬اؼبعيار االساسي يف ربديد قيمة‬
‫السلوؾ ك االفكار كاؼبعارؼ‪.‬ؽبذا يقوؿ فيما معناه‪:‬إف تصورنا ؼبوضوع ما ‪ ،‬ماىو اال تصورنا ؼبا قد ينتج عن‬
‫ىذا اؼبوضوع من آثار عملية ‪.‬‬
‫ك لقد تدرج يف حبوثو ك دراساتو العلمية يف جامعات اكركبية كامركية حىت ربصل على شهادة الدكتوراة سنة‬
‫‪1870‬يف جامعة ىارفارد بالوالية اؼبتحدة االمريكية‪.‬ك لقد عُت بعد ىذا كأستاذ يف قسم التشريح‬
‫كالفيسيولوجيا مث أستاذا لعلم النفس ك السيكولوجيا‪.‬ك لقد إعًتؼ "بَتس" اف إكتشافو ؼبصطح "براغماتية‬
‫"كاف عند دراستو لفلسفة كأفكار الفيلسوؼ االؼباشل "ايبانويل كانط"‪.‬‬

‫* ‪ -‬النزعة الرباغماتية‪ :‬تعترب عن الركح االمريكية‪ ،‬اليت تنزع اذل اؼبصلحة ك اؼبنفعة اؼبادية‪ ،‬كلقد عرفت ىذه النزعة عدة تسميات‪ :‬كالنزعة‬
‫النفعية‪ ،‬النزعة الذرائعية‪ ،‬كىناؾ من يسميها بالنزعة اآلدتية‪ ،‬كلكل مربراتو‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني عشر‬

‫اما الفيلسوؼ االمريكي "جوف ديوم"(‪ )1952-1859‬كىو الرجل الثاشل يف اؼبذىب‬


‫الرباغميت‪،‬كيرجع اليو الفضل يف نشر ك تطوير ىذا اؼبذىب ‪ ،‬كىوعادل نفس ك تربية ‪ ،‬اشتهر يف حبوثو‬
‫بكلمتُت ذات انبية يف فلسفتو الذارئعية ‪،‬كنبا العمل ك الديبوقراطية ‪.‬ك يصف الرباغماتية يف احدل كتاباتو‬
‫باهنا فلسفة ـبالفة لتصورات الفلسفات القديبة اليت تعطي االكلوية للتصورات العقلية اجملردة ‪،‬ك يقدر صدؽ‬
‫ىذه التصورات تكوف النتائج‪.‬فالرباغماتية ىي عكس ىذا التوجو ‪ ،‬حبيث تدع الواقع ك النتائج العملية ىي‬
‫اليت تفرض نفسها على اغبقيقة ك البشر‪ ،‬كليس ىناؾ حقيقة قبلية تفرض نفسها على الواقع ‪.‬العمل اؼبيداشل‬
‫ك التطبيقي اك باالحرل نتائجو ىي اليت تعطي لالفكار ك التصورات كاؼبفاىيم مصداقية ‪.‬‬
‫كمن بُت الشخصيات الفلسفية االساسية اليت قدمت خدمات فكرية كفلسفية للمذىب الرباغمايت ‪ ،‬قبد‬
‫الطبيب ك الفيلسوؼ االمريكي "كلياـ جيمس"(‪)1910-1842‬كما ىو عادل نفس ‪.‬ك يعترب ثاشل‬
‫شخصية علمية فلسفية ذبريبية بعد "فيلهلم فونت"نظَت اػبدمات اليت قدمها يف ىذا االذباه ‪.‬اذل درجة‬
‫تأسيسو لتخصص ما يسمى ب‪ :‬علم النفس االمريكي‪.‬كما يبكن إعتباره أحد أقطاب التجريبية الراديكالية‬
‫يف الفلسفة‪.‬ربصل على شهادة الدكتوراه يف الطب سنة ‪.1870‬كلقد دخل "جيمس" اؼبذىب الرباغنايت‬
‫عندما ظبع احد ؿباضرات " شارؿ بَتس" كاليت تأثر هبا ‪.‬كإعترب اف اؼبنفعة العملية اك النتائج النفعية ىي‬
‫اؼبعيار اغبقيقي ؼبدل صدؽ اؼبوضوعات ك االفكار‪.‬كما إترب"جوف ديوم اف العقل البشرم يف جوىره ليس‬
‫كسيلة اك أدات للتفكَت ك التعقل ‪ ،‬امبا ىو – يف اغبقيقة –أداة لتطوير اغبياة ك خدمتها ك تنميتها ك‬
‫إزدىارىا ‪.‬ك كتكريس ؽبذا التوجو العاـ يرل "كلياـ جيمس" اف الفلسفة الرباغماتية ىي اؽبواء الطلق ك‬
‫إمكانيات الطبيعة اؼبتاحة ضد الفلسفات الوثوقية اؼبتعسفة ك اليقينية اعبازمة االصطناعية ‪،‬ك إدعاء النهائية‬
‫ك اؼبطلقية يف اغبقيقة ‪ ،‬كمن شبة غلق الباب اماـ االجتهاد ك التطوير‪.‬ك عليو فالرباغماتية ليست اال منهج‬
‫لثقافة كيف نعمل (*‪.)1‬‬
‫كما يؤكد جيمس الذم طور ىذا الفكر كنظٌر لو يف كتابو " الرباصباتية " ‪،‬بأهنا ال تعتقد بوجود‬
‫حقيقة مثل األشياء مستقلة عنها‪ .‬فاغبقيقة ىي ؾبرد منهج للتفكَت‪ ،‬كما أف اػبَت ىو منهج للعمل كالسلوؾ‬
‫؛ فحقيقة اليوـ قد تصبح خطأ الغد ؛ فااليديولوجيات اؼبنطقية كالثوابت اليت ظلت حقائق لقركف ماضية‬
‫ليست حقائق مطلقة‪ ،‬بل ردبا أمكننا أف نقوؿ ‪ :‬إهنا خاطئة يوما ما‪.‬كيتوسع مفهوـ الربغماتية يف دائرة‬
‫العمل حبيث يشمل اؼبادم كاػبلقي أك التصورم‪ ،‬كتثمر ىذه النظرة للعمل اتساع العادل أمامنا‪ ،‬إنو عادل‬

‫*‪ -‬النزعة الرباغماتية‪ ،‬ترفض كل أنواع الفلسفات اؼبثالية النظرية البعيدة عن آليات تفسَت الواقع ك تغيَته‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي ‪-1-‬‬ ‫الدرس الثاني عشر‬

‫مرف‪ ،‬نستطيع التأثَت فيو كتشكيلو‪ ،‬كما تصوراتنا إال مفركضات أك كسائل ؽبذا التأثَت كتشكيل االثر اػبارجي‬
‫لنجاعة العمل‪.‬‬
‫ك يضيف "جيمس" اف العمل ك النجاعة يف النتائج ىي مقياس اغبقيقة ك اؼبعرؼ الصحيحة ‪ ،‬كاؼبراد‬
‫بذلك اف من اؼبسابَت االساسية‪ .‬للصحة ك اغبقيقة ك العكس‪ ،‬نبا باػبصوص الضرر ك النفع يف نتائج‬
‫االمور ك اؼبعارؼ ك السلوؾ ك اؼبفاىيم ‪.‬ك لقد عززت أفكار ك قناعات "جيمس" عندما اصيب دبرض‬
‫خطَت ‪ ،‬كاستطاع الشفاء منو بفضل االرادة ‪ ،‬حيث إستنتج أف لالرادة البشرية ك العمل دكر مهم يف‬
‫اغبياة‪.‬كما تعتقد الرباغماتية يف احد مراحل تطورىا اف الوجود ك اغبياة كالعادل ليست ؾبرد نظريات معرفية ك‬
‫عقالنية بل ىذا العادل ىو كائن حي ينبض باغبياة ‪..‬ك ال يبكن القوؿ بوجود حقيقة مطلقة صحيحة يف كل‬
‫زماف كمكاف ‪..‬بل اػبطأ ك الصحيح ك اغبق كالباطل شيء ظريف نسيب متغَت حسب معطيات الزماف‬
‫كاؼبكاف ك تغَتنبا ‪.‬ك اغبقائق اؼباضية شأهنا شأف االسلحة القديبة ستصدأ ك تتلف كبالتارل تستلزـ ك تقتض‬
‫التجديد كل اؼبرة حىت تواكب الزماف كاؼبكاف كاغبقب ك التطورات ك التحوالت يف اؼبعطيات ك االكتشافات‬
‫‪ .‬كال يعًتؼ ركاد الرباغماتية بوجود أنظمة سياسية مثالية إال أهنم يف الواقع ينادكف بأنظمة سياسية مثالية‬
‫ربقق اغبقوؽ كاغبريات العامة ‪ ،‬كتعادم كل انواع االنظمة التوتاليتارية ك خاصة الشيوعية ‪ ،‬اليت تعتربىا أسوأ‬
‫مباذج االنظمة السياسية اؼبمكنة (‪.)1‬‬
‫*خالصة‪:‬‬
‫الرباغماتية ىي لفظة يونانية تعٍت العمل كالنجاح كاؼبنفعة كاؼبمارسة ‪ ،‬كىي مذىب حديث ظهر يف‬
‫الواليات اؼبتحدة االمريكية يعترب النجاح كاؼبنفعة نبا أساس الفكرة الصحيحة ك اغبقيقية ك مسبارنبا‬
‫القاعدم ك اعبوىرم ‪ ،‬ىي تعكس ركح الفلسفة االمريكية ‪ ،‬ك ؼبفهوـ كلمة براغماتية عدة مفاىيم كدالالت‬
‫‪ ،‬ك اىم ركادىا ‪" :‬جوف ديوم"‪" ،‬شارؿ بَتس"‪"،‬كلياـ جيمس"‪.‬‬

‫‪ -1‬جيمس كلياـ‪،‬الرباغماتية‪ ،‬تر‪:‬كليد شحادة‪، ،‬ط‪،1‬دار الفرقد للطباعة كالنشر كالتوزيع‪،‬دمشق –سوريا ‪ 4112،‬ص‪413-166‬‬

‫‪129‬‬
‫الدرس الثالثة عشر‪:‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-2-‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-2 -‬‬ ‫الدرس الثالث عشر‬

