Professional Documents
Culture Documents
القواعد انلأصولية انتساب
القواعد انلأصولية انتساب
إعداد
د .إميان قبوس
بسم اهلل الرمحن الرحيم
احلمد هلل وكفي ،والصالة والسالم على النيب اجملتىب
القواعد ألصولية :
-1أنه ال ميكن اخلوض يف علم إال بعد تصوره ،والتصور يستفاد من التعريف.
القواعد :
لغة :األساس ومجعها قواعد ،فهي أسس الشيء وأصوله الذي يبىن عليه ذلك الشيء سواء كان
ذلك البناء حسي كقواعد الدار أو معنوي كقواعد الدين .
أصول :
األصول مجع أصل ،وهو يف اللغة ما ينبين عليه غريه سواء كان البناء حسي أو معنوي ،فاألول
كإطالقهم األصل على أساس الدار والشجرة ،والثاين :كقوهلم احلقيقة أصل اجملاز.
أما في االصطالح فأصول الفقه باعتباره لقب وعلم ،يعرف بتعريفني:
معرفة أدلة الفقه اإلمجالية ،وكيفية استفادة األحكام منها ،وحال املستفيد.
العلم بالقواعد اليت يتوصل هبا إ ىل استنباط األحكام الشرعية العملية من أدلتها .
األصولي يبحث في األدلة اإلجمالية ،والفقيه يبحث في األدلة التفصيلية ،فما الفرق بينهما؟
معنى اإلجمال لغة :يطلق على ثالث معاني :
أما معنى التفصيل :فهو البيان ،كما يف قوله تعاىل :وكذلك نفصل اآليات يعين نبينها ،فهذه
األدلة تبني أحكام املسائل اليت تتضمنها .فقوله تعاىل :أقيموا الصالة دليل تفصيلي على وجوب
الصالة .وهذا حبث الفقيه .
تعريف القواعد األصولية باعتباره علًم ا ولقًبا :قضية كلية تنطبق على جميع جزئياتها.
تعريف القاعدة الفقهية :هي قضية كلية تنطبق على أكثر جزئياهتا .
الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة األصولية :
كانوا يستنبطون األحكام من الكتاب والسنة وهذان املصدران العمدة يف التشريع ،والقرآن
نزل باللغة العربية والسنة كذلك ،والصحابة عرب لذلك كان لديهم القدرة على
االستنباط ،أضف إىل ذلك مصاحبتهم للنيب صلى اهلل عليه وسلم ففهموا وعقلوا املقاصد
الشرعية ،فلم يدونوا لقواعد األصولية .
فكانوا كذلك يستنبطون األحكام من الكتاب والسنة ومل يكونوا حباجة إىل التدوين ؛وذلك
لقرهبم من عهد الصحابة ،ولتمكنهم من اللغة العربية ومعرفتهم لناسخ واملنسوخ ..ومل تكن
الوقائع كثرية .
-4بعد انقضاء عهد الصحابة واتساع رقعة الدولة اإلسالمية خصوصًا يف عصر الدولة العباسية
اختلطت األمة العربية بغري العرب (العجم) فأدى ذلك لضعف اللسان العريب ،إضافة إىل بعد
العهد برواة األحاديث ،وكثرة اخلالف بني اجملتهدين وتنوع طرق استنباطهم واجتهادهم من
ذلك ظهور مدرسيت احلديث والرأي ،فسلك كل جمتهد طريقة الجتهاده ،يف ذلك الوقت
بعث عبد الرمحن بن مهدي إىل اإلمام الشافعي يطلب منه أن يكتب له قواعد يستفيد منها يف
االستنباط فكتب له رسالة تكلم فيها عن القرآن والسنة والناسخ واملنسوخ واالحتجاج خبرب
الواحد وحجية اإلمجاع والقياس واالستحسان وغري ذلك من املوضوعات األصولية .
-5بعد اإلمام الشافعي اختلف العلماء يف طريقة التأليف ألصول الفقه وظهرت عدة طرق أوهلا
طريقة اجلمهور وتسمى كذلك طريقة املتكلمني وطريقة الشافعية ،واألصح هو املسمى األول
؛ وذلك ألن ممن كتب على هذه الطريقة ُينابذ علم الكالم كاإلمام السمعاين – رمحه اهلل،-
كما أن علماء املالكية واحلنابلة كتبوا على هذه الطريقة ،فتخصيص هذه الطريقة بالشافعية
ليس باألمر الدقيق ،وإن كانوا هم أول من كتب يف هذه الطريقة .
اهتمامهم بتحقيق املسائل األصولية وما فيها من اخلالف أكثروا من األدلة العقلية ومن املسائل الكالمية ،
ومل يتطرقوا إىل الفروع الفقهية إال مبا خيدم القاعدة األصولية .ونلخص ما متيزت به طريقة اجلمهور :
)1االهتمام بتحرير القاعدة األصولية .
)2إقامة األدلة والرباهني على صحة هذه القاعدة .
)3اإلكثار من ذكر األدلة العقلية.
)4دفع االعرتاضات اليت قد ترد على القاعدة .
)5عدم النظر إىل الفروع الفقهية إال بقدر ما خيدم القاعدة األصولية .
وهو العلم الذي يبني اخلالف واألثر الفقهي الستنباط األحكام بناء على تقرر يف اخلالف من القاعدة
األصولية .
)1تأسيس النظر للقاضي أيب زيد الدبوسي ،ت(430هـ) مجع فيه ()86أصل ،وهو أول كتاب
تناول القواعد األصولية ( .حنفي ).
)2ختريج الفروع على األصول لشهاب الدين حممود بن أمحد الزجناين املقتول على يد التتار ،قسم
هذا الكتاب على ألبواب الفقهية ) ،ت(656هـ) (.شافعي ).
)3كتاب مفتاح الوصول إىل بناء الفروع على األصول للتلمساين الشريف ،ت(771هـ) (.مالكي ).
)4كتاب التمهيد يف ختريج الفروع على األصول لإلمام مجال الدين األسنوي ،ت(772هـ).
(شافعي ).
)5القواعد والفوائد األصولية أليب احلسن عال الدين علي البعلي احلنبلي املشهور بابن اللحام ،ت(
803هـ).
وهو العلم الذي يعتين بيان املصاحل واحلكم والغايات اليت راعاها الشرع عند التشريع لتحقيق مصاحل العباد
.
قاعدة :ال تكليف على الصبي والمحنون والناسي والغافل والنائم والمغمى عليه
التكليف لغة :طلب ما فيه كلفة ومشقة .
اصطالًح ا :اخلطاب بأمر أو هني .
