Professional Documents
Culture Documents
فعالية الشروط التعاقدية في تحقيق التوازن الإقتصادي في عقود الاستثمار الدولية
فعالية الشروط التعاقدية في تحقيق التوازن الإقتصادي في عقود الاستثمار الدولية
*******
ملخّصّ :
بالرغم من أنّ القان ّون الواجب التطبيق على عقد االستثمار الدولي هو التشريع الوطني للدّولةّ ،
إال
أنّ الشّروط التعاقدية تعدّ أهم اآلليات الالزمة للحفاظ على التوازن االقتصادي واملالي للعقد في ظلّ
تؤثر على هذا املتغيرات االقتصادية التي قد تطرأ عليه قبل االنتهاء من التنفيذ ،فهناك ظروف قد ّ
التوازن وتهدد استقرار العقد ،وال تستطيع النصوص التشريعية مواجهتها إال من خالل الشّروط التعاقدية
التي تقوم بدور مكمّل لهذه النصوص بهدف إعادة التوازن للعقد سواء في مرحلة األحداث غير ا ّلرادية
(املبحث األولّ( أو في حالة التصرفات االنفرادية للدولة )املبحث الثاني(.
الكلمات املفتاحية :عقد االستثمار ،الشروط التعاقدية ،التوازن االقتصادي ،االستقرار
التشريعي ،تغير الظروفّ .
Abstract:
Although the law applicable to the international investment contract is the
national legislation of the State, contractual conditions are the most important
mechanisms necessary to protect the economic and financial balance of the
contract under the circumstances that may affect the contract while being
executed, such as events that may affect and threaten the balance and stability of
the contract. Legislation texts cannot provide solutions, but only by referring to
contractual terms which supplement and support the legislation in view of
rebalancing the contract either in involuntary circumstances ( section I ) or in the
case of unilateral acts of the State (section II).
Key wards :investment contract, contractual conditions, Economic balance,
legislative stability, changing circumstances.
مقدمةّ :
تعتبر عقود االستثمار وسيلة قانونية لتنفيذ الدولة لخططها التنموية واالقتصادية ،وإقامة
مشاريع البنية األساسية باختالف أنواعها و التي تشكل جوهر التنمية ،وتمتاز هذه العقود بالزمنية في
تنفيذ االلتزامات الناشئة عنها ،فعادة ما تستغرق العالقة التعاقدية بين الدولة واملستثمر األجنبي فترة
طويلة ،وتتسم هذه العقود بعدم التكافؤ بين األطراف املتعاقدة ،حيث تتميز الدولة بسلطاتها االستثنائية
املمنوحة لها بموجب القانون ،يقابلها القوة االقتصادية للمستثمر ومحاولته لتحجيم هذه السلطة في
العقود املبرمة معها ،وبالتالي ظهرت وسائل تشريعية وتعاقدية تهدف ليجاد نوع من التوازن االقتصادي
788 2018 17
واملالي بين الطرفين ،حيث أقرت للمستثمر بحقه في اللجوء للتحكيم ـ في مقابل خضوعه للتشريع الوطني
الذي يمثل في ذاته جوهر هذه الضمانات ،ومع ذلك فالتغييرات في الظروف االقتصادية والسياسية
املصاحبة لعقود االستثمار ،ظلت تطرح صعوبات وإشكاالت قانونية ،تهدد تنفيذ العقد .وهو ما أدى إلى
التركيز الدائم على فكرة التوازن االقتصادي واملالي بين حقوق والتزامات األطراف عند تكوين العقد
بطريقة متوازنة ،حيث تتجه إرادة األطراف منذ مرحلة البرام إلى إيجاد آليات تعاقدية ،إلى جانب
النصوص التشريعية التي يمكن أن تتأثر هي ذاتها بالطبيعة الزمنية التي تتسم بها هذه العقود وقد تجعلها
عرضة لبعض املتغيرات االقتصادية التي قد تطرأ قبل االنتهاء من التنفيذ ،وهو ما قد يقلل من فعاليتها في
بعض الفروض ،األمر الذي يزيد من أهمية الشروط التعاقدية كآلية مساعدة وأحيانا بديلة للنصوص
التشريعية ،لعادة التوازن االقتصادي واملالي للعقد ،بهدف إعادة الثقة املشروعة بين الدولة ّواملستثمر .
حيث تمكنها من مواجهة الفروض املحتملة والتي تهدد التنفيذ ،خاصة في حالة القوة القاهرة
والظروف الطارئة وفي حالة قيام الدولة بإجراءات انفرادية من شأنها التأثير على توازن العقد .وهو ما
يطرح تساؤال حول فعالية هذه الشروط التعاقدية التي اتجهت إليها إرادة األطراف وطبيعة دورها في
تحقيق التوازن االقتصادي واملالي أمام هيئة التحكيم؟ ّ
والجابة تتطلب التفرقة بين فرضيات اختالل التوازن في العالقة بين الدولة واملستثمر ،الفرض
األول حين يكون االختالل نتيجة أحداث غير إرادية ،ال دخل لرادة الدولة أو املستثمر فيها وتتجلى
بوضوح في حاالت القوة القاهرة والظروف الطارئة (املبحث األو ّل) أما الفرض الثاني وهو األكثر صعوبة،
عندما يكون التغيير املؤدي إلى اختالل املراكز القانونية ،مرجعه تصرفات إرادية للدولة (املبحث الثاني).
من خالل هذين الفرضين يمكن قياس فعالية هده الشروط ،وتحديد قدرتها على إعادة التوازن
االقتصادي للعالقة التعاقدية ،من خالل تكييفها مع املستجدات عند التطبيق ومراعاة طبيعة هذه
العقود لتعلقها باملصالح االقتصادية والتنموية للدولةّ .
املبحث األولّ ّ
شروط إعادة التوازن في ظل العوامل الغير إرادية ّ
قد يواجه األطراف أخطر حاالت عدم التوازن للعقد ،بسبب األحداث الغير إرادية ،والتي غالبا ما
تتركز حول القوة القاهرة ،والظروف الطارئة ،فقد تقع أحداث غير متوقعة تمنع استمرارية تنفيذ العقد
وتؤدي إلى االختالل في األداء املقابلّ ،وتعرض العقد لإللغاء من أحد الطرفين ،في هذا الفرض تظهر أهمية
الشروط التعاقدية التي يدرجها األطراف في عقد االستثمار ،وتحدد الحاالت التي يمكن بمقتضاها وضع
ضوابط لألحداث الغير متوقعة ،وتحديد اآلثار املترتبة عليها ،األمر الذي يخفف من حدة الخالف حول
تفسير القانون الواجب التطبيق ،ويقيد سلطة املحكم في التفسير ،وهو ما يشكل استقرار للعالقة
التعاقدية ،وال يخرج الدور الوظيفي لهذه الشروط في هذا الفرض عن دور تكميلي أو مساعد للتشريع
الوطني الواجب التطبيق ،باعتباره األساس لعادة التوازن )املطلب األولّ( ،وقد تكون هي ذاتها أساسية
تتدارك الخطر الذي يواجه تنفيذ العقد كما هو في إعمال شرط إعادة التفاوض )املطلب الثاني) ّ .