‫الدرس الثالث عشر‪ :‬المذهب النفعي البراغماتي‪-2-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬اوال‪ :‬المذهب النفعي البراغماتي ‪ ،‬التأسيس وأبرزالرواد والشخصيات ‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬المبادئ و األفكار ‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬مذاهب و تيارات الفلسفة البراغماتية‬
‫*تمهيد ‪:‬‬
‫اؽبدؼ من ىذا الدرس ىو التعرؼ على ـبتلف الشخصيات اليت سانبت يف تأسيس اؼبذىب النفعي‬
‫الرباغمايت ‪ ،‬كالفالسفة الذم سانبوا يف إثرائو ‪.‬اذل جانب التعرؼ على اؼببادئ ك االفكار ىذا اؼبذىب‬
‫‪،‬فضال عن التطرؽ اذل أىم اؼبذاىب ك تيارات الفلسفة الرباغماتية ‪ ،‬عالكة على إختيار شخصية فلسفية‬
‫مبوذجية سبثل اؼبذىب الفلسفي النفعي الرباغمايت ‪ ،‬كأخَتا أىم االنتقادات اليت كجهت ؽبذا اؼبذىب ‪.‬‬
‫‪-‬أوال‪ :‬التأسيس وأبرز الرواد والشخصيات‪:‬‬
‫من اىم ركاد ك ابرز الشخصيات اليت سانبت يف ظهور الربراغماتية كتطورىا قبد مايلي‪:‬‬
‫‪-1‬شارل بيرس (‪ : )1914-1839‬من مواليد كامربدج بوالية ماساسوستش بالواليات اؼبتحدة‬
‫األمريكية ‪،‬أبوه بنجامُت بَتس أستاذ مقياس الرياضيات كالفلك يف جامعة '' ىافارد'' يعترب " بَتس"‪،‬‬
‫اؼبؤسس للمذىب الرباغمايت‪ .‬ككانت البداية مع مقالو اؼبشهور''كيف قبعل أفكارنا كاضحة ؟''‪.‬‬
‫كانت ؿبصلة "بَتس " الفكرية ناذبة عن دراساتو اؼبستمرة ؼبختلف النظريات كاؼبذاىب‬
‫الفلسفية كمنها الفلسفة األؼبانية‪ ،‬اليت كصفها بأهنا ليست ذات قيمة تذكر‪ ،‬كعلل منظوره بأف رؤيتو‬
‫الفلسفية اغبقيقية يبكن كصفها بأهنا ؿباكلة فيزيائي أف يصور بنية الكوف تصويرا ال يتعدل ما يسمح‬
‫بو مناىج البحث العلمي‪،‬مستعينا باؼبعطيات العلمية كالعملية‪،‬كاليت نثبت مدل صحتها كخطئها من‬
‫(‪)1‬‬
‫خالؿ ما تقدمو اؼبشاىدة من دالئل كاقعية ملموسة‪.‬‬
‫كمنو يتبُت أف الرباغماتية حسب –بَتس‪ -‬ىي فلسفة عملية ذبريبية تستبعد التأمل العقلي‬
‫اجملرد ‪،‬كالبحوث اؼبيتافيزيقية العقيمة ‪.‬كبالتارل فهي مبط من أمباط الفلسفة العملية اؼبفتوحة اليت زبضع‬
‫كتقبل التعديل اؼبستمر حسب تطور اؼبعطيات كتغَتىا يف فهم ربليل اؼبواضيع كالقضايا اؼبطركحة للبحث‬
‫كالتحرم‪،‬كال كجود لفكرة هنائية مطلقة أك معصومة من اػبطأ‪ .‬كينبغي إخضاع كل فكرة مهما كانت‬

‫‪ -1‬كامل فؤاد‪ ،‬أعالـ الفكر الفلسفي اؼبعاصر ‪،‬ط‪،1‬دار اعبيل ‪،‬بَتكت –لبناف ‪،1993،‬ص‪.100،‬‬

‫‪131‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-2 -‬‬ ‫الدرس الثالث عشر‬

‫للمنطق العلمي ك العملي‪ .‬كاغبكم عليها ال يكوف ‪،‬اال من خالؿ النتائج اليت ربققها حاضرا أك مستقبال‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كلألفكار كاؼبفاىيم استمرارية يف الزمن حىت تثبت قباعتها كقيمتها العلمية كاؼبعرفية‪.‬‬
‫يرل "بَتس" اف العلم يف عصرنا العلمي ك العملي ‪،‬دل يعد حباجة اذل السكوف كالظالـ اللذين كاف‬
‫يستعُت هبما فيما مضى ‪ ،‬بل اصبحت حياتو مرتبطة حياتو مرتبطة بتجارب اؼبعامل اليت تقاـ يف كضح‬
‫النهار (‪ ،)2‬ككاف يف ىذا متأثرا بالفلسفة االقبليزية ك خاصة فلسفة "ىيوـ " اليت ترل ضركرة عدـ االبقاء من‬
‫اؼبعارؼ اال الرياضيات ك العلوـ الطبيعية ‪،‬اما اؼبيتافزيقا فال جدكل منها بل البد اف تلقى يف النار (‪)3‬على‬
‫حد تعبَته ‪.‬ك هبذا يرل مؤرخو فكر" بَتس" بأنو اؼبؤسس الفعلي للمذىب الذرائعي‪.‬‬
‫‪-2‬وليم جيمس (‪ :)1910-1842‬من مواليد نيويورؾ‪ ،‬بالواليات اؼبتحدة األمريكية‪ ،‬سانبت ظركفو‬
‫العائلية اؼبيسورة على حصولو على ثقافة كاسعة كشاملة‪ ،‬كلقد كاف لتكوينو االصلي العلمي التجرييب‬
‫أثرا يف تكوف فكره‪ ،‬حيث زبصص يف بداية مشواره العلمي يف '' الكيمياء كالطب كتقلده مهنة الطب يف‬
‫إحدل اؼبستشفيات‪ ،‬مث أستاذا يف علم كظائف األعضاء‪ .‬كابرز اىتماماتو بعلم النفس التجرييب كمن‬
‫كتبو اؼبشهورة '' أصوؿ علم النفس " مث تقلد منصب استاذ الفلسفة ‪،‬كاليت كانت أكؿ شبرات توجهاتو‬
‫الفلسفية‪ ،‬كتابو‪" :‬ارادة االعتقاد" ‪.‬ك بعد اقائو عبملة من ا﵀اضرات كالدركس‪ ،‬ربولت ىذه األخَتة إذل‬
‫كتاب ربت عنواف '' الرباغماتية''‪.‬‬
‫تقوـ فلسفة "كليم جيمس " على قاعدة مفادىا ربديد مفهوـ اؼبعٌت كعالقتو بالنتائج العملية‪،‬‬
‫فالفكرة اليت ليس ؽبا التجسيد عملي حسي تبقى بدكف معٌت؟‪ .‬كفبا يبيز مفهوـ الرباغماتية عند "كلياـ‬
‫جيمس "اضافتو لفكرة اؼبعٌت‪ ،‬مفهوـ أك نظرية (الصدؽ)أك( اغبق) كالذم يعٍت أف صدؽ الفكرة‬
‫يقاس دبدل ما ربقيقو من قيمة عملية كمدل اآلثار اليت تًتكها األفكار كاؼبعتقدات يف حياتنا العملية ‪.‬‬
‫لقد حاكؿ "جيمس" ذبسيد ىذا اؼببدأ الفلسفي حىت يف ؾباؿ الدين كاالعتقاد فيما غبقيقة كجود‬
‫ا﵁ قيمة ناجعة كبالتارل ىي صادقة ؼبا ؽبا من آثار عملية يف حياة اؼبتدينُت(‪ .)4‬فبا أدل اذل ردكد كأراء‬
‫حوؿ ىذا اؼب فهوـ لػ '' جيمس '' من طرؼ صبلة من الفالسفة األمريكيُت كعلى رأسهم '' شارؿ بَتس‬
‫'' الذم إستهجن صبلة من اؼبفاىيم كاألفكار يف اؼبنظور الرباغمايت لػ '' كلياـ جيمس ''‪ ،‬إال اف االمر دل‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬ؿبمود زكي قبيب‪ ،‬ص‪.204‬‬


‫‪ -2‬ؿبمود زكي قبيب ‪،‬حياة الفكر يف العادل اعبديد ‪،‬ط‪،1‬دار الشركؽ‪ ،‬القاىرة –مصر‪،1987،‬ص‪.115‬‬
‫‪ -3‬األلوسي حساـ الدين ‪،‬بواكَت الفلسفة قبل طاليس‪،‬ط‪،1‬اؼبؤسسة العربية للدراسات كالنشر بَتكت لبناف ‪،.1981‬ص‪.115‬‬
‫‪ -4‬النشار مصطفى‪،‬مدخل جديد اذل الفلسفة‪،‬ط‪،4‬دار قباء للطباعة كالنشر ‪،‬القاىر –صبهورية مصر‪،1998،‬ص‪.169:‬‬

‫‪132‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-2 -‬‬ ‫الدرس الثالث عشر‬

‫يصل إذل درجة القطيعة يف اؼبفاىيم اؼبشًتكة بينهما‪ ،‬بإعتبار أف كليهما دل ىبرج من االطار العاـ‬
‫للنظرية كاؼبذىب الرباغمايت الذم يتداخل كيًتابط يف صبلة من األفكاراعبوىرية تعكس ركح‪ .‬الفكر‬
‫الفلسفس األمريكي ك أبعاده‪.‬‬
‫للتجربة اك التجريب كمنطلق قاعدم ك مرجع دكر حاسم يف بلورة فلسفة "كلياـ جيمس" اليت تركز‬
‫بشكل ؿبورم على الواقع العملي الراىن‪.)1(.‬لقد كانت بدايات "جيمس" يف مشركعو الرباغمايت بالبحث‬
‫يف االنساف كمشكلة اغبياة‪ )2(.‬كمحاكلة الهباد مشركع فلسفي نسقي متكامل ‪،‬كالدكر اؼبهم للجانب‬
‫العملي كالتطبيقي يف اضفاء اؼبصداقية اؼبعرفية على األفكار كاؼبفاىيم ك التصورات‪.‬ىذه اػبَتة اليت تبقى‬
‫مبهمة كبدكف معٌت لو انفصلت عن البعد العملي ك اؼبيداشل ‪.‬ال انفصاـ لدم "جيمس "بُت الفكرة كالواقع‬
‫‪،‬بل نبا كجهاف متالزماف ك متكامالف ‪.‬‬
‫‪-3‬جوف ديوم (‪ : )1952-1859‬ىو فيلسوؼ براغمايت أمريكي درس بدايتو العلمية فلسفة‬
‫ىيجل ‪ .‬كلقد تأثر '' جوف ديوم '' بالبيئة االجتماعية األمريكية كخاصة اغبياة العملية اليت يغلب‬
‫عليها االنتاج اؼبادم الذم جعلو بدكره يؤمن باألفكار العملية اليت تؤدم إذل أثار كنتائج عملية‪.‬‬
‫لقد كاف لسفريات جوف ديوم بُت شرؽ الواليات اؼبتحدة كغرهبا اثرا كبَتا يف تكوينو الفكرم‬
‫كالفلسفي ‪..‬حيث الحظ الفرؽ بُت مبط العيش بُت ـبتلف البئات االجتماعية داخل الواليات اؼبتحدة‪،‬‬
‫فالغرب األمريكي ك خاصة يف مدينة "شيكاغو" اليت انتقل اذل العيش فيها ‪ ،‬يتميز بالنزعة العملية يف حياتو‬
‫‪،‬كر يؤمن اال بالعمل اؼبيداشل‪ ،‬كال يابو البتو باؼبناقشات كاعبدؿ اؼبثارل كتضييع الوقت يف اؼبناقشات النظرية‬
‫العقيمة ‪ .‬كالعربة اال بنتائج األمور كفوائدىا العملية ‪.‬‬
‫مثل يف فكر ديوم ضركرة تغيَت ـبتلف اؼبفاىيم يف ـبتلف اؼبيادين‪،‬كاالقتصاد كالسياسة كالتعليم‬
‫‪..‬كافضل كسيلة للتغيَت كالتطوير ك بلوغ األىداؼ اؼبرجوة ىي الًتبية ك آلياهتا ‪.‬كلقد توجو احباثو يف ىذه‬
‫اؼبسار بكتابو ‪ ":‬اؼبدرسة كاجملتمع" مث تاله كتاب" الديبقراطية كالًتبية "سنة ‪1916‬ـ‪ .‬كلقد بُت من خالؿ‬

