You are on page 1of 14

‫فعالية الشروط التعاقدية يف حتقيق التوازن االقتصادي يف عقود االستثمار الدولية‬

‫*******‬
‫ملخّص‪ّ :‬‬
‫بالرغم من أنّ القان ّون الواجب التطبيق على عقد االستثمار الدولي هو التشريع الوطني للدّولة‪ّ ،‬‬
‫إال‬
‫أنّ الشّروط التعاقدية تعدّ أهم اآلليات الالزمة للحفاظ على التوازن االقتصادي واملالي للعقد في ظلّ‬
‫تؤثر على هذا‬ ‫املتغيرات االقتصادية التي قد تطرأ عليه قبل االنتهاء من التنفيذ‪ ،‬فهناك ظروف قد ّ‬
‫التوازن وتهدد استقرار العقد‪ ،‬وال تستطيع النصوص التشريعية مواجهتها إال من خالل الشّروط التعاقدية‬
‫التي تقوم بدور مكمّل لهذه النصوص بهدف إعادة التوازن للعقد سواء في مرحلة األحداث غير ا ّلرادية‬
‫(املبحث األولّ( أو في حالة التصرفات االنفرادية للدولة )املبحث الثاني(‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬عقد االستثمار‪ ،‬الشروط التعاقدية‪ ،‬التوازن االقتصادي‪ ،‬االستقرار‬
‫التشريعي‪ ،‬تغير الظروف‪ّ .‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪Although the law applicable to the international investment contract is the‬‬
‫‪national legislation of the State, contractual conditions are the most important‬‬
‫‪mechanisms necessary to protect the economic and financial balance of the‬‬
‫‪contract under the circumstances that may affect the contract while being‬‬
‫‪executed, such as events that may affect and threaten the balance and stability of‬‬
‫‪the contract. Legislation texts cannot provide solutions, but only by referring to‬‬
‫‪contractual terms which supplement and support the legislation in view of‬‬
‫‪rebalancing the contract either in involuntary circumstances ( section I ) or in the‬‬
‫‪case of unilateral acts of the State (section II).‬‬
‫‪Key wards :investment contract, contractual conditions, Economic balance,‬‬
‫‪legislative stability, changing circumstances.‬‬
‫مقدمة‪ّ :‬‬
‫تعتبر عقود االستثمار وسيلة قانونية لتنفيذ الدولة لخططها التنموية واالقتصادية‪ ،‬وإقامة‬
‫مشاريع البنية األساسية باختالف أنواعها و التي تشكل جوهر التنمية‪ ،‬وتمتاز هذه العقود بالزمنية في‬
‫تنفيذ االلتزامات الناشئة عنها‪ ،‬فعادة ما تستغرق العالقة التعاقدية بين الدولة واملستثمر األجنبي فترة‬
‫طويلة‪ ،‬وتتسم هذه العقود بعدم التكافؤ بين األطراف املتعاقدة‪ ،‬حيث تتميز الدولة بسلطاتها االستثنائية‬
‫املمنوحة لها بموجب القانون‪ ،‬يقابلها القوة االقتصادية للمستثمر ومحاولته لتحجيم هذه السلطة في‬
‫العقود املبرمة معها‪ ،‬وبالتالي ظهرت وسائل تشريعية وتعاقدية تهدف ليجاد نوع من التوازن االقتصادي‬
‫‪788‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬
‫واملالي بين الطرفين‪ ،‬حيث أقرت للمستثمر بحقه في اللجوء للتحكيم ـ في مقابل خضوعه للتشريع الوطني‬
‫الذي يمثل في ذاته جوهر هذه الضمانات‪ ،‬ومع ذلك فالتغييرات في الظروف االقتصادية والسياسية‬
‫املصاحبة لعقود االستثمار‪ ،‬ظلت تطرح صعوبات وإشكاالت قانونية‪ ،‬تهدد تنفيذ العقد‪ .‬وهو ما أدى إلى‬
‫التركيز الدائم على فكرة التوازن االقتصادي واملالي بين حقوق والتزامات األطراف عند تكوين العقد‬
‫بطريقة متوازنة‪ ،‬حيث تتجه إرادة األطراف منذ مرحلة البرام إلى إيجاد آليات تعاقدية‪ ،‬إلى جانب‬
‫النصوص التشريعية التي يمكن أن تتأثر هي ذاتها بالطبيعة الزمنية التي تتسم بها هذه العقود وقد تجعلها‬
‫عرضة لبعض املتغيرات االقتصادية التي قد تطرأ قبل االنتهاء من التنفيذ‪ ،‬وهو ما قد يقلل من فعاليتها في‬
‫بعض الفروض‪ ،‬األمر الذي يزيد من أهمية الشروط التعاقدية كآلية مساعدة وأحيانا بديلة للنصوص‬
‫التشريعية‪ ،‬لعادة التوازن االقتصادي واملالي للعقد‪ ،‬بهدف إعادة الثقة املشروعة بين الدولة ّواملستثمر ‪.‬‬
‫حيث تمكنها من مواجهة الفروض املحتملة والتي تهدد التنفيذ‪ ،‬خاصة في حالة القوة القاهرة‬
‫والظروف الطارئة وفي حالة قيام الدولة بإجراءات انفرادية من شأنها التأثير على توازن العقد‪ .‬وهو ما‬
‫يطرح تساؤال حول فعالية هذه الشروط التعاقدية التي اتجهت إليها إرادة األطراف وطبيعة دورها في‬
‫تحقيق التوازن االقتصادي واملالي أمام هيئة التحكيم؟ ّ‬
‫والجابة تتطلب التفرقة بين فرضيات اختالل التوازن في العالقة بين الدولة واملستثمر‪ ،‬الفرض‬
‫األول حين يكون االختالل نتيجة أحداث غير إرادية‪ ،‬ال دخل لرادة الدولة أو املستثمر فيها وتتجلى‬
‫بوضوح في حاالت القوة القاهرة والظروف الطارئة (املبحث األو ّل) أما الفرض الثاني وهو األكثر صعوبة‪،‬‬
‫عندما يكون التغيير املؤدي إلى اختالل املراكز القانونية‪ ،‬مرجعه تصرفات إرادية للدولة (املبحث الثاني)‪.‬‬
‫من خالل هذين الفرضين يمكن قياس فعالية هده الشروط‪ ،‬وتحديد قدرتها على إعادة التوازن‬
‫االقتصادي للعالقة التعاقدية‪ ،‬من خالل تكييفها مع املستجدات عند التطبيق ومراعاة طبيعة هذه‬
‫العقود لتعلقها باملصالح االقتصادية والتنموية للدولة‪ّ .‬‬
‫املبحث األولّ ّ‬
‫شروط إعادة التوازن في ظل العوامل الغير إرادية ّ‬
‫قد يواجه األطراف أخطر حاالت عدم التوازن للعقد‪ ،‬بسبب األحداث الغير إرادية‪ ،‬والتي غالبا ما‬
‫تتركز حول القوة القاهرة‪ ،‬والظروف الطارئة‪ ،‬فقد تقع أحداث غير متوقعة تمنع استمرارية تنفيذ العقد‬
‫وتؤدي إلى االختالل في األداء املقابل‪ّ ،‬وتعرض العقد لإللغاء من أحد الطرفين‪ ،‬في هذا الفرض تظهر أهمية‬
‫الشروط التعاقدية التي يدرجها األطراف في عقد االستثمار‪ ،‬وتحدد الحاالت التي يمكن بمقتضاها وضع‬