شروط التكليف :للتكليف شروط بعضها يرجع إىل املكلف وبعضها يرجع إىل الفعل املكلف به .
أما شروط املكلف :
-1أن يكون عاقًال.
-2أن يكون بالًغا.
-3أن يفهم اخلطاب
فخرج بشرط العقل :اجملنون وإن كان بالًغا ،فإنه ال ميكن تكليفه .
وخرج بشرط البلوغ :الصيب ،وإن كان عاقٌال ،فإنه ال ميكن تكليفه .
وخرج بشرط الفهم :النائم والغافل والساهي ،فإنه ال ميكن تكليف هؤالء لعدم الفهم وهي
يف حالتهم تلك.
مسألة تكليف الصبي غير المميز
هو :الذي ال مييز وال يفرق بني األشياء ،فال مييز الطيب من اخلبيث ،واجليد من السيء ،وهو ما دون
سبع سنوات .
فهذا ال تكليف عليه ؛ لعدم فهمه اخلطاب الوارد من الشارع ،ولعدم صحة النية والقصد منه.
مسألة تكليف الصبي المميز
هو :الذي مُي يز األشياء ،فيميز اجليد من السيء ،والطيب من اخلبيث ،وهو من جتازو سن السابعة من
عمره .
واختلف العلماء يف تكليفه على ثالثة أقوال:
-1اجلمهور :الصيب املميز غري مكلف ؛ ألنه وإن كان مميز لألشياء ويفهم اخلطاب إال أن
الشارع وضع عنه التكليف ؛ ألن العقل والفهم يتزايد تزايًد ا غري واضح ،فال ميكن الوقوف
على أول وقت فهم اخلطاب ؛ لذلك جعل الشارع له عالمة وهو البلوغ.
-2رواية عن اإلمام أمحد :الصيب املميز مكلف ؛ ألنه مييز احلقائق ويفهم اخلطاب ،فقد توفر فيه
الشروط اليت تشرتط يف البالغ – وهي العقل والفهم – فهو إذًا مكلف .
-3رواية عن اإلمام أمحد وابن سريج من الشافعية :التفريق بني الصيب املميز البالغ عشر سنني
وبني الصيب املميز أقل من عشر سنني ،فالبالغ عشر سنني يكلف بالصالة ،أما من هو أقل
فال يكلف .
وأجاب اجلمهور على القول الثالث :بأن األمر بالصالة لسبع والضرب عليها لعشر ،ليس من جهة
الشارع وإمنا من جهة الويل ،فاخلطاب كان موجه لألولياء ال للصبيان ،مث األمر والضرب هنا
للتأديب .
من الفروع فقهية للقاعدة :
إذا خلت املميزة مباء يسري يف طهارهتا ،وقلنا ال جيوز للرجل التطهر مبا خلت به املرأة بناء على املذهب
احلنبلي ،فهل جيوز للرجل التطهر مبا خلت به املميزة ؟
-إذا قلنا أن املميزة مكلفة ،فال جيوز للرجل التطهر هبذا املاء.
إذا قلنا أن املميزة ليست مكلفة ،فيجوز للرجل التطهر هبذا املاء. -
مسألة :تكليف الناسي والغافل والنائم والمغمى عليه
اختلف يف ذلك على مذهبني:
-1أن الناسي والغافل والنائم واملغمى عليه غري مكلفني حالة النسيان والغفلة والنوم واإلغماء ،
ذهب إىل ذلك مجهور العلماء.
وهو الصحيح ؛ ألن هؤالء يف تلك احلالة فقدوا شرط فهم اخلطاب .
-2أن الناسي والغافل والنائم واملغمى عليه مكلفون ،ذهب إىل ذلك بعض احلنفية .
واستدلوا على تكليفهم :بأن هؤالء لو أتلفوا شيًئا وهم يف تلك احلالة لوجب ضمان املتلف ،
والوجوب من األحكام التكليفية ،فلو مل يكونوا مكلفني ملا وجب عليهم شيء.
من الفروع الفقهية:
إذا متضمض فسبق املاء إىل حلقه من غري قصد وهو ذاكر للصوم : -1
-صومه صحيح وال قضاء عليه عند الشافعية واحلنابلة .
-جيب عليه القضاء عند احلنفية .
-املالكية :يقضي يف الفرض والواجب وال قضاء عليه يف التطوع .
احملرم إذا تطيب أو ليس ناسًيا : -2
-ال تلزمه الفدية عند الشافعية واملالكية.
-تلزمه الفدية عند احلنفية واحلنابلة.
مسألة تكليف المكره
املكره على قسمني:
-1املكره الـُم لَج أ ،وهو :من محل على أمر يكرهه وال يرضاه ،وال يتعلق به قدرته واختياره .
كمن ألقي من شاهق على مسلم فقتله ،أو ُألقي على مال فأتلفه ،فهذا غري مكلف اتفاًقا ؛ ألنه
مسلوب القدرة غري خمتار كاآللة .
-2املكره غري الـُم لجأ ،وهو :من مُح ل على أمر يكرهه وال يرضاه ،ولكن تتعلق به قدرته
واختياره وإرادته ،كمن قيل له :اقتل أخاك املسلم وإال قتلناك ،أو اقطع يد أخاك وإال
قطعناك.
فهذا اختلف فيه األصوليون:
-أنه مكلف ،وذهب إىل ذلك مجهور العلماء .
وهو الصحيح ؛ ألن شروط التكليف قد توفرت فيه ،فما املانع من تكليفه ؟
-أن املكره غري امللجأ غري مكلف ،ذهب إىل ذلك املعتزلة وبعض الشافعية واحلنابلة .
من الفروع الفقهية:
-1إذا أكره احلاج على الوطء قبل التحلل األول فهل يفسد حجه؟
-يفسد حجه ؛ ألن املكره مكلف.
-ال يفسد حجه ؛ ألن املكره غري مكلف.
-2إذا اكره على طالق زوجته ،فهل يقع الطالق ؟
-يقع الطالق ؛ ألن املكره مكلف .
-ال يقع الطالق ؛ ألن املكره غري مكلف.
-3املكره إذا قتل من يرث منه ،هل مينع ذلك من املرياث ؟
-مينع من املرياث ؛ وهو الصحيح ؛ ألنه مكلف قادر على االمتناع .
-ال مينع من املرياث ،بل يرث ؛ ألن املكره غري مكلف .
القاعدة :القراءة الشاذة
يشرتط يف القرآن ثالثة شروط:
-1موافقة العربية ولو بوجه.
-2موافقة أحد املصاحف العثمانية.