‫‪1‬‬
‫; ‪-Galetic Stephan ;Theorie et Pratique Chez william james ; Universite de Liege‬‬
‫‪Bulletin D’analyse Phénoménologique,IV3 ;2008(Actes 1)p :52.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Leclercq ;Bruno ;Phénoménologie Et Pragmatisme :Y a –Til Repture ou Continuté‬‬
‫‪Entre Attitude Theoriques Et attitude Pratiques ?Universite de Liege. Bulletin‬‬
‫‪D’analyse Phénoménologique ; ,IV3 ;2008(Actes 1)p :120..‬‬

‫‪133‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-2 -‬‬ ‫الدرس الثالث عشر‬

‫كتبو السالفة الذكر ‪،‬اف اؽبدؼ األساسي من الًتبية ‪،‬ليس ىو ؿبافظة الفرد على عاداتو ك تقاليده بل‬
‫(‪)1‬‬
‫اكتساب منهجية التكيف ك اؼبواءمة بُت االنساف كبيئتو ‪.‬‬
‫من بُت اؼبواضيع األساسية اليت شغلت اىتمامات "جوف ديوم" ىي كيف يعمل العقل االنساشل ؟‬
‫كربليل الفكر البشرم‪ ،‬ككيف تطور الفكر االنساشل من منطلقاتو ك مرجعياتو البيولوجية كاالجتماعية‬
‫القاعدية كاألكلية ك كيف كصل اذل مستواه كفبيزاتو اغبالية‪.‬كصل اذل مبدأ أساسي مؤداه أنو ال كجود لفكرة‬
‫قائمة بذاهتا ‪،‬بل كل حقيقة ىي جزء من نسق متسلسل من اؼبكونات ك األجزاء ‪ ،‬كالف يف ىذا السياؽ‬
‫كتابو "البحث عن اليقُت "‪.‬‬
‫اف االكتفاء باالحتكاـ اذل مرجعيات نظرية عقلية غَت ؾبد ك غَت ناجع ‪،‬بل اؼبصداقية اؼبعرفية كالفكرية‬
‫تقتضي االحتكاـ اذل الواقع العملي التطبيقي ك التجرييب ‪،‬فهذا األخَت ىو اؼبنطلق القاعدم ؼبصداقية ام‬
‫فكرة من األفكار ‪،‬اك مفهوـ من اؼبفاىيم ‪.‬فالوسائل (‪ )2‬اليت تربط بُت الفكرة ك اؼبفهوـ من جهة كالواقع من‬
‫جهة اخرل‪ ،‬تضفي اثرا مهما على مدل اؼبصداقية اؼبعرفية ك النجاعة اؼبفاىيمية‪ .‬كلقد كاف للفكر الًتبوم ل ػ‬
‫ديوم انبية كبَتة يف اؼبنظومة الًتبوية كالفكرية للمجتمع األمريكي ك األكركيب على حد سواء بل العاؼبي برمتو‬
‫‪-‬ثانيا‪ :‬المبادئ و األفكار‪:‬‬
‫أ‪ -‬أس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس البراغماتية‪:‬‬
‫‪ -1‬التجريبية العلمية ‪:‬تعتربالفلسفة الرباغماتية ذبسيدا للالذباه العلمي التجرييب ك توجيها لو اذل نتائجو‬
‫الطبيعية‪.‬كىي تتداخل يف بعض اػبصائص مع اؼبذىب االظبي ك الوضعي يف نبذىا ك رفضها اؼبطلق‬
‫للمفاىيم اؼبيتافيزيقة ك التجريد العقيم (‪.)3‬الرباغماتية ترفض التأمل العقلي ك تصبو اذل ربط الفكرة‬
‫بالواقع ك التجربة بشكل آرل مباشر ‪.‬فالتفكَت التأملي الهبوز اال اذا ارتبط بالفركض اليت تنتظر التحقق‬
‫عمليا ‪ ،‬فالتفكَت مقبوؿ اال كفقط اذاكانت استدالالت عقلية تسبق االستدالالت التجريبية ‪.‬‬
‫‪ -2‬تتبع النتائج العملية‪:‬كاؼبقصود هبا قابلية الفكرة للتنفيذ ك التجسيد العملي‪،‬ك مذه اػباصية مرتبطة‬
‫دببدأ اساسي ىو العمل ك اؼبمارسة ‪،‬فمعيار الصدؽ يف الرباغماتية ىو ما يًتتب عنها من نتائج ‪.‬ك لقد‬
‫حدد "شارؿ بَتس" فكرتُت اساسيتُت يف منهجو نبا ‪:‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬ؿبمود زكي قبيب‪ ،‬ص‪.222‬‬


‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ص‪.224-223:‬‬
‫‪ -3‬مرجع سابق‪ ،‬جيمس كلياـ ‪ ،‬ص‪.74:‬‬

‫‪134‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-2 -‬‬ ‫الدرس الثالث عشر‬

‫‪ -‬الفكرة اغبقيقية ىي اليت ذبد طريقها اذل التطبيق العملي ‪ ،‬كتقودنا اذل الغاية اؼبقصودة‪.‬‬
‫‪ -‬اف فكرتنا عن موضوع ما ‪،‬ىي فكرتنا عن النتائج اؼبًتتبة عن اآلثار العملية‪.‬‬
‫ك منو فاؼبعيار الرئيسي لصدؽ الفكرة ‪،‬ليس ىو العقل اجملرد (‪)1‬بل العمل ‪،‬ك مدل كضوحها يف التطبيق‬
‫‪.‬ؽبذا البد اف نعتقد بامكاف ذبسيدىا ميدانيا ك اف معٌت الفكرة اليت اليت تعتقد يف صحتها ىو ما انت على‬
‫استعداد للقياـ بو من عمل ازاءىا ‪.‬‬
‫‪ -3‬القطيعة مع الماضي ‪:‬من اػبصائص اؼبميزة للمذىب ك اؼبنهج الرباغمايت ىي ذباىل اؼباضي‬
‫كاالنطالؽ كبو اؼبستقبل‪.‬ك اؼبنطلق ىو اغباضر كبو اؼبستقبل دكف الرجوع اذل اؼباضي بأم حاؿ من‬
‫األحواؿ ‪ ،‬كيرفض البحث عن مراحل التكوين ك كيفية تكوين األفكار بل يضع نصب عينيو اؼبستقبل ك‬
‫الكيفية اليت يدرؾ األىداؼ العملية النافعة ‪.‬كلذلك يرل "جيمس" اف الرباصبايت يدير ظهره للماضي ‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫كلكل األفكار كالتجريدات السابقة ك يركز بشكل رئيس على العمل كاألداء كالقوة‪.‬‬
‫‪ -4‬الوعي الواقعي ‪:‬من مبادئ الرباصبايت ىو اغبرص على الوعي العملي كالتطبيقي الشديد ازاء ـبتلف‬
‫اؼبعارؼ اليت يتعامل معها ‪ ،‬كيبتعد قدر االمكاف عن اؼبناقشات اؼبثالية ك اجملردة اػبالية من اؼبعٌت كغَت‬
‫القابلة للتطبيق ‪ ،‬فكلما كاف الوعي اقرب اذل الواقع ك مرتبط بشكل مباشر باألىداؼ العملية ك الواقعية‬
‫كاف اقرب اذل الصدؽ ك الصحة كاغبقيقة‪.‬ك عند االقتضاء نعيد صنع الطبيعة ثانية بعوهنا ‪.)3( .‬‬
‫‪ -1‬اؼبنهج الرباغمايت اليهتم دبصدراالفكار‪،‬كال بكيفية نشأهتا ‪،‬بل يركز بشكل اساسي على ما يًتتب‬
‫عنها من نتائج ملموسة زبدـ اغبياة ك السلوؾ الواقعي ‪.‬‬
‫‪ -2‬العقل البشرم يف نظر اؼبذىب الرباغمايت ‪،‬ىو أداة لفهم الواقع كتغيَته ‪،‬ك كل إنتاع عقلي ك فكرم‬
‫ك فلسفي ك كل النظريات الفلسفية ماىي اال كسائط ػبدمة اغبياة ك الواقع ‪.‬‬
‫‪ -3‬الفكرة اك القضية الصحيحة كاغبقيقية ىي اليت تكوف قابلة للتجسيد الواقعي‪ ،‬ك ؽبا نتائج مفيدة‬
‫على اؼبدل اغباضر اك اؼبتوسط اك البعيد ‪ ،‬عدـ كجود ىذه اػباصية يف االفكار ك القضايا تكوف يف‬
‫حكم اؼبعدكـ ‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬الكحالكم ‪ ،‬ص‪.99:‬‬


‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو‪،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪(74‬بتصرؼ)‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-2 -‬‬ ‫الدرس الثالث عشر‬

‫‪ -4‬الطبيعة البشرية متكاملة ‪ ،‬اعبيم كالنفس ك كل االحواؿ النفسية ‪،‬متالزمة مع الفوارؽ الفردية بُت‬
‫البشر‪.‬‬
‫‪ -5‬اؼبطلقية يف القوانُت ك اؼبفاىيم كاالفكار ك النظريات أمر غَت كاقعي ‪ ،‬فكلها قابلة للتعديل ك التغيَت‬
‫ك النسبية حسب متغَتات الزماف كاؼبكاف كاؼبعطيات‪.‬كىي منفتحة على اؼبستقبل‪.‬‬
‫‪-10‬الدين ك االعتقاد يكوف صحيحا‪،‬بقدر ما يقدـ من فوائد تنعكس على النفس ك السلوؾ كتقوية‬
‫الذات على اؼبصاعب ك اؼبشاكل كاالبتالءات‪.‬كىذا بقدر ما يكوف لو من آثار على االنساف ك اجملتمع‬
‫ك ربقيق الكماؿ االنساشل ك االجتماعي‪.‬‬
‫‪-11‬اؼبنفعة العملية ‪،‬ك اؼبصلحة ‪،‬ك التجربة العملية‪،‬ىي من اؼبؤشرات على صحة القضية ك حقيقتها‬
‫‪،‬كىي اؼبسابَت اليت نقيس ك كبدد هبا ذلك‪.‬‬
‫‪-12‬االفكار ك االراء البشرية يف حد ذاهتا ‪ ،‬ماىي اال ذرائع يستعُت هبا البشر بتحقيق التطور كالكماؿ‬
‫من جهة كمن جهة اخرل اغبفاظ على بقائو كأكلوية مبدئية ‪.‬‬
‫‪-13‬اؼبذىب الرباغمايت كمبادؤه ك آراؤه ك اػبصائص العامة ؼبنهجو يف ؾباؿ الًتبية ك التعليم كالتدريس‬
‫(‪)1‬‬
‫‪:‬ك نظرا النبية ىذا قدمنا ىذا اعبدكؿ التوضيحي أدناه‪:‬‬
‫الفلسفة البراجماتية‬ ‫المجال العناصر‬
‫الًتبية ىي اغبياة نفسها‬ ‫الًتبية‬
‫يقوـ اػبرباء كالكبار بوضع بعض األىداؼ‪ ،‬كيتم كضع األىداؼ الًتبوية‬
‫دبشاركة من اؼبعلمُت كالطالب من خالؿ اؼبناقشة للغايات كالوسائل‪،‬‬ ‫األىداؼ‬
‫كيقوموف بتحديد ما هبب تعلمو‪ ،‬ككيفية تعلمو‪ ،‬ككيفية إقبازه كعرضو‪.‬‬
‫تتصف اؼبعرفة باالكتشاؼ كالتشكيل كاالستعماؿ لألفكار كاػبربة‪ ،‬كدكر‬
‫اؼبعلمُت ىو تبادؿ اؼبعرفة بُت الطالب كاإلبداع يف استعماؽبا‪ ،‬كال يقوـ‬
‫اؼبعلموف بفرض اؼبعرفة على الطالب على الرغم من أهنم أكثر معرفة منهم؛‬
‫اؼبادة الدراسية كاؼبعرفة‬
‫فاؼبادة الدراسية تكمن أنبيتها حُت تكوف ذات معٌت ؽبم‪ ،‬كىي تتصف‬
‫باؼبركنة كالتجديد ؼبواجهة حاجات اجملتمع االجتماعية‪ ،‬ككذلك حاجات‬
‫التالميذ الفردية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-https://sst5.com/Article/2113/33‬‬