‫ضوابط لألحداث الغير متوقعة‪ ،‬وتحديد اآلثار املترتبة عليها‪ ،‬األمر الذي يخفف من حدة الخالف حول‬
‫تفسير القانون الواجب التطبيق‪ ،‬ويقيد سلطة املحكم في التفسير‪ ،‬وهو ما يشكل استقرار للعالقة‬
‫التعاقدية‪ ،‬وال يخرج الدور الوظيفي لهذه الشروط في هذا الفرض عن دور تكميلي أو مساعد للتشريع‬
‫الوطني الواجب التطبيق‪ ،‬باعتباره األساس لعادة التوازن )املطلب األولّ(‪ ،‬وقد تكون هي ذاتها أساسية‬
‫تتدارك الخطر الذي يواجه تنفيذ العقد كما هو في إعمال شرط إعادة التفاوض )املطلب الثاني) ‪ّ .‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪789‬‬


‫املطلب األول‪ :‬القانون الواجب التطبيق أساس إلعادة التوازن‬
‫يعتبر إعادة التوازن من خالل النصوص التشريعية أو القانون الواجب التطبيق على العالقة‬
‫التعاقدية أولى آليات املحكم ولكن هذا ال ينفي دور الشروط التعاقدية في استكمال هذا التوازن‪ ،‬وفقا‬
‫لفرضية عدم تعارضها مع هذا القانون فاألصل أن ينحصر دورها الوظيفي في استكمال النصوص أو‬
‫توضيح كيفية تطبيقها‪ ،‬فالتشريع الوطني هو األساس والقول بغير ذلك يجعلنا أمام نظام تشريعي اتفاقي‪،‬‬
‫أمر مرفوض خاصة في عقود‬ ‫موازي للتشريع الوطني‪ ،‬الذي قد يفقد الهدف من تطبيقه أصال وهو ّ‬
‫االستثمار (الفرع األولّ) ‪ .‬ولكن في حال عدم كفاية هذه النصوص‪ ،‬لعمال هذا التوازن‪ ،‬تصبح هناك‬
‫ضرورة لعمال الشروط التعاقدية كشرط القوة القاهرة‪ ،‬باعتبارها شرطا مكمال للتشريع الوطني‬
‫)الفرع الثاني) ‪ّ .‬‬
‫الفرع األولّ‪ :‬التحديد التشريعي وصعوبات اإلثبات ّ‬
‫يفترض أن القانون الواجب التطبيق هو املختص بضمان الحفاظ على استقرار العقد‪ ،‬حتى يتم‬
‫تنفيذه بالشكل الذي اتجهت إليه إرادة املتعاقدين‪ ،‬من خالله يتكفل املشرع بتحديد املتغيرات‬
‫االقتصادية الخارجة عن التوقع‪ ،‬والتي تظهر صعوبة كبيرة في تنفيذ العقد‪ ،‬بسبب طبيعتها الخاصة‪،‬‬
‫والتي تفض ي إلى عدم االلتزام بالقواعد القانونية(‪ . )1‬حيث ال تعد املخالفة موجبا للمسؤولية‪ ،‬لكونها حدث‬
‫فجائي مستقل عن إرادة املتعاقدين‪ ،‬ولم يكن متوقعا عند إبرامهم للعقد‪ ،‬ويؤدي إلى استحالة تنفيذ‬
‫االلتزامات التعاقدية جميعها أو جزء منها‪ .‬األمر الذي يقض ي على التوازن املالي للعقد‪ ،‬ويقود إلى عدم‬
‫تحقيقه ألهدافه االقتصادية التي جوهرها التنفيذ‪ ،‬فالتغيير في ظروف العقد الخارجية بسبب القوة‬
‫القاهرة‪ ،‬تؤثر على جملة الحقوق وااللتزامات الخاصة باألطراف وقت نشوء العقد‪ .‬وهو ما يجلب نتائج‬
‫عكسية تتنافى معها قواعد العدالة و األمن التعاقدي‪ّ .‬‬
‫هذا الخلل التعاقدي يطرح صعوبة في التحديد‪ ،‬وفي التكيف الدقيق للشروط الالزمة لثبات‬
‫حالة القوة القاهرة وقدرة النصوص الوطنية على مواجهتها‪ ،‬وامتدادها لترتيب آثارها‪ ،‬التي ال تستوعبها‬
‫الطبيعة الخاصة للعقود الدولية وخاصة عقد االستثمار‪ ،‬هنا يمكن السماح في بتدخل إرادة األطراف‬
‫لوضع ضوابط تعاقدية من خالل إدراج شرط القوة القاهرة كشرط مستقل‪ ،‬لتحاول مواجهة كافة‬
‫الفروض املحتملة في تحديد مفهوم وشروط القوة القاهرة(‪ .)2‬وفقا لطبيعة العقد‪ ،‬للحفاظ على التوازن‬
‫االقتصادي الذي يجب أن يتمتع به العقد خالل مدة تنفيذه حيث تتغير مجموعة الحقوق وااللتزامات‬
‫الخاصة باألطراف وقت نشوء العقد‪ّ .‬‬
‫وقد تبنى املشرع الوطني هذه العمال من خالل املادة ‪ 58‬من قانون املحروقات(‪ )3‬والتي نصت في‬
‫فقرتها األخيرة على‪ :‬يطبق القانون الجزائري‪ ،‬وال سيما هذا القانون والنصوص املتخذة لتطبيقه لتسوية‬
‫الخالفات‪ .‬إال أنه أشار إلى الشروط التعاقدية في الفقرة األولى‪ :‬يسوي كل خالف بين الوكالة الوطنية‬
‫لتثمين موارد املحروقات (النفط) واملتعاقد ينجم عن تفسير و‪ /‬أو تنفيذ العقد أو عن تطبيق هذا القانون‬
‫و‪/‬أو النصوص املتخذة لتطبيقه‪ ،‬عن طريق إجراء تسوية ودية وفق الشروط املتفق عليها‪ّ ،‬وأيضا في‬
‫الفقرة الثانية نصت على ‪ :‬في حالة إخفاق هذا الجراء‪ ،‬يمكن عرض الخالف للتحكيم الدولي حسب‬
‫‪790‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬
‫الشروط املتفق عليها في العقد‪ .‬ومن ذلك يظهر لنا أن املشرع حاول أن يحافظ على استقرار العقد من‬
‫خالل القانون الواجب التطبيق أوال مع السماح لرادة األطراف بالتدخل من خالل الشروط التعاقدية‪،‬‬
‫ّومن بينها شرط القوة القاهرة‪ّ .‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القوة القاهرة (شرط مكمل للتشريع الوطني) ّ‬
‫كما أوضحنا فإن القوة القاهرة في العقود التي تتميز بالزمنية كما هو الحال في العقد املاثل ال‬
‫يجعل تنفيذ االلتزام مستحيل‪ ،‬فالتنفيذ قد يكون ممكنا‪ ،‬ولكن بشروط قد تحمل أحد األطراف في‬
‫العقد أعباء مالية غير متوقعة‪ ،‬فاملحكم حينما يتعامل مع هذا الوضع فهو يواجه فرض جديد على‬
‫األطراف‪ ،‬يعود مصدره إلى سبب أجنبي ال دخل لإلرادة فيه‪ .‬يؤدي وفقا للقانون الواجب التطبيق إلى‬
‫تعليق تنفيذ العقد بشكل مؤقت أو نهائي‪ ،‬ولذلك يذهب جانب من الفقه(‪ ،)4‬إلى توسيع سلطة هيئة‬
‫التحكيم في التعامل مع آثار القوة القاهرة‪ ،‬تأسيسا على إرادة األطراف املتمثلة في صياغة شرط القوة‬
‫القاهرة وتحديد املقصود‪ ،‬بها بخصوص عالقاتهم التعاقدية‪ّ .‬‬
‫وبالتالي مهمة املحكم تتأسس على التحقق من شرط القوة القاهرة ثم تحديد مدى انطباقها على‬
‫(‪)5‬‬
‫الوقائع املقدمة أمامه حتى يتمكن من الفصل‪ ،‬إال أنه يواجه صعوبة تتعلق بوسائل إثبات هذه الوقائع‬
‫خاصة لوجود فترة زمنية بين حدوثها وبين عرض النزاع على هيئة التحكيم‪ .‬فمسألة الفترة الزمنية بين‬
‫وقوع أحداث القوة القاهرة ّوإحالة النزاع للتحكيم‪ ،‬تجعل من الصعب التيقن بأن االختالل بالتوازن‬