-3صحة سندها.
ويف ذلك يقول اجلزري يف " طيبة النشر"
وكاَن الرسِم احتماًال حيوي َفُك ما وافَق وجه حنِو
ُل
فهذه الثالث ـ ـ ـةُ األركـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاُن وصَّح إسنادًا هو القرآن
شذوده لو أنه يف السبعِة وحيثما خيتُل ركَّن أثبت
من أمثلة القراءة الشاذة:
قراءة عائشة وحفصة –رضي اهلل عنها : -حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى صالة -1
العصر
-2قراءة ابن عباس ال جناح عليكم أن تبتغوا فضًال من ربكم يف مواسم احلج
-3قراءة ابن مسعود السارق والسارقة فاقطعوا أمياهنما
-4قراءة ُأيب بن كعب الذين يؤلون ممن نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فيهن فإن اهلل
غفور رحيم
-5قراءة ُأيب بن كعب فعدة من أيام آخر متتابعات
أقوال األصوليني يف املسألة :
املذهب األول :حجة ،وهو مذهب احلنفية واحلنابلة والتحقيق من مذهب الشافعي .
ودليلهم يف ذلك :املنقول ال خيرج من حالني:
أما أن يكون قرآًنا ،أو يكون خًربا عن النيب
وعلى كل التقديرين جيب العمل به ،وكل ما وجب العمل به فهو حجة .
املذهب الثاين :ليس حجة ،وهو مذهب املالكية والشافعية
ودليلهم يف ذلك :أن املنقول ال خيلوا من حالني:
احلالة األوىل :أما أن ينقلها على أهنا قرآن ،وبالتايل فهو نقل خطأ ،نظًر ا لوروده عن الواحد فال حيتج
به ؛ ألن القرآن متواتر.
احلالة الثانية :نقلها على أهنا ليست بقرآن ففيه احتمالني:
االحتمال األول :أنه أورده يف معرض البيان فهو مذهًبا له ،فال يكون حجة على غريه.
االحتمال الثاين :أن يكون أورد املنقول استناًد ا إىل خرب قد مسعه إىل النيب ، ولكن هذا احتمال ،وإذا
تطرق االحتمال إىل الدليل بطل االستدالل به .
من التطبيقات الفقهية على القاعدة األصولية:
هل يشرتط التتابع يف الصيام يف كفارة اليمني -1
-الذين قالوا القراءة الشاذة حجة قالوا :جيب التتابع يف الصيام .
-الذين قالوا القراءة الشاذة ليست حجة مل يوجبوا التتابع يف الصيام.
هل النفقة جتب على كل ذي رحم حمرم :اختلف الفقهاء على قولني: -2
-الذين قالوا القراءة الشاذة حجة ،قالوا :جتب النفقة لكل ذي رحم حمرم لقراءة ابن مسعود:
وعلى الوارث ذي الرحم احملرم مثل ذلك
-الذين قالوا القراءة الشاذة ليست حجة قالوا :ال جتب النفقة إال على الوالدين واملولودين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاعدة :األمر المطلق يفيد الوجوب
اختلف علماء األصول يف صيغة ( افعل ) إذا جتردت عن القرائن ماذا تقتضي حقيقة على مذاهب كثرية ،من أمهها:
-1أهنا حقيقة يف الوجوب ،جماًز ا يف غريه ،وهو قول أكثر العلماء .
-2أهنا حقيقة يف الندب ،وجماًز ا يف غريه ،وهو مذهب بعض الشافعية وكثري من املعتزلة .
-3أهنا تقتضي اإلباحة ،وال حتمل على غريها من الوجوب والندب إال بقرينة ،وهو مذهب بعض
الشافعية .
-4التوقف يف معىن صيغة ( افعل ) حىت يرد دليل أو قرينة تدل على املعىن املراد ،وهو مذهب كثري من
األشاعرة.
من الفروع الفقهية على القاعدة :
اختالفهم يف اإلشهاد على املراجعة هل هو واجب أم ال ؟
لقوله تعاىل :فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن مبعروف أو فارقهن مبعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم
-فأصحاب املذهب األول يقولون :إن األمر املطلق يف قوله تعاىل :وأشهدوا للوجوب ،فيجب
اإلشهاد على املراجعة وإن تركه فهو آمث .
-أما أصحاب املذهب الثاين القائلني :إن األمر املطلق للندب فقالوا :األمر يف قوله وأشهدوا
للندب ،فاإلشهاد مندوب إليه ،فإن تركه فال إمث عليه ،فاآلمر املطلق يف اآلية للندب.
-أما أصحاب املذهب الثالث القائلني بأن األمر املطلق لإلباحة فقالوا :األمر يف قوله وأشهدوا
لإلباحة ،فإن تركه أو فعله فال إمث عليه وال أجر له .
----------------------------------------------------------------
قاعدة :األمر بعد الحظر
صورة القاعدة :أن يأيت أمر بعد حظر – أي بعد هني – سابق له .
مثاله :قوله تعاىل :وإذا حللتم فاصطادوا ، األمر فاصطادوا جاء بعد حظر الصيد وحترميه على احملرم.
اختلف األصوليون على أقوال كثرية يف املسألة منها:
-1أن األمر بعد احلظر يقتضي اإلباحة .
-2أن األمر بعد احلظر يقتضي االستحباب.
-3أن األمر بعد احلظر يقتضي الوجوب كما لو مل يتقدمه حظر.
-4األمر بعد احلظر حكمه حكم ما كان قبل احلظر ،فإن كان األمر قبـل احلظـر لإلباحـة فهـو بعـد
احلظــر لإلباحــة ،وإن كــان واجًب ا فهــو بعــد احلظــر واجًب ا ،وإن كــان مســتحًبا فهــو بعــد احلظــر
مستحًبا.
-5األمــر إن كــان بعــد احلظــر أمــر صــريح بلفظــه ،كمــا لــو قــال :أمــرتكم بالصــيد إذا حللتم ،أو
أوجبت عليكم الصيد إذا حللتم ،ففي هذه احلالة يقتضي الوجوب .
أما إذا كان األمر بصيغة " افعل " فإنه يقتضي اإلباحة .
من الفروع الفقهية:
-1حكم زيارة القبور للرجال
اختلف يف ذلك على قولني:
الق ـ ــول األول :أن زي ـ ــارة القب ـ ــور مباحـ ــة ؛ ألن الرس ـ ــول ق ـ ــال " :كنتم هنيتكم عن زيـ ــارة القبـ ــور أال
فزوروها " وهو أمر بعد النهي ،واألمر بعد النهي لإلباحة .