‫‪136‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-2 -‬‬ ‫الدرس الثالث عشر‬

‫يتصف اؼبعلم باؼبشاركة يف اؼبواقف التعليمية؛ فهو مرشد كموجو للطالب‬


‫عند التعلم‪ ،‬كيقوـ اؼبعلم باحًتاـ حقوؽ الطالب؛ فهو ديبوقراطي يف‬ ‫دكر اؼبعلم‬
‫التعامل‪ ،‬كقادر على حل اؼبشكالت باستخداـ األساليب العلمية اؼبناسبة‪.‬‬
‫تصمم االختبارات لقياس قدرة الطالب على حل اؼبشكالت‪ ،‬كعلى مدل‬
‫إقبازىم للمشاريع اػباصة هبم؛ ألهنا تقيس التطبيقات العملية‪ ،‬كمن خالؿ‬
‫ىذه االختبارات يتعرؼ الطالب على مدل تطبيقهم للمبادئ كاؼبفاىيم‬
‫االختبارات‬
‫خالؿ عملهم يف األنشطة اؼبختلفة‪ ،‬كال يستخدـ اؼبعلم االختبارات اؼبقالية‬
‫إال يف النادر‪ ،‬كتكمن أنبية االختبارات يف تشخيص أساليب التعليم‪،‬‬
‫ككيفية تعلم الطالب‪.‬‬
‫ربتوم على نشاطات ـبتلفة األىداؼ كاألشكاؿ؛ مثل‪ :‬نوادم اؽبوايات‪،‬‬
‫كالنوادم االجتماعية‪ ،‬كالنوادم الرياضية‪ ،‬كالنوادم األكاديبية‪ ،‬كصباعات‬
‫األنشطة اؼبدرسية‬
‫اإلرشاد الطاليب‪ ،‬كىدؼ األنشطة تلبية حاجات الطالب كرغباهتم‪ ،‬كهبد‬
‫الطالب فيها فرصة اؼبشاركة كالعمل اػبارجي يف البيئة اغبياتية‪.‬‬
‫يتصف اؼبناخ اؼبدرسي باغبركة كالنشاط كاؼبركنة كالعالقات االجتماعية‪،‬‬
‫كيقوـ الطالب من خاللو بعمليات متبادلة يف موضوعات عملية‪،‬‬
‫اؼبناخ الدراسي‬
‫كاىتمامات نافعة‪ ،‬تتميز باغبركة الكثَتة كالنافعة‪ ،‬كلكنها موجهة النضباط‬
‫الذات‪.‬‬
‫الكتب الدراسية أدكات يقوـ الطالب باستخدامها لفهم عاؼبو اػباص‪،‬‬
‫كصورا إيضاحية تساعد على الفهم كاؼبنفعة العملية‪ ،‬كتضم‬ ‫كتضم بيانات ن‬ ‫الكتب الدراسية‬
‫اػبربات اليت تساكم يف أنبيتها الكلمات اؼبطبوعة (‪.)1‬‬
‫تقدصل منهج بعيد كل البعد عن اؼبوضوعات التقليدية‪ ،‬كال يقوـ بتنظيمو‬
‫الكبار؛ فاؼبنهج من كجهة نظرىم ليس قائمة من اؼبوضوعات‪ ،‬كلكن‬
‫أكلويات اؼبنهج‬
‫ؾبموعة من اؼبهارات االجتماعية كالفنوف العملية‪ ،‬كحل اؼبشكالت‬
‫كاؼبشكالت اإلنسانية‪ ،‬كيهتم دبراعاة عقوؿ الطالب كتصورىم للعادل؛‬

‫‪1‬‬
‫‪-https://sst5.com/Article/2113/33‬‬

‫‪137‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-2 -‬‬ ‫الدرس الثالث عشر‬

‫حاضرا أك مستقبىالن‪ ،‬كهبعلهم أعضاء مسانبُت‬


‫ن‬ ‫ليساعدىم على فهم عاؼبهم‬
‫يف ربسُت أحواؿ ؾبتمعهم‪.‬‬
‫هتتم حبل اؼبشكالت كالبحث عن البدائل للحلوؿ اؼبختلفة‪ ،‬كيتم استخداـ‬
‫التفكَت اؼبتباعد بأسلوب علمي سليم‪ ،‬ككذلك البحث التجرييب‪ ،‬كيقوـ‬
‫التفكَت اؼبفضل‬
‫اؼبعلموف بدمج اؼبنهج العلمي كالعملي؛ كذلك لتحقيق أقصى درجات‬
‫النمو عند الطالب‪ ،‬مع مراعاة اؼبركنة كالتحرر من األسلوب التقليدم‪.‬‬
‫‪-‬ثالثا‪ :‬مذاهب الفلسفة البراغماتية‪:‬‬
‫يبكن تقسيم مذاىب الرباغماتية اذل قسمُت ‪ :‬الرباغماتية الكالسيكية –ك الرباغماتية ا﵀دثة‬
‫أ‪-‬الرباغماتية الكالسيكية ‪ :‬كىي الرباغماتية التقليدية اليت عرفنها سابقا مع كل من "بَتس" ك"جيمس"‬
‫ك"ديوم"‪.‬‬
‫ب‪-‬الرباغماتية ا﵀دثة ‪:‬ىي توجو حديث يف النزعة الفلسفية الرباغماتية‪ ،‬دل ىبرج عن اؼببادئ العامة‬
‫للرباغماتية الكالسيكية كمذىب‪ ،‬بل ىبتلف يف بعض القضايا ك التفاصيل ك اؼبفاىيم ك االجتهادات ‪.‬ك‬
‫يبكن حصر نواحي االختالؼ يف الناحية اؼبنهجية‪ ،‬نظرا اذل النزعة التحليلية الطاغية على طرحاهتم ‪ ،‬اذل‬
‫جانب ىذا قبد اعبانب اؼبتعلق بالتكوين اؼبفاىيمي عند "ريتشارد ركريت " (*‪ )1‬الذم قاـ حبملة ذبديدية‪،‬‬
‫فالرباغماتية من خالؿ كتابو"الفسلفة ك مرآة الطبيعة" الذم الفو يف سنة ‪1979‬ـ‪.‬اذل جانب إجتهادات‬
‫اخرل ‪.‬فهناؾ من تناكؿ قضايا تتعلق باجملتمع ك اغبياة ك السياسة كقضية 'نزع اعبنسية" ك اثرىا يف ثقافة‬
‫اجملتمعات‪".‬ركبرتو أقبر" عن الرباغماتية الراديكالية تلك اليت "تنزع اعبنسية" عن اجملتمع كالثقافة‪ ،‬كيصر‬
‫بالتارل على أنو يبكننا تغيَت طابع عالقتنا بالعاؼبُت االجتماعي كالثقايف الذم نعيش فيو بدال من ؾبرد تغيَت‬
‫ؿبتول الًتتيبات كاؼبعتقدات اليت يضماهنا تدرهبيا‪.‬‬
‫لقد كاف للرباغماتية إمتدادات فكرية ك مفاىيمية مشلت كل ضركب القراءات كالتفسَتات ؼبختلف‬
‫األبعاد‪.‬ك يتضمن اؼبفكركف الذين يؤمنوف بالرباغماتية ا﵀دثة كاؼبخلصُت بشكل أكرب للرباغماتية الكالسيكية‬
‫"سيدشل ىوؾ" ك"سوزاف ىاؾ" اؼبعركفة بنظريتها التأسيسية‪ .‬ذبد العديد من األفكار الرباغماتية (خاصة‬
‫أفكار بَتس) تعبَتا طبيعيا يف إعادة البناء النظرم لعلم نظرية اؼبعرفة الذم مت اتباعو سابقا ‪ .‬يدعو "نيكوالس‬

‫‪ -1‬ريتشارد ركريت‪ )2007-1931( :‬فيلسوؼ امريكي لو آراء يف فلسفة اعبماؿ ك االستيطيقا‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-2 -‬‬ ‫الدرس الثالث عشر‬

‫ريشر" إذل نسختو من الرباغماتية اؼبنهجية القائمة على تفسَت الفعالية الرباغماتية ليس كبديل للحقائق بل‬
‫كوسيلة إلثباهتا‪.‬‬
‫بعد ظهور فلسفة ما بعد التحليل كتنويع الفلسفة األقبلو أمريكية تأثر العديد من الفالسفة بالفكر‬
‫الرباغمايت دكف االلتزاـ العلٍت بالضركرة هبذه اؼبدرسة الفلسفية‪ .‬يندرج "دانييل دينيت" ضمن ىذه الفئة‪،‬‬
‫ككذلك ستيفن توؼبُت الذم كصل إذل موقعو الفلسفي من خالؿ "فيتجنشتاين"(‪)1‬الذم كصفو بأنو "براغمايت‬
‫من نوع متطور"‪ .‬مثاؿ آخر ىو مارؾ جونسوف الذم تشارؾ فلسفتو اؼبتجسدة (الكوؼ كجونسوف‬
‫‪ )1999‬يف علم النفس كالواقعية اؼبباشرة كمناىضة الديكاريت مع الرباغماتية‪ .‬الرباغماتية اؼبفاىيمية ىي‬
‫نظرية معرفة ناشئة عن عمل الفيلسوؼ كاؼبنطق كالرنس إيرفينج لويس‪ .‬سبت صياغة نظرية اؼبعرفة النظرية‬
‫الرباغماتية ألكؿ مرة يف كتاب "العقل كالنظاـ العاؼبي" لعاـ ‪ :1929‬اػبطوط العريضة لنظرية اؼبعرفة‪.‬‬
‫تتواجد الرباغماتية الفرنسية مع اؼبنظرين مثل "بركنو التور" كميشيل كركزييو" ك"لوؾ بولتانسكي"‬
‫ك"لوراف تيفنو"‪ .‬غالبان ما يينظر إليها على أهنا قضايا ىيكلية مرتبطة بالنظرية النقدية الفرنسية للمفكر كعلم‬
‫االجتماع "بيَت بورديو"‪ .‬كلقد تقدمت الرباغماتية الفرنسية مؤخران يف علم االجتماع األمريكي أيضان‪.‬‬
‫*خالصة‪:‬‬
‫خالصة ىذا الدرس سبثلت يف تناكؿ العناصر اؼبتعلقة بأبرز الشخصيات الرباغماتية‪ ،‬كاىم األفكار ك اؼببادئ‬
‫اليت اسستها‪ ،‬على غرار أىم اؼبذاىب ك التيارات اليت جسدت الفلسفة الرباغماتية‪.‬‬

