You are on page 1of 20

‫الفصل الخامس‬

‫مصادر التربية اإلسالمية‬


‫•تستمد التربية اإلسالمية أصولها الثقافية والفكرية من المصدرين األساسيين‬
‫للشريعة اإلسالمية وهما القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة‪ .‬مصدقا لقول‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم [ تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ‪:‬‬
‫كتاب هللا وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم ]‬

‫•كما أن هناك مصادر فرعية يمكن اشتقاق التربية اإلسالمية منها‪ .‬وفيما يلي‬
‫سوف نستعرض هذه المصادر وفقا لترتيب أهميتها ومدى االعتماد عليها كمصدر‬
‫للتربية اإلسالمية‪.‬‬
‫المصادر اإللهية‬
‫القرآن الكريم‬
‫القرآن في اللغة ‪:‬‬
‫•القرآن مصدر للفعل قرأ بمعنى تال ونقل “ ِإَّن َع َلْي َن ا َج ْم َع ُه َو ُقْر آَن ُه * َف ِإَذ ا َقَر ْأَن اُه‬
‫َف اَّت ِبْع ُقْر آَن ُه ”‬

‫القرآن في االصطالح ‪:‬‬


‫•هو كالم هللا المنزل على نبيه محمد صلى هللا عليه وسلم بواسطة جبريل عليه‬
‫السالم‪ .‬وقد كتب هللا له الحفظ والنقل المتواتر دون تحريف أو تبديل‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬
‫“ ِإَّن ا َن ْح ُن َنَّز ْلَن ا الِّذ ْك ر َو ِإَّن ا َلُه َلَح اِفُظ وَن ”‬
‫•والقرآن الكريم هو أهم مصدر من مصادر التربية اإلسالمية‪ ،‬وهو خاتم الكتب‬
‫السماوية ويمتاز بأمور عديدة منها ‪:‬‬

‫‪.1‬يخاطب البشرية جمعاء‪ ،‬أما الكتب األخرى فاختصت أقواما معينين‪.‬‬


‫‪.2‬وصل القرآن الكريم إلي المسلمين سليما خاليا من التحريف‪.‬‬
‫‪.3‬ينظم جميع أمور الحياة اإلنسانية‪ ،‬في حين أن الكتب األخرى كانت تتناول‬
‫بعض هذه المظاهر‪.‬‬
‫‪.4‬كانت الكتب السماوية محددة بفترة زمنية‪ ،‬ولكن جاء القرآن الكريم ناسخا لها‬
‫جميعا‪ ،‬فهو صالح لكل زمان ومكان‪.‬‬
‫السنة النبوية الشريفة‬

‫• وهي المصدر الثاني للتربية اإلسالمية‬


‫السنة لغة ‪ :‬هي الطريقة سواء كانت محمودة أو مذمومة‪.‬‬

‫السنة اصطالحا ‪ :‬هي ما صدر عن الرسول صلى هللا عليه وسلم من قول أو‬
‫فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو ُخ لقية أو سيرة سواء كان ذلك قبل البعثة أو‬
‫بعدها‪.‬‬
‫• “ َم ْن ُيِط ِع الَّر ُس وَل َفَقْد َأَط اَع َهَّللا َو َم ْن َت َو َّلى َفَم ا َأْر َس ْلَن اَك َع َلْي ِه ْم َح ِفيًظ ا ”‬
‫• ” َو َم ا َي ْن ِط ُق َع ِن اْلَهَو ى ِإْن ُه َو ِإَّال َو ْح ٌي ُيوَح ى ”‬
‫• “ َو َم ا َآَت اُك ُم الَّر ُس وُل َف ُخ ُذ وُه َو َم ا َن َه اُك ْم َع ْن ُه َف اْنَت ُهوا َو اَّت ُقوا َهَّللا ِإَّن َهَّللا َش ِديُد‬
‫اْلِع َق اِب ”‬
‫•كما أكد الرسول صلى هللا عليه وسلم على أهمية السنة بقوله ( أال إني أوتيت‬
‫القرآن ومثله معي )‬

‫•هذا وللسنة في المجال التربوي فائدتان عظيمتان ‪:‬‬

‫أ‪ -‬إيضاح المنهج التربوي اإلسالمي المتكامل الوارد في القرآن الكريم‪ ،‬وبيان‬
‫التفاصيل التي لم ترد في القرآن الكريم‪.‬‬