‫االقتصادي للعقد نتيجة لهذه األحداث‪ ،‬وهو ما يزيد من صعوبة املهمة امللقاة على هيئة التحكيم‬
‫فاملحكم يجب أن يتثبت من وجود القوة القاهرة‪ ،‬وتزداد املسألة دقة حين يغلب عليها الطابع الفني مما‬
‫يصعب معه الوقوف على تحليل دقيق لألسباب التي تقف وراء حدوثه‪ ،‬وفي كافة الفروض فدور هيئة‬
‫التحكيم يجب أن يتركز على معالجة االختالل في التوازن لعقد االستثمار على إثر وقوع القوة القاهرة‪،‬‬
‫وذلك من خالل تبني بعض الحلول التي يروها مناسبة وفي كافة األحوال يجب أن يساعد أطراف عقد‬
‫االستثمار هيئة التحكيم على معالجة هذا االختالل ويمكن ذلك من خالل تبني عدة شروط تعاقدية يتم‬
‫من خاللها تحديد أثر القوة القاهرة على استمرارية االلتزام التعاقدي‪ :‬وذلك من خالل بنود العقد ومنح‬
‫هيئة التحكيم االختصاص األصيل بإعادة ضبط االلتزامات املتبادلة في إعادة التوازن إليه مرة ثانية(‪ّ .)6‬‬
‫ّوعادة ما يترتب على القوة القاهرة وقف تنفيذ العقد " مؤقتا " وقد أشارت غرفة التجارة الدولية‬
‫في قرار لها صادر سنة ‪ ،1971‬أنه ال يترتب عن القوة القاهرة إنهاء العقد بل وقف تنفيذه في انتظار‬
‫انقضائها‪ ،‬حيث يباشر املتعاقدين‪ ،‬مجددا التزاماتهم‪ ،‬وقد ظهر ذلك في نص املادة (‪ )24‬من االتفاقية‬
‫املبرمة بين دولة الكويت وشركة ‪ Trades Limited‬البريطانية عام ‪ 1933‬والتي نصت على " أي تقصير من‬
‫قبل الشركة في القيام بتنفيذ أي من االشتراطات والتعهدات الواردة في العقد املبرم بينهما بسبب يعود‬
‫لحدوث قوة قاهرة‪ ،‬فإن دولة الكويت ال يكون لها حق في مطالبة الشركة بأية اشتراطات أو تعهدات نص‬
‫عليها العقد‪ّ ،‬وإذا ما ترتب على حدوث القوة القاهرة تأخير في تنفيذ أحد شروط العقد‪ ،‬فإن مدة التأخير‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪791‬‬


‫بالضافة ألي مدة تكون الزمة لصالح الضرر الذي يكون قد وقع أثناء التأخير تضاف إلى املدة املحددة في‬
‫هذا العقد"(‪ّ .)7‬‬
‫ويظهر دور شرط القوة القاهرة كشرط مكمل للتشريع الوطني‪ ،‬من خالل الحكم الذي أصدرته‬
‫محكمة التحكيم في قضية ‪ ،)8(N.O.C.I‬حيث أسست حكمها بالرجوع إلى النصوص القانونية والشرط‬
‫الخاص بالقوة القاهرة‪ ،‬بل رفضت تمسك الشركة األجنبية ‪ Sun Oil‬بأن شروط إعمال القوة القاهرة‬
‫وفقا للنص املدرج في العقد يتحقق بمجرد أن يكون عدم التنفيذ مرجعه ظرف غير متوقع يؤثر على تنفيذ‬
‫العقد وال يشترط أن يؤدي إلى استحالة التنفيذ حيث انتهت إلى أنه ال يوجد في الشرط املدرج في العقد ما‬
‫يسمح بالتخفيف من الشروط التي يقتضيها القانون الليبي والتي وفقا لها البد أن يكون الظرف الذي‬
‫يتمسك به الطرف املتعاقد‪ ،‬يؤدي إلى استحالة حقيقية في التنفيذ على نحو مؤقت أو بصفة نهائية‪.‬وعلى‬
‫ذلك فهذا الشرط يسهل من وظيفة املحكم عند إعماله تقديره للظروف القاهرة(‪ّ .)9‬‬
‫ن ّ‬‫املطلب الثاني‪ :‬إعادة التفاوض كآلية أساسية لتحقيق التواز ّ‬
‫يعتبر إعادة التفاوض من أهم الشروط التي‪ ،‬يدرجه األطراف في العقد‪ ،‬ويتفقون فيه على إعادة‬
‫التفاوض فيما بينهم بقصد تعديل العقد عندما تقع أحداث معينة‪ ،‬تؤدي إلى اختالل التوازنّ املالي‬
‫واالقتصادي للعقد‪ ،‬على النحو السابق‪ ،‬وإصابة أحد األطراف بالضرر‪ .‬وبالرغم من أهمية هذا الشرط‬
‫ملواجهة كافة الفروض التي تؤدي إلى إعاقة تنفيذ العقد فإن دوره يظهر جليا في حالة القوة القاهرة‪،‬‬
‫فعادة ما يقترن شرط القوة القاهرة بإعادة التفاوض ألنه يزيد من قدرة األطراف على االستمرار في تنفيذ‬
‫العقد‪ ،‬ولكن وفقا لتوازن جديد قد يكون مختلفا عن التوازن الذي ساد العقد قبل الحدث املفاجئ‬
‫)الفرع األو ّل)‪ّ ،‬ويظهر ذلك من خالل أثر الشرط على دور املحكم في وقف التنفيذ‪ ،‬أو الحق في التعديل‬
‫(الفرع الثاني)‪ّ .‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مضمون الشرط وطبيعة التوازن املطلوب ّ‬
‫إن مضمون االلتزام بإعادة التفاوض يقوم على إعادة التفاهم حول تنفيذ العقد في ظل الظروف‬
‫الخارجية التي طرأت على هذا العقد‪ ،‬بهدف التوصل إلى حلول تحافظ على التوازن االقتصادي الذي‬
‫سعت إليه إرادة املتعاقدين عند تكوين العقد‪ ،‬وصوال إلى اتفاق ملزم(‪ّ .)10‬‬
‫هذا املضمون يطرح تساؤال حول دوره في إعادة التوازن ونوع التوازن املقصود‪ ،‬هل هو التوازن‬
‫الذي كان قائما قبل تغير الظروف‪ ،‬أم أنه يفترض التعديل والتغيير الكامل تأسيسا على الظروف التي‬
‫طرأت؟ ونظرا ألن الشرط يتوقف إعماله باألول واألخير على إرادة األطراف التي أنشأته‪ ،‬فمضمون هذا‬
‫الشرط هو الذي سيحدد مصير االلتزامات األساسية‪ّ .‬‬
‫فيمكن أن يشكل تهديدا على موضوع العقد ذاته‪ ،‬إذا جاء غير محدد‪ ،‬فعدم التحديد سيؤدي‬
‫حتما إلى املساس بأمان العقد‪ ،‬وذلك يظهر لنا من خالل شروط إعادة التفاوض العامة كما أوردها الفقه‬
‫كأن تأتي الصياغة على سبيل املثال يتفق األطراف على القيام بالتعديالت الضرورية‪ ،‬أو ‪..‬على األطراف‬
‫بذل جهدهم للوصول إلى اتفاق معقول‪.. ،‬االتفاق على اآلليات املناسبة‪.. ،‬البحث عن الوسائل الالزمة‬
‫ملعالجة االختالل‪ .‬ويمكن أيضا أن يسعى األطراف من خالله إلى إيجاد توازن تعاقدي جديد بهدف‬
‫‪792‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬
‫املحافظة على العقد من خالل تصنيف االختالل الذي مس العقد وتحديدها في مرحلة البرام‪ ،‬أو التعامل‬
‫وفقا لحسن النية وبطريقة تضع األطراف في وضعية توازن شبيهة بالذي كانت قائمة وقت إبرام العقد(‪ّ .)11‬‬
‫تظهر مسألة حسن النية وكأنها أساس لعمال الشرط‪ ،‬حيث تضمنت اتفاقات‬ ‫ّ‬ ‫وعلى ذلك‬
‫االستثمار الدولية بالخصوص اشتراطات على املستثمر‪ ،‬وعلى الحكومة بالتفاوض بحسن نية وباستعراض‬