‫‪ -1‬فيتجنشتاين‪ )1951-1889( :‬فيلسوؼ مبساكم ‪ -‬إنكليزم‪ ،‬كلد يف فيينا كتويف يف كامربدج ‪.‬يع ٌد من أبرز فالسفة اللغة كاؼبنطق‬
‫كالعقل‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-3 -‬‬ ‫الدرس الرابع عشر‬

‫الدرس الرابع عشر‪:‬‬


‫المذهب النفعي البراغماتي‪-3-‬‬

‫‪140‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-3 -‬‬ ‫الدرس الرابع عشر‬

‫الدرس الرابع عشر‪ :‬المذهب النفعي البراغماتي‪-3-‬‬


‫*أهداف الدرس‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬نموذج شخصية فلسفية ‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬قراءة نقدية و تقييمية‪.‬‬
‫*تمهيد‪:‬‬
‫يف ىذا الدرس التكميلي للدركس السابقة‪ ،‬نتناكؿ مبوذج لشخصية فلسفية براغماتية‪ ،‬مث ننتقل اذل آخر‬
‫عنصر يف ىذا الدرس ك اؼبتعلق باعبانب النقدم التقييمي‪ ،‬حبث نبُت اعبوانب السلبية‪ ،‬ك التحفظات‬
‫الواردجة يف شأف ىذا اؼبذىب برمتو‪.‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬نموذج شخصية فلسفية‪:‬‬
‫كلياـ جيمس(‪1842‬ـ‪ )1910-‬فيلسوؼ ك عادل نفس امريكي‪.‬ىو االبن االكرب ؿ"ىنرم جيمس"‬
‫الكاتب االمريكي الساخر‪ ،‬الذم كاف متخصصا يف الالىوت ك قضى طواؿ حياتو متجوال يف اكركبا ‪.‬ككاف‬
‫ؽبذا اثرا يف ابنو "كليم جيمس "‪ ،‬ىذا االخَتالذم ترددعلى اماكن متعددة لطلب العلم ػ من امريكا اذل اؼبانيا‬
‫‪،‬مث اذل فرنسا ‪ ،‬حيث تتلمذ على عدة علماء يف ربصصات ـبتلفة كالطب ك الفيزيا ك الفيسيولوجيا ‪ ،‬كلقد‬
‫كانت لو لقاءات كثَتة مع الفرنيس "كلود برنارد "‪.‬ك الفيزيائي االؼباشل "ىلمهولتز " صاحب قانوف حفظ‬
‫الطاقة‪.‬ككاف ؽبذا التنوع يف انواع اؼبعرفة انبية كبَتة يف تكوينو اؼبعريف ك العلمي ‪.‬ك من اىم ارائو الفلسفية قبد‬
‫ما يأيت ‪:‬‬
‫‪-1‬التجربة ‪:‬يتحدث "كلياـ جيمس"عن التجربة اغبسية من خالؿ نظريتو يف اؼبعرفة‪ ،‬إذ يرل اف مضموف‬
‫التجربة ليست على شكل ذرات ‪،‬بل ىو تيار من الشعور ‪.‬ذلك اف التجربة ليست مؤلفة من معطيات‬
‫منفصلة رصت مع بعضها كقطع الفسيفيساء‪ ،‬بل ىي تيار من الشعور سياؿ متصل ال فواصل فيو كال‬
‫ركابط ‪.‬سباما مثل تيار النهر اعبارم‪ ،‬كاالشياء تتداخل بعضها البعض زمانا ك مكانا ‪.‬ك كل شيء يسيل ك‬
‫يتدفق‪.‬صحيح اف التجربة سبيل اذل اف تتكدس ك تغلظ على ىيئة مواد اك جواىر ‪.‬ك لكن ىذه اؼبواد سبيل اذل‬
‫اف تنصهر يف بعضها البعض لتصبح مادة سائلة تغلظ بدكرىا على شكل مواد جديدة ‪.‬ك ؽبذا فاف ؿبتول‬
‫الشعور كاحد كليس متعددا على ىيئة ذرات كما يظن التجريبيوف ‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-3 -‬‬ ‫الدرس الرابع عشر‬

‫‪-2‬اغبقيقة‪)1( :‬اؼببدأ االكؿ يف ربديد معيار اغبقيقة ‪.‬ىو النجاح كاؼبنفعة ‪.‬يف ميداف التجربة الفيزيائية اؼبفيد‬
‫ىو ما يبكن التنبؤك من العمل ك من التاثَت ك االنتاج ‪.‬اما يف ميدات التجربة العقلية كالنفساينة ‪،‬اغبقيقي ك‬
‫اؼبفيد ىو مايزكدنا بالراحة ك السالـ ك الطمأنينية ‪.‬اما يف ميداف التجربة الدينية ‪ ،‬يكوف االعتقاد حقا إذا‬
‫قبح ركحيا ‪ ،‬دبعٌت إذا حقق للنفس القدرة كالطمأنينة ‪ ،‬كأعانتنا على ذبارب اغبياة‪ ،‬ك إرتقى بنا يف السمو‬
‫الركحي ‪.‬فاغبق عند "كلياـ جيمس" ىو النافع كاؼبفيد ‪ ،‬كاغبقيقة اؼبطلقة ىي اغبقيقة اليت تغَتىا أية ذبربة ‪.‬‬
‫‪-3‬التجربة الدينية كإرادة االيباف‪)2( :‬يرل جيمس اف االنساف دائما لديو ذبارب ركحية ك دينية ك إعتقادية‬
‫‪.‬تًتاكح بُت االقداـ على اػبَت ك السلوكات اػبَتة ‪ ،‬كاإلحجاـ ك اإلبتعاد عن الشر كالتجارب الشريرة‬
‫‪.‬لتحقيق التوزاف ك اعبو االخالقي كالًتبوم كالنفسي الالئق ‪.‬ك يرل "جيمس" ضركرة البحث يف العالقة بُت‬
‫الربىاف ك االعتقاد االيباشل ‪.‬ك اؼبراد باالعتقاد االستعداد للفعل كفقا لفركض معينة‪.‬ك يرل جيمس اف كل‬
‫قضية تصلح الف تكوف فرضا للعمل ‪.‬ك اؼبقصود بالقضايا ىي االمور اؼبتعلقة باالخالؽ ك الدين ‪.‬كاليت‬
‫ذبلب للناس حقائق ك قناعات يرغبوف فيها ‪.‬ك اؼبربر الكايف لصحتها كجود إرادة االعتقاد فيها ‪.‬ك ىذا ما‬
‫يسميو "جيمس""إرادة اإلعتقاد"‪".‬كليم جيمس"يدافع عن حق االنساف يف إعتقاده ما يراه مفيدا غبياتو ك‬
‫سلوكو ك حياتو ‪.‬ك حقو يف االيباف بفركض تتعلق باالخالؽ ك الدين ‪.‬بشرط اف تكوف فركض مفيدة نفسيا‬
‫ك حضاريا ‪.‬غَت اف ما يتحفظ بو على اراء اعبيمس يف ؾباؿ االعتقاد يف تركو للمجاؿ مفتوحا ‪ ،‬عندما يرل‬
‫أف ‪ :‬اف االنساف لو اغبق اؼبفتوح يف إعتقاد ما يشاء ‪.‬كلو انو يرل اف ىذا اؼبسعى لديو يتعلق فقط باؼبسائل‬
‫غَت ا﵀ددة‪ ،‬كاليت تفتقر اذل دليل كاضح ك فاصل ‪.‬ام القضايا اليت يبكن الفصل فيها من خالؿ البحوث‬
‫العقلية ‪.‬ك دل يقتصر "كلياـ جيمس" على قضية كجود ا﵁ ‪ ،‬بل مشل دبنهجو ايضا قضية خلود النفس‬
‫ػباعترباىا مسالة خالفية كثرت حوؽبا اآلراء اؼبتناقضة ‪ ،‬فثمة دالئل تنفي ك العكس ىناؾ دالئل تؤكد ‪ ،‬ك‬
‫ؽبذا يرل"جيمس" ضركرة إختيار اؼبفيد من ىذه اآلراء اليت تقدـ منفعة نفسية ك ركحية ك اخالقية ك غَتىا‬
‫من اؼبنافع(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة بدكم‪ ،‬ص‪228‬‬


‫‪ -2‬مرجع سابق‪ ،‬موسوعة بدكم‪ ،‬ص ‪220‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪241-226‬‬

‫‪142‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-3 -‬‬ ‫الدرس الرابع عشر‬

‫لدل "كلياـ جيمس"مؤلفات منها ‪" :‬مبادئ علم النفس " –"إرادة اإلعتقاد"‪"-‬تنوع التجربة الدينية"‪-‬‬
‫"الرباغماتية"‪"-‬التنوع اك التعدد الكوشل"‪"-‬معٌت اغبقيقة"‪.‬ك غَتىا من اؼبؤلفات ك اؼبقاالت ك البحوث(‪.)1‬‬
‫‪-‬ثانيا‪:‬قراءة نقدية و تقييمية‪:‬‬
‫لقد كجهت للمذىب الرباغمايت عدة ربفظات ك إنتقادات من عدة نواحي ‪ ،‬سواء من ناحية فلسفية‬
‫اك أخالقية ‪ ،‬بناء على مكامن الضعف ك التهافت اليت إعًتتو ك شاهبتو بالزيغ ك اػبطأ ك ؾبانبة الصواب ‪.‬‬
‫كمنبُت ىذه االنتقادات قبد ما يأيت ذكره ‪:‬‬
‫‪-1‬يرل الرباغماتيوف اف اغبق اك اغبقيقة نسبية ك متغَتة ‪ ،‬فماىي التبعات اؼبًتتبة عن ذلك ؟ يف أبسط‬
‫االحواؿ يفقد اغبق ك اغبقيقة اساسهما الثابت الذم يقتضي اإلصباع ك االتفاؽ ‪،‬ك بالتارل اؼبوضوعية ‪.‬لكن‬
‫ىذا اؼبفهوـ اؼبفتوح اك اؼبنفتح للحق كاغبقيقة يفتح اجملاؿ لكل االحتماالت اؼبتناقضة‬
‫كاؼبفارقات‪.‬كالصراعات اؼبربرة ك اؼبدمرة للمجتمعات ك البشر‪.‬‬
‫‪-2‬يعتقد الرباغماتيوف اف اغبق ىو ؾبرد فرض عملي ‪،‬أم ؾبرد كاسطة الضفاء التجديد للمفاىيم البالية‬
‫حولو ‪.‬لكن ىذا ـبالف للمنظور الفلسفي اؼبوضوعي الذم يرل اف اف اغبق يستمد مصداقيتو اؼبطلقة من‬
‫قيمتو اؼبوضوعية الثابيت ‪ ،‬بغض النظر عن الزمكاف ‪.‬‬
‫‪-3‬اؼبنفعة اك اؼبصلحة مسبار متغَت ك ذايت ال هبوز عقليا ك اخالقيا ككاقعيا اف يكوف معيارا للصحيح‬
‫كاغبقيقي ‪ ،‬الهنا معايَت ذاتية ك ربتمل القضايا ك نقيضها يف آف معا ‪.‬دكف –طبعا –اف نتحدث عن‬
‫التبعات االخالقية كالسلوكية ك الًتبوية السلبية‪.‬ؽبذا يرل أحد اؼبفكرين العرب‪:‬يكفي أف تعترب الرباصباتية اغبق‬
‫أك اػبَت كالسلعة اؼبطركحة يف األسواؽ ‪ ،‬قيمتها ال تقوـ يف ذاهتا بل يف الثمن الذم يدفع فيها فعالن ‪ ،‬فاغبق‬
‫فيما يقوؿ "جيمس" كورقة نقد تظل صاغبة للتعامل حىت يثبت زيفها ‪ .‬كدل هبد أصحاب الرباصباتية غضاضة‬
‫يف النظر إذل اغبق أك اػبَت كما ينظركف إذل السلعة اليت تطرح يف األسواؽ ‪ ،‬ىذه ىي العقلية األمريكية يف‬
‫الفلسفة كىف األخالؽ كىف السياسة كىف كل ؾباؿ‪.‬‬
‫كنضيف إذل ذلك أف ىذه الفلسفة كانت ملهمة للنظاـ الرأظبارل القائم على مبدأ اؼبنافسة اغبرة‪ .‬مث ظهرت‬
‫مساكئو عند التطبيق كاستفحلت أخطاره‪ .‬منها مايلي‪:‬‬