القول الثاين :أن زيارة القبور مندوب إليها ؛ ألن األمــر بزيارهتا ،وإن كــان بعــد هني ،لكن الرســول
علله بأنه " يذكر املوت واآلخرة " ،وذلك مطلوب شرًعا.
-2حكم النظر إىل املخطوبة
اختلف يف ذلك على قولني :
القول األول:إن النظر إليها مباح ؛ ألنـه أمـر بعـد هني ؛ حيث هني عن النظـر إىل املرأة األجنبيـة ،مث أمـر
بالنظر إليها يف قوله " : اذهب فانظر إليها " .
القول الثاين :أن النظر إليها مندوب إليه ؛ ألن األمر وإن كـان أمـًر ا بعـد هني لكنـه معلـل بعلـة تـدل على
أنه أريد باألمر الندب ،وهي :قوله " :فإنه أجدر أن يؤدم بينكما " .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاعدة( :األمر المطلق هل يقتضي التكرار؟ )
التكرار :تأيت بالفتح والكسر ،وال يقصد به إعادة الفعل ،وإمنا يقصدون به استيعاب مجيع الزمان بالفعل
.
قوله تعاىل ":وأتوا الزكاة " هذا األمر مطلق ،ولكن جاءت قرينة دالة على التكرار وهي فعل النيب صلى
اهلل عليه وسلم فإنه كان خيرجها كل سنة .
احلج ،قال " :يا أيها الناس إن اهلل كتب عليكم احلج فحجوا " وهو مطلق ،والقرائن " :لو قلت نعم
لوجبت "...أو كما قال ،و" احلج مرة واحدة " .
القول األول :أن األمر املطلق ال يقتضي التكرار وإمنا يقتضي املرة الواحدة ،واستدلوا على ذلك بعدة
أدلة منها :
-1أن األمر يدل على جمرد الطلب (طلب إيقاع الفعل ) وهذا حيصل باملرة الواحدة وما زاد على
ذلك فهو قول من غري دليل وهو حتكم .
القول الثاني :أن األمر املطلق يقتضي التكرار واستدلوا بأدلة من أشهرها :
-1قياس األمر على النهي ،فإن ترك املنهي عنه يكون مستدمي فكذلك األمر يكون مثله.
القول الثالث :قول إمام احلرمني يف الربهان والرازي وابن احلاجب :
أن األمر املطلق ال يقتضي التكرار وال املرة الواحدة وإمنا يدل على جمرد إيقاع الفعل ،ولكن ألن من
ضروريات إيقاع الفعل املرة الواحدة فكان يلزم املرة الواحدة (فاملرة لواحدة الزمة ).
من األمثلة على القاعدة :
)1قوله تعاىل ":يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إىل الصالة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم "هذا األمر مطلق
فهل يقتضي املرة الواحدة أم التكرار ؟
القول األول :قالوا جيب الوضوء عند القيام لكل صالة ؛وهذا ألهنم يقولون أن األمر املطلق
يقتضي التكرار .
القول الثاين :ال جيب الوضوء عند القيام لكل صالة وهم القائلون :أن ألمر املطلق ال يقتضي
التكرار.
)2قال ": إذا مسعتم األذان فقولوا مثل ما يقول املؤذن "
القول األول :وجوب الرتديد مع املؤذن كل ما مسع األذان .
القول الثاين :أنه يكفي الرتديد مرة واحدة عند مساع األذان .
)3الصالة على النيب لقوله ":خبل من ذكرت عنده ومل يصلي علي "ويف رواية "بعد" أو كما
قال .
القول األول :يلزم تكرار الصالة عليه يف كل مرة يذكر فيها يف اجمللس الواحد .
القول الثاين :يكفي الصالة عليه مرة واحدة يف اجمللس.
______________________________
دالالت التعريف:
-1اللف ــظ :جنس يش ــمل ك ــل م ــا يتلف ــظ ب ــه مما يتك ــون من ح ــروف هجائي ــة ،س ــواء ك ــان مهمًال أو
مستعمًال ،عاًم ا أو خاًص ا ،مطلق أو مقيد.
وحيرتز بـ ــه عن الفعـ ــل فإنـ ــه ال يوصـ ــف بـ ــالعموم حقيقـ ــة ؛ وهلذا يقـ ــول األصـ ــوليون :العمـ ــوم من عـ ــوارض
األلفاظ ،يعين من صفات األلفاظ ،فمثًال صالة النـيب ركعـتني يف جـوف الكعبـة " فعـل " فال يعم صـالة
الفــرض وصــالة النفــل ،وإمنا خيتص بأحــدمها وهي صــالة النفــل ،وبنــاء على هــذا ال تصــح صــالة الفريضــة
داخل الكعبة.
أن عموم املطلق عموم بديل ،أما عموم العام فهو مشويل .
مثال املطلق :أكرمي طالبة ،العموم فيه بديل فلو أكرمت أي طالبة حصل اإلكرام .
مثال العام :أكرمي الطالبات ،يلزمها إكرام الكل ولو أنقصت أحد لعوقبت .
أمساء العدد كمئٍة وألٍف ؛ ألهنا تستغرق مجيع أفرادها مع حصر ؛ ألن هلا غاية تقف عندها -
.
املشرتك ؛ " كلفظ عني " يستغرق مجيع أفراده ولكن مع حصر . -
فعند تعريف العموم نقول :استغراق اللفظ جلميع ما يصلح له دفعة واحدة بال حصر.
المذهب األول :يفيد العموم ،وهو مذهب كثري من العلماء ،لألدلة التالية:
-ص ــحة االس ــتثناء من املف ــرد احمللى ب ــأل وه ــذا ي ــدل على إفادت ــه للعم ــوم ،ومث ــال ذل ــك قول ــه
تعــاىل :إن اإلنســان لفي خســر إال اللــذين آمنــوا فقولــه " :اإلنســان " مفــرد حملى بــأل ،
واستثىن منه املؤمنون ،فلو مل يكن املفرد احمللى بأل يفيد العموم ملا جاز االستثناء منه.
أن املفرد احمللى بأل يؤكـد مبا يؤكـد بـه العمـوم ،مثالـه قولـه تعـاىل :كـل الطعـام كـان حًال -
لبــين إســرائيل فلفــظ الطعــام مفــرد حملى بــأل ،وأكــد بلفــظ " كــل " ،فلــو مل يكن املفــرد
احمللى بأل يفيد العموم ،ملا جاز تأكيده با يؤكد به العموم .