‫ب‪ -‬استنباط أسلوب تربوي من حياة الرسول صلى هللا عليه وسلم مع‬
‫أصحابه‪ ،‬ومعاملته األوالد‪ ،‬وغرسه اإليمان في النفوس‪.‬‬
‫• وقد أمضى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حياته كلها‪ ،‬وهو يعلم صحابته ما‬
‫عّلمه هللا إياه‪ ،‬فكان ‪:‬‬

‫‪ ‬يقرئهم القرآن‪ ،‬ويحّفظهم األدعية واألذكار‪ .‬قال ابن عباس رضى هللا عنه ‪( :‬‬
‫كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يعّلمني التشهد كما يعّلمني السور من القرآن )‬

‫‪ ‬يعلمهم العبادات‪ ،‬وكيفية أدائها‪ ،‬وأحكامها‪ ،‬وواجباتها‪ ،‬قال عليه الصالة‬


‫والسالم‪ ( :‬أمرت أن اسجد على سبعة أعظم‪) ...‬‬
‫‪ ‬يزكي نفوسهم‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم‪ ( :‬ال تباغضوا‪ ،‬وال تحاسدوا‪ ،‬وال‬
‫تدابروا‪ ،‬وكونوا عباد هللا إخوانًا‪ ،‬وال يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثالث )‬

‫‪ ‬يوجه ميولهم‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم‪ ( :‬ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب‬
‫إليه من ولده‪ ،‬ووالده‪ ،‬والناس أجمعين )‬

‫‪ ‬يكون اتجاهاتهم‪ ،‬فقال ‪ ( :‬من جّهز غازيًا في سبيل هللا فقد غزا ومن خلفه في‬
‫أهله بخير فقد غزا )‬
‫‪ ‬يعلمهم أنماط السلوك األسري‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬ال يفرك مؤمن‬
‫مؤمنة‪ ،‬إن كره منها خلقًا رضي منها آخر )‬

‫‪ ‬يعلمهم أنمتط السلوك االقتصادي‪ ،‬عن جابر رضي هللا عنه قال ‪ :‬لعن رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم آكل الربا‪ ،‬وموكله‪ ،‬وكاتبه‪ ،‬وشاهديه‪ ،‬وقال هم سواء‬

‫‪ ‬يعلمهم أنماط السلوك في الحرب‪ ،‬فقد نهي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن‬
‫قتل النساء والصبيان‪.‬‬
‫المصادر البشرية‬

‫وتشمل كافة االجتهادات والطاقات التي تبذل للوصول إلى ما يحقق أغراض‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ومقاصدها ومصالح الجماعات واألفراد‪.‬‬
‫اإلجماع‬
‫• هو ثالث مصدر من مصادر التربية اإلسالمية‬

‫اإلجماع لغة ‪ :‬يعني االتفاق‪.‬‬

‫اإلجماع اصطالحا ‪ :‬هو اتفاق جميع المجتهدين في عصر من العصور بعد وفاة‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم على حكم شرعي‪.‬‬
‫• واإلجماع يجب أن يستند إلي دليل‪ ،‬قد يكون نصا من القرآن أو من السنة‪ ،‬أو‬
‫قياسا أو عرفا متعارف عليه‪.‬‬
‫• وقد وردت بعض األحاديث عن الرسول صلى هللا عليه وسلم تدل على عصمة‬
‫أمته من الخطأ‪ ،‬منها قوله ‪ ( :‬إن أمتي ال تجتمع على ضاللة‪ ،‬فإذا رأيتم‬
‫اختالفا فعليكم بالسواد األعظم )‬
‫• وبتوافر أركان االجماع يصبح حكمًا شرعيًا واجبًا اتباعه‪.‬‬
‫القياس‬

‫• ويعتبر المصدر الرابع من مصادر التربية اإلسالمية‪.‬‬

‫القياس لغة ‪ :‬تقدير الشيء ومساواته بمثله‪.‬‬

‫القياس اصطالحا ‪ :‬إلحاق مسألة ال نص على حكمها بمسألة ورد النص بحكمها‬
‫لتساوي المسالتين في علة الحكم‪.‬‬

‫• ومن الشواهد على القياس قوله عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬كل مسكر خمر وكل‬
‫خمر حرام )‪.‬‬
‫• وبتوافر أركان القياس يصبح حجة شرعية يعمل بها‪.‬‬
‫االجتهاد‬