‫‪ -1‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.241-241‬‬

‫‪143‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-3 -‬‬ ‫الدرس الرابع عشر‬

‫أ‪ -‬الالأخالقية‪ :‬بالرغم من التقيد ببعض الفضائل كاألمانة كاالنضباط كالدقة كمراعاة اؼبواعيد كلكنها ػ‬
‫كفضائل ػ ليست مقصودة لذاهتا ‪ ،‬كلكنها تفيد الرأظبارل يف تعاملو مع الغَت ‪ ،‬كتظهر " الالأخالقية "‬
‫بوضوح يف أساليب الدعاية كاإلعالـ ‪.‬‬
‫ب‪ -‬االرتباط الوثيق باغبركب‪:‬‬
‫ج‪ -‬االكبرافات السلوكية‪ :‬كأظهرىا اإلجراـ‪ ،‬إذ إف فتح الباب على مصراعيو للمنافسة كالصراعات من شأنو‬
‫سبجيد العنف‪ ،‬كيتضح االكبراؼ بصورة أخرل يف شرب اؼبسكرات كاؼبخدرات كعقارات اؽبلوسة كغَتىا‬
‫كتفسَتىا أهنا ظاىرة ىركبية من كاقع العنف كاؼبنافسة اؼبريرة اليت ال ترحم‪.‬‬
‫‪-4‬عند النظر اذل مفهوـ الدين عند اؼبذىب الرباغمايت باتفاؽ ركاده ‪ ،‬يتبُت مدل فقداف القيمة ؽبذا اجملاؿ‬
‫االساسي يف حياة اجملتمعات البشرية ‪.‬كما اف التفسَت النفعي للدين ىبتلف عن طبيعتو السماكية الربانية ‪،‬‬
‫الف الفضيلة ال تقتضي ؾبارات النفس يف توجهاهتا ‪ ،‬كثَتا ما تكوف الفضيلة يف ـبالفة النفس يف مايبدك‪،‬اهنا‬
‫مصاغبها اك منافعها‪.‬ك تقوؿ اغبكمة الفضيلة يف ـبالفة النفس ‪.‬كما اف فتح الرباغماتية اجملاؿ الختيار الدين‬
‫‪ ،‬قد يطرح عدة تساؤالت فيما ىبص جدية الرباغماتية فيما ىبص مفهومها حوؿ إرادة االعتقاد اليت ربدث‬
‫عنها "كلياـ جيمس" كثَتا‬
‫‪ -5‬من بُت االنتقادات اؼبوجهة للمذىب الرباغمايت ىو االستخفاؼ بالفكر ك النظر ك قيمة اغبق كاغبقيقية‬
‫‪ ،‬كإنكار انبية اغبق كالقيم ك دكرىا يف بناء الفكر ك اؼبعرفة ك اجملتمعات السليمة ك اعبدية‪ ،‬كالقادرة على‬
‫ربمل اؼبسؤكليات اغبضارية ركحية كانت أك مادية ‪.‬‬
‫‪-6‬ىناؾ من يرل اف الرباغمايتة ؾبرد إجًتار للفلسفة الركاقية القديبة اليت أسسها "زينوف االيلي"(‪343‬‬
‫ؽ‪.‬ـ‪ 270-‬ؽ‪.‬ـ)ك ىذا ىبالف توجهات الرباغماتية اليت تصبو اذل التجديد كاالنفتاح ك القطيعة مع‬
‫اؼباضي ك االنفتاح كبو اؼبستقبل ‪.‬‬
‫*خالصة‪:‬‬
‫الرباغماتية ىي نتاج أنتلجانسية امريكية ‪،‬أبرز مؤسسيها ىم أمريكيوف " كلياـ جيمس" "جوف ديوم"‬
‫"شارؿ بَتس" ‪ ،‬ؽبا مذاىب ؿبدثة ككالسيكية ‪ ،‬من أبرز أسسها ‪ :‬النجاح ك اؼبنفعة ‪،‬كجهت ؽبا عدة‬
‫إنتقادات ‪ ،‬كوهنا تعتمد على مبادئ نسبية ك متغَتة يف الزمن ‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫المذهب النفعي البراغماتي‪-3 -‬‬ ‫الدرس الرابع عشر‬

‫*قائمة مراجع المذهب البراغماتي النفعي ‪:‬‬


‫‪-1‬د‪/‬اؼبرىج‪،‬علي عبد اؽبادم‪،‬الفلسفة الرباصباتية –اصوؽبا ك مبادئها ‪،‬ط‪،1‬دار الكتب العلمية ‪،‬بَتكت‬
‫لبناف ‪2008.،‬‬
‫‪-2‬جيمس كلياـ ‪،‬الرباصباتية ‪،‬تر‪:‬ؿبمد علي العرياف ‪،‬ط‪،1‬دار اآلفاؽ‪-‬اؼبركز القومي للًتصبة‪،‬اعبزيرة –‬
‫ج‪.‬مصر العربية ‪2008.،‬‬
‫‪-3‬اغبجيلي ‪،‬منصور عبد العزيز ‪،‬الرباصباتية –عرض كنقد ‪،‬ب‪/‬ط‪،‬جامعة طيبة ‪.،‬ـ‪.‬ع‪.‬السعودية‪2010.:‬‬
‫‪-4‬عزمي‪،‬إسالـ‪،‬إذباىات يف الفلسفة اؼبعاصرة‪،‬ط‪،1‬ككالة اؼبطبوعات ‪،‬الكويت‪1980.،‬‬
‫‪-5‬كرـ يوسف ‪،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة ‪،‬ط‪،5‬دار اؼبعارؼ ‪،‬ج‪.‬مصر‪.‬العربية‪.1969،‬‬
‫‪-6‬بدكم عبد الرضبن ‪ ،‬موسوعة الفلسفة ‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬اؼبؤسسة العربية للدراسات ك النشر‪،‬ط‪،1‬بَتكت لبناف‬
‫‪.1984،‬‬
‫‪-7‬صليبا ‪،‬صبيل ‪ ،‬اؼبعجم الفلسفي‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬ط‪،1‬دار الكتاب اللبناشل‪،‬بَتكت‪ ،‬لبناف ‪. 1982،‬‬
‫‪ -8‬جيمس كلياـ‪،‬الرباغماتية‪ ،‬تر‪:‬كليد شحادة‪، ،‬ط‪،1‬دار الفرقد للطباعة كالنشر كالتوزيع‪،‬دمشق –سوريا‬
‫‪2014،‬‬
‫*قائمة مصادر ومراجع تدعيمية إضافية للمذهب البراغماتي النفعي( الدرس االول و الثاني) ‪:‬‬
‫‪-1‬بريهية إميل ‪،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة ‪ ،‬ترصبة جورج طرابيشي‪،‬ط‪،1‬دارالطليعة للطباعة كالنشر ‪،‬بَتكت‬
‫لبناف ‪.1978،‬‬
‫‪-2‬ديوم جوف‪،‬الديبوقراطية كالًتبية ‪،‬تر‪ :‬مىت عقراكم ‪،‬ك زكريا ميخائيل ‪،‬ط‪،2‬عبنة التاليف ك الًتصبة كالنشر‬
‫‪،‬القاىرة –مصر ‪.1954،‬‬
‫‪-3‬حسن ؿبمدسليماف ‪،‬دراسات يف الفلسفة االكركبية ‪،‬ط‪،1‬دار عالء الدين ‪،‬القاىرة –مصر‪.1998،‬‬
‫‪-4‬جديدم ؿبمد‪ ،‬فلسفة اػبربة ‪،‬جوف ديوم مبوذجا ‪،‬ط‪،1‬ؾبد اؼبؤسسة اعبامعية للدراسات ك النشر ك‬
‫التوزيع ‪،‬بَتكت –لبناف‪.2004،‬‬
‫‪-5‬فاـ يعقوب ‪،‬الرباغماتية أك فلسفة الذرائع ‪،‬ط‪ ،2‬داراغبداثة للطباعة كالنشر كالتوزيع ‪ ،‬بَتكت لبناف‬
‫‪.1985،‬‬
‫‪-6‬خليفي بشَت ‪،‬الرباغماتية يف فلسفة ريتشارد ركريت‪،‬أطركحة دكتوراة‪،‬جامعة كىراف ‪،‬كلية العلوـ‬
‫االجتماعية ‪،‬قسم الفلسفة ‪.2010-2009،‬‬

‫‪145‬‬
-3 -‫المذهب النفعي البراغماتي‬ ‫الدرس الرابع عشر‬

7- Halvey Elie ;La Formation Du RaducalismPhilosophique, PUF ; Paris ; 1995 ;


Vol :03 .
8- Deledalle Gérard ; La Philosophie Americaine ; Edit ; L’age D’homme ; Lausane ;
1983.
9- Galetic Stephan ;Theorie et Pratique Chez william james ; Universite de Liege ;
Bulletin D’analyse Phénoménologique,IV3 ;2008(Actes 1).
10- Leclercq ;Bruno ;Phénoménologie Et Pragmatisme :Y a –Til Repture ou Continu-
té Entre Attitude Theoriques Et attitude Pratiques ?Universite de Liege. Bulletin
D’analyse Phénoménologique ,IV3 ;2008(Actes 1).
https://sst5.com/Article/2113/33

146
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪39‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫قائمة المصادر و المراجع‪:‬‬