أن املف ــرد احمللى ب ــأل ل ــو ك ــان يفي ــد العم ــوم لل ــزم من ــه أن ــه إذا ق ــال " :لبس ــت الث ــوب " أن ــه لبس مجي ــع ثي ــاب
العامل ،وهذا ال ميكن ،فدل على أنه ال يفيد العموم.
إذا قال الزوج :الطالق يلزمين ،أو أنت الطالق ،فهل يلزمه ثالث أو واحدة إذا مل ينوه ؟ -1
األول :مجيع األبوال جنسـة ،اسـتدالًال بقولـه " تـنزهوا من البـول ،فـإن عامـة عـذاب القـرب منـه " ،فـالبول
مفرد حملى بأل فيفيد عموم األبوال.
الث ــاين :للحنابل ــة ،محل ــوا األل ــف والالم يف الب ــول على العه ــد ،وه ــو ب ــول اآلدمي ،ألن اإلنس ــان أك ــثر م ــا
يتنجس من بول لنفسه .
المفرد المضاف
اختلف فيه على مذهبني:
-1إذا قال الرجل :زوجيت طالق ،وعبدي حر ،ومل ينو معيًنا فما احلكم؟
القول األول :تطلق مجيع زوجاته ،وُيعتق مجيع عبيده ؛ ألن املفرد املفرد املضاف يعم .
القول الثاين :تطلق إحداهن ،ويعتق أحد عبيده ،وخيرج بالقرعة ،وهذا اختاره ابن مقدامة يف املغين.
-2إذا وقف على ولده الدار ،فقال :أوقفت داري على ولدي ،هل يدخل أوالد األبناء ؟
القول األول :الدار بني األوالد وأوالد األبناء ؛ ألن ولدي مفرد مضاف إىل ياء املتكلم فتفيد العموم.
القول الثاين :الدار لألوالد فقط ،وال يدخلوا أوالد األبناء ؛ ألن اللفظ ال يشملهم.
قالوا :هي من أقوى صيغ العموم ،وذكر ذلك اإلمام العالئي :أهنا من أقوى صيغ العموم يف جانب
النفي كما أن (كل) من أقوى صيغ العموم يف اإلثبات .
/1إذا دخلت عليها (من) يف هذه احلالة سوف تكون نصًا يف العموم ،ومثال ذلك قوله تعاىل ":وما
من إله إال اهلل "
/ 1أن تكون ظاهرة يف العموم وهذا إذا مل تسبقها (من) مثال ذلك قوله صلى اهلل عليه وسلم ":ليس
يف مال زكاة حىت حيول عليه احلول " .
من ذلك /1قوله تعاىل ":اعبدوا اهلل وال تشركوا به شيئًا "
/2قوله ": ال تلقوا الركبان وال بيع حاضر لبادي "
مثل /1قوله تعاىل ":إن جتتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخًال كرميا" .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاعدة :ألفاظ الجموع المنكرة
ألفاظ اجلموع املنكرة :كمسلمني ،مؤمنني ،اختلفوا فيها على قولني:
-1تفيد العموم ،وهو مذهب بعض الشافعية واجلبائي من املعتزلة.
-2ال تفيد العموم ،وحتمل على أقل اجلمع اثنني .وهو مذهب اجلمهور.
من الفروع الفقهية:
-1إذا نذر الصدقة بدراهم أو نذر عتق عبيد أو صوم أيام أو أن يتوضأ بغرفات أو حلف ليتزوجن
زوجات ،فإنه حيمل على الثالثة على القول األول ،وحيمل على االثنني على القول الثاين.
- 2مثال آخر :لو قال السيد لعبده :أكرم الزيدين أو الرجال ،فعلى املذهب األول إذا أكرم العبد
ثالثة ُعَّد مطيع ،وعلى الذهب الثاين إذا أكرم العبد اثنني ُعَّد كرمي.
____________________________________________________
قاعدة :هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب
إذا حدثت حادثة فنزلت آية يف حكمها أو ورد حديث بشأهنا بلفظ عام ،فهل يكون احلكم
خاًص ا نظًر ا إىل سببه ،أو يكون عاًم ا نظًر ا إىل لفظه ؟
اختلف يف ذلك على مذهبني:
املذهب األول :العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب ،وهو مذهب مجهور العلماء.
من أدلتهم:
-أن احلجة يف لفظ الشارع ال يف السبب.
-إمجاع الصحابة على تعميم األحكام الواردة على سبب خاص.
املذهب الثاين :العربة خبصوص السبب ال بعموم اللفظ ،وهو رواية عن مالك والشافعي .
من أدلتهم :لو كان اخلطاب على سبب خاص عامًا جلاز إخراج السبب عن العموم باالجتهاد
كما يف غريه من الصورة الداخلة حتت العموم ،وإخراج السبب خالف اإلمجاع .
رد أصحاب املذهب األول :أنه ال جيوز إخراج السبب ؛ ألن اللفظ تناوله قطعًيا ،وتناول غريه
ظين؛ لذلك قلنا :داللة العام ظنية ،فمن ورد اخلطاب بسببه ال جيوز ختصيصه ،وأما غريه فيجوز
ختصيصه بدليل معترب.
نوع الخالف :معنوي ،فأصحاب الفريق األول قصدوا دخول األحكام بطريق النص واللفظ.
أما أصحاب الفريق الثاين :قصدوا دخول األحكام بطريق القياس.
والفرق بني ما ثبت بالنص والقياس من وجهني:
-1احلكم الثابت عن طريق عموم النص أقوى من احلكم الثابت عن طريق القياس.
-2احلكم الثابت عن طريق النص ينسخ وُينسخ به ،أما احلكم الثابت عن طرييق القياس فال
ينسخ ،وال ُينسخ به .
من الفروع الفقهية على القاعدة:
-1ما األفضل للمسافر الصيام أم الفطر ؟
احلديث يف صحيح البخاري عن جابر بن عبد اهلل –رضي اهلل عنهما -قال :كان رسول اهلل يف
سفر ،فرأى زحاًم ا ورجًال قد ظلل عليه ،فقال :ما هذا ؟ فقالوا :صائم .فقال :ليس من الرب
الصوم يف السفر "
القول األول :األفضل الفطر مطلًق ا للمسافر ،سواء وجد مشقة أو مل جيد أخًذ ا بعموم قوله :
" ليس من الرب الصيام يف السفر "
القول الثاين :هذا احلديث ورد على سبب خاص ،فهو مقصور على من كان يف مثل حاله ،
بدليل صيام النيب يف سفره عام الفتح ،فال يعم كل مسافر وإمنا من يشق عليه الصيام .
-2حكم أكل ذبيحة املسلم تارك التسمية عمًد ا.