‫العقد الحكومي بصورة دورية‪ ،‬وأدرجت هذه األهداف في مشروع مدونة األمم املتحدة لقواعد سلوك‬
‫الشركات عبر الوطنية لعام ‪ 1983‬في أحكامه الخاصة باستعراض العقود ّوإعادة التفاوض بشأنها من‬
‫خالل الفقرة ‪ " 11‬ينبغي التفاوض بشأن العقود بين الحكومات والشركات عبر الوطنية وتنفيذها بحسن‬
‫نية‪ ،‬وينبغي أن تدرج في هذه العقود عادة‪ّ ،‬وال سيما العقود الطويلة األمد منها‪ ،‬بنود تنص على‬
‫االستعراض وإعادة التفاوض‪ّ ،‬وإذا لم تكن تلك البنود موجودة وحدث تغير جوهري في الظروف التي كانت‬
‫أساس العقد أو االتفاق‪ ،‬فإنه يجب على الشركات عبر الوطنية أو ينبغي لها‪ ،‬وهي تتصرف بحسن نية‪ ،‬أن‬
‫تتعاون مع الحكومات في استعراض ذلك العقد أو إعادة التفاوض بشأنه‪ .‬ويجب ‪ /‬ينبغي أن يخضع‬
‫استعراض تلك العقود أو االتفاقات أو إعادة التفاوض بشأنها لقوانين البلد املضيف ( القوانين الوطنية‬
‫ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة‪ ،‬فاالتفاق على التفاوض بحسن نية‪ ،‬وهذا‪ ،‬سيؤدي إلى ضرورة‬
‫مراجعة العقد(‪. )12‬وتحقيق التوازن املعقول للعقد مع األخذ في االعتبار حماية الحقوق الخاصة بكل طرف‬
‫فالنزاع في هذه الحالة بهدف التوفيق بين أحكام العقد واملستجدات من الظروف بصرف النظر عن نتائج‪ّ .‬‬
‫وهذا ما تبنته جمعية القانون الدولي في تقرير لها أكدت أن اتفاقات التنمية االقتصادية بطبيعتها‬
‫ال يمكن النظر إليها على أنها غير قابلة للتعديل ّوإن إعادة التفاوض بشأن النصوص القانونية لهذه‬
‫االتفاقات يؤدي إلى تدعيمها‪ّ .‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أثر الشرط على دور املحكم في التعديل ّ‬
‫إن تعديل العقد بهدف إعادة التوازن من قبل املحكم‪ ،‬قد يكون أوسع نطاقا عند فشل‬
‫املفاوضات حيث يصبح تدخل هيئة التحكيم ضروريا والزما‪ّ ،‬وإن كان يؤسس على إرادة األطراف من‬
‫خالل الشروط التي تمنح هيئة التحكيم هذا الدور سواء بصفة صريحة أو ضمنية‪ ،‬إال أنه في املقابل قد‬
‫أثار تدخل املحكم لتعديل العقد بصورة ضمنية جدال باعتباره توسيع في اختصاص هيئة التحكيم‬
‫بالشكل الذي وصفه البعض خارج نطاق اختصاصها " وهذا ما تعرضت له غرفة التجارة الدولية في‬
‫قرارها رقم ‪ 5754‬الصادر بتاريخ ‪ 03‬نوفمبر ‪ 1988‬حيث قررت " يجب تفسير هذا الشرط في إطار العقد‬
‫الذي ورد فيه‪ ،‬إذ ورد في عقد طويل األجل إلى جانب العديد من الشروط التي توجب التعديالت‪ ،‬بحيث‬
‫يثار التساؤل هنا عما إذا اتجهت إرادة األطراف إلى إقرار دور التحكيم للتحكيم في هذه التعديالت‪ ،‬وهي‬
‫عبارة عن الشرط رقم ‪ 20‬واسعة كفاية لقرار هذه التعديالت كما هو بالنسبة لهذه الحالة‪ ،‬إذن يجب‬
‫تفسير هذا الشرط في هذا السياق‪ّ ،‬وإن كان يمكن تفسيره بصورة ضيقة في سياقات أخرىّ ّ‬
‫يستطيع املحكم وقف تنفيذ العقد للحفاظ عليه‪ ،‬وهنا يكون دوره كاشفا لرادة األطراف‪،‬أيضا‬
‫يستطيع املحكم وقف التنفيذ من تلقاء نفسه‪ ،‬وهذا ما أخذت هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪793‬‬


‫باريس‪ ،‬إذ فرضت هيئة التحكيم وقف العقد من تلقاء نفسها‪ ،‬وكان أطراف العقد قد ضمنوا عقدهم‬
‫شرط إعادة التفاوض‪ ،‬إال أنهم لم يحددوا أثره على تنفيذ العقد خالل فترة التفاوض‪.‬‬
‫كما أكدت هيئة التحكيم ذاتها في نزاع آخر على األطراف أن يمتنعوا عن تنفيذ التزاماتهم لحين‬
‫االنتهاء من االتفاق على تعديل جميع بنود العقد‪ ،‬بما يتناسب مع الوضع االقتصادي الجديد‪ ،‬ومتى انتهت‬
‫املدة املحددة لوقف التنفيذ‪ ،‬أستأنف الطرفان تنفيذ االلتزام وفقا ملا تم االتفاق عليه في مرحلة‬
‫التفاوض‪ .‬حيث يمكن لألطراف تعديل االلتزام بإدخال بعض التغيرات االتفاقية بإضافة شروط جديدة‪،‬‬
‫أو حذف شروط موجودة بالفعل لعدم مالءمتها وتماشيها مع تغير الظروف(‪ّ .)13‬‬
‫ولكن هل يمكن أن تمتد سلطة املحكم إلى إجراء التعديل في حال عدم توصل األطراف إلى اتفاق؟‬
‫يذهب جانب من الفقه إلى أنه‪ ،‬يتعين عليهم السماح لهيئة التحكيم بتعديل شروط العقد للحفاظ على‬
‫التوازن االقتصادي الذي كان في يقينهم عند إبرام هذا العقد‪ ،‬وهذا قول مردود إعادة التوازن للعقد‬
‫يتوقف في هذا الفرض سيكون خارج نطاق اختصاصها الفعلي‪ ،‬وهو ما قد يؤدي إلى عدم احترام‬
‫التوقعات ألطراف العقد ‪ .‬إذ أن أثر هذا الشرط محدود للغاية حيث يقتصر على مجرد إعادة مناقشة‬
‫شروط وأحكام عقد االستثمار‪ ،‬دون أن يكون هناك التزام بأن تؤدي هذه املناقشة إلى تعديل العقد على‬
‫أساس التفرقة بين االلتزام بإعادة توازن العالقات التعاقدية في ضوء الظروف الجديدة‪ ،‬مجرد االتفاق‬
‫على إجراء التفاوض في حالة حدوث هذه الظروف‪ ،‬وهذا االتجاه تبنته العديد من أحكام التحكيم والتي‬
‫ذهبت إلى أنه إذا لم تتمكن أطراف العقد من التوصل التفاق في حالة وج ّود شرط إعادة التفاوض فإن‬
‫هذا ال يعد خرقا للعقد ألن االلتزام بالتفاوض ال يعني االلتزام بتعديل العقد‪ّ .‬‬
‫وفي كل األحوال يجب أن نفرق في هذا الفرض بين سلطة املحكم في التعديل وبين سلطة املحكم‬
‫في ملئ الفراغ التعاقدي‪ ،‬حيث ال يستطيع األطراف االتفاق على بعض هذه التغيرات‪ ،‬في الحالة األخيرة‬
‫نجد أن دور املحكم التدخلي ضروريّ لعادة التوازن بما يراه مناسبا‪ ،‬وخاصة إذا كان هذا التدخل مسألة‬
‫أساسية الزمة للفصل في النزاع‪ ،‬وهذا ال يعد توسعا في سلطة املحكم أو تجاوزا لرادة األطراف كما هو‬
‫الحال إذا قام بالتعديل‪ ،‬بل يمكن اعتباره تطبيقا لسلطته في اتخاذ ما يراه مناسبا في ضوء العرف السائد‬
‫وطبيعة العقد الدولي ‪ .‬فوجود الشرط يسهل من مهمة هيئة التحكيم في إعادة التوازن عند مراجعة‬
‫العقد ليصبح أكثر توافقا مع مستجدات الظروف(‪ّ .)14‬‬