‫*المراجع باللغة العربية ‪:‬‬


‫‪ .42‬أضبد أمُت ك آخركف‪ ،‬قصة الفلسفة ‪،‬ط‪،1‬مطبعة التاليف ك النشر‪،‬القاىرة –مصر ‪.1978،‬‬
‫‪ .43‬األلوسي حساـ الدين ‪،‬بواكَت الفلسفة قبل طاليس‪،‬ط‪،1‬اؼبؤسسة العربية للدراسات كالنشر بَتكت‬
‫لبناف ‪.1981‬‬
‫‪ .44‬باشالرد غاستوف ‪،‬العقالنية التطبيقية ‪،‬تر‪:‬د‪/‬بساـ اؽباشم ‪،‬ط‪،1‬اؼبؤسسة اعبامعية للدراسات ك النشر‬
‫ك التوزيع ‪،‬بَتكت ‪،‬لبناف ‪.1984،‬‬
‫‪ .45‬بدكم ‪،‬أضبد زكي ‪،‬معجم مصطلحات العلوـ االجتماعية ‪،‬ط‪،1‬مكتبة لبناف ‪،‬بَتكت لبناف ‪،‬السنة‬
‫‪:‬؟‬
‫‪ .46‬بدكم عبد الرضبن ‪ ،‬موسوعة الفلسفة ‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬اؼبؤسسة العربية للدراسات ك النشر‪،‬ط‪،1‬بَتكت‬
‫لبناف ‪.1984،‬‬
‫‪ .47‬برىومة موسى‪،‬الًتاث العريب ك العقل اؼبادم ‪،‬ط‪،1‬دار التنويرللطباعة كالنشر ‪،‬بَتكت لبناف‬
‫‪.2017،‬‬
‫‪ .48‬بوشنسكي‪،‬إ‪،‬ـ‪،‬الفلسفة اؼبعاصرة يف اكركبا ‪،‬تر‪:‬عزت قرشل ‪،‬ط‪،1‬سلسلة عادل اؼبعرفة ‪ ،‬الكويت‬
‫‪،‬سبيتمرب ‪.1992‬‬
‫‪ .49‬جوليفييو رهبيس‪،‬اؼبذاىب الوجودية ‪ -‬من كَتكجارد اذل ج‪.‬ب‪.‬سارتر‪-‬ط‪،1‬تر‪:‬فؤاد كامل‪،‬مرا‪:‬ؿبمد‬
‫عبد اؽبادم ابو ريدة ‪،‬دار اآلداب ‪،‬بَتكت لبناف ‪.1988،‬‬
‫‪ .50‬جونثاف‪ ،‬إدكارد‪،‬مقدمة لفلسفة العقل‪،‬تر‪:‬رضا زيداف ك عمرك بسيوشل‪،‬دار الركافد الثقافية‪،‬إبن الندصل‬
‫للنشر ك التوزيع ‪،‬القاىرة ‪،‬ج‪.‬مصر العربية ‪.2019،‬‬
‫‪ .51‬جيمس كلياـ ‪،‬الرباصباتية ‪،‬تر‪:‬ؿبمد علي العرياف ‪،‬ط‪،1‬دار اآلفاؽ‪-‬اؼبركز القومي للًتصبة‪،‬اعبزيرة –‬
‫ج‪.‬مصر العربية ‪.2008،‬‬
‫‪ .52‬جيمس كلياـ‪،‬الرباصباتية‪،‬ط‪،1‬تر‪:‬ؿبمد قتحي الشنيطي‪،‬مكتبة اغبديثة ‪،‬القاىرة‪.1957،‬‬
‫‪ .53‬جيمس كلياـ‪،‬الرباغماتية‪ ،‬تر‪:‬كليد شحادة‪، ،‬ط‪،1‬دار الفرقد للطباعة كالنشر كالتوزيع‪،‬دمشق –سوريا‬
‫‪.4112،‬‬

‫‪148‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫طيبة‬ ‫ب‪/‬ط‪،‬جامعة‬ ‫كنقد‪،‬‬ ‫–عرض‬ ‫‪،‬الرباصباتية‬ ‫العزيز‬ ‫عبد‬ ‫‪ .54‬اغبجيلي‪ ،‬منصور‬


‫‪.،‬ـ‪.‬ع‪.‬السعودية‪.2010:‬‬
‫‪ .55‬رافع ساىر‪ ،‬أفالطوف‪-‬مؤسس الفلسفةاؼبثالية ‪،‬ط‪،1‬دار العاؼبية للكتب كالنشر ‪ ،‬سلسلة مشاىَت‬
‫فالسفة الغرب ‪،‬ج‪.‬مصر‪ ،‬العربية ‪.2012،‬‬
‫‪ .56‬ركيس جوزايا‪ ،‬ؿباضرات يف اؼبثالية اغبديثة‪ ،‬تر‪:‬أضبد االنصارم‪ ،‬مرا‪:‬حسن حنفي‪ ،‬ط‪ ،1‬اؼبشركع‬
‫القومي للًتصبة‪ ،‬القاىرة ‪-‬ج‪.‬مصر‪.‬ع‪.2003 ،‬‬
‫‪ .57‬زندكولر‪،‬ىنس‪،‬اؼبثالية االؼبانية ‪،‬تر‪:‬أبو يعرب اؼبرزكقي ك آخركف‪،‬ط‪،1‬الشبكةالعربية لالحباث كالنشر‬
‫‪،‬بَتكت ‪.2012‬‬
‫‪ .58‬سارتر جوف بوؿ‪ ،‬الوجودية مذىب إنساشل ‪،‬تر‪:‬عبد اؼبنعم اغبفٍت ‪،‬ط‪،1‬ب‪/‬ط‪،‬دار الفكر ‪،‬القاىرة ‪،‬‬
‫ج‪،‬مصر‪ ،‬العربية‪،‬ب‪/‬سنة‪.‬‬
‫‪ .59‬سَتؿ جوف ‪،‬العقل ك اللغة كاجملتمع – الفلسفة يف العادل الواقعي‪-‬ط‪ ،1‬اؽبيئة اؼبصرية العامة للكتاب‬
‫‪.1996،‬‬
‫‪ .60‬صليبا ‪،‬صبيل ‪ ،‬اؼبعجم الفلسفي‪،‬ج‪،1‬ج‪،2‬ط‪،1‬دار الكتاب اللبناشل‪،‬بَتكت‪ ،‬لبناف ‪1982،‬‬
‫‪ .61‬صليبا صبيل ‪،‬تاريخ الفلسفة العربية ‪،‬ط‪،1‬الشركة العاؼبية للكتاب ‪،‬بَتكت ‪ ،‬لبناف ‪.1989‬‬
‫‪ .62‬الطباطبائي‪،‬السيد ؿبمد حسُت‪ ،‬تر‪:‬ؿبمد عبد اؼبنعم اػباقاشل‪،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دار اؼبعارؼ للمطبوعات‪،‬‬
‫بَتكت‪ ،‬لبناف‪.1981 ،‬‬
‫‪ .63‬عثماف أمُت‪ ،‬ركاد اؼبثالية يف الفلسفة الغربية ‪،‬ط‪ ،1‬داراؼبعارؼ ‪ ،‬االسكندرية –ج‪،‬مصر العربية‬
‫‪.1967،‬‬
‫‪ .64‬العراقي ‪،‬ؿبمد عاطف ‪،‬النزعة العقلية يف فلسفة ابن رشد‪،‬ط‪،4‬دار اؼبعارؼ ‪ ،‬القاىرة مصر‬
‫‪.1984،‬‬
‫‪ .65‬عزمي‪،‬إسالـ‪،‬إذباىات يف الفلسفة اؼبعاصرة‪،‬ط‪،1‬ككالة اؼبطبوعات ‪،‬الكويت‪.1980،‬‬
‫‪ .66‬عطية‪ ،‬أضبد عبد اغبليم‪ ،‬القيم يف الواقعية اعبديدة‪ ،‬ب‪/‬ط‪ ،‬دار الثقافة العربية‪ ،‬القاىرة –مصر‪،‬‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ .67‬غاركدم ‪،‬ركجي ‪،‬النظرية اؼبادية يف اؼبعرفة ‪،‬تر‪:‬ابراىيم قريط ‪،‬ب‪/‬ط‪،‬دار دمشق ‪،‬سوريا ‪،‬ب‪/‬سنة‬
‫‪ .68‬كامل فؤاد‪ ،‬أعالـ الفكر الفلسفي اؼبعاصر ‪،‬ط‪،1‬دار اعبيل ‪،‬بَتكت –لبناف ‪.1993،‬‬
‫‪ .69‬الكحالكم‪،‬حسن ؿبمد‪،‬فلسفة التقدـ ‪،‬ط‪،1‬مركز األسكندرية للكتاب ‪،‬القاىرة –مصر‪.1997،‬‬

‫‪149‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ .70‬كرـ يوسف ‪،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة ‪،‬ط‪،2‬دار اؼبعارؼ‪،‬القاىرة –مصر‪ ،‬ب‪/‬س‪.‬‬


‫‪ .71‬كرـ يوسف ‪،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة ‪،‬ط‪،5‬دار اؼبعارؼ ‪،‬ج‪.‬مصر‪.‬العربية‪. 1969،‬‬
‫‪ .72‬كرـ يوسف‪ ،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة‪ ،‬ب‪/‬ط‪ ،‬دار النشر كلمات عربية‪ ،‬القاىرة‪،‬مصر ‪.2012‬‬
‫‪ .73‬كوتنغهاـ جوف ‪،‬العقالنية‪،‬تر‪:‬ؿبمود منقذ اؽبامشي ‪،‬مركز االمباء اغبضارم ‪،‬حلب سوريا‪. 1997،‬‬
‫‪ .74‬ؿبمد علي عصاـ الدين ‪،‬تاريخ اؼبذاىب الفلسفية ‪،‬ط‪،1‬منشأة اؼبعارؼ ‪،‬االسكندرية‪-‬مصر‬
‫‪.1994،‬‬
‫‪ .75‬ؿبمود زكي قبيب ‪،‬حياة الفكر يف العادل اعبديد ‪،‬ط‪،1‬دار الشركؽ‪ ،‬القاىرة –مصر‪.1987،‬‬
‫‪ .76‬اؼبرىج‪ ،‬علي عبد اؽبادم‪ ،‬الفلسفة الرباصباتية – اصوؽبا ك مبادئها‪ ،‬ط‪،1‬دار الكتب العلميػ ػ ػ ػ ػة‪،‬‬
‫بَتكت لبناف‪.2008 ،‬‬
‫‪ .77‬مركة حسُت ‪،‬النزعات اؼبادية يف الفلسفة العربية االسالمية ‪،‬ط‪،1‬دار الفارايب‪ ،‬بَتكت لبناف‬
‫‪.2002،‬‬
‫‪ .78‬اؼبسَتم عبد الوىاب ‪،‬الفلسفة اؼبادية ك تفكيك االنساف‪،‬ط‪،4‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سوريا‬
‫‪.2010،‬‬
‫‪ .79‬منصور أنيس ‪،‬مقاالت عن الوجودية ‪،‬ط‪،9‬دار هنضة مصر للنشر ‪،‬اعبيزة ‪،‬مصر ‪،‬سبتمرب‪.2010‬‬
‫‪ .80‬النشار مصطفى‪،‬أفالطوف –رائد اؼبثالية‪،‬ط‪،1‬دار اؼبصرية اللبنانية للنشر ك التوزيع ‪،‬ج‪.‬مصر العربية‬
‫‪2018،‬‬
‫‪ .81‬النشار مصطفى‪،‬مدخل جديد اذل الفلسفة‪،‬ط‪،4‬دار قباء للطباعة كالنشر ‪،‬القاىر –صبهورية‬
‫مصر‪.1998،‬‬
‫‪ .82‬نصار نصيف ‪،‬الفكر الواقعي عند بن خلدكف‪-‬تفسَت ربليلي كجدرل لفكر بن خلدكف‪-‬يف بنيتو‬
‫كمعناه‪،‬ط‪،1‬دار الطليعة للطباعة كالنشر ‪،‬بَتكت لبناف ‪.1981‬‬
‫*المراجع باللغة االجنبية ‪:‬‬
‫‪12.‬‬ ‫‪A.Comte ;Cours de Philosophie Positive ;Paris.1830.‬‬
‫‪13.‬‬ ‫‪A.Comte,A discourses on the positive Spi-‬‬
‫‪rit,Tr.S.Beesley,revers,London.1903.‬‬
‫‪14.‬‬ ‫; ‪Deledalle Gérard ; La Philosophie Americaine ; Edit ; L’age D’homme‬‬
‫‪Lausane ; 1983.‬‬
‫‪15.‬‬ ‫‪Dialogues Concerning Natural religion by D.Hume.ED.N.Kemp Smith‬‬
‫‪O.V.P.Oxford.1935.‬‬