الفريق األول- :اجلمهور : -ال جيوز أكلها إذا تركها عمًد لعموم قوله تعاىل :وال تأكلوا مما مل
يذكر اسم اهلل عليه
الفريق الثاين :جيوز أكلها ألن اآلية وردت على سبب خاص وهو ما رواه ابن عباس " : أن
املشركني قالوا :أما ما قتل ربكم فمات فال تأكلونه ! وأما ما قتلتم أنتم وذحبتم فتأكلونه !
فأوحى اهلل إىل نبيه وال تأكلوا مما مل يذكر اسم اهلل عليه ."
الفريق الثاين - :الشافعية : -جيوز أكل ذبيحة املسلم إذا ترك التسمية عمًد ا ؛ ألن اآلية وردت
على سبب خاص وهي امليتة ،فال تعم ذبيحة املسلم.
____________________________________________________
قاعدة :االستثناء إذا تعقب جمًال متعاطفة
االستثناء لغة :مأخوذ من ثنيته عن الشيء إذا صرفته عنه.
ويف االصطالح :أن خيرج ب ـ " إال " " أو إحدى أخواهتا بعض ما مشله العموم السابق.
أدواته :إال ،غري ،سوى ،ليس ،ال يكون ،خال ،عدا ،حاشا .
شروطه:
-1أن يصدر املستثىن واملستثىن منه من متكلم واحد.
-2أن يكون املستثىن من جنس املستثىن منه.
-3أال يستغرق املستثىن املستثىن منه.
االستثناء الواقع بعد مجل متعاطفة بالواو هل يرجع إليها مجيًعا ،أو يرجع إىل اجلملة األخرية
فقط ؟
حمل اخلالف يف هذه املسألة إذا مل يكن هناك قرينة تدل على إرادة اجلميع ،أو قرينة تدل على أن
املراد اجلملة األخرية ،فإن كان هناك قرينة وجب العمل مبا تقتضي تلك القرينة .
فمثال االستثناء الذي يعود إىل اجلميع بقرينة قوله تعاىل :والذين ال يدعون مع اهلل إًهلا آخر وال
يقتلون النفس اليت حرم اهلل إال باحلق وال يزنون ...مث قال يف آخر اآلية :إال من تاب وآمن
وعمل صاًحلا ...فإنه يرجع إىل اجلميع اتفاًقا.
ومثال االستثناء الذي يرجع إىل اجلملة األخرية بقرينة قوله تعاىل :ومن يقتل مؤمًنا خطأ فتحرير
رقبة مؤمنة ودية مسلمة إىل أهلة إال أن يصدقوا فإن االستثناء راجع إىل اجلملة األخرية ؛ ألن
حترير الرقبة حق هلل ،فال يسقط بإسقاط أولياء الدم.
حكم االستثناء الواقع بعد اجلمل املتعاطفة بالواو مع عدم القرينة :
املذهب األول :أنه يرجع إىل مجيع اجلمل ،وهو مذهب مجهور العلماء ،ودليلهم:
أن اجلمل املتعاطفة يف حكم اجلملة الواحدة ،واالستثناء شبيه الشرط ،ويف الشرط يرجع على
اجلميع ،فكذلك االستثناء .
املذهب الثاين :االستثناء يرجع إىل اجلملة األخرية ،وهو مذهب احلنفية ،ودليلهم:
العموم ثبت يف كل صورة بيقني ،وعود االستثناء إىل مجيعها مشكوك فيه ،فال يرفع اليقني
بالشك.
رد عليهم اجلمهور :بأن العموم ال يثبت قبل متام الكالم ،ومتام الكالم إمنا يكون باالستثناء ،
وكالمكم ينتقض بقولكم بعود الشرط على اجلميع .
مثال فقهي :قوله تعاىل :والذين يرمون احملصنات مث مل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم مثانني جلدة
وال تقبلوا هلم شهادة أبًد ا وأولئك هم الفاسقون إال الذين تابوا
املذهب األول :االستثناء راجع إىل اجلملتني :وال تقبلوا هلم شهادة أبدًا وقوله :وأولئك هم
الفاسقون .فبالتوبة تقبل شهادته ويزال وصف الفسق عنه.
املذهب الثاين :االستثناء راجع إىل اجلملة األخرية فقط :وأولئك هم الفاسقون ،فقالوا :التوبة
ال تسقط عدم قبول الشهادة ،بل شهادته تبقى مردودة ،ولكن التوبة ترفع عنه وصف الفسق
فقط .
مسألة :الشرط إذا تعقب جمًال
ال نقصد بالشرط هنا ،الشرط يف احلكم الوضعي – ما يلزم من عدمه العدم ،وال يلزم من
وجوده الوجود ،وال عدم لذاته-
فليس هذا املقصود هنا ،وإمنا املقصود بالشرط هنا :أن خيرج بصيغة التعليق مثل " إن " وحنوها
بعض ما يشمله اللفظ .
حنو :أكرم بين متيم إن نزلوا بيننا .أكرم الطالبات إذا اجتهدوا.
فإذا ورد الشرط بعد مجل متعاطفة هل يرجع على اجلميع أم على األخري ؟
باالتفاق يرجع على الكل ،حنو أكرم قريًش ا وأعط متيًم ا إن نزلوا بدارنا.
فإن الشرط يعود على اجلملتني :فإكرام قريًش ا إن نزلوا ،وإعطاء متيم إن نزلوا.
الصفة إذا تعاقبت مجًال
الصفة يف اللغة :النعت .
ويف االصطالح :ما أشعر مبعىن يف أفراد العام حنو قوله تعاىل " :فمن ما ملكت أميانكم من فتياتكم
املؤمنات " ،أكرم بين متيم الداخلني .
مسألة :الوصف بعد المتعدد:
إذا وقعت الصفة بعد متعدد وصلح عودها للجميع ،رجعت إىل اجلميع حنو:
وقفت داري على أوالدي وأوالدهم احملتاجني .
وهذا مذهب اجلمهور ،و خالف احلنفية فقالوا :الوصف بعد اجلمل يرجع إىل األخري فقط.
تقدمي الصفة على متعدد:
إذا تقدمت الصفة كانت صًف ا للجميع على الصحيح ،حنو :وقفت داري على حمتاجي أوالدي
وأوالدهم .
فتشرتط احلاجة يف األوالد وأوالد األوالد.
توسط الصفة:
إذا توسطت الصفة فاملختار أهنا ختص ما وليته فقط ،مثال :وقفت داري على أوالدي احملتاجني
وأوالدهم .