‫وهو ما يتطلب وجود شرط إعادة التفاوض بسبب القوة القاهرة بشكل صريح‪ ،‬من خالل تحديد‬
‫أثر القوة القاهرة على حياة العقد‪ّ،‬كما أن هذا الشرط يبقى عديم النفع إذا لم يحدّد النتيجة التي ترغب‬
‫األطراف في الوصول إليها‪ ،‬والتي يجب أن تكون إعادة التوازن االقتصادي للعقد على ضوء تغير الظروف‪ّ .‬‬
‫وبالتالي نجد أن تفعيل شرط إعادة التفاوض لن يكون فقط من خالل اتصال العقد بشرط‬
‫الظروف االستثنائية أو حتى تفصيل هذه الشروط وحصر الحاالت التي توجب إعادة النظر لتحقيق‬
‫التوازن املالي للعقد من جديد‪ .‬بالشكل الذي يمنع من وجود أي خالف بشأنها بل املحافظة على السلطة‬
‫التقديرية للبلد املضيف وإنشاء واجبات على املستثمرين في التفاوض بشان العقود الحكومية وإبرامها‬
‫وتنفيذها(‪ّ . )15‬‬
‫‪794‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬
‫املبحث الثاني ّ‬
‫شروط إعادة التوازن في ظل التصرفات اإلرادية للدولة ّ‬
‫في الفرض األول وجدنا أن الشروط التي يدرجها املتعاقدون تتفق مع الظ ّروف التي اعترضت‬
‫تنفيذ العقد وهي حالة االختالل في التوازن التعاقدي‪ ،‬الذي يكون مرجعه التغير الالإرادي في الظروف‬
‫املصاحبة لتنفيذ العقد‪ ،‬أما هذا الفرض فتأتي الشروط التعاقدية لتواجه خطر يسهل توقعه‪ ،‬وهو تغير‬
‫ظروف العقد بسبب التصرفات الرادية للدولة املضيفة‪ ،‬أي اتخاذها إجراءات كاملصادرة‪ ،‬أو سحب‬
‫الترخيص‪ ،‬وتجعل من العسير قيام املستثمر بتنفيذ االلتزامات الناجمة من العقد‪ ،‬أو تقوم بتعديل‬
‫التشريع الواجب التطبيق (‪ ،)16‬هذه التغيرات تمثل أحد املخاطر التي تؤثر على التوازن التعاقدي‪ ،‬هذه‬
‫املتغيرات عادة ما تتم مواجهتها من خالل بعض النصوص التشريعية‪ ،‬وأيضا يظهر دور إرادة األطراف‬
‫املصاحبة لتكوين العقد واملتمثلة في مجموعة من الشروط التعاقدية التي تساعد هيئة التحكيم في‬
‫تحقيق التوازن )املطلب األولّ) ّوبالرغم أن هذه الشروط تهدف إلى منع التفوق االقتصادي للدولة‬
‫نتيجة للفعل الرادي‪ ،‬إ ّال أن املحكم ال يستطيع إجبار الدولة على االستمرار في العقد بنفس مقوماته‪ ،‬بل‬
‫تنحصر سلطته في إعادة التوازن من خالل التعويض العادل )املطلب الثاني)‪ّ .‬‬
‫املطلب األولّ‪ :‬شروط التوازن بين التقييد التشريعي والتعديل اإلرادي‬
‫إعادة التوازن للعالقة التعاقدية وإن كانت غايتها األساسية تقليص السلطات االستثنائية‬
‫املمنوحة لجهة الدارة في عقودها الدارية‪ ،‬وعلى العكس غيابها يؤدي إلى استخدام الدولة المتيازات‬
‫السلطة العامة‪ ،‬وتختلف قوة هذه الشروط في خلق التوازن للعقد من حيث كونها شروطا تشريعية‬
‫)الفرع ا ّألولّ(‪ ،‬أو شروطا تعاقدية )الفرع الثاني( عند إعمالها أمام هيئة التحكيم‪ّ .‬‬
‫الفرع األو ّل‪ :‬التوازن املقيد بالنصوص التشريعية ّ‬
‫وذلك من خالل شروط الثبات التشريعي‪ ،‬حيث تمنع الدولة من التغيير في القانون الواجب‬
‫التطبيق على املستثمر ملصلحتها بالرادة املنفردة‪ ،‬وبذلك تمنح حماية واسعة للمستثمر حيث تتخلى‬
‫الدولة‪ ،‬من البداية عن ممارسة سيادتها وامتيازات السلطة العامة بالعقد (‪ ،)17‬وهذا ما أكده جانب من‬
‫الفقه الفرنس ي في قضية ‪ ،Texacol Calasiatic‬في حين يذهب جانب آخر أن الدولة ال تتخلى عن سلطتها‬
‫التشريعية ولكنها تلتزم بعدم تطبيق التشريع الجديد على العقد(‪ ،)18‬وقد أقر مجمع القانون الدولي في‬
‫هذه الشروط في دورة انعقاده بمدينة أثينا باليونان عام ‪ 1979‬بمناسبة مناقشة موضوع القانون الواجب‬
‫التطبيق على العقود التي تبرم بين دولة وأحد األشخاص األجنبية من رعايا الدول األخرى في املادة ‪ 3‬من‬
‫القرار الذي اتخذ‪ ،‬أنه يجوز لألطراف االتفاق على أن أحكاما في القانون الداخلي التي يرجعون إليها في‬
‫العقد هي تلك املقصودة في مضمونها لحظة إبرام العقد(‪ ،)19‬كذلك العديد من التشريعات الوطنية‬
‫املقارنة هذا الشرط في إطار الضمانات املمنوحة للمستثمر‪ ،‬وعلى ذلك يصبح شرط التوقيف الزمني قيدا‬
‫على سل طة الدولة التشريعية‪ ،‬بهدف حماية العقد من املتغيرات التشريعية في الدولة التي يتم فيها تنفيذ‬
‫األعمال بل يمكن أن يمتد إلى إعفائه من الخضوع للشروط االستثنائية األخرى غير املألوفة في عقود‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪795‬‬


‫القانون الداخلي عند حدوث تغيير أو تعديل لها (‪ ،)20‬ومن بينها املشرع الجزائري هذا الشرط في املادة ‪22‬‬
‫من القانون رقم ‪ )21( 09 -16‬أنه ال تسرى اآلثار الناجمة عن مراجعة أو إلغاء هذا القانون‪ ،‬التي قد تطرأ‬
‫مستقبال‪ ،‬على االستثمار املنجز في إطار هذا القانون‪ ،‬إال إذا طلب املستثمر ذلك صراحة‪ّ .‬‬
‫وعلى ذلك هذا الشرط بمثابة قيد على حق الدولة في تعديل نصوصها التشريعية للحفاظ على‬
‫التكافؤ االقتصادي في العالقة التعاقدية‪ ،‬حيث يعد بمثابة أداة للتوازن االقتصادي‪ ،‬من خالل إضافة‬
‫التزام أساس ي يحدد مسؤولية الدولة عن تطبيق التشريع الوطني‪ ،‬غير ذلك يعد إخالال بااللتزام ‪.‬فعدم‬
‫املساواة بين األطراف في عقود الدولة‪ ،‬وتمتع أحد األطراف وهو الدولة‪ ،‬بالقدرة على التشريع والتعديل‬
‫تشكل مساسا بالتوازن الذي اتجهت إليه إرادة األطراف عند تكوين العقد(‪ّ .)22‬‬
‫وعلى ذلك هذا الشرط يشكل جزءا من القانون الواجب التطبيق‪ ،‬ويبرز ذاتية عقود الدولة‪ ،‬إال‬
‫أنه ال يعد آلية دائمة لعمال التوازن في العقد‪ ،‬فدوره يتوقف بمجرد قيام الدولة بالتعديل في النصوص‬
‫التشريعية‪ ،‬ما يجعل دوره الوظيفي مؤقت بل يتوقف على إرادة الدولة ذاتها‪ ،‬والتي بدورها قد يؤثر عامل‬
‫الزمن على مصالحها االقتصادية‪ ،‬ما يمنحها الحق في تعديل شروط التنفيذ‪ ،‬وبالتالي تثبيت العالقة‬
‫القانونية قد يكون مصدرا لعدم التوازن‪ ،‬وعلى ذلك يظهر دور الشروط التي يمكن أن نطلق عليها‬