‫‪150‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

16. F.C.COPLESTON Burns ;History of Philosophy.London 1947.


17. Galetic Stephan ;Theorie et Pratique Chez william james ; Universite de
Liege ; Bulletin D’analyse Phénoménologique,IV3 ;2008(Actes 1).
18. H.HOFFDING, History of Modern Philosophy ,London 1956.
19. Halvey Elie ;La Formation Du RaducalismPhilosophique, PUF ; Paris ;
1995 ; Vol :03 .
20. Jean-Paul Sartre, l'être et le néant, Gallimard, Paris France,1955.
21. Jean-Paul Sartre,L'existentialisme est un humanisme, University of Min-
nesota, 1970,USA.
22. Leclercq ;Bruno ;Phénoménologie Et Pragmatisme :Y a –Til Repture ou
Continuté Entre Attitude Theoriques Et attitude Pratiques ?Universite de Liege.
Bulletin D’analyse Phénoménologique ; ,IV3 ;2008(Actes 1).

: ‫*مواقع االنترنت‬
5. https://www.alshirazi.com/compilations/nirai/waqfa/part2/1.htm
6. http://abdulkrem556.blogspot.com/2011/12/blog-post_23.html
7. http://arab-ency.com.sy/detail/9462
8. https://sst5.com/Article/2113/33

:‫قائمة المراجع االضافية التدعيمية‬


-‫االسكندرية‬، ‫ دار الكتب اعبامعية‬،1‫ط‬،‫ الفلسفة اغبديثة‬:‫تاريخ الفكر الفلسفي‬،‫ أبو رياف ؿبمد علي‬.1
.1969،‫مصر‬
.1959، ‫القاىرة –مصر‬،1‫ط‬،2‫كج‬1‫ج‬، ‫قصة الفلسفة اغبديثة‬، ‫ أضبد أمُت ك زكي قبيب ؿبمود‬.2
.1973، ‫لبناف‬-‫بَتكت‬، ‫دارالثقافة‬،3‫ط‬، ‫ الزماف الوجودم‬، ‫ بدكم عبد الرضبن‬.3
– ‫ بَتكت‬،‫دارالقلم‬، ‫ككالة اؼبطبوعات‬،‫ط‬/‫ب‬،‫االنسانية ك الوجودية يف الفكر العريب‬،‫ بدكم عبد الرضبن‬.4
.1982، ‫لبناف‬
‫بَتكت‬، ‫دارالطليعة للطباعة كالنشر‬،1‫ط‬،‫ ترصبة جورج طرابيشي‬، ‫تاريخ الفلسفة اغبديثة‬، ‫ بريهية إميل‬.5
.1978، ‫لبناف‬
.‫س‬/‫ب‬،‫ط‬/‫ب‬، ‫اؼبفهوـ اؼبادم للتاريخ‬، ‫فلسفة التاريخ‬،‫ بليخانوؼ جورجي‬.6
.1978،‫دمشق سوريا‬، ‫ دار الفكر‬،1‫ط‬، ‫نقض أكىاـ اؼبادية اعبدلية‬،‫ؿبمد سعيد رمضاف‬، ‫ البوطي‬.7
.1984،‫لبناف‬-‫بَتكت‬، ‫ دارالطليعة‬،1‫ط‬،‫تكوين العقل العريب‬،‫ ؿبمد عابد‬،‫ اعبابرم‬.8

151
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ .9‬جديدم ؿبمد‪ ،‬فلسفة اػبربة ‪،‬جوف ديوم مبوذجا ‪،‬ط‪،1‬ؾبد اؼبؤسسة اعبامعية للدراسات ك النشر ك‬
‫التوزيع ‪،‬بَتكت –لبناف‪.2004،‬‬
‫‪ .10‬حسن ؿبمدسليماف ‪،‬دراسات يف الفلسفة االكركبية ‪،‬ط‪،1‬دار عالء الدين ‪،‬القاىرة –‬
‫مصر‪.1998،‬‬
‫‪ .11‬حيدر غنية ‪،‬ىكذا تكلم العقل ‪،‬ط‪،1‬دار الطليعة ‪ ،‬بَتكت ‪،‬لبناف ‪.1999،‬‬
‫‪ .12‬خضر عباس ‪ ،‬الواقعية يف االدب ‪،‬ط‪،1‬دار اعبمهورية‪،‬بغداد –العراؽ ‪.1967،‬‬
‫‪ .13‬خليفي بشَت ‪،‬الرباغماتية يف فلسفة ريتشارد ركريت‪،‬أطركحة دكتوراة‪،‬جامعة كىراف ‪،‬كلية العلوـ‬
‫االجتماعية ‪،‬قسم الفلسفة ‪.2010-2009،‬‬
‫‪ .14‬ديوم جوف‪،‬الديبوقراطية كالًتبية ‪،‬تر‪ :‬مىت عقراكم ‪،‬ك زكريا ميخائيل ‪،‬ط‪،2‬عبنة التاليف ك الًتصبة‬
‫كالنشر ‪،‬القاىرة –مصر ‪.1954،‬‬
‫‪ .15‬سارتر جوف بوؿ ‪،‬الوجودية مذىب إنساشل ‪،‬تر‪ :‬عبداؼبنعم اغبفٍت ‪،‬ط‪،1‬الداراؼبصرية ‪،‬القاىرة –مصر‬
‫‪.1964 ،‬‬
‫‪ .16‬الطباطبائي‪ ،‬السيد ؿبمد حسُت ‪،‬أصوؿ الفلسفة كاؼبنهج الواقعي ‪،‬تر ‪:‬عماد أبو رغيف‪،‬ط‪،1‬منتدل‬
‫الكتاب الشيعي‪ ،‬اؼبؤسسة العراقية للنشر ك التوزيع ‪،‬العراؽ ‪.2012،‬‬
‫‪ .17‬العشماكم سعيد ‪،‬تاريخ الوجودية يف الفكر البشرم ‪،‬ط‪،3‬دار الوطن العريب‪،‬بَتكت لبناف ‪.1984،‬‬
‫‪ .18‬عطية أضبد عبد اغبليم ‪،‬سارتر ك الفكر العريب اؼبعاصر ‪،‬ط‪،1‬دار الفارايب ‪ ،‬بَتكت‪-‬لبناف‪.2011،‬‬
‫‪ .19‬فاسيلي بودكستينيك‪،‬أكفشي ياخوت ‪،‬ألف باء اؼبادية اعبدلية ‪،‬تر‪ :‬جركج طرابيشي‪، ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫الطليعة للطباعة كالنشر ‪ ،‬بَتكت لبناف ‪.1979،‬‬
‫‪ .20‬فاـ يعقوب ‪،‬الرباغماتية أك فلسفة الذرائع ‪،‬ط‪ ،2‬داراغبداثة للطباعة كالنشر كالتوزيع ‪ ،‬بَتكت لبناف‬
‫‪.1985،‬‬
‫‪ .21‬فضل ا﵁ مهدم ‪،‬فلسفة ديكارت كمنهجو (نظرة ربليلية نقدية )‪،‬ط‪،1‬دار الطليعة بَتكت –لبناف‬
‫‪.1983،‬‬
‫‪ .22‬كامل فؤاد ‪ ،‬الغَت يف فلسفة سارتر‪،‬ب‪/‬ط‪،‬دار اؼبعارؼ ‪،‬القاىرة –مصر ‪،‬د‪/‬س‪.‬‬
‫‪ .23‬كرـ يوسف‪،‬تاريخ الفلسفة اغبديثة‪،‬ط‪،4‬دار اؼبعارؼ‪ ،‬القاىرة ‪،‬مصر ‪.1966،‬‬
‫‪ .24‬كونتغهاـ جوف ‪،‬العقالنية –فلسفة متجددة‪،‬تر‪:‬ؿبمودمنقد اؽبامشي‪،‬ط‪،1‬مركز اإلمباء اغبضارم ‪،‬‬
‫حلب سوريا ‪.1997،‬‬

‫‪152‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ .25‬كونفورت موريس ‪،‬مدخل اذل اؼبادية اعبدلية ‪،‬ط‪ ،1‬دار الفارايب ‪،‬بَتكت لبناف ‪ ،‬ب‪/‬س‪.‬‬
‫‪ .26‬الالندأندرم ‪،‬العقل كاؼبعايَت ‪،‬تر‪ :‬نظمي لوقا ‪،‬ط‪،1‬اؽبيئة اؼبصرية العامة للكتاب ‪،‬القاىرة –مصر‬
‫‪.1979،‬‬
‫‪ .27‬لوكاش جورج ‪،‬بلزاؾ ك الواقعية الفرنسية‪،‬تر‪:‬ؿبمد علي اليوسفي‪،،‬ط‪،1‬اؼبؤسسة العربية للناشرين‬
‫اؼبتحدين‪ ،‬بَتكت ‪-‬لبناف‪.1985،‬‬
‫‪ .28‬لوكاش جورج‪،‬دراسات يف الواقعية ‪،‬تر‪:‬د‪/‬نايف بلوز‪،‬ط‪.،3‬الدراسات اعبامعية للنشر ك الطبع ك‬
‫التوزيع ‪،‬بَتكت –لبناف‪.1985‬‬
‫‪ .29‬مركة حسُت ‪،‬دراسات نقدية يف ضوء اؼبنهج الواقعي ‪،‬ط‪ ،1‬مكتبة اؼبعارؼ ‪ ،‬بَتكت –لبناف‬
‫‪.1988،‬‬
‫‪ .30‬النشار مصطفى‪ ،‬أفالطوف رائد اؼبثالية ‪،‬ط‪،5‬اؼبصرية اللبنانية للنشر ك التوزيع ‪.2018،‬‬
‫‪ .31‬كجدم ؿبمد فريد ‪،‬على أطالؿ اؼبذىب اؼبادم‪،‬ط‪،2‬دائرة اؼبعارؼ القرف ‪،20‬مصر‪.1931،‬‬
‫‪ .32‬يفوت سادل ‪،‬العقالنية اؼبعاصرة‪،‬بُت النقد كاغبقيقة ‪،‬ط‪،1‬دار الطليعة ‪،‬بَتكت لبناف ‪.1982،‬‬
‫قائمة المراجع االضافية التدعيمية باألجنبية‪:‬‬
‫‪1. Diogéne laerce,Vie,et Doctrines et Sentences Des Philo-‬‬
‫‪sophes Illustres,2Vols,Ed Garnier flammarion,Paris,1965.‬‬

‫‪153‬‬

You might also like