فاشرتاط احلاجة فقط يف األوالد دون أوالدهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1والراجح في هذه المسألة قول الجمهور ،ويحمل حديث معاوية على الكالم المتعمد ،كما أن حديث ذو اليدين أصح من حديث معاوية بن الحكم ؛ ألنه في
الصحيحين.
أما إذا مل تكن هناك قرينة تعني املعىن املراد من املشرتك فهل يصــح أن يــراد باملشــرتك كــل واحــد من
معانيه فيثبت احلكم للجميع ،أو ال يصح بل جيب تعني واحد ؟
هذه هي املسألة :عموم املشرتك ،واختلفوا على قولني:
-1املشرتك له عموم ،وهو مذهب اجلمهور ،فيحمل على مجيع معانيه .
واستدلوا على ذلك ،بأن اللفظ استوت نســبته إىل كــل واحـد من املعــاين ،فليس تعني البعض أوىل
من البعض ،فيحمل على اجلميع احتياًطا .
-2املشرتك ال عموم له وهو مذهب احلنفية ،واحتجوا يف ذلك :
ب ــأن أه ــل اللغ ــة وض ــعوا ه ــذا االس ــم لك ــل واح ــد من املس ــميات على س ــبيل الب ــدل ،ال على س ــبيل
اجلمع ،فإذا محل على اللفظ على اجلميع كان استعماًال له يف ضد ما وضع له .
من فروع القاعدة :
-1موجب القتل العمد
-عند اجلمهـور :التخيـري بني القصـاص والديـة ؛ لقولـه تعـاىل :ومن قتـل مظلوًم ا فقـد جعلنـا لوليـه
سلطاًنا فلفظ السلطان مشرتك حيتمل الدية وحيتمل القصاص.
وأيدوا قوهلم حبديث " :من قتل له قتيل فأهله بني خريتني :إن أحبوا فالقود ،وإن احبوا فالعقل "
-احلنفية :ذهبوا إىل عدم التخيري بني القصاص والدية ،بل أوجبوا القصاص ،وقــالوا :ال يعــدل عن
القصــاص إىل الديــة إال برضــا اجلاين ؛ ألن املشــرتك ال عمــوم لــه ،ودعمــوا قــوهلم بقولــه تعــاىل :يــا
أيه ــا ال ــذين آمن ــوا كتب عليكم القص ــاص يف القتلى ، فق ــد ذك ــر اهلل القص ــاص فق ــط ومل ي ــذكر
الدية ،فدل أن القصاص هو الواجب املتعني.
-2مثال آخر :مشول لفظ املوىل للمعِتق واملعَتق
لفظ املوىل مشرتك بني املعِتق واملعَت ق ،وبنـاء عليـه لـو قـال قائـل :وقفت داري على املوايل ،وكـان
له مواٍل قد أعتقوه ،وله مواٍل قد أعتقهم ،فمن يستحق الوقف ؟
ذهب الشافعية :إىل أنــه يقســم بني املعِتقني واملعَتقني ،بنــاء على أصـله من اســتعمال املشــرتك يف كـٍل
معانيه .
وذهب أبــو حنيفــة :إىل أن الوقــف للمعَت ق – أي املوىل األســفل – وكأنــه رأى أن الوقــف فيــه معــىن
القربة فكان صرفه إىل املعَتق أوىل .
وكما اختلفوا يف الوقف على املوايل اختلفوا أيًض ا يف الوصية هلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مسألة :هل العام في األشخاص عام في األحوال ؟
يضرب األصوليون مثًال للقاعدة :
/ 1قوله تعاىل ":قاتلوا املشركني " فهي عامة يف كل مشرك ،فمن قال أن العموم يف األشخاص
يستلزم عموم األحوال واألزمنة والبقاء يقول معىن اآلية :أقتلوا أي مشرك على أي حال كان ويف
أي زمان ومكان ،وال خيرج غري ذلك إال مبا خص بالدليل.
والذين قالوا :إن العموم يف األشخاص ال يستلزم منه العموم (أي مطلق يف األحوال واألزمان
واألمكنة) فقالوا :معىن اآلية أهنا ال تعم كل مشرك ،قالوا إذا جاء يف السنة مثًال " ال تقتلوا أهل
الذمة " قالوا هذا موافق لألمر ال خمالف .
/ 2قوله تعاىل ":وحنكم بينهم مبا أنزل اهلل " هذه اآلية احتج هبا القاضي أبو يعلى على جواز
القضاء يف املسجد فقيل له :هذا أمر باحلكم ال يدل على املكان ،فقال :هو أمر باحلكم يف
عموم األمكنة واألزمنة إال ما خص بالدليل .
واملخالف يقول :أن العهدة يف القضاء تكون بالقضاء يف بيت القضاء أما القضاء يف املسجد
فيحتاج إىل دليل .
(وهذه القاعدة ترتبط بقاعدة هل العموم املطلق يقتضي التكرار ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" /1آية حد القذف " عامة يف كل قاذف ،و"آية اللعان " خاص باألزواج ،لكن علم التاريخ
وعلمنا أن اخلاص متأخر فينسخ العام يف القدر املشرتك بينهما .
" /2والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يرتبصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا" ،وقوله تعاىل ":
وأوالت األمحال أجلهن أن يضعن محلهن ".
فاألوىل عامة يف كل متوىف عنها زوجها ،والثانية خاصة يف ذوات احلمل وهي املتأخرة لقول ابن
مسعود (:من شاء باهلته أن آية النساء الصغرى نزلت بعد آية النساء الكربى ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من قال :يثبت من طريق اللفظ ،قال :جاز النسخ ؛ ألن النسخ ال يكون إال باخلطاب.
ومن قال :يثبت من طريق القياس ،قال :ال جيوز النسخ فالنسخ ال يكون بالقياس .
شرعية :
قوله تعاىل :ال جناح عليكم أن تقصروا من الصالة ...اآلية ،فقال يعلى بن أمية :ما بالنا نقصر
وقد أمنا ؟ فقال عمر رضي اهلل عنه :سألت النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال " :هي صدقة تصدق
اهلل هبا عليكم فاقبلوا صدقته".
عقلية :
-1أن ال يرجع حكم املفهوم املخالف على أصـله املنطـوق بـه باإلبطـال ؛ ألن املفهـوم فـرع للمنطـوق ،
وال جيوز أن ُيقدم الفرع على األصل ،وُيسقطه.
-2أن ال تظهر أولوية املسكوت عنه بـاحلكم ،أو مسـاوته فيـه للمنطـوق ؛ ألن هـذا من مفهـوم املوافقـة
ال املخالفة
-3أن ال يوجد يف املسكوت املراد إعطاءه احلكم دليل خاص ،فإن وجد دليل خاص فيقدم الدليل
اخلاص ،مثاله /قول يعلى يف قصر الصالة .