‫الشروط املساندة لشرط الثبات في إعمال التوازن االقتصادي‪ ،‬ومن بينها شروط التعديل التلقائي لبعض‬
‫النصوص التي يتم تحديدها‪ ،‬أو شروط مراجعة العقد‪ ،‬بغرض السماح لألطراف بموائمة العقود املبرمة‬
‫بينهما بما يتماش ى مع التغير في الظروف‪ّ .‬‬
‫وبالتالي فإن فكرة تغير الظروف العامة للعقد قد تمتد إلى شروط الثبات وتسمح بالتعديل‪ ،‬فهذا‬
‫االستقرار املطلق قد يتعارض مع الحق في التوازن االقتصادي لألطراف املتعاقدة‪ ،‬ولكن هذا يرتبط فقط‬
‫بقاعدة تغير الظروف الجوهرية للعقد(‪ ،)23‬أو شرط بقاء الش يء على حاله‪ ،‬وهي أحدى القواعد املقررة في‬
‫القانون الدولي العام‪ ،‬والتي تعني أن استمرار الطرفين في تنفيذ االلتزامات الناشئة عن االتفاق املبرم‬
‫بينهما‪ ،‬رهن ببقاء الظروف الجوهرية التي صاحبت إبرام هذا االتفاق على حالها دون تغيير‪ ،‬ولذلك إذا‬
‫تغيرت الظروف الجوهرية التي أبرم العقد في ظلها‪ ،‬فإن ذلك يؤدي إلى إنهاء االتفاق أو تعديله(‪ّ .)24‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التوازن املؤسس على الطابع اإلرادي ّ‬
‫قد تظهر شروط الثبات التشريعي خارج النصوص التشريعية للدولة‪ ،‬في شكل شروطا تعاقدية‪،‬‬
‫تهدف بالدرجة األولى إلى مواجهة االختالل في التوازن التعاقدي نتيجة لتصرفات الدولة الرادية‪ ،‬وتأتي‬
‫يسريّ على العقد عند املنازعة‪،‬‬ ‫ضمن البنود أو شروط العقد الدولي ذاته‪ ،‬وتنص على أن القانون الذي ّ‬
‫هو القانون بأحكامه وقواعده النافذة فقط وقت البرام‪ ،‬مع استبعاد أي تعديل الحق يطرأ عليها(‪.)25‬حيث‬
‫يظهر الشرط إعماال ملبدأ الحرية في االتفاقيات والعقود أو مبدأ سلطان الرادة‪ ،‬حيث يمتلك سلطة‬
‫التجميد الزمني لقانون العقد إال أن هناك شروطا تعاقدية تعمل أيضا على إرساء التوازن في ظل‬
‫التغيرات املحتملة والتي يمكن وقوعها سواء بشكل متعمد كما هو الحال في شروط التوازن االقتصادي‪،‬‬
‫ّويختلف هذا الشرط في كونه ال يعفي املستثمر األجنبي من االلتزام بأية تشريعات أو إجراءات وطنية الحقة‬

‫‪796‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬


‫لالتفاق بل على العكس من ذلك سيؤكد على ضرورة خضوع هذا املستثمر ملثل هذه التعديالت أو‬
‫الجراءات لضمان احترام سيادة الدولة ملضيفة‪ّ .‬‬
‫وفي هذا نص املشرع الجزائري في املادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 09 - 16‬الخاص بترقية االستثمار ‪:‬‬
‫زيادة على القواعد التي تحكم نزع امللكية‪ ،‬ال يمكن أن تكون االستثمارات املنجزة موضوع استيالء إال في‬
‫الحاالت املنصوص عليها في التشريع املعمول به‪ .‬و أضافت الفقرة الثانية يترتب على االستيالء‪ ،‬ونزع‬
‫امللكية تعويض عادل ومنصف‪ّ .‬‬
‫في املقابل ينص هذا الشرط على التزام الدولة املضيفة بتعويض املستثمر عن الخسائر املالية التي‬
‫أصابته من جراء هذه التعديالت‪ ،‬فقد يكون التعويض كليا ونكون أمام شرط التوازن االقتصادي الكلي‪،‬‬
‫وقد يكون هذا التعويض جزئي وفقا ملا تم عليه في العقد ونكون بصدد شرط التوازن الجزئي (‪ ،)26‬وهنا‬
‫يتركز دور هيئة التحكيم على التعويض‪ّ .‬‬
‫ويمكن أيضا أن يعتبر هذا النص من بين شروط التعديل التلقائي أو بدون شرط إعادة التفاوض‪،‬‬
‫أي أن تتم عملية التعديل من قبل املتعاقدين لشروط العقد األصلي بسبب تغير للظروف‪ ،‬دون تدخل‬
‫األطراف‪ ،‬حيث تقوم على أساس التوقع مسبقا ‪.‬وتوزيع املخاطر املالية بين األطراف‪ ،‬من خالل إقرار‬
‫التعديالت التي يجب إعمالها عند توفر الشرط‪ ،‬وهو األمر الذي يعتبره الفقه بمثابة آليه للتوازن‬
‫االقتصادي ولكن معلقة(‪ّ . )27‬‬
‫حيث تستطيع الدولة أن تقوم بهذه التصرفات تلقائيا ووفقا لآللية التي اتفق عليها املتعاقدين لدى‬
‫إبرامهم للعقد دون الحاجة لكن ملناقشة‪ ،‬ومع ذلك تبقى مسألة التعويض العادل محل تدخل لشرط‬
‫إعادة التفاوض الذي يمكن أن يمتد إليها‪ّ .‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬إعادة التوازن عن طريق التعويض ّ‬
‫ال توجد معايير محددة يمكن للمحكم أخذها بعين االعتبار عند تقدير مبلغ التعويض الذي‬
‫يستحقه املستثمر في حالة إخالله بااللتزامات السابقة حيث ليس هناك ضرورة لثبات الخطأ التعاقدي‪،‬‬
‫كون التعديل أو الجراء الذي تبنته الدولة يتعارض مع مضمون التزاماتها التعاقدية و إن كان يختلف ففي‬
‫حالة وجود شرط الثبات يكون الجراء غير قانوني وموجب للتعويض ‪ .‬ومع ذلك تظهر أثار شرط الثبات‬
‫التشريعي في زيادة مسؤولية الدولة عن التعويض‪ّ .‬‬
‫الفرع األولّ‪ :‬التعويض الكامل (الخسارة الالحقة والكسب الفائت) ّ‬
‫املستثمر في‬
‫ّ‬ ‫إن تقدير قيمة التعويض تزداد بوجود شرط الثبات التشريعي من خالل وضع الطرف‬
‫موقف مالي مماثل للحالة التي توقعها وقت التعاقد‪ ،‬وعادة ما تأخذ غرف التحكيم باملركز املالي للمستثمر‬
‫وقت التعاقد من خالل مراجعة دراسات الجدوى التي أعدها لتعويضه عن أية خسائر قد أصابته نتيجة‬
‫هذا الخالل‪ ،‬وتعد شروط الثبات أحد أسباب التشدد في تحديد قيمة التعويض‪ ،‬حيث قضت هيئة‬
‫التحكيم التابعة للمركز الدولي لتسوية نزاعات االستثمار في عام ‪ 1982‬بحق شركة االستثمار ‪ AGIP‬بمبلغ‬
‫تعويض كامل يشمل الخسارة الالحقة والكسب الفائت نتيجة قيام حكومة الكونغو الثورية بتأميم مشاريع‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪797‬‬


‫النفط القائمة على أراضيها بسبب وجود شروط الثبات التشريعي في عقد االستثمار املوقع بين هذه‬
‫الشركة والحكومة الوطنية السابقة‪.‬‬
‫كما أن قضية ‪ LIMACO‬عام ‪ 1977‬تعد من أهم األحكام التحكيمية التي أبرزت أهمية االلتزام‬