‫• ويعتبر المصدر الخامس من مصادر التربية اإلسالمية‪.‬‬

‫• ويعد اجتهاد المفكرين أو المجتهدين من الصحابة أو التابعين من الفقهاء‬


‫مصدرا من مصادر التشريع‪ .‬وقد ظهرت الحاجة إليه بعد زيادة رقعة الدولة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬حيث ظهرت مشكالت جديدة احتاجت إلي أحكام لم يرد فيها نص‬
‫في القرآن أو السنة‪.‬‬

‫• واالجتهاد واجب على كل مسلم أتصف بالعقل والرشد والعلم باألحكام‪ .‬قال‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬إذا حكم الحاكم فأجتهد ثم أصاب فله أجران‪ ،‬وإذا‬
‫حكم فأجتهد ثم أخطأ فله أجر)‬
‫االستحسان‬

‫• ويعتبر المصدر السادس من مصادر التربية اإلسالمية ويأتي في مرتبة‬


‫متساوية مع القياس‪ .‬وهو صورة من صور ترجيح العقل واالعتماد على األدلة‬
‫العقلية في استنباط األحكام المخالفة لما سارت عليه األحكام السابقة‪.‬‬

‫أنواع االستحسان ‪:‬‬

‫‪ .1‬استحسان الشارع‪ ،‬وهو العدول عن حكم واألخذ بحكم آخر يعتمد على دليل‬
‫قوي أو أقوي مرتبة أو أقوي حجة لحقيق المصلحة والعدل‪.‬‬
‫‪ .2‬استحسان القياس‪ ،‬وفيه يتم العدول عن حكم إلي حكم مغاير نتيجة لظهور‬
‫دليل أقوي حجة جاء به قياس أصح‪.‬‬

‫‪ .3‬استحسان الضرورة‪ ،‬وهو العدول عن حكم اجتهادي واألخذ بحكم اجتهادي‬


‫آخر مخالف نزوال على مقتضيات المصلحة العامة أو تحقيقا للعدالة‪.‬‬

‫• ولعب االستحسان دور هام في تفضيل بعض األمر التربوية على بعض من‬
‫أجل مصلحة األمة اإلسالمية‪ ،‬مع عدم اإلخالل بمتطلبات الحضارة والتقدم‬
‫المصالح المرسلة‬

‫• ويأتي في نفس المرتبة مع االستحسان والقياس‬

‫المصلحة لغة ‪ :‬هي اسم للواحدة من المصالح‪ ،‬والمرسلة تعني اإلطالق أو‬
‫اإلهمال‪.‬‬

‫اصطالحا ‪ :‬كل مصلحة غير مقيدة بنص من الشارع يدعو إلي اعتبارها ـ أو عدم‬
‫اعتبارها ـ جلب نفع أو دفع ضرر‪.‬‬
‫أقسام المصالح المرسلة ‪:‬‬
‫المصالح المعتبرة ‪ :‬وتشمل على ثالث مراتب ‪:‬‬
‫‪ .1‬مصالح ضرورية‪ :‬وتتوقف الحياة بدونها وتنحصر في المحافظة على الدين‬
‫والنفس والعقل والنسل والمال‪.‬‬
‫‪ .2‬مصالح حاجيه‪ :‬وهي التي تدفع الحرج عن الناس مثل إباحة صور بعض‬
‫المعامالت كالبيع مثًال وتحريم بعضها كربا‪.‬‬
‫‪ .3‬مصالح تحسينية‪ :‬وهي التي تستهدف األخذ بمحاسن العادات‪ ،‬والوصول إلى‬
‫الكمال األخالقي‪.‬‬
‫المصالح الملغاة‪ :‬وهي التي يوجد دليل شرعي على إلغائها مثل الرهبنة‪.‬‬

‫المصالح المرسلة‪ :‬وتعتبر دليل مستقل تبنى عليه األحكام إذا كانت تحقق نفعا‬
‫للناس‪ ،‬أو تدفع عنهم ضررا‪.‬‬
‫العرف ‪:‬‬
‫وهو ما تعارف عليه الناس‪ ،‬وساروا عليه من قول أو فعل‪ ،‬أو ترك دون أن‬
‫يعارض كتابًا أو سنة‪ ،‬ويسمى العادة‪.‬‬

‫الذرائع ‪:‬‬
‫وتعرف الذريعة ‪ “ :‬بأنها الموصل إلى الشيء الممنوع المشتمل على مفسدة‪ ،‬أو‬
‫الشيء المشروع المشتمل على مصلحة”‬

You might also like