-4أن يذكر القيد مستقًال ال تبعًا فلو كان تبعًا فال مفهوم له ،مثاله /قوله تعاىل ":وال تباشروهن
وأنتم عاكفون يف املساجد" فلفظ املساجد ال مفهوم له ؛ ألنه تبعًا.
-5أن ال يكون املقصود من القيد املبالغة من التنفري مثاله /قوله تعاىل ":يا أيها الذين أمنوا ال تأكلوا
الربا أضعافًا مضاعفة " فلفظ أضعافًا مضاعفة ال مفهوم خمالف له ؛ ألنه خرج خمرج التنفري من
الربا ،فالربا مجيعه حمرم سواء كن قليل أو كثري.
-6أن ال يكون املقصود من القيد إظهار املنة واالمتنان ،مثاله /قوله تعاىل ":هو الذي سخر البحر
لتأكلوا منه حلمًا طريا " فلفظ طرًيا ال مفهوم له ؛ ألن املقصود منه املنة واالمتنان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
قاعدة :المطلق والمقيد
ملا انتهينا من العام واخلاص ناسب أن نتبعهما باملطلق واملقيد ؛ وذلك للشبه بينهما إذ املطلق عام عموم
بديل ،واملقيد مع املطلق مبنزلة اخلاص مع العام .
ما الفرق بين المطلق والعام ؟
أن عموم املطلق عموم بديل ،أما عموم العام فهو مشويل .
مثال املطلق :أكرمي طالبة ،العموم فيه بديل فلو أكرمت أي طالبة حصل اإلكرام .
مثال العام :أكرمي الطالبات ،يلزمها إكرام الكل ولو أنقصت أحد لعوقبت .
المطلق في اللغة :هو املرسل ،تقول :أطلقت الصيد ،أي :أرسلته .
وأما في اصطالح األصوليون :فهو اللفظ املتناول لواحد ال بعينه باعتبار حقيقة شاملة جلنسه ،فقولنا :
اللفظ هذا جنس يشمل كل ملفوظ سواء كان مفيد أو غري مفيد .
قولنا (المتناول لواحد) :هذا سوف خيرج اللفظ الغري مفيد ،وخيرج منه كذلك العام ؛ألن العام فيه
عموم مستغرق ،وخيرج ألفاظ األعداد املتناولة ألكثر من واحد .
وقولنا ( :باعتبار حقيقة شاملة لجنسه ) :خيرج منه اللفظ املشرتك ،والواجب املخري ؛ ألن كل منهما ال
يكون حقيقة شاملة جلنسه .
مثاله :قول األستاذ ألحد طالبه :أكرم طالبًا ،فهذا أمر قد تناول واحد من الطالب غري معني ومدلول
هذا األمر شائع يف جنسه فال يوجد طالب معني بل الواجب اختيار أي طالب فيكرمه ويعد ممتثًال لألمر .
المقيد :
في اللغة :هو ما يقابل املطلق ،وهو ما قيد بشيء من وصف أو شرط .
في اصطالح أهل األصول :هو املتناول ملعني موصوف بأمر زائد على احلقيقة الشاملة جلنسه .
مثاله :إذا قال األستاذ ألحد طالبه :أكرم الطالب اجملتهد ،فقيد لطالب هنا باالجتهاد ؛ ألن االجتهاد
وصف زائد عن احلقيقة الشاملة جلنس الطالب .
أما حمل البحث :أن اللفظ يأيت يف موضع مطلق ويأيت يف موضع آخر مقيد فهذا حمل اخلالف .
وحاالت املطلق مع املقيد ( )4اثنتان متفق عليها و األخرى خمتلف فيها :
/ 1كفارة اليمني فقد ورد فيها نص مطلق "فصيام ثالثة أيام " وورد فيها نص مقيد وهي رواية ابن
مسعود":فصيام ثالثة أيام متابعات " ،فيحمل املطلق على املقيد فيجب التتابع يف صيام الكفارة .
/2قوله ":ال نكاح إال بويل وشاهدين "هذا خرب مطلق ،وقوله صلى اهلل عليه وسلم ":ال نكاح إال
بويل وشاهدي عدل "مقيد ،فهنا حيمل املطلق على املقيد فيشرتط العدالة يف الشهود ؛ ألن احلكم واحد
وهو :وجوب اإلشهاد يف النكاح ،والسبب واحد وهو :االستيثاق يف عقود النكاح .
مثاله " :والسارق والسارقة فقطعوا أيديهما " فأليدي هنا مطلقة ،وقوله يف آية الوضوء ":فاغسلوا
وجوهكم وأيديكم إىل املرافق "هنا األيدي مقيدة .
احلكم خمتلف :يف األوىل وجوب القطع يف السرقة ،ويف الثانية وجوب الغسل .
مثاله :آية الوضوء وتسمى آية التيمم فقال يف التيمم ":فامسحوا بوجوهكم وأيديكم "وهي مطلقة ،
وقال يف الوضوء ":فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إىل املرافق "هنا األيدي مقيدة
احلكم خمتلف :يف األوىل جوب املسح ويف الثانية وجوب الغسل .
األكثر قالوا :ال حيمل املطلق على املقيد ؛ ألن فائدة محل املطلق على املقيد هو تقليل االختالف
والتعارض يف األحكام ،فبما أن احلكم خمتلف فيه فما الداعي من محل املطلق على املقيد ؟
وقال بعض العلماء :حيمل املطلق على املقيد ؛ الحتاد السبب ،وهم قليل .
مثاله :قوله تعاىل يف كفارة الظهار " :فتحرير رقبة " يف مطلقة ،أما يف كفارة القتل خلطأ قال
سبحانه ":فتحرير رقبة مؤمنة " فقيد الرقبة باإلميان .
السبب خمتلف :يف األوىل الظهار ،ويف الثانية القتل اخلطأ .
يف هذه احلالة هل حيمل املطلق على املقيد ؟ اختلف فيه :
اجلمهور قالوا :حيمل املطلق على املقيد وبالتايل يشرتط اإلميان يف رقبة الظهار فال جتزي إال الرقبة املؤمنة .
وخالف يف ذلك احلنفية فقالوا :ال حيمل املطلق على املقيد فيعمل باملطلق على إطالقه (فأي رقبة يف
الظهار جمزئة وال يشرتط فيها اإلميان ) ،وحيمل املقيد على تقييده (فيشرتط اإلميان يف كفارة اخلطأ).