‫بشروط الثبات التشريعي وجعلت لها أثرا كبيرا في الحل النهائي للنزاع‪ ،‬حث جاءت التعويضات بقيمة ‪66‬‬
‫مليون دوالر تشمل كل من الخسارة الالحقة والكسب الفائت الذي أصاب املستثمر‪ ،‬حيث تم منح امتياز‬
‫تنقيب واستخراج النفط للشركة املذكورة بموجب عقد امتياز نصت املادة ‪ 16‬منه على "سوف تتخذ‬
‫الحكومة الليبية كل الجراءات الضرورية بقصد ضمان تمتع الشركة بكل الحقوق التي يخولها لها هذا‬
‫االتفاق‪ ،‬وأن الحقوق التعاقدية املنشأة صراحة بموجب االمتياز الحالي ال يمكن تعديلها بدون موافقة‬
‫األطراف ويتم تفسير هذا االمتياز‪ ،‬وفق لقانون البترول واللوائح النافذة في تاريخ التوقيع على هذا االتفاق‬
‫وكل تعديل أو إلغاء لهذه القوانين واللوائح‪ ،‬ال تؤثر على الحقوق التعاقدية للشركة بدون موافقتها " ومع‬
‫ذلك قامت الحكومة الليبية بتأميم النشاط االستثماري لهذه الشركة‪ ،‬وهنا يظهر بوضوح أن هيئة‬
‫التحكيم خلصت إلى رفض مبدأ التنفيذ العيني من خالل إلغاء تشريعات أو قرارات الدولة‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يجوز رفض مبدأ التنفيذ العيني لقوانين التأميم‪ّ .‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سلطة املحكم في تقدير التعويض ّ‬
‫ومع ذلك نجد أن تطبيق هذا الشرط لدى هيئة التحكيم ال يتم بشكل آلي‪ ،‬بل هناك سلطة‬
‫تقديرية للمحكم في إرساء العدالة بين الطرفين‪ ،‬وتحقيق املصالح حتى في حال وجود هذا النوع من‬
‫الشروط وهذا حين يتعارض مع الغرض الذي وجد من أجله‪ ،‬و هذا يظهر في أحد أحكام التحكيم (‪،.)28‬‬
‫حيث تعد قضية مؤسسة االستثمار البيروفية في مواجهة حكومة بيرو سابقة قضائية هامة في هذا‬
‫املجال‪ ،‬حيث قامت حكومة بيرو بتعديل قيمة ضريبة الدخل املفروضة على شركات االستثمار العاملة‬
‫الرغم من وجود تشريع سابق يثبت هذه القيمة على املشروعات االستثمارية العاملة وقت‬ ‫في أراضيها‪ ،‬على ّ‬
‫نفاذه‪ ،‬دفعت حكومة بيرو بعدم التمييز في تعديل قيمة الضريبة املفروضة‪ ،‬وبحاجة االقتصاد الوطني إلى‬
‫تنمية موارده املحلية (معيار املصلحة االقتصادية العامة)‪ ،‬لم تنكر هيئة التحكيم الدولية هذا الدفع‬
‫وقضت أخيرا بحق شركة االستثمار في التعويض(‪ّ .)29‬‬
‫ومع ذلك تواجه هيئة التحكيم صعوبة تحديد كيفية احتساب الكسب الفائت لهذا املشروع‪،‬‬
‫حيث اختلف الفقه في احتساب هذه الخسارة على أساس الخسارة قريبة املدى‪ ،‬والذي يحتاجه‬
‫املستثمر األجنبي لتأمين بديل استثماري آخر له‪ ،‬أم من خالل احتساب مدة عمل املشروع الكلية‪ ،‬عادة ما‬
‫تأخذ هيئات التحكيم الدولية بالتعويض على أساس احتساب الخسارة قريبة املدى‪ ،‬وقد حاولت بعض‬
‫االتفاقيات الدولية لحماية االستثمار تأسيس قواعد يمكن استناد املحكم إليها عند تقدير التعويض‪ ،‬كما‬
‫هو الحال في اتفاقية االستثمار املشتركة بين األرجنتين والواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬حيث استعملت بعض‬
‫النصوص العامة التي تحمل أكثر من تفسير لتقدير هذا التعويض‪ ،‬وهو ما رفضته هيئة التحكيم التي‬
‫قضت في هذا النزاع بعدم االعتداد بمثل هذه املصطلحات في تقدير التعويض املقرر لشركة ا ّالستثمار‬
‫الناقلة‪ ،‬على أساس أن تفسير هذه املصطلحات قد يقض ي بتعويض الشركة املتضررة عن الخسائر‬
‫‪798‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬
‫الفعلية التي أصابتها نتيجة الجراءات الحكومية التعسفية (الخسارة الالحقة)‪ ،‬دون الكسب الفائت لهذه‬
‫الشركة‪ّ .‬‬
‫وترتيبا على ذلك نجد أن دور املحكم في إعادة التوازن للعقد يؤسس على إرادة الطراف سواء من‬
‫حيث تحديد القانون الواجب التطبيق وهو في العقد املاثل للقانون الوطني‪ ،‬الذي تحاول الدولة من‬
‫خالله مواجهة كل الفروض املحتملة التي تؤدي إلى اختالل العقد ولكن قد يعد القانون الوطني آلية‬
‫ناجعة لعادة التوازن أمام املحكم في حالة األحداث الغير إرادية سواء من الدولة أو املستثمر‪ ،‬أما في‬
‫حاالت االختالل الناجم عن التصرفات الرادية ولكن يكون ذلك من خالل دور الشروط التعاقدية كآلية‬
‫فعلية تحقق جوهر التوازن حيث تزيد من سلطة املحكم وتدعم الدور الوظيفي للتحكيم في ضمان‬
‫التوازن في العالقة التعاقدية بين الدولة واألشخاص األجنبية‪ ،‬والتي تتسم بنوع من الخصوصية شبه‬
‫املعقدة‪ ،‬بدءا من طبيعة العقود املنظمة للعالقة بتعدد أنواعها‪ ،‬ووجود الدولة أو أحد األشخاص‬
‫االعتبارية العامة طرفا في العقد‪ّ .‬‬
‫خاتمة‪ّ :‬‬
‫حاولت الدراسة أن تبرز دور الشروط التعاقدية في تحقيق التوازن االقتصادي في عقود‬
‫االستثمار من خالل تصنيف اآلليات التعاقدية الالزمة لعادة التوازن للعقد‪ ،‬إلى آليات في ظل العوامل‬
‫الغير إرادية حيث يتعرض املتعاقدون إلى خطر مشترك بسبب القوة القاهرة أو الظروف الطارئة وتظهر‬
‫الشروط التعاقدية في هذه املرحلة كمصدر لعادة التوازن و إن كانت ترتبط إلى حد كبير بالقانون الواجب‬
‫التطبيق حيث يظهر دورها كدور مكمل لهذا القانون كما هو الحال في شرط القوة القاهرة‪ ،‬والذي عادة‬
‫ما يرتبط بشرط إعادة التفاوض الذي يظهر دوره في إعادة التوازن بشكل إيجابي إذا جاء خاليا من‬
‫العمومية وعدم التحديد‪ ،‬بل أن هذا الشرط يمكن أن يستخدم كآلية ملواجهة كافة فروض االختالل‬
‫االقتصادي للعقد‪ ،‬كما هو الحال في الفرض الذي تقوم به الدولة باتخاذ إجراءات أو تصرفات إرادية ضد‬
‫املستثمر‪ ،‬الذي عادة ما يحاول حماية التوازن االقتصادي خالل هذه املرحلة من خالل شروط الثبات‬
‫التشريعي والتي يقابلها أيضا شروط التوازن االقتصادي أو التعديل التلقائي‪ّ .‬‬
‫فالشروط التعاقدية تسمح بتعديل العقد حال وقوع أحداث وظروف من شأنها أن تخل بالتوازن‪،‬‬
‫حيث تعجز النصوص القانونية الواجبة التطبيق من إعادة هذا التوازن‪ ،‬بل أن هذه الشروط تم إعمالها‬
‫كنصوص تشريعية حيث تحولت املمارسة التعاقدية إلى نصوص تشريعية‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫الهوامش‪ّ :‬‬
‫(‪ )1‬غسان علي‪ ،‬االستثمارات األجنبية ودور التحكيم في تسوية املنازعات التي تثور بصددها‪ ،‬رسالة دكتو ّراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عين‬
‫شمس‪ ،‬القاهرة‪ 2006 ،‬ص ‪ّ . 172‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ 1988 ،‬ص ‪ّ . 878‬‬
‫(‪ )3‬قانون رقم ‪ 01 - 13‬مؤرخ في ‪ 19‬ربيع الثاني عام ‪ 1434‬املوافق ‪ 20‬فبراير سنة ‪ ،2013‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪ 07 –ّ05‬املؤرخ في ‪19‬‬
‫ربيع األول عام ‪ 1426‬املوافق ‪ 28‬أبريل سنة ‪ 2005‬واملتعلق باملحروقات‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الحزائرية‪ ،‬العدد ‪ 24. 11‬فبراير ‪ّ .2013‬‬

‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪799‬‬


‫(‪ )4‬عالء التميمي عبده‪ ،‬دور التحكيم في معالجة اختالل التوازن االقتصادي لعقود االستثمار‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬كلية‬
‫القانون جامعة المارات‪ ،‬العدد الثالث والستون‪ ،‬السنة التاسعة والعشرون‪ ،‬ص ‪ّ .410‬‬
‫(‪ )5‬رشا علي الدين‪ ،‬سلطة املحكم في إعادة التوازن املالي للعقد " دراسة في ظل األزمة املالية الراهنة "‪ ،‬بحث مقدم‪ ،‬املؤتمر العلمي السنوي‬
‫الثالث‪ ،‬الجوانب القانونية واالقتصادية لألزمة املالية العاملية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة املنصورة‪ 2009 ،‬ص ‪ّ . 10‬‬
‫)‪(6‬‬
‫‪W. MELIS, Force Majeure and Hardship Clauses in International Commercial Contracts in View of the Practice‬‬
‫‪of the ICC Court of Arbitration, See at, ttp://www1.fidic.org/resources/contracts/melis.pdf, 22-12-2008.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫عالء التميمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ّ . 410‬‬
‫(‪)8‬‬
‫حفيظة السيد الحداد‪ ،‬العقود املبرمة بين الدول واألشخاص األجانب‪ ،‬دار املطب ّوعات الجامعية‪ ،‬السكندرية‪ 2007 ،‬ص ‪ 100‬وما بعدها‪ّ .‬‬
‫(‪)9‬‬
‫جمال محمد خطاب‪ ،‬النظام القانوني الدولي ملنظمة الدول املصدرة للبترول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ 2014 ،‬ص ‪ّ . 143‬‬
‫)‪(10‬‬
‫‪OPPETT, L 'adaption des contrats internationaux aux changements de circonstances : la chausse de hardship,‬‬
‫‪journal de droit international , 1974 , 799.‬‬
‫)‪(11‬‬
‫‪OPPETT, OP .CIT. , P 797.‬‬
‫(‪ )12‬العقود الحكومية‪ ،‬مؤتمر األمم املتحدة للتجارة والتنمية‪ ،‬سلسلة دراسات األونكتاد‪ ،‬بشأن قضايا اتفاقات االستثمار الدولية‪ ،‬األمم‬
‫املتحدة نيويورك وجنييف ‪ 2004‬ص ‪. 19‬‬
‫(‪ )13‬محمد نور شحاتة‪ ،‬النشأة االتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين‪ ،‬نطاقها ومضمونها‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ 1993 ،‬ص ‪ّ . 412‬‬
‫(‪ )14‬عصام الدين القصبي‪ ،‬التحكيم الدولي والحفاظ على التوازن االقتصادي لعقود االستثمار‪ ،‬املؤتمر السنوي السادس عشر ( التحكيم‬
‫التجاري الد ّولي ) جامعة المارات ص ‪ّ . 197‬‬
‫)‪(15‬‬
‫‪Klaus Peter Berger, Renegotiation and Adaptation of International Investment Contracts: The Role of Contract‬‬
‫‪Drafters and Arbitrators, vanderbil journal transnational law, Vol. 36:1347, 2003, p 1368.‬‬
‫(‪ )16‬حفيظة السيد الحداد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ّ . 320‬‬
‫(‪ )17‬محمد عبد املجيد اسماعيل‪ ،‬عقود األشغال الدولية والتحكيم فيها‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان ‪ 2003‬ص ‪ّ .104‬‬
‫(‪ )18‬حفيظة السيد الحداد املرجع السابق ‪ّ . 331‬‬
‫(‪ )19‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،،‬املرجع السابق ص ‪ّ . 669‬‬
‫(‪ )20‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬شروط توقيف القانون في عقود االستثمار والتجارة الدولية‪ ،‬مدونة أبحاث في القانون الدولي الخاص‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص ‪ّ . 660‬‬
‫(‪ )21‬قانون رقم ‪ 09 –ّ 16‬مؤرخ في ‪ 29‬شوال عام ‪ 1437‬ه‪ ،‬املوافق ‪ 3‬غشت سنة ‪ 2016‬م‪ ،‬يتعلق بترقية االستثمار‪ ،‬الجريدة ّ‬
‫الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ 3 46‬غشت سنة ‪ 2016‬م‪ّ .‬‬
‫(‪ - )22‬جمال محمد خطاب‪ ،‬املرجع السابق ‪ 2014‬ص ‪ 252‬وما بعدها‪ّ .‬‬
‫(‪ )23‬أحمد عبد الحميد عشرش‪ ،‬عمر أبو بكر باخشب‪ ،‬النظام القانوني لإلتفاقيات البترولية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬السكندرية‪1990 ،‬‬
‫ص ‪ّ .232‬‬
‫(‪ )24‬أحمد عبد الحميد عش ّرش‪ ،‬املرجع السابق ‪ّ . 233‬‬
‫(‪ )25‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬املرجع السابق‪ّ . 665 ،‬‬
‫)‪(26‬‬
‫‪Mentioned in: Al Faruque, A., Typologies, Efficacy and Political Economy of Stabilisation Clauses: A Typical‬‬
‫‪Appraisal, Vol 5 Issue 1 OGEL (November 2007. www.gasandoil.com/ogel‬‬
‫)‪(27‬‬
‫‪OPPETT, Op. Cit, P.797.‬‬
‫)‪(28‬‬
‫‪P. Cameron, Stability of Contract in the International Energy Industry (2009) 27/ 3 Journal of Energy & Natural‬‬
‫‪Resources Law 305.‬‬
‫)‪(29‬‬
‫‪ICSID Case No. ARB/03/28 ( 2008 ).‬‬

‫‪800‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪17‬‬


2018 17 801

You might also like